أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   خيمة الثقافة والأدب (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=9)
-   -   نغمة الأغاني في عشرة الإخوانِ - لكل الإخوة في الله (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=46655)

أبو عقبة 26-07-2005 08:41 AM

نغمة الأغاني في عشرة الإخوانِ - لكل الإخوة في الله
 
الحمد لله الذي جعل إتباع رسوله على محبته دليلا و أوضح طرق الهداية لمن شاء أن يتخذ إليه سبيلا و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبدٍ مخلصٍ لم يتخذ من دونه وكيلا و أشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي اختص أمته بأنه لا تزال فيها طائفة على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله ولو اجتمع الثقلين على حربهم قبيلا ( صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خير الناس أدين وأقومهم قيلا )



أما بعد لا أطيل عليكم و أترككم مع قبس من نور النبوة في بيان حقيقة الإخوة : -

من مسند الإمام أحمد بن حنبل

حدثنا عبد الله حدثنا أبو أحمد مخلد بن الحسن بن أبي زميل إملاء من كتابه حدثنا الحسن بن عمر بن يحيى الفزاري ويكنى أبا عبد الله ولقبه أبو المليح يعني الرقي عن حبيب بن أبي مرزوق عن عطاء بن أبي رباح عن أبي مسلم قال:
-دخلت مسجد حمص فإذا فيه حلقة فيها إثنان وثلاثون رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وفيهم شاب أكحل براق الثنايا محتب فإذا اختلفوا في شيء سألوه فأخبرهم فانتهوا إلى خبره قال: قلت: من هذا قالوا: هذا معاذ بن جبل قال: فقمت إلى الصلاة قال: فأردت أن ألقى بعضهم فلم أقدر على أحد منهم انصرفوا فلما كان الغد دخلت فإذا معاذ يصلي إلى سارية قال: فصليت عنده فلما انصرف جلست بيني وبينه السارية ثم احتبيت فلبثت ساعة لا أكلمه ولا يكلمني قال: ثم قلت: والله إني لأحبك لغير دنيا أرجوها أصيبها منك ولا قرابة بيني وبينك قال: فلأي شيء قال: قلت: لله تبارك وتعالى قال: فنثر حبوتي ثم قال فأبشر إن كنت صادقا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المتحابون في الله تبارك وتعالى في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء. قال: ثم خرجت فألقى عبادة بن الصامت قال: فحدثته بالذي حدثني معاذ فقال عبادة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يروي عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: حقت محبتي على المتزاورين فيَّ وحقت محبتي على المتباذلين فيَّ على منابر من نور يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون.


و من مجمع الزوائد - للحافظ الهيثمي

- وعن عمرو بن عبسة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"عن يمين الرحمن - وكلتا يديه يمين - رجال ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغشى بياض وجوههم نظر الناظرين، يغبطهم النبيون والشهداء بمقعدهم وقربهم من الله عز وجل". قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: "هم جماع من نوازع القبائل، يجتمعون على ذكر الله، فينتقون أطايب الكلام كما ينتقي آكل التمر أطايبه".

رواه الطبراني ورجاله موثقون.


و من المستدرك على الصحيحين - للإمام محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري.

- حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى الشهيد، حدثنا عبد الرحمن بن المبارك، حدثنا الصعق بن حزن، عن عقيل بن يحيى، عن أبي إسحاق الهمداني، عن سويد بن غفلة، عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - {وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون}[الحديد: 27].
قال ابن مسعود: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -:
(يا عبد الله بن مسعود).
فقلت: لبيك يا رسول الله، ثلاث مرار.
قال: (هل تدري أيّ عُرىَ الإيمان أوثق؟)
قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: (أوثق الإيمان، الولاية في الله بالحب فيه، والبغض فيه.)
(يا عبد الله بن مسعود).
قلت: لبيك يا رسول الله، ثلاث مرار.
قال: (هل تدري أيّ الناس أفضل؟)
قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: (فإن أفضل الناس، أفضلهم عملا إذا فقهوا في دينهم).
(يا عبد الله بن مسعود).
قلت: لبيك وسعديك، ثلاث مرار.
قال: (هل تدري أي الناس أعلم؟)
قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: (فإن أعلم الناس، أبصرهم بالحق إذا اختلفت الناس، وإن كان مقصراً في العمل، وإن كان يزحف على إسته.
واختلف من كان قبلنا على اثنتين وسبعين فرقة، نجا منها ثلاث، وهلك سائرها، فرقة وازت الملوك وقاتلتهم على دين الله، ودين عيسى بن مريم، حتى قتلوا.
وفرقة لم يكن لهم طاقة بموازاة الملوك، فأقاموا بين ظهراني قومهم، فدعوهم إلى دين الله، ودين عيسى بن مريم، فقتلتهم الملوك، ونشرتهم بالمناشير.
وفرقة لم يكن لهم طاقة بموازاة الملوك، ولا بالمقام بين ظهراني قومهم، فدعوهم إلى الله، وإلى دين عيسى بن مريم، فساحوا في الجبال، وترهبوا فيها، فهم الذين قال الله: {ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها}إلى قوله {فاسقون}.
فالمؤمنون: الذين آمنوا بي، وصدقوني، والفاسقون: الذين كفروا بي وجحدوا بي).
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
(ج/ص: 2/ 523)


ومن صحيح البخاري

- حدثنا محمد بن العلاء: حدثنا أبو أسامة، عن بُرَيد، عن أبي بُردة، عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل الجليس الصالح والسَّوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يُحذيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير: إما أن يُحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحاً خبيثة).
[ر: 1995]
[ أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: استحباب مجالسة الصالحين..، رقم: 2628.
(يحذيك) يعطيك شيئاً من المسك يتحفك به].

**********

وبعد قراءة الأحاديث يطيب لي أن أقدم لكم ولأول مرة على شبكة

الخيمة للحوار بالتعاون مع الإخوة الكرام ( بالموسوعة الشعرية -

المجمع الثقافي - أبو ظبي - الإمارات العربية المتحدة )

" نغمة الأغاني في عشرة الإخوانِ " كاملة

وأتقدم بخالص الشكر والتقدير للأخ الفاضل "منذر العكيلي" وجميع الإخوة

القائمين عليها فجزاهم الله خير الجزاء وأثابهم على حسن أعمالهم


إهداء خاص للأخ : - دايم العلو

أبو عقبة 26-07-2005 09:19 AM

بين يدي المؤلف

الإسم :- علي بن أحمد بن محمد معصوم الحسني الحسيني، المعروف بعلي خان بن ميرزا أحمد، الشهير بابن مَعْصُوم.

مولده ونشأته : -

ميلاده 1052 -وفاته 1119 هـ / ميلاده 1642 - وفاته 1707 م

عالم بالأدب والشعر والتراجم شيرازي الأصل، ولد بالمدينة المنورة ليلة السبت 15 جمادى الأولى سنة 1052، وأقام بالهند ثمان وأربعين سنة، ورد إصفهان في عهد السلطان حسين سنة 1117، وأقام بها سنين ثم عادها إلى شيراز، وحط بها عصى السير زعيما مدرسا مفيدا، وتوفي بها في ذيقعدة الحرام سنة 1120، ودفن بحرم الشاه چراغ أحمد بن الإمام موسى بن جعفر عند جده غياث الدين المنصور صاحب المدرسة المنصورية .، وفي شعره رقة.
من كتبه (سلافة العصر في محاسن أعيان العصر-ط)، و(الطراز- خ) في اللغة، على نسق القاموس، و(أنوار الربيع في أنواع البديع في شرح قصيدته البديعية - ط)، و(الطراز- خ) شرح بديعية له، و(سلوة الغريب وأسوة الأديب- خ) وصف به رحلته من مكة الى حيدر آباد، و(الدرجات الرفيعة في طبقات الامامية من الشيعة- خ)، وله (ديوان شعر- خ).


- ملحوظة هامة : ولقد تعلمنا الأمانة في الكلمة والنقل عن الآخرين - فليس كون المؤلف من الشيعة الإماميةداعياً لكتمان الحقيقة وأنه هو مؤلفها مع العلم - أن الشيعة من ألد أعداء السنة


أما العلامة بن مشرف ( فكثير من الناس يظن أنه هو المؤلف لهذه القصيدة وهذا غلط كبير - فبعد البحث وجدنا أن ناظمها هو بن معصوم - ووجدنا في ديوان بن مشرف نفس المنظومة لكن بها بعض التغييرات )

وتلك نبذة مختصرة عن العلامة بن مشرف رحمه الله تعالى : -

أحمد بن علي بن مشرف
?? - 1285 هـ / ?? - 1868 م
أحمد بن علي بن حسين بن مشرف الوهيبي التميمي.
فقيه مالكي، كثير النظم، سلفي العقيدة، من أهل الأحساء تعلم بنجد ودرّس وتوفي فيها، ولي قضاءها مدة.
له منظومات في التوحيد، ومدائح جمعت في (ديوان ابن مشرف -ط).



