أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة الإسلامية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=8)
-   -   الرد على شبه محسني البدع (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=6360)

موسى ابن غسان 01-11-2000 06:49 PM

الرد على شبه محسني البدع
 
بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني بالله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فأن الله قد أنزل علينا خير كتبه وأفضل أنبيائه فبالله عليكم ليكن اختلافنا لله لا للعصبية ودعنا نتناقش بنقاش علمي نافع ومفيد((ولقد وصفت الذين حسنوا البدع بالمحسنين ولم أصفهم بالمبتدعة مراعاة لشعورهم ولعدم جرحهم ولعدم رغبتي في استفزازهم )
أخواني أن الشبه التي أستدل عليها المحسنين للبدعة تنقسم إلى ثلاث أقسام سوف أتناول القسم الأول منه في هذا الموضوع والقسمين الآخرين في موضوع آخر :
القسم الأول شبه من الأدلة الشرعية :
وهي تنقسم إلى قسمين :
أ - حديث ضعيف أو موضوع
ب- نص صحيح ولكن ليس فيه دلاله على ما ذهبوا إليه
ومن هذه الأدلة :
أولا :
قوله صلى الله عليه وسلم (( كل بدعه ضلاله ))
وقد تأول بعض محسني البدعة من هذا الدليل أن هناك بدعه حسنه وبدعه سيئه بزعم أن كل من لفظ العموم التي يمكن تخصيصها
والرد على ذلك يكون بأوجه :
1- الأدلة الشرعية جاءت مطلقه عامه في ذم البدع جميعها ولم يقع فيها استثناء أبدا ولم يأت في الشريعة أن كل بدعه ضلاله إلى كذا وكذا ومما ثبت من الأصول العلمية أن كل قاعدة كليه أو دليل شرعي كلي إذا لم يقترن بها تقييد أو تخصيص فأن ذلك دليل على بقاء القاعدة قال ابن تيميه : ( أن المحافظة على عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( كل بدعه ضلاله )) متعين وأنه يجب العمل بعمومة ))
2- إجماع السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان على ذم البدع صغيرها وكبيرها وتقبيحها والنهي عن مجالستهم وهذا دليل على أن جميع البدع ضلاله و قبيحة أما ما يزعم به بعض المحسنين من قول عمر (نعمت البدعة الحسنة ) فأنه قصد البدعة الغوية ودليل على ذلك أن أبو لهب كان يتبع رسول الله في المواسم والأسواق ويقول : ( أن هذا يدعوكم إلى أن تفارقوا دين آبائكم وأن تسلخوا الات و العزى إلى ما جاء به من البدع ))
فما قصد به أبو لهب بكلمة بدع علما أن قريش أفصح العرب وكلام الجاهلين يستدل به
فمن هنا استدللنا أن قصد عمر بالبدعة الحسنه الشيء الجديد
ولو أفترضها جدلا أن هنالك بدعه حسنها الشرع أو قال حسنها بعض السلف :
أ - أنها ليست بدعه لكونها مشروعه من قبل الشارع أو مندرجة تحت أصل معتبر بدليل وهذا لا يمكن أن يسمى بدعه إلى من جهة اللغة
ب - أنها جاءت تحت الإطلاق اللغوي لأن البدعة في اللغة تعم كل فعل ابتدئ من غير مثال سابق والشاهد قول أبو لهب
ت - بعض ما أطلق عليه بعض الصحابة والتابعين بدعة كان باجتهاد منهم لعدم بلوغ الدليل أو لكون العمل قد خالطته بعض الأمور المبتدعة وهو في الأصل مشروع مثل :
وصف ابن عمر صلاة الضحى بدعه (ما أحدث الناس شيئا أحب إلي منها )
قول مجاهد عندما سمع أحد يتثاوب بالصلاة ( اخرج بنا فأن هذه بدعه )
وهذه الأمور التي ظنها الصحابة بدعه وهي في الأصل مشروعه لا تدل على استحسانهم للبدع إنما تدل على إنكارهم لما ظنوه بدعه
فكل ما عتقدوة بدعه أنكروه
ث - وهو مربط الفرس لمن جادل في شرح الحديث
فصيغة (كل بدعه ضلاله )صيغه من صيغ العموم وقد عرف هل الأصول العام بأنه (الفظ المستغرق لكل ما يصلح له )ومن هنا اعتبرت دلالة العموم كليه وليست مجملة ومطلقة تشمل الأزمان والبقاع والأحوال وقطعيه إذا انتفت القرائن المخصصة
ومن المقرر عند جمهور الأصوليين أن الفظ عام يجب اعتقاد عمومة في حال والعمل به مباشرة من غير توقف لأن لفظ للعموم فيجب العمل بمقتضاه
ولأن الدليل نزل للأعمال لا للإهمال
فدلالة قوله صلى الله عيه وسلم (( كل بدعه ضلاله )) دلاله كليه يدخل تحتها كل بدعه
ولم يأتي من الشارع ما يدل أدنى دلاله على تخصيص شيء من هذا العموم ولو ورد لم يكن هنالك استدلال لأنها ستكون سنه
ثانيا :
ما روي عن طريق ابن ماجة و الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال ابن الحارث ( أعلم قال وما أعلم يا رسول الله ؟ قال أعلم يا بلال قال ما أعلم يا رسول الله قال : من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فله من الأجر مثل معمل بها من غير ن تنقص من أجورهم شيئا ومن ابتدع بدعة ضلالة لا ترضي الله ورسوله كن عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئا )
فلمناقشة هذا الحديث لابد أن نناقش إسناد الحديث أولا
فهذا الحديث موضوع وعلته كثير بن عبد الله بن عمر بن عوف المزني فقد سئل عنه أبو داود : فقال أنه كان أحد الكذابين وقال الشافعي ذلك أحد الكذابين أو أحد أركان الكذب أما تحسين الترمذي لهذا الحديث فمنقوض بأقوال أئمة التعديل والجرح (تهذيب التهذيب 8/422 )
ثالثا :
ما روي عن النبي : (أن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوه سيئا فهو عند الله سيئ ))
أولا ننظر في السند :
هذا الحديث الذي يستدل به محسن البدع لم يرد مرفوعا إلى النبي إلى عند الخطيب عن أنس بن مالك وفي سنده أبو داود النخع وهو سليمان بن عمرو فهوا كاذب كما قال الذهبي في الميزان (2/216) ونقل عن أحمد أنه قال فيه كان يضع الحديث انظر العلل المتناهية لبن الجوزي (1/80) وباقي الأسانيد جاءت موقوفة على ابن مسعود وقال ابن القيم ( ليس من كلام رسول الله إنما يضيفه إلى كلام من لا علم له بالحديث و إنما هو ثابت عن ابن مسعود ) ويبقى في هذا الحديث شائبة حيث يقول محسن البدعة أن هذا من كلام صحابي جليل أوصى الرسول بالأخذ عنه أو يقول هذا الكلام مرفوع حكما لكونه مما لا يدرك بالعقل
ولمناقشة هذه الشبه لابد أن نقف ثلاث وقفات :
1- المتأمل للآثار الواردة عن الصحابي ابن مسعود ليجد أنه من أشد الناس على البدعة حيث يقول :
(اتبعوا آثارنا فقد كفيتم ) (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم كل ضلاله ) وقال للأناس الذين اجتمعوا على الذكر بالحصى (لقد أحدثتم ظلما أو قد فضلتم أصحاب رسول الله علما )فهل فضلتم يا أصحاب المولد علما أكثر من علم الصحابة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
2- أنه من قال أن قصد ابن مسعود إباحة بعض البدع اتهام للصحابي في دينه فهل يصح أن يقول أحد من عامة المسلمون أن ما رآه المسلمون حسنا فأنه يجوز التعبد به لأنه عند الله حسن
2- الزعم بأن المراد بهذا الأثر جواز اتباع ما ستحسنه المجتهد والعالم أو العابد تعد على مقام الألوهية قال تعالى (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله )قال الطبري رحمه الله في تفسير الآية (ابتدعوا من الدين ما لم يبح الله لهم ابتداعه ) وهذا يدل أنه ليس لأحد دون رسول الله أن يقول بلا استدلال )
وأخير منع عن الإطناب فأن قصد ابن مسعود وما رآه المسلمون حسن فهوا حسن لكي لا يكون هناك أي حجه
فقد قال الشاطبي رحمه الله أن ظاهره يدل على أن ما رآه المسلمون حسنا فهو حسن والأمة لا تجتمع على باطل فاجتماعهم على حسن شيء يدل على حسنه شرعا لأنه الإجماع يتضمن دليل شرعيا فالحديث دليل عليكم لا لكم إلى أن قال إذا لم يرد به أهل الإجماع وأريد بعضهم فيلزم استحسان العوام .
وقال ابن حزم : ( واحتجوا في الاستحسان بقول يجري في ألسنتهم وهو ما رآه المسلمون حسنا فهوا حسنا عند الله حسن …إلى أن قال وهذا لو أتي من وجه صحيح لما كان فيه متعلق لأنه يكون إثبات إجماع المسلمين فقط لأنه لم يقل ما رآه بعض المسلمين حسنا فهوا حسن )و إذا قال المراد إجماع الصحابة فهنا تنقلب الحجة لأن ليس هنالك أحد من الصحابة إلا ويذم البدعة صغيرها وكبيرها .
رابعا :
1-ما روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من أتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلاله كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا
2-و ما روي عن النبي أنه جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسم فرأى سوء حالهم قد أصابهم حاجة فحث الناس على الصدقة فأبطئوا عنه حتى رأى ذلك في وجه قال :ثم أن رجلا من الأنصار جاء بصرة من ورق ثم جاء آخر ثم تتابعوا حتى عرف السرور في وجهه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من سن في الإسلام سنه حسنه فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء ومن سن سنه سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء ))
3- و ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال ( جاء رجل إلى رسول النبي صلى الله عليه وسلم فحث عليه فقال رجل عندي كذا وكذا فما بقي رجل في المجلس إلا تصدق بما قل أو كثر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من استن خيرا فاستن به كان له أجور من استن به ولا ينقص من أجورهم شيئا و من استن سنة سيئة فاستن به فعليه وزره كاملا ومن أوزار الذي استن به ولا ينقص من أوزارهم شيئا)
أولا الإسناد صحيح
ثانيا الشبه المتعلق بها عظيمة حيث يقول المحسن أن قوله رسول الله( من سن سنة حسنه ) يدل على جواز ابتداع ما كان حسن
وجعل فيه الأجر لمن ابتدعه ولمن عمل به ما لم يشق ذلك على الناس
وللرد على هذه الشبه لا بد أن ننظر إلى نصوص الشريعة نظره متكاملة فلا نؤمن ببعض ونكفر ببعض كفعل أهل الابتداع بل لا بد من الإحاطة بالنصوص .
فالدعوة إلى الهدى أو استنان الخير أو أيجاد السنة الحسنة كل ذلك لابد أن يكون مضبوط بالضوابط الشرعية منها أن العمل الذي يعمله الأنسان يريد به التقرب إلى الله لا بد أن يكون مشروعا أصلا فأن لم يكن كذلك فهوا ابتداع وضلال
فمثلا ما عمله ابن مسعود عندما حصب الجماعة الذين يذكرون الله بالحصى مع أن في ذلك ذكر فلم يعتبر ابن مسعود الخيرية الحاصلة بالذكر منفصلة عن الخيرية الحاصلة بالأتباع وترك الابتداع ولذل أنكر عليهم وليس هنالك أي تناقض بين حديث من سن سنه وحديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين عضوا عليها بالنواجذ ,وإياكم ومحدثات الأمور فأن كل محدثة بدعه وكل بدعه ضلاله وكل ضلاله في النار فاستنان الخير ليس على إطلاقه بل هو مضبوط بكونه مشروعا فأن لم يكن له أصل شرعي معتبرا يدل عليه فهوا ابتداع وضلال حتى ولو كان في ذاته فعل خير
وبعد هذا لا بد أن نعرف المراد بقوله صلى الله عليه وسلم ((من سن سنه حسنه ))
تحتمل مردين :
1- المراد بها الاختراع و الابتداع الحسن وهذا على فرض أنه صحيح
فنقول أنه من المطلق الذي قيد بقوله ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهوا رد )) ((من رغب عن سنتي فليس مني ))
2- المراد بها العمل بما ثبت أنه من السنة
وهذا المراد ودليل على ذلك :
أ - أن سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم (من سن سنه حسنه ) حادثة القوم الحفاة العراة الذين لما رأى حالهم خطب في الناس وحث على صدقه عليهم فأبطأ الناس عليهم حتى كره رسول الله ذلك ثم جاء رجل من الأنصار فتصدق فتتابع القوم ثم ذكر الحديث فدلت هذه القصة أن المراد بالسنة الحسنه العمل بما ثبت أنه مشروعا وليس أحداث ما ليس مشروع
ب - أن قوله صلى الله عليه وسلم (من سن سنه حسنه ) لا يمكن حمله على الاختراع و الأحداث والابتداء عن غير أصل مشروع معتبر لأن كون العمل حسنا أو سيئا قبيحا لا يعرف إلا من جهة الشرع
العقل يدرك حسن شيء وقبحه ولكن لا ستلزم حكما في فعل العبد بل يجعل الفعل صالح لاستحقاق الأمر والنهي من الحكيم الذي لا يأمر بنقيض ما أدرك العقل حسنه ولكن أدراك العقل حسن الشيء لا يلزم منه حكما بالوجوب أو الاستحباب بل الحكم من خطاب الشارع فلو لم يرسل الله الرسل لم يكن هنالك نهي و لاعقاب
و باختصار مذهب أهل السنة وجماعه مذهب متوسط بين الأشاعره الذين يقولن بأن العقل لا يدرك الحسن والقبح ولكن الحسن ما حسنه الشارع والقبيح ما قبحه و المعتزلة الذين يقولون بأن الحسن والقبح عقلي لا يتوقف معرفته وأخذه عن دليل سمعي
فمذهبهم هو بأن حسن الشيء وقبحه وما يترتب عليه من ذلك من الثواب والعقاب يأتي كل ذلك من قبل الشرع والعقل يدرك الحسن والقبح
خامسا :
1-حديث واصبة بن معبد - رضي الله عنه - قال جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله عن البر والإثم فقال : ((جئت تسأل عن البر والإثم ))؟ فقلت : والذي بعثك بالحق ما جئتك أسألك غيره فقال : (البر ما نشرح له الصدر والإثم ما حاك في صدرك و أن أفاك الناس ) وفي لفظ : ( استفت نفسك البر ما اطمأن إليه القلب و اطمأنت إليه النفس و الإثم ما حاك في قلبك وتردد في الصدر , وأن أفتاك الناس )
2-وبمعنى حديث واصبه حديث أبي ثعلبه الخشني . قال (قلت يا رسول الله أخبرني بما يحل لي وما يحرم علي , قل : فصعد النبي صلى الله عليه وسلم وصوب في النظر فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب و الإثم ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئن إيه القلب وأن أفتاك المفتون
3- عن أبي أمامه الباهلي قال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لأثم ؟ قال : ( إذا حاك في نفسك شيء فدعه , قال : فما الإيمان ؟ : قال : إذا ساءتك سيئتك وسرتك حسنتك فأنت مؤمن )
4- وبمعنى ما مضى : عن النواس بن سمعان قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم ؟ فقال : البر حسن الخلق و الإثم ما حاك في صدرك و كرهت أن يطلع عليه الناس
فيقول محسن البدعة :
أن المقصود من هذه الأحاديث هو الرجوع في الأمور الحادثة في الدين إلى ما يقع في بالقلب و يهجس في النفس فإذا اطمأنت إليه النفس ولم تجد حرجا فهوا صحيح حسن يصلح قربه لأنه بر يجازي الله عليه
وللرد على هذه الشبه ينبغي توضيح معنى الإلهام وكذلك متى يصح استفتاء القلب و سأذكرها بإيجاز شديد
أولا : الإلهام : هوا ما يلقى في روع الإنسان من علم أو عمل أو إرادة . وقد يسمى العلم اللدني . وتنقسم إلى قسمين :
الإلهام الرحماني ويكون ثمرة العبودية والمتابعة والصدق مع الله والإخلاص له مثاله ما يقع في القلب من باب الترجيح بين الأدلة المتكافئة أو النظر في مناط الحكم أو عند الاشتباه بين الحلال والحرام
وإلهام شيطاني ويكون ثمرة للأعراض عن الوحي وتحكيم الهوى والشيطان وما تشهيه الأنفس مثاله ما يقع في القلب من علم وأراده مضادا للشريعة با لابتداع وللكتاب والسنه بالإدراك و الإحداث
وجامع القول في باب الإلهام الذي يحتج به محسني البدع ويستدلون عليه مايلي
1- الإلهام والكشف منه ما هوا حق وصواب ومنه ما هوا باطل وضلال
2- الإلهام الحق هو الذي توفرت في وفي صاحبه هذه الأمور:
أ - الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله ظاهرا وباطنا و كمال الانقياد لها والتحلي بالتقوى و الإخلاص و المتابعة
ب - أن يكون تابعا لحكم شرعي ولدليل من الوحي لا مستئنفا لحكم من عنده أي أنه ليس بدليل منفصل ولا مستقل
ج-أن يكون موافقا للكتاب و السنة وغير متعارض معهما لأنه لو كان يأتي الإنسان من الله مالا يحتاج عرضه على الكتاب والسنة لكان مستغنيا عن الرسول في بعض دينه وهذا كفر
3- الإلهام والتحديث والكشف الواقعة للمؤمن التقي المتبع للسنة منه ما هو خطأ ومنه ما هو صواب والسنة تميز صوابه من خطئه
4-الأصل في رد الأحكام و الفتيا في الأعمال والأخبار إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما عدا ذلك من اجتهاد أو نظر أو إلهام فهو تابع في منزلته وحكمه للنقل لأنه هو حجة الله على خلقه
4- الإلهام الحق لا يقع في كل شيء بل هو واقع في حيز الأمور التي يصح استفتاء القلب
ثانيا متى يصح استفتاء القلب : ولا بد قبل أن نتكلم في هذا الموضوع أن نذكر بعض الأصول ومنها
1- لا يوجد أمر من أمور دين إلا وقد بينه الشارع كما قال تعالى : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) وهذا الأصل لا ينكره إلا زائغ هالك
2- ينبني على هذا الأصل أن المرجع في الأمور كلها كتاب الله وسنة نبيه فمنها التشريع وإليها التحاكم كما قال تعالى :
(وأنزلنا إليك الكتب بالحق مصدقا لما بين يديه ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله و لا تتبع أهوآءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا شرعة ومنهاجا -إلى قوله-وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوآءهم ةاحذرهم أن يفتنوك عن بعض مآ أنزل الله إليك …)
وقد حظر على نبيه -صلى الله عليه وسلم-العمل والحكم بغير الوحي فقال عز وجل (إنآ أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بمآ أرك الله ) (فأمره بالحكم بما أراه لا بما رآه هو أو حدثته به نفسه فغيره من البشر أولى أن يكون ذلك محظورا عليه ) وهذا أصل ثاني
فعند النظر إلى حديث ((استفت نفسك )) و ((استفت قلبك )) وما في معناها فأنه يجب إلحاقها بالأصلين السابقين فمتى ظن أحدهم أن استفتاء القلب بأيجاد حكم مستقل عن الدليل الشرعي فقد ضل ضلالا بعيدا
وأخير لأقامت الحجه فأن واردات القلوب من إلهام وكشف وتحديث ونحو ذلك تدخل عند العلماء في الأمور التالية :
ا- عند الاشتباه في الأمر هل هو بر أو إثم حلال أو حرام …والبدعة ليست من المشتبه بل هي واضحة الحكم في قوله -صلى الله عليه وسلم -: (كل بدعة ضلالة ) وقوله : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )
ب-عند الترجيح بين الأدلة الشرعية المتكافئة عند من هوا أهل للنظر والتجريح علم و إخلاصا واتباعا وليست البدعة من هذا الباب حتى يستفتى القلب فيها بل هي داخلة تحت الأدلة الشرعية المحكمة الدالة كلها على أن كل ابتداع شر وفساد
ج - الترجيح بين المباحات من الملك والمال وغير ذلك إذا تعذر الترجيح بسبب شرعي معلوم وكذلك الحكم في فضول المباحات فأنه قد يرجع فيها إلى استفتاء القلب واعتبار ما يلهمه الله به
د-النظر في دليل حكم مسألة لا بد أن يكون من الكتاب والسنة أما النظر في مناط الحكم فأنه لا يلزم أن يكون المناط ثابتا بدليل شرعي ومثال ذلك : إذا سأل العامي عن الفعل الذي ليس من جنس الصلاة أذل فعله هل يبطله فقال له العالم إذا كان الفعل يسير لم تبطل وأن كان كثيرا بطلت كان ذلك كاف في أن ينظر العامي في الفعل الذي هو مناط الحكم فيميز بين اليسير والكثير
بمعنى أصح هنالك فرق بين دليل الحكم ومناط الحكم يمكن أن يطلق عليه من وجه آخر الأحكام الكليه والأحكام المعينات
فالشارع بين الأحكام الكلية ولم يبين المعينات التي تسمى تنقيح المناط مثل كون الشخص المعين عدلا أو فاسقا أو مؤمنا أو منافقا أو وليا لله أو عدو له فقد يلهم الله بعض عباده حال هذا المال وحال صاحبه
وهذا المعنى لا ينطبق على المحدثات بوجه من الوجوه لأن أدلتها العامة الكليه من أو ضح الواضحات في دين الله
وأخير على كل ما سبق البدعه لا تدخل في الأمور التي يستفتى فيها القلب لكونها بينة الحرمة والقبح غير مشتبه ولكون أدلتها ناصة على ذلك ولكونها من المنكر و الأثم الذي لا تخفى أدلته السمعيه على أحد وليست من المباحات حتى ينظر فيها بمسبار الحرج القلبي وليست من أبواب تنقيح المناط
وسنستكمل بقية القسم الأول -أقوال الصاحبة و التابعين وكذلك القسم الثاني والثالث - أقوال السلف و الشبه من ناحية الذوق والنظر - في موضوع آخر
و أحب أن أبين أن جميع الردود على هذه الشبه للشيخ سعيد بن ناصر الغامدي في كتاب (حقيقة البدعة وأحكامها )
طباعة مكتبة الرشد للنشر والتوزيع الرياض
وانصح جميع أخواني باقتناء هذا الكتاب الذي ندر أن يجود الزمان بمثله
وفي نهاية الحديث من كان لديه حجه فليأتنا بها وصدرنا رحب لكل أخ ومن كان لديه بعض الكلام الفارغ و الكلام السوقي فليعلم من الآن أني لن أرد عليه

