أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة الإسلامية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=8)
-   -   على ســــــــاحل ابن تيمية ... (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=51914)

الوردة الندية 22-03-2006 06:49 PM

على ســــــــاحل ابن تيمية ...
 
على ســــــــاحل ابن تيمية


هل الشمس بحاجة إذا وسطت السماء في يوم صحو أن ينبه على مكانتها ؟ هل القمر في ليلة اكتماله و السماء صافية بحاجة لمن يشيد بعلوه وسنائه ؟!!
يكفي أن تعرفه بهذا الاسم , فإذا قلت ابن تيمية فكفى ولا تزد على ذلك أوصافا فإن أهل المعرفة وأهل العلم يعرفون من هو ابن تيمية من خلال آثاره وكتبه ورسائله وجهوده وثناء الناس عليه ..
إن ابن تيمية بلغ من الحظوة و الرفعة وسمو المنزلة إلى درجة أنه استغنى عن لقب الشيخ و العالم و الإمام والمجدد وصار أحسن أسمائه انه ابن تيمية !

عاشت بعض لدول خمسة قرون ثم اندرست وذهبت فلا اثر ولا عين ولكن هذا الجهبذ الأعجوبة بقي في ذاكرة الزمان , وقلب الدهر , قصة فريدة محفوظة للأجيال ترددها الألسن , وتترنم بها الشفاه . عاش سلاطين ووزراء وأغنياء وشعراء ثم ماتوا فماتت معهم أثارهم وعاش ابن تيمية بلا إمارة ولا وزارة ولا تجارة , لكن بقي معنا ومع الأجيال من بعدنا حيا في الضمائر , ماثلا في النفوس , حاضرا في الدروس والمنتديات العلمية ومجامع المعرفة وصروح الثقافة .

كلما سلكنا سبل العلم وضربنا في فجاج الفنون تلقانا ابن تيمية فهو لإمام في التفسير , حجة في الحديث , منظّر في المعتقد , مجدد في الملة , مجتهد في الفقه , موسوعة في العلوم ,بحر في السير و الأخبار , آية في الذكاء , أستاذ في العبقرية.
وكيف ننسى أياديه البيضاء وكلما قلبنا سفرا فإذا هو بين صفحاته وبعلمه وحكمته و فقهه واستنباطه , وكلما حضرنا حوارا فإذا اسمه تتقاذفه الألسن ويتقاسمه المتحاورون , وكل فريق يقول : أنا أولى به ! .. كيف لا نعيش معه وقد فرض علينا احترامه وأمتعنا بحضوره وانسنا بذكره الطيب ؟ كيف لا نحب من أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟ كيف لا نتولى من تولى ربه ؟ كيف لا نقدر من قدرا لشرع ؟ كيف لانحل من اجل الوحي ؟

نعم عندنا _ والحمد لله _ من الإدراك ما يمنعنا من التقليد الأعمى و الأرعن , والإعجاب الأحمق , عندنا تمييز بين الذكي و البليد , والصادق والكاذب , والقوي والضعيف , والصالح والطالح , فهدانا الله بفضله إلى معرفة هذا الإمام وصلاحه وذكائه ونبوغه ونصرته للحق ودفاعه عن الشريعة , ووافقنا على ذلك بشر كثير من العلماء والمؤرخين وأصحاب السير وأرباب الفنون وأصحاب التخصصات والمثقفين من المسلمين والكافرين ..

دوائر المعارف تترجم عن دول بصفحتين وثلاث , لكنها تتحدث عن ابن تيمية بعشرين صفحة ! , المجامع العلمية تذكر المصطلحات في سطر , ولكنها تتكلم عن ابن تيمية في ثلاثين سطرا , ولسنا متفضلين على ابن تيمية إذا مدحناه او ذكرنا مناقبه أو عددنا سجاياه , لكنه متفضل علينا _ بعد الله _ بفيض علمه , وغيث فهمه , وبركة إنتاجه , ونور آثاره .

لن افصل الكلام عن هذا الإمام فهو بحر لجي لكنه عذب , وهو محيط هادر لكنه فرات , وهل يستطيع المرء _ ولو أجاد السباحة _ أن يغوص في أعماق البحر , أو أن يهبط إلى قعر المحيط ؟ كلا لا يستطيع , ولكنه يستطيع _ فقط _ أن يطل إطلالة ( على ســــــاحل ابن تيمية )

غفر الله لابن تيمية , رحم الله ابن تيمية , وجزى الله ابن تيمية خيرا , وشكرا لابن تيمية على ما أهدى وأسدى و أبدا ولله الحمد أولا و أخيرا ..



.. يتبع ..

الوردة الندية 22-03-2006 06:55 PM

طهره في شبابه


كان ابن تيمية من الصغر في عناية الله عز وجل وفي رعايته , فلا تعلم له صبوة , ولاحتفظ له عثرة , ولم تنقل له زلة , لأنه عاش في بيت إمامة وعلم و صيانة وديانة , فقد رباه أبوه المفتي الحافظ عبد الحليم , وكان أعمامه أيضا من أهل الولاية لله عز وجل , فنشأ بين بيته الطاهر العفيف , وبيت الله العامر المبارك , وحفظ كتاب الله من الصغر , وتعلم السنة و اخذ الآداب الإسلامية من أهل العلم , وحفظه الله _ الحافظ_ عن تهور الشباب وطيش الفتوة ونزق الصبا , فعاش عفيفا دينا مقتصدا صيّنا رزينا عاقلا محافظا على الفرائض , معتنيا بالسنن , كثير الأذكار و الأوراد , بعيدا عن اللهو وعن البذخ والسرف واللعب وكل ما يشين الرجال , وكل ما يخدش المروءة , وكل ما يذهب الوقار , فصار محل العناية من الأكابر , حتى كان يعرف إذا مر فيقال هذا ابن تيمية لاشتهاره بين أقرانه بالجد والمثابرة وحب العلم والراعة في التحصيل وسرعة الحفظ والذكاء , والألمعية وجودة الخاطر وسيلان الذهن وقوة المعرفة _ رحمه الله _ .


