أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة الإسلامية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=8)
-   -   ** منبر الخيمة إن شاء الله ** (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=44420)

muslima04 21-04-2005 08:28 AM

** منبر الخيمة إن شاء الله **
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن والاهم بإحسان إلى يوم الدين،،

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،

هذا الموضوع أخذته من أحد المنتديات..أعجبني فأحببت أن نضعه هنا أيضا إن شاء الله..

لكن أيضا أحببت أن أغير الفكرة قليلا كما أرى أنا إن لم تروا في ذلك مانع إن شاء الله..واكون لكم شاكرة إن أبديتم رأيكم وأفكاركم..وكيف لا..إذا شاركتموني بإذن الله..وأجركم على الله تعالى إن شاء الله..

وفكرتي إن شاء الله،هي أن نجعل هذا الموضوع كما ترون عنوانه،كمنبر الخيمة،يصعد عليه من أحب ليلقي علينا خطبة،منقولة لأحد الشيوخ،أو كتبها بيده،،هكذا نعمل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإذن الله تعالى وعونه كما امرنا سبحانه،،وبما اننا ولله الحمد مسلمون وديننا الإسلام ولله الحمد والشكر،فأرى أنه لا داعي لأن أضع شروط لكي نلتزم بها،،فكافنا عزا وشرفا ان الإسلام يفرض علينا أن نلتزم بشروط معينة بكل حرية ولله الحمد..أظن انكم فهمتم مقصودي إن شاء الله ;)



فعلى بركة الله..

من سيبدأ؟؟ :)

المتيم المجهول 21-04-2005 08:40 AM

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ربُّ كلِّ شي ومليكُه، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك المصطفى المنقذ من الضلال، الهادي بنورِك إلى سبيل الحق والهدى في المقاصد والأقوال والأفعال، وعلى آله خير آل، وأصحابه الهداة المهتدين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين..
أما بعد: فإلى إخواننا من أهل الملة الحنيفية السمحاء ودين الحق، بمناسبة قدوم شهر ربيع الأول الذي في مثله كان بروزُ نبيِّ الله وصفيِّه وحبيبهِ وخاتم رسله سيدِنا المصطفى محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، نتذاكر حقيقةً في إيماننا بالله ورسوله وطاعتنا لله ورسوله تتعلق بالمشاعر منا والانطلاقات بالأحاسيس والوجدان والمساعي، بالوجهات والإرادات وبالحركات والسكنات ، إنها حقيقة الإدراك لعظمة المكوِّن للكون والمنشئ للوجود، وأنه على كل شي قدير، وأنه قد أحاط بكل شي علما إدراكًا يحل في الوجدان والذوق، يُعرف به سرُّ الاصطفاء لعبدِ الله وحبيبه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم مِن قِبلِ هذا الإله الحق الحكيم جل جلاله. إن ما نتحدث عنه وإن كان في وضوحٍ يُعدُّ من البديهيات لدى أهل الإيمان، لكنه مهمٌّ وعظيمٌ وليس المراد بإدراكه مجرد الإقرار والعلم به، ولكنا نريد شأنَ ذلك الحال والواقع منا في تعاملنا وتفاعلنا مع الواقع حوالينا.
يا أهل الملة: تُستَتبع الأمةُ اليوم فكرًا وتصوُّرًا وتعاملاً وتخاطبًا إلى مخالفاتٍ صريحات لمنهجهِ ومنهجِ رسوله المصطفى خيرِ البريات محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وهناك انسياقاتٌ غريبة وراء تلك الدواعي لذلك الاستتباع الذي مِن شأنه حطُّ المنزلةِ لدى الفردِ من أهل الملة مِن سموِّ وعظمةِ التبعيةِ لله ورسوله إلى حظيظِ التبعيةِ لمُفسدي الأرض وفاسدي الأرض والساقطين مِن عينِ رب السماء والأرض جل جلاله وتعالى في علاه، في اختلاطٍ لمعاني حسنِ التعامل مع أهل الأفكار والمبادئ المختلفة، والاستفادة مِن كلِّ ما يتوصل إليه الإنسان من معرفةٍ وقدرةٍ وإمكانيات، واستعمال الحكمة فيما يحاوله ويزاوله، اختلاط كل هذه المعاني الصحيحة الأصل بضعف الإيمان والثقة وضعف الرابطة بالمبعوث بالحق والهدى وفقدان التعظيم للتوجيهات الإلهية والتعليمات المحمدية النبوية، والإنبهار بأطروحات الكفار والفجار على ظهر الأرض، والتأثرات السلبية بكثير مما يُطرح ومما يُذاع ويُشاع ومما يُروَّج له بمختلف الوسائل .
يا أهل الملة: معاني الاعتزاز بالتبعية لله ولرسوله غائبةٌ في كثير من ساحات المسلمين ومساحات تعاملاتهم وانطلاقهم فكرًا وعملاً، وحسبُنا قول الجبار الأعلى عند ذكر نبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم ( فالذين آمنوا به وعزَّروه ونصروه واتبعوا النورَ الذي أُنزل معه أولئك هم المفلحون ) ومقتضى الإيمان به أن يتقوَّم الفكر، وتثبُت المرجعيَّة للحق ورسوله ، فيقوم الميزان للعمل وتتزكى النفس عن الهوى والعصبية في تفكيرها وتعاملها، وتتزكى عن الغلو وعن الإهمال والتضييع وعن الحسد وعن إرادة العلو وإرادة الفساد في الأرض؛ وبذلك تُعلم مكانة المذاهب بين المسلمين وترجمتها لسعةِ الشريعة وشمولها وكمالها، وبُطلان أن تُتَّخذ مطايا للعصبيات والأهواء واقتحام منكراتِ تطاولِ المسلمين على بعضهم البعض وسبابِهم والنَّيلِ من أعراضهم، كما أنها تقيمُ ميزانَ الأخذِ في الاستفادة من المُكتَشفات والمُخترعات والمصنوعات لتكون مستخدَمةً لمنهاج الحق لا مستخدِمة لأتباع الحق، وبه تُبَثُّ الطمأنينة في القلوب والعقول عند نشر بهرجةِ القول مِن قبلِ أهل التطاول على منهج الله ورسوله، ومن يتجرَّأ على أن يُلصق به ما ليس فيه وما ليس منه، وأن ينسب إليه ما هو مُتسامٍ عنه، فلا يأتي إيضاحٌ ولا بيانٌ ولا ردٌّ بتزعزعٍ ولا انزعاجٍ ولا تنازلٍ عن حقائق ثابتةٍ في منهج الله ورسوله ولا تتبُّعاتٍ للأقوالِ الشاذة في خزائن فقهِ الشريعة المطهرة، فيما انتهى إليه استنباط المستنبطين واجتهاد المجتهدين مِن المهَيئين المؤهَّلين، وبذلك يتم التعظيم لله ورسوله فتنهار إراداتُ النفس علوًّا أو فسادًا في الأرض بجميع معاني ذلك رغبةً في الدار الآخرة التي يوقنُ بها المنتمي لهذه الملة، فقد جُعلت مِن قِبل خالقِها خاصةً للذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادا ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتقين ) .
يا أهل الملة: ما ارتضى اللهُ لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم من قيادة المؤمنين ما أوجب على مَن صدَّقه أن يسلِّم الزِّمام له حتى يقول جل جلاله ( فلا وربِّك لا يؤمنون حتى يحكِّموك فيما شجرَ بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيتَ ويسلِّموا تسليما ) ثم يقول ( وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللهُ ورسولُه أمرًا أن تكون لهم الخيَرة مِن أمرِهم ومن يعصِ الله ورسولَه فقد ضلَّ ضلالاً مبينا ) وفيما يقول نبيه ( لا يؤمن أحدُكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئتُ به ) في كل ذلكم حقائق غائبة عن مشاعر وأحاسيس ووجدان اليوم في أهل هذه الملة انتَهشَهُ من بينهم واستلَبه منهم مظاهرُ فتنٍ اقتضت انسياقَهم وراء دعواتٍ قاطعةٍ عن الله وعن رسوله.
فلنُنزِل رسولَ الله في مشاهدنا ومشاعرنا المنزلَ الذي أنزله الله فيه، ولنثِق بجميع ما قال وما أخبر ولنُحيِ من جديدٍ سرَّ اتباعهِ باليقين والمحبة والمودة في الديار والمنازل والأفكار والقلوب والوجهات والتعامل ( وإن تطيعوه تهتدوا) ( من يطع الرسولَ فقد أطاع الله ) ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزِّل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو الحق من ربهم كفَّر عنهم سيئاتِهم وأصلح بالهم ) ( قل إن كنتم تحبون اللهَ فاتبعوني يحببكم الله ).
اللهم أيقظ قلوبَ المسلمين، وفي ذكرى ميلاد نبيِّهم الأمين ولِّد في قلوبِهم أنوارَ الارتباطِ به وثبِّت أقدامَهم على السيرِ على دربه، واحلُل عنهم عُقَدَ الانبهارَ بأطروحات الكفار والفجار، وأشعِرهم بمكانة الأمانة التي ائتمنتهم عليها في إنقاذ الأمة، وهداية البشرية بنورك الحق المبين يا أرحم الراحمين.. وصلى الله على المصطفى محمد وآله وسلَّم، والحمد لله رب العالمين .


[line]

كلمة لسيدي الحبيب عمر بن محمد بن سالم بن حفيظ في شهر ربيع الأول لعام 1426هـ ،،

وبارك الله فيكم على الفكرة الجميلة :) ،،،

muslima04 21-04-2005 03:40 PM

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين ومن والاهم بإحسان إلى يوم الدين،،

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،

جزاك الله خيرا اخي المتيم المجهول :)

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين..

muslima04 24-04-2005 07:20 AM

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين ومن والاهم بإحسان إلى يوم الدين،،

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،



ملخص الخطبة

1- أهمية الإخلاص. 2- من صور الإخلاص. 3- خطورة التبرّج وإهمال تربية الأبناء. 4- التحذير من الزواج العرفي. 5- مكانة العلماء ودورهم. 6- القدس في خطر. 7- وقفة إجلال للمرابطين في الأقصى. 8- فضيلة الرباط في سبيل الله.


الخطبة الأولى


عباد الله، حديثنا اليوم وإياكم عن الإخلاص، وهو سرٌّ بين العبد وربه، لا يطّلع عليه مَلَك فيكتبه، ولا شيطان فيفسده. والإخلاص مِسْك القلب وماء حياته، ومدار الفلاح كله عليه، يقول المولى تبارك وتعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5].

وتذكروا ـ أيها المؤمنون ـ أن سيدنا رسول الله بيّن لنا أن الأمة الإسلامية تُحفَظ وتُنصَر بإخلاص رجالها، وقد بشّر المخلصين بالسَّناء والرّفعة والتمكين في الأرض، فقال : ((بشّر هذه الأمة بالسَّناء والدين والرفعة والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب)).

والإخلاص ـ يا عباد الله ـ سبب من أسباب غفران الذنوب، ويجعل الأعمال مقبولة عند مقلب القلوب، فقد ورد عن أبي أمامة جاء رجل إلى النبي فقال: أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر، ما له؟ فقال رسول الله : ((لا شيء له))، ثم قال: ((إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتُغِي به وجه الله)).

قال أهل العلم: العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جِرابه رملاً ينقله ولا ينفعه. وقيل لأحد الصالحين: ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا؟! قال: لأنهم تكلموا لعزّ الإسلام ونجاة النفوس ورضا الرحمن، ونحن نتكلم لعزّ النفوس وطلب الدنيا ورضا الخلق. فأهل العلم إذا علموا عملوا، فإذا عملوا شُغِلوا، فإذا شُغِلوا فُقِدوا، فإن فُقِدوا طُلِبوا، فإن طُلِبوا هَرَبوا.

ومن هنا فقد نظر الأكياس في تفسير الإخلاص فلم يجدوا غير هذا: أن تكون الحركة والسكون في السرّ والعلانية لله تعالى، لا يمازجه شيء، لا نفس، ولا هوى، ولا دنيا.

ومن صور الإخلاص ـ يا عباد الله ـ الإخلاص في الصلاة وقول كلمة التوحيد بقلب خالص، لقوله : ((ما قال عبد: لا إله إلا الله مخلصًا إلا فُتِحت له أبواب السماء، حتى تُفضِي إلى العرش، ما اجتُنِبت الكبائر)).

وكذلك أوصانا رسولنا أن نُخلِص الدعاء إذا دعونا للميّت وصلّينا عليه، فقال: ((إذا صلّيتم على الميت فأخلصوا له الدعاء)). فأين نحن من هذا يا عباد الله؟! نصلي على الأموات وقلوبنا ساهية لاهية، لا نقف بخضوع وخشوع، ولا نتذكّر أننا سنموت يومًا من الأيام. نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن خشعت قلوبهم ولانت أفئدتهم وتذكّروا آخرتهم.

عباد الله، قال الفُضَيل بن عِياض رحمه الله في قوله تعال: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [الملك:2]: هو أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي، ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة. ثم تلا قوله تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110].

واستمعوا ـ يا عباد الله ـ لهذه القصة الدالّة على صدق النية وحسن الإخلاص: الإمام الجليل العالم المجاهد عبد الله بن المبارك كان في سفر لغزو الروم ومعه صاحب له، فتصَنّع صاحبه بالنوم عندما حلّ عليهما الظلام ليرى ماذا سيصنع ابن المبارك في ليلته. قال: فظنّ أني قد نمت، فقام فأخذ في صلاته، فلم يزل كذلك حتى طلع الفجر، ثم أيقظني، وظن أني نائم، فقلت: إني لم أنم، قال: فلما سمعها مني ما رأيته بعد ذلك يكلمني، لا ينبسط إليّ في شيء من غزاته كلها، كأنه لم يعجبه ذلك مني، فلم أزل أعرفها فيه حتى مات، ولم أر رجلاً أسَرّ بالخير منه.

إنه الإخلاص لله في العبادة، لا رياء ولا سمعه ولا شهرة كاذبة. هكذا كان علماء الأمة في معاملتهم مع الله، لا تأخذهم في الله لومة لائم، لا غش ولا خداع، ولا مظاهر براقة، كانوا لا يلتفتون إلى الدنيا وزخارفها.

عباد الله، كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، أين الآباء الذين يراقبون أولادهم وبناتهم والمحافظة عليهم من الفساد؟! إن سبب انحطاط الأخلاق تبرّج النساء والتعرّي وإظهار المفاتن، وما يُبثّ على شاشات التلفزة من مظاهر العُهْر والظلام والرقص المعيب، وما تنشره كتب الفسق، وما يُشاهَد من الصور الخليعة، لا سيما اجتماع النساء والرجال في الحفلات والأعراس، فهذ كله حرّمه الإسلام.

فيا أيها المسلمون، صونوا أعراضكم، وكفّوا عن مظاهر الفساد نساءكم، وأمروهنّ بالحِشمة في اللباس وبالتستّر الكامل، وانهوهنّ عن لبس البناطيل المجسّمة وعن تضييق الثياب ولبس الشفاف، واحجبوهنّ عن مجتمعات اللهو وشهود التمثيل الداعِر والآلات اللاقطة، حرصًا على كمال الأخلاق، وصونًا للفضائل والكمالات، ومن هنا نهيب بالتجار أن لا يجلبوا الملابس الخليعة وبيعها في أسواقنا، وخاصة أننا أقبلنا على فصل الصيف.

عباد الله، فسادٌ بدأ يدبّ في مجتمعنا، ألا وهو ما يُعرف بالزواج العُرْفي، تتعرّف الفتاة على شابّ، ثم يتزوجان من غير موافقة وليّ أمرها، وما ذلك إلا لفساد البيت والتربية، وقد بدأ ينتشر هذا النوع من الزواج الباطل والفاسد بين فئة قليلة من أبناء شعبنا وخاصة الطالبات في المدارس والجامعات، ومن هنا فإننا نحذر من هذا الفساد، نحذر من هذا النوع من الزواج، حيث فساده كما ذكرنا، ثم عدم الاعتراف بهذا الزواج رسميًّا، فتابعوا أحوال أولادكم وبناتكم في أوقات خروجهم من البيوت، وإياكم ثم إياكم والتهاون في هذا الأمر، وعندئذ ولات ساعة مندم.

عباد الله، إن المجتمع لا يكون صالحًا إلا بصلاح أولي الأمر من العلماء والأمراء والحكام والوزراء، فإذا صلح هؤلاء صلح المجتمع، وإذا فسدوا فسد المجتمع. وأنتم ـ أيها العلماء ـ كونوا كسلفكم من أبناء هذه الأمة، كونوا مخلصين صادقين مع الله، قوموا بواجبكم في حماية المجتمع من مظاهر الفساد والإفساد، تخلّوا وابتعدوا عن صفات الرياء والنفاق لحكامكم تفلحوا عند ربكم، وتنالوا المكانة السامية لدى أمتكم، انظروا إلى هذا المشهد الذي يضع العالم في مكانته السليمة بين الأمة: لما قدم هارون الرشيد الرقّة ورد ابن المبارك فانْجَفَل الناس إليه، فأشرفت زوجة الرشيد من برج القصر، فلما رأت الناس وكثرتهم قالت: ما هذا؟ قالوا: عالم خراسان، فقالت: والله هذا هو الملك، لا ملك هارون الرشيد الذي يجمع الناس إليه بالسواط والعصا والأعوان.

فبالله عليكم أيها المؤمنون، هل يوجد بالأمّة اليوم مثل ابن المبارك في علمه وإخلاصه وزهده وجهاده وعبادته؟! فالعالم ـ يا عباد الله ـ إذا أراد بعلمه وجه الله تعالى هابه كل شيء، وإذا أراد أن يُكثر به الكنوز والأموال هاب من كل شيء.

فالإخلاص الإخلاص أيها المؤمنون، فالإخلاص يجعلك تحب مولاك، وإذا أحببته أحبك، والمحبة شجرة تُغرس في الفؤاد، وتُسقى بماء الود، أصلها ثابت وثمرها لطائف الأنس، تؤتي أكلها دائمًا بإذن ربها. والمحبّ دائمًا عديم القرار فقيد الاصطبار، لا يسكن أنينُه، ولا يهدأ حنينُه، نهاره ليل، وليله نهار.

فيا أيها المسلم، أما آن لك أن تستعد بزاد التقوى؟! أما آن لك أن تمحو قبيح أفعالك؟! فإن القبيح مكتوب، أتضحك ملء فمك وعليك ذنوب؟! عُد إلى رشدك، وابتعد عن هواك، وأخلص العمل تنل جنة مولاك.

عباد الله، القدس في خطر كبير، وإسرائيل تستغلّ حالة الهُدنة أو التهدئة فتواصل إقامة الجدار العُنصري، وتصادر الممتلكات، وتعمل على توسيع المستوطنات في القدس والضفة الغربية، وهذا هو منهجهم منذ زمن بعيد: في ثورة 1936م والإضراب المشهور عملوا على تكثيف الاستيطان والهجرة اليهودية لأرض فلسطين، وفي عام 1948م استغلت الهدنة وهدمت القرى وهجرت أهلها وهددت المنطقة بأسرها، وفي عام 1967م صادرت الأراضي وهدمت القرى وأقامت المستوطنات وأبعدت من أبعدت. هذا هو سبيلهم، المزيد من الاستيطان والتوسّع، والواجب على أمة الإسلام في كل مكان أن يقفوا وقفة صادقة مع شعبنا المرابط حتى يصمد أمام مخططات المستعمرين الحاقدين.

أيها المسلمون، أيها المرابطون في هذه الرحاب الطاهرة، يا من شرفكم الله بشرف الرباط على ثغر من ثغور الإسلام إلى يوم الدين، لقد أفشلتم بوقفتكم الشجاعة ووحدتكم الإيمانية المخلصة وإرادتكم الصلبة أطماع الحاقدين من تحقيق مآربهم، لقد أثبتم أنكم أهل للدفاع عن مسجدكم المقدس، فكنتم حُماة الديار نيابة عن أمة الإسلام في كل مكان، وبالمقابل فقد أثبت زعماؤكم أنهم أمة مغلوب على أمرها، يأتمرون بأمر الغرب، ويتباكون على السلام المزعوم، ويستعجلون التطبيع والانفتاح، وقد ضنّوا عليكم مجرد الشّجْب والاستنكار! فلا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

أيها المؤمنون، ورغم وقفتكم المشرّفة المباركة إلا أن الخطر ما زال قائمًا، ومحاولات الحاقدين المتربصين لن تتوقف، ونحن ـ وبتوفيق الله ـ أمة صابرة، أمة مرابطة، فعلينا أن نكون على قدر المسؤولية، وأن نعمر مسجدنا دائمًا وفي كل الأوقات، وليس في المناسبات فقط، فالخطر لن يتوقف ما دام الاحتلال جاثمًا على صدورنا.

عباد الله، إن أي تقصير سيمهّد الطريق أمام المتطرّفين لتحقيق مآربهم وتحقيق أهدافهم، حذارِ من العملاء الذين يحاولون الإساءة إلى قدسية هذا المكان الطاهر، أو إعطاء الفرصة لإحداث أمور تسيء إلى مسجدنا. فلا تعطوا الفرصة للنيل من صمودكم وتدنيس مسجدكم، فإن الأنباء تتحدث عن عزم المستوطنين إعادة الكرّة في الشهر القادم، فالرباط الرباط يا عباد الله، فهو أفضل عبادتكم عند الله تعالى، فقد روى البخاري في صحيحه عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله قال: ((رباط يوم في سبيل الله خير عند الله من الدنيا وما فيها))، وفي صحيح مسلم عن سلمان قال: سمعت رسول الله يقول: ((رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأُجرِي عليه رزقه، وأمِن الفتان))، والفتان هو الشيطان، وفي هذين الحديثين دليل على أن الرباط أفضل الأعمال التي يبقى ثوابها بعد الموت. والرباط يضاعف أجره إلى يوم القيامة، وصاحبه يبعث يوم القيامة آمنًا من الفزع.

وتذكروا ـ يا عباد الله ـ أن انتظار الصلاة بعد الصلاة رباط، فقد يحصل لمنتظر الصلوات ذلك الفضل إن شاء الله، فها هو نبينا يقول للجالسين في المساجد ينتظرون الصلوات: ((أبشروا معشر المسلمين، هذا ربكم قد فتح بابًا من أبواب السماء يباهي بكم الملائكة يقول: يا ملائكتي، انظروا إلى عبادي هؤلاء، قضوا فريضة وهم ينتظرون أخرى)).

أيها المسلمون، تواجدوا للصلاة في مسجدكم، وعمّروه بوجودكم، علّموا أولادكم الصلاة فيه، وجنّبوه الأذى واللعب في ساحاته، جنّبوه اللعب والبيع والشراء ورفع الأصوات والتشويش واللغط، لقول رسولنا الأكرم : ((إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد الأقصى فقولوا له: لا أربح الله تجارتك)).

ومن هنا نهيب بمن يجمع التبرعات في ساحات المسجد الأقصى أن يكفوا عن ذلك، وأن يجمعوا خارج أبواب المسجد الأقصى، فالمسجد الأقصى ليس مكانًا لأمثال هذه الأمور، وإنما هو لعبادة الله، ومن أراد أن يتبرع عليه التوجّه إلى لجان الزكاة المختصة من أجل ضمان وصول المال إلى الجهات المعنيّة.