محبكم في الله موسى بن أبي غسان



علاء الدين الجواهري 02-11-2000 08:29 PM

الأخ موسى بن غسان
لقد اختفى الموضوع والله أعلم كيف وبدأت أبحث عنه في المحفوظات وتعبت في البحث عن كلامك وكلامي لمتابعة الموضوع وها هو بحروفه:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني قبل أي شيئ اعتذر عن تأخري في الرد
وعلى كلا جةابي يا أخ أبو العلاء الجوهري
أن الأجماع من الأصول المعمول بها ومن ينكرها ويخرقها بسبب هوى أو تعصب فأنه أنحرف
عن منهج السلف
أخي الجوهري وجميع الأخوة أناجاهز للمناقشة
ولنبدء في الحديث الأول
(كل بدعه ضلاله)
وأرجوا أن تعذرون أذا تأخرت في الأجابه لأن لدي بعض الأمور وأعدكم يا أخوة أن أرد
على كل ما تكتبوه و كما أرجوا أن يشارك معي من جهابذة الخيمه كالدكتور وأبو الفداء
وأبو دلال والكايد وغيرهم الذين لم يسعني أن أتذكر أسمائهم
وليكن نقشنا نقاشا علميا
ووقبل أن أنهي كلامي أشكرك أخي دكتور لهذه التوضيحات
وجزاك الله ألف خير
----------------------------

ثم قمت أنا بالرد التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل المخلوقين
محمد صلى الله عليه وسلم

الأخ موسى بن غسان, ليس في عرف الفقهاء أن يتدخل أحد في المناظرة بل الكل يستمعون
أما إذا دخل أكثر من واحد فهذا يسبب تشعبا وهذا مرفوض في المناظرات قطعا, عندما ننتهي أنا وأنت من حسم مسألة البدعة ننتقل إلى من شاء من الإخوان الذين يريدون أن
يتكلم أحدهم بأي مسألة.

لهذا فتدخل أحد سواك مرفوض سواء أكان ممن يرى قولي أو قولك وأنا أطلب من كل الإخوان الذين يرون ما أنا مقلد فيه الأئمة أن لا يتدخلوا بل أرجو أن يقفوا متفرجين, وشكرا سلفا.

أخ موسى, طبعا الإجماع هو ثالث الأدلة التي لا يجوز عليها الخطأ وكما قلت أنت فالإجماع معصوم بنص الأحاديث المتواترة أيضا كقوله صلى الله عليه وسلم: لا تجتمع أمتي على ضلالة. فهذا الحديث متواتر بالمعنى كما نص عليه أئمة كبار من الحفاظ.

قال الإمام السيوطي في كتاب الأمر بالإتباع والنهي عن الإبتداع ص 12:
والحوادث - أي البدع - تنقسم إلى بدعة مستحسنة وإلى بدعة مستقبحة, فالبدعة المستحسنة " متفق " على جواز فعلها والاستحباب لها رجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها وهي كل مبتدع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشىء ولا يلزم من فعله محظور شرعي.إنتهى

ونقل الإجماع من إمام مجتهد كالإمام جلال الدين السيوطي رضي الله عنه أكبر دليل على تخصيص الحديث لأنه يستحيل أن يكون عاما والإجماع على خلافه بل إن حصل فهو دليل كما تقرر في الأصول عند المعتبرين الجهابذة أن الإجماع على خلاف حديث دليل على أن فيه شيئا منع من العمل به لأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم معصوم من الخطأ, وطبعا لا
يقال بأن الحديث غير معمول به بل هو معمول به ولكنه خاص كما أن قوله تعالى: الزاني والزانية فاجلدوا (كل) واحد منهما مائة جلدة. فهذا خاص بمن لم يكن محصنا لأن المحصن يرجم ولا يجلد. فكما أن قوله تعالى (كل واحد) خاص مع أن لفظه عام فكذلك الحديث خاص مع أن لفظه عام.

ولن أطيل الآن بل نأتي إلى شراح الحديث المتقدمين لاحقا.

قال شرف الدين العمريطي رضي الله عنه في نظم الورقات:
فكل إجماع فحجة على .... من بَعدَه في كل عصر أقبلا


موسى ابن غسان 07-11-2000 07:34 AM

السلام عليكم ورحمة الله
أخي جوهري
أرجوا أن تجيب على حججي قبل أن أجيبك على حجتك
فالقد ذكرت خمسة نقاظ أرجوا الرد عليها
وعلم أني ما أردت من مشاركت الأخوة التهرب
ولكني أردت أن تعم الفائده
والسلام

علاء الدين الجواهري 17-11-2000 08:09 PM

الأخ موسى أرجو أن لا يضايقك ما سأقوله لك الآن:
أولا أنت تعلم أني وبعض الإخوان كتبنا في إبطال شبه محرمي البدع ما يكفي لأن يكون في مجلدات لو جمع وأن كل مرة تنتهي بتهرب الخصم - حسب تعريفه في أصول المناظرة - أو تطاوله أو رده للدليل الذي لا يدخله الشك بكلام هو بنفسه ليس مقتنعا به. وارجع إلى الصفحات الماضية وأنت خبير بهذا لأنك كنت هنا في تلك الفترة.