أخيراً مع ما وجدنا في ديوان بن معصوم من الأبيات ما يدل أنه من الشيعة الإمامية وله من الأبيات ما هو شنيع بشع في الغلو المتفاوت حده في الصحابي الجليل علي بن طالب رضي الله عنه

إلا أننا نقول عن هذه المنظومة ما وصفت به في إحدى الأشرطة المسجلة : - " وإنك أيها المحب بلا أدنى شك ما أن تتجول في ربوعها حتى تتعجب من هذه القدرة الفذة على الإختصار وحسن السبك وبعد أن تستمع إلى بيان المنظومة ستجد أيها المحب أنها كلها في باب واحد - باب الإخوان ما لهم وما عليهم تجاه إخوانهم بأسلوب سهل مبسط "

من خلال الرابط التالي يمكنكم تحميل المنظومة بصوت الشيخ توفيق بن سعيد الصائغ : -

http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...lesson_id=3402

أبو عقبة 26-07-2005 09:25 AM

فيما يلي المنظومة مع تغييرات بن مشرف

( هي تغييرات بسيطة في الألفاظ لكن المعنى نفسه لم يتغير )

أبو عقبة 26-07-2005 09:54 AM

- مطلع القصيدة


يَقولُ رَاجي الصَّمدِ
ابْنُ عَليٍّ أحمدِ

حَمداً لِمنْ هَدَانِي
بالنُطقِِ والبَيانٍ

وَأشرفُ الصَّلاةِ
مِنْ وَاهِبِ الصِلاتِ

عَلى النَّبيِ الهَادي
وآلهِ الأمْجَادِ

وبَعدُ فَالكَلامُ
لِحُسْنِهِ أَقسَامُ

وَالقَولُ ذو فُنونِ
فِي الجِِدِ وَالمُجُونِ

وَروضَةُ الأرِيِضِ
السَّجْعُ فِي القَريضِِ

وَالشّعرُ دِيوانُ العَرَبْ
وَكََمْ أنالَ مِن أَرَبْ

فاَنْسَلْ إذا رُمْت الأدب
إليهِ مِن كُلِ حَدب

روايةُ الأَشعارِ
تَكْسو الأديب العَارِي

وتَرفعُ الوَضِيعا
وتُكْرم الشَّفيعَا

وتُنْجحُ المَآربَا
وتُصْلحُ المَعَائِبَا

وَتُطْرب الإخْوانَا
وَتُذْهِب الأحَزَانَا

وَتُنْعش العُشَّاقَا
وَتُؤنْس المُشّتَاقَا

وَتَنْسَخُ الأحْقادَا
وتُثبت الوِدادا

وتُقْدم الجَبانَا
وَتُعْطِفْ الغَضّبَانَا

وَتَنعَت الحبيبا
والرشأ الرَبيبا

فَقُمْ لَهُ مُهْتَمّاً
وَاحْفظهُ حِفْظَاًً جَمّا

وَخيْرهُ مَا أطْربَا
مُسْتَمِعَاًً وَأعْجَبَا

وَهَذِه أُرْجُوزةْ
فِي فَنِّهَا وَجِيزَة

بَدِيعةُ الألفَاظِ
تَسْهُلُ للِحُفّاظِ

تُطْربُ كُل سَامِعْ
بِحُسْن لَفْظٍ جَامِعْ

أبْيَاتُهَا قُصُورُ
وَمَا بِهَا قُصُورُ

ضَمّنْتُهَا مَعَانِي
فِي عِشْرَةِ الإِخْوَانِ

تَشْرَحُ للأَلْبَابِ
مَحَاسِن الأدابِ

فَإنْ خَيْرَ العِشرَةْ
مَا حَازَ قومَاًً عُشْرَهْ

وَأكْثَرُ الإِخْوَانِ
فِي الوَصلِ وَالأوانِ

صُحْبَتُهُمْ نِفَاقُ
مَا شَانَهَا وِفَاقُ

يَلْقَى الخَلِيلُ خِلّهْ
إذا أتَى مَحَلَّهْ

بِظَاهِرٍ مُمَوَّهْ
وَبَاطِنٍ مُشَوَّه

يُظْهِرُ مِنْ صَدَاقة
مَا هو فَوقَ الطَّاقَة

وَالقَلْبُ مِنْهَا خَالِي
كَفَارِغِ المَخَالي

حَتَّى إذا مَا انْصَرَفَا
أَعْرَضَ عَنْ ذَاكَ الصَّفا

وإن يَكُنْ ثَمّ حَسَدْ
أَنْشَبَ إِنْشَابَ الأسَدْ

فِي عِرْضِهِ مَخَالِبَه
مُستقصِيَاًً مَثَالِبَه

مُجْتَهِداً فِي غَيبَتِه
لَمْ يَرْعَ حَقْ غَيبَتِه

فَهَذِه صُحْبَةُ مَنْ
تَرَاهُ فِي هَذَا الزّمنْ

فَلا تَكُنْ مُعتَمِداً
عَلى صَدِيقٍ أَبَدَا

وإن عَصَيْت إلا
تَصْحَبُ مِنْهُمْ خِلّا

فإنَكَ المُوَفَقْ
بَل السَّعيد المُطْلق

وَإنْ قَصَدت الصُّحْبَة
فَخُذْ لَهَا فِي الأُهْبَة

وَاحْرِص عَلَى آَدَابِهَا
تُعدُ مِنْ أَرْبَابِهَا

وَاسْتَنْبِ مِنْ شُرُوطِهَا
تُوَقَ مِنْ سُقُوطِهَا

فَإنْ أَرَدْت عِلمَهَا
وَحَدَهَا وَرَسْمَهَا

فَاسْتَملهِ مِن رَجَزِي
هَذَا البَدِيعِ المُوجَزِي

فَإنَّهُ كََفيلُ
بِشَرْحِهِ حَفيلُ

فَصَّلتُهُ فُصُولاً
تُقرِّب الوُصُولا

لِمَنْهَجِ الأدابِ
فِي صُحبَةِ الأصْحَابِ

تَهْدِي جَمِيع الصَّحْبِ
إلَى طَرِيقِ الرَّحْبِ

سَمّيتهُ إذ أطرَبَا
بِنَظْمِهِ إذ أغْرَبَا

بِنَغْمَةِ الأَغَانِي
فِي عِشْرَةِ الإِخْوَانِ

وَالله رَبي أَسْألُ
وَهوَ الكَرِيمُ المُفْضلُ

الهَادِي للسَدَادِ
وَمَانِحِ الإمْدَادِ





يَقولُ رَاجي الصَّمدِ
ابْنُ عَليٍّ أحمدِ

حَمداً لِمنْ هَدَانِي
بالنُطقِِ والبَيانٍ

وَأشرفُ الصَّلاةِ
مِنْ وَاهِبِ الصِلاتِ

عَلى النَّبيِ الهَادي
وآلهِ الأمْجَادِ

وبَعدُ فَالكَلامُ
لِحُسْنِهِ أَقسَامُ

وَالقَولُ ذو فُنونِ
فِي الجِِدِ وَالمُجُونِ

وَروضَةُ الأرِيِضِ
السَّجْعُ فِي القَريضِِ

وَالشّعرُ دِيوانُ العَرَبْ
وَكََمْ أنالَ مِن أَرَبْ

فاَنْسَلْ إذا رُمْت الأدب
إليهِ مِن كُلِ حَدب

روايةُ الأَشعارِ
تَكْسو الأديب العَارِي

وتَرفعُ الوَضِيعا
وتُكْرم الشَّفيعَا

وتُنْجحُ المَآربَا
وتُصْلحُ المَعَائِبَا

وَتُطْرب الإخْوانَا
وَتُذْهِب الأحَزَانَا

وَتُنْعش العُشَّاقَا
وَتُؤنْس المُشّتَاقَا

وَتَنْسَخُ الأحْقادَا
وتُثبت الوِدادا

وتُقْدم الجَبانَا
وَتُعْطِفْ الغَضّبَانَا

وَتَنعَت الحبيبا
والرشأ الرَبيبا

فَقُمْ لَهُ مُهْتَمّاً
وَاحْفظهُ حِفْظَاًً جَمّا

وَخيْرهُ مَا أطْربَا
مُسْتَمِعَاًً وَأعْجَبَا

وَهَذِه أُرْجُوزةْ
فِي فَنِّهَا وَجِيزَة

بَدِيعةُ الألفَاظِ
تَسْهُلُ للِحُفّاظِ

تُطْربُ كُل سَامِعْ
بِحُسْن لَفْظٍ جَامِعْ

أبْيَاتُهَا قُصُورُ
وَمَا بِهَا قُصُورُ

ضَمّنْتُهَا مَعَانِي
فِي عِشْرَةِ الإِخْوَانِ

تَشْرَحُ للأَلْبَابِ
مَحَاسِن الأدابِ

فَإنْ خَيْرَ العِشرَةْ
مَا حَازَ قومَاًً عُشْرَهْ

وَأكْثَرُ الإِخْوَانِ
فِي الوَصلِ وَالأوانِ

صُحْبَتُهُمْ نِفَاقُ
مَا شَانَهَا وِفَاقُ

يَلْقَى الخَلِيلُ خِلّهْ
إذا أتَى مَحَلَّهْ

بِظَاهِرٍ مُمَوَّهْ
وَبَاطِنٍ مُشَوَّه

يُظْهِرُ مِنْ صَدَاقة
مَا هو فَوقَ الطَّاقَة

وَالقَلْبُ مِنْهَا خَالِي
كَفَارِغِ المَخَالي

حَتَّى إذا مَا انْصَرَفَا
أَعْرَضَ عَنْ ذَاكَ الصَّفا

وإن يَكُنْ ثَمّ حَسَدْ
أَنْشَبَ إِنْشَابَ الأسَدْ

فِي عِرْضِهِ مَخَالِبَه
مُستقصِيَاًً مَثَالِبَه

مُجْتَهِداً فِي غَيبَتِه
لَمْ يَرْعَ حَقْ غَيبَتِه

فَهَذِه صُحْبَةُ مَنْ
تَرَاهُ فِي هَذَا الزّمنْ

فَلا تَكُنْ مُعتَمِداً
عَلى صَدِيقٍ أَبَدَا

وإن عَصَيْت إلا
تَصْحَبُ مِنْهُمْ خِلّا

فإنَكَ المُوَفَقْ
بَل السَّعيد المُطْلق

وَإنْ قَصَدت الصُّحْبَة
فَخُذْ لَهَا فِي الأُهْبَة

وَاحْرِص عَلَى آَدَابِهَا
تُعدُ مِنْ أَرْبَابِهَا

وَاسْتَنْبِ مِنْ شُرُوطِهَا
تُوَقَ مِنْ سُقُوطِهَا

فَإنْ أَرَدْت عِلمَهَا
وَحَدَهَا وَرَسْمَهَا

فَاسْتَملهِ مِن رَجَزِي
هَذَا البَدِيعِ المُوجَزِي

فَإنَّهُ كََفيلُ
بِشَرْحِهِ حَفيلُ

فَصَّلتُهُ فُصُولاً
تُقرِّب الوُصُولا

لِمَنْهَجِ الأدابِ
فِي صُحبَةِ الأصْحَابِ

تَهْدِي جَمِيع الصَّحْبِ
