أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   خيمة الأسرة والمجتمع (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=21)
-   -   علموا ابناءكم الحياة ...!!! (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=45369)

الوافـــــي 26-05-2005 02:41 AM

علموا ابناءكم الحياة ...!!!
 
علموا ابناءكم الحياة

درسات تربوية
من تأليف الأستاذ / حامد الحمداني



توطئة

شهدت الأساليب التربوية في عصرنا الحاضر تطورات هامة جعلت المدرسة الحديثة تقوم على أساس تفهم حاجات التلاميذ ومشاكلهم ، وأصبح جلّ اهتمامها حل هذه المشاكل بأسلوب تربوي صحيح وإشباع تلك الحاجات ، إنها تهدف إلى تربية أبنائنا اجتماعياً و أخلاقياً وعاطفياً ، والعمل على تهيئة كل الوسائل والسبل لنمو أفكارهم وشخصياتهم بصورة تؤهلهم للوصول إلى الحقائق بذاتهم وبذلك يكونون عناصر فعالة ومحركة في المجتمع .
إنها تهدف كذلك إلى إذكاء أنبل الصفات والمثل الإنسانية العليا في نفسية الأجيال الصاعدة، وجعلهم يدركون حاجات المجتمع ، ويتفاعلون معه ، من أجل تحقيق تلك الحاجات ، وبالتالي تطوير المجتمع ورقيه وسعادته .
وعلى هذا الأساس نجد أن المربي وليس المناهج الدراسية والكتب المقررة للدراسة هي العناصر الفعالة والحاسمة في تحقيق ما تصبوا إليه المدرسة والمجتمع .

[إن الاتصال عقلا بعقل ، ونفساً بنفس ، وشخصية بشخصية ]كما يقول المربي الكبير[ قستنطين زريق] ، لهو لب التربية ، فالمربي يستطيع أن يؤثر إلى حد بعيد بأبنائه ، وهذا التأثير ونوعيته ، ومدى فائدته يتوقف على المربي ذاته ، على ثقافته ، وقابليته ، وأخلاقه ، ومدى إيمانه بمهمة الرسالة التي يحملها ، وعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه ، فأن كل أعمالنا وسلوكنا وأخلاقنا تنعكس تماماً على أبنائنا الذين نقوم بتربيتهم سواء في البيت أم المدرسة ، لأن كلاهما يكمل بعضه بعضا ، ولاشك أن البيت هو المدرسة الأولى ، وأن الأم هي المربية الأولى التي أجاد في وصفها الشاعر الكبير معروف الرصافي عندما قال :

الأمُ مدرسةٌ إذا أعـددتها =أعددتَ شعباً طيبَ الأعراقِ
الأمُ أستاذُ الأساتذةُ الأولى = شَغلتْ مآثُرها مـدى الآفاقِ
<******>doPoem(0)
إنه لمن المؤسف حقاً أن الكثير من المربين لم يدركوا هذه الحقيقة ، ولا زالوا يسلكون تلك الأساليب التربوية البالية التي لا تهتم إلا بتلقين أبنائهم مبادئ القراءة والكتابة والمناهج النظرية المقررة في المدارس ، أما مشاكل الأبناء ، وأساليب حلها والتغلب عليها ، فتلك مسائل ثانوية في نظرهم ، وفي اغلب الأحيان يلجأ الأهل إلى استعمال العنف والقمع مع أبنائهم كوسيلة للتربية ، فهل تحقق هذه الأساليب القسرية ما نصبو إليه نحو أجيالنا الصاعدة ؟ وبكل تأكيد أجيب كلا وألف كلا ، أن هذه الأساليب لا تؤدي إلا إلى عكس النتائج المرجوة .
أن علينا كأباء ومربين أن ننبذ هذه الأساليب بشكل مطلق ، ونعمل على دراسة وتفهم حاجات ومشاكل أبنائنا والأسباب المؤدية لتلك المشاكل وسبل حلها .

إن أبنائنا الذين يمثلون اليوم نصف المجتمع ، والذين سيكونون كل المستقبل ،هم بحاجة ماسة وضرورية لتأمين الظروف النفسية والاجتماعية السليمة لتنشئتهم وإعدادهم لهذا المستقبل الذي ينتظرهم ، إنهم بحاجة للرعاية العائلية الحقيقية الفاعلة ، حيث ينبغي أن يجد الأطفال حولهم القيم السامية، والقدوة الحسنة ، والمثل الإنسانية العليا في محيطهم العائلي ، وخاصة في مرحلة المراهقة ، والتي تعتبر من أهم المراحل التي يمرّ بها أبنائنا ، وأخطرها ، والتي يتم خلالها تثبيت دعائم القيم ، واستيعاب المعارف والمفاهيم والأفكار التي تخلق منهم عناصر إيجابية ونافعة في المجتمع .

إننا بحاجة إلى بذل المزيد من الاهتمام بالجوانب الوجدانية والاجتماعية لأبنائنا ، وتطوير الأساليب التربوية التي يمكن أن توصلنا إلى هذا الهدف ، والابتعاد عن أساليب التلقين العقيمة المتبعة في تعليم المواد التحصيلية ،وينبغي أن ندرك أن أبنائنا بحاجة إلى الخبرات التي تجعلهم قادرين على التعبير عن آمالهم وحاجاتهم وخبراتهم ومشاكلهم ، وهم بحاجة للتدرّب على أساليب التعبير والمناقشة ، وإبداء الرأي ،والتعود على العمل الجماعي ، حيث أن العمل الجماعي يمثل عصب الحياة الاجتماعية الذي ينبغي توجيه الاهتمام له في عملية التربية والتي تمكن أبنائنا من تحمل المسؤولية تجاه النفس ، وتجاه البيت والمدرسة ، وتجاه الحي الذي يعيشون فيه ، وتجعلهم قادرين على المشاركة في الاجتماعية التي يمكن أن تتدرج من العمل الخاص إلى العمل العام ، ومن العمل الفردي إلى العمل الجماعي ، و تمكنهم من التفاعل الإيجابي بالمجتمع وتجعلهم متوافقين مع أنفسهم ومع المجتمع .

وينبغي لنا أن نؤكد على أن النجاح في تربية أبنائنا لا يتوقف على البيت والمدرسة فقط ، بل أن وسائل الإعلام تلعب دوراً هاما وأساسياً في التأثير على حياة أبنائنا ومشاعرهم وسلوكهم خيراً كان أم شراً ، وأخص بالذكر منها التلفزيون والسينما والصحافة التي يمكن أن تكون عامل بناء وتثقيف وإصلاح ، ويمكن أن تكون عامل تهديم وتخريب لسلوكهم إذا ما أسيء استخدامها.

لقد كان لي شرف العمل في المجال التربوي لمدة ربع قرن من الزمان كنت خلالها أقرأ بنهم ، وأتتبع كل ما يقع تحت يديّ من الكتب والأبحاث المتعلقة بالتربية الحديثة محاولا الاستعانة بها لخدمة أبنائي التلاميذ ،وتربيتهم وتنشئتهم النشأة الصالحة ، ومن خلال دراساتي وتجربتي التربوية تلك ، رأيت أن من واجبي أن أقدم هذه المساهمة المتواضعة حول سبل تربية وتنشئة أجيالنا الصاعدة ودراسة ومناقشة مشاكلهم وسبل معالجتها بما يحقق لنا الأهداف المرجوة في بناء جيل قويم قادر على أخذ زمام المستقبل ، ومالكاً لكل المقومات التي تؤهله للنجاح .

.. يتبع ..

الوافـــــي 26-05-2005 04:07 PM

الفصل الأول


مشاكل الأبناء وسبل علاجها


أولا: المشاكل التي تجابه أبنائنا :


يتعرض أبناءنا إلى العديد من المشاكل في جميع مراحل النمو، بدءاً من مرحلة الطفولة ،فمرحلة المراهقة وحتى مرحلة النضوج ، وطبيعي أن مرحلة المراهقة تعد أخطر تلك المراحل ،ولكلا الجنسين البنين والبنات على حد سواء ، حيث تحدث تطورات بيولوجية كبيرة لديهم تتطلب منا نحن المربين ، آباء وأمهات ومعلمين ،أن نعطي لهذه المرحلة من حياة أبنائنا أهمية قصوى ، فقد تكون هذه المرحلة نقطة حاسمة في حياتهم وسلوكهم خيراً كان أم شراً ، وإذا لم نعطها ذلك الاهتمام المطلوب ، والملاحظة والرعاية المستمرة فقد يؤدي بالكثير من أبنائنا إلى الانحراف ، ولاسيما في ظل مجتمع غربي يختلف كل الاختلاف عن مجتمعاتنا التي نشأنا فيها والعادات والتقاليد التي تربينا عليها ، وأنا هنا لا يمكنني القول أن كل ما تربينا عليه من عادات وتقاليد هي صحيحة،وتصلح لأجيالنا الناهضة ، وليس كل العادات والسلوكيات في المجتمع الغربي كذلك ، ففي كلا المجتمعين هناك الجيد وهناك الرديء من هذه العادات والسلوكيات ، وإن من واجبنا كمربين أن نعمل على تفاعل هذه العادات والسلوكيات في المجتمعات الغربية بشكل يمكن أبنائنا من اكتساب كل ما هو خير ومفيد ، وبالمقابل بتقديم ما ينفع أبناء هذه المجتمعات من القيم الأصيلة ، وتحذير الأبناء من تلك العادات والسلوكيات الضارة شرط أن يكون ذلك بأسلوب تربوي بعيد كل البعد عن أساليب العنف والقمع ، وينبغي أن نُشعر أبناءنا في مرحلتي المراهقة والنضوج أن العلاقات التي تربطنا وإياهم هي ليست علاقة أب وأم بأبنائهم فقط ، بل علاقة أخٍ كبير بأخيه الصغير ، أو علاقة أخت كبيرة بأختها الصغيرة ،الذين يحتاجون إلى تجاربهم في الحياة ، وأن نكون حذرين من محاولة فرض أسلوب الحياة التي تربينا عليه قسراً على أبنائنا ، فقد خلق الأبناء لزمان غير زماننا ، ولاسيما أنهم يعيشون في مجتمع يختلف كل الاختلاف عن مجتمعنا مما يجعل الأبناء يعيشون حالة من التناقض بين مجتمعهم الصغير [ البيت] ومجتمعهم الكبير ، ولاسيما انهم يقضون أغلب أوقاتهم خارج البيت .ولذلك نجد الكثير من الآباء والأمهات يعانون الكثير في تربية أبنائهم ، ويحارون في مجابهة المشاكل التي يتعرضون لها ، وكيفية التعامل معها .
ولكي نتفهم طبيعة المشاكل التي تجابه أبنائنا كي يسهل علينا حلها والتغلب عليها فإننا يمكن أن نحددها في ثلاثة أقسام رئيسية :

أولاً : المشاكل والاضطرابات السلوكية .
ثانياً :المشاكل والاضطرابات الشخصية .
ثالثاً : مشاكل التأخر الدراسي .

وسأحاول فيما يلي أن أوضح كلاً منها بشيء من التفصيل ، مستعرضاً لأنواعها ، ودوافعها ، والأساليب التربوية التي تمكننا من التغلب عليها .
وحماية أجيالنا الصاعدة من الانزلاق إلى الانحرافات السلوكية التي تهدد مستقبلهم ، وتهدد سلامة المجتمع الذي يعيشون في ظله ، ولاسيما وأنهم سيكونون هم صانعي المستقبل ورجاله ، وعليهم يتوقف تطوره ورقيه وسعادته .

.. يتبع ..

الوافـــــي 26-05-2005 04:14 PM

العوامل المسببة لمشاكل أبنائنا :

أن العوامل المسببة لمشاكل أبنائنا السلوكية والشخصية والتأخر الدراسي يمكن إجمالها بما يأتي :

1 ـ عوامل عقلية .
2 ـ عوامل نفسية .
3 ـ عوامل اجتماعية .
4 ـ عوامل جسمية .
5 ـ عوامل اقتصادية .

وسأقدم هنا تفسيراً مختصراً لكل من هذه العوامل كي تعيننا على فهم تلك المشاكل وسبل معالجتها


أولاً ـ العوامل العقلية :

تلعب هذه العوامل دوراً هاماً في كثير من المشاكل ، وأخص منها بالذكر مشكلة التأخر الدراسي ، فمن المعلوم أن أكثر أسباب التأخر الدراسي هو مستوى النمو العقلي ، والقدرة على الفهم والاستيعاب، والذي يختلف من شخص إلى آخر ، فقد يكون التخلف العقلي [بسيطاً ]، وقد يكون [ متوسطاً ]، وقد يكون[ شديداً ]، وفي أقسى الحالات يكون [حاداً] .
وهذا التخلف ناجم عن ظروف معينة سأتعرض لها فيما بعد عندما أتحدث عن مشاكل التأخر الدراسي .

أما ما يخص المشاكل السلوكية لدى أبنائنا فلا شك أن هناك جملة من العوامل التي تسببها وأخص بالذكر أهم تلك المسببات والتي يمكن حصرها بما يلي : .

1 - التربية الأسرية .
2 - البيئة التي يعيش فيها الأطفال والمراهقين .
3 ـ العوامل الوراثية

إن هذه العوامل تؤثر تأثيراً بالغاً على سلوكهم ،كما أن النضوج العقلي يلعب دوراً هاما في هذا السلوك ، مما سأوضحه عند بحث تلك المشاكل بشيء من التفصيل فيما بعد .


ثانياً ـ العوامل النفسية :

ونستطيع أن نوجز أهم العوامل النفسية التي تلعب دوراً هاماً في حياة أبنائنا وتسبب لهم العديد من المشاكل هي ما يلي :

1 ـ الشـعور بالخـوف .
2 ـ ضعف الثقة بالنفس .

ولابدَّ أن نقف على ما تعنيه هذه العوامل بالنظر لتأثيرها الخطير على سلوك الناشئة .

1 ـ الشـعور بالخـوف :

وهو حالة انفعالية داخلية وطبيعية موجودة لدى كل إنسان ، يسلك خلالها سلوكاً يبعده عن مصادر الأذى . فعندما نقف على سطح عمارة بدون سياج ، نجد أنفسنا ونحن نبتعد عن حافة السطح شعوراً منا بالخوف من السقوط ، وعندما نسمع ونحن نسير في طريق ما صوت إطلاق الرصاص فإننا نسرع إلى الاحتماء في مكان أمين خوفاً من الإصابة والموت ، وهكذا فالخوف طريقة وقائية تقي الإنسان من المخاطر ، وهذا هو شعور فطري لدى الإنسان ، هام وضروري .

غير أن الخوف ذاته قد يكون غير طبيعي [ مرضي ] وضار جداً ، وهو يرتبط بشيء معين ، بصورة لا تتناسب مع حقيقة هذا الشيء في الواقع [ أي أن الخوف يرتبط بشيء غير مخيف في طبيعته ] ويدوم ذلك لفترة زمنية طويلة مسببا تجنب الطفل للشيء المخيف ، مما يعرضه لسوء التكيف الذي ينعكس بوضوح على سلوكه في صورة قصور وإحجام ، وقد يرتبط هذا الخوف بأي شيء واقعي ، أو حدث تخيلي . كأن يخاف الطفل من المدرسة ،أو الامتحانات ،أو الخطأ أمام الآخرين، أو المناسبات الاجتماعية ، أو الطبيب والممرضة ، أو من فقدان أحد الوالدين أو كلاهما ، أو الظلام أو الرعد والبرق ، أو الأشباح والعفاريت وقد يصاحب الخوف لديهم نوبات من الهلع الحاد ، ويتمثل ذلك في [سرعة دقات القلب] ، و[سرعة التنفس ]، و[الدوار أو الغثيان] ، [والتعّرق الشديد ]، و [تكرار التبول والهزال] و[عدم السيطرة على النفس ] ، وكل هذا قد يحدث فجأة وبشدة ، وبدون سابق إنذار .

وقد يسبب الخوف لأبنائنا مشاكل وخصالاً خطيرة معطلة لنموهم الطبيعي تسبب لهم الضرر الكبير والتي يمكن أن نلخصها بما يلي :

1ـ الانكماش والاكتئاب .
2 ـ التهتهة .
3 ـ عدم الجرأة .
4 ـ الحركات العصبية غير الطبيعية .
5 ـ القلق والنوم المضطرب .
6 ـ التبول اللاإرادي .
7 ـ الجـبن .
8 ـ الحساسية الزائدة .
9 ـ الخـجل .
10 ـ التشاؤم .

وفي هذه الأحوال ينبغي علينا نحن المربين ، أباء وأمهات ومعلمين ، أن نقوم بدورنا المطلوب لمعالجة هذه الظواهر لدى أبنائنا ، وعدم التأخر في معالجتها ،كي لا تتأصل لديهم وبالتالي تصبح معالجتها أمراً عسيراً ، ويكون لها تأثيراً سيئاً جداً على شخصيتهم وسلوكهم . ومستقبلهم .
إن مما يثير الخوف في نفوس أبنائنا هو خوف الكبار ، فعندما يرى الصغير أباه ، أو أمه ، أو معلمه يخافون من أمر ما فإنه يشعر تلقائياً بهذا الخوف ، فلو فرضنا على سبيل المثال أن أفعى قد ظهرت في فناء المدرسة أو البيت واضطرب المعلم أو الأب وركض خائفاً منها فإن من الطبيعي أن نجد الأطفال يضطربون ويهربون رعباً وفزعاً مما يركّز في نفوسهم الخوف لأتفه الأسباب .
ومما يثير الخوف أيضاً في نفوس الأطفال الحرص والقلق الشديد الذي يبديه الكبار عليهم ، فعندما يتعرض الطفل لأبسط الحوادث التي تقع له ، كأن يسقط على الأرض مثلاً ، فليس جديراً بنا أن نضطرب ونبدي علامات القلق عليه ، بل علينا أن نكون هادئين في تصرفنا ، رافعين لمعنوياته ، ومخففين من اثر السقوط عليه ، وإفهامه أنه بطل وشجاع وقوي ...الخ، حيث أن لهذه الكلمات تأثير نفسي كبير على شخصية الطفل .

كما أن النزاع والخصام بين الأباء والأمهات في البيت أمام الأبناء يخلق الخوف عندهم ، ويسبب لهم الاضطراب العصبي . وهناك الكثير من الآباء والأمهات والمعلمين يلجاؤن إلى التخويف كأسلوب في تربية الأبناء وهم يدّعون أنهم قد تمكنوا من أن يجعلوا سلوكهم ينتظم ويتحسن .
غير أن الحقيقة التي ينبغي أن لا تغيب عن بالهم هي أن هذا السلوك ليس حقيقياً أولاً ، وليس تلقائياً وذاتياً ثانياً ، وهو بالتالي لن يدوم أبداً

إن هذه الأساليب التي يلجأ إليها الكثير من الأباء والأمهات والمعلمين تؤدي إلى إحدى نتيجتين :

1ـ عدم إقلاع الأبناء عن فعل معين رغم تخويفهم بعقاب ما ثم لا يوقع ذلك العقاب ، فعند ذلك يحس الأبناء بضعف المعلم أو الأب أو الأم، وبالتالي يضعف تأثيرهم بنظر الأبناء .
أما إذا لجأ المربي إلى العقاب فعلاً ، وهو أسلوب خاطئ بكل تأكيد ، فإن الطفل حتى وإن توقف عن ذلك السلوك فإن هذا التوقف لن يكون دائمي أبداً ، ولابد أن يزول بزوال المؤثر [ العقاب ] ، لأن هذا التوقف جاء ليس عن طريق القناعة ، بل بطريقة قسرية .

2 ـ خضوع الأبناء ، وهذا الخضوع يخلق فيهم حالة من الانكماش تجعلهم مشلولي النشاط ، جبناء خاضعين دون قناعة،فاقدي،أو ضعيفي الشخصية،وكلتا النتيجتين تعودان عليهم بالضرر البليغ

كيف نزيل الخوف عند الأبناء ؟

إن باستطاعتنا أن نعمل على إزالة اثر الخوف غير الطبيعي لدى أبنائنا باتباعنا ما يأتي :

1 ـ منع الاستثارة للخوف ، وذلك بالابتعاد عن كل ما من شأنه أن يسبب الخوف عندهم .
2 ـ توضيح المخاوف الغريبة لدى الأطفال ، وتقريبها من إدراكهم ، وربطها بأمور سارة ، فالطفل الذي يخاف القطة مثلاً يمكننا أن ندعه يربيها في البيت .
3 ـ تجنب استخدام أساليب العنف لحل المشكلات التي تجابهنا في تربية الأبناء .

ب ـ ضعف الثقة بالنفس :

ومن المظاهر التي نجدها لدى أبنائنا الذين يشعرون بضعف الثقة بالنفس هي ما يلي :

1 ـ التردد : فالطفل أو الصبي الذي يعاني من ضعف الثقة بالنفس يتردد كثيراً عند توجيه سوآل ما إليه ، بسبب عدم ثقته بالقدرة على الإجابة الصحيحة .

2 ـ انعقاد اللسان : وهذا الوضع ناجم أيضاً عن عدم الثقة بالقدرة على الإجابة الصحيحة .

3 ـ الخجل والانكماش : وهذا ناجم أيضاً من الخوف من الوقوع في الخطأ ولذلك نجد البعض يتجنب المشاركة في أي نقاش لهذا السبب .

4 ـ عدم الجرأة ، حيث يشعر الإنسان بعدم القدرة على مجابهة الأخطار التي يمكن أن يتعرض لها.

5 ـ التهاون ، حيث يحاول الشخص تجنب مجابهة الصعاب والأخطار التي تصادفه في حياته .

6ـ عدم القدرة على التفكير المستقل ، حيث يشعر الفرد دوماًبحاجته إلى الاعتماد على الآخرين .

7 ـ توقع الشر وتصاعد الشعور الخوف في أبسط المواقف التي تجابه الفرد .

ونستطيع أن نجمل كل هذه المظاهر بعبارة واحدة هي [ الشعور بالنقص ] .


ما هي مسببات الشعور بالنقص ؟

1 ـ الخوف: وقد تحدثنا عنه فيما سبق .

2 ـ العاهات الجسمية : فهناك العديد من الأبناء المبتلين بعاهات جسمية متنوعة ، وهذه العاهات تجعلهم يشعرون بأنهم غير جديرين ، وعلى الأهل و المعلمين أن يهتموا بهذه الناحية اهتماماً بالغاً وذلك بأن يكون موقفهم من هؤلاء الأبناء طبيعياً وعادياً كبقية الأبناء الآخرين بحيث لا نشعرهم بأنهم مبتلين بتلك العاهات ، دون عطف زائد عليهم ، وعدم فسح المجال لزملائهم بالسخرية منهم وتذكيرهم بالعاهة ، وحثهم على احترام زملائهم والتعامل معهم بشكل طبيعي مشبع بروح الاحترام وأن أي سلوك أخر تجاه هؤلاء الأبناء يؤدي بهم إلى ما يلي :

أ ـ التباعد والانكماش .
ب ـ الخمول والركود .
ج ـ النقمة والثورة على المجتمع وآدابه وتقاليده .

3 ـ الشعور بالنقص العقلي : فقد يكون هناك بعض الأبناء قد تأخروا في بعض الدروس لأسباب معينة لا يدركونها ، أو لا يشعرون بها هم أنفسهم ، وهي ربما تكون بسبب مرضي ، أو لظروف اجتماعية ، أو بيئية ، أو اقتصادية ، فعلينا والحالة هذه أن ندرس بجدية أوضاعهم وسبل معالجتها ،وأن نقف منهم موقفاً إيجابياً كي نبعد عنهم روح الاستسلام والفشل ، كما ينبغي على المعلمين أن لا يحمّلوا التلاميذ من الواجبات أكثر من طاقاتهم فيشعرونهم بأنهم ضعفاء عقلياً ، ويخلق لديهم التشاؤم ، والخجل ، والحساسية الزائدة ، والجبن .

.. يتبع ..

الوافـــــي 26-05-2005 04:18 PM

ثالثاً : العوامل الاجتماعية :

ومن مظاهر هذه العوامل :

1 ـ الجو المنزلي السائد :

ويتضمن علاقة الأب بالأم من جهة وعلاقتهما بالأبناء ،وأساليب تربيتهم من جهة أخرى ، فالنزاع بين الأم والأب كما ذكرنا سابقاً يخلق في نفوس الأبناء الخوف وعدم الاستقرار ، والانفعالات العصبية . كما أن التمييز بين الأبناء في التعامل والتقتير عليهم ، وعدم الأشراف المستمر والجدي عليهم ، يؤثر تأثيراً سيئاً على سلوكهم .وسوف أوضح ذلك بشيء من التفصيل في فصل قادم حول أهمية تعاون البيت والمدرسة في تربية أبنائنا .

