أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة الإسلامية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=8)
-   -   سؤال للجميع : هل تلزمكم العقيدة الطحاوية ؟ (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=35447)

ابن الوردي 23-09-2003 07:58 PM

[][][]- العقيدة الطحاوية -[][][]
 
عقيدة المسلمين هي أن الله ليس كمثله شيء

تَعَالىَ -أي الله- عَنِ الـحُدُودِ وَالغَايَاتِ، وَالأَرْكَانِ وَالأَعْضَاءِ وَالأَدَوَاتِ،

لاَ تَحْوِيهِ الـجِهَاتِ الستُّ كَسَائِرِ الـمُبْتَدَعَاتِ




العقيدة الطحاوية
للإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله


بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


قَالَ العَلاَّمَةُ حُجَّةِ الإِسلاَمِ أبو جَعفرٍ الوَرَّاقِ الطّحَاوي - بِمصرَ - رَحِمَهُ اللهُ:


هَذَا ذِكْرُ بَيَانِ عَقِيدَةِ أهلِ السُنَّةِ وَالجَمَاعَةِ عَلىَ مَذْهَبِ فُقَهَاءِ الـمِلَّةِ: أَبِي حَنِيفَةَ النُعْمَانِ بْنِ ثَابِتٍ الكُوفِيّ، وَأبِي يُوسُف يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهيِمَ الأَنْصَارِيّ، وَأبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ الـحَسَنِ الشَيْبَانِيّ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ وَمَا يَعْتَقِدُونَ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ، وَيَدِينُونَ بِهِ لِرَبِ العَالَمِينَ.

َقُولُ فِي تَوحِيدِ اللهِ مُعْتَقِدِينَ بِتَوفِيقِ اللهِ: إِنَّ اللهَ وَاحِدٌ لاَ شَرِيكَ لَهُ. وَلاَ شَئَ مِثلَهُ، وَلاَ شَئَ يُعْجِزَهُ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرَهُ.

قَدِيْمٌ بِلاَ ابْتِدَاءٍ، دَائِمٌ بِلاَ انْتِهَاءٍ، لاَ يَفْنىَ وَلاَ يَبِيدُ، وَلاَ يَكُونُ إِلاَّ مَا يُرِيدُ، لاَ تَبْلُغُهُ الأَوْهَامُ وَلاَ تُدْرِكُهُ الأَفْهَامُ، وَلاَ يُشْبِهُ الأَنَامَ، حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، قَيُّومٌ لاَ يَنَامُ، خَالِقٌ بِلاَ حَاجَةٍ، رَازِقٌ بِلاَ مُؤْنَةٍ، مُمِيتٌ بِلاَ مَخَافَةٍ، بَاعِثٌ بِلاَ مَشَقَةٍ.

مَازَالَ بِصِفَاتِهِ قَدِيْماً قَبْلَ خَلْقِهِ، لَمْ يَزْدَدْ بِكَوْنِهِمْ شَيْئاً لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُمْ مِنْ صِفَتِهِ.
وَكَمَا كَانَ بِصِفَاتِهِ أَزَلِياً، كَذَلِكَ لاَ يَزَالُ عَلَيْهَا أَبَدِياً، لَيْسَ بَعْدَ خَلْقِ الـخَلْقِ اسْتَفَادَ اسْمَ الـخَالِقِ، وَلاَ بِإحْدَاثِهِ البَرِيَّةِ اسْتَفَادَ اسْمَ البَارِئِ.

لَهُ مَعْنَى الرُبُوبِيَّةِ وَلاَ مَرْبُوبَ، وَمَعْنَى الـخَالِقِ وَلاَ مَخْلُوقَ. وَكَمَا أَنَّهُ مُحْيِي الـمَوْتَى بَعْدَمَا أَحْيَا، اسْتَحَقَّ هَذَا الاسْمَ قَبْلَ إِحْيَائِهِمْ كَذَلِكَ اسْتَحَقَّ اسْمَ الـخَالِقِ قَبْلَ إِنْشَائِهِمْ.

ذَلِكَ بِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَئٍ قَدِيرٌ، وَكُلُّ شَئٍ إِلَيْهِ فَقِيْرٌ، وَكُلُّ أَمْرٍ عَلَيْهِ يَسِيْرٌ، لاَ يَحْتَاجُ إِلىَ شَئٍ، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَـْئٌ وَهُوَ السَمِيْعُ البَصِيْرُ}.

خَلَقَ الـخَلْقَ بِعِلْمِهِ، وَقَدَّرَ لَهُمْ أَقْدَاراً، وَضَرَبَ لَهُمْ ءَاجَالاً، وَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ شَئٌ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ، وَعَلِمَ مَا هُمْ عَامِلُونَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ وَنَهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ.

وَكُلُّ شَئٍ يَجْرِي بِتَقْدِيرِهِ، وَمَشِيئَتِهِ، وَمَشِيئَتُهُ تَنْفُذُ لاَ مَشِيئَةُ لِلعِبَادِ إِلاَّ مَا شَاءَ لَهُمْ، فَمَا شَاءَ لَهُمْ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.

يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَيَعْصِمُ وَيُعَافِي فَضْلاً، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ، وَيَخْذِلُ وَيَبْتَلِي عَدْلاً. وَكُلُّهُمْ يَتَقَلَبُونَ فِي مَشِيئَتِهِ بَيْنَ فَضْلِهِ وَعَدْلِهِ. وَهُوَ مُتَعَالٍ عَنِ الأَضْدَادِ وَالأَنْدَادِ. لاَ رَادَّ لِقَضَائِهِ، وَلاَ مُعْقِبَ لِحُكْمِهِ، وَلاَ غَالِبَ ِلأَمْرِهِ.

ءَامَنَّا بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَأَيْقَنَّا أَنْ كُلاً مِنْ عِنْدِهِ.

وَإِنَّ مُحَمَّداً صَلىَّ اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَبْدُهُ الـمُصْطَفَى، وَنَبِيَهُ الـمُجْتَبَى، وَرَسُولَهُ الـمُرْتَضَى، وَإِنَّهُ خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ، وَإِمَامُ الأَتْقِيَاءِ، وَسَيِّدُ الـمُرْسَلِينَ، وَحَبِيبُ رَبِّ العَالَمِينَ، وَكُلُّ دَعْوَةِ نُبُوَّةٍ بَعْدَ نُبُوَتِهِ فَغَيٌّ وَهَوَى.

وَهُوَ الـمَبْعُوثُ إِلىَ عَامَّةِ الـجِنِّ وَكَافَّةِ الوَرَى بِالـحَقِّ وَالـهُدَى وَبِالنُورِ وَالضِّيَاءِ.

وَإِنَّ القُرْءَانَ كَلاَمُ اللهِ، مِنْهُ بَدَا بِلاَ كَيْفِيَّةٍ قَوْلاً، وَأَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَحْياً، وَصَدَّقَهُ الـمُؤْمِنُونَ عَلىَ ذَلِكَ حَقّاً، وَأَيْقَنُوا أَنَّهُ كَلاَمُ اللهِ تَعَالىَ بِالـحَقِيقَةِ لَيْسَ بـِمَخْلُوقٍ كَكَلاَمِ البَرِيَّةِ، فَمَنْ سَمِعَهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ كَلاَمُ البَشَرِ فَقَََد كَفَرَ، وَقَدْ ذَمَهُ اللهُ وَعَابَهُ وَأَوْعَدَهُ بِسَقَرَ حَيْثُ قَالَ تَعَالىَ: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ}. فَلَمَّا أَوْعَدَ اللهُ بِسَقَرٍ لِمَنْ قَالَ: {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ البَشَرِ}. عَلِمْنَا وَأَيْقَنَّا أَنَّهُ قَوْلُ خَالِقِ البَشَرِ، وَلاَ يُشْبِهُ قَوْلَ البَشَرِ.

وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنىً مِنْ مَعَانِي البَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، فَمَنْ أَبْصَرَ هَذَا اعْتَبَرَ وَعَنْ مِثْلِ قَوْلِ الكُفَّارِ انْزَجَرَ، وَعَلِمَ أَنَّهُ بِصِفَاتِهِ لَيْسَ كَالبَشَرِ.

وَالرُؤْيَةُ حَقٌّ لأَهْلِ الـجَنَّةِ بِغَيْرِ إِحَاطَةٍ وَلاَ كَيْفِيَّةٍ كَمَا نَطَقَ بِِهِ كِتَابُ رَبِّنَا:} وُجُوهٍ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلىَ رَبِهَا نَاظِرَةٌ.{ وَتَفْسِيْرُهُ عَلىَ مَا أَرَادَهُ اللهُ تَعَالىَ وَعَلِمَهُ، وَكُلُّ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنْ الـحَدِيْثِ الصَحِيحِ عَنْ الرَّسُولِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَمَعْنَاهُ عَلىَ مَا أَرَادَ، لاَ نَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مُتَأَوِلِينَ بِآرَائِنَا وَلاَ مُتَوَهِمِينَ بِأَهْوَائِنَا، فَإِنَّهُ مَا سَلِمَ فِي دِينِهِ إِلاَّ مَنْ سَلَّمَ للهِ عَزَ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيهِ إِلىَ عَالِمِهِ.

وَلاَ تَثْبُتُ قَدَمٌ فِي الإِسْلاَمِ إِلاَّ عَلىَ ظَهْرِ التَّسْليِمِ وَالاسْتِسْلاَمِ.

فَمَنْ رَامَ عِلْمَ مَا حُظِرَ عَنْهُ عِلْمُهُ وَلَمْ يَقْنَعْ بِالتَّسْلِيمِ فَهْمُهُ، حَجَبَهُ مَرَامُهُ عَنْ خَالِصِ التَّوْحِيدِ، وَصَافِي الـمَعْرِفَةِ، وَصَحِيْحِ الإِيْمَانِ. فَيَتَذَبْذَبَ بَيْنِ الكُفْرِ وَالإِيْمَانِ وَالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ، وَالإِقْرَارِ وَالإِنْكَارِ، مُوَسوِساً تَائِهاً شَاكاً، لاَ مُؤْمِناً مُصَدِقًا، وَلاَ جَاحِداً مُكَذِباً.

َولاَ يَصْحُ الإِيْمَانُ بِالرُّؤْيَةِ لأَهْلِ دَارِ السَّلاَمِ لِمَنْ اعْتَبَرَهَا مِنْهُمْ بِوَهْمٍ أَوْ تَأَوَّلَهَا بِفَهْمٍ إِذْ كَانَ تَأوِيلُ الرُّؤْيِةِ وَتَأوِيلُ كُلِّ مَعْنَى يُضَافُ إِلىَ الرُّبُوبِيَةِ بِتَرْكِ التَأوِيلِ وَلُزُومِ التَّسْلِيمِ، وَعَلَيهِ دِينُ الـمُسْلِمِينَ.

وَمَنْ لَمْ يَتَوَقَّ النَّفْيَ وَالتَشْبِيهَ زَلَّ وَلَمْ يُصِبِ التَّنْـزِيهَ. فَإِنَّ رَبَّنَا جَلَّ وَعَلاَ مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الوَحْدَانِيَّةِ، مَنْعُوتٌ بِنُعُوتِ الفَرْدَانِيَّةِ، لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ أَحَدٌ مِنَ البَرِيَّةِ.

وَتَعَالىَ عَنِ الـحُدُودِ وَالغَايَاتِ، وَالأَرْكَانِ وَالأَعْضَاءِ وَالأَدَوَاتِ، لاَ تَحْوِيهِ الـجِهَاتِ الستُّ كَسَائِرِ الـمُبْتَدَعَاتِ.

وَالـمِعْرَاجُ حَقٌّ، وَقَدْ أُسْرِيَ بِالنَّبِي صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَعُرَجَ بِشَخْصِهِ فِي اليَقَضَةِ إِلىَ السَّمَاءِ، ثُمَّ إِلىَ حَيْثُ شَاءَ اللهُ مِنَ العُلىَ، وَأكْرَمَهُ اللهُ بِمَا شَاءَ، وَأوْحَى إِليْهِ مَا أَوْحَى، } مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى.{ فَصَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الأَخِرَةِ وَالأُولىَ.



ابن الوردي 23-09-2003 08:00 PM

التتمة
 
وَالـحَوْضُ الذِي أَكْرَمَهُ اللهُ تَعَالىَ بِهِِ غِيَاثاً لأُمْتِهِ حَقٌّ.

وَالشَّفَاعَةُ الَّتِي ادَّخَرَهَا لَهُمْ حَقٌّ، كَمَا رُوِيَ فِي الأَخْبَارِ.
وَالـمِيثَاقُ الذِي أَخَذَهُ اللهُ تَعَالىَ مِنْ ءَادَمَ وَذُرِيَتِهِ حَقٌّ.

وَقَدْ عَلِمَ اللهُ تَعَالىَ فِيمَا لَمْ يَزَلْ عَدَدَ مَنْ يَدْخُلُ الـجَنَّةَ، وَعَدَدَ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ جُمْلَةً وَاحِدَةً، فَلاَ يُزَادُ فِي ذَلِكَ العَدَدِ وَلاَ يَنْقُصُ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ أفْعَالَهُمْ فِيمَا عَلِمَ مِنْهُمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ، وَكُلٌ مُيَسَرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ. وَالأَعْمَالُ بِالـخَوَاتِيمِ.

وَالسَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ بِقَضَاءِ اللهِ تَعَالىَ، وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ بِقَضَاءِ اللهِ تَعَالىَ.

وَأَصْلُ القَدَرِ سِرُّ اللهِ تَعَالىَ فِي خَلْقِهِ، لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ مَلَكٌ مُقَرَبٌ وَلاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ. وَالتَّعَمُّقُ وَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ ذَرِيعَةُ الـخِذْلاَنِ، وَسُلَّمُ الـحِرْمَاِن، وَدَرَجَةُ الطُّغْيَانِ، فَالـحَذَرَ كُلَّ الـحَذَرِ مِنْ ذَلِكَ نَظَراً وَفِكْراً وَوَسْوَسَةً، فَإِنَّ اللهَ تَعَالىَ طَوَى عِلْمَ القَدَرِ عَنْ أَنَامِهِ وَنَهَاهُمْ عَنْ مَرَامِهِ كَمَا قَالَ تَعَالىَ فِي كِتَابِهِ:} لاَ يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ.{ فَمَنْ سَأَلَ لِمَ فَعَلَ فَقَدْ رَدَّ حُكْمَ الكِتَابِ، وَمَنْ رَدَّ حُكْمَ الكِتَابِ كَانَ مِنَ الكَافِرِينَ.

فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَا يَحْتَاجُ إِليهِ مَنْ هُوَ مُنَوَّرٌ قَلبَهُ مِنْ أَولِيَاءِ اللهِ تَعَالىَ، وَهِيَ دَرَجَةُ الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ، لأَنَّ العِلْمَ عِلْمَانِ: عِلْمٌ فِي الـخَلْقِ مَوجُودٌ، وَعِلْمٌ فِي الـخَلقِ مَفْقُودٌ، فَإِنْكَارُ العِلْمِ الـمَوْجُودِ كُفْرٌ، وَادِّعَاءُ العِلْمِ الـمَفْقُودِ كُفْرٌ، وَلاَ يَثْبُتُ الإِيْمَانُ إِلاَّ بِقَبُولِ العِلمِ الـمَوجُودِ وَتَرْكِ طَلَبِ العِلْمِ الـمَفْقُودِ.

وَنُؤْمِنُ بِاللَّوحِ وَالقَلَمِ وَبِجَمِيعِ مَا فِيهِ قَدْ رُقِمَ. فَلَوِ اجْتَمَعَ الـخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلىَ شَئٍ كَتَبَهُ اللهُ تَعَالىَ فِيهِ أَنَّهُ كَائِنٌ لِيَجْعَلُوهُ غَيْرَ كَائِنٍ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ. وَلَوِ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلىَ شَئٍ لَمْ يَكْتُبُهُ اللهُ تَعَالىَ فِيهِ لِيَجْعَلُوهُ كَائِناً لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ. جَفَّ القَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلىَ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَا أَخْطَأَ العَبْدُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، وَمَا أَصَابَهِ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ.

وَعَلىَ العَبْدِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللهَ قَدْ سَبَقَ عِلْمُهُ فِي كُلِّ كَائِنٍ مِنْ خَلْقِهِ، فَقَدَّرَ ذَلِكَ تَقْدِيراً مُحْكَماً مُبْرَماً لَيْسَ فِيهِ نَاقِِضٌ وَلاَ مُعَقبٌ وَلاَ مُزِيلٌ وَلاَ مُغَيْرٌ وَلاَ مُحَوَّلاٌ وَلاَ نَاقِصٌ وَلاَ زَائِدٌ مِنْ خَلْقِهِ فِي سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضِهِ

وَذَلِكَ مِنْ عَقْدِ الإِيْمَانِ وَأُصُولِ الـمَعْرِفَةِ وَالاعْتِرَافِ بِتَوحِيدِ اللهِ تَعَالىَ وَرُبُوبِيَتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالىَ فِي كِتَابِهِ:} وَخَلَقَ كُلَّ شَـْئٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً.{ وَقَالَ تَعَالىَ:} وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً.{
فَوَيْلٌ لِمَنْ صَارَ للهِ تَعَالىَ فِي القَدَرِ خَصِيماً، وَأَحْضَرَ لِلنَّظَرِ فِيهِ قَلْباً سَقِيماً، لَقَدِ التَمَسَ بِوَهْمِهِ فِي فَحْصِ الغَيْبِ سِرًّا كَتِيماً، وَعَادَ بِمَا قَالَ فِيهِ أَفَّاكاً أَثِيماً.

وَالعَرْشُ وَالكُرْسِيُّ حَقٌ، وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنِ العَرْشَ وَمَا دُونَهُ، مُحِيْطٌ بِكُلِّ شَئٍ وَفَوْقَهُ، وَقَدْ أعْجَزَ عَنِ الإِحَاطَةِ خَلقَهُ.

وَنَقُولُ: إِنَّ اللهَ اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وَكَلَّمَ مُوسَى تَكلِيمَا إِيـمَاناً وَتَصْدِيقاً وَتَسلِيماً.

وَنُؤْمِنُ بِالـمَلاَئِكَةِ وَالنَّبِيينَ وَالكُتُبِ الـمُنَـزَّلَةِ عَلىَ الـمُرْسَلِينَ، وَنَشْهَدُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلىَ الـحَقِّ الـمُبِينَ.

وَنُسَمِّي أَهْلَ قِبْلَتِنَا مُسْلِمِينَ مُؤْمِنِينَ، مَا دَامُوا بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيّ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَرِفِينَ، وَلَهُ بِكُلِّ مَا قَالَهُ وَأَخْبَرَ مُصَدِقِينَ غَيْرَ مُنْكِرِينَ.

وَلاَ نَخُوضُ فِي اللهِ وَلاَ نُمَارِي فِي دِينِ اللهِ. وَلاَ نُجَادِلُ فِي القُرْءَانِ، وَنَشْهَدُ أَنَّهُ كَلاَمُ رَبِّ العَالـَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ، فَعَلَّمَهُ سَيِّدَ الـمُرْسَلِينَ مُحَمَّداً صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ كَلاَمُ اللهِ تَعَالىَ، لاَ يُسَاوِيهِ شَئٌ مِنْ كَلاَمِ الـمَخْلُوقِينَ، وَلاَ نَقُولُ بِخَلْقِهِ، وَلاَ نُخَالِفُ جَمَاعَةَ الـمُسْلِمِينَ.

وَلاَ نُكَفِّرُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ بِذَنْبٍ مَا لَمْ يَسْتَحِلَّهُ، وَلاَ نَقُولُ لاَ يَضُرُّ مَعِ الإِيْمَانِ ذَنْبٌ لِمَنْ عَمِلَهُ.

نَرْجُو لِلمُحْسِنِينَ مِنَ الـمُؤْمِنِينَ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَيُدْخِلَهُمُ الـجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ، وَلاَ نَأمَنُ عَلَيْهِمْ، وَلاَ نَشْهَدُ لَهُمْ بِالـجَنَّةِ، وَنَسْتَغْفِرُ لِمُسِيئِهمْ وَنَخَافُ عَلَيهِمْ وَلاَ نُقَنِّطَهُمْ.

وَالأَمْنُ وَالإِيَاسُ يَنْقُلاَنِ عَنْ مِلَّةِ الإِسْلاَمِ، وَسَبِيلُ الـحَقِّ بَيْنَهُمَا لأَهْلِ القِبْلَةِ.

وَلاَ يَخْرُجُ العَبْدُ مِنْ الإِيْمَانِ إِلاَّ بِجُحُودِ مَا أَدْخَلَهُ فِيهِ.

وَالإِيْمَانُ هُوَ الإِقْرَارُ بِاللَّسَانِ وَالتَّصْدِيقُ بِالـجِنَانِ.

وَجَمِيعُ مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلىّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّرْعِ وَالبَيَانِ كُلُّهُ حَقٌّ.

وَالإِيْمَانُ وَاحِدٌ، وَأَهْلُهُ فِي أَصْلِهِ سَوَاءٌ وَالتَفَاضُلُ بَيْنَهُمْ بِالـخَشْيَةِ وَالتُقَى وَمُخَالَفَةِ الـهَوَى وَمُلاَزَمَةِ الأُولىَ.

وَالـمُؤْمِنِينَ كُلُّهُمْ أَوْلِيَاءُ الرَّحْمَنِ وَأَكْرَمَهُمْ، عِنْدَ اللهِ أَطْوَعُهُمْ وَأتْبَعُهُمْ لِلقُرْءَانِ.

وَالإِيْمَانُ هُوَ الإِيْمَانُ بِاللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَومِ الآخِرِ، وَالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ مِنَ اللهِ تَعَالىَ. وَنَحْنُ مُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ كُلَّهُ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَنُصَدِّقُهُمْ كُلُّهُمْ عَلىَ مَا جَاءُوا بِهِ.

وَأَهْلُ الكَبَائِرِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ فِي النَّارِ لاَ يَخْلُدُونَ إِذاَ مَاتُوا وَهُمْ مُوَحِّدُونَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا تَائِبِينَ بَعْدَ أَنْ لَقُوا اللهَ عَارِفيِنَ مُؤْمِنِينَ، وَهُمْ فِي مَشِيئَتِهِ وَحُكْمِهِ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ وَعَفَا عَنْهُمْ بِفَضْلِهِ، كَمَا ذَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ:} وَيِغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ.{ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ فِي النَّارِ بِعَدْلِهِ ثُمَّ يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا بِرَحْمَتِهِ وَشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ مِنْ أَهْلِ طاَعَتِهِ ثُمَّ يَبْعَثُهُمْ إِلىَ جَنَّتِهِ، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ تَعَالىَ تَوَلىَّ أَهْلَ مَعْرِفَتِهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ فِي الدَّارَينِ كَأَهْلِ نُكْرَتِهِ الذِينَ خَابُوا مِنْ هِدَايَتِهِ وَلَمْ يَنَالُوا مِنْ وِلاَيَتِهِ.
اللَّهُمَّ يَا وَليَّ الإِسْلاَمِ وَأَهْلِهِ ثَبِّتْنَا عَلىَ الإِسْلاَمِ حَتىَّ نَلْقَاكَ بِهِ.



ابن الوردي 23-09-2003 08:00 PM

الجزء الاخير
 
وَنَرَى الصَّلاَةَ خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ، وَعَلىَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ.

وَلاَ نُنَـزِّلُ أَحَداً مِنْهُمْ جَنَّةً وَلاَ نَاراً، وَلاَ نَشْهَدُ عَلَيْهُمْ بِكُفْرٍ وَلاَ بِشِرْكٍ وَلاَ بِنِفَاقٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ شَئٌ مِنْ ذَلِكَ، وَنَذَرُ سَرَائِرَهُمْ إِلىَ اللهِ تَعَالىَ.

وَلاَ نَرَى السَّيْفَ عَلىَ أَحْدٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّيْفُ.
وَلاَ نَرَى الـخُرُوجَ عَلىَ أَئِمَّتِنَا وَوُلاَةِ أَمُورِنَا وَإِنْ جَارُوا، وَلاَ نَدْعُو عَلَيْهِمْ، وَلاَ نَنْـزعُ يَداً مِنْ طَاعَتِهِمْ، وَنَرَى طَاعَتَهُمْ مِنْ طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرِيْضَةً مَا لَمْ يَأمُرُوا بِمَعْصِيَةٍ، وَنَدْعُو لَهُمْ بِالصَّلاَحِ وَالـمُعَافَاةِ.

وَنَتْبِعُ السُّنَّةَ وَالـجَمَاعَةَ، وَنَجْتَنِبُ الشُذُوذَ وَالـخِلاَفَ وَالفُرْقَةَ.

وَنُحِبُ أَهْلَ العَدْلِ وَالأَمَانَةِ وَنُبْغِضُ أَهْلَ الـجَوْرِ وَالـخِيَانَةِ.

وَنَقُولُ اللهُ أعْلَمُ فِيْمَا اشْتَبَهَ عَلَيْنَا عِلْمُهُ.

وَنَرَى الـمَسْحَ عَلىَ الـخُفَّينِ فِي السَّفَرِ وَالـحَضَرِ كَمَا جَاءَ فِي الأَثَرِ.

وَالـحَجُّ وَالـجِهَادُ مَاضِيَانِ مَعَ أُولِي الأَمْرِ مِنْ الـمُسْلِمِينَ بَرِّهِمْ وَفَاجِرِهِمْ إِلىَ قِيَامِ السَّاعَةِ لاَ يُبْطِلُهُمَا شَئٌ وَلاَ يَنْقُضُهُمَا.

وَنُؤْمِنُ بِالكِرَامِ الكَاتِبِينَ، فَإِنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَهُمْ عَلَيْنَا حَافِظِينَ، وَنُؤْمِنُ بِمَلَكِ الـمَوْتِ الـمُوَكَّلِ بِقَبْضِ أَرْوَاحِ العَالَمِينَ، وَبِعَذَابِ القَبْرِ لِمَنْ كَانَ لَهُ أَهْلاً، وَسُؤَالِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ فِي قَبْرِهِ عَنْ رَبِّهِ وَدِينِهِ وَنِبِيِهِِ عَلىَ مَا جَاءَتْ بِهِ الأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَعَنِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ.

وَالقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الـجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّيْرَانِ.

وَنُؤْمِنُ بِالبِعْثِ وَجَزَاءِ الأَعْمَالِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالعَرْضِ وَالـحِسَابِ وَقِرَاءَةِ الكِتَابِ وَالثَوَابِ وَالعِقَابِ وَالصِّرَاطِ وَالـمِيزَانِ.

وَالـجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ لاَ تَفْنَيَانِ أَبَداً وَلاَ تَبِِيدَانِ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالىَ خَلَقَ الـجَنَّةَ وَالنَّارَ قَبْلَ الـخَلْقِ وَخَلَقَ لَهُمَا أَهْلاً، فَمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِلىَ الـجَنَّةَ فَضْلاً مِنْهُ وَمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِلىَ النَّارِ عَدْلاً مِنْهُ، وَكُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا قَدْ فُرِغَ لَهُ وَصَائِرٌ إِلىَ مَا خُلِقَ لَهُ.

وَالـخَيْرُ وَالشَّرُّ مُقَدَّرَانِ عَلىَ العِبَادِ.

وَالاسْتِطَاعَةُ التِي يَجِبُ بِهَا الفِعْلُ مِن نَحْوِ التَّوْفِيقِ الذِي لاَ يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ الـمَخْلُوقُ بِهِ فَهِيَ مَعَ الفِعْلِ، وَأَمَّا الاسْتِطَاعَةُ مِنْ جِهَةِ الصَّحَةِ وَالوُسْعِ وَالتَّمَكُّنِ وَسَلاَمَةِ الآلاَتِ فَهِيَ قَبْلَ الفِعْلِ، وَبِهَا يَتَعَلَقُ الـخِطَابُ، وَهِيَ كَمَا قَالَ تَعَالىَ:} لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعُهُا.{

وَأَفْعَالُ العِبَادِ خَلْقُ اللهِ وَكَسْبٌ مِنْ العِبَادِ. وَلَمْ يُكَلِّفْهُمُ اللهُ تَعَالىَ إِلاَّ مَا يُطِيقُونَ، وَلاَ يُطَيَّقُونَ إِلاَّ مَا كَلَّفَهُمْ، وَهُوَ تَفْسِيرُ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.

نَقُولُ: لاَ حِيْلَةَ لأَحَدٍ، وَلاَ حَرَكَةَ لأَحَدٍ وَلاَ تَحَوُّلَ لأَحَدٍ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ إِلاَّ بِمَعُونَةِ اللهِ، وَلاَ قُوَةَ لأَحَدٍ عَلَى إِقَامَةِ طَاعَةِ اللهِ وَالثَّبَاتِ عَلَيْهَا إِلاَّ بِتَوفِيقِ اللهِ.