إلَى طَرِيقِ الرَّحْبِ

سَمّيتهُ إذ أطرَبَا
بِنَظْمِهِ إذ أغْرَبَا

بِنَغْمَةِ الأَغَانِي
فِي عِشْرَةِ الإِخْوَانِ

وَالله رَبي أَسْألُ
وَهوَ الكَرِيمُ المُفْضلُ

الهَادِي للسَدَادِ
وَمَانِحِ الإمْدَادِ

أبو عقبة 27-07-2005 01:47 AM

- فصل في
تعريف الصديق والصداقة


قَالوا الصَّديقُ مَنْ صَدَق
فِي ودهِ وَمَا مَذق

وَقِيلَ مَنْ لاَ يَطْعَنَا
فِي قَولِهِ أنتَ أنَا

وَقِيلَ لَفظٌ لا يُرَى
مَعْنَاهُ فِي هَذَا الوَرَى

وفَسّرُوا الصّدَاقة
الحُبُ حَسْبَ الطَّاقَة

وَقَالَ مَنْ قَدْ أطَلَقَا
هِيَ الوِدَادُ مُطْلَقَا

والآخَرُونَ نَصُّوا
بِأنَّهَا أَخَصُّ

وَهَوَ الصَحِيحُ الرَّاجِحُ
وَالحَقُ فِيِهِ وَاضِحُ

عَلامَةُ الصّدِيقِ
عِنْدَ أولِي التّحْقِيقِ

مَحَبّةُ بِلا غَرَضْ
وَالصّدْقُ فِيهَا مُفْتَرَضْ

وَمطلقُ الحبِّ أَعم
ومن أَبى فقد زَعم

وَحَدّها المَعْقول
عِنْدِيَ مَا أقُولُ

فَهي بِلا اشتباه
مَحَبّةُ فِي اللهِ

أبو عقبة 27-07-2005 01:50 AM

- فصل
فيمن يصادق ويصافى


أخُو صَلاحٍ وأدَبٍ
ذو حَسَبٍ وَ ذُو نَسَبْ

رُبَ صَلاحٍ وتُقَى
يَنْهَاكَ عَمّا يُتّقَي

مِنْ حِيلَةٍ وَغَدْرِ
وَبِدْعَةٍ وَمَكْرِ

مُهَذّبُ الأخْلاَقِ
يَطْرَبُ للتَلاقِي

يَحْفَظُ مَا فِي عَيبَتِكْ
يَصُونُ مَا فِي غَيبَتَكْ

يَزِينَهُ مَا زَانَكَا
يَشِينَهُ مَا شَانَكَا

يُظْهِرُ مِنْكَ الحَسَنَا
وَيَذْكُرُ المُستَحْسَنَا

وَيَكْتُمُ المَعِيَبَا
ويَحْفظُ المَغِيبَا

يَسرهُ مَا سَرّكَا
ولا يُذِيعُ سِرّكَا

إن قَالَ قَولاً صَدَقَكْ
أو قُلتَ قَولاً صَدّقَكْ

وإن شَكَوتَ عُسْرَاً
أفَدْتَ مِنْهُ يُسرَاً

يَلْقَاكَ بِالأمَانِي
فِي حَادِث الزَّمَانِ

يَهدِيِ لَكَ النَّصِيحَة
بِنِيَةٍ صَحِيحَة

خُلّتُهُ مُدَانِيةَ
فِي السِّرِ وَالعَلانِيَة

صُحْبَتُهُ لا لِغَرَض
فَذَاكَ للقَلبِ مَرَض

لا يَتَغيرْ إنْ وَلِى
عَنِ الوِدَادِ الأوَّلِ

يَرْعَى عُهودَ الصُّحْبَةْ
لا سِيَّمَا فِي النَّكْبة

لا يُسْلِمُ الصَّدِيقَا
إنْ نَالَ يَومَاً ضِيقَا

يُعِينُ إنْ أَمرٌ عَنَا
وَلا يَفُوهُ بِالخَنَا

يُولِي وَلا يَعْتَذِرُ
عَمَّا عَلَيهِ يَقْدِرُ

هَذَا هوَ الأخُ الثِّقَة
المُسْتَحِقُ لِلمِقَة

إنْ ظَفِرَتْ يَدَاكَا
فَكِدْ بِهِ عِدَاكَا

فَإنَّهُ السِّلاحُ
والكَهْفُ وَالمَنَاحُ

وَقدْ رَوَى الرُوَاةُ
السَّادَةُ الثِّقَاتُ

عَنِ الإمَامِ المُرْتَضَى
سَيفِ الإلَهِ المُنْتَضَى

فِي الصَّحْبِ وَالإخْوَانِ
أَنِّهُمُ صِنْفَانِ

إِخْوانُ صِدْقٍ وَثِقَه
وَأنْفُسٍ مُتَفِقَه

هُمُ الجَنَاحُ وَاليدُ
وَالكَهفُ وَالمُسْتَنَدُ

وَالأهْلُ وَالأقَارِبُ
أَدْنَتْهُمُ التَجَارِبُ

فَافْدِهِمُ بِالُّروحِ
فِي القُرْبِ وَالنُزُوحِ

وَاسْلُكْ بِحَيثُ سَلَكُوا
وَابْذِل لَهُم مَا تَمْلِكُ

فَلا يَرَوكَ مَالِكاً
مِنْ دُونِهِمْ لِمَالِكَا

وَصَافِ مَنْ صَافَاهُم
وَنَافِ مَنْ نَافَاهُم

وَاحْفظهُمُ وَصُنْهُم
وَانْفِ الظُنُونَ عَنْهُم

فَهُمْ أَعَزُ فِي الوَرَى
إنْ عَنّْ خَطْبٌ أو عَرَى

مِنْ أحْمَرِ اليَاقُوتِ
بَلْ مِنْ حَلالِ القُوتِ

وَإِخْوَةٌ للأنْسِ
وَنيلِ حَظِ النَّفِس

هُمْ عُصْبَةُ المُجَامَلَة
للصِدْقِ فِي المُعَامَلَة

مِنْهُم تُصِيبُ لَذَّتْكْ
إذا الهُمُومُ بَذَّتَكْ

فَصِلْهُمُ مَا وَصَلُوا
وَأبْذِل لَهُمْ مَا بَذَلُوا

مِنْ ظَاهِرِ الصَّدَاقَة
بِالبِشْرِ وَالطَّلاقَة

وَلا تَسَلْ إنْ أظْهَرُوا
للوُدِ عَمَّا أضْمَرُوا

وَاطْوِهِمُ مَدَّ الحِقَبْ
طَيّ السِّجِلِ للكُتُب

وَقَالَ بِشْرُ الحَافِي
بَلْ عِدّةُ الأصْنَافِ

ثََلاثََةٌ فَالأولْ
للدِينِ فَهْوَ الأفْضَلْ

وَآخَرٌ للدُنيَا
يَهْدِيكَ نَجْدَ العُليَا

وَثَالِثٌ للأنْسِ
لِكَونِهِ مِنْ جِنْسِ

فَأعْط كُلاً مَا يُحِب
وَعَنْ سِوَاهُم فَاجتَنِبْ

أبو عقبة 27-07-2005 01:56 AM

- فصل في
شروط الصداقة


صَدَاقَةُ الإخْوَانِ
الخُلّصِ العَوَانِي

لَهَا شُرُوطٌ عِدّة
عَلى الرخَا والشِّدَّة

وَالرِفْقِ وَالتَلَطُّفِ
وَالوِدِ وَالتَعَطُّفِ

وَكَثرةِ التَعَهُدِ
لَهَا بِكُلِ مَعْهَدِ

البِرُ بِالأصْحَابِ
مِنْ أحكمِ الأسبَابِ

وَالنُصحُ للإخوَانِ
مِنْ أعْظَمِ الإحْسَانِ

وَالصدقُ والتصَافِي
مِنْ أحسَنِ الإنصَافِ

دع خِدَع المَودَّة
وَأوجُهَاً مُسوَدَّة

فَالمحضُ فِي الإخْلاصِ
كَالذَّهَبِ الخِلاصِ

حِفظُ العُهودِ وَالوَفَا
حَقٌ لإخْوَانِ الصَّفَا

عَامِلهُمُ بِالصِدقِ
وَأصحَبْ بِحُسنِ الخُلْقِ

وَالعَدْلِ وَالإنصَافِ
وَقِلَّةِ الخِلافِ

وَلاقِهم بالبِشرِ
وَحيِّهِم بِالشُكرِ

صِفهُم بِمَا يُستحسَنُ
وَأخْفِ مَا يُسْتهجَنُ

وَإنْ رَأيتَ هَفوَة
فَانصحهُمُ فِي خَلوَة

بِالرَّمزِ والإشَارة
وَألطَفِ العِبَارَة

إيَّاك وَالتَعنِيفَا
وَالعَذَلَ العَنِيفَا

وَإنْ تُرِدْ عِتَابَهُم
فَلا تُسِيء خِطَابَهُم

وَأحسنُ العِتَابِ
مَا كَانَ فِي كِتابِ

وَالعَتْبُ بِالمُشَافَهة
ضَرْبٌ مِن المُسَافَهَة

وَعَنْ إمَامِ النَّجْلِ
فَاتِكِ كُلّ فَحْلِ

عَاتِبْ أَخَاكَ الجَانِي
بِالبِرِّ وَالإحسَانِ

حَافِظْ عَلى الصَّدِيقِ
فِي الوِسْعِ وَالمَضِيقِ

فهُمْ نَسِيمُ الرُّوحِ
وَمَرهَمُ الجُروحِ

وَفِي الحَدِيثِ النَاطِقِ
عَنِ الإمَامِ الصَادِقِ

مَنْ كَانَ ذا حَمِيمِ
يُنْجِي مِن الجَحِيمِ

كَقَولِ أهْلِ النَّارِ
وَعُصبَةِ الكُفَّارِ

فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعْ
وَلا حَمِيمٍ نَافِعْ

فَالقُربُ فِي الخَلائِقِ
أمنٌ مِن البوائِقِ

فَقَارِبِ الإخْوَانَ
وَكُنْ لَهُم مِعْوانا

لا تَسْمَع المَقَالا
فِيهِم وَإنْ تَوَالا

فَمَنْ أطَاعَ الوَاشِي
سَارَ بِلَيلٍ عَاشي

وَضَيَّعَ الصَدِيقَا
وَكَذَبَ الصِدِّيقا

وإن سَمِعَت قِيلاً
يَحْتمَلِ التَّأوِيلا

فاحمِلهُ خَيَر مَحمَل
فِعْل الرِّجَال الكُمَّل

وإَنْ رَأيتَ وَهْنا
فَلا تَسُمْهُم طَعْنَا

فَالطَعنُ فِي الكَلامِ
عِندَ أولِي الأحَلامِ

أنْفذُ فِي الجَنَانِ
مِنْ طَعنةِ السِنَانِ

فَعَدِ عَنْ زَلاتِهِم
وَسُدَ مِن خَلَّاتِهِمْ

سَلْ عَنهُمُ إنْ غَابوا
وَزُرهُمُ إنْ آبوا

وَاستنبِ عَنْ أحوالِهِم
وَعُف عَنْ أمْوالِهِمْ

أطِعهُمُ إنْ أمَروا
وَصِلهُمُ إنْ هَجَروا

فَقَاطِعُ الوِصَالِ
كَقَاطِعِ الأوصَالِ

إنْ نَصَحوكَ فَاقْبَلْ
وإنْ دَعَوكَ فَاقْبِلْ

وَاصدُقهُمُ فِي الوَعدِ
فَالخُلفُ خُلفُ الوَعدِ

وَاقْبَل إذا مَا اعتَذَروا
إليكَ مما يُنْكَرُ