2 ـ الجو المدرسي العام :

ويخص الأساليب التربوية المتبعة في معاملة التلاميذ ، من عطف ونصح وإرشاد، أو استخدام القسوة والتعنيف وعدم الاحترام . ومن جملة المؤثرات على سلامة الجو المدرسي :

أـ تنقلات التلميذ المتكررة من مدرسة إلى أخرى :
أن انتقال التلميذ من مدرسة إلى أخرى يؤثر تأثير سلبياً عليه ، حيث سيفقد معلميه ، زملائه وأصدقائه الذين تعود عليهم ، وهذا يستدعي بدوره وجوب التأقلم مع المحيط المدرسي الجديد ، وهو ليس بالأمر السهل والهين ،ويحمل في جوانبه احتمالات الفشل والنجاح معاً .

ب ـ تغيب الأبناء عن المدرسة وهروبهم منها :
وهذا أمر وارد في جميع المدارس ، حيث أن هناك عوامل عديدة تسبب التغيب والهروب ، ومن أهمها أسلوب تعامل المعلمين مع التلميذ ، وطبيعة علاقاته مع زملائه ، وسلوكهم وأخلاقهم .

ج ـ تبدل المعلمين المتكرر :
حيث يؤثر هذا التغير المتكرر بالغ التأثير على نفسية التلاميذ ، فليس من السهل أن تتوطد العلاقة بين التلاميذ ومعلميهم ، وإن ذلك يتطلب جهداً كبيراً من قبل الطرفين معا ، و يتطلب المزيد من الوقت لتحقيق هذا الهدف .وهناك أمر هام آخر هو وجوب استقرار جدول الدروس الأسبوعي ، وعم اللجوء إلى تغيره إلا عندما تستدعي الضرورة القصوى .

د ـ ملائمة المادة وطرق تدريسها .وسوف أتعرض لهذا الموضوع في فصل لاحق .



رابعاً : العوامل الجسمية والصحية :

إن لهذه العوامل تأثير كبير على التلاميذ ، من حيث سعيهم واجتهادهم ، وكما قيل { العقل السليم في الجسم السليم }.
أن التلميذ المريض يختلف في قابليته واستعداده للفهم عن التلميذ الصحيح البنية. والتلميذ الذي يتناول الغذاء الجيد يختلف عن زميله الذي يتناول الغذاء الرديء ، والتلميذ الذي يتمتع بصحة جيدة وجسم قوي ينزع إلى حب التسلط والتزعم ، وقد يميل إلى الاعتداء والعراك والخصام فالعوامل الجسمية إذاً ذات تأثير بالغ على سلوك الأبناء ودراستهم .


خامساً : العوامل الاقتصادية :

إن العوامل الاقتصادية كما هو معلوم لدى الجميع تلعب في كل المسائل دوراً أساسياً وبارزاً ، ويندر أن نجد مشكلة أو أي قضية إلا وكان العامل الاقتصادي مؤثراً فيها ، فالأبناء الذين يؤمن لهم ذويهم كافة حاجاتهم المادية من طعام جيد وملابس و أدوات ، ووسائل تسلية وغيرها يختلفون تماماً عن نظرائهم الذين يفتقدون لكل هذه الأمور والتي تؤثر تأثيراً بالغاً على حيويتهم ونشاطهم وأوضاعهم النفسية .
وقد يدفع هذا العامل تلميذا للسرقة ، ويدفع تلميذاً من عائلة غنية إلى الانشغال عن الدراسة والانصراف إلى أمور أخرى كالكحول والتدخين والمخدرات وغيرها، مما تعود عليه بالضرر البليغ.

هذه هي العوامل الرئيسية التي تسبب المشاكل لدى الناشئة ، ونعود الآن إلى استعراض تلك المشاكل والتي حددناه بقسمين رئيسيين هما :

1 ـ المشاكل السلوكية .
2 ـ مشاكل التأخر الدراسي .

أولاً : المشاكل السلوكية :

إن المشاكل السلوكية التي تجابه أبنائنا سواء كان ذلك في البيت أو المدرسة كثيرة ومعقدة ، وأن معالجتها والتغلب عليها ليس بالأمر السهل مطلقاً ، وهو يتطلب منا الخبرة الكافية في أساليب التربية وعلم النفس من جهة ، والتحلي بالحكمة والصبر والعطف الأبوي تجاه أطفالنا سواء في البيت و في المدرسة من جهة أخرى .ولذلك وجدت أن من الضروري أن أتعرض لأهم تلك المشاكل مستعرضاً مسبباتها وأساليب معالجتها والتغلب عليها .
ولسهولة البحث نستطيع أن نقسمها إلى قسمين رئيسيين :

1 ـ المشاكل السلوكية الفطرية .

2 ـ المشاكل السلوكية المكتسبة .

وسنلقي الضوء على هذه المشاكل ، وأنواعها ومسبباتها ، وموقفنا منها ، وسبل علاجها في الفصل التالي .

.. يتبع ..


الوافـــــي 31-05-2005 03:46 PM

الفصل الثاني

المشاكل السلوكية التي تجابه أبناءنا

أولاً : المشاكل السلوكية الفطرية :
ثانياً : الغرائز أو الدوافع وأنواعها ،وأثرها في السلوك :
ثالثاً : سبل تهذيب الغرائز ، والسمو بها :

*********

أولاً ـ المشاكل السلوكية الفطرية :

ونقصد بهذا النوع من المشاكل تلك التي تنشأ ، أو تظهر لدى أبنائنا وبناتنا نتيجة لدوافع فطرية يطلق عليها عادة [ الغرائز ] ولابد لنا قبل البحث في هذا النوع من المشاكل أن نستعرض تلك الغرائز البشرية لكي نقف على ما يمكن أن يسببه التعامل معها لأبنائنا من مشاكل سلوكية ، بغية معالجتها . ذلك أن الغرائز البشرية هذه لا يمكن كبتها ، أومحوها ،أو تجاهلها على الإطلاق ، ولكن يمكننا السمو بها وجعلها مصدر خير لأبنائنا ومجتمعنا ، وبذلك نكون قد حققنا هدفنا في تنشئة أبنائنا نشأةً صالحة وجنبناهم الكثير من الشرور ، ذلك أن الغرائز يمكن أن تكون مصدر شر وأذى إذا ما تركت وشأنها ، ويمكن أن تكون مصدر خير إذا ما سمونا بها وسيطرنا عليها بشكل علمي وعقلاني دون اللجوء إلى القسر والقمع الذّين يمثلان نقيضاً للطبيعة البشرية التي لا يمكن قهرها .

لابد لنا أن نشير ولو بشكل موجز إلى كل واحدة من هذه الغرائز ، وما يمكن أن تسببه من سلوك إيجابي أو سلبي ، وكيف يمكن السمو بها وتوجيهها لما فيه خير أبنائنا وبناتنا .

أنواع الغرائز [ الدوافع ] فهي :

1ـ غريزة الخلاص :

وتستثار هذه الغريزة عادة عند شعور الأطفال بخطر ما يجعلهم يلجئون إلى الهرب شعوراً منهم بالخوف . فلو فرضنا أن حريقاً شب في صف من الصفوف ، فإننا نجد الأطفال يتراكضون وقد تملكهم الرعب والفزع ، لينجوا بأنفسهم من الحريق والموت ، وهنا تظهر أيضاً انفعالات لغريزة أخرى هي غريزة [الاستغاثة ]فيعمد الأطفال إلى الصراخ وطلب النجدة ، شعوراً منهم بالخطر .وقد يتحول الخوف إلى نوع من الهلع الحاد وينتاب الطفل مشاعر غريبة وفريدة إلى حد كبير .

ما هو موقفنا من هذه الغريزة ؟

إن من الطبيعي أن يكون موقفنا منها ذا شقين :

الشق الأول : تبيان مخاطر النار لأطفالنا ، وما تسببه الحرائق من خسائر في الأرواح والممتلكات ، كي نبعدهم عن اللعب والعبث بالنار ، أو الاقتراب منها أو إشعالها ، وأن نوضح لهم أن الحرائق تبدأ عادة بعود ثقاب ، أو بشرارة نارية أو كهربائية ، لكنها سرعان ما تشتد وتتسع بحيث يصعب السيطرة عليها بسهولة ، وبدون خسائر مادية وبشرية كبيرة .

الشق الثاني : ينبغي لنا أن لا ندع الخوف والهلع يسيطر على أبنائنا فيسبب ما سبق أن ذكرنا من مضار ومخاطر ، ذلك أن الخوف والهلع في المواقف هذه يفقد القدرة على التفكير والتصرف الصائب وينبغي علينا أن نستثير فيهم روح الشجاعة والأقدام والاتزان ، وعدم الارتباك والتصرف الهادئ في مثل هذه المواقف .

*********

2 ـ غريزة المقاتلة :

إن موقفنا من هذه الغريزة يجب أن يتصف بالحكمة والدقة . فلو أن أحد الأبناء تخاصم مع أحد زملائه لأنه وقف حائلاً أمام رغبته في تحقيق أمر ما ، فعلينا أولاً وقبل كل شيء أن نتفهم السبب الحقيقي للنزاع ، لكي نتعرف على ما إذا كان الموقف يستحق المقاتلة والخصام أم لا ؟ وينبغي أن نفهمه أن اللجوء إلى المقاتلة قبل استنفاذ الوسائل السلمية أمر غير مقبول ، وأن الواجب يقتضي منه مراجعة إدارة المدرسة إن كان متواجداً فيها ومراجعة ذويه إن كان خارج المدرسة ، إذ أن التسرع واللجوء إلى العنف يعرض النظام العام للانهيار فلا تستطيع المدرسة أن تؤدي عملها ، و لذلك فعليه الاستعانة بإدارة المدرسة قبل اللجوء إلى استعمال القوة ، وعلى إدارة المدرسة أن تأخذ المسألة بشكل جدي وتجري التحقيق اللازم في الأمر بشكل دقيق ومعالجة المشكلة بشكل يجعل التلميذ يؤمن بأن مراجعته إدارة المدرسة يؤمن له حقه ، إن كان على حق طبعاً ، فلا يلجأ للقتال .

ولا شك أن الأطفال والمراهقين ذوي الاضطرابات الأخلاقية يمارسون أحياناً سلوكيات تتسم بالعدوان ، والاندفاع ، والتدمير ، على الرغم من الجهود المضنية التي تبذل من قبل المربين لتعديل سلوكهم وهم يمارسون عملية انتهاك حقوق الآخرين باستمرار ، ولا يلتزمون بالمعايير الاجتماعية بما يتناسب مع عمرهم الزمني ، و يستمرون بممارسة هذا السلوك على الرغم من تعرضهم مراراً وتكراراً للعقاب ، ويصرون على ممارسة [السلوك العدواني والمواجهة البدنية] مع الآخرين ،كما يتسمون [بالعناد وعدم الخضوع ]، [والإخفاق في الأداء ]سواء في المنزل او المدرسة ، وإلى [استعمال المواد المخدرة ]، و[تكرار الإهمال ]، و[التهرب من البيت أو المدرسة ]، و[تخريب الممتلكات العامة والخاصة ]، و[الانحراف الجنسي ]و[السرقة ]وغيرها من الآفات الاجتماعية الأخرى التي قد تتضمن مواجهة جسدية عدوانية [ السرقة بالإكراه ] ، أو الاعتداء الجنسي العنيف [الاغتصاب ] وقد تمتد هذه السلوكيات إلى العراك مع الأقران ،والاعتداء على الآخرين والهجوم عليهم ،والاغتصاب والقتل .

إن معالجة هذا النوع من السلوك المنحرف تتطلب جهوداً كبيرةً وأساليب معقدة ،وصبراً وأناةً طويلين ، ومتابعةً مستمرةً من قبل البيت والمدرسة معاً ، وقد يتطلب ذلك علاجاً نفسياً وصحياً .

أن هناك البعض ممن يقف من المقاتلة موقفاً سلبياً بشكل مطلق فيسبب موقفهم هذا ببث روح المذلة والخنوع والانهزامية في نفوس الناشئة ، فهناك مواقف ينبغي أن تتميز بالشجاعة والإقدام دفاعاً عن الحقوق المغتصبة ، فالجندي الذي نطلب منه أن يدافع عن وطنه وشعبه ضد المعتدين لا يستطيع القيام بواجبه على الوجه الأكمل إذا قتلنا فيه روح الشجاعة والإقدام في المراحل الأولى من حياته.

ينبغي أن يكون موقفنا من هذه الغريزة موقفاً إيجابياً قائماً على أساس سيادة القانون والنظام أولاً ، والدفاع عن الحقوق والكرامة ثانياً ، فلا

اعتداء على الأخوان والأصدقاء والزملاء والجيران ، ولا خنوع وخضوع وجبن أمام المعتدين .

.. يتبع ..

الوافـــــي 31-05-2005 03:50 PM

تابع الفصل الثاني

*********

3 ـ غريزة الأبوة والأمومة :

تستثار هذه الغريزة في المراحل الأولى من حياة أبنائنا وبناتنا عند تعرض الآخرين لحادث ما ، فيلجأؤن إلى مساعدتهم . وطبيعي أن هذه الغريزة تحمل جانباً خيراً بشكل عام ، فعندما يسقط أحدهم ويصاب بجرح أو كسر في يده أو رجله نجد زملائه يسارعون إلى إليه بحنو وعاطفة

ليقدموا له المساعدة وقد بدت عليهم علامات الحزن والأسى . إن هذه الغريزة لها أهمية قصوى في تربية أبنائنا على روح المحبة والتعاون ، حيث أن المحبة والتعاون ركنان أساسيان من الأركان التي يبنى على أساسها المجتمع ، وهي السبيل لتقدمه ورقيه وتطوره ، ورفاهه .

أما في مرحلة النضوج فمعروف أن هذه الغريزة هي الأساس في بقاء وتطور المجتمعات حيث يطمح الأبناء والبنات البالغون في تكوين الأسرة ، وإنجاب الأطفال وتربيتم في جو من الحنان والحب يصل إلى درجة التضحية بالنفس في سبيلهم ، فنراهم يكدون ويتعبون طوال النهار من أجل تأمين الحياة السعيدة والعيش الهانئ لأبنائهم ، ولولا هذه الغريزة لما تحملت الأم ، ولا تحمل الأب تبعات المصاعب والمشاق التي يصادفونها في تربيتهم ومساعدتهم في بناء مستقبل يليق بهم .

*********

4 ـ غريزة حب الاستطلاع :

تستثار هذه الغريزة لدى أبنائنا عندما يكون الأبناء أمام أمرٍ يهمهم معرفته، وقد يكون لهم معرفة بجزء منه ، وهذه الغريزة ذات أهمية كبيرة بالنسبة للناشئة لأن استثارتها تدفعهم إلى اكتشاف الحقائق بأنفسهم ، والحصول على الخبرات التي يحتاجونها في حياتهم ، كما تدفعهم إلى الدراسة والتتبع باستمرار ، حتى في الكبر ، بغية الوقوف على كل ما يجري من تطور وتغير في فيما يحيط بهم .

وهناك نقطة هامة ينبغي أن لا تغيب عن أذهاننا هي أن هذه الغريزة يمكن أن يكون لها تأثير سلبي ضار في بعض الحالات وينبغي أن ننبه أبنائنا بأخطارها وسأورد هنا مثالاً على ذلك :

في أحد دروس العلوم شرح المعلم لتلاميذه كيف يمكن ممغطنة قطعة من الحديد ، وذلك عن طريق لفها بسلك وربطها بتيار كهربائي .وعندما عاد التلاميذ من المدرسة حاول أحدهم أن يقوم بالتجربة بنفسه ، فأخذ قطعة الحديد ولفها بسلك ووصلها بالتيار الكهربائي بشكل غير صحيح فكانت النتيجة أن صعقه التيار الكهربائي وسبب له الوفاة ، لقد كان الواجب على المعلم أن يجري التجربة أمام التلاميذ بشكل يؤمن السلامة ، و يحذرهم من خطورة الكهرباء إذا ما تمت التجربة بشكل خاطئ.

*********

5 ـ غريزة البحث عن الطعام :

وهي من الغرائز الهامة لبقاء الحياة واستمرارها ، وتظهر بعد الولادة مباشرة ، فلا يستطيع الإنسان أن يعيش بدون الطعام ، وغالباً ما تستثار هذه الغريزة عند ما نشم رائحة الطعام الشهي أو تقع أبصارنا على الحلويات وغيرها ، ويشعر الإنسان ، عن طريق حاسة الذوق ، بلذة كبيرة وهو يتناول ما يشتهيه من تلك الأطعمة والحلويات . إن هذه الغريزة تفعل فعلها لدى الكبار والصغار على حد سواء . ورغم أن الإنسان لا يستطيع الاستغناء عن الطعام لكي يبقى على قيد الحياة ، فأن تناول الطعام بغير اعتدال يعطي نتائج سلبية على صحة الإنسان ، حيث يسبب السمنة والتي بدورها تسبب العديد من الأمراض الخطيرة كالسكري وأمراض القلب ، وتسوس الأسنان، وغيرها من الأمراض الأخرى ، مما يتطلب منا تعويد أبنائنا على العادات الغذائية الصحيحة .

كما أن هذه الغريزة تدفع بالكثير من الصبيان الذين لا يجدون لديهم النقود لشراء الحلويات إلى السرقة من المحلات لإشباع هذه الغريزة ، ولذلك يجب على الآباء والأمهات إشباع هذه الرغبة لدى الأبناء وعدم التقتير عليهم لكي لا يتجهوا نحو السرقة التي يمكن أن تتأصل لديهم إذا ما استمروا عليها لفترة من الزمن .

*********

6 ـ غريزة النفور :

هذه الغريزة نجدها لدى الصغار والكبار على حد سواء حيث أن الإنسان بطبيعته يتحسس الروائح أو المشاهد المختلفة ، فنراهم ينفرون وتتقزز نفوسهم من الروائح الكريهة ، أو من المشاهد المؤلمة ، وعلى العكس نجدهم يتمتعون برؤية المشاهد الجميلة والمسرة ، ويستمتعون بشم الروائح العطرة ولذلك نجد الأبناء ، وخاصة المراهقين منهم يسعون إلى الاهتمام بمظهرهم ورائحتهم من أجل لفت انتباه الآخرين وخاصة من الجنس الآخر .

وهناك جانب آخر من النفور نجده لدى البعض تجاه البعض الآخر، وخاصة في صفوف المراهقين بسبب لون البشرة ، أو القومية ، أو الدين أو غيرها من المبررات ، وهو يمثل جانباً خطيراً يهدد سلامة المجتمع ويعمل على تمزيقه ، وخلق استقطاب وتنافر وصراع يصعب معالجته إذا ما استمر وتوسع ، دون أن يواجه على المستويين الرسمي والشعبي .

ولاشك أننا نشهد اليوم تصاعد موجة معاداة الأجانب من قبل العديد من المراهقين في مختلف البلدان الأوربية ، بسبب لون بشرتهم أو جنسهم ، ووقوع الاعتداءات البدنية الشديدة التي وصلت في بعض الأحيان إلى القتل ، مما يستدعي الواجب من الحكومات والمجتمع أن يعطيا هذه المشكلة أهمية كبيرة ، حيث يقيم في المجتمعات الغربية أعداد كبيرة من المهاجرين ، والعمل على استنفاذ كل الوسائل والسبل لخلق روح من الألفة والمحبة والتسامح والتعاون بين أبناء هذه المجتمعات والمهاجرين ، ومحاولة ربط جسور من الروابط التي تجعل التعايش فيما بينهم أمرٌ طبيعي بكل ما تعنيه الكلمة .

ولاشك أن المسألة تتوقف علينا جميعاً ،كباراً وصغار، سواء كنا مواطنين أو مهاجرين ، مسؤولين وغير مسؤولين ، أن نبذل أقصى ما يمكن من الجهود لمعالجة الوضع ، فإذا ما تكاتفت الجهود الصادقة أمكننا تحقيق الهدف المنشود في خلق مجتمع تسوده المحبة والمودة والسلام

.. يتبع ..

الوافـــــي 31-05-2005 03:53 PM

تابع الفصل الثاني

*********

7ـ غريزة السيطرة :

ونجد هذه الغريزة ظاهرة لدى كل من يشعر أنه في مركز قوي ، وكلما ازداد شعوره بالتفوق بالقوة تتجلى لديه هذه الغريزة بشكل واضح .أن هذه الغريزة تحتاج منا أن نعيرها اهتماماً بالغاً، فلا ندعها تسيطر على سلوك أبنائنا وتدفعهم إلى العنف والاعتداء على إخوانهم وزملائهم بغية فرض سيطرتهم عليهم بوسائل العنف .

ولابد أن أشير إلى أن هذه الغريزة لا تقتصر على الأفراد فحسب ، بل تتعداها إلى الجماعات في المجتمعات القبلية ، وكذلك الحكومات والدول ، وما الحروب التي شهدناها ونشاهدها اليوم إلا وكانت بدافع السيطرة على الشعوب واستغلالها، ونهب ثرواتها . ولابد لي أن أشير إلى أن السمو بهذه الغريزة يمكن أن يدفع الإنسان إلى تحويل سيطرته على أخيه الإنسان ،إلى السيطرة على الطبيعة وكشف أسرارها ، والتنعم بخيراتها ، وفي ذلك تنتفي الحاجة للحروب ، وتسود المحبة والتعاون والتعاطف كافة شعوب الأرض .

*********

8 ـ غريزة الخضوع :

إن هذه الغريزة هي على النقيض من غريزة السيطرة ، ونجدها لدى الإنسان الذي يشعر أنه في موقف خطير وصعب وضعيف ، لكي يحمي نفسه من بطش الآخرين . ونستطيع أن نستدل على خضوعه وخنوعه من موقف الأبناء تجاه آبائهم أو معلميهم الأشداء في تعاملهم . ولا تقتصر هذه المواقف على الصغار بل تتعداها إلى الكبار في ظل المجتمعات التي تُحكم بأسلوب دكتاتوري يستخدم العنف وأساليب البطش والإرهاب ضد أبناء الشعب ، كما هو الحال في الكثير من بلدان وخاصة بلدان العالم الثالث التي تقودها حكومات ديكتاتورية ، حيث تحكم شعوبها بالحديد والنار وأقسى أساليب الإرهاب وكم الأفواه .

إن هذه الغريزة يمكن أن تكون مصدر ضرر كبير لأبنائنا ،حيث تخلق لديهم روح التخاذل والانهزام والجبن ، والشعور بالنقص ، وضعف الشخصية .

وعليه فالواجب يتطلب منا ،كمربين ،أن لا ندع العلاقة بيننا وبين أبنائنا قائمة على أساس الخوف والرهبة ،والطاعة العمياء التي تحطم شخصيتهم ، بل ينبغي أن يكون التعامل قائماً على أساس الاحترام والمحبة والعطف لكي لا ندع هذه الغريزة تؤثر على نشأت أبنائنا فتضعف شخصيتهم وتفقدهم الثقة بالنفس .

*********

9 ـ غريزة حب التملك :

وتبدأ هذه الغريزة بالظهور لدى الأطفال في سن مبكر جداً ، حيث يمر الطفل بمرحلة تدعى [ الأنا] وفي هذه المرحلة يشعر الطفل أن كل ما حوله من الأشياء يعود إليه، ويحاول الاستحواذ عليها ، ويبدأ بالبكاء والصراخ إذا ما حاولنا نزعها منه بالقوة .وكثيراً ما تخاصم الأطفال بسبب ذلك وقد يلجأ إلى الضرب أو العض دون إدراك منه . وعندما يكبر الطفل تبدأ هذه الغريزة بالتطور ، فنراه يسعى إلى الحصول على الأشياء كالألعاب وغيرها بالطلب من أبويه تلبية مطالبه ويحاول التمرد والعصيان إذا لم تلبى تلك المطالب ، وخاصة عندما يرى لدى البعض من زملائه تلك الأشياء ولا يمتلكها هو أسوة بهم .

إن على الآباء والأمهات أن يلبوا تلك الحاجات لدى أبنائهم قدر الإمكان ،على أن لا تتجاوز حدود المعقول وحدود إمكانياتهم المادية ، فلا تقتير ، ولا تلبية كل ما يُطلب منهم ، لأن كلتا الحالتين تسببان لأبنائهم الضرر البليغ ، وعلى الآباء والأمهات أن يكافئوا أبنائهم إذا تفوقوا في دروسهم ،وإذا ما كانوا حسني السلوك والتعامل مع إخوانهم وأخواتهم وزملائهم .

إن غريزة حب التملك تستمر لدى الإنسان طوال حياته حيث يطمح كل فرد في أن يمتلك على سبيل المثال مسكناً وأثاثاً فاخراً وسيارة ، وأن يلبس الملابس الأنيقة ، وأن يكون لديه من المال ما يمكنه من إشباع كافة حاجاته المادية ، وقد يلجأ البعض إلى الأساليب النظيفة والشريفة لتأمين تلك الحاجات ، وقد يلجأ البعض الآخر إلى مختلف أساليب الغش والاحتيال والسرقة والاغتصاب للحصول على ما يبتغيه ، وقد يسعى للإثراء غير المشروع سالكاً كل الطرق ،ومستخدماً كل الوسائل في سبيل ذلك . وهكذا تبدو لنا هذه الغريزة كسيف ذو حدين ، ولذلك فأن علينا أن نربي أبنائنا منذ الصغر على الأمانة والعفة ، وعدم التجاوز على حقوق الغير أو ممتلكاتهم ، وبسلوك الطريق الصحيح في الحصول على الأشياء ، وعلينا أن ننمي الجانب الإيجابي في هذه الغريزة ونكبح جماح جانبها السلبي قدر المستطاع .

