أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة الإسلامية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=8)
-   -   ** أنــواع القلــوب ** (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=40061)

غــيــث 23-06-2004 11:06 PM

** أنــواع القلــوب **
 
ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أنواعاً كثيرة من القلوب منها

::heartpump

ـ القلب السليم : وهو الذي يخلص لله وخال من الانحرافات.
ـ القلب المنيب : وهو دائم الرجوع والتوبة إلى الله.
ـ القلب الوجل : وهو الذي يخاف من الله عز وجل.
ـ القلب التقي : وهو الذي يعظّم شــــعائـر الله.
ـ القلب الحي : وهو الذي يؤمن بالله ويشكره ولا يكفره.
ـ القلب المريض : وهو الذي أصابه مرض مثل الشك أو النفاق.
ـ القلب الأعمى : وهو الذي لا يبصر الحق.
ـ القلب الآثم : وهو الذي يكتم شهادة الحـــــق.
ـ القلب المتكبر : وهو الذي يتكبر على الناس ويجادل في الحق ويحاربه.
ـ القلب الغليظ : وهو الذي نُزِعت منه الرأفة والرحمـة.
ـ القلب القاسي : وهو الذي لا يعرف الله ولا يذكره.
ـ القلب الغافل : وهو الذي يغفل عن أداء دوره ووظيفته في الحياة.


ما عوقب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله.
اللهم إنانسألك ولكل مسلم قلبآ سليمآ ولسانآ صادقآ


(من كتاب الفوائد).

الوافـــــي 25-06-2004 07:34 PM

اللهم اجعلنا من أصحاب هذه القلوب
إقتباس:

ـ القلب السليم : وهو الذي يخلص لله وخال من الانحرافات.
ـ القلب المنيب : وهو دائم الرجوع والتوبة إلى الله.
ـ القلب الوجل : وهو الذي يخاف من الله عز وجل.
ـ القلب التقي : وهو الذي يعظّم شــــعائـر الله.
ـ القلب الحي : وهو الذي يؤمن بالله ويشكره ولا يكفره.
وجنبنا يا الله أن نكون من أصحاب هذه القلوب
إقتباس:

-القلب المريض : وهو الذي أصابه مرض مثل الشك أو النفاق.
ـ القلب الأعمى : وهو الذي لا يبصر الحق.
ـ القلب الآثم : وهو الذي يكتم شهادة الحـــــق.
ـ القلب المتكبر : وهو الذي يتكبر على الناس ويجادل في الحق ويحاربه.
ـ القلب الغليظ : وهو الذي نُزِعت منه الرأفة والرحمـة.
ـ القلب القاسي : وهو الذي لا يعرف الله ولا يذكره.
ـ القلب الغافل : وهو الذي يغفل عن أداء دوره ووظيفته في الحياة.
وجزاك الله خيرا أخي الكريم غيث على هذه التذكرة

تحياتي

:)

غــيــث 26-06-2004 05:19 PM

أخي الفاضل الوافي

شكرآ للتعقيب والتنسيق

لا عدمناك

اللهم إنّا نسألك قلوبآ سليمة وألسنة صادقة

الريم 26-06-2004 11:23 PM

اللهم انا نسألك قلبا عامرا بذكرك
 
[اخي الوافي
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع
..
واتمنى من العلي العلي القدير ان يوفقك لما يحبه ويرضاه..

الوافـــــي 27-06-2004 05:13 AM

الأخت الكريمة / الريم

جزاك الله خيرا على دعواتك الطيبات لي
مع أن صاحب الموضوع هو الأخ / غيث
فجزاه الله خيرا على إدراج هذا الموضوع هنا
فقد نلت منه أمران :-
الأول .. المعرفة ، والثاني .. الدعاء

تحياتي

:)

النسري 06-07-2004 01:11 AM

العناية بأحوال القلوب
 
:cool:بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد :
أخي غيث جزاك الله عنا وعنك الخير كله وجعلها الله سبحانه وتعالى في ميزان حسناتك، واسمح لي أخي بهذه الإضافة (وهي منقوله) :
لقد تقد مت العناية بالقلب من الناحية الحسية حتى وصلت لمرحلة زراعة القلب. لكننا هنا سنتطرق-إن شاء الله- لموضوع العناية به من الناحية الروحية المعنوية.

أهمية الموضوع:

1 -أن الله أمر بتطهير القلب.

2 - أهمية القلب وأثره في حياة الإنسان في الدنيا والآخرة، فلهذا القلب مكانه فهو الموجه والمخطط .ففي حديث أبي هريرة(القلب ملك والأعضاء جنوده فإذا طاب الملك طابت جنوده وإذا خبث خبثت جنوده).

3 -غفلة كثير من المسلمين عن قلوبهم مع الأهتمام الزائد في الأعمال الظاهرة مع أن القلب هو الأساس والمنطلق.

4 -أن كثيراً من المشاكل بين الناس سببها من القلوب وليس لها أي أعتبار شرعي ظاهر.

5 -أنّ سلامة القلب وخلوصه سبب للسعادة دنيا وأخرى.

6 -مكانة القلب في الدنيا والآخرة قال عز وجل(يوم لاينفع مال و لابنون إلا من أتى الله بقلب سليم) وقال(من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب) وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قوله صلىالله عليه وسلم (إنّ الله لاينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم) وأشار إلى صدره. وفي حديث النعمان بن بشير قوله صلىالله عليه وسلم (إلا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).

7 -أن من تعريف الإيمان (وتصديق بالجنان) وتعريف آخر (عمل الجوارح وعمل القلب), فلا إيمان إلا بتصديق القلب وعمله، والمنافقون لم تصدّ ق قلوبهم وعملوا بجوارحهم ولكنهم في الدرك الأسفل من النار.

ولكن قليلاً منّا من يقف أمام قلبه فهويقضي جلّ وقته في عمله الظاهر، والقلب يُمتحن ففي الحديث( تُعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً فأي قلب أُشربها نُكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نُكتت فيه نكتة بيضاء حتى تعود القلوب على قلبين قلب أسود وقلب أبيض). وليس الامتحان الابتلاء بالشئ الظاهر كالسجن أوالفصل من العمل أو الإيذاء ولكن الامتحان الأصعب هو امتحان القلوب، وفي قوله تعالى( وأعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه) معنىًً للامتحان.

والقلب كالبحر لاحتوائه على أسرار عجيبة وغموض كبير وأحوال متقلبة سواءً كانت منكرة كالغفلة -الزيغ-الاقفال-القسوة-الرياء-الحسد-النفاق... والنتيجة الطبع والختم والموت ... وصفته أسود. أو كانت تلك الأحوال محمودة كاللين-الاخبات-الخشوع-الاخلاص-المتابعة-الحب-التقوى-الثبات-الخوف-الرجاء... والنتيجة السلامة والحياة والايمان... وصفته أبيض، فالقلب عالم مستقل.

المواضع التي يكثر فيها امتحان القلوب وابتلا ئها:

1 - موطن العبادة: الصلاة-الصدقة-الصيام. قال الله تعالى(وقدمنا إلى ماعملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً).

2 -موطن العلم:فقد يكون أول مقصده لله ثم يتحول مقصده للرياسة أو عند المراءاة والجدل.

3 - الدعوة 4 -المال 5-الرياسة والمناصب 6 -الحسب والجاه والنسب 7 -الشهوات والشبهات.

ملاحظة مهمة: إن أعمال القلوب لايعلمها إلا الله خالق القلوب سبحانه وليست موكلة لنا، فقد قال الله تعالى لرسوله الكريم في شأن المنافقين(أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم )، وفي قصة أسامة بن زيد أنه لحق رجلاً من الكفار وعندما رفع السيف عليه ، قال الرجل :أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فقتله أسامة ، فجاء يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له : أقال لا إله إلا الله وقتلته فأجاب أسامة: إنما قالها خوفاً من السلاح، فقال الرسول: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا.

مجالات الأبتلاء:

1 - النفاق: لم ينته بل هو أخطر منه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان الصحابة يخافون من النفاق، فهذا عمر يسأل حذيفة: أعدني رسول الله من المنافقين؟، وقال أبن أبي مليكة :أدركت ثلاثين من الصحابة كلهم يخشى النفاق على نفسه، وتجد البعض من الناس يقع في صفة من صفات المنافقين من حيث يشعر أو لايشعر، وعلى سبيل المثال نجد من يتحدث في بعض المجالس مؤثراً حكم الطواغيت والأحكام الوضعية علىحكم الله ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم).

2 - الرياء: لا يسلم منه إلا القليل فقد تجد الرجل يصلي مبتدءاً صلاته بنية خالصة لله ثم تتحول نيته عندما يسمع صوتاً فيحسن صلاته ، وهو أدق من دبيب النملة السوداء على الصفاة السوداء في الليلة الظلماء . وفي الحديث القدسي( أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه).وقال (من سمّع سمّع الله به ومن يرائي يرائي الله به).

3 - الشبه والشك والريبة: قال تعالى(فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه).

4 - سوء الظن : اسوأ ذلك سوء الظن بالله تعالى في نصره ووعده للمجاهدين والدعاة، وفي أنه يرزق العبد.

5 - الحسد والغيرة: إذا رأى على غيره نعمة مثل عنده علم أو منصب أو تجارة ، فيحسده عليها ويغار منه. ويقول شيخ الإسلام:(والحسد مرض من أمراض القلوب فلا يخلص منه إلا قليل من الناس ولهذا يقال: ماخلا جسد من حسد لكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه) وقال تعالى (أم يحسدون الناس على ماءآتاهم الله من فضله) . ومن علاج ذلك ما قاله شيخ الإسلام:(من وجد في نفسه حسداً لغيره فعليه أن يستعمل معه التقوى والصبر ويكره ذلك من نفسه).

6 - الكبر والإعجاب واحتقار الغير : قال الله تعالى(إن في صدورهم إلا كبرٌ ماهم ببالغيه) وقال (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق) ، فالبعض يُحتقر لإنه مسكين، أو لإنه في وظيفة صغيرة ، أو لإن أصله كذا أو كذا أو قبيلته كذا. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لايدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) وقال أيضاً (بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم).

7 - اليأس : البعض يأيس من الواقع وقال:لا مخلص مما نحن فيه ، وقنطوا من نصر الله ووعده .قال الله تعالى (أفلم يأيس الذين ءآمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً).

8 - الهوى : ومنه محبة غير الله، وصرف المحبة لغير الله مهلِك ؛ فإن الحب يعمي ويصم إذا كان لغير الله تعالى.

9 - الخوف والخشية من غير الله : قال تعالى(فلا تخشوا الناس واخشوني إن كنتم مؤمنين).

10 - الوسواس : عند الصلاة وعند الوضوء وغير ذلك.

العلاج : أساس صحة القلب وسلامته هو الإيمان. ومنه يتفرع :

كمال محبة الله لله وفي الله قال تعالى(فسوف يأتي بقوم يحبهم ويحبونهم) ، صدق الإخلاص قال تعالى(قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) ، حسن المتابعة قال تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) وقال (وما ءآتاكم الرسول فخذوه) وقال (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين).

السلامة من الامتحان والابتلاء:

ذكرُ الله تعالى .قال تعالى(ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشغ قلوبهم لذ كر الله ...) وقال (وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين) وأعظم الذكر قراءة كتاب الله.

ونوع من العلاج محاسبة النفس-العلم-التقوى-الدعاء-إطابة المطعم-الصدقة-غض البصر- تحقيق الولاء والبراء- محبة المرء لأخيه مايحب لنفسه- عدم التطلع لزينة الحياة الدنيا.

وذكر ابن القيم (علامة صحة القلب ونجاته أنه:

أ-أنه لا يزال يضرب على صاحبه حتى يتوب إلى الله وينيب.

ب- لايفتر عن ذكر ربه ولا يفتر عن عبادته.

ج- إذا فاته ورده وجد لفواته ألماًَ أشد من فوات ماله.

د- أنه يجد لذة في العبادة أشد من لذة الطعام والشراب.

هـ - أنه إذا دخل في الصلاة ذهب همه وغمه في الدنيا.

و-أنه أشح بوقته أن يضيع من الشحيح بماله.

ز- أنه بتصحيح العمل أعظم اهتماماً من العمل نفسه.

ومن علامات رسوب القلب في الاختبار:

أ-أنه لاتؤلمه جراحات القبائح.

ب- أنه يجد لذة في المعصية وراحة بعدها.

ج- أن يقدِّم الأدنى على الأعلى فيهتم بتوافه الأمور على حساب شئون الأمة.

د- يكره الحق ويضيق صدره.

هـ - الوحشة من الصالحين والأنس بالعصاة.

و- قبوله للشبهة وتأثره بها.

ز- الخوف من غير الله.

ح- أن لايعرف معروفاً ولا ينكر منكراً ولا يتأثر بموعظة.)
والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي أشرف الخلق والمرسلين ومن سار على نهجه إلى يوم الدين، وأقدم التحية الاسلامية العطره للجميع
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:p

غــيــث 08-07-2004 10:12 PM

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي النسري

وأعتذر عن تأخر الرد

جزاك الله خيرآ على مرورك الكريم وتقبل الدعاء

وأشكر لك إثرائك للموضوع وحسن الإنتقاء

نفعنا الله جميعآ به ولا حرمنا الأجر

ابن الأمل 12-07-2004 12:08 AM

[color=darkblue]
إخوانى وأخواتى
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
أنا حقا لا أعرف ما أقول فأنتم ما تركتم شيئا ليقال فقد ذكر غيث أنواع القلوب ثم قدم النسرى دراسة شاملة عليها ثم دعوتم جميعا فما تركتم لى إلا أن أؤمن على دعائكم بأن نكون من أصحاب القلوب التى زين الله فيها الإيمان (( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه فى قلوبكم )) ولا يبقى إلا أن نفسح لله عز وجل المجال ليكون له تعالى الكلمة الأخيرة بالقبول الرحيم أو بالرفض العادل ولعلى أثق بالرحمان إلى درجة اليقين
أخوكم ابن الأمل ( فى الرحمان )[/
COLOR]