فهنيئًا لكم ـ يا أهل فلسطين ـ برباطكم، هنيئًا لكم بهذا الشرف العظيم، فقد استأثره الله لكم دون غيركم، فعاهدوا الله على المحافظة عليه، ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا.




المصدر

muslima04 01-05-2005 04:56 AM

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن والاهم بإحسان إلى يوم الدين..

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..

( خطبة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب )

الحمدُ لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون ، وبعدله ضل الضَّالون . لا يُسئل عما يفعل وهم يُسئلون . أحمدهُ سبحانه حمد عبد نزه ربه عما يقول الظالمون . وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له . وسبحان الله رب العرش عما يصفون . وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله الصادقُ المأمون . اللهمّ صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه الذين هم بهديه مستمسكون . وسلِّمْ تسليماً كثيراً .
أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله حقَّ تُقاته . وسارعوا إلى مغفرته ومرضاته . وأجيبوا الداعيَ إلى دار كرامته وجناته . ولا تغرنّكُم الحياةُ الدنيا بما فيها من زهرةُ العيش ولذّاته . فقد قَرُبَ الرحيل وذُهِبَ بساعات العمر وأوقاته . واعلموا أن الخير كله بحذافيره في الجنة ، فأدلجوا في السير إليها . والشر كله بحذافيره في النار ، فاجتهدوا في الهرب منها . ألا وأن الدنيا عَرَض حاضر ، يأكل منها البر والفاجر ، والمؤمن والكافر . والآخرة وعد صادق ، يحكم فيها ملك قاهر .
فلا تغُرَّنّكُم الحياة الدنيا فإنها دار بلاء ، ومنزلُ ترحة وعناء . نَزَعَتْ عنها نفوسُ السعداء , وانتُزعت بالكره من أيدي الأشقياء ، وحال بينهم وبيم ما أمّلوه القدر والقضاء . ضُربت لكم بها المقاييسُ والأمثال . وقُرِّبت لكم الحقيقةُ بالشبه والمثال ، فقال صلى الله عليه وسلم "مالي وللدنيا . إنما مَثَل الدنيا كراكب قال في ظل دَوْحة" .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { إنّما مَثَلُ الحياةِ الدُّنيا كماءٍ أنزلناهُ من السماءِ فاختلط به نباتُ الأرضِ مما يأكلُ الناسُ والأنعام ، حتى إذا أخَذتِ الأرضُ زُخْرُفَها وازَّينتْ وظنَّ أهلُها أنهم قادرون عليها أتاها أمرُنا ليلا أو نهاراً فجعلناها حَصِيداً كأن لم تَغْنَ بالأمس ، كذلك نُفَصل الآياتِ لقوم يتفكّرون . واللهُ يدعو إلى دار السّلامِ ويهدي مَن يشاءُ إلى صِراطٍ مستقيم . للّذين أحسنوا الحسنى وزيادَة ، ولا يَرْهَقُ وجوهَهم قَتَرٌ ولا ذِلّة ، أُولئك أصحابُ الجنة هم فيها خالدون . والذينَ كسبوا السيئاتِ جزاءُ سيئةٍ بمثلِها وتَرهقُهم ذِلّة ، ما لهم من الله من عاصم ، كأنّما أُغشِيتْ وجُوهُهُمْ قِطعاً من الليلِ مُظلماً أُولئك أصحابُ النار هم فيها خالدون } بارك اللهُ لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم . أقول قولي هذا وأستغفر اللهَ العظيم الجليل ، لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب . فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

maher 02-05-2005 08:32 AM

بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد خاتم النبيين
اختي مسلمة, جزاك الله خيرا على موضوعك هذا و اني اعتذر على عدم رؤيته الا الآن, و اني اورد هنا خطبة وددت لو انها كانت الاولى, لانهاخطبة من اوتي جوامع الكلام سيدناو حبيبا محمد صلى الله عليه و سلم, من سيرة ابن هشام:


[ خطبة الرسول في حجة الوداع ]
قال ابن إسحاق : ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حجه فأرى الناس مناسكهم وأعلمهم سنن حجهم وخطب الناس خطبته التي بين فيها ما بين فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس اسمعوا قولي ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا ; أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا ، وكحرمة شهركم هذا ، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت ، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ، وإن كل ربا موضوع ولكن لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون . قضى الله أنه لا ربا ، وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله وأن كل دم كان في الجاهلية موضوع وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، وكان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية . أما بعد أيها الناس فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا ، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضي به مما تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم أيها الناس إن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا ، يحلونه عاما ويحرمونه عاما ، ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ورجب مضر ، الذي بين جمادى وشعبان . أما بعد أيها الناس فإن لكم على نسائكم حقا ، ولهن عليكم حقا ، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف واستوصوا بالنساء خيرا ، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا ، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله فاعقلوا أيها الناس قولي ، فإني قد بلغت ، وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا ، أمرا بينا ، كتاب الله وسنة نبيه . أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم اللهم هل بلغت ؟ فذكر لي أن الناس قالوا : اللهم نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اشهد

maher 02-05-2005 09:04 AM

هذه موعظة و تذكير لاولي الالباب لعلهم يتذكرون قراتها في احد المواقع فحفظتها في جهازي عسى ان تذكرني اذا نسيت او اوعظ بها احدا, ارجو القرآة بتروي و تخيلوا اخوتي هذا اليوم و قيموا انفسكم تعرفون مكانكم بين المذكورين,
عفى الله لنا و لكم ان شاء الله و ادخلنا فسيح جناته


رؤية فى يوم الفزع
يوم يقوم الناس من قبورهم لأرض المحشر وإنهم لم يلبثوا إلا ساعة من النهار ،و يقولون : لبثنا يوماً أو بعض يوم ، ويقبض الله( تعالى) الأرض ويطوى السماء بيمينه ثم يقول : أنا الملك ، أين الملوك الأبطن ؟ ويجئ ربك لفصل القضاء بين خلقه وتأتى الملائكة بين يديه صفوفاً صفوفاً ، ويؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ويناداى الله ( سبحانه وتعالى ) والناس بارزون فى أرض المحشر : لمن الملك اليوم ؟ ويسكت الخلائق هيبة لله ( تعالى ) وفزعاً فيجيب ( تعالى ) نفسه : لله الواحد القهار .
ويحشر الله الحيوانات فيقتص للجماء من القرناء ثم يصيرهم تراباً ، فيقول الكافر { يا ليتنى كنت ترابً } .
ويقال للكفار والعصاة الذين تركوا الطاعة وتنعموا بلذات الدنيا :{ أذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا واستمتعم بها ، فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون فى الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون } ، وينكر العصاة ما كتب عليهم من أعمالهم فيختم الله على أفواههم ويقال لجوارحهم : انطقى ، فتشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ، فيقول الواحد منهم لجوارحه : بعداً لكنّ وسحقاً فعنكن كنت أناضل ، { قالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا { أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون } .
وتأتى الأرض تحدث بكل ما فعل على أرضها من كل إنسان { يومئذ تحدث أخبارها } يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ، نعم تبيض وجوه المؤمنين وتسود وجوه الكافرين ، يسجد لله كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فلا يستطيع ويعود ظهره طبقاً واحداً .
وهذا النبى محمد صلى الله عليه وسلمويجلس قريباً منه أحسن الناس أخلاقاً من أمته ، نعم . لقد قال : "إن أقربكم منى مجلساً يوم القيامة أحسانكم أخلاقاً ، وينادى ( ربنا عز وجل) : اين المتحابون فى جلالى ؟ اليوم أظلهم فى ظلى يوم لا ظل إلا ظلى " .
انظر إلى هؤلاء الذين يظلهم الله فى ظله إنهم كل إمام عادل وكل شاب نشأ فى عبادة الله ، وكل رجل قلبه - فى الدنيا - معلق بالمساجد ، وكل رجلين تحابا فى الله اجتمعا عليه لا لشىء إلا للحب فى الله ، وكل رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، وكل رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ، وكل رجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال إنى أخاف الله .
وهذا عبد يدنيه الله حتى يضع كنفه عليه فيقول : فعلت كذا وكذا ، ويعدد عليه ذنوبه ثم يقول له : سترتها عليك فى الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم .
وتتناثر الصحف ويعطى المؤمن كتابه بيمينه فيقول { هاؤم اقرءوا كتابيه ، إنى ظننت إنى ملاق حسابيه } ويعطى غير المؤمن كتابه بشماله ويتمنى الموت ولم لا وقد خذله ماله وسلطانه ، إنه يقول :{ يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه } فيأمر الله ملائكته أن تأخذه - مغلولاً - إلى جهنم ويقول : خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه } فيبتدره مائة ألف ملك فيجمعون يده إلى عنقه ويدخلون فيه سلسلة حديدية طولها سبعون ذراعاً تدخل من دبره وتخرج من حلقه ثم يجمع بين ناصيته وقدميه ،ويلف بحلق السلسلة حتى لا يستطيع حراكاً .
وهذان أب وأم لرجل مسلم حفظ القرآن الكريم : انظر لهما ، إنهما يلبسان تاجاً كأنهما ملكان بسبب حفظ ولدهما لكتاب الله .
أما هذا الرجل فيأمر به الله ويقول:” لملائكته ادخلوا عبدى الجنة برحمتى فيقول الرجل : بل بعملى يارب ، فيكررها ربنا ( عز وجل ) : ادخلوا عبدى الجنة برحمتى ، فيقول : بل بعملى يارب ،فيأمر رب العزة بوضع أعماله فى كفة ونعمة البصر فى كفة فتطيش كل أعماله أما نعمة واحدة من نعم الله فلا تنفع أعماله فيامر به الله ملائكته " ادخلوا عبدى النار بعمله ، " فيقول : بل برحمتك يارب ، فيدخل الجنة برحمة الله . نعم لو كان فاقداً لنعمة البصر ولم يكن ليستطيع أن يعبد الله كما عبده بل كان من الممكن أن لا يبصر وييأس من رحمة الله ، وبل يكفر بالله .
ويحاسب ربنا أحد عباده فلا يوجد عنده حسنة تنفعه ويسلم امره لله ولكن ربنا الرحيم العادل يقول : لا إن لك عندنا حسنة ، أتدرون ما هى ؟ إن هذا الرجل قد قال " لا إله إلا الله " ذات يوم ،وبالفعل يضعها ربنا فى كفة الميزان وباقى أعماله فى كفة فتطيش كل أعماله أمام كلمة “ لا إله إلا الله" فيدخل الرجل الجنة بعدل الله .
وينادى مناد : سيعلم الجمع من أولى بالكرم ، أين الذين كانت { تتجافى جنوبهم عن ا لمضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون } ؟ فيقومون فيتخطون رقاب الناس . ثم ينادى مناد : سيعلم الجمع من أولى بالكرم ، أين الذين كانت { لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } فيقومون فيتخطون رقاب الناس ، ثم ينادى مناد : سيعلم الجمع من أولى بالكرم ، أين الحمّادون لله على كل حال ؟ فيقومون وهم كثير .
ويقترب من رسول الله صلى الله عليه وسلمبعض المسلمين من أمته ليسقيهم على الحوض فتأخذهم الملائكة بسرعة فيقول : أمتى أمتى ، فيقولون إنك لا تدرى ماذا أحدثوا من بعدك ، فيقول لهم سحقاً سحقاً .
ومن مات له أولاد صغار يؤتى بهم ليثقلون ميزانه .
وتسعر جهنم ولكن بمن يا ترى ؟ بعالم ..ومجاهد ..ومتصدق يا الله ؟ لماذا ؟ العالم يقول: تعلمت العلم وعلمته فيك ، فيقول الله له: لا بل ليقال عالم فقد قيل ثم يؤمر به إلى جهنم ، والمجاهد يقول : جاهدت فيك حتى قتلت ، فيقول الله له : لا بل فعلت ذلك ليقال عنك شجاع وقد قيل ويؤمر به إلى جهنم ، وأما المتصدق فيقول : تصدقت وأنفقت فيك فيقول الله له : لا بل ليقال جواد وقد قيل ، ثم يؤمر إلى جهنم .
وهذا الذى أعرض عن ذكر الله فى الدنيا يحشره الله أعمى قال : { رب لما حشرتنى أعمى وقد كنت بصيراً قال :كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى } ويلقى إبراهيم آزر وعلى وجه آزر قترة وغبرة فيقول له إبراهيم : ألم أقل لك لا تعصنى فيقول أبوه : فاليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم : يا رب إنك وعدتنى أن لا تخزنى يوم يبعثون فأى خزى أخزى من أبى الأبعد ؟ فيقول الله ( تعالى ) : إنى حرمت الجنة على الكافرين . ثم يقول : يا إبراهيم انظر تحت رجلك فإذا هو بذكر من الضباع متلطف فيؤخذ بقوائمه فيلقى فى النار ويؤتى بالموت كأنه كبش أملح ويوقف بين الجنة والنار ويؤمر به فيذبح ثم يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت و يا أهل النار خلود فلا موت .
ومن ضلوا فى الدنيا ولم يهتدوا يحشروا يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصماً وتجرهم زبانية جهنم من أرجلهم على وجوههم إلى النار فترد إليهم أسماعهم وأبصارهم ونطقهم فيرون النار ويسمعون زفيرها وينطقون بالحسرات .
وقم من عباد الله المؤمنين ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله إنهم قوم تحابوا فى الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها فوالله إن لوجوههم لنور وإنهم لعلى منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم و لاهم يحزنون } .
وكما توزن الأعمال يوزن أصحابها ويؤتى بالرجل السمين فلا يزن عند الله جناح بعوضة.
ويقول ربنا فى الحديث القدسى:" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها أو أزيد ، ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة مثلها أو اغفر " .
يجاء بالكافر يوم القيامة فيقول له : أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهباً أكنت تفتدى به ؟ فيقول : نعم .فيقال له : قد كنت سئلت أيسر من ذلك ألا تشرك بى فأبيت فيؤمر به إلى النار .
ويأتى من أعان على قتل مسلم - ولو بنصف كلمة - مكتوب بين عينيه " آيس من رحمة الله "
ويؤتى بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به فى الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان تحاجان عن صاحبهما.
ويوقف كل واحد بين يدى الله ( عز وجل ) ليس بينهما حجاب ولا ترجمان ثم ليقولن له ألم أوتيك مالاً فيقول : بلى ثم يقول ؟: ألم أرسل إليك رسولاً ؟ فيقول : بلى : فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار ، ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلالنار ، وتجىء الصدقة ستراً على صاحبها كالظل الظليل وهو يتقى النار بوجهه .
ويسرع الزبانية إلى فسقة القراء قبل عبدة الأوثان فيقولون يبدأ بنا قبل عبدة الأوثان فيقولون ليس من علم كمن لا يعلم .
ولا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن مال من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟
ويؤتى لكل مؤمن بيهودى أو نصرانى ويقال له هذا فكاكك من النار ويؤتى بالمفلس الذى يأتى بصلاة وصيام وزكاة ويأتى وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح فى النار.
ويخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة و النار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم فى الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا إذن لهم فى دخول الجنة .
ويؤتى بالجسر فيجعل بين ظهرى جهنم وعليه خطاطيف وكلاليب يمر المؤمنون كالطرف وكالبرق الخاطف وكالريح وكالخيل فناج مسلم وناج مخدوش حتى يمر آخرهم يسحب سحباً .
وبين الجنة والنار يقف أصحاب الأعراف الذين تساوت حسناتهم مع سيئاتهم فإذا صرفت أبصارهم تلقاء أهل النار قالوا : ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ثم يدخلون الجنة برحمة الله .
وؤتى برجل فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه ، فارفعوا عنه كبارها فتعرض عليه صغار ذنوبه فيقال له : فإن لك مكاناً كل سيئة حسنة فيقول : يارب قد عملت أشياء لا أراها ههنا ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلموهو يحكى هذا الموقف حتى بدت نواجذه .
إن الكفار إذا سمعوا زفير جهنم أدبروا هاربين فلا يأتون قطراً من الأقطار إلا وجدوا الملائكة يتلقونهم فيرجعون إلى مكانهم فتتلقفهم جهنم .
ويسجد رسول الله صلى الله عليه وسلمتحت العرش ويثنى على الله بما هو أهله وبما يلهمه به على الله فيقول : الرسول:" يارب أمتى ، يارب أمتى ، يارب أمتى " فيقول الله ( تعالى ) له :ادخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة ، وهم شركاء الناس فيما سواه من الأبواب .
ويشفع الرسول لأصحاب الأعراف الذين تساوت حسناتهم مع سيئاتهم ، ويشفع لأهل النار من المسلمين لئلا يدخلونها ويشفع لمن دخلها كى يخرج منها ويشفع لمن يدخلون الجنة بغير حساب ويشفع لمن فى الجنة ليزيد رجائهم وحسناتهم ويشفع لتخفيف العذاب عن أهل النار كأبى طالب عمه . ويشفع الشهيد فى سبعين من أهله.
وفى الجنة يقول الله ( تعالى ) لأهل الجنة :يا أهل الجنة ، فيقولون لبيك ربنا وسعديك ، فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : ما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك ! فيقول : أفضل من ذلك ، فيقولون : وأى شىء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم بعده أبداً .
ويقول الله ( تعالى ) لأهل الجنة :تريدون شيئاً أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ فيكشف الحجاب فما يعطون شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم .
وفى النار يقول أهلها :{ ربنا اخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون } ، فيضع رب العزة قدمه فيها ويقول :{ اخسئوا فيها ولا تكلمون } ، ويقف إبليس فيهم خطيباً ويقول : { إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى فلا تلومونى ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخى إنى كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم } .


الوافـــــي 03-05-2005 03:12 AM

أخواتي وأخواني الأكارم

جزاكم الله خيرا على هذا الجهد الرائع
ولي إليه عودة بإذن الله

تحياتي

:)

muslima04 03-05-2005 09:03 AM

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين ومن والاهم بإحسان إلى يوم الدين..

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،

اخي الكريم ماهر..أسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يجعله في موازين حسناتك ويزيدك من فضله إنه جواد كريم..آمين يا رب..ما أروع خطبتاك..وكيف لا والأولى هي خطبة خير الخلق اجمعين..والثانية خير موعظة لنا بإذن الله..فجزاك الله عنا خيرا برحمته واحسن إليك أيها الفاضل..وبالله عليك لا تحرمنا من مشاركاتك ..وزدنا منها زادك الله من فضله برحمته آمين يا رب..

وأبشر يا اخي الكريم..إن شاء الله أرسل إلى أخانا الفاضل الوافي على الخاص..وأخبره بأن يجعل خطبة الحبيب صلى الله عليه وسلم اول خطبة في الموضوع إن أمكن له ذلك إن شاء الله..ولا اظن والله اعلم ان اخانا الفاضل المتيم المجهول سيعترض..

بارك الله فيكم أيها الإخوة الكرام..

muslima04 03-05-2005 09:05 AM

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين ومن والاهم بإحسان إلى يوم الدين..

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..

وجزاك الله عنا خيرا أيها الأخ الفاضل الوافي..وبانتظار عودتك إن شاء الله..ومشاركاتك بإذن الله..

maher 03-05-2005 09:38 AM

بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد خاتم النبيين

اختي الكريمة مسلمة، جزاك الله خيرا و اسكنك فسيح جناته،
اخي الوافي، لا تطل علينا الغياب و اتحفنا من مختاراتك كما عودتنا.

اما بعد، فاننا في عصرنا هذا، عصر النت!! نواجه الثير من العقبات التي تفتننا عن ديننا الحنيف، و في هذا الاطار اورد مقالة كتبهاد/ خالد سعد النجار عن الاداب الاسلامية لمتصفح الشبكة العنكبوتية ارجو ان تنال رضاكم، و لي عودة ان شاء الله


العالم الإلكتروني ليس مُجرَّدا من الأخلاق والآداب التي ينبغي الالتزام بها في الحياة التقليدية، إذ إن العالم الإلكتروني تكتنفه أخلاق العالم التقليدي، إضافة إلى بعض الآداب التي فرضتها طبيعة هذا العالم الإلكتروني الجديد , ولا نحسب أن الالتزام بمضمون هذه الآداب سيكون صعبا على أي منا؛ فنحن بحكم عقيدتنا الإسلامية وأصالتنا العربية من أصحاب الخُلق الحَسَن والأدب الرفيع، ومن المؤمنين بالسلوكيات الإنسانية المهذَّبة؛ ولهذا ليس من الصعب أن نطبِّق ما نتبنّاه من أخلاق في واقع الحياة اليومية على سلوكنا في عالم الإنترنت , ومن هذا المنطلق ، جاء مفهوم آداب الإنترنت (Netiquette) المشتقّ من التعبير الإنجليزي Net Etiquette (أي السلوكيات المهذبة عند استخدام الإنترنت)

• شكر النعمة
فمن المعلوم أن الله جل وعلا أسبغ علينا نعما كثيرة ، ولم يزل يسبغ على عباده النعم الكثيرة ، وهو المستحق لأن يشكر على جميع النعم . والشكر قيد النعم ، فإذا شكرت النعم اتسعت وبارك الله فيها وعظم الانتفاع بها ، ومتى كفرت النعم زالت وربما نزلت العقوبات العاجلة قبل الآجلة , والإنترنت نعمة امتن الله بها علينا وهذه النعمة تستوجب شكرا، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (( ما أنعم الله على عبد نعمة , فعلم أنها من عند الله إلا كتب الله له شكرها قبل أن يحمده عليها )) (1) ومن شكرها أيضا أن نحسن استخدامها ونجعلها وسيلة يرضى الله بها عنا ، وكفر هذه النعمة يكون بإساءة استخدامها بكافة الصور التي يعرفها من يستخدمون هذه الوسيلة