وَكُلُّ شَئٍ يَجْرِي بِمَشِيئَةِ اللهِ تَعَالىَ وَعِلْمِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ. غَلَبَتْ مَشِيْئَتُهُ الـمَشِيْئَاتِ كُلَّهَا، وَغَلَبَ قَضَاؤُهُ الـحِيَلَ كُلَّها. يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ أَبَداً، تَقَدَّسَ عَنْ كُلِّ سُوءٍ وَحَيْنٍ، وَتَنَـزَّهَ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ وَشَيْنٍ } لاَ يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ.{

وَفِي دُعَاءِ الأَحْيَاءِ وَصَدَقَاتِهِمْ مَنْفَعَةٌ للأَمْوَاتِ، وَاللهُ تَعَالىَ يَسْتَجِيبُ الدَّعَوَاتِ وَيِقْضِي الـحَاجَاتِ، وَيَمْلِكُ كُلَّ شَئٍ وَلاَ يَمْلِكُهُ شَئٌ، وَلاَ غِنَى عَنِ اللهِ تَعَالىَ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنِ اللهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ فَقَدْ كَفَرَ وَصَارَ مِنْ أَهْلِ الـحَيْنِ.

وَاللهُ يَغْضَبُ وَيَرْضَى لاَ كَأَحَدٍ مِنْ الوَرَى.

وَنُحِبُّ أصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ نُفْرِطُ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلاَ نَتَبَرَّأ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَنُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُمْ وَبِغَيْرِ الـخَيْرِ يَذْكُرُهُمْ، وَلاَ نَذْكُرُهُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإِيْمَانٌ وَإِحْسَانٌ وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ.

وَنُثْبِتُ الـخِلاَفَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَوَلاً لأَبِي بَكْرٍ الصِّدِيقِ رَضِي اللهُ عَنْهُ، تَفْضِيلاً لَهُ وَتَقْدِيْماً عَلىَ جَمِيْعِ الأُمَّةِ. ثُمَّ لِعُمَرَ بْنِ الـخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ثُمَّ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ثُمَّ لِعَيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُمُ الـخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالأَئِمَةِ الـمُهْتَدُونَ.
وَإِنَّ العَشَرَةَ الذِينَ سَمَّاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَشَرَهُمْ بِالـجَنَّةِ، نَشْهَدُ لَهُمْ بِالـجَنَّةِ، عَلىَ مَا شَهِدَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَولُهُ الـحَقُّ، وَهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَليٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَسَعِيْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الـجَرَّاحِ، وَهُوَ أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

وَمَنْ أَحْسَنَ القَوْلَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَزْوَاجِهِ الطَّاهِرَاتِ مِنْ كُلِّ دَنَسٍ وَذُرِّيَّاتِهِ الـمُقَدَسِينَ مِنْ كُلِّ رَجْسٍ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ النِّفَاقِ.
وَعُلَمَاءُ السَّلَفِ مِنْ السَّابِقِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ أَهْلُ الـخَيْرِ وَالأَثَرِ، وَأَهْلُ الفِقْهِ وَالنَّظَرِ، لاَ يُذْكَرُونَ إِلاَّ بِالـجَمِيلِ وَمَنْ ذَكَرَهُمْ بِسُوءٍ فَهُوَ عَلىَ غَيْرِ السَّبِيلِ.

وَلاَ نُفَضِّلُ أَحَداً مِنَ الأَوْلِيَاءِ عَلىَ أَحَدٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ، وَنَقُولُ نَبيٌّ وَاحِدٌ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الأَوْلِيَاءِ.

وَنُؤْمِنُ بَمَا جَاءَ مِنَ كَرَامَاتِهِمْ، وَصَحَّ عَنِ الثِقَاتِ مِنْ رِوَايَاتِهِمْ.

وَنُؤْمِنُ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ مِنْ خُرُوجِ الدَّجَالِ، وَنُزُولِ عِيْسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنَ السَّمَاءِ، وَنُؤْمِنُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجِ دَابَّةِ الأَرْضِ مِنْ مَوْضِعِهَا.

وَلاَ نُصَدِقُ كَاهِناً وَلاَ عَرَّافاً وَلاَ مَنْ يَدَّعِي شَيْئاً يُخَالِفُ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ.

وَنَرَى الـجَمَاعَةَ حَقاً وَصَوَاباً، وَالفِرْقَةَ زَيْغاً وَعَذَاباً.

وَدِينُ اللهِ فِي الأرضِ وَالسَّمَاءِ وَاحِدٌ، وَهُوَ دِينُ الإِسْلاَمِ، قِالِ اللهُ تَعَالىَ:} إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلاَمَ.{ وَقَالَ تَعَالىَ:} وَرَضِيْتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً.{ وَهُوَ بَيْنَ الغُلُوِّ وَالتَقْصِيرِ، وَبَيْنَ التَشْبِيهِ وَالتَعْطِيلِ، وَبَيْنَ الـجَبْرِ وَالقَدْرِ، وَبَيْنَ الأَمْنِ وَالإِيَاسِ.

فَهَذَا دِيْنُنَا وَاعْتِقَادُنَا ظَاهِراً وَبَاطِناً، وَنَحْنَ بُرَءَاءُ إِلىَ اللهِ مِنْ كُلِّ مَنْ خَالَفَ الذِي ذَكَرْنَاُه وَبَينَاهُ.

وَنَسأَلُ اللهَ تَعَالىَ أَنْ يُثَبِتَنَا عَلىَ الإِيْمَانِ وَيَخْتِمَ لَنَا بِهِ، وَيَعْصِمَنَا مِنَ الأَهْوَاءِ الـمُخْتَلِفَةِ وَالآرَاءِ الـمُتَفَرِقَةِ وَالـمَذَاهِبِ الرَّدِيَّةِ، مِثْلِ الـمُشَبِهَةِ وَالـمُعْتَزِلَةِ وَالـجَهْمِيَةِ وَالـجَبْرِيَّةِ وَالقَدَرِيَّةِ، وَغَيْرَهُمْ مِنَ الذِينَ خَالَفُوا السُّنَّةَ وَالـجَمَاعَة وَحَالَفُوا الضَّلاَلَةِ، وَنَحْنَ مِنْهُمْ بَرَاءٌ وَهُمْ عِنْدَنَا ضُلاَّلٌ وَأَرْدِيَاء، وَبِاللهِ العِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقِ.

صلاح الدين القاسمي 03-10-2003 08:35 AM

سؤال للجميع : هل تلزمكم العقيدة الطحاوية ؟
 
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِدِنَا مُُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ النَّبِيِ الأُمّي
وَ عَلَى آلِهِ وَ صَحْبِهِ وَ سلّم .

***
الإخوة الكرام و الأخوات الفاضلات : السلام عليكم و رحمة الله تعالى
و بركاته
و بعد ،
فإني أتوجه بالسؤال التالي لكم جميعا قائلا :
هل تلزمكم عقيدة المسلمين التي جمعها الإمام الطحاوي رحمه الله
و عُرفت بإسمه " العقيدة الطحاوية " ؟؟؟

الغاية من سؤالي واضحة :

أولا ) البحث عن ما يقرب جميع الفرقاء ،خصوصا لعلمي أن الإخوة الأشاعرة و كذلك الإخوة السلفيين يدينون جميعا بالطحاوية .
ثانيا) حصر النقاط التي نختلف فيها حتى نطرحها بعد ذلك للحوار الهادىء البناء .

***
فالرجاء التفاعل مع سؤالي هذا حتى نقترب من بعضنا أكثر و نستفيد بإذن الله .
________

و ما أردت إلا الإصلاح
اللهم هل بلغت
اللهم فاشهد

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :heartpump

ابن الوردي 03-10-2003 08:57 AM

السلام عليكم اخي صلاح الدين اشتقنا لك والله وأهلا بك تنور الخيمة بانوار من الهداية المحمدية ولا فض فوك وسلمت يمناك أخي.

كان خطر لي موضوع يدعو الجميع الى الابتعاد عن الخوض في مسائل الصفات حتى رأيت موضوعك هذا وإني أستغل مقالك لأوجه منه دعوة الى الجميع ليبتعدوا عن كل ذلك والتريث قليلا فنحن على أبواب شهر الهدى والنور والبركات رمضان شهر المغفرة والفلاح والعتق من النار ونريد أن نتبادل الخير والدعوة إلى الخير بعيدا عن تلك المسائل التي ليس من شأن العامي أن يدخل في عمقها.

فيكتفي بان يؤمن بالله أي بوجوده تعالى وأنه لا بداية ولا نهاية لوجوده والله سبحانه واحد في ملكـه لا شريك له في الألوهية وهو عز وجل قائم بنفسه لا يحتاج إلى غيره فهو المستغني عن كل ما سواه والمفتقر إليه كل ما عداه، خالق كل شيء خلق الجنة والنار والعرش والكرسي والسماء والارض وما بينهما وما فيهما ليس كمثله شيء وهو تعالـى قـادر على كل شـيء لا يعجـزه شـيء في الأرض ولا في السمـاء والله يفعـل ما يشاء ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن والله تعالى بكل شيء عليم فهو عالم بما كان وبكل ما يكون وبكل ما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون والله سبحانه وتعالى حي لا يموت وهو سبحانه وتعالى يسمع ويرى بلا تشبيه ولا تمثيل ولا كيفية وهو متكلم بكـلام ليس ككلامنا لا اله الا الله، لا اله الا الله.

هذا فيه الكفاية فدعونا يا اخواننا نلتزم بهذا ولننتقل الان في خضم شهر الخير رمضان فباب الخيرات واسع واسع.
العقيدة الطحاوية فيها الكفاية ايضا فلنقف عندها ولا نتعدى فهو من السلف الصالح.

ونحن معك في هذا الطرح اخي صلاح الدين ثبتك الله قواك الله حفظك الله

ابن الوردي 03-10-2003 09:00 AM

يرفع ويا ليت المراقب يثبت هذا الموضوع دون ان يكون مدعاة لحوار بين اثنين فنحن لم نضع في رأيا مضافا اليه ولو شاء فليحذف ردي هذا وليقفل الموضوع بعد تثبيته.

صلاح الدين القاسمي 03-10-2003 10:07 AM

سيروا ، سبق المفردون
 
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِدِنَا مُُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ النَّبِيِ الأُمّي وَ عَلَى آلِهِ وَ صَحْبِهِ وَ سلّم .
***
و عليكم السلام و رحمة الله تعالى و بركاته
الأخ الحبيب و الأستاذ الأريب ((ابن الوردي )) جزاكم الله خيرا على مشاعركم نحو العبد الضعيف الفقير إلى رحمة الله .
و الله الذي تعالى عن الشريك و الند و الشبيه و النظير ، { ليس كمثله شيء و هو السميع البصير } ، إني لاشتقت لإخوتي و أخواتي في الخيمة إشتياق المتحابين في الله المجتمعين على ذكره و المتفرقين عليه ،راجيا من الله أن يجعلني و إياكم من زمرة من يناديهم مولاهم يوم القيامة : { اين المتحابون في ؟؟؟}
جعلكم الله أخي الحبيب ابن الوردي من المقربين السابقين الناظرين غدا إلى وجهه الكريم ، و ها أنتم تسارعون في الخيرات و تكتب لي قائلا :
إقتباس:

الرسالة الأصلية كتبت بواسطة ابن الوردي
هذا فيه الكفاية فدعونا يا اخواننا نلتزم بهذا ولننتقل الان في خضم شهر الخير رمضان فباب الخيرات واسع واسع.
العقيدة الطحاوية فيها الكفاية ايضا فلنقف عندها ولا نتعدى فهو من السلف الصالح.

رأيكم و التزامكم سُجل و وصـــــــــــــل
و لبقية الأعضاء ننتظر على جناح الأمل

و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته .:heartpump

مسلم فاهم 04-10-2003 05:35 AM

شرح العقيدة الطحاوية لفضيلة الشيخ صالح ال الشيخ :

نقُولُ في تَوحيدِ الله مُعتَقدينَ بتوفيق الله: إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ.


[الشرح]

قوله (نقُولُ في تَوحيدِ الله مُعتَقدينَ بتوفيق الله: إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ)، قوله (نقُولُ) هذا لأنه لا يُكتفى في الاعتقاد باعتقاد القلب؛ بل لا بد من قول اللسان، وأعظم قول اللسان وكافيه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؛ لأن العقيدة الصحيحة اعتقاد بالجنان، وقول باللسان حتى يكون الإيمان صحيحا، ثم امتثال العمليات في الأمر والنهي.
وقوله (مُعتَقدينَ) هذه حال من (نقُولُ) يعني أقول حَالَ كوني معتقدا هذا الكلام عاقدا عليه قلبي غير متردد فيه ولا مرتاب، فـ(مُعتَقدينَ) ولو تأخرت فهي حال من الضمير في (نقُولُ).
وقوله(بتوفيق الله) هذه استعانة بالله جل وعلا أن يوفقه في القول الحق في ذلك، والتوفيق اختلفت فيه التفسيرات بما سيأتي بيانه إن شاء الله مفصلا في ذكر مسائل القدر، فأهل السنة لهم تفسير للتوفيق وللخذلان، وأهل البدع كل له مشربه في تفسير التوفيق والخذلان.
قال (نقُولُ في تَوحيدِ الله مُعتَقدينَ بتوفيق الله: إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ) اشتملت هذه الجملة على ذِكر التوحيد وعلى تفسيره، وكلمة (التوحيد) هذه مصدر: وَحَّدَ، يُوَحِّدُ، تَوْحِيدًا؛ يعني جعل الشيء واحدا، قد جاء في السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال في حديث معاذ «إنّك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أنْ يوحدوا الله»، وجاء أيضا في قول الصحابي رضي الله عنه ”فأهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد“في قوله«لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك» التلبية المعروفة في أول الحديث، ”فأهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد“، فإذن كلمة (التوحيد) جاءت في السنة ومعنى التوحيد كما ذكرنا جعل الشيء واحدا في اللغة، فتوحيد الله معناه أنْ تجعل الله واحدا؛ واحدا فيما وحد الله جل وعلا به نفسه فيه بما دلت عليه النصوص، والنصوص دلّت على أنه واحد في ربوبيته، واحد في إلهيته، واحد في أسمائه وصفاته، فالتوحيد إذن في الكتاب والسنة راجع إلى توحيد الربوبية، توحيد الإلهية، توحيد الأسماء والصفات، وهذا على التقسيم المشهور، وقسّمه بعض أهل العلم إلى تقسيم آخر وهو أن توحيد الله ينقسم إلى قسمين؛ ينقسم:
1- إلى توحيد في المعرفة والإثبات.
2- وإلى توحيد في القصد والطلب.
وعَنَى بقوله ”في المعرفة والإثبات“ في معرفة الله جل وعلا بأفعاله، وهذا هو الربوبية و”الإثبات“ له فيما أثبت لنفسه، وهذا هو الأسماء والصفات.
وقوله ”في القصد والطلب“ وهو توحيد الإلهية.
وتقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: الربوبية والألوهية والأسماء والصفات. جاء في عبارات المتقدمين من أئمة الحديث والأثر، فجاء عند أبي جعفر الطبري في تفسيره وفي غيره من كتبه، وفي كلام ابن بطة، وفي كلام ابن منده، وفي كلام ابن عبد البر، وغيرهم من أهل العلم من أهل الحديث والأثر، خلافا لمن زعم من المبتدعة أنّ هذا التقسيم أحدثه ابن تيمية، فهذا التقسيم قديم يعرفه من طالع الكتب أهل العلم الذين ذكرنا.
إذا تقرر ذلك:

