![]() |
الشبهة السادسة عشرة :
تكفيرهم الحكام بدعوى أنهم يأذنون بالربا ويحمونه ! الرد على الشبهة أن هذا الفعل - وإن كان ذنباً - إلا أنه لا يصل إلى حدّ الكفر ؛ ومن ثم لم يجز الخروج على الحاكم لأجل هذا ؛ بل الواجب الدعاء لـه بالصلاح ونصحه ودعوته بالتي هي أحسن . فائدة : واعلم - وفقك الله للعلم - أن هناك من يكفِّر بهذه البنوك - وإن كانت معصيةً - تحت ستار الاستحلال(32) ! ويدّعي أن حماية هذه البنوك قرينة دالّة على الاستحلال ؛ ومن ثم فإن الحاكم يكفر بذلك ! وجواباً على هذه الدعوى أقول : لا يمكن أن يُستفاد الاستحلال إلا من التصريح ؛ فليس : 1. الإصرار على الذنب ؛ 2. ولا حمايته ؛ 3. ولا الدعوة إلى مقارفته ؛ دالاًّ على الاستحلال . بل لا يقول هذا إلا من تشرَّب حبّ التكفير وتجرّأ عليه ممن لم يعرف العلم الشرعي ! وإلا : ? لكفّرنا المصرّ على شرب الخمر - مثلاً - ، ? ولكفَّرنا الأبَ الذي يحمي أجهزة الإفساد من اعتداء أحد أبنائه عليها ، ? ولكفَّرنا كلّ صديقِ سوءٍ داعٍ إلى المعاصي . . وبيان أمثلة هذا يطول . فليُكفِّر أولئك المُتعجِّلون أباءهم وإخوانهم وذويهم إن كانوا يلتزِمون تطبيق ما يقولون ؛ وإلا فلْيَعُوا خطورة الأمر ولْيَقصُروا عن غيِّهم ولْيَنْتهوا عما هم عليه . نُقولٌ على ما نَقول بيان أن التمكين من الربا لا يُكفِّر ، وأن الاستحلال لا يستفاد من الفعل المجرّد قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - جواباً على سؤال : ( ما هو ضابط الاستحلال الذي يكفر به العبد ؟ ) ( الباب المفتوح 3/97 لقاء 50 سؤال 1198 ) : « الاستحلال هو أن يعتقد الإنسان حلّ ما حرّمه الله . . . وأما الاستحلال الفعلي فيُنظر : لو أن الإنسان تعامل بالربا ، لا يعتقد أنه حلال لكنّه يُصرّ عليه ؛ فإنه لا يُكفَّر ؛ لأنه لا يستحلّه . ولكن لو قال : ( إن الربا حلال ) ويعني بذلك الربا الذي حرّمه الله ؛ فإنه يكفر ؛ لأنه مكذب لله ورسوله » انتهى . وقال الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - جواباً على السؤال التالي : ( هناك من يدعو الشباب - وبخاصة في الانترنت - إلى خلع البيعة لولي أمر هذه البلاد ، وسبب ذلك لوجود البنوك الربوية وكثرة المنكرات الظاهرة في هذه البلاد ، فما توجيهكم ؟ ) ( الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية ط الأولى ص 61 ) : « توجيهنا أن هذا : كلام باطلٌ ، ولا يُقبل ؛ لأنه يدعو إلى الضلال ويدعو إلى تفريق الكلمة ، وهذا يجب الإنكار عليه ، ويجب رفض كلامه ، وعدم الالتفات إليه ؛ لأنه يدعو إلى باطل ، ويدعو إلى منكر ، ويدعو إلى شرّ وفتنة » انتهى . وقال - حفظه الله - جواباً على سؤال : ( هل وجود البنوك الربوية ووضعها في البلاد دليل على استحلال الربا واستباحته ؟ ) ( الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية ط الأولى ص 68 ) : « أكل الربا لا يدل على استباحة الربا ، أكل الربا كبيرة من كبائر الذنوب ، والتعامل بالربا كبيرة وموبقة من الموبقات ؛ لكن لا يدل هذا على كفر المرابي ؛ إلا إذا استحله ولو لم يأخذه . إذا قال : ( الربا حلال ) ؛ فهو كافر ولو لم يأخذ الربا . فإذا جمع بين الجريمتين وقال : ( الربا حلال ) ، وأخذه ؛ فهذه جريمتان والعياذ بالله ؛ أكله كبيرة وفسق واستحلاله كفر » انتهى |
الشبهة السابعة عشرة :
