![]() |
السياسات الاسلامية .. وابعادها الحقيقة ...
انك لو تفكرت قليلا لرأيت الكثير من الناس تعاني من قصور في فهم الكثير من المصطلحات السياسية السائدة ضمن وسائل الاعلام المختلفة في وقتنا الحاضر .. او غموض في معانيها المختلفة والمتعددة ..
نجد ذلك في السياسات الدولية اوالمحلية .. على حد سواء .. جزائية عقابية .. اوثوابية .. للاصلاح والبناء ايضا .. او لغير ذلك .. كما يلاحظ ذلك في كثير من بنود الشركات المختلفة وعقود العمل طويل الاجل .. والبيع بالتقسيط .. وقروض التمويل لدى البنوك .. اما في مجال شركات التأمين .. فهو اشد وضوحا واقل نقاشا .. لتمني السلامة والتفاؤل بالخير .. اما في دور التعليم .. وتاهيل النشء .. واصلاح فهمه .. وتقويم سلوكه حال كونه بذرة صالحة .. لتقديمة الى مجتمعة .. وهو في صورة . ثمرة ناضجة .. مؤهلة لجلب المنافع واقتناص المصالح .. للرقي بدينه .. وبحاله ومجتمعه ووطنه .. فنجده يعجز عن فهم ماتعني .. كلمة (اصطلاحا) .. في التعريفات المختلفة .. للمعاني الواضحة عنده .. كما يزيد من صعوبة فهم الكثير من النظريات المعقدة .. طريقة الترجمة الحرفية لها .. وتشابه اسماء المكتشفين لها .. امثال ارخميدس وفيثاغورس واشعار نابليون .. ومسرحيات شكسبير .. لتختفي بذهنه الحضارات العريقة فيدرس الادب الانجليزي المفرد ويترجم له ويخوض بكيفة الابداع الخيالي والجمالي لشاعر الغرب والموحي الى اهتمام بمكارم الدنيا الجميلة لدى الغرب والزهد في هذه الدنيا بالموت والشجاعة في الاقدام على الانتحار بآخر حياته فتكون المآساة مشوقة الى أنفة الطالب عن كل نبل ومروءة واخلاق كريمة .. ليس لشئ غير ان الذين ألفوا تلك الكتب في عصرهم ودرسوا لابنائهم .. كانوا يجهلون الكثير من الحضارات العربية والاسلامية المذهلة والصانعة للمجد في نفوس القارئين لها والدارسين بها والمقيمون عليها .. من تلقاء انفسهم بحب ورغبة وحماس كبير لذلك .. ليأتي التابعون المقلدون لمن سبقهم .. يدرسونها لابنائهم .. فظلموا بها انفسهم .. باهمال الحضارات الفاضلة وتعتيمها دون ان تصل الى عقول ابنائهم .. فكان ذلك المجتمع في اقل مستويات الامم .. بل ماعاد يمثل كيان مجتمع حقيقي .. اسوة ببقية المجتمعات حوله .. فتدور عقولهم في غبش من الفهم وابتعاد عن الفكرة وانسلاخ من واقع العالم الذين يعيشون فيه .. فلا يحتملون النقاش ان تناقشوا .. ولايتفقون لو تصالحوا .. انحسرت عقولهم واستخدمت قواهم في جهادهم لتامين مايضمن لهم الحد الادني في هذه الحياة من العيش وابنائهم .. فانطوت بهم الارض واحتبس الرزق لدى فئات قليلة .. يبيدون مايشاؤون من زروع وثمار واعمار .. وتكفلوا بقيادات البلدان .. واستاجروا النخب والاقلام .. لتشيد في البناء .. وتعمرهم للارض .. وتكتب لهم الخطاب السياسي .. مرغمين لا مناص لهم .. او الفناء .. اوماضرهم ان هو كذلك .. ان يكون كذلك .. فقد يكون لهم الاجر .. بصدقة من مكتسباتهم .. لضعيف لمسكين او ارملة .. اوفرد وشيخ كبير .. تأسوا بحياتهم وانسوا بركودهم .. واطاعوا الاوامر .. فلعل القائدين لهم رؤية اكثر نفعا .. فاستغفروا الله وتابوا اليه .. ولكن القائدين يقراون مايكتب لهم .. والكاتبين ينقلون .. ما يترجم لهم من الامم المتقدمة .. فينمقوا ويحصفوا ويجيدوا .. باخلاص .. انما بغير فهم .. لما يكتبون .. كما ان القائد السياسي .. لايسئل عن معنى خطابه السياسي .. فلم يهتم للفهم .. الا ان المشكلة الاكبر .. عن معاني خطاباتهم السياسية .. المتفق عليها معهم .. دون الفهم ايضا .. كل ذلك امر طبيعي .. الا اننا اهملنا سياستنا الجملية البينة الواضحة .. فبقول الله تعالى .. (ومن يطع الرسول فقد اطاع الله) .. ( واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ).. ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) .. ( يا ايها الذين آمنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم الى المرافق وامسحوا بر ؤوسكم وارجلكم الى الكعبين ) (اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهوداً) . (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) ﴿قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً﴾ (واطيعوا الله ورسوله ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين ) وقال رسوله الكريم عليه افضل الصلاة والتسليم .. { إذا حدثتم الناس عن ربهم فلا تحدثوهم ما يعزب عنهم ويشق عليهم } { أمرنا معشر الأنبياء أن نكلم الناس على قدر عقولهم } ( حدثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يُكَذّب الله ورسوله ) ان عدم التكامل والترابط بين القائد السياسي ومجتمعة التابع له .. وانعدام التحاور الهادف والتشاورالناصح .. ادى الى كل ذلك من خذلان وسوء عاقبة .. فتكتل القائد احترازا ورقابة على مجتمعة .. وبذل المتحصلات من خيرات بلادهم .. وسلطها عليهم .. ليس بقصد اذلالهم .. بل للسلامة من اي خطر مفترض .. فصارت المجتمعات المتكاملة .. لما اكتشفت ذلك .. تزيد من جهدهم .. تروج بضاعتها .. وتسوق مستشاريها .. بينما الخيار من ابنائنا بمستواهم العلمي .. ينتكس على عقبيه بفكرة خاطئة .. وغير منطقية .. ليفرض وينادي بعزل الدين عن الدولة .. تاسيا للغرب .. الذين نجحوا في ذلك .. لطبيعة دياناتهم .. ولكنه تقليدا اعمى .. فان الدين الاسلام .. هو دين ودولة وكيان .. لاينفك ابدا .. فهل سياسات الدولة في الاسلام .. تتعارض مع الدين .. ام تزينها وتصقلها .. وتهذبها .. وترجح ثقلها .. ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) ... |
ان تلك القرارات السياسية والخطابات المعلنة للجمهور والبنود المقررة في ميادين التعاملات الدولية .. سواء الملزمة للغير كفرضيات الامم الامتحدة ..
اوالمتحالفة مع بعضها المتعاونة فيما بينها المتكتلة ضد اعدائها .. وكذلك في بقية التعاملات وتبادل المنافع والمصالح المختلفة التجارية وغيرها .. ذات المفاهيم المبهمة المتعددة الاتجاهات المتقلبة المعاني .. ادى الى الفتور السياسي لدى ابناء الامة الاسلامية ومن قبله كان التهميش المفروض على آرائهم محبط لهم .. فجائت مفاهيم المصالح المشتركة .. اكثر وضوحا لسلبية القيادات الاسلامية والتي لاتملك الارادة الكاملة في قراراتها ضد اصحاب تلك المصالح .. ان ذلك التدرج غير المتوازن في وقتنا الحالي .. كان بشارة خير .. ولفت انتباه .. وايقاظ للهمم .. فأدى الى التوقف مليا .. ومراجعة الماضي الاليم لابناء الامة الاسلامية .. فتيقنت انها ان لم تعد الى الله وتطلب منه العون والقوة .. والا فانه لامناص من ازهاقها وذلها بيد اعدائها .. والمستخفي بعضهم بالزي الاسلامي .. وهم بالاصل عيون شر وفتنة .. فاتضحت الرؤية .. وعاد غالبية من تفكر بذلك وكان له قلب والقى السمع وهو بصير الى الله سبحانه وتعالى .. فاناب قلبه الى الله وعلم غيبه .. والغيب لايعلمه الا الله .. والظاهر ان المسلمون كلهم مسستترون حتى اصحاب المعاصي فان الحياء لهم رمز وايمان .. الا انه لايزال الفكرالسياسي الاسلامي اسيرا لذلك الغموض اللغوي .. ولا يزال الداعية المسلم المخلص .. لايتقبلها .. لغويا .. وهو يدعوا اليها بكرة وعشيا ... |
عند سماعك لكلمة سياسة فانه يرتبط في ذهنك الصفات المبهمة والامور الغامضة والصور المتراكبة ذات الالوان غير المتناسقة .. فيختلط الدهاء بالحيلة .. والشجاعة باللؤم .. والخيرية بالدناءة .. والافكار والاسرار والاخطار الغير متوازنة .. في كل مرة .. في كل عام تراك تفتن مرة او مرتين بها فلا تستنير بعلمك الماضي على اللاحق ولاماسبق على ماسياتي ..
