![]() |
لذة المناجاة
لذة المناجاة بقلم الشيخ طايس الجميلي المقدمة (بقلم الشيخ محمد سليمان الأشقر) هذه الرسالة... من الكلم الطيب. الكلم الطيب الذي يفتح الأبواب مشرعة، الى العمل الصالح. لا بل المخاطب بهذا الكلم الطيب، من يؤدي العمل... يؤديه ميتاً، والكلم الطيب يحييه حياة متدفقة، تبعثها هذه الكلمات، فتعود بها الصلوات مباركات تهز القلوب، وتجذبها نحو ربها ومحبوبها.
" قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون "
والصلاة عمود الإسلام. العمود الفقري، الذي تنتشر منه أضلاع الدين، ويحمل أحشاءه ، وأطرافه ورأسه. وإذا انكسر العمود الفقري، فلا حركة، ولا نشاط ولا استواء. وإذا ضعف، قلت الحياة بحسب ذلك. والأغذية الحية التي تقوي هذا العمود، وتمنحه الصلابة والمتانة، هي أمثال هذا الكلم الطيب. ليست الصلاة حركات تؤدى، وألفاطاً تردد فحسب، بل هي ما وراء ذلك: ما يقوم بالنفس من محبة وإخلاص وإنابة واستجابة ورغبة ورهبة، وتقوى. كما صعد محمد صلى الله عليه وسلم في معراجه. إلى ان بلغ المكان والمكانة، وتقبّل الهدية الكريمة. كذلك المؤمن يصعد بمحبته واخلاصه وإنابته ورغبته ورهبته، التي تثيرها من مكانها الآيات المتلوة، في خشوع وتأمل، يصعد بها في معراجه، إلى أن يبلغ المكانة، فيسجد ويقترب، ثم يسجد ويقترب، حتى يلقي التحيات لله.... ويستعد لقبول هديته... أكرم قول يردده لسان، مع أكرم حركة يؤديها انسان، ما يقربه إلى الحضرة بين يدي الملك.... والعوائق دون ذلك كثيرة، والمعيقون لك كثير، حسداً وبغياً وعدوا.... وغوائل الطريق كثيرة، فقد حفت بالمكاره والصوارف... والنفس تميل الى الماديات والمحسوسات، واللذة العاجلة فتقف عندها وتأبي على المسير. وهذه الكلمات الطيبات، تكبت المعيقين وتقضي على الغوائل وتكسر الحدود، وتبعث النفوس.... فاقرأ معي هذه الكلمات.... اقرأها بتصديق وإيمان.... اقرأها بمحبة واستجابة للداعي.... اقرأها وأمثالها لتحيا.... فهي مقتبسة من النور. والصلاة نور. والقرآن نور. والله نور السماوات والأرض ورسوله سراج منير. فاقرأها لتهتدي الى النور... وبعد ذلك، سيكون لك مع الصلاة.... شأن آخر... انها طعم جديد! محمد سليمان الأشقر. وللحديث بقية |
عاشقة القرآن جزاك الله خيرا وسننتظر .. حتى تكملين تحياتي :) |
السلام عليكم
سبحان الله نسيت اني ادرجت الموضوع هنا وبدأت موضوع جديد.... سأضع الجزء الثاني ان شاء الله وارجو من المشرف حذف الموضوع المكرر بإذن الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
قلت لصاحبي: إن الصلاة لمن أعظم الفرائض خطراً وأكثرها أثراً وأعظمها مكانة بين أركان الإسلام. أكد الكتاب الكريم – القرآن – الأمر بها وأوجبها مباشرة بالخطاب الصريح وبذم المفرطين فيها، ومدح المقيمين لها وبين جزاء المحافظين عليها. وجاءت السنة المطهرة بالتفصيل، تارة بالتعليم المباشر كما في قصة الإعرابي وتارة بطلب القدوة والتأسي . كما في قوله عليه الصلاة والسلام ( صلوا كما رأيتموني أصلي). وهي فوق هذا كله مناجاة ودعاء واستغفار واستنصار بمن بيده الخير كله، وله الأمر كله، وله الخلق كله. وهي المحطة التي يحط العابدون رحالهم فيها مستمتعين بالقرب من حضرة ملك الملوك، فيها يجدون لذة لا تعرفها لذات الدنيا حتى أن قائلهم ليقول: لو علم أهل الدنيا ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف. لماذا لا نحس بلذة الصلاة؟ قال صاحبي: ما لنا نؤديها ولا نحس فيها بلذة وكأنها حمل نزيحه عن كواهلنا؟ قلت: لاننا نؤديها ناقصة غير مستوفية الشروط والأركان. قال: وما الشروط؟ شروط الصلاة: قلت : طهارة الثوب والبدن والمكان، العلم بدخول الوقت، استقبال القبلة وستر العورة. قال صاحبي: سبحان الله! أتحسب أن أحداً من المصلين يجهل هذه الشروط؟ مع أن الصغار في الإبتدائي يعرفونها. قلت: لم أقصد مجرد العلم بها، إنما قصدت إلى فقه هذه الشروط. قال: أفدني أفادك الله. ولي عودة مع تفصيل كل شرط ان شاء الله تعالى |
ما ينبغي استحضاره عند كل شرط.
