أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة الإسلامية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=8)
-   -   @@عالم رافضي يعترف بإن القرآن الذي بين أيدينا محرف (وثيقة)@@ (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=24463)

RRRRR 17-07-2002 05:23 PM

السلام عليكم

مسكينة يا فاطمة,اعتقدتي بانك حشرت الاخت سلوى في الزاوية دون ان تدركي بانك انت من ينام في الزاوية.كما قالت لك سلوى ان عقلك لن يستوعب الناسخ والمنسوخ,كما ان عقلك لن يستوعب ان كبار علماؤكم قالوا بما قلناه واستشهدت به هنا,وكم كنت اتمنى ان اراك توردين شرح الاحاديث التي اوردتها مع ان فيها الضعيف والمكذوب كما سيتبين لاحقا,ولكنكم كالعادة توردين الحديث وتفسروه على هواكم.


الرواية الأولى : روى ابن عباس عن عمر أنه قال : " إن الله عز وجل بعث محمداً بالحق، وأنزل معه الكتاب ، فكان مما أنزل إليه آية الرجم ، فرجم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورجمنا بعده ، ثم قال : كنا نقرأ : " ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم"، أو : إن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم " وقد أوردها الخوئي في كتابه البيان متهماً أهل السنة بحذف آية الرجم

[348]( البيان ص 203.)

وأوردها السيوطي في كتابه الإتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه349]).( الإتقان جـ2 ص 718 .)

ونقول كما قال علماء المسلمين ومنهم " السيوطي " إن آية الرجم " الشيخ

والشيخة إذا زنيا " هي آية نسخت تلاوتها وقد اعترف بهذا النسخ كبار علماء الشيعة ومنهم :

1 - الشيخ أبو على الفضل الطبرسي :إذ قال النسخ في القرآن على ضروب ومنها ما يرتفع اللفظ ويثبت الحكم كآية الرجم ([350]). مجمع البيان في تفسير القرآن جـ 1 ص 406 شرح آية 106 من سورة البقرة .

2 - أبو جعفر محمد الطوسي الملقب بشيخ الطائفة : إذ قال: النسخ في القرآن من أقسام ثلاثة : منها ما نسخ لفظه دون حكــمه كآية الرجم وهي قوله " والشيخ والشيخة إذا زنيا " ([351]) . التبيان في تفسير القرآن جـ 1 ص 13 مقدمة المؤلف وأيضا ص 394 شرح آية 106 سورة البقرة

3 - كمال الدين عبد الرحمن العتائقي الحلي ( من علماء المئة الثامنة ) :

إذ قال : المنسوخ على ثلاث ضروب : منها ما نسخ خطه وبقى حكمه فما روى من قوله " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله "

([352]). (الناسخ والمنسوخ ص 35 مؤسسة أهل البيت (ع) بيروت .)

4 - محمد علي : إذ قال أنواع المنسوخ ثلاثة : منها ما نسخ خطه وبقى حكمه كآية الرجم ([353]) .( لمحات من تاريخ القرآن ص 222 منشورات الأعلمي ) .

5 - وذكر الكليني آية الرجم في الكافي وقال محقق الكافي علي أكبرالغفاري نسخـت تلاوتها ([354]) .( الكافي جـ 7 ص 176 بالهامش دار الأضواء بيروت )

6 - محمد باقر المجلسي: صحح رواية آية الرجم التي بالكافي وقال وعدت هذه الآية مما نسخت تلاوتها دون حكمها ([355]).(مرآة العقول ج 23 ص 267)

وأيضاً الشطر الثاني من الرواية قوله تعالى " ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم " فإن هذه الآية مما نسخت تلاوته وقد أوردها السيوطي في الإتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه ([356]) (الإتقان جـ2 ص 720 )

وقد اعترف بهذا النسخ كبار علماء الشيعة ومنهم :-

1 - الشيخ أبو علي الفضل الطبرسي : إذ قال النسخ في القرآن على ضروب : منها أن يرفع حكم الآية وتلاوتها كما روي عن أبي بكر أنه قال كنا نقرأ " لا ترغبوا عن آباءكم فإنه كفر بكم " ([357])( مجمع البيان في تفسير القرآن شرح آية 106 من سورة البقرة )

2 - أبو جعفر الطوسي الملقب بشيخ الطائفة .. إذ قال كانت أشياء في القرآن ونسخت تلاوتها ومنها ( لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر ) ([358]). (التبيان جـ 1 ص 394 شرح آية 106 من سورة البقرة )

الرواية الثانية :وروت عمرة عن عائشة أنها قالت : كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن " .

أوردها الخوئي في كتاب البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن([359]). (البيان ص 204 .)

أوردها السيوطي في الإتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته وحكمه معاً ([360]). (الإتقان جـ1 ص 715 . )ونقول كما قال علماء المسلمين إن هذه الرضعات مما نسخ تلاوة وحكماً

وقد اعترف بهذا النسخ كبار علماء الشيعة ومنهم :-

1 - أبو جعفر الطوسي الملقب بشيخ الطائفة .إذ قال : قد نسخ التلاوة والحكم معاً مثل ماروي عن عائشة أنها قالت كان فيما أنزله الله عشر رضعات يحرمن ثم نسخن ([361]) .( التبيان جـ 1 ص 13 مقدمة المؤلف )

الرواية الثالثة :" بعث أبو موسى الأشعري إلى قراء أهل البصرة ، فدخل عليه ثلاثمئة رجل ،قد قرؤوا القرآن.فقال : أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم ، فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب العرب من كان قبلكم، وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني قد حفظت منها :لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب .

وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها ، غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ، فتكتب شهادة في أعناقكم ، فتسألون عنها يوم القيامة ".

أوردها الخوئي في البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن([362]) البيان ص 204 .

وأوردها السيوطي في روايتين منفصلتين في الإتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته

دون حكمه ([363]) (الإتقان جـ2 ص 719 . )

وقد اعترف بهذا النسخ كبار علماء الشيعة ومنهم .

1 - أبو على الطبرسي :إذ قال:جاءت أخبار كثيرة بأن أشياء كانت في القرآن فنسخ تلاوتها فمنها ماروي عن أبى موسى أنهم كانوا يقرؤون " لو أن لابن آدم واديين من مال لابتغى إليهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب) ثم رفع ([364]). مجمع البيان شرح آية 106 من سورة البقرة

2 - كمال الدين العتائقي الحلي إذ قال : ما نسخ خطه وحكمه هي " لو أن لابن آدم واديين من فضة لابتغى لهما ثالثاً ولو أن له ثالثاً لابتغى رابعاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب ([365]).( الناسخ والمنسوخ ص 34 . )

3 - أبو جعفر الطوسي إذ قال: كانت أشياء في القرآن ونسخت تلاوتها ومنها (لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله عن من تاب ثم رفع ) ([366]) .( التبيان جـ 1 ص 394 شرح آية 106 من سورة البقرة .. )

الرواية الرابعة :روى المسور بن مخرمة : " قال عمر لعبد الرحمن بن عوف : ألم تجد فيما أنزل علينا . أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة .فإنا لا نجدها . قال : أسقطت فيما أسقط من القرآن "

أورد هذه الرواية الخوئي في كتابه البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن

([367]) .( البيان ص 204 .)

وأوردها السيوطي في الإتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوتها دون حكمه[368] (الإتقان جـ2 ص 720 .)

ونقول كما قال علماء المسلمين فإن قول الراوي أسقطت فيما أسقط من القرآن أي نسخت تلاوتها في جملة ما نسخت تلاوته من القرآن .

الرواية الخامسة : روى أبو سفيان الكلاعي : أن مسلمة بن مخلد الأنصاري قال لهم ذات يوم : " أخبروني بآيتين في القرآن لم يكتبا في المصحف ، فلم يخبروه ، وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك ، فقال ابن مسلمة : إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا أنتم المفلحون ، والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون " أوردها الخوئي في كتابه البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن([369]) . (البيان ص 205 )

وأوردها السيوطي في كتابه الإتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوتـــه دون

حكمه ([370]). (الإتقان جـ2 ص 721 .)

RRRRR 17-07-2002 05:24 PM

الرواية السادسة :وروى زر .قال : قال أبي بن كعب يا زر:" كأين تقرأ سورة

الأحزاب قلت : ثلاث وسبعين آية . قال : إن كانت لتضاهي سورة البقرة ، أو هي أطول من سورة البقرة ..." .

أوردها الخوئي في كتابه البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن ([371]) (البيان ص 204 . )

وأوردها السيوطي في الإتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه[372] (الإتقان جـ2 ص 718 .)

وقد اعترف بهذا النسخ كبار علماء الشيعة منهم :

1 - الشيخ أبو علي الطبرسي : إذ قال : ... ثالثا أن يكون معنى التأخير أن ينـزل القرآن فيعمل به ويتلى ، ثم يؤخر بعد ذلك بأن ينسخ فيرفع تلاوته البتة ويمحى فلا تنسأ ولا يعمل بتأويله مثل ما روي عن زر بن حبيش أن أبيا قال له كم تقرؤون الأحزاب ؟ قال بضعاً وسبعين آية ، قال قد قرأتها ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أطول من سورة البقرة ([373]) (مجمع البيان جـ 1 ص 409 شرح آية 106 من سورة البقرة )

2 - أبو جعفر الطوسي : إذ قال : وقد جاءت أخبار متضافرة بأنه كانت أشياء في القرآن نسخت تلاوتها وعددها وذكر منها أن سورة الأحزاب كانت تعادل سورة البقرة في الطول ([374]). (التبيان جـ 1 ص 394 شرح آية 106 من سورة البقرة .)

الرواية السابعة : عن أنس في قصة أصحاب بئر معونة الذين قتلوا ، وقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على قاتليهم - قال أنس : ونزل فيهم قرآناً قرأناه حتى رفع :" أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا " أوردها الشيعي رسول جعفريان في كتابه أكذوبة التحريف متهما أهل السنة بالطعن في القرآن ([375]) .( أكذوبة التحريف ص 47 )

هذه الرواية أوردها السيوطي في الإتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون

حكمه([376])( الإتقان جـ2 ص 720 .)

ونقول كما قال علماء المسلمين أن المقصود في كلمة" حتى رفع " أي حتى نسخ تلاوته .

وقد قال بالنسخ هنا كبار علماء الشيعة فمنهم :

1 - أبو علي الطبرسي .إذ قال : جاءت أخبار كثيرة بأن أشياء في القرآن نسخ تلاوتها منها عن أنس أن السبعين من الأنصار الذين قتلوا ببئر معونة قرأنا فيهم كتابا بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا ، ثم إن ذلك رفع ([377]).( مجمع البيان جـ 1 ص 406 شرح آية 106 من سورة البقرة )

2 - أبو جعفر الطوسي : إذ قال كانت أشياء في القرآن نسخت تلاوتها ، ومنها (عن أنس بن مالك أن السبعين من الأنصار الذين قتلوا ببئر معونة : قرأنا فيهم كتابا - بلغوا عنا قومنا أن لقينا ربنا ، فرضي عنا وأرضانا ، ثم أن ذلك رفع ([378]) .( انظر التبيان جـ1 ص 394 شرح آية 106 سورة البقرة.)

الرواية الثامنة : وروت حميدة بنت أبي يونس . قالت : " قرأ علي أبي - وهو ابن ثمانين سنة - في مصحف عائشة : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ، وعلى الذين يصلون الصفوف الأول . قالت : قبل أن يغير عثمان المصاحف " .

أوردها الخوئي في البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن ([379]).( البيان ص 203 .)

وأوردها السيوطي في الإتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه ([380]). (الإتقان جـ2 ص 718 .)

نقول أن الزيادة " وعلى الذين يصلون الصفوف الأول " منسوخة التلاوة وكانت موجودة قبل أن يجمع عثمان الناس على مصحف واحد لأن عثمان حذف من القرآن منسوخ التلاوة ، وتعتبر أيضا قراءة شاذة لأنها ليست متواترة .

الرواية التاسعة : ما جاء في سورتي الخلع والحفد في مصحف ابن عباس وأبي بن كعب : "

اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكافرين ملحق " .

أوردها الخوئي في البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن ([381]). (البيان ص 205 .)

وقد أوردها السيوطي تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه ([382]) (الإتقان جـ2 ص 721. )

وقال السيوطي قال الحسين بن المنادي في كتابه " الناسخ والمنسوخ " ومما رفع

رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه سورتا القنوت في الوتر وتسمى سورتي الخلع والحفد ( أي أن هاتين السورتين نسخت تلاوتهما ) .

الرواية العاشرة : قال أبو عبيد : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن نافع عن ابن عمر قال : لا يقولن أحدكم: قد أخذت القرآن كله ، وما يدريه ما كله قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل :قد أخذت منه ما ظهر

أوردها الخوئي في البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن ([383]) (البيان ص 203 )

وقد أوردها السيوطي في الإتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه

[384]( الإتقان جـ2 ص 718 )

ونقول كما قال علماء المسلمين أن المقصود في " ذهب منه قرآن كثير " أي ذهب بنسخ تلاوته .

الرواية الحادية عشر: روى عروة بن الزبير عن عائشة قالت : " كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مئتي آية ، فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن " .

أوردها الخوئي في البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن ([385]) (البيان ص 203 )

وقد أوردها السيوطي في الإتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه ([386])، (الإتقان جـ2 ص 718)

ونقول أن سورة الأحزاب كانت طويلة ونسخت منها آيات كثيرة باعتراف العالمين الكبيرين الشيعيين الطوسي والطبرسي راجع رواية رقم 6 .

والمقصود في " فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن " أي

عندما جمع عثمان الناس على مصحف واحد لم يكتب منسوخ التلاوة وبالطبع فإن سورة الأحزاب كانت أطول مع الآيات المنسوخة وحين حذفت منها الآيات المنسوخة قصرت السورة وهي الموجودة الآن وهي متواترة بتواتر القرآن .

الرواية الثانية عشرة: قال الخوئي : أخرج الطبراني بسند موثق عن عمر بن الخطاب مرفوعا : " القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف ".

أوردها الخوئي في البيان متهما أهل السنة بالطعن في القرآن ([387])

( البيان ص 202.)

نقول هذه رواية مكذوبة على عمر رضي الله عنه ([388]) (ضعيف الجامع للألباني رقم الرواية 4133 )

الرواية الثالثة عشرة : أخبرنا عبد الرازق عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال : سمعت بجالة التميمي قال : وجد عمر بن الخطاب مصحفا في حجر غلام في المسجد فيه : " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أبوهم"

هذه الرواية أوردها الشيعي رسول جعفريان في كتابه أكذوبة تحريف القرآن قد تغير عنوان هذه الكتاب إلى اسم ( القرآن ودعاوى التحريف) متهما أهل السنة بالطعن في القرآن ([389]) (أكذوبة التحريف ص 49 )

ونقول إن كلمة " وهو أبوهم " هي نسخ تلاوة وتعتبر من القراءات الشاذة ، وقد اعترف بهذه القراءة الشاذة كبار علماء الشيعة ومنهم :-

1 - محسن الملقب بالفيض الكاشاني : في كتابه تفسير الصافي

إذ قال " عن الباقر والصادق عليهما السلام أنهما قرءا وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم ([390]).( تفسير الصافي جـ4 ص 164 تفسير آية " النبي أولى...." سورة الأحزاب )

2 - العالم الشيعي محمد الجنابذي الملقب بسلطان علي شاه عندما فسر آية " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه وأمهاتهم " قال قرأ الصادق ( هاهنا : وهو أب لهم )([391]) . (بيان السعادة في مقامات العبادة جـ3 ص 230 .)

3 - المفسر الكبير علي بن إبراهيم القمي في تفسيره الآية " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه وأمهاتهم " قال نزلت وهو أب لهم وأزواجه وأمهاتهم" الأحزاب([392]) (تفسير القمي جـ2 ص 176 )

الرواية الرابعة عشرة : عن عروة قال : كان مكتوب في مصحف عائشة " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر" .

أوردها الشيعي رسول جعفريان في كتابه أكذوبة التحريف متهما أهل السنة

بالطعن في القرآن ([393]). (أكذوبة التحريف ص 43)

ونقول إن " صلاة العصر " مما نسخ تلاوته وتعتبر من القراءات الشاذة غير

المتواترة ، وقد ذكر هذه القراءة الشاذة كبار علماء الشيعة فمنهم :

1 - علي بن إبراهيم القمي في تفسيره إذ قال : عن أبى عبد الله عليه السلام انه قرأ " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر وقوموا لله قانتين " ([394]). (تفسير القمي جـ1 ص 106 تفسير آية 238 البقرة )

2 - المفسر الكبير هاشم البحراني في تفسيره إذ قال : وفي بعض القراءات

" حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " ([395]).( تفسير البرهان جـ1 ص 230 آية 238 البقرة )

3 - العلامة محسن الملقب بالفيض الكاشاني في تفسيره قال " عن القمي عن الصادق (ع) أنه قرأ (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) ([396]).( تفسير الصافي جـ1 ص 269 آية 238 البقرة )

4 - المفسر العياشي محمد بن مسعود في تفسيره روى عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر قال قلت له الصلاة الوسطى فقال (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) ([397]).( تفسير العياشي جـ1 آية 238 البقرة )

RRRRR 17-07-2002 05:25 PM

الرواية الخامسة عشرة : حدثنا قبصة بن عقبة ... عن إبراهيم بن علقمة قال : " دخلت في نفر من أصحاب عبد الله الشام فسمع بنا أبو الدرداء فأتانا فقال : أفيكم من يقرأ؟ فقلنا : نعم . قال : فأيكم ؟ فأشاروا إلي ، فقال : اقرأ ، فقرأت : " والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى " قال : أنت سمعتها من في صاحبك قلت نعم ، قال : وأنا سمعتها من في النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهؤلاء يأبون علينا " .

أوردها رسول جعفريان في كتابه أكذوبة تحريف القرآن متهما أهل السنة بالطعن في القرآن ([398]). (أكذوبة التحريف ص 46)

وهذه القراءة تعتبر شاذة وغير متواترة والمتواتر هي" وما خلق الذكر والأنثى"([399])( انظر كتاب صفحات في علوم القراءات لأبى طاهر عبد القيوم السندي ص 90 المكتبة الإمدادية)ويقال لها قراءة عن طريق الآحاد ([400 ]( انظر الإتقان للسيوطي جـ1 ص 240) وقد قال المفسر الشيعي الكبير أبو علي الطبرسي في كتابه مجمع البيان في تفسير سورة الليل " في الشواذ قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وقراءة علي بن أبي طالب (ع) وابن مسعود وأبي الدرداء وابن عباس " والنهار إذا تجلى وخلق الذكر والأنثى" بغير "ما" ، وروي ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام .

وهذا اعتراف من المفسر الشيعي الكبير أنه توجد قراءة شاذة تنقص من الآية حرف "ما" وبالتالي فإن القراءة إن كانت شاذة فلا يهم إن غيرت حرف أو حرفين أو كلمة أو كلمتين . فإنها تكون قراءة شاذة أي ليست متواترة ولا تكون من القرآن المجمع عليه من الصحابة حين جمعه عثمان رضي الله عنه .

الرواية السادسة عشرة : حدثنا أبان بن عمران قال : قلت لعبد الرحمن بن أسود إنك تقرأ " صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين

أوردها رسول جعفريان في كتابه أكذوبة تحريف القرآن متهما أهل السنة بالطعن في القرآن([401]) (أكذوبة التحريف ص 38 )

وقد اعترف بهذه القراءة الشاذة مفسرو الشيعة ومنهم :-

1 ) محمد بن مسعود العياشي : قال في تفسيره عن ابن أبي رفعه في( غير المغضوب عليهم ، وغير الضالين ) وهكذا نزلت ، وعلق عليها معلق الكتاب السيد / هاشم المحلاتي وقال أن ( غير الضالين ) اختلاف قراءات ([402]) (تفسير العياشي جـ1 ص 38 )

2 ) علي بن إبراهيم القمي في تفسيره ([403]) .( تفسير القمي جـ1 ص 58 )

الرواية السابعة عشرة : عن ابن مسعود أنه حذف المعوذتين من مصحفه وقال إنهما ليستا من كتاب الله .

أوردها الشيعي رسول جعفريان في كتابه أكذوبة التحريف متهما أهل السنة بالطعن في القرآن ([404]) .( أكذوبة التحريف ص 48 )

والرد على هذه الشبهة من عدة أوجه :

1 - لم ينكر ابن مسعود كون المعوذتين من القرآن وإنما أنكر إثباتهما في المصحف لأنه يرى أن لا يكتب في المصحف إلا ما أذن به رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله لم يأذن بهما .

2 - المعوذتان أنكرهما ابن مسعود قبل التواتر لأن التواتر لم يثبت عنده .

3 - إن ابن مسعود إنما أنكر المعوذتين أن يكونا من القرآن قبل علمه بذلك فلما علم رجع عن إنكاره بدليل أن القرآن الكريم الموجود بين أيدينا من رواية أربعة من الصحابة هم : عثمان وعلي وأبي بن كعب وابن مسعود وفيه المعوذتان

4 - كان ابن مسعود يرى أن المعوذتين رقية يرقى بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين مثل قوله أعوذ بكلمات الله التامات ، وغيرها من المعوذات ولم يكن يظن أنهما من القرآن . اهـ

سلوى 18-07-2002 02:03 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخي في الله RRRRR جزاك الله الجنه واسال الله تعالى ان يجعل ماكتبته في ميزان حسناتك

لكن الجاهل المحتال ليس بمستوى فهمه الناسخ المنسوخ وسنفتح موضوع جديد لمن يبحث عن الحقيقة وسنتكلم فيه ونورد ادله بإذنه تعالى



شالتيل لابأس لاتحب هذا الاسلوب !!! الله المستعان

على العموم انا سأبحث بإذن الله تعالى وسأرد عليك فيما أوردته ولو بعد حين فأنتظرني بمشيئة الرحمن

لكن ليتك تلتفت قليلاً للنصوص التي أوردتها لك من أقوال علمائكم عن تحريف القرآن!!!!!!!!


---------------------------------------------------------
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

شيوعيون ولكنهم يؤمنون بولاية علي بن أبي طالب - استمع إلى ميرزا الحائري(صوت وصوره)!!!!الحمد لله على نعمة التوحيد

http://www.ansar.org/video/aliall.rm

FATIMA..2 18-07-2002 07:01 AM

من الاتهامات التي يتبجح بها الكثير من أبناء السنة والتي لطالما ملئت كتبهم ، هو ادعائهم بكون الإمامية يقولون بتحريف القران الكريم و لقد رد علماء الإمامية هذه الافتراءات، بل لا يوجد كتاب شيعي في العقائد إلا و تناول هذا الموضوع مبرئاً ساحتنا من القول بالتحريف. و لكن الشيء العجيب و الملفت للنظر، أن هذا الاتهام ما زال يُطرح... ] فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا[([1])

نعم يمكن أن يُطرح هذا الادعاء لمن يؤمن بالتوراة و الإنجيل ، لأن الله سبحانه و تعالى قد أوكل حفظ هذه الكتب السماوية إلى الناس. قال تعالى عن علماء اليهود و النصارى ] بما استُحفظوا من كتاب الله و كانوا عليه شهداء[([2]) لهذا وقع التحريف فيها، أما القران الكريم فقد تكفل الله سبحانه و بحفظه ، قال تعالى ]إنّا نحن نزّلنا الذكر و إنّا له لحافظون[([3])

لهذا فهو مصون من التحريف ، و المذهب الإمامي قائم على الاعتقاد بعصمة القران من التحريف. و إن القرآن الذي بين أيدينا اليوم ، هو نفسه الذي نزل على رسول الله(صلى الله عليه وآله) بلا نقص و لا زيادة و لا تحريف.

إذاً فالقران الكريم ، هو المصدر الأول للتشريع ، و قد حفظه الله تعالى إلى يوم الدين ، و هو عصب الأمة الإسلامية ، و تتفق جميع المذاهب على وحدانيته في مختلف الديار و الأمصار

فبعد هذا كله لابد من حدّ لهذا الاتهام. و إن صح ما يقولون ، فأين هذا القران ، و لماذا لا يطّلع عليه الإنس و الجن بل و حتى على نسخه واحدة.

فلماذا هذا الافتراء... و أين نحن من قوله تعالى ]لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد[([4])

ولكن هناك من يحاول أن يتصيد في الماء العكر قاصداً الفرقة بين المسلمين بذريعة الدفاع عن القران الكريم ، فينهال على المذهب الإمامي بشتى أنواع التشويه من دون دليل يركن إليه. و لو أن هؤلاء أتبعوا سنة رسول الله(صلى الله عليه وآله) في المحاورة و المناظرة لكان ذلك اقرب إلى التفاهم و جذب القلوب. و لكنهم خالفوا السنة لهذا كان سلاحهم السب و الشتم و الاتهام الباطل. و مسألة التعريف المدعى من قبلهم هو من جمله الاتهامات المنسوبة إلى المذهب. مع أن القول بتحريف القران هو قول الحشوية من الفريقين.

و المتّبع لروايات التحريف من كتب أهل السنة و الشيعة ليجد أن روايات التحريف في كتب أهل السنة مما لا يحصى عددها، و هي تروى في اصح الكتب بعد القران عندهم. و لا يمكن طرحها أو تكذيبها. و هذا بخلاف ما يروى في كتب الشيعة من روايات التحريف فهي روايات شاذة و أخبار أحاد لا تفيد علماً و لا عملا ، و قد طرحها علماء الشيعة بل كذّبوها. و ستناول من خلال البحث ما يكشف عن ذلك من خلال ما ورد في كتاب الصحيحين (البخاري و مسلم) حيث اجمع علماء أهل السنة على صحة رواياتها. و بناءاً على ذلك سنورد على جنابكم الكريم ما جاء في صحاح و أسانيد علماء أهل السنّة عن وقوع التحريف في القرآن الكريم.

أهل السنّة و تحريف القرآن؟

*قال السيوطي : و اخرج عبد الرزاق عن الثوري قال: بلغنا أن ناساً من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)كانوا يقرءون القرآن أصيبوا يوم مسيلمة فذهبت حروف من القران.([5])

*قال ابن عبد البر الأندلسي : عن مجاهد قال: كانت سورة الأحزاب مثل سورة البقرة أو أطول و لقد ذهب منه قران كثير و لم يذهب منه حلال و لا حرام.([6])

*محمد بن مسلم بن شهاب الزهري: قال أبو بكر بن أبي داود ، حدثنا أبو الربيع: اخبرنا ابن وهب، قال اخبرني يونس عن ابن شهاب قال: بلغنا أنه كان أنزل قران كثير، فقتل علماؤه يوم اليمامة الذين كانوا قد وعوه، و لم يعلم بعدهم و لم يكتب.([7])

أوردنا على جنابكم جملة من بعض أقوال أئمة أهل السنّة و علمائهم المعتمدين في صريح وقوع التحريف.

أما الآيات و السور التي وقع فيها التحريف كما ذكرت في الصحاح و الأسانيد فإليك بعضاً منها:

1ـ سوره الليل (و الليل إذا يغشى و النهار إذا تجلى و الذكر و الأنثى)([8]) و في القران وردت ] و ما خلق الذكر و الأنثى[

2ـ آية الرضا (بلغوا قومنا فقد لقينا ربنا فرضى عنا و رضينا عنه)([9]) و هذه الآية لا وجود لها في القران.

3ـ عن الخليفة عمر انه قال ، و هو على المنبر: إن الله بعث محمد(صلى الله عليه وآله) بالحقّ و أنزل عليه الكتاب، فكان ممّا أنزل عليه (آيه الرجم) فقرأناها و عقلناها، و وعيناها و رجم رسول الله(صلى الله عليه وآله) و رجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان ، أن يقول قائل و الله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله. و الرجم في كتاب الله حق على من زنا إذا أحصن من الرجال و النساء إذا قامت البيّنة أو كان الحبل و الاعتراف على من زنى إذا أحصن من الرجال أو النساء إذا قامت البينة ثم أنّا كنّا نقرأ من كتاب الله (إن لا ترغبوا عن آبائكم فانه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم) أو (إن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم)([10])

4ـ عن عائشة أنها قالت : كان فيما انزل من القرآن: عشر رضعات معلومات فتوفى رسول الله(صلى الله عليه وآله) و هنّ فيما يُقرأ من القرآن. ([11])

5ـ آيه لو كان لأبن آدم واديان (لو كان لأبن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثا و لا يملا جوف ابن آدم إلا التراب).([12])

6ـ عدد حروف القران: عن الخليفة عمر قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) القران ألف ألف حرف و سبعه و عشرين ألف حرف.([13]) مع أن السيوطي روى عن ابن عباس انه قال: و جميع حروف القران ثلاثمائة ألف حرف و ثلاثة و عشرون ألف حرف و ستمائة حرف و واحد و سبعون حرفا. فلو كان الأمر كما يزعم الخليفة عمر، لكان النقصان قد طرأ على اكثر من ثلثي القران.

هذه صورة مختصرة لما جاء في كتب أهل السنّة من السور و الآيات التي وقع فيها التحريف ، ذكرنا منها على سبيل المثال لا الحصر. و قد اعرضنا عما يقرب الخمسين رواية، طلباً للاختصار.

أما ما يزعمه البعض من أن الشيعة تذهب إلى القول بتحريف القران ، فهو كما قلنا، اتهام باطل و لقد ردّه علماء الشيعة. و إليك أقوال أكابر علماء الشيعة الإمامية في نفي التحريف.

1- قال الشيخ الصدوق(المتوفى 381 هـ) : اعتقادنا في القران الكريم الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد-ص- هو ما بين الدفتين، و هو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك. و من نسب إلينا أنّا نقول أنه اكثر من ذلك فهو كاذب.([14])

2ـ قال الشيخ المفيد (المتوفى 413هـ): و أما النقصان فقد قال جماعة من أهل الإمامة انه لم ينقض من كلمة و لا من آية ولا من سورة… و أما الزيادة فيه فمقطوعٌ بفسادها.([15])

3ـ قال الشيخ الطوسي (المتوفى 460هـ) : و أما الكلام في زيادة القرآن و نقصه فما لا يليق به ، لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها، و أما النقصان فالظاهر من مذهب المسلمين خلافه، و هو الأليق بالصحيح من مذهبنا ، و هو الذي نصره المرتضى، و هو الظاهر في الروايات.([16])

4ـ قال الطبرسي :أما الزيادة في القران فجمع على بطلانها، و أما النقيصة فروى جماعة من أصحابنا و قوم من الحشوية العامة أن في القران نقصاً. و الصحيح من مذهبنا خلافه. و هو الذي نصره المرتضى.([17])

5ـ و قال المرجع الكبير السيد أبو القاسم الخوئي : و قد تبيّن للقارئ مما ذكرناه أن حديث تحريف القرآن حديث خيالي لا يقول به إلا من ضعُف عقله، أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل ، أو من ألجأه إليه حب القول به، و الحب يعمى و يصم، أما العاقل المُنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه.([18])

هذه خمسة أقوال لكبار علماء المدرسة الإمامية . و هي غيض من فيض لا يسع المقام إلى ذكرها تُثبت عدم التحريف ، و أن القرآن هو الكتاب الموجود بين أيدينا هو عينه الذي أنزله الله تعالى على نبيّنا محمد(صلى الله عليه وآله) و لقد كان الأئمة(عليهم السلام) يوصون شيعتهم بعرض رواياتهم على القرآن، فان وافقت القران اخذ بها وإلا وجب الإعراض عنها. كما أن الإمام علي(عليه السلام) كان دائماً يقول « فاسألوني في كتاب الله» و كتاب الله في ذلك الوقت هو الكتاب الذي بأيدينا من غير زيادة و لا نقيصة.