فمعنى توحيد الربوبية: اعتقاد أنّ الله واحد في أفعاله سبحانه لا شريك له, وأفعال الله جل وعلا منها خَلْقُه سبحانه، ومنها رَزقه وإحياؤه وإماتته, وتدبيره للأمر وإغاثته للناس ونحو ذلك, يعني أن توحيد الربوبية راجع إلى أفراد الربوبية التي هي السيادة والتصرف في الملكوت، وكل ما رَجَع إلى السيادة والتصرف في الملكوت رجع إلى توحيد الربوبية. الإيمان بتوحيد الربوبية معناه أنه إيمان بأنّ الله وحده لا شريك له هو المتصرف في هذا الملكوت أمر ونهيا، هو الخالق وحده، وهو الرزاق وحده، وهو المحيي المميت وحده، وهو النافع الضار وحده، وهو القابض الباسط وحده في ملكوته، إلى آخر مفردات الربوبية، كما قال جل وعلا }قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ{[يونس:31]، فأثبت أنهم أقروا بالربوبية، وأنكر عليهم أنهم لم يتقوا الشرك به وترك توحيد الإلهية.
وتوحيد الإلهية: هو توحيد الله بأفعال العبيد، توحيد في القصد والطلب؛ بأن يُفرد العبد ربه جل وعلا في إنابته وخضوعه ومحبته ورجائه، وأنواع عبادته من صلاته وزكاته وصيامه ودعائه وذبحه ونذره إلى آخر أفراد العبادة بما هو معوم بتوحيد الإلهية.

وتوحيد الأسماء والصفات: هو جعل الله جل وعلا واحدا لا مِثْل له في أسمائه وصفاته كما قال}لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ{[الشورى:11] وكما قال}وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ{[الإخلاص:4]، وكما قال جل وعلا}هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا{[مريم:65].
إذن قوله (نقُولُ في تَوحيدِ الله مُعتَقدينَ بتوفيق الله) هنا ذكر التوحيد لأن الخلاف فيه، ففي الربوبية قام الخلاف مع الدُّهرية والفلاسفة الذين يقولون: إنّ هذا العالمَ قديم لم يزل، وأنه ليس له خالق، بل وُجد هكذا العالم باتفاق. وغير ذلك من مقالات نُفاة الرب جل وعلا، وكذلك مخالفة للذين جعلوا الله ربا ولكن جعلوا معه شريكا في الربوبية، وهم طوائف من الملل مختلفة، وفي هذه الأمة دخل ذلك في غلاة المتصوفة الذين يقولون: إن لهذا العالم فيه من يتصرف فيه من الأولياء؛ ولي، أقطاب الذين لكل بلد قطب يمنع ويعطي فيها ويرزق ويحيي ويميت. إلى آخر ما يعتقدون فيه.
في الإلهية ثَم من خالف، في الأسماء والصفات ثَم من خالف كما سياتي تفصيله.
هنا سؤال: أنه قدم القول في الاعتقاد على الله جل وعلا، لما؟
والجواب عن ذلك أنه قدَّم ذلك لأمرين:
ءالأول منهما: أنّ الإيمان بالله مقدم على غيره من أركان الإيمان كما قال جل وعلا }وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ{[البقرة:177]، فقدّم الإيمان بالله على غيره، وكما في قوله جل وعلا }آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ{[البقرة:275]، وقول النبي عليه الصلاة والسلام في حديث جبريل المعروف: الإيمان «أنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُِلهِ وَاليَوْمِ الآخِر، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرَّهِ».

الأمر الثاني: أنّ الاعتقاد في الله جل وعلا هو أصل الإيمان، وبه يصير المرء مؤمنا، بالاعتقاد في الله جل وعلا بالوحدانية، بما دلت عليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنّ ذلك هو أول واجب على العبيد.
وفي هذا مخالفة للذين زعموا أن أول واجب على العبد ويقدمونهم في عقائدهم أن يعرف الله، أو أن يستدل على معرفة الله، أو ما يسمونه بالنظر للتوحيد أو للمعرفة، أو بالقصد للنظر، فلما كان أول واجب هو التوحيد قدّمه، مخالفة لمن قال إن أول واجب هو أن تنظر في الدلائل وفي الملكوت لمن كان أهلا لذلك.
قال (إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ)، (إنَّ الله واحدٌ)، لفظ (واحدٌ) هذا من أسماء الله الحسنى، كما قال الله جل وعلا }هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ{[

مسلم فاهم 04-10-2003 05:38 AM

(لا شريكَ لَهُ) هذا تفسير لـ(واحدٌ) وتأكيدا له، ولهذا قوله (إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ) على أن التوحيد أعظم ما يفسّر به ففي الشريك عن الله جل وعلا، (نقُولُ في تَوحيدِ الله إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ) فالتوحيد يُفسّر بضده وهو نفي الشرك كما قال الشاعر:
وبضدها تتبين الأشياء
وقد لا يستقيم معرفة التوحيد بتفاصيله إلا بالإيقان بنفي الشرك بأنواعه، لهذا نقول هنا قوله (لا شريكَ لَهُ) هذا عام يشمل نفي الشريك في الربوبية، ونفي الشريك في الألوهية، ونفي الشريك في الأسماء والصفات.
والشَّرِكَة في الربوبية راجعة إلى جعل المخلوق له من صفات الرب جل وعلا في صفات الربوبية؛ يعني أنْ يجعل للمخلوق تصرفا، إذا جعل للمخلوق تصرفا في الكون مما يختص به الله جل وعلا، فهذا ادعاء للشريك معه في الربوبية، أو أن يعتقد أن الله معه معين أو ظهير أو وزير، وهذا كله منفي، وكل هذا داخل في الاشتراك في الربوبية، كما قال جل وعلا }قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ{[سبإ:22]، فذكر أنواع الاشتراك في الربوبية:
_ إما شركة مستقلة (لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) يعني استقلالا.
_ أو معاونة.
_ أو اتخاذ ظهير ووزير لله جل وعلا.
وهذه المعتقدات هذه موجودة في طوائف من هذه الأمة.
والإيمان بتوحيد الربوبية ونفي الشَّرِكة في الربوبية على درجتين:
ءالدرجة الأولى: واجبة على كل مكلَّف، ومن لم يأتِ بها فليس بموحّد، بل هو مشرك، وهو ما ذكرنا من الاعتقاد بأنّ الله واحد في ربوبيته؛ في أفعاله سبحانه، فهو الخالق وحده، وهو الرزّاق وحده، وهو المحيي المميت وحده، وهو النافع الضار وحده جل وعلا، وهو مدبّر الأمور وحده، وهو خالق الخَلق وحده، إلى آخر أفراد ذلك، فهذه واجبة على كل أحد.
ءالمرتبة الثانية من توحيد الربوبية: وهي مرتبة للخاصة ولأهل العلم وهي شهود آثار الربوبية في خَلْق الله جل وعلا، وهذه بحيث لا يرى غير الله جل وعلا مؤثرا في هذا الملكوت، ولو كان تأثير معلولات عن علل، أو تأثير مسببات عن أسباب، فإنّه يرى ألا مؤثر في الحقيقة ولا خالق إلا الله جل وعلا، وينظر لذلك في الملكوت متفكرا، متدبرا، وهذه الحال الخاصة وهي مستحبة، وهي لأهل العلم ولأهل الإيمان، وليست واجبة على كل أحد، كما قال سبحانه } إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ(190)الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا{[آل عمران:190-191]، وكما وصف الله جل وعلا بعض عباده بالتفكر والنظر والتدبر في خلق الله جل وعلا، بل أمر بذلك في بعض الآيات بقوله} قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ{[يونس:101]، وكقوله} أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا{[الأعراف:184]، وكقوله جل وعلا } قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا{[سبإ:46]، فهذا التفكر في ربوبية الله جل وعلا، في خلق الله يدل على توحيده في الربوبية، وهو حال الخاصة، كما قال الحسن البصري رحمه الله تعالى ”عاملنا القلوبَ بالتفكر فأورثها التذكر، فرجعنا بالتذكر على التفكر، وحركنا القلوب بهما، فإذا القلوب لها أسماع وأبصار“.
وهذه عند أهل البدع وأهل الكلام مطلوبة وواجبة لمن كان أهلا لها فيوجبون النظر، ويوجبون التفكر، ولا يصح إيمان أحد عندهم ممن –عند طائفة منهم- كان أهلا للنظر إلا بالنظر، فلو مات المتأهل للنظر من غير نظر لم يكن مؤمنا بربوبية الله جل وعلا، وإنْ كانت تجري عليه أحكام الإسلام في الدنيا فإنهم لا يجرون عليه أحكام أهل الإسلام في الآخرة على تفصيل مذهب أهل الكلام في ذلك.
النوع الثاني أنْ يعتقد بأن الله جل وعلا لا شريك له في إلهيته سبحانه وتعالى: والإلهية معناها العبادة، يعني لا شريك له في عبادته، كما دلت عليها كلمة التوحيد (لا إله إلا الله وحده لا شريك له)، فيعتقد أن الله جل وعلا ليس معه إله يستحق العبادة، وأنّ كل من أُدعي فيه الإلهية وأنه يُعبد، فإنما عُبد بالبغي والظلم والعدوان والتعدي، وكل من أشرك بالله جل وعلا فهو ظالم أبشع الظلم وأكبر الظلم؛ لأنه سبحانه توعَّد أهل الشرك بالنار، بل أوجب لهم النار في قوله }إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ{( ) وكما قال المسيح عليه السلام }وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ{[المائدة:72].
لبيان هذا التوحيد وما يتصل به، كتب توحيد العبادة المعروفة ومن أعظمها وأشملها كتاب التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.
الثالث من أنواع نفي الشريك المشتمل عليه (لا شريك له) نفي الشريك لله في الأسماء والصفات: وذلك بأنْ يعتقد أنّ الله جل وعلا لا شريك له في كيفية اتصافه بالصفات؛ يعني لا مُماثل له سبحانه و تعالى، ولا مشابه له في كيفية اتصافه بالصفات، وأنه سبحانه لا شريك له في المعنى المطلق لصفاته سبحانه ولأسمائه، ولا مشابه له في المعنى المطلق لأسمائه وصفاته، وأنّ اشتراك بعض خلقه معه سبحانه في الصفات إنما هو اشتراك في مطلق المعنى وفي أصله لا في المعنى المطلق ولا في كماله ولا في الكيفية، فيعتقد أنّه لا شريك له في صفاته ولا في أسمائه ولا في أفعاله سبحانه، بل }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ{[الشورى:11]، لأجل هذا المعنى العام، عطف عليها المصنف بقوله (ولا شيء مثله ولا شيء يعجزه ولا إله غيره) كما سيأتي تفصيل الكلام على هذه المسائل في ذكر معنى هذه الجُمل الثلاث.
إذن هذا إجمال لمعنى التوحيد ونفي الشريك، ويأتي تفصيلها مع بيان كل مسألة: توحيد الربوبية وأبحاثه، توحيد الأسماء والصفات وأبحاثه، توحيد الإلهية وأبحاث توحيد الإلهية.
بقي أن نقول: إنّ في قوله(نقُولُ في تَوحيدِ الله مُعتَقدينَ بتوفيق الله إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ) إنّ هذه العبارة ( لا شريكَ لَهُ) تفسيرها على طريقة أهل السنة ذكرناها، وأما أهل البدع فيقولون في تفسير (واحدٌ لا شريكَ لَهُ) عبارات مختلفة تجدونها في التفاسير، ويُكثر منها أهل البدع، فيقولون في تفسير (واحدٌ): واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا شريك له وواحد في أفعاله لا نِدَّ له. وفي قولهم في أولها (واحد في ذاته لا قسيم له) هذه من التعبيرات المحدثة، وإن كان يمكن أن تحتمل معنى صحيحا؛ لكن التوحيد والأَحدية تُفسر بواحديته وأحديته في ربوبيته وإلهيته وفي أسمائه وصفاته، وأهل البدع في التوحيد اختلفت عباراتهم؛ وسبب اختلاف عباراتهم في التوحيد أنهم نظروا في تعريف التوحيد إلى حال النصارى وأهل الملل، ففسروا التوحيد بما يخالف ما عليه بعض الطوائف، فقالوا: واحد في ذاته لا قسيم له. يعني نفيا للأقانيم الثلاثة التي هي صور لله جل وعلا مختلفة كما هو اعتقاد النصارى أو طائفة من النصارى، وكذلك اعتقاد السِّنَوِيَّة والذين يقولون أن ثَم إلهين هو إله واحد لكن له أقنومان شيء للخير وشيء للشر.
والله سبحانه وتعالى واحد في ذاته وأسمائه وصفاته، واحد في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته سبحانه وتعالى.
سيأتي إن شاء الله مزيد بيان لقول المخالفين في تفسير الربوبية والألوهية والأسماء والصفات فيما نستقبل إن شاء الله تعالى.

مسلم فاهم 04-10-2003 05:39 AM

قوله (وَلا شيءَ مثْلُهُ، وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ، وَلا إلهَ غَيْرُهُ.)