وَارع صَلاح حَالِهِم
وَاشفِق عَلَى مِحَالِهِم

وَكُنْ لَهُمْ غَيَّاثَاً
إذا الزَّمَانُ عاثا

أبو عقبة 27-07-2005 03:34 AM

- فصل في الحث
على إعانة الإخوان


حَقيقَةُ الصَدِيقِ
تُعرَفُ عِندَ الضِيقِ

وَتُخبَرُ الإخوَانُ
إذا جَفَا الزمَانُ

لا خَيرَ فِي إخَاءِ
يَكُونُ فِي الرخَاءِ

وإنمَا الصَدَاقة
فِي العُسرِ والإضَاقَة

لا تَدَّخِر مَوَدة
إلا لِيَومِ الشِدَّة

ولا تُعدُ الخُلة
إلا لِسَد الخَلة

أعِنْ أخَاكَ واعَضُدِ
وكُنْ لَهُ كَالعَضُدِ

لا سِيّمَا إنْ قَعَدَا
بِهِ زَمانٌ أوعَدَا

بِئسَ الخَليلُ مَن نَكَل
عَن خِلهِ إذا اتّكَل

لا تَجفُ فِي حَالٍ أخَا
ضَنّ الزمَان أو سَخَا

وإنْ شكا مِنْ خَطبِه
فرم مِن اللُطـفِ بِه

واسعَ لكشف كُربتِه
واحفَظ عهودَ صُحبتِه

وَكُنْ لهُ كالنُورِ
فِي ظُلَمِ الدَيجورِ

وَلا تَدَع ولا تَذَر
مَا تَستَطِيعُ مِنْ نَظَر

حتَى يَزولُ الهَمُّ
وَيُكشفُ المُلِمُ

إنْ الصَدِيقَ الصَادقا
مَن فَرَّجَ المَضَايقا

وَأكْرمَ الإخوانا
إذا شَكوا هَوَانا

وأسْعَفَ الحَمِيمَا
وَحَمَلَ العَظِيمَا

وَأنْجَدَ الأصْحَابَا
إنْ رَيبُ دَهرٍ رَابَا

أعَانَهُم بمالِهِ
وَنَفسِهِ وَآلِهِ

وَلا يُرى مُقْصِرَا
فِي بَذلِ مَالٍ أو قِرى

فِعْلَ أبي أُمَامَة
فِي خِلِهِ الحَمَامَة

فإن أردْت فَاسمَعِ
حَدِيثَهُ لِكَي تَعِي

أبو عقبة 27-07-2005 03:38 AM

- حكاية الفأر
مع الحمامة


حَكَى أرِيبٌ عَاقِلُ
لِكُلِ فَضْلٍ نَاقِلُ

عَن سِرب طَيرٍ سَارِبِ
مِن الحَمَامِ الرَاعِبِ

بَكَرَ يَومَاً سَحَرَا
وَسَارَ حَتى أصحَرَا

فِي طَلَبِ المَعَاشِ
وَهو رَبِيطُ الجَاشِ

فأبْصَرُوا عَلى الثَرَى
حَبَاً مُنَقَىً نُثِّرَا

فأحْمَدُوا الصَبَاحا
وَاستَيقَنوا النَجَاحَا

فأسرَعُوا إليهِ
وَأقْبْلوا عَليهِ

حَتى إذا مَا اصْطَفُّوا
حِذَاءَهُ أسَفُّوا

فَصَاحَ مِنْهُم حَازِمُ
لِنُصحِهِم مُلازِمُ

مَهلاً فَكَم مِن عَجَلَه
أدْنَت لِحَييٍ أجَلَه

تَمَهلوا لا تَقَعُوا
وَأنصِتوا لِي واسْمَعوا

آلَيتُكُم بالرَبِ
مَا نَثرُ هَذا الحَبِ

فِي هَذهِ الفَلاةِ
إلا لِخَطبٍ عَاتِي

إنِّي أرَى حِبَالا
قَدْ ضُمِّنَت وَبَالا

وَهَذهِ الشِبَاكُ
فِي ضِمْنِهَا هَلاكُ

فَكَابِدُوا المَجَاعَة
وَانتَظِرونِي سَاعَة

حَتَى أرَى وأخْتَبِر
وَالفَوزُ حَظُ المُصطَبِر

فأعرَضُوا عَنْ قَولِه
وَاستَضْحَكُوا مِن حَولِه

قَالوا وقَد خَطا القَدَر
للسَمعِ مِنهُم والبَصَر

ليسَ عَلى الحَقِ مِرَا
حَبٌ مُعدٌ للقِرَى

أُلقِيَ فِي التُرَابِ
للأجرِ والثَوَابِ

مَا فيه مِن مَحذورِ
لِجَائِعٍ مَضْرُورِ

أُغدُوا عَلى الغَدَاءِ
فالجُوعُ شَرُ دَاءِ

فَسَقَطُوا جَمِيعَا
لِلقطِهِ سَرِيعَا

وَمَا دَرَوا أنْ الرَدَى
أكْمَنُ فِي ذَاكَ الغَدَا

فَوَقَعُوا فِي الشَبَكَة
وَأيقَنُوا بِالهَلَكَة

وَنَدِمُوا وَمَا النَدَم
مُجْدٍ وَقَد زَلَ القَدَم

فَأخَذُوا فِي الخَبطِ
لِحَل ذَاكَ الرَبطِ

فالتَوَتِ الشِبَاكُ
وَالتَقَتِ الأشْرَاكُ

فَقَالَ ذاكَ النَاصِح
مَا كُلُ سَعيٍ نَاجِح

هَذَا جَزَاءُ مَنْ عَصَى
نَصِيحَهُ وَانتَقَصَا

للحِرصِ طَعمٌ مُرُ
وَشَرّهُ شَمِرُ

وَكَم غَدَت أمْنِيَّه
جَالِبَةً مَنِيَّه

وَكَم شقاً في نِعم
وَنقمٍ في لُقَمِ

فَقَالَت الجَمَاعَة
دَعِ المَلام السَاعَة

إنْ أقبَلَ القَنَّاصُ
فَمَا لنا مَنَاصُ

وَالِفكرُ فِي الفَكَاكِ
مِن وَرطَةِ الهَلاكِ

أولَى مِن المَلامِ
وَكَثرةِ الكَلامِ

وَمَا يُفِيدُ اللاحِي
فِي القَدرِ المُتَاحِي

فاحْتَلْ عَلَى الخَلاصِ
كَحيلَةِ ابنِ العَاصِ

فقَالَ ذاكَ الحَازِم
طَوعَ النَصُوحِ لازِم

فَإنْ أطَعْتُم نُصحِي
ظَفِرتُمُ بِالنُجحِ

وإنْ عَصَيتُم أمْرِي
خَاطرتُمُ بِالعُمرِ

فقَالَ كُلٌ هَاتِ
فِكرَكَ بالنَجَاةِ

جَمِيعُنَا مُطِيع
وَكُلنَا سَمِيعُ

وَليسَ كُلُ وَقتِ
يَزُولُ عَقلُ الثَبتِ

فَقَالَ لا تُحَرِكُوا
فَتَستَمِر الشَبَكِ

وَاتفِقُوا فِي الهِمَّة
لِهَذِهِ المُلِمَة

حتى تَطِيرُوا بالشَبَك
وَتَأمَنُوا مِن الدَرَكْ

ثُمَ الخَلاصُ بَعدُ
لَكُم عَلي وَعدُ

فَقَبِلُوا مَقَالَه
وَامتَثَلوا مَا قَالَه

وَاجتَمَعُوا فِي الحَرَكَة
وَارتَفَعوا بالشَّبَكَة

فقَالَ سِيرُوا عَجِلا
سَيرَاً يَفُوتُ الأجَلا

وَلا تَمَلُّوا فالمَلل
يَعُوقُ فالخَطبُ جَلل

فَأمَّهُم وراحُوا
كَأنَّهُم رِياحُ

وَأقبلَ الحَبَّالُ
فِي مَشيهِ يَخْتَالُ

يَحسَبُ أنْ البَرَكَة
قَد وقَعَتْ فِي الشَّبَكَة

فأبْصَرَ الحَمامَا
قَدْ حَلَقَتْ أمَامَا

وقَلَّتِ الحَبَّالَه
وَأوقَعَت خَبَالَه

فَعَضّ غَيظَاً كَفَه
عَلى ذهابِ الكِفَّه

فَرَاحَ يَعدُو خَلفَهَا
يَرجُو اللحَاقَ سَفَهَا

حَتَى إذا مَا أيسَا
عَادَ وهو مُبتَئِسَا

وَأقبَلَ الحَمَامُ
كأنَّهُ غَمَامُ

عَلى فَلاةٍ قَفرِ
مِن الأنَامِ صِفرِ

فَقَالَت الحَمامَة
بُشرَاكُمُ السَلامَة

هَذا مَقَامُ الأمْنِ
مِن كُل خَوفٍ يعني

فإنْ أرَدْتُم فَقَعُوا
لا يَعتَرِيكُم فَزَعُ

فَهَذِه المَومَاةُ
لَنَا بِهَا النَّجَاةُ

ولِي بِهَا خَليلُ
إحسَانُهُ جَمِيلُ

يَنعَمُ بالفَكَاكِ
مِن رِبْقَةِ الشِبَاكِ

فَلَجَأوا إليهَا
وَوقعُوا عَلَيهَا

فَنَادْتِ الحَمَامَة
أقْبِل أبَا أُمَامَة

فَأقْبَلَتْ فُوَيرَة
كَأنَّهَا نُوَيرَة

تَقُولُ مَنْ يُنَادِي
أبِي بِهَذَا الوادي

قَالَ لَهَا المُطَوَّق
أنَا الخَليلُ الشَّيِق

قُولي لَهُ فَليَخْرُجِ
وَآذنِيهِ بالمَجِي

فرَجَعَتْ وأقْبَلا
فَأرٌ يَهُدُ الجَبَلا

فأبْصَرَ المُطَوَّقَا
فَضَمَّهُ وَاعْتنَقَا

وَقَالَ أهلاً بِالفَتَى
وَمَرحَباً بِمَنْ أتَى

قَدِمتَ خَيرَ مَقْدَمِ
عَلى الصَدِيقِ الأقْدَمِ

فادْخُل بِيُمنٍ دَاري
وَشَرِّفَن مِقْدَارِي

وَانزِل بِرَحب ودَعَه
وَجَفنَةٍ مُدَعْدَعَه

واِشفِ جوى القلوبِ
بوصلكَ المطلوبِ

فالشوقُ للتَلاقي
قد بَلَغ التَراقي

فَقَالَ كََيفَ أنعَمُ
أمْ كَيَفَ يَهْنَي المَطْعَمُ

وَهَل يطيبُ عيشُ
أَم هَل يقرُّ طيشُ

وَأُسْرَتي فِي الأَسرِ
يَشْكُونَ كُل عُسرِ

أَعناقُهم في غلِّ
وكلُّهم في ذلِّ

فَقَالَ مُرنِي أئتَمِر
عِدَاك نَحسٌ مُستَمِر

قَالَ أقرِضِ الحبَّاله
قرضاً بِلا مَلالَه

وخلِّص الأَصحابا
واِغتنم الثَوابا

وَحُلّ قَيد أسرِهِم
وَفُكَهُم مِن أسرِهِم

قَالَ أمَرتَ طائعاً
وَخَادِماً مُطاوِعا

فَقَرَضَ الشِبَاكَ
وَقَطَعَ الأشرَاكَا

وَخَلَصَ الحَمامَا
وَقَد رَأى الحِماما

فأعلَنوا بحمدِه
وَاعتَرَفوا بِمَجدِه

فَقَالَ قَرُّوا عَينَا
