![]() |
دليل الحاج والمعتمر - الحلقة الأولى.
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
الإخوة الكرام، منذ بضعة سنوات اشتركت مع أحد الإخوة بجمع دليل للحاج والمعتمر ولكن لم يتسن نشره ليستفيد منه من يقرأه ونحظى منه بدعاء بحسن الختام، ويظهر أنه سيتيسر نشره على صفحات خيمتنا العزيزة بإذنه تعالى. --------------------------------------- المقدمة الحمد للّه وكفى، والصلاة والسلام على من اصطفى، لا سيما نبينا المصطفى، وعلى ءاله وصحبه أولي الوفا، وعلى من بآثارهم اقتفى، وبعد: إن معرفة أحكام الحج والعمرة وتعلمها من المهمات الضرورية الواجبة على من يريد أداء الحج والعمرة، لأن الجهل لا ينقذ صاحبه، فكثيراً ما يقع الجاهل في محرمات الإحرام وهو لا يدري أو يجعل الركن سنةً أو السنة ركناً، ولا يخفى ما في هذا من إضاعة ثوابٍ واقتراف ءاثام، لذلك سنقوم بإذنه تعالى بنشر حلقات في بيان أحكام الحج والعمرة على مذهب الإمام الشافعي وجملة من عقيدة المسلمين وفصل في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل به. فنرجو من الله أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم نافعاً للمسلمين، وأن يكون من أسباب نجاتنا من عذاب يومٍ لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. يتبع... إن شاء الله. والله من وراء القصد. |
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
(((((((((( دليل الحاج والمعتمر - الحلقة الثانية )))))))))) قال الله تعالى: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا" (سورة ءال عمران/97). إن الله تعالى قد افترض علينا فريضة الحج المباركة، فهي واجبة على الحر المسلم المستطيع، وقد جعل الله تعالى للحج مزِيّة ليست للصلاة ولا للصيام ولا للزكاة وهي أنه يُكفّر الكبائر والصغائر لقوله صلى الله عليه وسلم: "من حجّ فلم يرفُث ولم يفسُق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه"، رواه البخاري، بخلاف الصلوات الخمس والزكاة والصيام فإنها لا تُكفّر الكبائر ومع ذلك الصلوات الخمس مرتبتها في الدين أعلى من مرتبة الحج، فإن قيل كيف يكون ذلك؟ فالجواب: أنّ المزيّة لا تقتضي التفضيل، أي أن الحج وإن كان يُكفّر الكبائر والصغائر بخلاف الصلوات الخمس والصيام والزكاة فليس ذلك دليلاً على أن الحج أفضل من الصلوات الخمس. ثم الشرط في كون الحج يُكفّر الكبائر والصغائر ويجعل الإنسان كيوم ولدته أمّه أن تكون نيته خالصةً لله تعالى، وأن يكون المال الذي يتزوّده لحجّه حلالاً، وأن يحفظ نفسه من الفسوق أي من كبائر الذنوب والجماع، فأمّا من لم يكن بهذه الصفة فلا يجعله حجّه كيوم ولدته أمّه، هذا بعض ما يحتويه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حجّ فلم يرفُث ولم يفسُق"، ولا يُقال للذي تحصل منه الصغائر وهو في الحج: فسدَ حجُّك، إنما يُنهى عن المعصية ويؤمر بالتوبة. ومما يدُلّ على فضل الحج أنه جمع أنواع رياضة النفس، أي تهذيبها: ففيه إنفاق مال وفيه جَهد نفس بنحو الجوع والعطش والسهر واقتحام مهالك وفراق وطن وأهل وأصحاب. وقد قال الإمام الجليل عبد الله الحداد الحضرمي الملقّب في ناحيتهم بالفقيه المقدَّم: "إن من تَكلّف الحج شوقاً إلى بيت الله وحِرصاً