ومن ساعة ضيق واتساع رقعة ظلام قد تحيط بك تلك اللحظة قد تتسائل ... لماذا لم يهتم الاسلام بالجوانب السياسية ؟؟؟ فنريد ان نبين لبعضنا باسلوب خفيف ومنثور جميل وفكرة تلو فكرة ومقارنات وقصص وعبر واشادة بالمنظور الاسلامي في مجال السياسة المتعددة الجوانب المكملة للجانب الاهم وهو طاعة الله واجتناب الطاغوت ( ان الله لايغفر ان يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ) .. فارتبطت السياسات الاسلامية في التعاملات المختلفة التجارية والصناعية والزراعية وكذلك في تعاملات الدول والافراد والاحكام المختلفة من حدود وجزاءات مختلفة وقصاص من الجاني يكون به الحياة ( ولكم في القصاص حياة يااولي الالباب ) .. وانه لصاحب الحق .. الحق بقدر مااعتدي عليه .. لايجب ان يتعداه .. ومنه ان رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. أوصني بشئ ينفعني الله به، فقال صلى الله عليه وسلم : أكثر ذكر الموت يسلك عن الدنيا .. وعليك بالشكر فإنه يزيد في النعمة .. وأكثر من الدعاء فإنك لا تدري متى يستجاب لك .. وإياك والبغي فإن الله قضى أنه من ( بغى عليه لينصرنه الله ) وقال ( ياأيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم ) وإياك والمكر، فإن الله قضى أنه ( لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ) .. ويتجلى لنا ذلك في كون الاسلام هو ختم الاديان السماوية والرسالات الالهية .. في كيفية اختيار ذلك النبي المرسل بخاتم الاديان وطريقة تكوينه وانشاءه وخلقة وموطنه وقبيلته والبيئة المحيطة به كاعجاز وسياسة وامتاع في وسط عراك الحياة وخضم الاحداث .. ففي قول الله تعالى على لسان ابراهيم ( اني تركت ذريتي بواد غير ذي زرع ) .. اشارة بليغة الى ملكية هاجر للماء ومنزلتها فيمن حولها وتفضلها عليهم .. كما حدث في قصة قبيلة جرهم ومصاهرتها لاسماعيل عليه السلام .. وتكلمه بالعربية الفصحى .. وامتداد هذا النسب وتلك الملكية وذلك الشرف في قريش وبني هاشم الى توسطه في بني عبدالمطلب ومنه الى رسول الله عليه الصلاة والتسليم .. لاعظم منزلة في مكانة تلك الفئة من الناس في محيط من حولها فتوجب على جميع النفوس احترامها وتقديرها كفطرة الهية .. ففيهم الرفادة والسقاية ولهاشم الثريد للحاج والمغترب والاسير لاعظم حب وتقدير وايثار في نفوس العرب ومن حولهم في ذلك الزمن .. انك لو تاملت الى وضوح حياة الرسول واخلاقة الكريمة وجميع اعماله لرأيت التقويم السليم للحياة الانسانية فهل شك المحيطون به في انه قد زار بيت المقدس يوم حديث الاسراء .. ابدا لانهم كانوا يعلمون اسراره وجميع اسفاره .. وهل كان هو مستغنيا هو عن صاحب ومناصح ومشاور .. وهل كان ذلك الصاحب ذا ريبة بصاحبه .. الم يقل ان كان قاله فقد صدق .. وهو اغرب من ان يصدقة انسان لايؤمن بنقاء السريرة لصاحبة الذي استوطنت به ثقته .. واسلم وآمن بما يقوله .. لتآلف الروحين والنفوس الطواهر والاهداف الظواهر .. المعلومة لديهما منذ فتية في غابر سنهما الى ماشيبة في جوانب صدغيهما .. فصدقة بالرسالة .. وصدقة بالاسراء .. فسمي الصديق .. الى جانب انه كان رحيما به مشفقا عليه .. عالما بمدلولات كلامه .. واهداف فكراته .. وموازين بناءه .. ملهما للحكمة تبعا لصاحبة الكريم .. الم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ... (( ايها الناس , كأنكم تخافون علي ؟ ايها الناس : موعدى معكم ليس الدنيا , موعدى معكم عند الحوض , والله لكأنى أنظر أليه من مقامى هذا , أيها الناس : والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم الدنيا ان تتنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم , ايها الناس : إن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين لقاء الله فأختار لقاء الله ) .. فماذا فهم ابو بكر رضي الله عنه .. وكيف اكرمه صاحبه علية الصلاة والسلام .. انه عرف القصد وعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد خُير بين الدنيا و لقاء ربه فأختار لقاء ربه , فعلى صوت ابى بكر بالبكاء و قال : فديناك بأموالنا , فديناك بأبائنا , فيديناك بأمهاتنا , فنظر إليه الناس شجراً .. فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم : ايها الناس : دعوا ابا بكر فوالله ما من أحد كانت له يد إلا كافئناه بها إلا ابا بكر لم استطع مكافئتة فتركت مكافئتة لله عز و جل )) .. و بدأ الرسول يوصى الناس و يقول : ايها الناس : أوصيكم بالنساء خيراً و قال : الصلاه الصلاه , الصلاه الصلاه , الله الله فى النساء , و ظل يرددها و بدأ يدعى و يقول : اواكم الله , نصركم الله , ثبتكم الله , ثم ختم و قال : ايها الناس : ابلغوا منى السلام كل من تبعنى إلى يوم القيامة )) .. وعليك السلام يارسول الله .. ورحمة الله وبركاته .. الم يذكره ربه في القرآن الكريم ( اذ يقول لصاحبه لاتحزن ان الله معنا ) .. فمن كان يرحم من ومن كان يخاف على من هل ذلك الصاحب الذي لدغ وهو يدخل يدية في جحور الغار لخوفه على صاحبه ام من كان يطمنه ويقول لاتحزن ان الله معنا .. الا نستخلص منه سياسات بناء الدولة واحترام الوزراء والاشادة بفضلهم .. او نستمد منه خذلانهم واعفائهم عن مناصبهم .. وتنحيتهم بناء على طلبهم كاقل عقاب .. ولكن كيف كانت الطريقة الخاطئة يوم تنصيبهم تلك المناصب والمواقع والثغور .. هل كانوا رحماء بالامة والامام .. ناصحون له .. عالمون بقصده عارفون غاياته .. مهتمون بامور مجتمعهم .. قائمون باعمالهم .. ام كانوا غير ذلك .. ام كانوا تمثالا وصورا ورمزا ان تسلطت لاتبقي ولاتذر .. والا فهي قابعة تحت قمع السلطان .. وكراهية الشعب .. ام حسبتم ان قيام الدول المجاورة المتقدمة المسيطرة كان عبثا وتولية الوزراء بالوساطة والجاة والمال .. ان الله لم يخلق السموات والرض عبثا دون قواعد واصول ( أفحسبتم انما خلقناكم عبثاً وانكم الينا لاترجعون) .. ان المتامل الى جوانب عمل المرأة في بناء الدين الاسلامي وسياساته ليجد الكرامة والخيرية والفضل الكبير لهن في قيام دولة الاسلام .. وفي وصايته عليه الصلاة والسلام لهن حكمة .. واحقية .. ومعروف واحسان .. قد يكون به صلاح للابناء ورفعة للامة بايتائهن حقهن على ميزان العدل والدين .. الم يسمونه الصادق الامين .. الم ينادي فيهم ماذا لو قلت لكم ان جيشا خلف هذا الجبل هل تصدقوني .. فلما قالوا نعم .. قال اني لكم نذير بين يدي عذاب اليم .. فلم يكن منهم الا كل ازدراء وتهكم من اقربهم اليه .. انهم عندما ثبت على كلمته وسياسته وبان اصراره عرضوا عليه الملك والمال والتمكين فماذا كان جوابه .. عليه الصلاة والسلام .. ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني اليكم رسولا وأنزل علي كتابا وأمرني أن أكون لكم بشيرا نذيرا فبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم فان تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم من الدنيا والآخرة وإن تردوه على أصبر لامر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم .. انظروا الى تلك الاجابة .. الشافية الكافية .. اصبر لامر الله حتى يحكم بيني وبينكم .. هل سياستنا .. تجبر الناس ان يكونوا مؤمنين .. تمد يدها الملطخة بدماء الناس كعلامة فخر بالشجاعة .. ام تامر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى .. والعمل والبناء والجد والاجتهاد .. هل الدين يجيز للصانع الغش ام الاتقان .. وهل التجارة شطارة ام تعامل وتبيان واشارة الى جميع المواصفات والاستعمالات التي قد تدفع الى شراء تلك السلع او تركها .. الم يبين لنا الاسلام سياسات الاكل والشرب والنوم .. الم يرغب في الصوم .. الصوم لي وانا اجزي به .. الا يستطيع الانسان اخفاؤ فطره ويظن غيره صيامه .. اليس تلك من سياسات الثواب والعقاب .. وركعتان في الفجر خير من الدنيا ومافيها .. السن كريمات محببات الى النفس .. كل ذلك نحاول تبيانه .. بشئ من الكتابة غير المتناسقة في الطرح لاولوياتها ولكنها قد تؤدي الى خير في نفوس الغير او تدل عليه .. |
كما اشرنا سابقا انه يجب ان يكون الدين كاملا ومرنا لضمان استمراره وتقبله من فطرة البشر التي وافقهتها سياسته كما انه يجب ان يكون المبلغ لهذا الدين مجبولا على صفات يقوم عليها هذا الدين وتطابق تعاليمة وتكمل هي حاجتها منه لتعرف به جاهلية واسلاما فلا تتنافى قيمهم مع اعتقاداته وعقيدتهم مع متطلباته ..