وَلا شَكَوتُم أينا

وَقَدَّمَ الحُبوبَا
للأكلِ وَالمَشرُوبَا

وَقَامَ بالضّيَافَة
بالبِشرِ واللطَافَة

أَضَافَهُم ثَلاثَاً
مِن بَعدِ مَا أغَاثَا

فَقَالَ ذَاكَ الخِلُ
الخَيرُ لا يُمَلُّ

فُقتَ أبَا أُمَامَة
جُوداً عَلى ابن مَامَة

وَجِئتَ بِالصدَاقَة
بِالصِدقِ فَوقَ الطَّاقَة

ألبَستَنَا نِطَاقَاً
وَ زِدتَنَا أطوَاقَا

مِن فِعلِكَ الجَميلِ
وَفَضلِكَ الجَزِيلِ

مِثلُكَ مَن يُدَّخرُ
لِرَيبِ دَهرٍ يُحذَرُ

وَتَرتَجِيهِ الصَّحبُ
إِنْ عَنَّ يَوماً خَطبُ

فإذَنْ بالانصِرَافِ
لَنَا بِلا تَجَافي

دَامَ لَكَ الإنعَامُ
مَا غَرَّدَ الحَمَامُ

وَدُمتَ مَشكورَ النِّعَم
مَا رَنَّ شَادٍ بِنَغَم

فَقَالَ ذَاكَ الفَارُ
جِفَا الصَديق عَارُ

وَلستُ أرضَىَ بُعدَكُم
لا ذُقتُ يَوماً فَقدَكُم

وَلا أَرَىَ خِلافَكُم
إنْ رُمتُم انصِرافَكُم

عَمَّتكُم السَلامَة
فِي الظَّعنِ وَالإقامَة

فَودَّعوا وانصَرَفوا
وَالدَّمعُ مِنهُم يَذرِفُ

فَاعْجب لِهَذَا المَثَلِ
المُغرِبِ المُؤثَّلِ

أورَدتُه لِيُحتَذَى
إذا عَرَى الخِلَّ أذَىَ

أبو عقبة 27-07-2005 03:41 AM

- فصل في
اتحاد الصديقين


الصِدقُ فِي الوِدَادِ
يَقضِي بالاتِحَادِ

فِي النَّعتِ والصِفَاتِ
وَالحَالِ وَالهَيئاتِ

وَيُكِسي المَشوقَ
مَا يُكسِبُ المَعشُوقَ

حَتَى يَظُنّ أنَّهُ
مِنَ الحَبيبِ كُنهَهُ

لِشدَّةِ العِلاقَة
وَالصِدق فِي الصَدَاقَة

وَهذه القضيَّة
فِي حُكمِهَا مَرضِيَّة

أثبَتَهُ البَيَانُ
وَالنَّقلُ وَالعِيَانُ

كَذَاكَ قَالَ الأوَّل
الحَقُ لا يُؤوَل

نَحنُ مِنَ المُسَاعَدة
نَحيَا بِرُوحٍ وَاحِدَة

وَمَثَّلوا بالجَسَدِ
وَالرُّوحِ ذي التجَرُدِ

فالرُّوحُ إِنْ أَمرٌ عَنَا
تَقولُ للجِسمِ أَنَا

وقَالَ جُلُّ الناظمِ
مستَنَدُ الأَعاظِمِ

من العلومِ قد نَشر
منصور أستاذُ البَشر

وَأمرُ هذا الحُكمِ
لم يَقترِن بِعِلمِ

وَأنَّهُ قَدْ ظَهَرَا
مُشَاهداً بِلا مِرا

فَمِنهُ مَاَ جَرَى لِي
فِي غَالبِ الليالي

أصَابَني يَوماً ألم
مِن غَيرِ إنذارٍ أَلَم

فاحتَرتُ مِنهُ عَجَبَا
لمَا فَقَدتُ السَبَبَا

وَاستغرَقتني الفِكَرُ
حَتَى أتاني الخَبَرُ

أنَّ حَبيبَاً لِي عَرَض
لِجسمِهِ هَذا المَرَض

فازدادَ عِندَ عِلمِي
تَصدِيقُ هَذَا الحُكمِ

فالصدقُ فِي المَحَبَّة
يُوجِبُ هَذي النِسبَة

فَكُنْ صَدِيقاً صَادِقاً
وَلا تَكُن مُمَاذِقَا

حَتَّى تَقول مُعلِناً
إني ومَنْ أهوَى أنَا

أبو عقبة 27-07-2005 03:43 AM

- فصل في
تزاور الإخوان


تَزَاورُ الإخوَانِ
مِن خَالصِ الإيمَانِ

إنَّ التَآخِي شَجَرَة
لَهَا التَلاقِي ثَمَرَة

لا تترُك الزَّيَارَة
فَتَركُهَا حَقَارَة

كُلُ أخٍ زوارُ
وَإنْ تَنَاءتْ دَارُ

وَقَدْ رَووا آراءَ
وَاختَلَفوا مِرَاءَ

فِي الحَدِ للزِّيَارَة
وَالمُدةِ المُختَارَة

فَقِيلَ كُل يَومِ
كَالشمسِ بَينَ القَومِ

وَقِيلَ كُل شَهرِ
مِثلَ طُلوعِ البَدرِ

وَقيلَ مَا نَصَّ الأثر
عَليهِ نَصَّاً واشتَهَر

زُر مَن تُحِبُ غِبَّا
تَزداد إليهِ حُبَّا

وَاختَلَفُوا فِي الغِبِّ
عَن أي مَعنَىً يُنبِي

فَقِيلَ عَنْ أيَّامِ
خَوفَاً مِنَ الإبْرَامِ

وَقِيلَ عَنْ أسبوعِ
وَقفَاً عَلىَ المَسمُوعِ

وَقِيلَ بَل مَعنَاهُ زُر
يَومَاً وَيَومَاً لا تَزُر

فَاعمَل بِمَا تَرَاهُ
فِي وَصلِ مَن تَهوَاهُ

وَزُر أخَاكَ عَارِفَاً
بِحَقِهِ مُلاطِفَا

وَإنْ حَللتَ مَنزِلَه
فَاجعَل صَنِيعِ الفَضلِ لَه

وَاقبَل إذا مَا رَامَا
مِنهُ لَكَ الإكرَامَا

فَمَن أبَى الكَرَامَة
حَلَّت بِهِ المَلامَة

وَإنْ أتَاكَ زَائِرَاً
فَانهَض إليهِ شَاكِرَاً

وَقُل مَقَالَ مَن شَكَر
فَضْلَ الصَديقِ وَذَكَر

إنْ زَارَنِي بِفَضلِه
أو زُرتُهُ لِفَضلِه

فَالفَضلُ فِي الحَالَينِ لَه
وَوَصلُ مَن تَهوَى صِلَه

وَالضَّمُ والمُصَافَحَة
مِن سُنَّةِ المُصَالَحَة

أو كَانَ يَومَ عِيدِ
أو جَاءَ مِن بَعِيدِ

هَذَا هو المَشهُورُ
يَصِفهُ الجُمهُورُ

وَقَد أتَى فِي الأثَرِ
عَنِ النَّبِي المُنذِرِ

تَصَافُحُ الإخوَانِ
يُسَنُّ كُل آنِ

مَا افتَرَقَا وَاجتَمَعَا
يَغشَاهُمَا الخَيرُ مَعَا

أبو عقبة 27-07-2005 03:45 AM

- فصل في
محادثة الإخوان


إنْ رُمتَ أنْ تُحَدِثَا
بِمَا مَضَىَ أو حَدَثَا

لِتُؤنِسَ الأصحَابَا
فَأحسِنِ الخِطَابَا

وَاختَصِرِ العِبَارَة
وَلا تَكُن مِهذارَه

وَاختَر مِنَ الكَلامِ
مَا لاقَ بالمَقَامِ

مِن فَائقِ العُلُومِ
وَرَائِقِ المَنظُومِ

وَاذكُر مَنَ المَنقُولِ
مَا صَحَّ فِي العُقولِ

وَاجتَنِبَ الغَرَائِبَا
كَي لا تُظَنَّ كَاذِبَا

وإِن أَخوكَ أَسمَعا
فكن له مُستَمِعا

وَالزَم لَهُ السُكَاتَا
وَاحسِن لَهُ الإنصَاتَا

وَلا تَكُن مُلتَفِتَا
عَنهُ إلى أن يَسكُتَا

وَإنْ أتَىَ بِنَقلِ
سَمِعتَهُ مِن قَبلِ

فَلا تَقُل هذا الخَبَر
عَلِمتُهُ فِيمَا غَبَر

وَلا تُكَذِّب مَا رَوَىَ
وَدَعْ سَبيلَ مَن غَوَىَ

أبو عقبة 27-07-2005 03:46 AM

- فصل في
مداعبة الإخوان


المِزحُ والدُّعَابَة
مِن شِيَمِ الصَحَابَة

فإنَّهُ فِي الخَلقِ
عُنوانُ حُسنِ الخُلقِ

تُولِي بِهِ السُرُورَا
خَليلَكَ المَصدُورَا

فَامزَح مِزَاحَ مَن قَسَط
وَكُن عَلَى حَدِ الوَسَط

وَاجتَنِبَ الإيحَاشَا
وَلا تَكُن فَحَّاشَا

فَالفُحشُ فِي المِزاحِ
ضَربٌ مِنَ التَلاحِي

يَجُرُ للسَخِيمَة
وَ الظَنَّةِ الوَخِيمَة

وَجَانِبِ الإكثَارَا
وَحَاذِرِ العِثَارَا

فَكَثرَةُ الدُّعَابَة
تَذهَبُ بالمَهَابَة

وَعَثرَةُ اللسَانِ
تُوقِعُ بالإنسَانِ

وَاحمِل مِزَاحَ الإخوَة
وَخَلِّ عَنكَ النَّخوَة

فَالبَسطُ فِي المُصَاحَبَة
يُفضِيِ إلَىَ المُدَاعَبَة

وَإنْ سَمِعتَ نَادِرَة
فَلا تَفُه بِبِادِرَة

لا تَغضَبَنَّ فالغَضَبْ
فِي المِزحِ مِن سُوءِ الأدَبْ

وَانظُر إلَىَ المَقَامِ
وَقَائِلِ الكَلامِ

فَإنْ يَكُن وَلِيَّا
مُصَاحِباً صَفِيَّا

فَقَولُهُ وإنْ نَبَا
هُوَ الوَلاءُ المُجْتَبَى

وَإنْ يَكُن عَدُوَّا
مُكَاشِحَاً مَجْفُوَّا

فَقولُهُ وإنْ حَلا
هو البَلاءُ المُبْتَلا

ألا تَرَىَ للعَرَبِ
تَقُولُ عِندَ العَجَبِ

قاتَلَهُ اللهُ ولا
تَقولُ ذَاكَ عَن قِلا

أبو عقبة 27-07-2005 03:49 AM

تنويه : -


كلمة الصحابة المذكورة في الفصل آنفاً يقصد بها الصحبة ( الأصحاب أو الإخوان في الله ) أتت الصحابة

حتى لا يختل توازن البيت ذكرت ذلك لما رأيت بعض الإخوة يظن أن المقصود

منها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا خطأ في الفهم وجزاكم الله خيراً