1. الطهارة: قلت: أما الطهارة فينبغي أن يصاحبها شعورك بأنك تستعد لمقابلة عظيم، وقد علمت احتفاء أهل الدنيا بمظاهرهم عند مقابلة عظمائهم، وعظيمنا وهو الله لا ينظر إلى الصور بل إلى البواطن والنوايا. فحين نعسل اليدين فلأنهما الجارحتان اللتان نبطش بهما وغسلهما للقاء الله فيه درس عميق في الكف عما لا يحل. ولذلك يقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ( إذا توضأ العبد المسلم والمؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطر الماء. فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كانت بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء. فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياً من الذنوب). وهذا الحديث رواه مسلم، فالوضوء مع الغفلة عن هذه المعاني وعن تحدث السريرة بها وانشغال الفكر فيها لا يحدث إلا معنى جامداً لا روحانية فيه. ولذلك ذكروا أن السيدة نفيسة رثت الإمام الشفعي عند موته فقالت: ( رحم الله الشافعي لقد كان والله يحسن الوضوء). ففي الوضوء يقظة المشاعر والأحاسيس ومع الوضوء إفتقار العبد إلى نفحات المغفرة، ومع الوضوء حوار مع اليد والعين والرجل بأن لا تعد إلى الخطايا فينتفي العزم على المعصية، وكفاك بها تهيئة لمقابلة الله ومناجاته. ويالها من روحانية تشد المؤمن ويستغرق فيها بجلال الرحمة ونعيم العفو وفضل الستر. ولعل هذه المعاني المتجمعة في الوضوء والتفاعل معها هي مراد العلماء إذ يشترطون النية في كل عبادة تميزاً لها عن العادة التي يفعلها الإنسان دون قصد للآخرة. 2. دخول الوقت: قال صاحبي: أصبت وأحسنت. فماذا يعني العلم بدخول الوقت؟ قلت: أحسبه يعني: أيها الإنسان تنبه لرأس مالك، تنبه لعمرك قد انسلخ منه جزءٌ فماذا فعلت فيه؟ وهذا جزءٌ منه قد أقبل فسل نفسك على أي شئ ٍ عزمت في استغلاله؟ فليس هناك غفلة ولا تهاون في حساب دورات الفلك. لذلك عليك أن تتزود مما بقي من عمرك لآخرتك. ولذلك ورد في الأثر عن الحسن البصري قال: ( ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي مناد من قبل الرحمن وبلسان ذلك اليوم: " يا ابن آدم ، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد فتزود مني بعمل صالح فإني لا أعود إلى يوم القيامة". وفي إعلان المؤذن ونداء الصلاة معنى عظيم يمتحن فيه العبد في إيمانه، فإن أجاب وبادر كان ممن ينادى بلطف يوم النداء الأعظم، وناهيك به مغنماً. |
السلام عليكم
الاخت الكريمة عاشقة القران موضوع مهم ارجوا منك الاستمرار فيه وفقك الله |
3. استقبال القبلة:
قال صاحبي: والله ما كنت أفهم للشروط هذه المعاني، وماذا يعني استقبال القبلة؟ قلت هذا أعظم الشروط وأقواها أثراً في حس المؤمن فهو أولاً تعبير عن وحدة الأمة حول مقصد واحد واتجاه واحد ليس للبشر فيه صنعة ولا للنفس القاصرة الهمة فيه مطلب فهو من موانع الفرقة والاختلاف، وجوالب الألفة والوفاق. وثانياً مقصود القبلة في الصلاة ليس مراده توجيه البدن، وإن كان البدن هو الضابط للنية والمعين على تحقيقها إلا أنه يقدم في الفكر وفي النفس معنى قوياً مؤداه أن البدن لم يتجه نحو القبلة إلا بانفتاله عن سائر الجهات وتخليه عن كل الجواذب والشواغل إلا وجه الله ولذلك فإن الله تبارك وتعالى أمر عباده المؤمنين بالتوجه إلى البيت الحرام الذي هو أول بيت وضع للناس في الأرض لعبادة الله فهو بهذا ملتقى أفئدة المؤمنين وأنظارهم مما يحقق المعنى أفضل تحقيق. وموضع نظر الرب سبحانه وتعالى قلب البعد فلا بد من تخليه من كل الجواذب، وتوجيهه إلى الله واستحضار هيبة الله والمذلة بين يديه والفقر إليه. 4. ستر العورة: قال صاحبي: نفعك الله، فماذا يعني ستر العورة؟ قلت: ستر العورة يا أخي هو الحد الأدنى من مظاهر التجميل، فالقرآن الكريم أمر بني آدم بأخذ الزينة وهي حسن السمت وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم التطيب للصلاة ونهى من أكل ثوماً أو بصلاً أو اكل شيئاً ذا رائحة كريهة من إتيان المساجد. وهذه الأوامر والسنن ذات أثر فعال في التلذذ بالمقام في معية المؤمنين وجوار الصالحين ومنها تستطيع أن تفهم ما درج عليه أصحاب الحرف من اتخاذ ثياب خاصة للصلاة. ولعلك تتشوش في صلاتك حين يجاورك في صف الصلاة شخص تقذرت ملابسه بالزيت والطين، هذه الصورة الظاهرة حث عليها الشرع الحكيم مع أنها محط أنظار وحواس الخلق، ومحط نظر الخالق سبحانه وتعالى هو الباطن فلابد من الحرص على ستر عورات الباطن فحين تعجبك ثيابك وعطرك وتشعر أنك ظفرت برضى من جاورك من المصلين، أقبل على الباطن واستر عوراتك التي لا يطلع عليها غير الله. كيف نستر عورة الباطن؟ قال صاحبي: وكيف لي بستر عورة الباطن؟ قلت: بالندم على التفريط في حقوق الله، والحياء من الله وهو مطلع على قبائح السريرة، والخوف من لقائه مع ما أنت عليه من العيوب والبوائق فهذه ولا شك كفارات وسواتر لعورات الباطن. ولا يزال يدقق في سوءات سلوكه ويمحوها حتى يخلص لله باطنه ويصفو من الأكدار ضميره فإن رافقه هذا الشعور وهو ينظر في أحوال نفسه لاشك سيظفر بمعاني الخشوع في استكماله لشروط صلاته. قال صاحبي – وقد انفرجت أسارير وجهه – أفهم من كلامك أن المرء إذا اعتنى بستر عورة الجسد وهي من حق الخلق أوجبه الخالق، فعليه أن يبالغ في ستر عورة باطنه الذي هو موقع نظر الخالق. قلت: وهو كذلك. |