.. يتبع ..

الوردة الندية 22-03-2006 06:58 PM

جده في التحصيل


نقل المؤرخون و أهل السير أن ابن تيمية كان منشغلا في كل أوقاته بتحصيل العلم ما بين قراءة وتكرار وحفظ ومذاكرة و استنباط وكتابة وتأليف وتعليق , فلا تراه إلا منكبا على كتاب أو جالسا بين يدي شيخ , أو مذاكرا للطلاب , أو مطارحا لأقرانه وزملائه , فكل أوقاته انشغال من أولها إلى أخرها إلا ما كان فيه وقت مباح كنوم أو طعام أو نحو ذلك , حتى أنه لم يتزوج _ رحمه الله_ لانشغاله بالعلم والجهاد ونشر الخير في الناس , ولم يتول أي ولاية ولا مشيخة ولا دار حديث ولا منصب دنيوي , ولم يتشاغل بالمال , ولم يذهب في تجارة , ولا في زراعة , ولا في أي مهنة من المهن , بل كان _ رحمه الله _ منكبا على العلم , ثم إنه لم ينهل من علم واحد ولا من تخصص فحسب , ولا من فن فقط , بل تبحر في جميع الفنون فبرع فيها ورد على أصحابها , ورسخ في الجميع فصار آية و أصبح أعجوبة , فبتحصيله يضرب المثل بين طلبة العلم , وسيرته تعتبر نبراسا لمن أراد أن يحصلّ المعرفة ويبحث عن العلم , ويصعد في سلم الهمة العالية , فهو بلا شك قدوة في هذا الباب , وأسوة حسنة لرواد المعرفة , وشداة الحق , والباحثين عن الحقيقة , والطالبين للعلم النافع .


.. يتبع ..

الوردة الندية 22-03-2006 07:00 PM

حفظه


أما حفظه فحدث ولا حرج , فقد صار ابن تيمية مضرب المثل عند أصدقائه و أعدائه , وأعترف الكل له بأنه أحفظ من رأوا , وعدّوه من الأئمة الكبار في الحفظ , وليس حافظا فحسب بل حافظا بفهم , فكان يسابق في حفظه نظره , وكان يعطي الكتاب في صغره فيقرؤه مرة فينتقش في ذهنه , وذكر عن نفسه أنه يقرأ المجلد _ بحمد الله _ فيرسخ في ذهنه , وبذلك حفظ كتاب الله عز و جل , وحفظ السنة المطهرة , وحفظ أقوال أهل العلم وحفظ الآثار , وحفظ التفاسير , وحفظ شواهد اللغة , فكان إذا تكلم أغلق عينيه فسالت قريحته بنهر يتدفق من العلم النافع المبارك .
وقد نفع الله بهذا الحفظ , فقد تركت ذاكرته القوية المباركة للأمة ميراثا مباركا من الكتب النافعة , وكان يُملي أحيانا بعض المجلدات من حفظه في السفر وفي الحبس حيث لا توجد مكتبته لديه فيأتي بالعجب العجاب , وينقل بعض كلام الأئمة بنصه وفصه ثم يعلق عليه , وربما استدرك , وينقل الأحاديث من حفظه وينسبها لأصحابها , أما القران فقد سال على طرف لسانه يأخذ ما شاء ويترك ما شاء, فقد حفظه من الصغر حتى أصبح كتاب الله عز وجل عنده كسورة الفاتحة , مع فهم ثاقب لما يحفظ , فليس ناقلا فحسب كما هو شأن كثير من الناس يحفظ المعلومة ثم لايصرف فيها , بل كان يحفظها ويعيها وينزلها و يقدرها حق قدرها , ويوظفها في المكان المناسب, ويخرج منها ماشاء الله من الكنوز والعبر والعجائب فيأتي بما يشد الألباب ويذهل العقول من الفوائد و الدرر و النكات العلمية .



.. يتبع ..

Almusk 22-03-2006 09:03 PM

ما شاء الله أختي الكريمة الوردة الندية،،

مازلنا على سواحل ابن تيمية ننتظر النسائم الباردة لهذا النجم المضيء،،

بارك الله فيك وفيما نقلت،،

الوافـــــي 23-03-2006 03:58 AM

جزاك الله خير اختنا الفاضلة
فهذا رجل كتب التاريخ سيرته بماء الذهب
نسأل الله أن يرحمه وأن يجمعنا به في مستقر رحمته

الوردة الندية 23-03-2006 04:03 PM

إقتباس:

ما شاء الله أختي الكريمة الوردة الندية،،
مازلنا على سواحل ابن تيمية ننتظر النسائم الباردة لهذا النجم المضيء،،
بارك الله فيك وفيما نقلت،،

أخي الكريم .. Almusk

وفيك بارك الله :) ..
وصدقت يا أخي في وصف سيرة ذلك العلامة بالنجم المضئ فهو كذلك حقا
وبكل ما تحمل الكلمة من معنى ..
وسيرته تحمل من الروعة والجمال الكثير ...
وسأكمل ما بدأت بنقله _ إن شاء الله _ لإصال الفائدة ..
وأن وفقني الله للإنتهاء مما بدات ذكرت المصدر الذي نقلت عنه :)..
الشكر موصول لمرورك الطيب :) ..