ثانيا - ولا تتضايق - لو كنت تلقيت أصول الفقه ممن هو معتبر خبير بها لعلمت أن الإجماع معصوم من الخطأ وأن كل دليل أو آية على خلافها الإجماع فالإجماع دليل على النسخ أو ترك العمل لعلة من الموانع وأنه دليل قطعي ولا يرد بأخبار الآحاد أو ما ليس قطعيا وأنه وإن عارضه من حيث الظاهر فقط دليل فذلك جزما مصروف عن ظاهره.

أنا أستطيع وبسهولة نسخ ما كنت كتبته من قبل لرد هذه النقط الخمس بل وأكثر لكن أنا أريد أن يرى الناس ما يجري.

لو كنت تريد أن تعم الفائدة بطلبك من غيرك أن يتدخل وهذا غير مقبول وخصوصا وأنك أنت من طلبني للإجابة عليها, لما طلبت مني وحدي أن أجيبك على مقالك هذا أم نسيت؟

أشكر كل منصف, الجواهري

أبو دلال 18-11-2000 03:27 AM

أبو دلال أنت ممنوع من الكلام هنا في الخيمة في موضوع نداء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بعد انتقالهم بسبب ما قمت به من طعن وتجهيل لمالك الداري وإصرار على هذا الأمر وهو حرام فتوقف

الفاروق

موسى ابن غسان 19-11-2000 12:25 PM

يا أخ الجوهري
لا أقول إلى كما قال الشاعر
أذّا جاريت في خلق دنئء
فأنت ومن تجاريه سواء
لن أستخدم أسلوبك في رد عليك
ولكن أذا تمعنت يا جبل لرأيت أنك أنت الذي تتهرب
أجب عن حججي
أو أن حججي لا تناسب مقامك
أن من أًصول المحاوره أفحام الخصم لا الأستهزاء به
فاأما أن تفحمني أو أصمت
فالصمت في بعض الأحيان فضيله
وأخيرا كل ماكتبته من حجج في موضوعك الذي يهاجم المنجد
رددت عليها في هذا الموضوع ولكنك لم تقراء
أأسف أن أضيع وقتي مع أنسان
هذا أسلوبه
والسلام

(الأخ موسى بن غسان أرجو منك أن تتلكم بأدب فإن الرجل لم يسئ إليك, الفاروق)
--------------------------------------
هو دعاك للمناظرة بعدما قرأ كلامك ولو أراد أن يناقش كلامك لبادر لكنه طلبك لمناقشة الأمر نقطة نقطة أمام الناس وكلامه كان واضحا منذ البداية وهو موافق لأصول المناظرة لكنك بعد قبولك المناظرة غبت ثم طلبت منه أن يبطل حججك وهذا خلاف ما وافقت عليه أولا وهذا الأمر واضح للناس فالكل رأى هذا الكلام, الفاروق)

طالب 20-11-2000 03:01 AM

عذروني الإخوة الكرام على المداخلة :
في بادئ الأمر احبينا الصدر الرحب المناظرين و لكن
كلمة عتاب للسيد موسى حيث انه تخطى حدود الأدب و لا
افهم ما غيره هكذا !!!
ان الجواهري نسخ الموضوع و كنا في انتظار البقية و
كان دور موسى , كان عليك يا اخ موسى ان تتابع المناظرة من حيث وقفت و بما ان الجواهري نسخ ما كان
قد كتب اذا من اداب المناظرة ان تتم من حيث انقطعت.

اخ موسى ارجو منك أن تشرح أكثر موضوع مناط الحكم وما قلته من كلام حول الموضوع !!!
فانا و كثير من القرآء ليس لنا احاطة بهذا !!!

ارجو ان تتقبلوا مني هذه المقالة

موسى بن أبي غسان 22-11-2000 12:41 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي المراقب
أن سبب غيابي هو أني كنت أمر بظروف أمتحنات
فأنا طالب جامعي
وأرجوا أن يكون هذا عذرا وقد بينت أني قد أغيب
ثانيا: الأخ الجوهري هوا الذي يتهرب
لقد نهوت في نهاية الموضوع أن الموضوع لم ينته
فالقد بقي هناك الردود على من قال بلأجماع
ومن ناحية الذوق والقياس
ولقد طلب مني الجوهري أن لا أكمل الموضوع حتى نتناقش
في ما أتى من الأحاديث فوافقت
وللعلم
جميع الردود
هي على ماكتبه في مواضيعه السابقه والتي لم يذكرها
لذلك خصصته
ومن أصول المحاوره أفحام الخصم قبل أن يأتي بالحجج أخرى
رددت على ماقال فلما لا يدافع ويكتفي بالهجوم
و أنأ لم أقل أدبي كل ماقلت أأسف أن أضيع وقتي مع أنسان هذا
أسلوبه
يهاجم فقط لا يقتنع إلى برأيه
يهاجم بعض العلماء الأجلاء
كالشيخ المنجد ويصفه بقلة العلم
فمن قليل الأدب
أنا هوا والسلام

علاء الدين الجواهري 22-11-2000 07:17 PM

أخ موسى أنت تقول بأني أتهرب وهذا غير صحيح كلامك ما زال موجودا هنا أنت وافقت على أمر واحد وهو أن نتكلم علانية عن كل نقطة بالتفصيل.

قلت لك وأعيدها لقد أشبعنا الموضوع ذكرا وكلامك ليس فيه إلا ترديد لصدى من سبقك

ليس كل من يعترض يلتفت إليه فانظر في عبارتك التي تقول فيها:
نص صحيح ولكن ليس فيه دلاله على ما ذهبوا إليه
ومن هذه الأدلة :
أولا :
قوله صلى الله عليه وسلم (( كل بدعه ضلاله ))
وقد تأول بعض محسني البدعة من هذا الدليل أن هناك بدعه حسنه وبدعه سيئه بزعم أن كل من لفظ العموم التي يمكن تخصيصها .انتهى كلامك

كيف تريد مني أن أرد على هذا الكلام وهو غير مفهوم فكيف فهمت بأننا اتخذنا الدليل على وجود البدعة الحسنة من حديث (كل بدعة ضلالة) ؟؟؟

أنا والله لا أدري كيف وصلت إلى هذا الاستنتاج وإلى هذه العبارة فإنها كيفما قلبناها لا تستقيم.

ثانيا قولك: إجماع السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان على ذم البدع صغيرها وكبيرها وتقبيحها والنهي عن مجالستهم وهذا دليل على أن جميع البدع ضلاله و قبيحة.

هات بين لنا دليل الإجماع مع العلم بأن الإمام السيوطي المجتهد نقل الإجماع على خلاف هذا فإما أن يكون الإمام جلال الدين السيوطي ادّعى دعوى فارغة لا أساس لها – وهو أعظم من هذا فمن عرفه فقد عرفه – وإما أن يكون كلامك دعوى فارغة لا أساس لها.

وإلى هنا بانتظار ردك لنكمل بقية المناظرة
قال الله تعالى: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.


موسى ابن غسان 24-11-2000 02:56 PM

- الأدلة الشرعية جاءت مطلقه عامه في ذم البدع جميعها ولم يقع فيها استثناء أبدا ولم يأت في الشريعة أن كل بدعه ضلاله إلى كذا وكذا ومما ثبت من الأصول العلمية أن كل قاعدة كليه أو دليل شرعي كلي إذا لم يقترن بها تقييد أو تخصيص فأن ذلك دليل على بقاء القاعدة قال ابن تيميه : ( أن المحافظة على عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( كل بدعه ضلاله )) متعين وأنه يجب العمل بعمومة ))
هل فهمتها الآن يا جوهري لم أقصد على أنكم أستنتجتم منها
وجود البدعه الحسنه ولكنها رد على أن كل بدعه ضلاله وليس هنالك بدعه حسنه

و أما التي استنتجت بها على تقسيم البدعه
من حديث الرسول من سن سنة حسنه ....)
فرد موجود وأرجوا أن تقرأ الرد
وأمهلني أسبوع لآتيك بتكملة الموضوع
و سأتكلم بشكل موسع وأرجوا أن تكون جاهزا
والسلام

أشعري 24-11-2000 11:01 PM

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،

السلام على من اتبع الهدى،

منذ مدة وأنا أراقب هذا الموضوع من غير أن أتدخل رغم أنني شاركت في هذا الموضوع سابقاً، ولكنني أردت توضيح نقطة:
نعم حديث "كل بدعة ضلالة"، لفظه عام، ولكن ورد نص آخر خصصه وهل يشترط ويتحتم في علم اأصول أن يكون النص المخصِص وارد ضمن النص العام؟
النص المخصص هو حديث "من سن في الإسلام سنة حسنة ..."، وحديث "ما ليس عليه أمرنا فهو رد"، ولست أنا من استنتج أن هذه النصوص مخصصة لحديث "كل بدعة ضلالة" بل هو الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم عندما شرح حديث "من سن في الإسلام..."، ومما يدل على أن الصحابة قد فهموا تخصيص هذا الحديث هو قول عمر الفاروق رضي اله عنه: "نعمت البدعة تلك"، وقد استنتج الحافظ ابن حجر من هذا الأثر أن البدعة منها ما هو ضلالة ومنها ما هو حسن كما سطّر ذلك في الفتح، وهذا الكلام كنا قد قلناه في موضوع "المقالات الذهبية" في هذه الخيمة، ولكننا نضطر لإعادته بناء على إلحاح موسى بن غسان وحرصا على سد الباب الذي يتمسك به وهو عموم لفظ حديث "كل بدعة ضلالة".

وأدل ما يدل على أن العلماء فهموا أن حديث "كل بدعة ضلالة" ليس على عمومه هو قول الشافعي أن المحدثة على ضربان، محدثة هدى ومحدثة ضلالة، كما روى ذلك عنه البيهقي في "مناقب الشافعي"، وقد سار على ذلك علماء الشافعية والمالكية والحنابلة والحنفية، وقد ذكرنا في موضوع البدعة السابق من كل مذهب علم من أعلامه نص على تقسيم البدعة، وقد تفضل الأخ الجواهري مشكورا بنقل كلام السيوطي أن العلماء اتفقوا على جواز فعل البدعة الحسن، وفي هذا الإجماع القطعي دلالة على وهن التأويلات الظنية في هذه المسالة، والحمد لله نحن نعتمد في كلامنا على فهم العلماء للنصوص ونود لو فعل موسى بن غسان ذلك، وليته ينقل لنا أين هو الإجماع من الصحابة والتابعين على ذم البدع؟ إلا أن يكون المراد هو البدع السيئة، ومع ذلك فنحن نطالب بتوثيق هذا الإجماع الذي قاله موسى بن غسان.

هذا ما أردت توضيحه وأطلب من موسى بن غسان أن يتحرى الدقة في كلامه لأن الحمل على القائلين بتقسيم البدعة ووجود بدعة حسنة هو حمل على كبار الصحابة الذين منهم عمر وابن عمر وعلى كبار علماء المسلمين الذين منهم الشافعي والقفال الشاشي والعز بن عبد السلام والحافظ والسيوطي وغيرهم، هؤلاء الذين ذكرتهم كانوا يقولون بوجود البدعة الحسنة.

والله من وراء القصد.

علاء الدين الجواهري 24-11-2000 11:56 PM

يا أخ موسى
قبل أن تكمل كلامك أظهر لنا صدق دعواك في نقلك الإجماع من الصحابة والتابعين على إنكار البدع

بانتظار إظهار صدق دعواك فليست العبرة بكتابة المجلدات بل العبرة بموافقة الحق

قال الله تعالى: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)

الجواهري

علاء الدين الجواهري 26-11-2000 10:13 PM

يبدو أنك يا موسى ما زلت مصرا على أن كل من ألفاظ العموم التي لا تخصص وسأبـين لك كيف أن كلمة " كل " من ألفاظ العموم ولا يجوز تركها على عمومها هنا حتى لا يتـناقض الشرع ويكذب الرسول والصحابة للأدلة التالية:
1- قوله صلى الله عليه وسلم: من " أحدث " في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. أي مردود عليه. فانظر في قوله عليه الصلاة والسلام: من أحدث وما معنى أحدث إلا فعل ما لم يسبق إليه وإلا فهو مقتد بمن قبله سواء في الخير أو الشر.

2- ما ثبت عن الصحابة كسيدنا ابن عمر بأسانيد صحيحة أنه قال عن صلاة الضحى جماعة: بدعة ونعمت البدعة وفي لفظ: وما " أحدث " الناس شيئا أحب إلي منها. فها هم الصحابة أحدثوا بدعة حسنة فمن الصادق الآن؟

3- - روى الخطيب البغدادي أنه صلى الله عليه وسلم قال: جعلت لي الأرض " كلها " مسجدا وتربتها طهورا. مع أننا نعلم أن الأماكن النجسة لا تصلح للصلاة فها هي الشريعة تحكم بخلاف دعواك وتعين حمل لفظة " كل " على الغالب هنا أيضا والحمد لله.
4- - لا يجوز حمل لفظة كل على العموم هنا لأنها لا تدل حقيقة على العموم لما ثبت أن صحابـيا لما قال عليه الصلاة والسلام سمع الله لمن حمده قال: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مبارك فيه. فقال عليه الصلاة والسلام: من المتكلم؟ قال أنا, قال:لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول. رواه البخاري وغيره وزاد بعضهم: مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى.

