أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة المفتوحة (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=7)
-   -   .:: مـتعـة الـفـشـل !! ::. (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=45407)

نور الحياة 30-05-2005 01:43 PM

"..*.." لا تقل أبدا : أنا فاشل "..*.."

" الفشل .." لفظة لا وجود لها في قاموس حياتي ، لأني لا أعترف بها ، واستبدلتها بجملة " أنا لم أُوَفَّقْ "
لا تستعجلوا و تحكموا على من يقول هذا بأنه محظوظ ، و أن حياته مليئة بالمسرات ، و أنه حاز كل ما يتمناه !

لا تقيّموا شخصاً ما أنه إنسانُ " فاشل " أو " ناجح " لأنها مقاييس لا وجود لها عند من يحقق الإيمان بأحد أركانه و هو الإيمان بالقدر خيره وشره .

" الفشل " مظهر خارجي للعمل ، يدركه الجميع بما يظهر لهم من نتاج السعي ، فإن كانت النتيجة هي ما تعارف عليها الجميع أنها رديئة فهو في عُرفهم " فشل " و ما تعارفوا أنه جيد و حسن ، فهو إذاً " نجاح " .

و لكن .. أين ما وراء الظواهر؟
أين علم الغيب مما يحدث من واقع السعي ؟

فقد يكون من نحكم عليه بأنه " ناجح " هو في حقيقة الأمر أبعد ما يكون عن النجاح .
و من نرثي اليوم لفشله ، قد يكون في قمة النجاح وهو أو نحن لا ندرك هذا .

عندما أقرأ في سيرة الصحابي الجليل ( زيد بن حارثة )
تعلمت كيف لا أصدر حكمي على الأمور بظاهرها ، أو أجعلها مقياسا لتحديد النجاح و الفشل في حياتي.

عندما أراد الصحابي زيد ( رضي الله عنه ) الزواج ، و لمّا كانت منزلته الكبيرة عند النبي " صلى الله عليه وسلم " .. يشهد لها الجميع ، فقد خطب له النبي
" صلى الله عليه وسلم " ابنة عمته زينب ( رضي الله عنها ) فقبلت به لأنها تعلم تلك المنزلة ، رغم فارق النسبين .. فقلت في نفسي :
إنهما مثالُ لأنجح زوجين ، فهو ربيب النبي " صلى الله عليه وسلم " و يملك ما يجعله مثال الزوج الصالح في نظر أي امرأة ..
وهي ابنة الحسب و النسب العفيفة الشريفة ذات الأخلاق الكريمة _ ولست أهلا لأزيد من الثناء عليها ( رضي الله عنها ) .. ومع ذلك ، انفرط عقد زواجهما ، و انفصلا بالطلاق !

فهل يمكنني أن أصف زيدا بأنه " فاشل " ؟
وهل يمكنني أن أصف زينب بأنها " فاشلة "؟
أليس الطلاق بين الزوجين علامة لفشلهما في تحقيق الاستقرار الأسري ؟

إذاً حسب المقاييس التي اتفق الجميع عليها ، هما" فاشلان !" وحاشا لله أن يكونا كذلك .
فقد قدّر رب العالمين أن تنتهي رابطة الزواج بالانفصال .. ليبدأ بعدها رباط أقوى وأسمى لكل منهما .

فقد كان أمر الزواج و الطلاق بعد ذلك لحكمة خفيت على الجميع ، وهي إبطال التبني ، ونحن نعلم أن زيداً كان في البدء يُنسب لسيدنا محمد " صلى الله عليه وسلم " بحكم تبنيه له .. وكان يدعى ( زيد بن محمد ) .

و لأن الله أنزل تشريع الأحكام متدرجة بما يتناسب مع المجتمع حينها ، وقد تعارف الجميع على جواز التبني ، وجواز أن يرث الرجل إحدى نساء أبيه بعد موته .

طلق زيدُ زينب .. فأمر الله تبارك و تعالى نبيه أن يتزوجها ..
فأدرك المسلمون أن التبني محرم ، و الدليل زواج نبيهم بطليقة من نسبه إليه ..... الله أكبر !
وها هي زينب قد تحولت في نظر النساء إلى امرأة محظوظة " ناجحة " !!
و تزوج زيد من امرأة أخرى ، و أنجبت منه أسامة بن زيد بن حارثة ( حبُّ رسول الله " صلى الله عليه وسلم " وابن حبه ... ونجح في تربية أسامة ) " الصحابي القائد لجيش يضم كبار الصحابة ، وهو في الخامسة عشرة من عمره !!
فأين تقييم " الفشل " و " النجاح " في ما حدث ؟!!

ولأضرب لكم مثلا من عصرنا الحاضر :
يتقدم طالبان لامتحان القبول لمعهد العلوم الصرفية !
ينجح الأول في امتحان القبول و بتفوق ، ويعود لأهله يُبشرهم بهذا " النجاح " ، بينما لم يحقق الثاني درجة القبول ، فيرجع لأهله ليلقى اللوم و التقريع على تقصيره في الاستعداد للامتحان بمزيد من الدراسة و المذاكرة ، ورغم أنه بذل أقصى ما بوسعه .. و لأنه في نظر من حوله ، ونظره هو أيضا " فاشل " فقد أصيب بالإحباط ، وانزوى في بيته يتجرع كؤوس الندم .