تحيتي

أحمد ياسين 23-03-2006 04:07 PM

هل الشمس بحاجة إذا وسطت السماء في يوم صحو أن ينبه على مكانتها ؟
هل القمر في ليلة اكتماله و السماء صافية بحاجة لمن يشيد بعلوه وسنائه ؟

الوردة الندية 23-03-2006 04:07 PM

إقتباس:

جزاك الله خير اختنا الفاضلة
فهذا رجل كتب التاريخ سيرته بماء الذهب
نسأل الله أن يرحمه وأن يجمعنا به في مستقر رحمته

أخي الكريم ... الوافـــــي

وجزاك الله كل خير على دعائك
وكم هو جميل أن نتنزه على ساحل ابن تيمية
فهو ساحل يحمل من الروعة الشئ الكثير :) ...
الشكر يصل لمرورك الطيب :) ...


تحيتي

الوردة الندية 23-03-2006 04:15 PM

أخي الكريم .. احمد ياسين

أقتبست فأحسنت الأختيار:) ..
فليست الشمس بحاجة إذا وسطت السماء في يوم صحو أن ينبه على مكانتها ..
وليس القمر في ليلة اكتماله و السماء صافية بحاجة لمن يشيد بعلوه وسنائه :) ...
وليست سطوري تعطي هذا الإمام حقه ..
ولكن هي سيرة عطرة ... نقلتها لأن ذلك الإمام هو قدوة رائعة للشباب المسلم في طلبه للعلوم :) ...
الشكر يصل لمرورك الطيب :) ..


تحيتي

الوردة الندية 23-03-2006 04:20 PM

ألمعيته


الألمعية هبة يهبها الله من يشاء , وابن تيمية له القدح المعلى في هذا الباب , فإذا كانت الألمعية هي سرعة الخاطر , وجودة العلم فإن ابن تيمية الأول في هذا الباب عند أهل العلم , فقد كان يفهم المسألة بقوة وجدارة , وكان يعي ما يقرأ وكان ينتزع الفائدة ويستنبط من النص استنباطا عجيبا وكان إذا حاور يفهم كلام محاوره ويرد عليه في سرعة البرق , وكان إذا كتب يسبق خاطره قلمه _ كما يقول عنه مترجموه_ , ومن ألمعيته أنه كان يدرك الشبهة في أسرع وقت, ويرد عليها ويزيف الزائف من الكلام , ويثبت الحق , ويميز بين الشبهات , ويفرق بين المختلفات , وكان يوهم بعض الأئمة في بعض الأبواب من تخصصاتهم , فأحيانا ينقد بعض المحدثين و المؤرخين وبعض الفلاسفة و أهل المنطق , وعلماء الكلام , ويرد عليهم في تخصصاتهم فإذا هو افهم منهم بفنهم وبتخصصهم .
ومن ألمعيته _ رحمه الله _ أنه إذا دخل في علم قلت لا يجيد إلا هذا العلم , ولا يحسن إلا هذا الباب , فيأتي بالعجب العجاب , ويسهل له هذا المسلك الذي سلكه فيكون فردا في بابه , ويكون وحيد عصره فيما نهجه وفيما اتخذه , فألمعيته _ رحمه الله _ محل الشهود ومحل الاعتبار من الجميع حتى صار فردا ووحيدا في هذا الباب ..



.. يتبع ..

الوردة الندية 23-03-2006 04:25 PM

سعة علمه


من العلماء من برع ولكن في فن واحد , فمنهم المحدث الجهبذ في حديثه , ومنهم العلامة في فقهه , ومنهم الفرد في تاريخه , ومنهم الأوحد في أدبه , ولكن ابن تيمية كان بحرا لا تكدره الدلاء , فهو المنظّر لأهل السنة في باب المعتقد , وهو المحدث الناقل البصير الجهبذ في علم الحديث روايةً و درايةً , وفي علم الرجال , حتى شهد له المزي _ وكفى به شاهدا _ في هذا التخصص , فكان يجرح ويعدل ويميز بين الروايات , ويعرف هذا الفن معرفة دقيقة تامة , وقد استولى على جميع أبوابه وعلى جميع فصوله وفنونه , وهو في استنباط النص آية من آيات الله عز وجل , فكان يورد الآية والحديث ثم يورد كلام أهل العلم ممن سبقه , ثم يأتي بكلام زائد على كلامهم , وربما انتقد كلامهم أو وافقه أو عارضه أو سكت , وكان أعجوبة في التفسير , يقرأ _ كما ذكر عن نفسه _ أكثر من مائة تفسير في الآية , ثم يدعو الله ويتضرع إليه ويسأله فيفتح عليه سبحانه وتعالى علما في الآية لم يكن مكتوبا من ذي قبل , وربما أملى في الآية الواحدة كراريس , ونقلوا عنه انه بقي سنوات طويلة في شرح قوله تعالى : ( إنا أرسلنا نوحا إلى قومه ) , وكان يأتي بالآية الواحدة ربما يذكرها بعد صلاة العصر في مجلسه فيغلق عينيه , ثم يذكر الأقوال والترجيحات و الاختلافات والتقولات وما قيل فيها , معترضا و موجها و مصححا و مقررا حتى صلاة المغرب , كما قرأ الفلسفة ورد على الفلاسفة وزيف كثيرا من أقوالهم وردها إلى الوحي , ورد على علماء الطوائف من رافضة و معتزلة و جهمية و أشاعرة و صوفية و دهرية ويهود ونصارى , وكل ذلك وهو معتصم بالدليل , سائر مع النص , متحاكم إلى الوحي ..