النسري 13-07-2004 07:17 AM

مداخل الشيطان إلى القلب
 

بسم الله الرحمن الرحيم

مداخل الشيطان إلى القلب



اعلم أخي العزيز أن مثال القلب مثال الحصن، والشيطان عدو يريد أن يدخل الحصن فيملكه ويستولي عليه، و لا يقدر على حفظ الحصن من العدو إلا بحراسة أبواب الحصن ومداخله، ومواضع ثلمه، ولا يقدر على حراسة أبوابه من لا يدري أبوابه، فحماية القلب من وساوس الشيطان واجبة، ولا يتوصل إلى دفع الشيطان إلا بمعرفة مداخله، فصارت معرفة مداخله واجبة، ومداخل الشيطان وأبوابه صفات العبد وهي كثيرة، ولكننا نشير إلى الأبواب العظيمة الجارية مجرى الدروب التي لا تضيق عن كثرة جنود الشيطان.
q فمن أبوابه العظيمة : الغضب والشهوة : فإن الغضب هو غول العقل، وإذا ضعف جند العقل هجم جند الشيطان، ومهما غضب الإنسان لعب الشيطان به كما يلعب الصبي بالكرة.
q ومن أبوابه العظيمة الحسد والحرص : فمهما كان العبد حريصـًا أعماه حرصه وأصمَّهُ، ونور البصيرة هو الذي يعرف مداخل الشيطان، فإذا غطاه الحسد والحرص لم يبصر، فحينئذ يجد الشيطان فرصة فيحسن عند الحريص كل ما يوصله إلى شهوته، وإن كان منكرًا فاحشـًا، وأما الحرص فقد قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه)).(رواه الترمذي وقال حسن صحيح، ورواه أحمد، والنسائي وصححه الألباني).
q ومن أبوابه العظيمة الشبع من الطعام : وإن كان حلالاً صافيـًا فإن الشبع يقوي الشهوات، والشهوات أسلحة الشيطان.
q ومن أبوابه العظيمة العجلة : وترك التثبت في الأمور، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((العجلة من الشيطان والتأني من الله تعالى)).(رواه الترمذي بلفظ الأناة وقال حسن وحسنه الزرقاني والألباني).
q ومن أبوابه العظيمة البخل وخوف الفقر : فإن ذلك هو الذي يمنع من الإنفاق والتصدق ويدعو إلى الادخار والكنز والعذاب الأليم.
q ومن أبوابه العظيمة التعصب للمذاهب : والأهواء والحقد على الخصوم والنظر إليهم بعين الازدراء والاحتقار، وذلك مما يهلك العباد والفساق جميعـًا، فإن الطعن في الناس والاشتغال بذكر نقصهم صفة مجبولة في الطبع من الصفات السبعية.
q ومن أبوابه : سوء الظن بالمسلمين : قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)(الحجرات/12) والمؤمن يطلب المعاذير والمنافق يطلب العيوب.
فإن قلت : فما العلاج في دفع الشيطان؟ وهل يكفي في ذلك ذكر الله تعالى، وقول الإنسان لا حول ولا قوة إلا بالله ؟ فاعلم أن علاج القلب في ذلك سد هذه المداخل بتطهير القلب من هذه الصفات المذمومة، وذلك مما يطول ذكره، فإذا قطعت من القلب أصول هذه الصفات المذمومة، كان للشيطان بالقلب اجتيازات وخطرات ولم يكن له استقرار ويمنعه من الاجتياز ذكر الله تعالى؛ لأن حقيقة الذكر لا تتمكن من القلب إلا بعد عمارة القلب بالتقوى وتطهيره من الصفات المذمومة، وإلا فيكون الذكر حديثـًا للنفس لا سلطان له على القلب فلا يدفع سلطان الشيطان، ولذلك قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ)(الأعراف/201)، خصص بذلك المتقي.
فمثل الشيطان كمثل كلب جائع يقترب منك فإن لم يكن بين يديك خبز ولحم ، فإنه ينزجر بأن تقول له : اخسأ ، فمجرد الصوت يدفعه ، فإن كان بين يديك لحم وهو جائع فإنه يهجم على اللحم ولا ينزجر بمجرد الكلام ، فالقلب الخالي عن قوت الشيطان ينزجر عنه بمجرد الذكر .
فأما الشهوة فإذا غلبت على القلب دفعت حقيقة الذكر إلى حواشي القلب ، فلم يتمكن من سويدائه فيستقر الشيطان في سويداء القلب .
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((في القلب لمتان لمة من الملك ، إيعاذ بالخير وتصديق بالحق فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله سبحانه وليحمد الله ، ولمة من العدو إيعاذ بالشر وتكذيب بالحق ونهي عن الخير ، فمن وجد ذلك فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم)) .(رواه الترمذي وحسنه ورواه النسائي) ، ثم تلا قوله تعالى : (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاء)(البقرة/268) الآية وقال الحسن : إنما هما همان يجولان في القلب : هم من الله تعالى ، وهم من العدو ، فرحم الله عبدًا وقف عند همه فما كان من الله تعالى أمضاه ، وما كان من عدوه جاهده .
والقلب بأصل فطرته صالح لقبول آثار الملك ولقبول آثار الشيطان صلاحـًا متساويـًا ليس يترجح أحدهما على الآخر ، وإنما يترجح أحد الجانبيين باتباع الهوى والإكباب على الشهوات أو الإعراض عنها ومخالفتها ، فإن اتبع الإنسان مقتضى الغضب والشهوة ظهر تسلط الشيطان بواسطة الهوى وصار القلب عش الشيطان ومرتعه؛ لأن الهوى هو مرعى الشيطان ومرتعه ، وإن جاهد الشهوات ولم يسلطها على نفسه وتشبه بأخلاق الملائكة عليهم السلام صار قلبه مستقر الملائكة ومهبطهم .
والتطارد بين جندي الملائكة والشياطين في معركة القلب دائم إلى أن يفتح القلب لأحدهما فيستوطن ويستمكن ، ويكون اجتياز الثاني اختلاسـًا، وأكثر القلوب قد فتحتها جنود الشياطين وتملكتها فامتلأت بالوساوس الداعية إلى إيثار العاجلة وإطراح الآخرة ، ومبدأ استيلائها اتباع الشهوات والهوى، ولا يمكن فتحها بعد ذلك إلا بتخلية القلب عن قوت الشيطان وهو الهوى والشهوات، وعمارته بذكر الله تعالى الذي هو مطرح أثر الملائكة.
عن حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((تُعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا ، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء ، حتى تعود القلوب على قلبين : قلب أسود مربادًا كالكوز مُجَخيا لا يعرف معروفـًا ولا ينكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه، وقلب أبيض لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض)).(رواه مسلم). فالقلب عندما يتعرض للفتن من الشهوات والشبهات ينقسم إلى قسمين :
قلب إذا عرضت عليه الفتنة أشربها كما يشرب الإسفنج الماء فتنكت فيه نكتة سوداء، فلا يزال يشرب كل فتنة تعرض عليه حتى يسود وينتكس، فإذا اسود وانتكس تعرض لآفتين خطيرتين : إحداهما اشتباه المعروف عليه بالمنكر، فلا يعرف معروفـًا ولا ينكر منكرًا، وربما استحكم عليه هذا المرض حتى يعتقد المعروف منكرًا والمنكر معروفـًا، والسنة بدعة والبدعة سنة، والحق باطلاً والباطل حقـًا .
والثانية : تحكيمه هواه على ما جاء به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وانقياده للهوى واتباعه له .
وقلب أبيض قد أشرق فيه نور الإيمان وأزهر فيه مصباحه، فإذا عرضت عليه الفتنة أنكرها وردها فازداد نوره وإشراقه .
والفتن التي تعرض على القلب فتن الشهوات وفتن الشبهات، فالأولى توجب فساد القصد والإرادة، والثانية توجب فساد العلم والاعتقاد .
وتنقسم أمراض القلوب بحسب ذلك إلى أمراض الشهوات وأمراض الشبهات ، كما فسر مرض الشهوات بقوله تعالى : (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ)(الأحزاب/32)، فإن المريض يؤذيه ما لا يؤذي الصحيح من يسير الحر والبرد والحركة، فكذلك القلب إذا كان فيه مرض آذاه أدنى شيء من الشهوة أو الشبهة؛ حيث لا يقوى على دفعهما إذا وردا عليه، والقلب الصحيح القوي يطرقه أضعاف ذلك وهو يدفعه بقوته وصحته.
أما أمراض الشبهات فكما قال الله عز وجل : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً)(البقرة/10). قال قتادة ومجاهد : أي شك .
فأمراض القلوب تجمعها أمراض الشهوات وأمراض الشبهات، والقرآن الكريم شفاء للنوعين ، ففيه من البينات والبراهين القطعية ما يبين الحق من الباطل ، فتزول أمراض الشبهة المفسدة للعلم والتصور والإدراك بحيث يرى الأشياء على ما هي عليه، فهو الشفاء على الحقيقة من أدواء الشبه والشكوك، ولكن ذلك موقوف على فهمه ومعرفة المراد منه، فمن رزقه الله تعالى ذلك أبصر الحق والباطل عيانـًا بقلبه كما يرى الليل والنهار.
وأما شفاؤه لأمراض الشهوات فذلك بما فيه من الحكمة والموعظة الحسنة بالترغيب والترهيب، والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة ، والأمثال والقصص التي فيها أنواع العبر والاستبصار، فيرغب القلب السليم إذا أبصر ذلك بما ينفعه في معاشه ومعاده، ويرغب عما يضره ، فيصير القلب محبـًا للرشد مبغضـًا للغي، فالقرآن الكريم مزيلٌ للأمراضالموجبة للإرادات الفاسدة فيصلح القلب فتصلح إرادته، ويعود إلى فطرته التي فُطر عليها.
قال الله تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)(الإسراء/82، وقال تعالى أيضًا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)(يونس/57) فيتعذى القلب من الإيمان والقرآن الكريم بما يزكيه ويقويه، وكل من القلب والبدن محتاج إلى أن يتربى فينمو ويزيد حتى يكمل ويصلح، فكما أن البدن محتاج إلى أن يزكو بالأغذية المصلحة له والحمية عما يضره، فلا ينمو إلا بإعطائه ما ينفعه ومنعه ما يضره ، فكذلك القلب لا ينمو ولا يتم صلاحه إلا بذلك، ولا سبيل له إلى الوصول إلى ذلك إلا من خلال القرآن الكريم، وإذا وصل إلى شيء من غيره فهو نزر لا يحصل به تمام المقصود، وكذلك الزرع لا يتم إلا بهذين الأمرين، فحينئذ يقال: زكا الزرع وكمل.
فينبغي إذن للعبد أن يدرس علامات مرض القلب وعلامات صحة القلب حتى يتأكد من حالة قلبه، فإن كان قلبه مريضـًا سعى في علاجه قبل أن يلقى الله تعالى بقلبٍ مريض فلا يؤذن له في دخول الجنة ، وإن كان سليمـًا حافظ على سلامته حتى يموت على ذلك، وإن كان ميتـًا والعياذ بالله تعالى علم أن الله عز وجل يحيي الموتى، يقول سبحانه : (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(الحديد/17) .

الحديث بهذا الموضوع طويل وخطير ويجب أن نعمل له الدراسات الوافيه ولنا عودة باذن الله تعالى اذا سمحوا لنا الاخوان، وجزاكم الله خيرا وجعله الله في ميزان الحسنات آمين يا رب العالمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يتيم الشعر 13-07-2004 03:29 PM

أحيا الله قلبك و قوبنا أخي الكريم ..
لمثل هذه المواضيع نحتاج و بمثلها تستيقظ القلوب و تبصر ..

muslima04 16-07-2004 12:55 PM

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،:)

جزاك الله بالخير خيرا وإحسانا أخي الكريم غيث،بارك الله فيك وجعله في موازين حسناتك برحمته آمين يا رب.

أخي الكريم النسري،لا عدمناك اخي،نور الله أيامك بالهدى وزادك علما وحكمة وبارك فيك وفي مواضيعك وجعله في موازين حسناتك برحمته آمين يا رب.

اللهم ارزقنا قلبا سليما يعرفك حق معرفتك برحمتك يا رحيم.

وصلي اللهم وسلم على حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،والحمد لله رب العالمين.

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

النسري 20-07-2004 07:09 AM

كيف تكسب قلوب الآخرين؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
أشكر الجميع على المرور والثناء الذي لا أستحقه وبارك الله فيكم وجزاكم الله خير الجزاء وثقل الله موازينكم.
أريد أن أتحدث اليوم عن موضوع جديد وهو كيف تكسب قلوب الآخرين؟

وهذه سهام لصيد القلوب، وهي فضائل تُستعْطَف بها القلوبُ، وتُستر بها العيوب، وتستقال بها العثرات.

الابتسامة

قالوا: هي كالملح في الطعام، وهي أسرع سهم تُملَك به القلوب، وهي عبادة وصدقة، (فتبسمك في وجه أخيك صدقة" كما في الترمذي، وقال عبد الله بن الحارث: "ما رأيتُ أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم".

البدء بالسلام
سهم يصيب سويداء القلب ليقع فريسةً بين يديك، لكن أحْسِنِ التسديدَ ببسطِ الوجه والبشاشة، وحرارة اللقاء وشدّ الكفِّ على الكفِّ، وهو أجر وغنيمة، قال عمر الندي (وهو من التابعين): "خرجتُ مع ابن عمر فما لقي صغيراً ولا كبيراً إلاّ سلّم عليه"، وقال الحسن البصري "المصافحة تزيد في المودة"، والنّبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: "لا تحْقِرنّ من المعروفِ شيئاً ولو أنْ تلقَى أخاك بوجهٍ طليق".

الهدية
ولها تأثير عجيب، وما يفعله الناس من تبادل الهدايا في المناسبات وغيرها أمرٌ محمود بل مندوب إليه، على أن لا يكلف المرءُ نفسَه إلاّ وسعها.

الصمت وقلة الكلام إلا فيما ينفع
إياك وارتفاع الصوت وكثرة الكلام في المجالس، وعليك بطيب الكلام ورقة العبارة، فـ"الكلمة الطيبة صدقة" كما في الصحيحين، ولها تأثير عجيب في كسب القلوب والتأثير عليها، حتى مع الأعداء، فضلاً عن إخوانك وبني دينك، فهذه عائشة رضي الله عنها قالت لليهود: "وعليكم السام واللعنة"، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مهلاً يا عائشة فإن الله يُحبُّ الرّفق في الأمر كله" متفق عليه، وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليك بحسن الخلق وطول الصمت، فو الذي نفسي بيده ما تجمَّلَ الخلائقُ بمثلهما" أخرجه أبو يعلى والبزار وغيرهما.

حسن الاستماع وأدب الإنصات
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقطع الحديث حتى يكون المتكلمُ هو الذي يقطعه، ومن جاهد نفسه على هذا أحبّه الناس، وأُعْجِبوا به، بعكس الآخر كثير الثرثرة والمقاطعة.

حسن السمت والمظهر
وجمال الشكل واللباس وطيب الرائحة لهما أثر طيب في النفوس، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ الله جميل يحبُّ الجمال" رواه مسلم. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنه ليعجبني الشاب الناسك، نظيف الثوب، طيّب الريح"، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: إني ما رأيتُ أحداً أنظفَ ثوباً ولا أشد تعهّداً لنفسه وشاربه وشعر رأسه وشعر بدنه، ولا أنقى ثوبا وأشده بياضا من أحمد بن حنبل.

بذل المعروف وقضاء الحوائج
مساعدة الناس وتقديم العون لهم سبيل إلى محبّة الخالق، ومحبّة الناس، يقول الله عز وجل: } وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ { (البقرة:195). ويقول صلى الله عليه وسلم: "أحبُ الناس إلى الله أنفعهم للناس". ويقول الشاعر:

أحسِن إلى الناس تستعبد قلوبهُمُ *** فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ



وقديما قالوا: عجباً لمن يشتري المماليك بماله، كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه؟! ومن انتشر إحسانه كثُر أعوانه.

إحسان الظن بالآخرين والاعتذار لهم
أحسن الظن بمن حولك، وإياكَ وسوء الظن بهم، وأن تجعل عينيك مرصداً لحركاتهم وسكناتهم، فتُحلِّلَ بعقلك التصرفات ويذهب بك كل مَذْهب، والظن باب من أبواب الإثم } إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ { (الحجرات: 12). واسمع لقول المتنبي:

إذا ساءَ فعلُ المرءِ ساءتْ ظنونُه وصَدَّقَ ما يعتادُه من توهّمِ

واعتَدْ على الاعتذار لإخوانك، يقول ابن المبارك: "المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثراتهم".

المداراة

فهل تحسن فن المداراة؟ وهل تعرف الفرق بين المداراة والمداهنة؟ روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: أنّ رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه قال: بئس أخو العشيرة، فلما جلس تطلّق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه، وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل، قالت له عائشة: يا رسول الله حين رأيتَ الرجلَ قلت كذا وكذا، ثم تطلّقت في وجهه وانبسطت إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة متى عهدتِني فاحشاً؟ إن شرّ النّاس عند الله منزلة يوم القيامة من تركَه الناس لقاء فحشه". قال ابن حجر في فتح الباري: هذا الحديث أصلٌ في المداراة، ونقل قول القرطبي: والفرق بين المداراة والمداهنة أنّ المداراة هي بذلُ الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معاً، وهي مباحة وربما استُحبّت، والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

غــيــث 20-07-2004 11:30 AM

أخي الكريم النسـري

بارك الله فيك وزادك من فضله

[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
أحسِن إلى الناس تستعبد قلوبهُمُ *** فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
[/poet]
عجباً لمن يشتري المماليك بماله، كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه؟! ومن انتشر إحسانه كثُر أعوانه.

النسري 21-07-2004 02:27 AM

علاج أمراض القلوب
 
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أشكر الجميع بلا استثناء، اسمح لي أخي أن أتحدث اليوم عن موضوع هام وهو علاج أمراض القلوب:
أولا: إن أساس صحة القلب وسلامته في إيمانه بالله ويتفرع عنه ما يأتي:
1- كمال محبة الله: بأن يكون حبه لله، وفي الله، وأن يكون بغضه ومعاداته لله، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية أن من أعظم وسائل علاج القلب: أن يمتلئ قلب الإنسان بحب الله، (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ) [سورة البقرة، الآية: 165] وأما وسائل محبة الله فكثيرة، منها:
قراءة القرآن وتدبره وفهم معانيه، والتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، ودوام ذكر الله على كل حال، وإيثار محابه على هوى نفسك ومحابها، ومطالعة القلب لأسماء الله وصفاته، ومشاهدتها ومعرفتها، وانكسار القلب بين يدي الله عز وجل وغيرها من الوسائل.
ثانيا: الإخلاص:
يقول عز وجل (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)[سورة الأنعام، الآيتان: 162-163].
أخلصوا لله عز وجل في أعـمالكم، وستجدون راحة في صدوركم، ولذلك يقول الله عز وجل(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ).

ثالثا: حسن المتابعة:
بأن يكون عمله واعتقاده وفق ما أمر الله ورسوله. يقول الله -تعالى-: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)[سورة آل عمران، الآية: 31]. ويقول عز وجل(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)[سورة الحشر، الآية: 7].
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)[سورة الأحزاب، الآية: 36].
فلو سألنا أنفسنا: هل ننطلق في كل تصرفاتنا وأعمالنا ونياتنا وفق ما شرع الله؟
إن بعض الناس ينطلق في تصرفاته من هوى زوجته، وبعضهم من هوى رئيسه، وبعضهم أعراف قبيلته أو نظام جماعته وهكذا، ولو خالف أمر الله ورسوله.
ولو ناقشت أحدهم مرة، فقلت له: لم يا أخي تعمل هذا العمل؟ لقال: رئيسي هو الذي أمرني به، فقلت: ولكنه حرام، لأجاب: أعرف أنه حرام، ولكن ماذا أعمل؟ لو لم أفعل لما رشحني للترقية، أو لفصلني من الوظيفة أو... الخ. فأين المتابعة لله ولرسوله من هذا الذي قدم هوى رئيسه على مرضاة ربه؟
إننا بحاجة إلى مراجعة أعمالنا، وتحقيق صدق المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ".
وفي الحديث الصحيح: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ".
ومما يعين على تحقيق هذه الأصول ليسلم القلب، وينمو مما يعرض له من ابتلاء وامتحان ما يأتي:

1- ذكر الله:
فإنه يجلو صدأ القلوب، ويذهب ما ران عليها من آثام ومعاص، ويزيد من قرب الإنسان لربه لا سيما إذا كان مستشعرا للذكر، مصاحبا له في كل أحواله وحركاته وهيئاته.
يقول الله عز وجل(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ)[سورة الحشر، الآية: 16] ويقول عز وجل (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)[سورة الإسراء، الآية: 82] وقد ذم الله المنافقين في كتابه لقلة ذكرهم لله. فذكر الله علاج حاسم لابتلاء القلب وامتحانه (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)[سورة الرعد، الآية: 28]
ومن أعظم أنواع ذكر الله: قراءة القرآن، يقول - تعالى -: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)[سورة محمد، الآية: 24].
ونحن نرى كثـيرا من المسلمـين يستغرق في قراءة، الصحف والجرايد، ومطالعة وسائل الإعلام وقتا طويلا بلا تعب ولا كلل ولا ملل. بينما تجد الواحد منهم لا يقرأ ولو جزءا يسيرا من القرآن، بل لو جلس وقتا لقراءة القرآن لم يلبث أن يمل ويعدوه إلى غيره.
يقول أحد السلف: والله لو طهرت قلوبنا ما مللنا من قراءة القرآن.
2- المراقبة والمحاسبة:
وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله-: أنها من أهم العوامل لعلاج القلب واستقامته.
يقول ابن القيم: وهلاك النفس من إهمال محاسبتها، ومن موافقتها واتباع هواها، ولذلك ورد في الأثر: "الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني" وكان عمر يقول:
"حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا. وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا"ويقول الحسن: "لا تلقى المؤمن إلا وهو يحاسب نفسه"، ويقول أيضا: "إن العبد ما يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته"، وقال ميمون بن مهران: "إن التقي أشد محاسبة لنفسه من شريك شحيح".
فيراقب الإنسان نفسه قبل العمل: في إخلاصه، ومتابعته. ويراقب قلبه في تحقيقه للمحبة لله وفي الله، ويجاهدها على ذلك. كـما يحاسبها بعد العمل على التقصير فيه، وعدم كـمال الإخلاص.
ولا ريب أن هذين من أهم الوسائل لعلاج أمراض القلب، يقول - تعالى-: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)[سورة العنكبوت، الآية: 69].
3- وسائل أخرى:
فمنها العلم، تحقيق التقوى، قيام الليل، كثرة الدعاء خاصة في الثلث الأخير من الليل، فإن سهام الليل لا تخطيء، فليكثر الإنسان فيه من التضرع إلى الله، وسؤاله الصفح والمغفرة والستر والتجاوز.
ومنها إطابة المطعم والملبس، وكثرة الصدقـة، (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا)[سورة التوبة، الآية: 103].
ومن أعظمها: غض البصر، قال - سبحانه-: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ)[سورة النور، الآية: 30].