ثم يا حبذا لو أن الإنسان يأتي و يطلع بنفسه على جميع بيوت الإمامية ، كي يبحث عن القرآن (المزعوم) الذي يؤمن به الإمامية!! فماذا يا ترى يجد؟ سوف يجد في كل بيت قرآن أو قرآنين أو أحيانا على عدد أفراد الأسرة ، كلهم يتلون هذا القرآن الكريم الذي لا نقص فيه و لا تحريف ، و هو قرآن كل المسلمين.





======================

[1]- النساء/ 78.

[2]- المائدة/ 44.

[3]- الحجر/ 9.

[4]- فصّلت/ 42.

[5]- السيوطي ، الدر المنثور، ج 5، ص 345، ط 1، بيروت، دار الكتب العلمية، 1411هـ .1990م.

[6]- السيوطي ،الإتقان في علوم القران، ج 1، ص 205، ط 1 بيروت ـ دار ابن كثير، 1407 هـ 1987م.

[7]- أبو بكر ابن أبي داود, المصاحف، ص 31 دار الكتب العلمية.

[8]- صحيح البخاري، ج 6، ص 561، ط 1، بيروت، دار القلم، 407 هـ .1987م.

[9]- نفس المصدر، ج 8، ص 586.

[10]- صحيح البخاري ، كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنا، ج 8، ص 28 دار القلم. مستدرك الحاكم، ج 2، ص 415.

[11]- صحيح مسلم، كتاب الرضاع، ج 4، ص 167 (دار الفكر).

[12]- صحيح مسلم، ج 2، ص 726 ، بيروت، دار الفكر، 1403هـ1983م.

[13]- تفسير الدر المنثور، ج 6، ص 725 ، بيروت، دار الكتب العلمية.

[14]- رسالة الاعتقاد.

[15]- أوائل المقالات، ص 55.

[16]- مقدمه تفسير مجمع البيان، ص 3.

[17]- نفس المصدر.

[18]- تفسير البيان، راجع ص 195ـ236.



==========================




و ختاماً نسأل اللّه عز وجل أن يهدينا و إياكم سواء السبيل و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

FATIMA..2 18-07-2002 08:01 AM

معنى التحريف



التحريف لغةً :
حرف الشيء : طرفه وجانبه ، وتحريفه : إمالته والعدول به عن موضعه إلى طرفٍ أو جانب . قال تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ الله عَلَى حَرْفٍ) . (الحج 22: 11) قال الزمخشري : أي على طرفٍ من الدين لافي وسطه وقلبه ، وهذا مثلٌ لكونهم على قلقٍ واضطرابٍ في دينهم ، لاعلى سكونٍ وطمأنينة (1).

التحريف اصطلاحاً :
أمّا التحريف في الاِصطلاح فله معانٍ كثيرة :
منها : التحريف الترتيبي : أي نقل الآية من مكانها إلى مكان آخر ، سواء كان هذا النقل بتوقيف أو باجتهاد ، فلا خلاف في وقوعه ، إذ كم من آية مكّية بين آيات مدنيّة ، وبالعكس .
ومنها : التحريف المعنوي : ويراد به حمل اللفظ على معانٍ بعيدة عنه لم ترتبط بظاهره ، مع مخالفتها للمشهور من تفسيره ، وهذا النوع واقع في القرآن ، وذلك عن طريق تأويله من غير علم ، وهو محرّم بالاِجماع


========
(1) الكشاف 3 : 146 .

========

لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : « من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار (1)« وهو من التفسير بالرأي المنهي عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « من فسَّر القرآن برأيه وأصاب الحق فقد أخطأ (2)« وهذا المعنى منحدر عن الاَصل اللغوي لتحريف الكلام .

ومنها : التحريف اللفظي ، وهو على أقسام :
منها : التحريف بالزيادة والنقصان ، وهو على ثلاثة أنحاء :
أ ـ تحريف الحروف أو الحركات ، وهذا راجع إلى القراءات القرآنية ، وهو باطل إلاَّ في ألفاظ قليلة كقراءة قوله تعالى : ( وَامْسَحُواْ بِرُؤُسِكُمْ وَأرْجُلَكُمْ) (3)بكسر لفظة الاَرجل ونصبها ، وغيرها ممّا لم يخالف أُصول العربية وقراءة جمهور المسلمين ، وورد به أثر صحيح .
ب ـ تحريف الكلمات ، وهو إمَّا أن يكون في أصل المصحف ، وهو باطل بالاِجماع ، وإمَّا أن تكون زيادة لغرض الاِيضاح لما عساه يشكل في فهم المراد من اللفظ ، وهو جائز بالاتفاق .
ج ـ تحريف الآيات أو السور ، وهو باطل بالاِجماع (4).
1 ـ التحريف بالزيادة : بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بين أيدينا


==========
(1) التبيان للطوسي 1 : 24 ، الاِتقان للسيوطي 4 : 210 .
(2) التبيان للطوسي 1 : 4 .
(3) المائدة 5 : 6 .
(4) توجد أنحاء أُخر من التحريف راجعة ـ بشكل أو بآخر ـ إلى ما ذكرناه . أُنظر : البيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي : 215 .

-=========


ليس من الكلام المنزل ، والتحريف بهذا المعنى باطلٌ بإجماع المسلمين ، بل هو ممّا عُلِم بطلانه بالضرورة ، لاَنّه يعني أنّ بعض مابين الدفّتين ليس من القرآن ، ممّا ينافي آيات التحدّي والاعجاز ، كقوله تعالى : ( قُل لئنِ اجتَمَعَتِ الاِنسُ والجِنُّ عَلَى أن يأتُوا بمِثْلِ هَذا القُرْآنِ لا يأتُونَ بِمِثْلِهِ وَلوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ) (1)(‎لإسراء17: 88).

2 ـ التحريف بالنقص : بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بين أيدينا لايشتمل على جميع القرآن الذي نزل من السماء ، بأنْ يكون قد ضاع بعض القرآن على الناس إمّا عمداً ، أو نسياناً ، وقد يكون هذا البعض كلمةً أو آية أو سورة ، والتحريف بهذا المعنى هو موضوع البحث حيثُ ادّعى البعض وقوعه في القرآن الكريم استناداً إلى أحاديث هي بمجملها إمّا ضعيفة سنداً ، أو مؤولة بوجهٍ يُخْرِجها عن إفادة ذلك ، وإلاّ فهي أحاديثٌ وأخبارٌ مدسوسةٌ وباطلةٌ ، قد أعرض عنها محققو المسلمين على مرّ العصور ، على ما سيأتي بيانه في ثنايا هذا البحث .

FATIMA..2 18-07-2002 08:05 AM

و أيضاً........






معنى القول بتحريف القرآن ::. يطلق هذا التعبير على ادعاء التحريف اللفظي او التحريف المعنوي , او كليهما.
واهم اقسام التحريف اللفظي :. 1 ــ القول بوجود نقص في القرآن , اي كلمات او آيات او سور انزلها اللّه تعالى , وكانت جزء منه , ثم ضاعت او حذفت منه لسبب وآخر.
2 ــ القول بوجود زيادة في القرآن , اي كلمات او آيات او سور لم ينزلها اللّه تعالى , ثم اضيفت الى القرآن لسبب وآخر.
3 ــ القول بوجود الزيادة والنقصان معا في القرآن .
4 ــ الـقـول بـان الـقـرآن نـزل من عند اللّه تعالى باكثر من نص , ولم ينزل بنص واحد, بل نزل بـالـقراءات السبع او العشر , او بكل لغات العرب فهي جميعا قرآن منزل من عند اللّه تعالى , لانها مروية عن النبي صلى اللّه عليه وآله , او مجازة منه , او من صحابته .
5 ــ الـقـول بـان الـقرآن نزل من عند اللّه تعالى بالمعنى لا بالالفاظ صـيـغة , فيجوز قراءته بالمعنى بشرط ان يكون بالفاظ عربية وان لا يغير القارئ معانيه الاساسية كان يجعل العذاب مغفرة والمغفرة عذابا 6 ــ الـقـول بـان القرآن الذي انزله اللّه تعالى على رسوله محمد صلى اللّه عليه وآله كتاب آخر غير هذا الموجود بايدي المسلمين , وانكار هذا القرآن الموجود والعياذ باللّه واهم اقسام التحريف المعنوي :. 1 ــ تاويل القرآن تبعا للّه وى والاغراض الدنيوية , وهو التاويل الذي اخبر النبي صلى اللّه عليه وآلـه انـه سيقع في امته , فقد روى السنة والشيعة روايات صحيحة ان النبي اخبر بان عليا سوف يـقـاتـل قـريـشا على تاويل القرآن , كما قاتلهم النبي على تنزيله كما في الترمذي ج 5 ص 298 وصححه , والحاكم ج 3 ص 122 وج 4 ص 298 وصححهما على شرط الشيخين , واحمد ج 3 ص 82 وقـال الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 133 ( رواه احمد ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة ).
2 ــ تـفـسـيـر الـقرآن خارج الضوابط التي عينها النبي صلى اللّه عليه وآله , وهي ضوابط في المفسر وفي منهج التفسير وقد ثبت بحديث اني تارك فيكم الثقلين ان النبي صلى اللّه عليه وآله عين عـتـرتـه مفسرين شرعيين للقرآن , فلا يجوز تجاوز تفسيرهم , كما ثبت تحريم تفسير القرآن بالظنون والترجيحات والاحتمالات .
فالتفسير غير الشرعي ان كان عن هوى دنيوي دخل في التاويل , والا فهو منهج خاطئ في تفسير كتاب اللّه تعالى , وفي كلا الحالتين يصح ان يسمى تحريفا لمعانيه .
( (.
امـا الـتـاويـل الـصـحـيح فليس تحريفا ولا تاويلا مذموما , بل هو علم الكتاب المخصوص باهله الـراسـخين في العلم , الذين آتاهم اللّه تعالى الكتاب والحكمة وعلمهم تاويل الاحاديث وهم عندنا عـترة النبي صلى اللّه عليه وآله الذين نص عليهم واختلف اخواننا السنة في تحديد الراسخين في الـعلم الذين عندهم علم الكتاب , فادعاه بعضهم لبعض الصحابة , ونفى بعضهم وجودهم في الامة , حـتـى انـه لما راى ان قوله تعالى قل كفى باللّه شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب لا يمكن تـفسيرها بغير علي , حرف الية وقرا ( من ) فيها بالكسر , فقال ( ومن عنده علم الكتاب ) ليكون المعنى : وعند اللّه علم الكتاب .
معنى المصادر المعتمدة ::. يـخـتلف معنى المصادر المعتمدة في الحديث والتفسير والتاريخ والفقه عندنا عن معناه عند اخواننا الـسـنـة , فـروايات مصادرنا المعتمدة وفتاواها جميعا قابلة للبحث العلمي والاجتهاد عندنا ولكل روايـة فـي هـذه المصادر او راي او فتوى , شخصيتها العلمية المستقلة , ولابد ان تخضع للبحث العلمي .
امـا اخـوانـنا السنيون فيرون ان مصادرهم المعتمدة فوق البحث العلمي , فصحيح البخاري عندهم كتاب معصوم , كله صحيح من الجلد الى الجلد , بل اصح كتاب بعد كتاب اللّه تعالى , ورواياته قطعة واحـدة , فاما ان تاخذها وتؤمن بها كلها , او تتركها كلها وبمجرد ان تحكم بضعف رواية واحدة من الـبـخـاري فـانـك ضعفته كله , وخرجت عن كونك سنيا وصرت مخالفا للبخاري , ولاهل السنة والجماعة ويـنتج عن هذا الفرق ان الباحث الشيعي يمكن ان يبحث جديا في رواية من كتاب الكافي , ويتوصل الـى الـتـوقـف فـي سندها, او الى الاعتقاد بضعف سندها , فلا يفتي بها , ولا يضر ذلك في ايمانه وتشيعه بينما السني محروم من ذلك , وان فعل صدرت فيه فتاوى الخروج عن مذاهب اهل السنة , وقد يتهم بالرفض ومعاداة الصحابة وينتج عنه ان الباحث اذا وجد رواية في تحريف القرآن في البخاري فان من حقه ان يلزم السني بان الاعتقاد بتحريف القرآن جزء من مذهبه الـشـيـعـي بـانـها جزء من مذهبه حتى يساله : هل تعتقد بصحتها ام لا ؟ او هل يعتقد مرجع تقليدك بصحتها ام لا ؟ فان اجابه نعم , الزمه بها, والا فلا.
.
الصيغة العلمية لـ ( التهمة )::. صار بامكاننا الن ان نضع صيغة علمية للتهمة , وذلك بان نسال هذا الكاتب وامثاله :.
ــ ماذا تقصد بقولك : ان الشيعة يعتقدون بتحريف القرآن فهم غير مسلمين ؟.
ــ اقصد التحريف اللفظي طبعا , وليس المعنوي .
ــ حسنا , اي اقسام التحريف اللفظي تقصد ؟.
ــ القول بنقص القرآن , وانه حذف منه آيات نزلت في مدح اهل البيت وذم مخالفيهم .
ــ اذن روايات التهمة كلها تدور حول ان نسخة القرآن الفعلية ناقصة , فهل رايت نصا في مصادرنا يقول بزيادة سورة او كلمة في القرآن الموجود ؟.
ــ كلا , لم ار نصا يقول بذلك .
ــ الـحـمـد للّه عـلـى انه لا توجد في مصادر الشيعة روايات تدعي الزيادة في القرآن , فالقرآن الـموجود محل اتفاق , والروايات التي هي محل الكلام تدعي وجود اضافة لما هو موجود هذا هو تحديد التهمة .
وان من ابسط اصول العدالة اذا وجه اليك اخوك تهمة ما , ان تقول له : انظر ايها الاخ الى نفسك فان رايت نفس التهمة موجودة فيك , فكن انت الحكم , واصدر الحكم علي بما تصدره على نفسك لـذا نـرجـو ان يسمح لنا اخواننا السنة بان نسجل تهمة اخرى لمصادرهم بانها يوجد فيها روايات كثيرة في تحريف القرآن , اكثر واخطر من التي عندنا, ففيها روايات تدعي نقص القرآن وتقول ان القرآن الموجود لا يبلغ ثلث القرآن المنزل وروايات تقول بوجود سور وآيات زيدت على القرآن وروايـات اخـرى تقول بان ما نزل من عند اللّه تعالى ليس قرآنا واحدا بل هو قرائين متعددة بعدد لهجات قبائل العرب ثـم تـبـلـغ الـمصيبة اوجها عندما نجد في مصادرهم احاديث ( موثقة ) تحرر المسلمين من النص القرآني وتجوز قراءته بالمعنى وتدعي ان كل قراءة له تكون قرآنا منزلا من عند اللّه تعالى ومـع كل هذا فنحن نوجه التهمة الى تلك المصادر واصحاب تلك الروايات , ولا نصدر الحكم على اخواننا السنة بانهم يعتقدون بتحريف القرآن , ولا نكفر ملايين المسلمين لانهم لا بد انهم يعتقدون بتلك الروايات ( (.
كـنـا نـامـل ان تـتوقف موجة التهمة لنا بانا لا نعتقد بالقرآن , او ان يقف بعض اخواننا علماء السنة فيجيبوا اصحاب هذه التهمة , وياخذوا على يد السفهاء الذين يرفعونها شعارا ضد الشيعة .
ولكنا لم نر شيئا من ذلك مع الاسف فكان لابد ان نستخرج نماذج من روايات مصادر اخواننا في هذه الصفحات , راجين ان يعالجوها معالجة علمية كما نعالج الروايات التي في مصادرنا , وان ينتهي هذا التنابز والتهريج بان الشيعة او السنة لا يؤمنون بالقرآن حتى تتوجه جهودنا وجهودهم الى بحوث الـقرآن وتعريف المسلمين بجواهره وكنوزه ودعوة العالم الى هداه فذلك خير لنا عند اللّه وعند الناس

FATIMA..2 18-07-2002 08:08 AM

أدلّة نفي التحريف



إنّ مصونية القرآن الكريم من التحريف بمعنى النقيصة هي من الاَُمور البديهية الثابتة على صفحات الواقع التاريخي ، والتي لا تحتاج إلى مزيد استدلالٍ وتوضيحٍ وبيان ، حتّى إنّ بعض المنصفين من علماء وأساتذة غير المسلمين صرّحوا بعدم وقوع التحريف في القرآن الكريم ؛ فالاستاذ لوبلو يقول : «إنّ القرآن هو اليوم الكتاب الربّاني الوحيد الذي ليس فيه أي تغيير يذكر» (1) .
ويقول السير وليام موير : «إنّ المصحف الذي جمعه عثمان قد تواتر انتقاله من يدٍ ليدٍ حتّى وصل إلينا بدون تحريفٍ ، وقد حُفِظ بعنايةٍ شديدةٍ بحيث لم يطرأ عليه أي تغييرٍ يُذكَر ، بل نستطيع القول أنّه لم يطرأ عليه أيّ تغييرٍ على الاطلاق في النسخ التي لا حصر لها والمتداولة في البلاد الاِسلامية الواسعة» (2). وبمثل ذلك صرّح بلاشير أيضاً (3).
وقد أستدلّ العُلماء المحقّقون على عدم وقوع التحريف في القرآن بجملة من الاَدلّة الحاسمة ، هي من القوّة والمتانة بحيث يسقط معها ما دلّ على التحريف بظاهره عن الاعتبار ، لو كان معتبراً ، ومهما بلغ في الكثرة ،


==========
(1) تاريخ القرآن للصغير : 94 عن كتاب : المدخل إلى القرآن لمحمد عبدالله دراز : 39 ـ 40 .
(2) تاريخ القرآن للصغير : 93 .
(3) القرآن نزوله ، تدوينه ، ترجمته وتأثيره لبلاشير : 37 .

==========

وتدفع كلّ ما أُلصق بجلال وكرامة القرآن الكريم من زعم التحريف وتُفنّد القول بذلك وتُبطِله حتّى لو ذهب إليه الكثيرون فضلاً عن القلّة النادرة الشاذّة ، وفيما يلي نذكر أهمّها :
1 ـ حِفظ الله سبحانه للقرآن الكريم ، ولذا لم يتّفق لاَمرٍ تاريخي من بداهة البقاء مثلما اتّفق للقرآن الكريم ، فهو الكتاب السماوي الوحيد الذي تعهّدت المشيئة الاِلهية ببقائه مصوناً من تلاعب أهل الاَهواء ومن التحريف وإلى الاَبد حيثُ قال تعالى : ( إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر15: 9).
فالمراد بالذكر ـ كما يقول المفسّرون ـ في هذه الآية : القرآن الكريم ، وصيانة القرآن من التحريف من أبرز مصاديق الحفظ المصُرّح به في هذه الآية ، ولولا أن تكفّل الله تعالى بحفظ القرآن الكريم وصيانته عن الزيادة والنقصان لدُسّ فيه ما ليس منه ، كما دُسّ في الكتب المتقدّمة المنزلة من عند الله ، فلم يبقَ فيها سوى مادخل عليها من ركيك الكلام وباطل القول ، ولكن الكتاب الكريم قد نفى كلّ غريب ، وسلم من الشوائب والدخل ، فلم يبق إلاّ كلام الربّ سليماً صافياً محفوظاً .
2 ـ نفي الباطل بجميع أقسامه عن الكتاب الكريم بصريح قوله تعالى : ( وَإنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ * لا يأتِيهِ البَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (فصلت 41: 41 ـ 44).
والتحريف من أظهر مصاديق الباطل المذكور في الآية ، وعليه فالقرآن مصونٌ عن التحريف وعن أن تناله يد التغيير منذ نزوله وإلى يوم القيامة ، لاَنّه تنزيلٌ من لدن حكيم حميد ، ويشهد لدخول التحريف في الباطل


==========
الذي نفته الآية عن الكتاب ، أنّ الآية وصفت الكتاب بالعِزّة ، وعزّة الشيء تقتضي المحافظة عليه من التغيير والضياع والتلاعب ، ومن التصرف فيه بما يشينه ويحطّ من كرامته وإلى الاَبد .
3 ـ قوله تعالى : ( إنَّ عَلَينا جَمعَهُ وقُرآنَهُ * فإذا قَرَأناهُ فَاتَّبِعْ قُرآنَهُ * ثُمَّ إنَّ عَلَينا بَيَانَهُ ) (القيامة 75: 17 ـ 19).
فعن ابن عباس وغيره : إنّ المعنى : إنّ علينا جَمْعَهُ وقُرآنَهُ عليك حتّى تحفظه ويمكنك تلاوته ، فلا تخف فوت شيءٍ منه (1).
4 ـ حديث الثقلين ، حيث تواتر من طرق الفريقين أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : « إنّي تاركٌ فيكم الثقلين : كتابُ الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إنّ تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي » (2).
وهذا يقتضي أن يكون القرآن الكريم مدوّناً في عهده صلى الله عليه وآله وسلم بجميع آياته وسوره حتّى يصحّ إطلاق اسم الكتاب عليه ، ويقتضي أيضاً بقاء القرآن كما كان عليه على عهده صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم القيامة لتتمّ به ـ وبالعترة ـ الهداية الاَبدية للاَُمّة الاِسلامية والبشرية جمعاء ماداموا متمسّكين بهما ، وإلاّ فلا معنى للاَمر باتّباع القرآن والرجوع إليه والتمسّك به ، إذا كان الآمر



==========

(1) مجمع البيان 10 : 600 .
(2) هذا الحديث متواتر مشهور ، رواه الحفّاظ والمحدّثون عن نحو ثلاثين صحابياً ، وللحافظ ابن القيسراني (448 ـ 507 هـ) كتاب في طرق هذا الحديث ، وقد بحث السيد علي الميلاني هذا الحديث سنداً ودلالة في ثلاثة أجزاء من كتابه (نفحات الازهار في خلاصة عبقات الاَنوار في إمامة الاَئمة الاَطهار) ، وأُنظر أهل البيت في المكتبة العربية رقم 298 للسيد عبدالعزيز الطباطبائي رضي الله عنه .

=========

يعلم بأنّ قرآنه سيُحرّف ويبدّل في يومٍ ما !
5 ـ الاَحاديث الآمرة بعرض الحديث على الكتاب ، ليُعرَف بذلك الصحيح منه فيُؤخذ به ، والسقيم فيُتْرَك ويُعْرَض عنه ، وهي كثيرة ، منها : حديث الاِمام الصادق عليه السلام ، قال : « خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنى فقال : أيُّها الناس ، ما جاءكم عنّي يوافق كتاب الله فأنا قُلتُه ، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقُله » (1).
وعنه أيضاً بسندٍ صحيح ، قال عليه السلام : « إذا ورد عليكم حديثان مختلفان ، فأعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردّوه » (2) .
وهذه القاعدة تتنافى تماماً مع احتمال التحريف في كتاب الله ، لاَنّ المعروض عليه يجب أن يكون مقطوعاً به ، لاَنّه المقياس الفارق بين الحقّ والباطل ، فلا موضع للشكّ في نفس المقياس ، ولولا أنّ سور القرآن وآياته مصونة من التحريف ومحفوظة من النقصان منذ عصر الرسالة الاَوّل وإلى الاَبد ، لما كانت هذه القاعدة ، ولا أمكن الركون إليها والوثوق بها .
قال المحقق الكركي المتوفّى سنة (940 هـ) في رسالته التي أفردها لنفي النقيصة عن القرآن الكريم : «لا يجوز أن يكون المراد بالكتاب المعروض عليه غير هذا المتواتر الذي بأيدينا وأيدي الناس ، وإلاّ لزم التكليف بما لايطاق ، فقد وجب عرض الاَخبار على هذا الكتاب ، وأخبار النقيصة إذا عُرِضت عليه كانت مخالفة له ، لدلالتها على أنّه ليس هو ، وأيّ تكذيب



===========
(1) الكافي 1 : 69 | 5 .
(2) الوسائل 27 : 118 | 62 ،333 تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام .

==========


يكون أشدّ من هذا» (1).
6 ـ إنّ ثبوت قرآنية كلّ سور القرآن وآياته ، لا يتمّ إلاّ بالتواتر القطعي منذ عهد الرسالة وإلى اليوم ، ممّا يقطع احتمال التحريف نهائياً ، لاَنّ ماقيل بسقوطه من القرآن نقل إلينا بخبر الواحد ، وهو غير حجةٍ في ثبوت قرآنيته ، حتّى مع فرض صحّة إسناده .
قال الحرّ العاملي المتوفّى سنة (1104 هـ) : «إنّ من تتبّع أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، وتصفّح التأريخ والآثار ، عَلِم علماً يقينياً أنّ القرآن قد بلغ أعلى درجات التواتر ، فقد حِفِظه الاَُلوف من الصحابة ونقله الاَُلوف ، وكان منذ عهده صلى الله عليه وآله وسلم مجموعاً مؤلّفاً».(2)
وقال الشيخ محمد جواد البلاغي المتوفّى سنة (1352 هـ) : «ومن أجل تواتر القرآن الكريم بين عامّة المسلمين جيلاً بعد جيل ، استمرّت مادته وصورته وقراءته المتداولة على نحوٍ واحد» (3).
7 ـ إجماع العلماء على عدم التحريف إلاّ من لا اعتداد به ، كما صرّح بذلك المحقّق الكلباسي المتوفى سنة (1262 هـ ) بقوله : «انّ الروايات الدالّة على التحريف مخالفةٌ لاجماع الاَُمّة إلاّ من لا اعتداد به» (4).
وقال الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، المتوفّى سنة (1228 هـ) في (كشف


=========
(1) أورده السيد محسن البغدادي في (شرح الوافية) عن المحقق الكركي ، أُنظر البرهان ، للميرزا مهدي البروجردي : 116 ـ 117 .
(2) الفصول المهمة ـ للسيد شرف الدين: 166.
(3) آلاء الرحمن 1 : 29 ، المقدمة .
(4) البيان في تفسير القرآن : 234 .

=========

FATIMA..2 18-07-2002 08:11 AM

يتبع........
أدلّة نفي التحريف


الغطاء) : «جميع ما بين الدفّتين ممّا يُتلى كلام الله تعالى ، بالضرورة من المذهب ، بل الدين وإجماع المسلمين ، وأخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم والاَئمة الطاهرين عليهم السلام ، وإن خالف بعض من لايُعتدّ به» (1).
8 ـ إنّ التحريف ينافي كون القرآن المعجزة الكبرى الباقية أبد الدهر .
قال العلاّمة الحلّي المتوفّى سنة (726 هـ ): «إنّ القول بالتحريف يوجب التطرّق إلى معجزة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنقولة بالتواتر» (2). وذلك لفوات المعنى بالتحريف ، ولاَنّ مدار الاِعجاز هو الفصاحة والبلاغة الدائرتان مدار المعنى ، وبالنتيجة لا إعجاز حينما يوجد التحريف. فاحتمال الزيادة أو التبديل باطل ، لاَنّه يستدعي أن يكون باستطاعة البشر إتيان ما يماثل القرآن ، وهو مناقض لقوله تعالى : ( وَإن كُنْتُم في رَيْبٍ ممّا نَزَّلنا عَلى عَبْدِنا فأتُوا بسورَةٍ من مِثْلِهِ )(البقرة2: 23 )ولغيرها من آيات التحدي . وكذلك احتمال النقص بإسقاط كلمة أو كلمات ضمن جملةٍ واحدةٍ منتظمةٍ في أُسلوب بلاغي بديع ، فإنّ حذف كلمات منها سوف يؤدّي إلى إخلال في نظمها ، ويذهب بروعتها الاَُولى ، ولايَدَع مجالاً للتحدّي بها .
9 ـ ثبوت كون القرآن الكريم مجموعاً على عهد الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، كما يدلّ على ذلك كثيرٌ من الاَخبار في كتب الفريقين، حيث كان صلى الله عليه وآله وسلم يأمر أصحابه بقراءة القرآن وتدبّره وحفظه ، وعرض مايُروى عنه صلى الله عليه وآله وسلم عليه ، كما أنّ جماعة من الصحابة ختموا القرآن على عهده وتلوه وحفظوه، وأنّ جبرئيل عليه السلام كان يعارضه صلى الله عليه وآله وسلم بالقرآن كلّ عامٍ

=========

(1) كشف الغطاء : 298 .
(2) أجوبة المسائل المهناوية : 121 .