على إقامة الفريضة إيمانه أكمل، وثوابه أعظم وأجزل، لكن بشرط ألا يُضيّع بسببه شيئاً من الفرائض، وإلا كان ءاثماً واقعاً في الحرج كمن بنى قصراً وهدم مِصرا". ويُشترط شرطٌ مهم من أجل قبول الحج، بل ومن أجل قبول الأعمال الصالحة جميعها، ألا وهو الإيمان، لأن الإيمان شرط أساسي لقبول الأعمال الصالحة، قال الله تعالى: "وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا" (سورة النساء/124). والله سبحانه وتعالى اشترط صحة الإيمان لقبول الأعمال الصالحة ولدخول الجنة، فلذلك كان ينبغي على المسلم أن يتعلّم الأمور التي تتعلق بصحة الإيمان كاعتقاد ما يجب لله تعالى وما يستحيل عليه، وتبرئة الأنبياء عما لا يليق بهم وغير ذلك من الأمور الواجبة لقوله صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم"، رواه البيهقي. وسنختم هذه الحلقات بإذنه تعالى بذكر جملة من عقيدة المسلمين لتكون مسك الختام. يتبع… إن شاء الله. والله من وراء القصد. |
بوركت يا ألاشـعــري
|
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
(((( دليل الحاج والمعتمر - الحلقة الثالثة )))) الحج أركانه وواجباته وسننه ومحرماته: ملاحظة: هذه الأحكام على مذهب الإمام الشافعي: إعلم أخي المسلم أن للحج أركاناً وواجباتٍ وسنناً: الركن: لا يصح الحج بدونه ولا يُجبر بالدم. الواجب: يصح الحج بدونه مع المعصية ويُجبر بالدم. السنة: يصح الحج بدونها بغير معصية ولكن يفوت ثوابها. أشهُر الحج: هي شوال وذو القعدة وذو الحجة وهي الميقات الزماني للإحرام فلا تصح نية الحج إلا بعد دخول أشهره. شرائط وجوب الحج: وهي: الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والاستطاعة، فمن تحقّقت فيه هذه الشروط صار الحج في حقه فرضاً. كيفية أداء مناسك الحج (على مذهب الإمام الشافعي): الإحرام: وهو ركن: على من أراد الحج أن يُحرم من بلده أو بعدها ولكن قبل مجاوزة الميقات، والإحرام ركنٌ من أركان الحج وهو نية الدخول في النُّسُك. 1- ميقات أهل الشام ومن يمر بطريقهم مِنَ الذين يتوجّهون إلى مكة مِنْ غير المرور بالمدينة: الجُحْفَة (رابغ). 2- ميقات أهل الشام ومن يمر بطريقهم مِنَ الذين يتوجّهون إلى مكة عبر المدينة: ذو الحُلَيفة ويُسمى الآن ءابار عليّ وفيها اليوم مسجد كبير. 3- أما الذي يسافر من بلاد الشام بالطائرةِ فيُحرِم من بلده أو في الطائرةِ قبل مجاوزة الميقات. أنواع الإحرام: 1- الإفراد: وهو أن ينوي الحجّ فقط قائلاً: "دخلت في عمل الحجّ وأحرمت به لله تعالى"، فيعمل مناسك الحج ويتحلّل منه ثم يعمل العمرة وهذا النوع ليس فيه ذبح. 2- التمتُّع: وهو أن يعمل العمرة في أشهر الحج قائلاً: "دخلت في عمل العمرة وأحرمت بها لله تعالى"، وبعد تحللّه منها يُحرم للحج ويعمله من غير رجوع إلى ميقات من المواقيت، وفي هذه الحالة يجب عليه دمٌ أي ذبحٌ. 