![]() |
معتقـد أهل السنة والجماعـة في الصحابة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أثره وسنته إلى يوم الدين . ثم أما بعد :- فهذا شرح مبسط لمعتقد أهل السنة والجماعة في صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رضوان الله تبارك وتعالى عليهم ، نبينه للناس ، حتى تكون حجة وبينه لمن هدى الله . وهذه الدروس هي للأخ ( ابن الخطاب ) جزاه الله خيرا حيث يقول : سأقوم بنقل جملة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة العقيدة الواسطية ، ثم سنضع الحروف على الكلمات ، وسنفك الرموز بشيء من التبسيط ، وسيكون الكلام في هذا الباب بنقل جزء من كلام شيخ الإسلام ثم الشرح ، ثم ننقل جزء آخر ثم نشرحه وهكذا حتى ننهي هذا الباب الذي ضل في كثير من خلق الله . وسنبين إن شاء الله تعالى الآتي :- 1- تعريف الصحابي . 2- الثناء عليهم في القرآن والسنة وأقوال السلف ( عدالة الصحابة ) . 3- الثناء على أصناف معينة من الصحابة ( تفاضل الصحابة ) . 4- ذكر من شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة . 5- الخلفاء الراشدون ومراتبهم من حيث التفضيل . 6- حب آل البيت ( وهذا سيكون لنا معه درس مستقل إن شاء الله ) . 7- حب أمهات المؤمنين . 8- موقف أهل البدع والضلالة من الصحابة . 9- موقف أهل السنة عما شجر بين الصحابة . 10- عدم عصمة الصحابة . 11- الصحابة خير القرون . 12- معتقد أهل السنة فيما وقع من بعض الصحابة من خطأ . 13- حكم سب وتكفير الصحابة . هذا والله أسأل التوفيق والسداد . ومع الدرس الأول إن شاء الله |
قبل أن أبدأ هذه السلسلة من الدروس العلمية التي أسأل الله عزوجل أن يبارك فيها أحببت أن أبين أسماء الكتب التي رجعت إليها وكل ما سأنقله إنما هو منها : 1- عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم ( الدكتور ناصر علي الشيخ غفر الله له ) . 2- شرح العقيدة الواسطية ( للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ) . 3- شرح العقيدة الواسطية ( للشيخ محمد خليل هراس رحمه الله ) . 4- الكواشف الجلية عن معاني الواسطية ( للدكتور عبدالعزيز السلمان حفظه الله ) . 5- حقبة من التاريخ ( للشيخ عثمان الخميس حفظه الله ) . وإنما اخترت هذه الكتب لسلاستها ووضوحها وسهولتها ، والله أسأل لنا ولكم التوفيق والسداد . .. يتبع .. |
الــــدرس الأول ( مقدمـــــة ) : 1- تعريف الصحابة : اعلم رحمك الله أن لمعنى الصحابي معنيين ، لغة واصطلاحا . أما في اللغة : فقد جاء في القاموس : " استصحبه ، أي دعاه إلى الصحبة ولازمه " 1\ 95 وفي الصحاح للجوهري : " كل شيء لازم شيئا فقد استصحبه " 1 \ 162 وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " والأصحاب جمع صاحب ، والصاحب اسم فاعل من صحبه يصحبه وذلك يقع على قليل الصحبة وكثيرها " الصارم المسلول صفحة 575 . وأما تعريفه اصطلاحا : فاعلم رحمك الله أن العلماء غفر الله لهم قد اختلفوا في تعريف الصحابي اختلافا كبيرا ، لكن أجمع ما قيل وهو ما عليه كثير من علماء أهل السنة والجماعة هو ما ذكره ابن حجر رحمه الله حيث قال : " وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام " . الإصابة 1 \ 10 - 12 . وهذا رد على الزنادقة الذين ادعوا أن من الصحابة منافقين مردوا على النفاق ، فهم لا يعرفون لا معنى الصحابي ولا معنى المنافق ، إذ النفاق كفر بل أشد كفرا ، ومن مات عليه مات كافرا ، قال الشيخ عثمان الخميس حفظه الله : " وأما قولهم إن من الصحابة من هو منافق فهذا كذب والمنافقون ليسوا من الصحابة ، ولذلك لما تأتي إلى تعريف الصحابي تجد أنه من لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو مؤمن به ومات على ذلك ، والمنافقون لم يلقوا النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنين ولا ماتوا على الإيمان فلا يدخلون في هذا التعريف " حقبة من التاريخ صفحة 149 . وهذه فائدة جلية يجب على طالب العلم أن يحفظها ، حتى إذا ما أشكلوا عليه أولئك الضلال رد عليهم بهذا الرد المفحم . 2- عدالة الصحابة : واعلم أخي الكريم أن من معتقد أهل السنة والجماعة أنهم يعتقدون أن الصحابة كلهم عدول ( ولا يشترط من العدالة العصمة ) ، وقد أثبت ذلك الله جل وعلا في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم في سنته وأجمع العلماء سلفا وخلفا على هذا الأمر كما سنبينه إن شاء الله . أ- الثناء عليهم في القرآن الكريم : 1- قال تعالى : " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا " . قال الشيخ عثمان الخميس غفر الله له : " بين الله تبارك وتعالى أنه قد رضي عمن ؟ عن المؤمنين الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ، وماذا قال تبارك وتعالى ؟ قال : فعلم مافي قلوبهم من الإيمان والصدق ، فأنزل السكينة عليهم أي في ذلك الوقت ، فهذه شهادة من الله تبارك وتعالى عن صدق إيمان أولئك القوم الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة بيعة الرضوان وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة إلا صاحب الجمل الأحمر " الترمذي " . حقبة من التاريخ 144 . 2- قال تعالى : " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم " . فهكذا يثني الله جل وعلا على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار ، بل ويشهد لهم بأن لهم الجنة خالدين فيها أبدا ، ثم يأتي أولئك الرويبضة من الناس ويقولون فيهم ما يقولون ...؟ فيالخسران من سبهم وكفرهم ، أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ...؟ 