=========
مرة ، وقد عارضه به عام وفاته مرتين ، وهذا الدليل يُسقِط جميع مزاعم القائلين بالتحريف والتغيير ، وما تذرّعوا به من أنّ كيفية جمع القرآن ومراحل ذلك الجمع ، تستلزم في العادة وقوع هذا التحريف والتغيير فيه ؛ وسنأتي على تفصيل ذلك في موضوع جمع القرآن بإذن الله تعالى .
10 ـ اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين بالقرآن ، فقد كان (ص) حريصاً على نشر سور القرآن بين المسلمين بمجرد نزولها ، مؤكّداً عليهم حفظها ودراستها وتعلّمها ، مبيّناً فضل ذلك وثوابه وفوائده في الدنيا والآخرة ، وقد بذل المسلمون عناية فائقة واهتماماً متواصلاً بكلام الله المجيد بشكل لم يسبق له مثيل في الكتب السماوية السابقة ، فكان كلّما نزل شيءٌ من القرآن هَفَت إليه القلوب ، وانشرحت له الصدور ، وهَبَّ المسلمون إلى حفظه وتلاوته ، بما امتازوا به من قُوّة حافظة فطرية ، لاَنّ شعار الاِسلام وسمة المسلم حينئذٍ هو التجمّل والتكمّل بحفظ القرآن الكريم ، معجزة النبوّة الخالدة ، ومرجع الاَحكام الشرعية ، واستمروّا على ذلك حتّى صاروا منذ صدر الاِسلام يُعَدّون بالاَُلوف وعشراتها ومئاتها ، وكلّهم من حَمَلة القرآن وحُفّاظه وكُتّابه ، فكيف يُتَصوّر سقوط شيءٍ منه والحال هذه؟!
11 ـ دقّة وتحرّي المسلمين لاَي طارىءٍ جديدٍ في القران ، حيثُ إنّ العناية قد اشتدّت ، والدواعي قد توفّرت لحفظ القرآن وحراسته حتّى في حروفه وحركاته ، ويكفي أن نذكر أنّ عثمان حينما كتب المصاحف ، أراد حذف حرف الواو من (والَّذِينَ) في قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يَكنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ ولا يُنفِقُونَها في سَبِيلِ اللهِ...(التوبة9: 34 ) . فقال أُبيّ : لتلحقنّها أو

=========

لاَضعنّ سيفي على عاتقي ؛ فألحقوها (1).
وروي أيضاً أنّ عمر بن الخطّاب قرأ ( والسَّابقُونَ الاولُونَ مِن المُهاجِرينَ وَالاَنْصَار الَّذِينَ اتَّبَعُوهُم باحْسَانٍ )(التوبة9: 100) فرفع (الانصار) ولم يلحق الواو في (الذين) فقال له زيد بن ثابت : ( وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم باحْسَانٍ )! فقال عمر : (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُم باحْسَانٍ) . فقال زيد : أمير المؤمنين أعلم . فقال عمر : ائتوني بأُبيّ بن كعب ، فأتاه فسأله عن ذلك ، فقال أُبيّ : (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهم باحْسَانٍ ) فقال عمر : فنعم ، إذن نتابع أُبيّاً (2). فإذا كان الخليفة لا يستطيع أن يحذف حرفاً ، فهل يجرؤ غيره على التصرّف بزيادةٍ أو حذفِ آياتٍ أو سورٍ من القرآن وتحريفها ؟!
12 ـ ويمنع من دعوى التحريف ، الواقع التاريخي أيضاً ، فإنّه إن كان التحريف في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو غير معقول بعد أن كان يشرف بنفسه على كتابته وحفظه وتعليمه ، ويُعْرَض عليه مرات عديدة .
وإنّ كان بعد زمانه صلى الله عليه وآله وسلم وعلى يد السلطة الحاكمة ، أو على يد غيرها ، فلم يكن يسع أمير المؤمنين عليه السلام والخيرة من صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم السكوت على هذا الاَمر الخطير الذي يمسّ أساس الاِسلام ، ويأتي على بنيانه من القواعد ، ولو كان ذلك لاحتجّ به الممتنعون عن بيعة أبي بكر وعمر والمعترضون عليهما في أمر الخلافة ، كسعد بن عبادة وأصحابه ، ولكان على أمير المؤمنين عليه السلام وسائر الصحابة أن يُظْهِروا القرآن الحقيقي ، ويبيّنوا مواضع التحريف في هذا الموجود وإن حدث ما حدث ، لكنّنا لم

=========
(1) الدرّ المنثور 4 : 179 .
(2) تفسير الطبري 11 : 7 ، الدر المنثور 4 : 268 .

=========

نجد ذكراً لذلك ، لا في خطبة أمير المؤمنين عليه السلام المعروفة بالشقشقية ، ولافي غيرها من خُطبَهِ وكلماته وكتبه التي اعترض بها على من تقدّمه ، ولافي خطبة الزهراء عليها السلام المعروفة بمحضر أبي بكر ، كما لم نجد أحداً من الصحابة أو من غيرهم ، قد طالبهما بإرجاع القرآن إلى أصله الذي كان يُقْرَأ به في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو نبّه على حدوث التحريف ومواطنه ، وفي ترك ذِكر ذلك دلالةٌ قطعيةٌ على عدم التحريف .
أمّا دعوى وقوع التحريف في زمن عثمان ، فهو أمر في غاية البُعد والصعوبة ، لاَنّ القرآن في زمانه كان قد انتشر وشاع في مختلف أرجاء البلاد ، وكثر حُفّاظه وقُرّاؤه ، وإنّ أقلّ مساسٍ بحرمة القرآن لسوف يُثير الناس ضدّه ، ويُوجِب الطعن عليه وإدانته بشكلٍ قويّ ومعلنٍ ، ولا سيما من الثائرين عليه الذين جاهروا بإدانته فيما هو أقلّ أهميةً وخطراً بكثير من التحريف ، لكنّنا لم نسمع أحداً طعن عليه في ذلك ، فهل خفيت هذه الآيات أو السور التي يُدّعى سقوطها من القرآن ، على عامّة المسلمين ، ولم يطّلع عليها سوى أفراد قلائل ؟!
ولو كان ذلك لكان على أمير المؤمنين عليه السلام إظهار هذا الاَمر ، وإرجاع الناس إلى القرآن الحقيقي بعد أن صار خليفةً وحاكماً ، ولم يعد ثمّة مايمنع من ذلك ، وليس عليه شيء يُنْتَقَد به ، بل ولكان ذلك أظهر لحُجّته على الثائرين بدم عثمان . فكيف صحّ منه عليه السلام وهو الرجل القويّ الذي فقأ عين الفتنة أن يهمل هذا الاَمر الخطير ، وهو الذي أصرّ على إرجاع القطائع التي أقطعها عثمان ، وقال في خطبةٍ له عليه السلام : « والله لو وجدته قد تُزوِّج به النساء وُملِك به الاِماء لرددته ، فانّ في العدل سَعَة ، ومن ضاق عليه العدل

=========

فالجور عليه أضيق » (1). مع أنّ ذلك أقلّ أهمية وخطورة من أمر تحريف القرآن بكثير ؟! إذن فإمضاؤه عليه السلام للقرآن الموجود في عصره دليلٌ قاطعٌ على عدم وقوع التحريف فيه .
13 ـ اهتمام أهل البيت عليهم السلام البالغ في القرآن الكريم وحثُّ أصحابهم على تلاوة القرآن الكريم وختمه ، وبيانهم عليهم السلام لمنزلة قارىء القرآن تارة ، وفضائل القرآن تارة أُخرى ، كُلّ ذلك يدلُّ على نفي التحريف ، لعدم توجّه مثل هذه العناية إلى كتاب محرّف .
14 ـ اعتقاد الكل بكون القرآن حجّة بالغة ينافي التحريف من كلِّ وجه، ولا يعقل اتخاذ ماهو محرّف حجة ، ولو فرض حصول التحريف لسقط الاستدلال به لاحتمال التحريف بالدليل ، ولا يوجد فرد واحد قط استدل بالقرآن وأشكل عليه آخر بتحريف الدليل .
15 ـ وأخيراً فإنّ صلاة الاِمامية بمجرّدها دليلٌ على نفي التحريف في كتاب الله العزيز ؛ لاَنّهم يوجبون بعد فاتحة الكتاب ـ في كلِّ من الركعة الاَولى والركعة الثانية من الفرائض الخمس ـ سورةً واحدةً تامّة غير الفاتحة من سائر السور التي بين الدفتين ، وفقههم صريح بذلك ، فلولا أنّ سور القرآن بأجمعها كانت في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ما هي الآن عليه في الكيفية والكمية ما تسنّى لهم هذا القول ، ولا أمكن أن يقوم لهم عليه دليل.



=======
(1) نهج البلاغة ـ صبحي الصالح : 57 الخطبة 15

FATIMA..2 18-07-2002 08:38 AM

خلاصة ردود علماء الشيعة .



صدرت عن علماء الشيعة ردود عديدة على تهمة القول بتحريف القرآن , نذكر خلاصة افكارها بما يلي :.
.
1 ــ ان واقع الشيعة في العالم يكذب التهمة ::. فالشيعة ليسوا طائفة قليلة تعيش في قرية نائية او مجتمع مقفل , حتى يخفى قرآنهم الذي يعتقدون بـه ويـقرؤونه بل هم ملايين الناس وعشرات الملايين , يعيشون في اكثر بلاد العالم الاسلامي , وهـذه بـلادهـم وبيوتهم ومساجدهم وحسينياتهم ومدارسهم وحوزاتهم العملية , لا تجد فيها الا نـسـخـة هذا القرآن ولو كانوا لا يعتقدون به ويعتقدون بغيره دونه او معه , فلماذا يقرؤونه في بيوتهم ومراكزهم ومناسباتهم ولا يقرؤون غيره ؟ ولماذا يدرسونه ولا يدرسون غيره ؟ .
2 ــ ومذهب التشيع مبني على التمسك بالقرآن والعترة ::.
قام مذهب التشيع لاهل بيت النبي صلى اللّه عليه وآله على الاعتقاد بان اللّه تعالى امر نبيه صلى اللّه عـليه وآله بان يوصي امته بالتمسك بعده بالقرآن وعترة النبي , لانه اختارهم للامامة وقيادة الامة بعد نبيه صلى اللّه عليه وآله .
وحـديث الثقلين حديث ثابت عند الشيعة والسنة , فقد رواه احمد في مسنده ج 3 ص 17 ( عن ابي سـعـيـد الـخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال اني اوشك ان ادعى فاجيب واني تارك فيكم الـثقلين كتاب اللّه عز وجل وعترتي كتاب اللّه حبل ممدود من السماء الى الارض , وعترتي اهل بـيتي وان اللطيف الخبير اخبرني انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض , فانظروني بم تخلفوني فيهما ؟ وقـد بلغت مصادر هذا الحديث من الكثرة وتعدد الطرق عند الطرفين بحيث ان احد علماء الهند الف في اسانيده وطرقه كتاب (عبقات الانوار) من عدة مجلدات .
وعـندما يقوم مذهب طائفة على التمسك بوصية النبي بالثقلين , الثقل الاكبر القرآن والثقل الاصغر اهل بيت نبيهم فكيف يصح اتهامهم بانهم لايؤمنون باحد ركني مذهبهم ؟ ان مـثـل الـقـرآن والـعترة ــ الذين هم المفسرون للقرآن والمبلغون للسنة ــ في مذهبنا , كمثل الاوكسجين والهيدروجين , فبدون احدهما لا يتحقق وجود مذهب التشيع .
ولـم تـقتصر تاكيدات النبي صلى اللّه عليه وآله على التمسك بعترته على حديث الثقلين , بل كانت مـتـكررة وممتدة طوال حياته الشريفة , وكان اولها مبكرا في مرحلة دعوة عشيرته الاقربين ــ التي يقفز عنها كتاب السيرة في عصرنا ويسمونها مرحلة دار الارقم ــ يوم نزل قوله تعالى وانذر عـشـيـرتـك الاقـربـين فجمع بني عبد المطلب ودعاهم الى الاسلام , واعلن لهم ان عليا وزيره وخليفته من بعده قـال الـسـيـد شـرف الدين في المراجعات ص 187 ( فدعاهم الى دار عمه ابي طالب وهم يومئذ اربـعـون رجلا يزيدون رجلا او ينقصونه , وفيهم اعمامه ابو طالب وحمزة والعباس وابو لهب , والحديث في ذلك من صحاح السنن الماثورة , وفي آخره قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يا بني عـبـدالمطلب اني واللّه ما اعلم شابا في العرب جاء قومه بافضل مما جئتكم به , جئتكم بخير الدنيا والـخـرة , وقـد امـرني اللّه ان ادعوكم اليه , فايكم يؤازرني على امري هذا على ان يكون اخي ووصـيي وخليفتي فيكم ؟ فاحجم القوم عنها غير علي ــ وكان اصغرهم ــ اذ قام فقال : انا يا نبي اللّه اكـون وزيـرك عـلـيه فاخذ رسول اللّه برقبته وقال : ان هذا اخي ووصيي وخليفتي فيكم , فاسمعوا له واطيعوا فقام القوم يضحكون ويقولون لابي طالب : قد امرك ان تسمع لابنك وتطيع انتهى .
وتـواصلت تاكيدات النبي صلى اللّه عليه وآله بعد حديث الدار في مناسبات عديدة , كان منها حديث الثقلين , وكان منها تحديد من هم اهل بيته الذين اذهب اللّه عنهم الرجس ثم كان اوجها ان اخذ البيعة من المسلمين لعلي في حجة الوداع في مكان يدعى غدير خم وقد روت ذلك مصادر الفريقين ايضا , والف احد علماء الشيعة كتاب ( الغدير ) من عدة مجلدات في جمع اسانيده وما يتعلق به .
.
3 ــ والشيعة عندهم قاعدة عرض الاحاديث على القرآن ::. من مباحث اصول الفقه عند الشيعة والسنة : مسالة تعارض الاحاديث مع القرآن , وتعارض الاحاديث فـيـمـا بينها وفي كلتا المسالتين يتشدد الشيعة في ترجيح القرآن اكثر من اخوانهم السنة , فعلماء الـسنة مثلا يجوزون نسخ آيات القرآن بالحديث حتى لو رواه صحابي واحد ولذلك صححوا موقف الخليفة ابي بكر السلبي من فاطمة الزهراء عليها السلام , حيث صادر منها ( فدك ) التي نحلها اياها الـنبي صلى اللّه عليه وآله وكانت بيدها في حياة ابيها , ثم منعها ارثها من ابيها صلى اللّه عليه وآله بـدعوى انه سمع النبي يقول ( نحن معاشر الانبياء لا نورث ) يقصد ان ما تركه النبي يكون صدقة بيد الدولة .
واحتجت عليه فاطمة الزهراء عليها السلام بالقرآن وقالت له كما روى النعماني المغربي في شرح الاخـبـار ج 3 ص 36 : يابن ابي قحافة افي كتاب اللّه ان ترث اباك ولا ارث ابي ؟ فريا , فقال علماء السنة ان عمل ابي بكر صحيح , وآيات الارث في القرآن منسوخة بالرواية التي رواها ابو بكر وحده , ولم يروها غيره امـا اذا تعارض الحديثان فقد وضع العلماء لذلك موازين لترجيح احدهما على الخر , ومن اولها عند الفريقين ترجيح الحديث الموافق لكتاب اللّه تعالى على الحديث المخالف الخ .
وزاد عـلـماء الشيعة على ذلك انه بقطع النظر عن وجود التعارض بين الاحاديث او عدم وجوده , فانه يجب عرض كل حديث على كتاب اللّه تعالى , والاخذ بما وافقه ان استكمل بقية شروط القبول الاخـرى , ورد مـا خالفه وان استجمع شروط القبول الاخرى , ورووا في ذلك روايات صحيحة عـن الـنبي وآله صلى اللّه عليه وآله ففي الكافي ج 1 ص 69 ( عن ابي عبداللّه عليه السلام قال : قـال رسـول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ان على كل حق حقيقة , وعلى كل صواب نورا , فما وافق كتاب اللّه فخذوه , وما خالف كتاب اللّه فدعوه .
عن ابي عبداللّه عليه السلام قال : خطب النبي صلى اللّه عليه وآله بمنى فقال : ايها الناس ما جاء كم عني يوافق كتاب اللّه فانا قلته , وما جاء كم يخالف كتاب اللّه فلم اقله .
عـن عبداللّه بن ابي يعفور , قال : سالت ابا عبداللّه عليه السلام عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لانثق به ؟ قال اذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب اللّه او من قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله , والا فالذي جاء كم به اولى به .
عـن ايوب بن الحر قال : سمعت ابا عبداللّه عليه السلام يقول : كل شئ مردود الى الكتاب والسنة , وكل حديث لا يوافق كتاب اللّه فهو زخرف ).
وفي تهذيب الاحكام للطوسي ج 7 ص 275 ( فهذان الخبران قد وردا شاذين مخالفين لظاهر كتاب اللّه , وكـل حديث ورد هذا المورد فانه لا يجوز العمل عليه , لانه روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله وعن الائمة عليهم السلام انهم قالوا اذا جاءكم منا حديث فاعرضوه على كتاب اللّه , فما وافق كتاب اللّه فخذوه وما خالفه فاطرحوه او ردوه علينا وهذان الخبران مخالفان على ما ترى ) انتهى .

إنسان 18-07-2002 08:41 AM

ماهذه الوثيقة يارافضة ....

[page]http://www.ansar.org/arabic/qome.htm[/page]

FATIMA..2 18-07-2002 08:42 AM

فـكيف يتهم الشيعة بعدم الاعتقاد بالقرآن , والقرآن هو المقياس الاول في مذهبهم , وهم يخوضون مـعركة فكرية مع اخوانهم السنة ويكافحون من اجل تحكيم نصوص القرآن , وقد اشتهرت عنهم اشـكـالاتـهم على اجتهادات الخلفاء في مقابل نص القرآن والسنة , ومازال علماء السنة الى عصرنا يسعون للاجابة على هذه الاشكالات .
4 ــ وتاريخ الشيعة وثقافتهم مبنيان على القرآن ::. والـشـيعة ليسوا طائفة مستحدثة , بل جذورهم ضاربة الى زمن النبي صلى اللّه عليه وآله , حيث كـان عـدد من الصحابة يلتفون حول علي عليه السلام , فشجعهم النبي على ذلك , ومدحهم وابلغهم مـدح اللّه تـعالى لهم , كما ترويه مصادر السنة والشيعة فقد روى السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 379 في تفسير قوله تعالى ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية فقال :.
( واخـرج ابن عساكر عن جابر بن عبداللّه قال كنا عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فاقبل علي فقال الـنبي صلى اللّه عليه وسلم : والذي نفسي بيده ان هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ونزلت : ان الـذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية فكان اصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم اذا اقبل علي قالوا : جاء خير البرية .
واخرج ابن عدي وابن عساكر عن ابي سعيد مرفوعا : علي خير البرية .
واخـرج ابـن عـدي عن ابن عباس قال لما نزلت : ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعلي : هو انت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين .
واخـرج ابن مردويه عن علي قال قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : الم تسمع قول اللّه : ان الـذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية , انت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض اذا جاءت الامم للحساب , تدعون غرا محجلين ) انتهى .
فعلي وشيعته كانوا وجودا مميزا في زمن النبي صلى اللّه عليه وآله , وهم الذين كانوا مشغولين مع عـلـي بـجنازة النبي , عندما بادر الخرون الى السقيفة ورتبوا بيعة ابي بكر , فادان علي وفاطمة وشيعتهم هذا التصرف , واتخذوا موقف المعارضة وعندما بويع علي بالخلافة كانوا معه في مواجهة الانـحـراف وتـنـفيذ وصية النبي صلى اللّه عليه وآله بالقتال على تاويل القرآن ثم كانوا مع ابنائه الائمة من اهل البيت عليهم السلام وعبر القرون كان الشيعة قطاعا كبيرا حيويا واسع الامتداد في الامـة تـمثل في مجتمعات ودول , وتاريخ معروف مدون وثقافتهم ومؤلفاتهم كثيرة وغزيرة , وقد كانت وما زالت في متناول الجميع , ومحورها كلها القرآن والسنة , ولا اثر فيها لوجود قرآن آخر .
5 ــ وتفاسيرهم ومؤلفاتهم حول القرآن ::. يـمـكـن الـقـول بـان عدد الشيعة عبر العصور المختلفة كان خمس عدد الامة الاسلامية , وبقية المذاهب السنية اربعة اخماس فالوضع الطبيعي ان تكون نسبة مؤلفاتهم في تفسير القرآن ومواضيعه الاخرى خمس مجموع مؤلفات اخوانهم السنة .
واذا لاحـظـنـا ظـروف الاضـطهاد التي عاشها الشيعة عبر القرون , نكون منصفين اذا توقعنا من علمائهم عشر ما الفه اخوانهم السنة حول القرآن بل نصف العشر بينما نجد ان مؤلفات الشيعة حول القرآن قد تزيد على الثلث وقـد احـصت دارالقرآن الكريم في قم التي اسسها مرجع الشيعة الراحل السيد الكلبايكاني رحمه اللّه , مؤلفات الشيعة في التفسير فقط في القرون المختلفة , فزادت على خمسة آلاف مؤلف .
فـكيف يصح ان نعمد الى طائفة اسهموا على مدى التاريخ الاسلامي اكثر من غيرهم في التاليف في تفسير القرآن وعلومه ونتهمهم بعدم الايمان بالقرآن , او بان عندهم قرآنا آخر .
6 ــ وفقه الشيعة في احترام القرآن اكثر تشددا::. تـوجـد مـجموعة احكام شرعية عند الشيعة تتعلق بوجوب احترام نسخة القرآن الكريم وحرمة اهانتها فلا يجوز عندنا مس خط القرآن لغير المتطهر , ولايجوز القيام باي عمل يعتبر عرفا اهانة للقرآن ولو لم يقصد صاحبه الاهانة , كان يضع نسخة القرآن في مكان غير مناسب , او يرميها رميا غـيـر لائق , او يـنام ونسخة المصحف في مكان مواجه لقدميه , او يضعها في متناول طفل يسئ الى قداستها الى آخر هذه الاحكام التي تشاهدها في كتب الفقه العملي الذي يعلم الناس الصلاة والوضوء والاحـكـام الـتـي يحتاجها الشيعي في حياته اليومية فاي قرآن تقصد هذه الاحكام التي تعلمها نساء الشيعة لاطفالهن ؟ هل تقصد قرآن الشيعة المزعوم الذي لا يعرفه الشيعة ولا راوه ؟ .
7 ــ وفتاوى علماء الشيعة بعدم تحريف القرآن ::. الـذيـن يـمثلون الشيعة في كل عصر هم علماؤهم , فهم الخبراء بمذهب التشيع لاهل البيت عليهم السلام , الذين يميزون ما هو جزء منه وما هو خارج عنه وعندما نقول علماء الشيعة نعني بالدرجة الاولـى مراجع التقليد الذين يرجع اليهم ملايين الشيعة ويقلدونهم , وياخذون منهم احكام دينهم في كـيـفية صلاتهم وصومهم وحجهم , واحكام زواجهم وطلاقهم وارثهم , معاملاتهم فهؤلاء الفقهاء , الذين هم كبار المجتهدين في كل عصر , يعتبر قولهم راي الشيعة , وعقيدتهم عقيدة الشيعة ويليهم فـي الاعـتـبـار بـقية العلماء , فهم يعبرون عن راي الشيعة نسبيا وتبقى الكلمة الفصل في تصويب آرائهم وافكارهم لمراجع التقليد.
وقـد صـدرت فـتـاوى مراجع الشيعة في عصرنا جوابا على تهمة الخصوم فاجمعوا على ان اتهام الشيعة بعدم الاعتقاد بالقرآن افتراء عليهم وبهتان عظيم , وان الشيعة يعتقدون بسلامة هذا القرآن وانه القرآن المنزل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله دون زيادة او نقيصة .

FATIMA..2 18-07-2002 08:49 AM

فتاوى عدد من فقهاء الشيعة الماضين والحاضرين
 
وهذه نماذج من فتاوى عدد من فقهاء الشيعة الماضين والحاضرين ننقلها ملخصة من كتاب ( البرهان على صيانة القرآن ) للسيد مرتضى الرضوي ص 239 فما بعدها :.




راي الشيخ الصدوق :::.

( اعتقادنا ان القرآن الذي انزله اللّه على نبيه محمد صلى اللّه عليه وآله هو ما بين الدفتين , وهو ما في ايدي الناس ليس باكثر من ذلك , ومبلغ سوره عند الناس مائة واربع عشرة سورة , وعندنا ان الـضحى والم نشرح سورة واحدة , ولايلاف والم تر كيف سورة واحدة ( يعني في الصلاة ) ومن نسب الينا انا نقول اكثر من ذلك فهو كاذب ).




راي الشيخ المفيد :::.

( واما الوجه المجوز فهو ان يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان , وما اشبه ذلك مما لا يبلغ حد الاعجاز, ويكون ملتبسا عند اكثر الفصحاء بكلم القرآن , غير انه لابد متى وقع ذلك من ان يدل اللّه عليه , ويوضح لعباده عن الحق فيه ولست اقطع على كون ذلك , بل اميل الى عدمه وسلامة القرآن عنه ).




راي الشريف المرتضى :::.

( الـمحكي ان القرآن كان على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله مجموعا مؤلفا على ما هو عليه الن , فان القرآن كان يحفظ ويدرس جميعه في ذلك الزمان , حتى عين على جماعة من الصحابة في حفظهم له , وانه كان يعرض على النبي صلى اللّه عليه وآله ويتلى عليه , وان جماعة من الصحابة مـثل عبداللّه بن مسعود وابي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلى اللّه عليه وآله عدة ختمات وكل ذلك يدل بادنى تامل على انه كان مجموعا مرتبا غير منثور , ولا مبثوث ).





راي الشيخ الطوسى :::.

( وامـا الـكـلام في زيادته ونقصانه , فمما لا يليق به ايضا , لان الزيادة فيه مجمع على بطلانها , والنقصان منه فالظاهر ايضا من مذهب المسلمين خلافه , وهو الاليق بالصحيح من مذهبنا وهو الذي نـصـره الـمرتضى رحمه اللّه وهو الظاهر في الروايات ورواياتنا متناصرة بالحث على قراءته , والـتمسك بما فيه , ورد ما يرد من اختلاف الاخبار في الفروع اليه وقد روي عن النبي صلى اللّه عليه وآله رواية لا يدفعها احد انه قال اني مخلف فيكم الثقلين , ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا : كتاب اللّه وعترتي اهل بيتي , وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض وهذا يدل على انه موجود في كل عـصـر لانه لا يجوز ان يامر بالتمسك بما لا نقدر على التمسك به كما ان اهل البيت عليهم السلام ومـن يـجـب اتباع قوله حاصل في كل وقت واذا كان الموجود بيننا مجمعا على صحته , فينبغي ان نتشاغل بتفسيره , وبيان معانيه , ونترك ما سواه ).





راي الشيخ الطبرسي :::.

( فان العناية اشتدت , والدواعي توفرت على نقله وحراسته , وبلغت الى حد لم يبلغه فيما ذكرناه , لان القرآن معجزة النبوة , وماخذ العلوم الشرعية والاحكام الدينية , وعلماء المسلمين قد بلغوا في حـفـظـه وحمايته الغاية , حتى عرفوا كل شئ اختلف فيه من اعرابه وقراءته وحروفه وآياته , فكيف يجوز ان يكون مغيرا , او منقوصا مع العناية الصادقة , والضبط الشديد ).





راي الفيض الكاشاني :::.

( قال اللّه عزوجل وانه لكتاب عزيز لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , وقال انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون , فكيف يتطرق اليه التحريف والتغيير ؟ اللّه عـلـيه وآله والائمة عليهم السلام حديث عرض الخبر المروي على كتاب اللّه ليعلم صحته بـموافقته له , وفساده بمخالفته , فاذا كان القرآن الذي بايدينا محرفا فما فائدة العرض , مع ان خبر التحريف مخالف لكتاب اللّه , مكذب له , فيجب رده , والحكم بفساده ).





راي الشيخ جعفر الجناجي ( بجيمين , كاشف الغطاء ) :::.

( لا زيادة فيه من سورة , ولا آية من بسملة وغيرها, لا كلمة ولا حرف وجميع ما بين الدفتين مما يـتـلى كلام اللّه تعالى بالضرورة من المذهب بل الدين , واجماع المسلمين , واخبار النبي صلى اللّه عليه وآله والائمة الطاهرين عليهم السلام , وان خالف بعض من لا يعتد به في دخول بعض ما رسم في اسم القرآن لا ريب في انه محفوظ من النقصان بحفظ الملك الديان كما دل عليه صريح القرآن , واجماع العلماء في جميع الازمان , ولا عبرة بالنادر ).





راي السيد محسن الامين العاملي :::.

( ونـقول : لا يقول احد من الامامية لا قديما ولا حديثا ان القرآن مزيد فيه , قليل او كثير , فضلا عـن كلهم , بل كلهم متفقون على عدم الزيادة , ومن يعتد بقوله من محققيهم متفقون على انه لم ينقص منه ).
راي الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء :::. ( وان الكتاب الموجود في ايدي المسلمين هو الكتاب الذي انزله اللّه للاعجاز والتحدي , وتمييز الحلال من الحرام , وانه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة , وعلى هذا اجماعهم ).





راي السيد شرف الدين العاملي :::.

( والـقرآن الحكيم الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , انما هو ما بين الدفتين , وهو ما فـي ايـدي الناس لا يزيد حرفا ولا ينقص حرفا , ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة ولا لحرف بحرف , وكـل حرف من حروفه متواتر في كل جيل تواترا قطعيا الى عهد الوحي والنبوة , وكان مجموعا عـلى ذلك العهد الاقدس مؤلفا على ما هو عليه الن , وكان جبرائيل عليه السلام يعارض رسول اللّه صـلـى اللّه عليه وآله بالقرآن في كل عام مرة , وقد عارضه به عام وفاته مرتين والصحابة كانوا يـعـرضـونه ويتلونه على النبي صلى اللّه عليه وآله حتى ختموه عليه صلى اللّه عليه وآله مرارا عديدة , وهذا كله من الامور المعلومة الضرورية لدى المحققين من علماء الامامية .
نـسب الى الشيعة القول بتحريف القرآن باسقاط كلمات وآيات الخ فاقول : نعوذ باللّه من هذا القول , ونـبرا الى اللّه تعالى من هذا الجهل , وكل من نسب هذا الراي الينا جاهل بمذهبنا , او مفتر علينا , فـان الـقـرآن الـعـظـيم والذكر الحكيم متواتر من طرقنا بجميع آياته وكلماته وسائر حروفه وحـركاته وسكناته , تواترا قطعيا عن ائمة الهدى من اهل البيت عليهم السلام , لا يرتاب في ذلك الا مـعـتوه , وائمة اهل البيت كلهم اجمعون رفعوه الى جدهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن اللّه تـعـالـى , وهذا ايضا مما لا ريب فيه , وظواهر القرآن الحكيم ــ فضلا عن نصوصه ــ ابلغ حجج اللّه تعالى , واقوى ادلة اهل الحق بحكم الضرورة الاولية من مذهب الامامية , وصحاحهم في ذلك متواترة من طريق العترة الطاهرة , وبذلك تراهم يضربون بظواهر الصحاح المخالفة للقرآن عرض الجدار , ولا يابهون بها , عملا باوامر ائمتهم عليهم السلام ).





راي السيد البروجردي الطباطبائي :::.

قـال الـشـيخ لطف اللّه الصافي عن استاذه آية اللّه السيد حسين البروجردي ( فانه افاد في بعض ابحاثه في الاصول كما كتبنا عنه , بطلان القول بالتحريف , وقداسة القرآن عن وقوع الزيادة فيه , وان الـضـرورة قـائمة على خلافه , وضعف اخبار النقيصة غاية الضعف سندا ودلالة وقال : وان بـعـض هـذه الروايات تشتمل على ما يخالف القطع والضرورة , وما يخالف مصلحة النبوة وقال في آخـر كـلامـه الـشـريف : ثم العجب كل العجب من قوم يزعمون ان الاخبار محفوظة في الالسن والـكتب في مدة تزيد على الف وثلاثمائة سنة , وانه لو حدث فيها نقص لظهر , ومع ذلك يحتملون تطرق النقيصة الى القرآن المجيد ).






راي السيد محسن الحكيم الطباطبائي :::.

( وبـعد , فان راي كبار المحققين , وعقيدة علماء الفريقين , ونوع المسلمين من صدر الاسلام الى الـيـوم عـلـى ان الـقرآن بترتيب اليات والسور والجمع كما هو المتداول بالايدي , لم يقل الكبار بتحريفه من قبل , ولا من بعد ).