ولابد أن أشير هنا إلى أن هذه الغريزة تفعل فعلها بشكل صارخ وعدواني على مستوى الدول والحكومات ، والكثير من الرأسماليين الذين يستخدمون كافة الوسائل والسبل للاستحواذ على ثروات الشعوب الضعيفة ونهب خيراتها وتركها تئن تحت وطأة الجوع والعري والمرض والتخلف فلقد شهد النصف الأول من القرن العشرين هجمة استعمارية من قبل العديد من الدول الأوربية ، واليابان والولايات المتحدة كان ضحيتها الشعوب الضعيفة ،من أجل أن يملأ المستعمرون جيوبهم بمليارات الدولارات على حساب بؤس وتعاسة تلك الشعوب ،التي رزحت لعشرات السنين تحت نير الاستعمار ، ودفعت ثمناً غالياً من دماء أبنائها ،من أجل استعادة حريتها واستقلالها وثرواتها .

*********

10ـ غريزة حب الاجتماع :

لا يستطيع أي إنسان ، طفلاً كان أم بالغاً ، كبيراً أم صغيراً ، ذكراً أم أنثي أن يحيا حياة منعزلة عن الآخرين . أنها غريزة حب الاجتماع التي تظهر لدى الإنسان منذ طفولته المبكرة فنراه إذا ترك لوحده يبدأ بالبكاء والصراخ ، ولا يشعر بالأمان ، وتتصاعد رغبة الطفل كلما نما وكبر ،فنراه ميالاً إلى لقاء غيره من الأطفال واللعب معهم ، وقد يقضي معهم الساعات الطوال دون أن يحس بالوقت، ولا يمكن لنا أن نحجزه بين أربعة جدران لوحده ، وحتى لو كنا معه في البيت فإنه يبقى بحاجة إلى الخروج واللعب مع أقرانه الأطفال .

إن هذه الغريزة تحمل الجانب الإيجابي أكثر من الجانب السلبي ، حيث يُكّون الطفل علاقات اجتماعية تخلق روح المحبة والتعاون لديه . لكن على الآباء والأمهات أن يحرصوا على حماية أبنائهم من رفاق السوء لئلا يصيبونهم بالعدوى ويصبحون مثلهم شاءوا أم أبوا ، ينبغي أن نحرص على جعل أبنائنا يختارون الأصدقاء الذين يتصفون بالأخلاق الفاضلة ،والصفات الحميدة ، وعلينا كمربين أن نراقب علاقاتهم بالأصدقاء ، ونتعرف باستمرار على أوضاعهم وسلوكهم وتصرفاتهم للحيلولة دون صدور أي تصرف منهم يسيء إليهم وإلى المجتمع ، وعدم تركهم وشأنهم ، فينحرفون ويجرفون معهم غيرهم إلى طريق السوء .

ولا شك أن الإكثار من النشاطات اللاصفية في المدرسة ، وبإشراف معلميهم ، من رياضة وتمثيل وخطابة ورسم ونحت وغيرها من النشاطات المفيدة تمكننا من السمو بهذه الغريزة ، وتعزز العلاقات الاجتماعية بين التلاميذ ، وتخلق فيهم روح المحبة والاخوة والتعاون ، إضافة إلى تنمية مواهبهم وقدراتهم في مختلف المجالات الفنية والأدبية والاجتماعية .

.. يتبع ..

الوافـــــي 31-05-2005 03:54 PM

تابع الفصل الثاني

*********

11 ـ غريزة الحل والتركيب :

أن هذه الغريزة ذات أثر بالغ في تربية أبنائنا إذا ما وجهناها التوجيه الصحيح ، أنها تنمي فيهم روح المتابعة والاستطلاع والابتكار ،وتنشط ذكائهم وقابليتهم ،وينبغي لنا أن نقدم لهم كل دعم ومساندة ، والإجابة على كل استفساراتهم ،ومساعدتهم على تخطي كل الصعاب.

غير أننا ينبغي أن لا ندع الأطفال يعبثون بأشياء أو أمور ذات خطورة لا طاقة لهم بها ولا معرفة ، فيسببون لهم المخاطر والأذى إضافة إلى التخريب والضرر .

وبالإمكان شراء بعض أنواع الألعاب التي تعتمد على الحل والتركيب والتي لا يسبب لهم استعمالها أي ضرر بدني .

*********

12 ـ الغريزة الجنسية :

وتعتبر هذه الغريزة من أقوى الغرائز البشرية وأخطرها في الوقت نفسه ، أنها غريزة البقاء للجنس البشري ، والتي تتشابك مع غريزة الأبوة والأمومة لتكونا معاً اتحاداً مقدساً يجمع بين الذكر والأنثى لكي تنشأ الخلية الصغيرة في مجتمعنا أي [ الأسرة ] حيث يكّون مجموع الأسر المجتمعات البشرية .

تبدأ هذه الغريزة بالظهور منذ مراحل الطفولة الأولى بشكل بسيط وبدائي في بادئ الأمر ، لكنها سرعان ما تتطور في بداية مرحلة المراهقة وتشتد عنفواناً ، حيث نجد الأبناء يميلون كل إلى الجنس الآخر [الذكر والأنثى ] ويأخذ الجنس بالسيطرة على تفكيرهم باستمرار ، ولذلك فأن مرحلة المراهقة تعتبر اخطر مراحل النمو ، وأكثرها حاجة لإشراف الأباء والأمهات والمربين وتقديم النصائح والإرشادات للمراهقين غير مكتملي النضوج والذين يمكن أن يتعرضوا لأخطار كثيرة إذا أهملنا واجبنا كمربين وتركناهم يتخبطون في سلوكهم وتصرفاتهم .

ينبغي أن نعطي اهتماماً كبيراً للتربية الجنسية ، سواء في البيت أو المدرسة ،وعدم التهيب من إعطاء أبنائنا وبناتنا المعلومات الكافية عن الحياة الجنسية ، وينبغي لنا أن ندرك أن الاضطراب العصبي الذي نجده لدى المراهقين عائد في الواقع لتهديدهم من الاقتراب من المسألة الجنسية .

إن سياسة السكوت وحجب الحقائق الجنسية عن الأبناء تؤثران تأثيراً سلبياً بالغاً عليهم ،إضافة إلى أنهم سيدركون أن ذويهم يكذبون عليهم ، وهم سوف يجدون الحقيقة عاجلاً أم آجلاً ، و عندما يكتشفونها فإنهم سوف لن يستمروا بمتابعة طرح الأسئلة على ذويهم ، وسوف يستعيضون عن ذلك بالحصول على كل المعلومات المتعلقة بالحياة الجنسية من زملائهم الآخرين .

إن الكذب على الأبناء عملُ غير صحيح وغير مرغوب فيه ، وإن المعلومات عن المواضيع الجنسية ينبغي أن تعطى لهم تماماً بنفس اللهجة ، ونفس الشيء من المعلومات عن المواضيع الأخرى ، وأن تعطى بنفس الحديث المباشر .

وإذا كان الوالدان غير قادرين على التحدث مع أطفالهم بشكل طبيعي في المواضيع المتعلقة بالجنس فسيدعونهم يستمعون إلى الآخرين الذين هم أقل تمسكاً بالتقاليد وقيم العائلة ، وليس هناك أية صعوبة ، قبل البلوغ ، في جعل الطفل يبقى طبيعياً بالنسبة للجنس ، تماما كما في المواضيع الأخرى وحتى بعد البلوغ سوف تكون أقل بكثير عندما ينعمون بصحة سليمة أكثر مما عندما تكون عقولهم قد امتلأت بالرعب والحرمان غير المعقول .

إن التضحية بالذكاء في سبيل الفضيلة عن طريق جعل الأولاد مشغولين ومتعبين جسدياً ، كي لا تكون لديهم فرصة أو ميل للجنس يسبب لهم الأضرار التالية :
1 ـ يغرس رعباً وهمياً في عقول الأولاد .
2 ـ يسبب نسبة كبيرة من الخداع .
3 ـ يجعل الفكر والشعور في المواضيع الجنسية مشيناً ووهمياً .
4 ـ يسبب تشوقاً فكرياً يظهر مخطئاً ومدمراً ، أو يصبح مؤذياً قذراً يفقد الراحة ،ويعيق الإدراك.
إن من المهم في جميع تصرفاتنا مع الأطفال أن لا نشعرهم أن الحصول على فكرة عن الجنس هو شيء قذر وسري ، إن الجنس موضوع هام جداً، ومن الطبيعي للمخلوقات البشرية أن تفكر به ،وتتكلم عنه وخير لنا أن لا ندع أبنائنا يتعلمون عنه من الجهلة أو المراهقين المنحرفين فينزلقون وينحرفون ، وخاصة ما نراه اليوم من انتشار الأمراض الفتاكة الناجمة عن فقدان الوعي الجنسي والصحي لدى المراهقين بصورة خاصة ، والمنتشرة بشكل خطير في أنحاء العالم كمرض [ فقدان المناعة ] الذي بات يهدد حياة مئات الملايين بالموت المحقق ، وحيث لم يتوصل العلم لحد الآن إلى علاج شافٍ له ، أو الوقاية منه ، والذي يمكن أن يُنقله المصابون للآخرين الذين لا يملكون المعرفة والخبرة الكافية لتجنب هذا الوباء الوبيل .

*********

13 ـ غريزة الضحك :

الضحك سلوك غريزي نجده بشكل واضح لدى الأطفال منذ المراحل الأولى ، فهم يضحكون لأتفه الأسباب ، وقد ينطلق الطفل بالضحك بصورة لاإرادية ، ولاشك أن الضحك يؤثر تأثيراً إيجابياً على الصحة النفسية للأطفال وللكبار على حد سواء ، وينفس عن الضيق والضجر الذي يشعر به المرء في حياته ، وعليه فأن قمع هذه الغريزة لدى أبنائنا يعود بالضرر البليغ على حالتهم النفسية .

إن علينا أن ندعهم ينفسون عن ما في أنفسهم بالضحك والمرح حتى داخل الصف في المدرسة لكي لا نجعل الدروس عبئاً ثقيلاً عليهم ، إن بضع دقائق من الضحك والمرح تخلق روح التجديد والنشاط لدى التلاميذ ، وتجعلهم يقبلون على الدرس برغبة واشتياق ، شرط أن يكون بحدود معقولة لا تدع العبث يطغي على الدرس .ولاشك أن المعلم العبوس ، الذي يرفض أن يمنح تلامذته الابتسامة ، ويستكثر عليهم الانبساط ولو لبضعة دقائق ،يصبح درسه عبئاً ثقيلاً عليهم وبالتالي يكرهونه.

*********

الخلاصة :

نستخلص من كل ما سبق أن الحقيقة التي ينبغي أن نضعها أمام أنظارنا هي أن الوقوف بوجه الغرائز ومحاولة استئصالها ، أو قمعها ، أو بترها أمرٌ ضار جداً ، ومخالف للطبيعة البشرية ، لأن الغرائز لا يمكن قهرها أو إلغائها ، بل يمكن السمو بها وتوجيهها وجهة الخير لكي تعود على أبنائنا بالفائدة التي من أجلها ولدت معنا هذه الغرائز ، فمن المعلوم أن كل شيئ في الوجود يحوي على النواحي الإيجابية والنواحي السلبية ، ولاشك أن دورنا كبير ، وأساسي في التركيز على الجوانب الإيجابية لهذه الغرائز ، وحثّ أبنائنا على التمسك بها ، والتقليل من تأثير الجوانب السلبية ، وبهذا نستطيع خلق الظروف الصحية لنمو أبنائنا أخلاقياً ونفسياً وجسمانياً ، ولاشك أن هذا العمل ليس بالأمر الهين ، وهو يتطلب منا عملاً مثابراً ، ومتواصلاً حتى نستطيع أن نوصل أبناءنا إلى شاطئ السلامة والأمان .

.. يتبع ..

الشــــامخه 02-06-2005 01:41 PM


اخي الكريم / الوافـــــي

جزاك الله خير الجزاء ،، و بارك الله في جهودكم ،، ونفع بكم ،،

فقد والله أفدت وأجدت ،،

وبانتظار المزيد ،،

:)


الوافـــــي 10-06-2005 12:57 AM

الأخت الفاضلة / الشامخة

أشكر لك طيب ما كتبتيه هنا
وأسأل الله أن يكون فيما نكتبه أو ننقله الفئدة الكبرى
وجزاك الله خيرا على دعوتك

تحياتي

:)

الوافـــــي 10-06-2005 01:16 AM

الفصل الثالث

المشاكل السلوكية المكتسبة

أولاً : ماذا يقصد بالمشاكل السلوكية المكتسبة ؟

ثانياً : أنواع المشاكل السلوكية المكتسبة :

1 ـ الكذب .
2 ـ السرقة .
3 ـ التشاجر والتخريب ، وحب الاعتداء .
4 ـ التدخين والكحول .
5 ـ تعاطي المخدرات .


*****

أولاً : ماذا يقصد بالمشاكل السلوكية المكتسبة :

يقصد بالمشاكل السلوكية المكتسبة العادات السيئة التي لا ترجع إلى أية دوافع فطرية ، بل يكتسبها الأبناء من المحيط الذي يعيشون فيه، عن طريق التقليد ، فهي إذا ليست حتمية ، وبالتالي يمكن تجنبها إذا ما نجحنا في تربية أبنائنا تربية صالحة وحذرناهم من عواقب هذا السلوك الذي لا يجلب لهم إلا الشر والأذى .
ويمكننا أن نحدد أهم تلك العادات السيئة والخطرة والتي تصيب أبنائنا بأفدح الأضرار ، والتي ينبغي أن نعير لمعالجتها أهمية خاصة بما يأتي :

1 ـ الكذب .
2ـ السرقة .
3 ـ التشاجر وحب الاعتداء .
4ـ التدخين والكحول .
5 ـ المخدرات

وسأحاول فيما يلي أن اقدم نبذة عن هذه الآفات وسبل حماية أبنائنا من أخطارها .

أولاً : ـ الكذب :

الكذب من ابرز العادات الشائعة لدى الأبناء ، والتي قد تستمر معهم في الكبر إذا ما تأصلت فيهم ، وهذه العادة ناشئة في اغلب الأحيان من الخوف ، وخاصة في مرحلة الطفولة ،من عقاب يمكن أن ينالهم بسبب قيامهم بأعمال منافية أو ذنوب ، أو بسبب محاولتهم تحقيق أهداف وغايات غير مشروعة ،ويكون الغرض منه بالطبع حماية النفس ، وللكذب صلة بعادتين سيئتين أخريين هما السرقة والغش، ويمكن إجمال هذه الصفات الثلاثة السيئة ب [ عدم الأمانة ]، حيث يلجأ الفرد للكذب لتغطية الجرائم التي يرتكبها للتخلص من العقاب ، وقد وجد الباحثون في جرائم الأحداث بنوع خاص أن من اتصف بالكذب يتصف عادة بصفتي الغش والسرقة ،فهناك صلة وثيقة تجمع بين هذه الصفات ،فالكذب والغش والسرقة صفات تعني كلها[ عدم الأمانة ].

يلجأ الكثير من المربين إلى الأساليب القسرية لمنع الناشئة من تكرار هذه العادة ، غير أن النتائج التي حصلوا عليها هي أن هؤلاء استمروا على هذا السلوك ولم يقلعوا عنه ، وعلى هذا الأساس فإن معالجة الكذب لدى أبنائنا يحتاج إلى أسلوب آخر ، إيجابي وفعّال ، وهذا لا يتم إلا إذا درسنا هذه الصفة وأنواعها ومسبباتها ، فإذا ما وقفنا على هذه الأمور استطعنا معالجة هذه الآفة الخطيرة .

أنواع الكذب :

1 ـ الكذب الخيالي :

كأن يصور أحد الأبناء قصة خيالية ليس لها صلة بالواقع ، وكثيراً ما نجد قصصاً تتحدث عن بطولات خيالية لأناس لا يمكن أن تكون حقيقية . وعلينا كمربين أن نعمل على تنمية خيال أطفالنا لكونه يمُثل جانباً إيجابياً في سلوكهم ،و أهمية تربوية كبيرة ، وحثهم لكي يربطوا خيالهم الواسع بالواقع من أجل أن تكون اقرب للتصديق والقبول غير أن الجانب السلبي في الموضوع هو إن هذا النوع يمكن أن يقود صاحبه

إلى نوع آخر من الكذب أشد وطأة ، وأكثر خطورة إذا لم أن نعطيه الاهتمام اللازم لتشذيبه وتهذيبه .

2 ـ الكذب الإلتباسي :

وهذا النوع من الكذب ناشئ عن عدم التعرف أو التأكد من أمر ما ، ثم يتبين أن الحقيقة على عكس ما روى لنا الشخص ، فهو كذب غير متعمد ، وإنما حدث عن طريق الالتباس وهذا النوع ليس من الخطورة بمكان .وهنا يكون دورنا بتنبيه أبنائنا إلى الاهتمام بالدقة وشدة الملاحظة تجنباً للوقوع في الأخطاء .

3 ـ الكذب الادعائي :

وهذا النوع من الكذب يهدف إلى تعظيم الذات ، وإظهارها بمظهر القوة والتسامي لكي ينال الفرد الإعجاب ، وجلب انتباه الآخرين ، ومحاولة تعظيم الذات ، ولتغطية الشعور بالنقص ، وهذه الصفة نجدها لدى الصغار والكبار على حد سواء ، فكثيراً ما نجد أحداً يدعي بشيء لا يملكه ، فقد نجد رجلاً يدعي بامتلاك أموال طائلة ، أو مركز وظيفي كبير ، أو يدعي ببطولات ومغامرات لا أساس لها من الصحة ، وعلينا في مثل هذه الحالة أن نشعر أبنائنا أنهم إن كانوا اقل من غيرهم في ناحية ما فإنهم احسن من غيرهم في ناحية أخرى ، وعلينا أن نكشف عن كل النواحي الطيبة لدى أطفالنا وننميها ونوجهها الوجهة الصحيحة لكي نمكنهم من العيش في عالم الواقع بدلاً من العيش في عالم الخيال الذي ينسجونه لأنفسهم وبذلك نعيد لهم ثقتهم بأنفسهم ، ونزيل عنهم الإحساس بالنقص.

4 ـ الكذب الانتقامي :

وهذا النوع من الكذب ناشئ بسبب الخصومات التي تقع بين الأبناء وخاصة التلاميذ ، حيث يلجأ التلميذ إلى إلصاق تهم كاذبة بتلميذ آخر بغية الانتقام منه ، ولذلك ينبغي علينا التأكد من كون التهم صحيحة قبل اتخاذ القرار المناسب إزاءها ، وكشف التهم الكاذبة ، وعدم فسح المجال أمام أبنائنا للنجاح في عملهم هذا كي يقلعوا عن هذه العادة السيئة .

.. يتبع ..

الوافـــــي 10-06-2005 01:18 AM

5 ـ الكذب الدفاعي :

وهذا النوع من الكذب ينشأ غالباً بسبب عدم الثقة بالأباء والأمهات بسبب كثرة العقوبات التي يفرضونها على أبنائهم ، أو بسبب أساليب القسوة والعنف التي يستعملونها ضدهم في البيت مما يضطرهم إلى الكذب لتفادي العقاب ، وهذا النوع من الكذب شائع بشكل عام في البت والمدرسة ، فعندما يعطي المعلم لطلابه واجباً بيتيا فوق طاقتهم ويعجز البعض عن إنجازه نراهم يلجئون إلى اختلاق مختلف الحجج والذرائع والأكاذيب لتبرير عدم إنجازهم للواجب ، وكثيراً ما نرى قسماً من التلاميذ يقومون بتحوير درجاتهم من الرسوب إلى النجاح في الشهادات المدرسية خوفاً من ذويهم .

وفي بعض الأحيان يكون لهذا النوع من الكذب ما يبرره حتى لدى الكبار ، فعندما يتعرض شخصاً ما للاستجواب من قبل السلطات القمعية بسبب نشاطه الوطني ، يضطر لنفي التهمة لكي يخلص نفسه من بطش السلطات وفي مثل هذه الأحوال يكون كذبه على السلطات مبرراً .

إن معالجة هذا النوع من الكذب يتطلب منا آباء ومعلمين أن ننبذ الأساليب القسرية في تعاملنا مع أبنائنا بصورة خاصة ، ومع الآخرين بصورة عامة ،كي لا نضطرهم إلى سلوك هذا السبيل .

6 ـ الكذب الوقائي [ الدفاعي ] :

وهذا النوع من الكذب نجده لدى بعض الأبناء الذين يتعرض أصدقاءهم لاتهامات معينة فيلجئون إلى الكذب دفاعاً عنهم . فلو فرضنا أن تلميذاً ما قام بكسر زجاجة إحدى نوافذ الصف ، فإننا نجد بعض التلاميذ الذين تربطهم علاقة صداقه وثيقة معه ينبرون للدفاع عنه ، نافين التهمة رغم علمهم بحقيقة كونه هو الفاعل . وعلى المربي في هذه الحالة أن يحرم هؤلاء من الشهادة في الحوادث التي تقع مستقبلاً لكي يشعروا أن عملهم هذا يقلل من ثقة المعلم بهم ، وعليه عدم اللجوء إلى الأساليب القسرية لمعالجة هذه الحالات ، وتشجيع التلاميذ على الاعتراف بالأخطاء والأعمال التي تنسب لهم ، وان نُشعر الأبناء إلى أن الاعتراف بالخطأ سيقابل بالعفو عنهم ، وبذلك نربي أبناءنا على الصدق والابتعاد عن الكذب .

7 ـ الكذب الغرضي [ الأناني ] :

ويدعى هذا النوع من الكذب كذلك [الأناني ]، وهو يهدف بالطبع إلى تحقيق هدف يسعى له بعض الأبناء للحصول على ما يبتغونه ، فقد نجد أحدهم ممن يقتر عليه ذويه يدعي انه بحاجة إلى دفتر أو قلم أو أي شيء آخر بغية الحصول على النقود لإشباع بعض حاجاته المادية . أن على الأهل أن لا يقتروا على أبنائهم فيضطرونهم إلى سلوك هذا السبيل

8 ـ الكذب العنادي :

ويلجأ الطفل إلى هذا النوع من الكذب لتحدي السلطة ، سواء في البيت أو المدرسة ، عندما يشعر أن هذه السلطة شديدة الرقابة وقاسية ، قليلة الحنو في تعاملها معه ،فيلجأ إلى العناد ، وهو عندما يمارس هذا النوع من الكذب فإنه يشعر بنوع من السرور ، ويصف الدكتور القوصي حالة تبول لا إرادي لطفل تتصف أمه بالجفاف الشديد ، فقد كانت تطلب منه أن لا يشرب الماء قبل النوم ، لكنه رغبة منه في العناد كان يذهب إلى الحمام بدعوى غسل يديه ووجهه ، لكنه كان يشرب كمية من الماء دون أن تتمكن أمه من ملاحظة ذلك مما يسبب له التبول اللاإرادي في المنام ليلاً (12)

9 ـ الكذب التقليدي :

ويحدث هذا النوع من الكذب لدى الأطفال حيث يقلدون الآباء والأمهات الذين يكذب بعضهم على البعض الآخر على مرأى ومسمع منهم ،أو يمارس الوالدان الكذب على الأبناء ، كأن يَعِدون أطفالهم بشراء هدية ما ، أو لعبة ، فلا يوفون بوعودهم فيشعرون بأن ذويهم يمارسون الكذب عليهم ، فيتعلمون منهم صفة الكذب ، وتترسخ لديهم هذه العادة بمرور الوقت .

إن على الوالدين أن يكونا قدوة صالحة لأبنائهم ، وأن يكونا صادقين وصريحين في التعامل معهم ، فهم يتخذونهم مثالاً يحتذون بهم كيفما كانوا .فإن صلح الوالدين صلح الأبناء ، وإن فسدوا فسد أبناؤهم .

10 ـ الكذب المرضي المزمن :

وهذا النوع من الكذب نجده لدى العديد من الأشخاص الذين اعتادوا على الكذب ، ولم يعالجوا بأسلوب إيجابي وسريع ،فتأصلت لديهم هذه العادة بحيث يصبح الدافع للكذب لاشعورياً وخارجاً عن إرادتهم ، وأصبحت جزءاً من حياتهم ونجدها دوما في تصرفاتهم وأقوالهم ، وهم يدعون أموراً لا أساس لها من الصحة ، ويمارسون الكذب في كل تصرفاتهم وأعمالهم ، وهذه هي اخطر درجات الكذب ، واشدها ضرراً ، وعلاجها ليس بالأمر السهل ويتطلب منا جهوداً متواصلة ومتابعة مستمرة .