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

النسري 22-07-2004 05:21 AM

علامات صحة القلب وسلامته
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ،أما بعد :
أخوتي أريد أن اتحدث اليوم عن موضوع جديد نسأل الله سبحانه وتعالى الاستفاده والعلم والتطبيق ألا وهو علامات صحة القلب وسلامته
قال ابن القيم -رحمه الله- في علامات صحة القلب ونجاته:
1- أنه لا يزال يضرب على صاحبه حتى يتوب إلى الله وينيب.
2- أنه لا يفتر عن ذكر ربه، ولا يسأم من عبادته.
3- أنه إذا فاته ورده وجد لفواته ألما أشد من فوات ماله. وهنا وقفة! رحم الله ابن القيم، فما عساه يقول فيمن ليس له ورد، بل ما عساه يقول فيمن إذا فاتته الصلاة المفروضة لا يجد ألما وحسرة، وكأنه لم يسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله "(أي: كأنما فقد أهله وماله وهلكوا).
4- أنه يجد لذة في العبادة كثر من لذة الطعام والشراب [فهل يجد أحدنا لذة في العبادة،؟!] أو يجد اللذة إذا خرج منها؟!.
5- أنه إذا دخل في الصلاة ذهب غمه وهمه في الدنيا [ونحن لا تجتمع الأمور والأعمال علينا إلا في الصلاة، حتى قال لي أحد الأخوة: إنه رأى رجلا بعد أن دخل في الصلاة أخرج فاتورة للحساب، وأخذ يراجع الحسابات -وهو في الصلاة- إلى قصص كثيرة تبين ذهاب الخشوع، والخضوع بين يدي الله U في الصلاة.
فأين لذة الصلاة عند هؤلاء؟ وأين الصلاة التي كان الرسول، صلى الله عليه وسلم يقول فيها: " أرحنا بالصلاة يا بلال " ويقول: " وجعلت قرة عيني في الصلاة " فإن لسان حال كثير من المصلين "أرحنا من الصلاة" وتجد أحدهم لو أطال الإمام القراءة، سرد عليه محفوظاته في الأحاديث التي تأمر برعاية حال المأمومين، بينما لو أخل الإمام بأدائها وواجباتها لم يجد من ينبهه -إلا ما شاء الله- والله المستعان.
6- أن يكون همه لله وفي ذات الله، وهذا مقام رفيع.
7- أن يكون أشح بوقته أن يذهب ضائعا أشهد من شح البخيل بماله.
8- أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أكثر من اهتمامه بالعمل ذاته [وهذه نقطة مهمة جدا. فيجب أن يكون اهتمام الإنسان بتصحيح العمل كبيرا في: تصحيح القصد، وتحقيق المتابعة، وتحقيق العبودية في العمل؛ فإن هذا هو الغاية من العمل.
فهذه علامات لسلامة القلب وصحته، وإليك -أخي القارئ- علامات شقاوته وعلته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

غــيــث 22-07-2004 10:31 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

الأخوان الفاضلان : الوافي ويتيم الشعر

جزاكما الله خيرآ على التثبيت

ونسأله تعالى أن يثبتكما على القول الثابت الصادق
في الحياة الدنيا وفي الآخرة وجميع الإخوة والأخوات

وأخص أخي الكريم النسـري..

النسري 25-07-2004 12:12 AM

اخوتي بالله... شكرا لكم....
 
بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه.

ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

أشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين فشرح به الصدور وأنار به العقول، وفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا.

أشكر أخواني وأحبابي في الله الوافي ويتيم الشعر على تثبيت الموضوع.
أشكر أخي غيث على طرح الموضوع القيم الذي يجب أن يدرس ويفهم ويطبق بعنايه فائقه.
أشكر جميع الذين تابعوا ويتابعوا الموضوع بلا استثناء من أحد.

أخوتي بالله جزاكم الله خيرا وغفر لنا ولكم وبارك الله فيكم.
والله من وراء القصد.
ولنا عودة قريبه بإذن الله تعالى.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

النسري 25-07-2004 02:00 AM

علامات مرض القلب وشقاوته
 
بسم الله الرحمن الرحيم

علامات مرض القلب وشقاوته


إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
ذكر ابن القيم -رحمه الله- من علامات مرضه جملة، منها:
1- أنه لا تؤلمه جراحات القبائح.
فهل نتألم نحن لجراحات قلوبنا، وما نقترفه من معاص وآثام في الليل والنهار؟
وهل نندم ونعزم على التوبة كلما أذنبنا؟
وهل آلمنا ما نراه في مجتمعنا من معاص ومنكرات؟
وهل عملنا على تغييرها ما استطعنا، وهذا أمر -لا شك- عظيم-؛ فإن القلب الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا في نفسه ولا في مجتمعه قلب يحتاج صاحبه إلى تدارك نفسه قبل فوات الأوان.
2- أنه يجد لذة في المعصية، وراحة بعد عملها [وإنما حال المؤمن إذا عصى الله أن يندم ويستغفر ويتحسر على ما فات، ويسارع في التوبة إلى الله].
وهناك من الناس -للأسف- من ينطبق عليه كلام ابن القيم، فبعض مشاهدي الأفلام والأغاني نجده يجد لذة في مشاهدتها، ولا تكاد تفارقه تلك اللذة لمدة طويلة. فهل نعي بعد ذلك خطورة هذا الأمر؟
3- أنه يقدم الأدنى على الأعلى، ويهتم بالتوافه على حساب معالي الأمور [فماذا نقول عن بعض المسلمين ممن أصبح لا يهتم بحال إخوانه وشئون أمته، بينما يعرف من التوافه أكثر مما يعرف عن أمور دينه، وأخبار علماء الإسلام وأئمته].
وكم يتأسف الإنسان على أموال كثير من شبابنا ممن أغرم بحب الرياضة والفن، ويهتم لها ويحزن ويغتم، أكثر مما يهتم لقضايا إخوانه في: أفغانستان، فلسطين، الفلبين، أريتربا... الخ. فهل هذا قلبه سليم؟ بل نقول لهذا: أدرك قلبك فهو على شفا هلكة.
4- أنه يكره الحق ويضيق صدره به، وهذا بداية طريق النفاق، بل غايته.
5- أنه يجد وحشة من الصالحين، ويأنس بالعصاة والمذنبين [فتجد من الناس من لا يطيق الجلوس مع الصالحين، ولا يأنس بهم؛ بل يستهزئ بهم ومجالسهم، ولا ينشرح صدره إلا في مجالسة أهل السوء وأرباب المنكرات، ولا شك أن هذا دليل على ما في قلب صاحبه من فساد ومرض].
6- قبوله الشبهة، وتأثره بها، وحبه للجدل، وعزوفه عن قراءة القرآن.
7- الخوف من غير الله، ولذلك يقول الإمام أحمد: لو صححت قلبك لم تخف أحدا، [وهذا العز بن عبد السلام يتقدم أمام أحد الملوك الطغاة، ويتكلم عليه بكلام شديد، فلما مضى قال له الناس: أما خفت يا إمام، فقال: تصورت عظمة الله، فأصبح عندي كالهر، والآن نرى من الناس من يخاف من: المسئول، الضابط وغيرهما أكثر من خوفه من الله، وهذا لا شك دخن في قلب صاحبه، والعاقل خصيم نفسه].
8- وجود العشق في قلبه، قال شيخ الإسلام: وما يبتلى بالعشق أحد إلا لنقص توحيده وإيمانه، وإلا فالقلب المنيب فيه صارفان يصرفانه عن العشق، إنابته إلى الله ومحبته له، وخوفه من الله.
9- أنه لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ولا يتأثر بموعظة.
والله من وراء القصد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ahmednou 25-07-2004 09:57 AM

ما أجمل هذه الصفحة وأروعها وأكملها في الكلام عن القلوب.. وإنها لتستحق التثبيت فعلا..

غــيــث 26-07-2004 01:56 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

يقال أن القلوب ثلاثة :

القلب الأول

قلب خال من الايمان وجميع الخير فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من القاء الوساوس اليه لانه قد اتخذه بيتا ووطنا وتحكم فيه بما يريد وتمكن منه غاية التمكن .

القلب الثاني

قلب قد استنار بنور الايمان وأوقد فيه مصباحه لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الاهوية فللشيطان هناك اقبال وادبار ومجالات ومطامع فالحرب دول وسجال وتختلف احوال هذا الصنف بالقلة والكثرة فمنهم من اوقات غلبته لعدوه اكثر ومنهم من اوقات غلبة عدوه له اكثر ومنهم من هو تارة وتارة .

القلب الثالث

قلب محشو بالايمان قد استنار بنور الايمان وانقشعت عنه حجب الشهوات واقلعت عنه تلك الظلمات فلنوره في صدره اشراق ولذلك الاشراق ايقاد لو دنا منه الوسواس احترق به فهو كالسماء التي حرست بالنجوم فلو دنا منها الشيطان يتخطاها رجم فاحترق.

وليست السماء باعظم حرمه من المؤمن وحراسة الله تعالى له اتم من حراسة السماء والسماء متعبد الملائكة ومستقر الوحي وفيها انوار الطاعات وقلب المؤمن مستقر التوحيد والمحبة والمعرفة والايمان وفيه انوارها فهو حقيق ان يحرس ويحفظ من كيد العدو فلا ينال منه شيئا الا خطفه .

وقد مثل ذلك بمثال حسن وهو ثلاثة بيوت بيت للملك فيه كنوزه وذخائره وجواهره وبيت للعبد فيه كنوز العبد وذخائره وليس جواهر الملك وذخائره وبيت خال صفر لاشئ فيه فجاء اللص يسرق من احد البيوت فمن ايها يسرق فإن قلت من البيت الخالي كان محالا لان البيت الخالي ليس فيه شئ يسرق .

ولهذا قيل لابن عباس رضي الله عنهما ان اليهود تزعم انها لا توسوس في صلاتها فقال وما يصنع الشيطان بالقلب الخراب وان قلت يسرق من بيت الملك كان ذلك كالمستحيل الممتنع فان عليه من الحرس واليزك ومالا يستطيع اللص الدنو منه كيف وحارسه الملك بنفسه وكيف يستطيع اللص الدنو منه وحوله من الحرس والجند ما حوله.

فلم يبق للص الا البيت الثالث فهو الذي يشن عليه الغارات فليتامل اللبيب هذا المثال حق التامل .

ولينزله على القلوب فانها على منواله فقلب خلا من الخير كله وهو قلب الكافر والمنافق فذلك بيت الشيطان قد احرزه لنفسه واستوطنه واتخذه سكنا ومستقرا فاي شئ يسرق منه وفيه خزائنه وذخائره وشكوكه وخيالاته ووساوسه .

وقلب قد امتلا من جلال الله عز وجل وعظمته ومحبته ومراقبته والحياء منه فاي شيطان يجترئ على هذا القلب وان اراد سرقة شئ منه فماذا يسرق منه وغايته ان يظفر في الاحايين منه بخطفه ونهب يحصل له على غره من العبد وغفلة لا بد له اذ هو بشر واحكام البشرية جارية عليه من الغفلة والسهو والذهول وغلبة الطبع.

النسري 28-07-2004 06:29 AM

تنبيهات مهمة
 
بسم الله الرحمن الرحيم

ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، اما بعد،
أشكر الأخ غيث على هذا الإثراء للموضوع وهذه الإفاده القيمه.
أشكر الأخ ahmednou على الاهتمام والمتابعه والدعم وجزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم جميعا.

تنبيهات مهمة

أولا: الحذر، الحذر من قيام الأخ إذا علم بهذه الأمراض والعلل بتصنيف الناس وينـزل هذه الأمراض عليهم، فإن فعل ذلك أحد فهو أول الراسبين، فإن أعمال القلوب لرب القلوب -جل وعلا- يقول الله -سبحانه وتعالى- مخاطبا نبيه في حق المنافقين: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً)[سورة النساء، الآية: 63]. وإنـما الصواب في أن نعرفها، فنصحح قلوبنا، ونقيها هذه الأدواء.
ثانيا: وكما يحذر الإنسان مما سبق، فينبغي ألا ينشغل بقلوب الناس عن قلبه، ولنتدبر أيها الإخوة هذه القصة المعبرة، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهقال:" بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة، فصبحنا القوم، فهزمناهم- ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه (أي ألحقنا به وعلوناه) قال: لا إله إلا الله، فكف عنه الأنصاري، وطعنته برمحي حتى قتلته. قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا أسامة، أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله قال: قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوذا (أي لاجئا ومعتصما بها)، وليس بمخلص في إسلامه. قال: فقال أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله. قال: فما زال يكررها علي، حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم " وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " أفلا شققت عن قلبه، حتى تعلم أقالها أم لا ".
والله -سبحانه وتعالى- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً)[سورة النساء، الآية: 94]. فلا ينبغي التـمادي في ذلك، والتساهل فيه.
ثالثا: أن نعنى ببيان هذه الأمراض للناس، وندلهم على سبل الوقاية منها، فكثير منهم يعيش في غفلة تامة، ويحرصون على الوقاية من الأمراض الحسية، أكثر من اهتمامهم بأمراض قلوبهم.
رابعا: هناك أسباب كثيرة لأمراض القلوب وفسادها من أهمها:
1- الجهل.
2- الفتن.
3- الشهوات والمعاصي.
4- الشبهات.
5- الغفلة عن ذكر الله.
6- الهوى.
7- الرفقة السيئة.
8- أكل الحرام كالربا والرشوة وغيرهما.
9- إطلاق البصر فيما حرم الله.
10- الغيبة والنميمة.
11- الانشغال بالدنيا وجعلها جل همه وقصده.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

النسري 29-07-2004 04:43 AM

سوء الظن
 
بسم الله الرحمن الرحيم

سوء الظن

من أشد الآفات فتكًا بالأفراد والمجتمعات آفة "سوء الظن"؛ ذلك أنها إن تمكنت قضت على روح الألفة، وقطعت أواصر المودة، وولَّدت الشحناء والبغضاء.
إن بعض مرضى القلوب لا ينظرون إلى الآخرين إلاَّ من خلال منظار أسود، الأصل عندهم في الناس أنهم متهمون، بل مدانون. ومما لا شك فيه أن هذه الظنون السيئة مخالفة لكتاب الله ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولهدي السلف رضي الله عنهم.
أما الكتاب فقد جاء فيه قول ربنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}[الحجرات: 12].
وأما السنة فقد ورد فيها قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظنّ؛ فإن الظن أكذبُ الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا".الحديث.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم المسلمين حُسن الظن، فقد جاءه رجل يقول: "إن امرأتي ولدت غلامًا أسود. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: فما ألوانها؟ قال: حُمْرُ. قال: هل فيها من أورق؟ [يعني فيه سواد] قال: إن فيها لأورقًا. قال: فأنى أتاها ذلك. قال: عسى أن يكون نزعه عِرْقٌ. قال: وهذا عسى أن يكون نزعه عِرْق"[رواه البخاري ومسلم واللفظ له].
وأما السلف رضي الله عنهم وأرضاهم؛ فقد نأوا بأنفسهم عن هذا الخلق الذميم، فتراهم يلتمسون الأعذار للمسلمين، حتى قال بعضهم: إني لألتمس لأخي المعاذير من عذر إلى سبعين، ثم أقول: لعل له عذرًا لا أعرفه. فهلا تأسى الخلف بالسلف، فنأوا بأنفسهم عن سوء الظن؟.
إن هؤلاء الذين ساءت ظنونهم بالمسلمين أسوتهم في ذلك هو ذاك الرجل الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: والله إن هذه القسمة ما عُدل فيها وما أريد بها وجه الله".
وقد قسَّم بعضهم سوء الظن إلى قسمين كلاهما من الكبائر وهما:
1- سوء الظن بالله: وهو أعظم إثمًا وجرمًا من كثير من الجرائم؛ لتجويزه على الله تعالى أشياء لا تليق بجوده سبحانه وكرمه.
2- سوء الظن بالمسلمين: وهو أيضًا من الكبائر، فمن حكم على غيره بشر بمجرد الظن حمله الشيطان على احتقاره وعدم القيام بحقوقه وإطالة اللسان في عرضه والتجسس عليه، وكلها مهلكات منهيٌ عنها.
وقد قال بعض العلماء: وكل من رأيته سيئ الظن بالناس طالبًا لإظهار معايبهم فاعلم أن ذلك لخبث باطنه، وسوء طويته؛ فإن المؤمن يطلب المعاذير لسلامة باطنه، والمنافق يطلب العيوب لخبث باطنه.
فإياك أخي والظن، وادع ربك أن يصرف عنك خواطر السوء، وإن لم تستطع أن تدفع عن نفسك فلا أقل من السكوت وعدم الكلام بما ظننت لعلك تسلم.
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلاَّ فإني لا إخالك ناجيًا.
وما أحسن ما قال الشاعر:
فلا تظنن بربك ظـن سـوء.. ... ..فإن الله أولـى بالجميـل
ولا تظنن بنفسك قطُّ خيـرًا.. ... ..فكيف بظـالم جانٍ جهولِ
وظنَّ بنفسك السوءى تجدها.. ... ..كذلك خيرُهـا كالمستحيل
وما بك من تقىً فيها وخـيرٍ.. ... ..فتلك مواهب الربِّ الجليل
وليس لها ولا منها ولكـنْ.. ... ..من الرحمن فاشكـر للدليـل
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اش بك ياشيخ 31-07-2004 02:13 AM

والقلوب ثلاثة :

قلب خال من الايمان وجميع الخير فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من القاء الوساوس اليه لانه قد اتخذه بيتا ووطنا وتحكم فيه بما يريد وتمكن منه غاية التمكن .