FATIMA..2 18-07-2002 08:52 AM

راي السيد محمد هادي الميلاني :::.

( الـحـمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى اقول بضرس قاطع ان القرآن الكريم لم يقع فيه اي تـحريف لابزيادة ولا بنقصان , ولا بتغيير بعض الالفاظ , وان وردت بعض الروايات في التحريف المقصود منها تغيير المعنى براء وتوجيهات وتاويلات باطلة , لا تغيير الالفاظ والعبارات واذا اطلع احد على رواية وظن بصدقها وقع في اشتباه وخطا , وان الظن لا يغني من الحق شيئا ).




راي السيد محمد رضا الكلبايكاني :::.


( وقال الشيخ لطف اللّه الصافي دام ظله : ولنعم ما افاده العلامة الفقيه والمرجع الديني السيد محمد رضـا الـكـلـبـايكاني بعد التصريح بان ما في الدفتين هو القرآن المجيد , ذلك الكتاب لا ريب فيه , والـمجموع المرتب في عصر الرسالة بامر الرسول صلى اللّه عليه وآله , بلا تحريف ولا تغيير ولا زيادة ولا نقصان , واقامة البرهان عليه : ان احتمال التغيير زيادة ونقيصة في القرآن كاحتمال تـغـيير المرسل به , واحتمال كون القبلة غير الكعبة في غاية السقوط لا يقبله العقل , وهو مستقل بامتناعه عادة ).




راي السيد محمد حسين الطباطبائي :::.


( فـقد تبين مما فصلناه ان القرآن الذي انزله اللّه على نبيه صلى اللّه عليه وآله ووصفه بانه ذكر مـحـفوظ على ما انزل , مصون بصيانة الهية عن الزيادة والنقيصة والتغيير كما وعد اللّه نبيه فيه وخـلاصـة الـحجة ان القرآن انزله اللّه على نبيه ووصفه في آيات كثيرة باوصاف خاصة لو كان تـغـيير في شئ من هذه الاوصاف بزيادة او نقيصة او تغيير في لفظ او ترتيب مؤثر , فقد آثار تلك الـصـفـة قـطـعا , لكنا نجد القرآن الذي بايدينا واجدا لثار تلك الصفات المعدودة على اتم ما يمكن واحـسن ما يكون , فلم يقع فيه تحريف يسلبه شيئا من صفاته , فالذي بايدينا منه هو القرآن المنزل عـلى النبي صلى اللّه عليه وآله بعينه , فلو فرض سقوط شئ منه او اعراب او حرف او ترتيب , وجـب ان يـكـون فـي امـر لا يؤثر في شئ من اوصافه كالاعجاز وارتفاع الاختلاف , والهداية , والـنـوريـة , والذكرية , والهيمنة على سائر الكتب السماوية , الى غير ذلك , وذلك كية مكررة ساقطة , او اختلاف في نقطة او اعراب ونحوها ).




راي السيد ابو القاسم الخوئي :::.


( ان حـديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال , لا يقول به الا من ضعف عقله او من لم يتامل في اطرافه حق التامل , او من الجاه اليه حب القول به , والحب يعمي ويصم واما العقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه وخرافته ).




راي الشيخ لطف اللّه الصافي :::.

( الـقـرآن معجزة نبينا محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم وهو الكتاب الذي لا ياتيه الباطل من بين يـديـه ولا من خلفه , قد عجز الفصحاء عن الاتيان بمثله , وبمثل سورة او آية منه , وحير عقول الـبـلغاء , وفطاحل الادباء وقد مر عليه اربعة عشر قرنا , ولم يقدر في طول هذه القرون احد من الـبـلغاء ان ياتي بمثله , ولن يقدر على ذلك احد في القرون التية والاعصار المستقبلة , ويظهر كل يوم صدق ما اخبر اللّه تعالى به فان لم تفعلوا ولن تفعلوا هذا هو القرآن , وهو روح الامة الاسلامية وحـياتها ووجودها وقوامها , ولولا القرآن لما كان لنا كيان هذا القرآن هو كل ما بين الدفتين ليس فـيه شئ من كلام البشر وكل سورة من سوره وكل آية من آياته , متواتر مقطوع به ولا ريب فيه دلـت عليه الضرورة والعقل والنقل القطعي المتواتر هذا هو القرآن عند الشيعة الامامية , ليس الى الـقـول فيه بالنقيصة فضلا عن الزيادة سبيل , ولا يرتاب في ذلك الا الجاهل , او المبتلى بالشذوذ الفكري ).

FATIMA..2 18-07-2002 09:07 AM

أنسان...................






وإلى الأخ أنسان الذي لم يقراء ولاكلمة واحدة من الذي كتبت في الأعلى و أراد أن يتهمنا بوثيقة لانقر بها وحتى الوثيقة التي أرفق لاتحوي أي مصدر لا من قريب ولامن بعيد لكن أقول له دعك من عنجهيتك وقراء وتأمل ما وضعت من مواضيع أما صرف النضر و الحياد عمَّ وضعته أنا في الأعلى فلن يجدي نفعاً معه و أهديه هذا الرابط من صحيح البخاري إذا كان قد أطلع في حياته عليه من قبل




نسيان القرآن وهل يقول نسيت آية كذا وكذا
فضائل القرآن
صحيح البخاري

http://hadith.al-islam.com/Display/D...Doc=0&Rec=7505

‏ ‏حدثنا ‏ ‏أحمد ابن أبي رجاء ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو أسامة ‏ ‏عن ‏ ‏هشام بن عروة ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة ‏ ‏قالت ‏
‏سمع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏رجلا ‏ ‏يقرأ في سورة بالليل فقال ‏ ‏يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا

==========


من لم ير بأسا أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وكذا
فضائل القرآن
صحيح البخاري

http://hadith.al-islam.com/Display/D...Doc=0&Rec=7510

‏ ‏حدثنا ‏ ‏بشر بن آدم ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏علي بن مسهر ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏هشام ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة ‏ ‏رضي الله عنها ‏ ‏قالت ‏
‏سمع النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قارئا يقرأ من الليل في المسجد فقال ‏ ‏يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتها من سورة كذا وكذا

======================


أستغفر الله ربي ...لم تكتفوا بل حتى جعلتم الرسول ينسى ما أوحي إليه

أنها لكبيرة عند الله







لاترمي الأخرين بالحجارة إذا كان بيتك من زجاج
بل بيتك أوهن من عش العنكبوت

إنسان 18-07-2002 09:09 AM

ماهذه الوثيقة يارافضة


[page]http://www.ansar.org/arabic/qome.htm[/page]

FATIMA..2 18-07-2002 09:14 AM

و أعود إلى صلب الموضوع








الاَئمّة من علماء الشيعة ينفون التحريف




إنّ المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم ، والمتسالم عليه بينهم ، هو القول بعدم التحريف في القرآن الكريم ، وقد نصّوا على أنّ الذي بين الدفّتين هو جميع القرآن المُنْزَل على النبيّ الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم دون زيادة أو نقصان ، ومن الواضح أنّه لا يجوز إسناد عقيدةٍ أو قولٍ إلى طائفةٍ من الطوائف إلاّ على ضوء كلمات أكابر علماء تلك الطائفة ، وباعتماد مصادرها المعتبرة ، وفيما يلي نقدّم نماذج من أقوال أئمة الشيعة الاِمامية منذ القرون الاُولى وإلى الآن ، لتتّضح عقيدتهم في هذه المسألة بشكل جلي :
1 ـ يقول الاِمام الشيخ الصدوق ، محمّد بن علي بن بابويه القمي ، المتوفّى سنة (381 هـ) في كتاب (الاعتقادات) : «اعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله الله على نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم هو مابين الدفّتين ، وهو ما في أيدي الناس ، ليس بأكثر من ذلك ، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة.. ومن نسب إلينا أنّا نقول إنّه أكثر من ذلك فهو كاذب» (1).
2 ـ ويقول الاِمام الشيخ المفيد ، محمّد بن محمّد بن النعمان ، المتوفّى سنة (413 هـ) في (أوائل المقالات) : «قال جماعة من أهل الاِمامة : إنّه لم ينقص من كَلِمة ولا من آية ولا من سورة ، ولكن حُذِف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله ، وذلك كان ثابتاً منزلاً ، وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز ، وعندي أنّ هذا القول أشبه ـ أي أقرب في النظر ـ مِن مقال من أدّعى نقصان كَلِمٍ من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل ، وإليه أميل» (2) .

========
(1) الاعتقادات : 93 .
(2) أوائل المقالات : 55 .
========


وفي (أجوبة المسائل السروية) ، قال : «فان قال قائل : كيف يصحّ القول بأنّ الذي بين الدفّتين هو كلام الله تعالى على الحقيقة من غير زيادة فيه ولانقصان ، وأنتم تروون عن الاَئمّة عليهم السلام أنّهم قرأوا «كنتم خير أئمّة أُخرجت للناس» ، «وكذلك جعلناكم أئمّة وسطاً» . وقرأوا «يسألونك الاَنفال» . وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في أيدي الناس ؟
قيل له : إنّ الاَخبار التي جاءت بذلك أخبار آحاد لايُقْطَع على الله تعالى بصحّتها ، فلذلك وقفنا فيها ، ولم نعدل عمّا في المصحف الظاهر ، على ما أُمِرنا به (1)حسب مابيّناه مع أنّه لايُنْكر أن تأتي القراءة على وجهين منزلين ، أحدهما : ما تضمّنه المصحف ، والثاني : ما جاء به الخبر، كما يعترف به مخالفونا من نزول القرآن على أوجهٍ شتّى» (2).
3 ـ ويقول الاِمام الشريف المرتضى ، عليّ بن الحسين الموسوي ، المتوفّى سنة (436 هـ) في (المسائل الطرابلسيات) : «إنّ العلم بصحّة نقل القرآن ، كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام ، والكتب


=========

(1) روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : «اقرءوا كما عُلّمتم...» ، وقال عليه السلام : «اقرءُوا كما يقرأ الناس».
(2) المسائل السروية : 83 تحقيق الاستاذ صائب عبدالحميد .
=========


المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ، فإنّ العناية اشتدّت ، والدواعي توفرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حدّ لم يَبْلُغه في ما ذكرناه ‎؛ لاَنّ القرآن معجزة النبوّة ، ومأخذ العلوم الشرعية والاَحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتّى عرفوا كلّ شيءٍ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد ؟!
وقال أيضاً : إنّ العلم بتفضيل القرآن وأبعاضه في صحّة نقله كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ماعُلِم ضرورةً من الكتب المصنّفة ككتابي سيبويه والمزني ، فإنّ أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها مايعلمونه من جملتها ، حتّى لو أنّ مُدْخِلاً أدخل في كتاب سيبويه باباً ليس من الكتاب لُعرِف ومُيّز ، وعُلِم أنّه مُلْحَقٌ وليس من أصل الكتاب ، وكذلك القول في كتاب المزني ، ومعلومٌ أنّ العناية بنقل القرآن وضبطهِ أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء» .
وذكر : «أنّ من خالف في ذلك من الاِمامية والحشوية لايعتدّ بخلافهم ، فإنّ الخلاف في ذلك مضافٌ إلى قومٍ من أصحاب الحديث ، نقلوا أخباراً ضعيفة ظنّوا صحّتها ، لايرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحّته»(1)
وذكر ابن حزم أنّ الشريف المرتضى كان يُنكر من زعم أنّ القرآن بُدّل ، أو زيد فيه ، أو نُقِص منه ، ويكفّر من قاله ، وكذلك صاحباه أبو يعلى الطوسي وأبو القاسم الرازي (2).


========
(1) مجمع البيان 1 : 83 .
(2) الفصل في الملل والنحل 4 : 182 .
========


4 ـ ويقول الاِمام الشيخ الطوسي ، محمد بن الحسن ، المعروف بشيخ الطائفة ، المتوفّى سنة (460 هـ) في مقدمة تفسيره (التبيان) : «المقصود من هذا الكتاب علم معانيه وفنون أغراضه ، وأمّا الكلام في زيادته ونقصانه فممّا لا يليق به أيضاً ، لاَنّ الزيادة فيه مجمعٌ على بطلانها ، والنقصان منه فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الاَليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الذي نصره المرتضى رحمه الله ، وهو الظاهر من الروايات ، غير أنّه رُويت روايات كثيرة من جهة الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من آي القرآن ، ونقل شيءٍ من موضع إلى موضع ، طريقها الآحاد التي لاتُوجِب علماً ولا عملاً ، والاَولى الاعراض عنها وترك التشاغل بها ، لاَنّه يمكن تأويلها ، ولو صَحّت لماكان ذلك طعناً على ماهو موجودٌ بين الدفّتين ، فإنّ ذلك معلومٌ صحّته لايعترضه أحدٌ من الاَُمّة ولا يدفعه» (1).
5 ـ ويقول الاِمام الشيخ الطبرسي ، أبو علي الفضل بن الحسن المتوفى سنة (548 هـ )، في مقدمة تفسيره (مجمع البيان) : «ومن ذلك الكلام في زيادة القرآن ونقصانه ، فانّه لا يليق بالتفسير ، فأمّا الزيادة فمجمعٌ على بطلانها ، وأمّا النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامّة أنّ في القرآن تغييراً ونقصاناً ؛ والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه، وهو الذي نصره المرتضى ، واستوفى الكلام فيه غاية «الاستيفاء»(2) .


=========

(1) التبيان 1 : 3 .
(2) مجمع البيان 1 : 83 .

=========

6 ـ ويقول الاِمام العلاّمة الحلي ، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر ، المتوفّى( سنة 726 هـ) في (أجوبة المسائل المهناوية) حيثُ سُئل ما يقول سيدنا في الكتاب العزيز ، هل يصحّ عند أصحابنا أنّه نقص منه شيءٌ ، أو زِيد فيه ، أو غُيِّر ترتيبه ، أم لم يصحّ عندهم شيءٌ من ذلك ؟
فأجاب : «الحقّ أنّه لا تبديل ولا تأخير ولا تقديم فيه ، وأنّه لم يزد ولم ينقص ، ونعوذ بالله تعالى من أن يُعْتَقَد مثل ذلك وأمثال ذلك ، فإنّه يُوجِب التطرّق إلى معجزة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المنقولة بالتواتر» (2).
7 ـ ويقول الاِمام الشيخ البهائي ، محمد بن الحسين الحارثي العاملي ، المتوفّى سنة 1030 هـ ، كما نقل عنه البلاغي في (آلاء الرحمن) : «الصحيح أنّ القرآن العظيم محفوظٌ عن التحريف ، زيادةً كان أو نقصاناً ، ويدلّ عليه قوله تعالى : ( وإنّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) وما اشتهر بين الناس من اسقاط اسم أمير المؤمنين عليه السلام منه في بعض المواضع ، مثل قوله تعالى (يا أيُّها الرسولُ بَلّغ ما أُنْزِل إليكَ ـ في عليّ ـ ) وغير ذلك ، فهو غير معتبرٍ عند العلماء» (3).
8 ـ ويقول الاِمام الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، المتوفّى سنة (1228 هـ ) في (كشف الغطاء) : «لا ريب في أنّ القرآن محفوظٌ من النقصان بحفظ الملك الديّان ، كما دلّ عليه صريح الفرقان ، واجماع العلماء في جميع


=========
(2) أجوبة المسائل المهناوية : 121 .
(3) آلاء الرحمن 1 : 26 .

=========

الاَزمان ، ولاعبرة بالنادر ، وما ورد في أخبار النقيصة تمنع البديهة من العمل بظاهرها ، ولاسيّما مافيه نقص ثلث القرآن أو كثير منه ، فإنّه لو كان كذلك لتواتر نقله ، لتوفّر الدواعي عليه ، ولا تّخذه غير أهل الاِسلام من أعظم المطاعن على الاِسلام وأهله ، ثمّ كيف يكون ذلك وكانوا شديدي المحافظة على ضبط آياته وحروفه» (1).
9 ـ ويقول الاِمام المجاهد السيد محمد الطباطبائي ، المتوفّى سنة (1242 هـ) في (مفاتيح الاُصول) : «لاخلاف أنّ كل ماهو من القرآن يجب أن يكون متواتراً في أصله وأجزائه ، وأمّا في محلّه ووضعه وترتيبه فكذلك عند محقّقي أهل السنة ، للقطع بأنّ العادة تقضي بالتواتر في تفاصيل مثله، لاَنّ هذا المعجز العظيم الذي هو أصل الدين القويم ، والصراط المستقيم ، ممّا توفّرت الدواعي على نقل جمله وتفاصيله ، فما نقل آحاداً ولم يتواتر ، يقطع بأنّه ليس من القرآن قطعاً» (2).
10 ـ ويقول الاِمام الشيخ محمد جواد البلاغي ، المتوفّى سنة (1352 هـ ) في (آلاء الرحمن) : «ولئن سمعت من الروايات الشاذّة شيئاً في تحريف القرآن وضياع بعضه ، فلا تُقِم لتلك الروايات وزناً ، وقلَّ ما يشاء العلم في اضطرابها ووهنها وضعف رواتها ومخالفتها للمسلمين ، وفيما جاءت به في مروياتها الواهية من الوهن، وما ألصقته بكرامة القرآن ممّا ليس له شَبَه به»(3).

=========
(1) كشف الغطاء : 229 .
(2) البرهان للبروجردي : 120 .
(3) آلاء الرحمن 1 : 18 .

=========

FATIMA..2 18-07-2002 09:16 AM

11 ـ ويقول الاِمام الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء ، المتوفّى سنة( 1373 هـ) في (أصل الشيعة وأصولها) : «إنّ الكتاب الموجود في أيدي المسلمين ، هو الكتاب الذي أنزله الله إليه صلى الله عليه وآله وسلم للاعجاز والتحدّي ، ولتعليم الاَحكام ، وتمييز الحلال من الحرام ، وإنّه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة ، وعلى هذا إجماعهم ، ومن ذهب منهم ، أو من غيرهم من فرق المسلمين ، إلى وجود نقصٍ فيه أو تحريفٍ ، فهو مخطئ، يَرُدّهُ نص الكتاب العظيم ( إنّا نحنُ نزّلنا الذكرَ وإنّا لَهُ لَحَافِظُونَ )) (الحجر15: 9).
والاَخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم الظاهرة في نقصه أو تحريفه ، ضعيفة شاذّة ، وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً ، فأمّا أن تُؤوّل بنحوٍ من الاعتبار أو يُضْرَب بها الجدار» (1).
12 ـ ويقول الاِمام السيد عبدالحسين شرف الدين العاملي ، المتوفّى سنة (1377 هـ) ، في (أجوبة مسائل جار الله) : «إنّ القرآن العظيم والذكر الحكيم ، متواترٌ من طُرقنا بجميع آياته وكلماته وسائر حروفه وحركاته وسكناته ، تواتراً قطعياً عن أئمة الهدى من أهل البيت عليهم السلام ، لا يرتاب في ذلك إلاّ معتوهٌ ، وأئمّة أهل البيت عليهم السلام كلّهم أجمعون رفعوه إلى جدّهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الله تعالى ، وهذا أيضاً ممّا لا ريب فيه . وظواهر القرآن الحكيم ، فضلاً عن نصوصه ، أبلغ حجج الله تعالى ، وأقوى أدلّة أهل الحقّ بحكم الضرورة الاَولية من مذهب الاِمامية ، وصحاحهم في ذلك متواترةٌ من طريق العِترة الطاهرة ، ولذلك تراهم يضربون بظواهر الصحاح المخالفة للقرآن عرض الجدار ولا يأبهون بها ، عملاً بأوامر أئمتهم عليهم السلام .

==========
(1) أصل الشيعة وأُصولها : 101 ـ 102 ط15 .

==========
وكان القرآن مجموعاً أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ماهو عليه الآن من الترتيب والتنسيق في آياته وسوره وسائر كلماته وحروفه ، بلا زيادةٍ ولا نقصانٍ ، ولا تقديمٍ ولا تأخيرٍ ، ولا تبديلٍ ولا تغيير» (1).
13 ـ ويقول الاِمام السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي ، المتوفّى سنة 1413 هـ ، في (البيان في تفسير القرآن) : «المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن ، وأنَّ الموجود بأيدينا هو جميع القرآن المنزل على النبي الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد صرح بذلك كثير من الاَعلام ، منهم رئيس المحدثين الشيخ الصدوق محمد بن بابويه ، وقد عدّ القول بعدم التحريف من معتقدات الاِمامية» (2).
ويقول أيضاً : «إنّ حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال ، لايقول به إلاّ من ضعف عقله ، أو من لم يتأمّل في أطرافه حقّ التأمّل ، أو من ألجأه إليه من يحبّ القول به ، والحبّ يعمي ويصمّ ، وأمّا العاقل المنصف المتدبّر فلا يشكّ في بطلانه وخرافته» (3).
14 ـ يقول الاِمام الخميني المتوفّى سنة 1409 هـ : «إنّ الواقف على عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه ، قراءةً وكتابةً ، يقف على بطلان تلك الروايات المزعومة . وما ورد فيها من أخبار ـ حسبما تمسّكوا به ـ إمّا ضعيف لا يصلح للاستدلال به ، أو موضوع تلوح عليه إمارات الوضع ، أو غريب يقضي بالعجب ، أمّا الصحيح منها فيرمي إلى مسألة التأويل ، والتفسير، وإنّ التحريف إنّما حصل في ذلك ، لا في لفظه وعباراته .

==========
(1) عبدالحسين شرف الدين | أجوبة مسائل جار الله : أُنظر ص 28 ـ 37 .
(2) البيان في تفسير القرآن : 200 .
(3) البيان في تفسير القرآن : 259 .

==========



وتفصيل ذلك يحتاج إلى تأليف كتاب حافل ببيان تاريخ القرآن والمراحل التي قضاها طيلة قرون ، ويتلخّص في أنّ الكتاب العزيز هو عين ما بين الدفّتين ، لا زيادة فيه ولا نقصان ، وأنّ الاختلاف في القراءات أمر حادث ، ناشئ عن اختلاف في الاجتهادات ، من غير أن يمسّ جانب الوحي الذي نزل به الروح الاَمين على قلب سيد المرسلين» (1).

========
(1) تهذيب الأصول 2: 165

FATIMA..2 18-07-2002 09:22 AM

ثلاث حقائق مهمّة !


قبل الخوض في موقف علماء الشيعة من روايات التحريف ، وعرض نماذج من هذه الروايات ، نرى لزاماً علينا بيان بعض الحقائق المتعلّقة بهذا الموضوع :
1 ـ إنّ من يحتجّ على الشيعة في مسألة تحريف القرآن ببعض الاَحاديث الموجودة في كتب بعض علمائهم ، فهو متحاملٌ بعيدٌ عن الانصاف ؛ لاَنّه لا يوجد بين مصنّفي الشيعة من التزم الصحّة في جميع ماأورده من أحاديث في كتابه ، كما لا يوجد كتابٌ واحدٌ من بين كتب الشيعة وُصِفت كلّ أحاديثه بالصحّة وقوبلت بالتسليم لدى الفقهاء والمحدّثين .

==========
(1) أجوبة مسائل جار الله ـ المسألة الرابعة : 31 ـ 37 .

==========



يقول الشيخ الاستاذ محمّد جواد مغنية : «إنّ الشيعة تعتقد أنّ كتب الحديث الموجودة في مكتباتهم ، ومنها (الكافي) و (الاستبصار) و (التهذيب) و (من لايحضره الفقيه) فيها الصحيح والضعيف ، وإنّ كتب الفقه التي ألّفها علماؤهم فيها الخطأ والصواب ، فليس عند الشيعة كتاب يؤمنون بأنّ كلّ مافيه حقٌّ وصوابٌ من أوّله إلى آخره غير القرآن الكريم ، فالاَحاديث الموجودة في كتب الشيعة لا تكون حجةً على مذهبهم ولا على أيّ شيعي بصفته المذهبية الشيعية ، وإنّما يكون الحديث حجّةً على الشيعي الذي ثبت عنده الحديث بصفته الشخصية» .
ويكفي أن نذكر هنا أنّ كتاب الكافي للشيخ محمد بن يعقوب الكليني المتوفّى 329 هـ ، وهو من الكتب الاَربعة التي عليها المدار في استنباط الاحكام الشرعية ، يحتوي على ستة عشر ألفاً ومئتي حديث ، صنفوا أحاديثه ـ بحسب الاصطلاح ـ إلى الصحيح والحسن والموثق والقوي والضعيف .
2 ـ لايجوز نسبة القول بالتحريف إلى الرواة أو مصنفي كتب الحديث ؛ لاَنّ مجرد رواية أو إخراج الحديث لا تعني أنّ الراوي أو المصنّف يعتقد بمضمون مايرويه أو يخرجه ، فقد ترى المحدث يروي في كتابه الحديثي خبرين متناقضين يخالف أحدهما مدلول الآخر بنحو لا يمكن الجمع بينهما ، فالرواية إذن أعم من الاعتقاد والقبول والتصديق بالمضمون ، وإلاّ لكان البخاري ومسلم وسواهما من أصحاب الصحاح والمجاميع الحديثية ، وسائر أئمّة الحديث ، وجُلّ الفقهاء والعلماء عند فرق المسلمين ، قائلين بالتحريف ؛ لاَنّهم جميعاً قد رووا أخباره في كتبهم وصحاحهم ! والاَمر ليس كذلك بالتأكيد ، فلو صحّ نسبة الاعتقاد بما يرويه الرواة إليهم للزم أن يكون هؤلاء وغيرهم من المؤلّفين ونقلة الآثار يؤمنون بالمتعارضات والمتناقضات ، وبما يخالف مذاهبهم ومعتقداتهم ، ماداموا يروون ذلك كلّه في كتبهم الحديثية ، وهذا ما لم يقل به ولا أدعاه عليهم ذو مسكة إذا أراد الانصاف .
3 ـ إنّ ذهاب بعض أهل الفرق إلى القول بتحريف القرآن ، أو إلى رأيٍ يتفرّد به ، لايصحّ نسبة ذلك الرأي إلى تلك الفرقة بأكملها ، لا سيما إذاكان ما ذهب إليه قد تعرّض للنقد والتجريح والانكار من قبل علماء تلك الفرقة ومحقّقيها ، فكم من كتبٍ كُتِبت وهي لا تعبّر في الحقيقة إلاّ عن رأي كاتبها ومؤلّفها ، ويكون فيها الغثّ والسمين ، وفيها الحقّ والباطل ، وتحمل بين طيّاتها الخطأ والصواب ، ولا يختصّ ذلك بالشيعة دون سواهم ، فذهاب قوم من حشوية العامّة إلى القول بتحريف القرآن لا يبرّر نسبة القول بالتحريف إلى أهل السنة قاطبة ، وذهاب الشيخ النوري المتوفى (1320 هـ ) إلى القول بنقص القرآن لايصلح مبرّراً لنسبة القول بالتحريف إلى الشيعة كافة ، وكذا لا يصحّ نسبة أقوال ومخاريق ابن تيميّة التي جاء بها من عند نفسه وتفرّد بها إلى أهل السنة بصورة عامة سيما وإنّ أغلب محققيهم قد أنكروها عليه ، فإذا صحّ ذلك فانّما هو شطط من القول وإسراف في التجنّي وإمعان في التعصّب ومتابعة الهوى .

=========


موقف علماء الشيعة من روايات التحريف



إنّ العلماء الاَجلاّء والمحققين من الشيعة ، لم يلتفتوا إلى ماورد في مجاميع حديثهم من الروايات الظاهرة بنقص القرآن ، ولا اعتقدوا بمضمونها قديماً ولا حديثاً ، بل أعرضوا عنها ، وأجمعوا على عدم وقوع التحريف في الكتاب الكريم ، كما تقدّم في كلمات أعلامهم .
وروايات الشيعة في هذا الباب يمكن تقسيمها إلى قسمين :
1 ـ الروايات غير المعتبرة سنداً؛ لكونها ضعيفة أو مرسلة أو مقطوعة ، وهذا هو القسم الغالب فيها ، وهو ساقط عن درجة الاعتبار .
2 ـ الروايات الواردة عن رجال ثقات وبأسانيد لا مجال للطعن فيها ، وهي قليلة جداً ، وقد بيّن العلماء أنّ قسماً منها محمولٌ على التأويل ، أو التفسير ، أو بيان سبب النزول ، أو القراءة ، أو تحريف المعاني لا تحريف اللفظ ، أو الوحي الذي هو ليس بقرآن ، إلى غير ذلك من وجوه ذكروها في هذا المجال ، ونفس هذه المحامل تصدق على الروايات الضعيفة أيضاً لو أردنا أن ننظر إليها بنظر الاعتبار ، لكن يكفي لسقوطها عدم اعتبارها سنداً .
أمّا الروايات التي لايمكن حملها وتوجيهها على معنى صحيح ، وكانت ظاهرة أو صريحة في التحريف ، فقد اعتقدوا بكذبها وضربوا بها عرض الحائط وذلك للاَسباب التالية :
1 ـ أنّها مصادمةٌ لما عُلِم ضرورةً من أنّ القرآن الكريم كان مجموعاً على عهد النبوّة .

2 ـ أنّها مخالفةٌ لظاهر الكتاب الكريم حيثُ قال تعالى : ( إنّا نحنُ نَزّلنا الذِّكر وإنّا لهُ لَحَافِظُون )(1) .
3 ـ أنّها شاذّةٌ ونادرةٌ ، والروايات الدالة على عدم التحريف مشهورةٌ أو متواترةٌ ، كما أنّها أقوى منها سنداً ، وأكثر عدداً ، وأوضح دلالة .
4 ـ أنّها أخبار آحاد ، ولا يثبت القرآن بخبر الواحد ، وإنّما يثبت بالتواتر، كما تقّدم في أدلّة نفي التحريف ، وقد ذهب جماعة من أعلام الشيعة الاِمامية إلى عدم حجّية الآحاد مطلقاً ، وإنّما قيل بحجيّتها إذا اقتضت عملاً ، وهي لا تقتضي ذلك في المسائل الاعتقادية ولا يُعبأ بها .