فهذا الصحابي قد أحدث ذكرا جديدا لم يأخذه من رسول الله عليه الصلاة والسلام فهل قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: كيف تزيد على الذكر الذي أعلمه للناس؟ أم مدحه على ابتداعه هذا الذكر؟

5- " كل " لا تعني دائما العموم بل يراد بها الغالب كقوله صلى الله عليه وسلم: كل عين ٍ زانية. رواه الترمذي عن أبي موسى الأشعري وقال حديث حسن صحيح
فلا يجوز حمل كل هنا على العموم لخروج الأنبياء ضرورة وكذلك من عصمه الله وأنبه هنا إلى أنك مازلت تشهد على نفسك بعدم تعلقك بشىء من أصول الشريعة فسلمها طويل لا يدركه من وقف على الظواهر فقط فتنبه

ثم أين تذهب بقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة: من عمل عملا " ليس عليه أمرنا " فهو رد.

ومن الواضح جدا أنك لا تريد الحق بل تريد فقط الإنـتصار لما تعتقده أنـت وتراه صوابا, وتأتي بكلام من تدعي بأنه أكثر وأوسع علما من النووي ومن القرطبي والملا علي القاري وذلك الجم الغـفير من العلماء لا بل وصل الأمر إلى تجهيل الإمام الشافعي الذي قال عنه الإمام أحمد: الشافعي كالشمس للناس وكالعافية للبدن. والذي قال عنه الحافظ الذهبي: كان فرد زمانه في فقه الحديث.
فالإمام الشافعي روى هذا الحديث ثم قال: المحدثات من الأمور ضربان بدعة هدى وهي ما وافقت الشرع وبدعة ضلالة وهي ما لم توافقه. ونقله ابن تيمية وأقره وقال رواه البيهقي في المدخل بإسناد صحيح. 

ونعود إلى مسألة (كل) وبيان عدم صحة ما تدعيه وهاك أقوال الجبال في الأصول:
قال الإمام الكبير أحد كبار أصحاب الوجوه في المذهب المالكي أبو الوليد الباجي الذي هو نار على علم في كتابه المشهور إحكام الفصول في أحكام الأصول ص 235:مسألة: إذا ثبت ذلك فهذه الألفاظ موضوعة للعموم, فإذا وردت وجب حملها على عمومها " إلا ما خصه الدليل " هذا قول جمهور أصحابنا كالقاضي أبي محمد والقاضي أبي الحسن والشيخ أبي تمام وغيرهم, (وهو مذهب عامة الفقهاء وهو قول مالك رحمه الله, وقد صرح الشيخ أبو بكر بن فورك بالقول بالعموم: فقال في أصول الفقه: (إذا ورد اللفظ تؤمـِّـل وطلبت أدلة الخصوص فإن عدمت حمل على العموم) إنتهى

فما تقول في هذا التقرير يا موسى ؟؟؟؟؟؟ أرأيت كيف خرجت عن مذهب عامة العلماء؟ إنا لله وإنا إليه راجعون

وكان يكفيك قول الإمام النووي عن الحديث: بأنه عام مخصوص والمراد به غالب البدع. ولم يرده أي عالم " معتبر "
يكفي تفصيل الإمام المجتهد عزالدين بن عبد السلام وكلامه مخصص للحديث لأنه لم يغب عن ذهنه يقينا, فمن أحق أن يتبع؟

ماذا تقول في هذا الحديث الذي رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل. رواه الإمام مسلم وغيره.

النبي عليه الصلاة والسلام يحكم بافترائك لأنه:
1- قال بأنها أصدق كلمة
2- لفظ عام يهدم كلامك: وتكون نصا في كل فرد دلت عليه تلك النكرة مفردا كان او تثنية او جمعا ويكون مع الاستغراق للجزئيات بمعنى ان الحكم ثابت لكل جزء من جزئيات النكرة.

فهي هنا دخلت على نكرة فمن أصدق أنت أم الرسول صلى الله عليه وسلم

3- لفظ عام لكنه مخصوص بدليل أنه ليس كل شىء ما خلا الله باطلا. وقد بين أهل اللغة في كتبهم أنه ليس المراد بكل شىء الجنة والنار وما أشبه ذلك.

4- إقرار النبي عليه الصلاة والسلام لقوله مع علمه بأن المراد به الخصوص ليس العموم.
فما أكثر مخالفاتك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليتك تنتصح

أما بالنسبة للتحسين والتقبيح العقليين فأنصحك أن لا تنسخ دون إدراك المدلولات فإن مذهب أهل السنة هو أن الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع أما تحسين العقل فلا يجوز لأن العقول مختلفة فينشأ منها ما لا نحصيه من الأحكام

ولو كان التحسين العقلي معتبرا لكان من لم يسمع بالبعثة المحمدية كافرا لأن العقل يحكم بوجود خالق لهذا العالم والله تعالى يقول: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا. فتبين أن التحسين هو الشرعي لتوقف الكل عليه, نعم العقل يحكم ببعض أصول الدين ولكن لا يشاركها في التحسين ولا أدري مذهب من من الفرق هذا الذي أتيت به

أين مرجع الإجماع الذي نقلت عنه أن الصحابة والتابعين أنكروا كل البدع؟

قال تعالى قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين


علاء الدين الجواهري 26-11-2000 10:19 PM

بقي علي أن أنبهك على أمر قلته في أول كلامك وهو:
((ولقد وصفت الذين حسنوا البدع بالمحسنين ولم أصفهم بالمبتدعة مراعاة لشعورهم ولعدم جرحهم ولعدم رغبتي في استفزازهم )

هل تعني أنك لم ترد أن تصف الإمام الشافعي وغيره من المجتهدين بأنهم من المبتدعة؟ فهؤلاء قالوا بتحسين البدع فليتهم سلموا منك

ولعل الأمر يدعو الآن لتدخل المراقب

أشعري 27-11-2000 11:58 AM

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،

السلام على من اتبع اهدى،

بورك فيك أيها الجواهري، لقد أسهبت فأفهمت وأفحمت، وأرجو أن يكون كلامك المتقن هذا هو فصل الخطاب مع موسى بن غسان فيما ذهب إليه، وإن لم يكن فيبدو أننا سنعود لكتابة ما سطرناه سابقا في هذا الموضوع.

سؤال: كلمة "شيخ الإسلام" هل هي بدعة؟!

والله من وراء القصد.

طالب 27-11-2000 05:55 PM

اعرف انه غير لائق ان اتدخل و لكن عندي سوؤال قد سبق لي ان عرضته و لم يجبني احد :
هل تأشيرات السفر الى الحج بدعة\صد عن البيت\اما انه مشروع ؟

ارجو ان لا يسأء فهمي !

