![]() |
تحض الشاعرة على الكتابة ، فتبين لنا أن الكلمة الصادقة انتصار على القيود ، وانطلاق من الاستعباد ، وعلاج للواقع.
ثم ترسم صورة نفسية لأثر هذا الواقع في داخلنا ، من خلال تساؤلات معذبة ، عن أسباب القلق والآرق والظلمة. ويأتي المقطع التالي ليصور لنا هذا الواقع من الخارج ، فإذا هو خيال عابث مجنون ، وأمان موهومة ، غير مبنية على عمل. وفي الختام تخلص إلى أن الغد ابن لليوم ، وقد أضعنا غدنا ‘ إذ نفرط في حاضرنا ، فتستصرخ بقية الإحساس فينا ، لنكتب ، فلم يبق إلا الكتابة معلم على العيش ، لم يبق إلا العيش في قلب الورق. وهكذا يتناسق البدء مع الختام في وحدة موضوعية ، لا تترك بداً من إمساك القلم ، والعيش لكن في قلب الورق. جو القصيدة مثل نبضات القلب القلق ، الذي ينتظر شيئاً ولا يأتي ، تدق مع دقات الساعة ، عالية قوية ، في ختام كل بيت ، يوحي بذلك القافية ، كما أشار لها أخي عمر ، والمعاني التي تمتد من البدء حتى الختام ، واختيار للكلمات المعبرة عن هذه المعاني من أرق فقلق ، فنزق ، فرهق. كنت قرأت تعليق الإخوة محمد ب وجمال حمدان وعمر مطر ، في محاولتهم لرؤية المدرسة التي ينتمي إليها شعراء الخيمة ، سيما أختنا د.حنان ، وقلت في نفسي ربما يكون تصنيفهم لها على أنها تنتمي إلى الرمزية بسبب الظلال التي تلقيها نصوصها، مما يضفي صعوبة عليها ، تبقى -كما قال أخي عمر- مفهومة لكل القراء. لكن أفضل وصف لطريقتها في الكتابة هو ما قاله الأخ محمد: "تكاد تخبرنا لا بالواقعة بل بانفعالها عنها" ، وهذا يجعلها أقرب إلى الرومانسية ، ولكنها رومانسية ممزوجة بفلسفة ، وعمق في التفكير ، فلربما وصفتُ كتابتها بأنها رومانسية فلسفية. فالمعاني عند أختنا حنان شخوص تتحرك ، تتفاعل معها ، وترسمها فالصبر مسكين ملذوع ، والغد غريب تائه ، والموت يحط على الملامح. من المعاني التي استوقفتني جداً في هذه القصيدة ، الحكمة البالغة ، التي لا تخلو من تصوير فني متفرد ، في: أكتب..فإن الحرف نصر لو تحرر وانطلق المعصم المغلول يكسر كل قيد إن نطق والصورة البديعة للغد وهو ينساب من بين أكف الحاضر: غدنا غريب تائه من كفِّ حاضرنا انزلق وتكسرت أجزاؤه وتبعثرت فىالمفترق تستصرخ الإحساس داخلنا لينقذ ما احترق وصورة أخرى:الموت كالجمر حط على الملامح فاخترق أعجبتني مقابلة الصور بين شاعرينا السلاف وحنان ، على بعد ما بين الأسلوبين ، مما يدل على قراءة عميقة من أستاذنا جمال. أنا مع شاعرتنا في اختيار البريق ، لكن استوقفتني لفظة أخرى ، وهي: "تذوب من هجر الورق" ، وقلت لو كانت تذوي أو تضيع -لا أتحدث عن وزن معهما- لكنني أيضاً أحترم اختيار الشاعرة. لفت نظري علاقة شاعرتنا بالحرف ، وهي هنا تدعونا للعيش في قلب الورق ، فقد رأيتها في أكثر من نص ، تبحث عن الحروف ، تخاف عليها من الضياع. [ 07-11-2001: المشاركة عدلت بواسطة: mubarrah ] |
أكتب وعِشْ .. لم يبق إلا العيش فى قلب الورق...