• الالتزام بعدم الإضرار بالآخرين
وتنبثق أهمية هذا المبدأ الرفيع من الكوارث التي تسببها ( الفيروسات والكراكرز ) والتي يمارسها أغلبية المفسدين على أنها نوع من الدعابة واللعب وتسلية الأوقات الفارغة واستعراض المواهب التقنية , لكن مع تفهم طبيعة هذين الخطرين يتبين لكل فاضل أن هذا العمل نوع من الفساد الكبير الذي لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم
ففيروسات الحاسب الآلي أصبحت هاجساً لكل مستخدمي الكمبيوتر وخاصة مستخدمي شبكة الانترنت التي أضحت تسبب أضراراً لا تقل عن الأضرار التي تسببها الفيروسات التي تصيب الأحياء . وفيروس الحاسب الآلي في حقيقته هو برنامج من برامج الحاسب ولكن تم تصميمه بهدف إلحاق الضرر بنظام الحاسب , وحتى يتحقق ذلك يلزم أن تكون لهذا البرنامج القدرة على ربط نفسه بالبرامج الأخرى , وكذلك القدرة على إعادة تكرار نفسه بحيث يتوالد ويتكاثر , مما يتيح له فرصة الانتشار داخل جهاز الحاسب في أكثر من مكان في الذاكرة ليدمر البرامج والبيانات الموجودة في ذاكرة الجهاز
ومن أشهر المشاكل التي تسببها الفيروسات :
1- تباطؤ أداء الكمبيوتر ، أو حدوث أخطاء غير معتادة عند تنفيذ البرامج 2- زيادة حجم الملفات ، أو زيادة زمن تحميلها إلى الذاكرة 3- سماع نغمات موسيقية غير مألوفة 4- ظهور رسائل ، أو تأثيرات غريبة على الشاشة 5- زيادة في زمن قراءة القرص المرن إذا كان محمياً ، وكذلك ظهور رسالة FATAL I/O ERROR ـ 6- تغيير في تاريخ تسجيل الملفات ، كما في فيروس "فيينا" الذي يكتب 62 مكان الثواني 7- حدوث خلل في أداء لوحة المفاتيح كأن تظهر رموز مختلفة عن المفاتيح التي تم ضغطها أو حدوث قفل في لوحة المفاتيح كما في فيروس EDV ـ 8- نقص في مساحة الذاكرة المتوفرة كما في فيروس "ريبر" الذي يحتل 2 كيلو بايت من على الذاكرة الرئيسة 9- ظهور رسالة " ذاكرة غير كافية " لتحميل برنامج كان يعمل سابقاً بشكل طبيعي 10- ظهور مساحات صغيرة على القرص كمناطق سيئة لا تصلح للتخزين كما في فيروس " PING PONG " الذي يشكل قطاعات غير صالحة للتخزين مساحتها كيلو بايت واحد .
وفي ظل تنامي استخدام الإنترنت وانتشارها كأداة من أدوات الأعمال في كل مكان , فقد بات من السهل إصابة أكبر عدد من أجهزة الكمبيوتر والشبكات بالفيروسات ، ولا يعود ذلك إلى فعالية الشفرة البرمجية الخبيثة فقط , بل نتيجة لتصميم تلك الشفرة كي تنتشر بسرعة عالية ، وقبل توفير العلاج اللازم لمقاومتها على شكل تحديثات ملائمة لها ، وفي الوقت الذي ينتقل فيه محور عمليات المستخدم من الإنتاجية الشخصية إلى الاتصالات تتطور تبعاً لذلك أنواع خبيثة من الفيروسات ووسائل عدوى مضرة .
ففي سان فرانسيسكو أفادت شركة أبحاث مستقلة أن الخسائر التي سببها فيروس الكمبيوتر (كود ريد) الذي ضرب شبكة الانترنت بلغت ما يقرب من 6ر2 مليار دولار في جميع أنحاء العالم .ورغم ضخامة المبلغ فهو مجرد جزء ضئيل من التكلفة الإجمالية للهجمات على نظم تشغيل الكمبيوتر. وقالت شركة كمبيوتر ايكونوميكس اوف كارلسباد ومقرها كاليفورنيا إن تكلفة هجمات فيروسات الكمبيوتر على نظم المعلومات في جميع أنحاء العالم حتى الآن تقدر بنحو 7ر10 مليار دولار مقارنة مع خسائر بلغت 1ر17 مليار دولار في عام 2000 و 1ر12 مليار دولار في عام 1999.وقال مايكل اربشلو [نائب رئيس الأبحاث بالشركة] إذا لم تظهر فيروسات جديدة (هذا العام) فسيكون إجمالي الخسائر أقل من السابق .. حوالي 15 مليار دولار. وأضاف قائلا : إن فيروس الحب الذي ضربت خمسون نسخة مختلفة منه أكثر من 40 مليون جهاز كمبيوتر منذ ظهوره في مايو أيار 2000 هو أكثر الفيروسات تكلفة حتى الآن إذ بلغ إجمالي خسائره 7ر8 مليار دولار.
وأفاد البحث أنه إضافة إلى فيروس (كود ريد ) فقد ظهرت فيروسات كبيرة أخرى في العام الحالي مثل فيروس (سيركام) الذي أصاب أكثر من 3ر2 مليون جهاز كمبيوتر وأحدث خسائر قدرها 035ر1 مليار دولار منها 460 مليون دولار أنفقت على تنظيف نظم التشغيل و575 مليون دولار تكلفة الإنتاجية المهدرة. أما (كود ريد) الذي أصاب أكثر من مليون جهاز كمبيوتر فتسبب في خسائر منها 1ر1 مليار دولار تكاليف تنظيف لنظم التشغيل و5ر1 مليار دولار تكاليف الإنتاجية المهدرة.
أما المخرِّبون الإلكترونيون الكراكرز ( Crackers) فهي كلمة تحمل في الإنجليزية معنى ( الكسر أو التكسير ) ومعناها العام بالنسبة لموضوعنا أن ( الكراكرز ) كلمة تعني التخريب والعبث والتحطيم ، وهي عبارة عن أسم أختاره لأنفسهم مجوعة من المخربين المهرة القادرين على اختراق أي شبكة أو أي جهاز حاسب ، ويستخدمون هذه المهارة في التخريب والسرقة والحصول على الأموال بطريقة غير مشروعة ، ولعلنا نذكر أن أشهر الكراكرز في العالم حتى وقتنا هذا , هو المخرب الكبير والعابث الأعظم ( كيفن ميتنيك ) الذي أصبح أسطورة في الكراكرز وأصبح هو مثلهم الأعلى ، نظراً لمواهبه الفذة وقدرته الفائقة في السرقة واللصوصية وتدمير الأجهزة والشبكات والمواقع بشكل عام ، وقد أصبح ( كيفن ميتنيك ) أشهر ( كراكرز ) بعدما نفذ أكبر عملية سرقة تاريخية إلكترونية عرفها العالم ، حيث قام بسرقة حوالي أكثر من 200000 رقم لبطاقات ائتمان سنة 1995
والإسلام كان سباقًا في محاربة الرذائل والفساد , قال تعالى : { ولا تُفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} الأعراف 56، { كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين} البقرة 60، { فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين} الأعراف 74 { واللهُ لا يحب الفساد} البقرة205{ ولا تطيعوا أمر المُسرِفين . الذين يُفسدون في الأرض ولا يُصلحون}الشعراء 151-152 { إنما جزاءُ الذين يحاربون اللهَ ورسولَه ويَسعَونَ في الأرضِ فسادًا أن يُقتَّلوا أو يُصلَّبوا أو تُقطَّعَ أيديهم وأرجلُهم من خِلافٍ أو يُنفَوا من الأرضِ ذلك لهم خزيٌ في الدنيا ولهم في الآخرة عذابٌ عظيم } المائدة 33 , ومما يدل على عِظَمِ جُرم الإفساد في الأرض أن الحق سبحانه جعله بمثابة محاربته ومحاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا كان الحق سبحانه لا يُحارَب ولا يُغالَب، لما هو عليه من صفات الكمال ولما وجب له من التنزيه عن الأضداد والأنداد ، فإن محاربته سبحانه في الآية التالية مجازٌ عن محاربة عباده ، فعبَّر بنفسه سبحانه عن عباده إكبارًا لجُرم الاعتداء عليهم , وعلى العموم إذا تأملنا الآيات التي ذكر الله فيها الإفساد رأينا أن الله – تبارك وتعالى – إذا ذكر الإفساد بهذا اللفظ نفى الإصلاح ، أو ذكره معـه .لنعلم أن المفسدين يُـفسدون في الأرض ولا يُصلحون وقال صلى الله عليه وسلم ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) (2) فهل بعد كل هذه التوجيهات والتهديدات الربانية يطيب لمؤمن يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا أن يضر بالآخرين وهو يعلم يقينا أنه من ضر أضر الله تعالى به في الدنيا وله سوء الدار في الآخرة

• الالتزام بالقانون
فالتصرّفات المخالفة للقانون في واقع الحياة تكون غالبا مخالفة للقانون على الإنترنت. ومن أهم أوجه هذا الالتزام احترام حقوق الملكية الفكرية للناشرين على الويب، لأن حقوق نشر ونسخ المواد الموجودة عليها (كالصور التوضيحية والأصوات وعروض الفيديو) محفوظة ومملوكة لأصحابها، وليس من حق أحد أن يُعيد نشرها أو أن يتصرّف بها إلا بإذن مُسبَق من أصحاب تلك الحقوق.

• آداب عامة
ــ لا تحجب معرفتك بالإنترنت والكمبيوتر عن الآخرين، فالعبد يُسأل يوم القيامة عن علمه من أين تعلمه وماذا عمل به
ــ قبل الانخراط في النوادي والملتقيات الموجودة على الإنترنت، ينبغي عليك أولا التحقّق من توجهاتها وأفكارها ودرجة محافظتها على خصوصية أعضائها وآلية انتقائها لمصادر المعلومات التي يتم ربطها مع الأعضاء.
ــ من أهم المخالفات الشرعية التي تتعلق بساحات الحوار والمنتديات :
1 ــ كتابة الأخبار المكذوبة ، ونشر الشائعات المفتعلة ، خاصة وأنها مبنية في الغالب على المجاهيل .
2ــ إيذاء المسلمين والتشهير بالمستورين منهم .
3ــ تنقص علماء الأمة وحُرَّاس الشريعة ، ونشر زلاتهم ومثالبهم .
4ــ تبادل الاتهامات الجائرة ، وإلقاء الكلام على عواهنه بلا بينة .
5 ــ القول على الله بغير علم والتحدث في المسائل الشرعية والفتوى من غير المختصين .
ـــ يجب على المسلم أن يسعى إلى ذكر الله تعالى إذا نودي للصلاة ، فلا يشغله شيء عنها ، قال الحق سبحانه : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبْصَارُ } ( النور 36-37 )
ـــ من أهم الأمور لمرتاد الإنترنت أن يحمي نفسه عن وقوع عينه على الحرام ، فالنظرة المحرمة سهم من سهام إبليس ، يفسد بها قلب المسلم بلذة عاجلة ، تعقب ندامة وحسرة آجلة ، والنظر إلى ما حرم الله تعالى يورث ظلمة في القلب ، ووحشة في الصدر ، وخمولاً وكسلاً عن طاعة الله تعالى ، وحرمانًا من حلاوة الإيمان ، ويزين به الشيطان الوقوع في الفاحشة ؛ حتى إذا وقعت استحوذ الشيطان على القلب فلعب به كما يلعب الصبي بالكرة ، فأورده المهالك
ـــ لا تجعل الإنترنت يشغلك ويضيع وقتك فيما لا نفع فيه ، فتتجول بين المواقع والمنتديات الساعات الطوال هدرًا لساعات عمرك ، على حساب واجباتك ، وحقوق الناس عليك من أهل ، ووالدين ، وولد ، وأرحام ، أو وظيفة تكسب فيها قوتك وقوت من تعول .

maher 03-05-2005 09:40 AM

• آداب المحادثة عبر الماسنجر
من الخدمات التي تتاح عبر شبكة الإنترنت خدمة المحادثة مع الآخرين "الشات" وكثيرا ما يقع البعض في أخطاء في استخدامه لهذه الوسيلة، والتي من أخطرها المحادثة بين الجنسين لغير حاجة أو ضرورة معتبرة شرعا، والتي ينتج عنها من المخاطر ما لا يعلمه إلا الله، ولذلك فنؤكد على مراعاة خطورة هذا الأمر، وأن نغلق أبواب الشر والفتنة، قبل أن يندم المرء ولات حين مندم، ولنحذر وسوسة الشيطان وكيده ومكره فكثيرا ما يدخل من مداخل في ظاهرها الخير وفي باطنها الخراب والدمار. وسوف نلقي الضوء على بعض الأخلاقيات التي يجب أن نتحلى بها عند استخدامنا لهذه الوسيلة.
ـــ احترام الحالة التي يكون عليها الطرف الآخر : فكثيرا ما يكون المرء مشغولا أو قد يكون في محل عمله ومضطر للدخول إلى النت بحكم عمله وظروفه لا تسمح للتحدث مع الآخرين ومن ثم فيجب أن نحترم الحالة التي عليها الطرف الآخر (مشغول أو بالخارج) فلا ينبغي التحدث إليه في مثل هذه الحالة حتى لا نتسبب في عطلة الآخرين أو إحساسهم بالحرج إذا لم يتمكن من الرد على محدثه، وصدق الله العظيم حيث يقول ( وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم ) النور28
ـــ الاستئذان قبل الدخول في محادثة مع الآخرين : فمن الأدب قبل الدخول مع الغير في محادثة استئذانه سواء كان ذلك بإرسال رسالة عبر بريده الإلكتروني أو عبر الشات تخبره أنك تريد الحديث معه إن كانت ظروفه تسمح بذلك، ولا تنتظر منه ردا , فإن دخل معك في الحديث فخير، وإلا فلا يكن في صدرك حرج، فقد يكون :
1- مشغولاً بقراءة موضوع معين 2 - غير موجود على الجهاز لكونه خرج للصلاة أو غير ذلك 3 - ليس هو الذي على الجهاز وإنما زوجته أو أخته وقد جعل الماسنجر يعمل بشكل تلقائي مع الاتصال بالانترنت 4 - في غمرة الرد على موضوع فكري أو أدبي مطروح وقد استجمع كامل قواه الفكرية والعقلية. 5 - مستعجلاً ويريد أن يرى رسالةً أو موضوعاً بشكل سريع فلا يمكنه الرد عليك .
ـــ المحافظة على أوقات الآخرين، وعدم الحديث دون حاجة أو ضرورة : فالوقت هو الحياة، وعلى هذا فلا تدخل مع غيرك في محادثة دون سبب، وإن احتجت إلى الحديث معه فليكن ذلك على قدر الحاجة مع الإيجاز في طرح الأفكار , فخير الكلام ما قل ودلّ ، ولا داعي للإسراف والثرثرة في الحديث فهي دليل على نقص العقل ورقة الدين، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ ) رواه الترمذي وأحمد . وقال عطاء:'بترك الفضول تكمل العقول'. وقال القاسمي:'إياك وفضول الكلام؛ فإنه يظهر من عيوبك ما بطن ، ويحرك من عدوك ما سكن ؛ فكلام الإنسان بيان فضله ، وترجمان عقله ؛ فاقصره على الجميل ، واقتصر منه على القليل .
وكثرة الكلام ينسي بعضه بعضا، والواجبات أكثر من الأوقات، فما أحوجنا أن نكون حريصين على مراعاة شعور الآخرين وألا نتسبب في ضياع أوقاتهم ، فبعض الناس أوقاتهم من ذهب والبعض الآخر أوقاتهم من تراب أو أقل من ذلك ، والمفترض بالمسلم ألا يضيع وقته فالوقت هو الحياة، وبدلا من إضاعة الوقت فيما لا فائدة منه فيمكن الاستفادة بالوقت في أي عمل يعود بالنفع في الآخرة والأولى . فإذا دخلت على أحد إخوانك في برنامج الماسنجر، فإذا كان عندك موضوع معين فاطرحه .. وناقش أو خذ رأي محدثك فيه , أما أن يكون الماسنجر بالنسبة لك أداة لتضييع الوقت .... فهذا لا يليق بالمسلم ، ولا أعني أن تكون جميع المحادثات جدية ، فهذا شاق على النفس .. إنما أعني بهذا أن لا تكون عادتك أن تستخدم هذا البرنامج لمجرد إضاعة الوقت .
ـــ مراعاة عدم تغيير الاسم على الماسنجر: ينبغي مراعاة عدم تغيير الاسم على المسانجر فكثيرا ما نرى البعض كل يوم له اسم مما يجعل محدثه في حيرة لمعرفته، لأن الإنسان يعرف الشخص من اسمه الذي يتعامل به وقل أن يحفظ بريده ، فلا تجهد الآخرين في معرفتك حتى لا تشتت الأذهان وتكون سببا في حيرة الآخرين.
ـــ عدم التسمية باسم ذكر معين أو آية قرآنية على الماسنجر: العاطفة الإسلامية تجعل بعض المتحمسين يقعون في خطأ شرعي من حيث لا يشعرون، فأحيانا تجد من يسمي نفسه على الماسنجر باسم آية قرآنية أو ذكر معين ، وقد يأخذ الحديث مجراه بطريقة لا تليق بالأدب مع الله تعالى
ـــ حسن الظن بالآخرين : يجب علينا أن نحسن الظن بالآخرين وقد نهانا الله سبحانه وتعالى عن سوء الظن فقال سبحانه ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ) الحجرات12 وهذا كقول البعض " بالأمس تحدثت معك أكثر من مرة ولكنك لم ترد علي " ، أو غير ذلك من التعليقات التي لم يفعلها الطرف الآخر عامدا , والعجيب أن البعض يجزم بأنه عرف ماذا يريد الآخر وأن كلامه وصله , وأنه لم يُرِدْ أن تَرُد عليه ! فلماذا لا نحسن الظن بإخواننا خصوصا وأن خطوط الهاتف بطيئة جدا ، وكثيرا ما تحصل مثل هذه الحالات ؟ وكثيرا ما تخرج من هذا البرنامج ولكن اسمك يبقى وكأنك مازلت متصلا بالإنترنت . ولهذا علينا أن نحسن الظن بالإخوة وبدلا من أن تقول : " كلمتك ولم ترد علي " ... قل : " هل وصلك كلامي أم لم يصل ؟
ـــ الإضافة: عندما تريد أن تضيف شخصا ما إلى قائمة أصدقائك فإن عليك أن تنتبه لأمرين مهمين:
الأمر الأول: أن يكون من تضيفه رجلا إذا كنت رجلا، وامرأة إذا كنتِ امرأة .. فإنه لا يحسن بالرجل أن يتحدث مع المرأة في الماسنجر وذلك درءا للفتنة التي قد تحدث بسبب ذلك، فالشيطان يتربص بنا الدوائر، وإن كانت هناك حاجة ملحة لهذه المحادثة فلتكن على قدر ، الحاجة فقط .
الأمر الثاني : البعض يتضايق من الإضافة التي لا يسبقها استئذان ، ولهذا يفضل أن ترسل رسالة لمن تريد إضافته معك فتستأذنه في إضافته إلى قائمتك.
ـــ البدء بالسلام قبل الحديث: ينبغي قبل الدخول في الحديث أن نبدأ بتحية الإسلام وهي السلام عليكم، وإذا كان صديق لم تره أو لم تحدثه منذ زمن فعليك أن تسأله عن أخباره وتطمئن عليه، قبل الدخول في موضوع الحديث، مع مراعاة عدم الإطالة في السلام بصورة تدفع إلى الملل.
ـــ الاستئذان وإلقاء السلام قبل إنهاء الحديث: فينبغي استئذان من تحدثه وإعلامه بإنهاء الحديث معه، وألا نغفل أن ننهي الحديث بالسلام كما بدأنا

• آداب البريد الإلكتروني:
ـــ عدم الإسراف في طول وثيقة البريد الإلكتروني، وإذا تحدّثت فأوجز فإن كثير الكلام يُنسي بعضه بعضا.
ـــ الكتابة بلغة سليمة وواضحة ومفهومة للطرف الآخر.
ـــ مراعاة استخدام الصِيَغ القديمة (legacy formats) للوثائق الإلكترونية، لضمان توافقية وثيقة البريد الإلكتروني المرسَلَة مع البرمجيات القديمة التي قد تكون قيد الاستخدام لدى مستقبِل الرسالة.
ـــ تحاشي الإفراط في تنسيق الوثائق الإلكترونية، والحرص على الابتعاد عن استخدام الخطوط الزخرفية المُعَقَّدة أو الغريبة لأن ظهورها على أجهزة المتلقين سيكلفهم جهدا ووقتا، وقد لا يتمكن أغلبهم من فهم معانيها.
ـــ في الرسائل الودّية أو غير الرسمية، يُمكنك أن تستخدم في وثائقك الإلكترونية بعض الاختصارات المتداولة باللغة الإنجليزية؛ وذلك لتقليل عدد الكلمات في الوثيقة الواحدة مثل How are you واختصارها How r u
ـــ في الرسائل غير الرسمية، يُمكنك الاستعانة بالأشكال التعبيرية (Smilies) للإشارة إلى الانفعالات والعواطف التي تظهر على الوجه. وقد ينوب شكل من هذه الأشكال عن العديد من السطور
ـــ العناية بانتقاء التحية الافتتاحية للوثيقة الإلكترونية، ولاسيّما في مراسلات الأعمال والرسائل الرسمية.
ـــ الحرص على إضافة التوقيع الشخصي في خاتمة الوثائق الإلكترونية لتعريف قارئ الوثيقة بك؛ لأن الكثير من الشركات تمنح موظفيها عناوين إلكترونية غامضة (أي تظهر للمستقبِل على شكل أرقام ورموز لا تشير إلى شخص المُرسِل من قريب ولا من بعيد).
ـــ تحري الأمانة في الوثائق الشعاعية (Threads) بنوعيها الخيطية (من شخص واحد إلى شخص واحد) والتشعّبية (من شخص واحد إلى عدّة أشخاص)؛ وذلك بالمحافظة على الوثيقة الإلكترونية الأصلية والردود المحتواة فيها دون أي تغيير، ليتمكن القارئ من متابعة الردود التي أُرفقت بها.
ـــ احترام الخصوصية الشخصية (Privacy) لوثائق الآخرين التي قد تصلنا بالخطأ. وينبغي توجيه هذه الرسائل إلى العناوين الصحيحة أو إعادتها إلى عنوان المرسِل وعدم استغلال محتوياتها
ـــ احترام حقوق الملكية الفكرية (Intellectual Property) في المواد المُرسلَة عبر البريد الإلكتروني؛ لأن الاستيلاء على النتاج العقلي والإنساني سرقة.
ـــ المحافظة على محتوى الوثائق البريدية التي يُعاد توجيهها (forward- reply) إلى الآخرين؛ إذ لا يجوز إجراء أي تغيير فيها إلا بإذن مُسبَق من صاحب الوثيقة الإلكترونية الأصلية
ـــ تجنب الرسائل المسَلْسَلَة (Chain letters)، وهي رسالة يُبعَث بها إلى مجموعة من الأشخاص على التوالي، ويقوم كل فرد من المجموعة بإرسالها إلى مجموعة أخرى. وفي معظم الأحيان، يغلب على هذه النوعية من المراسلات طيش الغاية وتفاهة المحتوى فهي تندرج في قائمة المُحرّمات على الإنترنت؛ لما تسببه من هدر للوقت ولموارد الشبكة