موسى ابن غسان 29-11-2000 01:02 PM

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
كنت قد وعدت الجوهري بالإجابة على سؤاليه
و ها أنا أفي بالوعد (((تنويه كل ماقاله الأشعري من حجج سأرد عليها بصدر رحب في إجماع العلماء ))))
و سأعيد أولا إجابة الشيء الذي لم يفهمه الجوهري ولم يعلم بما استدللت عليه ثم نتكلم عن مسألة الإجماع
وصدقني يا جوهري ستستقيم
فالقد سبق وذكرت قصدي من هذا الحديث
ولكني لم أذكر استنتاجكم منه لذا وجب أن أبينه ثم أرد عليه لكي تصبح مفهومه
فالقد بينتم أن لفظ كل من ألفاظ العموم التي يمكن تخصيصها وهي في الحديث مخصصه على البدعة السيئة فقط
واستدللتم ببعض الآيات القرآنية مثل الريح التي تدمر كل شيء
فسأرد مرة أخرى بأسلوب موسع
فنقول :لفظ كل من ألفاظ العموم وقد جزم أهل اللغة بأن فائدة هذا اللفظ هو رفع احتمال التخصيص إذا جاء مضافا إلى نكرة أو جاء للتأكيد ( انظر القواعد والفوائد الأصولية – لابن لحام 178 )
2- من أحكام لفظ كل عند أهل اللغة و الأصول أن كل لا تدخل إلا على ذي جزيئات و أجزاء ومدلولها في الموضعين الإحاطة بكل فرد من الجزيئات أو الأجزاء (انظر الإبهاج في شرح المناهج 2/94)
3- من أحكامها أيضا أنها إذا أضيفت إلى نكرة كقوله –تعالى – ((كل امرئ بما كسب رهين )) وقوله –( وكل شيء فعلوه في الزبر ) وقوله –(وكل أنسن ألزمنه طئره في عنقه ) –الهمزة تحت الكرسي – وقوله : (كل نفس ذائقة الموت ) وأخير قوله : (أن الله على كل شيء قدير ) فأنها تدل على العموم المستغرق لسائر الجزيئات وتكون نصا في كل فرد دلت عليه تلك النكرة مفردا كان أو تثنيه أو جمعا ويكون الاستغراق للجزيئات بمعنى أن الحكم ثابت لكل جزء من جزئيات النكرة و قد يكون مع ذلك الحكم على المجموع لازما له .
يا جوهري وكذلك أنت يا أشعري هل تستطيع أن تنكر هذه الحقائق الغوية التي قالها أئمة اللغة ؟؟
بالطبع لا و سألا أهل اللغة وانظرا إلى المراجع أن لم تصدقا
فنقول إذا طبقنا هذا الحكم الغوي الأصولي الذي أجمع عليه أئمة اللغة على حديث النبي : ( كل بدعة ضلالة )) نجد أن (كل ) أضيفت إلى نكره و هوا لفظ ((بدعة )) فينطبق عليها المعنى الذي قاله أهل الأصول وأهل اللغة وعليه لا يمكن أن تخرج أي بدعة عن وصف الضلال , وكل الواردة على لفظ بدعة هي نفسها الواردة على لفظ امرئ و شيء و إنسان و نفس في الآيات السابقة فهل تستطيع يا جوهري وغيرك ممن حسنوا البدعة أن هنالك فارق بين كل في الآيات وكل في الحديث
وهل تستطيع أن تقول بخروج شيء من عمومة قوله تعالى :
(أن الله على كل شيء قدير ) كما يقول بخروج البدعة الحسنة من الحديث
بالطبع لا وإلا ستكون كافرا كفر ردة
هل فهمت يا جوهري هل استقامت لك أرجوا الرد على ما قلت مباشرة دون تنصل وتهرب وتضييع الموضوع
سؤالك الثاني هوا عن الإجماع :
وقبل الأجابه أحب أن ابين أني لم أفهم قصدك في الأجماع أتريدها من ناحية المصلحة المرسلة والأستحسان
أم من أقوال الصحابة و العلماء
ولنجعلها من أقوال الصحابة و العلماء لأن المصلحة المرسلة لها موضوع منفصل سنتناقش فيه عندما ننتهي من مناقشة الأحاديث وأقوال الصحابة والعلماء
أخي أعتقد أننا سوف نخرج عن حوارنا في حديث المصطفى إلى الإجماع
لذا أرجو أن نرجع إلى الأحاديث فور انتهاء مناقشتنا في الإجماع لتتم المناظره
فنقول بعد حمد الله وصلات على رسول الله
أن أقوال الصحابة والعلماء الذين يحتج بهم المحسني للبدع
تنقسم لى قسمين : سأتكلم عن القسم الأول ثم نتناقش به ثم بعد ذلك ننتقل إلى القسم الآخر وعلى كلا لقد أتيت بحجج لبعض أئمة مذهب تحسين البدع ورددت عليها ومرجعي الوحيد هوا كتاب الله وسنة رسوله ثم كتاب حقيقة البدع وأحكامها للشيخ سعيد الغامدي ونفس هذه الحجج أستخدمتها لتبيان أجماع الصحابة بمعنى أصح أستخدمت دليلكم عليكم
أولا : أقوال الصحابه رضوان الله عليهم أجمعين
حيث ورد عن بعض الصحابة من وصف لبعض الأعمال بأنها بدعة من غير ذم لها :
1- كقول عمر ابن الخطاب عن صلاة التراويح جماعة : ( نعمت البدعه الحسنة ) رواه البخاري
2- قول غضيف بن الحارث الثمالي : بعث إلي عبد الملك بن مروان فقال : يا أبا أسماء إنا قد أجمعنا الناس على أمرين قال وما هما قال رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعة والقصص بعد الصبح والعصر فقال : ( أما إنهما أمثل بدعتكم عندي ولست مجيبا إلى شيئ منهما قال : لم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أحدث قوم بدعة إلى رفع مثلها من السنة فتمسك بالسنة خير من أحداث البدعة
3- عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال : صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقنت وصليت خلف عثمان فلم يقنت وصليت خلف علي فلم يقنت ثم قال يا بني إنها بدعه )
4- قول ابن عمر ا لما سأله مجاهد و عروة بن الزبير عن الناس الذين يصلون الضحى في المسجد قال : (بدعة )
وفي لفظ أنه قال : (لقد قتل عثمان و ما أحد يسبحها وما أحدث الناس شيء أحب إلي منها )
فأنتم تقولون أن ها هم الصحابة قد استحسنوا بعض البدع فوصفوا بعض المحدثات بأنها : نعمت البدعة و أنها من أمثل ما أحدث أو أحب ما أحدثه الناس وسكتوا عن النهي عن بعض البدع مكتفين بوصفها بأنها بدعة وهذا كاف في اعتبار أن بعض المحدثات كانت محبوبة ومستحسنة عند الصحابة وفي هذا دليل على أن عموم ((كل بدعة ضلالة )) مخصص عندهم إذا لو كان الأمر على إطلاقه لما صح وصف الصحابة لبعض البدع بالحسن أو نعتها بألفاظ التفضيل كنعم وأمثل وأحسن ونحوا ذلك مما يدل على أن وصف الضلالة إنما يخص البدع القبيحة والسيئة أما البدع لحسنة فمحمودة مثاب عليها
أخي الجوهري هذه الأحاديث هي التي أستدللتم منها على أجماع الصحابة إليس كذلك
سوف أنقضها واحدة واحدة بالدليل و البرهان لأبين لك أجماع الصحابة على عدم وجود بدعه حسنة وسيئه وكلها ضلالة
فنقول :
1- قول عمر رضي الله عنه نعمت البدعه هذه ينصرف إلى البدعة اللغوية لا الشرعية وذلك لأمور :
I- أن صلاة التراويح جماعة قد ثبت فعلها جماعه على أمام واحد في عهده صلى الله عليه وسلم فلا يمكن أن يسمي عمر هذه السنه الثابته بدعة إلا من الناحية اللغوية
II- أن صرف قول عمر إلى البدعه اللغوية هو الأولى بمنزلته رضي الله عنه فهل يعقل أن يرضى عمر بالبدعة في دين الله وقد تلقى مع غيره من الصحابة قول النبي : (كل بدعه ضلالة )
ج-أنه يرد في استعمال الصحابة بعض المصطلحات الشرعية بمعانيها الأصليه في لغة العرب كقول أبي ابن كعب للنبي صلى الله عليه وسلم : (أجعل لك صلاتي كلها قال : إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك )
و مراده بقوله صلاتي دعائي كما في رواية الأخرى للحديث (ألا أجعل دعائي لك كله )
و كقول عائشة رضي الله عنها : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من المهاجرين فجاء بعير فسجد له )
و المراد أنه طأطأ رأسه وانحنى ففي لسان العرب : (أٍسجد الرجل : طأطأ رأسه وانحنى وكذلك البعير
و السجود بالمعنى الشرعي : الجلوس على الأعضاء السبعة عبادة لله
وليس هذا هوا مراد أم المؤمنين في وصفها للبعير وأنما مرادها المعنى اللغوي و كذلك لفظ الصلاة أراد كعب المعنى اللغوي حيث قال ابن أثير في لسان العرب : (و قد تكرر في الحديث ذكر الصلاة و هي العبادة المخصوصة وأصلها الدعاء في اللغة )
1- و من هذا الباب قول عمر رضي الله عنه (نعمت البدعة هذه )أراد البدعة بالمعنى اللغوي وكان هذا المعنى معروفا في لغة العرب كما قال ابو لهب ( أن هذا يدعوكم إلى أن تفارقوا دين آبائكم وأن تسلخوا الات و العزى إلى ما جاء به من البدع ))
فما قصد به أبو لهب بكلمة بدع علما أن قريش أفصح العرب وكلام الجاهلين يستدل به
وقال شيخ الأسلام ابن تيمية
(…أكثر ما في هذا تسمية عمر تلك بدعة مع حسنها وهذه تسمية لغوية لا تسمية شرعيه و ذلك أن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداء من غير مثال سابق و أما البدعة الشرعية فما لم يدل عليه دليل شرعي –إلى أن قل – ثم ذلك العمل الذي دل عليه الكتاب و السنة ليس بدعه في الشريعة و أن سمي في اللغة فلفظ البدعة في اللغة أعم من لفظ البدعة في الشريعة وقد علم أن قول النبي صلى لله عليه وسلم : ( كل بدعه ضلالة ) لم يرد به كل عمل مبتدأ فأن الدين بل الأسلام بل كل ماجاء به الرسل فهوا عمل مبتدأ و أنما أراد ما ابتدئ من الأعمال التي لم يشرعها هوا )
وقال ابن رجب الحنبلي : (و أما ماوقع من كلام السلف من استحسان بعض البدع فأنما ذلك في البدع اللغويه لا الشرعيه )
ولو أفترضنا أن هذا الفعل من عمر ليس لديه دليل من السنة ولا يصح صرف قوله : (نعمت البدعة الحسنة ) إلى المعنى اللغوي
فأن فعله محل اقتداء لكونه من الخلفاء الراشدين الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم : (بالتزام سنتهم حيث قال : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ )
يا جوهري ضعف الطالب والمطلوب كلتا الحالتين ليس هنالك أي دلاله على أستحسان البدعة
حديث غضيف بن الحارث في رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعه والقصص بعد الصبح والعصر وقوله فيها :
(أما أنهما أمثل بدعتكم عندي ولست مجيبكم إلى شيء )
الحديث ضعيف والعلة أن فيه بن أبي مريم الغساني وهو ضعيف قال ذلك عنه أحمد وغيره وقد روي عن أبي بكر بن عبدالله بقية بن الوليد و هو مدلس وقد عنعن هذا الحديث
ولو أفترضنا صحته لكا دليل عليكم لا علينا
فالقد تبرأ من أجابة عبد الملك ووصفه هذا العمل بالبدعية ثم أردف قول النبي : (ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها سنة فتمسك بسنة خير من أحداث بدعة )
وليس هنالك دلاله على حسن البدعة
و أما قوله ( أنهما أمثل بدعتكم ) ليس فيه ثناء للبدعة و معناها الذي يتناسب مع لغة العرب وسياق الحديث أنه وصف هذا العمل بالبدعة التي تقرر جميع الصحبة ضلالتها و فسادها
أما لفظه ( أمثل ) فأنها تأتي في لغة العرب بعدة معان منها قولهم : (المريض اليوم أمثل أي أحسن حالا ومن حالة كانت قبلها ويقال هذا أمثل من هذا أي أفضل و أدنى خيرا )
و هذا المعنى يمكن أن يطلق على هذه البدعه
2- حديث أبي مالك الأشجعي عن أبيه في القنوت فقد أحتج به المحسن للبدع على أنه وصف القنوت في الصلاة بالبدعة و لم يزد
ولم يصف االبدعة بالضلالة أو الفساد أو نحو ذلك مما يشعر استقباحه للبدعة فسكوته عن وصف لبدعة يدل على عدم ذمه لها ثم أن القنوت في الصلاة أمر يقول به طائفة من أئمة الأسلام ويعمله طوائف من المسلمين قديما و حديثا …مع أنه عبادة محضة ولكنها لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا على عهد خلفائه الراشدين كما نص على ذلك حديث أبي مالك الأشجعي ثم مضى العمل بالقنوت بعد ذلك وقال به وعمله أئمة الدين وهذا يدل على أن الأمر إذا كان حسنا جاز العمل به و أن لم يكن له دليل ينص عليه
لمناقشة هذه الشبه ترد هذه الأمور :
الأول : أن هذا الأثر فيه دليل على ذم البدعة و حرص الصحابة على التحذير منها فهذا الصحابي الجليل لما رأى القنوت في صلاة الفجر في عصر بني أمية ولم يسبق له أن رأى ذلك في عهد النبي ولا خلفائه الراشدين حكم بأن هذا العمل بدعة وهذا دليل واضح أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقيسون العمل من حيث البدعية وعدمها على المأثور عن رسول الله وخلفائه الراشدين فما كان ثابتا عنهم فهوا سنة يقتدى بها وما لم يكن فهوا محدثة وبدعة
ثانيا القنوت يراد به شرعا عدة أمور
أحدها : إطالة القيام للقراءة وهذا الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : (أفضل الصلاة طول القنوت )
والثاني : قنوت الوتر وهو مشروع
والثالث : قنوت الفجر بعد القيام بعد الركوع الثاني وهوا على قسمين :
أ- قنوت عند النوازل وفي مشروعيته أحاديث كثيرة صحيحة
III- قنوت مطلق وهذا ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفائه ولعل هذا هوا الذي أراد به الصحابي طارق بن أشيم واعتبر بدعة محدثة وهذا التقسيم هوا الذي يوجه الأحاديث و الآثار الواردة في القنوت
وأطلب منكم أن تعطوني دليل واحد أن النبي كان يقنت دائما كل صلاة فجر
أخيرا أحاديث الضحى وقول ابن عمر رضي الله عنهما : (أنها بدعة وقوله ما أحدث الناس شيئا أحب إلي منها )
فنقول ليس هنالك أي مستمسك لمن أراد تحسين بعض البدع و دليل ذلك عدة أمور
أولا : ثبت بالأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ولم يداوم على ذلك وثبت الحث عليها
وأدلة مشروعية صلاة الضحى كثيرة منها : ما رواه مسلم وغيره عن عائشة (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله )
وغيرها من الأدلة
وإنكار ابن عمر على الذين يصلون الضحى وتسمية فعله بدعة يجاب عليه :
الجواب الأول : في قول الحافظ ابن حجر (ليس في أحاديث ابن عمر هذه ما يدفع مشروعية صلاة الضحى لأن نفيه محمول على عدم رؤيته ولا على عدم الوقوع في نفس الأمر )
أنظر (فتح الباري 353 وانظر المجموع شرح المذهب 4/40 وشرح النووي لمسلم 5/230 )
الجواب الثاني :
يحتمل أن الذي أنكره ابن عمر ليس صلاة الضحى و إنما كإظهارها في المساجد و الملازمة لها وصلاتها جماعة ونحو ذلك
ذكر هذا الجواب ابن حجر في الفتح 3/53 والنووي في شرح مسلم 8/237 وذكر معناه ابن القيم في الزاد أو أقول لا نذكر ابن القيم لأنه تلميذ ابن تيميه الغير معترف عندكم أيها الأشاعرة
فالنقتصر على الذين تعترفون بهم
الجواب الثالث :
لعل ابن عمر رضي الله عنهما يرى أن الصلاة الضحى تفعل من أجل سبب من الأسباب و أن الهدي النب صلى الله عليه وسلم في صلاة الضحى أنه يفعلها لسبب كقدومه من سفر أو فتحه لبلد أو زيارته لقوم وأما لغير سبب من هذه الأسباب فلم يثبت عنده فرأى ذلك بدعة وذلك اجتهاد منه رضي الله عنه
فعلى الجواب الأول : يحمل قوله على أنه اجتهاد منه في وصف هذا العمل المشروع بالبدعية وقد يصيب المجتهد ويخطئ
و أما الجواب الثاني والثالث فأن أعتبار التخصيص بصفة أو هيئة أو سبب من الأمور التي يرد فيها الأجتهاد أيضا فعلى اعتبار التخصيص هذا تكون البدعة أضافية اختلط العمل المشروع فيها بما ليس بمشروع فعلى اعتبار مشروعية العمل يحمل قوله : (ما أحدث الناس شيئا أحب إلي منهما ) وعلى اعتبار ما لحق من ترك لسبب او اتصاف بصفة كالصلاة أو في المسجد ونحوا ذلك يحمل قوله رضي الله عنهما حين سئل عن صلاة الضحى فقال بدعة
تم بحمد الله اثبات أجماع الصحابة رضوان الله عليهم
أما العلماء فهوا بالقسم الآخر
وقبل أن أتكلم فيه لابد أن نتناقش في موضوع أجماع الصحابة ثم ذكر أقوال العلماء كالشافعي و السيوطي والعز ابن عبد السلام
لكي نمشي خطوة خطوة ولا بد أن تعلموا أمورا خمسة :
الأولى : أن ظاهر كلام الشارع هو المعتبر والمعمول به والمعتمد عليه ما لم يوجد دليل يصرف اللفظ عن ظاهره ونصوص الشريعة الذامة للبدعة هي من هذا القبيل
الثاني : أن الخطاب الموجود في النصوص الشرعية على درجات أعلاها لا يحتاج إلى بيان و أدناها ما لا يعرف إلا ببيان يزيل أجماله و يكشف أبهامه باجتهاد ونحوه ونصوص الاعتصام بالسنة وترك كل بدعة من النوع الذي لا يحتاج إلى بيان لوضوح خطاب الشارع
الثالثة : أن الواجب على العلماء و المفتين الحكم بالظاهر من الأدلة وليس لهم أن يحدثوا أحكاما أو أقساما لا ترجع إلى كتاب و السنة أو الإجماع
الرابعة: قول أو فعل أو فهم أي أحد من البشر عدا النبي لا يصار إليه إذا كان مخالفا للنقل لأنه ليس لأحد حجه مع النبي صلى الله عليه وسلم فضلا عن أن يكون قوله المخالف للسنة حجة
الخامسة : من قول الشافعي في رسالة : قال فكل كلام كان عاما ظاهرا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهوا على ظهوره و عمومه حتى يعلم حديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي و أمي يدل على أنه أنما أريد بالجملة العامة في الظاهر بعض الجمل دون بعض ) (الرسالة 341 ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الباب لأنه لم يعلم حديث ثابت عن رسول الله أنه أراد بهذه الجملة العامة الظاهرة بعض البدع دون بعض بل نص قوله يدل على أن المراد عموم البدع بلا استثناء ولا تخصيص
هذه الخمسة ذكرتها لأن بعض الأخوه هداهم الله أقول لهم قال رسول الله كذا وكذا وحجتي على ذلك كيت وكيت
فيقول لي قال العالم كذا وكذا وهل كلامه فارغا
يا أخي نا قشني في حديث رسول الله أولا ثم نتكلم عن قول فلان وفلان
ولا بفسر من كلامي التهرب ولكن الأقول التي يحتج بها المحسن للعلماء تحتاج وقتا وجهدا بل موضوع خاص
وعلى كلا عند أنتهاء المناقشة عن أجماع الصحابة أعدكم أن أردفه بأجماع العلماء والرد على حججكم
و أنتم الذين طلبتم مني ذلك أليس كذلك يا جوهري
والله الموفق
والسلام

عمر مطر 29-11-2000 07:06 PM

أحببت أن أحيي الجميع على هذا الأسلوب الراقي من الحوار، والله يا إخوان إن هذا لحوار نفتخر به جميعا، فانظروا سعة صدور المتناظرين، وكيف أن كلا منهما يحترم الآخر.

بارك الله فيكما، وجعل نيتيكما خالصة لوجهه تعالى، خالصة من الرياء والمراء.