الأول يصبح رئيس بنك ربوي عظيم ذو شأن .. بمرتب كبير مكَّنه من اختيار زوجة جميلة من أسرة عصرية ، وعاش حياة مرفهة ..

نور الحياة 30-05-2005 02:06 PM


وأما الثاني فما وجد أمامه سوى أن يتعلم مهنة بسيطة عند أحد الصناع .. فاكتسب منه خبرة ومهارة أهَّلته ليفتح ورشة منفصلة بعد سنوات .

حقق منها دخلا مناسبا ليبني أسرة ناجحة .. وعاش حياته برضى وقناعة .. و مع مرور السنوات أصبح مالكا لأكبر الشركات التجارية و المقاولات الإنشائية .


في رأيكم .. من هو " الفاشل " ومن هو " الناجح " ؟!
هل هو الأول ، الذي جنى أموالا ربوية كنزها وسيحاسب عن مدخلها و مخرجها ؟
أم هو الثاني ، الذي رُزق رزقاً حلالاً طيباً من كدّه و عرقه ، وصرفه في إسعاد أهل بيته ؟!

لو كنتُ مكان الأول ، لتمنيت لو أني لم أنجح في امتحان القبول .. و لو كنت مكان الثاني " الفاشل " لحمدت ربي على عدم توفيقي في الإمتحان " فشلي " .
إن ما يحدث لنا ، إنما هو ابتلاءات من الله ، أو استدراج لمن أختار طريق الغواية ودروب الشيطان .

قد يحدث أن تسير على طريق شائك حافي القدمين ، وبدون انتباه تدخل شوكة في باطن قدمك ، قل الحمد لله ..
فما أصابك من ألمٍ فيه خير لك ، فقد كفّر الله بها خطاياك، و أثابك على ألم الشوكة .. أفلا تقول الحمد لله ؟


تتقدم لطلب وظيفة فتُرفض و يُقبل غيرك رغم استحقاقك لها ، قل الحمد لله ..
فعملُ أفضل منه ينتظرك ، وهو أصلح لك من الأول . وقد يكون رئيسك فيه أطيب خلقاً ، أو تجد فيه صحبة طيبة ، أو يكون محل العمل أكثر قربا لمسكنك فتكسب الوقت لقضاء عبادة تنفعك في الآخرة .. أفلا تقول الحمد لله ؟

تتقدم لخطبة إحدى النساء اللواتي تحلم بالزواج منها ، فتعترض أمورك عوائق ، قل الحمد لله ..
فزوجتك الصالحة تنتظرك ، لتلد لك أبناءً أصحاء ، ربما ما كانت الأولى ستلد لك مثلهم ..! أفلا تقول الحمد لله ؟


تعزم على السفر لقضاء مهام أو عقد صفقة تجلب لك المال و السمعة و الوجاهة ، ولكنك تفوّت موعد الطائرة ، فتفقد صفقتك .. قل الحمد لله ..

فربما خسرت صفقة تجلب لك مالا ، ولكن ربما كسبت مقابلها فرضاً للصلاة صليته في مسجدك وخشعت له جوارحك وبكت له عيناك ، فكسبت مغفرة ورحمة من الله تضفي عليك سعادة لم يذقها أحدُ من قبلك من ذوي الصفقات اللاهثين خلف جمع .. ! أفلا تقول الحمد لله ؟

لا تقل ".. فشلت .." بل قل " .. لم يوفقني الله .." و الحمد لله على كل حال
لا تقل " ..أنا فاشل .. " بل قل " .. أنا متوكل .." وخذ بالأسباب .. وقل الحمد لله على ما قدّر لي مسبّب الأسباب ..


لا تقل " ..أنا لا أملك شيئاً .." بل قل " .. الله ربي أدخر لي من الخير ما لا اعلمه .." و الحمد لله يرزق من يشاء بغير حساب .. لا تقل " أنا لا شئ " بل .. أنت شئ .. كما أنا شئ .. و الآخر شئ ..

فاطلب من ربك أن يدخلك في رحمته التي وسعت كل شئ .

و أنت شئ .. أنت في نظري كل شئ ..

يا عاقد الحاجبين ... ابتسم من فضلك ، ولا تحزن .. وعاود الكرَّة ... و استخر ربك في كل خطوة تخطوها ... وارض بما قسمه الله لك من نتيجة أمرك ... و لا تقل بعد اليوم " .. أنا فاشل .. " بل قل :
"أنا ناجح " بإيماني ..
" أنا ناجح " بطموحي لإرضاء ربي ..
" أنا ناجح " لحبي لنبيّي ..
" أنا ناجح " لأني مسلم .. وهذا يكفيني



دمتم على الخير

:)


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.