أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   خيمة الثقافة والأدب (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=9)
-   -   قصيدة جاهلية ! مليئة بالحكمة السياسية (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=46627)

ابن حوران 15-01-2006 05:47 AM

من يقوم ببناء البيت و من يقرر الكيفية التي يتم بها البناء ؟

لقد مررنا بشكل موجز على تكوين البيت ، من أعمدة و أوتاد و حبال ، وبينا أن أكثر من جهة تصلح أن تكون عمودا ، و أكثر من جهة تصلح أن تكون وتدا ، و علمنا أن الحبال وهي بالإضافة لدورها في الشد والربط ، فإنها تعتبر كأنابيب التغذية ، أو كالشرايين أو الأعصاب .

ولكن من يقترح ويصمم هذا البيت ؟ ومن يختار أعمدته و أوتاده و حباله ، ثم هل أن هذا البناء سيتم لأول مرة ، أم أن الساكنين كانوا في ارتحال مستمر ، واختاروا بعضهم البعض أثناء ترحالهم ، أم أنهم سيقومون بإعادة بناء البيت ؟

ان كل بناء يحتاج لمخطط ، ومن يضع المخطط ، لا بد أن يكون ذو علم ومهارة ، و لكنه مجرد أن ينبري لتقديم خدماته ، سيجد من يعترض على قيامه بهذا الدور ، تحت عشرات أو مئات الأسباب ، وهذه صفة التصقت فينا نحن البشر منذ بداية عهد البشرية ، حيث اختلف ابنا آدم عليه السلام .

وإن كنا قد اقترحنا اصطلاح القوة الراهنة في بداية حديثنا ، و عنينا بها تلك القوة التي ترث حكما لبلاد ، وتصبح كلمتها هي الكلمة العليا في الشكل العام للبيت ، ونظمه و قوانينه و ضوابطه ، وهذا أيضا طبيعي ، فطالما أن هناك غالب هناك مغلوب ، وطالما أن هناك كلمة عليا ، فان هناك كلمة أدنى منها .

ويعتقد أصحاب الكلمة الدنيا ، أنهم تم غدرهم وظلمهم ، و اصطيادهم ، وسيدربون أنفسهم على إعاقة عمل القوة الراهنة ، و تحين الفرص للإنقضاض عليها و أخذ مكانتها في إصدار الأوامر ، حيث أن الأمير أو الآمر هو من يعطي الأوامر .. وهذا طبيعي جدا ، ومن سنن الحياة .

لكننا ونحن نعلم أن من يقرأ ذلك يعلم أيضا ما نشير اليه ، فإن ما يعنينا هنا هو شكل بيتنا (كعرب) و مكانة هذا البيت بين بيوت العالم ، وكيفية تقليل مشاكل سكانه والتي مررنا عليها ، والتي مثلناها بسيادة المفسدين و غير المؤهلين ، واحتلالهم معظم مفاصل الحياة اليومية ، وهدرهم لأموال الأمة ، و وضع العقبات أمام الآخرين في موضوع تناقل السلطة ، وهي مظاهر لازمت تاريخ الأمة منذ زمن ليس بقليل .

إن معرفة ذلك ، وبشكلها العمومي و المشاع ، تشكل أرضية صلبة للانطلاق في البدء بمشروع النوايا لبناء البيت . و عندها ستحدد الخطوات واحدة بعد الأخرى .

فلو فرضنا أن من آمن بذلك واحد أو مجموعة من الناس ، بغض النظر عن مكان تواجدهم ، و في أي قرية أو مدينة أو قطر عربي ، فهم سينطلقون من عمومية الاستحقاق العام بالتفكير والحرص على مصلحة الأمة ، واحترام فيض الفكر الذي ينطلق منه أي فرد أو فئة ، طالما أنها تلتقي في النهاية بموضوع المصلحة ، فعندها ستكون مصادرة التفكير بمصلحة الأمة على الآخرين من المحرمات ، أو مفسدات الشروع بالتنفيذ .