3- القِران: وهو أن ينوي الحج والعمرة معاً قائلاً: "نويت الحج والعمرة وأحرمت بهما لله تعالى" ويأتي بهما معاً، يطوف طوافاً واحداً ويسعى سعياً واحداً للحج والعمرة، وفي هذه الحالة يجب عليه دمٌ أي ذبحٌ. ملاحظة: الإفراد أفضل في مذهب الإمام الشافعي. على من أراد الإحرام: أن يتجرّد عن كل الملبوس الذي يحرُم لبسه للمحرم وهو المُحيط بخياطة حتى اللباس الداخلي، ويغتسل غُسل الإحرام وهذا سُنّة، ويُسن له كذلك التطيب في البدن دون الثوب وذلك قبل الإحرام، ويلبس الرجل إزاراً ورداءً والأفضل أن يكونا أبيضين جديدين أو نظيفين، وتلبس المرأة ما يستُر جسدها مع كشف الوجه والكفين ولو كان مَخيطاً. ويُسنّ له أن يُصلي ركعتين يقرأ فيهما سورتي الكافرون والإخلاص، ثم يستقبل القبلة ويقول في نفسه: "دخلت في عمل الحج"، فيكون بذلك قد أحرم أي دخل في النُّسُك، ثم يقول بلسانه: "لبّيك اللهمّ بحج"، ويُسنّ للرجل أن يجهر بالتلبية وللمرأة أن تخفض صوتها قائلين: "لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك". ويُستحبّ أن يُصلّيَ على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التلبية، ويسأل الله رضوانه والجنة، ويستعيذ بالله من النار، ثم يدعو بما أحبّ لنفسه ولمن أحب، ويُستحب الإكثار من التلبية، ويُسنّ للحاجّ إذا رأى ما يُعجبه أو يكرهه أن يقول: "لبّيك إن العيشَ عيشُ الآخرة". يتبع... إن شاء الله. والله من وراء القصد. |
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
(((( دليل الحاج والمعتمر - الحلقة الرابعة )))) دخول مكة: فإذا بلغ مكة اغتسل بذي طُوى، ويُسنّ دخول مكّة قبل عرفة من كَداء، ثم إذا بلغ الحرم يُستحبّ أن يقول: "اللهمّ هذا حرَمك وأمنك فحرِّمني على النار وءامنِّي عذابك يوم تَبعث عبادَك واجعلني مِنْ أوليائك وأهل طاعتِك". وينبغي أن يتحفَّظَ في دخوله من إيذاء الناس في الزحمة ويتلطّف بمن يُزاحمه، ويلحَظ بقلبه جلالة البُقعة التي هو فيها والتي هو متوجه إليها ويُمهّد عُذراً لمن يزاحمه. ويُستحبُّ إذا وقع بصره على البيت العتيق أن يرفع يديه ويقول: “اللهمّ زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً وتكريماً ومهابةً وزد مَن شرَّفه وعظَّمه ممن حجّه أو اعتمرَه تشريفاً وتكريماً وتعظيماً وبِرّاً”، ويضيف إليه “اللهمّ أنت السلام ومنك السلام فحيّنا ربّنا بالسلام”، ويدعو بما أحبّ من مهمّات الآخرة والدنيا، وأهمّها سؤال المغفرة لأنه ورد أنه يُستجاب دعاء المسلم عند رؤية الكعبة. والدخول من باب بني شيبة مُستحب لكل قادم من أي جهة كان بلا خلاف، ويدخل المسجد برجله اليمنى ويقول: “أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم بسم الله والحمد لله، اللهمّ صلِّ على محمّد وعلى ءاله وسلّم، اللهمّ اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك”. طواف القدوم: وهو سنة: وهو سنةٌ من سُنن الحج بَدَل تحية المسجد، فيستحب للحاج أن لا يُعرّج ساعة دخوله على استئجار بيت أو حط قماش ولا شىء ءاخر قبل الطواف، ويقف بعض الرفقة عند المتاع حتى يطوفوا ثم يرجعوا إلى متاعهم وإلى استئجار المنزل. كيفية الطواف: إذا دخل المسجد فليقصد الحجر الأسود، ويُستحبّ أن يستقبل الحجر الأسود بوجهه ويدنو منه بشرط أن لا يؤذي أحداً بالمزاحمة فيستلمه ثم يُقبّله، ويضع جبهته عليه ويكرر ذلك ثلاثاً مع التقبيل. ويُشترط للطواف الطهارة من الجنابة والحيض والنفاس ومن الحدث الأصغر ومن النجاسة التي لا يُعفى عنها في الثوب، ويشترط أيضاً ستر العورة. ثم يبتدىء الطواف ويقطع التلبية في الطواف ويُستحبُّ أن يقول عند ابتدائه: “بسم الله، الله أكبر