فهذه الجمل الثلاث وهي قوله(وَلا شيءَ مثْلُهُ، وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ، وَلا إلهَ غَيْرُهُ.) تفصيل لما يعتقده في توحيد الله جل وعلا، والتوحيد -كما ذكرنا- منقسم إلى الأقسام الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الإلهية. فذكر هذه الأقسام الثلاث في قوله(وَلا شيءَ مثْلُهُ، وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ، وَلا إلهَ غَيْرُهُ.)؛ فقوله (وَلا شيءَ مثْلُهُ) راجع إلى توحيد الأسماء والصفات والأفعال، وقوله(وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ) راجع أو مُثْبِتٌ لتوحيد الربوبية، وقوله(وَلا إلهَ غَيْرُهُ) مثبت لتوحيد العبادة والألوهية.
وقدَّم رحمه الله ما يدل على توحيد الأسماء والصفات بعد ذكر لتوحيد الإلهية في قوله (إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ)؛ لأن النزاع كائنٌ في توحيد الإلهية وفي توحيد الأسماء والصفات؛ فَمَعَ أهل الشرك النزاع في توحيد الإلهية، وهو الذي كان النزاع ما بين الرسل وبين أقوامهم، ولهذا قدّم ما يعتقده بقوله (إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ)؛ لأن هذا هو حقيقة النزاع بين الرسل وبين أقوامهم، ثم قال (وَلا شيءَ مثْلُهُ) لأن هذا هو حقيقة النزاع ما بين أهل السنة والجماعة وما بين مخالفيهم من المبتدعة على أصنافهم من المجسمة والمعطلة والنفاة وأشباه هؤلاء، وأيضا قرن بينهما لأن البدع بريد الشرك، فإن ترك تنزيه الله جل وعلا عن مماثلة المخلوقين تؤدي إلى الشرك به جل وعلا، ولهذا قال من قال من أهل السنة ”المعطِّل يعبد عدما والممثل يعبد صنما“ فالتمثيل ثَم اقتران بينه وبين الشرك؛ لأن الممثل اتخذ صورة جعلها على صفات معينة فصارت صنما له، كما أن المشركين عبدوا الأصنام واتخذوها آلهة. وأما قوله (وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ) فهو توحيد الربوبية كما سيأتي ذلك مفصلا.
إذن فترتيب المصنف الطحاوي رحمه الله لهذه الجمل الأربع ترتيب مناسب، وهو متنقل بفهمٍ في أمور الاعتقاد وموقف أهل السنة وأهل الإسلام من مخالفيهم.
الجملة الأولى في هذا اليوم هي قوله (وَلا شيءَ مثْلُهُ) والكلام عليها يكون في مسائل:
المسألة الأولى: أن قوله (وَلا شيءَ مثْلُهُ) مأخوذ من قول الله جل وعلا لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ{[الشورى:11]، ومن قوله جل وعلا }وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ{[الإخلاص:4]، ومن قوله حل وعلا }هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا{[مريم:65]، ومن قوله سبحانه }فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَال َإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ{[النحل:74]، وأشباه هذه الأدلة التي تدل على أن الله سبحانه لا يماثله شيء من مخلوقاته.
والمسألة الثانية: أنّ قوله(وَلا شيءَ مثْلُهُ) راجع لنفي المماثلة، وهذا هو الذي جاء في الكتاب والسنة أنْ يُنفى عن الله جل وعلا أن يماثل أحدا أو شيئا من خلقه، وكذلك يُنفى عن المخلوق أن يكون مماثلا لله جل وعلا، وإذا كان كذلك، فالمماثلة أو التمثيل أو المِثلية تُعَرَّف بأنها المساواة في الكيف والوصف:
— والمساواة في الكيفية راجعة إلى أن يكون اتصافه بالصفة من جهة الكيفية مماثل لاتصاف المخلوق، كقولهم: يد الله كأيدينا وسمعه كأسماعنا وأشباه ذلك.
— وأما المماثلة في الصفات فهي أن يكون معنى الصفة بكماله التام في الخالق كما هو في المخلوق.
إذا تقرر ذلك، فإن اعتقاد المماثلة في الكيفية أو في الصفات على النحو الذي ذكرتُ هذا تمثيل يَكْفُر به صاحبه، فلهذا كفّر أهلُ السنة النصارى، وكفّر أهلُ السنة المجسمة؛ لأن النصارى شبّهوا المخلوق بالخالق، وشبّهوا عيسى بالله جل وعلا، والمجسمة شبّهوا الله جل وعلا ومثّلوه بخلقه.
المسألة الثالثة: الفرق ما بين المماثلة والمثلية وبين التشبيه، ولتقرير ذلك فانتبه إلى الذي جاء نفيه في الكتاب والسنة إنما هو نفي المماثلة، أما نفي المشابهة؛ مشابهة الله لخلقه فإنها لم تُنْفَ في الكتاب والسنة؛ لأن المشابهة تحتما أن تكون مشابهة تامة، ويحتمل أن تكون مشابهة ناقصة، فإذا كان المراد المشابهة التامة فإن هذه المشابهة هي التمثيل وهي المماثلة، وذلك منفي، لقوله تعالى}لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ{[الشورى:11]، فإذن لفظ المشابهة ينقسم:
—إلى موافق للمماثلة الشبيه، موافق للمثيل وللممثل.
—وإلى غير موافق.
يعني قد يشترك معنى الشبيه والمثيل ويكون المعنى واحدا، إذا أُريد بالمشابهة المشابهة التامة في الكيفية وفي تمام معنى الصفة.
وأما إذا كان المراد بالمشابهة المشابهة الناقصة وهي الاشتراك في أصل معنى الاتصاف، فإن هذا ليس هو معنى التمثيل المنفي، فلا يُنفى هذا المعنى الثاني، وهو أن يكون ثم مشابهة بمعنى أن يكون ثم اشتراك في أصل المعنى.
وإذا كان كذلك فإن لفظ الشبيه والمثيل بينهما فرق -كما قررتُ لك- ولفظ المشابهة لفظ مجمل لا ينفى ولا يثبت، وأهل السنة والجماعة إذا قالوا: إن الله جل وعلا لا يماثله شيء ولا يشابهه شيء. يعنون بالمشابهة المماثلة، أما المشابهة التي هي الاشتراك في المعنى فنعلم قطْعا أنّ الله جل وعلا لم ينفها؛ لأنه سبحانه سمّى نفسه بالملك}مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ{[الفاتحة:4]، }الْمَلِكُ الْحَقُّ{( ) وسمى بعض الخلق بالملك}وَقَالَ الْمَلِكُ{( ) وأشباه ذلك من الآيات، وكذلك سمّى نفسه بالعزيز، وسمّى بعض الخلق بالعزيز، وكذلك جعل نفسه سبحانه سميعا، وأخبرنا بصفة السمع له، والبصر، والقوّة، والقدرة، والكلام، والاستواء، والرحمة، والغضب، والرضا وأشباه ذلك، وأثبت هذه الأشياء للمخلوق؛ للإنسان فيما يناسبه منها، فدل على أن الاشتراك في اللفظ وفي بعض المعنى ليس هو التمثيل الممتنِع؛ لأن كلام الله جل وعلا حق وبعضه يفسر بعضا، فنفى المماثلة سبحانه بقوله }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ{[الشورى:11]، وأثبت اشتراكا في الصفة، وإذا قلتُ اشتراكا ليس معنى ذلك أنها من الأسماء المشتركة في الصفات، لكن أثبت اشتراكا في الوصف يعني شركة فيه، فإن الإنسان له ملك والله جل وعلا له الملك، والإنسان له سمع والله جل وعلا له سمع، والإنسان له بصر والله جل وعلا له بصر، وهذا الإثبات فيه قدْر من المشابهة، لكنها مشابهة في أصل المعنى، وليست مشابهة في تمام المعنى ولا في الكيفية، فتحصّل من ذلك أن المشابهة ثلاثة أقسام:
ءالأولى: مشابهة في الكيفية، وهذا ممتنع.
ءوالثاني: مشابهة في تمام الاتصاف ودلالة الألفاظ على المعنى لكمالها، وهذا ممتنع.
ءوالثالث: مشابهة في معنى الصفة؛ في أصل المعنى، مطلق المعنى وهذا ليس بمنفي.
ولهذا صار نفي التمثيل، ونفي المثيل، ونفي المثلية صار شرعيا؛ لأنه واضح دلالته غير مجملة، وأما لفظ المشابهة فإن دلالته مجملة فلم يأتِ نفيه.
ونحن نقول إن الله جل وعلا لا يماثله شيء ولا يشابهه شيء سبحانه وتعالى. ونعني بقولنا (ولا يشابهه شيء) معنى المماثلة في الكيفية أو المماثلة في تمام الاتصاف بالصفة وتمام دلالة اللفظ على كمال معناه.
المسألة الرابعة: على قوله (وَلا شيءَ مثْلُهُ) أنّ إثبات الصفات لله جل وعلا قاعدته مأخوذة من هذه الجملة (وَلا شيءَ مثْلُهُ)، فإثبات الصفات مأخوذ من قوله سبحانه }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ{[الشورى:11]، فنفى سبحانه وتعالى وأثبت، وعند أهل السنة والجماعة أن النفي يكون مجملا (لا شيءَ مثْلُهُ)، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)، وأنّ الإثبات يكون مفصلا (وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)، وهذا بخلاف طريقة أهل البدع فإنهم يجعلون الإثبات مجملا، والنفي مفصلا، فيقولون في صفة الله جل وعلا: إن الله ليس بجسم ولا بشبح ولا بصورة ولا بذي أعضاء ولا بذي جوارح ولا فوق ولا تحت ولا عن يمين ولا عن شمال ولا قُدّام ولا خلف وليس بذي دم ولا هو خارج ولا داخل. إلى آخر تصنيفهم للمنفيات، وإذا أتى الإثبات، إنما أثبتوا مجملا، فصار نفيهم وإثباتهم على خلاف ما دلت عليه الآية (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ).
فطريقة أهل السنة أن النفي يكون مجملا وأن الإثبات يكون مفصلا على قوله سبحانه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)، والنفي المجمل فيه المدح، والإثبات المفصل فيه مدح، والنفي المجمل والإثبات المفصل من فروع معنى استحقاق الله جل وعلا للحمد، والله سبحانه أثبت أنه محمود ومسبَّح في سماواته وفي أرضه جل وعلا، كما قال سبحانه }وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ{[الإسراء:44]، وكقوله }وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ{[الروم:18]، وكقوله }فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ{[الروم:17]، }يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ{( ) ونحو ذلك، والجمع بين التسبيح والحمد هو جمْعٌ بين النفي والإثبات؛ لأن التسبيح نفي النقائص عن الله فجاء مجملا، والحمد إثبات الكمالات لله جل وعلا فجاء مفصلا، فإثبات الكمالات من فروع حمده سبحانه وتعالى، ولهذا صار محمودا جل وعلا على كل أسمائه وصفاته، وعلى جميع ما يستحقه سبحانه، وعلى أفعاله جل وعلا، وتنزيهه سبحانه بالنفي؛ يعني بالتسبيح أنْ يكون ثَم مماثل له سبحانه وتعالى؛ فمعنى (سبحان الله) تنزيها لله جل وعلا عن أن يماثله شيء أو عن النقائص جميعا، والحمد إثبات الكمالات بالتفصيل.

مسلم فاهم 04-10-2003 06:04 AM

ٌقال الطحاوي رحمه الله (( وَاللهُ يَغْضَبُ وَيَرْضَى لاَ كَأَحَدٍ مِنْ الوَرَى )) .

هل هو اثبات لصفة الرضى والغضب على خلاف اعتقاد الاشاعرة الذي يؤولون تيكم الصفتان .

بارادة الانتقام وارادة الخير .

صلاح الدين القاسمي 04-10-2003 10:21 AM

لنتعرف أولا على صاحب الطحاوية
 
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِدِنَا مُُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ النَّبِيِ الأُمّي وَ عَلَى آلِهِ
وَ صَحْبِهِ وَ سلّم .
*****
هذه هي عقيدة اهل السنة والجماعة للإمام أبي جعفر الطحاوي
والتي هي من أجل متون العقيدة عند أهل السنة والجماعة
و قبل ان نتعرض لمحتوياتها بالنقاش إن كان هناك من يعارض ما ورد فيها ، اعتقد انه من الأنسب أولا التعريف بصاحبها .
فإليكم ايها الأحبة هذه الترجمة :
ترجمة الإمام الطحاوي(*) رحمه الله تعالى