وأسأل الله أن تكون جميع حواراتنا من الآن وصاعدا بهذا الرقي، وبهذه العقلانية والموضوعية.

عمر مطر

الفاروق 29-11-2000 08:43 PM

الإخوة الكرام سأنقل ما ذكره الأخ ناصح من تخصيص لكلمة (كل) وهو كلام مفيد جدا جزاه الله خيرا على ما تفضل به وهو التالي ويظهر بوضوح تخصيص لفظة كل بما لا يدع مجالا للشك وهذا هو الموافق للأصول عند أهل اللغة وأهل الأصول أهل السنة والجماعة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العلي القدير، والصلاة والسلام على رسوله محمد البشير النذير.
وبعد: فقد أخبرني سيف الله الصقيل: ناصر الحق الإمام الجليل، الشيخ طارق بن محمد السعدي / الحسني بن الخليل، في جواب سؤالي له عن مخصص حديث ( كل بدعة ضلالة )، ما نصُّه: ((السـلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وطيباته.
وبعد: فإن الكلام المنقول نفخ في غير ضَرَم، واستِسْمَان لذي ورم؛ وذلك أن: لفظ ( كـل ): يُفيـد ما ذُكِر إن كـان مجرَّداً عن قرائـن الاسـتثناء. وبالتـالي: فإن الكلام المذكور ليس إلا لتكثير السـواد، وإلبـاس الحق بالباطل على العبـاد!!
ومن الأدلة على ذلك: أن الشارع أدخل على ( كل ) الاسـتثناء متَّصلاً ومنفصلاً:
قال الله تعالى: { رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ. تُدَمِّرُ كُلَّ شَـيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُـرَى إِلا مَسَـاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ }[ الأحقاف: 24-25 ]، فخصص عموم ( كل شيء ) ببعض الأشياء لا جميعها.
وكذا ما في صحيحي البخـاري ومسلم، مرفوعـاً: { كُلُّ أُمّتِي معافىً إلا المُجاهِرينَ .. }، وما رواه البخاري: { يَبْلَى كُـلُّ شَـيْءٍ مِنْ الإِنْسَـانِ إِلا عَجْبَ ذَنَبِـهِ فِيـهِ يُرَكَّبُ الْخَلْق }، والبزار: { سدوا كل خوخة في المسـجد غير خوخـة أبى بكر }، والطبراني في الكبير: { أوتيت مفاتيـح كل شـيء إلا الخمس: { إن الله عنده علــم السـاعة } الآيـة }، و{ كل بني آدم ينتمون إلى عصبة، إلا ولد فاطمة فأنـا وليهم، وأنا عصبتهم }، وأبو داود والحـاكم والبيهقي: { التؤدة في كل شـيء خير، إلا في عمل الآخرة }،
وقال الله تعالى: { مَا كَانَ حَدِيثـاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَـيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }[ يوسـف: 111 ]، ثمَّ خصص عموم ( كل شيء ) بغير الخمس المنصوص عليها في قوله: { وَعِندَهُ مَفَاتِـحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ .. }الآية [ الأنعام: 59 ]، وبغير مسائل أخرى تتعلق بأسماء الله تعالى وصفاته .. الخ.
وكذا ما رواه أبو يعلى مرفوعاً: { سـلوا الله كل شيء حتى الشّسـع؛ فـإن الله إن لم ييسـره لم يتيسر }، مع ما رواه الترمذي والحـاكم: { ما على وَجْهِ الأرْضِ مُسْـلِمٌ يَدْعُو اللهَ تَعالى بِدَعْـوَةٍ إلاَّ آتـاهُ اللهُ إيَّاهـا، أوْ يَدَّخِرَ لَهُ مِنَ الأجْرِ مِثْلَها، أوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّـوءِ مِثْلَها مـا لَـمْ يَـدْعُ بإثْمٍ أوْ قَطِيعَةِ رَحِـمٍ }؛ إذ خصص الثاني الأول بما كان مشـروعاً من أمـر الدين والدنيـا. وما رواه الترمذي: { كل عين زانية، والمرأة إذا اسـتعطرت فمرت بالمجلس فهي زانية }.. الخ
بل لو لم يدخل ( كل ) التخصيص لعد نحو قول سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: { زكاة الفطر فرض على كل مسلم: حر وعبد، ذكر وأنثى، من المسلمين: صاع من تمر أو صاع من شعير }[ الدارقطني والحاكم والبيهقي ] لغواً؛ لأن ( كل ) يشمل ما ذُكر.
فإذاً: لفظ ( كل ) من ألفاظ العموم التي يمكن تخصيصها، فزالت الشـبهة الأولى.
وأما الشبهة الثانية، فهي: زعمه أن لا مخصص لعموم قول سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: { كل بدعة ضلالة }!! وهو تقوّلٌ وإفك عظيم ما أنزل الله تعالى به من سـلطان، بل يستحق قائله الحكم الثابت بقول سـيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسـلم: { سبعة لعنتهم، وكلُّ نبيّ مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمسـتحل حرمة الله، والمستحل من عِترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي، والمسـتأثر بالفيء، والمتجبر بسلطانه ليعز من أذل الله ويذل من أعز الله }[ الطبراني في الكبير ].
وبيان ذلك من وجوه:
الأول: أن خطاب الشـارع نـزل بلغة العـرب، وحقيقة ( البدعة ) عندهم: ما أُحْدِث على غير مثالٍ سـابق. ومن المثال: المستند.
فما كان له مِثْلٌ أو مُسْتَنَدٌ ليس ببدعة حقيقة، وإن أطلق عليه بدعة لوجه من الوجوه.
وعليه: تكون ( البِدعة ) المذمومة بالنص، الموصوفة بالضلالة هي: ما ليس له مِثْلٌ أو مُسْـتَنَدٌ من الشَّـرع يدلُّ على جوازه؛ إذ لا يصـح التَّجـوّز إلى غير ظاهـر النصّ إلا بدليل صحيح، وليس في الشـرع دليل ينص على حرمة ما كان مستنده الجواز من المحدثات.
فكان ذلك دليلا قطعياً على التخصيص.
ولما كان مذهب أهل الحق، المقَسِّـمين للبدعـة: ما قاله سـيدي ناصر السـنّة الإمام المجدِّد محمد بن إدريس الشـافعي رضي الله تعالى عنه، وهو:" المُحْدثـات من الأمور ضربـان:
أحدُهما: مـا أحْدِث ممّا يُخالـف كتابـاً أو سُـنّةً أو أثراً أو إجماعـاً، فهذه ( البِدعة الضّلالة ).
والثّاني: ما أحْدِثَ منَ الخَير لا خلاف فيه لواحد من المَذْكُوْرَات، فهذه ( مُحدثَةٌ غير مذمومة ) "اهـ [ أخرجه البيهقيّ في مناقب الإمام رضي الله عنه ].
وكان تقسيمهم البدعة إلى حسنة وسيئة من باب الاصطلاح الذي لا مشـاحة فيه ولو لم يفعله الشـارع؛ إذ الاصطلاح يدل على مطلب المصطلِح.
كان مذهبهم هو الصحيح؛ لموافقته الحق.
ويخرج بقيد ( المِثل ) في الحد المتقدّم: ما لم يكن مفعولاً بعينه من قبل.
وبقيد ( المستند ): ما لم يكن فرعاً لأصل، أو منه.
وبقيد ( الجواز ): ما لـم يكـن مثله أو مسـتنده واجب أو مندوب أو مباح أو مكروه. يعني: ما كان مثيلاً لأصـل محـرم، أو فرعـاً له أو منه.
الثاني: أن الشارع خصص ( البدعة ) بما لم يكن مستنده الجواز؛ فقال: { إيَّاكُمْ وَمُحْدَثـاتِ الأُمُورِ، فإنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَـةٌ }، وخصَّصه بنفس الخبـر وغيره:
فقـال في نفس الخبـر: { عَليْكُم بسُـنَّتِي وَسُـنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِـدينَ المَهْدِيِّينَ }، وهو أمر باتباع ما يسنّه الخلفاءُ الراشدون رضي الله تعالى عنهم مما ليس له مِثلٌ في سُنة سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، لا مستند؛ لأن الخلفاء أتْبَاع لا مُشَـرِّعون، فوجب استناد أفعالهم على الشَّـرْع.
وهذا دليل قطعي على التخصيص.
وممّا قال في غيره: { من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد }، فقيَّد ( المحدث ) الذي هو بدعة ضلالة بما ليس من الشَّرع، يعني: لا مستند له فيه؛ لأنه يُعْلِم بقَبول المُحدث الذي هو منه؛ فأنت إن قلت لشخص: لا تحضر معك إلى داري ما لا أحب، كان إذناً له بإحضار ما تحب.
ولا يُقال: أن ذلك فيما فعله سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: { أحدث }.
وقال: { إن لله تعالى عند كل بدعة كيد بها الإسلام وأهله ولياً صالحاً يذب عنه ويتكلم بعلاماته، فاغتنموا حضور تلك المجلس بالذب عن الضعفاء، وتوكلوا على الله وكفى بالله وكيـلا }[ أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة بإسـناد صحيح ]، فقيد ( البدعة المردودة ) بما يُكاد بـه للإسـلام وأهله، وذلك مـا خالف شـرع الله تعالى؛ لقولـه سـبحانه: { ومن لم يحكم بمـا أنزل الله فأولئـك هم الفاسقون } { .. الكافرون } { .. الظالمون }.
وقال: { من سـن في الإسلام سـنةً حسـنة فله أجرهـا وأجـر من عمـل بهـا بعده لا ينقص من أجـورهـم شـيء }، والسـنة: البدعة المُتَّبَعَة، كما أخبر سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في قوله: { ما من نفس تموت إلا وعلى ابن آدم الأول كفل منها لأنه أول من سـنّ القتل } [ مسلم وغيره ]. والكلام على السنّة هنا كالكلام على سنة الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم، فيما تقدم.
وهذا نص قوليّ قطعي أيضاً على تقييد البدعة الضلالة بما ليس مستنده الجواز.

الثالث: أن الشـارع أقرّ المُحدثات المستندة على الشرع في زمن الرسالة:
فأما الله تعالى: فلم ينه عما أحدثه الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وكان مستنده الجواز، بل بين الإذن بذلك في قوله: { وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَـةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا }[ الحديد: 27 ]، فأقرهم سـبحانه على البدعة الحسنة، وأطلق لفظ ( البدعة ) على غير الضلالة، ما يُعكّر على مُدعي تخصيص ( البدعة ) بالضلالة في الشـرع.
وأما سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: فقد أقرَّ أصحابه رضي الله تعالى عنهم على إحداثهم مسائل في كثير من العبادات، كالصلاة.
ومن نظر بالعـدل في هذا الإقرار، مع ما ثبت من الإنكار، يخرج بقاعدة: جواز إحداث ما كان مستنده الجواز.
وهذا نص تقريريّ قطعي أيضاً على تقييد البدعة الضلالة بما ليس مستنده الجواز.

الرابع: أن فضلاء الصحابة ومن بعدهم من خير القرون وما تلاهم أحدثوا مسائل في العبادات والمعاملات، ولم يُنكر من ذلك إلا ما لم يكن مستنده الجواز، وفي ذلك إجماع على جواز إحداث ما كان مستنده الجواز.

وأما زعم الكاتب أن دليلنا: حديث ( الإحياء )!! فهو على ما في تلك الدعوى الكاذبة المغرضة فيه، حجة لنا؛ لأن هذا الحديث حجة بعض المبتدعة في تأويل حديث ( السنن )، فهوَّن علينا إثبات ضعف الحديث وعدم الاعتـداد به، علماً بأنه حتى لو ثبت فـإن موضوعه يختلف عن موضوع الآخر، والقول بأن المقصود بحديث ( السنن ) ما جاء به!! قول ساقط لما بيناه لك في جواب سـابق: من اشتمال نفس حديث السنن على ما يمنع من تأويله بحديث الإحياء.

ودعواه: أن مـا نسـتدل به على تخصيص الحديث، كصلاة التراويـح، وجمع المصحف، وصلاة ركعتين للوضوء، وغيرها، قضايـا فرديـة!! جهل مركّـب مفرط، وإفك عظيم:
فأما الجهل المركّب المفرط، فلثلاثة أسباب:
الأول: أن ( الأصل ) إنما يثبت من خلال النظر في الفروع غالبـاً، فالفقيه الناظـر في تلك الفروع ( التي أسـماها الـ!!: قضايا فرديّة ) يخرج منها بالقاعدة التي أشـرنا إليها آنفـاً.
الثاني: أن الفروع لا توجد إلا من أصول، وهؤلاء بجهلهم المركب المُفرط صححوا خلاف ذلك!! وما قالوا أنها ( قضايا فردية!! ) إلا طلباً لرد الأصل وإنكاره!! ولكنهم أظفروا خصمهم بهم؛ لكون إثباتهم للفروع إثباتاً للأصل الذي يُستنبط منها بداهة عند أهل الذكر.
الثالث: أن دعواه أن ذلك وما ذكره قبل دليلنـا!! تثبت أنـه يُنكر علينا قبل معرفة أدلتنا فضلاً عن فهمها!!؛ لأن أدلتنا منها ما هو منطوق، ومنها ما هو مفهوم من نحو هذه الفروع.
وأما ( الإفك ): فلأنه نسـب إلينـا بذلك وما قبله أيضاً دلالة وأدلة ليسـت محل نظرنا، ولا وجه اسـتدلالنا، كما ظهر لك مما تقدم، وما بسـطناه في غير هذا الموضع؛ لاقتصارنـا هنا على ردّ شبهة الكاتب فقط.