فاختار الله سبحانه وتعالى لهذا الدين القويم خير المرسلين وخاتمهم ليكون من العرب سلالة اسماعيل بن ابراهيم الخليل .. عليهم الصلاة والتسليم .. وكيف كانت صفات العرب ومعتقداتهم واخبارهم .. فلنتامل هذه المناظرة بين ملك كسرى والنعمان بن المنذر .. فلما قدم النعمان بن منذر على كسرى وعنده وفود الروم والهند والصين فذكروا من ملوكهم وبلادهم فافتخر النعمان بالعرب وفضلهم على جميع الأمم لا يستثنى فارس ولا غيرها فقال كسرى واخذته عزة الملك : يانعمان لقد فكرت في أمر العرب وغيرهم من الأمم ونظرت في حالة من يقدم علي من وفود الأمم فوجدت للروم حظا في اجتماع ألفتها وعظم سلطانها وكثرة مدائنها ووثيق بنيانها وان لها دينا يبين حلالها وحرامها ويرد سفيهها ويقيم جاهلها ورأيت الهند نحوا من ذلك في حكمتها وطبها مع كثرة انهار بلادها وثمارها وعجيب صناعتها وطيب أشجارها وقيق حسابها وكثرة عددها وكذلك الصين في اجتماعها وكثرة صناعات ايديها وفروسيتها وهمتها في آلة الحرب وصناعة الحديد وان لها ملكا يجمعها والترك والخزر علة ما بهم من سوء الحال في المعاش وقلة الريف والثمار والحصون وماهو رأس عمارة الدنيا من المساكن والملابس لهم ملوك تضم قواصيهم وتدبر امرهم ولم أر للعرب شيئا من خصال الخير في أمر دين ولا دنيا ولا حزم ولا قوة ومع ان مما يدل على مهانتها وذلها وصغر همتها محلتهم التي هم بها مع الوحوش النافرة والطير الحائرة يقتلون اولادهم من الفاقة ويأكل بعضهم بعضا من الحاجة قد خرجوا من مطاعم الدنيا وملابسها ومشاربها ولهوها ولذاتها فافضل طعام ظفر به ناعمهم لحوم الابل التي يعافها كثير من السباع لثقلها وسوء طعمها وخوف دائها وان قرى أحدهم ضيفا عدها مكرمة. وإن أطعم أكلة عدها غنيمة تنطق بذلك اشعارهم وتفتخر بذلك رجالهم ما خلا هذه التنوخية التي اسس جدي اجتماعها وشد مملكتها ومنعها من عدوها فجرى لها ذلك الى يومنا هذا وان لها مع ذلك آثارا ولبوسا وقرى وحصونا وامورا تشبه بعض امور الناس يعني اليمن ثم لا أراكم تستكينون على ما بكم من الذلة والقلة والفاقة والبؤس حتى تفتخروا وتريدوا ان تنزلوا فوق مراتب الناس قال : النعمان اصلح الله الملك حق لأمة الملك منها أن يسمو أفضلها ويعظم خطبها وتعلو درجتها الا ان عندي جوابا في كل ما نطق به الملك في غير رد عليه ولا تكذيب له فان امنني من غضبه نطقت به قال : كسرى قل فأنت آمن ... فقال النعمان ... اما امتك أيها الملك فليست تنازع في الفضل لموضعها الذي هي به من عقولها واحلامها وبسطة محلها وبحبوحة عزها وما أكرمها الله به من ولاية آبائك وولايتك واما الأمم التي ذكرت فاي أمة تقرنها بالعرب الا فضلتها .. قال كسرى : بماذا .. قال النعمان بعزها ومنعتها وحسن وجوهها وبأسها وسخائها وحكمة ألسنتها وشدة عقولها وأنفتها ووفائها فأما عزها ومنعتها فانها لم تزل مجاورة لآبائك الذين دوخوا البلاد ووطدوا الملك وقادوا الجند لم يطمع فيهم طامع ولم ينلهم نائل حصونهم ظهور خيلهم ومهادهم الارض وسقوفهم السماء وجنتهم السيوف وعدتهم الصبر اذ غيرها من الأمم انما عزهامن الحجارة والطين وجزائر البحور واما حسن وجوهها وألوانها فقد يعرف فضلهم في ذلك على غيرهم من الهند المنحرفة والصين المنحفة والروم والترك المشوهة المقشرة. وأما أنسابها وأحسابها فليست أمة من الأمم الا وقد جهلت آباءها واصولها وكثيرا من أولها حتى إن احدهم ليسأل عمن وراء أبيه ذنيا فلا ينسبه ولا يعرفه وليس أحد من العرب الا يسمى آباءه ابا فأبا حاطوا بذلك أحسابهم وحفظوا به أنسابهم فلا يدخل رجل في غير قومه ولا ينتسب الى غير نسبه ولا يدعى الى غير أبيه واما سخاؤها فإن ادناهم رجلا الذي تكون عنده البكرة والناب عليها بلاغه في حموله وشبعه وريه فيطرقه الطارق الذي يكتفي بالفلذة ويجتزي بالشربة فيعقرها له ويرضى ان يخرج عن دنياه كلها فيما يكسبه حسن الاحدوثة وطيب الذكر واما حكمة ألسنتهم فان الله تعالى أعطاهم في اشعارهم ورونق كلامهم وحسنه ووزنه وقوافيه مع معرفتهم الأشياء وضربهم للأمثال وابلاغهم في الصفات ما ليس لشيء من ألسنة الأجناس ثم خيلهم افضل الخيل ونساؤهم اعف النساء ولباسهم افضل اللباس ومعادنهم الذهب والفضة وحجارة جبالهم الجزع ومطاياهم التي لا يبلغ على مثلها سفر ولا يقطع بمثلها بلد قفر وأما دينها وشريعتها فانهم متمسكون به حتى يبلغ احدهم من نسكه بدينه ان لهم اشهر حرما وبلدا محرما وبيتا محجوجا ينسكون فيه مناسكهم ويذبحون فيه ذبائحهم فيلقى الرجل قاتل ابيه أو أخيه وهو قادر على أخذ ثاره وادراك رغمه منه فيحجزه كرمه ويمنعه دينه عن تناوله بأذى. وأما وفاؤها فإن أحدهم يلحظ اللحظة ويومي الايماءة فهي ولث وعقدة لا يحلها الا خروج نفسه وان احدهم يرفع عودا من الارض فيكون رهنا بدينه فلا يغلق رهنه ولا تخفر ذمته وان احدهم ليبلغه ان رجلا استجار به وعسى ان يكون نائيا عن داره فيصاب فلا يرضى حتى يفنى تلك القبيلة التي اصابته او تفنى قبيلته لما اخفر من جواره وانه ليلجأ اليهم المجرم المحدث من غير معرفة ولا قرابة فتكون انفسهم دون نفسه واموالهم دون ماله واما قولك ايها الملك يئدون اولادهم فانما يفعله من يفعله منهم بالاناث انفة من العار وغيرة من الأزواج واما قولك ان افضل طعامهم لحوم الابل على ما وصفت منها فما تركوا مادونها الا احتقارا لها فعمدوا الى أجلها وأفضلها فكانت مراكبهم وطعامهم مع انها اكثر البهائم شحوما وأطيبها لحوما وارقها ألبانا واقلها غائلة واحلاها مضغة وانه لا شيء من اللحمان يعالج ما يعالج به لحمها الا استبان فضلها عليه واما تحاربهم وأكل بعضهم بعضا وتركهم الانقياد لرجل يسوسهم ويجمعهم فانما يفعل ذلك من يفعله من الأمم اذا أنست من نفسها ضعفا وتخوفت نهوض عدوها اليها بالزحف وانه انما يكون في المملكة العظيمة اهل بيت واحد يعرف فضلهم على سائر غيرهم فيلقون اليهم امورهم وينقادون لهم بأزمتهم واما العرب فان ذلك كثير فيهم حتى لقد حاولوا ان يكونوا ملوكا أجمعين مع أنفتهم من اداء الخراج والوطث بالعسف. وأما اليمن التي وصفها الملك فانما أتى جد الملك اليها الذي أتاه عند غلبة الجبش له على ملك متسق وامر مجتمع فأتاه مسلوبا طريدا مستصرخا ولولا ما وتر به من يليه من العرب لمال الى مجال ولوجد من يجيد الطعان ويغضب للأحرار منغلبة العبيد الأشرار فعجب كسرى لما أجابه النعمان به وقال انك لأهل لموضعك من الرياسة في أهل اقليمك ثم كساه من كسوته وسرحه الى موضعه من الحيرة .. |
فلما قدم النعمان الحيرة وفي نفسه ما فيها مما سمع من كسرى من تنقص العرب وتهجين امرهم بعث الى أكثم بن صيفي وحاجب بن زرارة التميميين والى الحرث بن عباد وقيس بن مسعود البكريين والى خالد بن جعفر وعلقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل العامريين والى عمرو بن الشريد السلمي وعمرو بن معد يكرب الزبيدي والحارث بن ظالم المري ..
فلما قدموا عليه في الخورنق قال لهم قد عرفتم هذه الأعاجم وقرب جوار العرب وقد سمعت من كسرى مقالات تخوفت ان يكون لها غور او يكون انما اظهرها لأمر اراد ان يتخذ به العرب خولا كبعض طماطمته في تأديتهم الخراج اليه كما يفعل بملوك الأمم الذين حوله فاقتص عليهم مقالات كسرى ومارد عليه فقالوا ايها الملك وفقك الله ما أحسن ما رددت وأبلغ ما حجته به فمرنابأمرك وادعنا الى ما شئت قال انما انا رجل منكم وانما ملكت وعززت بمكانكم وما يتخوف من ناحيتكم وليس شيء احب الي من ما سدد الله به أمركم واصلح به شأنكم وادام به عزكم والرأي أن تسيروا بجماعتكم ايها الرهط وتنطلقوا الى كسرى فاذا دخلتم نطق كل رجل منكم بما حضره ليعلم ان العرب على غير ما ظن او حدثته نفسه .. ولا ينطق رجل منكم بما يغضبه فانه ملك عظيم السلطان كثير الأعوان مترف معجب بنفسه ولا تنخزلوا له انخزال الخاضع الذليل وليكن أمر بين ذلك تظهر به وثاقة حلومكم وفضل منزلتكم وعظيم اخطاركم وليكن اول من يبدأ منكم بالكلام أكثم ابن صيفي ثم تتابعوا على الأمر من منازلكم التي وضعتكم بها فانما دعاني الى التقدمة اليكم علمي بميل كل رجل منكم الى التقدم قبل صاحبه فلا يكونن ذلك منكم فيجد في آدابكم مطعنا فانه ملك مترف وقادر مسلط ثم دعا لهم بما في خزائنه من طرائف حلل الملوك كل رجل منهم حلة وعممه عمامة وختمه بياقوته وامر لكل رجل منهم بنجيبة مهرية وفرس نجيبة وكتب معهم كتابا .. أما بعد فان الملك القى الي من أمر العرب ما قد علم واجبته بما قد فهم مما احببت ان يكون منه على علم ولا يتلجلج في نفسه أن أمة من الأمم التي احتجزت دونه بمملكتها وحمت ما يليها بفضل قوتها تبلغها في شيء من الأمور التي يتعزز بها ذوو الحزم والقوة والتدبير والمكيدة .. وقد أوفدت ايها الملك رهطا من العرب لهم فضل في أحسابهم وانسابهم وعقولهم وآدابهم فليسمع الملك وليغمض عن جفاء ان ظهر من منطقهم وليكرمني باكرامهم وتعجيل سراحهم وقد نسبتهم في أسفل كتابي هذا الى عشائرهم فخرج القوم في أهبتهم حتى وقفوا بباب كسرى بالمدائن فدفعوا اليه كتاب النعمان فقرأه وامر بانزالهم الى أن يجلس لهم مجلسا يسمع منهم فلما ان كان بعد ذلك بايام امر مرازبته ووجوه اهل مملكته فحضروا وجلسوا على كراسي عن يمينه وشماله ثم دعا بهم على الولاء والمراتب التي وصفهم النعمان بها في كتابه واقام الترجمان ليؤدي اليه كلامهم ثم اذن لهم في الكلام. فقام اكثم بن صيفي فقال: ان افضل الأشياء اعاليها واعلى الرجال ملوكها وافضل الملوك اعمها نفعا وخير الأزمنة اخصبها وافضل الخطباء اصدقها الصدق منجاة والكذب مهواة والشر لجاجة والحزم مركب صعب والعجز مركب وطئ آفة الرأي الهوى والعجز مفتاح الفقر وخير الأمور الصبر حسن الظن ورطة وسوء الظن عصمة اصلاح فساد الرعية خير من اصلاح فساد الراعي من فسدت بطانته كان كالغاص بالماء شر البلاد بلاد لا امير بها شر الملوك من خافه البرئ المرء يعجز لا المحالة افضل الاولاد البررة خير الاعوام من لم يراء بالنصيحة احق الجنود بالنصر من حسنت سريرته يكفيك من الزاد ما بلغك المحل حسبك من شر سماعه الصمت حكم وقليل فاعله البلاغة الايجاز من شدد نفر ومن تراخى تألف فتعجب كسرى من أكثم ثم قال ويحك ياأكثم ما أحكمك وأوثق كلامك لولا وضعك كلامك في غير موضعه قال اكثم الصدق ينبئ عنك لا الوعيد قال كسرى : لو لم يكن للعرب غيرك لكفى قال اكثم رب قول انفذ من وصول .. ثم قام حاجب بن زرارة التميمي فقال: ورى زندك وعلت يدك وهيب سلطانك ان العرب أمة قد غلظت اكبادها واستحصدت مرتها ومنعت درتها وهي لك وامقة ما تألفتها مسترسلة ما لاينتها سامعة ما سامحتها وهي العلقم مرارة والصاب غضاضة والعسل حلاوة