هو الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد بن سَلاَمة الطَّحَاوِيْ.
أصله من قبائل حَجْر الأزْد(1) اليمنية، سكن أجداده مصر بعد الفتح الإسلامي .
ولد سنة تسع وعشرين ومائتين على ما صححه جُلُّ المتأخرين، وينسب إلى قرية طَحَا.
ولقد أكرمه الله بمعاصرة أصحاب الأمهات الست كلهم وغيرهم من أئمة الحديث .
قال البدر العيني: كان عُمْر الطَّحَاوِيْ حين مات أبوعبدالله محمد بن إسماعيل البخاري سبعاً وعشرين سنة، وكان عُمْرُهُ حين مات مسلم بن الحَجَّاجِ إثنين وثلاثين سنة، وشاركه في روايته عن بعض شيوخه، وكان عمره حين مات أبو داود ستاً وأربعين سنة، وشاركه في روايته عن بعض شيوخه، وكان عمره حين مات أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي خمسين سنة، وكان عمره حين مات أحمد بن شعيب النسائي أربعاً وسبعين سنة، وشاركه في روايته وروى عنه، وكان عمره حين مات محمد بن يزيد بن ماجه أربعاً وأربعين سنة، وشاركه في روايته عن بعض شيوخه، وكان عمره حين مات الإمام أحمد إثنتي عشرة سنة، وكان عمره حين مات يحيى بن مَعِين أربع سنين .
مشايخه:
ومشايخه كثيرون وقد جمعهم في جزء عبدالعزيز بن طاهر التَّمِيْمِيُ، ومنهم أبوه، وخاله المزني وقد سمع منه كثيراً وروى عنه مسند الإمام الشافعي، وابن أبي عمران، والقاضي بكار بن قتيبة البصري، وقد أخذ عنهما مذهب الإمام أبي حنيفة.
ومنهم هارون بن سعيد الأَيلي شيخ مسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجة وأبي حاتم والربيع بن سليمان الجيزي شيخ مسلم وأبي داود والنسائي.
ومنهم الحسن بن عبد الأعلى الصنعاني، وعبد الرحمن بن عمرو الدمشقي أبو زُرْعَةْ وأبو يوسف بن عبد الأعلى الصَّدَفِيْ، وعبد الحميد بن عبد العزيز القاضي أبو حازم، وغيرهم.
تلاميذه:
روى عن الطحاوي خلق كثير وقد أفردهم بعض أهل العلم بتأليف في جزء، منهم أبو الحسن على بن أحمد الطحاوي، وأبو محمد عبد العزيز التميمي الجوهري قاضي الصعيد، وأبو القاسم الدَّاوُدِيْ شيخ أهل الظَّاهر في عصره، والحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني صاحب المعجم والحافظ أحمد بن القاسم بن عبد الله البغدادي المعروف بابن الخَشَّاب، وغيرهم.
مصنفاته:
1- معاني الآثار. وهو كتاب عظيم، إذا تَأمَّله الناظر يجده راجحاً على كثير من كتب الحديث المشهورة.
وذلك لزيادة ما فيه من وجوه الاستنباطات، وإظهار وجوه المعارضات وتوضيح النواسخ من المنسوخات، ونحو ذلك.
ولأهل العلم عناية بتدريسه، وروايته وتلخيصه وشرحه والكلام في رجاله وقد شرحه البدر العيني بشرحين أحدهما نُخَبُ الأَفكار ، والثاني مباني الأخبار وغيره، وَلَخَّصَهُ الحافظان ابن عبدَ الْبَرِّ والزَّيْلِعَيْ.
2- صحيح الآثار.
3- مشكل الآثار: وهو المعروف بمشكل الآثار في نَفْيِ التضاد عن الأحاديث واستخراج الأحكام.
وقد اختصره ابن رشد الجد، واختصر المختصر قاضي القضاة جميل الدين يوسف بن موسى اَلْمَلْطِيْ سماه (اَلمْعتَصَرْ من المختصر)، واختصره ابن خَلَفْ البَاجِيْ.
4- اختلاف العلماء في نحو مائة وثلاثين جزءاً، واختصره أبو بكر الرَّازِيْ .
5- أحكام القرآن في نحو عشرين جزءاً.
6- الشروط الكبير في التوثيق في نحو أربعين جزءاً- وله الشروط الأوسط في خمسة .
7- مختصر الطحاوي (في الفقه الحنفي) على شاكلة مختصر الْمُزَنِيْ في مذهب الإمام الشافعي، وله عدة شروح.
8- النوادر الفقهية في عشرة مجلدات.
9- الرد، في خمسة مجلدات على كتاب المدلسين لِلْكَرَابِيْسِيْ وهو كتابٌ قد ذمه الإمام أحمد وغيره، لمناصرته أهل البدع.
10- التاريخ الكبير.
11- وله العقيدة المشهورة (المسماة بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة)
ولها عدة شروح منها:
- شرح نجم الدين أبي شجاع بكبرس الناصري البغدادي من شيوخ الشرف الدِّمْيَاطِيْ.
- شرح السراج عمر بن إسحاق الغَرْنَوِيْ، ثم المصري.
- شرح محمود بن أحمد بن مسعود القونوي.
- شرح الصدر على بن محمد الأذرعي، وهي موجودة بالخزانات لم يطبع منها شيء.

نسأل الله أن يهيئ من يقوم باستخراجها ونشرها.
وله كتب كثيرة غير هذه اقتصرنا منها على ما ذكر قصداً للاختصار.
مَذْهبه:
تَفَقَّهَ الإمام الطحاوي على المزني بمذهب الإمام الشافعي، ثم انتقل إلى مذهب الإمام أبي حنيفة، وقد وردت عن سَبَبِ انتقاله حكايات لا تخلو من مَآخِذَ سنداً ومتناً. وليس في انتقاله عَجَب ولا داعي للبحث عن السبب ولم يكن اختلاف المذاهب يؤثر في تصافي علماء ذلك العهد رحمهم الله. نعم كانوا يتبعون المذاهب المعتمدة، ولكنهم لا يتعصبون لها التعصب الأعمى.
وَكُلُّهُـمْ مِــنْ رَسُــوُلِ الله مُلْتَمِسٌ
غَرْفاً مِنَ البحر أو رَشْفًا مِنَ الدِّيَمِ
من مواقفه مع الأمراء والحكام:
قال له أمير مصر (أبو منصور) الشهير بِالْجَيَّار.
أريد أن أزوجك ابنتي.
فقال له لا أفعل.
فقال له أَلَكَ حَاجَةٌ بمال؟
قال: لا.
فقال: هل أقطع لك أرضًا؟
قال: لا.
قال فاسألني ما شئت؟
قال: وتسمع؟
قال نعم.
قال احفظ دينك لئلا ينفلت، وأعمل في فَكَاكِ نَفْسِكَ قبل الموت، وإياك ومظالم العباد.
فيقال إِنَّه رجع عن ظُلْمِهِ لأهل مصر.

ثناء العلماء عليه:
قال البدر العيني، في نخب الأفكار: أما الطحاوي فإنه مجمع عليه في ثقَتهِ وأمانته وفضيلته التامة ويده الطُّوْلَى في الحديث وَعَلِلِهْ وناسخة ومنسوخه، ولقد أثنَي عليه السلف والخلف وقال أبو سعيد بن يوسف في تاريخ العلماء المصريين: كان الطحاوي ثقة ثبتاً فقيهاً عاقلاً لم يخلف مثله.

وقال حافظ المغرب أبو عمر بن عبد البر: كان الطحاوي كوفي المذهب وكان عالماً بجميع مذاهب الفقهاء، وقال أبو المحاسن في النجوم الزَّاهرة: كان إمام عصره بلا مدافعة في الفقه والحديث واختلاف العلماء والأحكام واللغة والنحو وصنف المصنفات الحسان، وكان من كبار فقهاء الحنفية.
وقال السيوطي
: الإمام العلامة الحافظ صاحب التَّصَانِيْفِ البديعة، وكان ثَقَةً ثبْتًا فقيهاً لم يخلف بعده.
وقد أثنى عليه كل من ذكره من أهل الحديث والتاريخ وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين.
وتوفى في مستهل ذي القَعْدَة سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ودفن بالقرافة رحمه الله تعالى.
(( منقول ))
_______________________
(*) مصادر الترجمة :
سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي جـ15/27- 33. والحاوي في سيرة الإمام الطحاوي للشيخ محمد زاهد الكوثري، الجواهر المضية 1: 102، لسان الميزان 1: 274، هدية العارفين 1: 58، وابن خلكان 1: 19 وتذكرة النوادر 1: 19، وتتاج العروس 10: 323، والمكتبة الأزهرية 1: 564، وطبقات الحفاظ للسيوطي والفهرست لابن النديم.
(1) حَجْر: بفتح الحاء وسكون الجيم فخذ من أفخاذ قبيلة الأزد، ويقال لها أزد الحجر تمييزاً لها عن أزد شنؤه.
والأزْد : بفتح الهمز وسكون الزاي أفخاذ كثيرة


______________

مازلت في انتظار آراء بقية الأعضاء في مدى إلتزامهم بالعقيدة الطحاوية .
و إلى اللقاء القريب بإذن الله تعالى .
:heartpump:heartpump:heartpump

أم مريم الشافعية 04-10-2003 11:27 AM

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على شفيع الأمة، وكاشف الغمة، ومجلي الظلمة سيدنا محمد بن عبد الله.

الامام ابو جعفر الطحاوي هو من السلف الصالح والاولى ان نعمل بمقتضى ما ورد في عقيدته وان ننتبه مما جاء في شروحات اللامذهبيين لها والحمد لله انكم تعتنون بالعقيدة الطحاوية وتعتبرونها مرجعا لكن حذار تفسيرات اللامذهبيين لها فهم يشوهون معناها بتفسيراتهم المغالطة.
هدانا الله واياكم الى طريق الخير والفلاح.

صلاح الدين القاسمي 04-10-2003 11:51 AM

جزاك الله خيرا أختاه على تنبيهك القيم
 
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِدِنَا مُُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ النَّبِيِ الأُمّي
وَ عَلَى آلِهِ وَ صَحْبِهِ وَ سلّم .
_________________

كتبت الأخت الفاضلة ((أم مريم الشافعية )) ما يلي :
إقتباس:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على شفيع الأمة، وكاشف الغمة، ومجلي الظلمة سيدنا محمد بن عبد الله.
الامام ابو جعفر الطحاوي هو من السلف الصالح والاولى ان نعمل بمقتضى ما ورد في عقيدته وان ننتبه مما جاء في شروحات اللامذهبيين لها والحمد لله انكم تعتنون بالعقيدة الطحاوية وتعتبرونها مرجعا لكن حذار تفسيرات اللامذهبيين لها فهم يشوهون معناها بتفسيراتهم المغالطة.
هدانا الله واياكم الى طريق الخير والفلاح.
الله أكبر و لله الحمد.
جزاك الله خيرا أختاه على ردك الواعي
ولا يهمك
فنحن هنا بحول الله بالمرصاد لكل من يحرف الكلم عن مواضعه.

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


صلاح الدين القاسمي 04-10-2003 12:08 PM

كاد المريب ان يقول خذوني
 
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِدِنَا مُُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ النَّبِيِ الأُمّي وَ عَلَى آلِهِ
وَ صَحْبِهِ
وَ سلّم .
***********
إقتباس:

الرسالة الأصلية كتبت بواسطة مسلم فاهم
ولا يهمك فنحن هنا بحول الله بالمرصاد لكل من يحرف الكلم عن مواضعه .
[/web]


فعلا ، صدق من قال :
*** كــــــــاد المريب أن يقول خذونــــــــي ***

إستمع يا فاهم : إن كنت فعلا كذلك ، أجبني بوضوح حول
الموضوع / السؤال : هل تلزمك العقيدة الطحاوية : نعم أم لا ؟؟؟

و بعد الإجابة ، تعال نتجاذب أطراف الحديث سويا .
و السلام .

أم مريم الشافعية 04-10-2003 12:13 PM

والله ثم والله ما قصدت الا مثل هذه الشروحات التي وضعها فاهم التي لا نعرف اصحابها وليسوا بثقة عندنا ونحن علماء اهل السنة والجماعة معروفون وفيهم الكفاية ولا نحتاج مذاهب جديدة

ابن الوردي 04-10-2003 12:23 PM

أسأل الله لك الخير يا أم مريم الشافعية ثبتك الله مع الحق
 
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
أتتكمْ أمُّ مريمَ بالفصيحِ = تردُّ القولَ بالقولِ الصحيحِ
فأهل السنةِ الأبرارُ دوما = مناهجهم كما البدرِ الصبيحِ
[/poet]

صلاح الدين القاسمي 04-10-2003 12:36 PM

أين بقية الإخوة الأعضاء ؟
 
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِدِنَا مُُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ النَّبِيِ الأُمّي
وَ عَلَى آلِهِ وَ صَحْبِهِ وَ سلّم .
______

و الآن ، أين بقية الأعضاء ليردوا عن السؤال ؟
هل نتفق على ما جاء في الطحاوية يا جماعة أم لا ؟؟؟

و السلام :heartpump

صلاح الدين القاسمي 04-10-2003 12:43 PM

Re: أسأل الله لك الخير يا أم مريم الشافعية ثبتك الله مع الحق
 
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِدِنَا مُُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ النَّبِيِ الأُمّي وَ عَلَى آلِهِ
وَ صَحْبِهِ وَ سلّم .
________


إقتباس:

الرسالة الأصلية كتبت بواسطة ابن الوردي
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
أتتكمْ أمُّ مريمَ بالفصيحِ = تردُّ القولَ بالقولِ الصحيحِ
فأهل السنةِ الأبرارُ دوما = مناهجهم كما البدرِ الصبيحِ
[/poet]


اللــــــــــــــــــه أكبر
و للـــــــــــــــــه الحمد

:heartpump

زينة الزين 04-10-2003 04:45 PM

السلام عليكم
الاخ صلاح

على هذا عهدنا اساتذتنا في الجامعة ومشايخ الازهر الشريف

ونبايعك على هذا وندعو الله ان يختم لنا على العقيدة الحقة

الوافـــــي 05-10-2003 12:05 AM

مسلم فاهم

سيجدون لك مخرجا
حتى لو دعا الأمر لتكفيرك على ما قلت
فلا تبتئس :)

تحياتي

:)


[HR]

تعقيب المشرف :

أخي الكريم أرجو ألا تخرج عن موضوع الحوار بأحاديث جانبية .

مسلم فاهم 05-10-2003 01:25 AM

لماذا الغضب يا صلاح الدين القاسمي ؟؟

هذه ابتسامة لك فلا تغضب :)


هل شرح العقيدة الطحاويه يغضبك جدا !!!!

هل تعارض ان نشرح هذه العقيدة الجليلة التى هي اعتقاد الائمة رحمهم الله .

اذا كان شرح العقيدة يغضبك فاخبرني أيها الاخ الفاضل الجليل .

ودع عنك بقايا الغضب فقد تضر شخصكم الكريم .

الهبوب 05-10-2003 01:43 AM

يافاتح الباب يا وهاب


ليت من يضع شرح للعقيدة الطحاوية
يعطينا تعريف بالشارح و سنده في العلوم
فالعلم ﻻ يؤخذ من كل من ظن نفسه عالما او شهد له ذيوله بذلك


اسلم تسلم

مسلم فاهم 05-10-2003 02:22 AM

جزاك الله خيرا اخي الكريم الوافي ... هم كفرونا منذ زمن ولكن ( نحن لهم بالمرصاد ) . - تعجبنى هذه الكلمة جدا- .

نواصل شرح هذه العقيدة الجليلة :

قال رحمه الله :

بسم الله الرحمن الرحيم
/ قَديمٌ بلا ابتدَاء، دَائمٌ بلا انْتهاء..
لا يَفنَى ولا يَبيدُ، ولا يكونُ إلا ما يُريدُ.
لا تَبلُغُه الأوْهَامُ، ولا تُدْركُهُ الأفْهَامُ.
وَلا يُشْبِهُ الأنَامَ.
حَيٌّ لا يَمُوتُ، قَيُّومٌ لا يَنَامُ.
خَاِلقٌ بِلا حَاجَة، رَازقٌ بلا مَؤُونَة.
مُمِيتٌ بِلا مَخَافَةٍ، بَاعِثٌ بِلا مَشَقَّةٍ.