كيف نعالج مشكلة الكذب ؟

لمعالجة هذه الآفة الاجتماعية لدى أبنائنا ينبغي لنا نلاحظ ما يلي :

1 ـ التأكد ما إذا كان الكذب لدى أبنائنا نادراً أم متكرراً .
2 ـ إذا كان الكذب متكرراً فما هو نوعه ؟ وما هي دوافعه ؟
3 ـ عدم معالجة الكذب بالعنف أو السخرية والإهانة ، بل ينبغي دراسة الدوافع المسببة للكذب .
4 ـ ينبغي عدم فسح المجال للكاذب للنجاح في كذبه ، لأن النجاح يشجعه على الاستمرار عليه .
5 ـ ينبغي عدم فسح المجال للكاذب لأداء الشهادات.
6 ـ ينبغي عدم إلصاق تهمة الكذب جزافاً قبل التأكد من صحة الواقعة .
7 ـ ينبغي أن يكون اعتراف الكاذب بذنبه مدعاة للتخفيف أو العفو عنه ، وبهذه الوسيلة نحمله على قول الصدق .
8 ـ استعمال العطف بدل الشدة ، وحتى في حالة العقاب فينبغي أن لا يكون العقاب اكبر من الذنب بأية حال من الأحوال .
9 ـ عدم إرهاق التلاميذ بالواجبات البيتية .
10 ـ عدم نسبة أي عمل يقوم به المعلمون أو الأهل إلى التلاميذ على أساس انه هو الذي قام به ، كعمل النشرات المدرسية ، أو لوحات الرسم وغيرها من الأمور الأخرى .

وختاماً
ينبغي أن نكون صادقين مع أبنائنا وطلابنا في كل تصرفاتنا وعلاقاتنا معهم ، وأن ندرك أن الطفل الذي ينشأ في محيط يحترم الصدق يتعود عليه ، وأنه إذا ما توفر له الاطمئنان النفسي والحرية والتوجيه الصحيح فإن الحاجة تنتفي إلى اللجوء إلى الكذب .

.. يتبع ..

الوافـــــي 10-06-2005 01:20 AM

ثانياً : السرقة :

السرقة نوع من السلوك يعّبر به صاحبه عن حاجة شخصية ، أو نفسية ، وهي كصفة الكذب ليست عادة فطرية ، بل مكتسبة ،أساسها الرغبة في التملك بالقوة ، وبدون وجه حق ،أو بسبب العوز والحاجة ،وخاصة عند ما يجد الطفل زملائه يحصلون من ذويهم على كل ما يشتهون ويطلبون ،وعدم قدرته على إشباع حاجاته ورغباته أسوة بزملائه ، وهذه الصفة ذات تأثير اجتماعي سيئ جداً ، لأن ضررها يقع على الآخرين ، ولمعالجة هذه الظاهرة لدى أبنائنا يتطلب منا أولاً أن نتعرف على دوافع السرقة والتي يمكن تلخيصها بما يلي :

1 ـ دوافع ظاهرية : وتتلخص هذه الدوافع في :
أ ـ الرغبة في إشباع الحاجة ، ويتمثل أخطرها لدى المراهقين المدمنين على المخدرات .
ب ـ الرغبة في إشباع الميول والعاطفة والهوايات .
ج ـ الرغبة في التخلص من مأزق .
د ـ الرغبة في الانتقام .

2 ـ دوافع لاشعورية : وهي ناجمة عن علاقة السارق بالبيئة التي يعيش فيها ، والعلاقات الاجتماعية السائدة فيها ، حيث يتعلم الأبناء من ما حولهم من الأولاد المنحرفين سلوكياً .

ولابد أن أشير إلى أن السرقة لها حالات مختلفة ، فقد تكون السرقة فردية ، وقد تكون جماعية ، وقد يسرق الشخص نوعاً معيناً من الأشياء ، أو أنواعاً متعددة ، وقد يكون السارق تابعاً ، وقد يكون متبوعاً ، وقد تكون السرقة رغبة ذاتية ، وقد تكون بالإكراه .ولاشك أن لكل واحدة من هذه الأنواع طريقة معينة للعلاج تختلف عن الأخرى .

كيف نعالج مشكلة السرقة ؟

يرى علماء التربية وعلم النفس أن السرقة تتطلب أن يكون لدى السارق مهارات عقلية ، وجسمية هامة تمكنه من القيام بهذا العمل الخطير والضار ، وقد تم تحديدها بما يلي :

أ ـ سرعة الحركة ، وخصوصاً حركة الأصابع .
ب ـ دقة الحواس ، من سمع وبصر .
ج ـ الجرأة وقوة الأعصاب
د ـ الذكاء .
و ـ الملاحظة الدقيقة والاستنتاج .

وطبيعي أن هذه المهارات تكون ذات فائدة عظمى بالنسبة لأبنائنا ، إذا ما وجهت توجهاً خيراً وصحيحاً ، وإن بالإمكان أن نوجهها كذلك ، إذا اتبعنا الأساليب التربوية الصحيحة . فلو وجدنا مثلاً طفلاً يمد يدهإلى شيء لا يملكه ، فيجب أن نعلمه بشكل هادئ أن عليه أن يستأذن قبل أن يأخذه ، لأن هذا الشيء لا يعود إليه ، وينبغي عدم اللجوء إلى التعنيف وكيل الأوصاف القاسية من لصوصية وغيرها لآن هذا الأسلوب له نتائج عكسية لما نبتغي .

كما أن علينا أن لا نشعر الطفل عند قيامه بهذا العمل للمرة الأولى بأنه لص ، أو ما شابه ذلك ، حيث أن لهذا التصرف تأثير شيء على مستقبل الطفل ، بل علينا أن نتتبع دوافع السرقة لنتمكن من اتخاذ الوسائل الكفيلة بعلاجه، ونعمل على إشباع رغبته التي دفعته للسرقة بالطرق والأساليب الصحيحة ، لنجعله قادراً على ضبط رغباته والتحكم فيها . كما أن علينا أن نخلق لدى الطفل شعوراً بالتملك ، ونعلمه ما يخصه وما لا يخصه وكيف يحافظ على الأشياء التي تخصه .

ولابدّ لنا أن نخصص لأبنائنا مصروفاً يومياً ، مع الأشراف على طريقة صرفهم للنقود ، وتعويدهم على عادة الادخار . إن الطفل الذي يرى زملائه يصرفون ويشترون داخل المدرسة وخارجها ، ولأبجد لديه ما يشتري به أسوة بزملائه ، قد يلجأ إلى الحصول على النقود أو الأشياء بطريق غير شرعي ، وغير سليم.

وأخيراً فأن تعزيز الصداقة بين الأبناء وأصدقائهم ، والمعاملة الطيبة التي يلقونها في البيت والمدرسة من قبل الآباء والأمهات والمعلمين والإدارة عامل هام لمنع وقوع السرقة ، فمن المعروف أن الصديق لا يفكر بالسرقة من صديقه .

إن علينا أن نستغل الجوانب الإيجابية لدى أبنائنا من أجل رفع مستواهم العقلي والاجتماعي ، وجعلهم يشعرون بقيمتهم في المجتمع عند ما يكونوا أمناء ، كما أن إشباع حاجاتهم المادية يجعلهم لا يشعرون بوجود تباين طبقي بين طفل وآخر ، وهذا هو أحد الأسباب الهامة التي تمنع وقوع السرقة بين أبنائنا .

ولابد أن أشير إلى أن الطفل الذي ينشأ في بيئة تحترم الصدق قولاً وعملاً ، ينشأ أمينا في كل أقواله وأعماله ، وخاصة إذا وفرنا له حاجاته النفسية الطبيعية ، من الاطمئنان والحرية والتقدير والعطف ، والشعور بالنجاح ، فإذا ما وفرنا له كل ذلك فإنه لن يلجأ إلى التعويض عن النقص ، أو التغليف ضد القسوة أو الانتقام وغيرها من الاتجاهات التي تجد في أنواع الكذب صوراً مناسبة للتعبير عن نفسها .

.. يتبع ..

الوافـــــي 10-06-2005 01:21 AM

ثالثاً : التشاجر ، والتخريب ،وحب الاعتداء :

من المشاكل التي نواجهها لدى أبنائنا سواء كان ذلك في المدرسة أو خارجها ، هي الميل الموجود لديهم للتخريب وللتشاجر والاعتداء على بعضهم البعض ، والانتقام والمعاندة والمشاكسة والتحدي والاتجاه نحو التعذيب والتنغيص وتعكير الجو العام ، وإحداث الفتن .
ويصاحب الاعتداء والتشاجر عادةً حالة من نوبات الغضب بصور ودرجات مختلفة ، والغضب كما هو معروف حالة نفسية يشعر بها كل إنسان ، لكنهم يختلفون في أساليب التعبير ،وفي ردود أفعالهم عند ما تنتابهم نوبة الغضب ، فقد يلجأ أحدهم إلى الضرب او إلى التخريب والاعتداء على الممتلكات وغيرها ، و قلما يمر يوم واحد دون أن نجد العشرات من الحوادث من هذا القبيل . فلماذا يحدث هذا الميل لدى الأبناء ؟ وما هي سبل العلاج ؟

لقد ذكرنا فيما سبق أن لدى كل إنسان استعداد فطري متأصل [غريزة المقاتلة والخصام ] ونحن لا يمكننا أن نقتلع هذه الغريزة مطلقاً ، وإن أي محاولة من هذا النوع ليس فقط سيكون مصيرها الفشل ، بل أنها سوف تؤثر تأثيراً سلبياً بالغاً على شخصية الطفل ، بحيث يغدو جباناً ، ومنطوياً على نفسه ، يتملكه الخوف ، ويتسم بضعف الشخصية . فالواجب يقتضي منا أن نعمل على توجيه هذه الغريزة نحو البناء لا الهدم ،وعلينا أن نخلق جيلاً شجاعاً يعتد بشخصيته ، و أن نغرس فيه روح المحبة للإنسانية ، وأن نخلق البيئة اللازمة لأبنائنا التي تستطيع إعطاءهم الأمن والاحترام والتقدير ، وأن نهيئ لهم نشاطاً اجتماعياً مفيداً يعبرون فيه عن نوازعهم ويستخدمون طاقاتهم في مختلف المجالات الرياضية والاجتماعية والأدبية وغيرها .

ولا بدّ أن أشير هنا إلى أن الوراثة لها دور كبير في انحراف الأبناء ، فلا بدّ والحالة هذه من دراسة الأوضاع العائلية في كل حالة بصورة دقيقة ، والوقوف أوضاع وسلوك أبويه واخوته ، لكي نستطيع معالجة ذلك بشكل صحيح .

ينبغي علينا أن لا نقيد حرية أبنائنا بشكل قاسٍ ، وطبيعي يجب أن لا نمنحهم الحرية المطلقة ليفعلوا ما يشاء ون، إذ أن كلا الحالتين تؤديان إلى ضرر بليغ .

كما أن على الآباء والأمهات والمعلمين أن لا يقابلوا غضباً بغضب ، بل ينبغي معالجة المشاكل بحكمة وهدوء ودراية ، وأن نوجه الأبناء الميالين للعنف نحو الألعاب الرياضية والفن والرسم والمسرح ، لكي يستنفذوا طاقاتهم في هذا المجال ، وعلى المربين أن يشيعوا داخل المدرسة جواً مشبعاً بالود والمحبة تجاه التلاميذ بحيث يشعرونهم أنهم يعيشون في جو عائلي حقيقي تسوده المحبة والتعاطف والتعاون بين أفرادها.

.. يتبع ..

الوافـــــي 10-06-2005 01:23 AM

رابعاَ : التدخين والكحول :

من المشاكل الخطيرة التي يتعرض لها أبنائنا هي إقبال الكثير منهم على عادتي التدخين وشرب الكحول السيئتين واللتين إذا ما أدمنوا عليهما فإنهما تسببان لهم افدح الأضرار .

ولا شك أن الأبناء ميالون دائماً للتقليد ، وأن أقرب من يقلدوه هم بالدرجة الأساسية الأباء والأمهات ، إضافة إلى تقليد الأصدقاء ، فعندما يرى الأبناء آبائهم وأمهاتهم يدخنون ، أو يتناولون الكحول ، فأنهم لابد وان يشعروا بالرغبة في تجريب ذلك ولسان حالهم يقول أن آبائنا وأمهاتنا يدخنون ويتناولون الكحول فلماذا نحن لا ؟
يقول الإمام علي عليه السلام في إحدى حكمه :
لا تنهى عن خلق وتأتي مثله = عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
<******>doPoem(0) كما يقول المتنبي في هذا الصدد :
يا أيـها الرجل المعلم غيره = هلا لنفسك كان ذا التعليمُ
تصـف الدواء لذي الضنى = كي ما يصح به وأنت سقيمُ
<******>doPoem(0)
فكيف نستطيع أن نقنع أبنائنا بمخاطر التدخين والكحول ونحن نمارس هذا العمل أمامهم ؟ وهل سيصدقوننا في دعوانا ؟ أن هذا أمر مستحيل ، و بكل تأكيد سنكون لهم قدوة سيئة ، وسنتحمل مسؤولية كبرى في انحراف أبنائنا .إن علينا أن نعطيهم المثال والقدوة الحسنة ، وعلينا أن نوضح لهم وباستمرار مخاطر هاتين العادتين السيئتين على صحتهم وحياتهم ، وخاصة بعد أن اثبت الأبحاث بما لا يقبل الشك أن اخطر مسببات السرطان بأنواعه هو التدخين ، إضافة إلى مخاطر أمراض القلب والكليتين ، وتسوس الأسنان ..الخ .

كما ينبغي أن نوضح لهم أن الإدمان على الكحول يجعل الإنسان يفقد سيطرته على تصرفاته ويسبب له الكثير من المشاكل ، ويفقده القدرة على التركيز ، وبالتالي الفشل في وضياع مستقبله .كما أن على الآباء والأمهات أن يلاحظوا أبنائهم ويتحسسوا روائحهم وروائح ملابسهم للتأكد ما إذا كان أبناءهم يدخنون أو يتناولون الكحول ، ويجب أن يعرفوا أين صرف أبناءهم النقود ، وهل أن ما صرفوه مساوياً لما أعطوه لهم أم لا ، وأن يتأكدوا من مصادر النقود أن كانت تزيد عن ما أعطوه لهم

إذ ربما يلجأ الأبناء إلى طرق غير مشروعة للحصول على النقود من أجل تأمين السجائر أو الكحول وعليهم أن يتعرفوا على أصدقائهم ، وسلوكهم وأخلاقهم من أجل إبعادهم عن رفاق السوء .

إن على المدرسة أن تقوم بدورها في تحذير التلاميذ من مخاطر هاتين العادتين عن طريق تقديم دروس عملية ونظرية مدعمة بوسائل الإيضاح البصرية والسمعية عن مضار هاتين العادتين السيئتين ، والاستعانة بالأفلام التي يمكن الحصول عليها من وزارة الصحة ، والتي تبين الأضرار الجسيمة التي تصيب المدمنين .

وتقع على عاتق الدولة مسؤولية حشد وسائل الأعلام ، المتوفر لديها للتحذير باستمرار من أخطار الإدمان وعرض نماذج لما تعرض له الكثير من المدمنين ، ومنع التدخين في المحلات العامة ،ومنع الدعاية لها . كما تلعب الصحافة دوراً هاماً في هذا المجال.

.. يتبع ..

الوافـــــي 10-06-2005 01:24 AM

خامساً : المخدرات :

إنها وبكل تأكيد أخطر ما يواجه أجيالنا اليوم ، أنها تفوق كل المخاطر الأخرى التي يمكن أن يتعرض لها أبناءنا ، إنها تسرق منا أبنائنا وتحيلهم حطاماً وتدمر مستقبلهم ، وتدفعهم إلى الجريمة شاءوا أم أبوا .من أجل تأمين النقود اللازمة لشرائها إذا ما أدمنوا عليها .

إن العصابات المجرمة الساعية إلى الإثراء السريع على حساب حياة أبنائنا ومستقبلهم يلجئون إلى أبشع أسلوب في جرهم إلى تناول المخدرات ، وبالتالي الإدمان ، فهم يحاولون في بادئ الأمر تزويدهم بالمخدرات بصورة مجانية لعدة مرات ريثما يدمنون عليها فلا يستطيعون الاستغناء عنها وبذلك يصبح المدمن مضطراً إلى اللجوء إلى مختلف الوسائل والسبل للحصول على النقود لشراء المخدرات ويتحولون شيئاً فشيئاً إلى عناصر مدمنة على الأجرام .

ورغم أن الدولة تكافح بكل الوسائل والسبل تهريب المخدرات إلى داخل البلد ، وتتابع المشبوهين في المتاجرة فيها والمدمنين عليها ، إلا أن هذا لا يكفي ، لأن يداً واحدة لا تصفق .

أن مكافحة المخدرات تتطلب تعاوناً وثيقاً بين الدولة من جهة وأولياء أمور الأبناء والمدرسة من جهة أخرى .
فعلى الأباء والأمهات والمعلمين ، وإدارة المدارس أن تراقب أوضاع التلاميذ وتصرفاتهم وعلاقاتهم داخل المدرسة وخارجها . ولاشك أن تصرفات الأبناء وسلوكهم وعلاقاتهم بغيرهم ، وخاصة من غير المحيط المدرسي ، يمكن أن تكشف لنا عما إذا كان الأبناء يتناولون المخدرات أم لا ، وبالإمكان ملاحظة جملة من التغيرات التي تطرأ على المراهقين الذين يتعاطون المخدرات والتي من أبرزها :

1 ـ الفقدان المفاجئ للاهتمام بالأسرة والصداقات الطويلة المدى .
2 ـ مصاحبة أصدقاء غير معروفين ، أو أفراد غير معروفين .
3 ـ تدني مستوى التحصيل الدراسي المفاجئ .
4 ـ تقلب المزاج ، والاكتئاب .
5 ـ ضعف النشاط والحيوية .
6 ـ سرعة الاستثارة والغضب ، والصراع غير العادي مع أفراد الأسرة
7 ـ بُطء الكلام واضطرابه .
8 ـ نقص الوزن أو زيادته بصورة ملحوظة .
9 ـ الرجوع إلى المنزل مخموراً أو متبلداً .
10 ـ إحضار المواد المخدرة إلى المنزل والتباهي بامتلاكها .
11 ـ ممارسة السرقة .
12 ـ طلب النقود بصورة غير عادية ودون مبرر واضح .
13 ـ التحذير من قبل المعلمين أو الجيران أو الأقران .

الأسباب التي تساعد على توجه المراهقين نحو المخدرات :

أن أهم الأسباب التي تشجع المراهقين على تناول المخدرات يمكن إجمالها بما يلي :

1 ـ عامل البيئة والظروف الأسرية التي يعيش فيها الفرد ، وخاصة الأبناء الذين تربطهم علاقات ضعيفة بالوالدين .
2 ـ السلوك المتسم بالقسوة والرفض من قبل الوالدين ، والذي يقابله التمرد والسلوك المضاد للمجتمع من قبل المراهقين .
3 ـ التصدع الأسري والانفصال والطلاق بين الوالدين .
4 ـ استخدام المواد المخدرة من قبل أحد الوالدين أو كليهما .
ومما تقدم يتبين لنا أن هناك خصائص عامة مشتركة تميز البيئة الأسرية التي ينتمي إليها مدمني المخدرات وذوي الاضطرابات السلوكية .

أن على الأهل قبل كل شيء أن يكونوا القدوة الحسنة ، والمثال الجيد لأبنائهم أولاً ، وأن يراقبوا ويدققوا في أوضاعهم ، ويحرصوا على معرفة كيفية حصول الأبناء على النقود ، وهل أن ما لديهم وما يصرفوه يزيد على ما يُعطى لهم ، والبحث والتدقيق في مصدر تلك النقود الزائدة .

إن عليهم الحرص على كون أصدقاء أبنائهم ممن يتصفون بالأخلاق الفاضلة والسلوك الحميد .
ولاشك أن اللجوء إلى العنف إذا ما شعر الأهل بتناول أبنائهم المخدرات لا يمنعهم من نبذ هذه الآفة، وان السبيل الصحيح لمعالجة ذلك هو الاتصال بالمؤسسة الصحية التي تقوم بمعالجة المدمنين حيث أن لديها الوسائل الكفيلة بإنقاذ أبنائنا من هذا الوباء الوبيل ، ومن تلك الوسائل استخدام العقاقير الطبية ، والتحليل النفسي ، وتعديل السلوك في الأماكن المنعزلة [ المصحات ] ، هذا بالإضافة إلى جهود البيت والمدرسة في هذا السبيل .

كما أن علينا أن نتعاون في كشف العصابات التي تسعى إلى بث هذه السموم ، وإبلاغ السلطات عنهم لكي يقدموا للقضاء ،والتخلص من شرهم .

.. يتبع ..

الوردة الندية 20-06-2005 08:07 AM

<******>drawGradient()

الوافـــــي 22-06-2005 06:42 PM

الأخت الفاضلة / ورد المستقبل

شكرا لمرورك العاطر من هذا الموضوع وتعليقك عليه
وسنستمر بإذن الله تعالى

تحياتي

:)

الوافـــــي 22-06-2005 06:46 PM

الفصل الرابع

المشاكل والاضطرابات الشخصية


أولاً : ماذا يقصد بالمشاكل والاضطرابات الشـخصية :

ليس من السهل التعرف على الأطفال الذين يعانون من الاضطرابات الشخصية ، ذلك لأن معاناتهم تحث في العادة بصمت بحيث لا يبدو عليهم أنهم مختلفون أو مزعجون بالنسبة لمعلميهم ، وإدارة مدرستهم ، كما أنهم لا يمارسون أية سلوكيات خطيرة ومضر للآخرين ، بل نجدهم ميالين للهدوء والبساطة ، وتجنب التوتر والإزعاج ، وربما نجدهم في بعض الأحيان ميالين للاستبداد البسيط من أجل الحفاظ على الهدوء والسكينة في البيت .

وقد يستثارون في أحيان أخرى إذا تغيرت الأحوال من حولهم ، ويشعرون بالانزعاج إذا ما كلفهم المعلم بوجبات بيتية صعبة . كما أنهم يخشون العلاقة مع زملائهم الأطفال ، ويميلون إلى الحذر من المخاطر مهما كانت بسيطة .

إن المربي يستطيع من خلال خبرته وتجربته أن يتلمس المشكلات التي يعاني منها هؤلاء الأطفال والمراهقين من خلال الملاحظات التالية :

1 ـ انخفاض مستواهم الدراسي بصورة كبيرة لا تتناسب مع قدراتهم العقلية .
2 ـ ظهور علامات الانزعاج لأتفه الأسباب .
3 ـ ظهور علامات الخجل والانكماش ، والابتعاد عن المشاركة في الأنشطة العامة وحتى الدراسة .
4 ـ القلق وعدم الشعور بالأمان ، أو المرض العصبي .
5 ـ الاكتئاب والانطواء ، وقد يعقبها حالة من الثورة والبكاء .

ويعتقد الكثير من الآباء والأمهات أن ظهور هذه المؤشرات لدى أطفالهم لا يعدو عن كونه مجرد مشاكل بسيطة تتعلق بمراحل النمو،وأنها ستزول عند الكبر .كما أن بعض المربين ربما يحاولون تجنب مثل هؤلاء الأطفال الذين لا يتميزون بمواهب ملحوظة ، ولا يثيرون المشاكل في الصف أو المدرسة غير مدركين حقيقية ما يعانونه من اضطرابات نفسية .

قد ينتاب هؤلاء الأطفال والمراهقين أحياناً نوبة من الغضب والثورة ويعقبهما نوبة بكاء ، وقد يلجئون إلى الفرار من المدرسة ، وفي الغالب يبدو عليهم [ الجبن] في تعاملهم مع الآخرين ،ويتسمون [بالخجل] ، و[عدم الثقة بالنفس ]و [ الحساسية الزائدة ] حيال أي تغير مهما كان طفيفاً في تفاعلاتهم العادية مع زملائهم ، وتنتابهم مشاعر الضيق ،والابتعاد عن التعامل مع الآخرين بسبب إخفاقهم في إظهار قدرتهم على المواجهة ،أو تكوين علاقات عادية مقبولة مع زملائهم .

كما تؤدي الحساسية إزاء ردود أفعال الآخرين في الغالب إلى شعور هولاء الأطفال ب[ الخجل ] غير الطبيعي والارتباك وتجنب عمل أي شيء مفضلين الانزواء داخل الصف خشية الوقوع في الخطأ عندما يوجه لهم المعلم أي سوأل ،أو خشية سماع تعليقات غير لائقة من زملائهم .