========
(1) الحجر15: 9.
========


نماذج من روايات التحريف في كتب الشيعة



سنورد هنا شطراً من الروايات الموجودة في كتب الشيعة الاِمامية ، والتي أدّعى البعض ظهورها في النقصان أو دلالتها عليه ، ونبيّن ماورد في تأويلها وعدم صلاحيتها للدلالة على النقصان ، وما قيل في بطلانها وردّها، وعلى هذه النماذج يقاس ما سواها ، وهي على طوائف :
الطائفة الاَولى : الروايات التي ورد فيها لفظ التحريف ، ومنها :
1 ـ ما رُوي في (الكافي) بالاسناد عن علي بن سويد ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن موسى عليه السلام وهو في الحبس كتاباً ـ وذكر جوابه عليه السلام ، إلى أن قال: ـ « أُؤتمنوا على كتاب الله ، فحرّفوه وبدّلوه » (1).
2 ـ ما رواه ابن شهر آشوب في (المناقب) من خطبة أبي عبدالله الحسين الشهيد عليه السلام في يوم عاشوراء وفيها : « إنّما أنتم من طواغيت الاَُمّة، وشُذّاذ الاَحزاب ، ونبذة الكتاب ، ونفثة الشيطان ، وعصبة الآثام ، ومحرّفي الكتاب » (2)

FATIMA..2 18-07-2002 09:23 AM

فمن الواضح أنّ المراد بالتحريف هنا حمل الآيات على غير معانيها ، وتحويلها عن مقاصدها الاَصلية بضروبٍ من التأويلات الباطلة والوجوه الفاسدة دون دليلٍ قاطعٍ ، أو حجةٍ واضحةٍ ، أو برهان ساطع ، ومكاتبة الاِمام الباقر عليه السلام لسعد الخير صريحةٌ في الدلالة على أنّ المراد بالتحريف
==========
(1) الكافي 8 : 125 | 95 .
(2) بحار الانوار 45 : 8 .

==========
هنا التأويل الباطل والتلاعب بالمعاني ، قال عليه السلام : « وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه ، وحرفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه... » (1)أي إنّهم حافظوا على ألفاظه وعباراته ، لكنّهم أساءوا التأويل في معاني آياته .
الطائفة الثانية : الروايات الدالّة على أنّ بعض الآيات المنزلة من القرآن قد ذُكِرت فيها أسماء الائمة عليهم السلام ، ومنها :
1 ـ ما رُوي في (الكافي) عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ، قال : «نزل جبرئيل بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله وسلم هكذا : ( وإن كُنْتُم في رَيْبٍ مِمّا نَزَّلنا عَلَى عَبْدِنا ـفي عليّ ـ فأتُوا بسُورةٍ مِن مِثْلِهِ ) . (البقرة2: 23)
2 ـ ما رُوي في (الكافي) عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله تعالى : ( من يُطعِ اللهَ ورَسُولَه ـ في ولاية عليّ والاَئمّة من بعده ـ فَقَد فَازَ فَوْزَاً عَظِيماً ) (الاحزاب 33: 71)هكذا نزلت (2).
3 ـ ما رُوي في (الكافي) عن منخل ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : «نزل جبرئيل على محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الآية هكذا ( يا أيُّها الذينَ أوتُوا الكتاب آمِنوا بما أنَزَّلنَا ـ في عليّ ـ نُوراً مُبِيناً ) .(4)
ويكفي في سقوط هذه الروايات عن درجة الاعتبار نصّ العلاّمة المجلسي في (مرآة العقول) على تضعيفها ، ويغنينا عن النظر في
========
(1) الكافي 8 : 53 | 16 .
(2) الكافي 1 : 417 | 26 .
(3) الكافي 1 : 414 | 8 .
(4) الكافي 1: 417/ 27 وصدر الآية من سورة النساء 4: 47 هكذا ( يا أيها الذين أمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم ...) وأما آخرها ( نور مبيناً ) فهو في نفس السورة آية : 147 هكذا ( يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم و أنزلنا إليكم نوراً مبينا ) ولعله سقط من الخبر شيء .
========


أسانيدها واحداً واحداً اعتراف المحدّث الكاشاني بعدم صحّتها (1)، وقول الشيخ البهائي : «ما اشتهر بين الناس من اسقاط اسم أمير المؤمنين عليه السلام من القرآن في بعض المواضع.. غير معتبرٍ عند العلماء» (2)، وعلى فرض صحّته يمكن حمل قوله : «هكذا نزلت» وقوله : «نزل جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الآية هكذا» على أنّه بهذا المعنى نزلت ، وليس المراد أنّ الزيادة كانت في أصل القرآن ثمّ حُذِفت .
قال السيد الخوئي : «إنّ بعض التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن وليس من القرآن نفسه ، فلابدّ من حمل هذه الروايات على أنّ ذكر أسماء الاَئمّة في التنزيل من هذا القبيل ، وإذا لم يتمّ هذا الحمل فلابدّ من طرح هذه الروايات لمخالفتها للكتاب والسُنّة والاَدلّة المتقدّمة على نفي التحريف» (3) .
وعلى فرض عدم الحمل على التفسير ، فإنّ هذه الروايات معارضة بصحيحة أبي بصير المروية في (الكافي) ، قال : سألتُ أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله تعالى : (يا أيها الذين آمنواأطِيعُوا الله وأطِيعُوا الرَّسُولَ وأولي الاَمر مِنْكُم) ( النساء4: 59). قال : فقال : « نزلت في عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام » . فقلت له : إنّ الناس يقولون : فما له لم يسمّ علياً وأهل بيته في كتاب الله ؟ قال عليهما السلام : « فقولوا لهم : إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ لهم ثلاثاً ولا أربعاً ، حتّى كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو
========
(1) الوافي 2 : 273 .
(2) آلاء الرحمن 1 : 26 .
(3) البيان في تفسير القرآن : 230 .

========
الذي فسّر لهم ذلك » (1). فتكون هذه الرواية حاكمة على جميع تلك الروايات وموضحة للمراد منها ، ويضاف إلى ذلك أنّ المتخلّفين عن بيعة أبي بكر لم يحتجّوا بذكر اسم الامام عليّ عليه السلام في القرآن ، ولو كان له ذكر في الكتاب لكان ذلك أبلغ في الحجة ، فهذا من الاَدلّة الواضحة على عدم ذكره في الآيات . ومما يُضاف لهذه الطائفة من الروايات أيضاً :
1 ـ ما رُوي في (الكافي) عن الاَصبغ بن نباتة ، قال : سَمِعتُ أمير المؤمنين عليه السلام يقول : « نزل القرآن أثلاثاً : ثلث فينا وفي عدوّنا ، وثلث سنن وأمثال ، وثلث فرائض وأحكام » (2).
2 ـ ما رُوي في (تفسير العياشي) عن الصادق عليه السلام ، قال : « لو قُرىء القرآن كما أُنزل لاَلفيتنا فيه مُسمّين » (3).
وقد صرّح العلاّمة المجلسي رحمه الله بأنّ الحديث الاَوّل مجهول ، أمّا الحديث الثاني فقد رواه العياشي مرسلاً عن داود بن فرقد ، عمّن أخبره ، عنه عليه السلام ، وواضح ضعف هذا الاسناد ، وعلى فرض صحّته فإنّ المراد بالتسمية هنا هو كون أسمائهم عليهم السلام مثبتة فيه على وجه التفسير ، لا أنّها نزلت في أصل القرآن ، أي لولا حذف بعض ما جاء من التأويل لآياته ، وحذف ما أنزله الله تعالى تفسيراً له ، وحذف موارد النزول وغيرها ، لاَلفيتنا فيه مُسمّين ، أو لو أُوّل كما أنزله الله تعالى وبدون كَدَر الاَوهام وتلبيسات أهل الزيغ والباطل لاَلفيتنا فيه مُسمّين .

========
(1) الكافي 1 : 286 | 1 .
(2) الكافي 2 : 627 | 2 .
(3) تفسير العياشي 1 : 13 | 4 .

========

FATIMA..2 18-07-2002 09:23 AM

الطائفة الثالثة : الروايات الموهمة بوقوع التحريف في القرآن بالزيادة والنقصان ، ومنها :
1 ـ ما رواه العياشي في (تفسيره) عن مُيسّر ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : « لولا أنّه زيد في كتاب الله ونقص منه ، ما خفي حقّنا على ذي حجا ، ولو قد قام قائمنا فنطق صدّقه القرآن » (1).
2 ـ ما رواه الكليني في (الكافي) والصفار في (البصائر) عن جابر ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « ما ادعى أحدٌ من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أُنزل إلاّكذّاب ، وما جمعه وحفظه كما أنزله الله تعالى إلاّ علي بن أبي طالب عليه السلام والاَئمّة من بعده عليهم السلام » (2).
3 ـ ما رواه الكليني في (الكافي) والصفار في (البصائر) عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام ، أنّه قال : « ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كلّه ظاهره وباطنه غير الاَوصياء » (3).
وهذه الطائفة قاصرةٌ أيضاً عن الدلالة على تحريف القرآن ، فالحديث الاَول من مراسيل العياشي ، وهو مخالف للكتاب والسُنّة ولاِجماع المسلمين على عدم الزيادة في القران ولا حرف واحد ، وقد أدعى الاجماع جماعة كثيرون من الاَئمة الاَعلام منهم السيد المرتضى والشيخ الطوسي والشيخ الطبرسي وغيرهم . أمّا النقص المشار إليه في الحديث الاَول فالمراد به نقصه من حيث عدم المعرفة بتأويله وعدم الاطلاع على باطنه ، لا نقص آياته وكلماته وسوره ، وقوله(عليه السلام)« ولو قد قام قائمنا فنطق صدّقه القرآن » فإنّ الذي يصدّق القائم (صلوات الله عليه) هو هذا القرآن الفعلي الموجود بين أيدي الناس ، ولو كان محرفاً حقّاً لم يصدقه القرآن ، فمعنى ذلك أنّ الاِمام الحجة (صلوات الله عليه) سوف يُظهر معاني القرآن على حقيقتها بحيث لا يبقى فيها أي لبسٍ أو غموض ، فيدرك كلّ ذي حجا أنّ القرآن يصدّقه ، فالمراد من الحديث الاَول ـ على فرض صحّته ـ أنّهم قد حرّفوا معانيه ونقصوها وأدخلوا فيها ما ليس منها حتى ضاع الاَمر على ذي الحجا.



========
(1) تفسير العياشي 1 : 13 | 6 .
(2) الكافي 1 : 228 | 1 ، بصائر الدرجات : 213 | 2 .
(3) الكافي 1 : 228 | 2 ، بصائر الدرجات : 213 | 1 .

========



أمّا الرواية الثانية ففي سندها عمرو بن أبي المقدام ، وقد ضعّفه ابن الغضائري (1) ، وفي سند الرواية الثالثة المنخّل بن جميل الاَسدي ، وقد قال عنه علماء الرجال : ضعيف ، فاسد الرواية ، متّهم بالغلوّ ، أضاف إليه الغلاة أحاديث كثيرة (2).
وعلى فرض صحّة الحديثين فإنّه يمكن توجيههما بمعنى آخر يساعد عليه اللفظ فيهما ، قال السيد الطباطبائي : «قوله عليه السلام : إنّ عنده جميع القرآن ؛ إلى آخره ، الجملة وإن كانت ظاهرةً في لفظ القرآن ، ومشعرة بوقوع التحريف فيه ، لكن تقييدها بقوله: «ظاهره وباطنه» يفيد أنّ المراد هو العلم بجميع القرآن ، من حيث معانيه الظاهرة على الفهم العادي ، ومعانيه المستبطنة على الفهم العادي» (3).

==========
(1) أُنظر مجمع الرجال 4 : 257 و 6 : 139 ، رجال ابن داود : 281 | 516 .
(2) أُنظر مجمع الرجال 4 : 257 و 6 : 139 ، رجال ابن داود : 281 | 516 .
(3) التحقيق في نفي التحريف : 62 .

==========
وقد أورد السيد عليّ بن معصوم المدني هذين الخبرين ضمن الاَحاديث التي استشهد بها على أنّ أمير المؤمنين عليه السلام والاَوصياء من أبنائه، علموا جميع مافي القرآن علماً قطعياً بتأييد إلهي ، وإلهام رباني ، وتعليم نبوي ، وذكر أنّ الاَحاديث في ذلك متواترةٌ بين الفريقين» (1).
ويمكن حمل الروايتين أيضاً على معنى الزيادات الموجودة في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام والتي أخذها عمّن لا ينطق عن الهوى تفسيراً ، أو تنزيلاً من الله شرحاً للمراد ، إلاّ أنّ هذه الزيادات ليست من القرآن الذي أُمِر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتبليغه إلى الاَُمّة .

الطائفة الرابعة : الروايات الدالّة على أنّ في القرآن أسماء رجال ونساء فأُلقيت منه ، ومنها :
1 ـ ما روي في (تفسير العياشي) مرسلاً عن الصادق عليه السلام ، قال : « إنّ في القرآن ما مضى ، وما يحدث ، وما هو كائن ، كانت فيه أسماء الرجال فألقيت، إنّما الاسم الواحد منه في وجوه لا تُحصى، يعرف ذلك الوصاة »(2)
2 ـ ما روي في (الكافي) عن البزنطي ، قال : دفع إليَّ أبو الحسن الرضا عليه السلام مصحفاً ، فقال : « لا تَنْظُر فيه » . ففتحته وقرأت فيه ( لم يكن الذين كفروا ...)( البينة 98: 1) فوجدت فيها اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم . قال : فبعث إليّ : « ابعث إليّ بالمصحف » (3).

=========
(1) شرح الصحيفة السجادية : 401 .
(2) تفسير العياشي 1 : 12 | 10 .
(3) الكافي 2 : 631 | 16 .

=========
3 ـ ما رواه الشيخ الصدوق في (ثواب الاعمال) عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : « سورة الاَحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم يا بن سنان ، إنّ سورة فضحت نساء قريش من العرب ، وكانت أطول من سورة البقرة ، ولكن نقصّوها وحرّفوها » (1). وهذه الروايات لا نصيب لها من الصحّة ، فهي بين ضعيف ومرسل ومرفوع ، ومن الممكن القول بأنّ تلك الاسماء التي أُلقيت إنّما كانت مثبتةً فيه على وجه التفسير لاَلفاظ القرآن وتبيين الغرض منها ، لا أنّها نزلت في أصل القرآن . وقد ذكر ذلك الفيض الكاشاني في (الوافي) والسيد الخوئي في (البيان) وغيرهما.. بل إنّ الشيخ الصدوق ـ وهو رئيس المحدّثين ـ الذي روى الخبر في كتابه (ثواب الاعمال) ينصّ في كتابه (الاعتقادات) على عدم نقصان القرآن ، وهذا مما يشهد بأنّهم قد يروون مالا يعتقدون بصحّته سنداً أو معنىً .
الطائفة الخامسة : الاَحاديث التي تتضمّن بعض القراءات المنسوبة إلى الاَئمة عليهم السلام ، ومنها :
1 ـ روى الكليني بإسناده عن عمران بن ميثم ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : « قرأ رجل على أمير المؤمنين عليه السلام : ( فإنَّهم لا يُكِذّبُونَكَ وَلكن الظَّالمينَ بآيات الله يَجْحَدُون ) (الأنعام6: 33) فقال عليه السلام : بلى والله لقد كذَّبوه أشدّ التكذيب، ولكنّها مخفّفة (لا يكذبونك) لا يأتون بباطل يكذبون به حقّك»(2).
2 ـ وروى الشيخ الكليني بإسناده عن أبي بصير ، عن الصادق عليه السلام أنه قرأ (هذا كتابٌ يُنْطَق عَلَيكُم بالحقِّ )(الجاثية : 29) ببناء الفعل للمفعول ، والقراءة المشهورة ( يَنْطِقُ ) بالبناء للفاعل ، قال عليه السلام : « إنَّ الكتاب لم يُنْطَق ولن يَنْطِق ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الناطق بالكتاب » (3).
وهذه القراءات لا تصلح مستمسكاً للقول بالتحريف ، لاَنَّ القرآن شيء والقراءات شيء آخر ، القرآن منقول إلينا بالتواتر ، وهذه القراءات منقولة بطريق الآحاد ، كما أن الاختلاف في كيفية الكلمة أو حركتها لا ينافي الاتفاق على أصلها .
قال الاِمام الصادق عليه السلام : « القرآن نزل على حرفٍ واحدٍ من عند الواحد» (4) ، وقال عليه السلام في حديث آخر : « إنَّ القرآن واحدٌ ، نزل من عند واحدٍ ، ولكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة » (5).
وقد حثَّ الاِمام الصادق عليه السلام شيعته وأصحابه على متابعة القراءة المعهودة لدى جمهور المسلمين حيثُ قال عليه السلام : « اقرأوا كما يقرأ الناس»(6).

==========
(1) ثواب الاَعمال : 100 .
(2) الكافي 8 : 200 | 241 .

==========

FATIMA..2 18-07-2002 09:25 AM

شبهات وردود



فيما يلي نعرض بعض الشبهات التي روّجها البعض متشبثاً بها للدلالة على وقوع التحريف ، وسنبيّن وجوه اندفاعها :
الأَِولى : أنّه كان لاَمير المؤمنين عليّ عليه السلام مصحف غير المصحف الموجود ، وقد أتى به إلى القوم فلم يقبلوا منه ، وكان مصحفه مشتملاً على أبعاض ليست موجودة في القرآن الذي بين أيدينا ، ممّا يترتّب عليه أنّ المصحف الموجود ناقصٌ بالمقارنة مع مصحف أمير المؤمنين عليه السلام ، وهذا هو التحريف الذي وقع الكلام فيه .
نقول : نعم ، تفيد طائفةٌ من أحاديث الشيعة وأهل السنة أنّ علياً عليه السلام اعتزل الناس بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليجمع القرآن العظيم ، وفي بعض الروايات : أنّ عمله ذاك كان بأمر الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأنّه عليه السلام قال : « لاأرتدي حتّى أجمعه » ، وروي أنّه لم يرتدِ إلاّ للصلاة حتّى جمعه (1).
ولكن أعلام الطائفة يذكرون بأنّ غاية ماتدلّ عليه الاَحاديث أنّ مصحف علي عليه السلام يمتاز عن المصحف الموجود بأنّه ، كان مرتّباً على حسب النزول ، وأنّه قدّم فيه المنسوخ على الناسخ ، وكتب فيه تأويل بعض الآيات وتفسيرها بالتفصيل على حقيقة تنزيلها ، أي كتب فيه التفاسير المنزلة تفسيراً من قبل الله سبحانه ، وأنّ فيه المحكم والمتشابه ، وأنّ فيه أسماء أهل الحقّ والباطل ، وأنّه كان بإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخطّ علي عليه السلام ، وأنّ فيه فضائح قومٍ من المهاجرين والاَنصار ، وجميع هذه الاختلافات لا توجب تغايراً في أصل القرآن وحقيقته .
========
(1) أُنظر: شرح ابن أبي الحديد 1 : 27 ، الاتقان 1 : 204 ، أنساب الاشراف 1 : 587 ، الطبقات الكبرى 2 : 338 ، مناهل العرفان 1 : 247 ، كنز العمال 2 : 588 | 4792 .

========


وأهمّ ما في هذه الاختلافات هو الزيادة التي كانت في مصحفه عليه السلام والتي يخلو عنها المصحف الموجود ، وهذه الزيادة قد تكون من جملة الاحاديث القدسية والتي هي وحي وليست بقرآن ، كما نصّ عليه الشيخ الصدوق في (الاعتقادات) (1). وقد تكون من جهة التأويل والتفسير وليست من أبعاض القرآن .
قال الشيخ المفيد رحمَهُ الله في (أوائل المقالات) : «ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله، وذلك كان مثبتاً منزلاً ، وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز ، وقد يسمّى تأويل القرآن قرآناً ، قال الله تعالى : (ولاتعْجَل بالقُرآنِ مِن قَبْل أن يُقْضى إليْكَ وَحْيُه وَقُلْ رَبِّ زِدْني عِلماً) (طه 20: 114) فيسمّى تأويل القرآن قرآناً ، وهذا ما ليس فيه بين أهل التفسير اختلاف»(2).
وقال السيد الخوئي : «إنّ اشتمال قرآنه عليه السلام على زيادات ليست في القرآن الموجود ، وإن كان صحيحاً ، إلاّ أنّه لا دلالة في ذلك على أنّ هذه الزيادات كانت من القرآن وقد أُسقطت منه بالتحريف ، بل الصحيح أنّ تلك الزيادات كانت تفسيراً بعنوان التأويل ، وما يؤول إليه الكلام ، أو
=========
(1) الاعتقادات : 93 .
(2) أوائل المقالات : 55 .

=========
بعنوان التنزيل من الله تعالى شرحاً للمراد» (1).
وخلاصة القول أنّ الادّعاء بوجود زيادات في مصحف عليّ عليه السلام هي من القرآن ادِّعاءٌ بلا دليل وهو باطل قطعاً ، ويدلّ على بطلانه جميع ماتقدم من الاَدلة القاطعة على عدم التحريف في القرآن .
الثانية : أنّ بعض الاَحاديث تفيد أنّ القرآن الكريم على عهد الاِمام المهدي عليه السلام يختلف عمّا هو عليه الآن ، ممّا يفضي إلى الشكّ في هذا القرآن الموجود ، ومن هذه الروايات :
1 ـ ما رواه الفتّال والشيخ المفيد ، عن أبي جعفر عليه السلام : « إذا قام القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ضرب فساطيط لمن يُعلّم الناس القرآن على ما أنزله الله عزّ وجل ، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم ؛ لاَنّه يخالف فيه التأليف»(2)
وروى نحوه النعماني في الغيبة (3).
2 ـ ما رواه الكليني في (الكافي) عن سالم بن سلمة ، قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : « إذا قام القائم قرأ كتاب الله عزّ وجل على حدّه ، وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام » (4).

هذان الحديثان وسواهما ممّا اعتمده القائلون بهذه الشبهة جميعها ضعيفة ، وإذا تجاوزنا النظر في أسانيدها نقول : لعلّ السرّ في تعليمه الناس القرآن هو مخالفة مصحفه عليه السلام للمصحف الموجود الآن من حيث التأليف، كما تدلّ عليه الرواية المتقدّمة عن أبي جعفر عليه السلام ، أو مخالفته من حيث الخصائص والميزات المذكورة في مصحف علي عليه السلام كما تدلّ عليه الرواية الثانية ، فعندئذٍ يحتاج إلى تفسيره وتأويله على حقيقة تنزيله، فهذه الشبهة مبتنيةٌ إذن على الشبهة السابقة ، ومندفعةٌ باندفاعها ، إذ إنّ القرآن في عهده (صلوات الله عليه) لا يختلف عن هذا القرآن الموجود من حيث الاَلفاظ ، وإنمّا الاختلاف في الترتيب ، أو في الزيادات التفسيرية ، كما تقدّم بيانه في الشبهة الاَُولى .



==========
(1) البيان في تفسير القرآن : 223 .
(2) ارشاد المفيد 2 : 386 تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام ، روضة الواعظين : 265 .
(3) غيبة النعماني : 318 و 319 .
(4) الكافي 2 : 633 | 23 .

==========

الثالثة : أنّ التحريف قد وقع في التوراة والانجيل ، وقد ورد في الاَحاديث عن النبي الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : «يكون في هذه الاَُمّة كلّ ماكان في بني إسرائيل ، حذو النعل بالنعل ، وحذو القذّة بالقذّة» (1). ونتيجة ذلك أنّ التحريف لابدّ من وقوعه في القرآن الكريم كما وقع في العهدين ، وهذا يوجب الشكّ في القرآن الموجود بين المسلمين ، وإلاّلم يصحّ معنى هذه الاَحاديث .
وقد أجاب السيد الخوئي عن هذه الشبهة بوجوه ، منها :
1 ـ إنّ الروايات المشار إليها أخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً .
2 ـ إنّ هذا الدليل لو تمّ لكان دالاً على وقوع الزيادة في القرآن أيضاً ، كما وقعت في التوراة والانجيل ، ومن الواضح بطلان ذلك .


===========
(1) الفقيه 1 : 203 | 609 .

===========
3 ـ إنّ كثيراً من الوقائع التي حدثت في الاَُمم السابقة لم يصدر مثلها في هذه الاَُمة ، كعبادة العجل ، وتيه بني إسرائيل أربعين سنة ، وغرق فرعون وأصحابه ، وملك سليمان للانس والجنّ ، ورفع عيسى إلى السماء، وموت هارون وهو وصيّ موسى قبل موت موسى نفسه.. وغير ذلك ممّا لا يسعنا إحصاؤه ، وهذا أدلّ دليل على عدم إرادة الظاهر من تلك الروايات ، فلابدّ من إرادة المشابهة في بعض الوجوه (1)، وبهذا الوجه اكتفى السيد الطباطبائي في تفسير الميزان (2).

===========
(1) البيان في تفسير القرآن : 221 .
(2) تفسير الميزان 12 : 120 .

===========



أهل السنة ينفون التحريف

إنّ المعروف من مذهب أهل السنة هو تنزيه القرآن الكريم عن الخطأ والنقصان ، وصيانته عن التحريف ، وبذلك صرّحوا في تفاسيرهم وفي كتب علوم القرآن ، إلاّ أنّه رويت في صحاحهم أحاديث يدلّ ظاهرها على التحريف ، تمسّك بها الحشوية منهم ، فذهبوا إلى وقوع التحريف في القران تغييراً أو نقصاناً ، كما أشار إلى ذلك الطبرسي في مقدمة تفسيره (مجمع البيان) (1)، وقد تقدّم قوله في تصريحات أعلام الاِمامية .
ولا شكّ أنّ ما كان ضعيفاً من هذه الاَحاديث فهو خارج عن دائرة البحث ، وأمّا التي صحّت عندهم سنداً ، فهي أخبار آحاد ، ولا يثبت القرآن بخبر الواحد ، على أنّ بعضها محمولٌ على التفسير ، أو الدعاء ، أو السُنّة ، أو الحديث القدسي ، أو اختلاف القراءة ، وأمّا مالا يمكن تأويله على بعض الوجوه ، فقد حمله بعضهم على نسخ التلاوة ، أي قالوا بنسخه لفظاً وبقائه حكماً ، وهذا الحمل باطلٌ ، وهو تكريسٌ للقول بالتحريف ، وقد نفاه أغلب محققيهم وعلمائهم على ما سيأتي بيانه في محلّه إن شاء الله تعالى ، وذهبوا إلى تكذيب وبطلان هذه الاَحاديث لاستلزامها للباطل، إذ إنّ القول بها يفضي إلى القدح في تواتر القرآن العظيم .
يقول عبد الرحمن الجزيري : «أمّا الاَخبار التي فيها أنّ بعض القران المتواتر ليس منه ، أو أنّ بعضاً منه قد حُذِف ، فالواجب على كلِّ مسلم


==========
(1) مجمع البيان 1 : 83 .

==========

تكذيبها بتاتاً ، والدعاء على راويها بسوء المصير» (1).
ويقول ابن الخطيب : «على أنّ هذه الاَحاديث وأمثالها ، سواء صحّ سندها أو لم يصحّ ، فهي على ضعفها وظهور بطلانها ، قلّة لا يعتدّ بها ، مادام إلى جانبها إجماع الاَُمّة ، وتظاهر الاَحاديث الصحيحة التي تدمغها وتظهر أغراض الدين والمشرّع بأجلى مظاهرها» (2).
وجماعة منهم قالوا بوضع هذه الاَحاديث واختلاقها من قبل أعداء الاِسلام والمتربصّين به ، يقول الحكيم الترمذي : «ما أرى مثل هذه الروايات إلاّ من كيد الزنادقة» .
ويقول الدكتور مصطفى زيد : «وأمّا الآثار التي يحتجّون بها.. فمعظمها مروي عن عمر وعائشة ، ونحن نستبعد صدور مثل هذه الآثار بالرغم من ورودها في الكتب الصحاح ، وفي بعض هذه الروايات جاءت العبارات التي لا تتّفق ومكانة عمر وعائشة، ممّا يجعلنا نطمئنّ إلى اختلاقها ودسّها على المسلمين» (3).
إذن ، فهم موافقون للشيعة الاِمامية في القول بنفي التحريف ، فيكون ذلك ممّا اتّفقت عليه كلمة المسلمين جميعاً ، يقول الدكتور محمّد التيجاني : «إنّ علماء السنة وعلماء الشيعة من المحقّقين ، قد أبطلوا مثل هذه الروايات واعتبروها شاذّة، وأثبتوا بالاَدلّة المقنعة بأنّ القرآن الذي بأيدينا هو نفس القرآن الذي أُنزل على نبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وليس فيه زيادةٌ ولا نقصان ولا تبديل ولا تغيير» (4).

==========
(1) الفقه على المذاهب الاَربعة 4 : 260 .
(2) الفرقان : 163 .
(3) النسخ في القرآن 1 : 283 .
(4) لاَكون مع الصادقين : 168 ـ 176 .