السلام عليكم يااحبتي بالله
والصراحة ياعاشقة القرآن الموضوع اعجبني وانا من المتابعين له واتمنى الاكمال بأسرع وقت ممكن وجزاكم الله خيرا |
السلام عليكم
جزاكم الله خيراً على حسن المتابعة وما تأخيري بتنزيل المادة الا لأني اطبع الكتاب وهذا يأخذ مني وقت نظراً لضيق الوقت اصلاً وكثرة المشاغل والواجبات وسأحاول الا اتأخر عليكم ان شاء الله تعالى. نفعنا الله وإياكم بما فيه الخير للجميع. [HR] الفرق بين الأركان والشروط قال صاحبي: ذكرت لي في المجلس السابق أن علة عدم فرحنا بصلاتنا عدم اتمام الشروط والأركان، وقد عرفت الشروط وفقهت طرفاً من روحها فما الأركان وما الفرق بينها وبين الشروط؟ قلت: ان الشروط قد تقدمت على الدخول في الصلاة وقد يستمر لزوم بعضها حتى نهاية الصلاة. ولا مانع ان تعلم أن الشروط تنقسم إلى قسمين: شروط وجوب ومنها: الإسلام والبلوغ والعقل فلا تجب الصلاة على كافر او مجنون أو صغير. ومنها ما هو شرط صحة كالطهارة ودخول الوقت واستقبال القبلة وستر العورة وغيرها... أما الأركان فهي: التي تكون أجزاءً رئيسية في الصلاة لا تسقط سهواً ولا عمداً كالركوع والسجود وقراءة الفاتحة وغيرها. أركان الصلاة: قال: سألتك عن الأركان لو سمحت بتعدادها. قلت: حباً وكرماً. أولها: تكبيرة الاحرام ثانيها: القيام مع القدرة – أي على القادر. ثالها: قراءة الفاتحة رابعها: الركوع والطمأنينة فيه خامسها: الإعتدال والطمأنينة فيه سادسها: السجود والطمأنية فيه سابعها: الإعتدال من السجود والطمأنينة فيه ثامنها: السجود الثاني والطمأنينة فيه تاسعها: الإعتدال من السجود ، وتكرار هذه الأفعال في كل ركعة من كل صلاة عاشرها: السلام. فقال صاحبي: لم تزد على ما تعلمه ولدي في المدرسة المتوسطة..! فقلت: سبحان الله. قلت لك إن قصدي ليس تعليمك هذه الشروط والأركان وإنما التعاون معك على تحصيل معرفة روحها فهذه الأركان لا تزيد عن كونها حركات ذات أثر صحي من ناحية الرياضة وقد يمارس مثلها غير المسلمين سعياً وراء هذا الهدف بعد ثبوت جدواه طبياً. إنما أردت الروح التي تحيلها إلى متعة لا تعادلها متع الدنيا. لتثمر بعد ذلك، إشراقة وسماحة في المعاملات والأخلاق. قال: حقاً والله، لو رزقنا بث الروح في هذه العبادة لحولت حياتنا إلى نمط جديد وخلق جديد. لكن ما السبيل إلى ذلك؟ قلت: إنه يسير على من يسره الله له. اسمع مني وأنصت إلي بقلبك فإن الحديث حديث قلوب. |
إقتباس:
اختي عاشقة القران بوركت يداك وكتب الله لك الجنة |
آمين!!!!!!! الجنة مرة وحدة!!!! يا رب إني أسألك الجنة ... يا رب إني أسألك الجنة... يا رب إني اسألك الجنة!
اخي ابو طه... جزاك الله خيراً على هذا الدعاء ... لكن نصيحة لا حد يدعيلي هيك بالجنة علني لأني والله بشوق لجنة الرحمن. :( اعتذر الدعاء حقاً حرك المشاعر والشوق للجنان... يا رحمن! |
السلام عليكم بوركتي ياعاشقة القرآن
ليش ماتبغين احد يدعيلك ان الله يدخلك الجنة فانا اقولك ان شاء الله لك الجنة وتغار منك الحور العين هناك هالله هالله عاد وان شاء الله انا واخواني واحبتي بالله الجنة والرجال على هيئة النبي يوسف عليه السلام هالله هالله يالرجال بتطيحون البنات من جمالكم في الجنة ان شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته:) |
السلام عليكم
اخي المجاهد ادعولي بالجنة بس بظهر الغيب :) لأنه مستجاب وهذا ما قلته لأبو طه.. ادعولي بس مش بالعلن :) ويا رب يتقبلنا جميعاً عنده ويدخلنا كلنا الجنة يا رب.... ونسعد بلقاء الأحبة ... يا رب يا كريم. |
والله يا اخت عاشقة
لما رايته من صدق وشعرت به من طيبة فيك ان شاء الله سادعو لك في ظهر الغيب بالجنة ان شاء الله كلما تذكرتك ... وساتذكرك ... ودائما |
جزاك الله خيراً يا أبو طه... وإني لأرجو من الله عز وجل أن أدخل الجنة بدعائكم لي... وبإذن الله ندخلها جميعاً معاً .... يداً بيد بإذن الله... فلنعاون بعضنا لنصل لها.... الجنة.... عند بابها نضع رحال السفر ونقول الحمد لله وصلنا!