والماء الزلال سلاسة نحن وفودها اليك وألسنتها لديك ذمتنا محفوظة وأحسابنا ممنوعة وعشائرنا فينا سامعة مطيعة إن نؤب لك حامدين خيرا فلك بذلك عموم محمدتنا وان نذم لم نخص بالذم دونها .. قال كسرى : ياحاجب ما اشبه حجر التلال بألوان صخرها .. قال حاجب بل زئير الأسد بصولتها .. قال :كسرى وذلك.. ثم قام الحارث بن عباد البكري فقال: دامت لك المملكة باستكمال جزيل حظها وعلو سنائها من طال رشاؤه كثر مدحه ومن ذهب ماله قل منحه تناقل الأقاويل يعرف اللب وهذا مقام سيوجف بما ينطق به الركب وتعرف به كنه حالنا العجم والعرب ونحن جيرانك الأدنون واعوانك المعينون خيولنا جمة وجيوشنا فخمة إن استنجدتنا فغير ربض وإن استطرقتنا فغير جهض وان طلبتنا فغير غمض لا ننثني لذعر ولا نتنكر لدهر رماحنا طوال واعمارنا قصار .. قال كسرى: أنفس عزيزة وأمة ضعيفة .. قال الحارث ايها الملك وانى يكون لضعيف عزة أو لصغير مرة .. قال كسرى :لو قصر عمرك لم تستول على لسانك نفسك .. قال الحارث ايها الملك ان الفارس اذا حمل نفسه على الكتيبة مغررا بنفسه على الموت فهي منية استقبلها وجنان استدبرها والعرب تعلم اني ابعث الحرب قدما وأحبسها وهي تصرف بها حتى اذا جاشت نارها وسعرت لظاها وكشفت عن ساقها جعلت مقادها رمحي وبرقها سيفي ورعدها زئيري ولم اقصر عن خوض خضخاضها حتى أنغمس في غمرات لججها وأكون فلكا لفرساني الى بحبوحة كبشها فأستمطرها دما وأترك حماتها جزر السباع وكل نسرقشعم .. ثم قال كسرى :لمن حضره من العرب أكذلك هو قالوا فعاله انطق من لسانه .. قال كسرى : مارأيت كاليوم وفدا أحشد ولا شهودا أوفد. ثم قام عمرو بن الشريد السلمي فقال: أيها الملك نعم بالك ودام في السرور حالك ان عاقبة الكلام متدبرة واشكال الامور معتبرة وفي كثير ثقلة وفي قليل بلغة وفي الملوك سورة العز وهذا منطق له ما بعده شرف فيه من شرف وخمل فيه من خمل لم نأت لضيمك ولم نفد لسخطك ولم نتعرض لرفدك ان في اموالنا منتقدا وعلى عزنا معتمدا ان اورينا نارا أثقبنا وان اود دهر بنا اعتدلنا الا انا مع هذا لجوارك حافظون ولمن رامك كافحون حتى يحمد الصدر ويستطاب الخبر .. قال كسرى : ما يقوم قصد منطقك بافراطك ولا مدحك بذمك .. قال عمرو :كفى بقليل قصدي هاديا وبأيسر افراطي مخبرا ولم يلم من غربت نفسه عما يعلم ورضى من القصد بما بلغ .. قال كسرى :ما كل ما يعرف المرء ينطق به أجلس. ثم قال خالد بن جعفر الكلابي فقال: احضر الله الملك اسعادا وارشده ارشادا ان لكل منطق فرصة ولكل حاجة غصة وعي المنطق اشد من عي السكوت وعثار القول انكأ من عثار الوعث وما فرصة المنطق عندنا الا بما نهوى وغصة المنطق بما لا نهوى غير مستساغة وتركي ما أعلم من نفسي ويعلم من سمعي انني له مطيق أحب الي من تكلفي ما اتخوف ويتخوف مني وقد اوفدنا اليك ملكنا النعمان وهو لك من خير الأعوان ونعم حامل المعروف والاحسان أنفسنا بالطاعة لك باخعة ورقابنا بالنصيحة خاصعة وايدينا لك بالوفاء رهينة قال له كسرى : نطقت بعقل وسموت بفضل وعلوت بنبل. ثم قام علقمة بن علاثة العامري فقال: نهجت لك سبل الرشاد وخضعت لك رقاب العباد ان للأقاويل مناهج وللآراء موالج وللعويص مخارج وخير القول اصدقه وافضل الطلب انجحه انا وان كانت المحبة احضرتنا والوفادة قربتنا فليس من حضرك منا بأفضل ممن عزب عنك بل لو قست كل رجل منهم وعلمت منهم ما علمنا لوجدت له في آبائه دنيا اندادا واكفاء كلهم الى الفضل منسوب وبالشرف والسؤدد موصوف وبالرأي الفاضل والأدب النافذ معروف يحمي حماه ويروي نداماه ويذود اعداه لاتخمد ناره ولا يحترز منه جاره أيها الملك من يبل العرب يعرف فضلهم فاصطنع العرب فإنها الجبال الرواسي عزا والبحور الزواخر طميا والنجوم الزواهر شرفا والحصى عددا فان تعرف لهم فضلهم يعزوك وان تستصرخهم لا يخذلوك .. قال كسرى وخشى أن يأتي منه كلام يحمله على السخط عليه حسبك ابلغت وأحسنت. ثم قام قيس بن مسعود الشيباني فقال: اطاب الله بك المراشد وجنبك المصائب ووقاك مكروه الشصائب ما أحقنا اذ أتيناك باسماعك ما لا يحنق صدرك ولا يزرع لنا حقدا في قلبك لم نقدم ايها الملك لمساماة ولم ننتسب لمعاداة ولكن لتعلم انت ورعيتك ومن حضرك من وفود الأمم انا في المنطق غير محجمين وفي الناس غير مقصرين ان جورينا فغير مسبوقين وان سومينا فغير مغلوبين. قال كسرى : غير أنكم اذا عاهدتم غير وافين وهو يعرض به في تركه الوفاء بضمانه السواد قال قيس: ايها الملك ما كنت في ذلك الا كواف غدر به او كخافر بذمته قال كسرى ما يكون لضعيف ضمان ولا لذليل خفارة قال قيس: ايها الملك ما انا فيما اخفر من ذمتي احق بالزامي العار منك فيما قتل من رعيتك وانتهك من حرمتك قال كسرى : ذلك لأن من ائتمن الخانة واستنجد الأثمة ناله من الخطأ ما نالني وليس كل الناس سواء كيف رأيت حاجب بن زرارة لم يحكم قواه فيبرم ويعهد فيوفي ويعد فينجز قال :وما احقه بذلك وما رأيته الا لي قال كسرى القوم بزل فأفضلها اشدها. ثم قام عامر بن الطفيل العامري فقال: كثر فنون المنطق ولبس القول أعمى من حندس الظلماء وانما الفخر في الفعال والعجز في النجدة والسؤدد مطاوعة القدرة وما اعلمك بقدرنا وابصرك بفضلنا وبالحرى ان ادالت الايام وثابت الاحلام ان تحدث لنا امورا لها اعلام قال كسرى وما تلك الاعلام قال مجتمع الأحياء من ربيعة ومضر على أمر يذكر قال كسرى وما الأمر الذي يذكر قال مالي علم بأكثر مما اخبرني به مخبر قال: كسرى متى تكاهنت يابن الطفيل قال لست بكاهن ولكني بالرمح طاعن قال كسرى :فإن اتاك آت من جهة عينك العوراء ما أنت صانع قال ما هيبتي في قفاي بدون هيبتي في وجهي وما أذهب عيني عيث ولكن مطاوعة العبث. ثم قام عمرو بن معديكرب الزبيدي فقال: إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه فبلاغ المنطق الصواب وملاك النجعة الارتياد وعفو الرأي خير من استكراه الفكرة وتوقيف الخبرة خير من اعتساف الحيرة فاجتبذ طاعتنا بلفظك واكتظم بادرتنا بحلمك وألن لنا كنفك يسلس لك قيادنا فإنا أناس لم يوقس صفاتنا قراغ مناقير من أراد لنا قضما ولكن منعنا حمانا من كل من رام لنا هضما. ثم قام الحارث بن ظالم المري فقال: إن من آفة المنطق الكذب ومن لؤم الأخلاق الملق ومن خطل الرأي خفة الملك المسلط فان اعلمناك ان مواجهتنا لك عن الائتلاف وانقيادنا لك عن تصاف فما انت لقبول ذلك منا بخليق ولا للاعتماد عليه بحقيق ولكن الوفاء بالعهود واحكام ولث العقود والأمر بيننا وبينك معتدل ما لم يأت من قبلك ميل او زلل. قال كسرى :من انت قال : الحرث بن ظالم قالكسرى : ان في أسماء آبائك لدليلا على قلة وفائك وان تكون أولى بالغدر وأقرب من الوزر قال الحرث إن في الحق مغضبة والسرو التغافل ولن يستوجب احد الحلم الا مع القدرة فلتشبه افعالك مجلسك .. قال كسرى هذا فتى القوم ثم قال :كسرى قد فهمت ما نطقت به خطباؤكم وتفنن فيه متكلموكم ولولا اني اعلم ان الادب لم يثقف أودكم ولم يحكم أمركم وانه ليس لكم ملك يجمعكم فتنطقون عنده منطق الرعية الخاضعة الباخعة فنطقتم بما استولى على ألسنتكم وغلب على طباعكم لم أجز لكم كيرا ما تكلمتم به واني لأكره ان اجبه وفودي او أحنق صدورهم والذي أحب من اصلاح مدبركم وتألف شواذكم والاعذار الى الله فيما بيني وبينكم وقد قبلت ما كان في منطقكم من صواب وصفحت عما كان فيه من خلل فانصرفوا الى ملككم فأحسنوا موازرته والتزموا طاعته واردعوا سفهاءكم واقيموا أودهم وأحسنوا أدبهم فان في ذلك صلاح العامة. |
لعل مايهمنا من تلك المناظرة هو استخلاص ركيزتين اساسيتين وهما
اولا .. تلك الصفات والقيم والمكارم التي كان يتمتع بها ابناء العرب في جزيرتهم العربية والتي ندر وجودها في غيرهم من المجتمعات .. والا لما كان ذكرها والافتخار بها مبدأ للمفاضلة واساسا للمقارنة على غيرهم من الامم والتي كان ملك الفرس يعتبرهم افضل منهم واقدر بالتمكن عليهم .. ولعل تلك المكارم التي حباها الله لهم وخصهم بها مما يفسر بعث النبي الامي عليه افضل الصلاة والتسليم بخاتم الاديان وناسخها وافضلها من بين اظهرهم مقرا تلك المكارم لهم مكملا للقيم والمبادئ التي ورثوها عن آبائهم فلم تنافي بذلك فطرتهم وتاريخهم فاستحسنوه بداية واعجبوا به الا ان الله كتب على بعضهم الشقاء فلم يوفقهم ودل على ان رفضهم للدين من واقع الكبر لا من واقع التكذيب للمبعوث به . ويتضح لنا ذلك جليا في المناظرة التي تمت بين ابي سفيان وملك الروم هرقل بصورة اوثق .. اما الركيزة الاخرى والتي تهمنا من تلك المناظرة فتتمثل في روح المبادرة التي حققها النعمان بن المنذر وبعض حكماء العرب وامرائهم لبيان احقية العرب في الاعتبار والتمكن والسبق الذي قد استحقوه لهم عن بقية الامم .. اضف الى ذلك تلك المعاهدة التي اجبروا ملك كسرى على اعتبارا رغما عنه لما رأى المصداقية المتواترة اخبارها عنده .. لعل تلك السياسات تنطبق مع قوله تعالى ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) |
ان الكيفية المتقنة والطريقة الواضحة التي صنع من خلالها ذلك القرار الحاسم بعد ذلك الموقف الغامض والتهكم الواضح من ملك الفرس والذي اقتبس من خلاله النعمان بن المنذر نيته على اذلال العرب واجبارهم على دفع الجزية له وبالتالي اهلاكهم والقضاء على رجالاتهم وابطالهم والتفرد بهم بجماعاته وعساكرة التي سوف ينشرها حال هجومه عليهم نتيجة القوة العسكرية التي كانت مهيمنة ذلك الوقت من الزمن لتدل على سياسة حصيفة ومنهجا قويما في كيفية اتخاذ القرار المناسب في احلك الظروف واقسى المواقف ..