القلب الثاني قلب قد استنار بنور الايمان وأوقد فيه مصباحه لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الاهوية فللشيطان هناك اقبال وادبار ومجالات ومطامع فالحرب دول وسجال وتختلف احوال هذا الصنف بالقلة والكثرة فمنهم من اوقات غلبته لعدوه اكثر ومنهم من اوقات غلبة عدوه له اكثر ومنهم من هو تارة وتارة .

القلب الثالث قلب محشو بالايمان قد استنار بنور الايمان وانقشعت عنه حجب الشهوات واقلعت عنه تلك الظلمات فلنوره في صدره اشراق ولذلك الاشراق ايقاد لو دنا منه الوسواس احترق به فهو كالسماء التي حرست بالنجوم فلو دنا منها الشيطان يتخطاها رجم فاحترق.

وليست السماء باعظم حرمه من المؤمن وحراسة الله تعالى له اتم من حراسة السماء والسماء متعبد الملائكة ومستقر الوحي وفيها انوار الطاعات وقلب المؤمن مستقر التوحيد والمحبة والمعرفة والايمان وفيه انوارها فهو حقيق ان يحرس ويحفظ من كيد العدو فلا ينال منه شيئا الا خطفه .

وقد مثل ذلك بمثال حسن وهو ثلاثة بيوت بيت للملك فيه كنوزه وذخائره وجواهره وبيت للعبد فيه كنوز العبد وذخائره وليس جواهر الملك وذخائره وبيت خال صفر لاشئ فيه فجاء اللص يسرق من احد البيوت فمن ايها يسرق فإن قلت من البيت الخالي كان محالا لان البيت الخالي ليس فيه شئ يسرق .

ولهذا قيل لابن عباس رضي الله عنهما ان اليهود تزعم انها لا توسوس في صلاتها فقال وما يصنع الشيطان بالقلب الخراب وان قلت يسرق من بيت الملك كان ذلك كالمستحيل الممتنع فان عليه من الحرس واليزك ومالا يستطيع اللص الدنو منه كيف وحارسه الملك بنفسه وكيف يستطيع اللص الدنو منه وحوله من الحرس والجند ما حوله.

فلم يبق للص الا البيت الثالث فهو الذي يشن عليه الغارات فليتامل اللبيب هذا المثال حق التامل .

ولينزله على القلوب فانها على منواله فقلب خلا من الخير كله وهو قلب الكافر والمنافق فذلك بيت الشيطان قد احرزه لنفسه واستوطنه واتخذه سكنا ومستقرا فاي شئ يسرق منه وفيه خزائنه وذخائره وشكوكه وخيالاته ووساوسه .

وقلب قد امتلا من جلال الله عز وجل وعظمته ومحبته ومراقبته والحياء منه فاي شيطان يجترئ على هذا القلب وان اراد سرقة شئ منه فماذا يسرق منه وغايته ان يظفر في الاحايين منه بخطفه ونهب يحصل له على غره من العبد وغفلة لا بد له اذ هو بشر واحكام البشرية جارية عليه من الغفلة والسهو والذهول وغلبة الطبع

النسري 01-08-2004 02:06 AM

دعوة من القلب.... قبل الندم
 
بسم الله الرحمن الرحيم

دعوة من القلب.... قبل الندم

دعوة لمحاسبة النفس...فالأيام تمر والصفحات تنطوي والأعوام تتوالى وكل منايستطيع أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب ويأخذ من سنين عمره المنصرمة المواعظ والعبر وأن يراقب الله‘ فهاهي الأيام تركض وهكذا ألأيام تجري من غير أن نحس أوندري إلا عند بداية سنة أو قدوم الشهر الكريم أوالعيد والسؤال الأهم ماذا أعددنا للرحلة النهائية؟ ماذا قدمنا لأنفسنا من خير لنجده عندالله خير ثواب وخير أمل؟

ماذا سجل في صحائفنا؟ ماذا أعددنا للحفرة التي سنوضع فيها؟ فهل تذكرنا اليوم الموت والقبر؟ هل قرأنا شيئا من القرأن؟ هل ثابرنا على الاذكار والأوراد دبر كل صلاة؟ هل كنا خاشعين في الصلاة؟ هل سألنا الله الجنة؟ واستعذنا به من النار؟ هل استغفرنا الله اليوم من ذنوبنا؟ هل تجنبنا كل مالا يرضي الله عز وجل؟ هل فكرنا في ألإبتعاد عن قرناء السوء؟ هل نظفنا قلوبنا من الكبرياء والحسد والحقد وألسنتنا من الغيبة والنميمة والكذب؟ {هل تركنا النظر إلى ماحرم الله؟}هل تركنا سماع ماحرم الله؟ هل أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر؟ هل بذلنا الغالي والرخيص من أجل نصرة ديننا والعمل له؟ وهل...وهل؟

دعوة صادقة لكل إنسان أن يحاسب نفسه، ويعد زاده للرحيل الأخير.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

النسري 02-08-2004 12:53 AM

أسباب المغفرة
 
بسم الله الرحمن الرحيم

أسباب المغفرة

بعد الصلاة والتسليم على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد،
اسمحوا لي أخوتي أن أتحدث هن موضوع هام جدا هو أسباب المغفره وبالله نستعين ونقول عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: [ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً] رواه الترمذى وقال: حديث حسن صحيح. وقد تضمن هذا الحديث أسبابًا ثلاثة تحصل بها المغفرة:

السبب الأول:الدعاء مع الرجاء: وهو مأمور به وموعود عليه بالإجابة.

كما قال تعالى:{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ...[60]}[سورة غافر]. وعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: [الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ ثُمَّ قَرَأَ {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ[60]}[سورة غافر]] رواه الترمذي وأبوداود وابن ماجة وأحمد.

- شروط إجابة الدعاء: الدعاء سببٌ مقتض للإجابة مع استكمال شرائطه وانتقاء موانعه، وقد تتخلف الإجابة لانتقاء بعض شروطه، أو وجود بعض موانعه وآدابه. ومن أعظم شرائطه:

- حضور القلب ورجاء الإجابة من الله : كما في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ]رواه الترمذي. ولهذا نهى العبد أن يقول في دعائه: [اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهُ لَا مُكْرِهَ لَهُ]. رواه البخاري ومسلم.

-ترك الاستعجال مع الإلحاح في الدعاء : ونهى أن يستعجل ويترك الدعاء لاستبطاء الإجابة، وجعل ذلك من موانع الإجابة حتى لا يقطع العبد رجاءه من إجابة دعائه، ولو طالت المدة، فإنه سبحانه يحب الملحين فى الدعاء، قال تعالى:{ وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ[56]}[سورة الأعراف]. فما دام العبد يلح في الدعاء، ويطمع في الإجابة، غير قاطع الرجاء، فهو قريب من الإجابة، ومن أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له.

- من أهم ما يسأل العبد ربه مغفرة ذنوبه: وما يستلزم ذلك كالنجاة من النار ودخوله الجنة، وقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ]رواه أبوداود وابن ماجة وأحمد. يعنى: حول سؤال الجنة والنجاة من النار. وقال أبو مسلم الخولانى: 'ما عرضت لي دعوة فذكرت النار إلا صرفتها إلى الاستعاذة منها'.

- سبب صرف الإجابة عن العبد: ومن رحمة الله تعالى بعبده أن العبد يدعوه بحاجة من الدنيا، فيصرفها عنه يعوضه خيرًا منها:

- إما أن يصرف عنه بذلك سوءًا.

- أو يدخرها له في الآخرة.

- أو يغفر له بها ذنبًا.

كما في حديث أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا] قَالُوا:' إِذًا نُكْثِرُ' قَالَ: [اللَّهُ أَكْثَرُ] رواه أحمد.

وبكل حال فالإلحاح بالدعاء بالمغفرة مع رجاء الله؛ موجب للمغفرة. والله تعالى يقول: [ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ] رواه أحمد والدارمي-وفي البخاري ومسلم شطره الأول- .

ذنوب العبد وإن عظمت عفو الله أعظم منها: وقوله: [إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي].
يعنى على كثرة ذنوبك، ولا يعاظمني ذلك، ولا استكثره، فعن النبى صلى الله عليه وسلم قال: [ إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ لْيُعَظِّمْ الرَّغْبَةَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ] رواه مسلم. فذنوب العبد- وإن عظمت- فإن عفو الله ومغفرته أعظم منها، وهى صغيرة في جنب عفو الله ومغفرته. وفى هذا المعنى يقول بعضهم:

يَا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنُوبِى كَثرَةً فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَـمُ
إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِـنٌ فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ
مَا لِى إِلَيكَ وَسِيلَةٌ إِلاَّ الـرَّجَـا وَجَمِيلُ عَفوِكَ ثُمَّ إِنِّى مُسـلـمُ

يتبـــــــعــــــــ...........>

النسري 02-08-2004 12:57 AM

تابع أسباب المغفرة
 
تابـــــــــعــــــــــــــــ.......<

السبب الثانى للمغفرة: الاستغفار ولو عظمت الذنوب: وبلغت العنان وهو السحاب، وقيل: ما انتهى إليه البصر منها.

وفى الرواية الأخرى: [لَوْ أَخْطَأْتُمْ حَتَّى تَمْلَأَ خَطَايَاكُمْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتُمْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَغَفَرَ لَكُمْ] رواه أحمد.

- معنى الاستغفار: والاستغفار: طلب المغفرة، والمغفرة هي وقاية شر الذنوب مع سترها، وقد كثر في القرآن ذكر الاستغفار:

- فتارة يؤمر به: كقوله تعالى{وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [20]}[سورة المزمل] .

- وتارة يذكر أن الله يغفر لمن استغفره: كقوله تعالى:{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا[110]}[سورة النساء] .

- الاستغفار المقرون بالتوبة: وكثيرًا ما يقرن الاستغفار بذكر التوبة، فيكون الاستغفار حينئذ عبارة عن طلب المغفرة باللسان، والتوبة: عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلوب والجوارح.

- إفراد الاستغفار: وتارة يفرد الاستغفار، ويرتب عليه المغفرة كما ذكر الحديث، وما أشبهه.

- الاستغفار المقبول: قيل: إنه أريد به الاستغفار المقترن بالتوبة. وقيل: إن نصوص الاستغفار المطلقة تقيد بما ذكر في آية آل عمران:{ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ[135] }.من عدم الإصرار، فإن الله وعد فيها بالمغفرة لمن استغفر من ذنوبه، ولم يصر على فعله، فتحمل النصوص المطلقة في الاستغفار كلها على هذا القيد.

ومجرد قول القائل: 'اللهم اغفر لى' طلب منه للمغفرة، فيكون حكمه حكم سائر الدعاء، فإن شاء الله أجابه وغفر لصاحبه، ولاسيما إذا خرج عن قلب منكسر بالذنوب، أو صادف ساعة من ساعات الإجابة كالأسحار وأدبار الصلوات.
ويروى عن لقمان أنه قال لابنه: 'يا بنى عوّد لسانك اللهم اغفر لي؛ فإن الله ساعات لا يرد فيها سائلًا'. وقال الحسن: 'أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفى طرقكم، وفى أسواقكم، وفى مجالسكم، وأينما كنتم؛ فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة'. وعن مغيث بن سمى قال:'بينما رجل خبيث، فتذكر يومًا اللهم غفرانك، اللهم غفرانك، ثم مات، فغفر له'.

ويشهد لهذا ما في الصحيحين عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [إِنَّ عَبْدًا أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ فَاغْفِرْ لِي فَقَالَ رَبُّهُ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا قَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلَاثًا فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ]. والمعنى: ما دام على هذا الحال كلما أذنب استغفر، والظاهر أن مراده الاستغفار المقرون بعدم الإصرار.

- الإصرار من موانع إجابة الاستغفار: الاستغفار باللسان مع إصرار القلب على الذنب هو دعاء مجرد إن شاء الله أجابه، وإن شاء رده، وقد يكون الإصرار مانعا من الإجابة. وفى حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: [...وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ] رواه أحمد.

- الاستغفار الموجب للمغفرة: قول القائل:'أستغفر الله'. معناه: أطلب مغفرته، فهو كقوله: 'اللهم اغفر لي'. فالاستغفار التام الموجب للمغفرة هو ما قارن عدم الإصرار كما مدح الله تعالى أهله، ووعدهم بالمغفرة.

قال بعض العارفين:'من لم يكن ثمرة استغفاره تصحيح توبته فهو كاذب في استغفاره'. وفى ذلك يقول بعضهم:

استَغفِرُ اللهَ مِن اَستَغفِرُ الـلـهَ

مِن لَفظَةٍ بَدَرَت خالَفتُ مَعناها

وَكَيفَ أَرجُو إِجَابَاتِ الدُّعَاءِ وَقَد

سَدَدتُ بِالذَّنبِ عِندَ اللهِ مَجراها

فأفضل الاستغفار ما قرن به ترك الإصرار، وهو حينئذ يؤمل توبة نصوحًا وإن قال بلسانه: [استغفر الله] وهو غير مقلع بقلبه، فهو داع لله بالمغفرة كما يقول:'اللهم اغفر لى' فقد يرجى له الإجابة.


وأما من تاب توبة الكذابين فمراده أنه ليس بتوبة كما يعتقده بعض الناس وهذا حق. فإن التوبة لا تكون مع الإصرار.

- أفضل أنواع الاستغفار: أن يبدأ العبد بالثناء على ربه، ثم يثنى بالاعتراف بذنبه، ثم يسأل الله المغفرة، كما فى حديث شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ] رواه البخارى.

- من أنواع الاستغفار: ومن أنواع الاستغفار أن يقول العبد، ما جاء في الحديث: [ مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ] رواه أبو داود والترمذى.

وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ يُعَدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةُ مَرَّةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقُومَ: [رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الْغَفُورُ]رواه أبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد.

- كم يستغفر في اليوم؟

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: [وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً] رواه البخاري. وعَنْ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [ إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ] رواه مسلم. وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا]رواه ابن ماجة.

- دواء الذنوب الاستغفار: وبالجملة فدواء الذنوب الإستغفار، قال قتادة:'إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم: فالذنوب، وأما دواؤكم: فالاستغفار.

- طلب الاستغفار ممن قلت ذنوبه: ومن زاد اهتمامه بذنوبه، فربما تعلق بأذيال من قلت ذنوبه، فالتمس منهم الاستغفار وكان عمر يطلب من الصبيان الاستغفار ويقول:'إنكم لم تذنبوا'.وكان أبو هريرة يقول لغلمان الكتاب قولوا:'اللهم اغفر لأبى هريرة'. فيؤمن على دعائهم.

السبب الثالث للمغفرة :التوحيد: وهو السبب الأعظم، فمن فقده؛ فقد المغفرة، ومن جاء به؛ فقد أتى بأعظم أسباب المغفرة، قال تعالى:{إِنَّ اللهَ لاَ يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيغفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ [48]}[سورة النساء]. فمن جاء مع التوحيد بقراب الأرض، وهو ملؤها أو ما يقاربه خطايا؛ لقيه الله بقرابها مغفرة، لكن هذا مع مشيئة الله عز وجل، فإن شاء غفر له، وإن شاء أخذه بذنوبه، ثم كان عاقبته أن لا يخلد في النار بل يخرج منها، ثم يدخل الجنة.

- تحقيق التوحيد يوجب مغفرة الذنوب:فإن كمل توحيد العبد، وإخلاصه لله فيه، وقام بشروطه كلها بقلبه ولسانه وجوارحه، أوبقلبه ولسانه عند الموت؛ أوجب ذلك مغفرة ما سلف من الذنوب كلها، ومنعه من دخول النار بالكلية.

فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبه؛ أخرجت منه كل ما سوى الله محبة وتعظيمًا، وإجلالًا، وخشية، ورجاء، وتوكلًا. وحينئذ تحرق ذنوبه وخطاياه كلها ولو كانت مثل زبد البحر، وربما قلبتها حسنات؛ فإن هذا التوحيد هو الإكسير الأعظم، فلو وضع منه ذرة على جبال الذنوب والخطايا لقلبها حسنات.

من 'شرح الحديث الثاني والأربعين في جامع العلوم والحكم' للحافظ ابن رجب رحمه الله

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الوافـــــي 02-08-2004 10:59 AM

عجائب القلوب وصراع الخير والشر!

إن أشرف ما في الإنسان قلبه، فإنه العالم بالله، العامل له، الساعي إليه، المقرب المكاشف، بما عنده، وإنما الجوارح أتباع وخدام له يستخدمها القلب استخدام الملوك للعبيد‏. ومن عرف قلبه عرف ربه، وإن أكثر الناس جاهلون بقلوبهم ونفوسهم، فمعرفة القلب وصفاته أصل الدين، وأساس طريق السالكين‏.‏

مداخل إبليس في قلب الإنسان‏

من المعلوم أن القلب بأصل فطرته قابل للهدى، وبما وضع فيه من الشهوة والهوى، مائل عن ذلك، والتطارد فيه بين جندي الملائكة والشياطين دائم، إلى أن ينفتح القلب لأحدهما، فيتمكن، ويستوطن، ويكون اجتياز الثاني اختلاساً، ولا يطرد جند الشياطين من القلب إلا ذكر الله تعالى، فإنه لا قرار له مع الذكر‏.‏

إن مثل القلب كمثل حصن، والشيطان عدو يريد أن يدخل الحصن، ويملكه ويستولي عليه، ولا يمكن حفظ الحصن إلا بحراسة أبوابه، ولا يقدر على حراسة أبوابه من لا يعرف الحراسة أصلاً، ولا يتوصل إلى دفع الشيطان إلا بمعرفة مداخله، ومداخل الشيطان وأبوابه صفات العبد، وهي كثيرة، إلا أننا نشير إلى الأبواب العظيمة الجارية مجرى الدروب التي لا تضيق عن كثرة جنود الشيطان‏.