==========

أسير الجرح 18-07-2002 09:25 AM

لاحول ولا قوة الا بالله

شكرا أخت سلوى على الموضوع والله يجزيك خيرا


FATIMA..2 18-07-2002 09:26 AM

حقيقتان مهمّتان



إنّ قيل : إنّ الروايات التي ظاهرها نقصان القرآن ، أو وجود اللحن فيه ، مخرّجةٌ في كتب الصحاح عن بعض الصحابة ، وإنّ تكذيبها وإنكارها قد يوجب الطعن في صحّة تلك الكتب ، أو في عدالة الصحابة . نقول :
أولاً : إنّ القول بصحّة جميع الاَحاديث المخرّجة في كتابي مسلم والبخاري ـ وهما عمدة كتب الصحاح ـ وأنّ الاَُمّة تلقّتهما بالقبول ، غير مسلّم ، فلقد تكلّم كثير من الحفاظ وأئمة الجرح والتعديل في أحاديث موضوعةٍ وباطلةٍ وضعيفةٍ ، فتكلّم الدارقطني في أحاديث وعلّلها في (علل الحديث) ، وكذلك الضياء المقدسي في (غريب الصحيحين) ، والفيروز آبادي في (نقد الصحيح) وغيرهم ، وتكلّموا أيضاً في رجال رُوي عنهم في الصحيحين ، وهم مشهورون بالكذب والوضع والتدليس . وفيما يلي بعض الارقام والحقائق التي توضّح هذه المسألة بشكل جليّ :
1 ـ قد انتقد حفّاظ الحديث البخاري في 110 أحاديث ، منها 32 حديثاً وافقه مسلم فيها ، و 78 انفرد هو بها .
2 ـ الذي انفرد البخاري بالاخراج لهم دون مسلم أربعمائة وبضعة وثلاثون رجلاً ، المتكلّم فيه بالضعف منهم 80 رجلاً ، والذي انفرد مسلم بالاخراج لهم دون البخاري 620 رجلاً ، المتكلّم فيه بالضعف منهم 160 رجلاً .
3 ـ الاَحاديث المنتقدة المخرّجة عندهما معاً بلغت 210 حديثاً ، اختصّ البخاري منها بأقلّ من 80 حديثاً ، والباقي يختصّ بمسلم .
4 ـ هناك رواة يروي عنهم البخاري ، ومسلم لا يرتضيهم ولا يروي عنهم ، ومن أشهرهم عكرمة مولى ابن عباس .
5 ـ وقع في الصحيحين أحاديث متعارضة لا يمكن الجمع بينها ، فلو أفادت علماً لزم تحقّق النقيضين في الواقع ، وهو محال ، لذا أنكر العلماء مثل هذه الاَحاديث وقالوا ببطلانها .
وقد نصّ ببعض ما ذكرناه أو بجملته متقدّمو شيوخهم ومتأخروهم ، كالنووي والرازي وكمال الدين بن الهمّام ، وأبي الوفاء القرشي ، وأبي الفضل الاَدفوي ، والشيخ عليّ القاري ، والشيح محبّ الله بن عبد الشكور، والشيخ محمّد رشيد رضا ، وابن أمير الحاج ، وصالح بن مهدي المقبلي ، والشيخ محمود أبو ريّة ، والدكتور أحمد أمين ، والدكتور أحمد محمّد شاكر وغيرهم، معترفين ومذعنين بحقيقة أنّ الاَُمّة لم تتلقَّ أحاديث الصحيحين بالقبول ، أو أنّه ليس من الواجب الديني الاِيمان بكلّ ما جاء فيهما ، فتبيّن أنَّ جميع القول بالاجماع على صحّتهما لا نصيب له من الصحّة .
قال أبو الفضل الاَدفوي : «إنّ قول الشيخ أبي عمرو بن الصلاح : إنّ الاَُمّة تلقّت الكتابين بالقبول ؛ إن أراد كلّ الاَُمّة فلا يخفى فساد ذلك . وإن أراد بالاَُمّة الذين وجدوا بعد الكتابين فهم بعض الاَُمّة . ثمّ إن أراد كلّ حديث فيهما تُلقّي بالقبول من الناس كافّة فغير مستقيم ، فقد تكلّم جماعة من الحفّاظ في أحاديث فيهما ، فتكلّم الدارقطني في أحاديث وعلّلها ، وتكلّم ابن حزم في أحاديث كحديث شريك في الاِسراء ، وقال : إنّه خلط، ووقع في الصحيحين أحاديث متعارضة لا يمكن الجمع بينها ، والقطع لا يقع التعارض فيه» (1).
وقال الشيخ محمد رشيد رضا : «ليس من أُصول الدين ، ولا من أركان الاِسلام ، أن يؤمن المسلم بكلّ حديث رواه البخاري مهما يكن موضوعه، بل لم يشترط أحد في صحّة الاِسلام ، ولا في معرفته التفصيلية ، الاطلاع على صحيح البخاري والاقرار بكلّ ما فيه» (2).
فاتّضح أن ما يروّجه البعض من دعوى أنّ أحاديث نقصان القرآن ووجود اللحن فيه ، مخرجةٌ في الصحاح ، ولا ينبغي الطعن فيها ، ممّا لاأساس له ؛ لاَنّه مخالف للاجماع والضرورة ، ومحكم التنزيل ، فليس كلّ حديثٍ صحيحٍ يجوز العمل به ، فضلاً عن أن يكون العمل به واجباً ، ورواية الاَخبار الدالّة على التحريف غير مُسلّمة عند أغلب محقّقي أهل السنة إلاّ عند القائلين بصحّة جميع ما في كتب الصحاح ، ووجوب الاِيمان بكلّ ما جاء فيها ، وهؤلاء هم الحشوية ممّن لا اعتداد بهم عند أئمّة المذاهب .
ثانياً : دعوى الاجماع على عدالة جميع الصحابة باطلةٌ لا أصل لها ، إذ إنّ عمدة الاَدلّة القائمة على عدالتهم جميعاً ما روي أنّه صلى الله عليه وآله وسلم قال : «أصحابي كالنجوم ، بأيّهم اقتديتم اهتديتم » . وقد نصّ جمعٌ كبيرٌ من أعيان أهل السنة على أنّه حديثٌ باطلٌ موضوعٌ (3)، هذا فضلاً عن معارضته للكتاب والسُنّة والواقع التاريخي ، فقد نصّت كثيرٌ من الآيات القرآنية على أنّ بعض الاَصحاب ممّن هم حول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم خلال حياته ، كانوا منافقين فسقة ، كما في سورة التوبة وآل عمران والمنافقون ، ونصّت بعض الآيات على ارتداد قسم منهم بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم كقوله تعالى : ( أفَإن ماتَ أو قُتِلَ انْقَلَبْتُم على أعْقَابِكُم ) ( آل عممران 3: 144) ، وممّا يدلّ على ارتداد بعضهم بعده صلى الله عليه وآله وسلم حديث الحوض : « أنا فرطكم على الحوض ، ولاَنازَعَنّ أقواماً ثمّ لاَُغْلَبَنّ عليهم ، فأقول : يا ربِّ أصحابي . فيقال : إنّك لاتدري ما أحدثوا بعدك » (4) ، وقد عدّه الزبيدي الحديث السبعين من الاَحاديث المتواترة ، حيث رواه خمسون نفساً (5)، كما قامت الشواهد على جهل كثير من الاَصحاب بالقرآن الكريم والاحكام الشرعية ، كما أنّ بعضهم تسابّوا وتباغضوا وتضاربوا وتقاتلوا ، وحكت الآثار عن ارتكاب بعضهم الكبائر واقتراف السيئات كالزنا وشرب الخمر والربا وغير ذلك .
قال الرافعي : «لا يتوهمنّ أحدٌ أنّ نسبة بعض القول إلى الصحابة نصّ في أنّ ذلك القول صحيحٌ البتّة ، فإنّ الصحابة غير معصومين ، وقد جاءت روايات صحيحة بما أخطأ فيه بعضهم في فهم أشياء من القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك العهد هو ماهو» (6).


===========
(1) التحقيق في نفي التحريف : 312 .
(2) تفسير المنار 2 : 104 ـ 105 .
(3) أُنظر: لسان الميزان 2 : 117 ـ 118، 137ـ 138 ، ميزان الاعتدال 1 : 413 كنز العمال 1 : 198 | 1002 ، نظرية عدالة الصاحبة : 20 . الإمامة في أهم الكتب الكلامية وعقيدة الشيعة الإمامية : 463 ـ 514 .
(4) صحيح البخاري 9 : 90 | 26 ـ 29 ، صحيح مسلم 1 : 81 | 118 ـ 120 و 4 : 1796 | 32 ، مسند أحمد 5 : 37 و 44 و 49 و 73 ، سنن الترمذي 4 : 486 | 2193 ، سنن أبي داود 4: 221 | 4686 . والآية من سورة آل عمران 3 : 144 .
(5) التحقيق في نفي التحريف : 342 .
(6) اعجاز القرآن : 44 .

===========





إذن فنسبة أحد الاَقوال الدالّة على تحريف القرآن إلى أحد الصحابة ، لا تعني التعبّد به ، أو التعسّف في تأويله ، بل إنّ إمكانية ردّه وإنكاره قائمةٌ مادام شرط عدالة الجميع مرفوعاً

FATIMA..2 18-07-2002 09:30 AM

نماذج من روايات التحريف في كتب أهل السنة





نذكر هنا جملة من الروايات الموجودة في كتب أهل السنة ، ونبيّن ماورد في تأويلها ، وما قيل في بطلانها وإنكارها ، وعلى أمثال هذه النماذج يقاس ما سواها ، وهي على طوائف :
الطائفة الاَُولى : الروايات التي ذكرت سوراً أو آيات زُعِم أنّها كانت من القرآن وحُذِفت منه ، أو زعم البعض نسخ تلاوتها ، أو أكلها الداجن ، نذكر منها :
الاَُولى : أنّ سورة الاَحزاب تعدل سورة البقرة
1 ـ رُوي عن عائشة : «أنّ سورة الاَحزاب كانت تُقْرأ في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مائتي آية ، فلم نقدر منها إلاّ على ماهو الآن» (1). وفي لفظ الراغب : «مائة آية» (2).
2 ـ ورُوي عن عمر وأُبي بن كعب وعكرمة مولى ابن عباس : «أنّ سورة الاَحزاب كانت تقارب سورة البقرة ، أو هي أطول منها ، وفيها كانت آية الرجم» (3) .
3 ـ وعن حذيفة : «قرأتُ سورة الاَحزاب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنسيتُ منها
____________
(1) الاتقان 3 : 82 ، تفسير القرطبي 14 : 113 ، مناهل العرفان 1 : 273 ، الدر المنثور 6 : 560 .
(2) محاضرات الراغب 2 : 4 | 434 .
(3) الاتقان 3 : 82 ، مسند أحمد 5 : 132 ، المستدرك 4 : 359 ، السنن الكبرى 8 : 211 ، تفسير القرطبي 14 : 113 ، الكشاف 3 : 518 ، مناهل العرفان 2 : 111 ، الدر المنثور 6 : 559 .

--------------------------------------------------------------------------------

سبعين آية ما وجدتها» (1).
وقد حمل ابن الصلاح المدّعى زيادته على التفسير ، وحمله السيوطي وابن حزم على نسخ التلاوة ، والمتأمّل لهذه الروايات يلاحظ وجود اختلاف فاحش بينها في مقدار ماكانت عليه سورة الاَحزاب ، الاَمر الذي يشير إلى عدم صحّة هذه النصوص وبطلانها ، أمّا آية الرجم الواردة في الحديث الثاني فستأتي في القسم الرابع من هذه الطائفة .
الثانية : لو كان لابن آدم واديان...
رُوي عن أبي موسى الاَشعري أنّه قال لقرّاء البصرة : «كنّا نقرأ سورة نُشبّهها في الطول والشدّة ببراءة فأنسيتها ، غير أنّي حفظت منها : لو كان لابن آدم واديان من مالٍ لابتغى وادياً ثالثاً ، ولا يملاَ جوف ابن آدم إلاّ التراب» (2).
وقد حمل ابن الصلاح هذا الحديث علىالسنة ، قال : «إنّ هذا معروف في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أنّه من كلام الرسول ، لا يحكيه عن ربِّ العالمين في القرآن ويؤيده حديث روي عن العباس بن سهل ، قال: سمعت ابن الزبير على المنبر يقول : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لو أنّ ابن آدم أُعطي واديان..» وعدّه الزبيدي الحديث الرابع والاَربعين من الاَحاديث المتواترة وقال : «رواه من الصحابة خمسة عشر نفساً» (3). ورواه أحمد في
____________
(1) الدر المنثور 6 : 559 .
(2) صحيح مسلم 2 : 726 | 1050 .
(3) مقدمتان في علوم القرآن : 85 ـ 88 .

--------------------------------------------------------------------------------


(المسند) عن أبي واقد الليثي على أنّه حديث قدسيّ .(1)
أمّا إخبار أبي موسى بأنّه كان ثمّة سورة تشبه براءة في الشدّة والطول ، فلو كانت لحصل العلم بها ، ولما غفل عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة وكُتّاب الوحي وحُفّاظه وقُرّاؤه .
الثالثة : سورتا الخلع والحفد
روي أنّ سورتي الخلع والحفد كانتا في مصحف ابن عباس وأُبي بن كعب وابن مسعود ، وأنّ عمر بن الخطاب قنت بهما في الصلاة ، وأنّ أبا موسى الاَشعري كان يقرأهما.. وهما :
1 ـ «اللّهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك» .
2 ـ «اللّهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إنّ عذابك بالكافرين ملحق» (2).
وقد حملهما الزرقاني والباقلاني والجزيري وغيرهم على الدعاء ، وقال صاحب الانتصار : «إنّ كلام القنوت المروي : أنّ أُبي بن كعب أثبته في مصحفه ، لم تقم الحجّة بأنّه قرآن منزل ، بل هو ضرب من الدعاء ، ولو كان قرآناً لنقل إلينا وحصل العلم بصحّته» إلى أن قال : «ولم يصحّ ذلك عنه، وإنّما روي عنه أنّه أثبته في مصحفه ، وقد أثبت في مصحفه ما ليس
____________
(1) مسند أحمد 5 : 219 .
(2) مناهل العرفان 1 : 257 ، روح المعاني 1 : 25 .

--------------------------------------------------------------------------------


بقرآن من دعاء أو تأويل.. الخ» (1).
وقد روي هذا الدعاء في (الدر المنثور) والاتقان والسنن الكبرى و(المصنّف) وغيرها من عديد من الروايات عن ابن الضرس والبيهقي ومحمد بن نصر ، ولم يُصرّحوا بكونه قرآناً (2).
الرابعة : آية الرجم
روي بطرق متعدّدة أنّ عمر بن الخطاب ، قال : «إيّاكم أن تهلكوا عن آية الرجم.. والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس : زاد عمر في كتاب الله لكتبتها : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة ، نكالاً من الله ، والله عزيز حكيم . فإنّا قد قرأناها» (3).
وأخرج ابن أشتة في (المصاحف) عن الليث بن سعد ، قال : «إنّ عمر أتى إلى زيدٍ بآية الرجم ، فلم يكتبها زيد لاَنّه كان وحده» (4).
وقد حمل ابن حزم آية الرجم في (المحلى) على أنّها ممّا نسخ لفظه وبقي حكمه ، وهو حملٌ باطلٌ ، لاَنّها لو كانت منسوخة التلاوة لما جاء عمر ليكتبها في المصحف ، وأنكر ابن ظفر في (الينبوع) عدّها ممّا نسخ تلاوةً ، وقال : «لاَنّ خبر الواحد لا يُثبت القرآن» (5).

____________
(1) مناهل العرفان 1 : 264 .
(2) السنن الكبرى 2 : 210 ، المصنف لعبد الرزاق 3 : 212 .
(3) المستدرك 4 : 359 و 360 ، مسند أحمد 1 : 23 و 29 و 36 و 40 و 50 ، طبقات ابن سعد 3 : 334 ، سنن الدارمي 2 : 179 .
(4) الاتقان 3 : 206 .
(5) البرهان للزركشي 2 : 43 .

--------------------------------------------------------------------------------


وحملها أبو جعفر النحاس على السُنّة ، وقال : «إسناد الحديث صحيحٌ، إلاّ أنّه ليس حكمه حكم القرآن الذي نقله الجماعة عن الجماعة، ولكنها سُنّةٌ ثابتةٌ ، وقد يقول الاِنسان كنتُ أقرأ كذا لغير القرآن ، والدليل على هذا أنّه قال : لولا أنّي أكره أن يقال زاد عمر في القرآن ، لزدته» (1) .
الخامسة : آية الجهاد
رُوي أنّ عمر قال لعبد الرحمن بن عوف : «ألم تجد فيما أُنزل علينا : أن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّة ، فأنا لا أجدها ؟ قال : أُسقطت فيما أسقط من القرآن» (2).
نقول : ألم يرووا في أحاديث جمع القرآن أنّ الآية تُكتَب بشهادة شاهدين من الصحابة على أنّها ممّا أنزل الله في كتابه ؟ فما منع عمر وعبدالرحمن بن عوف من الشهادة على أنّ الآية من القرآن وإثباتها فيه ؟ فهذا دليلٌ قاطعٌ على وضع هذه الرواية ، وإلاّ كيف سقطت هذه الآية المدّعاة عن كُتّاب القرآن وحُفّاظه في طول البلاد وعرضها ، ولم تبق إلاّ مع عمر وعبد الرحمن بن عوف ؟
السادسة : آية الرضاع
رُوي عن عائشة أنّها قالت :« كان فيما أُنزل من القرآن : عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
____________
(1) الناسخ والمنسوخ : 8 .
(2) الاتقان 3 : 84 ، كنز العمال 2 : 567حديث | 4741 .

--------------------------------------------------------------------------------


وهنّ ممّا يقرأ من القرآن» (1).
لقد أوّل بعض المحقّقين خبر عائشة هذا بأنّه ليس الغرض منه أنّ ذلك كان آيةً من كتاب الله ، بل كان حكماً من الاَحكام الشرعية التي أوحى الله بها إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في غير القرآن ، وأمر القرآن باتّباعها ، فمعنى قولها: «كان فيما أُنزل من القرآن...» كان من بين الاَحكام التي أنزلها الله على رسوله وأمرنا باتّباعها في القرآن أن عشر رضعات يحرمن ، ثمّ نسخ هذا الحكم بخمس رضعات معلومات يحرمن ، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا الحكم باقٍ لم ينسخ ، فأمّا كونه منزلاً موحى به فذلك لاَنّه صلى الله عليه وآله وسلم لاينطق عن الهوى ، وأمّا كوننا مأمورين باتّباع ما جاء به الرسول من الاَحكام فلاَن الله تعالى قال : ( وَمَا آتاكُم الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَانَهاكُم عَنْهُ فَانْتَهُوا ) ( الحشر59: 7.) وحمله البعض على أنّه ممّا نسخت تلاوته وحكمه فأبطلوه ، وهذا الحمل باطلٌ على ما سيأتي بيانه . لكن بعض الشافعية والحنابلة حملوه على نسخ التلاوة ، وذلك لا يصحّ لاَنّ الظاهر من الحديث أنّ النسخ كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو أمرٌ باطلٌ بالاجماع ، وقد ترك العمل بهذا الحديث مالك بن أنس وهو راوي الحديث ، وأحمد بن حنبل وأبو ثور وغيرهم ، وقال الطحاوي والسرخسي وغيرهما ببطلانه وشذوذه وعدم صحته ، ومن المتأخرين الاَُستاذ السايس وتلميذه الاَُستاذ العريض وعبد الرحمن الجزيري وابن الخطيب وغيرهم (3).

____________
(1) صحيح مسلم 2: 1075|1452، سنن الترمذي 3: 456، المصنف للصنعاني 7: 467و 470..
(2) الفقه على المذاهب الاَربعة 4 : 259 .
(3) مشكل الآثار 3 : 6 ـ 8 ، الناسخ والمنسوخ : 10 ـ 11 ، أُصول السرخسي 2 : 78 ، فتح المنان: 223 ـ 230 ، التمهيد في علوم القرآن 2 : 282 ، الفقه على المذاهب الاربعة 4: 258 ـ 260.

--------------------------------------------------------------------------------

FATIMA..2 18-07-2002 09:30 AM

وهذا الحديث بلفظ «فتوفي رسول الله وهنّ ممّا يقرأ من القرآن» رواه أنس بن مالك عن عبدالله بن أبي بكر ، وقد رُوي عن غيره بدون هذا اللفظ، قال أبو جعفر النحاس : «قال بعض أجلّة أصحاب الحديث : قد روى هذا الحديث رجلان جليلان أثبت من عبد الله بن أبي بكر ، فلم يذكرا أنّ هذا فيه، وهما القاسم بن محمد بن أبي بكر ويحيى بن سعيد الاَنصاري» (1)، وقال الطحاوي : «هذا ممّا لا نعلم أحداً رواه كما ذكرنا غير عبدالله بن أبي بكر ، وهو عندنا وهمٌ منه» (2).
لكنّ خلوّ الرواية من هذا اللفظ لا يصحّح كونها قرآناً يُتلى ولا ينفيه ، قال صاحب المنار : «لو صحّ أنّ ذلك كان قرآناً يتلى لما بقي علمه خاصاً بعائشة ، بل كانت الروايات تكثر فيه ، ويعمل به جماهير الناس ، ويحكم به الخلفاء الراشدون ، وكل ذلك لم يكن» وقال : «إنّ ردّ هذه الرواية عن عائشة لاَهون من قبولها مع عدم عمل جمهور من السلف والخلف بها»(3).
السابعة : آية رضاع الكبير عشراً
رُوي عن عائشة أنَّها قالت : «نزلت آية الرجم ورضاع الكبير عشراً ، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري ، فلمّا مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها» (4).

____________
(1) الناسخ والمنسوخ : 10 ـ 11 .
(2) مشكل الآثار 3 : 7 ـ 8 .
(3) تفسير المنار 4 : 472 .
(4) مسند أحمد 6 : 269 ، المحلّى 11 : 235 ، سنن ابن ماجة 1 : 625 ، الجامع لاَحكام القرآن 14 : 113 .

--------------------------------------------------------------------------------


وظاهرٌ من هذه الرواية أنّه لم يحفظ القرآن ولم يكتبه غير عائشة ، وهو أمرٌ في غاية البعد والغرابة ، فأين سائر الصحابة والحُفّاظ والكتبة منهم ، قال السرخسي : «حديث عائشة لا يكاد يصحّ ؛ لاَنّ بهذا لا ينعدم حفظه من القلوب ، ولا يتعذّر عليهم به إثباته في صحيفة أُخرى ، فعرفنا أنّه لاأصل لهذا الحديث» (1). أمّا بالنسبة لآية الرجم المذكورة في الحديث فقد تقدم أنّه لا يصحّ اعتبارها قرآنا لكونها من أخبار الآحاد ، وحكم الرجم من السنن الثابتة عن الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم .
ثم إنّ هذا الحكم ـ في رضاع الكبير عشراً ـ قد انفردت به عائشة ، وعارضها فيه سائر أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم تأخذ واحدة منهنّ بقولها في ذلك ، وأنكره أيضاً ابن مسعود على أبي موسى الاَشعري ، وقال : «إنّما الرضاعة ما أنبت اللحم والدم» فرجع أبو موسى عن القول به (2).
الثامنة : آية الصلاة على الذين يصلون في الصفوف الاَُولى !
عن حميدة بنت أبي يونس ، قالت : «قرأ عليّ أبي ، وهو ابن ثمانين سنة ، في مصحف عائشة : إنّ الله وملائكته يصلّون على النبيّ يا أيُّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليماً وعلى الذين يصلون في الصفوف الاَُولى». قالت : «قبل أن يغيّر عثمان المصاحف» (3).
وظاهر أنّ هذا من الآحاد التي لايثبت بها قرآن ، وإلاّ فكيف فات هذا
____________
(1) أُصول السرخسي 2 : 79 .
(2) جامع بيان العلم 2 : 105 .
(3) الاتقان 3 : 82 .

--------------------------------------------------------------------------------


عن سائر الصحابة وكُتّاب الوحي منهم وحُفّاظه وجُمّاعه ، واختصت به عائشة دونهم ؟ ولو صحّ فهو روايةٌ عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فاعتقدت عائشة كونها من القرآن فكتبتها ، حيثُ روي عن البراء بن عازب أنّه قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ الله وملائكته يصلون على الصفوف الاَُوّل» (1)، وروي عن عائشة أنّها قالت : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ الله وملائكته يصلّون على الذين يَصِلُون الصفوف» (2)، ولعلّه أيضاً ممّا يُكْتب في حاشية المصحف، حيث كانوا يسجّلون مايرون له أهميةً وشأناً في حاشية مصاحفهم الخاصّة.
التاسعة : عدد حروف القرآن
أخرج الطبراني عن عمر بن الخطاب ، قال : «القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف» (3). بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار ، قال الذهبي : «تفرّد محمّد بن عبيد بهذا الخبر الباطل» (4)، هذا فضلاً عن الاختلاف في رواية عدد الحروف ، فقد روي ألف ألف وواحد وعشرون ألفاً ومئة وخمسون حرفاً ، وقيل : غير ذلك ، الاَمر الذي يضعف الثقة بصحة صدورها .
وإذا صحّ ذلك فلعلّه من الوحي الذي ليس بقرآن كالاَحاديث القدسية؛ وقد لاحظنا في أدلّة نفي التحريف أنّه بلغ من الدقّة والتحرّي
____________
(1) المصنف لعبد الرزاق 2 : 484 .
(2) المستدرك 1 : 214 .
(3) الاتقان 1 : 242 .
(4) ميزان الاعتدال 3 : 639 .

--------------------------------------------------------------------------------


في ثبت آيات القرآن أن يحمل بعض الصحابة السيف لحذف حرف واحد منه ، فكيف يحذف ثلثاه ولم نجد معارضاً منهم ، ولا مطالباً بتدوين ما بقي من ثلثيه ؟! هذا فضلاً عن وجود كثير من الصحابة ممّن جمع القرآن كلّه أو بعضه في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ كما سيأتي بيانه ـ حفظاً في الصدور ، أو تدويناً في القراطيس ، فكانت القراطيس شاهدة على ما في الصدور ، والصدور شاهدة على ما في القراطيس ، فكيف يضيع ثلثاه في حال كهذه؟!
وأخيراً فأنّ الملاحظ على كثير ممّا أدّعي أنّه من القرآن مخالفته لقواعد اللغة وأُسلوب القرآن الكريم وبلاغته السامية ، ممّا يدل على أنّه ليس بكلام الخالق تعالى ، وليست له طلاوته ، ولا به حلاوته وعذوبته ، وليست عليه بهجته ، بل يتبّرأ من ركاكته وانحطاطه وتهافته المخلوقون ، فكيف برب العالمين ، وسمّو كتابه المبين ؟!
ومن أراد الاطلاع على ماذكرناه ، فليراجع مقدمة (تفسير آلاء الرحمن)، للشيخ البلاغي ففيه مزيد بيان .
والملاحظ أيضاً أنّ قسماً منه هو من الاَحاديث النبوية ، أو من السُنّة والاَحكام التي ظنّوها قرآناً ، كما روي أنّ قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « الولد للفراش ، وللعاهر الحجر » هو آية ، ولا يشكّ أحدٌ في أنّه حديث . و الملاحظ أيضاً أنّ أغلبه روي بألفاظ متعدّدة وتعابير مختلفة ، فلو كان قرآناً لتوحّدت ألفاظه .

FATIMA..2 18-07-2002 09:35 AM

نسخ التلاوة

قسّموا النسخ في الكتاب العزيز إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ نسخ الحكم دون التلاوة ، وهذا هو القسم الذي نطق به محكم التنزيل ، وهو المشهور بين العلماء والمفسرين ، وهو أمر معقولٌ مقبولٌ ، حيثُ إنّ بعض الاَحكام لم ينزل دفعةً واحدةً ، بل نزل تدريجياً لتألفه النفوس وتستسيغه العقول ، فنسخت تلك الاَحكام وبقيت ألفاظها ، لاَسرارٍ تربويةٍ وتشريعيةٍ يعلمها الله تعالى .
2 ـ نسخ التلاوة دون الحكم ، وقد مثّلوا له بآية الرجم ، فقالوا : إنّ هذه الآية كانت من القرآن ثمّ نسخت تلاوتها وبقي حكمها .
3 ـ نسخ التلاوة والحكم معاً ، وقد مثّلوا له بآية الرضاع .
وقد تقدّم في ثنايا البحث السابق أنّ البعض حمل قسماً من الروايات الدالة على النقصان على أنّها آيات نسخت تلاوتها وبقيت أحكامها ، أو نسخت تلاوةً وحكماً ، وذلك تحاشياً من التسليم بها الذي يفضي إلى القول بتحريف القرآن ، وفراراً من ردّها وتكذيبها الذي يؤول إلى الطعن في الكتب الصحاح والمسانيد المعتبرة ، أو الطعن في الاَعيان الذين نُقلت عنهم ، ولا شكّ أنّ القول بالضربين الاَخيرين من النسخ هو عين القول بالتحريف : وهو باطل لما يلي :
1 ـ يستحيل عقلاً أن يرد النسخ على اللفظ دون الحكم ، لاَنّ الحكم لابدّ له من لفظ يدلّ عليه ، فإذا رفع اللفظ فما هو الدليل الذي يدلّ عليه ؟
--------------------------------------------------------------------------------


فالحكم تابع للّفظ ، ولا يمكن أن يرفع الاَصل ويبقى التابع .
2 ـ النسخ حكم ، والحكم لابدّ أن يكون بالنصّ ، ولا انفكاك بينهما ، ولا دليل على نسخ النصوص التي حكتها الآثار المتقدّمة وسواها ، إذ لم ينقل نسخها ولم يرد في حديث عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في واحدٍ منها أنّها منسوخة ، والواجب يقتضي أن يُبلّغ الاَُمة بالنسخ كما بلّغ بالنزول ، وبما أنّ ذلك لم يحدث فالقول به باطل .
3 ـ الاَخبار التي زعم نسخ تلاوتها أخبار آحاد ، ولا تقوى دليلاً وبرهاناً على حصوله ، إذ صرحوا باتّفاق العلماء أجمع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد (1)، ونسبه القطّان إلى الجمهور (2)، وعلّله رحمة الله الهندي «بأنّ خبر الواحد إذا اقتضى عملاً ولم يوجد في الاَدلّة القاطعة مايدلّ عليه وجب ردّه» (3)، بل إنّ الشافعي وأصحابه وأكثر أهل الظاهر ، قد قطعوا بامتناع نسخ القران بالسُنّة المتواترة ، وبهذا صرّح أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه ، بل من قال بإمكان نسخ الكتاب بالسُنّة المتواترة منع وقوعه (4)، لذا لا تصحّ دعوى نسخ التلاوة مع بقاء الحكم أو بدونه ، حتّى لو ادّعي التواتر في أخبار النسخ ، فضلاً عن كونها أخبار آحاد ضعيفة الاسناد واهية المتن كما تقدّم .
4 ـ أنكر بعض المعتزلة وعامة علماء الاِمامية وأعلامهم الضربين
____________
(1) الموافقات للشاطبي 3 : 106 .
(2) مباحث في علوم القرآن : 237 .
(3) إظهار الحق 2 : 90 .
(4) الاحكام للآمدي 3 : 139 ، أُصول السرخسي 2 : 67 .

--------------------------------------------------------------------------------


الاَخيرين من النسخ واعتبروهما نفس القول بالتحريف ، وكذا أنكرهما أغلب علماء ومحققي أهل السنة المتقدمين منهم والمتأخرين ، وحكى القاضي أبو بكر في (الانتصار) عن قومٍ انكار الضرب الثاني منه (1)، وأنكره أيضاً ابن ظفر في كتاب (الينبوع) (2)، ونُقِل عن أبي مسلم «أنّ نسخ التلاوة ممنوع شرعاً» (3) وفيما يلي بعض أقوال محققي أهل السنة في ابطال القول بنسخ التلاوة :
1 ـ قال الخضري : «أنا لا أفهم معنى لآيةٍ أنزلها الله تعالى لتفيد حكماً ثمّ يرفعها مع بقاء حكمها ؛ لاَنّ القرآن يقصد منه إفادة الحكم والاعجاز معاً بنظمه ، فما هي المصلحة في رفع آية مع بقاء حكمها ؟ إنّ ذلك غير مفهوم ، وقد أرى أنّه ليس هناك مايدعو إلى القول به» (4).
2 ـ وقال الدكتور صبحي الصالح : «أمّا الجرأة العجيبة ففي الضربين الثاني والثالث اللذين نسخت فيهما بزعمهم آيات معينة ، إمّا مع نسخ أحكامها وإمّا دون نسخ أحكامها ، والناظر في صنيعهم هذا سرعان ما يكتشف فيه خطأً مركباً ، فتقسيم المسائل إلى أضرب إنّما يصلح إذا كان لكلّ ضربٍ شواهد كثيرةٍ أو كافيةٍ على الاَقل ليتيسّر استنباط قاعدةٍ منها ، وما لعشّاق النسخ إلاّ شاهدٌ أو اثنان على كلّ من هذين الضربين ، وجميع ماذكروه منها أخبار آحاد ، ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار
____________
(1) البرهان في علوم القرآن 2 : 47 .
(2) البرهان في علوم القرآن 2 : 43 .
(3) مناهل العرفان 2 : 112 .
(4) التحقيق في نفي التحريف : 279 ، صيانة القرآن من التحريف : 30 .