وأما قوله: أن ما أقرَّه سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسـلم لا يُقال: أنه بدعة، بل هو سـنة بالإقرار!! فلا غُبار عليه، غير أن الكاتب طلب به: رد الأصل المستفاد منه!! وما هو ببالغه ولو خرط القتاد؛ لما تقدَّم، بل هو دليل على فتواه بغير علم، وردَّه حكم الله تعالى.
وقوله: أن ما أحدِث بعد زمن التشريع، يحتاج إلى الاسـتدلال له بالأدلة الشـرعية الكليَّـة، فان ثبت دخوله فيها: كان سـنةً ولم يكن بدعـة، وإن لم يثبت لـه دليل: دل على أنه باطل!! فهو صحيح على ما قرَّرنـاه سـابقاً، بمعنى: أن يكون الرد للقواعد المسـتفادة من الأدلة الشرعية الكليَّة، لا نصوصها الفرعيَّة، ولو كانت تدل على الحكم مطلقاً، كقول الله تعالى: { افعلوا الخير }؛ لأن ما ظاهره الإطلاق قد يدخله التقييد.
وهنـا نقول: أن الكـاتب: إمـا أنـه ممن يريـدون ما بينـاه، فانتهى الخلاف معه إلى تسـمية المحدث. وهو احتمال مرجوح؛ للقرائن المحتفة به فيما كتب، والمذهب الذي ينتمي إليه، والذي إن قال لك عنه: أنه ليس مذهباً!! فقد أضاف جهلاً إلى جهله، وشهادة بالظلم على نفسـه. أو ممن يريدون بالرد إلى الأدلة الكليَّة: الردَّ إلى نصوصها الفرعية، بحيث إن نص الشارع على الفعل صح وإلا فلا!! وذلك باطل لما تقدَّم، وأنّ ما ورد النصّ به ليس محدثاً، فتسمية فاعله مُحْدِثاً وهو مُحْدَثاً جهل مركَّب.

وعلى ما تقدَّم جميعـاً، لا ينبغي أن يغتـر الناس بشـيوخ هذا الكـاتـب فضلاً عنـه؛ لتقـوّلهم، ومـا يظهر من جهلهـم، وقصورهم عن التحقيق، وتشـبّعهم بما لم يُعطوا. )) انتهى كلامه

الفاروق 30-11-2000 12:03 AM

الأخ موسى
إن القاعدة التي ذكرها العلماء عن ألفاظ العموم مطردة حيث لا مانع وإلا فكلام الإخوة واضح وضوح الشمس فقد نقل بعضهم عن الإمام الباجي بأنه قال التالي:
إذا ثبت ذلك فهذه الألفاظ موضوعة للعموم, فإذا وردت وجب حملها على عمومها " إلا ما خصه الدليل " هذا قول جمهور أصحابنا كالقاضي أبي محمد والقاضي أبي الحسن والشيخ أبي تمام وغيرهم, (وهو مذهب عامة الفقهاء وهو قول مالك رحمه الله, وقد صرح الشيخ أبو بكر بن فورك بالقول بالعموم: فقال في أصول الفقه: (إذا ورد اللفظ تؤمـِّـل وطلبت أدلة الخصوص فإن عدمت حمل على العموم) إنتهى

فلا أدري ماذا تبغي بعد هذا البيان فهذا عن عامة العلماء أن ألفاظ العموم تخصص بالدليل وأنها لا تحمل على العموم المطلق إلا بعد البحث عن أدلة التخصيص وفقدانها, وهذا كلام موافق للحق صحيح لا حاجة للخوض فيه أصلا.

وحديث النبي عليه الصلاة والسلام هذا:
إن أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد:
ألا (كل شيء) ما خلا الله باطل.

فهذه كل قد دخلت على نكره لكن الظاهر أنك تقرأ ما تكتبه لا ما يكتبه غيرك وهذا لعمري لا يرضاه أحد وخير الكلام ما قل ودل فمن يكتب ليبين لك الحقيقة يكفيه أن يذكر دليلا واحدا مطردا.

وقد قال الله تعالى في محكم التنزيل: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة. فنحن نرى كل دخلت على نكرة ومع هذا فالمحصن الزاني يرجم ولا يجلد.

فهذا كلام رب العالمين الذي خلقنا وخلق عقولنا يحكم بخلاف ما تقوله أنت والله أصدق القائلين فوجب اتباع القرءان.

وقد نقل الأخ ناصح كلاما مليئا بالدرر لا يدع للشك مجالا فأين أنت منه؟


وصلى الله على سيدنا محمد
الفاروق

أشعري 30-11-2000 02:03 AM

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،

السلام على من اتبع الهدى،

إن ملخص كلام موسى بن غسان في لفظة "كل" حاصله أنها تفيد العموم إذا دخلت على نكرة مطلقاً من غير تخصيص، وضرب لذلك أمثلة، ولكننا نقول له ليس كل ما دخلت عليه "كل" من النكرات يفيد استغراقها لعموم جزئياته، والدليل على كلامنا واضح، وإليك الدليل (وهو تكرار لما سبق ولكن يبدو أن هذه النقطة ما زال يحيط بها شىء من اللبس):

فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل عين زانية" لا يعني أن كل عين خلقها الله زانية لأن عيون الأنبياء معصومة عن مثل هذا، لفظة "عين" نكرة ولكن "كل" هنا لم تستغرق كل جزئيات النكرة التي تلتها، وهذا المثال واضح لا يحتاج لفاً ولا دوراناً.

وقول ربنا: "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة" يدل على أن كل ليست تنطبق هنا على كل الزناة لأن الزاني المحصن يرجم ولا يجلد.

ثم نقول من من العلماء فهم ما فهمته أن "كل" في الحديث تفيد الاستغراق الشامل رغم إجابة كثير من العلماء أن "كل" في حديث "كل بدعة" لا تفيد العموم بل هي من العام الخاص، ونذكر مثالاً الإمام النووي حيث قال عنها أنها من العام الخاص ودلل على كلامه بقوله تعالى عن الريح: "تدمر كل شىء" وهي لم تدمر الجبال والوديان.

فأرجو أن يكون الكلام واضحا منا ومنك وأن يسعنا ما وسع العلماء من قبلنا في إثباتهم لوجود البدعة الحسنة معتمدين على كتاب الله وسنة رسوله، نعيد ذكر بعضهم كالشافعي، والعز، والسيوطي، وابن حجر، والنووي، وغيرهم، ونسأل موسى بن غسان: هل لديك مثلهم من قال بخلاف قولهم؟ ونذكرك بإجماع السيوطي الذي نقله على وجود البدعة الحسنة.

والله من وراء القصد.

موسى ابن غسان 30-11-2000 12:55 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي جوهري لقد أنقطعت عن الخيمة مدة أسبوع ثم عدة مضيفا موضوعي مباشرة
لذا لم أقرأ ردودك
وعلى كلا سوف أرد كل ما قلت
1 - قولك : ( قوله صلى الله عليه وسلم: من " أحدث " في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. أي مردود عليه. فانظر في قوله عليه الصلاة والسلام: من أحدث وما معنى أحدث إلا فعل ما لم يسبق إليه وإلا فهو مقتد بمن قبله سواء في الخير أو الشر. )
فأقول أن ابن حجر رحمه الله قال : (والمحدثات … جمع محدثة والمراد بها ما أحدث وليس له أصل في شارع ويسمى بدعة )و قال عند شرحه قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصول فلا يلتفت إليه ) (فتح الباري 253/13)
وفي عمدة القرائ : (قوله (محدثاتها ) جمع محدثة والمراد ما أحدث وليس له أصل في الشارع إلى أن قال وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعه )(25/27) البدعه الحسنة ما أصلها لقد سبق وتقل أحد الأخوة عن بدعة المولد النبوي وبين أن رجل أبتدعها بعد القرون الثلاث و أكد على ذلك بقول السيوطي رحمه الله
فما أصلها أرني دليل من القرآن أو السنة أو الإجماع أي تفسير آخذ تفسير الجوهري أو تفسير ابن حجر
و كذلك لو أفترضنا جدلا أن هنالك بدعة لها أصل فأنها ليست بدع أنها سنة ويشهد لذلك قول ابن حجر (وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعه
أخي جوهري أتق الله في حديث رسول الله ولا تفسره بما يملي عليك هواك
وكذلك لابد أن تعي مفهوم السلف الصالح للبدعة حيث أن أحد مفاهيمها هوا أن أعمال الخلق سواء كانت عبادات أو عادات أو أقوال أو أفعال في الدين لا تصح مخالفتها
ولأجل ذلك كان أصل الضلالات في العبادات والمعاملات اتخاذ دين لم يشرعه الله أو تحريم ما لم يشرعه الله
وذلك بمخالفة الأصلين العظيمين
1- عبادة الله وحده
2- العبادة بما شرعه
فأن المبتدع و أن تعبد ببدعته و قصد بها وجه الله فأنه متعبد على غير أصل مبتدع ما لم يشرعه الله ورسوله
2-قولك - ما ثبت عن الصحابة كسيدنا ابن عمر بأسانيد صحيحة أنه قال عن صلاة الضحى جماعة: بدعة ونعمت البدعة وفي لفظ: وما " أحدث " الناس شيئا أحب إلي منها. فها هم الصحابة أحدثوا بدعة حسنة فمن الصادق الآن؟
فانظر ردي عليك في إجماع الصحابة

3- قولك - - روى الخطيب البغدادي أنه صلى الله عليه وسلم قال: جعلت لي الأرض " كلها " مسجدا وتربتها طهورا. مع أننا نعلم أن الأماكن النجسة لا تصلح للصلاة فها هي الشريعة تحكم بخلاف دعواك وتعين حمل لفظة " كل " على الغالب هنا أيضا والحمد لله
أقول أخي أخالك قليل العلم باللغة أقول لك إجماع أهل اللغة على أن كل إذا أضيفت إلى نكرة فأنها تستغرق كل جزيئاتها

4- - لا يجوز حمل لفظة كل على العموم هنا لأنها لا تدل حقيقة على العموم لما ثبت أن صحابـيا لما قال عليه الصلاة والسلام سمع الله لمن حمده قال: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مبارك فيه. فقال عليه الصلاة والسلام: من المتكلم؟ قال أنا, قال:لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول. رواه البخاري وغيره وزاد بعضهم: مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى.

فهذا الصحابي قد أحدث ذكرا جديدا لم يأخذه من رسول الله عليه الصلاة والسلام فهل قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: كيف تزيد على الذكر الذي أعلمه للناس؟ أم مدحه على ابتداعه هذا الذكر

أخي هنالك فرق هذا الصحابي أقره النبي صلى الله عليه وسلم فهي سنة ولو كان في دعائه أمر مخالفا لقال له ودليل على الرجل الذي حمد الله ثم شمته آخر فأنكر النبي عليهما والخلاصة : هذا الدعاء له أصل وهو تقرير النبي له

5- " كل " لا تعني دائما العموم بل يراد بها الغالب كقوله صلى الله عليه وسلم: كل عين ٍ زانية. رواه الترمذي عن أبي موسى الأشعري وقال حديث حسن صحيح
فلا يجوز حمل كل هنا على العموم لخروج الأنبياء ضرورة وكذلك من عصمه الله وأنبه هنا إلى أنك مازلت تشهد على نفسك بعدم تعلقك بشىء من أصول الشريعة فسلمها طويل لا يدركه من وقف على الظواهر فقط فتنبه
أنت قلتها الأنبياء عصمهم الله وهنالك دليل على ذلك الشواهد من الآثار والسنة على عصمتهم عليهم السلام إذا تخصص
كما قال علماء اللغة ( لأن دلالة العموم في لفظ كل تفيد ذلك ولم يأت من الشارع ما يدل أدنى دلالة على تخصيصه
أعطني دليل على تخصيص البدعة وأنا أول العابدين

و بالنسبة لموضوع الشافعي فسأكتب ردي لأعادة هيبة هذا الأمام الجليل من وصفكم له بما لا يليق بعد منا قشة إجماع الصحابة

وقلت ونعود إلى مسألة (كل) وبيان عدم صحة ما تدعيه وهاك أقوال الجبال في الأصول:
قال الإمام الكبير أحد كبار أصحاب الوجوه في المذهب المالكي أبو الوليد الباجي الذي هو نار على علم في كتابه المشهور إحكام الفصول في أحكام الأصول ص 235:مسألة: إذا ثبت ذلك فهذه الألفاظ موضوعة للعموم, فإذا وردت وجب حملها على عمومها " إلا ما خصه الدليل " هذا قول جمهور أصحابنا كالقاضي أبي محمد والقاضي أبي الحسن والشيخ أبي تمام وغيرهم, (وهو مذهب عامة الفقهاء وهو قول مالك رحمه الله, وقد صرح الشيخ أبو بكر بن فورك بالقول بالعموم: فقال في أصول الفقه: (إذا ورد اللفظ تؤمـِّـل وطلبت أدلة الخصوص فإن عدمت حمل على العموم) إنتهى
أخي رددت على نفسك أين دليل تخصيص البدعه أعطني أياه أعطني الأصل
و بالمناسبة ليس من لائق أن تستشهد بأقوال من لا أعترف بهم كا ابن فورك
فهوا أشعري وأنا لا أعترف بكلامه أستشهد عليه إذا كنت على مذهبك أما إذا كنت على خلاف فاستشهد بمن أعترف بهم
وعلى كلا ابن فورك له مواقف جليلة في رد على معتزلة والروافض والمذهب الأشعري نعتبره بشكل عام من مذاهب أهل السنة مع وجود العديد من الملاحظات

قولك أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل. رواه الإمام مسلم وغيره.

النبي عليه الصلاة والسلام يحكم بافترائك لأنه:
1- قال بأنها أصدق كلمة
2- لفظ عام يهدم كلامك: وتكون نصا في كل فرد دلت عليه تلك النكرة مفردا كان او تثنية او جمعا ويكون مع الاستغراق للجزئيات بمعنى ان الحكم ثابت لكل جزء من جزئيات النكرة.