3- قال تعالى : " لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم " . قال ابن عباس رضي الله عنهما : " من تاب الله عليه لم يعذبه أبدا " معالم التنزيل 3 \ 129 . قال الجصاص رحمه الله: " فيه مدح لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين غزوا معه من المهاجرين والأنصار وإخبار بصحة بواطن ضمائرهم وطهارتهم لأن الله تعالى لا يخبر بأنه قد تاب عليهم إلا وقد رضي الله عنهم ورضي أفعالهم وهذا نص في رد قول الطاعنين عليهم والناسبين لهم إلى غير ما نسبهم الله إليه من الطهارة ووصفهم به من صحة الضمائر وصلاح السرائر " . أحكام التنزيل 3 \ 160 . 4- قال تعالى : " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما " . فهؤلاء هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قد ذكرهم الله في التوراة وذكرهم في الإنجيل بأحسن وأفضل الذكر ، بل ووعدهم الله عزوجل بأن لهم مغفرة وأجرا عظيما وهو لا يخلف وعده سبحانه . فهذه جملة من الآيات التي بين الله تبارك وتعالى فيها فضل الصحابة رضوان الله عليهم أجميعن . .. يتبع .. |
ب - الثناء عليهم في السنة المطهرة : 1- روى الشيخان ( البخاري ومسلم ) من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس خير ؟ قال : " قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء قوم تبدر شهادة أحدهم يمينه ، وتبدر يمينه شهادته " . قال الإمام النووي رحمه الله : " اتفق العلماء على أن خير القرون قرنه صلى الله عليه وسلم والمراد أصحابه " . 2- قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه : "لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحدا ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " . قال البيضاوي رحمه الله نقلا عن ابن حجر: " معنى الحديث لا ينال أحدكم بإنفاق أحد ذهبا من الفضل والأجر ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصيفه ، وسبب التفاوت ما يقارن الأفضل من مزيد الإخلاص وصدق النية " . وقال ابن حجر : " وأعظم من ذلك في سبب الأفضلية عظم موقع ذلك لشدة الإحتياج إليه ....." فتح الباري 7 \ 34 . 3- قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري رحمه الله : " يدعى نوح يوم القيامة فيقول : لبيك وسعديك يا رب ، فيقول الله له : هل بلغت ؟ فيقول : نعم ، فيقال لأمة نوح : هل بلغكم ؟ فيقولون ما أتانا من نذير ، فيقول الله لنوح : من يشهد لك أنك بلغت ؟ فيقول : محمد وأمته ، فيشهدون لنوح عليه الصلاة والسلام " وقال النبي صلى الله عليه وسلم وذلك عند قول الله تبارك وتعالى : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " ثم قال صلى الله عليه وسلم مفسرا الآية : " الوسط العدل " . فلا إله إلا الله ، هذه الآية لما نزلت إنما نزلت على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما نزل عليهم القرآن ، هي عامة ، لكنهم أولى بها وأحرى ، وهم عدول كما وصفهم نبي الله صلى الله عليه وسلم . 4- وروى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد ، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون ، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون " . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وهذه الأحاديث ( وغيرها ) مستفيضة بل متواترة في فضائل الصحابة والثناء عليهم وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون والقدح فيهم قدح في القرآن والسنة " . مجموع الفتاوى 4 \ 430 . ج - الثناء عليهم من أقوال السلف : 1- قال سعيد بن زيد رضي الله عنه: " لمشهد رجل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغبر فيه وجهه خير من عمل أحدكم عمره ولو عمر عمر نوح". صحيح سنن أبي داود. 2- وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب الصحابة خير القلوب فجعلهم وزراء له " . مسند أحمد . 3- وقال علي رضي الله عنه : " أولئك مصابيح الهدى يكشف الله بهم كل فتنة مظلمة سيدخلهم الله في رحمة منه ، ليس أولئك بالمذاييع ( أي يشيعون الفاحشة ) البذر ولا الجفاة المرائيين " . حلية الأولياء 1 \ 76 - 77 . 4- قال الإمام الأوزاعي رحمه الله لبقية بن الوليد: " العلم ما جاء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومالم يجيء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فليس بعلم ، يا بقية لا تذكر أحدا من أصحاب محمد نبيك صلى الله عليه وسلم إلا بخير ولا أحدا من أمتك ، وإذا سمعت أحدا يقع في غيره فاعلم أنه إنما يقول أنا خير منه " . د - إجماع العلماء على عدالة الصحابة رضي الله عنهم : قال ابن عبد البر رحمه الله : " أجمع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول " الإستيعاد 1 \ 8 . وقال ابن حجر رحمه الله : " اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة " الإصابة 1 \ 17 . وقال البغدادي : " على أنه لو لم يرد من الله عزوجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه ( أي عدالة الصحابة ) لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين القطع على عدالتهم والإعتقاد على نزاهتهم وأنهم أفضل من المعدلين و المزكين الذين يجيئون من بعدهم أبدا الآبدين " . الكفاية في علم الرواية صفحة 46 . إنتهى الدرس الأول وسنلتقي مع الدرس الثاني بإذن الله تعالى |
بارك الله فيك أخي الوافي و نفع بعلمك و جزاك خيراً على هذا الموضوع الرائع المفيد ليعلم الشباب من هم الصحابه و ما هى مكانتهم فى الإسلام فأستمر بارك الله فيك ... وفى إنتظار الدرس الثاني على فارغ الصبر ...