--------------------------------------------------------------------------------


آحاد لا حجّة فيها» (1)
3 ـ وقال الدكتور مصطفى زيد : «ومن ثمّ يبقى منسوخ التلاوة باقي الحكم مجرّد فرض لم يتحقّق في واقعةٍ واحدةٍ ، ولهذا نرفضه ، ونرى أنّه غير معقولٍ ولا مقبول» (2).
4 ـ وقال عبد الرحمن الجزيري : «إنّ الاَخبار التي جاء فيها ذكر كلمةٍ (من كتاب الله) على أنّها كانت فيه ونسخت في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهذه لا يُطلق عليها أنّها قرآن ، ولا تُعطى حكم القرآن باتّفاق ، ثمّ ينظر إنّ كان يمكن تأويلها بما يخرجها عن كونها قرآناً ، فإنّ الاِخبار بها يعطي حكم الحديث ، وإن لم يمكن تأويلها فالذي أعتقده أنّها لا تصلح للدلالة على حكم شرعي ؛ لاَنّ دلالتها موقوفةٌ على ثبوت صيغتها . وصيغتها يصحّ نفيها باتّفاقٍ ، فكيف يمكن الاستدلال بها ؟! فالخير كلّ الخير في ترك مثل هذه الروايات» (3)
5 ـ وقال ابن الخطيب : «أمّا مايدّعونه من نسخ تلاوة بعض الآيات مع بقاء حكمها ، فأمر لا يقبله إنسان يحترم نفسه ، ويقدّر ما وهبه الله تعالى من نعمة العقل ، إذ ماهي الحكمة من نسخ تلاوة آية مع بقاء حكمها ؟ ماالحكمة من صدور قانون واجب التنفيذ ورفع ألفاظ هذا القانون مع بقاء العمل بأحكامه ؟ ويستدلّون على باطلهم هذا بإيراد آيةٍ من هذا النوع يدّعون نسخها ، ويعلم الله تعالى أنّها ليست من القرآن ، ولو كانت لما
____________
(1) مباحث في علوم القرآن : 265 .
(2) فتح المنان : 229 .
(3) الفقه على المذاهب الاَربعة 4 : 260 .

--------------------------------------------------------------------------------


أغفلها الصحابة (رضوان الله عليهم) ولدونّها السلف الصالح في مصاحفهم»(1).
الطائفة الثانية : الروايات الدالّة على الخطأ واللحن والتغيير .
الاَُولى : روي عن عثمان أنّه قال : «إنّ في المصحف لحناً ، وستقيّمه العرب بألسنتها . فقيل له : ألا تغيره ؟ فقال : دعوه ، فإنّه لا يحلّ حراماً ، ولايحرّم حلالاً» (2).
حمل ابن أشتة اللحن الوارد في الحديث على الخطأ في اختيار ماهو أولى من الاَحرف السبعة ، وعلى أشياء خالف لفظُها رَسْمَها ، وهذا الحمل غير مستقيمٍ ، والاَولى منه هو ترك الرواية وتكذيبها وإنكارها ، كما فعل الداني والرازي والنيسابوري وابن الاَنباري والآلوسي والسخاوي والخازن والباقلاني وجماعة آخرين (3)، حيثُ صرّحوا أنّ هذه الرواية لايصحّ بها دليل ولا تقوم بمثلها حجّة ؛ لاَنّ إسنادها ضعيف ، وفيه اضطراب وانقطاع وتخليط ، ولاَنّ المصحف منقولٌ بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يمكن ثبوت اللحن فيه ، ثمّ إنّ مابين الدفّتين هو كلام الله بإجماع المسلمين ، ولا يجوز أن يكون كلام الله لحناً وغلطاً ، وقد ذهب عامّة الصحابة وسائر علماء الاَُمّة من بعدهم إلى أنّه لفظ صحيح ليس فيه أدنى خطأ من كاتبٍ ولا من غيره ، واستدلّوا أيضاً على إنكار هذه الرواية
____________
(1) الفرقان : 157 .
(2) الاتقان 2 : 320 ، 321 .
(3) تاريخ القرآن الكردي : 65 ، التفسير الكبير 11 : 105 ، تفسير النيسابوري 6 : 23 المطبوع في هامش تفسير الطبري ، تفسير الخازن 1 : 422 .

--------------------------------------------------------------------------------


بقولهم : إنّ عثمان جعل للناس إماماً ، فكيف يرى فيه لحناً ويتركه لتقيّمه العرب بألسنتها ، أو يؤخّر شيئاً فاسداً ليصلحه غيره ؟! وإذا كان الذين تولوا جمعه وكتابته لم يقيّموا ذلك ـ وهم الخيار وأهل اللغة والفصاحة والقدرة على ذلك ـ فكيف يتركون في كتاب الله لحناً يصلحه غيرهم ! ثمّ إنّ عثمان لم يكتب مصحفاً واحداً بل كتب عدة مصاحف ، فلم تأتِ المصاحف مختلفة قطّ ، إلاّ فيما هو من وجوه القراءات والتلاوة دون الرسم ، وليس ذلك باللحن» (1).
والذي يهوّن الخطب في هذه الرواية ومثيلاتها الآتية أنّها برواية عكرمة مولى ابن عبّاس ، وكان من أعلام الضلال ودعاة السوء ، وكان يرى رأي الخوارج ، ويُضرب به المثل في الكذب والافتراء ، حتى قدح به الاَكابر وكذّبوه ، أمثال ابن عمر ومجاهد وعطاء وابن سيرين ومالك بن أنس والشافعي وسعيد بن المسيب ويحيى بن سعيد ، وحرّم مالك الرواية عنه، وأعرض عنه مسلم (2).
الثانية : روي عن ابن عباس في قوله تعالى : ( حَتّى تَسْتَأنِسُوا وتُسلّموا ). (النور24:27) قال : «إنّما هو (حتّى تستأذنوا) ، وأنّ الاَوّل خطأٌ من الكاتب»(3)، والمراد بالاستئناس هنا الاستعلام ، أي حتى تستعلموا من في البيت ، فهذه الرواية مكذوبةٌ على ابن عباس ولا تصحّ عنه ؛ لاَنّ مصاحف الاِسلام كلّها قد ثبت فيها (حتى تَسْتَأنِسُوا) وصحّ الاِجماع فيها
____________
(1) روح المعاني 6 : 13 .
(2) أُنظر وفيات الاعيان 1 : 319 ، ميزان الاعتدال 3 : 93 ، المغني في الضعفاء 2 : 84 ، الضعفاء الكبير 3 : 373 ، طبقات ابن سعد 5 : 287 ، تهذيب الكمال 7 : 263 .
(3) الاتقان 2 : 327 ، لباب التأويل 3 : 324 ، فتح الباري 11 : 7 .

--------------------------------------------------------------------------------

FATIMA..2 18-07-2002 09:36 AM

منذ عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإلى الآن ، فلا يعوّل على مثل هذه الرواية ، قال الرازي : «إعلم أنّ هذا القول من ابن عبّاس فيه نظر ؛ لاَنّه يقتضي الطعن في القرآن الذي نُقِل بالتواتر ، ويقتضي صحّة القرآن الذي لم يُنْقَل بالتواتر ، وفَتح هذين البابين يطرق الشكّ في كلِّ القرآن ، وإنّه باطل» (1).
وقال أبو حيان : «من روى عن ابن عبّاس أنّ قوله تعالى : ( حَتّى تَسْتَأنِسوا ) خطأ أو وهمٌ من الكاتب ، وأنّه قرأ (حتى تَسْتَأذِنُوا) فهو كافرٌ في الاِسلام ، مُلْحِدٌ في الدين ، وابن عباس بريءٌ من هذا القول (2).
الثالثة : روى عروة بن الزبير عن عائشة : أنّه سألها عن قوله تعالى : ( لكن الراسخون في العلم )( النساء4: 62 ) : ثمّ قال ( والمقيمين ) ، وفي المائدة : ( إنّ الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون )، و ( المائدة5: 69) ( إنّ هذان لساحران ) (طه20: 63) فقالت يابن أُختي ، هذا عمل الكُتّاب ، أخطأوا في الكتاب (3).
أمّا قوله تعالى : ( و المقيمين ) فانّه على العطف يكون (والمقيمون) كما في قراءة الحسن ومالك بن دينار ، والذي في المصاحف وقراءة أُبيّ والجمهور ( والمقيمين ) قال سيبويه : «نُصِب على المدح ، أي وأعني المقيمين» وذكر له شواهد وأمثلة من كلام العرب (4).
قال الآلوسي : «ولا يُلْتَفَت إلى من زعم أنّ هذا من لحن القرآن ، وأنّ
____________
(1) التفسير الكبير 23 : 196 .
(2) البحر المحيط 6 : 445 .
(3) الاتقان 2 : 320 .
(4) الكتاب 1 : 288 ـ 291 .

--------------------------------------------------------------------------------


الصواب (والمقيمون) بالواو.. إذ لا كلام في نقل النظم متواتراً ، فلا يجوز اللحن فيه أصلاً» (1).
وأمّا قوله تعالى : ( والصابئون )بالرفع فهو معطوفٌ على محلّ اسم إنّ.
قال الفراء : «ويجوز ذلك إذا كان الاسم ممّا لم يتبيّن فيه الاِعراب ، كالمضمر والموصول ، ومنه قول الشاعر :


فمن يكُ أمسى بالمدينة رحله * فإنّي وقيارٌ بها لغريبَ


برفع (قيار) عطفاً على محلّ ياء المتكلّم» (2)وقد أجاز الكوفيون والبصريون الرفع في الآية واستدلّوا بنظائر من كلام العرب .
وقال صاحب المنار : «قد تجرأ بعض أعداء الاِسلام على دعوى وجود الغلط النحوي في القرآن ، وعدّ رفع (الصابئين) هنا من هذا الغلط ، وهذا جمعٌ بين السخف والجهل ، وإنّما جاءت هذه الجرأة من الظاهر المتبادر من قواعد النحو ، مع جهل أو تجاهل أنّ النحو استنبط من اللغة ، ولم تستنبط اللغة منه» (3).
وأمّا قوله تعالى : ( إنّ هَذانِ لَسَاحِرانِ ) فإنّ القراءة التي عليها جمهور المسلمين هي تخفيف إن المكسورة الهمزة ، فتكون مخففةٌ من الثقيلة غير عاملةٍ ، ورفع (هذان) .

____________
(1) روح المعاني 6 : 13 .
(2) معاني القرآن 1 : 310 ، مجمع البيان 3 : 346 ، صيانة القرآن من التحريف : 183 .
(3) تفسير المنار 6 : 478 .

--------------------------------------------------------------------------------




قال الزمخشري : «إنّ هذان لساحران على قولك : إنّ زيد لمنطلق ، واللام هي الفارقة بين إن النافية والمخففة من الثقيلة» (1)، وعليه فلا إشكال في هذه الآية ، ولا لحن من الكُتّاب !
قال الرازي : «لما كان نقل هذه القراءة في الشهرة كنقل جميع القرآن ، فلو حكمنا ببطلانها جاز مثله في جميع القرآن ، وذلك يفضي إلى القدح في التواتر ، وإلى القدح في كلِّ القرآن ، وإنّه باطل» (2).
الرابعة : روي أنّ الحجاج بن يوسف غيّر في المصحف اثني عشر موضعاً ، منها :
1 ـ كانت في سورة البقرة2: 59 (لم يَتَسَنَّ) فغيّرها ( لم يَتَسَنَّه ) بالهاء.
2 ـ وكانت في سورة المائدة 4: 48(شريعةً ومنهاجاً) فغيّرها ( شِرعةً ومنهاجاً ) .
3 ـ وكانت في سورة يونس 10: 22(هو الذي ينشركم) فغيّرها ( هو الذي يسيّركم ) (3).

وهذه الاَمثلة ، وسواها منقولةٌ من (مصاحف السجستاني) برواية عباد ابن صهيب (4)، وعباد متروك الحديث لدى أئمّة الحديث والجرح
____________
(1) الكشاف 3 : 72 .
(2) التفسير الكبير 22 : 75 .
(3) الفرقان : 50 .
(4) المصاحف : 49 .

--------------------------------------------------------------------------------


والتعديل ، ومغموزٌ فيه بالكذب والاختلاق (1).
قال السيد الخوئي : «هذه الدعوى تشبه هذيان المحمومين وخرافات المجانين والاَطفال ، فإنّ الحجّاج واحدٌ من ولاة بني أُمية ، وهو أقصر باعاً وأصغر قدراً من أن ينال القرآن بشيءٍ ، بل هو أعجز من أن يغيّر شيئاً من الفروع الاِسلامية ، فكيف يغير ماهو أساس الدين وقوام الشريعة ؟! ومن أين له القدرة والنفوذ في جميع ممالك الاِسلام وغيرها مع انتشار القرآن فيها ؟ وكيف لم يذكر هذا الخطب العظيم مؤرخ في تاريخه ، ولا ناقد في نقده مع مافيه من الاَهمية ، وكثرة الدواعي إلى نقله ؟ وكيف لم يتعرض لنقله واحد من المسلمين في وقته ؟ وكيف أغضى المسلمون عن هذا العمل بعد انقضاء عهد الحجاج وانتهاء سلطته ؟ وهب أنّه تمكّن من جمع نسخ المصاحف جميعها ، ولم تشذّ عن قدرته نسخةٌ واحدةٌ من أقطار المسلمين المتباعدة ، فهل تمكّن من إزالته عن صدور المسلمين وقلوب حفظة القرآن وعددهم في ذلك الوقت لا يحصيه إلاّ الله» (2)، وقد بيّنا في أدلّة نفي التحريف أنّ خلفاء الصدر الاَول لم يجرأوا على حذف حرفٍ منه ، وقد بلغ من دقّة وتحرّي المسلمين أن يهدّدوا برفع السيف في وجه من يُقدِم على ذلك ، فكيف يتمكّن الحجّاج بعد اشتهار القرآن وتعدّد نسخه وحفّاظه أن يغيّر اثني عشر موضعاً من كتاب الله على مرأى ومسمع جمهور المسلمين ومصاحفهم ؟!

الطائفة الثالثة : الروايات الدالّة على الزيادة .

____________
(1) أُنظر المغني 2 : 326 | 3037 .
(2) البيان في تفسير القرآن : 219 .

--------------------------------------------------------------------------------


1 ـ روي عن عبدالرحمن بن يزيد أنّه قال : «كان عبدالله بن مسعود يحكّ المعوذتين من مصحفه ، ويقول : إنّهما ليستا من كتاب الله» (1).
2 ـ وروي عن عبدالله بن مسعود أنّه لم يكتب الفاتحة في مصحفه ، وكذلك أُبي بن كعب (2). تقدّم في معنى التحريف أنّ التحريف بالزيادة في القرآن مجمعٌ على بطلانه ، لاَنّه يفضي إلى التشكيك في كتاب الله المتواتر يقيناً كلمةً كلمةً وحرفاً حرفاً ، ومن ينكر شيئاً من القرآن فإنّه يخرج عن الدين ، والنقل عن ابن مسعود غير صحيحٍ ، ومخالفٌ لما أجمع عليه المسلمون منذ عهد الرسالة وإلى اليوم من أنّ الفاتحة والمعوذتين من القرآن العزيز .

والرأي السائد بين العلماء في هاتين الروايتين هو إنكار نسبتهما إلى ابن مسعود، وقالوا: «إن النقل عنه باطل ومكذوب عليه» كما صرّح به الرازي وابن حزم والنووي والقاضي أبو بكر والباقلاني وابن عبد الشكور وابن المرتضى وغيرهم (3)، وقال الباقلاني : «إنّ الرواية شاذّة ومولّدة» (4) واستدلّوا على الوضع في هاتين الروايتين بما روي من قراءة عاصم عن زرّ ابن حبيش عن عبدالله بن مسعود ، وفيها الفاتحة والمعوذتين ، فلو كان
____________
(1) مسند أحمد 5 : 129 ، الآثار 1 : 33 ، التفسير الكبير 1 : 213 ، مناهل العرفان 1 : 268 ، الفقه على المذاهب الاَربعة 4 : 258 ، مجمع الزوائد 7 : 149 .
(2) الجامع لاحكام القرآن 20 : 251 ، الفهرست لابن النديم : 29 ، المحاضرات 2 : 4 | 434 ، البحر الزخّار 249 .
(3) التفسير الكبير 1 : 213 ، فواتح الرحموت بهامش المستصفى 2 : 9 ، الاتقان 1 : 79 ، البحر الزخّار 2 : 249 ، المحلّى 1 : 13 .
(4) اعجاز القرآن بهامش الاتقان 2 : 194 .

--------------------------------------------------------------------------------

ينكر كون هذه السور من القرآن ، لما قرأهما لزر بن حبيش، وطريق القراءة صحيح عند العلماء (1).
وقيل : إنّ ابن مسعود أسقط المعوذتين من مصحفه إنكاراً لكتابتهما ، لا جحداً لكونها قرآناً يُتلى ، أو لاَنّه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعوّذ بهما الحسن والحسين عليهما السلام ، فظنّ أنّهما ليستا من القرآن ، فلمّا تبيّن له قرآنيتهما بعدُ ، وتمَّ التواتر ، وانعقد الاجماع على ذلك ، كان في مقدمة من آمن بأنّهما من القرآن فقرأهما لزرّ بن حبيش ، وأخذهما عاصم عن زرّ (2).

____________
(1) أُنظر البرهان للزركشي 2 : 128 ، شرح الشفاء للقاري 2 : 315 ، فواتح الرحموت 2 : 9 ، مناهل العرفان 1 : 269 ، المحلى 1 : 13 .
(2) شرح الشفاء 2 : 315 ، مناهل العرفان 1 : 269 .

FATIMA..2 18-07-2002 09:42 AM

أعلم بأن الهروب أسهل وسيله لكم من أن تطلعوا على ما وضعت

فلو أنكم شجعان حقاً لقرأتم جميع ما وضعت كلمة كلمة و كلفتم أنفسكم عناء البحث عنها في جميع المصادر المرفقه لكن الهرب و المراوغة هو ديدنكم فهنيأً لكم ذلك يا شيعة آل سفيان

FATIMA..2 18-07-2002 09:47 AM

جمع القرآن



مراحل جمع القرآن :
المتحصّل من جميع الروايات الواردة في جمع القرآن أنّ مراحل الجمع ثلاث :
الاَُولى :بحضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حفظاً وكتابةً، حيثُ حُفِظ في الصدور، وكُتِب على السطور في قراطيس وألواح من الرقاع والعسب واللخاف والاكتاف وغيرها . أخرج الحاكم بسند صحيح على شرط الشيخين، عن زيد بن ثابت، قال : «كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نؤلّف ـ أي : نكتب ـ القرآن من الرقاع» (1)
الثانية : على عهد أبي بكر ، وذلك بانتساخه من العسب والرقاع وصدور الرجال وجعله في مصحفٍ واحد .
الثالثة : ترتيب السور على عهد عثمان بن عفّان ، وحمل الناس على قراءة واحدة ، وكتب منه عدّة مصاحف أرسلها إلى الاَمصار ، وأحرق باقي المصاحف .

____________
(1) المستدرك 2 : 611 .

--------------------------------------------------------------------------------



جمع القرآن وشبهة التحريف
إنّ موضوع جمع القرآن من الموضوعات التي أُثيرت حولها الشبهات ، ودُسَّت فيها الروايات ، وتذرّع بها القائلون بالتحريف فزعموا أنّ في القرآن تحريفاً وتغييراً ، وأنّ كيفية جمعه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستلزمةٌ في العادة لوقوع هذا التحريف والتغيير فيه ، حيثُ إنّ العادة تقتضي فوات شيءٍ منه على المتصدّي لذلك إذا كان غير معصوم .
قال الرافعي : «ذهب جماعة من أهل الكلام ممّن لا صناعة لهم إلاّ الظنّ والتأويل واستخراج الاَساليب الجدلية من كلِّ حكمٍ ومن كلِّ قول إلى جواز أن يكون قد سقط عنهم من القرآن شيءٌ حملاً على ماوصفوه من كيفية جمعه» (1).
إنّ امتداد زمان جمع القرآن إلى مابعد حروب اليمامة ، كما نطقت به الروايات ، وتضارب الاَخبار الواصفة لطريقة جمعه ، أثارا الشبهة لدى الكثيرين ، فعن الثوري أنّه قال : «بلغنا أنّ أُناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يقرأون القرآن ، أُصيبوا يوم مسيلمة ، فذهبت حروف من القرآن» (2).
إنّ حقيقة جمع القرآن في عهد الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم تُعدّ من الحقائق التاريخية الناصعة ، التي لا تحتاج إلى مزيد من البحث والاستقصاء وإثارة الشبهات ، وتعدّ أيضاً ضرورةً ثابتةً تاريخياً دامغةً لكلّ الاَقاويل والشبهات، ولكل مادُسّ من الاَخبار والروايات حول هذه المسألة .

____________
(1) اعجاز القرآن : 41 .
(2) الدر المنثور 5 : 179 .

--------------------------------------------------------------------------------



أدلّة جمع القرآن في زمان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم




أجمع علماء الاِمامية على أنّ القرآن كان مجموعاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنّه صلى الله عليه وآله وسلم لم يترك دنياه إلى آخرته إلاّ بعد أن عارض مافي صدره بما في صدور الحفظة الذين كانوا كثرة ، وبما في مصاحف الذين جمعوا القرآن في عهده صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد اعتُبِر ذلك بحكم ما علم ضرورة ، ويوافقهم عليه جمعٌ كبيرٌ من علماء أهل السنة، وجميع الشواهد والاَدلة والروايات قائمةٌ على ذلك ، واليك بعضها :
1 ـ اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة بحفظ القرآن وتعليمه وقراءته وتلاوة آياته بمجرد نزولها ، وممّا روي من الحثّ على حفظه ، قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « من قرأ القرآن حتى يستظهره ويحفظه ، أدخله الله الجنّة ، وشفّعه في عشرة من أهل بيته كلّهم قد وجبت لهم النار » (1)وفي هذا المعنى وحول تعليم القرآن أحاديث لا تحصى كثرة ، فعن عبادة بن الصامت قال : «كان الرجل إذا هاجره دفعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى رجلٍ منّا يعلّمه القرآن ، وكان لمسجد رسول الله ضجّة بتلاوة القرآن حتى أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يخفضوا أصواتهم لئلا يتغالطوا» (2).
وقد ازداد عدد حُفّاظ القرآن بشكل ملحوظ لتوفر الدواعي لحفظه ،
____________
(1) مجمع البيان 1 : 85 .
(2) مناهل العرفان 1 : 234 ، مسند أحمد 5 : 324 ، تاريخ القرآن للصغير : 80 ، مباحث في علوم القرآن : 121 ، حياة الصحابة 3 : 260 ، مستدرك الحاكم 3 : 356 .

--------------------------------------------------------------------------------



ولما فيه من الحثّ من لدن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والاَجر والثواب الذي يستحقّه الحافظ عند الله تعالى ، والمنزلة الكبيرة والمكانة المرموقة التي يتمتّع بها بين الناس ، وحسبك ما يقال عن كثرتهم على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبعد عهده أن قُتِل منهم سبعون في غزوة بئر معونة خلال حياته صلى الله عليه وآله وسلم ، وقُتل أربعمائة ـ وقيل : سبعمائة ـ منهم في حروب اليمامة عقيب وفاته صلى الله عليه وآله وسلم ، وحسبك من كثرتهم أيضاً أنّه كان منهم سيّدة ، وهي أمُّ ورقة بنت عبدالله ابن الحارث ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزورها ويسمّيها الشهيدة ، وقد أمرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تؤمّ أهل دارها (1).
أمّا حفظ بعض السور فقد كان مشهوراً ورائجاً بين المسلمين ، وكلّ قطعةٍ كان يحفظها جماعة كبيرة أقلّهم بالغون حدّ التواتر ، وقلّ أن يخلو من ذلك رجلٌ أو أمرأةٌ منهم ، وقد اشتدّ اهتمامهم بالحفظ حتى إنّ المسلمة قد تجعل مهرها تعليم سورة من القرآن أو أكثر .
2 ـ لا يرتاب أحدٌ أنّه كان من حول الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم كُتّاب يكتبون ما يملي عليهم من لسان الوحي ، وكان صلى الله عليه وآله وسلم قد رتّبهم لذلك ، روى الحاكم بسندٍ صحيح عن زيد بن ثابت ، قال : «كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نؤلّف القرآن من الرقاع» (2).
وقد نصّ المؤرخون على أسماء كُتّاب الوحي ، وأنهاهم البعض إلى اثنين وأربعين رجلاً ، وكان صلى الله عليه وآله وسلم كلّما نزل شيءٌ من القرآن أمر بكتابته لساعته ، روى البراء : أنّه عند نزول قوله تعالى : ( لا يستوي القاعدون من
____________
(1) الاتقان 1 : 250 .
(2) المستدرك 2 : 611 .

--------------------------------------------------------------------------------



المؤمنين (النساء4: 95) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ادعُ لي زيداً ، وقُل يجيء بالكتف والدواة واللّوح ، ثمّ قال : اكتب ( لا يستوي...) » (1).
وكان صلى الله عليه وآله وسلم يشرف بنفسه مباشرة على ما يُكْتَب ويراقبه ويصحّحه بمجرد نزول الوحي ، روي عن زيد بن ثابت قال : «كنتُ أكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان إذا نزل عليه الوحي أخَذَتْهُ برحاء شديدة... فكنت أدخل عليه بقطعة الكتف أو كسرة ، فأكتب وهو يُملي عليّ ، فإذا فرغت قال : « اقرأه »، فأقرؤه، فإن كان فيه سقط أقامه ، ثمّ أخرج إلى الناس»(2).
أمّا في مفرّقات الآيات فقد روي عن ابن عباس ، قال : «إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا نزل عليه الشيء دعا من كان يكتب فيقول : ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا» (3)وذلك منتهى الدقّة والضبط والكمال .
3 ـ روي في أحاديث صحيحة «أنّ جبرئيل كان يعارض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القرآن في شهر رمضان، في كلِّ عامٍ مرّة، وأنّه عارضه عام وفاته مرّتين» (4) وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعرض ما في صدره على مافي صدور الحفظة الذين كانوا كثرة ، وكان أصحاب المصاحف منهم يعرضون القرآن
____________
(1) كنز العمال 2 : حديث 4340 .
(2) مجمع الزوائد 1 : 152 .
(3) المستدرك 2 : 222 ، الجامع الصحيح للترمذي 5 : 272 ، تاريخ اليعقوبي 2 : 43 ، البرهان للزركشي 1 : 304 ، مسند أحمد 1 : 57 و 69 ، تفسير القرطبي 1 : 60 .
(4) كنز العمال 12 : حديث 34214 ، مجمع الزوائد 9 : 23 ، صحيح البخاري 6 : 319 .

--------------------------------------------------------------------------------


على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فعن الذهبي: «أنّ الذين عرضوا القرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبعة: عثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وعبدالله بن مسعود ، وأُبي ابن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبو موسى الاَشعري ، وأبو الدرداء» (1).
وعن ابن قتيبة : «أنّ العرضة الاَخيرة كانت على مصحف زيد بن ثابت»(2)، وفي رواية ابن عبدالبرّ عن أبي ظبيان : «أنّ العرضة الأخيرة كانت على مصحف عبدالله بن مسعود» (3).
4 ـ وفي عديد من الروايات أنّ الصحابة كانوا يختمون القرآن من أوله إلى آخره ، وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد شرّع لهم أحكاماً في ذلك ، وكان يحثّهم على ختمه ، فقد روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : « إنّ لصاحب القرآن عند كلِّ ختم دعوةً مستجابةٍ » (4). وعنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : « من قرأ القرآن في سبعٍ فذلك عمل المقربين ، ومن قرأه في خمسٍ فذلك عمل الصدّيقين » (5). وعنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : « من شهد فاتحة الكتاب حين يستفتح كان كمن شهد فتحاً في سبيل الله ، ومن شهد خاتمته حين يختمه كان كمن شهد الغنائم»(6).
ومعنى ذلك أنّ القرآن كان مجموعاً معروفاً أوّله من آخره على عهد
____________
(1) البرهان للزركشي 1 : 306 .
(2) المعارف : 260 .
(3) الاستيعاب 3 : 992 .
(4) كنز العمال 1 : 513حديث 2280 .
(5) كنز العمال 1 : 538حديث 2417 .
(6) كنز العمال 1 : 524حديث 2430 .

--------------------------------------------------------------------------------

FATIMA..2 18-07-2002 09:47 AM

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فعن محمد بن كعب القرظي ، قال : «كان ممّن يختم القرآن ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيّ : عثمان ، وعليّ ، وعبدالله بن مسعود» (1).
وقال الطبرسي : «إنّ جماعة من الصحابة مثل عبدالله بن مسعود وأُبي ابن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عدّة ختمات» (2).
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم « أنّه قد أمر عبدالله بن عمرو بن العاص بأن يختم القرآن في كلِّ سبع ليالٍ ـ أو ثلاث ـ مرّة ، وقد كان يختمه في كل ليلة » (3). وأمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم سعد بن المنذر أن يقرأ القرآن في ثلاث ، فكان يقرؤه كذلك حتى تُوفي (4).
5 ـ كان الصحابة يدوّنون القرآن في صحف وقراطيس ولا يكتفون بالحفظ والتلاوة ، فلعلك قرأت ما روي في إسلام عمر بن الخطّاب «أنّ رجلاً من قريش قال له : اختك قد صبأت ؛ أي خرجت عن دينك ، فرجع إلى اخته ودخل عليها بيتها ، ولطمها لطمة شجّ بها وجهها ، فلمّا سكت عنه الغضب نظر فإذا صحيفةٌ في ناحية البيت ، فيها ( بسم الله الرحمن الرحيم * سبّح لله مافي السموات والاَرض وهو العزيز الحكيم... (الحديد57: 1) واطّلع على صحيفة أُخرى فوجد فيها ( بسم الله الرحمن الرحيم * طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى...) (طه20: 1) فأسلم بعدما وجد نفسه
____________
(1) الجامع لاَحكام القرآن 1 : 58 .
(2) مجمع البيان 1 : 84 .
(3) سنن الدارمي 2 : 471 ، سنن أبي داود 2 : 54 ، الجامع الصحيح للترمذي 5 : 196 ، مسند أحمد 2 : 163 .
(4) مجمع الزوائد 7 : 171 .