فلنكمل اخوتي .... فالسبيل الى الجنة من هنا.... من عند الصلاة :) [HR] فاعتدل في جلسته وأصغى بانتباه تام، ثم قال: تفضل هات ما عندك... معنى تكبيرة الإحرام علمني فلسفة التكبير: قلت: أعظم ما في هذه العبارة – الله أكبر – تكرارها في صلوات الفرد 110 مرات في اليوم الواحد إذا اقتصر المصلي على صلاة الفرض. إن هذا التكرار لهذه العبارة لهو مصدر إلهام بتعظيم الحق جل وعلا. وتحريك اللسان بها سهل إن لم تترسب في حنايا القلب معاني تعظيم الله، فإن قالها والقلب مكذب لمعانيها كان قلبه مكذباً للسانه، ولسانه صادقاً في الوصف إلا أن هذا الصدق صدق المنافقين اللذين قال الله عنهم (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك رسول الله. والله يعلم أنك لرسوله، والله يشهد أن المنافقين لكاذبون) فهم في مقتضى ما نطقت به ألسنتهم صادقون إلا أن صدق اللسان لم يخرجهم من الدرك الأسفل من النار. فما أقبح من كبر الله بلسانه وقلبه في أودية الشهوات هائم. قال: آه. ولعل هذا هو السر في كثرة المصلين وقلة أثر صلاتهم في سلوكهم. قلت: وبهذا ورد الأثر: " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والنمكر فلن يزدد من الله إلا بعداً." وهذا النوع من المصلين ربما أعطى المتنصلين من تكاليف الاسلام فرصة للطعن بالصلاة وأثرها، ومن ثم تهاون فيها من تهاون وتركها من ترك فهلك. ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا: أن الانسان إذا قام في محرابه صصلاة لزمه أن يفرغ قلبه من الشواغل والجواذب المانعة من استقرار القلب وطمأنينته في الصلاة. وتأسى أصحابه رضي الله عنهم بتعاليمه عليه الصلاة والسلام. وإليك من هديه هاتين الواقعتين: الواقعة الأولى: ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال لعثمان بن طلحة ( اني نسيت أن أقول لك أ، تخمر القدر الذي في البيت فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شئ يشغل الناس عن صلاتهم). والراجح أنه قال هذا بعدما أقيمت الصلاة وسويت الصفوف ويصح الإستدلال بذلك على أن المسلم ينبغي له أن يفرغ ما في قلبه من شواغل ليصفو له ذكره ومناجاته في صلاته. الواقعة الثانية: ما ثبت أنه عليه الصلاة والسلام خرج يشق الصفوف مسرعاً فتعلقت به أبصار الجماعة ثم بين لهم أنه إنما شغله مال من مال الصدقة لم يقسمه فخرج لقسمته ثم عاد. ثم ان الكراهة اللاحقة في المساجد المزخرفة والنهي عن زخرفتها والمنع من الصلاة على قارعة الطريق، والنهي أن يصلى الرجل في حضرة الطعام والنهي أن يصلى وهو يدافع الأخبثين البول والغائط والريح، لما في ذلك كله من التشويش على الفكر ويلحق به المنع من الصلاة في مبارك الإبل. وندب الشرع إلى إزالة كل الأسباب الظاهرة في مكان الصلاة مما يتوقع منه التشويش، هذه الإجراءات السابقة للصلاة ، والملازمة لها مطلوبة ولا بد. |
واقعة الخميصة:
وهناك مشوشات يتجدد التفكر بها ما زالت موجودة فلا بد من إزالتها، وإلى ذلك تشير واقعة الخميصة (وهي نوع من الثياب) أهداها أبو جهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها ثم نزعلها وقال إذهبوا بها إلى أبي جهم، فإنها ألهتني عن صلاتي آنفا. وقضية شراك النعال التي أمر بنزعها لان فكره تعلق وتشوش بها. وكذلك حديث النسائي حول خاتمه صلى الله عليه وسلم حيث نزعه وقال لقد شغلني هذا، نظرة إليه ونظرة إليكم. فهذه الإجراءات الصارمة بقلع أسباب التشويش وهي من المحبوبات الدنيوية، فلا ينفع رد الفكر عن التفكر ما دامت الأسباب قائمة. فجدير بالمسلم الحريص على تعظيم الله في إفتتاح صلاته ألا يدع منازعاً ينازعه على أوثق عروة من عرى دينه. فقال صاحبي: أراك أطلت في بحث أمر تكبيرة الإحرام فمتى الإنتقال إلى الحديث عن بقية الأركان؟ قلت: يا أخي، ما سلمت لك التكبيرة الأولى، وأدركت أن الله أكبر من كل ما سواه، هانت تلك الشواغل، وعظم عندك حق الله، وأمر الله، ونهى الله، وشعرت بعزة الدنيا والآخرة، كيف لا وأنت تستند إلى الله، وتلوذ بحماه وتزهد فيما سواه. وهل الصلاة إلا تعظيم لله، ولجوء إليه، واستعانة به، وافتقار وذل بين يديه، فكيف بالله تحصل لك هذه المعاني وقلبك يكذب في التكبير. قال صاحبي: ذلك حق. فماذا ينبغي أن يحضر قلبي عند القيام؟ |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعتذر عن التأخر ... ولا تستغربوا فقط غيرت الإسم :) [HR] القيام: قلت: استمع إلي جيداً: لعلك تلاحظ أن القيام أطول أركان الصلاة، فهو أطول ركن فيها. ولذلك فهو أعظمها خطراً وأبلغها أثراً. فأول ما ينبغي تذكره بعدما يتفرغ المصلى من الشواغل الظاهرة ولفظ التكبيرة، يتمثل وقوفه بين يدي الله تبارك وتعالى، فلا يرفع رأسه عند القيام بل يطرق إلى موضع سجوده، ويلزم قلبه التواضع والتبرؤ من التعاظم والرئاسة. وليقارب (ولا مقارنة) موقفه هذا بموقفه أمام الملك أو الرئيس أو الأمير، كم يلزم نفسه من حسن السمت وتقيد الحركة، ودقة الانتباه، وقلة إحداد النظر إلى ذلك المخلقو إحتراماً وهيبة. ثم لينتقل بفكره حالاً إلى مقامه هذا: بين يدي من هو يقوم؟ وليسأل نفسه ويحاسبها عن التزامها الأدب التام أمام هذا المخلوق ثم قلة عنايتها بالوقوف في حضرة ملك الملوك. وليقل لها يا نفس غداً تقفين مثل هذا الموقف فماذا أنت قائلة؟ وماذا سيقال لك؟ وليذكرها بقول الحق سبحانه: ." وأما من خاف مقام ربه – مقامه بين يدي ربه – ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى" وبقوله تبارك وتعالى: "ولمن خاف مقام ربه جنتان". إن القيام فيه تعظيم لله ومن أجل ذلك كره العلماء القيام لأهل الدنيا، وعدوه نوعاً من التعظيم الذي لا يليق إلا بالله. ولا يجب إلا لله. وبه ورد حديث " من سره أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار". ولذلك كان بعض السلف إذا قام في صلاته امتقع لونه وارتعدت فرائصه، فقيل له في ذلك، فقال أتدرون بين يدي من أنا قائم....؟ أنا قائم بين يدي العزيز الجبار. وأثر عن بعضهم أنه كان في قيامه كأنه جذع شجرة لا حركة له ، فتأتي الطيور فتقف على رأسه! كل هذا تأدباً وهيبة لهذا المقام فتأمل يا أخي حالك وأنت تصلح (غترتك) أو تنظر إلى ساعتك، أو تحسب نقودك، أو تعبث في ثيابك، هل تفعل شيئاً من هذا مثلاً وأنت بحضرة وزير؟؟ لا أظنك.... فدققت النظر إلى صاحبي وإذا به يبتسم خجلاً. قلت : مالك؟ قال: ما أكثر ما أفعل هذه الأمور.... واخجلتاه! قلت: لعل الله أن يتجاوز عما لم تكن تعلم فيه الحكم، أما الآن وقد علمت فاحذر! |
معنى رفع اليدين
قال صاحبي: نسيت أن أسألك عن سر رفع اليدين مع التكبير. قلت: إن رفعهما وكفهما حذو المنكبين تعبير عن انهما عضوا البطش والكسب والفعل لكنه أمام الله يكفهما بعد رفعهما إعلاناً عن الاستسلام لله، وترك المعارضة لأوامره ونواهيه، واظهاراً لتمام الانقياد. قال: هذه الأفعال ترافق القيام، فما الأقوال المطلوبة بعد التكبير وأثناء القيام؟ قلت: أثرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة صيغ لدعاء الاستفتاح، وكل صيغة منها نابضة بالمعاني الكبيرة والروحانية الغامرة لمن قالها بقلب حاضر وشعور كامل. دعاء الاستفتاح: قال صاحبي: أرجو إيراد صيغة من هذه الصيغ وتوضيحها.... قلت: حباً وكرماً... خذ مثلاً ما رواه أحمد ومسلم والترمذي عن الإمام علي كرم الله وجهه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال: ( وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك أمتر، وأنا أول (والمسلم يقول وأنا من) المسلمين. اللهم انت الملك لا إله إلا انت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً، لا يغفر إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك). ثم قلت: لعلك ترى أني لو ذهبت أشرح لك هذا الدعاء كما هو مشروح في أمهات الكتب لاحتجنا إلى مجالس ولكني أوضح لك المعاني التي لا بد ان تستقر في ذهن المصلي عند استفتاح صلاته. من معاني دعاء الاستفتاح: ثم إنك ترى ان هذا الدعاء قد تناول كبريات القضايا وإليك طرفاً منها: 1. الإستسلام لله والتوجه إليه وحده بالعبادة 2. الاعتراف له بخلق الكون كله 3. العزم بالعدول والميل عن الباطل ونفي الاشراك بكل صوره 4. تخصيص الصلاة ومناسك العبادة وإخلاصها لله وحده. 5. الإذعان التام والتنازل عن حق الحياة والممات وإنها لله وحده، هو يصرفها على وفق منهاجه، فليس لي مع قوله قول، وليس لي على شرعه اعتراض. 6. الإعلان عن أن العبد أمر بذلك التخلي من قبل الله، وأنه لا يشاركه في عبده أحد مهما كان. 7. تأكيد معنى الإسلام والإنضمام إلى جماعة المسلمين. فتأمل هذه المعاني يا أخي وأنت تتلفظ بها مع التأني سترى يقيناً من أين يدخل الخلل في صلاتنا عند فقدنا لهذه المعاني الكبار. ثم تعال لنحاسب أنفسنا ونتذاكر أحوال الغافلين عن مقاصد صلاتهم. وانظر كيف يؤدونها ثم تأمل قوله تعالى: " فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون..." وإن كان في تاركي الصلاة أظهر ولكنه يشمل الذين يدخلون في صلاتهم ويخرجون منها دون أن يفقهوا من هذه المعاني شيئاً. قال صاحبي بعد أن حوقل: هل لك أن تعطيني أمثلة على فقد هذه المعاني لدى المصلين؟ قلت: وما أكثرها. |
فقد المعاني لدى المصلين:
هل ترى الذي يخرج من صلاته ليمارس حياة الخضوع لشهواته على حساب دينه استسلم لله وترك معارضته؟ ام هل ترى الذي نصب نفسه يشرع لعباد الله ما لم يأذن به الله اعترف بملكية الله للكون؟ أم هل ترى المصر على مناهج الباطل وقوانين الأرض صادقاً في عزمه؟ أم هل ترى الذي يدعو أصحاب القبور ويطوف بقبورهم ويقبل أحجارها أخلص صلاته ونسكه لله وحده؟ أم هل ترى الذي ترك حياته لقوانين الغرب تنظمها صادقاً في قوله .. " ومحياي ومماتي لله رب العالمين "؟ أم هل ترى الذي ينسب الأمر بهذا التجرد لله وحده ثم تراه يعصي أمر الله مع تكراره لهذا الدعاء مرات عديدة في اليوم، هل تراه يعي ما يقول في صلاته؟ ثم اعلم يا أيها الصديق العزيز أن ما تسكبه هذه المفاهيم في النفس من تحديد الوجهة ووضوح الرؤية وتوحيد جهة الأمر يسمو بهذا الإنسان سمواً فريداً فيرفعه إلى المستوى اللائق به. وحين يفتقد الإنسان هذه المعاني في حياته لن يكون إلا كما وصفه خالقه العالم به ( إن الإنسان خلق هلوعاً، إذا مسه الشر جزوعاً، وإذا مسه الخير منوعاً إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون). قال صاحبي: أفهم من كلامك أن التأمل في معاني هذه الكلمات هو روح هذه العبادة ومبناها وأساسها. قلت: أجل... وبه تحصل اللذة التي نفتقدها في زحمة اللهاث وراء المقاصد الهابطة التي لم يأذه الله بها. |
ايمان
انتي نور م الله رائعة يا حبيبتي اتمنى لكي السعادة ملووكه الهادئه |
اعتذر عن التأخير...