فمن أبوابه العظيمة‏: الحسد، والحرص، فمتى كان العبد حريصاً على شيء أعماه حرصه وأصمه، وغطى نور بصيرته التي يعرف بها مداخل الشيطان‏.‏ وكذلك إذا كان حسوداً يجد الشيطان حينئذ الفرصة، فيحسّن عند الحريص كل ما يوصله إلى شهوته، وإن كان منكراً أو فاحشاً‏.‏

ومن أبوابه العظيمة‏:‏ الغضب، والشهوة، والحدة، فإن الغضب غول العقل، وإذا ضعف جند العقل هجم حينئذ الشيطان فلعب بالإنسان‏.‏ وقد روي أن إبليس يقول‏:‏ إذا كان العبد حديداً (حاد الطبع) قلبنّاه كما يقلب الصبيان الكرة‏.‏

ومن أبوابه‏:‏ الإسراف في حب التزيين في المنزل والثياب والأثاث، فلا يزال يدعو إلى عمارة الدار وتزيين سقوفها وحيطانها، والتزين بالثياب، والأثاث، فيخسر الإنسان طول عمره في ذلك‏.‏

ومن أبوابه‏:‏ الشبع، فإنه يقوي الشهوة، ويشغل الطاعة‏.‏

ومنها‏:‏ الطمع في الناس، فإن من طمع في شخص، بالغ بالثناء عليه بما ليس فيه، وداهنه، ولم يأمره بالمعروف، ولم ينهه عن المنكر‏.‏

ومن أبوابه‏:‏ العجلة، وترك التثبت، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"العجلة من الشيطان، والتأني من الله تعالى‏".

ومن أبوابه‏:‏ حب المال المذموم، ومتى تمكن من القلب أفسده، وحمله على طلب المال من غير وجهه، وأخرجه إلى البخل، وخوفه الفقر، فمنع الحقوق اللازمة‏.‏

ومن أبوابه‏:‏ حمل العوام على التعصب في المذاهب، دون العمل بمقتضاها‏.‏

ومن أبوابه أيضاً‏:‏ حمل العوام على التفكير في ذات الله تعالى، وصفاته، وفي أمور لا تبلغها عقولهم حتى يشككهم في أصل الدين‏.‏

ومن أبوابه‏:‏ سوء الظن بالمسلمين، فإن من حكم على مسلم بسوء ظنه، احتقره وأطلق فيه لسانه، ورأى نفسه خيراً منه، وإنما يترشح سوء الظن بخبث الظان، لأن المؤمن يطلب المعاذير للمؤمن، والمنافق يبحث عن عيوبه‏.‏ وإن كان ينبغي على الإنسان أن يحترز عن مواقف التهم، لئلا يساء به الظن.

هذا طرف من ذكر مداخل الشيطان، وعلاج هذه الآفات سد هذه المداخل بتطهير القلب من الصفات المذمومة.

تحياتي

:)


الوافـــــي 02-08-2004 11:03 AM

أنواع القلوب

القلوب في الثبات على الخير والشر والتردد بينهما ثلاثة‏:‏

القلب الأول‏:‏

قلب عَمُر بالتقوى، وطهر عن خبائث الأخلاق، فتتفرج فيه خواطر الخير من خزائن الغيب، فيمده الملك بالهدى‏.‏

القلب الثانى‏:

قلب مخذول، مشحون بالهوى، مدنس بالخبائث، ملوث بالأخلاق الذميمة، فيقوى فيه سلطان الشيطان لاتساع مكانه، ويضعف سلطان الإيمان، ويمتلئ القلب بدخان الهوى، فيعدم النور، ويصير كالعين الممتلئة بالدخان، لا يمكنها النظر، ولا يؤثر عنده زجر ولا وعظ‏.‏

القلب الثالث‏:‏

قلب يبتدئ فيه خاطر الهوى، فيدعوه إلى الشر، فيلحقه خاطر الإيمان فيدعوه إلى الخير‏. ‏مثاله، أن يحمل الشيطان حملة على العقل، ويقوي داعي الهوى ويقول‏:‏ أما ترى فلاناً وفلاناً كيف يطلقون أنفسهم في هواها، حتى يعد جماعة من العلماء، فتميل النفس إلى الشيطان، فيحمل الملك حملة على الشيطان، ويقول‏:‏ هل هلك إلا من نسي العاقبة، فلا تغتر بغفلة الناس عن أنفسهم، أرأيت لو وقفوا في الصيف في الشمس ولك بيت بارد، أكنت توافقهم أم تطلب المصلحة‏؟‏ أفتخالفهم في حر الشمس، ولا تخالفهم فيما يؤول إلى النار‏؟‏ فتميل النفس إلى قول الملك، ويقع التردد بين الجندين، إلى أن يغلب على القلب ما هو أولى به، فمن كان على الخير يسر له، ومن كان على الشر يسر له.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"‏يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، يا مصرف القلوب اصرف قلوبنا إلى طاعتك" وفى حديث آخر‏:‏ ‏"‏مثل القلب كمثل ريشة بأرض فلاة تقلبها الرياح".. فاللهم ثبت قلوبنا على كل خير.

تحياتي

:)

النسري 05-08-2004 06:02 AM

الانتفاع بالقرآن وشروطه
 
بسم الله الرحمن الرحيم

بعد الصلاة والتسليم على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد،
قال الشيخ الإمام محيي السنة قامع البدعة‏:‏ أبو عبد الله الشهير بابن قيم الجوزية، رحمه الله ورضي عنه‏:

الانتفاع بالقرآن وشروطه:

إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وأَلْقِ سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه وإليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله ، قال تعالى‏:‏ ‏{‏إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد‏}‏ ‏(‏الآية‏:‏ 37 من سورة ق‏)‏‏.‏ وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفاً على مؤثر مقتض، ومحل قابل، وشرط لحصول الأثر، وانتفاء المانع الذي يمنع منه، تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد‏.‏

فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن في ذلك لذكرى‏}‏ إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى هاهنا، وهذا هو المؤثر، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ لمن كان له قلب‏}‏ فهذا هو المحل القابل، والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إن هو إلا ذكر وقرآن مبين‏.‏ لينذر من كان حيًّا‏}‏ ‏(‏الآيتان‏:‏ 69‏.‏ 70 من سورة يس‏)‏‏.‏ أي حي القلب‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏أو ألقى السمع‏}‏ أي وجَّه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له، وهذا شرط التأثر بالكلام‏.‏ وقوله تعالى ‏{‏وهو شهيد‏}‏ أي شاهد القلب حاضر غير غائب‏.‏

قال ابن قتيبة ‏:‏ استمع كتاب الله، وهو شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساه، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له، والنظر فيه وتأمله، فإذا حصل المؤثر وهو القرآن، والمحل القابل وهو القلب الحي، ووجد الشرط وهو الإصغاء، وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب، وانصرافه عنه إلى شيء آخر، حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر‏.‏

فإن قيل‏:‏ إذا كان التأثير إنما يتم بمجموع هذه، فما وجه دخول أداة ‏"‏أو‏"‏ في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أو ألقى السمع‏}‏ والموضع موضع واو الجمع(‏ يقصد واو العطف التي تجمع بين شيئين فحينما تقول‏:‏ جاء محمد وعلي، فقد اجتمع مجيء كل منهما‏.‏‏) "(‏ يقصد واو العطف التي تجمع بين شيئين فحينما تقول‏:‏ جاء محمد وعلي، فقد اجتمع مجيء كل منهما‏.‏‏) "(‏ يقصد واو العطف التي تجمع بين شيئين فحينما تقول‏:‏ جاء محمد وعلي، فقد اجتمع مجيء كل منهما‏.‏‏) "(‏ يقصد واو العطف التي تجمع بين شيئين فحينما تقول‏:‏ جاء محمد وعلي، فقد اجتمع مجيء كل منهما‏.‏‏) "(‏ يقصد واو العطف التي تجمع بين شيئين فحينما تقول‏:‏ جاء محمد وعلي، فقد اجتمع مجيء كل منهما‏.‏‏) "‏ لا موضع ‏"‏أو‏"‏ التي هي لأحد الشيئين‏.‏

قيل‏:‏ هذا سؤال جيد، والجواب عنه أن يقال‏:‏ خرج الكلام بـ ‏"‏أو‏"‏ باعتبار حال المخاطب المدعو، فإن من الناس من يكون حي القلب واعيه، تامّ الفطرة، فإذا فكَّر بقلبه وجال بفكره، دله قلبه وعقله على صحة القرآن وأنه الحق، وشهد قلبه بما أخبر به القرآن، فكان ورود القرآن على قلبه نوراً على نور الفطرة‏.‏ وهذا وصف الذين قيل فيهم‏:‏ ‏{‏ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق‏}‏ ‏(‏الآية‏:‏ 6 من سورة سبأ‏.‏‏)‏ وقال في حقهم‏:‏ ‏{‏ الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء‏}‏ فهذا نور الفطرة على نور الوحي‏.‏ وهذا حال صاحب القلب الحي الواعي‏.‏ قال ابن القيم‏:‏ وقد ذكرنا ما تضمنت هذه الآية من الأسرار والعبر في كتاب ‏"‏اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية‏"‏ فصاحب القلب يجمع بين قلبه وبين معاني القرآن فيجدها كأنها قد كتبت فيه، فهو يقرأها عن ظَهْر قَلْب‏.‏

ومن الناس من لا يكون تامَّ الاستعداد، واعي القلب، كامل الحياة، فيحتاج إلى شاهد يميز له بين الحق والباطل، ولم تبلغ حياة قلبه ونوره وزكاء فطرته مبلغ صاحب القلب الحي الواعي، فطريق حصول هدايته أن يفرغ سمعه للكلام وقلبه لتأمله والتفكر فيه وتعقل معاينه، فيعلم حينئذ أنه الحق‏.‏

فالأول حال من رأى بعينه ما دعي عليه وأخبر به‏.‏ والثاني حال من علم صدق المخبر وتيقنه وقال‏:‏‏"‏ يكفيني خبره‏"‏ فهو في مقام الإيمان، والأول في مقام الإحسان‏.‏

هذا وقد وصل إلى علم اليقين، وترقى قلبه منه إلى منزلة عين اليقين، وذاك معه التصديق الجازم الذي خرج به من الكفر ودخل به في الإسلام‏.‏ فعين اليقين نوعان‏:‏ نوع في الدنيا ونوع في الآخرة، فالحاصل في الدنيا نسبته إلى القلب كنسبة الشاهد إلى العين‏.‏ وما أخبرت به الرسل من الغيب يعاين في الآخرة بالأبصار، وفى الدنيا بالبصائر،‏(‏البصائر‏:‏ من البصيرة وهي التعقل والفطنة والانتباه‏.‏‏) "(‏البصائر‏:‏ من البصيرة وهي التعقل والفطنة والانتباه‏.‏‏) "(‏البصائر‏:‏ من البصيرة وهي التعقل والفطنة والانتباه‏.‏‏) "(‏البصائر‏:‏ من البصيرة وهي التعقل والفطنة والانتباه‏.‏‏) "(‏البصائر‏:‏ من البصيرة وهي التعقل والفطنة والانتباه‏.‏‏) "‏ فهو عين يقين في المرتبتين‏.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

النسري 08-08-2004 03:12 AM

كيف ترق قلوبنا؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم
محاضرة: كيف ترق قلوبنا؟
لفضيلة الشيخ: محمد مختار الشنقيطي

الحمد لله علام الغيوب.
الحمد لله الذي تطمئن بذكره القلوب.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أعز مطلوب وأشرف مرغوب.
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، الذي أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بأذنه وسراجا منيرا.
صلوات الله وسلامه وبركاته عليه إلى يوم الدين، وعلى جميع من سار على نهجه وأتبع سبيله إلى يوم الدين.أما بعد

أخواني:
إن رقة القلوب وخشوعها وانكسارها لخالقها وبارئها منحة من الرحمن وعطية من الديان تستوجب العفو والغفران، وتكون حرزا مكينا وحصنا حصينا مكينا من الغي والعصيان.
ما رق قلب لله عز وجل إلا كان صاحبه سابقا إلى الخيرات مشمرا في الطاعات والمرضاة.
ما رق قلب لله عز وجل وانكسر إلا وجدته أحرص ما يكون على طاعة الله ومحبة الله، فما ذُكّر إلا تذكر، ولا بُصّر إلا تبصر.
ما دخلت الرقة إلى القلب إلا وجدته مطمئنا بذكر الله يلهج لسانه بشكره والثناء عليه سبحانه وتعالى.
وما رق قلب لله عز وجل إلا وجدت صاحبه أبعد ما يكون عن معاصي الله عز وجل، فالقلب الرقيق قلب ذليل أمام عظمة الله وبطش الله تبارك وتعالى.
ما انتزعه داعي الشيطان إلا وأنكسر خوفا وخشية للرحمن سبحانه وتعالى.
ولا جاءه داعي الغي والهوى إلا رعدت فرائص ذلك القلب من خشية المليك سبحانه وتعالى.
القلب الرقيق صاحبه صدّيق وأي صدّيق.
القلب الرقيق رفيق ونعم الرفيق.
ولكن من الذي يهب رقة القلوب وانكسارها؟
ومن الذي يتفضل بخشوعها وإنابتها إلى ربها؟
من الذي إذا شاء قلَبَ هذا القلب فأصبح أرق ما يكون لذكر الله عز وجل، وأخشع ما يكون لآياته وعظاته؟
من هو؟ سبحانه لا إله إلا هو، القلوب بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء، فتجد العبد أقسى ما يكون قلب، ولكن يأبى الله إلا رحمته، ويأبى الله إلا حلمه وجوده وكرمه.
حتى تأتي تلك اللحظة العجيبة التي يتغلغل فيها الإيمان إلى سويداء ذلك القلب بعد أن أذن الله تعالى أن يصطفى ويجتبى صاحب ذلك القلب.
فلا إله إلا الله، من ديوان الشقاء إلى ديوان السعادة، ومن أهل القسوة إلى أهل الرقة بعد أن كان فظا جافيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه، إذا به يتوجه إلى الله بقلبه وقالبه.
إذا بذلك القلب الذي كان جريئا على حدود الله عز وجل وكانت جوارحه تتبعه في تلك الجرأة إذا به في لحظة واحدة يتغير حاله، وتحسن عاقبته ومآله، يتغير لكي يصبح متبصرا يعرف أين يضع الخطوة في مسيره.

أحبتي:

إنها النعمة التي ما وجدت على وجه الأرض نعمة أجل ولا أعظم منها، نعمة رقة القلب وإنابته إلى الله تبارك وتعالى.
وقد أخبر الله عز وجل أنه ما من قلب يُحرم هذه النعمة إلا كان صاحبه موعودا بعذاب الله، قال سبحانه:
(فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله).
ويل، عذاب ونكال لقلوب قست عن ذكر الله، ونعيم ورحمة وسعادة وفوز لقلوب انكسرت وخشعت لله تبارك وتعالى.
لذلك – أخواني في الله – ما من مؤمن صادق في إيمانه إلا وهو يتفكر كيف السبيل لكي يكون قلبي رقيقا؟
كيف السبيل لكي أنال هذه النعمة؟
فأكون حبيبا لله عز وجل، وليا من أوليائه، لا يعرف الراحة والدعة والسرور إلا في محبته وطاعته سبحانه وتعالى، لأنه يعلم أنه لن يُحرم هذه النعمة إلا حُرم من الخير شيئا كثيرا.
ولذلك كم من أخيار تنتابهم بعض المواقف واللحظات يحتاجون فيها إلى من يرقق قلوبهم فالقلوب شأنها عجيب وحاله غريب.
تارة تقبل على الخير، وإذا بها أرق ما تكون لله عز وجل وداعي الله.
لو سُألت أن تنفق أموالها جميعا لمحبة الله لبذلت، ولو سألت أن تبذل النفس في سبيل الله لضّحت.
إنها لحظات ينفح فيها الله عز وجل تلك القلوب برحمته.
وهناك لحظات يتمعر فيها المؤمن لله تبارك وتعالى، لحظات القسوة، وما من إنسان إلا تمر عليه فترة يقسو فيها قلبه ويتألم فيها فؤاده حتى يكون أقسى من الحجر والعياذ بالله.
وللرقة أسباب، وللقسوة أسباب:
الله تبارك وتعالى تكرم وتفضل بالإشارة إلى بيانها في الكتاب.
فما رق القلب بسبب أعظم من سبب الإيمان بالله تبارك وتعالى.
ولا عرف عبد ربه بأسمائه وصفاته إلا كان قلبه رقيقا لله عز وجل، وكان وقّافا عند حدود الله.
لا تأتيه الآية من كتاب الله، ويأتيه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال بلسان الحال والمقال:
(سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير).
فما من عبد عرف الله بأسمائه الحسنى وتعرف على هذا الرب الذي بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إلا وجدته إلى الخير سباق، وعن الشر محجام.
فأعظم سبب تلين به القلوب لله عز وجل وتنكسر من هيبته المعرفة بالله تبارك وتعالى، أن يعرف العبد ربه.
أن يعرفه، وما من شيء في هذا الكون إلا ويذكره بذلك الرب.
يذكره الصباح والمساء بذلك الرب العظيم.
وتذكره النعمة والنقمة بذلك الحليم الكريم.
ويذكره الخير والشر بمن له أمر الخير والشر سبحانه وتعالى.
فمن عرف الله رق قلبه من خشية الله تبارك وتعالى.
والعكس بالعكس فما وجدت قلبا قاسيا إلا وجدت صاحبه أجهل العباد بالله عز وجل، وأبعدهم عن المعرفة ببطش الله، وعذاب الله وأجهلهم بنعيم الله عز وجل ورحمة الله.
حتى إنك تجد بعض العصاة أقنط ما يكون من رحمة الله، وأيئس ما يكون من روح الله والعياذ بالله لمكان الجهل بالله.
فلما جهل الله جرأ على حدوده، وجرأ على محارمه، ولم يعرف إلا ليلا ونهارا وفسوقا وفجورا، هذا الذي يعرفه من حياته، وهذا الذي يعده هدفا في وجوده ومستقبله.
لذلك – أحبتي في الله – المعرفة بالله عز وجل طريق لرقة القلوب، ولذلك كل ما وجدت الإنسان يديم العبرة، يديم التفكر في ملكوت الله، كلما وجدت قلبه فيه رقة، وكلما وجدت قلبه في خشوع وانكسار إلى الله تبارك وتعالى.