تكفيرهم لابس الصليب مطلقاً ! الرد على الشبهة 1. لا ينبغي تصديق كلّ ما يُنقل عن المسلمين ؛ لاسيما إن أريد بهذا إيقاع الإثم على المسلم ؛ فضلاً عن إيقاع الكفر . لا سيما إن كان الناقل فاسقاً ، أو مجهولاً ، - فضلاً عن الكافر - . 2. أنه ليس كلّ لبسٍ للصليب يكون مُكفِّراً . 3. أنه - وعلى سبيل التسليم - لو قيل بالتكفير ؛ فليس كلّ واقعٍ في الكفر يكون كافراً . فقد يكون اللابس له مُكرهاً ، أو متأوّلاً ، أو جاهلاً . فمع كون عمله معصيةً إلا أنه لا يكون كفراً . نُقولٌ على ما نَقول بيان الأمر بالتثبُّت قال الله تعالى : « … إن جاءكم فاسق بنبإٍ فتبيَّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين » . وتقدم نقل كلام : ابن تيمية ، وابن كثير ، والسعدي - رحمهم الله - ، في الأصل الأول من الأصول الأربعة التي في مقدمة الكتاب ، فراجعه إن شئت . بيان أنه ليس كُلّ لبْسٍ للصليب يكون كفراً قال البخاري - رحمه الله - في كتاب الصلاة من صحيحه باب رقم ( 15 ) : « بابٌ ، إن صلى في ثوبٍ مصلَّبٍ أو تصاوير ؛ هل تفسد صلاته ؟ » انتهى . ثم ساق حديث أنس - رضي الله عنه - : كان قِرامٌ(33) لعائشة سترت به جانب بيتها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : « أميطي عنّا قِرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعْرِضُ في صلاتي » . فقد قرن البخاريُّ - رحمه الله - بين الصلاة بالثوب المصوّر والصلاة في الثوب المُصلَّب ؛ وقَصَدَ بذلك - رحمه الله - : هل تفسد الصلاة أم لا ؟ ولم يخطر بباله - رحمه الله - أن اللابس سيكون كافراً بمجرّد لبسه للصليب . بل رجح ابن حجر - رحمه الله - عدم فساد الصلاة بالثوب المُصوّر - والمُصلّبُ في حكمه ؛ لأنه موافق للبخاريَّ في ترجمته - ؛ فقال : « لا تفسد بذلك لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقطعها ولم يُعِدْها » انتهى . وجاء في حاشية الروض المُرْبِع ما نصّه ( 7/404 ) : « وفي الانتصار : مَنْ تزيّا بزيّ الكفر ؛ مِن لبس غيار ، وشدّ زنار ، وتعليق صليب في صدره : حرُمَ ، ولم يكفُر » انتهى . وقد أجابت اللجنة الدائمة عن حكم الصلاة لمن يلبس ساعةً فيها صليب بما نصه ( فتاوى اللجنة 6/185 ) : « لا يجوز لبس الساعة أُمّ صليب لا في الصلاة ولا غيرها حتى يُزال الصليب . . . لكن لو صلى وهي عليه فصلاته صحيحة . . . » انتهى . الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن باز نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي عضو عبد الله بن غديان وللشيخ ابن باز - رحمه الله – حوار مع بعض السائلين ( أسئلة وأجوبة الجامع الكبير ، المجموعة الثانية ، إصدار تسجيلات التقوى ، الشريط 29 ، الوجه الثاني ) : سؤال : ( يحدث أحياناً أن يحضر بعض المسلمين إلى بلد يدين أهله بدين غير الإسلام ؛ إما للزيارة أو لمناسبة ما ، ويقوم الكفار بتقليد أحد المسلمين بقلادة على هيئة صليب أو عليها صور الصليب كتكريم منهم لهذا المسلم ، ويتقبلها هذا المسلم مجاملة لهم ويعتبره من حسن المعاملة ؛ هل فعل هذا المسلم يعتبر من موالاة الكافرين ؟ وهل يصل ذلك إلى مرتبة الكفر ؟ ) . الشيخ : « لا ، هذه أمور عادية مثل ما تقدم ، هذه أمور عادية ينظر فيها ولي الأمر بما تقتضيه المصلحة ؛ فإذا كان من المصلحة الإسلامية قبول هذه المجاملة أو هذه الهدية كان ذلك جائزاً من باب دفع الشرّ وجلب الخير ، كما يقبل هداياهم التي يهدون إليه يرى مصلحة في ذلك ، وإن رأى المصلحة في ردّها ردّها ، هكذا ما يُتوّج السلاطين والملوك على قلائد يصنعها الكفار أو يقدمها المسلم لهم إذا رأى في هذا المصلحة الإسلامية كفّاً لشرّهم وجلباً لخيرهم ؛ فلا مشاحّة في ذلك وليس هذا من الموالاة » . اثنان من الحضور باستنكار : فيها صليب يا شيخ ! الشيخ : « ولو فيها صليب . . يأخذه ثم يلقيه » . أحد الحضور مستنكراً : يلبسه لباس هو يا شيخ ؟ ! الشيخ : « بعدين يُزيله ، بعدين يُزيله » انتهى الحوار . بيان أنه ليس كل من وقع في الكفر يكون كافراً تقدم نقل كلام : ابن تيمية ، والألباني ، وابن عثيمين - رحمهم الله - ، في الأصل الثالث من الأصول الأربعة التي في مقدمة الكتاب ، فراجعه إن شئت |
الشبهة الثامنة عشرة :
تكفيرهم الحكام بدعوى أنهم أصحاب مكوس استناداً ! إلى حديث : « لا يدخل الجنة صاحب مَكْس » قال ابن الأثير - رحمه الله - ( نهايته 4/279 ) : « المَكْس : الضريبة التي يأخذها الماكِس . . . » انتهى . الرد على الشبهة يُقال - على اعتبار صحة الحديث ؛ وإلا ففيه نظر - : هذا العمل - مع كونه معصيةً - إلا أنه لا يستوجب الكفر ؛ ولا يبيح الخروج على الحكام ؛ بل الواجب هو الدعاء لهم ونصحهم بالطرق الشرعية والصبر على ما عندهم من المعاصي . نُقولٌ على ما نَقول بيان أن المكوس من المعاصي وليست من المكفّرات قال الشيخ ابن باز - رحمه الله - لمّا سئل : ( هناك من يرى - حفظك الله - أن لـه الحق في لخروج على الأنظمة العامة التي يضعها ولي الأمر كالمرور والجمارك والجوازات . . إلخ ، باعتبار أنها ليست على أساس شرعي ، فما قولكم حفظكم الله ؟ ) ، ( فتاواه 8/208 ) : « . . . وأما الشيء الذي هو منكر ، كالضريبة التي يرى ولي الأمر أنها جائزة فهذه يراجع فيها ولي الأمر ؛ للنصيحة والدعوة إلى الله ، وبالتوجيه إلى الخير . . . » انتهى . وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - لما سئل عن بعض أنواع الرسوم التي تؤخذ من الحكومات هل هي من الضرائب ؟ ( الباب المفتوح 3/416 لقاء 65 سؤال 1465 ) : « تعمّ كلّ شيء يؤخذ بلا حقّ ؛ فهو من الضرائب ، وهو محرم . . . ولكن على المسلم السمع والطاعة ، وأن يسمع لولاة الأمور ويطيعهم ، وإذا طلبوا مالاً على هذه المعاملات أعطاهم إياه . . . ولا يجوز أن تُتّخذ مثل هذه الأمور وسيلةً إلى : القدح في ولاة الأمور ، وسبّهم في المجالس ، وما أشبه ذلك » انتهى . بيان أن المعصية لا تبيح الخروج تقدم نقل كلام : النووي ، وابن حجر ، وابن باز ، وابن عثيمين ، - رحمهم الله - ؛ في الأصل الثاني من الأصول الأربعة التي في مقدمة الكتاب ، فراجعه إن شئت . بيان أن الواجب نصح الحاكم العاصي بالطرق الشرعية مع الصبر عليه وبقاء الطاعة له في المعروف قال الشيخ ابن باز - رحمه الله - ( فتاواه 8/205 ) : « وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصيةٍ أو معاصٍ وقعت منه ؛ بل عليهم المناصحة بالمكاتبة والمشافهة ، بالطرق الطيبة الحكيمة ، وبالجدال بالتي هي أحسن ؛ حتى ينجحوا ، وحتى يقلّ الشرّ أو يزول ، ويكثر الخير . . . » انتهى . وقد تقدم - قريباً - كلام ابن باز - رحمه الله ـ ، وهذا هو بتمامه ، فقد سئل : ( هناك من يرى - حفظك الله - أن لـه الحق في الخروج على الأنظمة العامة التي يضعها ولي الأمر كالمرور والجمارك والجوازات . . إلخ ، باعتبار أنها ليست على أساس شرعي ، فما قولكم - حفظكم الله - ؟ ) ، فقال ( فتاواه 8/208 ) : « هذا باطل ومنكر ، وقد تقدم : أنه لا يجوز الخروج ولا التغيير باليد ، بل يجب السمع والطاعة في هذه الأمور التي ليس فيها منكر ، بل نظمها ولي الأمر لمصالح المسلمين ، فيجب الخضوع لذلك ، والسمع والطاعة في ذلك ؛ لأن هذا من المعروف الذي ينفع المسلمين ، وأما الشيء الذي هو منكر - كالضريبة التي يرى ولي الأمر أنها جائزة - فهذه : يراجع فيها ولي الأمر ؛ للنصيحة ، والدعوة إلى الله ، وبالتوجيه إلى الخير ، لا بيده يضرب هذا أو يسفك دم هذا أو يعاقب هذا بدون حجة ولا برهان ، بل لابد أن يكون عنده سلطان من ولي الأمر يتصرف به حسب الأوامر التي لديه وإلا فحسبه النصيحة والتوجيه ، إلا فيمن هو تحت يده من أولاد وزوجات ونحو ذلك ممن لـه السلطة عليهم » انتهى . كما تقدم - قريباً – كلام الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - لما سئل عن بعض أنواع الرسوم التي تؤخذ من الحكومات هل هي من الضرائب ؟ ( الباب المفتوح 3/416 لقاء 65 سؤال 1465 ) : « تعمّ كلّ شيء يؤخذ بلا حقّ ؛ فهو من الضرائب ، وهو محرم . . . ولكن على المسلم السمع والطاعة ، وأن يسمع لولاة الأمور ويطيعهم ، وإذا طلبوا مالاً على هذه المعاملات أعطاهم إياه . . . ولا يجوز أن تُتّخذ مثل هذه الأمور وسيلةً إلى القدح في ولاة الأمور وسبّهم في المجالس وما أشبه ذلك . ولنصبر ، وما لا ندركه من الدنيا ندركه في الآخرة » انتهى . |
الشبهة التاسعة عشرة :
تكفيرهم الحكام بدعوى أنهم طواغيت ! الرد على الشبهة من وجهين الوجه الأول : إن أريد بهذا الوصف التكفير , فالتكفير لا يثبت إلا ببرهان , وعليه : فلا بدّ من التفصيل وعدم الإجمال . والتفصيل هو : إيراد السبب الذي بعث على هذا الوصف المراد منه التكفير ؛ لينظر فيه : أهو سبب موجب للتكفير أم لا ؟ ثم إن أوجب التكفير ؛ فينظر : هل قامت الحجة على هذا الحاكم الواقع في الكفر أم لا ؟ الوجه الثاني : أن وصف الشيء بأنه طاغوت لا يلزم منه تكفير كل موصوف به , وبيان هذا من ثلاثة أوجه : الوجه الأول : أن الطاغوت يطلق على : ( كل رأس في الضلالة ) , وذلك أنه مشتق من الطغيان الذي هو : مجاوزة الحدّ ؛ وهذا الطغيان قد يكون مكفراً ، وقد لا يصل لحدّ الكفر . الوجه الثاني : أن مِنْ أهل العلم مَنْ يُعلّق وصف الشيء بأنه طاغوت بمجرد أن يُتَجاوَز به الحدّ , بدون النظر للموصوف بأنه طاغوت . فساغ إطلاق هذا الوصف باعتبار المُتّخِذ لا بالنظر للمُتّخَذ . وبرهان ذلك : أنهم يصفون الجمادات المعبودة من دون الله بأنها طواغيت , ومن المعلوم بداهة أن الجمادات لا توصف بالإسلام ولا بالكفر . الوجه الثالث : أن من أهل العلم من أطلق وصف الطاغوت على بعض أهل الذنوب , ولو كان هذا الوصف مكفراً لما ساغ هذا الإطلاق , أو للزم منه تكفيرهم إياهم بتلك الذنوب . وبياناً لما سبق تقريره ؛ فإني أقول : إن وصف الطاغوت له حالتان : الحالة الأولى : أن يكون اسم فاعل : بحيث يطلق على من وقع منه الطغيان ؛ بأن تجاوزَ - هو - حدَّهُ . وهذا طاغوت بالنظر لفعله , وهذا الطاغوت قد يكون كافراً , وقد لا يكون كذلك ؛ بحسب نوع الطغيان الذي وقع منه . الحالة الثانية : أن يكون اسم مفعول : بحيث يطلق على من طُغِيَ فيه ؛ بأن تجاوزَ به الناسُ الحدَّ . وهذا طاغوت بالنظر لمُتَّخِذِيْهِ . وهذا الطغيان : قد يكون كفراً ، وقد لا يكون كذلك . ثم إن هذا المُتَّخَذَ : لا يَلْحَقُهُ الذمُّ إلا إذا رَضِيَ . وتلخيصاً لما سبق : لا بدّ قبل تكفير الموصوف بأنه طاغوت من النظر في مسألتين : المسألة الأولى : § هل وصل به الحد في الطغيان للكفر ؟ § أم لا ؟ وهذا يسلتزم التفصيل في طغيانه . المسألة الثانية : § هل سُمّي طاغوتاً لتجاوزه الحدّ ؟ § أو لتجاوز الناس به الحدّ ؟ وهنا يُنظر : هل رضِيَ ؟ أم لا ؟ وهذا يستلزم التفصيل في حاله . نُقولٌ على ما نَقول بيان عدم جواز التكفير بلا برهان يكفي في ردع المكفر بلا برهان حديثُ ابن عمر - رضي الله عنهما - ( خ : 6104 - م : 213 واللفظ له ) : « أيما امريء قال لأخيه ( يا كافر ) : فقد باء بها أحدهما ؛ إن كان كما قال وإلا رجعت عليه (34)» . بيان أن الطاغوت يطلق على كل رأس في الضلال قال العلامة القرطبي - رحمه الله - ( تفسيره 5/75 ، تحت آية النحل 36 : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) : « أي : اتركوا كل معبود دون الله ؛ كالشيطان , والكاهن , والصنم , وكل من دعا إلى الضلال » انتهى . وقال العلامة الفيروز آبادي - رحمه الله - ( القاموس ، مادة : طغا ) : « والطاغوت : اللات , والعزى , والكاهن , والشيطان , وكل رأس ضلال , والأصنام، وما عبد من دون الله , ومردة أهل الكتاب » انتهى . بيان أن أهل العلم يعلقون وصف الطاغوت بمجرد الاتّخاذ لا بالنظر لهذا المُتّخَذ , ولذلك يصفون به بعض الجمادات قال العلامة ابن الجوزي - رحمه الله - ( نزهة الأعين النواظر ص 410 ، باب الطاغوت ) : « وقال ابن قتيبة : كل معبود ؛ من حجر , أو صورة , أو شيطان : فهو جبت وطاغوت . وكذلك حكى الزجاج عن أهل اللغة » انتهى . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( فتاواه 16/565 ) : « وهو اسم جنس يدخل فيه : الشيطان , والوثن ، والكهان , والدرهم , والدينار , وغير ذلك » انتهى . وقال العلامة ابن القيم - رحمه الله - ( أعلام الموقعين 1/50 ) : « والطاغوت : كل ما تجاوز به العبد حده من معبود , أو متبوع , أو مطاع » انتهى . وقال الإمام ابن عثيمين تعليقاً على كلام ابن القيم - رحمهما الله - ( القول المفيد 1/30 ) : « ومراده : من كان راضياً . أو يقال : هو طاغوت باعتبار عابده , وتابعه , ومطيعه ؛ لأنه تجاوز به حده حيث نزّله فوق منزلته التي جعلها الله لـه , فتكون عبادته لهذا المعبود , واتباعه لمتبوعه , وطاعته لمطاعه : طغياناً ؛ لمجاوزته الحد بذلك » انتهى . بيان إطلاق بعض أهل العلم وصف الطاغوت على بعض أهل الذنوب غير المكفرة قال العلامة الراغب الأصفهاني - رحمه الله - ( مفرداته ص 108 ، مادة : طغى ) : « الطاغوت عبارة عن : كل متعدٍّ , وكل معبود من دون الله . . . ولما تقدم : سُمّي الساحر , والكاهن , والمارد من الجن , والصارف عن طريق الخير : طاغوتاً » انتهى . وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ( الدرر 1/137 ) : « والطواغيت كثيرة , والمتبين لنا منهم خمسة : أولهم الشيطان , وحاكم الجور , وآكل الرشوة , ومن عُبدَ فرضِيَ , والعامل بغير علم » انتهى . وقال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله - ( شرح الأصول الثلاثة ص 151 ) : « وعلماء السوء الذين يدعون إلى الضلال والكفر , أو يدعون إلى البدع , أو إلى تحليل ما حرم الله , أو تحريم ما أحل الله : طواغيت » انتهى . |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.