مع الإقرار بوجود مصالح فردية و جماعية تتعلق بإقليم أو مكانة أسرية أو مكانة اقتصادية ، شريطة أن لا تعلو تلك المصالح من هذا النوع على المصلحة العليا للأمة .. عندها تبدأ الخطوات الإجرائية .

ابن حوران 20-01-2006 08:35 AM

ما هي المصلحة العامة و من يقررها ؟

يكثر الحديث عن المصلحة العامة ، و يكون المستمع للحديث ، بمجرد أن يسمع بهذا المصطلح ، تقفز لمخيلته صورة سريعة عن تلك المصلحة العامة ، ولكن تلك الصورة تكون بالأبيض و الأسود ، تفقد لونها أو ألوانها ، و أحيانا تفقد حدودها ، وأحيانا تصطبغ بصبغة المتحدث نفسه . فوزير إعلام دولة عربية عندما يتكلم عن المصلحة العامة ، فإنه يقصد مصلحة النظام ، تماما كما يتكلم وزير الداخلية عن الأمن ، فإنه يعني بكلامه أمن النظام .

أما أبناء الأحزاب و النقابات و العسكر و أبناء الأسر و الزعامات التقليدية ، فإنهم يشرحون موضوع المصلحة العامة وفق مخزونهم المعرفي عنها وفق منظومتهم الأيديولوجية .

إن هذا الشكل الأميبي ( من الأميبا) حول تحديد المصلحة العامة ، سيعقد تشكيل أساس البناء ويكرس التيه لفترات أطول ، وسيكرس الخلاف ، وتبقى الدورة أزلية ..

لكن هل هناك مصلحة عامة نموذجية ، يمكن أن تنسحب على أي قطر أو حتى مدينة أو قرية ، وفي كل العهود و الأزمان ؟ .. لا أظن ذلك بكل تأكيد ، فالمسألة تتغير بتغير طرائق الرزق ، وتتغير بتغير الأعداء ، و التحالفات ، وهذه ليست ثابتة أيضا .. فعدو الأمس قد يصبح حليف اليوم ، ولنا في أوروبا خير مثال .

مع ذلك فان إيجاد وعاء يستطيع استيعاب كل تلك التغيرات ، في المواقف هو مسألة حسمت على مر التاريخ ، و تجلت في العصر الراهن بشيء أطلق عليها مصطلح ( دستور ) .. وهو يناقش أحقية كل فئات المجتمع بالتعريف عن ذاتها ويضمن حركتها بما لا يتعارض مع الحركة العامة للمجتمع الكلي .

و أحيانا تبادر الأحزاب أو التيارات الفكرية ، بكتابة دساتير مقترحة للمجتمع ، لا تطلق عليها مصطلح ( دستور ) بل تشرح أهدافها التي تزعم أنها تقدمها كخدمة للمجتمع ، وتناضل أو تسعى من أجل تحقيقها ، ومن يتأملها سيجدها تشكل دستورا من قبل ذلك الفصيل أو التيار .. ولكن تقاس مسألة القبول لهذا البرنامج من عدمه ، من قبل المجتمع ، من خلال الأتباع الذين يؤمنون أو يشاركوا من كتب مثل تلك الأدبيات رؤيتهم .

وقد تكون قساوة أنظمة الحكم ، أو ضعف إعلام ذلك التيار على تبيان رؤيته لا يعطي لمسألة الأتباع أهمية كبرى ، لذا فان الاحتكام لتلك المسألة يعتبر مبكرا لاعتباره مؤشرا على رجاحة تفسير موضوع المصلحة وفق أساس حجم الأتباع .

وعليه فان الالتقاء بين التيارات و أخذ ما يشتركون فيه من نقاط ، هو المدخل الأكثر أهمية في التحرك العام .

