الأخ الفاضل جمال حمدان : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : حوار أخير حول ( ارفعي العتابا ) . قديما – يا أخي – قالوا : لا معنى لوجودنا إذا كنا نسخة مكررة من غيرنا . وأنا أحترم طريقة الأخوة الذين ذكرتهم في النقد احتراما كبيرا ، ولكن ليس هناك من ضرورة أن أكون مقلدا لهم فيما اختاروه لأنفسهم . وأفتخر بأن نقدي أزهري ، والأزهر معقل الأدب والشعر ، ويقيني أن الجانب الأزهري جمع كل مفيد لغة وأدبا ومعنى ومبنى ... وغير المفيد لا كلام لنا فيه ، كما لا حاجة بي إليه ، وكل ما يقوله الإنسان له أو عليه ... يا أخي الفاضل : اعلم أن نقدي يدور على محورين أساسيين هما : 1) المبنى . 2) المعنى . ففي المحور الأول ( المبنى ) ، نظرت في الجانب اللغوي والعروضي ، وقد أشرت إلى ما وجدت في قصيدتكم من خطأ لغوي أو عروضي ، ( وأعد قراءة النقد مرة ثانية ) ، وأنت يا أخي قد تجاهلت ذلك تماما ، فلو أنك أظهرت خطئي في شيء من ذلك لفرحت لصوابك ، أو عدلت من الأبيات لأكبرت تعديلك لخطأ ظهر لك . بيد أنك رحت تضحك من قلبك من نقدي للبيت الثالث ( وفيما بعد بيانه ) ، فأضحك الله سنك ، ولا زلت ضحوكا طروبا . وفي المحور الثاني ( المعنى ) ذكرت الفرق بين ما تسميه أنت ( غزلا ) ، وما كانت العرب تسميه ( غزلا ) . وقلت إن العرب كانت تخاطب الروح ، بينما أنت خاطبت الجسد ، وشتان بينهما !! وسأترك هنا الكلام عن القدس وواقع الأمة ، وإن كنت أرى يقينا أن القطعة الأدبية إنما هي قطعة من الشاعر ، والشاعر جزء من الواقع ، وإلا ما كان شعر ولا شعور ، حتى الخيال بينه وبين الواقع نسبة ورابط .. وحتى لو لم أذكر القدس فإن قولكم ( وأضم صدرا ناهدا كعبا ) فيه وحشية ، ومخاطبة للجسد ( لا تصلح في مقام الحب كما ذكرت سابقا ) كما أن فيه بعدا كبيرا عن رقة الغزل ومخاطبة المحبوب . والبيت الثالث ، وما أدراك ما البيت الثالث ، ذلك الذي أضحكك فأشجاني .. قولك : يا منيتي . إن جاء يطرقني ..............في الليل طيفك . زادني طربا تعبيرك بـ ( إن ) يفيد احتمال مجيء طيف محبوبك ، واحتمال عدم مجيئه ، وقد رجحت أنا عدم مجيئه ما دام القائل ( المحب الولهان ) مترددا بين المجيء وعدمه ، وحمدت الله أن أراحكم في نومكم من الطرب والاضطراب ، يعني أنا عاوز مصلحتك ، وأتمنى لك نوما هادئا مريحا يا أخ جمال ، كما قال صاحبنا أبو الطيب : أنـام ملء جفوني عن شواردهــــــا ......................... ويسهر الخلق جراها ( ويضطربوا ) !! ( مع اعتذاري لأبي الطيب ) . فهل ظهر لك الآن وجه نقدي الذي أجملته لك هناك ، وهنيئا لك ما ضحكت . واسمع أيضا يا أخي : قديما كان الشاعر العربي يذكر أن طيف محبوبته لا يفارقه في ليل أو نهار ، في إقامة أو في سفر ، وأنت تقول ( إن جاء يطرقني ) فأي المعنيين ؟! . هذا ما سمح لي وقتي الآن بكتابته ، ولي تكملة لهذا الحوار الأخير ( من جانبي في هذا الموضوع ) سأكتبها هذه الليلة إن شاء الله ، وستكون في نقطتين : 1) علاقة البيت الأخير بالقرآن ، وقول الفرزدق . 2) طلبكم ألا أنقد مرة أخرى بطريقتي هذه قصائدكم . ومع اعتذاري ، وتحياتي ، وتمنياتي لكم ولجميع الأخوة بالتوفيق والتقدم . وشكرا – وإلى التكملة إن شاء الله . |
تكملة ( حوار أخير حول ارفعي العتبا )