.ويعاني الأطفال ذوي المشكلات الشخصية من التشاؤم وفقدان الأمل في إشباع حاجاتهم ، والإحباط ، وتجنب الإقدام والمثابرة الإيجابية ، ولا يسعون إلى تحقيق أهدافهم ، وقد يدعم هذا شعورهم بأنه لا يوجد شيء في الحياة يستحق البقاء ، وتنتابهم نوبات الحزن ، ولوم النفس واليأس الذي قد يجعلهم يفكرون بالانتحار إذا ما ساءت أحوالهم ، ولم تجري معالجتهم في الوقت المناسب إن هذه السمات والخصائص التي ذكرناها لدى الأطفال ذوي المشاكل الشخصية ليست خاصة بهؤلاء فقط ، فقد تظهر هذه السمات أو بعضها لدى الآخرين من غير ذوي المشكلات الشخصية ، ولكن

عندما تبدأ هذه الخصائص في التأثير على عادات الطفل العادية ، وقدرته على الشعور بالراحة وإقامة علاقات عادية مع الآخرين ، وهبوط مستواه الدراسي دون مستوى قدراته العقلية ، عند ذلك يمكن القول أن الطفل يتعرض للمشاكل الشخصية ، ويتطلب من المربين من ذوي المؤهلات المتخصصين في العلاج النفسي التدخل لعلاجه .

..يتبع ..

الوافـــــي 22-06-2005 06:49 PM

ما هي العوامل المسببة للمشاكل والاضطرابات الشخصية ؟

إن العوامل المسببة للمشاكل والاضطرابات الشخصية يمكن أن نحددها بما يلي :

1 ـ العوامل الوراثية .
2 ـ العوامل النفسية .
3 ـ المؤثرات الأسرية .


أولاً : العوامل الوراثية :

تشير الدراسات التي أجراها العلماء والباحثون في مجالي التربية وعلم النفس أن العوامل الوراثية تلعب دوراً خطيراً في ظهور الاضطرابات الشخصية ، فقد أوضحت الدراسات التي أجراها العالم [ ديفيد روزنثال ] رئيس معمل علم النفس بالمعهد الوطني للصحة النفسية في الولايات المتحدة أن أقرباء الدرجة الأولى [ الوالدين،والأخوة والأبناء ] يمكن أن تظهر بينهم اضطرابات الشخصية بمعدل الضعف بالمقارنة مع أقرباء الدرجة الثانية [ الأجداد والأعمام والأحفاد ] حيث تزداد احتمالية تعرض الأفراد لتلك المشكلات كلما زادت درجة القرابة بينهم .

وهناك العديد من العلماء الذين يمزجون بين عوامل الوراثة وعوامل البيئة كعوامل مترابطة ومتلازمة في كل مرحلة من مراحل نمو الفرد ، وهناك من يعتقد أن البيئة لا يمكن أن تؤثر إلا على الإنسان الذي يحمل خصائص وراثية معينة .

كما أوضحت الدراسات التي أجراها كل من الباحثون بكلية الطب [بجامعة بيل ] الأمريكية [ليكمان و ووايزمان و مريكانجر و بوليس و بروسوف ] أن أقارب الدرجة الأولى لأفراد مصابين باضطرابات الاكتئاب أو الهلع هم أكثر عرضة للإصابة بتلك الاضطرابات ، كما اتضح من تلك الدراسات أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين [5 ـ17] سنة ،والتي تنتشر تلك الاضطرابات بين والديهم هم اكثر عرضة أيضاً للإصابة باضطرابات القلق والاكتئاب والهلع مثل الوالدين تماماً ، وأن هناك علاقة وثيقة بين اضطرابات القلق والاكتئاب لدرجة أن حدوث أحدهما يزيد احتمالية حدوث الآخر كما أجرى العالم [أزنك وبريل] دراسات على التوائم [ أحادي البيضة ] ، و[ ثنائي البيضة ] ، وقد أوضحت تلك الدراسات تزايد معدل حدوث تلك المشكلات الشخصية بين زوجي التوائم المتماثلة بحيث إذا أصيب أحدهما بمشكلة ما فغالباً ما يصاب الآخر بها .وعليه فقد اصبح واضحاً أن العوامل الوراثية تلعب دوراً أساسياً كمسببات للمشكلات الشخصية لدى الأطفال والمراهقين ،ورغم صعوبة تحديد مدى تأثير العوامل الوراثية ، فإن هناك بعض الأفراد قد تظهر لديهم استعدادات للإصابة بالقلق والاكتئاب كرد فعل للنظام البيئي الذي يعيشون فيه ، ومن المهم أن نأخذ في اعتبارنا أن الأطفال والمراهقين يحملون معهم خصائص واستعدادات وميولا معينة إلى النظام البيئي الذي يعيشون فيه ، وينبغي عدم اعتبارهم مجرد متلقين سلبيين لتأثير العوامل البيئية عليهم ، فهم يتأثرون بالبيئة ويؤثرون فيها .

إن معالجة هذه الحالات لدى الأطفال والمراهقين تتطلب دراسة شاملة لأحوالهم الأسرية بغية التعرف على مسببات تلك المشاكل وعلاجها .


.. يتبع ..

الوافـــــي 22-06-2005 06:51 PM

ثانياً : العوامل النفسية :

يعتقد العديد من العلماء والمفكرين التربويين ، وفي المقدمة منهم العالم [ فرويد ] أن القلق يعتبر عاملاً أساسياً في حدوث المشكلات النفسية لدى الطفل خلال مراحل النمو ، ابتداءً من الميلاد وحتى الطفولة المبكرة ، حيث يواجه الطفل ضغوطاً مستمرة من الوالدين وغيرهم من أفراد الأسرة

المحيطين به ، لكي يستطيع التكيف مع العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية ، وهم يسعون إلى كفّ غرائزه الأولية ومنع إشباعها الفوري .

أما الطفل فيحاول نتيجة تلك الضغوط كبت الغرائز غير المقبولة لدى الأسرة ، والتي غالباً ما تنطوي على رغبات جنسية وعدوانية ، بسبب تلك الضغوط المسلطة عليه أثناء عملية تدريبه وتنشئته الاجتماعية من قبل أسرته ، غير أن شدة تأثير وسيطرة تلك الغرائز على الطفل تحول دون كبتها بصورة تامة ، حيث تبقى ضاغطة على الطفل طلباً للإشباع ، وهذا ما يؤدي إلى أن تصبح الغرائز مصدراً للتهديد بالظهور والإفصاح عن نفسها من وقت إلى آخر . (19)

ويسود الاعتقاد لدى العلماء أن تهديد الغرائز بالظهور إلى منطقة الشعور ، ومحاولة الطفل إشباعها

تعتبر السبب الأساسي لحدوث[ القلق ] لدى الطفل ، حيث يُجبر على

بذل أقصى الجهد لمنع ظهور تلك الغرائز إلى الشعور ، وقد يؤدي إخفاقه في كبت غرائزه إلى التعرض إلى [القلق الحاد] ، وربما إلى [الهلع ] لدى البعض الآخر ، وقد يتسبب ذلك في حدوث أعراض جانبية أخرى كالمخاوف المرضية ، والشكوى من بعض الأشياء البيتة ، والشكوى من بعض الآلام الجسمية دون سبب عضوي واضح ، وقد يوجه الطفل دوافعه العدوانية إلى نفسه ، حيث يظهر ذلك في صورة أعراض [الاكتئاب] ، [والخوف ] من الانفصال عن الوالدين ، أو من المدرسة ، كما يمكن أن يحدث الاكتئاب نتيجة محاولة الطفل التحكم في الغضب ، والحزن ، لاشعورياً ، وذلك بتوجيه تلك المشاعر نحو الذات .

ويرى العالم [ أريكسن ] أن خبرة الطفل في اكتساب الثقة بدلاً من الشكوك تعد مرحلة مهمة في حياته ، والتي سوف يبني بموجبها علاقاته مع الآخرين ، ومع العالم من حوله مستقبلاً، فإذا أخفقت تلكالخبرات المبكرة في توفير مشاعر الأمن والارتباط بالآخرين فإنه سوف ينظر للعالم من حوله باعتباره عالماً مخيفاً لا يوفر الأمن الكافي والتقبل به ، وهذا يقود بدوره إلى أن يصبح القلق أمرٌ حقيقي في وجوده ، وقد يتعرض في المراحل التالية من حياته إلى نتائج مدمرة تسبب له القلق واليأس وتشمل تلك المراحل في نظر [ أريكسن ] الاستقلال في مقابل الخجل والريبة ، والمبادءة مقابل الشعور بالإثم والذنب ، والمثابرة مقابل الشعور بالعدوانية ، والشعور بالهوية مقابل تشويه الهوية .

وبسبب عدم قدرة الطفل على التعامل مع العالم المحيط به بثقة ، فإنه يتعرض للشعور المزمن بالقلق ، والميول الدفاعية ، والانطواء ، وكل ذلك يؤدي في النهاية إلى نشوء مشكلات نفسية شديدة ، وقد تتخذ صور الجبن ، والعزلة الاجتماعية والاكتئاب .

ولابد أن أشير في النهاية إلى أن أساليب التخويف الذي تمارسها الأسرة تجاه الأطفال يمكن أن تتحول إلى محفّز أساسي للقلق ،ثم أن الخوف يتحول إلى حالة مرضية لدى الطفل من خلال المعايشة والمواجهات الاجتماعية ، فعندما يرى الطفل والده يواجه متطلبات الحياة باستمرار بحالة بخوف ،أو يتحدث أمامه بأسلوب يعبر عن اليأس والاكتئاب والقلق من المستقبل ،فإنه يمكن أن ينقل تلك المشاعر والأفكار المؤذية لطفله ، حيث ينتاب الطفل شعور بأن العالم من حوله مكان مخيف ، ويدفعه إلى الانكماش والانعزال ، والجبن ، والخجل الشديد ، والتخوف من النقد.

إن على الآباء والأمهات أن يدركوا أن أبناؤهم يراقبونهم دائماً في كل حركاتهم وتصرفاتهم ويقلدونهم ويتعلمون منهم ، ولذلك يتوجب عليهم أن يكونوا قدوة مثالية لأبنائهم ، ويمدونهم بكل ما هو جيد ومفيد ، ويبعدوا عنهم أي شعور بالخوف أو القلق ، ويوضحوا لهم أن الحياة شيء جميل ورائع مهما واجه الإنسان من مصاعب ، وأن السعادة كل السعادة في أن يواجه الإنسان الصعاب ويتغلب عليها بجده وجهاده ، ولا شك في أنه قادر على تحقيق ذلك إذا شاء .

.. يتبع ..

الوافـــــي 22-06-2005 06:53 PM

3 ـ المؤثرات الأسرية :


ذكرنا فيما سبق أن الأطفال يتشبهون دائماً بآبائهم وأمهاتهم ، ويقلدونهم في حركاتهم وتصرفاتهم ، ويأخذون منهم الكثير من الصفات والعادات ، وقد اتضح من الدراسات التي أجراها العديد من العلماء أن الأطفال ذوي المشكلات الشخصية هم في الغالب ينتمون إلى أسرٍ يعاني فيها أحد الوالدين ،وربما كلاهما من نفس المشكلات .

فقد أوضحت الدراسات التي أجريت على العديد من أسر الأطفال المراهقين ذوي المشكلات الشخصية ، وجود العديد من الخصائص التي تجمع بين الوالدين والأبناء ، ومن بينها التسلط والقسوة ، والتحكم الزائد ، فالوالدان يعلّمان أطفالهما ،سواء عن قصد أو دون قصد ، أن العالم من حولهم مخيف ، وأن الفرد الذي يعيش فيه يتعرض تلقائيا للتوتر والقلق، ويحذرونهم باستمرار من أن أي أخطاء يرتكبونها تعرضهم للنبذ والرفض من الآخرين .

إن هذه الأساليب تسبب للطفل الشعور المستمر بالخجل مما يجعله يتجنب لقاء الآخرين ، أو جلب انتباههم لكي لا يتعرض للنقد أو الرفض ، وبالتالي يسيطر عليه الجبن والعزلة الاجتماعية .وقد تلجأ عض الأسر إلى توجيه النقد لأطفالهم باستمرار من أي عمل أو تصرف تأتوا به ، فهم ينتقدونهم على مظهرهم ، أو ملابسهم ، أو عاداتهم ، أو خصائصهم الشخصية ، أو أصدقائهم ،أو قدراتهم وإنجازاتهم الدراسية ، وقد يوجهون لهم صفات سيئة جداً ، كأن يصفونهم بالغباء ،أو القبح أو التفاهة ،وغيرها من الصفات السيئة التي تؤثر بالغ التأثير على حالتهم النفسية .

كما أن بعض الأسر تغالي في حرصها الشديد على أطفالها ،وتسعى لتوفير الحماية الزائدة لهم من المخاطر المحتملة ، وتحذرهم باستمرار من الآخرين ، أو من الكلاب أو غيرها من الحيوانات ويحاولون أن يصوروا لهم صورة مفزعة عما يمكن أن يحدث لهم إن هم ابتعدوا عنهم ، وهكذا يخلقون لدى أطفالهم شعوراً بأن ذويهم يحاولون فعلاً تجنب المواقف والناس لشعورهم بالخطر .

وفي أحوال أخرى تحاول بعض الأسر تشجيع أطفالها على تأكيد ذاتهم ، واستقلاليتهم ، وقد يوجهون لهم العقوبة إذا ما مارسوا أموراً تعبر عن عدم الاستقلالية بتوجيه الاتهامات لهم بعدم الكفاءة والقدرة ،وفي أحيان كثيرة يشجعون أطفالهم على اتخاذ القرارات بأنفسهم ، لكنهم يعاقبونهم إذا أخطأوا ،وقد نجد البعض يشجعون أطفالهم على التحدث وفي الوقت نفسه يخبرون الآخرين الجالسين معهم بأن طفلهم يشعر بالخجل ، وغير ذلك من الصفات التي تعبر عن عدم الكفاءة ، وهذه الازدواجية في التعامل مع أطفالهم يمكن أن تعرضهم إلى الكثير من المشاكل النفسية كالارتباك والقلق ، والغضب ، والجمود .

ينبغي على الوالدين وعلى المربين أن يحرصوا على عدم توجيه أي عبارات تنم عن الاستهانة بالأطفال ، أو تحط من قدرهم أو قابليتهم ،او إشعارهم بالإحباط إذا ما أخطأوا في عمل ما ، فالذي لا يعمل هو فقط الذي لا يخطئ . إن الواجب يقتضي منا تقويم أخطائهم إن حدثت بروح من التفهم والاحترام لمشاعرهم ، وتنمية شعورهم بالثقة بالنفس ، وبعث الشجاعة الأدبية لديهم لكي نمكنهم من مواجهة المجتمع والعالم المحيط بهم بكل همة ونشاط وهم على اكمل استعداد .

.. يتبع ..

الوافـــــي 29-06-2005 05:52 PM

الفصل الخامس

مشاكل التأخر الدراسي

أولاً : ماذا يقصد بالتأخر الدراسي ؟
ثانياً : كيف نحدد التأخر الدراسي ؟
1 ـ اختبارات الذكاء .
2 ـ اختبارات القدرات .
3 ـ اختبارات التكيف الشخصي والاجتماعي .
ثالثاً : أنواع التأخر الدراسي :
1 ـ التأخر الدراسي المرضي .
2 ـ التأخر الدراسي غير الطبيعي .
رابعاً : مسببات التأخر الدراسي :
1 ـ العوامل العقلية .
2 ـ العوامل النفسية .
3 ـ العوامل الاجتماعية .
خامساً : كيف نعالج التأخر الدراسي ؟
1 ـ دور البيت .
2 ـ دور المدرسة .



أولاً : ماذا يقصد بالتأخر الدراسي ؟

يتشكى الكثير من الآباء والأمهات من حالة التأخر الدراسي التي يعاني منها أبناءهم ، غير مدركين للأسباب الحقيقية وراء هذا التأخر وسبل علاجها ، وقد يلجأ البعض منهم إلى الأساليب غير التربوية والعقيمة ، كالعقاب البدني مثلاً في سعيهم لحث أبنائهم على الاجتهاد . ولاشك أن الأساليب القسرية لا يمكن أن تؤدي إلى تحسين أوضاع أبنائهم ، بل على العكس يمكن أن تعطينا نتائج عكسية لما نتوخاه .

إن معالجة مشكلة التأخر الدراسي لدى أبنائنا تتطلب منا الاستعانة بالأساليب التربوية الحديثة ، والقائمة على العلم ، فهي المنار الذي يمكن أن نهتدي بها للوصول إلى ما نصبوا له لأبنائنا ولأجيالنا الناهضة من تقدم ورقي وهذا بدوره يتطلب منا أن الإجابة على الأسئلة التالية :

1 ـ كيف نحدد التأخر الدراسي ؟
2 ـ ما هي أنواع التأخر الدراسي ؟
3 ـ ما هي مسببات التأخر الدراسي ؟
4 ـ كيف يمكن علاج التأخر الدراسي ؟


كيف نحدد التأخر الدراسي :

لكي نستطيع تحديد كون التلميذ متأخر دراسياً أم لا ، ينبغي إجراء الاختبارات التالية :

1ـ اختبارات الذكاء .
2 ـ اختبارات القدرات .
3 ـ اختبارات التكيف الشخصي والاجتماعي

وسأحاول أن أقدم لمحة عن هذه الاختبارات وما يمكن أن تكشفه لنا كل واحدة منها من معلومات هامة ومفيدة تساعدنا على التعرف على مستوى ذكاء التلميذ ، وما إذا كان عمره العقلي يتناسب مع عمره الزمني ، أم انه أعلى ،أم أدنى من ذلك ، وتدلنا على الوسائل التي يمكن الاستعانة بها لمعالجة أسباب تأخره ، وتوجيهه الوجهة الصحيحة ، وملافات الهدر الذي يمكن أن يصيب العملية التعليمية والتربوية إذا ما أهمل هذا الجانب من الاختبارات .

..يتبع ..

الوافـــــي 29-06-2005 05:53 PM

أولاً : ـ اختبارات الذكاء :

الذكاء كما هو معلوم ، القدرة على التعلم ، واكتساب الخبرات ، وكلما زاد الذكاء ، كلما زادت القدرة على التعلم ، وطبيعي أن الأطفال جميعاً يختلفون بعضهم عن بعض بنسبة الذكاء ، كاختلافهم في القدرة الجسمية سواء بسواء .

ولقد كان العلماء فيما مضى يهتمون بكمية الذكاء لدى الطفل بصورة عامة ، إلا أن الأبحاث الجديدة كشفت أن للذكاء أنواع متعددة ، فقد نجد تلميذاً متفوقاً في الرياضيات ، ولكنه ضعيف في الإنشاء والتعبير . إن لاختبارات الذكاء أهمية قصوى وينبغي أن تأخذها مدارسنا بالحسبان لكي تستطيع أن تؤدي عملها بنجاح .

ماذا تكشف لنا اختبارات الذكاء ؟

1 ـ تعرفنا هذه الاختبارات إن كان تحصيل التلميذ متفقاً مع قدراته ، أم أن تحصيله أقل من ذلك ، وإلى أي مدى ؟

2 ـ تساعدنا على تقبل نواحي النقص ، أو الضعف ، لدى التلميذ ، فلا نضغط عليه ، ولا نحمله ما لا طاقة له به ، فيهرب من المدرسة ، ويعرض مستقبله للخراب .

3 ـ تساعدنا على تحديد نواحي الضعف التي يمكن معالجتها لدى التلميذ .

4ـ توضح لنا الفروق الفردية بين التلاميذ ، ولهذا الأمر أهمية بالغة جداً ، لا يمكن لأي معلم ناجح الاستغناء عنها .

5 ـ تساعدنا هذه الاختبارات على تحديد نواحي القوة والتفوق لدى التلميذ ، والتي يمكن الاستعانة بها على معالجة نواحي الضعف لديه .

6 ـ تساعدنا هذه الاختبارات على توجيه التلميذ الوجهة الصحيحة ، فلا يكون معرضاً للفشل وضياع الجهود والأموال . (25)

وهكذا يتبين لنا أن الاهتمام بمثل هذه الاختبارات يتسم بأهمية كبيرة إذا ما أردنا النجاح في عملنا التربوي ، وتجنبنا إضاعة الجهود ، وحرصنا على أحوال التلاميذ النفسية ، وجنبناهم كل ما يؤدي إلى الشعور بالفشل ، وضعف الثقة بالنفس ، وعدم القدرة ، والشعور بالنقص ، وربما يلجأ التلميذ إلى الهروب من المدرسة إذا ما وجد نفسه غير قادر على القيام بواجباته المدرسية شأنه شأن بقية زملائه في الصف .

.. يتبع ..

الوافـــــي 29-06-2005 05:55 PM


أنواع اختبارات الذكاء :

هناك نوعان من اختبارات الذكاء : (26)

أ ـ نوع يقيس القدرة العقلية بصورة عامة:

ويوضح لنا العلاقة بين [العمر العقلي]و[العمر الزمني]للتلميذ ، وتعبر عنه هذه النتيجة ب [ نسبة الذكاء ] حيث تقاس نسبة الذكاء بحاصل قسمة العمر العقلي على العمر الزمني مضروباً في 100 فلو فرضنا أن طفلاً عمره الزمني يعادل 10 سنوات ، وأن نتائج اختبارات الذكاء بينت أن عمره العقلي يعادل 9 سنوات فإن نسبة الذكاء لديه تساوي 90% .
ومن الواضح أن التلميذ المتوسط تكون نسبة ذكائه 100 %
ومن كان نسبة ذكائه ما بين 80إلى 90% كان دون المتوسط .
ومن كان نسبة ذكائه من بين 90 إلى 110 كان متوسط الذكاء .
ومن كانت نسبة ذكائه ما بين 110 إلى 120 كان ذكياً
ومن كانت نسبة ذكائه ما بين 120 إلى 140 كان ذكياً جداً .
ومن كان نسبة ذكائه ما فوق 140 كان التلميذ عبقرياً .

ب ـ نوع يقيس الأنواع المختلفة للقدرات العقلية :

ويبين لنا موطن الضعف ، وموطن القوة ، إلى جانب الذكاء الكلي ، وطبيعي أن هذا النوع أدق من الاختبار الأول .

كان علماء النفس يعتقدون أن نسبة الذكاء ثابتة ، غير قابلة للتغيير ، ولا زال البعض منهم يأخذ بهذه الفكرة ، غير أن الدلائل تشير إلى أن النمو في قدرة الطفل العقلية لا تسير على وتيرة واحدة ، وبشكل منتظم ، بل تتخلله حالات من البطء ،وحالات من السرعة ، وهي تتوقف على طبيعة النمو ، وعوامله المختلفة .

إن الذكاء يتأثر حتماً بالتفاعل بين عاملي [الوراثة] و[البيئة] ، وإذا ما تبين أن ذوي التلميذ لا يعانون من أي عوق أو تخلف عقلي أو اضطرابات نفسية ، وإذا ما توفرت البيئة الصحية والطبيعية الملائمة ، فإن النمو يجري على أحسن الوجوه .

غير أن هناك حقيقة لا ينبغي إغفالها وهي أن اختبارات الذكاء قد لا توصلنا إلى حد الكمال ، بسبب وجود عوامل مختلفة تؤثر على مدى دقتها، كالمرض والاضطراب النفسي،والخبرة التي اكتسبها الطفل من بيئته لأنها تلعب دوراً مهماً في الموضوع . وعلى كل حال يمكننا أن نحصل على النتائج المفيدة إلى حد بعيد ، إذا ما كانت الاختبارات التي نجريها دقيقة ، وإذا ما أخذنا في الاعتبار جميع العوامل المؤثرة في هذا المجال وينبغي لنا أن نؤكد على أن نجاح التلميذ في اختبارات الذكاء لا يعني أنه لن يفشل في دراسته العليا ، إذا ما اجبر على دراسة فرع لا يرغب به ، وليست له القدرة عليه ، ولذلك لابدّ وأن تكون هناك اختبارات أخرى تحدد الاتجاه الذي ينبغي للتلميذ أن يسلكه .

.. يتبع ..

الوافـــــي 29-06-2005 05:57 PM

ثانياً : اختبار القدرات :

وهذا النوع من الاختبارات له أهمية خاصة ، حيث أنه لا يعطينا فقط مستوى قدرة التلميذ في مجال ما ، في الوقت الذي جرى فيه الاختبار ، وإنما يتعداه إلى كشف المستوى الذي يمكن أن تبلغه قدراته في هذا المجال ، إذا ما نال من مربيه في البيت والمدرسة ، الرعاية والعناية اللازمتين .

ومن الأنواع الشائعة لهذه الاختبارات

1ـ الاختبار في القدرة الموسيقية .
2 ـ الاختبار في القدرة الفنية ، من رسم ونحت وتمثيل .
3 ـ الاختبار في القدرة الميكانيكية .
4 ـ الاختبار في القدرة الأدبية .