المزح والدعابة
من شيم الصحابة

أبو عقبة 27-07-2005 03:50 AM

- فصل في
ضيافة الإخوان


إذا صَدِيقٌ طَرَقَا
مِن غَيرِ وعدٍ سَبَقا

فَقَدِّمَنَّ مَا حَضَر
فَلَيسَ فِي البِرِ خَطَر

وَلا تَرُم تَكَلُّفَاً
خَيرُ الطَّعَامِ مَا كَفَا

وَاعلَم بِأنَّ الأُلفَة
مُسقِطةٌ للكُلفَة

وإنْ دَعَوتَ فاحتَفِل
ولا تَكُن كَمَن بَخِل

وَقُم بِحَقِ الضَّيفِ
فِي شَتوةٍ أوصَيفِ

وَسَل لَهُ مَا يَشتَهِي
مِن طُرَفِ التَفكُهِ

وَآتِ بمَا يَقتَرِحُ
فََاللُطفُ لا يُستَقْبَحُ

وَاعمَل بِقولِ الأوَل
الضَّيفُ رَبُ المَنزِل

وَأظهِرِ الإينَاسَا
ولا تَكُن عَبَّاسَا

فَالبِشرُ واللطَافَة
خَيرٌ مِنَ الضِّيافَة

وخِدمَةُ الأضيَافِ
سَجِيةُ الأشرَافِ

إحرِص عَلى سُرُورِهِم
بالبَسطِ فِي حُضُورِهِم

لا تَشكُ دَهراً عِندَهُم
ولا تُكَدِّر وِدَّهُم

واحلُم عَنِ الخُدَّامِ
وَالعَبدُ والغُلامِ

وإنْ أسَاؤا الأدَبَا
كَي لا يَرَوكَ مُغضَبَا

وقَدِّمِ الخِوَانَا
وأكرْمِ الإخوَانَا

عَن انتِظَارِ مَن يَجِي
فَذَاكَ فِعلُ الهَمَجِ

وَقَدْ رَوَوا فِيمَا وَرَد
أَعظَمُ مَا يُضنِى الجَسَد

مَائِدَةٌ يُنتَظَرُ
بأكلِهَا مَن يَحضُرُ

آنِسهُمُ فِي الأكلِ
فِعلَ الكَرِيمِ الجَزلِ

وَأطِلِ الحَدِيثَا
ولا تَكُن حَثيثَا

فاللُبثُ فِي الطَّعَامِ
مِن شِيَمِ الكِرَامِ

وشَيِّعِ الأضيَافَا
إنْ طَلبوا انصِرَافَا

وإنْ دَعَاكَ مَن تُحِب
إلى طَعَامٍ فأجِب

إجَابَةُ الصَّدِيقِ
فَرضٌ عَلى التحقيقِ

فَإن أجَبْتَ دَعوَتَه
فَلا تُهَيِّج جَفوَتَه

لا تُزرِيَن بِصَاحِبِ
أو أحدُ الأقَارِبِ

وَاجْلِس بِحَيثُ أجْلَسَك
وأنَس بِهِ مَا آنَسَك

لا تَأب مِن كَرَامَتِه
وكُفَّ عَن غَرَامَتِه

إيَّاكَ والتثقيلا
ولا تَكُن ثَقِيلا

لا تَحتَقِر مَا أحضَرَا
ولا تَعِب مَا حَضَرَا

فالذَّمُ للطَعَامِ
مِن عَادَةِ الطَّغَامِ

لا تَحتَشِم مِن أكلِ
كَفِعل أهلِ الجَهلِ

مَا جِيء بالطَّعَامِ
إلا للإلتِقَامِ

أبو عقبة 27-07-2005 03:51 AM

- فصل في
عيادة الإخوان


عِيَادَةُ العَليلِ
فَرضٌ عَلَى الخَليلِ

فَعُد أخَاكَ إنْ مُرِض
واعمَل بِحُكمِ مَا فُرِض

وَسَلهُ عَن أحوَالِه
باللُطف فِي سُؤالِه

وَضَع عَليهِ يَدَكا
واعطِف عَليهِ جَهدَكا

وسَائِلاً عَن مَا بِه
وسَل عَن اكتِئابِه

وادعُ لَهُ بالعَافيَة
والصِّحةُ المُوافيَه

واحذَر مِنَ التَطويلِ
وضَجَرِ العَليلِ

فَمُكث ذِي الصَّدَاقة
قَدرُ احتِلاب النَّاقَة

إلا إذا مَا التَمَسَا
مِن نَفسِهِ أن تَجلِسَا

والعَودُ للعِيَادَة
بَعد ثَلاثٍ عَادَة

هذا لِمَن أحبَّا
وإن يَشَأ فغِبَا

وسُنَّةُ المُعتَلِّ
إيذانُ كُل خِلِّ

لِيقصِدوا وِفَادتَه
ويَغنَمُوا عِيَادَتَه

وَليَترُكِ الشِكَايَة
وَيَكتُمِ النِّكَايَة

عَن عَائِدٍ وزائِرِ
فِعلَ الكَريمِ الصَّابرِ

وليَحمَدِ اللهَ عَلى
بَلائِهِ بِمَا ابْتَلا

لِيُحرِزَ الثَّوَابَا
والأجْر والصَوَابَا

أبو عقبة 27-07-2005 03:53 AM

- فصل في
مكاتبة الإخوان


تَوَاصُلُ الأحبَابِ
فِي البُعد بالكِتَابِ

فَكَاتِبِ الإخوَانَا
ولا تَكُن خَوَّانَا

فتَركُكَ المُكاتَبَة
ضَربٌ مِن المُجَانبة

وَالبَدءُ للمُسَافِر
فِي الكَتبِ لا للحَاضِر

والرَّدُ للجَوَابِ
فَضلاً بِلا ارتيابِ

أبو عقبة 27-07-2005 03:55 AM

- فصل في
التحذير من صحبة الأحمق


لا تَصحبنَّ الأَحمقا
المائنَ الشَمَقمَقا

عدوُّ سوءٍ عاقلُ
ولا صديقٌ جاهلُ

إنَّ اِصطِحابَ المائِقِ
من أَعظمِ البوائقِ

فإنَّه لحُمقِهِ
وخبطِه في عُمقِهِ

يحبُّ جَهلاً فعلَه
وأن تكونَ مثلَه

يَستحسنُ القَبيحا
وَيُبغضُ النَصيحا

بيانُه فَهاهَة
وحِلمُه سَفاهَة

وربَّما تمطّى
وَكَشَفَ المُغَطّى

لا يحفظُ الأَسرارا
ولا يخافُ عارا

يَعجبُ من غير عَجَب
يَغضبُ من غير غَضَب

كثيرُه وجيزُ
ليس لَهُ تَمييزُ

وربَّما إذا نَظَر
أَرادَ نَفعاً فأَضَر

كَفعل ذاك الدُبِّ
بخِلِّهِ المحبِّ

أبو عقبة 27-07-2005 03:56 AM

- حكاية الدب


رَوى أولوا الأخبار
عن رجلٍ سيّارِ

أَبصرَ في صَحراء
فسيحةِ الأَرجاءِ

دُبّاً عَظيماً موثَقا
في سَرحةٍ معلَّقا

يَعوي عواءَ الكَلبِ
من شِدَّةٍ وكَربِ

فأَدركتهُ الشَفقَه
عليه حتّى أَطلقَه

وحلَّه من قيدِهِ
لأمنِه من كيدِهِ

وَنام تحت الشَجَره
منامَ من قد أَضجرَه

طولُ الطَريق والسَفر
فَنامَ من فَرطِ الضَجر

فجاءَ ذاكَ الدُبُّ
عن وجههِ يَذُبُّ

فَقال هَذا الخِلُّ
جَفاهُ لا يحِلُّ

أَنقذَني من أَسري
وفكَّ قيدَ عُسري

فحقّهُ أَن أَرصُدَه
من كُلِّ سوءٍ قصدَه

فأقبلت ذُبابَه
ترنُّ كالرَبابَه

فوقَعَت لحَينِه
على شِفارِ عَينِهِ

فَجاشَ غيظُ الدُبِّ
وَقال لا ورَبّي

لا أَدع الذُبابا
يُسِيمُهُ عَذابا

فأسرَع الدَبيبا
لصَخرةٍ قَريبا

فقَلَّها وأَقبَلا
يَسعى إِليه عَجِلا

حتّى إِذا حاذاهُ
صكَّ بها مَحذاهُ

ليقتُلَ الذُبابَه
قتلا بلا إِرابَه

فرضَّ منه الراسا
وفرَّق الأَضراسا

وأَهلكَ الخَليلا
بِفعلهِ الجَميلا

فهذه الروايَه
تنهى عن الغوايَه

في طَلب الصَداقَه
عند أُولي الحَماقَه

إِذ كانَ فعل الدُبِّ
هَذا لفرطِ الحُبِّ

وجاءَ في الصَحيحِ
نَقلا عن المَسيحِ

عالجتُ كلَّ أَكمَهِ
وأَبَرصٍ مشوَّهِ

لكنَّني لم أُطِق
قطُّ علاجَ الأَحمقِ

أبو عقبة 27-07-2005 03:58 AM

- فصل في
التحذيرمن صحبة البخيل


مَودَّةُ البَخيلِ
جهلٌ بلا تأويلِ

يَستكثرُ القَليلا
ويحرمُ الخَليلا

يبخل إِن جدبٌ عَرا
ولا يجودُ بالقِرى

يمنعُ ذا الودادِ