السبب الثاني:

الذي يكسر القلوب ويرققها، ويعين العبد على رقة قلبه من خشية الله عز وجل النظر في آيات هذا الكتاب،
النظر في هذا السبيل المفضي إلى السداد والصواب.
النظر في كتاب وصفه الله بقوله:
(كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير).
ما قرأ العبد تلك الآيات وكان عند قرأته حاضر القلب متفكرا متأملا إلا وجدت العين تدمع، والقلب يخشع والنفس تتوهج إيمانا من أعماقها تريد المسير إلى الله تبارك وتعالى، وإذا بأرض ذلك القلب تنقلب بعد آيات القرآن خصبة طرية للخير ومحبة الله عز وجل وطاعته.
ما قرأ عبد القرآن ولا استمع لآيات الرحمن إلا وجدته بعد قرأتها والتأمل فيها رقيقا قد اقشعر قلبه واقشعر جلده من خشية الله تبارك وتعالى:
(كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله، ذلك هدى الله يهدي به من يشاء، ومن يضلل الله فما له من هاد).
هذا القرآن عجيب، بعض الصحابة تُليت عليه بعض آيات القرآن فنقلته من الوثنية إلى التوحيد، ومن الشرك بالله إلى عبادة رب الأرباب سبحانه وتعالى في آيات يسيرة.
هذا القرآن موعظة رب العالمين وكلام إله الأولين والآخرين، ما قرأه عبد إلا تيسرت له الهداية عند قراءته، ولذلك قال الله في كتابه:
(ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر).
هل هناك من يريد الذكرى؟
هل هناك من يريد العظة الكاملة والموعظة السامية؟ هذا كتابنا.
ولذلك – أحبتي في الله- ما أدمن قلب، ولا أدمن عبد على تلاوة القرآن، وجعل القرآن معه إذا لم يكن حافظا يتلوه آناء الليل وآناء النهار إلا رق قلبه من خشية الله تبارك وتعالى.

السبب الثالث:

ومن الأسباب التي تعين على رقة القلب وإنابته إلى الله تبارك وتعالى تذكر الآخرة، أن يتذكر العبد أنه إلى الله صائر.
أن يتذكر أن لكل بداية نهاية، وأنه ما بعد الموت من مستعتب، وما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار.
فإذا تذكر الإنسان أن الحياة زائلة وأن المتاع فان وأنها غرور حائل دعاه – والله – ذلك إلى أن يحتقر الدنيا ويقبل على ربها إقبال المنيب الصادق وعندها يرق قلبه.
ومن نظر إلى القبور ونظر إلى أحوال أهلها انكسر قلبه، وكان قلبه أبرأ ما يكون من القسوة ومن الغرور والعياذ بالله.
ولذلك لن تجد إنسان يحافظ على زيارة القبور مع التفكر والتأمل والتدبر، إذ يرى فيها الأباء والأمهات والإخوان والأخوات، والأصحاب والأحباب، والإخوان والخلان.
يرى منازلهم ويتذكر أنه قريب سيكون بينهم وأنه جيران بعضهم لبعض قد انقطع التزاور بينهم مع الجيرة.
وأنهم قد يتدانى القبران وبينهما كما بين السماء والأرض نعيما وجحيما.
ما تذكر عبد هذه المنازل التي ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذكرها إلا رق قلبها من خشية الله تبارك وتعالى.
ولا وقف على شفير قبر فراءه محفورا فهيأ نفسه أن لو كان صاحب ذلك القبر، ولا وقف على شفير قبر فرى صاحبه يدلى فيه فسأل نفسه إلى ماذا يغلق؟
وعى من يُغلق؟
وعلى أي شيء يُغلق؟
أيغلق على مطيع أم عاصي؟
أيغلق على جحيم أم على نعيم؟
فلا إله إلا الله هو العالم بأحوالهم وهو الحكم العدل الذي يفصل بينهم.
ما نظر عبد هذه النظرات ولا استجاشت في نفسه هذه التأملات إلا اهتز القلب من خشية الله وانفطر هيبة لله تبارك وتعالى، وأقبل على الله إلى الله تبارك وتعالى إقبال صدق وإنابة وإخبات.
أحبتي في الله:
أعظم داء يصيب القلب داء القسوة والعياذ بالله، ومن أعظم أسباب القسوة بعد الجهل بالله تبارك وتعالى:
الركون إلى الدنيا والغرور بأهلها، وكثرة الاشتغال بفضول أحاديثها، فإن هذا من أعظم الأسباب التي تقسي القلوب والعياذ بالله تبارك وتعالى.
إذ اشتغل العبد بالأخذ والبيع، واشتغل أيضا بهذه الفتن الزائلة والمحن الحائلة، سرعان ما يقسو قلبه لأنه بعيد عن من يذكره بالله تبارك وتعالى.
فلذلك ينبغي للإنسان إذا أراد أن يوغل في هذه الدنيا أن يوغل برفق، فديننا ليس دين رهبانية، ولا يحرم الحلال سبحانه وتعالى، ولم يحل بيننا وبين الطيبات.
ولكن رويداً رويدا فأقدار قد سبق بها القلم، وأرزاق قد قضيت يأخذ الإنسان بأسبابها دون أن يغالب القضاء والقدر.
يأخذها برفق ورضاء عن الله تبارك وتعالى في يسير يأتيه وحمد وشكر لباريه سرعان ما توضع له البركة، ويكفى فتنة القسوة، نسأل الله العافية منها.
فلذلك من أعظم الأسباب التي تستوجب قسوة القلب الركون إلى الدنيا، وتجد أهل القسوة غالبا عندهم عناية بالدنيا، يضحون بكل شيء، يضحون بأوقاتهم.

يضحون بالصلوات

يضحون بارتكاب الفواحش والموبقات.
ولكن لا تأخذ هذه الدنيا عليهم، لا يمكن أن يضحي الواحد منهم بدينار أو درهم منها،فلذلك دخلت هذه الدنيا إلى القلب.
والدنيا شُعب،الدنيا شُعب ولو عرف العبد حقيقة هذه الشُعب لأصبح وأمسى ولسانه ينهج إلى ربه:
ربي نجني من فتنة هذه الدنيا،فإن في الدنيا شُعب ما مال القلب إلى واحد منها إلا استهواه لما بعده ثم إلى ما بعده حتى يبعد عن الله عز وجل، وعنده تسقط مكانته عند الله ولا يبالي الله به في واد من أودية الدنيا هلك والعياذ بالله.
هذا العبد الذي نسي ربه،وأقبل على هذه الدنيا مجلا لها مكرما،فعظّم ما لا يستحق التعظيم،واستهان بمن يستحق الإجلال والتعظيم والتكريم سبحانه وتعالى، فلذلك كانت عاقبته والعياذ بالله من أسوء العواقب.
ومن أسباب قسوة القلوب، بل ومن أعظم أسباب قسوة القلوب، الجلوس مع الفساق ومعاشرة من لا خير في معاشرته.
ولذلك ما ألف الإنسان صحبة لا خير في صحبتها إلا قسي قلبه من ذكر الله تبارك وتعالى،ولا طلب الأخيار إلا رققوا قلبه لله الواحد القهار،ولا حرص على مجالسهم إلا جاءته الرقة شاء أم أبى،جاءته لكي تسكن سويداء قلبه فتخرجه عبدا صالحا مفلحا قد جعل الآخرة نصب عينيه.
لذلك ينبغي للإنسان إذا عاشر الأشرار أن يعاشرهم بحذر،وأن يكون ذلك على قدر الحاجة حتى يسلم له دينه، فرأس المال في هذه الدنيا هو الدين.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن تهب لنا قلوبا لينة تخشع لذكرك وشكرك.
اللهم إنا نسألك قلوبا تطمئن لذكرك.
اللهم إنا نسألك اللسنة تلهج بذكرك.
اللهم إنا نسألك إيمانا كاملا،ويقينا صادقا،وقلبا خاشعا،وعلما نافعا،وعملا صالحا مقبولا عندك يا كريم.
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين.
والحمد لله رب العالمين.

والسلام عليكم.

النسري 11-08-2004 02:09 AM

رقة القلوب
 
بسم الله الرحمن الرحيم

إن المعصية ولو كانت صغيره تمهد الطريق لأختها حتى تتابع المعاصي ويهون أمرها، ولا يدرك صاحبها خطرها، وتتسرب واحدة وراء الأخرى إلى قلبه، حتى لا يبالي بها، ولا يقدر على مفارقتها ويطلب ما هو أكثر منها ، فيضعف في قلبه تعظيم الله وتعظيم حرماته، كما أنها تضعف سير القلب إلى الله والدار الآخر وتعوقه أو توقفه فلا تدعه يخطوا إلى الله خطوة، فالذنب يحجب الواصل، ويقطع السائر، وينكس الطالب، ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم (( إن العبد إذا أذنب ذنباً نكت في قلبه نكتة سوداء، فإذا تاب ونزع واستغفر صُقل قلبه، وإن زاد زادت حتى تعلوا قلبه، فذلك الران الذي ذكره الله عز وجل { كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
إن نعمة رقة القلب من أجل النعم وأعظمها، وما من قلب يُحرم هذه النعمة إلا كان صاحبه موعوداً بعذاب الله فقد قال سبحانه { فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ }(الزمر:22)، وما رق قلب لله وانكسر إلا كان صاحبه سابقاً إلى الخيرات ، مشمراً إلى الطاعات، أحرص ما يكون على طاعة الله ومحبته، وأبعد ما يكون من معاصيه.

فمن عرف ربه حق المعرفة رق قلبه، ومن جهل ربه قسا قلبه، وما وجدت قلباً قاسيا إلا وجدت صاحبه أجهل العباد بالله عز وجل وأبعدهم عن المعرفة به، وكلما عظم الجهل بالله كلما كان العبد أكثر جرأة على حدوده ومحارمه ، وكلما وجدت الشخص يديم التفكير في ملكوت الله ، ويتذكر نعم الله عليه التي لا تعد ولا تحصى ، كلما وجدت في قلبه رقة

الانس ثمرة الطاعة والمحبة ..فكل مطيع لله مستأنس... وكل عاص لله مستوحش

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

النسري 15-08-2004 06:18 AM

الإمدادات التي تمد القلب
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الإمدادات التي تمد القلب


جدير بنا أن نعلم ونعرف ما هي الإمدادات التي تمد القلب، واللسان بهذا؛ لأن اللسان يُعبر عما في القلب، بمعنى: أن الإنسان يتكلم في نفسه ثم يتكلم بلسانه.
إذاً فالمدد أو أصل المادة التي تمد القلب إن كانت خيراً ومثمرة ونافعة في صالح الإنسان؛ فإن ذلك يظهر على فلتات لسانه، ويظهر من أقواله؛ وإن كان غير ذلك -ونسأل الله العفو العافية- فلا بد أن يظهر الخبث من كلامه.

إذاً: كيف يمد اللسان القلب؟

إن الإنسان الذي يتكلم بالخير - كأن يقرأ كلام الله وكلام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو كلام الصحابة والتابعين، وأهل الدعوة والإيمان والخير والصلاح - لا بد أن يظهر ذلك في كلامه هو؛ لأن القلب تغذَّى بهذا الخير، فيظهر أثر هذا الغذاء ثمرة على اللسان فتنطق بالخير، وينطق بالحكمة.

ولهذا تجدون حُفاظ كتاب الله حتى ولو كانوا صغار السن -سبحان الله- ينطقون بكلام درر، لأنه من خلال معايشته للقرآن.

فإذا اقتبسنا من ذلك التوجيه والتسديد الذي كان عليه الصحابة رضي الله عنهم والتابعون وسلف الأمة؛ رأيت العجب العجاب!

إذاً: إذا أردت أن أقول الخير وأعتقده وأتكلم به فعليَّ أن أجعل المادة التي تمده خيراً... فإذا قرأ الإنسان اللهو واللغط -فضلاً عن الحرام- لكن اللهو أكثر ما يُنشر الآن، وكل ما يقرؤه الناس غثاءً ولهواً؛ فلا بد أن يظهر على لسانه؛ فتكون أحاديثه لهواً ولغطاً ولا تثمر، وإذا اختلطت المادتان ظهر هذا وهذا؛ فتجد من الذي يخلط أنك تسمع منه الخير وتسمع منه اللغو، وهكذا؛ لكن المؤمن يعلم أن كل لفظ يلفظ به فهو مكتوب، وأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سوف يحاسبه.

حتى إن بعض السلف رضي الله عنهم جاءته ابنته -طفلة- تقول له: يا أبتاه! أريد أن ألعب. فأعرض عنها!! فقالت: يا أبتاه! أريد أن ألعب. فأعرض عنها! وكان عنده أحد العلماء -من جلسائه ورفقائه- فقال له: قل لها: العبي. فقال: لا أريد أن أجد في صحيفتي لعباً؛ لأنه ما يلفظ من قول إلا ويكتب، فلو قال لها: العبي؛ لكتب عليه ذلك.

نعم! أناس كان عندهم هذه الحساسية، فتراه يُفكر في الكلمة لأنه سيلقاها مكتوبة، ماذا تكون؟

وأما نحن الآن فقلوبنا وأمتنا لاعبة، قطاعاتنا لاعبة؛ بل الآلاف المؤلفة من الأمة في لعب؛ فكم هو العمر؟

سبحان الله العظيم كيف يغتر الإنسان بهذه الحياة ويظن أن فيها فسحة لأن يلعب ويلهو، وأيضاً يعبد الله ويشيد ويبني! ولو فكَّر العاقل في هذه الحياة! لوجد أنه لا يوجد فيها متسع لعاقل أن يلهو عن ذكر الله حتى وهو في الطريق.

فلو أن الإنسان وهو ماشٍ في الطريق استغفر الله وحمده وأثنى عليه لكان ذلك خيراً كثيراً؛ لأن السنة -مثلاً- ثلاثمائة وأربعة وستون يوماً، واليوم مثل الدقيقة، والأسبوع مثل اليوم، والشهر مثل الأسبوع، والسنة مثل الشهر، فكل واحد عليه أن يحسب ذلك، فإن كان ممن كتب له الحياة فوصل إلى الستين أو تجاوزها إلى السبعين - وهذا قليل وخاصة في هذا الزمن - وإن كان في الثلاثين، أو الأربعين؛ فمعنى هذا أنه بقي في عمره عشرون أو ثلاثون سنة، فإن هذه كلها ستمر كلمح البصر.

فالحياة ليس فيها متسع حتى الخميس والجمعة لهو؛ فهذا تفرجة ولهو ولعب، وهذا جلوس مع اللاهين واللاعبين.

وأما اللعب في القرآن والسنة فإنه يشمل ما هو أعم من اللعب الذي نعيشه الآن، كما قال الله تعالى: أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ [الأعراف:98] أي: يلعبون ويلهون، حتى في تجارتهم التي تلهي عن ذكر الله، كما ذكر الله سبحانه في آخر سورة الجمعة تِجَارَةً أَوْ لَهْواً [الجمعة:11] ومعروف سبب نزولها.

فالمشكلة أننا الآن نعيش لعباً حقيقياً في كل مجال كالذين يلعبون الكرة، ويتفرجون في الألعاب، فانشغلنا عن ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وشغلنا أنفسنا بهذا الضياع، أي ضياع الأوقات-؛ وهذا أبعد ما يكون عن المؤمن الذي يخاف الله ويتقيه؛ ولهذا فالشاهد هنا أنه يظهر على هذا اللسان، مما يكسب الناس منه، فمن لم يفعل ذلك -أي: القول السديد- تفوته مغفرة الذنوب وصلاح الأعمال، ومن فاته ذلك؛ فماذا يريد؟!

وما فائدة وجوده في هذه الحياة الدنيا إذا لم تصلح أعماله ولم تغفر ذنوبه؟!!

نسأل الله تبارك وتعالى العفو والعافية فما فائدته؟

وما قيمته؟

وماذا يرجو؟!

متاع كمتاع البهائم ثم يضطر بعد ذلك إلى عذاب أليم والعياذ بالله!

ما القيمة إذاً؟ إن الغرض هو أن يتفكر الإنسان ذلك، فهذه الآية وكم من آيات في كتاب الله سبحانه تدلنا على أمر عظيم كهذا الأمر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

النسري 16-08-2004 04:15 AM

غيث القلوب!
 