وبهذه الأنواع من الاختبارات نستطيع أن نحدد قابلية التلميذ في هذه المجالات ، ومدى إمكانية تطوير هذه القابلية في أي من هذه المجالات ، كي نوجهه الوجهة الصحيحة التي تمكنه من النجاح فيها بتفوق .

ثالثاً : اختبارات التكيف الشخصي والاجتماعي :

وهذه الاختبارات تكشف لنا عن ميول التلميذ ، ومزاجه ، ومشاكله الشخصية ، وهي لا تعطينا إجابات محددة ،صحيحة أو خاطئة ، عن الأسئلة المطروحة ، والتي يطلب فيها من التلميذ الإجابة بما يشعر به ، بل تقيس جميع مظاهره الشخصية . وهذا النوع من الاختبارات له أهمية بالغة بالنسبة لعمليتي التربية والتعليم ، وذلك لأن المعلم لا يستطيع أن يربي تلاميذه التربية الصحيحة ، ويعلمهم بسهولة ويسر ، إلا إذا فهم كل تلميذ فهماً صحيحاً ، من حيث الميول ، والرغبات ، والمزاج،والتعرف على المشاكل التي يعانيها في البيت والمدرسة ، ويعمل على تذليلها .

بقي لي كلمة أخيرة أقولها بكل أسف ومرارة ، أن المدارس في معظم ما يسمى بالعالم الثالث لا تهتم بهذه الأنواع من الاختبارات ، وجل اهتمامها ينصب على اختبارات التحصيل الدراسي ، بل لا أغالي إذا قلت أن الكثير من المعلمين لم يسمعوا عن هذه الاختبارات ، ولا يعرفون شيئاً عنها ، وهكذا بقيت الأساليب التربوية والتعليمية مبتورة ، وسببت ضياع الجهود والإمكانيات لدى الأبناء ، وعلى هذه المدارس أن تغير من أساليبها ، لتلافي نواحي النقص فيها إذا شاءت النهوض بشعبها إلى مصاف الأمم المتقدمة الأخرى .

.. يتبع ..

الوافـــــي 29-06-2005 06:00 PM

أنواع التأخر الدراسي :

يختلف التأخر الدراسي من تلميذ إلى آخر ، ولكل نوع من التأخر الدراسي أسبابه وظروفه وسبل معالجته وإجمالاً يمكن تحديد أنواعه بما يأتي :


1 ـ التأخر الدراسي المرضي :

ويتطلب هذا النوع علاجاً طبياً ،وغالباً ما يكون علاجه صعباً .


2 ـ التأخر غير طبيعي :

وهذا النوع يمكن علاجه بالوسائل التربوية العلمية ، وهو ما يمكن أن تقوم به المدرسة بالتعاون مع البيت ، وهذا النوع من التأخر يمكن أن يكون في جميع الدروس ، وقد يكون تأخراً في بعض الدروس ، وقد يكون تأخراً في درس واحد فقط ، وقد يكون التأخر وقتياً ، وقد يستمر وقتاً طويلاً ، ولكل نوع من هذه الأنواع مسبباته ووسائل علاجه .(28)


ما هي مسببات التأخر الدراسي ؟

إن أهم العوامل التي تسبب التأخر الدراسي هي :

1 ـ العامل العقلي : كالتأخر في الذكاء بسبب مرضي أو عضوي .
2 ـ العامل النفسي :كضعف الثقة بالنفس ،أو الكراهية لمادة معينة ، أو كراهية معلم المادة بسبب سوء معاملته لذلك التلميذ ، وأسلوب تعامل الوالدين مع أبنائهم .
3 ـ العامل الجسمي : ككون التلميذ يعاني من عاهة أو أي إعاقة بدنية ، على سبيل المثال .
4 ـ العامل الاجتماعي : ويتعلق هذا العامل بوضع التلميذ في البيت والمدرسة ،وعلاقاته بوالديه ،ومعلميه ،وأخوته ،وأصدقائه .

إن هذه العوامل كلها ذات تأثير مباشر في التأخر الدراسي لدى التلاميذ ، وعلى ضوء دراستها نستطيع أن نعالج التلاميذ المتأخرين دراسياً والذين تثبت مقاييس الذكاء أن تخلفهم أمر غير طبيعي.

ومما تجدر الإشارة إليه أن التأخر الدراسي لدى التلاميذ يصاحبه في اغلب الأحيان الهرب من المدرسة والانحراف نحو الجرائم ، من سرقة واعتداء وغيرها ، ذلك أن التلاميذ الفاشلين في دراستهم يستجيبون أسرع من غيرهم لهذه الأمور بسبب شعورهم بالفشل ، وعدم القدرة على مواصلة الدراسة والتحصيل .، ولو تتبعنا أوضاع وسلوك معظم المنحرفين لوجدنا أنهم خرجوا من بين صفوف التلاميذ المتأخرين دراسياً


.. يتبع ..

الوافـــــي 29-06-2005 06:01 PM

كيف نعالج مسألة التأخر الدراسي :

إن معالجة مسألة التأخر الدراسي للنوع الثاني [ غير الطبيعي ] تتوقف على التعاون التام ، والمتواصل بين ركنين أساسيين :

1 ـ البيت 2 ـ المدرسة


1 ـ البيـت

ونعني بالبيت طبعاً مهمة الأباء والأمهات ومسؤولياتهم بتربية أبنائهم تربية صالحة ، مستخدمين الوسائل التربوية الحديثة القائمة على تفهم

حاجات الأبناء وتفهم مشكلاتهم وسبل تذليلها ، والعائلة كما أسلفنا هي المدرسة الأولى التي ينشأ بين أحضانها أبناءنا ويتعلموا منها الكثير . ولا يتوقف عمل البيت عند المراحل الأولى من حياة الطفل ، بل يمتد ويستمر لسنوات طويلة حيث يكون الأبناء بحاجة إلى خبرة الكبار في الحياة ، وهذا يتطلب منا :

أولاً ـ الإشراف المستمر على دراستهم ، وتخصيص جزء من أوقاتنا لمساعدتهم على تذليل الصعاب التي تجابههم بروح من العطف والحنان والحكمة ، والعمل على إنماء أفكارهم وشخصياتهم بصورة تؤهلهم للوصول إلى الحقائق بذاتهم ، وتجنب كل ما من شأنه الحطّ من قدراتهم العقلية بأي شكل من الأشكال ، لأن مثل هذا التصرف يخلق عندهم شعوراً بعدم الثقة بالنفس ويحد من طموحهم .

ثانياً ـ مراقبة أوضاعهم وتصرفاتهم وعلاقاتهم بزملائهم وأصدقائهم ، وكيف يقضون أوقات الفراغ داخل البيت وخارجه ،والعمل على إبعادهم عن رفاق السوء ، والسمو بالدوافع ، أو الغرائز التي تتحكم بسلوكهم وصقلها ، وإذكاء أنبل الصفات والمثل الإنسانية العليا في نفوسهم .

ثالثاً ـ العمل على كشف مواهبهم وهواياتهم ، وتهيئة الوسائل التي تساعد على تنميتها وإشباعها

رابعاً ـ مساعد أبنائنا على تحقيق خياراتهم ،وعدم إجبارهم على خيارات لا يرغبون فيها .

خامساً ـ تجنب استخدام الأساليب القسرية في تعاملنا معهم ، وعدم النظر إليهم ، والتعامل معهم وكأنهم في مستوى الكبار ، وتحميلهم أكثر من طاقاتهم ، مما يسبب لهم النفور من الدرس والفشل .

سادساً ـ مساعدتهم على تنظيم أوقاتهم ، وتخصيص أوقات معينة للدرس ، وأخرى للراحة واللعب مع أقرانهم .


2 ـ المدرسـة

المدرسة هي المؤسسة التي تعمل على إعداد الأجيال وتهيأتهم ليكونوا رجال المستقبل مسلحين بسلاح العلم والمعرفة ، والقيم الإنسانية السامية لكي يتواصل تقدم المجتمع الإنساني ، ويتواصل التطور الحضاري جيلاً بعد جيل . وهكذا نجد أن المدرسة لها الدور الأكبر في إعداد أبنائنا الإعداد الصحيح القائم على الأسس العلمية والتربوية القويمة .

إن المهمة العظيمة والخطيرة الملقاة على عاتق المدرسة تتطلب الإعداد والتنظيم الدقيق والفعال للركائز التي تقوم عليها المدرسة والتي تتمثل فيما يلي :

1ـ إعداد الإدارة المدرسية .
2 ـ إعـداد المعلمـين .
3 ـ إعداد جهاز الأشراف التربوي .
4 ـ إعداد المناهج والكتب المدرسية .
5 ـ نظام الامتحانات وأنواعها وأساليبها .
6 ـ تعاون البيت والمدرسة .
7 ـ الأبنية المدرسية وتجهيزاتها .

إن هذه الركائز جميعاً مترابطة مع بعضها البعض ، وكل واحدة منها تكمل الأخرى ، ويتوقف نجاح العملية التربوية والتعليمية في المدرسة على تلازم وتفاعل هذه الركائز ببعضها ، وكلما توطدت وتعمقت حركة التفاعل هذه كلما استطاعت المدرسة تحقيق ما تصبو إليه من خلق جيل واعٍ ، متسلح بسلاح العلم والمعرفة ، وملتزم بالأخلاق والمثل الإنسانية العليا .وسوف نأتي على بحث هذه الركائز في الفصول قادمة .

.. يتبع ..

الوردة الندية 22-07-2005 02:28 PM

<******>drawGradient()

:)

الوافـــــي 09-08-2005 11:44 PM

الفصل السادس

إدارة المدرسة

1 ـ الصفات الواجب توفرها بمدير المدرسة .
2 ـ أسلوب اختيار مدير المدرسة .
3 ـ واجبات مدير المدرسة .
4 ـ وصايا لمدير المدرسة :



أولاً ـ الصفات الواجب توفرها بمدير المدرسة :

مما لاشك فيه أن إدارة المدرسة من المهام الصعبة والحساسة التي تتطلب من صاحبها لكي يكون مديراً ناجحاً ، وقادراً على القيام بواجباته على الوجه الأكمل أن يكون :

1 ـ سليم الجسم والعقل .
2 ـ ذو قدرة وكفاية تؤهله لتحمل أعباء عمله .
3 ـ أن يكون موضع ثقة من لدن المعلمين والمسؤولين التربويين
4 ـ أن يكون قادراً على البت في الأمور والمشاكل التربوية بصورة صحيحة وحاسمة ودقيقة

إن هذه الأمور هامة جداً ، وينبغي توفرها لدى مدير المدرسة ، لكي يكون ناجحا في عمله. فالإنسان الذي يعاني من أمراض جسمية كانت أم نفسية لا يمكنه أن يعالج المشاكل التي تجابهه بهدوء وتبصر ، بل على العكس من ذلك تظهر لديه عند مجابهته لأبسط المشاكل حالات انفعالية تجعله يفقد أعصابه فيتصرف تصرفات خطيرة ومضرة تزيد المشاكل تعقيداً بدلاً من حلها ، وعلينا أن لا ننسى الحكمة القائلة [ العقل السليم في الجسم السليم ] .

أما بالنسبة للصفة الثانية [ المقدرة والكفاءة ] فيمكن تقدير مدى توفرها في من يراد اختياره الإدارة المدرسة من خلال عمله كمعلم ، قبل أن يصبح مديراً ، إذ بالإمكان معرفة مدى قابليته على القيام بواجباته المدرسية ، والجهود التي كان يبذلها لرفع مستوى طلابه في مختلف المجالات ، ومدى ضبطه لصفه ، ونوع العلاقات السائدة بينه وبين طلابه وزملائه المعلمين ، ومدى احترامهم له ، ومدى قابليته على خلق العلاقات الإنسانية الطبيعية في المحيط المدرسي ، إدارةً ومعلميَن وطلاباً ، ذلك أن مدير المدرسة بطبيعة عمله مسؤول عن النضوج الفكري للمعلمين والطلاب معاً ، وإن أي جهل لهذه الحقيقة إنما يسبب التوتر في العلاقات المدرسية ، ويشيع الفوضى ، ويُفقد النظام ، ويؤدي بالتالي إلى فشل المدرسة .

أما ما يخص الصفة الثالثة [ الثقة ] فإنها تتوقف على سلامته الجسمية والنفسية من جهة وعلى مقدرته وقابليته من جهة أخرى ،إذ أن هاتين الصفتين تمكناه من أداء واجباته المدرسية كما ينبغي.

أما الصفة الرابعة فإن لها أهمية قصوى ، ذلك أن مدير المدرسة يواجه كل يوم العديد من المشاكل الإدارية والتربوية ،داخل المدرسة وخارجها ،منها ما يخص الطلاب ،ومنها ما يخص المعلمين ، وإن المدير الناجح هو الذي يستطيع البت في هذه المشاكل بشكل حاسم ودقيق . وطبيعي أن ما أقصده بالحاسم ليس التسرع في إعطاء الحكم لأن ذلك يعطي النتائج العكسية ، بل على العكس من ذلك ينبغي أن يكون متبصراً ، قادراً على تحليل المشاكل وفهمها ، وسماع آراء المعلمين ، والأخذ بما هو صائب منها دون مكابرة أو استعلاء .

هذه هي أهم الصفات الواجب توفرها بمدير المدرسة والتي تمكنه من القيام بعمله على الوجه الأكمل وأن أي أساس آخر لاختيار مدير المدرسة لن يعطي النتائج المرجوة ، وبالتالي لن يساعد على نجاح المدرسة في مهمة أعداد الأجيال التي نصبو إليها ، والمسلحة بسلاح العلم والمعرفة والأخلاق ، والقيم الإنسانية النبيلة .


.. يتبع ..

الوافـــــي 09-08-2005 11:49 PM

واجبات مدير المدرسة :

إن المهام الملقاة على عاتق مدير المدرسة كبيرة جداً ، وهي تتطلب منه أن يكون قادراً على القيام بتلك المهام بأسلوب خلاق ، وأن يكون متسلحاً بسلاح العلم والمعرفة ، والخبرة الضرورية التي ينبغي أن يكون قد اكتسبها خلال سنوات عمله كمعلم ، وقبل أن يكلف بأعمال الإدارة المدرسية ، وأن يكون من المشهود لهم في قدراته وقابليته على تحمل عبء هذه المسؤولية الجسيمة والحساسة

إن مهام مدير المدرسة يمكن تحديدها بأمور ثلاث :

1 ـ إدارة المدرسة .
2 ـ الأشراف التربوي .
3 ـ التقويم والضبط .

وسأتعرض فيما يلي لكل من هذه المهام ، لكي يكون كل مدير مدرسة على بينة منها ، ولكي يستطيع أداء واجباته على الوجه الأكمل ، ويحقق النتائج المرجوة من عمله.

أولاً ـ الإدارة المدرسية :

قبل الولوج في هذا الموضوع أود أن أوضح أن إدارة المدرسة كما هو معروف ، ليست غاية بحد ذاتها ، وإنما هي وسيلة لتحقيق أفضل السبل لعملية التربية والتعليم ، فهي والحالة هذه عملية تنظيمية محضة ، وهي بطبيعة الحال تستند إلى ركيزتين أساسيتين هما :

1ـ رسم تخطيط برامج العمل بالتعاون مع المعلمين كافة ، إذ أن إشراك المعلمين في رسم وتخطيط أساليب العمل في المدرسة عامل حاسم في النجاح .وطبيعي أن رسم وتخطيط أساليب العمل يتسم بأهمية كبرى ، فهذا العمل يجنب إدارة المدرسة الارتباك ، وإصدار القرارات الارتجالية التي غالباً ما يواكبها الخطأ وضياع الوقت والجهد .

2 ـ تنفيذ المقررات والخطط الموضوعة ، والإشراف على التنفيذ بدقة وأمانة ، فالعبرة ليست فيما يتخذ من قرارات ، ويرسم من خطط ، وإنما العبرة في تنفيذها ، وكثيراً ما نجد مجالس المعلمين تعقد الاجتماعات ، وتتدارس مشاكل المدرسة والطلاب ، وتضع الخطط والحلول ، لكنها تبقى حبراً على الورق فحسب .

إن المدير الناجح هو الذي يستطيع متابعة سير تنفيذ تلك القرارات والخطط لكي تؤدي دورها الذي رسم من أجله ، مع دراسة نتائج التنفيذ بغية معرفة ما أمكن تحقيقه ، وما يبرز من أخطاء أثناء التطبيق والعمل على إصلاحها .

وأعود الآن إلى مهام المدير الإدارية والتي يمكن تلخيصها بما يأتي :

1 ـ قبول وتسجيل الطلاب في المدرسة ، وتوزيعهم على الصفوف .
2 ـ توزيع الدروس على المعلمين كل حسب اختصاصه وقابليته،ووضع جدول الدروس .
3 ـ توزيع الكتب والقرطاسية على الطلاب .
4 ـ تامين ما تحتاج إليه المدرسة من أثاث ولوازم ، ووسائل إيضاح .
5 ـ تنظيم المدرسة والعناية بنظافتها .
6 ـ توزيع أعمال النشاط اللاصفي ، الأدبي والفني والرياضي ، وغيرها من أوجه النشاطات الأخرى .
7 ـ مسك وتنظيم السجلات المدرسية التالية ، على أسس صحيحة ودقيقة يمكن الرجوع إليها عند الحاجة وهي :

ـ سجل الطلاب العام .
ـ سجل المعلمين .
ـ سجل شخصي لكل طالب [ الإضبارة الشخصية ]
ـ سجل الدوام اليومي للطلاب ، مع تنظيم خلاصة الدوام الشهري في نهاية كل شهر .
ـ سجل الأثاث واللوازم المدرسية .
ـ سجل الكتب والقرطاسية .
ـ سجل نتائج الامتحانات .
ـ سجل الإشراف التربوي .
ـ سجل الشهادات الصادرة والواردة
ـ سجل الكتب الرسمية الواردة والصادرة .
ـ سجل المصروفات النثرية .
ـ سجل غيابات الطلاب .

وبالنظر للمهام الجسيمة التي تقع على عاتق المدير فأنه يتطلب تعين معاون أو أكثر لمدير المدرسة ، حسب سعة المدرسة وعدد طلابها ،كما تستدعي الحاجة لمرشد تربوي ،أو أكثر متخصصين في معالجة المشاكل السلوكية والنفسية للطلاب ، لمساعدة مدير المدرسة في الأمور التربوية والإدارية.



ثانياً ـ الإشراف التربوي :


يشمل الإشراف التربوي إشراف المدير على عمل المعلمين والطلاب معاً ، وقبل الخوض في هذا الموضوع لابد من أن نضع الحقائق التالية التي توضح الطريق أمامه وهي :

1 ـ إن على المدير أن يحدد لكل معلم مكانته ، وذلك بإظهار مدى إتقان كل معلم لواجبه . إن هذا العمل يؤدي بلا شك إلى الاستقرار النفسي للمعلم ، ويجعله يندفع في عمله بحماس شديد ، بدلاً من أن يذهب إلى الصف بخمول وفتور .

2 ـ إن على المدير أن يوطد علاقته بكافة المعلمين ، ويشترك معهم في المناقشات الخاصة بالأمور المدرسية ، وكل مدير يتعالى على معلميه ، ويعزل نفسه عنهم فإن عمله هذا يؤدي إلى ضعف وانحلال الروابط بين المعلمين والإدارة ، وبالتالي فشل المدرسة إذ أن الإدارة ما وجدت إلا لتسهيل وتنظيم عمليتي التربية والتعليم ، والتي يكون المعلم فيها العامل الحاسم ، فعليه والحالة هذه أن يمد يد العون والمساعدة للمعلم لتمكينه من أداء واجبه على الوجه الأكمل .

3 ـ إن كثيراً من مديري المدارس يلجأون إلى إجراء تغيرات في توزيع الدروس ، وإسناد المهمات إلى المعلمين بمعزل عنهم ، وبدون مناقشتهم والتباحث معهم حول التغيير وقبل إجرائه . إن هذا الأمر يخلق في نفس المعلم الإحساس بأنه آلة صماء ينفذ الأوامر فحسب ، وبأنه غير قائم بواجباته بصورة صحيحة ، وأن جهوده التي بذلها لا تحضى بالتقدير . وعلى هذا الأساس ، وإذا أراد مدير المدرسة أن يكون ناجحاً في مهمته ، أن يتجنب كل ما من شأنه التسبب في مثل هذه المشاكل .

4 ـ إن التقدير والثناء يلعب دوراً بارزاً في جعل المعلمين والطلاب يندفعون في أداء واجباتهم بكل طاقاتهم ، وبارتياح نفسي وفكري ، وعلى العكس من ذلك نجد أن توجيه اللوم والتأنيب لأتفه الأسباب للمعلم مثلاً ، يسبب له رد فعل شديد يبعده بكل تأكيد عن الانصراف إلى أداء مهمته برغبة واندفاع . فالمدير الناجح يستطيع أن يتدبر ذلك خلال مناقشته للمعلم ومحاسبته بصورة غير مباشرة ، بإبراز الجوانب الإيجابية لديه ، وتقديرها وتثمينها ، ومن ثم يستطيع تنبيه المعلم إلى الجوانب السلبية بروح من الشعور بالمسؤولية ، وبدون أن يجرح مشاعره ، أو ينتقص من جهوده وفاعليته ، وليشعره أن غايته ليس الطعن فيه ، أو الانتقاص من جهوده ، وإنما تصحيح الأخطاء التي تبرز أثناء العمل المدرسي . (32)

وكما أسلفنا أن الإشراف التربوي يشمل المعلمين والطلاب معاً ، وسأحاول توضيح طرق ومتطلبات الإشراف التربوي التي أراها ضرورية لنجاح العملية التربوية والتعليمية في فصل قادم .

.. يتبع ..

الوافـــــي 09-08-2005 11:50 PM

1 ـ الإشراف على عمل المعلمين :

يتطلب من المدير أن يتعرف على مدى قيامهم بواجباتهم ، والأساليب التربوية التي يتبعونها ، ومدى فاعليتها ، وطرق تحسينها وتطويرها ، ومدى ضبط كل معلم لطلاب صفه ، ومدى قابليته على جلب انتباههم للدرس ، وذلك عن طريق زيارته للصفوف ، وسماعه للدروس وتدوين النقاط الإيجابية والسلبية في عمل المعلم ، بغية العمل على تطويرها ، وتعميم الإيجابية منها ، وتصحيح الجوانب السلبية منها ، وذلك خلال اجتماعات مجلس المعلمين .

ولابدّ أن أقول بمرارة أن الاهتمام بانعقاد مجالس المعلمين يكاد يكون ضعيفاً، وهو إن جرى عقده فإنه لا يأخذ طابع الجدية في بحث المشاكل ، ووضع الحلول لها ، في كثير من الأحيان يلجأ المدير إلى تدوين بعض القرارات بمفرده ، وحسب رغبته وقناعته ، ويطلب من المعلمين الالتزام بها . كما أن هناك الكثير من المعلمين ممن لا يبدون أدنى اهتمام لمناقشات مجلس المعلمين ، ولا يسمع منه سوى كلمة موافق .

إن انعقاد مجالس المعلمين بصورة منتظمة ، ومتقاربة ،أمر هام جداً في في العمل التربوي والتعليمي حيث يتم خلالها استعراض إنجازات المدرسة في كافة مجالات عملها ،ومقدار ما حققته من نجاح وما جابهها من مشاكل ، ودراستها بجدية ، ووضع الحلول الصائبة لها ، بالاشتراك مع كافة المعلمين ، وبالإمكان الاستعانة بأولياء أمور التلاميذ للمشاركة في بحث المشاكل السلوكية ،والدراسية ،التي يعاني منها أبنائهم ، والتغلب عليها

2 ـ الإشراف على أوضاع الطلاب الدراسية والسلوكية :

يشمل الإشراف التربوي لمدير المدرسة سلوك الطلاب وأخلاقهم داخل المدرسة وخارجها ، وملاحظة انتظام دوامهم ،ومحاسبة المنقطعين عن الدوام ، وكذلك الإشراف على سير التعليم ، وأداء الواجبات ، وتشجيع المتفوقين منهم ، ومكافئتهم ، ومحاسبة المقصرين ، بأتباع الأساليب التربوية الحديثة ، ودفعهم للسعي والاجتهاد ، وذلك بالتعاون مع كافة المعلمين ، وأولياء أمور الطلاب من خلال الاتصال المستمر بهم ، وإشراكهم في كافة النقاشات والدراسات المتعلقة بمشاكل أبنائهم الدراسية والسلوكية ، وسوف أتعرض لهذا الموضوع بشكل مفصل في فصل خاص تحت عنوان [تعاون البيت والمدرسة ]وذلك بالنظر لما لهذا التعاون من أهمية قصوى في تربية أبنائنا.