فهي هنا دخلت على نكرة فمن أصدق أنت أم الرسول صلى الله عليه وسلم

أخي هنالك أستثناء ما عد الله والنبي لم يقل كل بدعة ضلالة إلا كذا وكذا
أقول لك أرجع وتعلم اللغة وسامحك الله في كل ما قلته عني بالأفتراء على النبي
وأرجوا من المراقب أن ينظر إلى ماقال
وسأرد على كل ماقلته في القريب العاجل


موسى ابن غسان 03-12-2000 12:32 PM


ولا أقول السلام على من اتبع الهدى فأني على يقين أن الذين يحاورنني ليسوا يهود أنما مسلمين
أخي المراقب فاروق
صدقت عندما قلت (كل" حاصله أنها تفيد العموم إذا دخلت على نكرة مطلقاً من غير تخصيص ) وهذا ليس كلامي هذا قول أئمة النحاة ولكن بقي أمر لم تضفه وهوا إذا أتى دليل صحيح صريح من الشارع الحكيم بخلاف ذلك فتخصص
ف(كل) تبقى على عمومها حتى يأتي دليل صحيح صريح على تخصيصها
لأن المسألة هنا مسألة عبادة والعبادة تتوقف على الكتاب والسنة
ولقد ذكرت قول ابن فورك وهوا مشابه لقول ابن تيميه وسائر العلماء
أخي مذهبي ومذهبك واحد في مفهوم كل
ففي حديث النبي : (كل عين زانية ) نرى أن كل أضيفت إلى نكرة ولم يستثنى أحد في نص الحديث فعلى حسب قول أئمة النحو فكل عين بشريه زانية ولكننا لا نأخذ ديننا من النحاة فقط أنما نأخذه من الشارع الحكيم (الكتاب والسنة والإجماع ) ولقد ورد دليل صحيح صريح أن الأنبياء معصومون إذا تخصص

وفي قوله صلى الله عليه وسلم (كل بدعه ضلاله ) نرى أن كل أضيفت إلى نكرة ولم يستثنى أحد ولم يذكر دليل صحيح يدل على كسر هذا العموم إذا تبقى على عمومه حسب قول أئمة النحو حتى يأتي دليل صحيح يدل على تخصيصه
وهذا ما نتنقاش من أجله
فأنتم تذكرون أدلة تدل على تخصيصه ولكن ليس هنالك دلاله إلى ما ذهبتم إليه
ولقد رددت ما ستدللتم عليه من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وبقي لي إجماع العلماء
وسأرد عليه في القريب العاجل أن شاء الله
وأخير أجيب على سؤالك
الأمام الشافعي لم يحسن البدعة وسأذكر حججي في موضوع أجماع العلماء
ثانيا ابن حجر والنووي و السيوطي والعز علماء أفاضل لهم صدق في الدين والأيمان ومنزلة جليلة ولهم حب للسنة ونشرها وذم للبدعة والمتلبس بها ولكن لهم مقالات فيها شيء من الأبتداع أما لشبه أو تقليد أو نحو ذلك
ولا بد أن تعلم شيئا مهما
أن العلماء يجتهدون فيصيبون ويخطئون
والأمام ابن حزم من أعظم العلماء الذي سار على نهجه وخطاه ابن تيميه وتلميذه ابن القيم وكذلك محمد بن عبدالوهاب
لديه بعض الإجتاهدات الخاطئه
ولكن ثبت بدليل صحيح صريح

الفاروق 03-12-2000 09:48 PM

أما بالنسبة للأئمة عز الدين بن عبد السلام والنووي وابن حجر العسقلاني, فهذا كلام مرفوض منك وتطاول عليهم بوصفهم بشىء من البدعة لا أحد يلتفت إلى كلامك من أهل الحق ورحم الله امرءا عرف حده فوقف عنده.

جاء في نفح الطيب 2/649: شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام شيخ مشايخ الشافعية.انتهى

وفي طبقات الشافعية الكبرى 9/210: شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام. انتهى

بل هو معروف بأنه من كبار أولياء الله الصالحين كما في طبقات الشافعية الكبرى فقال: سلطان العلماء شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام وقوله فى واقعة الفرنج يا ريح خذيهم فأخذتهم. انتهى

أما الإمام النووي فغني عن التعريف وبركة كتبه ظاهرة في الناس فقلما يخلو بيت من كتاب رياض الصالحين وهذه صدقة جارية كما في الحديث الصحيح.

أما ابن حجر أمير المؤمنين في الحديث بلا منازع فليتك كففت لسانك عن ثلبه فمن ذا يستمع إلى كلامك و

قد تنكر العين نور الشمس من رمدٍ ...... وينكر الفم طعم الماء من سقمِ

وليتك تأدبت مع جنابه العالي ويكفي فيه أيضا قول الإمام الكبير زكريا الأنصاري الشافعي: حافظ العصر وعلامة الدهر أبو الفضل شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ثم المصري الشافعي.انتهى

وقال صاحب النور السافر: شيخ الأسلام شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري.انتهى

وأخيرا قول العلامة ملا علي القاري في شرح شرح النخبة: مولانا وسيدنا وشيخ مشايخنا, عمدة العلماء الأعلام وزبدة الفضلاء الكرام, ومقتدَى الأنام, شيخ الإسلام وخاتمة والمحدثين ونادرة المحققين والمدققين, العلامة العالم العامل الرباني الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني. انتهى

فليتك لم تخدش نفسك بالتلميح البغيض بهم, وليتك لم تشهد على نفسك بأنك لست مستقيما.

أما الإجماع فأنت لم تذكره إلى الآن بنقل الثقات فهاته إن كنت صادقا, وأما ادعاؤك بأنك لم تنكر التخصيص فأرجو أن تراجع كلامك وأنا سأنقله لك: فنقول :لفظ كل من ألفاظ العموم وقد جزم أهل اللغة بأن فائدة هذا اللفظ هو رفع احتمال التخصيص إذا جاء مضافا إلى نكرة أو جاء للتأكيد ( انظر القواعد والفوائد الأصولية – لابن لحام 178 )
2- من أحكام لفظ كل عند أهل اللغة و الأصول أن كل لا تدخل إلا على ذي جزيئات و أجزاء ومدلولها في الموضعين الإحاطة بكل فرد من الجزيئات أو الأجزاء (انظر الإبهاج في شرح المناهج 2/94)
3- من أحكامها أيضا أنها إذا أضيفت إلى نكرة كقوله –تعالى – ((كل امرئ بما كسب رهين )) وقوله –( وكل شيء فعلوه في الزبر ) وقوله –(وكل أنسن ألزمنه طئره في عنقه ) –الهمزة تحت الكرسي – وقوله : (كل نفس ذائقة الموت ) وأخير قوله : (أن الله على كل شيء قدير ) فأنها تدل على العموم المستغرق لسائر الجزيئات وتكون نصا في كل فرد دلت عليه تلك النكرة مفردا كان أو تثنيه أو جمعا ويكون الاستغراق للجزيئات بمعنى أن الحكم ثابت لكل جزء من جزئيات النكرة و قد يكون مع ذلك الحكم على المجموع لازما له .
يا جوهري وكذلك أنت يا أشعري هل تستطيع أن تنكر هذه الحقائق الغوية التي قالها أئمة اللغة ؟؟
بالطبع لا و سألا أهل اللغة وانظرا إلى المراجع أن لم تصدقا.

فأنت هنا تمويها استدللت بالآيات التي لا مخصص لها, وغضضت طرفك عن الأدلة التي يدخلها التخصيص, والجزم كل الجزم بأنك لا تعرف شيئا في اللغة لأن هذا واضح من كتابتك للكلمات وصياغة العبارات وإتباع أحكام الإعراب لأواخر الكلمات. وقد ذُكر لك هنا طائفة من الآيات والأحاديث الواردة للعموم لكن دخلها التخصيص.

وهل تستطيع أن تثبت أن أحدا من الذين جاروك في هذا الحوار قال بأن كل يدخلها التخصيص دائما؟

وأود أن أنبهك إلى عدم تدقيقك في كتابة ما تعبر به عن غيره فأنت تقول: محسني البدع وفي موضع تقول حسنوا البدع, وهذا اتهام غير وارد فإن أحدا لم يحسن البدع, بل قال العلماء بالإجماع بأن هناك بدعا سيئة وبدعا حسنة وأنت بنفسك نقلتها عن ابن حجر الذي رميته بشىء من الابتداع.

وبالنسبة للمصالح المرسلة فإن البدع الحسنة أو السنة الحسنة أو المحدثة الحسنة فهي متعلقة بها في كثير من الأمور, ألا ترى أن تدوين المذاهب وترتيبها من المصالح المرسلة وهي بدع حسنة؟ ولولا هذا لوصلنا القليل بل لانقرض الكثير من العلم اعتمادا على حفظ الصدور, والإجماع لا يتناقض بل هو من أعظم أدلة الدين وهو أقوى من الحديث كما نص الشافعي عليه لأنه أيضا قاطع للشواغب كما قال الشاطبي.

فالإجماع عن الإمام السيوطي منقول, وتضارب الشريعة غير معقول, فإجماعك الذي تدعيه غير مقبول.

وأين لفظة " الإجماع " التي ردتها كثيرا, فإني سأقولها للمرة الأخيرة لك: أنت وأنا وغيرنا لسنا حفاظا ولا مجتهدين ولا مطلعين على جميع المذاهب والأقول, فلا يصح جزما اعتبارك في دعوى الإجماع بل " عليك أن تنقل عن الأئمة " أنظر في هذه العبارة جيدا " عليك أن نتقل عن الأئمة " ولكنه في الأصل منقول.

وكثيرا ما تردد: ليس هناك دلالة وليس فيه دليل, ولكنك لا تنقل هذا عن أحد من المعتبرين.

وقلت بعدها: وهذا دليل واضح أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقيسون العمل من حيث البدعية وعدمها على المأثور عن رسول الله وخلفائه الراشدين فما كان ثابتا عنهم فهوا سنة يقتدى بها وما لم يكن فهوا محدثة وبدعة.

يعني أنك تقول بأن المذاهب الأربعة محدثة وبدعة؟ (وهي بإطلاقك مذمومة)

وقلت بعدها: وأطلب منكم أن تعطوني دليل واحد أن النبي كان يقنت دائما كل صلاة فجر.

ومن قال لك بأنه يشترط أن يفعلها النبي عليه الصلاة والسلام دائما؟ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

أما عن ابن عمر فإن الذين احتجوا به احتجاجا صحيحا واضحا فهو على أنه قال بأنها بدعة وعنى بذلك الاجتماع لها في المسجد. فاستدلالهم صحيح

فعلى الجواب الأول : يحمل قوله على أنه اجتهاد منه في وصف هذا العمل المشروع بالبدعية وقد يصيب المجتهد ويخطئ.

ومن قال باحتمال أنه اجتهد وأخطأ في هذه المسألة؟ أذكر واحدا من المعتبرين قال بهذا الاحتمال في هذه المسألة

أما انه اجتهاد منه في وصفه هذه الصلاة بالبدعة المستحبة فهذا جميل جميل من صحابي جليل جليل ونعم القدوة ابن عمر.
---------------------------------
وهنا أنا أنظر في كلامك: و أما الجواب الثاني والثالث فأن أعتبار التخصيص بصفة أو هيئة أو سبب من الأمور التي يرد فيها الأجتهاد أيضا فعلى اعتبار التخصيص هذا تكون البدعة أضافية اختلط العمل المشروع فيها بما ليس بمشروع فعلى اعتبار مشروعية العمل يحمل قوله : (ما أحدث الناس شيئا أحب إلي منهما ) وعلى اعتبار ما لحق من ترك لسبب او اتصاف بصفة كالصلاة أو في المسجد ونحوا ذلك يحمل قوله رضي الله عنهما حين سئل عن صلاة الضحى فقال بدعة.

هل هذا الذي تقوله علم؟ هل هذا وارد؟ ولماذا لم تنقل عن أحد من الجهابذة هذا التفسير؟ وواضح أنك أتيت به من عندك أو من أحد المعاصرين الذين لم يذكروا لهم مرجعا - يعني ابتدعوا هذا التفسير من عندهم - وأعيدها لك ليتك تسكت عن أصول الحديث حتى لا توقع نفسك في هذه الزلات, فإن الحديث إذا ورد بعدة ألفاظ عن نفس الموضوع فإماأن يجمع بين الأحاديث شاء من شاء وأبى من أبى,وإما أن يكون من باب زيادة الثقة, هذا ما ذكره أئمة أصول الحديث والعلة جارية هنا فإن بعض الروايات اقتصرت على لفظ البدعة وبعضها وردت كاملة صحيحة, وزيادة الثقة مقبولة وقد ثبت عن ابن عمر مدحها لا ذمها.

ولو كنت صادقا لذكرت من جمع بين الروايتين بهذه الطريقة لكنك تعلم أن هذا الجمع مبتدَع, فكيف تنكر البدع وتعمل بها.

وختمت هذا الفصل بعبارة: تم بحمد الله اثبات أجماع الصحابة رضوان الله عليهم.

وليت شعري أين هذا الإجماع الذي لم نر إلى الآن بعض غباره؟

وقلت: أما العلماء فهوا بالقسم الآخر.

نعم تقصد به الإجماع الذي نقله الإمام السيوطي على وجود بدعتين حسنة وسيئة.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى الأنبياء أجميعن
------------------------------------
أرجو من الجميع أن يتوقفوا عن الخوض معه في هذا الموضوع فإنه سيغلق بعد اتضاح خوضه في الحديث واللغة والأصول بغير علم ولا مستند,
ولم يكفره أحد هنا كما يقول.

وما ترك الحق صاحبا لعمر



Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.