مواردَ الإمدادِ

يَقول لا إِن سُئِلا
بُخلاً ويوليه القِلا

يحرمُه ما عندَه
ولا يُراعي ودَّه

إِن رامَ منه قَرضا
رأَى البِعاد فَرضا

يَضيقُ بالزَهيدِ
في الزَمن الشَديدِ

فصُحبةُ الشَحيحِ
تمسُّكٌ بالريحِ

لا تحسب المودَّة
تحلُّ منه عُقدَه

إِنَّ وجوهَ الحيله
في البُخلِ مُستحيلَه

واِسمع حَديث مُزيدِ
مع ربربٍ لتهتدي

أبو عقبة 27-07-2005 03:59 AM

- حكاية الغانية
ربرب مع البخيل مزيد


حَكى أُولوا الأَخبارِ
وَناقِلوا الآثارِ

عن غَادَةٍ عُطبولِ
تلعبُ بالعقولِ

بوجهها الوسيم
وصوتها الرخيم

بطَرفها الكحيلِ
وخصرها النَحيلِ

وخدِّها المورَّدِ
وَصدغِها المزرَّدِ

وَقدِّها القَضيبِ
ورِدفها الكَثيبِ

وتَعمرُ المغاني
برنَّة الأَغاني

كانَت تُسمّى رَبرَبا
تُحيي النفوسَ طَرَبا

وكانَت الأَشرافُ
والسادةُ الظِرافُ

يجمعهُم مَغناها
ليسمَعوا غِناها

وكان مَولاها فَتى
بكلِّ ظرفٍ نُعِتا

فاِجتَمعَت جماعه
للبَسطِ والخَلاعَه

واِستطردوا في النَقلِ
لذكرِ أَهلِ البُخلِ

فاتَّفقوا بأَسرِهم
أَن لَم يَروا في عَصرِهم

ولا رأَوا فيما مَضى
من الزَمانِ واِنقضى

بل لا يكونُ أَبَدا
شَخصاً عَلا مزيِّدا

في بُخلِه والشُحِّ
وحِرصهِ المُلحِّ

فَقالَت الفَتاةُ
الغادةُ الأَناةُ

إِني لكم كفيلَه
بأَخذِه بالحيلَه

حتّى يجودَ بالذَهب
وَيستقلَّ ما وَهَب

فَقال مَولاها لها
أُشهِدُ أَربابَ النُهى

إِن تخدَعي مُزيّدا
عَن دِرهَمٍ لا أَزيَدا

لأنثرنَّ الذَهبا
عليك حتى يذهبا

قالَت إِذا جاءَ فلا
تحجِبه عنّي عجلا

وخلِّ عنكَ الغيره
ولا تنفّر طَيرَه

فقال أَقسَمتُ بمن
حلاَّك بالخلقِ الحسَن

لأَرفعنَّ الغَيرَه
وَلَو حَباكِ إبره

فأرسلوا رسولا
يسأَله الوصولا

فجاءَهم عَشيَّه
وأَحسَنَ التَحيَّه

فأَهَّلوا ورَحَّبوا
حتّى إِذا ما شَرِبوا

تَساكَروا عَن عَمد
وَهوَّموا عَن قَصدِ

فانفردت بمُزيَدِ
أُختُ الغَزال الأغيَدِ

فأَقبلَت عليهِ
مشيرةً إِليهِ

قالَت أَبا إِسحاقِ
نَعِمتَ بالتَلاقي

تَهوى بأن أغنّي
سار الفَريقُ عنّي

فَقالَ زوجي طالقُ
وَخدمي عتائقُ

إِن لَم تكوني عارِفَه
بالغيب أَو مكاشفَه

فأَسمعَتهُ وطَرِب
ثمَّ سقته فشرِب

وَخاطبته ثانيه
بلطفها مُدانيَه

قالَت أَبا إسحاقِ
يا سيِّدَ الرِفاقِ

إنّي أَظنُّ قَلبَكا
يَهوى جلوسي قُربَكا

لتلثمَ الخدودا
وتَقطفَ الورودا

فَقال ما لي صَدقَه
واِمرأَتي مُطَلَّقه

إِن لَم تَكوني في الوَرى
مِمَّن مَضى وغَبَرا

عالمةً بالغَيبِ
حقّاً بغيرِ رَيبِ

فنهضَت إليهِ
وَجلسَت لدَيهِ

فضمَّها وقبَّلا
وقال نلتُ الأَمَلا

يا غُرَّة الغَوَاني
وَمُنتهى الأَماني

تَفديكِ أُمّي وأَبي
وكلُّ شادٍ مُطربِ

فحين ظنَّت أَنَّها
قد أَوسَعَته مَنَّها

قالَت له أَلا تَرى
لِزلَّةٍ لن تُغفَرا

من هؤلاء القَومِ
في مثل هَذا اليومِ

يَدعونني للطَربِ
وكلُّهم يأنسُ بي

وَلَم يكن منهم فَتى
للبِرِّ بي مُلتَفِتا

فَيَشتَري رَيحانا
بدرهمٍ مجّانا

فهاتِ أَنت دِرهَما
وَفُقهُم تكرُّما

فَقامَ عنها وَوثب
وَصاحَ يَدعو مِن كَثَب

وَقال مه أَي زانيَه
وطيتِ ناراً آنيَه

دنَّستِ علم الغَيبِ
منكِ بكلِّ عَيبِ

فضَحِكَ الأَقوامُ
من فعلِهِ وقاموا

وَما دروا أَنَّ الخُدَع
لَم تُغنِ في ذاك الكُتَع

فأَقبلَت باللَومِ
عليهِ بينَ القَومِ

فسبّها وأَغضَبَا
وسَار عَنهَا مُغضَبَا

فهذه الحِكايَه
تَكفيك في الهِدايَه

عن صحبة البخيل
وَدائِه الدَخيلِ

أبو عقبة 27-07-2005 04:02 AM

- فصل في
التحذيرمن صحبة الكذاب


صَحابَةُ الكذّابِ
كَلامِع السَرابِ

يَخلقُ ما يَقولُ
معلومُهُ مَجهولُ

يقرِّبُ البَعيدا
وَيؤمنُ الوَعيدا

ويُبعدُ القَريبا
ويأمنُ المُريبا

وَيُخلفُ المَوعودا
وَلا يَلينُ عودا

يَحلِفُ ثُمَّ يُخلِف
فلا يمينَ كُلِّف

يَمينُ في اليَمينِ
وَلَيسَ بالأَمينِ

وَفي كلام الأُدبا
العُلماء النُجَبا

لَم يُرَ في القبائحِ
وَجُملة الفَضائِح

كالكِذب أَوهى سَبَبا
ولا أَضلَّ مَذهَبا

ولا أَعزَّ طالِبا
ولا أَذلَّ صاحِبا

يُسلِمُ من يَعتصمُ
به ومن يَلتَزِمُ

طلوعُه أفولُ
وفضلُه فُضولُ

غَليلُه لا يُنقعُ
وَخَرقُه لا يُرقَعُ

صاحبُهُ مُكذَّبُ
وَفي غَدٍ مُعذَّبُ

فجانبِ الكذّابا
وأَولِهِ اِجتِنابا

واِسمع حَديثاً عجبا
في رفض مَن قد كَذَبا

أبو عقبة 27-07-2005 04:06 AM

- حكاية الفتى
البغدادي مع الأمير المهلبي


رَوى أُولوا الأَخبارِ
وَناقِلوا الآثارِ

عَن حَدَثٍ ذي أَدَبِ
وَخُلُقٍ مُهذَّبِ

يَسكن في بغدادِ
في نعمةِ تِلادِ

فارق يوماً والدَه
وَطِرفَه وتالِدَه

وحلَّ أَرضَ البَصرَة
بلوعةٍ وحَسرَة

فظَلَّ فيها حائِرا
يكابدُ المرائِرا

وَلَم يَزَل ذا فَحصِ
يسأل كلَّ شَخصِ

عمَّن بها من نازِلِ
وَفاضلٍ مُشاكِلِ

فوَصَفوا نَديما
ذا أَدبٍ كََريمَا

يُنادِمُ المُهلَّبي
وهو أَميرُ العَرَبِ

فأمَّه وقصَدَه
وحين حلَّ مَعهَدَه

عرَّفه بأَمرِه
وحُلوِهِ ومُرِّه

فَقال أَنت تصلحُ
بل خَيرُ من يُستملَحُ

لصحبةِ الأَميرِ
السيِّدِ الخَطيرِ

إِن كنتَ مِمَّن يصبرُ
لخَصلةٍ تُستَنكَرُ

فقالَ أَيُّ خَصلَة
فيه تُنافي وَصلَه

فَقال هَذا رَجلٌ
لا يَعتَريه المَللُ

من اِفتراءِ الكَذبِ
في حَزَنٍ وَطَرَبِ

فإن أَردتَ طولَه
فَصدِّقنَّ قولَه

في كُلِّ ما يَختلقُ
وَيَفتَري وَينطقُ

حَتّى تَنالَ نائلَه
ولا تَرى غوائِلَه

قال الفَتى سأَفعلُ
ذاكَ وَلستُ أَجهلُ

فذهب النَديمُ
وهوَ بِه زَعيمُ

فعرَّفَ الأَميرا
بفضلهِ كثيرا

حتّى دَعا فحضَر
وسَرَّهُ عند النَظر

