تابع سورة البقرة ( الاية 26 / 30 )
( إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ) عَنْ ابْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة , عَنْ ابْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَمَا ضَرَبَ اللَّه هَذَيْنِ الْمَثَلَيْنِ لِلْمُنَافِقِينَ , يَعْنِي قَوْله : { مَثَلهمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا } وَقَوْله : { أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاء } الْآيَات الثَّلَاث , قَالَ الْمُنَافِقُونَ : اللَّه أَعَلَى وَأَجَلّ مِنْ أَنْ يَضْرِب هَذِهِ الْأَمْثَال . فَأَنْزَلَ اللَّه { إنَّ اللَّه لَا يَسْتَحْيِ أَنْ يَضْرِب مَثَلًا مَا بَعُوضَة } إلَى قَوْله : { أُولَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ } . { فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا } فَأَمَّا الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّه وَرَسُوله . وَقَوْله : { فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقّ مِنْ رَبّهمْ } يَعْنِي فَيَعْرِفُونَ أَنَّ الْمَثَل الَّذِي ضَرَبَهُ اللَّه لَمَا ضَرَبَهُ لَهُ مَثَل . كَمَا . { وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا } يَعْنِي الَّذِينَ جَحَدُوا آيَات اللَّه وَأَنْكَرُوا مَا عَرَفُوا وَسَتَرُوا مَا عَلِمُوا أَنَّهُ حَقّ . وَذَلِكَ صِفَة الْمُنَافِقِينَ , وَإِيَّاهُمْ عَنَى اللَّه جَلَّ وَعَزَّ وَمَنْ كَانَ مِنْ نُظَرَائِهِمْ وَشُرَكَائِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَغَيْرهمْ بِهَذِهِ الْآيَة . { يُضِلّ بِهِ كَثِيرًا } يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ . { وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا } يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ فَيَزِيد هَؤُلَاءِ ضَلَالًا إلَى ضَلَالهمْ لِتَكْذِيبِهِمْ بِمَا قَدْ عَلِمُوهُ حَقًّا يَقِينًا مِنْ الْمَثَل الَّذِي ضَرَبَهُ اللَّه لِمَا ضَرَبَهُ لَهُ وَأَنَّهُ لِمَا ضَرَبَهُ لَهُ مُوَافِق , فَذَلِكَ إضْلَال اللَّه إيَّاهُمْ بِهِ . { وَيَهْدِي بِهِ } يَعْنِي بِالْمَثَلِ . { وَمَا يُضِلّ بِهِ إلَّا الْفَاسِقِينَ } هُمْ أَهْل النِّفَاق . { الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْد اللَّه مِنْ بَعْد مِيثَاقه } مَقْصُود بِهِ كُفَّارُهُمْ وَمُنَافِقُوهُمْ , وَمَنْ كَانَ مِنْ أَشْيَاعهمْ مِنْ مُشْرِكِي عَبَدَة الْأَوْثَان عَلَى ضَلَالهمْ . "وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّه بِهِ أَنْ يُوصَل" مِنْ الْإِيمَان بِالنَّبِيِّ وَالرَّحِم وَغَيْر ذَلِكَ وَأَنْ بَدَل مِنْ ضَمِير بِهِ "وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض" بِالْمَعَاصِي وَالتَّعْوِيق عَنْ الْإِيمَان "أُولَئِكَ" الْمَوْصُوفُونَ بِمَا ذُكِرَ "هُمْ الْخَاسِرُونَ" لِمَصِيرِهِمْ إلَى النَّار الْمُؤَبَّدَة عَلَيْهِمْ. ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) "كَيْفَ تَكْفُرُونَ" يَا أَهْل مَكَّة "بِاَللَّهِ" وَقَدْ "كُنْتُمْ أَمْوَاتًا" نُطَفًا فِي الْأَصْلَاب "فَأَحْيَاكُمْ" فِي الْأَرْحَام وَالدُّنْيَا بِنَفْخِ الرُّوح فِيكُمْ وَالِاسْتِفْهَام لِلتَّعْجِيبِ مِنْ كُفْرهمْ مَعَ قِيَام الْبُرْهَان أَوْ لِلتَّوْبِيخِ "ثُمَّ يُمِيتكُمْ" عِنْد انْتِهَاء آجَالكُمْ "ثُمَّ يُحْيِيكُمْ" بِالْبَعْثِ "ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ" تُرَدُّونَ بَعْد الْبَعْث فَيُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ وَقَالَ دَلِيلًا عَلَى الْبَعْث لِمَا أَنْكَرُوهُ. ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) "هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْض" أَيْ الْأَرْض وَمَا فِيهَا "جَمِيعًا" لِتَنْتَفِعُوا بِهِ وَتَعْتَبِرُوا "ثُمَّ اسْتَوَى" بَعْد خَلْق الْأَرْض أَيْ قَصَدَ "إلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ" الضَّمِير يَرْجِع إلَى السَّمَاء لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْجُمْلَة الْآيِلَة إلَيْهِ : أَيْ صَيَّرَهَا كَمَا فِي آيَة أُخْرَى ( فَقَضَاهُنَّ "سَبْع سَمَاوَات وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيم" مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا أَفَلَا تَعْتَبِرُونَ أَنَّ الْقَادِر عَلَى خَلْق ذَلِك ابْتِدَاء وَهُوَ أَعْظَم مِنْكُمْ قَادِر عَلَى إعَادَتكُمْ. ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّد إذْ " قَالَ رَبّك لِلْمَلَائِكَةِ إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة" يَخْلُفنِي فِي تَنْفِيذ أَحْكَامِي فِيهَا وَهُوَ آدَم. "قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا" بِالْمَعَاصِي . "وَيَسْفِك الدِّمَاء" يُرِيقهَا بِالْقَتْلِ كَمَا فَعَلَ بَنُو الْجَانّ وَكَانُوا فِيهَا فَلَمَّا أَفْسَدُوا أَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ الْمَلَائِكَة فَطَرَدُوهُمْ إلَى الْجَزَائِر وَالْجِبَال. "وَنَحْنُ نُسَبِّح" مُتَلَبِّسِينَ "بِحَمْدِك" أَيْ نَقُول سُبْحَان اللَّه "وَنُقَدِّس لَك" نُنَزِّهك عَمَّا لَا يَلِيق بِك فَاللَّام زَائِدَة وَالْجُمْلَة حَال أَيْ فَنَحْنُ أَحَقّ بِالِاسْتِخْلَافِ. قَالَ تَعَالَى "إنِّي أَعْلَم مَا لَا تَعْلَمُونَ" مِنْ الْمَصْلَحَة فِي اسْتِخْلَاف آدَم وَأَنَّ ذُرِّيَّته فِيهِمْ الْمُطِيع وَالْعَاصِي فَيَظْهَر الْعَدْل بَيْنهمْ فَقَالُوا لَنْ يَخْلُق رَبّنَا خَلْقًا أَكْرَم عَلَيْهِ مِنَّا وَلَا أَعْلَم لِسَبْقِنَا لَهُ وَرُؤْيَتنَا مَا لَمْ يَرَهُ فَخَلَقَ اللَّه تَعَالَى آدَم مِنْ أَدِيم الْأَرْض أَيْ وَجْههَا بِأَنْ قَبَضَ مِنْهَا قَبْضَة مِنْ جَمِيع أَلْوَانهَا وَعُجِنَتْ بِالْمِيَاهِ الْمُخْتَلِفَة وَسَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوح فَصَارَ حَيَوَانًا حَسَّاسًا بَعْد أَنْ كَانَ جَمَادً. تابعونا بارك الله فيكم ؛ الاثنين 15 / 1 / 2007 م. |
أخي الفاضل مجهود مبارك بارك الله تعالى فيك وجعله في ميزان حسناتك ...