[HR] الفاتحة: قال صاحبي : أذكر أن الفاتحة ركن من أركان الصلاة التي تتكرر في كل ركعة، فهل بالإمكان إعطائي من معانيها القريبة التي يجب ان تحضر أثناء قراءتها...؟ الإستعاذة ومعانيها... قلت: تتقدم الفاتحة: الإستعاذة والبسملة فبهما نبدأ إذا يسر الله لنا... ينبغي ألا يخفى عليك أن للإنسان عدوين أحدهما محسوس ندافعه بوسائلنا الممكنة، وتتنوع تلك الوسائل بحسب قوة العدو المحسوس ودهائه ونوعية سلاحه، فما نواجه به الإنسان والحيوان المفترس غير ما نواجه به الجهل والمرض، وكلها قد تكون محسوسة. وعدونا الذي نريد الدخول معه في معركة حماية الصلاة وقطف ثمرتها هو الشيطان عليه لعنة الله. فليس لنا قدرة على منازلته هنا إلا أن نحتمي بحمى الله الذي لا يضام. والخبيث قد قال متوعداً: ( لأقعدن لهم صراطك المستقيم ). والصلاة هي رأس مال العبد المؤمن وإمارة الصراط المستقيم فلابد أن يسعى الشيطان إلى تضييعها علينا بكل وساوسه ومكره. ولذلك: أمر العبد ان يستعيذ بالله عند قراءته للقرآن بقوله تعالى ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم). ومهمته في صلاة العبد أن يقول له يا فران اذكر الأمر كذا حتى إنه ليخطر في بال المصلى أموراً يجهد فكره بحثاً عنها لا تخطر في باله في غير الصلاة، ولو اجهد فكره بحثاً عنها. فإذا استعاذ العبد منه بالله تعالى صادقاً معلناً أنه لا حول له في دفعه – لأنه لا يملك أداة دفعه من الأسباب المقدرة للبشر – وقاه الله وكفاه بها. ثم أن منها عزمك على ترك ما يريده بك عدوك إلى ما يريده منك ربك وخالقك ففي الإستعاذة بالله عزم على مطاردة النزوات والشهوات والأهواء المخالفة لأمر الله ونهيه. |
البسملة..
قال صاحبي: فماذا أحضر في قلبي عند قراءة البسملة؟ قلت: ألم تر إلى ممثلي الرؤساء والملوك يفخرون أنهم يتكلمون بأسماء ملوكهم فيختالون على الناس ويشعرون بأنهم أداة صالحة للتحدث بلسان عظمائهم؟ قال : بلى والله. قلت: ويحملهم هذا على أن لا يتجاوزوا دائرة الإذن لهم في التحدث ويركزوا حديثهم ويتحفظوا أيما تحفظ لئلا يقعوا تحت طائلة مسؤولية المخلوق. ولم نجد متحدثاً باسم ملك او رئيس أو أمير يهذي في كلامه أو يشط في ألفاظه. فأنت أول كلامك باسم الله فلا بد أن يغمرك شعور بالعزة المستمدة من عزة الله إذ موقفك موقف من يتبرك باسمه ويخاطبه بكلامه، فلولا فضله عليك لم تقف هذا الموقف. ألا ترى مئات بل ألوف الناس محرومين بذنوبهم من هذا الموقف فأسعدك وخصك وأكرمك وما ذلك إلا لأنه الموصوف بالرحمة المضاعفة، فالرحمة صفة ذاته سبحانه. والرحيم صفة فعله عز وجل، سرح فكرك وأعمله في مظاهر رحمته الملازمة لإسمه، وماذا تفيض على القريبين منه والمتشبهين بصفاته من اللين للخلق الرحمة لعباد الله. فالراحمون يرحمهم الرحمن (إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء). ثم ابحث عن مظاهر الرحمة في سلوكك وناقش نفسك، وقس المسافة بين صفاة الله وصفاتك فإن وقفت على حقيقة ذلك فأنت احد اثنين، إما بعيد عن رتبة الراحمين فاسع في تحصيلها وإما قريب فاحمد الله، واشكره، واسأله الزيادة. فهو القائل (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) ولا مانع من ان تحضر في ذهنك من صور رحمته تعالى بخلقه ما يقو هذا الشعور: وخذ من ذلك مثلاً اجراءه الارزاق على ضعاف مخلوقاته من غير كسب منها ولا أداة، ولعل أقربها منك بداية خلقك ما اجراه عليك من العناية والرعاية والخلق والتدبير والزرق وانت في ظلمات الأرحام أعجز من أن تجلب لنفسك خيراً او تدفع عنها شراً، وكيف وضعك موضعاً مأموناً، وأجرى لك من أسباب الغذاء والأنعاش ما حفظك به في ذلك الموضع، ثم إذا أخرجك طفلاً حنن عليك القلوب، واجرى لك اللبن المعقم بدرجة حرارة يحس بها الطفل باردة سائغة صيفاً، دافئة سائعة شتاءً. ولو ذهبت تحدث نفسك بمظاهر الرحمة لاستغرقت في البسملة وحدها وقتاً طويلاً، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم غذا قرأها مد كل لفظ من ألفاظها مدة تشعر المتأمل والفكر فيقرأها هكذا: بسم الله الرحمــــــــــــــن الرحيـــــــــــم. |