اللهمّ إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاءً بعهدك واتّباعاً لسنّة نبيّك محمد صلى الله عليه وسلم”. والطواف بالبيت سبع مرات، يبدأ الحاج بالحجر الأسود وتكون الكعبة عن يسار الطائف بجميع طوافه، فلو تَحَوَّل صدره بحيث صارت الكعبة مواجِهةً له أو خلفه بسبب الزحمة وَجَبَ عليه أن يعود إلى المكان الذي تحوّل صدره عنه ويُتمّ طوافه، وإن لم يستطِع الرجوع أتى بشوط بدله، ولو تلفّت برأسه لم يَضُر، ولو شكّ في العدد أخذ بالأقل كالصلاة. ويُستحبّ أن يضطبع مع دخوله في الطواف فإن اضطبع قبله بقليل فلا بأس، والاضطباع هو تغطية الكتف الأيسر وكشف الأيمن، ويُستحب له أيضاً الرّمَل وهو الإسراع في المشي مع تقارُب الخُطا دون الوُثوب والعَدْوِ ويُقال له الخَبَب ويقول فيه: “اللهمّ اجعله حجّاً مبروراً وذنباً مغفوراً وسعياً مشكوراً”، والرَّمَل مُستحبٌّ في الطوفات الثلاث الأولى ويُسن المشي على الهيْنة في الأربع الأخيرة ويقول فيها: “اللهمّ اغفِر وارحمْ واعْفُ عمّا تعلمْ وأنت الأعزُّ الأكرمْ، اللهمّ ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار”. ويُستحبّ كذلك استلام الحجر الأسود وتقبيله واستلام اليماني وتقبيل اليد بعده عند محاذاتهما في كل طَوْفة وهو في الأوتار ءاكد لأنهما أفضل، فإن منعته الزحمة من التقبيل اقتصر على الاستلام، فإن لم يُمكنه أَشارَ بيده أو بشىء في يده ثم يُقبّل ما أشار به ولا يشير بالفم إلى التقبيل، ولا يُستحب للنساء استلامٌ ولا تقبيلٌ إلا عند خُلُو المطاف. ويُستحبّ أن يُكثر في طوافه بين الحجر الأسود إلى أن يصل إلى الركن اليماني من قول: “سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر”. فإذا فرغ من الطواف صلّى ركعتي الطواف وهما سنة مؤكدة، والسنة أن يصليهما خلف المقام، فإن لم يصلهما خلف المقام لزحمةٍ أو غيرها صلاهما في الحِجر، فإن لم يفعل ففي المسجد، وإلا ففي الحرَم، وإلا فخارج الحرم، ولا يتعيّن لهما مكان أو زمان بل يجوز أن يُصليهما بعد رجوعه إلى وطنه. يتبع... إن شاء الله. والله من وراء القصد. |
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
(((( دليل الحاج والمعتمر - الحلقة الخامسة )))) الخروج إلى مِنى (8 ذو الحجّة): وهو سنة: والسُّنة أن يخرُج إلى مِنى يوم الثامن من ذي الحِجّة، فيبيت فيها ويُصلي فيها خمس صلوات ءاخرها صُبح يوم عَرفة (9 ذو الحجّة)، ثم يذهب بعد إشراق شمس ذلك اليوم إلى نَمِرة وهي ملاصقة لعرفة، ويغتسل فيها ويمكث فيها إلى أن تزول الشمس، ثم ينتقل من نَمِرة إلى المسجد الذي هو جزءٌ منه مِن عرفة وجزءٌ منه ليس منها، ويصلي فيه الظهر والعصر جمع تقديم، فلا يدخل عرفات إلا بعد الزوال والصلاتين. الوقوف بعرفة (9 ذو الحجّة): وهو ركن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة"، رواه أحمد وأصحاب السنن، فالوقوف في عرفة ركنٌ من أركان الحجّ. يتوجّه الحُجّاج إلى عرفة وهو جبل معروف هناك، واستحسن بعض العلماء أن يقول في مسيره لعرفة: "اللَّهمّ إليك توجّهت ولوجهك الكريم أردتُ، فاجعل ذنبي مغفوراً وحجي مبروراً وارحمني ولا تُخيّبني إنك على كل شىء قدير"، ويُكثر من التلبية. ووقت الوقوف بعرفة من زوال يوم التاسع من ذي الحجة إلى طلوع