.. يتبع ..

أحمد ياسين 23-03-2006 04:26 PM

صدقت نسال الله ان يعلمنا ماينفعنا
الكثير من العلماء والقادة
مر عليهم التاريخ ومازال الناس يذكرونهم في كل مناسبة او بغير مناسبة
لانهم عملوا على ارضاء الله فرضي الله عنهم ان شاء الله وارضى عنهم الناس
وكثير ممن نسيهم الناس بمجرد التحاقهم بالرفيق الاعلى
لانهم لم يورثوا علما ولم يربوا رجالا بمعنى الرجولة

الشــــامخه 23-03-2006 05:52 PM


غفر الله لابن تيمية , رحم الله ابن تيمية , وجزى الله ابن تيمية خيرا ,
وشكرا لابن تيمية على ما أهدى وأسدى و أبدا ولله الحمد أولا و أخيرا ..
رحم الله شيخ الأسلام الأمام المجدد بن تيميّة وجزاه عنا خير الجزاء ..



غاليتي الوردة الندية ...
بارك الله فيك ياحبيبه لهذا الطرح الطيب المبارك ...
نسال الرحمن ان لايحرمك اجر ماكتبته ..
وفقك الله ورعاك وإلـى الامام يأمة الرحمن ..

رعـــ المولى ـــاكِ ..

:)


الوردة الندية 24-03-2006 02:32 PM

إقتباس:

صدقت نسال الله ان يعلمنا ماينفعنا
الكثير من العلماء والقادة
مر عليهم التاريخ ومازال الناس يذكرونهم في كل مناسبة او بغير مناسبة
لانهم عملوا على ارضاء الله فرضي الله عنهم انشاء الله وارضى عنهم الناس
وكثير ممن نسيهم الناس بمجرد التحاقهم بالرفيق الاعلى
لانهم لم يورثوا علما ولم يربوا رجالا بمعنى الرجولة

أخي الكريم .. أحمد ياسين

أشكر لك إضافتك الجميلة هنا ..
وأشكرك على مرورك الطيب من هنـــــا :) ...
بارك المولى بك


تحيتي


الوردة الندية 24-03-2006 02:37 PM

إقتباس:

رحم الله شيخ الأسلام الأمام المجدد بن تيميّة وجزاه عنا خير الجزاء

اللهم آمين
أختي الكريمة .. الشــــامخه
جزاك الله خيرا على دعواتك
وطيب مداخلتك
وجميل ما خطه قلمك :) ..
بوركتِ اينما كنت ِ


تحيتي

الوردة الندية 24-03-2006 02:42 PM

همته


لا أعلم عالما بعد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بلغت به همته مثل ما بلغت همة ابن تيمية به , فقد أتعبته ولكنها أوصلته إلى مراقي الحمد , ومصاف الكرامة , وغاية المجد , وذروة الشرف , وسنام القبول في الأرض , همته حركته إلى طلب العلم النافع فلم يرض بعلم دون علم , ولم يقتنع بتخصص دون تخصص , ولم يشبع من فن دون فن , بل رسخ في الجميع , ومهر في الكل , واستحوذ على قصب السبق في المعرفة , تتجلى همته في العباد , فقد كان خاشعا منيبا مخبتا متسننا , كثير الأوراد صلاةً وصياما وذكراً ودعاءً وقيام ليل وجهاداً و إخلاصاً و إنابة وتوضعاً وخشيةً لله عز وجل وغيرةً .
وفي التأليف فهو من العلماء الثلاثة الذين بلغوا الغاية في التأليف , وهم ابن الجوزي والسيوطي بالإضافة إليه , وقد كان أكثرهم تحقيقا وتنقيحا ورسوخا وعمقا ونفعا وأثرا في الأمة , حتى قيل إن مؤلفاته بلغت بالرسائل والكتب أكثر من ألف مؤلف , ولو جمعت لكانت أكثر من خمسمائة مجلد , وقد ضاع منها الكثير . كما تتجلى همته في الدعوة , فقد اشتغل بالدعوة الفردية , والدعوة الجماعية , ودعوة السلطان وحاشيته , ودعوة العامة , ودعوة الطوائف جميعا , ودعوة غير المسلمين , فدعا بالكتابة والخطابة والدرس والمراسلة , ودعا وهو في الحبس , ودعا وهو في المعركة , ودعا بالآيات البينات , ودعا بالحجج القواطع , ودعا بالبراهين الساطعة , والأدلة اللامعة , ودعا بالمناظرة وبالمحاورة , ودعا مشافهة , ودعا كتابة , فكانت حياته _ رحمه الله _ دعوة من أولها إلى آخرها ..


.. يتبع ..