--------------------------------------------------------------------------------



بين يدي كلامٍ معجزٍ ليس من قول البشر» (1)، وهذا يدلّ على أنهم كانوا يكتبون بإملاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأن هذا المكتوب كان يتناقله الناس .
6 ـ جمع القرآن طائفة من الصحابة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، هم أربعة على ما في رواية عبدالله بن عمرو ، وأنس بن مالك (2)، وقيل : خمسة كما في رواية محمد بن كعب القرظي (3)، وقيل : ستة كما في رواية الشعبي (4)، وكذا عدّهم ابن حبيب في (المحبّر) (5)، وأنهاهم ابن النديم في (الفهرست) إلى سبعة (6)، وليس المراد من الجمع هنا الحفظ ، لاَنّ حفّاظ القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا أكثر من أن تُحصى أسماؤهم في أربعة أو سبعة ، كما تقدّم بيانه في الدليل الاَول ، وفيما يلي قائمة بأسماء جُمّاع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي حصيلةٌ من جميع الروايات الواردة بهذا الشأن ؛ وهم :
1 ـ أُبي بن كعب . 2 ـ أبو أيوب الاَنصاري . 3 ـ تميم الداري . 4 ـ أبو الدرداء . 5 ـ أبو زيد ثابت بن زيد بن النعمان . 6 ـ زيد بن ثابت . 7 ـ سالم
____________
(1) الموسوعة القرآنية 1 : 352 .
(2) مناهل العرفان 1 : 236 ، الجامع لاَحكام القرآن 1 : 56 ، أُسد الغابة 4 : 216 ، الجامع الصحيح 5 : 666 .
(3) طبقات ابن سعد 2 : قسم 2 | 113 ، فتح الباري 9 : 48 ، مناهل العرفان 1 : 237 ، حياة الصحابة 3 : 221 .
(4) طبقات ابن سعد 2 : قسم 2 | 112 ، البرهان للزركشي 1 : 305 ، الاصابة 2 : 50 ، مجمع الزوائد 9 : 312 .
(5) المحبر : 286 .
(6) الفهرست : 41 .

--------------------------------------------------------------------------------



مولى أبي حذيفة . 8 ـ سعيد بن عبيد بن النعمان ، وفي الفهرست : سعد . 9 ـ عبادة بن الصامت . 10 ـ عبدالله بن عمرو بن العاص . 11 ـ عبدالله بن مسعود . 12 ـ عبيد بن معاوية بن زيد . 13 ـ عثمان بن عفان . 14 ـ عليّ بن أبي طالب . 15 ـ قيس بن السكن . 16 ـ قيس بن أبي صعصعة بن زيد الانصاري . 17 ـ مجمع بن جارية . 18 ـ معاذ بن جبل بن أوس . 19 ـ أُمّ ورقة بنت عبدالله بن الحارث ، وبعض هؤلاء كان لهم مصاحف مشهورة كعليّ عليه السلام وعبدالله بن مسعود .
7 ـ إطلاق لفظ الكتاب على القرآن الكريم في كثيرٍ من آياته الكريمة ، ولا يصحّ إطلاق الكتاب عليه وهو في الصدور ، بل لابدّ أن يكون مكتوباً مجموعاً ، وكذا ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّي تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب الله ، وعترتي » (1)، وهو دليلٌ على أنّه صلى الله عليه وآله وسلم قد تركه مكتوباً في السطور على هيئة كتاب .
8 ـ تفيد طائفة من الاَحاديث أنّ المصاحف كانت موجودة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند الصحابة ، بعضها تامّ وبعضها ناقص ، وكانوا يقرأونها ويتداولونها ، وقرر لها الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم طائفةً من الاَحكام ، منها :
عن أوس الثقفي ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « قراءة الرجل في غير المصحف ألف درجة ، وقراءته في المصحف تضاعف على ذلك ألفي درجة » (2).

____________
(1) صحيح مسلم 4 : 1873 ، سنن الترمذي 5 : 662 ، سنن الدارمي 2 : 431 ، مسند أحمد 4 : 367 و 371 و 5 : 182 ، المستدرك 3 : 148 .
(2) مجمع الزوائد 7 : 165 ، البرهان للزركشي 1 : 545 .

--------------------------------------------------------------------------------



وعن عائشة، عن رسولالله صلى الله عليه وآله وسلم قال: « النظر في المصحف عبادة »(1)
وعن ابن مسعود ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : « أديموا النظر في المصحف » (2).
وعن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أعطوا أعينكم حظّها من العبادة ، قالوا : وما حظّها من العبادة ، يا رسول الله ؟ قال : النظر في المصحف ، والتفكّر فيه ، والاعتبار عند عجائبه » (3).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « أفضل عبادة أُمّتي تلاوة القرآن نظراً » (4).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « من قرأ القرآن نظراً مُتّع ببصره مادام في الدنيا » (5). وكلّ هذه الروايات تدلّ على أنّ إطلاق لفظ المصحف على الكتاب الكريم لم يكن متأخّراً إلى زمان الخلفاء ، كما صرحت به بعض الروايات ، بل كان القرآن مجموعاً في مصحف منذ عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
ونزيد على ماتقدّم أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان لديه مصحف أيضاً ، ففي حديث عثمان بن أبي العاص حين جاء وفد ثقيف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال عثمان : «فدخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسألته مصحفاً كان عنده
____________
(1) البرهان للزركشي 1 : 546 .
(2) مجمع الزوائد 7 : 171 .
(3) كنز العمال 1 : حديث 2262 .
(4) كنز العمال 1 : حديث 2265 و 2358 و 2359 .
(5) كنز العمال 1 : حديث 2407 .

--------------------------------------------------------------------------------



فأعطانيه» (1)، بل وترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مصحفاً في بيته خلف فراشه ـ لاحسبما صرحت به بعض الروايات ـ مكتوباً في العسب والحرير والاَكتاف، وقد أمر عليّاً عليه السلام بأخذه وجمعه ، قال الاِمام عليّ عليه السلام : «آليت بيمينٍ أن لا أرتدي برداء إلاّ إلى الصلاة حتّى أجمعه » (2). فجمعه عليه السلام ، وكان مشتملاً على التنزيل والتأويل ، ومرتّباً وفق النزول على ما مضى بيانه .
وجميع ما تقدّم أدلّةٌ قاطعة وبراهين ساطعة على أنّ القرآن قد كتب كله على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم تدويناً في السطور علاوة على حفظه في الصدور ، وكان له أوّل وآخر ، وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يشرف بنفسه على وضع كلّ شيءٍ في المكان الذي ينبغي أن يكون فيه ، إذن فكيف يمكن أن يقال إنّ جمع القرآن قد تأخّر إلى زمان خلافة أبي بكر ، وإنّه احتاج إلى شهادة شاهدين يشهدان أنّهما سمعاه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟

____________
(1) مجمع الزوائد 9 : 371 ، حياة الصحابة 3 : 244 .
(2) كنز العمال 2 : حديث 4792 .

--------------------------------------------------------------------------------

FATIMA..2 18-07-2002 09:51 AM

جمع القرآن في عهد أبي بكر وعمر




تتضارب الاَخبار حول جمع القرآن في هذه المرحلة حتى تكاد أن تكون متكاذبة ، وفيما يلي نورد بعضها لنبيّن مدى تناقضها ومخالفتها للاَدلة التي ذكرناها آنفاً :
1 ـ عن زيد بن ثابت ، قال : «أرسل إليِّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة ، فإذا عمر بن الخطاب عنده ، فقال أبو بكر : إنّ عمر أتاني ، فقال : إنّ القتل استمرّ بقُرّاء القرآن ، وإنّي أخشى أن يستمرّ القتل بالقُرّاء في المواطن ، فيذهب كثيرٌ من القرآن ، وإنّي أرى أن تأمر بجمع القرآن ، فقلت لعمر : كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قال عمر : هو والله خير . فلم يزل يراجعني حتّى شرح الله صدري لذلك ، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر . قال زيد : قال أبو بكر : إنّك شابّ عاقل ، لا نتّهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتتبّع القرآن فاجمعه ـ فو الله لو كلّفوني نقل جبلٍ من الجبال ما كان أثقل عليَّ ممّا أمرني به من جمع القرآن ـ قلت : كيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قال : هو والله خير . فلم يزل أبو بكر يراجعني حتّى شرح الله صدري للذي شرح به صدر أبي بكر وعمر . فتتبّعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الاَنصاري ، لم أجدها مع غيره ( لقد جاءكم رسول...) (التوبة 9: 128) حتّى خاتمة براءة ، فكانت الصحف عند أبي بكر حتّى توفّاه الله ، ثمّ عند عمر حياته ، ثمّ عند حفصة بنت عمر» (1).

____________
(1) صحيح البخاري 6 : 314 | 8 .

--------------------------------------------------------------------------------


2 ـ وعن زيد بن ثابت أيضاً ، قال : «قُبِضَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن القرآن جمع في شيء» (1).
3 ـ ورُوي «أنّ أوّل من سمّى المصحف مصحفاً حين جمعه ورتّبه أبو بكر ـ وفي رواية : سالم مولى أبي حذيفة (2)ـ وكان مفرّقاً في الاَكتاف والرقاع . فقال لاَصحابه : التمسوا له اسماً . فقال بعضهم : سمّوه إنجيلاً ، فكرهوه . وقال بعضهم : سمّوه السفر ، فكرهوه من يهود . فقال عبدالله بن مسعود : رأيتُ للحبشة كتاباً يدعونه المصحف ، فسمّوه به» (3).
4 ـ وعن محمد بن سيرين : «قُتِل عمر ولم يجمع القرآن» (4).
5 ـ وعن الحسن : «أنّ عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله ، فقيل : كانت مع فلان ، فقُتِل يوم اليمامة ، فقال : إنّا لله ، وأمر بالقرآن فجمع، فكان أوّل من جمعه في المصحف» (5).

هذه طائفةٌ من الروايات الواردة بهذا الخصوص ، والملاحظ أنّ شبهة القول بالتحريف التي ذكرناها في أوّل بحث جمع القرآن مبتنيةٌ على فرض صحّة أمثال هذه الروايات الواردة في كيفية جمع القرآن ، والملاحظ أنّه
____________
(1) الاتقان 1 : 202 .
(2) الاتقان 1 : 205 .
(3) مستدرك الحاكم 3 : 656 ، تهذيب تاريخ دمشق 4 : 69 ، محاضرات الادباء مجلد 2 ج4 ص 433 ، فتح الباري 9 : 13 ، تاريخ الخلفاء : 77 ، مآثر الانافة 1 : 85 ، البرهان للزركشي 1: 281 ، التمهيد في علوم القرآن 1 : 246 ، المصاحف : 11 ـ 14 .
(4) طبقات ابن سعد 3 : 211 ، تاريخ الخلفاء : 44 .
(5) الاتقان 1 : 204 .

--------------------------------------------------------------------------------


لايمكن الاعتماد على شيءٍ منها ، وقد اعترف محمد أبو زهرة بوجود رواياتٍ مدسوسةٍ فيها ، والقارىء لهذه الروايات وسواها يتلمّس نقاط ضعفها على الوجه التالي :
1 ـ اضطراب هذه الروايات وتناقضها ، فصريح بعضها أنّ جمع القرآن في مصحف كان في زمان أبي بكر ، والكاتب زيد ، وأنّ آخر براءة لم توجد إلاّ مع خزيمة بن ثابت ، فقال أبو بكر : «اكتبوها ، فإنّ رسول الله قد جعل شهادته بشهادة رجلين» (1)، وظاهر بعض هذه الروايات أنّ الجمع كان في زمان عمر ، وأنّ الآتي بالآيتين خزيمة بن ثابت ، والشاهد معه عثمان ، وفي حديث آخر : «جاء رجلٌ من الاَنصار وقال عمر : لا أسألك عليها بيّنة أبداً ، كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم » (2). وفي غيره : فقال زيد : من يشهد معك ؟ قال خزيمة : لا والله ما أدري . فقال عمر : أنا أشهد معه» (3). وظاهر بعض هذه الروايات أيضاً أنّ الجمع تأخّر إلى زمان عثمان بن عفان.
واضطربت الروايات في الذي تصدّى لمهمّة جمع القرآن زمن أبي بكر ، ففي بعضها أنّه زيد بن ثابت ، وفي أُخرى أنّه أبو بكر نفسه وإنّما طلب من زيد أن ينظر فيما جمعه من الكتب ، ويظهر من غيرها أنّ المتصدّي هو زيد وعمر ، وفي أُخرى أن نافع بن ظريب هو الذي كتب المصاحف لعمر» (4).

____________
(1) الاتقان 1 : 206 .
(2) كنز العمال 2 : ح 4397 .
(3) كنز العمال 2 : ح 4764 .
(4) أُنظر منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 2 : 43 ـ 52 ، وأُسد الغابة : ترجمة نافع بن ظريب.

--------------------------------------------------------------------------------


2 ـ لا تصحّ الرواية الثالثة ؛ لاَنّ المصاحف واستحداث لفظها لم يكن في زمان أبي بكر ، بل هي موجودة منذ زمان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، واستخدمت هذه المفردة لهذا المعنى ، وهو القرآن الذي بين الدفّتين ، منذ فجر الرسالة كما تقدّم بيانه ، وتقول هذه الرواية أنّ كلمة (مصحف) حبشيّة ، بل هي عربية أصيلة ، ولسان الحبشة لم يكن عربياً ، ثمّ إنّهم لماذا تحيّروا في تسمية كتاب الله وهو تعالى سمّاه في محكم التنزيل قرآناً وفرقاناً وكتاباً .
3 ـ الملاحظ أنّ هذه الروايات تؤكّد على أنّ جمع القرآن كان بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد تقدّم بطلان ذلك ؛ لاَنّه كان مؤلّفاً مجموعاً على عهده صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ بالمصاحف ويختم ، وكان له كُتّاب مخصوصون يتولون كتابته وتأليفه بحضرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو يشرف على أعمالهم بنفسه ، وكان لدى الصحابة مصاحف كثيرة شُرّعت فيها بعض السنن ، وكانوا يعرضون على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما عندهم باستمرار ، وكان كثير من الصحابة قد جمعوا القرآن في حياته صلى الله عليه وآله وسلم .

4 ـ هذه الروايات مخالفة لما أجمع عليه المسلمون قاطبةً من أنّ القرآن لا طريق لاِثباته إلاّ التواتر ، فإنّها تقول إنّ إثبات بعض آيات القرآن حين الجمع كان منحصراً بشهادة شاهدين أو بشهادة رجلٍ واحدٍ ، ويلزم من هذا أن يثبت القرآن بخبر الواحد أيضاً ، وهي دعوى خطيرةٌ لا ريب في بطلانها ، إذ القطع بتواتر القرآن سببٌ للقطع بكذب هذه الروايات أجمع وبوجوب طرحها وإنكارها ؛ لاَنّها تثبت القرآن بغير التواتر ، وقد ثبت بطلان ذلك بإجماع المسلمين ، فهذه الروايات باطلة مادامت تخالف ما هو ثابت بالضرورة .

وإذا سلّمنا بصحة هذه الروايات ، فإننا لا نشك في أنّ جمع زيد بن ثابت للمصحف كان خاصّاً للخليفة ، لاَنّه لا يملك مصحفاً تاماً ، لا لعموم المسلمين ، لاَنّ الصحابة من ذوي المصاحف قد احتفظوا بمصاحفهم مع أنّها تختلف في ترتيبها عن المصحف الذي جمعه زيد ، وكان أهل الاَمصار يقرأون بهذه المصاحف ، فلو كان هذا المصحف عاماً لكلِّ المسلمين لماذا أمر أبو بكر زيداً وعُمَرَ بجمعه من اللخاف والعسب وصدور الرجال ؟ وكان بإمكانه أخذه تاماً من عبدالله بن مسعود الذي كان يملي القرآن عن ظهر قلب في مسجد الكوفة ، والذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : «إذا أردتم أن تأخذوا القرآن رطباً كما أُنزل ، فخذوه من ابن أُمّ عبد ـ أي من عبدالله بن مسعود ـ» (1).. والذي يروي عنه أنّه قال عندما طلب منه تسليم مصحفه أيام عثمان : «أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبعين سورة ، وإنّ زيد بن ثابت لذو ذؤابة يلعب مع الغلمان» (2). .
وبإمكانه أن يأخذه تامّاً من الاِمام عليّ عليه السلام الذي استودعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القرآن ، وطلب منه جمعه عقيب وفاته صلى الله عليه وآله وسلم ، فجمعه وجاء به إليهم ، فلم يقبلوه منه (3) ، وما من آيةٍ إلاّ وهي عنده بخطّ يده وإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال أبو عبد الرحمن السلمي : «ما رأيت ابن أنثى أقرأ لكتاب الله تعالى من عليّ عليه السلام » (4).
وبإمكانه أن يأخذه من أُبي بن كعب الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
____________
(1) مستدرك الحاكم 3 : 318 ، مجمع الزوائد 9 : 287 ، مسند أحمد 1 : 445 .
(2) الاستيعاب 3 : 993 .
(3) الاحتجاج 1 : 383 ، البحار 92 : 40 .
(4) الغدير 6 : 308 عن مفتاح السعادة 1 : 351 ، وطبقات القراء 1 : 546 .

--------------------------------------------------------------------------------


«أقرأهم أُبي بن كعب » . أو قال : « أقرأ أُمّتي أُبي بن كعب » (1). أو يأخذه من الاَربعة الذين أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الناس بأخذ القرآن عنهم ، وهم : عبد الله بن مسعود ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأُبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل (2)، وكانوا أحياءً عند الجمع ، أو يأخذه من ابن عباس حبر الاَُمّة وترجمان القرآن بلا خلاف .
ولو سلّمنا أنّ جامع القرآن في مصحف هو أبو بكر في أيام خلافته ، فلاينبغي الشكّ في أنّ كيفية الجمع المذكورة بثبوت القرآن بشهادة شاهدين مكذوبةٌ ؛ لاَنّ جمع القرآن كان مستنداً إلى التواتر بين المسلمين، غاية الاَمر أنّ الجامع قد دوّن في المصحف ما كان محفوظاً في الصدور على نحو التواتر .

____________
(1) الاستيعاب 1 : 49 ، أُسد الغابة 1 : 49 ، الجامع الصحيح 5 : 665 ، الجامع لاحكام القرآن 1 : 82 ، مشكل الآثار 1 : 350 .
(2)صحيح البخاري 5 : 117 | 294 ، مجمع الزوائد 9 : 311 .

FATIMA..2 18-07-2002 09:55 AM

جمع القرآن في عهد عثمان

روى البخاري عن أنس : «أنّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان ، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق ، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة ، فقال لعثمان : أدرك الاَُمّة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى . فأرسل إلى حفصة : أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ، ثمّ نردّها إليك ؛ فأرسلت بها حفصة إلى عثمان ، فأمر زيد بن ثابت وعبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف . وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيءٍ من القرآن ، فأكتبوه بلسان قريش ، فإنّه إنما نزل بلسانهم ، ففعلوا ، حتّى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ، ردّ عثمان الصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كلّ أُفقٍ بمصحف ممّا نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كلِّ صحيفةٍ ومصحفٍ أن يحرق . قال زيد : فقدت آية من الاَحزاب حين نسخنا المصحف ، قد كنتُ أسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ بها ، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الاَنصاري : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) (الاحزاب33: 23) فألحقناها في سورتها في المصحف» (1).
وهناك صور مختلفة وألفاظ شتّى لهذه الرواية ، والملاحظ عليها جميعاً :

____________
(1) صحيح البخاري 6 : 315 | 9 .

--------------------------------------------------------------------------------



1 ـ كيف تفقد آية من سورة الاَحزاب ، وقد اعتمد عين الصحف المودعة عند حفصة ، والكاتب في الزمانين هو زيد بن ثابت ؟ وقد كانت النسخة المعتمدة أصلاً كاملة إلاّ آخر براءة ـ كما تقدم ـ فهل كان الجمع الاَوّل فاقداً لهذه الآية التي من الاَحزاب ولسواها ؟ أم أنّهم لم يعتمدوا النسخة التي عند حفصة ؟ وهل ليس ثمة مصاحف وحفّاظ لهذه الآية إلاّ رجل واحد ؟! من هذه الرواية وسواها تسرب الشكّ وبرزت الشبهة للذين يحلو لهم القول بتحريف القرآن ، وقد رأيت أنّ مستندهم ضعيفٌ متهافتٌ لا يمكن الاعتماد عليه ، ولا أدري هل من قبيل المصادفة أنّ الآية تضيع في زمان أبي بكر وتوجد عند خزيمة بن ثابت ، وتضيع غيرها في زمان عثمان وتوجد عند خزيمة أيضاً ، فهل كان خزيمة معدوداً في الذين جمعوا القرآن ، أو الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأخذ القرآن عنهم ؟
2 ـ هذه الرواية ومثيلاتها مضطربةٌ في تعيين من تولى الكتابة لمصحف عثمان ، وكذا الذي تولّى الاِملاء ، فصريح بعض الروايات أنّ عثمان عيّن للكتابة زيداً وابن الزبير وسعيداً وعبدالرحمن ، وصريح بعضها الآخر أنّه عيّن زيداً للكتابة ، وسعيداً للاِملاء ، وصريح بعضها أنّ المملي كان أُبي بن كعب ، وأنّ سعيداً كان يعرب ما كتبه زيد ، وفي بعضها أنّه عيّن رجلاً من ثقيف للكتابة ، وعين رجلاً من هذيل للاِملاء ، وعن مجاهد : «أنّ المملي أُبي بن كعب ، والكاتب زيد بن ثابت ، والذي يعربه سعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث» (1).
3 ـ الملاحظ في جميع هذه الروايات ، وكذا في الرواية المذكورة آنفاً ،
____________
(1) أُنظر منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 2 : 43 ـ 52 .

--------------------------------------------------------------------------------


أنّ زيد بن ثابت قد اعتمد رجلاً واحداً في الشهادة على الآية ، وهو أمر باطلٌ ؛ لاَنّه مخالف لتواتر القرآن الثابت بالضرورة والاجماع بين المسلمين.
ونحن لا نريد التشكيك في أنّ عثمان قد أرسل عدّة مصاحف إلى الآفاق ، وقد جعل فيها عين القرآن المتواتر بين المسلمين إلى اليوم ، ولكنّنا نخالف كيفية الجمع التي وصفتها الاَخبار ونكذّبها ؛ لاَنّها تطعن بضرورة التواتر القاطع ، ولا يشكّ أحد أنّ القرآن كان مجموعاً ومكتوباً على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومدوناً قبل عهد عثمان بزمنٍ طويل ، غاية مافي الاَمر أنّ عثمان قد جمع الناس على قراءةٍ واحدةٍ ، وهي القراءة المتعارفة بينهم والمتواترة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومنعهم من سائر القراءات الاَُخرى التي توافق بعض لغات العرب ، وأحرق سائر المصاحف التي تخالف القراءة المتواترة ، وكتب إلى الاَمصار أن يحرقوا ما عندهم منها ، ونهى المسلمين عن الاختلاف في القراءة .
قال الحارث المحاسبي : «المشهور عند الناس أنّ جامع القرآن عثمان ، وليس كذلك ، إنّما حمل عثمان الناس على القراءة بوجهٍ واحدٍ ، على اختيارٍ وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والانصار ، لمّا خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات» (1).
ولم ينتقد أحدٌ من المسلمين عثمان على جمعه المسلمين على قراءةٍ واحدةٍ ؛ لاَنّ اختلاف القراءة يؤدّي إلى اختلاف بين المسلمين لا تحمد عقباه ، وإلى تمزيق صفوفهم وتفريق وحدتهم وتكفير بعضهم بعضاً ، غاية
____________
(1) الاتقان 1 : 211 .

--------------------------------------------------------------------------------


ما قيل فيه هو إحراقه بقية المصاحف حتى سمّوه : حَرّاق المصاحف ، حيث أصرّ البعض على عدم تسليم مصاحفهم كابن مسعود .
وقد نقل في كتب أهل السنة تأييد أمير المؤمنين الامام عليّ عليه السلام لما فعله عثمان من جمع المسلمين على قراءةٍ واحدةٍ ، حيث أخرج ابن أبي داود في (المصاحف) عن سويد بن غفلة قال : قال عليّ رضي الله عنه : « لا تقولوا في عثمان إلاّ خيراً ، فو الله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلاّ عن ملاٍَ منّا ؛ قال : ما تقولون في هذه القراءة ؟ فقد بلغني أنّ بعضهم يقول : إنّ قراءتي خيرٌ من قراءتك ، وهذا يكاد يكون كفراً . قلنا : فما ترى ؟
قال : أرى أن يُجْمَع الناس على مصحف واحد ، فلا تكون خرقة ولااختلاف » . قلنا : فنعم ما رأيت (1)!
وروي أنّه عليه السلام قال : « لو وليّت لعملت بالمصاحف التي عمل بها عثمان»(2)،
وبعد تأييد أمير المؤمنين عليه السلام وخيار الصحابة المعاصرين لهذا العمل ، بدأ التحوّل تدريجياً إلى المصاحف التي بعث بها عثمان إلى الآفاق ، فاحتلّت مكانها الطبيعي ، وأخذت بأزمّة القلوب ، وبدأت بقيّة المصاحف التي تخالفها في الترتيب أو التي كُتِب فيها التأويل والتفسير وبعض الحديث والدعاء تنحسر بمرور الاَيام ، أو تصير طعمة للنار ، حتّى أصبحت أثراً بعد عين ، وحفظ القرآن العزيز عن أن يتطّرق إليه أيّ لبس .

____________
(1) فتح الباري 9 : 15 .
(2) البرهان للزركشي 1 : 302 .

--------------------------------------------------------------------------------




الخاتمة

لقد تبيّن من ثنايا البحث أنّ جميع المزاعم التي تذرّع بها المتربصون بالاِسلام للقول بتحريف القرآن الكريم والكيد بكتاب الله العزيز الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والذي تكفلت العناية الربانيّة بحفظه وصيانته ، قد ذهبت أدراج الرياح ، وما هي إلاّ كرمادٍ بقيعةٍ اشتدّت به الريح في يومٍ عاصفٍ ، من خلال الاَدّلة الحاسمة التي ذكرناها والتي تؤكّد عدم وقوع التحريف في الكتاب الكريم ، وأنّه بقي وسوف يبقى بإذن الله مصوناً من كلِّ ما يوجب الشكّ والريب .
فقد وقف علماء الشيعة وعلماء أهل السنة عموماً من روايات التحريف موقفاً سلبياً ، ورفضوا القول بمضمونها وفنّدوه بما لا مزيد عليه، ورأوا في هذه الاَخبار أنّها أخبار آحاد لا يمكن الاعتماد عليها في أمر يمسّ العقيدة التي لابدّ فيها من الاَدلّة القاطعة والبراهين الساطعة ، ولاتكفي فيها الظنون ولا أخبار الآحاد . هذا بالاضافة إلى وجوه ضعف أُخرى تعاني منها هذه الاَخبار ، سواء من حيث دلالتها ، أو من حيث ظروف صدورها ، أو من حيث مرامي وأهداف وتوجّهات من صدرت عنهم .
وفيما يلي نبين بعض أقوال علماء المسلمين التي تؤيد إجماع كلمة أهل الاِسلام على نفي القول بوقوع التحريف في القرآن الكريم ، وهذه الاَقوال وسواها تقطع الطريق أمام كلّ محاولات الاَعداء المغرضين
--------------------------------------------------------------------------------


والحاقدين ومن عداهم من السذّج والمغفّلين :
1 ـ الشيخ محمد محمد المدني عميد كلية الشريعة في الجامع الاَزهر : «أما أنّ الاِمامية يعتقدون نقص القرآن ، فمعاذ الله ، وإنّما هي روايات رويت في كتبهم ، كما روي مثلها في كتبنا ، وأهل التحقيق من الفريقين قد زيّفوها ، وبينوا بطلانها ، وليس في الشيعة الاِمامية أو الزيدية من يعتقد ذلك ، كما أنّه ليس في االسنة من يعتقده ، ويستطيع من شاء أن يرجع إلى مثل كتاب (الاتقان) للسيوطي السُنّي ليرى فيه أمثال هذه الروايات التي نضرب عنها صفحاً ، أفيقال إنّ أهل السنة ينكرون قداسة القرآن ، أو يعتقدون نقص القرآن لروايةٍ رواها فلان ، أو لكتابٍ ألّفه فلان» (1)؟!
2 ـ الاِمام المحقق رحمة الله الهندي : «إنّ المذهب المحقّق عند علماء الفرقة الاِمامية الاَثني عشرية أنّ القرآن الذي أنزله الله على نبيّه هو ما بين الدفّتين ، وهو ما في أيدي الناس ، ليس بأكثر من ذلك ، وأنّه كان مجموعاً مؤلّفاً في عهده صلى الله عليه وآله وسلم وحَفَظه ونَقَله أُلوفٌ من الصحابة» (2).
3 ـ الدكتور محمد التيجاني السماوي : «لو جبنا بلاد المسلمين شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً وفي كل بقاع الدنيا ، فسوف نجد نفس القرآن بدون زيادة ولا نقصان ، وإن اختلف المسلمون إلى مذاهب وفرق وملل ونحل ، فالقرآن هو الحافز الوحيد الذي يجمعهم ، ولا يختلف فيه من الاَُمّة اثنان»(3).

____________
(1) مجلة رسالة الاِسلام ـ القاهرة السنة 11 العدد 44 ص 382 ـ 385 .
(2) الفصول المهمة : 164 ـ 166 .
(3) لاَكون مع الصادقين 168 ـ 176 .

--------------------------------------------------------------------------------


4 ـ السيد عليّ الميلاني : «إنّ المعروف من مذهب أهل السنة هو نفي التحريف عن القرآن الشريف ، وبذلك صرّحوا في تفاسيرهم وكتبهم في علوم القرآن» (1).
5 ـ السيد جعفر مرتضى العاملي : «إنّنا لا يجب أن ننسى الجهد الذي بذله أهل السنة لتنزيه القرآن عن التحريف ، وحاولوا توجيه تلكم الاَحاديث بمختلف الوجوه التي اهتدوا إليها» (2).
وغيرها من الشهادات الضافية التي لو ذكرناها جميعاً لطال بنا المقام ، وجميعها تؤكّد أنّه ليس من أمرٍ أتّفقت عليه كلمة المسلمين مثلما اتّفقت على تنزيه كتاب الله العزيز من كلِّ ما يثير الشكّ والريب قال تعالى : (لايأتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَينِ يَديهِ وَلا مِنْ خَلفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَميدٍ ) (3).



____________
(1) التحقيق في نفي التحريف : 138 .
(2) حقائق هامة : 34 .
(3) فصلت 41: 42.

FATIMA..2 18-07-2002 10:05 AM

أكتفي بهذا القدر حتى الآن وسوف أكمل لاحقاً أنشاء الله

وكما قلت.. من هدفه الوحيد هو البحث عن الحقيقة فقط ولاغير سواها فعليه أن يقراء كل ما وضعت كلمة كلمة وأن يبحث عن جميع تلك المصادر التي أرفقت بلا أستثناء ولا يترك كلامي خلف ظهره ويخفي رأسه في التراب كالنعام ثم يجعجع بمهاترات ما جعل الله بها من سلطان فكن مصداقاً للمسلم الحر الصادق مع نفسه والآخرين ودع الله نصب عينيك وتذكر بأن لاتفتري على الغير بما لاتعلم أن الفتنة أشد من القتل


وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.