ابن حوران 25-01-2006 06:15 AM

ضبط النوايا حسب توقيت المنطقة

كل مثقف وسياسي ، يستطيع أن يضع عشرات الفهارس من الأخطاء ، عن أي حالة يراقبها ، وهذا ليس جديدا ومستحدثا ، و يتكلم عن الآخرين ، كأنه يريد أن يقول لهم ، لو قيض لي الأمر ، لكان مختلفا ، ولكان أفضل ..

فلو قيل لأحدهم ، ابدأ من الآن فقد قيض الأمر لك ، فما أنت فاعل ؟ وتكلم بصوت مرتفع ، ولا يمكنك العودة الى مكتبتك أو إطار مرجعيتك ، فقل ما تعتقد أنك تتذكره ، أكثر من غيره ، و تتقن الحديث فيه . فإنه سيتلعثم و يحشد كل طاقاته ، ولن يخرج في سرد ما في باله ، عن الصور التي يلصقها فيمن ينتقدهم .

ولو قلت له لقد أصبحت الرجل الأول في هذه البلاد ، فما أنت فاعل مع السياسة الدولية ؟ لأخذ يتكلم كلاما عموميا ، ثم سيجد نفسه أنه أمام معادلات صعبة ، لم يكن يشغل باله كثيرا بها ، وهو يمارس هوايته المفضلة ، الانتقاد تجاه أي حكم عربي ، ثم ينتهي به المطاف الى أنه سيهادن تلك الدولة ويتقي شر تلك الدولة و ينسق مع تلك الدولة ويتحالف مع تلك الدولة .

واذا سئل هل ستقاطع كل الدول العربية الأخرى المشمولة بانتقاداتك ، أم ستسعى لإقامة علاقات طبيعية معها ؟ خصوصا تلك المجاورة ، سيصمت ويجيب أخيرا بأنه لن يستغني عنها ، وسيحضر كل لقاءات الأخوة العربية ، و سيعمل على الارتقاء بمستوى العمل العربي المشترك . هذا بغض النظر عن التقييم الذي كان يمارسه كناقد ، سواء كانت صفة الدولة المنتقدة بالرجعية او الملحدة أو الفقيرة أو الغنية ، ستكون إجابته هي نفسها ، بأنه سيعمل مع تلك الدول .

وان سألته عن فرنسا أو أمريكا أو الصين أو كندا ، وعن الكيفية التي سيتعامل بها معها ، سيجد صيغ ومبررات تتفق مع واقع الحال العالمي السياسي ، بغض النظر عن موقف تلك الدول بالتصويت مع الكيان الصهيوني ، أو ضد أي قضية من قضايانا العربية . وعندما تسأله عن الحكمة في هذا الموقف وهذا التبرير ، لعلاقاته مع دول عالمية ، الصبغة العامة لمواقفها تجاهنا ليست بالمريحة ، سيجد عشرات المبررات ، عن اقتضاء الضرورات .

حسنا ، ألم يصبح ضروريا حيال هذا التكيف المهين في بعض الأحيان للتعامل في شأن السياسة الدولية ، وتلك التنازلات وحالات غض النظر الكثيرة ، أن يتنازل من يفكر بالوصول للسلطة أو من هو فيها ، أن يتنازل بعض الشيء ، تجاه أبناء وطنه ؟

ان الدستور وحتى القوانين التي تصدر بموجبه ، هي عقد اجتماعي أو ميثاق شرف يضبط العلاقات فيما بين الناس ، و يبين صلاحيات الدولة وقياداتها ، فيما لا يتعارض مع ضمان الكرامة وحرية العمل والتعبير وفق ضوابط توضع من خلال نصوص الدستور والقوانين نفسها .

وحتى يكون هذا الدستور ملزما ، والقوانين التي تصدر بموجبه ملزمة ، ومرضي عنها من قبل هيئات و ممثليات المجتمع ، لا بد من إشراك كل تلك الهيئات والممثليات في صياغته ، شريطة أن تكون تلك الممثليات تمثل كل الشعب وفق أسس تبعد المخادعة في توصيل هؤلاء الممثلين لتلك الهيئات .