الوردة الندية 24-03-2006 02:46 PM

غيرته


الغيرة وقود ملتهب يمنحه الله من يشاء , فيأنف من الخسة , ويرتفع عن الدناءة , ويعشق الكمال , ويتلهف على الفضيلة ويحب معالي الأمور , و هكذا كان ابن تيمية , يغار على محارم الله , ويغضب كل الغضب إذا انتهكت حدود الله عز وجل .

كان يفادي بروحه الملة وصاحبها صلى الله عليه وسلم , وقد جلد من أجل حماية جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم , فقد اعتدى بعض النصارى على الجناب الشريف بكلام فدافع ابن تيمية , فشكاه ذلك المعتدي إلى السلطان , وهيج العامة على ضربه , فجلد شيخ الإسلام في مجلس السلطان بسبب هذا , وهذا في سبيل الله عسى الله أن يأجره كل الأجر على هذا الموقف العظيم , وألف في ذلك ( الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم ) .

كان إذا رأى المخالفة الشرعية غيرها بما عنده من فقه , فكان لا يرى منكرا إلا قام كل القيام حتى يغير هذا المنكر , ويدخل السوق فيغير المنكر و ينبه على الباعة و أهل المكاييل و الموازين , وينهي الصوفية عن ابتداعاتهم , ويغير على المخالفين من الكهنة و السحرة و المشعوذين , وينهى عن مخالفة السنة ظاهرا و باطنا , ويدعو الناس إلى منهجه عليه الصلاة و السلام , ويقول : لا يسع أحد في العالم الخروج على سنته صلى الله عليه وسلم , وكان يغار في مجلس السلطان فيقول الحق غير هياب , ولا جبان ولا خائف , بل يصدع بالحق بقلب جرئ أشجع من قلب الأسد , في إقدام و إصرار , حتى ذهل منه السلطان , وتعجب منه الملوك , وخافه أرباب الدول , واحترامه العامة و الخاصة , لما علموا من صدقه و جرأته وثباته _ رحمه الله _ .



.. يتبع ..

الوردة الندية 02-04-2006 04:55 PM

سلامة مشربه


ابن تيمية صاحب المنهج الوسط العدل الصحيح الصافي , فقد اخذ مشربه من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة و السلام , فلا تعرف له بدعة , ولم تحفظ عليه مخالفة للكتاب و السنة , بل كان دائما مع الدليل , مع الآية و الحديث , متبعا من سلف من أئمة الإسلام من الصحابة و التابعين , لا يخالفهم , وإنما يشد من أزرهم و يقوي منهجهم , ويدعو إلى مذهبهم و إلى منهجهم _ رضي الله عليهم _ موقرا رسول الله صلى الله عليه وسلم , معظما ربه كل التعظيم , محترما أئمة الإسلام , ولا يقول بعصمة غير الرسول عليه الصلاة و السلام , فكان _رحمه الله _ الإمام المعتبر في سلامة المنهج مدارس و جامعات وجماعات وطوائف , واستحسن أهل البصيرة ما سلكه _ رحمه الله _ في كتبه و في رسائله وفي منهجه الإصلاحي , فجزاه الله عنا خير الجزاء .


.. يتبع ..

الوردة الندية 02-04-2006 04:58 PM

زهده


يقول هو عن الزهد : الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة , وحقق هو هذا القول في حياته , فقد اعرض إعراضا كليا عن الدنيا و اطرحها وزهد فيها , وعاش للآخرة , فلم يتول ولاية , ولم يتقلد منصبا , ولم يجمع مالا , ولم يأخذ أعطية , ولم يضع درهما على درهم أو دينارا على دينار , ولم يبن بيتا , ولم يتخذ سكنا , ولم يأخذ مزرعة , ولم يذهب في تجارة , ولم يعمر عمارة , ولم يكثر من الملابس , ولم يتأكل بالعلم , ولم يذهب في حاجته الخاصة الدنيوية , بل كان جل همه العلم النافع والعمل الصالح , فما عُرف في وقته أزهد منه , وكان يرضى بالقليل من الطعام , وكان لا يسرف في الأكل بل يكتفي بلقيمات , وكان يلومه أصحابه على قلة أكله , ومع ذلك لا يغير عادته , متقشفا في ملبسه , وما كانت تعرف له إلا غرفة واحدة بجانب المسجد , مع قلة الملابس وقلة ذات اليد , وما كان يميز بين الدراهم ولا بين الدنانير , وكان ما يأتيه من المال دون طلب منه يصرفه في الحال على الفقراء والمساكين , ولم يمس عنده فيما يُعلم درهم ولا دينار, فأقر له المواقف والمخالف والمحب والمبغض بأنه آية عجيبة في الزهد والانقطاع إلى الله , و إهانة الدنيا وعدم الالتفات إلى أصحابها , وعدم توقير خدمها , وإنما توقيره لأهل العلم والعبّاد والزّهاد , وللصالحين عموما .


.. يتبع ..

الوردة الندية 02-04-2006 05:00 PM

تقشفه


مر شئ من هذا في حديثنا عن زهده , ولكن عُلم أنه من شبابه لم يكن صاحب رعونة , حيث يشغله ملبسه ومطعمه , أو تلهيه هموم بطنه وشهواته عن معالي الأمور , بل كان رحمه الله يجتزئ باليسير من اللباس واليسير من الطعام , فكان يلبس الثوب الواحد والعمامة على ما تيسر من ملابس , شانه شان أفراد الناس مع النظافة والطهارة , وكان ينام على ما تيسر من فراش , ولم يتخذ الفراش الوثيرة ولا اللحاف الكثير , ولم يعدد الواحد من الطعام , مقبلا على شانه , مهتما بعلمه , مستغرقا أوقاته في عبادة ربه , مابين تلاوة وقراءة ومطالعة وذكر وتأمل وجهاد و دعوة و أمر بمعروف ونهي عن منكر أو إصلاح بين الناس .