1) علاقة البيت الأخير بالقرآن وبيت الفرزدق : تقول – يا أخي – في البيت الأخير : يا دوحة قد جئت أنشدها .............ها قد هززتك. فاسقطي الرطبا!!! ومعلوم يا أخي أن معنى هذا البيت ( مقتبس ) من قوله تعالى : ( وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ) من سورة مريم . ولا شك أن الاقتباس من القرآن في مثل هذا الموضع لا يليق باحترامنا للقرآن ، وقدسيته .. ولم أفهم علاقة ما نحن فيه بقول الفرزدق ، إن كان القول للفرزدق أو لحسان في مبلغ علمي ، فإنما هو يمدح الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم يقتبس شيئا من القرآن ( أين الاقتباس ) . ثم إني لم أقل بعدم جواز الاقتباس من القرآن مطلقا ، وكيف يقول بهذا عاقل ؟! وإنما قلت : لا يجوز في هذا الموضع ، حيث خرج الغزل عن حده العفيف إلى الأحضان ... ومعلومة هامة : ألف الإمام السيوطي رحمه الله رسالة في جواز الاقتباس والتضمين من القرآن والحديث سماها ( رفع الباس وكشف الالتباس في ضرب المثل من القرآن والاقتباس ) ، وهي رسالة قيمة جدا ومفيدة في هذا الباب . والاقتباس هو أخذ معنى من القرآن واستعماله في معنى آخر من شئون الحياة . أما التضمين فأن يتضمن بيت الشعر آية أو بعض آية بالنص من القرآن . وكلاهما كما قلت جائز ، ومن أراد أمثلة وأدلة فعليه بكتاب السيوطي ، ولكن علينا أن نراعي الأدب مع كتاب الله ، فلا نستخدمه في ما لا يليق . 2) طلبكم ألا أنقد مرة أخرى بطريقتي هذه قصائدكم : يا أخي : غفر الله لي ولك : أنا أفهم أن شاعرا يطلب أن تنقد قصائده ليصقل موهبته ، وليتقدم في صنعته ، ومن منا المعصوم من الخطأ ، أو السالم من النقد . ولكني لا أفهم أبدا أبدا أن يطلب هذا الشاعر من ناقد التوقف عن نقده ، لأن النقد في الأصل لا يحتاج لدعوة وطلب ، وما دام هناك إنتاج نشر على الناس ، فهو معرض للنقد ، والكلمة حرة ، ما دامت في حدود الأدب والاحترام والشرع ، سواء كان الناقد على خطأ أو صواب ، فالحوار قائم ، وبه يرد الخطأ إن وجد ، ولكل واحد وجهة نظره . لذلك فإني أعتب عليك – يا أخي – طلبك هذا ، وأقول لك بصراحة : سأتوقف بالتأكيد عن نقدك ونقد غيرك ، ولكن ليس قبولا لطلبك ، أو تنفيذا له ، ( فإن ذلك ليس إليك ) ، وإنما لأسباب عندي قائمة – أحتفظ بها لنفسي ، وقد سبق واعتذرت للأخ الفاضل سلاف عند دعوته للنقد ، وبينت هناك بعض الأسباب ، وأن النقد ليس من أهداف وجودي بالخيمة . وأخيرا : كنت أتمنى أن يكون ردك على نقدي يتسم بالموضوعية ، ودفع الحجة بالحجة ، وقبول الصواب من نقدي ، ولكن للأسف وجدت غير ذلك ، وكأني بك كنت تطلب تقريظا لقصيدتك ، فأخطأت العبارة فطلبت نقدا ، وللأسف فإنني أفرق بين النقد والتقريظ . وعموما : لك تحياتي ، واعتذاراتي ، وأرجو السماح فيما نبا فيه قلمي . وتحياتي لكل أخ في هذه الخيمة ، واعتذاري لكل من وجد من كلامي حرجا .. وإلى الملتقى مع المثاني – إن شاء الله – حكمة الشعراء – والحكمة ضالة المؤمن .. |
وإني لأحن إلى المثاني ، كما قال بعضهم : يرنحني إليك الشــــــــوق حتى ...................... أميل من اليمين إلى الشمال كـــما مــال المعــاقر عاودته ...................... حميا الكأس حـــالا بعد حال |
وفي هذا المثنوي ( تضمين ) لآية قرآنية : قال الشاعر : اصـــنع خــيرا تتحـل بــه .................. واتـرك شـرا تـرد بـــــه إن أنت أسـأت لك الســوءى ................. ( مـن يعمل سـوءا يجز به ) |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.