و السلام عليكم ورحة الله و بركاته |
أخي الفاضل / الهادئ أسعدني جدا مرورك بهذا الموضوع فجزاك الله خيرا على ما كتبت فيه وليس غريبا على المسلمين ذوي الفطرة السليمة أن يغاروا على أصحاب رسول الله الذين لهم الفضل والقدر والمكانة العالية في هذه الدنيا وفي الآخرة وكيف لا يكون كذلك وهم يتشرفون بإنتسابهم إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام وغيرهم يتشرف بالإنتساب إليهم فنقول ( التابعين ) وكأن هؤلاء نالوا شرف تبعيتهم لأصحاب رسول الله فما بالنا بمن صحبه فعلاً وهناك أيضا ( تابع التابعين ) وهذا لا يكون إلا لفضل أولئك الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه نسأل الله أن يجمعنا جميعاً برسوله الكريم عليه الصلاة والسلام وبصحابته الكرام في جنات النعيم إنه ولي ذلك والقادر عليه تحياتي :) |
الـــــدرس ( الثاني ) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة العقيدة الواسيطة : " فصل : ومن أصـــــول أهل السنــــة والجماعـــــة سلامـــــة قلوبهــــــم وألسنتهـــــم لأصحــــاب رسول الله صلـــــى اللــــه عليه وسلـــــم ؛ كما وصفهــــم الله به في قولـــــه : ( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " ) . وطاعــــة النبي صلى الله عليه وسلم في قولـــــه : " لا تسبــــوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " . ويقبلـــــون ما جاء بــــه الكتاب والسنــــة والإجمــــاع من فضائلهـــــم ومراتبهـــــم " . الشـــــــــــــــــرح : هنا بين الشيخ رحمه الله أن من أصول معتقد أهل السنة والجماعة أن قلوبهم سالمة من أي بغض أو حقد على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن ألسنتهم ( أي أهل السنة ) سالمة من سبهم والطعن فيهم والتشهير بهم وتكفيرهم أو لعنهم أو حتى قذفهم بأقذر الألفاظ . لا كما يفعل أولئك الذي هم عالة على الإسلام ، وتسموا باسمه وهو منهم براء . كيف لا وقد قال قائلهم :" نحن نتقرب إلى الله بلعن أبوبكر وعمر وعثمان " ...؟ كيف لا وقد قال قائلهم :" إن أبابكر يصلي والصليب معلق على رقبته " ...؟ كيف لا وقد قال قائلهم :" إن الأعمال الصادرة من ابن الخطاب إنما هي صادرة من أعمال الكفر والزندقة " ...؟ كيف لا وقد قال قائلهم :" إن عائشة قد جمعت 50 درهما من خيانة " ( أي أنها زنت ) عياذا بالله ...؟ كيف لا وقد قال قائلهم :" إن الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا أصحاب ردة إلا ثلاثة " ...؟ كيف لا وقد قال قائلهم :" أن معاوية بن أبي سفيان كاتب الوحي رضي الله عنه وأرضاه كافر زنديق " ...! فلا أدري والله ماذا عساهم أن يكونوا ...؟ فلا أدري والله ماذا عساهم أن يكونوا ...؟ فهؤلاء لم يوقروا لا صحابي ولا أم للمؤمنين . عليهم من الله ما يستحقون . .. يتبع .. |
قال العلامة محمد خليل هراس رحمه الله : " إن من أصول أهل السنة والجماعة التي فارقوا بها من عداهم من أهل الزيغ والضلال أنهم لا يزرون بأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يطعنون عليه ، ولا يحملون له حقدا ولا بغضا ولا احتقارا ، فقلوبهم وألسنتهم من ذلك كله براء ، ولا يقولون فيهم إلا ما حكاه الله عنهم ...." شرح العقيدة الواسطية صفحة 137 . قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : وذلك للأمور التالية : أولا : أنهم خير القرون في جميع الأمم ، كما صرح بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : " خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " . البخاري . ثانيا : أنهم هم الواسطة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أمته ، فمنهم تلقت الأمة عنه الشريعة . ثالثا : ما كان على أيديهم من الفتوحات العظيمة . رابعا : أنهم نشروا الفضائل بين هذه الأمة من الصدق والنصح والأخلاق والآداب التي لا توجد عند غيرهم ........" شرح العقيدة الواسطية للشيخ 2 \ 227 - 228 ". ثم استدل شيخ الإسلام رحمه الله بقوله تعالى :"والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " . " هذه الآية بعد آيتين سابقتين هما قوله تعالى : " للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون " . وعلى رأس هؤلاء المهاجرين أبوبكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين . ففي قوله تعالى : " يبتغون فضلا من الله ورضوانا " إخلاص النية . وفي قوله تعالى : " وينصرون الله ورسوله " تحقيق العمل . وقوله تعالى : " أولئك هم الصادقون " أي : لم يفعلوا ذلك رياء ولا سمعة ، ولكن عن صدق نية . ثم قال في الأنصار : " والذين تبوؤا الدار والإيمان يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فؤلئك هم المفلحون " . فوصفهم الله بأوصاف ثلاثة : " يحبون من هاجر إليهم " " ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا " " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " . ثم قال تعالى بعد ذلك : " والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " . " فهذا الدعاء الصادر ممن بعدهم ممن اتبعوهم بإحسان يدل على كمال محبتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وثنائهم عليهم ، وهم أهل لذلك الحب والتكريم ، لفضلهم ، وسبقهم ، وعظيم سابقتهم ، واختصاصهم بالرسول صلى الله عليه وسلم ، ولإحسانهم إلى جميع الأمة ؛ لأنهم هم المبلغون لهم جميع ما جاء به نبيهم صلى الله عليه وسلم ، فما وصل لأحد علم ولا خبر إلا بواسطتهم " شرح العقيدة الواسطية للشيخ ابن عثيمين 2 \ 237 - 238 . " فكل من خالف في ذلك وقدح فيهم ولم يعرف لهم حقهم ؛ فليس من هؤلاء الذين قال الله عنهم " والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " . 2 \ 230 . .. يتبع .. |
أقول : ومما يروى أن نفرا من العراق أتوا إلى علي بن الحسن بن علي رضي الله عنه وعن آبائه فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ( أي طعنوا فيهم ) فلما فرغوا من كلامهم قال لهم : ألا تخبروني أنتم " المهاجرون الأولون الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا " ...؟ قالوا : لا . قال : فأنتم " الذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " ...؟ قالوا : لا . قال : أما أنتم قد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين ، وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم : " يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا " اخرجوا عني فعل الله بكم " كشف الغمة 2 \ 78 . ثم استدل رحمه الله تبارك وتعالى بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه : " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " . ففي الحديث نهي وهذا النهي يقتضي التحريم ، " فلا يحل لأحد أن يسب الصحابة على العموم ، ولا أن يسب واحدا منهم على الخصوص " . 2 \ 232 . وهذا النهي صدر من النبي صلى الله عليه وسلم لما حدثت مشاجرة بين خالد بن الوليد وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهم أجمعين فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا أصحابي " . فإذا كان هذا النهي لخالد رضي الله عنه ، فماذا نقول لم هو دون خالد ...؟ إنتهى الدرس الثاني وسنلتقي مع الدرس الثاني بإذن الله تعالى تحياتي :) |