لقد جمع النعمان بن المنذر في تلك الاثناء اولي الراي والحكمة والمشهود لهم بالافضلية الى جانبه واخبرهم بما اتضح لديه وجال بخاطره حتى مابانت لهم الفكرة وعرفوا مايدور حولهم من امور اثنوا على فعل النعمان وردوا الامر اليه وامتثلوا لامره واتبعوا سياسته .. ان تلك الشورى الهادفة والاراء الواضحة والبطانة الناصحة لتتمثل في قوله تعالى ( وشاورهم في الامر ) .. فانك اذا بينت لهم الامور وحقيقاتها وجوانبها المختلفة وايدوك بذلك فتوكل على الله فانهم سيساندوك ويؤازروك بصدق واخلاص وواقعية .. ولكن ماهية الشورى في الاسلام وكيفة اختيار المستشارين .. ان في اختيار النعمان لتلك الاسماء من العرب ليدل على انموذجا مناسبا ومنهجا وطريقة مثلى في اختيارهم وتقريبهم ممن يتولى امرهم وغيرهم من المسلمين .. ولعل في قوله صلى الله عليه وسلم عند اقامة الصلاة وقبل تكبيرة الاحرام لمن خلفة من المصلين ( ليلني اولي الاحلام والنهى ) .. لتقريب اكثر الى مبدأ التفاضل بين المشاورين واخيار الافضل والانسب منهم .. وهذا المبدأ ليختلف عن المبدأ الديمقراطي والذي يساوي الرجل المتمكن والفاعل في مجتمعه بالرجل البسيط الغير مهتم الا بطبيعة معيشته وحياته اليومية .. ثم انه لمن الواضح في تلك الوفود التفاخر فيمن خلفهم من الرجال ومدحهم والثناء عليهم واتفاقهم في ذلك كمساند لهم ومساعد وطالب ثأر لهم يرهبون به ندهم والمستهين بهم ملك الروم وهو بينهم .. وذلك على خلاف الوضع الحالي في البلاد العربية المختلفة والتي تقتل فيه خيرة ابنائها واشد ابطالها وتفني شبابها .. لمنطق قد يكون به في غير القتل لهم متسع الزمن وممتهل في عمر الشقاء لابنائهم من اليتم .. فقد يكونون مصدر قوتهم وارهاب اعدائهم المعترفون حقيقة ومعنى بالرهبة منهم وبتخوفهم الشديد ايضا .. ليسارع المبادرون باعمالهم الى ابادات جماعية وقذائف عشوائية في مساكن ابنائهم الموفون لهم الملهمون الدعاء لقادتهم الناصحون لولاتهم .. والله يقول ( ولاتقتلوا اولادكم ) .. اليس القائد والوالى والدا لابناء شعبه .. فقربوا اليهم بعد ذلك من كان الى عدم البر بهم اقرب مع انعدام جانب الوفاء عنده الى مجتمعه .. ولسان حاله يقول .. ( انما اوتيته على علم عندي ) .. فلم يكن من الناصحين حقا للقائد اوالوالي ولا للمجتمع من حوله .. اذن فهو عدو لنفسه بجهله انه مؤتمن على حقوق غيره .. وقد تحمل الايمان البالغة في سبيل النصح والاخلاص عند توليه عمله .. فلم يكتف بايثار مصالحه فحسب بل عطل مصالح غيره والله يقول ( ولاتزروا وازرة وزر اخرى ) .. وعن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على سفرة من طعام (وهي الطعام المجموع الى بعضه) فادخل يده فيها فنالت اصابعه بللا فقال ماهذا ياصاحب الطعام قال اصابته السماء يارسول الله قال افلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس من غش فليس مني .. وفي المثل احشفا وسو كيلا .. فمن باب اولى ان غش وخداع الانسانية اشد حيث ن الانسان يجب ان يكون دائما مؤمنا ومقتنعا بعمله وقوله والا فليدع ( قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له وبذلك امرت وانا اول المسلمين 9 |
ان السياسات الاسلامية والجوانب الداعمة لها تبنى على رابط متين وقاعدة صلبة وحكمة الهية ثابته لاتغيرها السنين ولاتمحوا اثرها المفاعلات ولايحل مكانها غيرها ابد الدهر مادامت السموات والارض .. تنافي جميع المدارس المختلفة والتي نادى بها الغرب وعمل بها ساستهم وتعاقبت بهم اخطارها واتضحت معالم فشلها ونقصها للعالم من حولهم ..
ان جميع المدارس القائمة والمندثرة لم تقوم اساسا الا على الحقد والمؤامرة والتناقض والمعارضة على ماهو قائم وماليس في صالحهم .. فقامت الماركسية الاشتراكية الشيوعية تدعوا الى الوحدة والمساواة الزائفة على يد اليهودي كارل ماركس نتيجة التطرف العقدي والتدين الصهيوني .. الى جانب نظرية ميكافيلي والقائمة على ان الغاية تبرر الوسيلة والتي تبيح للحاكم الدفاع عن ملكة واتخاذ مايلزم لذلك وعدم ارتباط تدميره للمعارضين له بالسياسة والوصول الى هدفه باي طريقة مشروعة او غير مشروعة .. بينما السياسة الاسلامية تقوم على اساس متين وعقيدة راسخة وثبات متزن يتمثل في قوله تعالى ( ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) .. ( والذين آمنوا اشد حبا لله ).. ان تلك المحبة هي الاساس في المجتمع الاسلامي ان الايثار والتراض والتعاون والالفة والتضحية لاسمى معان في قلب الكيان الاسلامي والمجتمع المتحاب المطمئن الواثق من ابناءة وولاته ليعمر الارض ويكون قوة في بنيانه ضد اعداءه .. ( ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ) .. وفي احدى الغزوات عندما كان هناك ثلاثة جرحى كلهم يأبى شرب قطرة الماء قبل صاحبه فمازالوا يتدافعونها حتى استشهدوا جميعا لاكبر مثال على الصدق والاخاء والمحبة .. وفي قول عمرو بن العاص حال وفاته .. و ما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا أحلى في عيني منه , و ما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له , و لو قيل لي صفه لما إستطعت أن أصفه , لأني لم أكن أملأ عيني منه .. ان المحبة هي اساس القبول .. وان العمل المحبب الى النفس المطاع به المحبوب ليجد في النفس لذة وفي الروح متعة وفي البدن نشاط .. فيقوم العمل على اساس الاخلاص والوفاء والامانة في جميع شئون الحياة المختلفة لوجود الدافع وتحقق القصد والمامول فتكون المتعة والارتياح في نفوس المتحابين والمتآلفين من مصدرين للاوامر ومستقبلين ومن حكام ومحكومين أمارا ومأمورين .. فتنشأ بين افراد ذلك المجتمع النفس اللوامة لتنتج بذلك رقابة ذاتية .. فلا الزوج يتتبع الاخطاء ولا المدرس يشكك في الابناء ولاالقاضي يحكم بالاهواء .. فمن باب اولى بعد ذلك .. تفرغ الحاكم الى منافسة الدول العظمى واجتياحه الميدان بتلك الفئة المتحابة التي ازالت عن كاهلة عبء الاصلاح الداخلي الذي تم اصلاحه بتلك المحبة وهذه المودة والرحمة وازالت من القلوب الضغائن ومن الافكار التعارض مع الهدف الاسمى والفكر البناء وصقلت لذلك المجتمع تلك المعادن .. والتي اساسا لم تقم الا بقيام القائد بها وتمثله امام شعبه بمدلولاتها واصراره عليها ...( لقد جائكم رسول من انفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رئوف رحيم ).. ولو كان غير ذلك لم يكونوا كذلك .. ( ولو كنت فضا غليظ الفلب لانفضوا من حولك ) .. فكانوا من بعده محسنين ... ( هل جزاء الاحسان الا الاحسان ) اذ عبدوا الله بالاحسان والمحبة والتقيد والاتقان والامانة كانهم يرونه لما علموا وتيقنوا انه يراهم سبحانه وتعالى .. ونورد لصدق محبتكم هذه القصة المعبرة والحكمة المؤثرة والعقيدة الناصحة الصالحة .. حيث جرت مسألة تكلم بها الشيوخ وكبار العلماء في احد ايام الحج بمكة .. وكان الجنيد أصغرهم سناً فقالوا .. هات ما عندك ياعراقي ..؟ فأطرق رأسه ودمعت عيناه ثم قال .. عبد ذاهب عن نفسه .. متصل بذكر ربه .. قائم بأداء حقوقه .. نظر إليه بقلبه .. أحرقت قلبه أنوار هيبته .. وصفا شربه من كأس وده .. وانكشف له الجبار من أستار غيبه .. فإن تكلم فبالله .. وإن نطق فعن الله .. وإن تحرك فبأمر الله .. وإن سكن فمع الله .. فهو بالله ولله ومع الله .. فبكى الشيوخ وقالوا.. ما على هذا مزيد ... |
( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
ان المتامل في اعجاز هذه الاية الكريمة ليجد اسمى معاني العدل والمساواة .. الرحمة والمصداقية ... فكانت سياسات الشريعة الاسلامية .. واضحة الاهداف والمقاصد لافرادها بينة في معانيها دالة على سبل تحققها وطريقة تحصيلها .. فجائت مشجعة ومؤيدة لطبيعة النفس البشرية والتي تدافع عن وجودها وكيانها .. مالها وشرفها .. وعقيدتها المتمثلة في حياتها الروحية ودوافع انتاجها ومحفز قيامها .. وسر سعادتها .. قال تعالى .. (من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا) وجاء في الحديث عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال ( من قتل دون ما له فهو شهيد ، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ) .. وفي رواية اخرى ( ومن مات دون اهله فهو شهيد ) .. فبان الطريق لجميع افراد المجتمع .. واتضح الخير والشر والحق والباطل وسبيل النجاة والفلاح وغيره من السبل المختلفة .. فبادر بالخير السابقون فكانوا له خير برهان ودليل .. فنالوا به الاحسان وجنة الرضوان .. فابيضت وجوههم وقرة اعينهم واعتلوا في منازلهم ودرجاتهم ... ولم تتعارض مقاصدها المختلفة مع سبل تحقيقها وطريقة الحصول عليها والوصول لها .. في الوقت نفسه لم تقيد حرياتهم الشخصية في اختيار الكيفية المناسبة والمتمثلين بها للوصول الى قصدهم المنشود وتحقيق هدفهم المأمول ... فيجيب صلى الله عليه وسلم لما ساله السائل في اليوم الاول من ايام التشريق .. ( إني حلقت قبل أن أذبح ؟ قال : لا حرج .. فقال : إني رميت بعد ما أمسيت ؟ قال : لا حرج ) ... فما سئل عن شيء يومئذ إلا قال : لا حرج ، ولم يأمر بشيء من الكفارة ) .. مع اعتبار ان تلك المرونة في بعض مجالات الشريعة المختلفة .. يجب ان تتقيد في حدود جميلة .. فلا مجال للتوسع بها اصلا .. قال صلى الله عليه وسلم .. (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرء ما نوى ) .. وقال .. ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) ليتضح لنا هنا .. أن العبادة لا تصح إلا إذا بنيت على أمرين أساسين وهما ... .. الإخلاص لله عز وجل .. فلقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أن الله قال .. ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) .. .. والمتابعة له عليه الصلاة والسلام .. (صلوا كما رايتموني أصلي ) .. لقد كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خير قرن ورواد فكر ومنهج ثابت .. وابطال صبح ورهبان ليل .. فكادت ان تصافحهم الملائكة .. رحماء بينهم .. عدول وثقات .. يخافون الله في انفسهم .. فاتهموها بالظلم والتقصير والنفاق .. فذكروا الله في انفسهم كثيرا .. واتبعوا رضوانه وامتثلوا اوامره .. ( يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين لله بالقسط و لايجرمنكم شنئان قوم علي الا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوي ) .. فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحكم لليهودي بالاحقية على المسلم في قضية اختصم إليه بها فكان قائما بالقسط مستعين بالله عليه .. ان افراد المجتمع المسلم .. مخيرين غير مجبورين .. ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليومن ومن شاء فليكفر ) .. يتمتعون بالحرية الكاملة في تحديد مصيرهم واختيار طريقهم .. مالم يتعارض مع مصالح غيرهم .. او ضروريات حياتهم .. حرية حقيقية فاعلة بناءة وهادفة .. مختلفة عن تلك الحريات الزائفة في بعض المجتمعات المتصدعة .. والتي تصب غالبيتها في مجال الرذيلة .. او في مجال التجارات القابضة دائما والحره في احتكاراتها ومؤامراتها ضد غيرها .. او مجالات السياحة والتكيف مع البيئة سواء بما يتوافق مع طبيعتها او ماينافيها .. فيصورون في الاولى .. اشد قيود الذل والدمار لارادتهم واختيارهم في سفه عقولهم واعدامها وجلب الامراض لابدانهم .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ماانتشر الزناء في قوم إلا جاءتهم الأمراض التي لاتكون في أسلافهم ) .. وفي الثانية .. تجدهم يقيدون متعتهم في هذه الحياة الطيبة .. فتراهم كالذي يتخبطه الشيطان من المس .. ( فكاءين من قرية اءهلكنها وهى ظالمة فهى خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد ).. وفي الثالثة .. لايدري مااهدافه في ظل وجود حرياته المزيفة .. وماحدوده واعماله المختلفة .. (يتوارى من القوم من سوء مابشر به ايمسكه على هون ام يدسه في التراب الا ساء مايحكمون ) .. فتارة تتآمر حرياتهم في محاولة سب الرسول صلى الله عليه وسلم ورسم صوره فما استطاعوا الى ذلك سبيلا .. رغم مساندة اعوانهم .. فلقد كان المشركون عندما يسبون النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا يصبر عليهم ويقول لاصحابه ( الا تعجبون مني ومن قريش كيف يصرف الله عني سبهم يسبون مذمما وأنا محمد ) .. وتارة يقيدون افكارهم ويعترفون من دون فكر ولا كيان .. بتخوفهم الشديد والرعب من المسلمين المرهبون لهم .. بوصفهم ارهابيين .. ليصدق قول الله فيهم .. ( ترهبون عدو الله وعدوكم ) .. بينما تتاح لنا حرية اكبر في اختيار مانقوم به من اعمال متفاضلة .. فقال صلى الله عليه وسلم : (من قتل في سبيل الله فهو شهيد ، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد) ... فلم تقيد هنا في عمل معين لنيلك الشهادة ب مادمت في سبيل الله .. و لما جاء اعرابي الي الرسول صلي الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما فرض علي فاخبره الرسول صلي الله عليه وسلم بما فرض عليه فقال هل علي شئ غيرهن قال لا الا ان تطوع فقال الاعرابي لا ازيد علي هذا شيئا فقال الرسول صلي الله عليه وسلم افلح ان صدق دخل الجنة ان صدق ) .. وفي مجال التعاملات السياسية المختلفة الموكولة الى القائد والمسئول عن ذلك المجتمع والكيان الاسلامي .. نجد الاحترام والمجاراة والتفاخر والجد والمصداقية في التعامل .. حيث بعث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم رسائل إلى كِسرى ملك الفرس وإلى قيصر ملك الروم ، وكلاهما لم يُسْلِم ، لكنَّ قَيصر أكرم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكرم رسوله ، فثَبَتَ ملكُه ، واستمر في الأجيال اللاحقة ، وأما كِسرى فمزَّق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستهزأ برسول الله ، فقتله الله بعد قليل ، ومزَّق مُلكَه كلَّ مُمَزَّق ، ولم يبق للأكاسرة ملكٌ . وقد ذكر المؤرخون كيف كانت ملوك النصارى يعظِّمون ذلك الكتاب الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم . يقول الامام الحافظ ابن حجر : ذكر السهيليُ أنه بلغه أن هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيماً له ، وأنهم لم يزالوا يتوارثونه حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة ، ثم كان عند سِبطه ، فحدثني بعضُ أصحابنا أن عبد الملك بن سعد أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك فأخرج له الكتاب ، فلما رآه استعبر ، وسأل أن يمكِّنه من تقبيله فامتنع . ثم ذكر ابن حجر عن سيف الدين فليح المنصوري أن ملك الفرنج أطلعه على صندوق مُصفَّح بذهب ، فأخرج منه مقلمة ذهب ، فأخرج منها كتاباً قد زالت أكثر حروفه ، وقد التصقت عليه خِرقَة حرير ، فقال : هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر ، ما زلنا نتوارثه إلى الآن ، وأوصانا آباؤُنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا ، فنحن نحفظه غاية الحفظ ، ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا " الملك النصراني العادل النجاشي ملك الحبشة ، لما قرأ عليه الصحابي جعفر بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ صدراً من سورة مريم بكى النجاشي حتى أخضل لحيته ، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم ، حين سمعوا ما تلا عليهم ، ثم قال النجاشي : إن هذا ـ واللهِ ـ والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة .. ولقد نقل رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحاه الله إليه في القرآن الكريم من ثناء الله جل وعلا على أولئك النصارى الذي صدقوا في دينهم وفي أمانتهم ، وهو قول الله في القرآن الكريم : ( وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) الإمام أحمد ابن تيمية ـ رحمه الله ـ قال : " وما زال في النصارى من الملوك والقسيسين والرهبان والعامة من له مزية على غيره في المعرفة والدين ، فيعرف بعض الحق ، وينقاد لكثير منه ، ويعرف من قَدْرِ الإسلام وأهله مايجهله غيره ، فيعاملهم معاملة تكون نافعةً له في الدنيا والآخرة " . انك لو تفكرت قليلا في حمق وتبعية قادات النصارى المعاصرين .. لليهود الحاقدين .. لتتعجب من سفههم وانطلاء الخداع عليهم ... اذ اوهموهم ان رضى الرب في خدمة اليهود .. ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ) .. |
يالله لاتجعل للاجواد نكبة
من حيث لاضعف الضعيف التجابها ... فتبرد نفسه ويطمئن وتقر عينه .. ويتقوى به العزم .. فيكون سندا لكل ضعيف بعدها ..فكما وجد في الناس من لايكرم الضيف والمحتاج .. وجد ايضا فيهم من يكرم الضيوف ويفرح بهم ويحبهم .. بل وجد من كان يشعل النيران في اعلى مكان حوله ليراها الركب والراكب والضيوف من بعيد فيقصدوه لينالوا مايحبون من دفء لبردان وارتواء لضامئ عنده .. لتكون به اللذة الطيبة لنفس الكريم بها اشد .. اضاحك ضيفي قبل انزال رحله ويخصب عندي والمحل جديب وما الخصب للاضياف ان يكثر القرى ولكنما وجه الكريم خصيب الله يعلم انه ماسرني شيء كطارقة الضيوف النزل مازلت بالترحيب حتى خلتني ضيفاً له والضيف رب المنزل وليا سرى من عندنا كل هرّاج يا زين خبط ارقابهن هاظليني وقولة هلا قدّام يشنن الادراج مع خاطر ٍما فيه كنّة وشينـي فمازالوا كذلك ومايزالون في تلك المصانع الحقيقة تحييهم القصص وتنير دروبهم الحكايات وترفع همتهم الاحاديث الشريفة لتزهو بها اخلاقهم ويعرف بها سلامهم الموصي بالجار المكرم الضيف المحق للمسلم حقوق ومعاني اجمل ايضا .. تكون لهم بها عند الله اكمل وديعة .. واربح تجارة .. واضعف قرض ..فاوجب ورغب وحبب اليه *أن يرد تحيته *وأن يستر عورته *ويغفر زلته *ويرحم عبْرته *ويقيل عثرته *ويصون حرمته *ويقبل معذرته *ويرد غيبته *ويديم نصحه *ويحفظ خلته *ويرعى ذمتـه *ويجيب دعـوته *ويقبل هديته *ويكافئ صلته *ويشكر نعمته *ويحسن نصرته *ويتبع جنازته *ويقضي حاجته *ويشفع مسألته *ويشمت عطسته *ويرد ضـالته *ويواليه ولا يعـاديه *وينصره على ظـالمه *ويكفه عن ظلمه غيره *ولا يسلمه *ولا يخذله *ويحب له ما يحب لنفسه *ويكره له ما يكره لنفسه. ان هذا النظام المحكم والتكافل المتقن والاجتماع بينهم .. قد جمع روح المحبة وجمال والولاء .. لاهداف اسمى منه لايعلمها الا قليل ممن عض عليها بالنواجذ .. والا فالكثير عمل بها لاهداف جميلة ومعان حميده .. فليت قومي يعلمون .. انهم لمحسودون بها .. مغبوطون عليها .. بها ريح وريحان ومسك وعنبر .. بها جنة الحياة الدنيا .. وطيب عيش في الاخرة .. فما كريم الا والاسلام اكرم منه .. وما خلق حبب الى النفس واستحسن الا اقره .. فمن يعدل ويتقي الله .. يقولون لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين .. يخبرك من شهد الوقيعة انني اغشى الوغى واعف عند المغنم .. كل ذلك سقي بما دجلة والفرات والنيل فكانت من انهار الجنة وفاضت من سدرة المنتهى لتصل القدس بمكة والحياة بالموت والاولى بالاخرة .. لتفيض من نفوسهم الى اخوتهم ومن هم من بني جنسهم من البشرية .. فعرفت الخيرية واقرت .. ولكنها حوربت .. ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربي واليتامى والمساكين والجار ذي القربي والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا ) |
بقدر مايكون الكريم ذو محبة وتقدير عند افراد مجتمعه فان صورته ستكون اجمل متى ماافرحت تلك المكارم قلب مسكين ويتيم وادخلت البهجة في مهجة ارملة ومعدوم وسدت حاجة معوز وفقير ..
واكرمت الضيف والجار وساعدت المدين .. ومن قبلهم اكرام اهله واقاربه .. ومن لايكرم النفس لايكرم .. ليضمن استمراره بتلك المكانه .. لدوام سعادته .. وابتهاج سريرته .. فينسأ في اثره ويبارك في رزقة ويخلف عليه ويطفي غضب ربه ويشفى مريضة باذن ربه متى ما اخلص لوجه الكريم سبحانه وتعالى في عطيته وبره وكرمه لمن حوله ممن فضله عليه فهو انما مبتلى ومستخلف وسيسأل عن ذلك المال .. لان الله طيب لا يقبل الله الا طيبا خالصا لوجهه معتدل ووسطا .. ولن يحب الناس الا الطيبين من اهل الكرم والبذل والسخاء .. فان القبول لهم من اهل الارض لن يكون الا بعد قبول الله لهم بصدق محبتهم له سبحانه وتعالى .. باتباع اوامره واجتناب نواهيه .. فشر الولائم من يدعى اليها الغني ويترك الفقير والمحتاج .. والرياء شرك خفي .. والسرف مذمة ونهى عنه الكريم بقوله تعالى ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) وقوله ( كلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين ) .. وان في الاسراف ايذان بزوال تلك النعمة .. ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولاتبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ) ومن يجعل المعروف من دون عرضه يفره ومن لا يتق الشتم يشتم ومن يجعل المعروف في غير أهله يكن حمده ذماً عليه ويندم .. فتوسطت محبتها في القلوب وكانت شريعتها متقبلة للنفوس السوية .. وجعلت بوسطيتها الخيرية .. بعد وصية خليل الرحمن عليه السلام من قبل لهذه الامة بان يكونوا مسلمين ... فاحب العمل الى الله ادومه وان قل .. وانما يتقبل الله من المتقين .. الذين لايتبعون ما انفقوا منا ولا اذى .. وهم مقبلون فرحون مسرورن بتلك الاعمال .. فكان العطاء لهم تلقي والبذل منهم زيادة والبركة لهم كفافا .. لم يكن ذلك الا لعقد قلوبهم على نهج قويم وسلك طريق مستقيم .. فعلموا ان الدنيا زائلة .. فاخلصوا له العبادة .. وعلموا انه الاحق بالملك وحده .. المتفرد بالعبادة .. المتصف بصفات الكمال المتفرد بالجلال سبحانه .. الرازق الواهب القوي المتين .. عالم الغيب والشهادة .. فلا تكتمن الله ما في صدوركم ليخفى ومهما تكتم الله يعلم وأعلم مافي اليوم والأمس قبله ولكنني عن علم مافي غد عم فكان الفعل شاهدا على حديثهم والصدق دالا لهم الى البر والنصح شيمتهم والكسر بينهم مجبور فصلح بهم الشأن وقام العدل فاستوت بالاسلام عقيدتهم ونضجت فكرتهم .. فكان المكلف منهم بشئون المجتمع مطبقا لانظمته لامشرعا لها مراقبا عليه في تطبيقها مفوضة اليه احكامها مقتدرا على تطبيقها مسددا بدعاء المجتمع له موفقا باجتهاده واخلاصه من الله .. واعلم علما ليس بالظن انه اذا ذل مولى المرء فهو ذليل وان لسان المرء ما لم تكن له حصاة على عوراته لذليل فان ماعدل المجتمع في اكرامه وقدر منزلته واعانه بالدعاء لالهامه الرشد والسداد .. ونصحه .. فان الله سيكون معهم .. وستكون لهم الكرامة والعز والنصرة على اعدائهم .. مااعتدلوا .. وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند ستبدي لك الايام ما كنت جاهلا وياتيك بالاخبار من لم تزود ( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) .. فهل ننصر الله بامتثالنا مايحب او باتباع مانحبه كطبيعة لاعقيدة ويحب اعدؤنا ان يكون لنا عقيدة فنشكر كل مغرور ونظلم كل مغدور ونلعن اصحاب القبور .. ليتولى الوطن مواطنيه المخلصين الافياء .. فيجلبوا الشر والضر لمجتمعهم بحرص منقلب الى ضده وهم يحسبوه خيرا لهم .. فيوضع الامر في غير اهله .. ويكون الظلم فيه اشد .. (الذين ضل سعيهم فى الحيوة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا ) فها نحن اليوم نكثر من ظلم انفسنا ونجحد خالقنا وموجدنا ونعصي اوامره .. وذلك في تريد شعارات الامة العربية والوطنية والقومية .. ونحسب ان الخطط الصهيونية .. لاتنطق عن الهوى .. ونسلب من كل ذي شيبة مسلم الحق غلابة .. ويفتي بنا من قام بالعبث واللهو قاصي الزمان في شبابه .. فان يكن جانب الصواب مع احدهم والكل يرى مصداقيته .. فان يد مع الجماعة .. والقصد القصد تبلغوا .. وان يكن كل واحد منهم يقول .. اني امرؤ سمح الخليقة ماجد لا اتبع النفس اللجوج هواها ... فليصدق .. (ليجزي الله الصادقين بصدقهم، ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم)﴿ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾.. لان راية الاسلام هي اللواء الذي يجب ان ترفع و ينادي بها المسلمين .. ( ان كنتم امنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين ) .. |
افمن اسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير ام من اسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين
لقد من الله على الامة العربية فهذبها وادبها وقومها على مايريد سبحانه لها من كرامه لتكون القاعدة الصلبة والاساس المتين الذي يقوم عليه الكيان الاسلامي ويبعث منه النور المبين والسراج المنير عليه الصلاة والسلام ولسابق علمة وارادته سبحانه وتعالى وبمشيئة منه وفضل وحكمة بالغة كان العرب مقيمون ومجبولون على تلك المكارم من اجل ان يكونوا الارض الخصبة التي يغرس بها الدين الاسلامي فمتى مااردت اليقين من ان الله اكرم العرب بهذا الدين وترك المتشابه فاقرأ ( سلام قولا من رب رحيم ) ( تحيتهم فيها سلام ) (سلام عليكم فادخلوها آمنين ) ( انا انزلناه قرآنا عربيا وغيره من الايات والاحاديث التي تدل على ان اللغة العربية هي لغة اهل الجنة كل ذلك من اجل ان يتفهم العرب غير المسلمون ان عزهم انما كان بانتساب الدين الاسلامي لهم وخطبته لغتهم ومكنون الكتاب العظيم فيه اعجازه بها وتفردها به ثم ان الوقت لايدع مجالا للمفاضلة فان الغرب لاينادي بدين ولا حق مكتسب منه اونظام الهي لو كان منسوخ بالاسلام انما هي مخططات وظلالات واباطيل اكتتبوها فهي تملى عليهم ويحتفظون باصولها لتعديل بنودها كما شاؤوا انهم لن يرقبوا باي عربي الا ولا ذمة والاحداث القريبة ودموع السنيورة لاكبر دليل فاعتبروا ان كنتم تعقلون لن ندخل في مجالات المجتمع الاسلامي الداخلية ان قلنا في هذه المرة ان الرفق لايدخل في شئ الا زانه والفحش لايدخل في شئ الا شانه كحديث شريف وحكمة وسعه من عمر الزمن ومندوحة في ظل وبراد من النفس وكظيم غيظ به العفو اقرب الى الناس ولكننا سنتطرق الى مزيتكم ايها العرب والمسلمون هم الاصل وقلت العرب لان الخطر مالبث بينكم يكاد ان يتقد في اي لحظة فان يتقد ماحالكم وانتم تحبون حياتكم الدنيا فتسلب منكم بشر ابادة وهتك وفتك مفلسين عند ربكم يوم الحساب من الدنيا والاخرة اذن تربصوا حتى ياتي الله بامره مع من اكرمه الله بقلب وفكر ولسان فكان منهن خسران ( وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون) لقد انبعث اشقاها فتعاطى فعقر لوكان خاطئا ومخطئا مكذبا لنبيه عليه الصلاة والسلام انما بادر من كان يظنه ينتزعه من حقه في شرب يوم معلوم فعقر الناقة فترى القوم فيها صرعى كانهم اعجاز نخل خاوية فانتهوا وبادت اسلافكم العاربة فاكرم الله المستعربة بخير خلقة اجمعين لايلاف قريش ايلافهم رحلة الشتاء والصيف ثم تمتد عبر باب المندب الى الهند الصين وبلاد شرق آسيا حتى انه قبل تصهين اليهود واكتشاف امريكا قال روادهم ومستشرقيهم انه كاد العالم ان يسلم في تلك الاثناء لكرامة الاسلام ورجالات العرب فحقدوا عليه ونالوا منه ومنكم وافسدوا دياركم وتآمروا به وبكم والان تشرق شمس لبنان بالحقيقة الكاملة بدون جنوب لها او قل وسط يزين خصرها وبزيادة حماية قوات اضافية بقيادة لهم اشد فتكا من دولة بوسطهم للمسلمين والجولان من اليهود العرب المخدوعين والصواريخ ملآن والبحر يمتد من المتوسط عبر صحراء قاحلة الى العقبة ومن دونهما حجاب وسور وحراس فلا يقاتلونكم الا من وراء جدر فيدكوا الضفة ويتسلموا الاردن وعمان وليس امامكم سوى جبهة واحدة لمواجهتهم فما انتم فاعلون ( وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ) ان الله يمهل ولا يهمل انتم ابناء الغلام الحليم الذين به الحلم والاناة وهم ابناء الغلام العليم به القوة والبناء ان الحليم متزن ولكن ابناء العليم افسدوا واهلكوا الحرث والنسل بعلمهم فصار علمهم نقص وخبال ودمار ان العلم الذي يقود في قمة الرقي والحضارة الى بناء سور وجدار حول مدنهم لجهل ذميم ولخور وجبن فمتى يغضب الحليم وينشد مغيضا لهم ( هذي عنيزة مانبيعة بالزهيد لا فرعن البيض نحمي جالها ) متهكما عليهم ببيت انشده الابطال قبل قرن من الزمان مذلا لعلم هكذا يخزي الانسان ويحبط رجاله ويبهت لون الحياة الدنيا اذا كانت لهم اي عزة غير عزتهم بذلهم (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ) |
( شهد الله انه لااله الا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لااله الاهو العزيز الحكيم ان الدين عند الله الأسلام ) ...
كان عليه الصلاة والسلام يقول بعد هذه الاية .. وأنا أشهد بما شهد الله به وأستودع الله هذه الشهاده وهى لى عنده وديعه .. وقال من شهد بها .. جىء به يوم القيامه .. فيقول الله لمن عنده من الملائكة .. عبدى هذا عهد الى عهدا وانا احق من اوفى بالعهد ادخلواعبدى الجنه... فمن قرنه الله سبحانه وتعالى بشهادته وشهادة الملائكة لحري بمجتمعه اكرام منزلته وتقديرة واحترامه .. ولعله ينال بشيبته شرفا آخر ومكانة اسمى .. بقوله عليه الصلاة والسلام .. ( ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا ).. واوجب على افراد مجتمعه كمال التأدب معهم في الحوار وحسن التخاطب والاحتراز من القول بهم او انتقاصهم ماكانوا ناصحين للامة مقيمين الاركان والحدود مرشدين ومبينين كل خير ومعروف .. ناهين عن المنكر .. فيقول النبي عليه الصلاة والتسليم .. ( ثلاث لا يستخف بهم إلا منافق: ذو الشيبة في الإسلام، وذو العلم وإمام مقسط ) .. وهذا موقف مشرق يصوره لنا التعامل الانساني الكريم الذي قام به امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. عندما مر بباب قوم وعليه سائل يسأل ويقول .. شيخ كبير ضرير البصر .. فضرب عضده من خلفه قائلا .. من أي أهل الكتب أنت؟ قال يهودي. قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية، والحاجة، والسن. فأخذ عمر بيده .. وذهب به إلى منزله واعطاه مايبين على اكرام منزلته فأرسل إلى خازن بيت المال فقال: انظر هذا وضرباءه، والله ما أنصفناه إذا أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين ).. وهذا من المساكين من أهل الكتاب، ووضع عنه الجزية وعن ضربائه"... لم يقاتل النبي صلى الله عليه وسلم المشركين معتديا ولا طامعا .. ولو علم ان المشركين سيدعونه واصحابه لما رفع سيفه ولما حرض المؤمنين على القتال وهم حال ضيق عيش وقلة حيلة ووهن وكرب وشدة يتالمون من تعذيب المشركين فيفرون بدينهم ويهجرون الاهل والمال والولد والنفس المستقرة .. ينتزعون العروة الوثقى انتزاعا فلا يسلمونها لايدي الكافرين ويوثقون اقفالها ليغمدوها باجسام بالية منقضية في حياتهم مبتاعة منها النفوس بالجنة العالية مستنيرة ايامهم بمشكاة الرحمة والبرهان والنور .. ان الفتنة التي حذر منها العالم المتصرف اللطيف الخبير بالقران الكريم وامر بقتال اولياء الشيطان وزناديق الابواق والمتشمطين بوقار شيبهم وحقار افئدتهم وانهزام حالهم وانعدامهم الحقيقي وتبلور ذلك بتوظيف ابناء شعبهم وافراد مجتمعهم لشغل انخراق عقائدهم وزفر خرفهم وتبديد شكوكهم حول بقاء حياتهم .. او الابتعاد عن ذلك قليلا .. بتسليط افرادهم وابناء شعبهم باهراق الدماء من حولهم ليستعيضوا .. بكرامات الخطابات .. المقامات مسلوبات .. للتجمعات المعزولات .. من الكهنوتات البدعيات .. المختلفات والمتناقضات .. مع الديانات المنسوخات .. في وسط كنائس معزولة .. فظن انه الرب .. من غرور عباده .. والله رب الارباب .. وهو رب من شاء .. فليخلقوا ذبابه .. او ليأتوا بآية .. ان كانوا صادقين .. انهم هم الفتنة .. ووجودهم مستقلين بتصرفاتهم متمتعين بشخصياتهم .. معتبرين كافراد ومجتمع ودول وارباب .. يخول لهم صلاحية الاستعلاء والسيطرة على باقي الكائنات .. ورتبة الاسلام مشرقة فهي كالشمس الدافئة ..