[الشرح]

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. أما بعد:
فأسـأل الله جل وعلا لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم اجعلنا من عبادك المتّقين، نعوذ بك من الضلال بعد الهدى، من الكفر بعد الإيمان نسأل الله الثبات على الإيمان حتى الممات.
هذه الجمل من هذه العقيدة المختصرة؛ عقيدة الإمام الطحاوي رحمه الله وأجزل له المثوبة، اشتملت على جملة من صفات الله جل وعلا، وهي ليست راجعة إلى ترتيب معين؛ يعني في ذكر صفات لله جل وعلا أو في ذكر قواعد في الصفات، أو فيما يخالف فيه أهل السنة والجماعة غيرهم، إلا في بعضها كما سيأتي، وهذا كما ذكرنا لك من قبل راجع إلى أنه لم يرتّب هذه العقيدة على ترتيب موضوعي منهجي بحيث ينتقل من أنواع الإيمان إلى غيرها وبين أنواع الإيمان يعني أركان الإيمان وهكذا، ولهذا نذكر البيان على كل جملة بحسب ما اشتملت عليه، وفي ذلك إن شاء الله تعالى فوائد.
قال رحمه الله (قَديمٌ بلا ابتدَاء، دَائمٌ بلا انْتهاء.) أراد رحمه الله بذلك أن يبين أن الله جل وعلا منزّه عمّا خلق، فهو سبحانه خلق الزمان، والزمان لا يحويه، وكذلك خلق المكان، والمكان لا يحويه، سبحانه وتعالى، وذكر هنا أنّ الله جل وعلا سبق الزمان، وأيضا سيدوم بعد انتهاء الزمان بلا انتهاء، وهذا المعنى الذي أراده عبّر عنه بتعبير المتكلمين في أبدية الزمان في الماضي وفي المستقبل، وهذا خروج منهم عمّا جاء في النص من التعبير عن أبدية الزمان من الجهتين؛ وذلك أنّ أبدية الزمان يعني أنّ الله جل وعلا لا يوصف بأنه ابتدأ في زمان ولا أنه ينتهي في زمان لأن الزمان محدود مخلوق، والله سبحانه وتعالى كان قبل خلقه، وسيبقى سبحانه بلا انتهاء، هذا المعنى يُعبر عنه المتكلمون ويعبر عنه أهل العقائد المختلفة بأنواع من التعبير منها هذا الذي ذكره الطحاوي، ومن المعلوم أن التعبير الذي جاء في الكتاب والسنة وقول الحق جل وعلا ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾[الحديد:3]، وقوله سبحانه (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) هذا في المعنى الذي أراده الطحاوي، فهذا فسره النبي عليه الصلاة والسلام في دعائه «أنت الأول ليس قبلك شيء، وأنت الآخر ليس بعد شيء» فليس قبل الرب جل وعلا زمان، وليس بعده سبحانه وتعالى زمان، كما أنه ليس قبله شيء من المخلوقات، ولا بعده شيء أيضا من المخلوقات، وهذان الاسمان (الْأَوَّلُ) وَ(الْآخِرُ) دلاَّ على أنه سبحانه (قَديمٌ -كما ذكر- بلا ابتدَاء) وأنه (دَائمٌ-سبحانه- بلا انْتهاء)، وما جاء بوصف الله جل وعلا في القرآن وفي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الأكمل؛ بل هو الصحيح، وأما ما ذكر من الوصف، فسيأتي ما فيه في المسائل المتعلقة بهذه الجملة.
فإذن قوله (قَديمٌ بلا ابتدَاء، دَائمٌ بلا انْتهاء.) من جهة المعنى ومن جهة الدليل عرفتها، والمتكلمون يعنون بكلمة (قَديمٌ) غير ما يُعنى بها في اللغة، فإنهم يعنون بالقديم الذي تقدّم على غيره، والغيريّة هنا مطلقة بلا تقييد فتشمل كل ما هو غير الله جل وعلا يعني من جميع المخلوقات، فيكون قولهم في وصف الله بأنه (قَديمٌ) أو في أسماء الله بأنه سبحانه القديم يعنون به المتقدم علة غيره مطلقا، وهذا التقدم يشمل كل الأزمنة الماضية وزيادة، وبذلك احترز المصنف رحمه الله بقوله (قَديمٌ بلا ابتدَاء)؛ لأن كونه متقدما على غيره قد يكون من جهة التقسيم العقلي أنّ له ابتداء سبحانه معروف، وهذا مما لم يأذن الله جل وعلا لنا بعلمه، ولا تدركه أوهامنا ولا عقولنا ولا قلوبنا فلذاك قال (قَديمٌ بلا ابتدَاء) وهذا كما ذكرت لك اسم الله (الأول الذي ليس قبله شيء).
فإذن تعبير المتكلمين عن الرب جل وعلا عن اسمه الأول بكونه قديم وأنه القديم هذا أرادوا به غير المعنى اللغوي، وأما المعنى اللغوي فإنّ القديم هو الذي صار متقدما على غيره، وسيعقبه غيرُه، وقد سبقه غيره، كما قال جل وعلا ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾[يس:39] وكقوله الحق جل وعلا ﴿وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ﴾[الأحقاف:11]، وأشباه ذلك، والقِدم أو التقدم أو القَدم في اشتقاق هذه المادة في اللغة راجعة إلى ما تقدم على غيره، وهذا في اللغة, ومعلوم أن اللغة موضوعة للأشياء المحسوسة التي رآها، أو عرفها العرب، ولهذا دخل في اسم القديم المخلوقات، وإذا كان كذلك فإن القديم لا يوصف الله جل وعلا به كما سيأتي في المسائل.
إذن فكلمة (قَديمٌ بلا ابتدَاء) هذه عند المتكلمين لها معنى غير المعنى في اللغة، ومعناها عند المتكلمين كما ذكرتُ لك هو المتقدم على غيره. وفي اللغة المعنى أخص، المتقدم أو ما كان متقدما على غيره وتقدمه غيره، وهذا يجوز في اللغة، وهم لم يريدوا هذا المعنى، فلذلك جعلوا القديم من أسماء الله، وجعلوا القدم صفة للحق جل وعلا.
إذا تبين لك ذلك فقوله (قَديمٌ بلا ابتدَاء) هذا راجع إلى ما سُمِّي بالأزلية؛ بأزلية الرب جل وعلا، وقوله (دَائمٌ بلا انْتهاء) راجع إلى أبديته جل وعلا.
ولفظ (أزلية) هذا مركب أو منحوت من (لم يزل)، فلما أرادوا النسبة جعلوها للأزل؛ يعني الزمان الماضي القديم جدا الذي لم يزل، لا يعرف له بداية، فيقال هم يعبرون أنه أزلي جل وعلا، أو أن صفات الرب جل وعلا أنها أزلية، والتعبير عن هذه الأشياء بما جاء في الكتاب والسنة هو الحق، فلا يُعبر عن هذه الأشياء بما لم يرد في الكتاب والسنة؛ لأنه قد يشتمل على باطل، والمرء لا يعلم ذلك، حتى من جهة الاحتمالات العقلية أو الاحتمالات اللغوية.
المؤلف احترز فقال (قَديمٌ بلا ابتدَاء) وهذا فيه احتراز، جعل الجملة حق في نفسها لكن فيها مخالفة، وعَبّر عن الأبدية بقوله (دَائمٌ بلا انْتهاء).
إذا تبين لك ذلك، فعندهم أن القِدَم هو قِدَم الذات؛ يعني عند المتكلمين وعند الأشاعرة وأشابه هؤلاء، والمعتزلة عندهم القِدم حينما يطلقونه يريدون به قد الذات، وأما قد الصفات فهذا فيه تفصيل، فقوله (قَديمٌ بلا ابتدَاء، دَائمٌ بلا انْتهاء) يعنون به قِدَم الذات، ودائم الذات، وأما الصفات فلهم فيها تفصيل، وكأنّ الطحاوي درج على ما درجوا عليه لأنه عبّر بتعبيرهم.
إذا تقرر لك ذلك، ففي قوله (قَديمٌ بلا ابتدَاء، دَائمٌ بلا انْتهاء) مسائل:
المسألة الأولى: في وصف الله بالقِدَم، واسم القديم: وهذا كما ذكرت من الأسماء التي سمَّى اللهَ جل وعلا بها المتكلمون، فإنهم هم الذين أطلقوا الاسم القديم على الرب جل وعلا، وإلا فالنصوص من الكتاب والسنة ليس فيها هذا الاسم، وإدراج اسم الله وإدراج اسم القديم في أسماء الله هذا غلط، ولا يجوز، وذلك لأمور.
أما الأمر الأول: فإن القاعدة التي يجب اتّباعها في الأسماء والصفات ألاّ يُتجاوز فيها القرآن والحديث، ولفظ أو اسم القديم أو الوصف بالقدم لم يأتِ في الكتاب والسنة، فيكون في إثباته تعدٍّ على النص.
والثانية: أنّ اسم القديم منقسم إلى ما يُمدح به، وإلى ما لا يمدح به، فإنّ أسماء الله جل وعلا أسماء مدح؛ لأنها أسماء حسنى واسم القديم لا يمدح به؛ لأن الله وصف به العرجون، والقديم هذا قد يكون صفة مدح وقد يكون صفة ذم.
والثالث: أن اسم القديم لا يدعا الله جل وعلا به، فلا يدعا الله بقول القائل يا قديم أعطني، ويا أيها القديم، أو يا ربي أسألك بأنك القديم أن تعطني كذا، والأسماء الحسنى يدعى الله جل وعلا بها فذلك لقوله ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾[الأعراف:180]، فالأسماء الحسنى يدعى بها؛ يعني تكون وسيلة لتحقيق مراد العبد، ولهذا لم يدخل الوجه في الأسماء، ولم تدخل اليدان في الأسماء، ولا أشباه ذلك، لأن هذه صفات وليست بأسماء، والأسماء هي التي يدعا الله جل وعلا بها.
وإذا تبين ذلك فننتقل إلى:
المسألة الثانية: وهي ما ضابط، أو المسألة الثانية هي ضابط كون الاسم من الأسماء الحسنى؟
والاسم يكون من أسماء الله الحسنى إذا اجتمعت فيه ثلاثة شروط، أو اجتمعت فيه ثلاثة أمور:
الأول: أن يكون قد جاء في الكتاب والسنة، يعني نُصّ عليه في الكتاب والسنة، نُصّ عليه بالاسم لا بالفعل، ولا بالمصدر، وسيأتي تفصيل لذلك.
الثاني: أن يكون مما يدعى الله جل وعلا به.
الثالث: أن يكون متضمِّنا لمدحٍ كاملٍ مطلقٍ غير مخصوص، وهذا ينبني على فهم قاعدة أخرى من القواعد في منهج أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات؛ هي أن باب الأسماء الحسنى أو باب الأسماء أضيق من باب الصفات، وباب الصفات أضيق من باب الأفعال، وباب الأفعال الإخبار. واعكس ذلك فتقول: باب الإخبار عن الله جل وعلا أوسع، وباب الأفعال أوسع من باب الصفات، وباب الصفات أوسع من باب الأسماء الحسنى.
وهذه القاعدة نفهم منها أن الإخبار عن الله جل وعلا بأنه (قَديمٌ بلا ابتدَاء) ولا بأس به، لكن لا بأس به لأنه مشتمل على معنى صحيح، فلما قال (قَديمٌ بلا ابتدَاء) انتفى المحذور فصار المعنى حقا، ولكن من جهة الإخبار، أما من جهة الوصف وصف الله بالقدم فهذا أضيق لأنه لا بد فيه من دليل، وكذلك باب الأسماء وهو تسمية الله بالقديم هذا أضيق فلا بد فيه من اجتماع الشروط الثلاثة التي ذكرتُ لك.

.