3 ـ التقويم والضبط :

إن التقويم والضبط أمران هامان جداً لنجاح المدرسة ، ذلك أن العمل في أي مجال من مجالات الحياة لابدَّ وأن يظهر فيه مشاكل ومصاعب وأخطاء ، وإن هذا الأمر بالطبع يتطلب دراسة تلك المشاكل والأخطاء دراسة جدية ، والعمل على تصحيحها وتقويمها ، لكي لا تؤدي أساليبنا التربوية إلى نتائج عكسية لما نصبو إليه في تربية جيل مسلح بسلاح العلم ،والأخلاق الفاضلة .

إن اكتشاف الأخطاء وتصحيحها ، وتحسين العمل ،يعطي المدرسة زخماً شديداً ، ويدفعها إلى الأمام ويعطي النتائج المثمرة والمرجوة في عملنا التربوي .

تلك هي بوجه عام واجبات مدير المدرسة التي ينبغي أن يقوم بها جميعاً دون استثناء ، وإن إهمال أي ركن من أركانها يفقده القدرة على الحصول على نتائج حسنة في عمل المدرسة ، وعلى المدير أن لا يهتم بجانب على حساب جانب آخر لآن كل جانب مكمل للجانب الآخر بكل تأكيد .


.. يتبع ..

الوافـــــي 09-08-2005 11:54 PM

وصايا لمدير المدرسة :

1ـ ينبغي لمدير المدرسة أن يكون المثل الأعلى لكافة المعلمين في القيام بواجباته المدرسية ، فالمعلمون غالباً ما يقتدون بمدير مدرستهم ، ينشطون بنشاطه ويهملون بإهماله.

2 ـ ينبغي لمدير المدرسة أن يكون مرناً بتصرفاته ، غير متسرع في إصدار القرارات ، وبذلك يتمكن من معالجة ما يصادفه من مشاكل ، ويذللها بسهولة ويسر .

3 ـ ينبغي لمدير المدرسة أن يجمع بين العطف والمحبة والحزم في علاقاته مع الطلاب والمعلمين ، ويعرف متى يستخدم الحزم في حل المشاكل ، ومتى يستخدم اللين .

4 ـ على مدير المدرسة أن يكون ديمقراطياً في تصرفاته وتفكيره ، لأن الديمقراطية هي السبيل الأمثل للوصول إلى النتائج الصحيحة ، ليس في مجال التربية والإدارة فحسب ، بل في كافة مجالات الحياة الأخرى .

5 ـ على مدير المدرسة أن يكون متواضعاً ، بعيداً عن التعالي والغرور ، وأن يعمل بكل جهده على كسب ثقة المعلمين لأن ذلك هو السبيل لخلق التعاون بين المعلمين والإدارة ، وبالتالي نجاح المدرسة ، فلا يمكن أن تحقق المدرسة أهدافها إلا إذا ساد التعاون في المحيط المدرسي .

6 ـ على مدير المدرسة أن يتجنب كل ما من شأنه أن يخلق التكتلات في صفوف الهيئة التعليمية ، وعليه أن يتجنب تقديم معلم على حساب الآخرين ، لأن ذلك يخلق بكل تأكيد روح التذمر في نفوس المعلمين ويجعلهم يعزفون عن التعاون .

7 ـ على مدير المدرسة أن يكون قادراً على التعبير عما يريده تكلماً وكتابة ، فالمدير المتمكن من التعبير الجيد يؤثر تأثيراً بالغاً في نفسية المعلمين والطلاب ، ويجعلهم يثقون بأن مدير مدرستهم أهلُ لهذا المنصب .

8 ـ على مدير المدرسة أن تكون له معرفة جيدة بطلاب مدرسته ، وذلك عن طريق حفظ أسمائهم والتعرف على الطلاب المتفوقين منهم والمتأخرين ، والذين هم مثال للأدب والأخلاق ، والطلاب المشاكسين الذين يميلون للشراسة وخلق المشاكل ، من معالجة مشاكلهم وحلها .

ولابدّ للمدير لكي يقوم بهذا العمل ، أن ينظم لكل طالب ملف خاص به ، تدون فيه كافة المعلومات المتعلقة بأوضاع الطلاب السلوكية والدراسية ، وتكون مرجعاً له وللمعلمين عند معالجتهم المشاكل التي تنشأ في المدرسة ، إذ بواسطتها يمكن التعرف على سيرة التلاميذ وسلوكهم ، ونقاط الضعف فيهم ، وبالتالي معالجة تلك المشاكل بالشكل الذي يحقق الهدف المنشود للتربية .

.. يتبع ..

الوافـــــي 27-09-2005 05:28 PM

الفصل السابع

المعلم

أولاً ـ الصفات التي ينبغي توفرها في المعلم .
ثانياً ـ كيف ننهض بمستوى المعلم ؟
ثالثاً ـ كيف ينبغي للمعلم القيام بواجباته ؟
رابعاً ـ كيف ينبغي أن نعد المعلم ؟



أولاً : الصفات التي ينبغي توفرها في المعلم :

أن المهمة الملقاة على عاتق المعلم هي بكل تأكيد شاقة وجسيمة ، فهي تهدف إلى إعداد الأجيال المتلاحقة ، جيلاً بعد جيل ، اجتماعياً وأخلاقياً وعاطفياً ، والعمل على تهيئة كل الوسائل والسبل التي تمكنهم من تنمية أفكارهم وشخصياتهم بصورة تؤهلهم للوصول إلى الحقائق بذاتهم ، وبذلك يكونون عناصر فعالة ومحركة في المجتمع .
إنها تهدف إلى إذكاء أنبل الصفات والمثل الإنسانية العليا في نفسية الجيل الصاعد وجعلهم يدركون حاجات المجتمع ، ويتفاعلون معه ، من أجل تحقيق تلك الحاجات ، وبالتالي تطوير المجتمع ، ورقيه وسعادته .
أن المعلم يستطيع ، وبكل تأكيد ، أن يؤثر إلى حد بعيد بتلاميذه ، وإن هذا التأثير ونوعيته ، ومدى فائدته وفاعليته يتوقف بالطبع على نوعية المعلم ، وثقافته وقابليته وأخلاقه ، ومدى إيمانه بمهمة الرسالة التي يحملها ، وعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه ، فإن كل أعمال المعلم وسلوكه وأخلاقه وصفاته تنعكس تماماً على التلاميذ الذين يقوم بتربيتهم وتعليمهم .وعلى هذا الأساس ينبغي ، إن أردنا النهوض بمدارسنا ومجتمعنا ، أن نحدد الصفات التي ينبغي توفرها في المعلم ، والشروط الواجبة في اختياره ، والتي يمكن أن نحددها بما يلي :-

1 ـ ينبغي للمعلم أن يكون ذا مظهر جذاب ، حيث أن المظهر ، وشخصية المعلم وهندامه تؤثر جميعها تأثيراً فعالاً في نفسية التلاميذ وتجعلهم يقتدون به ، ويتخذونه مثلاً أعلى في مظهرهم وهندامهم وشخصيتهم .

2 ـ ينبغي للمعلم أن يتصف بروح الفكاهة والمرح ، لكي يستطيع جذب انتباه التلاميذ نحوه ، وجعل الدرس محبوباً إليهم ، حيث يندفعون إليه بشوق وسرور لأن نفسيته وروحه المرحة ذات تأثير بالغ على نفوس التلاميذ ، وعلى مدى نجاحه في أداء مهمته في آن واحد ، ولو أجرينا استفتاءاً لدى التلاميذ حول شعبية المعلمين ، والدروس التي يحبونها أكثر من غيرها لتأكد لدينا بشكل قاطع أن المعلمين الذين يتمتعون بهذه الصفة هم على قدر كبير من الشعبية وأن دروسهم هي على قدر كبير من الرغبة لدى التلاميذ .

3 ـ ينبغي للمعلم أن يكون حسن التصرف في تربية أبنائه التلاميذ ،وحل مشاكلهم بروية وحكمة ، فالمعلم يجابه خلال عمله كل يوم مشاكل لا حدّ لها ، أخلاقية ، وتربوية وتعليمية ، وإن تذليل هذه المشاكل وحلها يتوقف على أسلوب المعلم وحكمته وحسن تصرفه ولابد أن أشير بهذا الخصوص إلى أن أساليب العنف ضد الأبناء التي تمارس في البيت ، ومنذ الطفولة المبكرة نتيجة الجهل في أساليب التربية تسبب الضرر البليغ لشخصية الأطفال وتخلق لديهم العديد من الصفات السيئة والخطيرة ، كالخوف والانكماش والخنوع ،وضعف الشخصية والتمرد على المجتمع.

4 ـ إن الوعي الاجتماعي لدى المعلم أمر مهم جداً ، ولا يمكن الاستغناء عنه لأي معلم ناجح ، ذلك أننا كما أسلفنا أن عملية التربية والتعليم هي عملية تفاعل اجتماعي تتطلب دراسة وفهم المجتمع دراسة وافية ، والتعرف على ما يعانيه مجتمعنا من مشاكل وعيوب ، وكيف يمكن معالجتها وتذليلها.
إن كل معلم يعزل نفسه عن المجتمع ، ولا يشارك في فعالياته ومنظماته الاجتماعية ، لا يمكن أن يكون معلماً ناجحاً .

5 ـ أن على المعلم أن يكون محباً لتلاميذه ، متفهماً لحاجاتهم وسلوكهم ، والعوامل التي تحدد هذا السلوك وتتحكم فيه ، واعني بها الدوافع الإنسانية [ الغرائز ] ، ذلك أن الغرائز هي التي تحدد سلوك الفرد ، خيراً كان أم شراً ، وهنا تبرز أهمية المعلم ودوره في صقل تلك الغرائز ، وتوجيهها الوجهة الصحيحة الخيرة ، حيث أن الغرائز لا يمكن أن تقهر ، بل يمكن السمو بها إذا ما عرفنا كيف نتعامل مع أبنائنا التلاميذ ، ولاشك أن المعلم يستطيع صقل هذه الغرائز إن هو أدرك حقيقتها ، ومدى تأثيرها في سلوك أبنائنا التلاميذ ، وعلى العكس من ذلك نجد هذه الغرائز إذا تركت وشأنها فكثيراً ما توجه صاحبها الوجهة الضارة الشريرة . إن غريزة التنازع على البقاء كانت تعني في المجتمعات المتخلفة البقاء للقوي والموت للضعيف ، غير أنه بفضل التطور الحاصل في المجتمع البشري على مدى العصور ، وبفضل ما توصل إليه العلم والعقل الإنساني يمكن أن تكون صراعاً ليس بين إنسان قوي وآخر ضعيف ، أو أمة قوية وأخرى ضعيفة ، بل بين المجتمع الإنساني ككل وبين الطبيعة ، من أجل تهيئة كل الوسائل والسبل للسمو بمستوى حياة الإنسان المادية والمعنوية ، فكل تطور في ميادين العلوم والصناعة والزراعة ، وكافة مجالات الحياة الأخرى يهيئ ، ويوفر كل حاجات الإنسان ومتطلباته .

6 ـ ينبغي للمعلم أن يكون ميالاً للتجدد والتطور بشكل مستمر ، حيث أن الأساليب التربوية قد تطورت تطوراً كبيراً عما كانت عليه في الماضي ، فلا يوجد شيء في الوجود بحالة ثابتة جامدة ، بل إن كل شيء في حالة تغير وتطور مستمر ، ولابد للمعلم ، أن هو أراد النجاح في عمله ، أن يطور نفسه ، ويطور معلوماته ، ويجددها باستمرار ، عن طريق التتبع والمطالعة ، والوقوف على أحدث النظريات التربوية ، وتجارب الآخرين في مضمار العلم والثقافة ، والوقوف على آخر التطورات الحاصلة في عالمنا في شتى شؤون الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية .
إنه من المؤسف أن نجد الكثير من المعلمين ينتهي من الدراسة والتتبع حال استلامه شهادة التخرج ، فكأنما قد بلغ درجة الكمال ، وكأنما العلم والمعرفة قد انتهيا عند هذا الحد .

لنسأل أنفسنا :

كم كتاباً يقرأ كل معلم خلال السنة ؟
كم محاضرة تربوية ألقيت في كل مدرسة خلال السنة ؟
كم دورة تربوية وثقافية نظمها الجهاز التربوي للمعلمين ؟
وبالتالي كيف يمكن للمعلم أن يكون متجدداً ومتطوراً إذا لم يواكب التطورات الحاصلة في المجالات التربوية والاجتماعية في شتى بقاع العالم كي ينهل منها ،ويطور معارفه بما يخدم العملية التربوية .

.. يتبع ..

الوافـــــي 27-09-2005 05:36 PM

ثانياً : كيف ننهض بمستوى المعلم :

إن النهوض بمستوى المعلم منوط بلا أدنى شك بوزارة التربية والتعليم، فإن بإمكانها الارتفاع بمستوى المعلم وتجدده وتطوره وذلك عن طريق السبل التالية :

1ـ فتح دورات تربوية وتثقيفية للمعلمين كل سنة ، لتنمية وتجديد معلوماتهم في كافة مجالات الحياة المختلفة ، بشكل تجعل المعلمين يندفعون إلى الدخول بهذه الدورات عن رغبة وارتياح ، وذلك بمنح المعلمين المتفوقين امتيازات خاصة .
ومن المستحسن جداً الأخذ بنظام المعلم الأول ، حيث تكون مهمة المعلم الأول للمادة في المدرسة بالإضافة إلى التعليم ، القيام بالأشراف التربوي والتعليمي على عمل معلمي نفس المادة والطلاب معاً ، وبهذا الأسلوب نستطيع أن نخلق في نفوس المعلمين الرغبة في الانخراط في هذه الدورات ، والنجاح فيها ، وفي التنافس فيما بينهم في مجال عملهم الوظيفي .
أن عنصر الرغبة هام جداً في تحقيق ما تهدف إليه هذه الدورات ، وبدونها لا يمكن أن نحقق التجدد والتطوير المنشود لمعلمينا ، وبالتالي تصبح الدورات هذه مضيعة للوقت والجهد والمال .

2 ـ مساعدة وتشجيع المعلمين في الدخول إلى الكليات المسائية ، والعمل على إيجاد وتشجيع الدراسة بالمراسلة في هذه الكليات ، ولاشك أن ألوفاً من المعلمين سوف يندفعون للدراسة والتتبع بسرور واشتياق ، وخصوصاً العاملين منهم في القرى والأرياف ، حيث الفراغ الهائل الذي يعانون منه هناك .

3 ـ ضرورة قيام وزارة التربية وجهاز الأشراف التربوي بإعداد الندوات التربوية للمعلمين ، وجعلهم يقفون على آخر التطورات الاجتماعية والتربوية في مختلف بلدان العالم من جهة ، والوقوف على نماذج من الأساليب التربوية والخبرات والتجارب التي حصل عليها المعلمون خلال عملهم ، وعلى نماذج للمشاكل التي يصادفونها في المدرسة وطرق وأساليب علاجها .

4 ـ ضرورة عقد ندوات شهرية يساهم فيها المعلمون والأباء ، وتطرح خلالها القضايا التربوية التي تجابههم سواء كان ذلك في البيت أو المدرسة ، وطرق علاجها ، على أن تقدم كل مدرسة خلاصة البحوث والمناقشات والنتائج التي خلص إليها المجتمعون والمجتمعات في هذه الندوات ، وإرسالها إلى إدارات التربية التي عليها إعداد جهاز خاص ذي قدرة وقابلية على دراسة تلك المحاضر وتنسيقها ، بغية الوقوف على كافة الجوانب السلبية والإيجابية في أوضاع مدارسنا وطلابنا وطالباتنا ، من أجل معالجة علمية لجوانبها السلبية ، وتعميق وتعميم جوانبها الإيجابية ، وبذلك تساهم مساهمة فعالة لا في رفع مستوى المعلم والمعلمة فحسب ، بل وفي رفع مستوى الآباء والأمهات أيضاً .

5 ـ ضرورة خلق الروابط والاتصالات ، وتبادل الخبرات بين المعلمين في مختلف بلدان العالم بغية الوقوف على احدث الأساليب التربوية والتعليمية التي تنتهجها ، وكيف تعالج هذه البلدان مشاكل المعلمين والطلاب في آن واحد .

***

7 ـ إن تحديد عدد الحصص التي يقوم بتدريسها المعلم من جهة ، وتحديد عدد طلاب كل صف من جهة أخرى أمران هامان يؤثران تأثيراً بالغاً على إمكانياته وكفاءته ورفع مستواه . أن حشر العدد الكبير من الطلاب أوالطالبات في صف واحد ، وإرهاق المعلم أو المعلمة بالحصص سيقلل حتماً من نشاطهما وحيويتهما من جهة ، ولا يتيح لهما فرصة العمل المثمر ، والتتبع والدراسة وتطوير قدراتهما ، وقابليتهما من جهة أخرى .
لقد أدركت الدول المتقدمة أهمية هذه النقطة فسعت إلى تقليص عدد طلاب الصف إلى أدنى حد ممكن ، وكذلك قلصت عدد الحصص الأسبوعية لكل معلم ، ليتمكن من أداء واجبه على الوجه الأكمل .
غير أن الحال في مختلف الدول النامية ودول العالم الثالث مختلف تماماً ، فالمعلم والمعلمة مرهقان جداً ، والصفوف لا تكاد نجد مكاناً للمرور فيها حيث حُشرت فيها أعداد كبيرة من الطلاب أوالطالبات ، بحيث أصبح من العسير على المعلم والمعلمة التفرغ لهم ، وحتى معرفة أسمائهم وحفظها ، كما أصبح من العسير عليهم إعطاء الواجبات البيتية وتصحيحها على الوجه الأكمل ، وأصبح من العسير أيضاً دراسة مشاكل الطلبة وحلها بشكل تربوي سليم ، فكيف يستطيع المعلمون والمعلمات أداء واجباتهما على الوجه الأكمل إذا كان الصف الواحد قد حُشر فيه أكثر من خمسين طالب أوطالبة ،إن 20 ـ24 طالباً أوطالبة في كل صف من جهة ، و18 ـ20 حصة للمعلم أوالمعلمة من جهة أخرى كفيلان برفع مستوى المعلم والتعليم والتربية على حد سواء .

***

9 ـ إن جهاز التعليم يضم في صفوفه عناصر غير جديرة بأي حال من الأحوال للقيام بهذا الواجب المقدس ، بل على العكس من ذلك فإن وجودهم وبقائهم فيه خطر كبير على عملية التربية والتعليم ، ولأجل معالجة هذه الأمور الحساسة ينبغي لوزارة التربية القيام بما يلي :

أ ـ تطهير جهاز التعليم من كافة العناصر الخاملة والكسولة ، والتي يثبت فشلها ، ونقلهم إلى وظائف أخرى .

ب ـ هناك عناصر لا يشجع سلوكها وأخلاقها على البقاء في سلك التعليم ، وينبغي التخلص منها إن سلك التعليم ينبغي أن لا يفتح أبوابه إلا لمن اتصف بأسمى المثل الإنسانية ، والأخلاق الفاضلة ، لأن التلاميذ يقلدون معلميهم في أعمالهم وسلوكهم وتصرفاتهم ، وكما أسلفنا فإن عملية التربية ما هي إلا عملية تفاعل بين المعلمين والتلاميذ ، وما العادات والأخلاق ، والتصرفات التي تظهر لدى التلاميذ إلا انعكاساً لعادات وتصرفات وأخلاق مربيهم سواء كان ذلك في البيت أم المدرسة.

ج ـ هناك العديد من المعلمين الذين بلغوا من العمر حداً جعل طاقاتهم للعمل محدودة ، وبالتالي عجزوا عن القيام بواجباتهم التربوية بالشكل الذي يؤمن الفائدة المرجوة ، لذلك فإن من الأفضل إحالتهم على التقاعد دون إبطاء ، مع تكريمهم بالشكل الذي يستحقونه ، جزاء ما قدموه من خدمات لأبناء شعبهم ووطنهم ، وليحل مكانهم العناصر الشابة الكفوءة كي يستطيعوا حمل الرسالة بجد ونشاط .

في هذا الرد بعض التصرف

.. يتبع ..

الوافـــــي 27-09-2005 05:44 PM

ثالثاً ـ كيف ينبغي أن يقوم المعلم بواجباته :

لكي يستطيع المعلم أداء واجباته على الوجه الأكمل ، ولكي يحصل على نتائج مسرة في عمله ، ينبغي له أن يضع نصب عينيه ما يلي :

1 ـ ينبغي أن يدرك المعلم أن واجبه الأساسي هو التربية قبل التعليم ، وأن المناهج والكتب المقررة في المدارس ما هي إلا وسيلة يستخدمها التلاميذ لغاية أهم ، ألا وهي النمو العقلي ، والجسمي والعاطفي ، وعلى المعلم والحالة هذه أن يركز جلّ اهتمامه للناحية التربوية ، والعمل على معرفة مشاكل التلاميذ ، ومساعدتهم على حلها والتغلب عليها ، وهذا بالطبع لا يمكن أن يتم إلا إذا شعر المعلمون تجاه تلاميذهم شعوراً ودياً يمكنهم من فهمهم ، ومن غير الممكن تربية التلاميذ وتعليمهم إن لم يشعروا أن المعلم يحترمهم ويعطف عليهم ، ويسعى من أجلهم .
إن الجو الذي ينبغي أن يسود المدرسة هو كجو المستشفيات تماما، حيث الحنان والعطف من لدن الأطباء والممرضات على المريض ، وبذلك نستطيع أن نخلق شباباً لائقاً ، وقادراً على قيادة الأمة والنهوض بها ،فهم بكل تأكيد سيكونون رجال المستقبل .

2 ـ ينبغي للمعلم أن يكون على علم بأن التربية الحقيقية هي التي تقوم على أساس نابع من حاجات التلاميذ الاجتماعية ، وإن إدراك هذه الحقيقة تحتم على المعلم تتبع الأوضاع والأحوال الاجتماعية في البلد من جهة ، وتمكين التلاميذ من دراسة هذه الأوضاع والعمل على تطويرها وتحسينها .

3 ـ ينبغي للمعلم التعرف على تلاميذه في بداية السنة الدراسية ، والوقوف على مستواهم في مختلف المجالات لكي يتمكن على ضوء ذلك من تحديد الموقع الذي يجب أن يبدأ منه ، ويمكن تحديد تلك المجالات بما يلي :
ا ـ التعرف على التلاميذ من الناحية التربوية عن طريق دراسة سلوكهم وتصرفاتهم ، وأوضاعهم في البيت والمدرسة ، والمشاكل التي يعانون منها لكي يستطيع على ضوء ذلك وضع خطة العمل المناسبة لحل مشاكلهم ، وتنشئتهم النشأة الصحيحة .
ب ـ التعرف على مستواهم الدراسي بغية التأكد من أن ما درسوه في السنة الدراسية الماضية قد تم فهمه واستيعابه ، وعلى ضوء ذلك يستطيع المعلم أن يحدد المكان التي يبدأ منها .

4 ـ ينبغي للمعلم أن يكون منتبهاً إلى ضرورة ربط الدرس الجديد بالدرس السابق كي يكون سلسلة متواصلة تسهل على التلاميذ تتبع الموضوع وتفهمه بصورة جيدة .

5 ـ ينبغي للمعلم أعداد خطة فصلية للمنهج الدراسي المقرر ، وخطة يومية للدرس لكي يدخل الصف وهو على كامل الاستعداد لمتطلبات الدرس .

6 ـ ينبغي للمعلم أن يوفق بين قابلية التلاميذ على التعلم ، وسرعة التعلم ، فليس العبرة في كثرة ما يدرّسه المعلم من مواد للتلاميذ ، بل العبرة في الفهم والاستفادة ، فعلى المعلم أن يضع نصب عينيه دائماً الجانب النوعي لا الكمي .

7 ـ ينبغي الاهتمام بالفروق الفردية بين تلاميذ الصف ، حيث أنهم ليسوا على استعداد واحد ، وقابلية واحدة ، وذكاء واحد ، بل أن كل تلميذ يختلف عن الآخر ، وعلى هذا الأساس فأن المعلم لا يستطيع النجاح في عمله إن لم يراعي هذه الفروق الفردية والتي يمكن تلخيصها بما يلي :

ا ـ الفروق الجسمية :
هناك تلاميذ أصحاء ، أقوياء البنية ، جيدو التغذية ، وهناك تلاميذ مرضى ، ضعاف البنية ، سيئو التغذية ، وعلى هذا الأساس ليس من الحكمة معاملة هذين الصنفين معاملة واحدة .

ب ـ الفروق العقلية :
هناك تلاميذ متخلفون عقلياً ، وتلاميذ ضعيفو الذكاء ، أو متوسطو الذكاء ، أو فوق المتوسط ، وهناك شديدو الذكاء ، وعلى هذا الأساس فإن قابلية التلاميذ على التعلم ليست واحدة ، ولابد والحالة هذه من دراسة أوضاع التلاميذ ، وإجراء اختبارات الذكاء للوقوف على مستوى ذكاء كل تلميذ والتي تحدثنا عنها في الفصل الأول .

