أختى العنود ..

هناك ما يؤرقنى وأود البوح به ..

كثيرا ما أهرب بعيدا عن موضوعاتك .. وأنجو بنفسى بعيدا عنها ..

على ما بها قدرة هائلة على التصوير وبراعة فى التجسيد ..

تجسيد الألم ووصف المعاناة وغربة الروح ..

ربما هذه البراعة هى من يقصينى ويدفعنى بعيدا ..

لا لأنى لا أشعر بالألم ... لكن لأنى لم أعد أشعر به ..

فأنا كما قال المتنبى ...

رمانى الدهر بالأرزاء حتى *** فؤادى فى غشاء من نبال ِ

فصرت إذا أصابتنى سهامٌ *** تكسرت النصال على النصال

وهان فما أبالى بالرزايا *** لأنى ما انتفعت بأن أبالى

الفارق بيننا هو أنك ما زلت تشعرين وتكتبين وتنبضين ...

أحيانا يألف الإنسان منا الألم ويستأنس به ... حتى ليفتقده عند غيابه ..

بل وأحيانا كثيرة يستلذ به .. ويجد فيه راحة عجيبة لا يجدها فى مكان آخر ..

هذا عنى أنا .. أما عنك .. فأنا أرى الحزن هو فيض النور الذى تنطقين به ..

وضد الكثيرين فى إغلاق طاقة النور هذه .. فمعها تجدين نفسك وفكرك وأدبك وكيانك ..

ربما أثقلت وأطلت .. فعذرا .. لكن رأيت حقا على ّ الإشادة بموضوعاتك ..

وأحترم نظرتك هذه للأمور وللحياة .. وننتظر منك المزيد ..

وأعتذر إن أقتحمت بنفسى فتحدثت عنها .. ولكن الطيور على أشكالها تغنى ..

ووجدت بين كلماتك مخرجا لى ومتسعا فبحت بما فى داخلى .. فعذرا ..