.. يتبع ..

الوردة الندية 04-04-2006 04:33 PM

سنيته

إتباع السنة منحة ربانية وعمل صالح مبرور من أعظم أعمال العبد , ولا يحصل ذلك إلا بتوفيق من الله , وفرق بين أن يقرأ العبد للسنة ويطالعها ويحفظها وبين ان يضيف إلى ذلك التسنن بها وظهورها على حركاته وسكناته , وكذلك كان ابن تيمية رحمه الله فقد ظهرت في معاملاته , في كلامه , في أخذه وعطائه , في سلمه وحربه , في رضاه وغضبه , في تأليفه وفي رسائله , في خطبه ودروسه ومواعظه وحواره وجدله , فكان من نظر إليه ذكر الله عز وجل وتذكر سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم , وكان معظما للرسول صلى الله عليه وسلم , موقرا له , خاشعا بين يدي سنته , مستسلما لحكمه , معظما لحديثه , متبعا لآثاره , مقتديا بكل ما صح عنه عليه الصلاة والسلام , فظهرت بركته على أصحابه وطلابه وتلاميذه , حتى قالوا ما رأينا أكثر عملا بالسنة من ابن تيمية , ولا رأينا أكثر من ظهرت عليه بركات السنة من ابن تيمية , ولا رأينا من لاحت عليه معالم السنة في كل حركة من حركاته من شيخ الإسلام , حتى إن من رآه تذكر رسول الهدى صلى الله عليه وسلم , يذكرك في لباسه , في عمامته , في قميصه في نومه , في يقظته , في أكله وشربه , في ذهابه وإيابه , في مخالطته للناس وفي عزلته , مستمسكا بالسنة حرفاً حرفاً وجملة جملة وأثراً أثراً . فغفر الله له ..

.. يتبع ..

الوردة الندية 04-04-2006 04:39 PM

سلفيته

ابن تيمية إمام السلفية في عهده والعهود التي لحقته , فكان على نهج السلف اعتقادا وتعبدا وعملا وجهاداً , فهو السلفي بمعنى الكلمة , فلا يُعرف في عهده ولا بعده من احتذى حذو السلف أو اقتدى بالسلف حذو القذة بالقذة كابن تيمية , فإنه قرر مذهبهم في المعتقد : في الأسماء و الصفات , في توحيد الربوبية والإلوهية , في اليوم الآخر , في القضاء والقدر , في الوعد والوعيد , في حب أهل البيت , في حب الصاحبة , وفي كل مسألة كبيرة أو صغيرة من المسائل كان على منهج السلف , ولم يعرف له المخالفة _ رحمه الله _ وليس معصوما لكنه رجّاع الحق , وكان مقصده ان يقرر مذهب السلف , وهو الذي نظّره و أظهره للناس , وألف فيه شرحه وبسطه و أوضحه و أزال الشبه عنه , ونفض الغبار الذي تراكم عليه في القرون التي تلت التابعين , ورد على خصوم هذا المنهج , ودحض أقاويلهم , وفند شبههم , واعترض عليهم و أرغمهم و ألزمهم الحجة , ودمغهم بالدليل , وداسهم بالبرهان , فأظهر هذا المنهج أيما إظهار , ونصره أيما نصر , وخدمه أيما خدمة , فصار معلوما للخاص والعام , وعلّمه في دروسه وفي خطبه , ودعا إليه سرا وجهرا , حتى في مجالس الملوك , وفي ديوان السلطان , وفي بلاط الوزراء و الأمراء , وفي مجامع القضاة , فكان ينتصر لهذا المذهب ويغضب له , ويرى أنه الحق و أنه الأسلم و الأعلم و الأحكم , وكل رسائله و مؤلفاته و كتبه تشهد بذلك , فلو قلت : إن الناصر _ حقيقة _ لمذهب السلف من عصر ابن تيمية إلى الآن هو ابن تيمية لما ابتعدت عن الصواب , وكل من أتى بعده في الغالب من متبع السلف استفاد منه , ونهج نهجه , وانتفع بكتبه , وسار على منواله , فمن مقلٍ و مستكثر , فرحم الله هذا الإمام , ما أحسن تقريره لمذهب السلف , وما أوضح وشرحه , وما أبسط عبارته , وما أحسن مقاله , وما أجمل تأليفه في هذا الباب , حتى إنا نقر _ والحمد لله _ بأننا استفدنا كل الفائدة من هذا الإمام في معرفة منهج السلف في المعتقد , وفي العبادات , وفي السنن , وفي كل شأن من شؤون الدين , فجزاه الله عنا خير الجزاء ..

.. يتبع ..