ج ـ الفروق الاجتماعية والاقتصادية :
إن المعلم يدرك بلا شك أن التلاميذ يعيشون في بيئات اجتماعية واقتصادية مختلفة بعضها عن البعض الآخر ، فهناك تلاميذ يعيشون في بيئة اجتماعية متقدمة ، ويحيون حياة رغيدة ، وتتوفر لهم كل متطلبات الحياة ومباهجها ومسرّاتها .
وهناك تلاميذ كثيرون يعيشون في بيئة متخلفة جداً ، ويحيون حياة بائسة يسودها الفقر والجهل ، فليس من الحكمة والحالة هذه النظر إلى كافة التلاميذ بمنظار واحد ، ولا بدّ من اخذ هذه الأمور بعين الاعتبار ، والعمل على تقديم كل المساعدات الممكنة للطلاب الذين يعانون من المشكلات الاحتماعية والاقتصادية ، وإعطائهم المزيد من الجهد والوقت لتذليل الصعوبات التي تجابههم وتمكنهم من تخطيها .

د ـ فوارق الميول والرغبات الخاصة :
إن هذه الفوارق ذات أثر حاسم في سلوك التلاميذ ونشاطهم المدرسي ، و لابدّ لأي معلم يبغي النجاح في عمله أن يدرس أحوال تلاميذه ويتعرف على ميولهم ورغباتهم ليستطيع على ضوء هذه الدراسة تحديد الاتجاه الذي يمكن للتلميذ السير فيه بنجاح .

7 ـ ينبغي للمعلم لكي يحمل تلاميذه على الانتباه للدرس وفهمه أن يعمل على إفهامهم أهمية المادة التي يدرسونها ، وما تقدمه لهم من فوائد كثيرة ذات تأثير بالغ على مستقبلهم .

8 ـ الثناء على التلاميذ المتقدمين وذوي السلوك الجيد يشجعهم ويدفعهم للاهتمام بدروسهم ، كما أنه يكون حافزاً لبقية التلاميذ لكي يحذوا حذوهم .

9 ـ ينبغي للمعلم أن يعير اهتمامه الكبير للنشاط الذاتي الذي يقوم به التلاميذ أنفسهم ، من تجارب وتطبيقات على ما يدرسونه من دروس ، ويعمل على تشجيعه وتطويره ودفعه إلى الأمام .

10 ـ ينبغي للمعلم أن ينزل إلى مستوى التلاميذ خلال عملية التدريس لكي يتيسر لهم فهم مادة الدرس بصورة جيدة ، فمما لاشك فيه أن مستوى التلاميذ لا يمكن أن يكون بمستوى المعلم .
ومما يؤسف له أن كثيراً من المعلمين لا يلتفتون إلى هذه المسألة ، وينظرون للتلاميذ وكأنهم في مستواهم ، ويحملونهم أكثر من طاقتهم ، مما يسبب لهم النفور من الدرس ، وبالتالي الفشل .

11 ـ إن الدروس النظرية التي يدرسها التلاميذ لا تلبث أن تتبخر من عقولهم إن لم تطبق على الحياة العملية ، لأن التطبيق العملي يرسخ المادة في أذهانهم .

12 ـ على المعلم أن يستخدم السبورة خلال الدرس بشكل فعّال ، وبذلك يشرك حاسة البصر لدى التلاميذ إضافة إلى حاسة السمع ، وطبيعي كلما حاولنا إشراك اكثر ما يمكن من الحواس أثناء الدرس كلما حصلنا على نتائج جيدة ، ورسخنا مادة الدرس في عقول التلاميذ

13 ـ ينبغي للمعلم أن يستخدم وسائل الإيضاح المتوفرة لديه ، ويعمل على توفير ما يحتاج إليه من هذه الوسائل بالتعاون مع التلاميذ ، لأن وسائل الإيضاح تساهم بشكل فعّال في فهم الدرس ، ولاشك أن تطوير مديرية الوسائل التعليمية التابعة لوزارة التربية أمر ضروري جداً لكي تستطيع تقديم أكبر كمية ممكنة من وسائل الإيضاح للمدارس .

14 ـ على المعلم استخدام اللغة الفصحى في شرح المادة للتلاميذ ، على أن تكون الكلمات التي يستعملها واضحة وسلسة ، وطبيعي إن هذا الأمر يسهل على التلاميذ فهم المادة من جهة ، وينمي لديهم قوة التعبير والخطابة من جهة أخرى ، وقد لا أكون مغالياً إذا ما أكدت أن التحدث بغير اللغة الفصحى داخل الصف قد يرتفع إلى مستوى جريمة علمية ، ذلك أن ازدواجية اللغة عامل خطير يحدث اكبر الأثر في نتائجه من حيث القصور في الإفهام وصياغة الجمل والتعبير ، في شتى الدروس ، وإني أقولها مطمئناً أن التخلف العلمي والأدبي لدى التلاميذ وكذلك الخريجين تعود أسبابه إلى ازدواجية اللغة .

15 ـ ينبغي للمعلم أن يخلق وباستمرار الانفعالات السارة في نفوس التلاميذ ، ويسعى بكل طاقته إلى تقليل الانفعالات غير السارة لكي يستمع التلاميذ إلى الدرس بشوقٍ ورغبةٍ . إن خلق الانفعالات السارة لدى التلاميذ يتوقف بالطبع على طريقة معاملة المعلم لهم ، وكيفية معالجة مشاكلهم وأخطائهم وتصرفاتهم ، وعلى المعلم الذي يبغي النجاح في عمله أن لا يلجأ إلى أسلوب الإهانة والحطِّ من نفسية التلميذ فيجعله يحقد عليه ويعزف عن درسه . أن العلاج الإيجابي يخدم المعلم والتلميذ معاً ، ويبعث الارتياح في نفسيهما .

16 ـ ينبغي للمعلم الاهتمام الجدي بالواجبات البيتية وتصحيحها ، ولفت انتباه التلاميذ إلى الأخطاء التي وقعوا فيها وتصحيحها ، وإن عدم الاهتمام بها كما يجب يؤدي إلى نتائج عكسية تماماً فيبقى الخاطئ على خطأه والمهمل على إهماله . وعلى المعلم عندما يعطي الواجب البيتي للتلاميذ أن يضع نصب عينيه ما يأتي :

أ ـ يجب أن يكون الواجب البيتي متناسباً مع مستوى التلاميذ وقابليتهم.

ب ـ يجب أن يكون الواجب البيتي محدوداً لكي يستطيع التلاميذ إنجازه ، فعلى المعلم أن يدرك أن للتلاميذ واجبات أخرى لدروس أخرى .

ج ـ ينبغي توجيه عناية المعلم إلى النوع لا الكم عند إعطاء الواجبات البيتية .

إن من المؤسف حقاً أن نجد الكثير من المعلمين لا يهتمون بالواجبات البيتية ،وكثيراً منهم لا يقوم بتصحيحها ، وأن بعضهم يكتفي بالتأشير على الواجب دون قراءته وتصحيحه ، وطبيعي أن هذا العمل لا يمكن أن يعطينا إلا عكس ما نتوخاه ، فلو فرضنا أن معلم الرياضيات قد أعطى التلاميذ مسائل حسابية كواجب بيتي ولم يقم بتصحيحها فماذا ستكون النتيجة ؟ أنها بلا شك ستكون استمرار الخطأ لدى التلاميذ ، وبالتالي الرسوب والفشل وضياع الجهد والوقت . أن عدم إعطاء الواجبات البيتية لهو خير ألف مرة من إعطائه دون تصحيحه .

.. يتبع ..

الوافـــــي 27-09-2005 05:54 PM

رابعا : كيف ينبغي أن نعدّ المعلم ؟

إن إدراكنا لعظم الرسالة التي يحملها المعلم ، ومدى عمق التأثير الذي يحدثه في نفوس التلاميذ ، هذا التأثير الذي يحدد بدوره مستقبل الجيل الناشئ، وبالتالي مستقبل الأمة ، يفرض علينا أن نحدد الشروط الواجب توفرها فيمن يروم الانخراط في هذا المسلك ، وحمل هذه الرسالة بأمانة وإخلاص ، كي نستطيع أن نخلق جهازاً تربويا قادراً حقاً على أداء الرسالة .

فما هي الشروط التي ينبغي توفرها لدى الراغبين بهذه المهنة ؟
يمكننا أن نحددها ، على ضوء التجارب التي مررنا بها هذه الشروط بثلاثة أمور أساسية :

1 ـ توفر الرغبة الصادقة للمتقدم لهذه المهنة .
2 ـ الإيمان بهذه الرسالة ، والقدرة على حملها .
3 ـ الإيمان بالأخلاق والمثل الإنسانية العليا .

ولابدَّ لنا أن نوضح هذه الأمور بشيء من التفصيل للتعرف على مدى تأثيرها على العملية التربوية:

أولاً ـ توفر الرغبة الصادقة :

إن من المسلم به أن كل إنسان لا يمكنه أن يحقق نجاحاً تاماً في عمله ما لم تكن له الرغبة الكافية فيه ، لأن الرغبة عنصر حاسم في دفع المعلم إلى التتبع والدراسة ، بغية الوقوف على أحدث الأساليب التربوية من جهة ، والإخلاص في أداء الواجب من جهة أخرى .

كما أن الاندفاع والرغبة تنعكسان بكل تأكيد على التلاميذ الذين يتولى تربيتهم وتعليمهم ، فتدفعه لتحضير مادة الدرس ، ووسائل الإيضاح اللازمة ، ويتعب نفسه من أجل إيصال المادة لهم ، ويهتم بالواجبات البيتية والصفية ، وتصحيحها ، وبذلك ينشّط التلاميذ ، ويجعلهم يقبلون على الدرس بجد واشتياق .

وإن عدم الرغبة ، والعزوف عن هذه المهنة له بالطبع عوامل ومسببات لابدَّ لنا من دراستها ، والوقوف عليها ومعالجتها ، وإذ ذاك نستطيع تهيئة الآلاف المؤلفة من المثقفين الشباب الذين سيندفعون إلى الانخراط بهذه المهنة المقدسة .


ثانياً ـ المنزلة الاجتماعية :

إن المعلم كما هو معلوم ، جندي مجهول في ميدان المعركة التي تخوضها الشعوب ضد الجهل والفقر والمرض، وتربية الجيل الصاعد وإعداده لتحمل مسؤولياته المقبلة ، نعم إنه جندي مجهول بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، إنه الشمعة التي تحترق لتنير الطريق للأجيال الصاعدة نحو عالم أفضل ، وحياة اسعد وأرفه ، ولقد أجاد الفرنسيون حين وصفو التعليم بأنه {مهنة بلا مجد }، فالمهندس يتحدث عنه الناس بأنه مصمم هذه العمارة ، والطبيب يقولون عنه بأنه نجح في العملية الطبية ، والمحامي برع في تبرئة أو إدانة المتهم ، أما المعلم ...فهو بصمت ... معلم ...!!

وبعد كل هذا يحق لنا أن نتساءل : "هل تتناسب المنزلة الاجتماعية للمعلم وعظم الرسالة التي يحملها ، والواجب الذي يؤديه ؟"

ولاشك أن هناك بوناً شاسعا في المنزلة الاجتماعية للمعلم بين البلدان المتقدمة وبلدان ما يسمى بالعالم الثالث ، فما أكثر ما أهين المعلم في معظم بلدان العالم الثالث ،وأخيراً لا يسعني إلا أن أردد قول المربي الكبير خليل تقي الدين : [ أيها المعلمون حسبكم شرفاً أن العالم من صنع أيديكم ].

ثالثاً : مدى إرضاء الطموح :

طوال حياته من أجل التقدم والسمو ، ولن يتوقف هذا الطموح حتى النهاية .وعلى هذا الأساس يحق لنا أن نتساءل : "إن من الحقائق المسلم بها أن الإنسان ذا طموح لا حد له ، إنه يعمل هل تحقق هذه المهنة لصاحبها الطموح المنشود ؟ "
ونعود فنجيب أن المعلم [ خلق معلماً ويبقى معلماً ] .
إن مسألة إرضاء الطموح هي التي دفعت الكثير من الشباب المثقف القادر إلى العزوف عن هذه المهنة لكننا لا يمكن أن نسلم بهذا الواقع ، بل ينبغي لنا أن نعالجه ، ونعمل ما أمكننا التخفيف من آثاره السلبية إذا ما روعي ما يلي :

1 ـ ضرورة إدخال نظام المعلم الأول في المدارس ، حيث أن لهذا النظام تأثير بالغ الإيجابية في تحفيز المعلم ، وتحسين أساليب عمله ، وجعله يشعر بالتقدم بترقيته إلى درجة معلم أول في المدرسة .

2 ـ ضرورة اختيار مديري المدارس من بين المعلمين الذين اثبتوا جدارتهم في عملهم ، وإخلاصهم في أداء مهنتهم ، وحبهم لأبنائهم التلاميذ ، وبذلك نكون قد حققنا هدفين معاً :

أ ـ اختيار المدير اللائق والجدير ، الذي يعتبر عنصراً هاماً في نجاح المدرسة .
ب ـ شعور المعلم بأن جهوده وأتعابه لم تذهب سدا ،وإنما هي موضع تقدير وتثمين .

3 ـ ضرورة اختيار المشرفين التربويين من صفوف المعلمين الذين مارسوا التعليم والإدارة معاً مدة من الزمن لا تقل عن عشر سنين ، حيث يكونوا قد اكتسبوا خبراً وتجارب جمة ، أدركوا المشاكل والمصاعب التي تواجه المدرسة ، وأساليب حلها ، ذلك أن الذي يعيش مشكلة ما هو أدرى بطبيعتها وطرق معالجتها من أي شخص آخر . إن هذا التدرج في الخدمة التربوية والتعليمية سيثير بلا شك الطموح لدى المعلم .
ولابدَّ أن أشير هنا إلى أن التدرج في الوظيفة ، وفي الترفيع ،ينبغي أن يسبقه اختبار خاص للمرشحين لكي يكون الاختيار دقيقاً وأميناً .

4 ـ إن غاية ما يطمح إليه الإنسان هو أن يحيا هو وأفراد عائلته في سعادة ورفاه ، وإن هذا لا يمكن أن يتم إلا بتأمين القدر الكافي من الدخل الذي يمكّنه من تأمين حاجاته المادية ، فالجانب الاقتصادي له دور حاسم في خلق الرضا والسعادة للإنسان .

في هذا الرد بعض التصرف

.. يتبع ..

الوافـــــي 27-09-2005 05:58 PM

إعداد المعلم :

لكي نستطيع أن نعد معلمين أكفاء قادرين على القيام بالمهمة الخطيرة الملقاة على عاتقهم ، ينبغي أن يكون الإعداد شاملاً للجوانب التالية :


1 ـ إعداد تربوي :

ذلك أن المهمة الأساسية للمعلم هي التربية قبل التعليم ، ولذلك فأن التربية عملية شاقة تتطلب من المعلم خبرة كافية تمكنه من دراسة شخصية التلاميذ ، وميولهم ، وحاجاتهم ، بغية إعدادهم إعداداً كاملاً ، نفسياً ، وخلقياً ، ووجدانياً ، وهذا الواجب الخطير لا يمكن القيام به إلا إذا كان المعلم قد أعد الإعداد التربوي اللازم على احسن الوجوه ويتمتع بالمهارات التالية :

1 ـ أن يمثل نموذجاً مناسباً للمهارات الاجتماعية ، والثقافية ، والانفعالية ، والأكاديمية .
2 ـ أن يظهر عدالة ، وحساسية ، وتعاطفاً ، وثباتاً ، وغيرها من القيم الإنسانية الهامة .
3 ـ يعبر عن مشاعر الفكاهة والمرح ، والسعادة ، والحماس في الأحوال المناسبة .
4ـ أن يبقى هادئاً وموضوعياً عند وقوع المشاكل والمواقف الضاغطة
5 ـ أن تكون لديه القدرة على إنشاء علاقات طيبة مع المعلمين الآخرين والإدارة والمهنيين الآخرين .
6 ـ يؤدي الأنشطة المهنية بطريقة أخلاقية


2 ـ إعداد اجتماعي :

لما كان التلميذ كائناً حياً يعيش في بيئة اجتماعية ، ويتعامل معها ، ويتفاعل بها ، فلا يمكن والحالة هذه إغفال علاقته بالمجتمع ، ومدى تأثره به ، ولذلك وجب على المعلم أن يكون ملماً إلماماً تاماً بأحوال وظروف المجتمع ، ومشاكله ، ووسائل التغلب عليها وحلها ، وهذا لا يتم إلا إذا أعدَّ المعلم إعداداً اجتماعياً دقيقاً ،وهذا يتطلب أن يلم إلماماً دقيقاً بأساليب التربية الحديثة وعلم النفس ، وأن يكون مطلعاً على خبر وتجارب ودراسات رجالات التربية لكي يستطيع مجابهة المشاكل التربوية والسلوكية لطلابه بطريقة علمية صحيحة ، والقدرة على تذليلها وعلاجها على الوجه الأكمل ، ولاشك أن هذا العمل ليس بالأمر الهين ، فمهنة المعلم هي من اصعب المهن .


3 ـ إعداد علمي :

إن المدرسة تقدم للتلاميذ المعارف المختلفة ، من لغات ، وعلوم اجتماعية ، وصحية ، وطبيعية ، وفيزيائية ، وغيرها من العلوم الأخرى ، ويقع العبء بالطبع في إيصال هذه المعارف إلى عقول التلاميذ على عاتق المعلم .
وعلى هذا الأساس ينبغي إعداد المعلم إعداداً علمياً شاملاً ، بحيث نمكّنه من تدريس المواد المختلفة للتلاميذ بسهولة ويسر .


في هذا الرد بعض التصرف

.. يتبع ..

الوافـــــي 03-12-2005 12:39 PM

الفصل الثامن

الإشراف التربوي

أولاً ـ تطور أساليب الإشراف التربوي .
ثانياً ـ أهداف الإشراف التربوي .
ثالثاً ـ واجبات المشرف التربوي .
رابعاً ـ كيف نستطيع النهوض بجهاز الإشراف التربوي ؟



أولاً ـ تطور أساليب الإشراف التربوي :

تطورت الأساليب التربوية في عصرنا الحاضر تطوراً هاماً جداً قلب المفاهيم التربوية السابقة رأسا على عقب ، فبعد أن كانت المناهج التي تدرس دروساً نظرية تلقن للتلاميذ ، وهي بعيدة كل البعد عن حاجاته وميوله ومشكلاته ، نراها اليوم وقد تحولت إلى مناهج تعي هذه الحقائق ، وتعتبرها أساساً واجباً لا يمكن الاستغناء عنها .

وبعد أن كانت العلاقة بين البيت والمدرسة تكاد تكون مقطوعة ، والمدرسة مستقلة عن المجتمع ، نجدها اليوم وقد حطمت تلك الحواجز اللعينة بين البيت والمدرسة والمجتمع ، وبين حياة التلاميذ داخل المدرسة وخارجها ، فلقد وثقت المدرسة صلتها بالبيت والمجتمع ، وتحولت إلى مركز للإشعاع الثقافي والاجتماعي .

وبعد أن كانت العلاقة بين التلميذ والمدرسة يسودها جو من الخوف والرهبة ، تحولت اليوم إلى المشاركة الديمقراطية والتعاون البناء بين المعلم والتلميذ .

إن كل هذا التطور في أساليب التربية والتعليم لم تأتِ إلا نتيجة حتمية لتغلغل الفلسفة الديمقراطية في التربية . وهكذا فإن هذه التطورات تجعلنا ملزمين بتبديل فكرتنا عن الإشراف التربوي ونظمه وأساليبه ، وإلا اصبح عائقاً يحول دون تطبيق الأساليب التربوية الحديثة في مدارسنا .

إن الإشراف التربوي ينبغي أن يكون خدمة تعاونية هدفها الأول دراسة الظروف التي تؤثر في عمليتي التربية والتعليم ، والعمل على تحسين هذه الظروف وفقاً لما تقضي به الأساليب الناجحة ، لا سيفاً مسلطاً على رقاب المعلمين ، جلَّ غايته تتبع هفوات المعلم ، وإظهار الجوانب السلبية لديه ، والتنكر لكل جانب إيجابي في عمله ، مما يؤدي إلى تحطيم نفسية المعلم ، وإخماد روح العمل والمثابرة فيه .

إن الإشراف التربوي ينبغي له أن يكون مرشداً للمعلم ، وعلى المشرف التربوي التركيز أولاً وقبل كل شيء على الجوانب الإيجابية في عمل المعلم وإطرائها ، قبل التعرض إلى الجوانب السلبية إن وجدت، شرط أن يكون ذلك بأسلوب تربوي لا يمس ، أو يجرح المعلم ، ويثبط عزيمته فتكون النتيجة على عكس ما توخاه المشرف التربوي ، وبهذه الطريقة يدفع المشرف التربوي المعلمين على تحسين أداء عملهم وتطويره ، وليكن معلوماً أن كل إنسان معرض للخطأ ، وأن الذي لا يعمل فقط هو الذي لا يخطأ ، والمهم هنا أن يكون دور المشرف التربوي التنبيه إلى الأخطاء بأسلوب مهذب ،ومساعدة المعلم على تجاوزها دون ضجيج.

.. يتبع ..

الوافـــــي 03-12-2005 12:42 PM

ثانياً - أهداف الإشراف التربوي :

يمكننا تحديد أهداف الإشراف التربوي في الأمور التالية :
1 ـ توجيه المعلم وإرشاده ، ومعاونته على فهم خصائص نمو الأطفال ، وحاجاتهم ، وطرق إشباعها ، ووسائل حل مشاكلهم المختلفة بالأساليب التربوية الحديثة .

2 ـ إشعار المعلم بأنهما زميلان ، مهمتهما التعاون على تحقيق أهداف المدرسة ، في جو من الاحترام المتبادل ، فذلك وحده كفيل بإيجاد جو من التعاون الخلاق بين المعلم والمشرف التربوي، يستطيعان بواسطته معالجة كل ما تجابه المدرسة من مشاكل بيسر وسهولة .

3 ـ جمع الخبرات الجيدة التي يحصل عليها من خلال عمله كمشرف تربوي ، وتعميمها على المدارس للاستفادة منها ، ذلك أن المشرف التربوي بحكم عمله ، واتصاله بالمعلمين ، والاستماع إلى طرق وأساليب تربيتهم وتعليمهم ، يحصل على مجموعة من الخبرات والتجارب التي يمكن الاستفادة منها حين تعميمها .

ولابد للمشرف التربوي من عقد اجتماعات واسعة للمعلمين ، لا أن تقتصر زيارتهم في الصف لبضع دقائق لا غير . إن بضع دقائق يزور بها المعلم أثناء الدرس لا يمكن له أن يقف خلالها على مدى الجهد الذي يبذله المعلم ، ولا الوقوف على المشاكل التي يجابهها هو وتلاميذه على حد سواء ، وبالتالي لا يمكن أن يكون التقرير الذي يقدمه عن المعلم دقيقاً ومنصفاً .

4 ـ تيسير نجاح المعلم في تحقيق رسالته، عن طريق إيجاد فرص للتدريب ، والاتصال بالحياة ، والقضاء على العزلة الفكرية لدى المعلمين .

5 ـ خلق جو من التفاهم والاحترام المتبادل بين المعلم والمجتمع ، وهذا العمل يتطلب من المشرف التربوي الإلمام بظروف المدرسة والمجتمع ، كي يتمكن من إقناع الطرفين أن عملية التربية والتعليم تخص كلاهما ، وأن النجاح يتوقف على تعاونهما .

6 ـ تبيان أحسن الطرق والأساليب للمعلم في عرض مواد الدرس على التلاميذ ، وطرق ربطها ببعضها ، بحيث تتلاءم وعقول التلاميذ ، وتتناسب ومستوياتهم ، وتثير فيهم الاندفاع الذاتي وتشبع ميولهم ورغباتهم .

7 ـ التعرف على مستوى التلاميذ في جميع النواحي ، الشخصية ، والعلمية ، وتتبعه ، والإسهام في رفعه والسمو به ، ومن المؤسف أن نجد الكثير من المشرفين التربويين لا يهتمون إلا بالمستوى العلمي ، سواء كان ذلك بالنسبة للمعلم أو التلاميذ ، أما النواحي الأخرى ، والتي هي أكثر أهمية من تلقين التلاميذ لمواد معينة ، فتلك مسألة لا تستحق أي اهتمام !! .

8 ـ دفع المعلم إلى دراسة المناهج والكتب المدرسية المقررة ونقدها ، وتبيان جوانبها الإيجابية والسلبية ، وطرق معالجتها ، وبذلك يتحرر فكر المعلم من القيود البالية ، وتجعله يشعر بأنه مساهم فعّال في وضع المناهج وتطويرها .

إن هذه هي أهم الأهداف التي ينبغي أن يحققها المشرف التربوي الناجح ، والتي بواسطتها يمكن النهوض بالمدرسة من جهة ، وإمكانات المعلم من جهة أخرى .

.. يتبع ..


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.