الــــدرس ( الثالث ) الثناء على أصناف معينة من الصحابة ( تفاضل الصحابة ) : قال شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية الحراني في رسالته العظيمة العقيدة الواسطية : " ويفضلون من أنفق قبل الفتح – وهو صلح الحديبية – وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل . ويقدمون المهاجرين على الأنصار . ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر – وكانوا ثلاث مئة وبضعة عشر : " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " . وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة ؛ كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكانوا أكثر من ألف وأربع مئة . ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ كالعشرة ، وثابت بن قيس بن شماس ، وغيرهم من الصحابة " . الشـــــــرح : وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة ؛ فهم يفضلون من أنفق من قبل الفتح وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل ، والفتح المقصود به على القول الراجح من قولي أهل العلم أنه صلح الحديبية ، فالصحابة الذين أنفقوا وقاتلوا قبل صلح الحديبية أفضل من الصحابة الذين أنفقوا وقاتلوا بعد صلح الحديبية . وهذا التفضيل لم يأتي من فراغ ، أو من كيس آبائنا ، وإنما جاء النص عليه في القرآن العظيم فقد قال الحق تبارك وتعالى : "لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى " . ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله : " ويقدمون المهاجرين على الأنصار " . فأهل السنة والجماعة يعتقدون إعتقادا جازما أن المهاجرين أفضل من الأنصار ، والله جل وعلا قدم المهاجرين على الأنصار في كتابه في غير ما موضع وبين فضلهم . قال الله تعالى : " الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون " . وقال الله تعالى : " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه " . وقال تعالى : " لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار " . فدل تقديمه جل وعلا المهاجرين على الأنصار أنهم هم الأفضل ، والحكمة من ذلك : قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : " لأن المهاجرين جمعوا بين الهجرة والنصرة ، والأنصار أتوا بالنصرة فقط . فالمهاجرين تركوا أهلهم وأموالهم ، وتركوا أوطانهم ، وخرجوا إلى أرض هم فيها غرباء ، كل ذلك هجرة إلى الله ورسوله ونصرة لله ورسوله . والأنصار أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم في بلادهم ، ونصروا النبي صلى الله عليه وسلم ، ولاشك أنهم منعوه مما يمنعون منه أبناءهم ونساءهم " . شرح العقيدة الواسطية . .. يتبع .. |
مما ينبغيي معرفته أن هذا التفضيل إنما هو تفضيل جملة المهاجرين على جملة الأنصار وأن هناك أفرادا من الأنصار هم أفضل من أفراد من المهاجرين . قال العلامة محمد خليل هراس : " وهذا التفضيل إنما هو للجملة على الجملة ، فلا ينافي أن في الأنصار من هو أفضل من بعض المهاجرين " صفحة 240 . ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله : " ويؤمنــــــون بأن الله قال لأهــل بدر – وكانـوا ثلاث مئة وبضعــة عشر : " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " . فمن معتقد أهل السنة والجماعة أنهم يؤمنون أن الله تعالى قال لأهل بدر : " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " . وهذا مما صح عنه صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيحي البخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لعل الله اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " . قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " فكل ما يقع منهم من ذنوب ، فإنه مغفور لهم ؛ بسبب هذه الحسنة العظيمة الكبيرة التي جعلها الله تعالى على أيديهم ( وهي غزوة بدر ) . ففي الحديث : 1- أن ما يقع منهم من الكبائر مهما عظم فهو مغفور لهم . 2- فيه بشارة بأنهم لن يموتوا على الكفر ؛ لأنهم مغفور لهم وهذا يقتضي أحد أمرين :- أ - إما أنهم لا يمكن أن يكفروا بعد ذلك . ب - وإما أنهم إن قدر أن أحدهم كفر ، فسيوفق للتوبة والرجوع إلى الإسلام . وأيا كان ؛ ففيه بشارة عظيمة لهم ، ولم نعلم أن أحدا منهم كفر بعد ذلك " . 2 \ 238 . ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجـرة ؛ كما أخبـر به النبي صلى الله عليه وسلم ، بل لقـد رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكانـوا أكثـر من ألف وأربع مئة " . .. يتبع .. |
ويعتقد أهل السنة والجماعة أنه لن يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة وكانوا أكثر من 1400 . قال الله جل وعلا : "لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم مافي قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا " . فوصفهم جل وعلا بالإيمان ، وأنه علم مافي قلوبهم من صدق وإخلاص ، وهذه شهادة منه جل وعلا بأن كل من بايع تحت الشجرة فهو مرضي عنه . فالرضى ثابت بالقرآن ، وانتفاء دخول النار قد ثبت في السنة المطهرة في الحديث الصحيح الذي رواه أبوداود وغيره من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة " . وكان في مقدمة الذين بايعوا أبوبكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ، فأما عثمان فبايع النبي صلى الله عليه وسلم بديه يد عثمان فقال بيده اليمنى : " هذه يد عثمان " . البخاري . ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله : " ويشهـدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ كالعشرة ، وثابت بن قيس بن شماس ، وغيرهم من الصحابة " . ويشهد أهل السنة والجماعة بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة كالعشرة المبشرين وغيرهم . قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والشهادة نوعان : أ - شهادة معلقة بوصف . ب - شهادة معلقة بالشخص . أ - وهذه الشهادة عامة ، يجب علينا أن نشهد بها لأن الله تعالى أخبر بها فقال تعالى : " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم خالدين فيها وعد الله حقا وهو العزيز الحكيم " . ب - وأما الشهادة المعلقة بشخص معين ؛ فأن نشهد لفلان أو لعدد معين أنهم في الجنة . وهذه شهادة خاصة ، فنشهد لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ سواء شهد لشخص معين واحد أو لأشخاص معينين " 2 \ 243 . وعلى هذا فلا يجوز لأي شخص إن رأى شخصا يعمل الخيرات فيقول له ( أنت من أهل الجنة ) أو إن رأى شخصا يعمل المنكرات أن يقول له ( أنت من أهل النار ) أو إن رأى كافرا فيحكم عليه بأنه من أهل النار " هذا في الحياة " بل يقول لمن عمل الخيرات ( إن مات على ذلك فنحسبه من أهل الجنة ) ويقول للكافر ( إن مات على ذلك فهو مخلد في النار ) ، وأما بعد الممات فإننا نقول لمن مات مؤمنا ( نحسبه من أهل الجنة ) ومن مات كافرا فنقول له ( هو كافر مخلد في النار ) ومن مات على المنكرات ( فهذا تحت مشيئة الله فإن شاء عذبه وإن شاء غفر له ) . فالعشرة المبشرة هم : " أبوبكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وسعيد بن زيد ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبدالرحمن بن عوف ، وطلحة بن عبيدالله ، والزبير بن العوام ، وأبوعبيدة عامر بن الجراح " . ومنهم : أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ، وثابت بن قيس ، وبلال بن رباح ، وعبدالله بن سلام ، وعكاشة بن محصن ، وسعد بن معاذ رضي الله عنهم أجمعين وغيرهم ونكتفي بذكرهم فقط دون الشروع إلى الأحاديث الثابتة الصحيحة . إنتهى الدرس الثالث وسنلتقي بإذن الله في الدرس القادم تحياتي :) |
الـــــدرس ( الرابع ) الخلفاء الراشدون ومراتبهم من حيث التفضيل قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "ويقــرون بما تواتـر به النقـل عن أميـر المؤمنـين علي بن أبـي طالـب رضي الله عنه وغيره من أن خيـر هذه الأمة بعـد نبيها أبوبكر ثم عمـر .ويثلثـون بعثمان ، ويربعـون بعلـي رضي الله عنهم ؛ كما دلـت عليه الآثار ، وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان في البيعـة . مع أن بعـض أهل السنـة كانوا قد اختلفـوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما – بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر – أيهما أفضـل فقدم قـوم عثمان : وسكتوا ، أو ربعوا بعلي ، وقدم قوم عليـا ، وقوم توقفـوا . لكن استقـر أمر أهل السنـة على تقديم عثمان ، ثم علـي . وإن كانـت هذه المسألة – مسألة عثمان وعلي – ليسـت من الأصـول التي يضلل المخالـف فيها عند جمهـور أهل السنـة . لكن التي يضلل فيها ، مسألـة الخلافـة ، وذلك أنهم يؤمنـون أن الخليفـة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبوبكـر ، وعمـر ، ثم عثمـان ، ثم علي ومـن طعن في خلافة أحد من هؤلاء ؛ فهـو أضل من حمـار أهله " . الشـــــرح : بدأ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بتوضيح معتقد أهل السنة والجماعة في فضل الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم فقال : " ويقــرون بما تواتـر به النقـل عن أميـر المؤمنـين علـي بن أبـي طالب رضي الله عنه وغيره من أن خيـر هذه الأمة بعد نبيها أبوبكـر ثم عمـر " . فأهل السنة والجماعة يقرون بما تواتر عن علي رضي الله عنه في أن خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم أبوبكر ثم عمر . والتواتر : ما رواه جمع عن جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب . والنقل بالتواتر هو كنقل القرآن ، فيستحيل الكذب فيه . فقد ثبت في صحيح البخاري أن عليا رضي الله عنه قال : "خير هذه الأمة بعد نبيها أبوبكر ثم عمر " قال الحافظ الذهبي رحمه الله : " هذا متواتر " . وفي صحيح البخاري أيضا أن محمد بن الحنفية رضي الله عنه ( وهو ابن علي رضي الله عنه ) قال : قلت لأبي ( أي علي ) : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبوبكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر . وخشيت أن يقول عثمان ؛ قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين " . فهذا أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وأرضاه يثبت الأفضلية من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ثم عمر .. يتبع .. |
عقيدة أهل السنة والجماعةة قائمة على أن أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم أبوبكر ثم عمر رضي الله عنهما ، وقد أجمعت الأمة سلفا وخلفا على ذلك ولم يخالف فيه أحد . قال الإمام مالك رحمه الله :" ما رأيت أحد يشك في تقديمهما" . وقال الإمام الشافعي رحمه الله : "لم يختلف الصحابة والتابعون في تقديم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما" . لكن الإختلاف إنما وقع في الأفضلية بين عثمان وعلي رضي الله عنهما وأهل السنة والجماعة يقدمون عثمان على علي رضي الله عنهما وهذا ما دلت عليه الآثار وما أجمعت عليه الصحابة من تقديم عثمان للبيعة رضوان الله عليهم أجمعين وهو ما استقر عليه أهل السنة . قال شيخ الإسلام رحمه الله : " ويثلثون بعثمان ، ويربعون بعلي رضي الله عنهم ؛ كما دلت عليه الآثار ، وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة . مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما – بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر – أيهما أفضل ؟ فقدم قوم عثمان : وسكتوا ، أو ربعوا بعلي ، وقدم قوم عليا ، وقوم توقفوا ". وقد اختلف الناس في هذه المسألة ( من الأفضل عثمان أم علي ) إلى أربعة أقوال : 1- فقدم قوم عثمان وسكتوا فيمن هو أفضل من بعده . 2- وقدم قوم علي على عثمان ، وهذا ما ذهب إليه الإمام أبوحنيفة رحمه الله مما قد روي عنه ( لكن الظاهر من مذهبه أنه يقدم عثمان على علي ) ، وهو مذهب سفيان الثوري رحمه الله في بادئ الأمر ثم رجع . 3- وقدم قوم عثمان ثم ربعوا بعلي ( وهذا ما استقر عليه أهل السنة والجماعة بعد ذلك فعقيدتهم هي تقديم عثمان على علي رضي الله عنهما وهو الراجح ) . 4- وقوم توقفوا وقالوا : لا نقول هذا أفضل من هذا أو العكس ؛ لكن لا أحد أفضل منهما بعد أبي بكر وعمر ، وهذا مذهب الإمام مالك رحمه الله . ومما تبين لك من القول الراجح من تقديم عثمان على علي فاعلم أن الصحابة رضوان الله عليهم قد أجمعوا على تقديم عثمان في البيعة فإن إجماعهم على تقديم عثمان في البيعة يلزم منه أنه أفضل من علي رضي الله عنه لأن حكمة الله جل وعلا تأبى أن يمسك زمام أمور المسلمين على خير القرون رجلا وفيه من هو أفضل منه . .. يتبع .. |
وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : " كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا ، ثم عمر ، ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم " . واعلم أن هذه المسألة ( أي مسألة تقديم علي على عثمان أو العكس أو السكوت ) أو هذا الخلاف المشهور بين علماء المسلمين ممنا لا يضلل المخالف فيه ، فالمفاضلة بينهما ليست من الأصول التي يحكم بضلال من خالف الحق فيها ولكن نقول كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " هذا رأي من آراء أهل السنة ولا نقول فيه شيء " 2 \ 149 . وهذا هو معنى قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما قال في رسالته : " وإن كانت هذه المسألة – مسألة عثمان وعلي – ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة ". ثم قال رحمه الله : " لكن التي يضلل فيها ، مسألة الخلافة ، وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبوبكر ، وعمر ، ثم عثمان ، ثم علي . ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء ؛ فهو أضل من حمار أهله " . هذه المسألة هي التي يضلل فيها المخالف فأهل السنة والجماعة يعتقدون أن الخلافة من بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ثم لعمر ثم لعثمان ثم لعلي . وهذا ما أجمعت عليه الصحابة رضوان الله عليهم ، والتابعون لهم بإحسان سلفا وخلفا . فمن قال أن أبوبكر وعمر رضي الله عنهما اغتصبوا الخلافة من علي رضي الله عنه فهو ضال مضل . إنتهى الدرس الرابع وسنلتقي بإذن الله في الدرس القادم تحياتي :) |
الـــدرس ( الخامس ) قبل أن نخوض في الدرس الخامس أحب أن أقول للإخوة الأكارم أننا سنتجاوز ثلاث نقاط مما قد ذكرناها في أول الموضوع وهي ( حب آل البيت رضي الله عنهم ، حب أمهات المؤمنين رضي الله عنهم ، وموقف أهل البدع والضلالة من آل البيت والصحابة ) لأننا بإذن الله تعالى سنخصص درسا مستقلا في هذا الباب لعظيم المسألة . موقف أهل السنة والجماعة عما شجر بين الصحابة رضوان الله عليهم قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة : " ويمسكون عما شجر بين الصحابة ، ويقولون : إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب ، و منها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه ، والصحيح منه هم فيه معذورون : إما مجتهدون مصيبون ، وإما مجتهدون مخطئون " . الشــرح : أهل السنة والجماعة يمسكون عما شجر بين الصحابة رضوان الله عليهم فما وقع فيه من نزاع وخصومة فهم فيه ممسكون وهم للسنة متبعون وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا ذكر أصحابي فأمسكوا " السلسلة الصحيحة فقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث إنما هو لذكر ما وقع بينهم من شجار أو خطيئة فعليه فإنه ينبغي نشر محامد القوم ومحاسنهم . ولا سيما أن أهل السنة والجماعة ممسكون خاصة عما وقع بين علي وعائشة وطلحة والزبير ، وما وقع من ذلك بين علي ومعاوية وعمرو بن العاص رضوان الله عليهم أجمعين ، فما وقع منهم فهم فيه مجتهدون ، فإما مصيبون وإما مخطئون ، فمن أصاب فله أجران ، ومن أخطأ فله أجر واحد والذنب مغفور . قال الشيخ ابن عثيمين : " وهذه القضايا مشهورة ، وقد وقعت - بلا شك - عن تأويل واجتهاد ، كل منهم يظن أنه على حق ، ولا يمكن أن نقول : إن عائشة والزبير بن العوام قاتلا عليا رضي الله عنهم أجمعين وهم يعتقدون أنهم على باطل ، وأن عليا على حق . واعتقادهم أنهم على حق لا يستلزم أن يكونوا قد أصابوا الحق . ولكن إذا كانوا مخطئين ، ونحن نعلم أنهم لن يقدموا على هذا الأمر إلا عن اجتهاد ؛ فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن :"إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب ؛ فله أجران ، وإذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أخطأ ؛ فله أجر " . فنقول : هم مخطئون مجتهدون ؛ فلهم أجر واحد " . 2 \ 262 . .. يتبع .. |
ونستخلص من هذا أن الذي حصل من شجار بين الصحابة موقفنا منه له جهتان : " الجهة الأولى : الحكم على الفاعل . الجهة الثانية : موقفنا من الفاعل . أما الحكم على الفاعل : فقد سبق وأن ما ندين الله به أن ما جرى بينهم ؛ فهو صادر عن اجتهاد ، والإجتهاد إذا وقع فيه الخطأ ؛ فصاحبه معذور مغفور له . وأما موقفنا من الفاعل : فالواجب علينا الإمساك عما شجر بينهم ...... " 2\262 قال الإمام القيرواني رحمه الله : " وأن لا يذكر أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بأحسن ذكر والإمساك عما شجر بينهم وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم حسن المخارج ويظن بهم أحسن المذاهب " الثمر الداني في معرفة المعاني 22 . وقال الإمام الصابوني رحمه الله : " ويرون ( أي أهل السنة ) الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيبا لهم ونقصا فيهم ويرون الترحم على جميعهم والموالاة لكافتهم " عقيدة السلف وأصحاب الحديث 1 \ 129 . وقال يحيى بن أبي بكر العامري رحمه الله : " وينبغي لكل صين متدين مسامحة الصحابة فيما صدر بينهم من التشاجر ، والإعتذار عن مخطئهم وطلب المخارج الحسنة لهم ، وتسليم صحة إجماع ما أجمعوا عليه على ما عملوه فهم أعلم بالحال والحاضر يرى ما لا يرى الغائب ، وطريقة العارفين الإعتذار عن المعائب وطريقة المنافقين تتبع المثالب ، وإذا كان اللازم من طريقة الدين ستر عورات عامة المسلمين فكيف الظن بصحابة خاتم النبيين ! .... هذه طريقة صلحاء السلف وما سواها مهاو وتلف " . الرياض المستطابة 300 . واعلم أخي الكريم أن ما يروى عن الصحابة منه ما هو كذب ومنه ما زيد فيه ونقص ومنه ما هو صحيح . فما كان منه كذبا أو ما زيد في ونقص فالواجب علينا رده وأما الصحيح الثابت عما ذكر فهم فيه مجتهدون ، فإن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد . أما أن يأتي البعض فيقعوا في عرض أم المؤمنين رضي الله عنها ويحكموا بكفرها لما وقع بينها وبين علي رضي الله عنه فاعلم أن مكفرها زنديق واعلم أن ما يفعله بعض المبتدعة من القدح في خال المؤمنين معاوية رضي الله عنه والطعن فيه هو ضلال ، وقد يكون كفرا على حسب الحال . واعلم أن ما يفعله بعض المبتدعة من ذكر مساويء الصحابة خاصة فيما شجر بينهم فاعلم أنه ضال مضل ، وأضل من حمار أهله . قال الإمام أبي المظفر رحمه الله : " التعرض إلى جانب الصحابة علامة على خذلان فاعله بل هو بدعة وضلالة " . ولا ينبغي نشر هذه الأمور بين عامة الناس إلا لبيان الشبه التي يثيرها أولئك الزنادقة وللأسف الشديد فإننا نرى بعضا من الدعاة ينشرون أشرطتهم ويتكلمون في هذه المسائل بحجة ذكر القصص حتى أنه جاءني أحد العوام فقال لي ( لقد كنت في حيرة من أمري فيما وقع بين الصحابة ) فهذا الكلام لما صدر إنما صدر عن عدم معرفة بأصول المعتقد فلا ينبغي الكلام والخوض في هذه المسائل أمام عوام الناس إلا بعد تأصيل معتقد أهل السنة والجماعة في المسألة وبيان أصولها خاصة فيما وقع بين علي رضي الله عنه ومعاوية وعمرو بن العاص أو ما وقع بينه وبين عائشة وطلحة والزبير . إنتهى الدرس الخامس وسنلتقي بإذن الله في الدرس القادم تحياتي |