أقترح أخي الكريم أن تعزز مجهودك الرائع بالمصادر التي تستقي منها المعلومات ... وجزاك الله تعالى خيراً وجعله في موازين حسناتك ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
أخى الكريم / النسرى
لك منى خالص التحيه والتقدير على مرورك العطروكذلك على اهتمامك بمصادر المعانى . أطمئنك أخى الكريم بأن مصادر هذة المعانى هى تفسير : ( بن كثير - القرطبى - الجلالين - الطبرى ) وممكن أن تتأكد من ذلك --- برجاء المتابعه ولا تنسانى من دعائك أخى الكريم وأن تكون كل أعمالنا وأقوالنا وأفعالنا خالصة لوجه الله الكريم ؛ بارك الله فيك وجزاك كل خير ؛ |
تابع سورة البقرة ( الاية 31 / 35 )
{ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلّهَا } عَنْ ابْن عَبَّاس قَالَ : عَلَّمَ اللَّه آدَم الْأَسْمَاء كُلّهَا , وَهِيَ هَذِهِ الْأَسْمَاء الَّتِي يَتَعَارَف بِهَا النَّاس : إنْسَان وَدَابَّة , وَأَرْض , وَسَهْل , وَبَحْر , وَجَبَل , وَحِمَار , وَأَشْبَاه ذَلِكَ مِنْ الْأُمَم وَغَيْرهَا . { ثُمَّ عَرَضَهُمْ } ثُمَّ عَرَضَ الْخَلْق عَلَى الْمَلَائِكَة . { أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ } يَقُول : بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ الَّتِي حَدَّثْت بِهَا آدَم . { إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أَنَّ بَنِي آدَم يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَيَسْفِكُونَ الدِّمَاء . { قَالُوا سُبْحَانك لَا عِلْم لَنَا إلَّا مَا عَلَّمْتنَا } وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه جَلَّ ذِكْره عَنْ مَلَائِكَته بِالْأَوْبَةِ إلَيْهِ , وَتَسْلِيم عِلْم مَا لَمْ يُعَلِّمُوهُ لَهُ , وَتَبَرِّيهِمْ مِنْ أَنْ يَعْلَمُوا أَوْ يَعْلَم أَحَد شَيْئًا إلا ما عَلِمَهُ تَعَالَى ذِكْره . وَفِي هَذِهِ الْآيَات الثَّلَاث الْعِبْرَة لِمَنْ اُعْتُبِرَ , وَالذِّكْرَى لِمَنْ ادَّكَرَ , وَالْبَيَان لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب أَوْ أَلْقَى السَّمْع وَهُوَ شَهِيد , عَمَّا أَوْدَعَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ آيَ هَذَا الْقُرْآن مِنْ لَطَائِف الْحِكَم الَّتِي تَعْجِز عَنْ أَوْصَافهَا الْأَلْسُن . { إنَّك أَنْتَ الْعَلِيم الْحَكِيم } وَتَأْوِيل ذَلِكَ : أَنَّك أَنْتَ يَا رَبّنَا الْعَلِيم مِنْ غَيْر تَعْلِيم بِجَمِيعِ مَا قَدْ كَانَ وَمَا وَهُوَ كَائِن , وَالْعَالِم لِلْغُيُوبِ دُون جَمِيع خَلْقك . " قَالَ " تَعَالَى "يَا آدَم أَنْبِئْهُمْ" أَيْ الْمَلَائِكَة "بِأَسْمَائِهِمْ" الْمُسَمَّيَات فَسَمَّى كُلّ شَيْء بِاسْمِهِ وَذَكَرَ حِكْمَته الَّتِي خُلِقَ لَهَا. ( فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ) قَالَ " تَعَالَى لَهُمْ مُوَبِّخًا "أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إنِّي أَعْلَم غَيْب السَّمَاوَات وَالْأَرْض" مَا غَابَ فِيهِمَا "وَأَعْلَم مَا تُبْدُونَ" مَا تُظْهِرُونَ مِنْ قَوْلكُمْ أَتَجْعَلُ فِيهَا إلَخْ "وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ" تُسِرُّونَ مِنْ قَوْلكُمْ لَنْ يَخْلُق أَكْرَم عَلَيْهِ مِنَّا وَلَا أَعْلَم. ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) " وَ " اُذْكُرْ " إذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَم " سُجُود تَحِيَّة بِالِانْحِنَاءِ. "فَسَجَدُوا إلَّا إبْلِيس" هُوَ أَبُو الْجِنّ كَانَ بَيْن الْمَلَائِكَة. "أَبَى" امْتَنَعَ مِنْ السُّجُود. "وَاسْتَكْبَرَ" تَكَبَّرَ عَنْهُ وَقَالَ : أَنَا خَيْر مِنْهُ "وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ" فِي عِلْم اللَّه. ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) "وَقُلْنَا يَا آدَم اُسْكُنْ أَنْت" تَأْكِيد لِلضَّمِيرِ الْمُسْتَتِر لِيَعْطِف عَلَيْهِ "وَزَوْجك" حَوَّاء بِالْمَدِّ وَكَانَ خَلَقَهَا مِنْ ضِلْعه الْأَيْسَر. "الْجَنَّة وَكُلَا مِنْهَا" أَكْلًا "رَغَدًا" وَاسِعًا لَا حَجْر فِيهِ أو الْهَنِيء أوسَعَة الْمَعِيشَة . "حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَة" بِالْأَكْلِ مِنْهَا وَهِيَ الْحِنْطَة أَوْ الْكَرْم أَوْ السُّنْبُلَة أو غَيْرهمَا. "فَتَكُونَا" فَتَصِيرَا. "مِنْ الظَّالِمِينَ" الْعَاصِينَ. تابعونا بارك الله فيكم ؛ الجمعة 19 / 1 / 2007 م. |
تابع سورة البقرة ( 36 / 40 )
{ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَان } أَغَوَاهُمَا --- نَحَّاهُمَا "عَنْهَا" أَيْ الْجَنَّة بِأَنْ قَالَ لَهُمَا : هَلْ أَدُلّكُمَا عَلَى شَجَرَة الْخُلْد . { فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ } فَأَخْرَجَ الشَّيْطَان آدَم وَزَوْجَته مِمَّا كَانَا , يَعْنِي مِمَّا كَانَ فِيهِ آدَم وَزَوْجَته مِنْ رَغَد الْعَيْش فِي الْجَنَّة وَسَعَة نَعِيمهَا الَّذِي كَانَا فِيهِ . { اهْبِطُوا بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ } آدَم , وَإِبْلِيس , وَالْحَيَّة , ذُرِّيَّة بَعْضهمْ أَعْدَاء لِبَعْضٍ . { وَلَكُمْ فِي الْأَرْض مُسْتَقَرّ } الْقُبُور --- أو مَقَامهمْ فِيهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالْمُسْتَقَرّ فِي كَلَام الْعَرَب هُوَ مَوْضِع الِاسْتِقْرَار . { وَمَتَاع إلَى حِين } إلَى يَوْم الْقِيَامَة إلَى انْقِطَاع الدُّنْيَا . { فَتَلَقَّى آدَم مِنْ رَبّه كَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ } إنَّ آدَم قَالَ لِرَبِّهِ إذْ عَصَاهُ رَبّ أَرَأَيْت إنْ أَنَا تُبْت وَأَصْلَحْت ؟ فَقَالَ لَهُ رَبّه : إنِّي رَاجِعك إلَى الْجَنَّة . { فَتَابَ عَلَيْهِ } يَعْنِي رِزْقه التَّوْبَة مِنْ خَطِيئَته . وَالتَّوْبَة مَعْنَاهَا الْإِنَابَة إلَى اللَّه وَالْأَوْبَة إلَى طَاعَته مِمَّا يَكْرَه مِنْ مَعْصِيَته. { إنَّهُ هُوَ التَّوَّاب الرَّحِيم } أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ هُوَ التَّوَّاب عَلَى مَنْ تَابَ إلَيْهِ مِنْ عِبَاده الْمُذْنِبِينَ مِنْ ذُنُوبه التَّارِك مُجَازَاته بِإِنَابَتِهِ إلَى طَاعَته بَعْد مَعْصِيَته بِمَا سَلَفَ مِنْ ذَنْبه . { اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا } آدَم , وَحَوَّاء , وَالْحَيَّة , وَإِبْلِيس . { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى } خِطَابًا لَهُ وَلِزَوْجَتِهِ : فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدَى أَنْبِيَاء وَرُسُل . { فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ } يَعْنِي بَيَانِي . { فَلَا خَوْف عَلَيْهِمْ } يَعْنِي فَهُمْ آمِنُونَ فِي أَهْوَال الْقِيَامَة مِنْ عِقَاب اللَّه غَيْر خَائِفِينَ عَذَابه . { وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } يَوْمئِذٍ عَلَى مَا خَلَّفُوا بَعْد وَفَاتهمْ فِي الدُّنْيَا . وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا" كُتُبنَا "أُولَئِكَ أَصْحَاب النَّار. هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" مَاكِثُونَ أَبَدًا لَا يَفْنَوْنَ وَلَا يَخْرُجُونَ . يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ "يَا بَنِي إسْرَائِيل" أَوْلَاد يَعْقُوب. "اُذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيْكُمْ" أَيْ عَلَى آبَائِكُمْ مِنْ الْإِنْجَاء مِنْ فِرْعَوْن وَفَلْق الْبَحْر وَتَظْلِيل الْغَمَام وَغَيْر ذَلِكَ بِأَنْ تَشْكُرُوهَا بِطَاعَتِي . "وَأَوْفُوا بِعَهْدِي" الَّذِي عَهِدْته إلَيْكُمْ مِنْ الْإِيمَان بِمُحَمَّدٍ. "أُوفِ بِعَهْدِكُمْ" الَّذِي عَهِدْت إلَيْكُمْ مِنْ الثَّوَاب عَلَيْهِ بِدُخُولِ الْجَنَّة . "وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِي" خَافُونِ فِي تَرْك الْوَفَاء بِهِ دُون غَيْرِي. تابعونا بارك الله فيكم ؛ الاحد 21 / 1 / 2007 م. |
تابع سورة البقرة ( الاية 41 / 45 )
( وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ ) أَيْ صَدِّقُوا , يَعْنِي بِالْقُرْآنِ . ( مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ ) يَعْنِي مِنْ التَّوْرَاة . "وَلَا تَشْتَرُوا" تَسْتَبْدِلُوا. "بِآيَاتِي" الَّتِي فِي كِتَابكُمْ مِنْ نَعْت مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . "ثَمَنًا قَلِيلًا" عَرَضًا يَسِيرًا مِنْ الدُّنْيَا أَيْ لَا تَكْتُمُوهَا خَوْف فَوَات مَا تَأْخُذُونَهُ مِنْ سَفَلَتكُمْ. "وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ" خَافُونِ فِي ذَلِكَ دُون غَيْرِي. ( وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) "وَلَا تَلْبِسُوا" تَخْلِطُوا. "الْحَقّ" الَّذِي أَنْزَلْت عَلَيْكُمْ. "بِالْبَاطِلِ" الَّذِي تَفْتَرُونَهُ. "وَ" لَا "تَكْتُمُوا الْحَقّ" نَعْت مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . "وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" أَنَّهُ الْحَقّ. ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ) صَلُّوا مَعَ الْمُصَلِّينَ مُحَمَّد وَأَصْحَابه وَنَزَلَ فِي عُلَمَائِهِمْ وَكَانُوا يَقُولُونَ لِأَقْرِبَائِهِمْ الْمُسْلِمِينَ اُثْبُتُوا عَلَى دِين مُحَمَّد فَإِنَّهُ حَقّ. قَالَ أَبُو جَعْفَر : ذَكَرَ أَنَّ أَحْبَار الْيَهُود وَالْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاس بِإِقَامِ الصَّلَاة وَإِيتَاء الزَّكَاة وَلَا يَفْعَلُونَهُ ; فَأَمَرَهُمْ اللَّه بِإِقَامِ الصَّلَاة مَعَ الْمُسْلِمِينَ الْمُصَدِّقِينَ بِمُحَمَّدٍ وَبِمَا جَاءَ بِهِ , وَإِيتَاء زَكَاة أَمْوَالهمْ مَعَهُمْ وَأَنْ يَخْضَعُوا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ كَمَا خَضَعُوا . { أَتَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسكُمْ } كَانَ بَنُو إسْرَائِيل يَأْمُرُونَ النَّاس بِطَاعَةِ اللَّه وَبِتَقْوَاهُ وَبِالْبِرِّ وَيُخَالِفُونَ , فَعَيَّرَهُمْ اللَّه . بَعْد إجْمَاع جَمِيعهمْ عَلَى أَنَّ كُلّ طَاعَة لِلَّهِ فَهِيَ تُسْمَى بِرًّا . { وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَاب } { تَتْلُونَ } تَدْرُسُونَ وَتَقْرَءُونَ وَيَعْنِي بِالْكِتَابِ التَّوْرَاة . { أَفَلَا تَعْقِلُونَ } أَفَلَا تَفْقُهُونَ وَتَفْهَمُونَ قَبَّحَ مَا تَأْتُونَ مِنْ مَعْصِيَتكُمْ رَبّكُمْ الَّتِي تَأْمُرُونَ النَّاس بِخِلَافِهَا وَتَنْهَوْنَهُمْ عَنْ رُكُوبهَا وَأَنْتُمْ رَاكِبُوهَا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ مِنْ حَقّ اللَّه وَطَاعَته فِي اتِّبَاع مُحَمَّد وَالْإِيمَان بِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِثْل الَّذِي عَلَى مِنْ تَأْمُرُونَهُ بِاتِّبَاعِهِ { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ } اسْتَعِينُوا عَلَى الْوَفَاء بِعَهْدِي الَّذِي عَاهَدْتُمُونِي فِي كِتَابكُمْ - مِنْ طَاعَتِي وَاتِّبَاع أَمْرِي , وَتَرْك مَا تَهْوُونَهُ مِنْ الرِّيَاسَة وَحُبّ الدُّنْيَا إلَى مَا تَكْرَهُونَهُ مِنْ التَّسْلِيم لِأَمْرِي , وَاتِّبَاع رَسُولِي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاة . " وَالصَّلَاة " فَالصَّلَاة عَلَى هَذَا التَّأْوِيل هِيَ الشَّرْعِيَّة وَقَالَ قَوْم : هِيَ الدُّعَاء. { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَة } { وَإِنَّهَا } وَإِنَّ الصَّلَاة , فَالْهَاء وَالْأَلِف فِي " وَإِنَّهَا " عَائِدَتَانِ عَلَى " الصَّلَاة " . ( إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ) الْخَاشِعُونَ جَمْع خَاشِع وَهُوَ الْمُتَوَاضِع وَالْخُشُوع هَيْئَة فِي النَّفْس يَظْهَر مِنْهَا فِي الْجَوَارِح سُكُون وَتَوَاضُع --- وَقَالَ قَتَادَة الْخُشُوع فِي الْقَلْب وَهُوَ الْخَوْف وَغَضّ الْبَصَر فِي الصَّلَاة . تابعونا بارك الله فيكم ؛ الاحد 25 / 2 / 2007 م. |
تابع سورة البقرة ( الاية 46 / 50 )
( الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) "الَّذِينَ يَظُنُّونَ" يُوقِنُونَ. "أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبّهمْ" بِالْبَعْثِ . "وَأَنَّهُمْ إلَيْهِ رَاجِعُونَ" فِي الْآخِرَة فَيُجَازِيهِمْ. ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) "يَا بَنِي إسْرَائِيل اُذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيْكُمْ" بِالشُّكْرِ عَلَيْهَا بِطَاعَتِي . "وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ" أَنِّي فَضَّلْت أَسْلَافكُمْ أَيْ آبَاءَكُمْ. "عَلَى الْعَالَمِينَ" عَالَم أَهْل ذَلِكَ الزَّمَان . { وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْس عَنْ نَفْس شَيْئًا } فَإِنَّهُ تَحْذِير مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عِبَاده الَّذِينَ خَاطَبَهُمْ بِهَذِهِ الْآيَة عُقُوبَته أَنْ تَحِلّ بِهِمْ يَوْم الْقِيَامَة , وَهُوَ الْيَوْم الَّذِي لَا تَجْزِي فِيهِ نَفْس عَنْ نَفْس شَيْئًا وَلَا يَجْزِي فِيهِ وَالِد عَنْ وَلَده وَلَا مَوْلُود هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِده شَيْئًا . " وَلَا يُقْبَل مِنْهَا شَفَاعَة " يَعْنِي مِنْ الْكَافِرِينَ . { وَلَا يُؤْخَذ مِنْهَا عَدْل } يَعْنِي فِدَاء . لَوْ أَنَّ لَهَا مِلْء الْأَرْض ذَهَبًا لَمْ يُقْبَل مِنْهَا فِدَاء وَلَوْ جَاءَتْ بِكُلِّ شَيْء لَمْ يُقْبَل مِنْهَا . { وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ } وَلَيْسَ لَهُمْ مِنْ اللَّه يَوْمئِذٍ نَصِير يَنْتَصِر لَهُمْ مِنْ اللَّه إذَا عَاقَبَهُمْ . وَقَدْ قِيلَ : وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ بِالطَّلَبِ فِيهِمْ وَالشَّفَاعَة وَالْفِدْيَة . ( وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ) " وَ " اُذْكُرْوَا "إذْ نَجَّيْنَاكُمْ" أَيْ آبَاءَكُمْ وَالْخِطَاب بِهِ وَبِمَا بَعْده لِلْمَوْجُودِينَ فِي زَمَن نَبِيّنَا بِمَا أَنْعَمَ اللَّه عَلَى آبَائِهِمْ تَذْكِيرًا لَهُمْ بِنِعْمَةِ اللَّه تَعَالَى لِيُؤْمِنُوا. "مِنْ آل فِرْعَوْن يَسُومُونَكُمْ" يُذِيقُونَكُمْ. "سُوء الْعَذَاب" أَشَدّه وَالْجُمْلَة حَال مِنْ ضَمِير نَجَّيْنَاكُمْ. "يُذَبِّحُونَ" بَيَان لِمَا قَبْله "أَبْنَاءَكُمْ" الْمَوْلُودِينَ. "وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ" يَسْتَبْقُونَ "نِسَاءَكُمْ" لِقَوْلِ بَعْض الْكَهَنَة لَهُ إنَّ مَوْلُودًا يُولَد فِي بَنِي إسْرَائِيل يَكُون سَبَبًا لِذَهَابِ مُلْكك. "وَفِي ذَلِكُمْ" الْعَذَاب أَوْ الْإِنْجَاء "بَلَاء" ابْتِلَاء أَوْ إنْعَام "مِنْ رَّبّكُمْ عَظَيِمٌ " . ( وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) " وَ " اُذْكُرُوا "إذْ فَرَقْنَا" فَلَقْنَا "بِكُمْ" بِسَبَبِكُمْ "الْبَحْر" حَتَّى دَخَلْتُمُوهُ هَارِبِينَ مِنْ عَدُوّكُمْ. "فَأَنْجَيْنَاكُمْ" مِنْ الْغَرَق . "وَأَغْرَقْنَا آل فِرْعَوْن" قَوْمه مَعَهُ. "وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ" إلَى انْطِبَاق الْبَحْر عَلَيْهِمْ. تابعونا بارك الله فيكم ؛ الجمعة 3 / 2 / 2007 م. |
|
|
|
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.