بدأ هذا البيت يؤثر على مزاجي الشخصي في الكتابة .. كلما بدأت "أهمهم وأعزم" انقطع العمل الذي أنا بصدده بهذا البيت! كما أن القافية القلقة تلاحقني .. لأن كل قلقلة تظل تتردد في الشعور وتظل لمدة طويلة .. هذه أفضل قصيدة قرأتها للمصرية المسلمة .. وأسلوبها تطور تطورا يلفت النظر .. ما شاء الله لا قوة إلا بالله ... وربما تكون قد فازت في مسابقة الشعر السابقة بهذه القصيدة لهذا السبب . * تحرر وانطلق من المرات النادرة التي أحب فيها استخدام واو العطف قبل القافية .. فمعظم استخدامها يكون لغرض القافية فقط .. مثل "الورد والزهر" مثلا .. أما هنا فالاستخدام حيوي ورائع . * أكتب أليس من المفروض أن تكتب "اكتب"؟ * رائع هو الربط بين معاني الانعتاق من جهة وبين الكتابة والحروف والنطق من جهة أخرى .. وهذا ما سمح لنا بالاستمتاع بالجو الواحد للقصيدة. * من البريق إلى الأرق الله .. صفتان لازمتان للعين .. وجاءتا بصورة طبيعية جدا .. * ويظل يلذع صبرنا المسكين حلم مسترق أكبر دليل على تطور الأسلوب .. الصورة جميلة وتمس النفوس كما أن "مسترق" أضافت رغم كونها آخر كلمة .. رائع . * غدنا غريب تائه من كف حاضرنا انزلق أروع بيت في القصيدة في نظري . رائع .. ولا أظن بيتا في نفس المعنى يمكنه أن يفوقه . وانظر إلى البيت الذي يليه .. مؤلم ورائع .. * لينقذ ما احترق إذا كان -باعترافك- قد احترق بالفعل فكيف يمكن إنقاذه؟ * القصيدة كلها ما شاء الله لاقوة إلا بالله .. قرأت شعرا كنت أتمنى أن أقرأ مثله منذ زمن والله . لو جاءت القصيدة التالية أقل مستوى من هذه فلن يكون لك عذر في ذلك ! :) :) |
أخي جمال حمدان ..
أسرتني بلفظك الرشيق ووصفك الأنيق مع ما فيهما من مجاملة رقيقة :) .. أما أنا فأين أنا من أمير الشعر في الخيمة وخارجها؟! :) ثم إن سعادتي غامرة برجوعك للخيمة وعودة الأصوات الشادية والحوارات الحميمة "الحامية" بإشرافك.. بارك الله لنا فيك .. أخي عمر مطر .. شكرا لتحليلك السريع .. وإن كنت قد أسبغت علي رداءً فضفاضا ربما يحتاج شعري إلى سنوات ليرتديه :) :) |
احببت أن أخذ في ( معارضتي) بهذه الابيات القليلة منحى آخرا ولعلي وضعت كلمة معارضة بين إطارين لكي يبقى الأصل وهو ما قلته اختنا المبدعة الدكتورة حنان .
*************************** إجهرْ بحرفك دونما خوف ودع عنك الورق ! واصدحْ فإن القول سيف إن تحرر وانعتق ! لاتخش من إنسٍ ولا جنٍ وقم واتلُ الفلق! إن تعصَ طاغوتاً فنعمَ العبدُ أنتَ إذا أبق لا تاخذنْ نارا بجنح فراشة فيها احترق ! لا تعذلنْ ذئبا إذا بقرَ الخرافَ وإن خنق ! لا تعجبنْ من جمعِ غربانٍ بأطلال نعق ! أنت الملام على النوازل إن فؤادك قد فرق مع تحيات أخوكم : جمال حمدان |
أخي الحاوي،
تقول: لينقذ ما احترق إذا كان -باعترافك- قد احترق بالفعل فكيف يمكن إنقاذه؟ أقول: أعتقد أن احترق هنا بمعنى اشتعل، ولا تفيد الفناء بالنار. :) أما عن تعليقي السابق، فهو ما لاحظته من خلال قراءتي لقصائدك، ويكفي أن نقرأ لك ملاحظات منها: 1. كما أن "مسترق" أضافت رغم كونها آخر كلمة. 2. من المرات النادرة التي أحب فيها استخدام واو العطف قبل القافية. لنعلم أنك ناقد متمكن من أساليب النقد، فهاتان النقطتان تخفيان على الكثير من الناس. فالمقصود هو أن الكلمة الأخيرة في البيت إذا جائت بعد أن تمّ المعنى تكون حشوا لضرورتي الوزن والقافية، وقد يستخدم بعض الشعراء المبدعين الحشو في آخر