الـــــدرس ( السادس ) 10- عصمة الصحابة وعدمها . 11- الصحابة خير القرون . 12- معتقد أهل السنة فيما وقع من بعض الصحابة من خطأ . قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وهم مع ذلك ( أي أهل السنة ) لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره ، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة . ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم - إن صدر - ، حتى أنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم ؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم . وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون ، وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم . ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب ؛ فيكون قد تاب منه ، أو أتى بحسنات تمحوه ، أو غُفر له ؛ بفضل سابقته ، أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته ، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه . فإذا كان هذا في الذنوب المحققة ؛ فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين : إن أصابوا ؛ فلهم أجران ، وإن أخطؤوا ؛ فلهم أجر واحد ، والخطأ مغفور . ثم إن القدرالذي يُنْكَر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم ؛ من الإيمان بالله ، ورسوله ، والجهاد في سبيله ، والهجرة ، والنصرة ، والعلم النافع ، والعمل الصالح . ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة ، وما من الله عليهم به من الفضائل ؛ علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء ، لا كان ولا يكون مثلهم ، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله ". الشــــــــرح : اعلم رحمك الله أن العصمة تنقسم إلى قمسين : 1- عصمة الجماعة . 2- عصمة الأفراد . 1- أما عصمة الجماعة : فهي جماعة الصحابة ، فأهل السنة والجماعة يعتقدون أن الصحابة كلهم معصومين إن اجتمعوا على أمر ، وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قد أجار أمتي من أن تجتمع على ضلالة " السلسلة الصحيحة فالأمة معصومة في حال اجتماعها . 2-وأما عصمة الصحابة كأفراد ، فاعلم أن أهل السنة والجماعة يعتقدون إعتقادا جازما أن الصحابة كأفراد غير معصومين عن الخطأ ، بل إن ما سوى الأنبياء والرسل من الناس غير معصومين من الخطأ ، وهذا لما صح عنه صلى الله عليه وسلم كما جاء في سنن ابن ماجة وغيرأنه قال : " كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون " . .. يتبع .. |
واعلم رحمك الله أن الصحابة إن وقع منهم ذنب فإن لهم من السوابق من فضائل الأعمال ومحاسنها ما يوجب مغفرة هذا الذنب ، فإنهم رضوان الله عليهم أول من آمن بالله ورسوله ، وهم الذين نصروه وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم ، بل وبذلوا أنفسهم وأهليهم في سبيل الله لإعلاء كلمته جل وعلا . فإنهم رضوان الله تبارك وتعالى عليهم أفضل هذه القرون ، فقد جاء عند البخاري وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال :" خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " ، فإنهم من خير القرون كما أخبر الصادق المصدوق ، بل إنهم لو أنفق أحد مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه . بل إنهم رضي الله عنهم إن أخطؤوا فلا يخرج خطأهم عن أحد خمسة : 1- أن يكون قد تاب من ذنبه ، فإن تاب فإنه ارتفع عنه قال تعالى :" إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما " . 2- أو أنه أتى بحسنات تمحوا سيئاته ، قال تعالى :" إن الحسنات يذهبن السيئات " . 3- أو بفضل سابقته ، وهذا كقصة حاطب بن بلتعة رضي الله عنه أنه لما أرسل لقريش يعلمهم بخروج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فاستأذن عمر رضي الله عنه أن يضرب عنقه فقال صلى الله عليه وسلم :" إنه شهد بدرا ، وما يدريك ؟ لعل الله اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم ؛ فقد غفرت لكم " . 4- أو بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا ثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يشفع للناس ، والصحابة رضوان الله عليهم أحق الناس بشفاعته صلى الله عليه وسلم . 5- أو أنه ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه ، وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم مما أخرجه البخاري في صحيحه : " ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه ؛ إلا حط الله به سيئاته ؛ كما تحط الشجرة ورقها " . واعلم رحمك الله أن هذه الأمور في الذنوب المتحققة ، فكيف بالأمور التي هم فيها مجتهدون ...؟ فإن أصابوا فلهم أجران ، وإن أخطؤوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور ... هذه الأمور الخمسة التي قد ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه ترفع القدح عن الصحابة رضوان الله عليهم ، فمن عمل بها نجى ، ومن أهملها وسعى خلف كل ناعق ينعق باسم الإسلام فقد هلك ؛ كأولئك الذين جعلوا من الصحابة عرضة للطعن بهم ليل نهار ، فعجبي من قوم ينسبون أنفسهم إلى الأسلام وهم يطعنون فيمن نقل لهم الإسلام ...! .. يتبع .. |
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : " فهذه الأسباب التي ذكرها المؤلف رحمه الله ترفع القدح في الصحابة وهي قسمان : الأول :خاص بهم ، وهو ما لهم من السوابق والفضائل . والثاني :عام ، وهي التوبة ، والحسنات الماحية ، وشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ، والبلاء . " 2 \ 268 . واعلم رحمك الله أن ما وقع من الصحابة من خطأ قليل جدا ، بل إنه يغرق في بحور حسناتهم ، نعم نحن لا ننكر أن منهم من سرق ، وأن منهم من زنى ، وأن منهم من شرب الخمر ، لكن كل هذه الأمور وكل هذه الأشياء تغرق في بحور حسناتهم من الإيمان بالله ، والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم ، والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح . فمن تأمل سيرة هؤلاء الأخيار ، علم وعرف حق معرفة أن لهم من الحسنات العظيمة التي تعجز عن حملها الجبال ما يوجب المغفرة لهم فهم رضي الله عنهم خير من حواريي عيسى ، وخير من نقباء موسى عليهم الصلاة والسلام ، بل إنهم أفضل الناس بعد الأنبياء والرسل ، فلا يوجد أحد أفضل منهم رضي الله عنهم بعد الأنبياء والرسل قال تعالى : " كنتم خير أمة أخرجت للناس " . وهؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم هم الصفوة التي اختارها الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ، قال ابن مسعود رضي الله عنه :" إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب الصحابة خير القلوب فجعلهم وزراء له " . مسند أحمد . فلا كان ولا يكون أحد مثلهم ، فهم خير القرون ، وهم الصفوة المختارة ، وهم خير الأمم ، وأكرمها على الله ، هذا بالنسبة لأهل الحق ، أهل السنة والجماعة . أما أولئك الذين شتموا الصحابة وسبوهم وكفروهم فعليهم من الله ما يستحقون فلو سألنا النصارى من أفضل الناس عندكم لقالوا : حواريي عيسى عليه السلام ، ولو سألنا اليهود من أفضل الناس عندكم لقالوا : نقباء موسى عليه السلام ، ولو سألنا تلك الطائفة الخارجة عن مبادئ الإسلام من أشر الناس عندكم لقالوا : صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فكتبهم تطفح بذلك ، وقلوبهم تعج بذلك ، وألسنتهم تقول ذلك فيجب أن ننخدع بالكلمات الرنانة ، والعبارات الجياشة التي تقول ( نحن لا نسبهم ، نحن لا نكفرهم ، نحن لا نلعنهم ، نحن نناقش سيرتهم وسياستهم ) تلك هي خدعهم التي زينوها للناس ، يردون أن يتستروا على معتقداتهم خوفا من كشفها أمام الناس ، ولكن أين هم من الله الذي قال لهم : " أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم " ...؟ ولم يبق لك أخي الكريم إلا وأن تعلم حكم الله في هؤلاء . نترك الحكم فيهم للدرس الأخير إن شاء الله . .. يتبع .. |