د/ خالد سعد النجار

maher 03-05-2005 09:41 AM

• آداب المحادثة عبر الماسنجر
من الخدمات التي تتاح عبر شبكة الإنترنت خدمة المحادثة مع الآخرين "الشات" وكثيرا ما يقع البعض في أخطاء في استخدامه لهذه الوسيلة، والتي من أخطرها المحادثة بين الجنسين لغير حاجة أو ضرورة معتبرة شرعا، والتي ينتج عنها من المخاطر ما لا يعلمه إلا الله، ولذلك فنؤكد على مراعاة خطورة هذا الأمر، وأن نغلق أبواب الشر والفتنة، قبل أن يندم المرء ولات حين مندم، ولنحذر وسوسة الشيطان وكيده ومكره فكثيرا ما يدخل من مداخل في ظاهرها الخير وفي باطنها الخراب والدمار. وسوف نلقي الضوء على بعض الأخلاقيات التي يجب أن نتحلى بها عند استخدامنا لهذه الوسيلة.
ـــ احترام الحالة التي يكون عليها الطرف الآخر : فكثيرا ما يكون المرء مشغولا أو قد يكون في محل عمله ومضطر للدخول إلى النت بحكم عمله وظروفه لا تسمح للتحدث مع الآخرين ومن ثم فيجب أن نحترم الحالة التي عليها الطرف الآخر (مشغول أو بالخارج) فلا ينبغي التحدث إليه في مثل هذه الحالة حتى لا نتسبب في عطلة الآخرين أو إحساسهم بالحرج إذا لم يتمكن من الرد على محدثه، وصدق الله العظيم حيث يقول ( وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم ) النور28
ـــ الاستئذان قبل الدخول في محادثة مع الآخرين : فمن الأدب قبل الدخول مع الغير في محادثة استئذانه سواء كان ذلك بإرسال رسالة عبر بريده الإلكتروني أو عبر الشات تخبره أنك تريد الحديث معه إن كانت ظروفه تسمح بذلك، ولا تنتظر منه ردا , فإن دخل معك في الحديث فخير، وإلا فلا يكن في صدرك حرج، فقد يكون :
1- مشغولاً بقراءة موضوع معين 2 - غير موجود على الجهاز لكونه خرج للصلاة أو غير ذلك 3 - ليس هو الذي على الجهاز وإنما زوجته أو أخته وقد جعل الماسنجر يعمل بشكل تلقائي مع الاتصال بالانترنت 4 - في غمرة الرد على موضوع فكري أو أدبي مطروح وقد استجمع كامل قواه الفكرية والعقلية. 5 - مستعجلاً ويريد أن يرى رسالةً أو موضوعاً بشكل سريع فلا يمكنه الرد عليك .
ـــ المحافظة على أوقات الآخرين، وعدم الحديث دون حاجة أو ضرورة : فالوقت هو الحياة، وعلى هذا فلا تدخل مع غيرك في محادثة دون سبب، وإن احتجت إلى الحديث معه فليكن ذلك على قدر الحاجة مع الإيجاز في طرح الأفكار , فخير الكلام ما قل ودلّ ، ولا داعي للإسراف والثرثرة في الحديث فهي دليل على نقص العقل ورقة الدين، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ ) رواه الترمذي وأحمد . وقال عطاء:'بترك الفضول تكمل العقول'. وقال القاسمي:'إياك وفضول الكلام؛ فإنه يظهر من عيوبك ما بطن ، ويحرك من عدوك ما سكن ؛ فكلام الإنسان بيان فضله ، وترجمان عقله ؛ فاقصره على الجميل ، واقتصر منه على القليل .
وكثرة الكلام ينسي بعضه بعضا، والواجبات أكثر من الأوقات، فما أحوجنا أن نكون حريصين على مراعاة شعور الآخرين وألا نتسبب في ضياع أوقاتهم ، فبعض الناس أوقاتهم من ذهب والبعض الآخر أوقاتهم من تراب أو أقل من ذلك ، والمفترض بالمسلم ألا يضيع وقته فالوقت هو الحياة، وبدلا من إضاعة الوقت فيما لا فائدة منه فيمكن الاستفادة بالوقت في أي عمل يعود بالنفع في الآخرة والأولى . فإذا دخلت على أحد إخوانك في برنامج الماسنجر، فإذا كان عندك موضوع معين فاطرحه .. وناقش أو خذ رأي محدثك فيه , أما أن يكون الماسنجر بالنسبة لك أداة لتضييع الوقت .... فهذا لا يليق بالمسلم ، ولا أعني أن تكون جميع المحادثات جدية ، فهذا شاق على النفس .. إنما أعني بهذا أن لا تكون عادتك أن تستخدم هذا البرنامج لمجرد إضاعة الوقت .
ـــ مراعاة عدم تغيير الاسم على الماسنجر: ينبغي مراعاة عدم تغيير الاسم على المسانجر فكثيرا ما نرى البعض كل يوم له اسم مما يجعل محدثه في حيرة لمعرفته، لأن الإنسان يعرف الشخص من اسمه الذي يتعامل به وقل أن يحفظ بريده ، فلا تجهد الآخرين في معرفتك حتى لا تشتت الأذهان وتكون سببا في حيرة الآخرين.
ـــ عدم التسمية باسم ذكر معين أو آية قرآنية على الماسنجر: العاطفة الإسلامية تجعل بعض المتحمسين يقعون في خطأ شرعي من حيث لا يشعرون، فأحيانا تجد من يسمي نفسه على الماسنجر باسم آية قرآنية أو ذكر معين ، وقد يأخذ الحديث مجراه بطريقة لا تليق بالأدب مع الله تعالى
ـــ حسن الظن بالآخرين : يجب علينا أن نحسن الظن بالآخرين وقد نهانا الله سبحانه وتعالى عن سوء الظن فقال سبحانه ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ) الحجرات12 وهذا كقول البعض " بالأمس تحدثت معك أكثر من مرة ولكنك لم ترد علي " ، أو غير ذلك من التعليقات التي لم يفعلها الطرف الآخر عامدا , والعجيب أن البعض يجزم بأنه عرف ماذا يريد الآخر وأن كلامه وصله , وأنه لم يُرِدْ أن تَرُد عليه ! فلماذا لا نحسن الظن بإخواننا خصوصا وأن خطوط الهاتف بطيئة جدا ، وكثيرا ما تحصل مثل هذه الحالات ؟ وكثيرا ما تخرج من هذا البرنامج ولكن اسمك يبقى وكأنك مازلت متصلا بالإنترنت . ولهذا علينا أن نحسن الظن بالإخوة وبدلا من أن تقول : " كلمتك ولم ترد علي " ... قل : " هل وصلك كلامي أم لم يصل ؟
ـــ الإضافة: عندما تريد أن تضيف شخصا ما إلى قائمة أصدقائك فإن عليك أن تنتبه لأمرين مهمين:
الأمر الأول: أن يكون من تضيفه رجلا إذا كنت رجلا، وامرأة إذا كنتِ امرأة .. فإنه لا يحسن بالرجل أن يتحدث مع المرأة في الماسنجر وذلك درءا للفتنة التي قد تحدث بسبب ذلك، فالشيطان يتربص بنا الدوائر، وإن كانت هناك حاجة ملحة لهذه المحادثة فلتكن على قدر ، الحاجة فقط .
الأمر الثاني : البعض يتضايق من الإضافة التي لا يسبقها استئذان ، ولهذا يفضل أن ترسل رسالة لمن تريد إضافته معك فتستأذنه في إضافته إلى قائمتك.
ـــ البدء بالسلام قبل الحديث: ينبغي قبل الدخول في الحديث أن نبدأ بتحية الإسلام وهي السلام عليكم، وإذا كان صديق لم تره أو لم تحدثه منذ زمن فعليك أن تسأله عن أخباره وتطمئن عليه، قبل الدخول في موضوع الحديث، مع مراعاة عدم الإطالة في السلام بصورة تدفع إلى الملل.
ـــ الاستئذان وإلقاء السلام قبل إنهاء الحديث: فينبغي استئذان من تحدثه وإعلامه بإنهاء الحديث معه، وألا نغفل أن ننهي الحديث بالسلام كما بدأنا

• آداب البريد الإلكتروني:
ـــ عدم الإسراف في طول وثيقة البريد الإلكتروني، وإذا تحدّثت فأوجز فإن كثير الكلام يُنسي بعضه بعضا.
ـــ الكتابة بلغة سليمة وواضحة ومفهومة للطرف الآخر.
ـــ مراعاة استخدام الصِيَغ القديمة (legacy formats) للوثائق الإلكترونية، لضمان توافقية وثيقة البريد الإلكتروني المرسَلَة مع البرمجيات القديمة التي قد تكون قيد الاستخدام لدى مستقبِل الرسالة.
ـــ تحاشي الإفراط في تنسيق الوثائق الإلكترونية، والحرص على الابتعاد عن استخدام الخطوط الزخرفية المُعَقَّدة أو الغريبة لأن ظهورها على أجهزة المتلقين سيكلفهم جهدا ووقتا، وقد لا يتمكن أغلبهم من فهم معانيها.
ـــ في الرسائل الودّية أو غير الرسمية، يُمكنك أن تستخدم في وثائقك الإلكترونية بعض الاختصارات المتداولة باللغة الإنجليزية؛ وذلك لتقليل عدد الكلمات في الوثيقة الواحدة مثل How are you واختصارها How r u
ـــ في الرسائل غير الرسمية، يُمكنك الاستعانة بالأشكال التعبيرية (Smilies) للإشارة إلى الانفعالات والعواطف التي تظهر على الوجه. وقد ينوب شكل من هذه الأشكال عن العديد من السطور
ـــ العناية بانتقاء التحية الافتتاحية للوثيقة الإلكترونية، ولاسيّما في مراسلات الأعمال والرسائل الرسمية.
ـــ الحرص على إضافة التوقيع الشخصي في خاتمة الوثائق الإلكترونية لتعريف قارئ الوثيقة بك؛ لأن الكثير من الشركات تمنح موظفيها عناوين إلكترونية غامضة (أي تظهر للمستقبِل على شكل أرقام ورموز لا تشير إلى شخص المُرسِل من قريب ولا من بعيد).
ـــ تحري الأمانة في الوثائق الشعاعية (Threads) بنوعيها الخيطية (من شخص واحد إلى شخص واحد) والتشعّبية (من شخص واحد إلى عدّة أشخاص)؛ وذلك بالمحافظة على الوثيقة الإلكترونية الأصلية والردود المحتواة فيها دون أي تغيير، ليتمكن القارئ من متابعة الردود التي أُرفقت بها.
ـــ احترام الخصوصية الشخصية (Privacy) لوثائق الآخرين التي قد تصلنا بالخطأ. وينبغي توجيه هذه الرسائل إلى العناوين الصحيحة أو إعادتها إلى عنوان المرسِل وعدم استغلال محتوياتها
ـــ احترام حقوق الملكية الفكرية (Intellectual Property) في المواد المُرسلَة عبر البريد الإلكتروني؛ لأن الاستيلاء على النتاج العقلي والإنساني سرقة.
ـــ المحافظة على محتوى الوثائق البريدية التي يُعاد توجيهها (forward- reply) إلى الآخرين؛ إذ لا يجوز إجراء أي تغيير فيها إلا بإذن مُسبَق من صاحب الوثيقة الإلكترونية الأصلية
ـــ تجنب الرسائل المسَلْسَلَة (Chain letters)، وهي رسالة يُبعَث بها إلى مجموعة من الأشخاص على التوالي، ويقوم كل فرد من المجموعة بإرسالها إلى مجموعة أخرى. وفي معظم الأحيان، يغلب على هذه النوعية من المراسلات طيش الغاية وتفاهة المحتوى فهي تندرج في قائمة المُحرّمات على الإنترنت؛ لما تسببه من هدر للوقت ولموارد الشبكة

د/ خالد سعد النجار
مع الاعتذار ان كنت قد اطلت

maher 06-05-2005 03:26 AM

فضائل الصحابة رضي الله عنهم
 
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد : " فإن أولى ما نظر فيه الطالب ، وعني به العالم بعد كتاب الله -عز وجل- سنن رسوله -صلى لله عليه وآله وسلم- فهي المبيِّنة لمراد الله -عز وجل- من مجملات كتابه ، والدالة على حدوده ، والمفسرة له ، والهادية إلى الصراط المستقيم صراط الله مَن اتبعها اهتدى ،ومن سُلبها ضل وغوى وولاه الله ما تولى ، ومِن أَوكد آلات السنن المعينة عليها ، والمؤدية إلى حفظها معرفة الذين نقلوها عن نبيهم -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى الناس كافة ، وحفظوها عليه ،وبلغوها عنه ، وهم صحابته الحواريون الذين وعوها وأدوها ناصحين محسنين حتى أكمل بما نقلوه الدين ، وثبت بهم حجة الله -تعالى -على المسلمين فهم خير القرون ، وخير أمة أخرجت للناس ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم ، وثناء رسوله -عليه السلام- ، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته ، ولا تزكية أفضل من ذلك ، ولا تعديل أكمل منه قال الله تعالى ذكره ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود)( الفتح: 29) " [1]

" والصحابة أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، وأقومها هديا ، وأحسنها حالا اختارهم الله لصحبة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وإقامة دينه " . كما قاله ابن مسعود _رضي الله عنه_ [2] . "فحبهم سنة والدعاء لهم قربة والإقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة "[3]

وهم صفوة خلق الله تعالى بعد النبيين -عليهم الصلاة والسلام- فعن ابن عباس _رضي الله عنهما_ في قول الله عز وجل ( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ) (النمل:59) قال : أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- [4].

وقال سفيان في قوله عز وجل ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ)(الرعد: 28) قال : هم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- .[5]

وعن وهب بن منبه -رحمه الله -في قوله تعالى ( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ) (عبس:16) قال هم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-[6].

وقال قتادة في قوله تعالى ( يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِه)(البقرة:121) هم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -آمنوا بكتاب الله وعملوا بما فيه [7].

وقال ابن مسعود _رضي الله عنه_ " إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد -صلى الله عليه وسلم- خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوبَ أصحابهِ خيرَ قلوبِ العبادِ فجعلهم وزراءَ نبيهِ يُقاتِلون على دينه " [8] والصحابي هنا هو مَن لقي النبي -صلى الله عليه وسلم - مؤمنا به ، ومات على ذلك . فقد جاء في حديث قيلة العنبرية -رضي الله عنها- : خرجت أبتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [9] .

وقد ورد في فضلهم آيات وأحاديث كثيرة منها : قوله تعالى ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100)

وقال تعالى ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (الفتح:18)

وقال تعالى ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الفتح : 29)

وفي آيات عديدة ذكرهم الله تعالى وترضى عنهم .

ومما جاء في السنة :

عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( لا تسبوا أصحابي لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ) [10] " وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة ، وضيق الحال بخلاف غيرهم ، ولأن إنفاقهم كان في نصرته -صلى الله عليه وسلم- ، وحمايته ، وذلك معدوم بعده ، وكذا جهادهم وسائر طاعتهم ، وقد قال تعالى ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً )(الحديد:10) وهذا كله مع ما كان فيهم في أنفسهم من الشفقة ، والتودد ، والخشوع ، والتواضع ، والإيثار ، والجهاد في الله حق جهاده ، وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل ، ولا ينال درجتها بشيء ، والفضائل لا تؤخذ بقياس ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء " ا.هـ [11]

وقال البيضاوي _رحمه الله تعالى_ : " معنى الحديث لا ينال أحدكم بإنفاق مثل أحد ذهبا من الفضل والأجر ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصيفه ، وسبب التفاوت ما يقارن الأفضل من مزيد الإخلاص ، وصدق النية ) ا.هـ [12] " مع ما كانوا من القلة ، وكثرة الحاجة والضرورة " [13] وقيل " السبب فيه أن تلك النفقة أثمرت في فتح الإسلام ، وإعلاء كلمة الله ما لا يثمر غيرها ، وكذلك الجهاد بالنفوس لا يصل المتأخرون فيه إلى فضل المتقدمين لقلة عدد المتقدمين ، وقلة أنصارهم فكان جهادهم أفضل ، ولأن بذل النفس مع النصرة ، ورجاء الحياة ليس كبذلها مع عدمها " ا.هـ [14] .

ومما جاء في فضلهم -رضي الله عنهم- حديث ابن مسعود _رضي الله عنه_ عن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال : ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) [15] " وإنما صار أول هذه الأمة خير القرون ؛ لأنهم آمنوا به حين كفر الناس ، وصدقوه حين كذبه الناس ، وعزروه ، ونصروه ، وآووه ، وواسوه بأموالهم وأنفسهم ، وقاتلوا غيرهم على كفرهم حتى أدخلوهم في الإسلام " ا.هـ [16] .

ومما جاء في فضلهم ما رواه أبو بردة _رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - (النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد ، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون ، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ) [17]" وهو إشارة إلى الفتن الحادثة بعد انقراض عصر الصحابة من طمس السنن وظهور البدع وفشو الفجور في أقطار الأرض " [18] .

وها هو أمير المؤمنين علي _رضي الله عنه_ يصف حال الصحابة فعن أبي راكة قال : صليت خلف علي صلاة الفجر فلما سلم انفلت عن يمينه ثم مكث كأن عليه الكآبة حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح قال : لقد رأيت أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- فما أرى اليوم شيئا يشبههم كانوا يصبحون ضمرا شعثا غبرا بين أعينهم أمثال ركب المعزى قد باتوا لله سجدا وقياما يتلون كتاب الله ويراوحون بين جباههم وأقدامهم فإذا أصبحوا ذكروا الله مادوا كما تميد الشجر في يوم الريح فهملت أعينهم حتى تبتل ثيابهم .[19]

الوعيد الشديد فيمن آذى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

عن عبد الله بن مغفل المزني _رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( الله الله في أصحابي الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه ) [20] قال المناوي _رحمه الله تعالى_ " ( الله الله في حق أصحابي ) أي اتقوا الله فيهم ، ولا تلمزوهم بسوء ، أو اذكروا الله فيهم وفي تعظيمهم وتوقيرهم ، وكرره إيذانا بمزيد الحث على الكف عن التعرض لهم بمنقص ( لا تتخذوهم غرضا ) هدفا ترموهم بقبيح الكلام كما يرمى الهدف بالسهام هو تشبيه بليغ ( بعدي ) أي بعد وفاتي " ا.هـ ( [21] .

وعن ابن عباس _رضي الله عنهما_ قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( مَن سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) [22] .

maher 06-05-2005 03:27 AM

موقف السلف الصالح من الصحابة الكرام

لقد عرف السلف الصالح فضل الصحابة الكرام وبيَّنوا ذلك وردوا على كل من أراد انتقاصهم _رضي الله عنهم_ قال ابن عمر _رضي الله عنهما_ " لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عُمره " [23].

وجاء رجل إلى عبد الله بن المبارك وسأله أمعاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز فقال " لتراب في منخري معاوية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير وأفضل من عمر بن عبد العزيز " [24].

وجاء رجل إلى الإمام أبي زرعة الرازي -رحمه الله- فقال : يا أبا زرعة أنا أبغض معاوية . قال : لِمَ ؟ قال : لأنه قاتَل عليا . فقال أبو زرعة : إن ربَّ معاوية ربٌّ رحيم وخصمَ معاوية خصمٌ كريم فما دخولك أنت بينهما _رضي الله عنهم_ أجمعين [25] .

وقال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- " إذا رأيت رجلا يذكر أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسوء فاتهمه على الإسلام " [26] وقال –رحمه الله تعالى- " لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقص فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه ويستتيبه فان تاب قبل منه وإن ثبت أعاد عليه العقوبة وخلده الحبس حتى يموت أو يراجع " [27]

وقال بشر بن الحارث _رحمه الله تعالى_ " مَن شتم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر وإن صام وصلى وزعم أنه من المسلمين " [28] . ولعل كثيرا من الكتاب ممن في قلوبهم مرض الذين ينتقصون أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم – في الصحف وغيرها يرون أن الوقت لم يحن بعد لانتقاص القرآن والسنة فرأوا أن تقليل شأن الصحابة الكرام عند الناس هو من أخصر الطرق لرد الكتاب والسنة كما قال أبو زرعة _رحمه الله تعالى_ " إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول حق والقرآن حق وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحابُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليُبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة " ا.هـ [29] .

وقال السرخسي _رحمه الله تعالى_ " فمن طعن فيهم فهو ملحد منابذ للإسلام دواؤه السيف إن لم يتب " ا.هـ [30] .

وقال الإمام محمد بن صُبيح بن السماك _رحمه الله تعالى_ لمن انتقص الصحابة " علمتَ أن اليهود لا يسبون أصحاب موسى -عليه السلام- وأن النصارى لا يسبون أصحاب عيسى -عليه السلام- فما بالك ياجاهل سببت أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ؟ وقد علمتُ من أين أوتيتَ لم يشغلك ذنبك أما لو شغلك ذنبك لخفت ربك ، ولقد كان في ذنبك شغل عن المسيئين فكيف لم يشغلك عن المحسنين ؟ أما لو كنت من المحسنين لما تناولت المسيئين ، ولرجوت لهم أرحم الراحمين ، ولكنك من المسيئين فمن ثَمَّ عبت الشهداء والصالحين ، أيها العائب لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لو نمتَ ليلك ، وأفطرت نهارك لكان خيرا لك من قيام ليلك ، وصوم نهارك مع سوء قولك في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فويحك لا قيام ليل ، ولا صوم نهار ، وأنت تتناول الأخيار فأبشر بما ليس فيه البشرى إن لم تتب مما تسمع وترى .. وبم تحتج يا جاهل إلا بالجاهلين ، وشر الخلف خلف شتم السلف لواحد من السلف خير من ألف من الخلف " ا.هـ [31] .

وقال ابن الصلاح _رحمه الله تعالى_ " إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة , ومَن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يُعتد بهم في الإجماع " ا.هـ ( [32] .

ذكر فضلهم في كتب العقائد رفعا لشأنهم وعلوا لمنزلتهم :

قال الطحاوي _رحمه الله تعالى_ " ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و لا نُفرط في حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم ، وبغير الحق يذكرهم ، ولا نذكرهم إلا بخير ، وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان " ا.ه[33].

وذكر الحميدي _رحمه الله تعالى_ أن من السنة " الترحم على أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- كلهم فإن الله عز وجل قال ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ )(الحشر:10) فلم نؤمر إلا بالاستغفار لهم ، فمن سبهم أو تنقصهم أو أحدا منهم فليس على السنة وليس له في الفيء حق ، أخبرنا غير واحد عن مالك بن أنس " ا.ه[34]

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله تعالى_ " ويمسكون عما شجر من الصحابة ، ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب ، ومنها ما قد زيد فيه ، ونقص ، وغُيِّرَ عن وجهه ، والصحيح منه هم فيه معذورون ؛ إما مجتهدون مصيبون ، وإما مجتهدون مخطئون ... ، ولهم من السوابق ، والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم ؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم ... ثم القَدْر الذي يُنكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ، ومحاسنهم من الإيمان بالله ، ورسوله ، والجهاد في سبيله ، والهجرة ، والنصرة ، والعلم النافع ، والعمل الصالح ، ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة ، وما منَّ الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم ، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم ، وأكرمها على الله " ا.هـ [35]

وفي الختام لا نقول إلا كما قال الله تعالى (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ) اللهم ارض عن أصحاب نبيك أجمعين واحشرنا وإياهم في زمرة سيد المرسلين والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

كتبه د. نايف بن أحمد الحمد
قاضي المحكمة العامة بمحافظة رماح

muslima04 29-08-2005 09:21 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،

اللهم آمين يا رب العالمين يا رب..

احسن الله إليك اخي الفاضل ماهر وجزاك عنا خير جزاء في الدنيا والاخرة برحمته آمين يا رب..لا تحرمنا من روائعك بارك الله فيك يا اخي..

أخي الفاضل الوافي..ننتظر دائما طلتك الفاضلة بهذا الموضوع بإذن الله تعالى..فلا تحرمنا أخي منها بارك الله فيك..

muslima04 29-08-2005 09:50 AM

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين ومن والاهم بإحسان إلة يوم الدين،

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،

هذه خطبة من خطب الجمعة للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى وغفر له ولوالديه وللمسلمين اجمعين آمين..