مسلم فاهم 05-10-2003 02:23 AM

والشروط الثلاثة غير منطبقة على اسم القديم، وعلى نظائره كالصانع والمتكلم والمريد وأشباه ذلك، فإنها:
أولا: لم تَرِدْ في النصوص فليس في النصوص اسم القديم، ولا اسم الصانع، ولا اسم المريد، ولا اسم المتكلم، ولا المريد، ولا القديم، أما الصانع فله بحث يأتي إن شاء الله.
والثاني: اسم القديم لا يدعا الله جل وعلا به؛ يعني لا يُتوسل إلى الله به؛ لأنه في ذاته لا يحمل معنى متعلقا بالعبد فيسأل الله جل وعلا به، فلا يقول يا قديم أعطني، لأنه لا يتوسل إلى الله بهذا الاسم، كما هي القاعدة في الآية ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾[الأعراف:180]، فثَم فرق ما بين التّوسل بالأسماء والتّوسل بالصفات.
والثالث من الشروط الذي ذكرناه: هو أن تكون متضمنة على مدح كامل مطلق غير مختص، وهذا يعني به أنّ المدح، أن أسماء الله جل وعلا هي متضمنة لصفات، وهذه الأسماء لابد أن تكون متضمنةً للصفات الممدوحة على الإطلاق، غير الممدوحة في حال والتي قد تذم في حال، أو ممدوحة في حال وغير ممدوحة في حال أو مسكوت عنها في حال، وذلك يرجع إلى أنّ أسماء الله جل وعلا حسنى؛ يعني أنها بالغة في الحسن نهايتَه، ومعلوم أن حسن الأسماء راجع إلى ما اشتملت عليه من المعنى؛ ما اشتملت عليه من الصفة، والصفة التي في الأسماء الحسنى والمعنى الذي فيها لا بد أنْ يكون دالا على الكمال مطلقا بلا تقييد وبلا تخصيص. فمثل اسم القديم، هذا لا يدلّ على مدح كامل مطلق، ولذلك لما أراد المصنف أنْ يجعل اسم القديم أو صفة القِدم مدحا قال (قَديمٌ بلا ابتدَاء)، وحتى الدائم هنا قال (دَائمٌ بلا انْتهاء)، لكن لفظ القديم قيّده بقوله(بلا ابتدَاء) فهذا يدل على أن اسم القديم بحاجة إلى إضافة كلام حتى يُجعل حقا وحسنا ووصفا مشتملا على مدح حق، لهذا نقول إنّ هذا الأسماء التي تُطلق على أنها من الأسماء الحسنى يجب أن تكون مثل ما قلنا صفات مدح وكمال ومطلقة غير مختصة، وأمّا ما كان مقيدا أو ما كان مختصا المدح فيه بحال دون حال، فإنه لا يجوز أن يدخل في أسماء الله.
ولهذا مثال آخر أبْيَن من ذلك، مثل المريد والإرادة، فإن الإرادة منقسمة إلى:
— إرادة محمودة؛ إرادة الخير إرادة المصلحة، إرادة النفع، إرادة موافقة للحكمة.
— والقسم الآخر إرادة الشرّ، إرادة الفساد، إرادة ما لا يوافق الحكمة، إلى آخره.
وهنا لا يسمى الله جل وعلا باسم المريد، لأنّ هذا منقسم، مع أن الله جل وعلا يريد سبحانه وتعالى، فيُطلق عليه الفعل، وهو سبحانه موصوف بالإرادة الكاملة، ولكن اسم المريد لا يكون من أسمائه لما ذكرنا.
وكذلك اسم الصانع لا يقال أنه من أسماء الله جل وعلا؛ لأن الصنع منقسم إلى ما هو موافق للحكمة، وإلى ما هو ليس موافقا للحكمة، والله سبحانه وتعالى يصنع وله الصنع سبحانه، كما قال ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾[النمل:88] وهو سبحانه يصنع ما يشاء وصانع ما شاء كما جاء في الحديث «إِنّ اللّهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ» سبحانه وتعالى، ولكن لم يسمَّ الله جل وعلا باسم الصانع لأنّ الصُّنع منقسم.
أيضا اسم المتكلم، المتكلم لا يقال في أسماء الله جل وعلا المتكلم؛ لأن الكلام الذي هو راجع إلى الأمر والنهي، منقسم: إلى أمر لما هو موافق للحكمة؛ أمر محمود، وإلى أمر بغير ذلك، ونهي عمّا فيه المصلحة؛ نهي عمّا فيه الخير، ونهي عما فيه الضر، والله سبحانه وتعالى نهى عمّا فيه الضرر، ولم ينهَ عما فيه الخير جل وعلا، بل أمر بما فيه الخير، ولذلك لم يسمَّ الله جل وعلا بالمتكلم.
هذه كلها أطلقها المتكلمون على الله جل وعلا، فسموا الله بالقديم، وسموا الله جل وعلا بالمتكلم، وسموا الله جل وعلا بالمريد، وسموا الله جل وعلا بالصانع، إلى غير ذلك من الأسماء التي جعلوها لله جل وعلا.
فإذا تبين لك ذلك فإن الأسماء الحسنى هي ما اجتمعت فيها هذه الشروط، واسم القديم لم تجتمع فيه الشروط؛ بل لم ينطبق عليه شرط من هذه الشروط الثلاثة.
والمؤلف معذور في ذلك بعض العذر؛ لأنّه قال (قَديمٌ بلا ابتدَاء).
الخالق غِير والصانع غِير.
الخالق أولا جاء في النص، والصّانع ما جاء.
ومن جهة المعنى الصُّنع فيه كَلَفَة؛ فليس ممدوحا على كل حال، والخَلق هذا إبداع وتقدير فهو ممدوح.
الخلق منقسم إلى مراحل، وأمّا الصنع فليس كذلك؛ والله الخالق البارئ المصور، فالخلق يدخل من أول المراحل، والصنع لا، الصنع ليس كمالا، ممكن يصنع ما هو محمود ويصنع ما هو مذموم، يصنع بلا برء ولا إنفاذ، وقد يصنع شيئا لا يوافق ما يريده.
فلهذا اسم الخالق يشتمل على كمال ليس فيه نقص، وأما اسم الصانع فإنه يطرأ عليه أشياء فيها نقص من جهة المعنى ومن جهة الإنفاذ، لذلك جاء اسم الله الخالق ولم يجيء اسم الله الصانع .
المسألة الثالثة والأخيرة: المتعلقة بهذه الجملة أن قوله (قَديمٌ) و(دَائمٌ) كما ذكرنا عند أهل السنة يعبّر عنه بالأول والآخر كما جاء في النص، والله سبحانه وتعالى أوليته عند أهل السنة في ذاته وفي صفاته، وآخر سبحانه في ذاته وفي صفاته، فهو سبحانه لم يزل متصفا بالصفات، وهو أولٌ بصفاته، وهو سبحانه لن ينقطع اتصافه بصفاته سبحانه وتعالى من الجهة الأخرى؛ يعني أن آخريته سبحانه آخرية ذات وصفات، وأوليته سبحانه أولية ذات وصفات، فنقول عِلْم الله سبحانه وتعالى أَوَّل، ورحمة الله جل وعلا أُولى، وخلقه سبحانه أول يعني اتصافه بهذه الصفات كذاته سبحانه، فهو الأول الذي ليس قبله شيء لا في ذاته ولا في صفاته، وهذا سيأتي له مزيد بيان عند قوله (مَا زالَ بِصِفَاتِهِ قَديماً قَبْلَ خَلْقِهِ، لم يَزدَدْ بِكَوْنِهِم شَيْئاً، لم يكنْ قَبلَهُم مِنْ صِفَتِهِ، وكما كانَ بصفاته أزَليًّا، كذلك لا يزالُ عَلَيْها أبديًّا).
المقصود أنّ التعبير عن صفات الله جل وعلا بكونها أُولى والله جل وعلا أوّل بذاته وصفاته هذا الموافق للنص، أما نقول الكلام القديم أو خلْقه القديم أو حكمته القديمة وأشباه ذلك فإنّ هذا يرد وأيضا يحتمل معنى غير صحيح.
الجملة الثانية قوله (لا يَفنَى ولا يَبيدُ)، وكونه سبحانه (لا يَفنَى ولا يَبيدُ) ذلك لكمال حياته جل وعلا ولكما قيوميته دلّ على ذلك قوله سبحانه ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ(26)وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾[الرحمن:26-27] ويدل عليها قوله ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾[القصص:88] بأحد التفسيرين، ويدل عليها قوله جل وعلا ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾[البقرة:255] وذلك لكمال حياته وكمال قيوميته، وإذا انتفى الأدنى انتفى الأعلى من باب أولى، ولهذا قال (لا يَفنَى ولا يَبيدُ) سبحانه وتعالى، وأراد المصنف بقوله (لا يَفنَى ولا يَبيدُ) أراد شيئين فيما يظهر:
الأول: أن هذا فيه مزيد وقر لله جل وعلا بكمال الحياة وكمال القيومية جل وعلا، وتفسير لقوله (دَائمٌ بلا انْتهاء).
والثاني: أنّ بعض أهل البدع زعموا أنّ بعض صفات الله جل وعلا تفنى، أو أن بعض آثار أسمائه جل وعلا يبيد، ونحو نطلق القول لأنه جل وعلا لا يفنى ولا يبيد سبحانه وتعالى في ذاته وفي أسمائه وصفاته، ولا نقيّد ذلك بالزمن المستقبل بشيء، بل نقول وعلى إطلاقه لأنه سبحانه آخر ليس بعده شيء، وأنه لا يزال متصفا بصفاته بمشيئته وقدرته جل وعلا.
فإذن قوله (لا يَفنَى ولا يَبيدُ) هذا لكمال ربوبيته سبحانه وكمال اتصافه بالصفات.
ثم قال (ولا يكونُ إلا ما يُريدُ) وهذه الجملة الأدلة عليها كثيرة من الكتاب والسنة؛ فإن الله سبحانه وتعالى قال ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾[الإنسان:30]، وقال سبحانه ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾[التكوير:29]، و«ما شَاءَ الله كَانَ وَما لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكْنْ » والله سبحانه يشاء الأشياء فتكون كما شاءها جل وعلا، ولا تخرج مشيئة العبد عن مشيئة الله جل وعلا للأشياء.
وقوله (ولا يكونُ إلا ما يُريدُ) يريد به المشيئة؛ يعني لا يكون إلا ما يشاءه سبحانه، فالإرادة هنا المعني بها الإرادة الكونية، وأراد بهذه الجملة الرد على القدرية الذين يزعمون أنّ الرب جل وعلا أراد طاعة المطيع، وأراد إيمان المؤمن؛ أراد إيمان المكلف، ولكن المكلف أراد الكفر وأراد المعصية فكان ما لم يرد الله جل وعلا، وهذا قول الذين يقولون إنّ العبد يخلق فعل نفسه كما هو قول المعتزلة وبعض الطوائف أيضا من القدرية، يقولون إن العبد يخلق فعل نفسه وأنّ الله جل وعلا لا يخلق الفعل، فيحصل في الكون ما لا يريده جل وعلا لأن الله سبحانه لا يريد الكفر ولا يريد الضلال ولا يريد المعصية، وهذا القول باطل كما ذكرنا لك لأن الإرادة المراد بها هاهنا الإرادة الشرعية.
وهنا نخلص في هذه الجملة إلى مسائل:المسألة الأولى: أنه أراد بقوله (ولا يكونُ إلا ما يُريدُ) أراد بالإرادة هنا المشيئة، والإرادة؛ إرادة الله جل وعلا منقسمة إلى:
j إرادة كونية؛ يعني فيما يحصل في كون الله جل وعلا.
k والإرادة شرعية.
أما الإرادة الكونية فكثيرة في النصوص وهي مرادفة للمشيئة، فمشيئة الله هي الإرادة الكونية، فإذا قلنا شاء الله كذا؛ يعني أراده كونا.
أما المشيئة فلا تنقسم إلى مشيئة كونية وإلى مشيئة شرعية؛ بل هي نوع واحد هو مشيئة في كونه، أما الشرع فإنما يوصف بإرادة شرعية.
وهذا يعني أنّ الإرادة الكونية التي هي المشيئة هي التي لا يخرج أحد عنها، فقد يقع الشيء مأذونا من الله جل وعلا؛ شاءه الله سبحانه وتعالى كونا وقدرا، ولكنه لم يُرده شرعا ولم يُرده دينا، فتختلف الإرادتان إذا تعلقت بمعصية العاصي وكفر الكافر، فمِن جهة معصية العاصي وقعت بإرادة الله الكونية ولكنها لم تقع بإرادة الله الشرعية، والله سبحانه قال ﴿وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ﴾[غافر:31] وقال سبحانه ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ﴾[البقرة:185]، وفي المشيئة قال جل وعلا ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾[الأنفال:29] وهذا راجع إلى عِلم الله جل وعلا فيهم بأنه سبحانه ما شاءه وما لم يشأه لم يكن سبحانه وتعالى، ولو عَلم الله سبحانه فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون؛ يعني في عِلم الله جل وعلا فيما لم يقع، ولن يقع، لو وقع، ولو شاءه كيف يكون.
فإذن صارت مشيئة الله جل وعلا هي الإرادة، والإرادة مرتبطة بالعلم وبالحكمة، وهذا خلاف الإرادة الشرعية فإن الإرادة الشرعية مطلوبة من العبد؛ أَمْر، أَمَرَ بكذا، وَنَهَى عن كذا، فصار المأمور به والمنهي عنه مرادا له شرعا.
فإذا تبين هذا فإذن قوله (ولا يكونُ إلا ما يُريدُ) هذا راجع إلى الإرادة الكونية فقط، والذين لم يفرقوا ما بين الإرادتين وقع منهم الغلط في معصية العاصي وضلال الكافر فيما سيأتي بيانه إن شاء الله في موضعه من مباحث القدر

مسلم فاهم 06-10-2003 02:26 AM

ماهو ضابط كون الاسم من الأسماء الحسنى؟
والاسم يكون من أسماء الله الحسنى إذا اجتمعت فيه ثلاثة شروط، أو اجتمعت فيه ثلاثة أمور:
الأول: أن يكون قد جاء في الكتاب والسنة، يعني نُصّ عليه في الكتاب والسنة، نُصّ عليه بالاسم لا بالفعل، ولا بالمصدر، وسيأتي تفصيل لذلك.
الثاني: أن يكون مما يدعى الله جل وعلا به.


الثالث: أن يكون متضمِّنا لمدحٍ كاملٍ مطلقٍ غير مخصوص، وهذا ينبني على فهم قاعدة أخرى من القواعد في منهج أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات؛ هي أن باب الأسماء الحسنى أو باب الأسماء أضيق من باب الصفات، وباب الصفات أضيق من باب الأفعال، وباب الأفعال الإخبار. واعكس ذلك فتقول: باب الإخبار عن الله جل وعلا أوسع، وباب الأفعال أوسع من باب الصفات، وباب الصفات أوسع من باب الأسماء الحسنى.

ابن الوردي 06-10-2003 07:19 AM

الوهابي الظالم المدعو فاهم ينكر التاويل فمن أنكر التأويل ماذا يقول في قوله تعالى:{نسوا الله فنسيهم} وقوله تعالى {إنا نسيناكم} فهل يطلقون على الله صفة النسيان والله تعالى يقول: {وما كان ربك نَسيّا} نعوذ بالله من مسخ القلوب. فمن هنا وعملا بقوله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} وقوله صلى الله عليه وسلم: جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم رأيت أن أوطد نفسي على التحذير منهم حيث استطعت وبهذا اوصي كل واحد منكم اخواني القراء فاحذروهم وحذروا منهم في مجتمعاتكم فهؤلاء الوهابية يعتقدون ان الرب الاله يتصف بصفات خلقه ويضعون كلمة (حقيقة) أو (حقيقية) بجانب كلمة اليد والساق والقدم فما معنى حقيقية هذه هنا؟ معناها اليد الحقيقية اي المتعارف عليها مثل ايدينا نحن وهذا هو التشبيه بعينه هؤلاء هم من شبهوا الله بخلقه فاحذروهم وحذروا منهم.

اخي القارئ، كما تعرف ان القران منه ايات محكمات أي لفظها له معنى واحد بالنسبة للغة العربية ومن ايات متشابهات اي بحسب اللغة تحتمل عدة معان، والله امرنا ان ناخذ بالمحكم وان لا نتبع المتشابه فقال تعالى: "هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات فاما الذينم في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة" والوهابية يأخذون بظاهر الايات المتشابهات، فيفهمون القران بالخطأ والعياذ بالله وانظر معي اخي القارئ الى هذه الرواية من صحيح مسلم فانها تفضحهم فضيحة تكفي لابطال صحة عقيدةطائفتهم الشاذة.
روى مسلم في صحيحه باب كتاب العلم ما نصه: عن عائشة رضي الله عنها قالت تـلا رسـول الله صلى الله عليه وسلم: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه ءايات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبـهم زيـغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون ءامنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب} قالت: قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم الذين يتّبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله فاحذروهم. ورواه البخاري وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

كل هذا نقدمه لك اخي القارئ في الخيمة العربية بطلب من اليمامة والظالم المدعو فاهم وسوف نوافيكم كل يوم بالمزيد فكونوا معنا واحذروا الوهابية وحذروا من هذه الطائفة الشاذة والتي تنكر المذاهب السنية الاربعة.

نورالهدى 06-10-2003 01:23 PM

اتماما للفائدة
 
إقتباس:

الرسالة الأصلية كتبت بواسطة الهبوب
يافاتح الباب يا وهاب


ليت من يضع شرح للعقيدة الطحاوية
يعطينا تعريف بالشارح و سنده في العلوم



و كما تفضل الأخوة مشكرون بوضع نبذة عن الاما الطحاوي

فإتماما للفائدة هلا تكرمتوا بوضع نبذة للشارح مع السند بارك الله فيكم


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.