ابن حوران 26-01-2006 09:41 AM

شروط كتابة مواثيق العمل العام :

ونحن لم نزل نتكلم ، فيمن يكون صاحب الإرادة في بناء البيت ، وحتى لا يعترض عليه أحد في المستقبل ، فإننا نتكلم بمعنى آخر عن وثيقة التكليف التي تبرز عندما يعترض أحد عليها ، ليكون الشروع في البناء ، يسير بدقة و بتعاون الجميع و إسهامهم في عملية البناء .

و في هذه الحالة سواء ، كان البيت في مراحل النية من بناءه أو هو مبني بالفعل ، لكن بناءه أوشك على السقوط ، ولا بد من إعادة البناء بأسس أكثر ثباتا ، وبشكل يتحمل ما سيضاف عليه من طبقات في حال البناء الحديث .

ان تلك الوثيقة ، سواء كانت دستور قائم أو مشروع دستور ، أو حتى خطابا يدعو الجميع للمشاركة في صياغة الدستور ، فان ذلك يتطلب شروطا أساسية :

1 ـ توفر الرغبة الصادقة لدى أبناء المجتمع في إيجاد مثل ذلك الدستور ، أو الميثاق الذي يرسم لهم طريق البناء .

2 ـ عدم وجود مؤثرات خارجية ، تتدخل في صيغ كتابة تلك المواثيق ، وتتدخل في تقنين عملية مناقشتها .. فلا دستور ، ولا قوانين توضع في ظل الاحتلال ..

3ـ عزل مؤثرات الدولة القائمة ، في حالة إعادة صياغة الدستور ، أو التقليل من تأثيرها في عمليات الاستفتاء عليه ، وإيجاد هيئات مدنية و قضائية ، من النقابات و منظمات المجتمع المدني و قضاة يشهد بنزاهتهم .

4 ـ إتاحة الفرصة لكل ممثليات المجتمع بصياغة مسوداتها ، والتبشير بها ، ومناقشتها بحرية قبل الوصول الى طرح مشروع واحد للاستفتاء .

5 ـ إحالة مسودة المشروع النهائي قبل الاستفتاء عليه ، لمنظمات المجتمع المدني لشرح فصوله ومواده ، وعدم التدخل في المناقشات الشعبية به ، و تدوين الملاحظات عليه ، وترك المجال لكل أبناء المجتمع للاطلاع على تلك الملاحظات .

6 ـ في حالة أن تبادر الدولة في طرح مثل هذا المشروع ، فعليها أن لا تتذرع بوجود مجلس نواب أو برلمان ، وهو من يكلف بذلك ، بل تدعو الهيئات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني الى المشاركة بكثافة في الصياغة و العمل جنبا لجنب الدولة في ذلك حتى ينتهي المشروع في آخر مراحله . لأن العذر في عدم قبول اقتصار هذا الدور على النواب ، آت من عدم الاعتراف بالصيغ التي أوصلتهم للمجلس اعترافا كاملا .

7 ـ إذا شاءت الدولة أن تثبت حسن نواياها ، فعليها أن تدعم هذا المشروع ماليا ، وتسمح للمتكلمين من كل الأطياف أن يشرحوا وجهات نظرهم في وسائل الاعلام التي تدار من الدولة في حالة مركزية الاعلام ، أو تلزم أجهزة الإعلام الأهلية بهذا النمط من إتاحة الفرصة للجميع أن يبدوا ملاحظاتهم .

خاتمة :

عند هذا فقط سيتم الابتداء ببناء البيت وفق رؤية مجتمعية عامة ، سينظم فيه عندها عمل الأحزاب والنقابات و الهيئات المدنية الأخرى ، وسترسم صلاحيات من هم في قمة هرم السلطة ، وما هي المدة القصوى التي يحكمون بها ، ومتى يحق عزلهم . ويحدد علاقة الدولة بالدين و غيره من المسائل وفق إرادة المجتمع الكلي أو ساكني البيت ..

انتهى


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.