كلمة ليفيد معنى جديدا، يزيد على المعنى التام قبل الحشو، ومنه ما قالته الدكتورة: ويظل يلذع صبرنا المسكين حلم مسترق فلو وقفت الشاعرة على حلم، لتم المعنى، ولكنها أضاف كلمة مسترق، وأضافت معها معنى جديدا، وهذا دليل مقدرتها كشاعرة. وأعتقد أن مشكلة واو العطف تنطلق من نفس المسألة، فإن أحد أساليب التهرب من تمام المعنى هو إضافة الحشو على صيغة معطوف قد يكون في كثير من الأحيان لا يضيف إلى المعنى شيئا، كمثال الأخ الحاوي، الزهر والورد، وقد يستخدمه الشاعر لإضافة معنى جديد، كما تقول شاعرتنا: أكتب..فإن الحرف نصر لو تحرر وانطلق فإن المعنى يتم بالوقوف على تحرر، ولكن إضافة انطلق بعد التحرر تفيد معنى جديدا، فقد يتحرر المرء ويقبع حيث تحرر فلا يزال في عبودية رغم حريته. لا تدري أخي الحاوي كم أنا سعيد بهذه المناقشة، حيث أني أشعر -أخيرا- بأننا نغوص في أعماق النص، ونلمس مواطن الجمال بأكفنا، والملاحظات النقدية التي يبديها إخواني هنا هي ما كنت أتوق إليه منذ زمن بعيد. شكرا لكم جميعا. |
السلام عليكم
أخى محمد ب.. أخى عمر مطر.. ربما خصصتكما برد واحد لإحساسى بتقارب كلماتكما ووجهتى نظركما..هذا التقارب أشعر به أيضا فى المواضيع التى يطرحها أستاذى محمد ب ويناقشها معه أخى عمر مطر..وفى الحقيقة استمتعت جدا بالنقاش الدائر بينكما خصوصا وأن النقاش يخص قصيدتى المتواضعة..ربما أنا أيضا أضم صوتى لصوتكما من حيث أن مدرستى الشعرية هى الرمزية القريبة من العقل وليست الموغلة فى الغموض..لذا فإنى أبعد ما أكون عن شعر السلاف الذى هو مدرسة قائمة بذاتها.. أخى عمر.. شكر خاص لزوجتك الحبيبة..وسلامة جهازها الكومبيوترى .. أنا أعرف انها ستتصرف وتقرأنى.. :) :) :) |
أخى جمال..
أعجبتنى تعليقاتك وعنادك الشعرى جدا يا أستاذى العزيز..وأنا لا أنكر أن بعض الشعراء تأثروا بالبعض الآخر من أساتذتهم وزملائهم بل وتلاميذهم..لكننى فعلا لا أجد نفسى من مدرسة السااف الأستاذ ..رغم أنى كنت أتمنى أن أكون فى نصف حضوره وقدرته الفذة على استحضار خادم مصباح الشعر فى اللحظة التى يريد وبقدرة فائقة على تجسيد ما يجول فى ذهنه ووجدانه بل ووجدان الآخرين متمثلا فى ترجماته وتشطيره ..وتشعير مقطوعات النثر ..لكن بالله عليك أعد قراءة الأبيات التى قلت أنها تشبه بعضها....ولنعيد جميعا قراءتها لنعرف هل هى تتشابه أم لا؟؟؟...لكم أتمنى أن تطاول كلماتى وحروفى حروف السلاف الأستاذ لكنها الحقيقة..فمن يستطيع أن يخفيها؟؟ .. |
أخى المبرح..
كنت تعزف لحنا لا تقرأ قصيدة..فعندما يقرأ لك شاعر متمكن وأديب فيلسوف فإنه يفتح أبوابا جديدة فى كلماتك لترى مالم تره أو يخطر ببالك وأنت تكتب.. لا لشىء إلا لأن الشاعر حين يكتب قد يضع ظل مايدور بعقله الباطن دون أن يشعر..وتأتى القراءة الواعية المحللة لتلقى الضوء على جنبات نفسه المتدثرة بأبياته.. أشكرك من أعماق قلبى.. |
عزيزى بو فاتح..
ربما تكون أول مرة نلتقى على نص فى الخيمة..ويشرفنى أن النص نصى والقراءة لك..قراءة تنم عن أديب يفهم مايقرأ ويحلل كل كلمة ..لقد أتاحت لنا الخيمة مناخا رائعا للتواصل والالتقاء على طريق الكلمة..فشكرا لها ولك.. |
الاخت الدكتورة حنان
ساعيد بإذن الله قراءة ما استشهدت به من تقارب معاني بعض ابياتك بأبيات السلاف وكذلك للاخ الحاوي. أنتظرونا بعد موجز انباء كابول الليلة . ولكم تحياتي |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.