مضمون الخطبة: التفكر في آيات الله الكونية وإنها أعظم دليل على وحدانية الله عز وجل ـ ذكر الله سبحانه وتعالى ومحبته يكون بالقلب واللسان والجوارح

********************

الخطبة الأولى :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله الملك الحق المبين أبان لعباده من آياته ما به عبرة للمعتبرين وهداية للمهتدين وحجة على المعاندين الملحدين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين بيده ملكوت السماوات والأرض وله الحكم في الدنيا والآخرة وإليه ترجعون وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام المتقين وخاتم النبيين بعثه الله تعالى رحمة للعالمين وقدوة للعاملين وحجة على المرسل إليهم أجمعين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد

فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أعطاكم من العقول التي تتميزون بها على البهائم وتدركون بها ما ينفعكم وما يضركم وتستدلون بها على ما أعطاكم الله بل على ما أبان لكم من آياته الكونية الدالة على وحدانية وعلى كمال ربوبيته إن الله عز وجل له في كل شئ من مخلوقاته آية تدل على أنه إله واحد لا إله غيره وعلى أنه رب عظيم ماجد كامل العلم والقدرة كامل الرحمة والحكمة كامل العظمة والسلطان فمن آياته خلق السماوات والأرض من نظر إلى السماء في حسنها وكمالها وارتفاعها وقوتها علم بذلك تمام قدرة الله وحكمته قال الله عز وجل: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا) (رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا) (وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا) وقال عز وجل: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) إي بنيناها بقوة لا يماثلها قوة وهو موسعها عز وجل لسعة أرجائها وقال عز وجل: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ) وقال تعالى: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ) (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ)(وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ) وقال جل من قائل: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) في هذه السماء وفي جوها من آيات الله ما يبهر العقول: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً) ( وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون ) أيها المسلمون انظروا إلى هذه الشمس العظيمة الكبيرة الحجم الشديدة الحرارة جعلها الله تعالى سراجاً وهاجا تصل إلى الأرض حرارتها مع البعد العظيم بينها وبين الأرض لتنضج الزروع والثمار وتدفع الأجواء والبحار تسير هذه الشمس بانتظام بديع وسير سريع لو نزلت مقدار شعرة أو ارتفعت لاختل نظام الأرض قال الله عز وجل: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) العزيز القهار الغالب الذي لا يغلب العليم بكل شيء ثم انظروا إلى هذا القمر البدر المنير آية الليل جعله الله تعالى مقدراً بمنازل لنعلم بذلك عدد السنين والحساب وله آثار على البحار والنبات والأجسام أجسام الإحياء لاختلاف هذه المنازل قال الله عز وجل: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ*لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) أيها المسلمون انظروا أيضاً إلى الأرض وما فيها من آيات الله تعلموا بذلك تمام قدرة الله وحكمته مهدها الله لخلقه وسلك لهم فيها سبلا وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها جعلها الله لعباده ذلولا يمشون في مناكبها ويأكلون من رزقها فيحرثون ويزرعون ويصلون إلى المياه في جوفها فيسقون ويشربون جعلها الله تعالى قراراً للخلق لا تميد بهم ولا تضطرب ولا تتزلزل ولا تتصدع إلا بأذن الله عز وجل أسمعوا قول الله تعالى: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) في الأرض قطع متجاورات تجد في الحصاة الواحدة قطعاً متجاورة فضلاً عن الجبل الصغير فضلاً عن ما فوقه من الجبال تجدها خطوطاً هذا أسود وهذا أحمر وهذا أبيض والخالق واحد جل وعلا، في الأرض قطع متجاورات مختلفة في ذاتها وصفاتها ومنافعها هذه رمال وهذه جبال وهذه معادن من ذهب وهذه معادن من فضة وهذه معادن من حديد وهذه معادن من رصاص إلى أمور لا يعلمها إلا خالقها عز وجل في الأرض جنات من أعناب وزروع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ويفضل الله بعضه على بعضٍ في الأكل قال الله عز وجل: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ) ففي السماوات ملائكة لا يحصهم إلا الله عز وجل ما من موضع أربع أصابع من السماء إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد يطوف كل يوم بالبيت المعمور في السماء سبعون ألف ملك لا يعودون إليه مرة أخرى إلى يوم القيامة إذاً فالزائرون لهذه البيت كل يوم سبعون ألف ملك لا يعود إليه الزائر مرة أخرى منذ خلق الله الدنيا إلى أن تقوم الساعة فما ظنكم بهذا العدد الكبير إنه عدد لا يحصيه إلا الذي خلقه جل وعلا في الأرض من أجناس الدواب وأنواعها ما لا تحصى أجناسه فضلاً عن أنواعه فضلاً عن أفراده هذه الدواب مختلفة في أجناسها وأشكالها وأحوالها فمنها النافع الذي يعرف به الإنسان كمال نعمة الله عليه ومنها الضار الذي يعرف بها الإنسان قدر نفسه وضعفه أمام قدرة الله عز وجل فهذه البعوضة الصغيرة الحقيرة تسلط على الإنسان فتقلق راحته وتقض مضجعه ويذكر أن ملكاً جباراً كان يتحدث مستهتراً يقول ما الفائدة من خلق الذباب فقال له أحد الحاضرين إن الله خلقه ليرغم به أنوف الجبابرة يعني أن الذباب يقع على أنف الرجل الجبار بأرجله الملوثة بالانتان والقاذورات لا يستطيع التخلص منه وهو من أصغر المخلوقات وأحقرها وهذه الدواب المنتشرة في الأرض في بحارها وقفارها ومدنها وقراها وأوديتها وجبالها وفي كل مكان كلها تسبح بحمد الله وتسجد له قال الله عز وجل: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ) كل هذه الدواب المنتشرة خلقت بأمر الله واهتدت برحمة الله وعاشت برزق الله: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ) ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم:(أن سليمان بن داؤود أحد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام خرج ذات يوم يستسقي وكان سليمان يعرف منطق النمل فرأى نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء تقول اللهم إنا خلق من خلقك ليس بنا غنى عن سقياك فقال سليمان أرجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم) ومن آيات الله عز وجل هذا الليل والنهار في تعاقبهما على العباد يطول هذا تارة ويقصر أخرى ويتساويان تارة ثالثة جعل الله الليل سكناً يسكن فيه العباد فينامون ويستريحون وجعل النهار معاشاً للناس يبتغون فيه من فضل الله ويكسبون قال الله عز وجل: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ) (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ) ( ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ) لو اجتمعت الخليقة كلها على أن تأتي بالليل في وقت النهار ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ولو اجتمعوا على أن يأتوا بالنهار في وقت الليل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ولكن الذي يقول للشيء كن فيكون هو الذي يأتي بهذا وبهذا لتقوم مصالح العباد وذلك من رحمة الله فنسأل الله أن يعيننا على شكر نعمته أيها المسلمون إن الكون كله من آيات الله جملة وتفصيلا هو الذي خلقه وهو المدبر له لم يخلق الكون نفسه ولم يخلقه أحد غير الله عز وجل كما قال الله تعالى مبرهناً على ذلك: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) (أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ) فتدبروا عباد الله تدبروا آيات الله لتصلوا بها إلى اليقين واعتبروا بما فيها من الرحمة والعظمة لتصلوا إلى محبة الله وتعظيمه وانظروا إلى ما فيها من الانتظام والانسجام لتعرفوا بذلك حكمة رب العالمين اللهم إنا نسألك يا ربنا في مقامنا هذا ونحن ننتظر فريضة من فرائضك اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من المعتبرين بآياتك الواصلين بها إلى مرضاتك وأن لا تزيغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وأن تهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ربنا صلى وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

muslima04 29-08-2005 09:53 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليماً كثيرا
أما بعد

أيها الناس فلقد شاهدنا المسلمين ولله الحمد في هذه الإجازة يؤمون البيت الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليؤدوا ما من الله به عليهم من العمرة والصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وقبور أصحابه في البقيع وقبور الشهداء في أحد وليخرجوا إلى مسجد قباء متطهرين ليصلوا فيه ركعتين وجدنا الناس ولله الحمد بكثرة وهذا يدل على انعطاف بالغ في قلوبهم إلى الأماكن التي يرضى الله عز وجل أن يتعبدوا له فيها وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على رغبة أكيدة وعلى هوى منقاد إلى تلك الأماكن ولكني أقول إني أسال الله لي ولهم الثبات على الأمر والعزيمة على الرشد وأن يجعل قلوبنا تهوى دائماً مرضاته في أي مكان وفي أي زمان إن المؤمن حقاً هو الذي يتعلق قلبه بربه ويعبد الله تعالى في أي مكان لا يعبده في مكان فإذا سافر منه أقبل على المعاصي التي كان يألفها لا يحبه في زمان فإذا انقضى هذا الزمان أقبل على المعاصي التي كان يألفها إن المؤمن حقاً هو الذي تعلق قلبه بربه سبحانه وتعالى محبةً وتعظيما رجاء وخوفا وتوكلاً واستعانة هذا هو المؤمن حقاً لذلك أدعو إلى أخواني المسلمين إلى أن يكونوا دائماً يذكرون الله تعالى بقلوبهم وجوارحهم إن ذكر الله المفيدة للمرء هو ذكر الله تعالى في القلب ولهذا قال الله تعالى: ( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) إن الذكر بالقلب لا يعني أن نهمل الذكر باللسان ولكني أقول إن الذكر باللسان إذا لم يكن مصحوباً بالذكر بالقلب فإنه يكون قليل الفائدة ولكن الإنسان إذا ذكر الله بقلبه وجوارحه كان ذلك أتم ولهذا نقول إن ذكر الله تعالى ينقسم إلى ثلاثة أقسام ذكر بالقلب وحده وذكر باللسان وحده وذكر بالجوارح من اليدين والرجلين والعنين وغير ذلك فإذا أتمت فإذا اجتمعت الأمور الثلاثة كان ذلك هو الأكمل وإذا تخلف واحد منها نقص من ذلك بقدر ما تخلف فاذكروا الله عباد الله اذكروا الله بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ذكر الله عز وجل بالقلب أن يكون الرب عز وجل دائماً في قلب الإنسان على ذكره إذا نظر، نظر بالله وإذا أعرض عن شئ محرم أعرض عنه لله عز وجل وهكذا وكذلك الذكر باللسان من التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد وقراءة القرآن وتعلم العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من الأقوال المقربة إلى الله كلها من ذكر الله تعالى باللسان ذكر الله تعالى بالجوارح مثل القيام في الصلاة والركوع والسجود والقعود فيها والمشي إلى المساجد وكتابة العلم وتقليب الكتب للمراجعة وغير ذلك من ما يقرب إلى الله تعالى أسال الله أن يجعل قلوبنا جميعاً دائمة الذكر لله عز وجل وأن يجعل جوارحنا دائماً آمرة بذكر الله عز وجل وأن يجعل ألسنتنا دائماً ناطقة بذكر الله عز وجل إنه ولي ذلك والقادر عليه وأعلموا أيها المسلمون أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد رسول صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل ما أحدث في دين الله بدعة وهو سيئ وإن ظن صاحبه حسنا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) فعليكم أيها المسلمون بالجماعة عليكم أن تجتمعوا على دين الله ولا تتفرقوا فيه فإن يد الله مع الجماعة ومن شذ، شذ في النار وأعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ بنفسه فقال جل من قائل عليما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وأرضى عن معهم بمنك وكرمك يا رب العالمين، اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان الذين يجاهدون بالعلم ويجاهدون بالسلاح يا رب العالمين،اللهم أصلح لنا ولاة أمورنا اللهم أصلح لنا ولاة أمورنا اللهم دلهم على الخير وأعنهم عليه يا رب العالمين اللهم هيئ لهم بطانة صالحة تدلهم على الخير وترغبهم فيه وتبين الشر وتحذرهم منه يا رب العالمين اللهم من كان من بطانة ولاة أمورنا غير مستقيم على دينك ولا ناصح لهم ولا لرعيتهم فأبعده عنهم وأبدلهم بخير منه يا رب العالمين يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم اللهم وعم بذلك جميع ولاة أمور المسلمين إنك على كل شئ قدير عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .

amatollah 29-08-2005 02:22 PM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
 
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليماً كثيرا

ملخص الخطبة

1- من أصلح ما بينه وبين ربه أصلح الله له أخرته ودنياه. 2- من صدق مع الله صدق الله معه. 3- فضل الدعاء. 4- الآثار المترتبة على انعقاد الولاية. 5- شكر النعم.


الخطبة الأولى


أما بعد:

فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ بامتثال ما أَمَرَ، والبعد عما نهى عنه وزجر؛ فإن تقوى الله صلاح الأعمال وحُسن المنقلب والمآل.

عباد الله، إن من أصلح ما بينه وبينه ربه أصلح الله له آخرته ودنياه، وأصلح له ما بينه وبين الناس. وإصلاح العبد ما بينه وبين الله؛ هو بتوحيد الله عز وجل، بأن يعبد الله تعالى وحده لا يشرك به شيئًا، بدعائه ورجاءه والتوكل عليه وخوفه ومحبته وتعظيمه، والاستعانة به وطاعته، والإيمان بأسمائه وصفاته والثناء على الله بها، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج بيت الله الحرام، وبر الوالدين وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتناب المظالم وترك ما نهي الله عنه من المحرمات والموبقات، إلى غير ذلك مما أمر الله به أو نهى عنه، مع التمسك بالسنة والإخلاص لله في كل عمل، فمن أصلح ما بينه وبين خالقه بالتمسك بالإسلام، أصلح الله له أموره كلها، وأحسن له العاقبة في أخرته. قال الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنْ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [الأعراف:35]، أي: لا خوف عليهم في مستقبل أمرهم، ولا هم يحزنون على ما مضى من شأنهم. وقال تعالى: وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [الأنعام:48]، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت:30]، وقال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ [محمد:2].

وإصلاح الناس ما بينهم وبين ربهم بالعمل الصالح يصلح الله به الأمور، ويحفظ الله به الأمة من الشرور، قال الله تعالى: مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا [النساء:147]، أي: لا يعذبكم الله تعالى إن آمنتم وشكرتم. وقال تعالى: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:117]، وقال تعالى: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ [الأعراف:170]، وفي الحديث عن النبي : ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى))[1].

عباد الله، إن ربكم تبارك وتعالى أَجَلُّ وأَكَرم وأوفى من أن يتخلى عن عبده ويضيعه إذا صدق معه، وخاف من اتباع هوى النفس، وعمل بما يحب ربه من الطاعات فرائضها ونوافلها، وجانب المحرمات. فمن كان لربه على ما يحب الرب كان الله له على ما يحب، قال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة:40]، وقال تعالى: وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ [التوبة:111]، وقال تعالى: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:40، 41].

وأحسن أحوال العبد أن يتولى اللهُ تعالى أموره كلها، ويحفظه في دينه ودنياه، ويسدده ويوفقه في أقواله وأفعاله وعاقبة أمره، ولا يُنال ما عند الله إلا بطاعته، وهل شقي بطاعة الله أحد، أو سَعِدَ بمعصية الله أحد؟!. عن أنس عن النبي ، عن جبريل عليه السلام عن ربه تعالى قال: ((من أهان لي وليًا فقد بارزني بالمحاربة، وما ترددت عن شيء أنا فاعله، ما ترددت في قبض نفس عبدي المؤمن؛ يكره الموت وأكره مسأته ولا بد له منه. وإن من عبادي المؤمنين من يريد بابًا من العبادة فأكفه عنه لا يدخله عجب فيفسده ذلك، وما تقرب إلي عبدي بمثل أدى ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتنفل إلي حتى أحبه، ومن أحببته كنت له سمعًا وبصرًا ويدًا ومؤيدًا، دعاني فأجبته، وسألني فأعطيته، ونصح لي فنصحت له. وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الغناء، ولو أفقرته لأفسده ذلك. وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الفقر، وإن بسطت له أفسده ذلك. وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الصحة، ولو أسقمته لأفسده ذلك. وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا السقم، ولو أصححته أفسده ذلك، إني أدبر عبادي بعلمي بما في قلوبهم، إني عليم خبير)) رواه الطبراني[2]. ولهذا الحديث شاهد في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في بعض ألفاظه[3]. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله يقول: ((من الْتَمَسَ رضا الله بسخط الناس كفاه مُؤْنَةَ الناس، ومن الْتَمَسَ رضا الناس بسخط الله وَكَلَهُ الله إلى الناس)) رواه الترمذي[4].

عباد الله، إن من أعظم العبادات وأجمعها للخير الدعاء؛ فالدعاء ينزل الله به الخيرات، ويدفع به البلاء والشرور والمكروهات، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60]، وفي الحديث: ((ما من مسلم يدعوا الله تعالى إلا أتاه الله مسألته، أو ادخرها له في الآخرة، أو صرف عنه من السوء مثل دعوته))، قالوا: يا رسول الله، إذًا نكثر؟! قال: ((الله أكثر!))[5]. والدعاء مضطر إليه كل أحد، قال عمر بن الخطاب : (إني لا أحمل هَمَّ الإجابة ولكن أحمل هَمَّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة ووقعت)[6]. فالدعاء يصلح الله به الأمور ويدفع الله به الشرور.

بسم الله الرحمن الرحيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70، 71].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وبقوله القويم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



--------------------------------------------------------------------------------


[1] أخرجه البخاري في المناقب (3641)، ومسلم في الإمارة (1037) من حديث معاوية رضي الله عنه بنحوه، وورد عن غيره من الصحابة.

[2] عزاه الهيثمي للطبراني في الأوسط (10/270)، وقال: "وفيه عمر بن سعيد أبو حفص الدمشقي وهو ضعيف". وذكره الألباني في الضعيفة (1775).

[3] صحيح البخاري، كتاب الرقاق (6502).

[4] سنن الترمذي كتاب الزهد (2414)، وأخرجه أيضا القضاعي في مسند الشهاب (499)، والبغوي في شرح السنة (4214). وأورده الألباني في الصحيحة برقم (2311).

[5] أخرجه أحمد (3/18)، والبزار (3144الزوائد)، والبخاري في الأدب المفرد(710) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. قال الحاكم (1/493): "هذا حديث صحيح الإسناد، إلا أن الشيخين لم يخرجاه عن علي بن علي الرفاعي". وقال المنذري في الترغيب والترهيب: " رواه أحمد والبزار وأبو يعلى بأسانيد جيدة". وقال الهيثمي في المجمع (10/224): "رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه والبزار والطبراني في الأوسط، ورجال أحمد وأبي يعلى وأحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح، غير علي بن علي الرفاعي وهو ثقة". وأورده الألباني في صحيح الترغيب (1633). وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة وعبادة بن الصامت رضي الله عنهما.

[6] ينظر: مجموع الفتاوى (8/193)، واقتضاء الصراط المستقيم (1/359)، والفوائد، لابن القيم (ص97).




الخطبة الثانية


الحمد لله العليم القدير، غافر الذنب وقابل التوب، شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير. أحمد ربي وأشكره على فضله الكثير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الكبير، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، البشير النذير والسراج المنير. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فاتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى.

عباد الله، لقد مَنَّ الله عليكم فأصلح لكم برحمته وحكمته، وجمع كلمتكم على إمامكم وولي أمركم، فَعَمِلْتُم بما أمر الله تعالى به من الاجتماع والإتلاف، وحَذِرتم مما نهى عنه من الفرقة والاختلاف، حيث قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا [آل عمران:103].

ألا وإن انعقاد الولاية قوة في الدين، وانتظام لمصالح الدنيا، وحفظ للجماعة والحوزة، تقام بها الحدود، ويقمع بها المفسدون المجرمون، ويرغم العدو ويستتب الأمن، فاشكروا الله على الأحوال السارة، والأرزاق الدارة، فما حفظت النعم إلا بطاعة الله تعالى والاحتراز عن المحرمات، ولن يؤتى العبد إلا من قبل نفسه، ولا يضره إلا عمله ومخالفة ربه، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمْ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [البقرة:208-211]، وعن تميم الداري قال: قال رسول الله : ((الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة))، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) رواه مسلم[1].

عباد الله، إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، فقال تبارك وتعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، وقد قال : ((من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا))[2]. فصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد...



--------------------------------------------------------------------------------

[1] صحيح مسلم كتاب الإيمان (55).

[2] أخرجه مسلم في الصلاة (408)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه

amatollah 29-08-2005 02:24 PM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
 
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليماً كثيرا

ملخص الخطبة

1- من أصلح ما بينه وبين ربه أصلح الله له أخرته ودنياه. 2- من صدق مع الله صدق الله معه. 3- فضل الدعاء. 4- الآثار المترتبة على انعقاد الولاية. 5- شكر النعم.


الخطبة الأولى


أما بعد:

فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ بامتثال ما أَمَرَ، والبعد عما نهى عنه وزجر؛ فإن تقوى الله صلاح الأعمال وحُسن المنقلب والمآل.

عباد الله، إن من أصلح ما بينه وبينه ربه أصلح الله له آخرته ودنياه، وأصلح له ما بينه وبين الناس. وإصلاح العبد ما بينه وبين الله؛ هو بتوحيد الله عز وجل، بأن يعبد الله تعالى وحده لا يشرك به شيئًا، بدعائه ورجاءه والتوكل عليه وخوفه ومحبته وتعظيمه، والاستعانة به وطاعته، والإيمان بأسمائه وصفاته والثناء على الله بها، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج بيت الله الحرام، وبر الوالدين وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتناب المظالم وترك ما نهي الله عنه من المحرمات والموبقات، إلى غير ذلك مما أمر الله به أو نهى عنه، مع التمسك بالسنة والإخلاص لله في كل عمل، فمن أصلح ما بينه وبين خالقه بالتمسك بالإسلام، أصلح الله له أموره كلها، وأحسن له العاقبة في أخرته. قال الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنْ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [الأعراف:35]، أي: لا خوف عليهم في مستقبل أمرهم، ولا هم يحزنون على ما مضى من شأنهم. وقال تعالى: وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [الأنعام:48]، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت:30]، وقال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ [محمد:2].

وإصلاح الناس ما بينهم وبين ربهم بالعمل الصالح يصلح الله به الأمور، ويحفظ الله به الأمة من الشرور، قال الله تعالى: مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا [النساء:147]، أي: لا يعذبكم الله تعالى إن آمنتم وشكرتم. وقال تعالى: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:117]، وقال تعالى: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ [الأعراف:170]، وفي الحديث عن النبي : ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى))[1].

عباد الله، إن ربكم تبارك وتعالى أَجَلُّ وأَكَرم وأوفى من أن يتخلى عن عبده ويضيعه إذا صدق معه، وخاف من اتباع هوى النفس، وعمل بما يحب ربه من الطاعات فرائضها ونوافلها، وجانب المحرمات. فمن كان لربه على ما يحب الرب كان الله له على ما يحب، قال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة:40]، وقال تعالى: وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ [التوبة:111]، وقال تعالى: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:40، 41].