فراشَه في الحالِ
بكسوةٍ ومالِ

فَلزمَ الملازمة
للأُنس والمنادَمَة

وَلَم يزل يصدِّقُه
في كُلِّ إفكٍ يَخلقُه

فَقال يَوماً واِفتَرى
بهتاً وكذباً مُنكرا

لي عادةٌ مُستحسَنه
أَفعلُها كلَّ سنَه

أَطبخُ للحُجّاجِ
من لحمِ الدَجاجِ

في فَردِ قدرٍ نُزلا
يكفي الجَميعَ مأكلا

فحارَ ذلك الفَتى
من قوله وبَهُتا

وَقال لَيتتَ شعري
ما قدرُ هَذا القِدر

هَل هي بئرُ زمزمِ
أَم هيَ بحرُ القُلزمِ

أَم هيَ في الفَضاءِ
باديةُ الدَهناءِ

فغضِبَ الأَميرُ
وَغاظَه النَكيرُ

وقال ردُّوا صِلَته
منه وقدّوا خِلعتَه

وأَخرجوهُ الآنا
عنّا فلا يَرانا

فندِمَ الأَديبُ
وَساءَهُ التَكذيبُ

وَعاودَ النَديما
لعُذرهِ مُقيمَا

وقال منذُ دهر
لَم أَشتَغِل بسُكرِ

فغالَني الشَرابُ
وحاقَ بي العَذابُ

وَقُلتُ ما لا أَعقلُ
وَالهفوُ قَد يُحتَمَلُ

فَسَل ليَ الإغضاءَ
وَالعَفوَ والرضاءَ

قال النَديمُ إِنّي
أُرضيه بالتأنّي

بشرط أَن تُنيبا
وَتتركَ التَكذيبا

فراجع الأَميرا
واِستوهبَ التَقصيرا

واِستأنفَ الإِنعاما
عليهِ والإِكراما

فعاد للمنادَمة
باللُطف والملازَمة

فكان كلَّما كذب
وَقال إِفكاً واِنتدَب

صدَّقه وأَقسما
بكونه مسلِّما

حتّى جرى في خبر
ذكرُ كلابِ عَبقَرِ

ووصفُها بالصغرِ
وَخلقُها المحتقرِ

قال الأَميرُ وابتكر
ليس العيانُ كالخبر

قد كانَ منذ مدَّه
لديَّ منها عِدَّه

أَضعُها في مكحلَه
للهَزل والخُزَعبَلَه

وكان عندي مَسخَره
أَكحلُ منها بصرَه

فَكانَت الكِلابُ
في عينهِ تَنابُ

وَهي على مجونِه
تنبحُ في جفونِهِ

فَقام ذلكَ الفَتى
يَقولُ لا عشتُ متى

صدَّقتُ هَذا الكَذِبا
شاءَ الأَميرُ أَو أَبى

وردَّ ما كساهُ
بِهِ ومَا حَبَاهُ

وَراحَ يَعدو عاديا
من البلادِ ناجِيَا

أبو عقبة 27-07-2005 04:07 AM

- فصل في
التحذير من صحبة الأشرار


وَصحبةُ الأَشرارِ
أَعظمُ في الإِضرارِ

من خدعةِ الأَعداء
ومن عُضال الداءِ

يقبِّحون الحسَنا
ودأبُهم قولُ الخَنا

شأنُهم النَميمَة
والشيم الذَميمَة

إذا أَردت تصنعُ
خَيراً بشخصٍ منَعوا

الغلُّ فيهم والحسَد
والشرُّ حبلٌ من مَسَد

إِن مُنِعوا ما طَلَبوا
تَنَمّروا وكَلَّبوا

وأَعرَضوا إِعراضا
ومزَّقوا الأَعَراضَا

لَيسَ لهم صَلاحُ
حرامُهم مُبَاحُ

لا يتَّقون قُبحا
ولا يَعونَ نُصحا

يُغدونَ بالقَبيحِ
والضرِّ والتَبريحِ

كلامهم فحاشُ
وأنسهُم إِيحاشُ

الخَيرُ منهُم وانِ
والشرُّ منهُم دانِ

شيطانُهم مطاعُ
ودينُهم مُضاعُ

لا يَرقُبونَ إِلّا
ولا يَرونَ خِلّا

إِخلاصُهم مُداهَنه
وودُّهم مُشاحنَه

صلاحُهم فَسَادُ
رواجُهم كَسَادُ

عزيزُهم ذَليلُ
صَحيحُهم عَليلُ

ضياؤُهم ظلامُ
وعذرُهم ملامُ

تقريبُهم بعيدُ
ووعدُهم وَعيدُ

إِذا سأَلتَ ضَنّوا
أَو منحوكَ مَنّوا

وإِن عَدلتَ مالوا
وإن سألتَ قالوا

ربحهُم خُسرانُ
وشكرُهم كُفرانُ

شرابُهم سرابُ
وعذبُهم عذابُ

وفاقُهم نِفاقُ
إِنجاحُهم إِخفاقُ

وَفاؤُهمِ محالُ
وخِصبُهم إِمحالُ

وِودُهم خداعُ
وسرُّهم مُذاعُ

إِذعانُهم لِجَاجُ
مَعينُهم أُجَاجُ

وَلَيسَ فِيهِم عَاري
من اِدِّراع العارِ

البُعدُ عنهم خَيرُ
والقربُ منهم ضَيرُ

فاِحذرهُمُ كلَّ الحذَر
لحاكَ لاحٍ أَو عذَر

واِسمَع مقال الناصِحِ
سمعَ اللَبيبِ الراجحِ

وقالَ أَربابُ الحِكَم
العالمون بالأُمَم

إِن شئتَ أَن تصاحِبا
من الأَنام صاحِبا

فأبدأهُ بالمُشَاوره
في حَالة المُحَاوره

من حالةٍ تريدُها
أَو حاجَةٍ تُفيدُها

فإن أَشار ناصحا
بالخَير كانَ صالحا

فأَولِه الصَداقَة
ولا تَخَف شِقاقَه

فالخَيرُ فيه طَبعُ
وأَصلُه وَالفَرعُ

وإِن أَشارَ مُغريا
بالشرِّ كانَ مُغويا

فاِجتَنِب اِصطِحابَه
وَواظب اِجتِنابَه

والشيَمُ الرديَّة
أَضحَت لهُ سَجيَّه

أبو عقبة 27-07-2005 04:08 AM

- خاتمة الأرجوزة
لابن معصوم (ناظم القصيدة أصلاً )


هَذا وَقَدْ تمَّ الرَجَز
بِعَونِ ربّي ونَجَز

وَهاكَ ها أَحكاما
أَحكمتُها إِحكامَا

كدُرَرِ البُحور
عَلَى نحور الحورِ

تشنِّف المسامِعا
وتطربُ المجامِعا

تُحمُ كلَّ ناظمِ
وصادحٍ وباغِمِ

والحَمد للَه على
إِبلاغه المؤمَّلا

ثُمَّ الصَلاةُ أَبدا
على النَبيِّ أَحمَدا

وآلِه الأَطهار
وصحبهِ الأَبرارِ

ما طارَ طَيرٌ وَشَدا
ولاح فجرٌ وَبَدا

أبو عقبة 27-07-2005 04:10 AM

- خاتمة
الأرجوزة لابن مشرف


هَذا وَقَدْ تمَّ الرَجَز
بِعَونِ ربّي ونَجَز

وَهاكَ ها أَحكاما
أَحكمتُها إِحكامَا

كدُرَرِ البُحور
عَلَى نحور الحورِ

والخَتمُ بالصَّلاةِ
على زَكي الذاتِ

وبالسلامِ السَّرمَدِ
عَلى النَّبي أحمَدِ

والآلِ والأصحَابِ
مَع جُملةِ الأحبَابِ

مَا غَرَّدت حَمَامَة
إلى يَومِ القيامَة

أبو عقبة 27-07-2005 04:13 AM

وقفة عابرة : - أخي الكريم ....أختي الغالية .......!!


إن هذه القصيدة التي بين

أيديكم إنما هي وقف لله فلا نبيح لأحد أيا كان أن يطبع هذه القصيدة

بغرض البيع أو المتاجرة أو نقلها عبر مواقع الشبكة بدون ذكر المصدر

ومن فعل ذلك فإنا خصماء له يوم القيامة أمام الملك الجبار وهذه أمانة

لكل من حاز على تلك القصيدة ونذكركم بقول الله تعالى

:( والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ) المؤمنون : 8

ولا بأس من طبعها وتوزيعها مجاناً أو بغرض التعليم وغير ذلك فنشهد الله

أنا لا نعطي الحق في تداولها بغرض المتاجرة بأي شكل كان

وعلى الله قصد السبيل



وللجميع خالص تحياتي

أبو عقبة المصري


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.