الوردة الندية 04-04-2006 04:46 PM

ابن تيمية مع الدليل

من تميز ابن تيمية أنه صاحب دليل وبرهان , فلا يقول قولا له دليلٌ في الكتاب ولا في السنة إلا أورده , وهمه أن يعتصم في كل مسالة بآية أو بحديث ثابت , فليس صاحب هوى وليس مقلدا متعصبا , بل يطلب الحق أينما وجد , ويريد الحجة , ويفرح بالبرهان , ويتبع الدليل , ويسير معه حيثما سار , سواء كان في أصول المسالة أو في فروعها , فتراه إذا كان الدليل مع أي مذهب من المذاهب _ سواء كان حنفيا أو مالكيا أو شافعيا أو حنبليا _ ذهب معه و اعرض عما سواه , وهو يوصي طلاب العلم أن يعتصم في كل مسألة بدليل ثابت , ثم لا يلتفت إلى قول أحد من الناس كائنا من كان , ويرى أن على طالب العلم أن يدور مع الدليل حيثما دار , ولا يكون مقلدا , فإن العلماء ليسوا أنبياء معصومين , وهذا الذي ميز شيخ الإسلام , حيث جعل لكلامه من الخلود و القبول والرسوخ والأصالة و العمق ما ليس لغيره , فليس ضعفا في إيراد الكلام , بل تجد عليه أنوار النبوة تلوح , وعليه براهين الحق تسطع .

.. يتبع ..

الوردة الندية 07-04-2006 03:29 PM

ابن تيمية مربياً

أثرت الشريعة على ابن تيمية في حياته وفي أخلاقه وفي سلوكه , فتجده متلذذا بالعلم سائراً معه , فقد ظهرت بركة الملة عليه في كلامه وفي حواره وفي مناقشاته وفي ردوده , وتجده في غضون كلامه ينصح ويوجه ويرشد و يدعو ويأمر بالمعروف وينهى عن النكر , قلما يورد قضية إلا وجه الحق فيها , وبين الصواب بقلم سيال و بلفظ جذاب , وهو مدرسة في التربية والتوجيه , ليس ناقلا فحسب وليس مكتفيا بعرض رأيه فقط , بل يعرض رأيه ويدعو البقية إلى طلب الحق فهو بهذا يربي الجيل و يوجههم إلى ما فيه خيرهم .


.. يتبع ..

الوردة الندية 07-04-2006 03:34 PM

ابن تيمية مفسرا
في سيرة ابن تيمية انه قد حوى التفسير وطالع كتبه جميعها , سواء المأثور منها او العقلية التي تعتمد على الرأي , ثم فهم الجميع , وحصرها وعصرها , ثم اخرج لنا دررا في غضون كلامه , وقد نُقل أن له تفسيرا خاصا به , لكن الذي طالعناه من كلامه في التفسير عجبٌ من العجاب , فأحيانا يورد الآية ثم يسهب في مقصدها ومعانيها ومراميها , وأحيانا يُغلط كثيراً من المفسرين ويرى أنهم وهموا و أخطؤوا في ما ذهبوا إليه , كل ذلك بأصالة لا تعرف الضعف , وبكلام رجل عرف اللغة ومدلول الكلام , وعرف النقل صحيحه و سقيمه , وعرف آراء المفسرين و أقوالهم في المسالة , فصار بحق من أعظم المفسرين الذين مروا في تاريخ الإسلام , وأشاد كل من ترجم عنه بهذه الميزة فيه , بل عدوا من أعظم ما تميز به ميزة التفسير ..


.. يتبع ..

الوردة الندية 07-04-2006 03:37 PM

ابن تيمية محدثاً

علم الحديث علمٌ شريف جليل , والمحدثون هم خيار الأمة وصفوة الأجيال , وقد أشاد بهم ابن تيمية ومدحهم بشتى المدائح , ونوه بذكرهم وقال إن لهم نصيب من قوله تعالى : ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) وأنزلهم منزلة الصحابة في الفضل , وأنزل أهل المنطق والفلسفة منزلة المنافقين , والرجل صاحب حديث فأحيانا يتكلم عن السند والعلل الخفية , وأحيانا يتكلم عن الاعتبار و عن الشاهد وعن المتابعة , كما يُضعّف الضعيف , ويوهن الواهي , ويبين الموضوع , ويتكلم عن المعنى بكلام لا أحسن منه , وينسب الحديث إلى من خرجه , ويبين لك مصادر كل رواية , ويبين الزيادة , ويعرف الشاذ , ويدرك المنكر , ومن طالع كتبه بتمعن وجد انه محدث من اكبر المحدثين بل شهد له معاصروه بذلك كالمزي و الذهبي و البرزالي , وغيرهم من أهل الحديث ..


.. يتبع ..

كونزيت 07-04-2006 03:48 PM

مجهود نشكرك عليه الورده النديه



مع أجمل تحيه

الوردة الندية 08-04-2006 03:38 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة كونزيت
مجهود نشكرك عليه الورده النديه
مع أجمل تحيه



أختي الكريمة .. كونزيت

الشكر الحقيقي هو لله تعالى الذي ممكنني من التعرف على جوانب من تلك الشخصية ..
فحصلت من تلك السيرة على الكثير من الفوائد والعبر .. وأحببت أن تشاركوني بها ..
كما أشكرك أختي الكريمة على مرورك الطيب :) ..


تحيتي

الوردة الندية 08-04-2006 03:41 PM

ابن تيمية فقيها


الفقه هو إدراك معنى النص و الغوص في دلالة النقل , وهكذا كان ابن تيمية , فليس فقهه فقه ينقل الأقوال أو يتبع كلام الأئمة ويحفظه وينقله لنا , لكنه أدرك أقوال الأئمة جميعها , وأقوال الموافقين والمخالفين و أهل المذاهب والروايات المختلفة لكل عالم , ثم جعل النص نصب عينيه و استنبط منه , ثم ذكر من وافقه ومن خالفه , والعجيب فيه سرعة بديهته , وجودة استنباطه , وحسن انتزاعه المعنى من الدليل , فهو الفقيه بحق في فتاويه , وفي تقريراته , وفي مراسلاته , وفي عرضه للمسائل , حتى إن كلامه لا يختلف من كتاب إلى كتاب , أو رسالة على رسالة , بل تجد الرسوخ , وتجد الاتفاق , وتجد المعنى , فأحيانا يبسط المسالة , وأحيانا يختصرها , لكن المقصود أن كلامه واحد لا يتغير ..