أخي الفاضل / الوافـــي أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يحشرك مع النبيين والصديقين والشهداء ومع الصحابة خير البشر بعد النبيين في دار كرامته فلله درك لقد اتحفتنا بهذه الدروس ومازلت بانتظار البقية بارك الله فيك |
أخي الكريم / دايم العلو جزاك الله خيرا على دعواتك الطيبة وأسأل الله أن يجعل لك منها نصيبا موقورا وأن يجمعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته في جنات النعيم إنه ولي ذلك والقادر عليه تحياتي :) |
الدرس السـابع حكم تكفير وسب الصحابة : إن حكم تكفير وسب الصحابة ينقسم بحسب حال المكفر والساب لهم . فالسب هو : الكلام الذي يقصد به الإنتقاص والإستخفاف ، وهو ما يفهم من السب بعقول الناس على اختلاف اعتقاداتهم ، كاللعن والتقبيح ، ونحوهما . الصارم المسلول صفحة 561 . فمن الناس من يتهمهم بالكفر والردة ، حتى قالوا : " كان الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاب ردة إلا ثلاثة ، أبوذر والمقداد وسلمان الفارسي " . ومنهم من ينتقص منهم ، ويلعنهم حتى قال قائلهم : " نحن نتقرب إلى الله بلعن أبي بكر وعمر وعثمان " . وهم يحاولون أن يخدعونا بكلماتهم الزائفة التي ينمقونها فنجدهم يقولون : " نحن لا نكفرهم ، نحن لا نلعنهم ، نحن لا نسبهم " ولكن كتبهم طافحة بالكثير الكثير مما لا يخفى على أحد ، وهي شاهدةٌ عليهم. وإليك الحكم فيمن كفر أو سب الصحابة رضوان الله عليهم : 1- من سب الصحابة بالكفر والردة أو الفسق جميعهم أو معظمهم . 2- من سب بعضهم سبا يطعن في دينهم . 3- من سب صحابيا لم يتواتر النقل بفضله سبا يطعن في دينه . 4- من سب بعضهم سبا لا يطعن في دينهم وعدالتهم . 5- من سب أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما . 6- من سب أمهات المؤمنين رضي الله عنهن . وإليك تفصيل ذلك : أولا:من سب الصحابة بالكفر والردة أو الفسق جميعهم أو معظمهم . فهذا لا شك في كفره ، بل إن من شك في كفر هذا فهو كافر أيضا . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا ، أو أنهم فسقوا عامتهم ، فهذا لا ريب أيضا في كفره ؛ لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع ؛ من الرضا عنهم ، والثناء عليهم . بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين .... إلى أن قال .... وكفر هذا مما يعلم بالإضطرار من دين الإسلام " الصارم المسلول صفحة 586 - 587 . وكفر من سب الصحابة رضوان الله عليهم جميعهم أو معظمهم بالكفر أو الردة أو الفسق قد أجمعت عليه الأمة ولم يخالف فيه أحد ، قال الهيثمي رحمه الله :" ثم الكلام - أي الخلاف - إنما هو في سب بعضهم ، أما سب جميعهم ، فلا شك في أنه كفر " . الصواعق المحرقة صفحة 379 . واستنبط الإمام مالك من قوله تعالى :" محمد رسول الله والذين معه ........ إلى قوله تعالى ....... ليغيظ بهم الكفار " كفر من يبغضون الصحابة ؛ لأن الصحابة يغيظونهم ، ومن غاظه الصحابة فهو كافر ، وقد وافقه الإمام الشافعي رحمه الله وغيره . وكذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " آية الإيمان حب الأنصار ، وآية النفاق بغض الأنصار " . وفي رواية أخرى : " لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق " . وفي رواية : " لا يبغض الأنصار رجل آمن بالله واليوم الآخر " صحيح مسلم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" فمن سبهم فقد زاد على بغضهم فيجب أن يكون منافقا لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر " . الصارم المسلول 581 . واستنبط الإمام مالك من قوله تعالى : " مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (29) سورة الفتح كفر من يبغضون الصحابة ؛ لأن الصحابة يغيظونهم ، ومن غاظه الصحابة فهو كافر ، وقد وافقه الإمام الشافعي رحمه الله وغيره . وكذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " آية الإيمان حب الأنصار ، وآية النفاق بغض الأنصار " . وفي رواية أخرى : " لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق " . وفي رواية : " لا يبغض الأنصار رجل آمن بالله واليوم الآخر " صحيح مسلم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فمن سبهم فقد زاد على بغضهم فيجب أن يكون منافقا لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر " . الصارم المسلول 581 . ثانيا : من سب بعضهم سبا يطعن في دينهم . كأن يأتي أولئك ويطعنون فيمن نقل فضله بالتواتر بالكفر والفسق ، وهذا قد اختلف العلماء فيه ( هل يكفر ، أم يفسق ) فذهبت طائفة من أهل العلم إلى كفره ، وذهب البعض الآخر إلى التفصيل فقالوا : " إن اعتقد في سبهم فهو كافر ، وإن لم يكن معتقدا فإنه يكون فاسقا " ، والراجح والله أعلم هو ما ذهب إليه الفريق الثاني من التفصيل . قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله : " ومن خص بعضهم بالسب ، فإن كان ممن تواتر النقل في فضله وكماله ؛ كالخلفاء ، فإن اعتقد حقية سبه أو إباحته فقد كفر ؛ لتكذيبه ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكذبه كافر ، وإن سبه من غير اعتقاد حقية سبه أو إباحته ، فقد تفسق ؛ لأن سباب المسلم فسوق . وقد حكم البعض فيمن سب الشيخين بالكفر مطلقا والله أعلم " . الرد على الرافضة 19 . ثالثا : من سب صحابيا لم يتواتر النقل بفضله سبا يطعن في دينه . وهذا إنما يكون فاسقا ، قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب : " وإن كان ممن لم يتواتر النقل في فضله وكماله ، فالظاهر أن سابه فاسق ، إلا أن يسبه من حيث صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يكفر " . الرد على الرافضة 19 . رابعا : من سب بعضهم سبا لا يطعن في دينهم وعدالتهم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وأما إن سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم ؛ مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك ، فهو الذي يستحق التأديب والتعزير ، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك ، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من العلماء " . الصارم المسلول 586 . .. يتبع .. |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.