وأحسن أحوال العبد أن يتولى اللهُ تعالى أموره كلها، ويحفظه في دينه ودنياه، ويسدده ويوفقه في أقواله وأفعاله وعاقبة أمره، ولا يُنال ما عند الله إلا بطاعته، وهل شقي بطاعة الله أحد، أو سَعِدَ بمعصية الله أحد؟!. عن أنس عن النبي ، عن جبريل عليه السلام عن ربه تعالى قال: ((من أهان لي وليًا فقد بارزني بالمحاربة، وما ترددت عن شيء أنا فاعله، ما ترددت في قبض نفس عبدي المؤمن؛ يكره الموت وأكره مسأته ولا بد له منه. وإن من عبادي المؤمنين من يريد بابًا من العبادة فأكفه عنه لا يدخله عجب فيفسده ذلك، وما تقرب إلي عبدي بمثل أدى ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتنفل إلي حتى أحبه، ومن أحببته كنت له سمعًا وبصرًا ويدًا ومؤيدًا، دعاني فأجبته، وسألني فأعطيته، ونصح لي فنصحت له. وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الغناء، ولو أفقرته لأفسده ذلك. وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الفقر، وإن بسطت له أفسده ذلك. وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الصحة، ولو أسقمته لأفسده ذلك. وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا السقم، ولو أصححته أفسده ذلك، إني أدبر عبادي بعلمي بما في قلوبهم، إني عليم خبير)) رواه الطبراني[2]. ولهذا الحديث شاهد في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في بعض ألفاظه[3]. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله يقول: ((من الْتَمَسَ رضا الله بسخط الناس كفاه مُؤْنَةَ الناس، ومن الْتَمَسَ رضا الناس بسخط الله وَكَلَهُ الله إلى الناس)) رواه الترمذي[4].

عباد الله، إن من أعظم العبادات وأجمعها للخير الدعاء؛ فالدعاء ينزل الله به الخيرات، ويدفع به البلاء والشرور والمكروهات، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60]، وفي الحديث: ((ما من مسلم يدعوا الله تعالى إلا أتاه الله مسألته، أو ادخرها له في الآخرة، أو صرف عنه من السوء مثل دعوته))، قالوا: يا رسول الله، إذًا نكثر؟! قال: ((الله أكثر!))[5]. والدعاء مضطر إليه كل أحد، قال عمر بن الخطاب : (إني لا أحمل هَمَّ الإجابة ولكن أحمل هَمَّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة ووقعت)[6]. فالدعاء يصلح الله به الأمور ويدفع الله به الشرور.

بسم الله الرحمن الرحيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70، 71].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وبقوله القويم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



--------------------------------------------------------------------------------


[1] أخرجه البخاري في المناقب (3641)، ومسلم في الإمارة (1037) من حديث معاوية رضي الله عنه بنحوه، وورد عن غيره من الصحابة.

[2] عزاه الهيثمي للطبراني في الأوسط (10/270)، وقال: "وفيه عمر بن سعيد أبو حفص الدمشقي وهو ضعيف". وذكره الألباني في الضعيفة (1775).

[3] صحيح البخاري، كتاب الرقاق (6502).

[4] سنن الترمذي كتاب الزهد (2414)، وأخرجه أيضا القضاعي في مسند الشهاب (499)، والبغوي في شرح السنة (4214). وأورده الألباني في الصحيحة برقم (2311).

[5] أخرجه أحمد (3/18)، والبزار (3144الزوائد)، والبخاري في الأدب المفرد(710) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. قال الحاكم (1/493): "هذا حديث صحيح الإسناد، إلا أن الشيخين لم يخرجاه عن علي بن علي الرفاعي". وقال المنذري في الترغيب والترهيب: " رواه أحمد والبزار وأبو يعلى بأسانيد جيدة". وقال الهيثمي في المجمع (10/224): "رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه والبزار والطبراني في الأوسط، ورجال أحمد وأبي يعلى وأحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح، غير علي بن علي الرفاعي وهو ثقة". وأورده الألباني في صحيح الترغيب (1633). وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة وعبادة بن الصامت رضي الله عنهما.

[6] ينظر: مجموع الفتاوى (8/193)، واقتضاء الصراط المستقيم (1/359)، والفوائد، لابن القيم (ص97).




الخطبة الثانية


الحمد لله العليم القدير، غافر الذنب وقابل التوب، شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير. أحمد ربي وأشكره على فضله الكثير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الكبير، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، البشير النذير والسراج المنير. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فاتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى.

عباد الله، لقد مَنَّ الله عليكم فأصلح لكم برحمته وحكمته، وجمع كلمتكم على إمامكم وولي أمركم، فَعَمِلْتُم بما أمر الله تعالى به من الاجتماع والإتلاف، وحَذِرتم مما نهى عنه من الفرقة والاختلاف، حيث قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا [آل عمران:103].

ألا وإن انعقاد الولاية قوة في الدين، وانتظام لمصالح الدنيا، وحفظ للجماعة والحوزة، تقام بها الحدود، ويقمع بها المفسدون المجرمون، ويرغم العدو ويستتب الأمن، فاشكروا الله على الأحوال السارة، والأرزاق الدارة، فما حفظت النعم إلا بطاعة الله تعالى والاحتراز عن المحرمات، ولن يؤتى العبد إلا من قبل نفسه، ولا يضره إلا عمله ومخالفة ربه، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمْ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [البقرة:208-211]، وعن تميم الداري قال: قال رسول الله : ((الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة))، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) رواه مسلم[1].

عباد الله، إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، فقال تبارك وتعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، وقد قال : ((من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا))[2]. فصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد...



--------------------------------------------------------------------------------

[1] صحيح مسلم كتاب الإيمان (55).

[2] أخرجه مسلم في الصلاة (408)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه

amatollah 29-08-2005 02:31 PM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
 
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليماً كثيرا

ملخص الخطبة

1- من أصلح ما بينه وبين ربه أصلح الله له أخرته ودنياه. 2- من صدق مع الله صدق الله معه. 3- فضل الدعاء. 4- الآثار المترتبة على انعقاد الولاية. 5- شكر النعم.


الخطبة الأولى


أما بعد:

فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ بامتثال ما أَمَرَ، والبعد عما نهى عنه وزجر؛ فإن تقوى الله صلاح الأعمال وحُسن المنقلب والمآل.

عباد الله، إن من أصلح ما بينه وبينه ربه أصلح الله له آخرته ودنياه، وأصلح له ما بينه وبين الناس. وإصلاح العبد ما بينه وبين الله؛ هو بتوحيد الله عز وجل، بأن يعبد الله تعالى وحده لا يشرك به شيئًا، بدعائه ورجاءه والتوكل عليه وخوفه ومحبته وتعظيمه، والاستعانة به وطاعته، والإيمان بأسمائه وصفاته والثناء على الله بها، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج بيت الله الحرام، وبر الوالدين وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتناب المظالم وترك ما نهي الله عنه من المحرمات والموبقات، إلى غير ذلك مما أمر الله به أو نهى عنه، مع التمسك بالسنة والإخلاص لله في كل عمل، فمن أصلح ما بينه وبين خالقه بالتمسك بالإسلام، أصلح الله له أموره كلها، وأحسن له العاقبة في أخرته. قال الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنْ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [الأعراف:35]، أي: لا خوف عليهم في مستقبل أمرهم، ولا هم يحزنون على ما مضى من شأنهم. وقال تعالى: وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [الأنعام:48]، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت:30]، وقال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ [محمد:2].

وإصلاح الناس ما بينهم وبين ربهم بالعمل الصالح يصلح الله به الأمور، ويحفظ الله به الأمة من الشرور، قال الله تعالى: مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا [النساء:147]، أي: لا يعذبكم الله تعالى إن آمنتم وشكرتم. وقال تعالى: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:117]، وقال تعالى: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ [الأعراف:170]، وفي الحديث عن النبي : ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى))[1].

عباد الله، إن ربكم تبارك وتعالى أَجَلُّ وأَكَرم وأوفى من أن يتخلى عن عبده ويضيعه إذا صدق معه، وخاف من اتباع هوى النفس، وعمل بما يحب ربه من الطاعات فرائضها ونوافلها، وجانب المحرمات. فمن كان لربه على ما يحب الرب كان الله له على ما يحب، قال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة:40]، وقال تعالى: وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ [التوبة:111]، وقال تعالى: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:40، 41].

وأحسن أحوال العبد أن يتولى اللهُ تعالى أموره كلها، ويحفظه في دينه ودنياه، ويسدده ويوفقه في أقواله وأفعاله وعاقبة أمره، ولا يُنال ما عند الله إلا بطاعته، وهل شقي بطاعة الله أحد، أو سَعِدَ بمعصية الله أحد؟!. عن أنس عن النبي ، عن جبريل عليه السلام عن ربه تعالى قال: ((من أهان لي وليًا فقد بارزني بالمحاربة، وما ترددت عن شيء أنا فاعله، ما ترددت في قبض نفس عبدي المؤمن؛ يكره الموت وأكره مسأته ولا بد له منه. وإن من عبادي المؤمنين من يريد بابًا من العبادة فأكفه عنه لا يدخله عجب فيفسده ذلك، وما تقرب إلي عبدي بمثل أدى ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتنفل إلي حتى أحبه، ومن أحببته كنت له سمعًا وبصرًا ويدًا ومؤيدًا، دعاني فأجبته، وسألني فأعطيته، ونصح لي فنصحت له. وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الغناء، ولو أفقرته لأفسده ذلك. وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الفقر، وإن بسطت له أفسده ذلك. وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الصحة، ولو أسقمته لأفسده ذلك. وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا السقم، ولو أصححته أفسده ذلك، إني أدبر عبادي بعلمي بما في قلوبهم، إني عليم خبير)) رواه الطبراني[2]. ولهذا الحديث شاهد في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في بعض ألفاظه[3]. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله يقول: ((من الْتَمَسَ رضا الله بسخط الناس كفاه مُؤْنَةَ الناس، ومن الْتَمَسَ رضا الناس بسخط الله وَكَلَهُ الله إلى الناس)) رواه الترمذي[4].

عباد الله، إن من أعظم العبادات وأجمعها للخير الدعاء؛ فالدعاء ينزل الله به الخيرات، ويدفع به البلاء والشرور والمكروهات، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60]، وفي الحديث: ((ما من مسلم يدعوا الله تعالى إلا أتاه الله مسألته، أو ادخرها له في الآخرة، أو صرف عنه من السوء مثل دعوته))، قالوا: يا رسول الله، إذًا نكثر؟! قال: ((الله أكثر!))[5]. والدعاء مضطر إليه كل أحد، قال عمر بن الخطاب : (إني لا أحمل هَمَّ الإجابة ولكن أحمل هَمَّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة ووقعت)[6]. فالدعاء يصلح الله به الأمور ويدفع الله به الشرور.

بسم الله الرحمن الرحيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70، 71].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وبقوله القويم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



--------------------------------------------------------------------------------


[1] أخرجه البخاري في المناقب (3641)، ومسلم في الإمارة (1037) من حديث معاوية رضي الله عنه بنحوه، وورد عن غيره من الصحابة.

[2] عزاه الهيثمي للطبراني في الأوسط (10/270)، وقال: "وفيه عمر بن سعيد أبو حفص الدمشقي وهو ضعيف". وذكره الألباني في الضعيفة (1775).

[3] صحيح البخاري، كتاب الرقاق (6502).

[4] سنن الترمذي كتاب الزهد (2414)، وأخرجه أيضا القضاعي في مسند الشهاب (499)، والبغوي في شرح السنة (4214). وأورده الألباني في الصحيحة برقم (2311).

[5] أخرجه أحمد (3/18)، والبزار (3144الزوائد)، والبخاري في الأدب المفرد(710) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. قال الحاكم (1/493): "هذا حديث صحيح الإسناد، إلا أن الشيخين لم يخرجاه عن علي بن علي الرفاعي". وقال المنذري في الترغيب والترهيب: " رواه أحمد والبزار وأبو يعلى بأسانيد جيدة". وقال الهيثمي في المجمع (10/224): "رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه والبزار والطبراني في الأوسط، ورجال أحمد وأبي يعلى وأحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح، غير علي بن علي الرفاعي وهو ثقة". وأورده الألباني في صحيح الترغيب (1633). وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة وعبادة بن الصامت رضي الله عنهما.

[6] ينظر: مجموع الفتاوى (8/193)، واقتضاء الصراط المستقيم (1/359)، والفوائد، لابن القيم (ص97).




الخطبة الثانية


الحمد لله العليم القدير، غافر الذنب وقابل التوب، شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير. أحمد ربي وأشكره على فضله الكثير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الكبير، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، البشير النذير والسراج المنير. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فاتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى.

عباد الله، لقد مَنَّ الله عليكم فأصلح لكم برحمته وحكمته، وجمع كلمتكم على إمامكم وولي أمركم، فَعَمِلْتُم بما أمر الله تعالى به من الاجتماع والإتلاف، وحَذِرتم مما نهى عنه من الفرقة والاختلاف، حيث قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا [آل عمران:103].

ألا وإن انعقاد الولاية قوة في الدين، وانتظام لمصالح الدنيا، وحفظ للجماعة والحوزة، تقام بها الحدود، ويقمع بها المفسدون المجرمون، ويرغم العدو ويستتب الأمن، فاشكروا الله على الأحوال السارة، والأرزاق الدارة، فما حفظت النعم إلا بطاعة الله تعالى والاحتراز عن المحرمات، ولن يؤتى العبد إلا من قبل نفسه، ولا يضره إلا عمله ومخالفة ربه، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمْ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [البقرة:208-211]، وعن تميم الداري قال: قال رسول الله : ((الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة))، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) رواه مسلم[1].

عباد الله، إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، فقال تبارك وتعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، وقد قال : ((من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا))[2]. فصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد...



--------------------------------------------------------------------------------

[1] صحيح مسلم كتاب الإيمان (55).

[2] أخرجه مسلم في الصلاة (408)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه

amatollah 29-08-2005 02:36 PM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
 
بسم الله و الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله

المرجو من الاخ المشرف على هذه الصفحة ان يحذف المكرر من الخطبة و اعتذر عن الازعاج و جازاكم الله كل الخير

maher 21-10-2005 07:33 AM

( الله مولانا ولا مولى لهم ) للشيخ : ( نبيل العوضي )
 
الله مولانا ولا مولى لهم

عندما يلجأ الإنسان إلى الله يجد المخرج والفرج، وعلى الإنسان المؤمن أن يعلم أن الله معه وهو ناصره ومعينه، وفي المقابل عليه أن يعلم أن سلعة الله غالية، ولينظر إلى الجيل الأول صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف ضحوا بدمائهم وأموالهم وأنفسهم في سبيل نيلها. وليعلم أن عزة المسلمين بتمسكهم بهذا الدين، ورجوعهم إلى ربهم.

اللجوء إلى الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة السلام على سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

في أحد وبعد أن انتهت المعركة بما انتهت، إذا بـأبي سفيان -قبل إسلامه- ينادي المسلمين، فكان فيما قال: لنا العزى ولا عزى لكم، أي يخاطب المسلمين بعد جراحهم، وبعد أن قتل منهم من قتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (ألا تجيبوه؟! قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم ) ثم قال أبو سفيان : يوم بيوم بدر والحرب سجال، فقال عمر : لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.

الله مولانا ولا مولى لهم، فإنه جل وعلا الذي نصر نوحاً بعد أن تجمع عليه قومه، ولم يبقَ معه إلا القليل من المستضعفين، فسخروا منه، واستهزءوا به، كان معه ضعفاء القوم وأراذلهم، ولكنهم في الإيمان قمم وجبال: قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ [هود:38] نعم. الله مولانا ولا مولى لهم، فرفع نوح يديه إلى الله عز وجل قال تعالى: فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ [القمر:10] فإذا بسنن الكون تتغير، وإذا بالسماء التي لم تكن تمطر ينهمر منها الماء، وإذا الأرض القاحلة، والصحراء التي ليس فيها ماء تتفجر بالعيون: فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ [القمر:10-12].

هود عليه السلام جاء قومه يدعوهم إلى الله عز وجل؛ فأرادوا قتله، فقال وقد توكل على الله عز وجل واستنصر به، قال يا قوم: أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دِونِه * فَكِيدُونِي جَمِيعاً [هود:54-55] أي: تجمعوا عليّ كلكم، قال: فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ [هود:55] أي: لا تؤخروني بل اقتلوني، واصنعوا ما تريدون، أي قوة يملكها هود عليه السلام، إنه يملك أعظم قوة، إنه التوكل على الله عز وجل: إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا [هود:56].

الله مولانا ولا مولى لهم ، فإذا بقوم عادٍ مرت عليهم الأيام، فأرسل الله عليهم جنداً من جنوده، ريحاً صرصرا في أيام نحسات، إنها ريحٌ شديدة باردة، تحمل الواحد منهم إلى السماء، ثم تطرحه على الأرض؛ فينفصل رأس أحدهم عن جسده: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ [الفجر:6-8].

كانوا يتحدون ربهم جل وعلا، وكانوا يقولون لهود: ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [العنكبوت:29] وكانوا يفتخرون أنهم أعظم قوة على وجه الأرض، فكانوا يقولون: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً [فصلت:15] أي: ليس في الأرض قوة أعظم من قوتنا، وهذا جنون العظمة، الغطرسة، الكبر، العتو، ولكن النهاية: فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ [الحاقة:7-8]

التوكل على الله والثقة به

موسى عليه السلام رجلٌ لا يملك إلا أخاه والعصا، دخل على قصر فرعون الجبار الطاغية، الذي من جبروته في الأرض وغطرسته، ومن جنون عظمته أنه كان يقول: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى [النازعات:24] ولا يسمح برأيٍ يخالف رأيه، حتى كان يقول للناس: مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ [غافر:29].

قتل الأطفال..! ما ذنب الأطفال أيها الظالم الجبار؟ استحيا النساء وقتل الأطفال بغير ذنب، واستعبد الرجال بغير ذنب، لأنه جبار في الأرض، فوصل فرعون وجيشه إلى موسى عليه السلام، وما كان مع موسى إلا شيوخٌ ضعاف، ونساءٌ ضعاف، وأطفال صغار، أمامهم البحر، وخلفهم فرعون وجيشه: قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [الشعراء:61] أي: تجمع علينا المشركون، قتلونا: قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ [الشعراء:62] ماذا معك يا موسى؟ أسلحة؟ جيوش جرارة؟ موسى لا يملك إلا عصا، وما معه إلا ضعاف القوم، ويستقبلهم طاغية وجيشٌ طاغٍ في الأرض، أسلحة وعتاد؛ لكن موسى عنده سلاحٌ عظيم: قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء:62].

الله أكبر! إنه اليقين بنصر الله، إنه التوكل على الله، إنه صدق الإيمان بالله، فإذا البحر يأتمر بأمر موسى، فينفلق البحر له، ثم إذا بالبحر يسير فوق فرعون الذي كان يقول: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ [الزخرف:51] نعم. أبصروك يا فرعون والماء يجري من فوقك، أبصروك والطين في فمك يضعه جبريل فيه، ذلٌ وأي ذل؟ إنه نصر الله جل وعلا دائماً وأبداً لعباده المؤمنين.

إبراهيم عليه السلام يُلقى في النار فيقول له جبريل: ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا، ولكن حسبي الله ونعم الوكيل، فإذا بالنار: قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ [الأنبياء:69-70] الله مولانا ولا مولى لهم.

بكى أبو بكر عندما تجمع المشركون عند الغار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ما يبكيك يا أبا بكر ؟ قال: يا رسول الله! لو نظر أحدهم تحت قدمه لرآنا، قال: يا أبا بكر ! ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ ) إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ [التوبة:40] اثنان يلاحقهما من في الأرض من جيوش وطواغيت، وهما رجلان ضعيفان لكنهما يملكان القوة بالله: إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ [التوبة:40] لمَ لا يحزن؟ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40] وهذا هو الفرق، الفرق إن الله عز وجل مع المؤمنين كما قال تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ [البقرة:257].

نصر الله لعباده وتأييده لهم

الله عز وجل مدبر الأمر، مصرف الآيات قال تعالى: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا [التوبة:51] كل ما يحدث في الأرض فبعلم الله، وبقدر الله عز وجل: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف:79-80] كل شيء يدبر في السماء بعلم الله وبقدر الله.

في الأحزاب تجمع الناس على رسول الله، فإذا المنافقون الذين يترقبون الأزمات والفتن ليرفعوا رءوسهم يتكلمون، عندما يتجمع المشركون والأعداء على المسلمين ينطق المنافقون، فهذا وقتهم، وهذا زمنهم، وهذه فرصتهم.

فإذا بهم يثبطون المؤمنين، ويثيرون القلاقل، حتى قال أحدهم: لا يقدر أحدنا أن يقضي حاجته، ورسولكم يعدكم ببلاد كسرى والروم، كيف هذا؟ ويقولون: مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً [الأحزاب:12].

أما المؤمنون الصادقون، لما رأوا المشركين تجمعوا على المدينة ، واليهود نقضوا العهود، والمنافقون يثيرون الفتنة بين الصفوف كما قال تعالى: إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً [الأحزاب:10-11] ماذا قال المؤمنون: وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً [الأحزاب:22] الله مولانا ولا مولى لهم.

كان النبي عليه الصلاة والسلام يقاتل وفي قلبه أن الله عز جل هو مولاه، والله عز وجل ينصره، والله عز وجل يتم كلمته، يقول علي بن أبي طالب يصف النبي عليه الصلاة والسلام وهو أشجع الناس: [لقد رأيتني يوم بدر وإنا لنلوذ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذٍ بأساً ] فقد كان أشجع الناس محمداً عليه الصلاة والسلام، ولما ولى المسلمون مدبرين يوم حنين يقول العباس : [[طفق الرسول يركض بغلته نحو الكفار، تراجع المسلمون وبقي النبي صلى الله عليه وسلم وبعض أصحابه لم يتراجع؟ تقدم واستقبل صفوف المشركين وكانت صفوفهم كثيرة، والمشركون يتجمعون عليه وهو يستقبلهم على بغلته وبيده عصا، وكان يقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب ) يقول العباس : أنا آخذٌ بلجام بغلته لئلا يتقدم، والنبي صلى الله عليه وسلم يتقدم، ويقول عليه الصلاة والسلام: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب ).

صفقة رابحة

قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى [التوبة:111] إنها الصفقة، هل بعت يا عبد الله؟ انظر الثمن وانظر السلعة: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التوبة:111] نفسك ومالك تعطيها لله والثمن الجنة، وطريقة البيع: يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [التوبة:111] مدافع، صواريخ، رشاشات، قنابل، أسلحة: يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ [التوبة:111] والضمان من الله: وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:111] لما سمع الصحابة هذه الآيات ضحوا بمهجهم، ضحوا بدمائهم، بل بكوا إذ فاتهم الجهاد في سبيل الله.

maher 21-10-2005 07:35 AM

عمر .. هل يوجد بين المؤمنين أمثال عمر ؟! هل جعلنا قدوتنا عمر الفاروق ، هادم دولة بني ساسان؟ في عهده زال ملك المجوس، وذهبت إمبراطورية كسرى، يقول رستم عن عمر : أكل عمر كبدي أحرق الله كبده، وكذب قاتله الله، بل أطفأ نارهم، ودمر ملكهم، وهز عرشهم:

يا من يرى عمراً تكسوه بردته والزيت أدمٌ له والكوخ مأواهُ


يهتز كسرى على كرسيه فرقاً من خوفه وملوك الروم تخشاه




صور من جهاد الصحابة



علي سيد الشجعان، لما قال مرحب :

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطلٌ مجربُ


إذا الحروب أقبلت تلهبُ


رد عليه علي فقال:

أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه المنظره


أكيلهم بالسيف كيل السندره


إنه علي سيد الشجعان، لما استقبل الكفار هو وحمزة وغيره أنزل الله فيهم: هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ [الحج:19] قضيتهم الإيمان بالله، وعدوهم الكفر بالله، قضيتهم التوكل على الله، وعدوهم التوكل على غير الله، قضيتهم عقيدة وإيمانٌ وتوحيد.