بسم الله الرحمن الرحيم

غيث القلوب!
بقلم : عبداللطيف بن هاجس الغامدي

المؤمن الصالح كالغيث النافع لا تطيب الحياة إلاَّ به ، ولا يحلو العيش إلاَّ معه .
والناس في نفعهم لغيرهم على ضروب شتَّى ومنازل متفاوتة .
فمن الناس من خيره كماء الآبار المستقر في جوفها، لا تنال من خيره ولا تحصل على معروفه إلاَّ بالذهاب إليه، وإنزال دلوك فيه، وبذل المشقة في الحصول عليه .
ومن الناس من خيره كماء الأنهار الساري فوق وهادها والجاري في أوديتها، يدرك منفعته من يسري في أرضه ويجري على ثراه ومن يسعى إليه ويقف على ظفَّتيه .
ومن الناس من خيره كماء الغيث الذي يهمل فوق الوهاد ويهطل على الثنايا وينزل في كل واد، فينال منه السهل والجبل والمرتفع والمنخفض والبحر الأجاج وهامدات الفجاج .
فيحيي الله به الأرض بعد موتها، وتنشرح به الصدور بعد انقباضها، وينبت به الزرع الهامد، ويدر به الضرع الجامد، وتكتسي به الأرض زخرفها .
تفرح به البهائم وتحلو به النسائم، ولذا فالخلائق ترقبه والكائنات تنتظره، فإذا ما لاح برقه وصوَّت رعده وتلاحمت مزونه، ارتفعت الأيدي للمعيد المبدىء بأن يرسله من سمائه وينزله من عليائه.
فالغيث حيثما وقع .. نفع، فهو طاهر في ذاته ومطهر لغيره .
وهذا مثل العلماء والدعاة، فخيرهم متعدي لغيرهم، ونفعهم منبسط لسواهم، وفضلهم ليس حكرًا عليهم.
تعمر بهم المجالس، وتأنس بهم النفوس، وترتاح لهم الأرواح، فهم يعلمون الجاهل، وينبهون الغافل، ويذكرون الناسي، ويحذرون القاسي .
يذودون عن إسلامهم بنفوسهم، ويبذلون دنياهم لإعلاء دينهم، فإذا ما تلذذ أهل الدنيا بدنياهم، كانوا عنهم بمعزل، فلا لذَّة لهم في غير دينهم الذي ملك عليهم نفوسهم، وحكم بشرائعه وشعائره حركاتهم وسكناتهم .
فالناس في حاجة ملحة للعلماء والدعاة أكثر من حاجتهم لطعامهم وشرابهم، فحياة قلوبهم خير لهم من حياة قوالبهم، لو كانوا يفقهون !
وهل للأرض حياة دون ماء السماء؟!
وهل للقلوب حياة دون وحي السماء؟!
أجيبوا .. أيها العقلاء !
* لفته !
رعاكم مولاكم ياورثة الأنبياء ..
فما أجمل أثركم على الناس ! وما أقبح أثر الناس عليكم !
فلا تحزنوا .. ولا تركنوا ، فيوم الجزاء بين أيديكم !
وسلام الله عليكم !

النسري 17-08-2004 05:52 AM

لماذا تقسو قلوبنا؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم

لماذا تقسو قلوبنا؟


الحمد لله وحده/ والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

القلب يمرض كما يمرض البدن وشفاؤه التوبة، ويصدأ كما تصدأ المرآة وجلاؤه الذِكر، ويعرى كما يعرى الجسم وزينته التقوى، ويجوع كما يجوع البدن وطعامه وشرابه المعرفة والمحبة والتوكل والإنابة.

وأمراض القلب كثيرة وهي تختلف حسب نوع المؤثرات التي تحيط بالقلب، وكلما قويت المؤثرات على القلب كلما قوي المرض واشتد حتى يغلف ويُطمس ويقفل ويطبع عليه ويزيغ عن الحق، وعندها تكون حالة موت القلب التي هي أسوأ الحالات؛ لأنها تنقل صاحبها من الإيمان إلى الكفر، وتجعله في مرتبة البهائم والعياذ بالله.

ومن أشد هذه الأمراض التي تصيب القلوب مرض قسوة القلب، وهو مرض خطير تنشأ عنه أمراض، وتظهر له أعراض، ولا يسلم من ذلك إلا من سلمه الله وأخذ بالأسباب، وتظهر خطورة هذا المرض من خلال هذه الآيات، يقول تعالى{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}(البقرة: 74)، ويقول سبحانه {وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} الأنعام:43 ويقول {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّه} (الزمر: 22)، ويقول {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} (الحديد 16) وأبعد القلوب من الله القلب القاسي.

فتعال لنقف على مظاهر هذا المرض وأسبابه وطرق علاجه.

مظاهر قسوة القلب

لقسوة القلب أعراض ومظاهر تدل عليها، وهي تتفاوت من حيث خطورتها وأثرها على صاحبها، ومن أهم هذه المظاهر:

1- التكاسل عن الطاعات وأعمال الخير وخاصة العبادات:
وربما يفرط في بعضها، فالصلاة يؤديها مجرد حركات لا خشوع فيها، بل يضيق بها كأنه في سجن يريد قضائها بسرعة، كما أنه يتثاقل عن أداء السنن والنوافل، ويرى الفرائض والواجبات التي فرضها الله عليه كأنها أثقال ينوء بها ظهره فيسرع ولسان حاله يقول: أرتاح منها، وقد وصف الله المنافقين فقال : { وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ} ( التوبة : 54) وقال : { وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى } ) النساء : 14) .

2- عدم التأثر بآيات القرآن الكريم والمواعظ :
فهو يسمع آيات الوعد والوعيد فلا يتأثر ولا يخشع قلبه ولا يخبت ، كما أنه يغفل عن قراءة القرآن ، وعن سماعه ويجد ثقلاً وانصرافاً عنه ، مع أن الله تعالى يقول : { فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } ( ق : 45) ومدح الله المؤمنين بقوله : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } (الأنفال : 2).

3- عدم تأثره بشيء مما حوله من الحوادث كالموت والآيات الكونية :
والعجائب التي تمر عليه بين حين وآخر ، فهو لا يتأثر بالموت ولا بالأموات ، ويرى الأموات ويمشي في المقابر وكأن شيئاً لم يكن ، وكفى بالموت واعظاً ، قال تعالى { أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ } (التوبة:126).

4- يزداد ولعه بملذات الدنيا ويؤثرها على الآخرة :
فتصبح الدنيا همه وشغله الشاغل ، وتكون مصالحه الدنيوية ميزاناً في حبه وبغضه وعلاقاته مع الناس ؛ فيكون في الحسد والأنانية والبخل والشح .

5- يضعف فيه تعظيم الله جل جلاله : وتنطفئ الغيرة ، وتقل جذوة الإيمان ، ولا يغضب إذا انتهكت محارم الله ، فيرى المنكرات ولا تحرك فيه ساكناً ، ويسمع الموبقات وكأن شيئاً لم يكن ، لا يعرف معروفاً ، ولا ينكر منكراً ، ولا يبال بالمعاصي والذنوب .

6- الوحشة التي يجدها صاحب القلب القاسي :
وضيق الصدر والشعور بالقلق والضيق بالناس ، ولا يكاد يهنأ بعيش أو يطمأن ؛ فيظل قلقاً متوتراً من كل شيء .

7- أن المعاصي تزرع أمثالها :
ويولد بعضها بعضاً حتى يصعب عليه مفارقتها ، وتصبح من عاداته .

أسباب قسوة القلب

لقسوة القلب أسباب كثيرة ومتعددة وبعضها أكثر خطورة من الآخر، وتزداد القسوة كلما تعددت الأسباب، ولعل أهم هذه الأسباب ما يلي :

1- تعلق القلب بالدنيا والركون إليها ونسيان الآخرة :
وهذا من أعظم الأسباب التي تقسي القلوب، فإن حب الدنيا إذا طغى على قلب الآخر تعلق القلب بها، وضعف إيمانه شيئاً فشيئاً حتى تصبح العبادة ثقيلة مملة، ويجد لذته وسلواه في الدنيا وحطامها حتى ينسى الآخرة أو يكاد، ويغفل عن هادم اللذات، ويبدأ عنده طول الأمل، وما اجتمعت هذه البلايا في شخص إلا أهلكته .

والدنيا شعب ٌ ما مال القلب إلى واحد منها إلا استهواه لما بعده ، ثم إلى ما بعده حتى يبتعد عن الله عز وجل ، وعندها تسقط مكانته عند الله ، ولا يبالي الله في أي وادي من أودية الدنيا هلك والعياذ بالله .

إن هذا العبد نسي ربه وأقبل على الدنيا مجلاً لها ومكرما ، فعظم ما لا يستحق التعظيم ، واستهان بما يستحق التعظيم والإجلال والتكريم ، فلذلك كانت عاقبته من أسوأ العواقب.

يقول أحد السلف : (( ما من عبد إلا وله عينان في وجه يبصر بهام أمر الدنيا، وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الآخرة، فإذا أردا الله بعبد خيراً فتح العينين اللتين في قلبه، فأبصر بهما ما وعد الله بالغيب ، وإذا أردا به غير ذلك تركه على ما فيه، ثم قرأ { أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } ( محمد:24).

2- الغفلة:
وهي داءٌ وبيل ٌ، ومرض خطير إذا استحوذ على القلوب، وتمكن من النفوس، واستأثر على الجوراح والأبدان أدى إلى انغلاق كل أبواب الهداية، وحصول الطبع والختم على القلوب { أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} ( النحل : 108).

يقول ابن القيم –رحمه الله- واصفاً حال أكثر الخلق : (( ومن تأمل حال هذا الخلق وجدهم كلهم إلا قليل ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى، واتبعوا أهواءهم، وصارت أمورهم ومصالحهم فرطا، إي فرطوا فيما ينفعهم ويعود بصالحهم، واشتغلوا بما لا ينفعهم بل يعود بضررهم عاجلاً و آجلاً )) اهـ .

وأخبر الله تعالى عن أصحاب الغفلة أنهم أصحاب قلوب قاسية لا ترق ولا تلين ، ولا تنفع بشيء من الموعظة ، فهي كالحجارة أو أشد قسوة ، ولهم أعين يشاهدون بها ظواهر الأشياء ، ولكنهم لا يبصرون بها حقائق الأمور ، ولا يميزون بها بين المنافع والمضار ، ولهم آذان يسمعون بها الباطل كالكذب والغناء والفحش والغيبة والنميمة ن ولا ينتفعون بها في سماع الحق من كاتب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فأنى لهؤلاء الفوز والنجاة وتلك حالهم ، وأنى لهم الهدى والإستقامة وتلك طريقتهم يقول سبحانه : {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } ( الأعراف :179)

3- مصاحبة أصدقاء السوء ، والجلوس في الأجواء الفاسدة : وهذا السبب من أكثر الأسباب تأثيراً ، وذلك لأن الإنسان سريع التأثر بمن حوله ، فالشخص الذي يعيش في وسط يعجُ بالمعاصي والمنكرات ، ويجالس أناساً أكثر حديثهم عن اللذات المحرمة والنساء، ويكثرون المزاح والضحك والنكات وسماع الغناء ورؤية المسلسلات، هذا الشخص لا بد أن يتأثر بهؤلاء الجلساء وطبعه يسرق من طبعهم، فيقسو قلبه ويغلط، ويعتاد على هذه المنكرات.

4- كثرة الوقوع في المعاصي والمنكرات بحيث تصبح شيئاً مألوفا:
فإن المعصية ولو كانت صغير تمهد الطريق لأختها حتى تتابع المعاصي ويهون أمرها، ولا يدرك صاحبها خطرها، وتتسرب واحدة وراء الأخرى إلى قلبه، حتى لا يبالي بها، ولا يقدر على مفارقتها ويطلب ما هو أكثر منها، فيضعف في قلبه تعظيم الله وتعظيم حرماته، كما أنها تضعف سير القلب إلى الله والدار الآخر وتعوقه أو توقفه فلا تدعه يخطوا إلى الله خطوة، فالذنب يحجب الواصل، ويقطع السائر، وينكس الطالب، ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم ((إن العبد إذا أذنب ذنباً نكت في قلبه نكتة سوداء، فإذا تاب ونزع واستغفر صُقل قلبه، وإن زاد زادت حتى تعلوا قلبه، فذلك الران الذي ذكره الله عز وجل {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (المطففين: 14) [رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني]

5- نسيان الموت وسكراته، والقبر وأهواله:
وعذابه ونعيمه، ووضع الموازين، ونشر الدواوين، والمرور على الصراط، ونسيان النار وما أعد الله فيها لأصحاب القلوب القاسية.

6- الاشتغال بما يفسد القلب ويقسيه:
ومفسدات القلب خمسة ذكرها ابن القيم وهي كثرة الخلطة، وركوب بحر التمني، والتعلق بغير الله، وكثرة الطعام، وكثرة النوم.

علاج قسوة القلب

والآن بعد أن وقفنا على مظاهر هذا الداء وأسبابه، وفحصنا المرض، نقف على سُبل علاجه، السُبل التي تجعله رقيقاً منكسراً خاشعاً لخالفه عز وجل، يُقبل على الله بعد أن كان معرض عنه، ويقف عند حدوده بعد أن كان مجترئاً عليها.

إن نعمة رقة القلب من أجل النعم وأعظمها، وما من قلب يُحرم هذه النعمة إلا كان صاحبه موعوداً بعذاب الله فقد قال سبحانه { فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ } (الزمر:22)، وما رق قلب لله وانكسر إلا كان صاحبه سابقاً إلى الخيرات، شمراً إلى الطاعات، أحرص ما يكون على طاعة الله ومحبته، وأبعد ما يكون من معاصيه.

يتبــــــــــع...........>

النسري 17-08-2004 05:59 AM

لماذا تقسو قلوبنا؟
 
تابـــــــــعــــــ..........لماذا تقسو قلوبنا؟.......>

وها هي بعض الأمور التي تزيل القسوة عن قلبك، وتجعله رقيقاً منكسراً لخالقه ومولاه:

1- المعرفة بالله تعالى:
فمن عرف ربه حق المعرفة رق لبه، ومن جهل ربه قسا قلبه، وما وجدت قلباً قاسياً إلا وجدت صاحبه أجهل العباد بالله عز وجل وأبعدهم عن المعرفة به، وكلما عظم الجهل بالله كلما كان العبد أكثر جرأة على حدوده ومحارمه، وكلما وجدت الشخص يديم التفكير في ملكوت الله، ويتذكر نعم الله عليه التي لا تعد ولا تحصى، كلما وجدت في قلبه رقة.

2- تذكر الموت وما بعده:
من سؤال القبر وظلمته ووحشته وضيقه، وأهوال الموت وسكراته، ومشاهدة أحوال المحتضرين وحضور الجنائز، فإن هذا مما يوقظ النفس من نومها، ويوقفها من رقدها، وينبهها من غفلتها، فتعود إلى ربها وترق، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بذكر الموت فيقول: ((أكثروا ذكر هادم اللذات الموت، فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه، ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه)) (رواه البيهقي وحسنه الألباني) ويقول سعيد بن جبير رحمه الله : لو فارق ذكر الموت قلبي لخشيت أن يفسد علي قلبي.

3- زيارة القبور والتفكر في حال أهلها:
وكيف صارت أجسادهم تحت التراب وكيف كانوا يأكلون ويتمتعون ويلبسون مالذ وطاب فأصبحوا تراباً في قبورهم ، وتركوا ما ملكوا من أموال وبنين، ويتذكر أنه قريباً سيكون بينهم، وأن مآله هو مآلهم، ومصيره هو مصيرهم، فزيارة القبور عظة وعبرة، وتذكير وتنبيه لأهل الغفلة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها؛ فإنها ترق القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة، ولا تقولوا هُجراً )) ( رواه الحاكم وصححه الألباني )، ومن نظر إلى القبور وإلى أحوال أهلها انكسر قلبه ورق، وذهب ما به من القسوة، وأقبل على ربه إقبال صدق وإخبات.

4- النظر في آيات القرآن الكريم:
والتفكر في وعده ووعيده وأمر ونهيه، فما قرأ عبد القرآن وكان عند قراءته حاضر القلب مفكراً متأملاً إلا وجدت عينه تدمع، وقلب يخشع، ونفسه تتوهج إيماناً من أعماقها تريد السير إلى ربها، وما قرأ عبد القرآن أو استمع إلى آياته إلا وجدته رقيقاً قد خفق قلبه واقشعر جلده من خشية الله {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (23) سورة الزمر.

5- تذكر الآخرة والتفكر في القيامة وأهوالها:
والجنة وما أعد الله فيها للطائعين من النعيم المقيم، والنار وما أعد الله فيها للعاصين من العذاب المقيم، فإن ذلك يذهب النوم عن الجفون، ويحرك الهمم الساكنة والعزائم الفاترة، فتقبل على ربها إقبال المنيب الصادق، وعندها يرق القلب.

6- الإكثار من الذكر والاستغفار:
فإن للقلب قسوة لا يذيبها إلى ذكر الله تعالى، فينبغي للعبد أن يداوي قسوة قلبه بذكر الله تعالى، وقد قال رجل للحسن : يا أبا سعيد أشكو إليك قسوة قلبي. قال: أذِبه بالذكر. وهذا لأن القلب كلما اشتدت به الغفلة اشتدت به القسوة، فإذا ذكر الله تعالى ذابت تلك القسوة كما يذوب الرصاص في النار ن فما أذيبت قسوة القلب بمثل ذكر الله تعالى . يقول ابن القيم رحمه الله:((صدأ القلب بأمرين: بالغفلة والذنب، وجلاؤه بشيئين بالاستغفار والذكر...)).

7- زيارة الصالحين وصحبتهم ومخالطتهم والقرب منهم:
فهم يأخذون بيدك إن ضعفت، ويذكرونك إذا نسيت، ويرشدونك إذا جهلت، إن افتقرت أغنوك، وإن دعوا الله لم ينسوك، ورؤيتهم تذكر بالله وتعين على الطاعة، قال تعالى {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا }( الكهف : 28) ويقول جعفر بن سليمان : كنت إذا وجدت من قلبي قسوة غدوت فنظرت إلى وجه محمد بن واسع.

8- مجاهدة النفس ومحاسبتها ومعاتبتها :
فإن الإنسان إذا لم يجاهد نفسه ويحاسبها ويعاتبها وينظر في عيوبها، ويتهمها بالتقصير لا يمكن أن يدرك حقيقة مرضها، وإذا لم يعرف حقيقة المرض فكيف يتمكن من العلاج ؟! لهذا لا بد من تذكير النفس بضعفها وافتقارها إلى خالقها، وإيقاظها من غفلتها، وتعريفها بنعم الله عليها، ومراقبتها ومحاسبتها على كل صغيرة وكبيرة حتى يسهل عليه قيادها والتحكم فيها.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا قلوباً خاشعة، وألسنة ذاكرة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

النسري 18-08-2004 02:45 AM

مفسدات القلب
 
بسم الله الرحمن الرحيم

مفسدات القلب


قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: وأما مفسدات القلب الخمسة فهي التي أشار إليها من كثرة الخلطة، والتمني، والتعلق بغير الله، والشبع، والمنام. فهذه الخمسة من أكبر مفسدات القلب.