الحمد لله رب العالمين
وبعد وصفه والتحدث بإسمه تنسب له المحامد بقوله تعالى (الحمد لله رب العالمين). فالحمد استغراق لجنس المحامد والثناء لمستحقها وهو الله، واحذر هنا من ان تشعر أن لأحد عليك نعمة غير مرتبطة بأسباب الله سبحانه فينتقص بذلك حمده ويكذب ضميرك لسانك.... وتحضر في نفسك أن الله استحق الحمد كله لانه مصدر الخير كله في الحياة وبعد الممات. وإن أردت معرفة أنواع الأفضار الإلهية فاذكر نعمه المتعاقبة عليك. رب وهو المربي لخلقه، ومن اعظم نعمه على خلقه هذا القرآن وهو المنهاج التربوي الفريد، وتربيته سبحانه لخلقه من أدواتها هذا الكون بنظمه التي يخدم بعضها بعضاً. كل هذا لخدمة الإنسان وتركيم الإنسان، ومن تربيته لعباده ايجاده فيهم قابلية التفريق بين التقوى والفجور، وبين الهداية والضلال، وتأهيله لهم لقبول شرعه سبحانه. فاللهم لك الحمد حمداً كثيراً مع بقائك ولك الحمد حمداً لا منتهى له من دون علمك. ولك الحمد حمداً لا منتهى له دون مشيئتك ولك الحمد حمداً لا آخر لقائله إلا رضاك. العالمين وهو جمع عالم – والعالم اسم لما يعلم به، كخاتم لما يختم به. وهو شامل لكل ما سوى الله سبحانه، ثم أحضر في ذهنك، هذه الأكوان بجملتها وتفصيلها الدالة على عظمته سبحانه وتعالى، وبعض العلماء يرى أن – العالمين – يطلق ويراد به ما يعلم ويفقه هو عالم الملائكة وعالم الانس وعالم الجن وتذكر العوالم الأخرى على سبيل الاستتباع، فعالم النبات وعظمة الله فيه إنباتاً وإزهاراً وإثماراً، وتخصيص كل بخصيصته – يسقى بماء واحد ويثمر في تربة واحدة، وتختلف الطعوم والروائح والألوان والفوائد، فأي عالم هذا وأي خلق هذا، سبحانه من إله. وعالم الجماد وعجائبه وألوانه وخصائصه وقوانين وجوده وتستطيع يا أخي ان توسع دائرة الفكر في هذا العالم ما استكشف منه وما لم يستكشف. وعالم البشر وتميزه عن بقية العوالم بمميزاته وتعقيده، ويكفي أن انبهك إلى قضية الإعجاز في خلق البشر، هذا الإعجاز يتجلى في أنك لو ذهبت لاحصاء البشر بخمسة آلاف مليون نسمة ودققت النظر جيداً في هذا العدد الرهيب لم تجد اثنين منهم يتشابهان تشابهاً تاماً، ما هذا؟ بينما يمكنك أن تجد في عالم النبات أو بعض فصائله تشابهاً كاملاً يستحيل عندك معه أن تميز نبتة عن أخرى أو ثمرة عن اختها من ذات الفصيلة! ويحصل مثل هذا في عالم الحيوان وعالم الجماد، ويتعذر في عالم الإنسان التماثل رغم كثرة العدد، لماذا؟ إسأل نفسك لماذا؟ لأن عالم البشر عالم مختلف، تتشابك مصالحه وتتقيد تصرفاته بأوامر وناهٍ شرعية. فإن وقع التشابه التام أفضى ذلك إلى ضياع الحقوق وتعطل النظام العام. ولأوضح لك الأمر بمثال. لو تشابه الخصم والشاهد أما القاضي والذي بدوره بشبههم ألا يتقاذف كل منهم التهمة، وما الدليل إذا انتفت الفوارق الخلقية على تجريم عمرو وتبرئة ساحة زيد؟ ولذلك يعتبر من الإعجاز الإلهي افتراق بلايين البصمات، واستحالة التشابه، ولم يكن هذا مقصوراً على زمن دون زمن بل إن الله لم يخلق بصمتين متشابهتين منذ خلق آدم وذريته. فيا رب سبحانك وأنا أعيش على معنى (( العالمين )) أقف مذهوراً أمام قدرتك. قال صاحبي : أذكرك بوحدة الترابط بين هذه العوالم وكيف يخدم بعضها بعضاً بأسباب البقاء والحياة؟ قلت : حبذا. فقال: ماذا تتصور حال مادة الاوكسجين في الطبيعة المخلوقة لله، لو استمر الأحياء باستنشاقه الا ينضب وتتعطل الحياة؟ قلت : بلى. قال: ولكن الحكيم الخبير جعل في قانون النبات ألا تتم عملية صنع الغذاء إلا بأخذ أوكسيد الكاربون الذي تطرحه الأحياء، وطرح الأوكسجين لتنتعش به الأحياء. فقلت : الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله. قال صاحبي: ولكن، اذا استعرضت كل المعاني التي فهمتها من قوله (الحمد لله رب العالمين) فلن استطيع تجاوزها إذ يكبر الإمام راكعاً فما العمل؟ قلت: تكبر وتركع ولابد. وما تخلف من الفاتحة بتحمله الإمام عن المأموم مادام قائماً معه. ولكن اسمع ما أقول لك: ان استعراضي معك لمعاني الفاتحة لا يستلزم استغراقك فيها وتقليب النظر في كل ما ذكرته لك. قال: ماذا إذن؟ قلت: أردت أن ترد فكرك إذا خرج عن موقفك هذا إلى جزء منها أو إلى خطها العريض، فهكذا يكفي لتنبعث الخشية والخشوع في القلب وتحيلا الصلاة إلى متعة روحية غامرة. |