الزبير بن العوام حواري رسول الله، يرى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من المشركين يقتل في المسلمين قتلاً عنيفاً فيقول للزبير : يا زبير قم إليه، فقام إليه حواري رسول الله فصارعه فسقطا من الدابة، فوقعا على الأرض، فإذا بالزبير يضربه ضربة على صدره، فيقتله قتلة ما قام بعدها، يقول علي عن الزبير : يغضب كالنمر، ويثب وثب الأسد، زبير في قلبه قول الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الصف:10]* تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [الصف:11] بأي شيء نجاهد؟ بكل ما نملك: بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ [الصف:11].

ألم نسمع قول النبي عليه الصلاة والسلام: (إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف ) الروحة والغدوة في سبيل الله أفضل من الدنيا وما فيها، وموقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود، وهي أعظم ليلة في العام، وأعظم مكانٍ في الأرض لو قامه الإنسان ليلة كاملة .. لكن موقف ساعة في سبيل الله خير من ذلك..


التضحية في سبيل الله



البراء بن مالك يقول عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك

).

البراء بن مالك رجلٌ قد باع نفسه لله، رجلٌ بطلٌ شجاع، حتى قال عمر بن الخطاب يخاطب قادة الجيوش: لا تستعملوا البراء على جيش، أي: لا تجعلوه يقود جيشاً، فإنه مهلكة من المهالك، رجلٌ من شجاعته ربما يهلك الجيش كله، في حروب الردة لما قاتل المسلمون مسيلمة وإذا به يتحصن بحصنٍ حصين، لم يستطع أحدٌ من الصحابة اقتحامه، تعلمون ماذا قال البراء ؟ قال لأصحابه: احملوني على ترس على أسنة الرماح وألقوني في الحديقة، قالوا: ماذا تقول؟ عملية استشهادية، احتمال النجاة منها (1%) فإذا بهم يرفعونه ويرمونه داخل الحصن، ويدخل الحصن، فيفاجئ المرتدين، فيقاتل هذا، ويدفع هذا، ويرد هذا، هذا يطعنه، وهذا يضربه، حتى يصل إلى الباب، فيفتح باب الحديقة فإذا بالحصن يُفتح، وإذا بالصحابة يقتحمون، وإذا بالمؤمنين ينتصرون، أين الرجال أمثال البراء ؟ أين الشجعان أمثال البراء ؟! أين المجاهدون المضحون؟ ما الذي يمنعهم؟ إنها الدنيا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ [التوبة:38] اترك الدنيا، تفكيرك بالأولاد، بالزوجات، بالوظائف، بالأموال، بالتجارات؛ يمنعك عن الجهاد في سبيل الله.

جعفر كأنه في الجنة قبل الموت، فلما تكسرت الرماح عليه قال:

يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وباردٌ شرابها


والروم رومٌ قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها


ثم استلم الراية عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل وهو يخاطب نفسه يقول:

أقسمت يا نفس لتنزلنه لتنزلن أو لتكرهنه


إن أجلب الناس وشدوا الرنه ما لي أراك تكرهين الجنه


***

يا أمتي وجب الكفاح فدعي التشدق والصياح


لغة الكلام تعطلت إلا التكلم بالرماح


إنا نتوق لألسن بكمٍ على أيدٍ فصاح


لا بد من صنع الرجال ومثله صنع السلاح


لا يصنع الأبطال إلا في مساجدنا الفساح


لا يستوي في منطق الـ إيمان سكرانٌ وصاح


من همه التقوى وآ خر همه كأسٌ وراح


شعبٌ بغير عقيدة ورقٌ تذريه الرياح


من خان حي على الفلاح يخون حي على الكفاح


نعيم بن مالك وما أدراك ما نعيم بن مالك ؟ يقول يوم أحد : يا نبي الله لا تحرمنا الجنة، فو الذي نفسي بيده لأدخلنها، فتعجب النبي وقال: بم ذاك يا نعيم قال: بأني أحب الله ورسوله، ولا أفر يوم الزحف، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (صدقت يا نعيم ) فقاتل حتى قتل: وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ [الحديد:19] الشهداء ليسوا في الأرض، الشهداء عند الله عز وجل وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ [الحديد:19].

من جزاء الشهداء عند الله



يقول عبد الله بن عمرو بن حرام ليلة معركة أحد يخاطب ابنه جابراً : يا بني ما أراني إلا مقتولاً في أول من يقتل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ يعلم أنه في الصباح سوف يقتل، ثم قال له: يا بني ولا أحدٌ أعز إلي منك إلا رسول الله، ثم وصاه، يقول: فلما أصبح الصباح يقول جابر : فكان أول قتيل في المعركة، يقول: وبعد المعركة كشفت عن وجهه وبكيت، فقام أصحاب النبي ينهونني عن البكاء، وجعلت عمتي تبكي على أبي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ابكيه أو لا تبكيه! فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه ) ثم قال لي النبي: (يا جابر ألا أخبرك أن الله كلم أباك كفاحا، فقال: يا عبدي! سلني أعطك، فقال: أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانياً، قال: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون، فقال: يا رب فأبلغ من ورائي ) فأنزل الله بعد أحد قوله جل وعلا: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169].

والشهيد لا يعذب، ولا يتألم، تقول: لقد سحقته الدبابات، وتفجرت به القنابل، وصرع بالرصاصات، وأحرقته تلك القنابل الذرية والنووية، وربما سقطت على رأسه الصواريخ، أقول لك: إنه لا يتألم إلا كما يجد أحدنا ألم قرصة النملة، ومع أول قطرة دم تخرج منه يطهره الله من كل ذنب، الله أكبر! ثم يرى مقعده من الجنة، ألم ترَ بعض الشهداء يموت وهو مبتسم، يدفن وهو مبتسم، تعرف لم؟ لعله رأى مقعده من الجنة وهو في الأرض، ثم إن الشهيد إذا أدخل القبر يجار من عذاب القبر بنعيم أكبر من هذا، نحن نخاف من ظلمة القبر، نخاف من عذاب القبر، نخاف من جحيم القبر، نخاف من الديدان، نخاف من الثعابين.. أما الشهيد فيجار من كل هذا.

ثم إذا بعث عند ربه يأمن من الفزع الأكبر، ويبعث الناس على أعمالهم، هو يبعث والدم ينزف من جسمه؛ اللون لون دم والريح ريح مسك، ثم يُلبس تاج الوقار والكرامة، الياقوتة فيه خيرٌ من الدنيا وما فيها، ويزوج باثنتين وسبعين من الحور العين، ويشفع في سبعين من أهله.

ثم أرأيت الشهيد الذي يُقتل؛ أتعرف أين هو؟ هو في الجنة، في جوف طيرٍ خضر لها قناديل معلقة تحت عرش الرحمن، تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، يطلع عليهم ربهم فيقول: (أتريدون شيئاً؟ أتشتهون شيئاً؟ يقولون: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ حتى يقولون: نريد أن ترد أرواحنا بأجسادنا فنرجع إلى الدنيا فنقتل في سبيلك مرة أخرى، فيقول لهم ربهم: إني كتبُ أنكم إليها لا ترجعون ) وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169].



الله مولى المؤمنين




نعم قد يقتلون الآلاف، نعم قد يسحقون الملايين، قد يدمرون الشعوب، وقد يقتلون الأطفال والنساء والرجال؛ ولكن لا سواء، قتلى المسلمين في الجنة، وقتلى الكفار في النار، الكفار لا يعلمون أن أعظم غاية للمجاهد أن يموت شهيداً، ثم إن حصل له النصر كان بها، وإلا فغايته الشهادة، غايته أن يموت في سبيل الله، يقولون: هزم المجاهد فقتل، نقول لهم: بل انتصر، فإن غايته أن يموت شهيداً، غايته أن يدخل الجنة، وما خرج إلا للشهادة، فإن حصل النصر فـوَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ [الصف:13]

maher 21-10-2005 07:38 AM

أهل الأعذار يصرون على القتال

أهل الأعذار كانوا يتمنون الجهاد، بل ذهبوا للجهاد، هذا أعرج قد عذره الله عن الجهاد عمرو بن الجموح ، يقول لأبنائه جهزوني، فيمنعونه ويأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيقول لهم: (لا عليكم أن لا تمنعوه، لعل الله أن يرزقه الشهادة ) وهو يقول لأبنائه: والله لأطأن بعرجتي الجنة، فقاتل حتى قتل في أحد .

ابن أم مكتوم أعمى لا يُبصر، قال: أريد الجهاد، قالوا له: ماذا تصنع بالجهاد؟ قال: والله لأذهبن إلى الجهاد، قالوا: ماذا تريد أن تصنع؟ قال: أمسك لكم الراية، فمسك الراية فتكسرت الرماح عليه، فقتل واستشهد في سبيل الله وهو ممسك براية الإسلام، قتل ولكنه ما مات إنها الرجولة أيها المسلمون مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً [الأحزاب:23].

حنظلة في ليلة زفافه يجامع زوجته ويسمع منادي الجهاد ينادي: حيَّ على الجهاد، حيَّ على الجهاد، فإذا به ينتفض ويقوم من الفراش، ويلبس ملابسه، ويحمل سلاحه فيقاتل حتى يقتل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رأيته يُغسل بين السماء والأرض بصحاف من ذهب ) ماذا صنع؟ قاتل ولم يغتسل من جنابة

يقول أنس لـسعد : ما أجلسكم يا سعد ؟ قال: قتل رسول الله، قال: قوموا فموتوا على ما مات عليه، ثم ذهب فقاتل حتى قتل رضي الله عنه.

عزة المسلمين

خالد بن الوليد كم معركة خاضها، لم يمت في المعارك؟!!
كنا جبالاً في الجبال وربما صرنا على موج البحار بحارا
بمعابد الإفرنج كان أذاننا قبل الكتائب نفتح الأمصارا
لم تنس أفريقيا ولا صحراؤها سجداتنا والأرض تقذف نارا

إنه الجهاد في سبيل الله، إنها الشهادة.

نعم. قد يقتل من المسلمين ما يقتل، قد يثخن فيهم الجراح؛ ولكن: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ [النساء:104] والفرق: وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ [النساء:104].

أحد قادة الكفار ماهان يخاطب خالد بن الوليد يقول له: إنا قد علمنا أنه ما أخرجكم من بلادكم إلا الجُهد والجوع.

أي: نحن نعرف أنكم جياع مساكين، وأنه ما أخرجكم إلا التعب والنصب والجوع، يظنون المسلمين يريدون طعاماً أو شراباً، يظنون المسلمين يريدون المنافع من المراكب، والبيوت الفخمة، ويريدون طيب العيش، مساكين! قال ماهان يخاطب خالداً : علمنا أنكم خرجتم جائعين، فهلموا نعطي كل رجلٍ منكم عشرة دنانير -رشوة- وكسوة وطعاماً وترجعون إلى بلادكم، وكل سنة نعطيكم مثل هذا المال.

انظروا إلى الرشوة، فقال خالد بن الوليد : (والله لم يخرجنا من بلادنا هذا غير أنا قومٌ نشرب الدماء -الله أكبر إنها الحرب النفسية قبل أن تكون جسدية- وأنه قد بلغنا أنه لا دم أطيب من دم الروم فجئنا لذلك ) أي: جئنا لنشرب من دم الروم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة:54] انظروا إلى صفات أولياء الله؛ أول صفة: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِين يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ [المائدة:54].


عاقبة ترك الجهاد
يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا تباعيتم بالعينة، ورضيتم بالزرع، واتبعتم أذناب البقر -ربا ودنيا وشهوات- وتركتم الجهاد في سبيل الله؛ سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) وقال في الحديث الآخر: (يوشك أن تتداعى عليكم الأمم -يهود، نصارى، شيوعيون، هندوس، لا تينيون- يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أومن قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم كثير، لكنكم غثاء كغثاء السيل، قد أوهن قلوبكم حب الدنيا وكراهية الموت ).

في إحدى المعارك كان عدد الروم النصارى مائتين وخمسين ألف مقاتل -ربع مليون- والمسلمون أقل من اثنين وثلاثين ألفاً في عهد أبي بكر ، وكان أبو عبيدة قد أرسل إلى أبي بكر : أما بعد: فإن الروم ومن كان على دينهم من العرب -أي: من حلفائهم النصارى- قد أجمعوا على حرب المسلمين، ونحن نرجو النصر، وإنجاز موعود الله تبارك وتعالى، قال: وأحببت أن أعلمك بذلك لترينا رأيك، فقال الصديق بعد أن ثبت قلوبهم، وشجعهم، وبعد أن دعاهم إلى الجهاد في سبيل الله؛ قال: خالدٌ لها، خالدٌ لها، والله لأنسين الروم وساوس الشياطين بـخالد بن الوليد .

فإذا بالصحابة يقاتلون فيدكون الأرض دكاً تحت أقدامهم، يأتيهم من الأفق نداء الله عز وجل وهم يقاتلون: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ [التوبة:14]* وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ [التوبة:15] فإذا بـخالدٍ يدك الأرض دكاً.

وتمضي قوافل المجاهدين، والجهاد باقٍ إلى أن تقوم الساعة قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من هذه الأمة تقاتل في سبيل الله حتى يقاتل آخرهم الدجال ) القتال ماضٍ، والجهاد ماضٍ، والخيل معقودٌ في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ [الأنفال:60] الله مولانا ولا مولى لهم!

الولاء والبراء

الله مولانا نوالي فيه، ونعادي فيه، نحب من أحب الله ورسوله، ونعادي كل من عادى الله ورسوله، نحب في الله، ونبغض في الله، نحب المؤمنين في أي مكان في الأرض، ومن أي جنسٍ، نواليهم في الله: (فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يسلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه ).

(مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) الحديث، حتى العاطفة فقدت في قلوب كثيرٍ من المسلمين اليوم، أين الولاء في الله؟ أين البراء في الله؟ أسوتنا بإبراهيم عليه السلام: وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة:4] لا نحب الكافرين ولو كانوا أقرب الناس إلينا، لا نحبهم ولا نواليهم، بل نعاديهم في الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [المائدة:51] أي: اليهود والنصارى ومن حالفهم وشايعهم؛ بعضهم أولياء بعض: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ [المائدة:51] وأعظم الولاء الحب والنصرة، فمن أحبهم ونصرهم فهو منهم: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51].

ومن اتخذهم أولياء، فإنه ليس له من الله في شيء، الله عز وجل يتبرأ منه: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ [آل عمران:28] بل إن الله نفى الإيمان عنهم: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المجادلة:22]

المنافقون والفتن

وهنا يبرز المنافقون، ويرفعون رءوسهم، هنا وقت الفتن والمحن، إذا اشتد الأمر على المؤمنين الصادقين تكلم ونطق المنافقون، ماذا يقولون؟ وماذا يصنعون؟ هذا وقتهم قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ [الحشر:11] الله عز وجل قال إخوانهم أي: كفار مثلهم: لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [الحشر:11].

هذا وقت المنافقين، مذبذبين لا تعرف حقيقتهم، هل هم مع المؤمنين أم مع الكفار: بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ [النساء:138] الذين يشايعون اليهود والنصارى والكافرين: بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [النساء:138-139] تعرف لم يصنعون هذا؟ يريدون النصر منهم، والعزة بهم: أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً [النساء:139].

هكذا هم في حقيقتهم يتبعون اليهود والنصارى: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضبٍ لدخلتموه ) الله مولانا ولا مولى لهم.

وألف بين قلوبهم
أيها الإخوة الكرام! بشائر النصر قد ظهرت، وقد لاحظتموها، هاهم المؤمنون الصادقون في مشارق الأرض ومغاربها -وكما قيل: رب ضارة نافعة- كلهم قد أشعلت في قلوبهم جذوة الإيمان، قد رفعوا رايات وكتبوا عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله، شعارهم: الله أكبر والعزة لله، أعلامهم ليس فيها إلا لا إله إلا الله محمد رسول الله، ما الذي جمعهم؟ ما الذي ألف بين قلوبهم؟ ما الذي أحيا الإيمان في قلوبهم؟ إنه الله عز وجل.

ألا ترون إلى المساجد كيف تمتلئ؟ ألا ترون النساء كيف يقبلن على الحجاب؟ ألا ترون الناس يقبلون على دين الله عز وجل أفواجاً؟ ألا ترون الشعوب كلها تطالب بتحكيم شرع الله؟ لا عزة إلا بتحكيم الشرع، لا نصر إلا بالرجوع إلى الكتاب السنة: (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي ).

ألا ترون طلائع الجهاد في سبيل الله، كلما أراد الكفار أن يطفئوا نور الله فإن الله عز وجل يظهر دينه: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة:32] كم نسمع في هذه الأيام من التائبين الذين يقبلون على دين الله أفواجاً، وأعداد لا نحصيهم، دعاهم الله جل وعلا.

يقبلون على الدين بغير دعاته إلى الله، قوافل كثيرة يقبلون على دين الله، بل كم وكم نسمع هذه الأيام من الشباب الذين يريدون أن يجاهدوا في سبيل الله، قبل أيام كانوا في المراقص، قبل أيام كانوا في الملاعب، قبل أيام كانوا لابد يدخلون المساجد، أما اليوم يبكون من خشية الله، يبكون توبة لله، وأحدهم يقول: أريد الجهاد في سبيل الله: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ [يوسف:110].

إذا ظن الناس أنه لا مفر ولا نجاة، جاء نصر الله عز وجل: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ [النور:55] أبشروا فإن الخلافة ستعود، خلافة على منهاج النبوة، ولا تزال في هذه الأمة طائفة على الحق ظاهرين، وسوف يعود النصر للمسلمين، وسوف يبعث الله على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها.

أبشروا أيها المؤمنون، وعليكم بالدعاء: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62] وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] عليكم بالثلث الأخير، عليكم بالدعاء في السجود، فإن الدعاء سلاح المؤمن، الدعاء يفوق الصواريخ، ويفوق القنابل، ويفوق المتفجرات، الدعاء سلاح المؤمن: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62].

maher 21-10-2005 07:38 AM

أشعلتها من دمي جمراً وبركاناً أججتها من قرار القلب نيرانا
فلا لشرق ولا غربٍ نطأطفها تلفظ الجبهة الشماء إذعانا
إن البطولة صاغتها عزائمنا فجراً منيراً وتحريراً وإيمانا
يؤجج النار في أعماق إخوتنا ويزهق الباطل المدحور مذ كانا
هدي الرسول رسول الله لقننا أن الهزيمة ليست من سجايانا
فبورك الدم روى قرب معتركٍ أرواحنا في لظاه من عطايانا
جند العقيدة يمضي ركبنا قدماً فلا يخلف طاغوتاً وأوثانا
نحرر الأرض من أغلال تجزئة قد مزق الدار أقطاراً وأوطانا
نحرر الفطر من أغلال مهزلة وردة مالها إلا سرايانا
نحكم الشرع منهاجاً لأمتنا ونحمل المشعل الوقاد فرقانا
منهاجنا قلعة في القلب نحرسها وبالدماء لها أغلى ضحايانا
تأبى عقيدتنا تأبى شريعتنا أن يصبح الناس أدياناً وقطعانا

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر اللهم أعداء الدين، اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين سوءاً فأشغله بنفسه، واجعل تدبيره تدميره، ورد كيده في نحره، اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزم أعداء المسلمين من اليهود والنصارى ومن شايعهم، اهزمهم وانصرنا عليهم، اللهم اقذف الرعب في قلوبهم، اللهم شتت جمعهم، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم، اللهم مزق جمعهم، اللهم انصر عبادك المجاهدين، اللهم اربط على قلوبهم، اللهم ثبت أقدامهم، اللهم اجمع كلمتهم، اللهم اجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين، اللهم ارفع راية الجهاد، اللهم ارفع راية الجهاد، واقمع أهل الكفر والفساد، اللهم انصر عبادك المسلمين، اللهم انصر عبادك المسلمين في كل مكان.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

maher 07-10-2006 07:23 PM

السلام عليكم

هذه خطبة راااااااااااائعة للشيخ الحذيفي من أجمل و أبلغ ما قرأت
يقال و الله أعلم أنه قالها بعد زيارة أحد رؤوس الشيعة للمدينة




الحمد لله رب العالمين أما بعد:
فاتقوا الله أيها المسلمون اتقوا الله حق التقوى واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى عباد الله إن أعظم نِعم الله على الإنسان الدين الحق الذي يحيي الله به من موت الكفر ويبصره الله به من عمى الضلالة قال تعالى: (أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها..) ودين الله في السماء وفي الأرض ودين الله للأولين والآخرين هو الإسلام ولكن الشريعة تختلف لكل نبي فشرع الله لكل نبي ما يصلح أمته وينسخ الله ما يشاء ويثبت ما يشاء بحكه وعلمه. وببعثة سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم نسخ الله كل شريعة وكلف الله الإنس والجن باتباعه والإيمان به قال الله تعالى: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا غله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون). وفي الحديث: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار). فمن لا يؤمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم فهو في النار ولا يقبل الله منه ديناً غير الإسلام قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام). وقال تعالى: (ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين). وقد بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بأفضل شريعة وأكمل دين جمع الله فيه كل أصل بعث به الأنبياء قبله عليه الصلاة والسلام (الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من يُنيب). وأحبار اليهود ورهبان النصارى يعلمون أنَّ دين محمد صلى الله عليه وسلم حق لكن يمنعهم من اتباعه الحسد والكبر وحب الدنيا والشهوات ولن يجدي ذلك عليهم شيء وقد حرف اليهود والنصارى قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كتابهم وغيّروا دينهم فهم على كفر وضلال.
و بعد هذا العرض الموجز للحق والباطل يسؤونا نحن المسلمين الدعوة التي تنادي بالتقريب بين الأديان من جهة والتقريب بين أهل السنة والشيعة من جهة أخرى والذي ينادي به بعض المفكرين الذي تنقصهم أولويات وأساسيات في العقيدة ويزداد الأمر خطورة في هذا العصر الذي صارت فيه الصراعات دينية ومصالح ترتكز على الدين.
إن الإسلام يدعو اليهود والنصارى إلى أن ينقذوا أنفسهم من النار ويدخلوا الجنة ويدخلون في دين الإسلام الحق وينخلعوا من الباطل قال الله تعالى: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقل اشهدوا بأنا مسلمون). والإسلام يقر اليهود والنصارى على دينهم تحت حكمه إذا كانوا ملتزمين بأحكامه المالية والأمنية ولا يجبرهم على الإسلام لقول الله تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي). ويبين الإسلام أنَّ دينهم باطل وهذا لسماحة الإسلام ونصحه للبشرية حتى يؤمن من يُؤمن ويكفر من يكفر. ولو دخل اليهود والنصارى والمشركون في الإسلام لوسعهم وكانوا إخوة للمسلمين في الدين لأن الإسلام ليس فيه عنصرية ولا يتعصب للون ولا لعرق قال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم). وتاريخ الإسلام شاهد بذلك وأما أن يقرب الإسلام من اليهودية أو النصرانية فذلك بعيد كل البعد وهيهات هيهات أن يكون هذا قال تعالى: (وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت مسمع من في القبور).
وأما أن يقرب المسلم من اليهود والنصارى بمعنى أن يتنازل عن بعض أحكام دينه ويتساهل في تطويع دينه أو تطويع بعض أحكام دينه لأهوائهم أو يوادهم فذلك أيضاً لا يكون أبداً من المسلم الحق ولكن المسلم مع هذا نهاه دينه أن يظلمهم بل يقسط إليهم وهو مأمور بالمدافعة عن الحق وينصره ويُعادي الباطل ويكسره.