المفسد الأول: كثرة المخالطة:
فأما ما تؤثره كثرة الخلطة: فامتلاء القلب من دخان أنفاس بني آدم حتى يسود، ويوجب له تشتتا وتفرقا وهما وغما، وضعفا، وحملا لما يعجز عن حمله من مؤنة قرناء السوء، وإضاعة مصالحه، والاشثغال عنها بهم وبأمورهم، وتقسم فكره في أودية مطالبهم وإراداتهم. فماذا يبقى منه لله والدار الآخرة؟

هذا، وكم جلبت خلطة الناس من نقمة، ودفعت من نعمة، وأنزلت من محنة، وعطلت من منحة، وأحلت من رزية، وأوقعت في بلية. وهل آفة الناس إلا الناس؟

وهذه الخلطة التي تكون على نوع مودة في الدنيا، وقضاء وطر بعضهم من بعض، تنقلب إذا حقت الحقائق عداوة، ويعض المخلط عليها يديه ندما، كما قال تعالى: ويوم يعض الظالم على يديه يقول يليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، ياويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني [الفرقان:27-29] وقال تعالى: الأخلآء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين [الزخرف:67]، وقال خليله إبراهيم لقومه: إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين [العنكبوت:25]، وهذا شأن كل مشتركين في غرضك يتوادون ما داموا متساعدين على حصوله، فإذا انقطع ذلك الغرض، أعقب ندامة وحزناً وألماً وانقلبت تلك المودة بغضاً زلعنة، وذماً من بعضهم لبعض.

والضابط النافع في أمر الخلطة: أن يخالط الناس في الخير كالجمعة والجماعة، والأعياد والحج، وتعلم العلم، والجهاد، والنصيحة، ويعتزلهم في الشر وفضول المباحات.

فإن دعت الحاجة إلى خلطتهم في الشر، ولم يمكنه اعتزالهم: فالحذر الحذر أن يوافقهم، وليصبر على أذاهم، فإنهم لابد أن يؤذوه إن لم يكن له قوة ولا ناصر. ولكن أذى يعقبه عز ومحبة له، وتعظيم وثناء عليه منهم، ومن المؤمنين، ومن رب العالمين، وموافقتهم يعقبها ذل وبغض له، ومقت، وذم منهم، ومن المؤمنين، ومن رب العالمين. فالصبر على أذاهم خير وأحسن عاقبة، وأحمد ما لا.

وان دعت الحاجة إلى خلطتهم في فضول المباحات، فليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعة لله إن أمكنه.

المفسد الثاني من مفسدات القلب: ركوبه بحر التمني:
وهو بحر لا ساحل له. وهو البحر الذي يركبه مفاليس العالم، كما قيل: إن المنى رأس أموال المفاليس. فلا تزال أمواج الأماني الكاذبة، والخيالات الباطلة، تتلاعب براكبه كما تتلاعب الكلاب بالجيفة، وهي بضاعة كل نفس مهينة خسيسة سفلية، ليست لها همة تنال بها الحقائق الخارجية، بل اعتاضت عنها بالأماني الذهنية. وكل بحسب حاله: من متمن للقدوة والسلطان، وللضرب في الأرض والتطواف في البلدان، أو للأموال والأثمان، أو للنسوان والمردان، فيمثل المتمني صورة مطلوبة في نفسه وقد فاز بوصولها والتذ بالظفر بها، فبينا هو على هذا الحال، إذ استيقظ فإذا يده والحصير!!

وصاحب الهمة العلية أمانيه حائمة حول العلم والإيمان، والعمل الذي يقربه إلى الله، ويدنيه من جواره. فأماني هذا إيمان ونور وحكمة، وأماني أولئك خداع وغرور.

وقد مدح النبي متمني الخير، وربما جعل أجره في بعض الأشياء كأجر فاعله.

المفسد الثالث من مفسدات القلب: التعلق بغير الله تبارك وتعالى:
وهذا أعظم مفسداته على الإطلاق.
فليس عليه أضر من ذلك، ولا أقطع له عن مصالحه وسعادته منه، فإنه إذا تعلق بغير الله وكله الله إلى ما تعلق به. وخذله من جهة ما تعلق به، وفاته تحصيل مقصوده من الله عز وجل بتعلقه بغيره، والتفاته إلى سواه. فلا على نصيبه من الله حصل، ولا إلى ما أمله ممن تعلق به وصل. قال الله تعالى: واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا ، كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا [مريم:81-82]، وقال تعالى: واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون [يس:74-75].

فأعظم الناس خذلانا من تعلق بغير الله. فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه أعظم مما حصل له ممن تعلق به، وهو معرض للزوال والفوات. ومثل المتعلق بغير الله: كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت، أوهن البيوت.

وبالجملة: فأساس الشرك وقاعدته التي بني عليها: التعلق بغير الله. ولصاحبه الذم والخذلان، كما قال تعالى: لا تجعل مع الله إلاها أخر فتقعد مذموما مخذولا [الإسراء:22] مذموما لا حامد لك، مخذولا لا ناصر لك. إذ قد يكون بعض الناس مقهوراً محموداً كالذي قهر بباطل، وقد يكون مذموماً منصوراً كالذي قهر وتسلط بباطل، وقد يكون محموداً منصوراً كالذي تمكن وملك بحق. والمشرك المتعلق بغير الله قسمه أردأ الأقسام الأربعة، لا محمود ولا منصور.

المفسد الرابع من مفسدات القلب: الطعام:
والمفسد له من ذلك نوعان:

أحدهما: ما يفسده لعينه وذاته كالمحرمات. وهي نوعان:

محرمات لحق الله: كالميتة والدم، ولحم الخنزير، وذي الناب من السباع والمخلب من الطير.

ومحرمات لحق العباد: كالمسروق والمغصوب والمنهوب، وما أخذ بغير رضا صاحبه، إما قهرا وإما حياء وتذمما.

والثاني: ما يفسده بقدره وتعدي حده، كالإسراف في الحلال، والشبع المفرط، فإنه يثقله عن الطاعات، ويشغله بمزاولة مؤنة البطنة ومحاولتها حتى يظفر بها، فإذا ظفر بها شغله بمزاولة تصرفها ووقاية ضررها، والتأذي بثقلها، وقوى عليه مواد الشهوة، وطرق مجاري الشيطان ووسعها، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم. فالصوم يضيق مجاريه ويسد طرقه، والشبع يطرقها ويوسعها. ومن أكل كثيرا شرب كثيرا فنام كثيرا فخسر كثيرا. وفي الحديث المشهور: { ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه. فإن كان لابد فاعلا فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه } [رواه الترمذي وأحمد والحاكم وصححه ا لألبا ني].

المفسد الخامس: كثرة النوم:
فإنه يميت القلب، ويثقل البدن، ويضيع الوقت، ويورث كثرة الغفلة والكسل. ومنه المكروه جدا، ومنه الضار غير النافع للبدن.

وأنفع النوم: ما كان عند شدة الحاجة إليه. ونوم أول الليل أحمد وأنفع من آخره ، ونوم وسط النهار أنفع من طرفيه. وكلما قرب النوم من الطرفين قل نفعه، وكثر ضرره، ولاسيما نوم العصر. والنوم أول النهار إلا لسهران.

ومن المكروه عندهم: النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس؟ فإنه وقت غنيمة، وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزية عظيمة حتى لو ساروا طول ليلهم لم يسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمس، فإنه أول النهار ومفتاحه، ووقت نزول ا لأرزاق، وحصول القسم، وحلول البركة. ومنه ينشأ النهار، وينسحب حكم جميعه علي حكم تلك الحصة. فينبغي أن يكون نومها كنوم المضطر.

بالجملة فأعدل النوم وأنفعه: نوم نصف الليل الأول، وسدسه الأخير، وهو مقدار ثماني ساعات. وهذا أعدل النوم عند الأطباء، وما زاد عليه أو نقص منه أثر عندهم في الطبيعة انحرافا بحسبه.

ومن النوم الذي لا ينفع أيضا: النوم أول الليل، عقيب غروب الشمس حتى تذهب فحمة العشاء. وكان رسول الله يكرهه. فهو مكروه شرعا وطبعا. والله المستعان.

اللهم علق قلوبنا برجاءك واقطع رجاءنا عمن سواك
اللهم اجعلنا نحبك بقلبنا كله , ونرضيك بجهدنا كله
وصلى الله على سيد الأولين والآخرين.

النسري 24-08-2004 06:48 AM

من أي القلوب قلبك ؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم

من أي القلوب قلبك ؟
:heartpump:heartpump:heartpump:heartpump:heartpump

أحمد بن محمد جعفري


الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
فإن القلب هو وعاء الأعمال ، وهو الموجّه والمخطّط والمتصرّف ، وهو محل المعارف ،
به يعرف العبد ربّه ومولاه ، وأسماءه وصفاته ، وبه يتدبر آياته الشرعية والكونية ، وهو المطية التي يقطع بها العبد سفر الآخرة ، جعله الله محلَّ نظره من عباده كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم " رواه مسلم
ولهذا كان صلاح القلب وسلامته واستقامته رأس كل خير ، وسبب كل فلاح في الدنيا والآخرة ، كما أن فساده وقسوته رأس كل شر ، وسبب كل ضياع .
والقلب كالجسد ، فهو يصح ويمرض ، ويجوع ويشبع ، ويسعد ويشقى ، ويكسى ويعرى ، وكل ذلك بحسب نوع المؤثرات التي تحيط به ، ولهذا كانت القلوب ثلاثة :
الأول : القلب السليم : وهو الذي تمكَّن فيه الإيمان ، وأصبح عامراً بحب الله ورسوله ، وهو الذي سَلِمَ من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه ، ومن كل شبهة تعارض خبره ، وهو الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به ، كما قال تعالى : ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) .
الثاني : القلب الميت : وهو ضد الأول ، فلا حياة فيه ، وصاحبه لا يعرف ربَّه ، ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه ، بل هو واقف مع شهواته ولذاته ، منقاد لها ، أعمى يتخبط في طريق الضلالة ، إن أحب أو أبغض فلهواه ، وإن أعطى أو منع فلهواه ، فهواه مقدِّم عنده على رضا مولاه.
الثالث : القلب المريض : وهو الذي غزته الشبهات والشهوات حتى شغلته عن حب الله ورسوله ، فأصبح معتلاً فاسداً ، وهو قلب له حياة وبه مرض ، وهو لما غلب منهما ، إن غلب عليه مرضه التحق بالقلب الميت ، وإن غلبت عليه صحته التحق بالقلب السليم .

أسباب قسوة القلب
1- البعد عن طاعة الله والاشتغال بمعصيته .
2- التعلق بالدنيا والحرص عليها ، وطول الأمل .
3- نسيان الآخرة وما فيها من النعيم .
4- الاشتغال بما يفسد القلب ، ومفسدات القلب خمسة هي : كثرة المخالطة ، والأماني الباطلة ، والتعلق بغير الله ، وكثرة الطعام ، وكثرة النوم .
5- التكاسل عن أداء الطاعات وإضاعتها .
6- عدم التأثر بآيات القرآن ، لا بوعده ولا بوعيده .
7- الغفلة ، وهي داء وبيل ، ومرض خطير .
8- مصاحبة أصدقاء السوء والجلوس في الأجواء الفاسدة .
9- نسيان الموت وسكراته ، والقبر وأهواله .

علاج قسوة القلب1- الاشتغال بذكر الله جل وعلا وملازمة الاستغفار .
2- النظر في آيات القرآن والتفكر في وعده ووعيده ، وأمره ونهيه .
3- تذكر الآخرة والتفكر في القيامة وأهوالها والجنة والنار .
4- الخلوة بالنفس ومحاسبتها ومجاهدتها .
5- البعد عن مخالطة أصدقاء السوء ، والحرص على مجالسة الصالحين .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

الوافـــــي 27-08-2004 06:29 AM

أخي الكريم / النسري

بارك الله فيك وفي جهدك
فقد جعلت هذا الموضوع مرجعا يمكن الإستعانة به
أسأل الله لي ولك التوفيق والسداد

تحياتي

:)

النسري 13-09-2004 07:09 AM

" وألف بين قلوبهم "
 
" وألف بين قلوبهم "

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد :
فقبل أن تشرق شمس هذا الدين العظيم على البشرية كانت الأنفس تعيش في وهدة الأنانيات فالعلاقات بينها قائمة على أساس مصلحي يخاطب "الأنا" في حدودها الضيقة وإطاراتها المغلقة فالحب عندها على أساس عصبي أو قبلي أو مادي لا يجاوز منتهاه حدود الذات اللاهثة خلف ما يعود عليها دون اكتراث بالآخرين.

كانت النفوس قبل الإسلام ضيقة العطن ، محدودة الاهتمامات، تحب لعصبة وتبغض لعصبة وتفرح لعصبة وتغضب لعصبة ، توالي من أجل المال وتعادي من أجل المنصب ، وهكذا تراوح مكانها حتى اختلط الحق بالباطل وظهر الباطل على الحق فلاترى إلا علاقات ملؤها التجاذب والتنافر على أساس من المصلحة بغيض فسبحان الله العظيم كيف كانت الشقوة مستحكمة على النفوس قبل انبلاج نور الإسلام؟؟

لما جاء هذا الدين العظيم تبسم وجه الكون ضاحكا ، وتهلل جبين البشرية من بعد كدرة الجاهلية وظلمة الشرك ، وحينها أشرقت الأرض بنور ربها ، وحلقت الأنفس إلى فضاء رحب من العلاقات التي لم تعرف البشرية لها نظيرا طوال تاريخها ، لقد انتقل البشر إلى معنى جديد وإلى مفهوم جديد في باب العلاقات الإنسانية.

لقد أصبح التجاذب والتنافر على أساس من الدين والتقوى ، فلا نقرب إلا من قربه الله ورسوله ، ولا نبعد إلا من أبعده الله ورسوله ، وأصبحت وشيجة الدين فوق كل الوشائج وعلاقة الإسلام تسمو فوق كل العلائق فصهيب الرومي أخ لبلال الحبشي ، وسلمان الفارسي أخ لعمر بن الخطاب القرشي وهكذا في صورة إيمانية لم يحققها للبشرية سوى دين الإسلام.

لم يعد مقياس المحبة مقياسا ماديا دنيويا ، بل أصبح المقياس مقياسا أخرويا وشرعيا ، أس أساسه الدين ، ولب لبابه محبة رب العالمين ولهذا تلاقت الأرواح على أساسه لقاءا لاينزعه نازع ولا يجذبه جاذب لأن القاعدة صلبة ومتجذرة في القلوب.

جاء هذا الدين ليعلم أتباعه أن الحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان ، وأن الألفة التي ألف الله بها بين قلوب عباده هي من أجل النعم التي تستحق من العبد شكرا دائما ومستمرا ( وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم) – (الأنفال آية 63).

إنهم عباد الله عزوجل أهل الإيمان والإسلام والدين والتقوى يجمعهم حب الله عزوجل ، وتجمعهم أخوة الدين متمثلين في ذلك وصية نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري وأبو داوود والترمذي ومالك " وكونوا عباد الله إخوانا " .

يقول القرطبي رحمه الله تعالى تعليقا على هذا الحديث : " أي اكتسبوا ماتصيرون به كإخوان النسب في الشفقة والرحمة والمواساة والمعاونة والنصيحة ".

إنه حب سر جماله أنه يرفض الأنانية ويسمو فوق المصالح الشخصية ، وكمال إيمان العبد فيه أن يحب لأخيه المسلم مايحبه لنفسه من الخير كما في الحديث الصحيح " والذي نفسي بيده لايؤمن عبد حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه من الخير" – صحيح الجامع برقم 7085- فأين مكان الأنانية في قلب عبد يستشعر هذا المعنى السامي من معاني الأخوة في الله ويطبقه في حياته .

إن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يشيع معنى الحب في الله بين صحابته يربي الأمة من بعدهم على أن هذا الحب لامكان فيه للأثرة الضيقة ومما يجسد ذلك المعنى هذا الدعاء الذي دعا به نبينا صلى الله عليه وسلم ورواه لنا الإمام مسلم في صحيحه : " أللهم أبغني حبيبا هو أحب إلي من نفسي " الله أكبر الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب حبيبا يكون أحب إليه من نفسه ؟

لاشك أن حلاوة الإيمان لا تكتمل لعبد إلا بتحقيق هذه الخصلة الحميدة ففي الحديث يقول عليه الصلاة والسلام : " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لايحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار" رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.

لقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم جميعا هذا المعنى فهما دقيقا فسعوا إلى تحقيقه بكل مايملكون من وسيلة وذلك لما يرون فيه من الأجر العظيم الذي يحتسبونه عند الله عزوجل ولهذا نجد صحابيا كأبي هريرة مثلا يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بأن يحبب الله إليه المؤمنين ويحبب المؤمنين فيه وفي أمه فيجيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك ويهتف داعيا " أللهم حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين" رواه الإمام مسلم .

والله إننا محتاجون إلى التنافس في هذا الباب العظيم ومحتاجون إلى تصحيح أوضاعنا مع مسألة الأخوة في الله ذلك لأن أعداء الدين يعلمون جيدا أن هذه القضية سر من أسرار قوة المسلمين ولهذا فهم يحرصون على طمس معالمها بين المؤمنين ونشر ضدها من العلاقات الإقليمية والوطنية والجغرافية والعشائرية بعيدا عن روح الدين التي تجعل المسلم في أقصى الشرق يتألم لما يحصل لإخوانه في أقصى الغرب.

إنه باب عظيم يفتح الله به على من يشاء من عباده فلننطلق إليه فإن أخوة الدين تنادينا فلنجب ندائها ولنكن من روادها.

ماجد بن محمد الجهني

مبلغ 13-09-2004 08:38 AM

النسري لقد بذلت جهداً كبير في هذا الطرح فأسأل الله الكريم أن يجعله في ميزان حسناتك و أن يزيدك علما...

أخي الكريم عندي ملاحظة أرجو ان تتنبه لها بارك الله فيك ..

قد نشرت التالي في موضوع القلب:
-أن الله أمر بتطهير القلب. قال تعالى(وثيابك فطهر) الثياب القلب.
والحق أن الثياب هي الثياب والقلب هو القلب..
بارك الله فيك واتمنى للجميع التوفيق


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.