الرحمن الرحيم
قال صاحبي: حسناً. . فماذا ينبغي أن أستحضر عند قراءة (الرحمن الرحيم)؟ فقلت قد قلت لك عند قراءتك للبسملة توضيح معنى ( الرحمن الرحيم ) ولكن ذلك لا يمنع استحضار الشعور برحمة الله الغامرة لك إذ اكرمك بنعمة الوقوف لمناجاته. هذا من نا حية، والناحية الأخرى أن تستحضر الرجاء القوي في رحمته بالتجاوز عن سيئاتك وألا تيأس من شموله لك بعطفه ورحمته مهما كانت ذنوبك التي أقلعت عنها. فتهب عندها على الروح نسمة تنعش الأمل للفوز بالنجاة ، وحق لك ذلك وأنت تقرأ قوله تعالى (ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي). ثم تحاول أن تحقق من معاني رحمته في قلبك فتكون الرحمة من مظاهر سلوكك على خلق الله، فالراحمون يرحمهم الرحمن. |
مالك يوم الدين
قال صاحبي: ماذا ينبغي أن أحضر في قلبي عند قوله (مالك يوم الدين)؟ قتل: أما هذه فقد انطوت على أصلين هامين أولهما تعظيم الله تبارك وتعالى وثانيهما الخوف من سطوته. قال : كيف ذلك؟ قلت: أما التعظيم، فلأنه يملك يوم الجزاء، وهو يوم القيامة، وتذكر عندها ملكية المخلوقين في هذه الدنيا ومحدوديتها عند مقابلتها بملك الله لذلك اليوم، والمهم أن يمر في خاطرك ويستقر في قلبك أن لك يوماً تمثل فيه بين يدي الله، وتحاسب على الذرة، وأدق من الذرة. فتتحقق عندك عظمة الله وقدرته، وتنبعث الخشية والخوف من ذلك اليوم إذا استعرضت أهواله ودواهيه، فتستعظم موقفك هذا وحق لك ان تستعظمه وأنت تقرأ أو تسمع ( وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله) ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار) ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ). ثم التفت إلى صاحبي وإذا بلونه ممتقع، وهو يردد بصوت خفيض، ياله من يوم! ياله من يوم! ياله من يوم! وخيم علينا صمت رهيب مشوب بلذة التفكر. وقطع صاحبي صمته ليقول، وا ضيعة العمر، لقد كنت أصلي صلاتي ولا يخطر ببالي شئ من هذا إلا نادراً. قلت: بم كنت تفكر وأنت تقرأ هذا؟ قال: أما تعرفه ؟! قلت : من؟ قال : الشيطان، لقد كان يلعب بفكري فلا تجدني إلا وجسمي في مكان وفكري في السوق، في المكتب، عند العيال، أحل مسائل الحياة، فلا أنتبه إلا على تكبيرة الإمام راكعاً. قلت: أرجو أن تكون تعلمت، إن عدونا مخلص في (واجبه) فهلا تعلمنا منه الإخلاص لواجبنا وأرغمناه. قال: سأحاول، وسأنتصر بعون الله وتوفيقه – قالها بعزم وتصميم – |
إياك نعبد وإياك نستعين
قلت: انتبه إلى تجديد التوحيد وتجريده. قال : ماذا تعني؟ قلت: ( إياك نعبد وإياك نستعين) قال: أفدني. أفادك الله. قلت: لا تغفل عن الربط البين بين الآيات التي تلوتها، فالله تبارك وتعالى استحق الحمد المطلق لا تصافه بصفات أربع. فمن ذلك كونه (رب العالمين) ( الرحمن ) ( الرحيم ) و (مالك يوم الدين ). قال: ما علاقة هذه الصفات والنعوت بموضع سؤالي عن المعنى الواضح ل : (إياك نعبد وإياك نستعين).؟ قلت: قد ثبت لديك أن رب العالمين ومربيهم هو الله وحده، وأنه الرحمن، وهذا اسم تفرد به وحده، وأنه الرحيم وأنه مالك يوم الدين. فإلى من يتجه العبد بعبادته وهو بين يدي من ملك هذه الأوصاف جميعاً. فاستحضار هذه المعاني وترابطها انما يهئ المؤمن لتجريد عبادته لله. وإعلان انضمامه إلى ركب المؤمنين، فلا تصح صلاته ولو منفرداً إذا قرأ ( نعبد ) بقوله ( أعبد ). فيشعر بروح الجماعة، ويتحدث بلسانه فيقتلع جذور الشرك من نفسه ومن نفوس المؤمنين، ويشعر بموضعه الطبيعي على أنه عضو فيهم وجزء منهم يصيبه ما يصيبهم. ( ومثل المؤمنين .... كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى) ولعل مما يقوي ملكة استجماع الفكر واحضاره لفظه (إياك نعبد) فهل يخاطب بها إلا الحاضر، ومنها ينطلق الشعور باحسان العبادة بقوله صلى الله عليه وسلم حين سئل عنه : ( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.