وأما الدعوة إلى التقريب بين الأديان فذلك يُنافي دين الإسلام ويوقع في فتنة وفساد كثير ويجر إلى خلط في عقيدة الإسلام وضعف في الإيمان وموالاة لأعداء الله تعالى وقد أمر الله المؤمنين أن يكون بعضهم أولياء بعض قال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض). وأخبرنا الله تعالى أن الكفار بعضهم أولياء بعض مهما كانت مشاربهم فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض). كيف يكون هناك تقريب بين الإسلام واليهودية والإسلام في صفائه وضيائه ونوره وإشراقه وعدالته وسماحته وشموله وسمو أخلاقه وعمومه للإنس والجن واليهودية في عنصريتها وضيقها وحقدها على البشرية وانحطاط أخلاقها وظلماتها وطمعها كيف يقبل المسلم أن ترمى مريم الصديقة العابدة بالزنا الذي يرميه بها اليهود وكيق يقبل المسلمون أن يرمي اليهود المسيح بن مريم بأنه ولد الزنا.

كيف يكون تقريب بين القرآن وتلمود الشيطان؟ كيف يكون تقريب بين الإسلام والمسيحية؟. الإسلام دين التوحيد الصافي والتشريع الكامل والرحمة والعدالة والمسيحية التي تقول أن عيسى عليه السلام هو ابن الله أو هو الله أو هو ثالث ثلاثة الأب والابن وروح القدس فهل يقبل العقل أن الإله يشتمل عليه الرحم وهل يقبل العقل أن الإله يأكل ويشرب ويركب الحمار وينام ويبول ويغوط كيف يكون تقريب بين النصرانية الضالة التي هذه عقيدتها في عيسى وبين الإسلام الذي يعظم عيسى ويقول هو عبد لله ورسول من أفضل الرسل عليه الصلاة والسلام.




maher 07-10-2006 07:31 PM




و كيف يكون هناك تقريب بين السنة والشيعة، أهل السنة الذين حملوا القرآن الكريم وسنة الرسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ الله بهم الدين وجاهدوا لإعلاء منارة الإسلام و صنعوا تاريخه المجيد، والرافضة الذين يلعنون الصحابة ويهدمون الإسلام، فإن الصحابة رضي الله عنهم هم الذين نقلوا الدين لنا فإذا طعن أحد فيهم فقد هدم الدين.
كيف يكون تقريب بين أهل السنة والرافضة وهم يسبون الخلفاء الثلاثة وسبهم لو كان لهم عقول يفضي إلى الطعن في الرسول صلى الله عليه وسلم فإن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما صهران لرسول الله صلى الله عليه وسلم ووزيراه في حياته وضجيعاه بعد موته ومن ينال هذه المنزلة، وجاهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع غزواته ويكفي هذا الدليل لبطلان الرفض. وعثمان رضي الله عنه زوج ابنتين للرسول صلى الله عليه وسلم والله لا يختار لرسوله صلى الله عليه وسلم إلا أفضل الأصحاب فكيف لم يبين النبي صلى الله عليه وسلم عداوة الخلفاء الثلاثة للإسلام ويحذر منهم إن كانوا صادقين بزعمهم، بل سب هؤلاء الثلاثة طعن في علي رضي الله عنه فقد بايع أبا بكر في المسجد راضياً وزوج عمر ابنته أم كلثوم وبايع عثمان مختاراً وكان وزيراً لهم محباً ناصحاً رضي الله عنهم أجمعين. فهل يُصاهر علي رضي الله عنه كافراً أو يُبايع كافراً؟ سبحانك هذا بُهتان عظيم.
ولعنهم لمعاوية رضي الله عنه طعن في الحسن رضي الله عنه الذي تنازل عن الخلافة لمعاوية ابتغاء وجه الله وقد وفق لذلك وحرضه صلى الله عليه وسلم على ذلك فهل يتنازل سبط رسول الله لكافر يحكم المسلمين؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
وكيف يلعنون أم المؤمنين عائشة التي نص الله في كتابه على أنها أم المؤمنين في قوله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم).
وكيف يكون تقريب أهل السنة والرافضة وقد جعلوا الخميني إما الضلالة معصوماً حيث أقروه على أنه نائب مهديهم الخرافة الذي قالوا بأنه دخل سرداب سامرا والنائب له حكم المستنيب فإذا كان المهدي معصوماً فالخميني معصوم لأنه نائب له فماذا هذا التناقض؟ إن الرافضة في قولهم في ولاية الفقيه قد نسفوا مذهبهم من أساسه والباطل يحطم بعضه بعضاً ويشتمل ويتضمن على الردود وتحطيم نفسه بنفسه وأهل البيت براء منهم ومن هذا القول والأدلة على بطلان مذهب الرافضة شرعاً وعقلاً لا تحصى إلا بالمشقة… ألا فليدخلوا في الإسلام وأما نحن أهل السنة والجماعة فلن نقترب منهم شعرة واحدة أو أقل من ذلك فهم أضر على الإسلام من اليهود والنصارى ولا يوثق بهم أبداً وعلى المسلمين أن يقفوا بالمرصاد قال تعالى: (هم العدوّ فاحذرهم قاتلهم الله أنى يُؤفكون). إن نسب الرفض يعود إلى عبد الله بن سبأ اليهودي وإلى أبي لؤلؤة المجوسي.


إذاً معشر المسلمين لابد أن يتميز المسلم في عقيدته فيحب ما أحب الله ويكره ما يكرهه الله ويتناصر المسلمون ويكونوا يداً واحدة فإنّ أعداء المسلمين جمعهم على عداوة المسلمين دينهم وعقائدهم الكافرة قديماً وحديثاً. قال تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملّتهم)، وما غرسوا الدولة الصهيونية في فلسطين إلا لحرب الإسلام وزعزعة المنطقة وكان من آثار استعمارهم للعالم الإسلامي أمراض عقدية واجتماعية ما زال يُعاني منها المسلمون ومن أعظم ذلك إلغاء المحاكم الشرعية في العالم الإسلامي وإحلال القوانين الوضعية والمحاكم القانونية بدلاً عنها لكن هذه المملكة!! ولله الحمد هي التي بقيت محافظة على المحاكم الشرعية التي تحكم بشريعة الله تعالى وتحمل راية التوحيد بين الدول!
و في الآونة الأخيرة صار اليهود والنصارى يختلقون مشاكل للمنطقة ويتذرعون بها للتواجد العسكري ومن أسباب ذلك سلسلة من الانقلابات العسكرية التي بُليت بها المنطقة باسم أحزاب ومذاهب كافرة كالبعث والقومية والاشتراكية التي لا تمت إلى الإسلام بخيط أو بشعرة من الصلة فأبرزت مثل صدام فهذه الأحزاب وهذه المذاهب مثل صدام حسين وحورب لذلك الدين والعلم ولا نبوغ. واستخدمت التصفيات الجسدية وأسكتت أصوات الحق وهاجرت الكفاءات إلى الغرب فضعفت تلك الدول التي أُصيبت بالانقلابات وكل ما جاءت أمة منهم لعنت ما قبلها والعياذ بالله. ولا تزال بعض البلاد العربية تعتبر صلاة الجماعة جريمة يُعاقب عليها فلا حول ولا قوة إلا بالله فأين النصر والعزيمة والكرامة.
و بعد أن تمهدت الأسباب للدول الكبرى صاروا يفتعلون الأحداث الصورية للتدخل العسكري بعد أن تدخلوا اقتصادياً وباتت نوايا الدول الكبرى ظاهرة ضد استقرار المنطقة وتقسيمها إلى دويلات صغيرة متحاربة وبدافع العداء الديني فإن عداء الدول الكبرى لدولة الحرمين الشريفين أعزها الله أشد وأعظم لأنها هذه المملكة حصن للإسلام فأصبحت نوايا أمريكا وبريطانيا ومن دار في فلكهم ظاهرة السوء بُغية إلحاق الضرر. بل عداء الدول الكبرى كلها وعداء الدول الكافرة كلها ضد الإسلام والمسلمين ولا يوثق بواحدة منها أبداً فبغية إلحاق الضرر والعنت بهذه المملكة في التلويح بتهديدها في مرافقها الحيوية أو سلامة وحدة أراضيها. ألا فلتعلم أمريكا أن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها متضامنون مع دولة الحرمين الشريفين أعزها الله لأنها هذه المملكة المعقل الأخير للإسلام وكل هذه النوايا السيئة من الدول الكبرى كل ذلك لستة أمور: الأول: ضمان استقرار دولة العدوّ الصهيوني. الثاني: بناء هيكل سليمان. الثالث: المحافظة على بقاء التفوق العسكري اليهودي على دول المنطقة. الرابع: السيطرة على ثروات المنطقة حتى لا يكون لأهلها إلا فتات الموائد. الخامس: القضاء على الدعوة للإسلام. السادس: الدعوة إلى كل ما يُضاد الإسلام وهدم كل خلق كريم وبقاء دول المنطقة في صراعات دائمة.
يا معشر المسلمين لكم عبرة في تركيا حكمت بالعلمانية منذ ظهر عليها اللعين كمال أتاتورك وطبق عليها الكفر قهراً ونبذ حكامها الإسلام وحاربوه على كل صغير ولا يزالون يُحاربونه وتحالفوا عسكرياً مع اليهود ولم يرضوا لها إلا أن تكون خادماً مُطيعاً فحسب بل لم يدخلوها معهم في أي حلف وذنبها لأنها كانت حامية للواء الإسلام في يوم مضى فأنتم مهما تنازلتم فلن يرضوا عنكم أبداً بل دافِعوا عن حقكم ودافِعوا عن دينكم. العداء ديني يا معشر المسلمين العراق لماذا يُحاصر شعبه ستة سنين ما ذنب الضعفاء لأنهم مسلمون لا غير.
صدام لن يتضرر هو وحزبه ويزعمون أن العراق لم ينفذ قرار الأمم المتحدة وهو قرار واحد والعدوّ الصهيوني لم ينفذ ستين قراراً بل لم توقع دولته على حظر الأسلحة النووية في منطقة ملتهبة تغلي بالبراكين والفتن لا تصلح أسلحة الدمار الشامل لها فإن صدام وحزبه ينفذون ما يُريده أعداء الإسلام.
نصيحتي لأمريكا أن لا تتدخل في شؤون المنطقة فدول المنطقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية هم المسؤولون عن المنطقة!! ولا تغتر أمريكا بقوتها فقد جرت سنّة الله أن قوة زائد ظلم يُساوي دمار الدولة والدمار من ربِّ العالمين إذا غلب المستضعفون على تلك الدولة العاتية الكافرة فالتكنولوجيا ليست كل شيء إنما الأمر يعود إلى الإيمان… أمن المنطقة لدول المنطقة هو من حقهم وما سبب المشاكل للمنطقة المزعزعة إلا الدول الكبرى التي تفتعل الأحداث وتتواجد كلما افتعلت حدثاً بذريعة أنها تقوم بذلك وأنها تصلح الوضع أو تدرأ الخطر وهي أكبر وكيف يكون الذئب راعياً للغنم؟
إن العداوة دينية يا عباد الله وأمريكا ليس لها من أمرها شيء وإنما يقودها اليهود صاغرة إلى حيث يُريدون والمسلمون لا يقبلون تواجدها العسكري ولا تواجد غيرها من أي دولة كافرة بأي حال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يبقى بجزيرة العرب دينان). وأخر وصيته عليه الصلاة والسلام: (أخرِجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب). فيجب العمل بذلك.
وأنتم معشر المسلمون تخيم عليكم سحب الإنذار فعليكم بالتوبة إلى الله فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة… يا من عصيتَ الله بالخمر تُبْ إلى الله فإنك بهذا تُساهم بالإصلاح لمجتمعك. يا من عصيتَ بالزنا.. ويا من عصيتَ الله باللواط تُبْ إلى الله.. يا من عصيتَ الله بالمخدرات تُبْ إلى ربك فإنك عما قريب سترجع إليه… يا من عصيتَ الله بترك الصلاة تُبْ إلى الله عز وجل… يا من عصيتَ بظلم مسلم في ماله وفي عرضه تب إلى ربك.. طهروا أموالكم من الربا فهو من أسباب الحروب والدمار وطهروها من المعاملات ما لا يتفق مع دين الإسلام ونصوص الشريعة حتى تكون جميع أنواع المعاملات في البنوك خاضعة لأحكام الإسلام موافقة لها.. ادعوا إلى الله أيدوا الدعوة إلى الله عز وجل إلى الإسلام.
علموا المسلمين اعتنوا بالمناهج في مناخ دول العالم الإسلامي المناهج الإسلامية والدعوة إلى الله تبارك واجب كلّ مسلم ويجب أن يُوجهها العلماء الموثوق بعقيدته والموثوق بعلمهم وباستقامتهم والذين ترجع إليهم الفتوى ويرجع إليهم المسلمون فيما عرض لهم من الأمور التي يحتاجونها الذي يتطابق مع كتاب الله وسنة رسوله. واحذروا الحزبيات المفرقة. واحذروا الأهواء المشتتة. واحذروا من عقاب الله وعذابه بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وبهدي سيد المرسلين وبقوله القويم.. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.






maher 28-12-2006 01:45 AM

الصحبة في الله
 
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن للصحبة آداباً قلّ من يراعيها. ولذلك فإننا كثيراً ما نجد المحبة تنقلب إلى عداوة، والصداقة تنقلب إلى بغضاء وخصومة، ولو تمسك كل من الصاحبين بآداب الصحبة لما حدثت الفرقة بينهما، ولما وجد الشيطان طريقاً إليهما.
ومن آداب الصحبة التي يجب مراعاتها:
1- أن تكون الصحبة والأخوة في الله عز وجل.
2- أن يكون الصاحب ذا خلق ودين، فقد قال صلى الله عليه وسلم : { المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل } [أخرجه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني].
3- أن يكون الصاحب ذا عقل راجح.
4- أن يكون عدلاً غير فاسق، متبعاً غير مبتدع.
5- ومن آداب الصاحب: أن يستر عيوب صاحبه ولا ينشرها.
6- أن ينصحه برفق ولين ومودة، ولا يغلظ عليه بالقول.
7- أن يصبر عليه في النصيحة ولا ييأس من الإصلاح.
8- أن يصبر على أذى صاحبه.
9- أن يكون وفياً لصاحبه مهما كانت الظروف.
10- أن يزوره في الله عز وجل لا لأجل مصلحة دنيوية.
11- أن يسأل عليه إذا غاب، ويتفقد عياله إذا سافر.
12- أن يعوده إذا مرض، ويسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، وينصح له إذا استنصحه، ويشمته إذا عطس، ويتبعه إذا مات.
13- أن ينشر محاسنه ويذكر فضائله.
14- أن يحب له الخير كما يحبه لنفسه.
15- أن يعلمه ما جهله من أمور دينه، ويرشده إلى ما فيه صلاح دينه ودنياه.
16- أن يذبّ عنه ويردّ غيبته إذا تُكلم عليه في المجالس.
17- أن ينصره ظالماً أو مظلوماً. ونصره ظالماً بكفه عن الظلم ومنعه منه.
18- ألا يبخل عليه إذا احتاج إلى معونته، فالصديق وقت الضيق.
19- أن يقضي حوائجه ويسعى في مصالحه، ويرضى من بره بالقليل.
20- أن يؤثره على نفسه ويقدمه على غيره.
21- أن يشاركه في أفراحه، ويواسيه في أحزانه وأتراحه.
22- أن يكثر من الدعاء له بظهر الغيب.
23- أن ينصفه من نفسه عند الاختلاف.
24- ألا ينسى مودته، فالحرّ من راعى وداد لحظة.
25- ألا يكثر عليه اللوم والعتاب.
26- أن يلتمس له المعاذير ولا يلجئه إلى الاعتذار.
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد *** جاءت محاسنه بألف شفيع
27- أن يقبل معاذيره إذا اعتذر.
28- أن يرحب به عند زيارته، ويبش في وجهه، ويكرمه غاية الإكرام.
29- أن يقدم له الهدايا، ولا ينساه من معروفه وبره.
30- أن ينسى زلاته، ويتجاوز عن هفواته.
31- ألا ينتظر منه مكافأة على حسن صنيعه.
32- أن يُعلمه بمحبته له كما قال صلى الله عليه وسلم : { إذا أحب أحدكم أخاه فليُعلمه أنه يحبه } [أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الألباني].
33- ألا يعيّره بذنب فعله، ولا بجرم ارتكبه.
34- أن يتواضع له ولا يتكبر عليه. قال تعالى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء:215].
35- ألا يكثر معه المُماراة والمجادلة، ولا يجعل ذلك سبيلاً لهجره وخصامه.
36- ألا يسيء به الظن. قال صلى الله عليه وسلم : { إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث } [رواه مسلم].
37- ألا يفشي له سراً، ولا يخلف معه وعداً، ولا يطيع فيه عدواً.
38- أن يسارع في تهنئته وتبشيره بالخير.
39- ألا يحقر شيئاً من معروفه ولو كان قليلاً.
40- أن يشجعه دائماً على التقدم والنجاح.
والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

maher 28-12-2006 01:55 AM

الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين،

أما بعد:
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى: واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم [سورة البقرة:235].
معشر المسلمين: إن بذل النصيحة للمسلمين من إرشادهم إلى الحق المبين، وتحذيرهم من الباطل والمبطلين، يعتبر من الدين، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((الدين النصيحة قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )). قال الخطابي – رحمه الله -: النصيحة كلمة جامعة معناها: ((حيازة الحظ للمنصوح له)).
أيها المسلمون: لا شك أن الإنسان معرض للخطأ والميل عن الحق والصواب، فقد جاء في الحديث: ((كل بني آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون))، ومن حق المسلم على أخيه المسلم أن يبصره بعيوبه وأخطائه، وأن ينصح له في أمره وشأنه، لكن ينبغي أن يكون النصح برفق وحكمة، وليحذر المسلم من احتقار أخيه واتهامه بمجرد الظن، فإن الظن أكذب الحديث، وكفى به شرا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)).

فإذا سمعت – أيها المسلم – عن أخيك المسلم شيئا تكره فلا تبادر إلى تصديق ما يقال لك عنه؛ بل يجب عليك أن تتثبت حتى تستيقنه، فإن كثيرا من الناس اعتاد إشاعة السوء بالباطل، وكثيراً منهم من إساءة الظن عنده أسرع من حسن الظن، فلا تصدق كل ما يقال، ولو سمعته مرارا حتى تسمعه ممن شاهده بعينه، ولا تصدق من شاهد الأمر بعينه حتى تتأكد من تثبته فيما شاهد، ولا تصدق من تثبت فيما شاهد حتى تتأكد من براءته من الغرض والهوى، ولذلك أمرنا الله تعالى باجتناب كثير من الظن، واعتبر بعضه إثما، فالظن ينافي العلم ولا يغني من الحق شيئا، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا [سورة الحجرات:12]. وقال عز وجل: وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً [سورة النجم:28].
وإذا رأيت – أيها المسلم – أمرا، أو بلغك عن أخيك المؤمن كلام يحتمل وجهين فاحمله محملا حسنا، فذلك أجدر بمكارم الأخلاق وصفاء الأخوة، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ((لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيرا وأنت تجد لها في الخير محملا)) .

قالت بنت عبد الله بن مطيع لزوجها طلحة بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم وكان طلحة أجود قريش في زمانه قالت: ما رأيت قوما ألأم من إخوانك، قال لها: مه مه! ولم ذلك؟ قالت: أراهم إذا أيسرت لزموك، وإذا أعسرت تركوك، فقال لها: هذا والله من كرم أخلاقهم، يأتوننا في حال قدرتنا على إكرامهم، ويتركوننا في حال عجزنا عن القيام بحقهم، فانظر كيف تأول طلحة صنيع إخوانه معه، وهو ظاهر القبح والغدر بأن اعتبره وفاء وكرما.

أيها المسلم: وإذا رأيت أخاك المسلم قد ارتكب خطأ لا مجال فيه لعذر أو شبهة، وجب عليك أن تتقدم إليه بالنصيحة سرا، بينك وبينه لا أمام الناس، فإن الإنسان لا يقبل أن يطلع أحد على عيبه، فإذا نصحته سرا، كان ذلك أرجى للقبول، وأدل على الإخلاص، وأبعد عن الشبهة، وأما إذا نصحته علنا أمام الناس فإن في ذلك شبهة الحقد والتشهير، وإظهار الفضل والعلم، وهذه حجب تمنع من استماع النصيحة والاستفادة منها، ولقد كان من خلق النبي وأدبه في إنكار المنكر وتبيين الحق، أنه إذا بلغه عن أحد أو جماعة شيء مما ينكر فعله لم يذكر أسماءهم علنا، وإنما كان يقول: ((ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا))، فيفهم من يعنيه الأمر أنه هو المراد بالنصيحة، وهذا يعتبر من أرفع أساليب النصح والتربية.

قال الشافعي – رحمه الله -: من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه. فالمؤمن الناصح ليس له غرض في إشاعة عيوب من ينصح له، وإنما غرضه إزالة المعصية التي وقع فيها، فهو يحب لأخيه ما يحب لنفسه أما الإشاعة وإظهار العيوب فهو مما حرمه الله تعالى ورسوله قال تعالى: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون [سورة النور:19]. ففرق بين من قصده النصيحة وبين من قصده الفضيحة ولا تلتبس إحداهما بالأخرى إلا على من ليس من ذوي العقول الصحيحة، وعقوبة من أشاع السوء على أخيه المؤمن وتتبع عيوبه وكشف عورته أن يتبع الله عورته فيفضحه ولو بعد حين إلا أن يتوب.

أيها المسلمون: من مظاهر التعيير والتشهير: إظهار وإشاعته في قالب النصح، زاعما أن ما يحمله على ذلك هو التحذير من أقواله وأفعاله، والله يعلم أن قصده التحقير والأذى. مثال ذلك: أن تذم رجلا وتنتقصه وتظهر عيبه لتنفر الناس عنه رغبة منك في إيذائه لعداوتك إياه أو مخافتك من مزاحمته إياك على مال أو رئاسة أو غير ذلك من الأسباب المذمومة، فلا تتوصل بذلك إلا بإظهار الطعن فيه بسبب من الأسباب الدينية أو الدنيوية، فمن فعل ذلك فإنه يدل على مرض في قلبه، وإن كان من الذين يحلفون أنهم لم يريدوا إلا الحسنى، والله يشهد إنهم لكاذبون.

أيها المسلمون: ومن بلي بشي من هذا المكر بأن احتقر وعيب وتنقص منه فليتق الله وليصبر فإن العاقبة للتقوى: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله [سورة فاطر:43].

أسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا من الغل والحقد والحسد، وأن يرزقنا قلوباً سليمة، وألسنة صادقة، وعلما نافعا، وعملا صالحا.

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.