فوق الارض الندية .. فلا سبيل لهم في تعبيد المخلوقات والتصرف في ارض الميعاد .. الا بهلاكه .. اذن .. امرنا المبادرة فبادرونا .. ولما كان اسلافنا بانتصاراتهم محسنين فاتحين .. كانوا الينا مشمرين مخربين حاقدين .. فانتظروا اني معكم من المنتظرين .. فان كنتم جازمين الانتظار .. فكونوا محسنين لانفسكم .. فضلا عن اخوانكم او دينكم .. وارض اجدادكم .. فلقد روي عنه عليه الصلاة والسلام انه قال .. (ألا أدلكم على أفضل الأعمال عند ربكم، وأزكاها عند مليككم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله عز وجل). كما حث على محاسن الاخلاق واللطف والتراحم والمودة بين افراد مجتمعه .. " إن أحبكم إلى الله الذين يألفون ويؤلفون وإن أبغضكم إلى الله المشاؤون بالنميمة الفرقون بين الإخوان " فلما أتى بسبايا طيئ الى النبي صلى الله عليه وسلم وقفت جارية في السبي فقالت: يا محمد إن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب فإني بنت سيد قومي وإن أبي كان يحمي الذمار ويفك العاني ويشبع الجائع ويطعم الطعام ويفشي السلام ولم يرد طالب حاجة قط أنا ابنة حاتم الطائي. فقال صلى الله عليه وسلم " يا جارية هذه صفة المؤمنين حقاً لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق وإن الله يحب مكارم الأخلاق " فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله الله يحب مكارم الأخلاق فقال: " والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة إلا حسن الأخلاق " وعن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله حف الإسلام بمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال " وقال معاذ: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " يا معاذ أوصيك باتقاء الله وصدق الحديث والوفاء بالعهد وأداء الأمانة وترك الخيانة وحفظ الجار ورحمة اليتيم ولين الكلام وبذل السلام وحسن العمل وقصر الأمل ولزوم الإيمان والتفقه في القرآن وحب الآخرة والجزع من الحساب وخفض الجناح وأنهاك أن تسب حكيماً أو تكذب صادقاً أو تطيع آثماً أو تعصي إماماً عادلاً أو تفسد أرضاً وأوصيك باتقاء الله عند كل حجر وشجر ومدر وأن تحدث لكل ذنب توبة السر بالسر والعلانية بالعلانية وقال أنس رضي الله عنه: والذي بعثه بالحق ما قال لي في شيء قط كرهه " لم فعلته " ولا لامني نساؤه إلا قال " دعوه إنما كان هذا بكتاب وقدر " (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان حين يلقاه جبريل بالوحي فيدارسه القرآن، فكان أجود بالخير من الريح المرسلة). " وكان صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يبلغن أحد منكم من أصحابي شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر " وجاءه زيد بن سعنة أحد أحبار اليهود بالمدينة، جاء يتقاضاه ديناً له على النبي - صلى الله عليه وسلم- فجذب ثوبه عن منكبه وأخذ بمجامع ثيابه وقال مغلظاً القول: (إنكم يا بني عبد المطلب مُطلٌ) فانتهره عمر وشدد له في القول، والنبي - صلى الله عليه وسلم- يبتسم، وقال - صلى الله عليه وسلم-: (أنا وهو كنا إلى غير هذا أحوج منك يا عمر، تأمرني بحسن القضاء وتأمره بحسن التقاضي)، ثم قال: (لقد بقي من أجله ثلاث)، وأمر عمر أن يقضيه ماله، ويزيده عشرين صاعاً لما روّعه، فكان هذا سبب إسلامه فأسلم، وكان قبل ذلك يقول: ما بقي من علامات النبوة إلا عرفته في محمد - صلى الله عليه وسلم- إلا اثنتين لم أخبرهما، يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شد الجهل إلا حلماً، فاختبره بهذه الحادثة فوجده كما وصف. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرب فرأوا من المسلمين غرة فجاء رجل حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف وقال: من يمنعك مني فقال: " الله " فقال: فسقط السيف من يده فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف وقال: من يمنعك مني فقال: كن خير أخذ قال: قل أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله: فقال: لا غير أني لا أقاتلك ولا أكون معك ولا أكون مع قوم يقاتلونك فخلي سبيله فجاء أصحابه فقال: جئتكم من عند خير الناس وجاءه أعرابي يوماً يطلب منه شيئاً فأعطاه صلى الله عليه وسلم ثم قال له " أحسنت إليك " قال الأعرابي .. لا، ولا أجملت، .. فغضب المسلمون وقاموا إليه فأشار إليهم أن كفوا .. وزاده شيئاً ثم قال: " أحسنت إليك " قال: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " إنك قلت ما قلت وفي نفس أصحابي شيء من ذلك فإن أحببت فقل بين أيديهم ماقلت بين يدي حتى يذهب من صدورهم ما فيها عليك قال: نعم فلما كان الغد أو العشى جاء فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن هذا الأعرابي قال ما قال فزدناه فزعم أنه رضي أكذلك " فقال الأعرابي: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً فقال صلى الله عليه وسلم " إن مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل كانت له ناقة شردت عليه فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفوراً فناداهم صاحب الناقة خلوا بيني وبين ناقتي فإني أرفق بها وأعلم فتوجه لها صاحب الناقة بين يديها فأخذ لها من قمام الأرض فردها هوناً حتى جاءت واستناخت وشد عليها رحلها واستوى عليها وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار ". ولما قفل من حنين جاءت الأعراب يسألونه الغنائم حتى اضطروه إلى شجرة فخطفت رداءه فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " أعطوني ردائي لو كان لي عدد هذه العضاه نعماً لقسمتها بينكم ثم لا تجدوني بخيلاً ولا كذاباً ولا جباناً ". كان يعلمهم ويشفق عليهم يحبهم ويحبونه يقتدون به ويناله ماينالهم وتنام عينه وقلبه لاينام عليه افضل الصلاة وطيب السلام وعظيم المحبة والوداد والمتبعين سنته مقيمين منهجة سالكين سبلة معزين النفوس بين شوق اللقاء وحنين الانتظار .. فمن اوفي بما عهد اليه منه لما يبشر امته فيقول .. عليه افضل صلاة واتم تسليم : " عرض لي جبريل في جانت الحرة فقال: بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة فقلت: يا جبريل وإن سرق وإن زنا قال: نعم وإن سرق وإن زنى قلت: وإن سرق وإن زنا قال: نعم وإن سرق وإن زنى قلت: وإن سرق وإن زنا قال: نعم وإن سرق وإن زنى وإن شرب الخمر ". وفي يوم صيف شديد الحر بعد ماانقضت احدى غزواته عليه الصلاة والسلام وجد ذلك الصبي الصغير في حمى اصحابه وبين ايديهم يتشاورون فيه .. فبينما هم كذلك اذ بصرت به امرأة في خباءالقوم فأقبلت تشتد وأقبل أصحابها خلفها حتى أخذت الصبي وألصقته إلى صدرها ثم ألقت ظهرها على البطحاء وجعلته على بطنها تقيه الحر وقالت: ابني ابني! فبكى الناس وتركوا ما هم فيه فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وقف عليهم فأخبروه الخبر فسر برحمتهم ثم بشرهم فقال: " أعجبتم من رحمة هذه لابنها " قالوا: نعم قال صلى الله عليه وسلم: " فإن الله تبارك وتعالى أرحم بكم جميعاً من هذه بابنها ".. |
عن رجل من الأنصار قال: خرجت مع أهلي أريد النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا به قائم، وإذا رجل مقبل عليه، فظننت أن لهما حاجة فجلست فوالله لقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جعلت أرثي له من طول القيام، ثم انصرف، فقمت إليه فقلت:
يا رسول الله، لقد قام بك هذا الرجل حتى جعلت أرثي لك من طول القيام؟ قال: "أتدري من هذا؟". قلت: لا. قال: "[ذاك] جبريل صلى الله عليه وسلم، مازال يوصي بالجار حتى ظننت أنه سيورثه، أما إنك لو سلمت عليه لرد عليك السلام". انظروا الى تلك الخصال وهذه المزية وتلك النشوة في نفس السائل رضي الله عنه عندما .. علم انه لو سلم عليه لرد السلام .. انها يجب ان تسعد ذلك الصحابي وتدل على حب الله ورسوله وملائكته له .. وتزيد من طاقته طاقات .. ومن ايمانه زيادات .. ومن اخلاصه في سره وعلنه .. ومن اكرام جيرانه .. بايمان جديد وعمل متقن .. كما في قوله ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأعمالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم ) .. لاكبر دلالة .. ان الظاهر دليل الباطن .. ولوتشابه على البعض .. الا انه في النهاية لن يختلف على احد ابدا .. ولما سئل عن تلك المرأة التي تصوم وتقوم الليل .. ولكنها تسئ الى جاراهتا .. قال .. هي في النار .. كذلك التي اساءت الى هرة حبستها .. بينما تدخل الجنة تلك التي .. ساعدت الكلب .. ويدخل الجنة ذلك الرجل .. في غصن شجرة ازالها عن طريق الناس .. واماطة الاذى عن الطريق صدقة .. ونهى عن القاء الاذى او قضاء الحاجة في ظل الشجر والطريق .. كما نهى ايضا عن غرس الشجر في الطرق العامة .. حتى لاتعيق الناس والدواب .. فالحق عام والضرر مدفوع .. والله جعل الارض ذلولا لمن عليها .. والنظافة من الايمان .. والله جميل يحب الجمال .. كما قال صلى الله عليه وسلم إياكم والجلوس في الطرقات " قالوا يا رسول الله مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه " قالوا وما حقه قال:" غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " عندما نعلق الاسلام بالافغان .. اسامة .. فيلق بدر .. فلا نصدق ابدا .. مايحكى لنا .. او ينقل عبر الفضائيات .. لو كنا نحن من يجري اللقاء .. لان .. الناقل مستبد .. ويسعى في الارض فسادا .. بتقنيات لانعلمها .. ولوتفكرنا قليلا .. انهم لايسمحون لنا بالاستفادة منها الا بعد حصولهم على مايفوقها .. وتكون في عداد المندثر .. ان الخلافات الاسرائيلة الامريكية .. هي التي دكت البرجين .. والسبب ان الاسرائليين الماديين .. يريدون التعامل التقني الحربي العسكري مع الصين .. وقوبلت بالرفض الامريكي .. لكنهم افضل منا .. مبدأ وتعامل انساني .. في تقسيم درجات الاعداء .. واقصد نحن الدول المتخلفة .. ان الاعلام الناقل .. لبحيرات الدماء العراقية .. وشلالات الدمار الافغانية .. وتلك المقابلات المخزية مع بعض من ينتسبون للاسلام .. وخاصة القياديين في مراكز الحروب .. او المساكين في اماكن التجمعات .. لمفتعل بتدابير واهداف اهمها .. بيان تخلف العرب اولا اذن من باب اولى المسلمين اشد جرما .. كيف وهم في اماكن اقامة شعاءرهم الدينية .. يهقرقون الدماء .. بشفرات غير معقمة .. والدم اساس كل الامراض .. واسرع وسيلة لنقلها .. بعد تلك المناظر .. لم تجد الاعداء .. اية معارضة .. حتى على بناء جدارها الفاصل .. وسوف تتطور الى انها ستجبر الدول الكبرى .. ان توقع على ابادات جماعية .. لتلك الاصناف من البشر .. سيقول قائل .. ان الوضع جاهز منذ القدم .. ولكنه الرعب في قلوبهم واختلافهم وجبنهم امام .. مسلم واحد فقط .. يحسبونه .. اعظم قوة وعداد منهم .. عندما يتكلم .. احد القادة الذين يتهم بالارهاب .. عبر وسائلهم .. فقد يكون خطابه .. لايخلو من فقرة او سطر .. موضوع من قبلهم .. وبعلمه .. ومجبرا اوكارها .. او راضيا .. الله اعلم .. ولكن من يستطيع على شئ فانه .. قد يستطيع على اشياء .. في النهاية .. شيخ المجاهدين .. عمر المختار .. تؤدى له التحية العسكرية .. من قائد قوات اعدائة .. بعد شنقة .. لاكبر دليل .. على احترام الابطال .. وضرورة انزال الناس منازلهم .. احياء وامواتا .. وان ابى الاصحاب وخانوا .. فان الاعداء لن تخونهم باعترافهم انه كان يرعبهم .. الشهيد .. احمد ياسين .. البطل الصنديد .. بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر لعمر انطلق بنا لنزور أم أيمن كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما دخلا عليها، بكت. فقالا:" ما يبكيك فما عند الله خير لرسوله". قالت:" ابكي أن وحي السماء انقطع". فهيجتهما على البكاء فجعلت تبكي ويبكيان معها " |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.