.. يتبع ..

الوردة الندية 08-04-2006 03:44 PM

ابن تيمية مناظراً


نقل عنه أهل السير انه كان يحضر مجالس المناظرة , وتُعقد له مناظرة مع خصومه ومخالفيه فيأتي بما يبهر الألباب , ويعلو عليهم وينتصر بالحجة الدامغة , والبيان الخلاب , والذاكرة الواعية , والبديهة اللماحة , حتى أنه ناظر كثيرا من الطوائف في حضور السلطان وعلى مرآى من الخاصة والعامة , فكان الحق معه ..
وقد ذكر كثير من أهل التاريخ أن علماء الطوائف اجتمعوا له وهم في صف وهو في صف , قال بعض المؤلفين واصفا الموقف : ولكنها بحيرات صغيره صادفت _ والله _ بحرا ثجاجاً , و ذرات صادفت جبلا راسخا ! , وكان لا يكل ولا يمل من المناظرة , بل كان يستدرج من يناظره ويحاوره حتى يوقعه و يصرعه , كل ذلك مقصوده أن تكون كلمة الله هي العليا , وأن يكون الدين كله لله , وأن يكون الحق هو المنتصر في الأخير , فليس قصده المغالبة لذاتها , ولا قصده الظهور و الشهرة , ولا قصده أن تكون له منزلة ولا مكانة , فقد ترك المنازل الدنيوية لأهلها , وأبى المناصب وعاف الولايات , واعرض عن المال _ كما أسلفنا _ فالمقصود انه ما كان يحجم ولا يجبن وقت المناظرة بل كان جريئا ذا قلب شجاع , ثابتاً كالأسد في حومة الوغى ..



.. يتبع ..

الوردة الندية 08-04-2006 03:51 PM

ابن تيمية مجاهداً

عُرف ابن تيمية بالجهاد العلمي و العملي , فجاهد جهاد الكلمة , عبر الدرس والخطبة والمحاضرة والوعظ و النصائح و الكلمة , عبر الرسالة و المؤلف و الفتوى و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , والجهاد بالنصائح عند السلاطين , وعند الظلمة , وعند المخالفين من الطوائف , والجهاد بالسيف , فقد حضر غزوة ( شقحب ) , ودعا الناس للجهاد و أمرهم بالفطر في رمضان , وثبت ثبات الجبال , وأبلى بلاءً حسنا , ودخل على السلاطين بقلب جرئ ثابت , حتى تعجب منه الناس و ذهل منه أصحابه وقالوا : ما رأينا أشجع منه , لا كلَّ ولا ملَّ ولا جبن , فغفر الله له ..


.. يتبع ..

الوردة الندية 08-04-2006 03:53 PM

ابن تيمية عابداً

لا خير في العلم إذا لم يورث عالماً عابداً صالحاً مصلحاً , ولا اثر لمعرفة الإنسان إذا لم ترشح على تصرفاته أخلاقا وسلوكاً , وكان ابن تيمية في جانب العبادة من الصالحين الكبار , عمل بعلمه _ رحمه الله _ في عباداته الخاصة , فكانت صلاته طويلةً طويلة , مخبتا في ركوعه وسجوده , كثير الذكر حتى انه لا يفتر لسانه , وربما استغفر ألف مرة أو أكثر , وكان يردد دائما لا حول ولا قوة إلا بالله , وكان كثير الابتهال والتضرع , كثير الدعاء والبكاء كثير المسالة و الإنابة , كثير التوبة , وكان يرى أن زاده هو الذكر , وأن قوته هو التسبيح , وكان يجلس بعد صلاة الفجر إلى أن يتعالى النهار وهو يردد الفاتحة , ويمضي الليل الطويل ما بين الركوع و السجود والقنوت و البكاء و التضرع , وكانت تلوح عليه أنوار الطاعة , وإذا خرج على الأسواق ورآه الناس كبروا و هللوا , ومن رآه ذكر الله عز وجل ورأى فيه القدوة المثلى والأسوة الحسنة , وكان إذا قرأ القرآن قرأه بصوت خاشع مبكٍ حزين , وكان له تأملات في كتاب الله عز وجل , وله تدبر , وكان كثير الصدقات , كثير الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر , كثير الإصلاح بين الناس , كثير التواضع , جم الأخلاق , عفيفاً منيباً صادقاً ..

الوردة الندية 08-04-2006 04:10 PM

هذه كانت فقط (بعض) من جوانب شخصية الشيخ / ابن تيمية رحمه الله و أسكنه فسيح جناته

وهي مقتطفات مقتبسة من كتاب /

( على ســــــــاحل ابن تيمية )
للدكتور / عائض القرني


ومازال الكتاب يحوي اكثر بكثير مما وضعت عن تلك الشخصية الرائعة ..

نسأل الله ان يوفقنا لتعلم الخير دائما و أبدا
وان ينفعنا بما علمنا ..

تحيتي


:)


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.