فجر اليوم العاشر من ذي الحجة وهو يوم عيد الأضحى، ويحصل الفرض بالوقوف ولو لحظة في ذلك الوقت، والأفضل أن يجمع بين الليل والنهار فيدخل بعد الزوال وبعد أن يصلي الظهر والعصر جمع تقديم ولا يخرج منها قبل المغرب، والأفضل للرجال أن يقفوا في موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصخرات الكبار المُفترِشة أسفل جبل الرحمة، وللنساء حاشية الموقف حتى لا يُزاحمنَ الرجال. والأفضل أن يكون مُستقبلاً للقبلة مُتطهراً ساتراً عورته، فلو وقف مُحدِثاً أو جُنُباً أو حائضاً أو عليه نجاسة أو مكشوف العورة صحّ وقوفه ولكن فاتته الفضيلة. ويُستحبّ أن يكون مُفطراً فلا يصوم وأن يكون حاضر القلب فارغاً من الأمور الشاغلة عن الدعاء، وينبغي أن يُقدم قضاء أشغاله قبل الزوال ويتفرغ بظاهره وباطنه عن جميع العلائق. ويُستحبّ أن يُكثر من الدعاء والتهليل وقراءة القرءان فهذه وظيفة هذا الموضع المبارك ولا يُقصّر في ذلك، ويُكثر الذكر والدعاء قائماً وقاعداً ويرفع يديه في الدعاء ولا يجاوز بهما رأسه، ولا يتكلف السجع في الدعاء، ويُستحب أن يخفض صوته بالدعاء، ويُكره الإفراط في رفع الصوت، وينبغي أن يُكثر من التضرّع فيه والخشوع فيه وإظهار الضعف والافتقار والذلة، ويُلحّ في الدعاء ولا يستبطىء الإجابة بل يكون قوي الرجاء للإجابة، ويكرر كل دعاء ثلاثاً، ويفتتح دعاءه بالتحميد والتمجيد لله تعالى والتسبيح والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويختمه بمثل ذلك، وليختم دعاءه بآمين. ويُستحب أن يُكثر من التلبية رافعاً بها صوته، وينبغي أن يأتي بهذه الأنواع كلها فتارة يدعو وتارة يهلل وتارة يكبر وتارة يلبّي وتارة يُصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم وتارة يستغفر. وليدعُ لنفسه ووالديه وأقاربه وشيوخه وأصحابه وأحبابه وأصدقائه وسائر من أحسن إليه وسائر المسلمين، وليحذر كل الحذر من التقصير في ذلك فإن هذا اليوم لا يمكن تَداركه بخلاف غيره، وليكثر من البكاء مع الذكر والدعاء فهناك تُسكب العبرات وتُستقال العثرات وتُرجى الطلبات، وإنه لمجمع عظيم وموقف جسيم يجتمع فيه خِيار عباد الله المخلصين وخواصّه المقربين وهو أعظم مجامع الدنيا، وقيل: إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة غُفر لكل أهل الموقف. ومن الأدعية المختارة: "اللهم ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار، اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرةً من عندك تُصلح بها شأني في الدارين، وارحمني رحمةً منك أَسعَدُ بها في الدارين، وتُبْ عليَّ توبةً نصوحا لا أنكثها أبداً، وألزمني سبيل الاستقامة لا أزيغُ عنها أبداً، اللهم انقلني من ذلّ المعصية إلى عزّ الطاعة، وأغنني بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وبفضلِك عمن سواك، ونوّر قلبي وقبري وأعذني من الشرّ كلّه واجمع لي الخير كله، أستودعك ديني وأمانتي وقلبي وبدني وخواتيمَ عملي وجميع ما أنعمتَ به عليّ وعلى جميع أحبّائي والمسلمين جميعاً". ولتحذر أخي المسلم من المخاصمة والمشاتمة والمنافرة والكلام القبيح، واحترز غاية الاحتراز من احتقار من تراه رثّ الهيئة أو مقصّراً في شىء غير واجب. تنبيه: ما اشتُهِر عند العوام من الاعتناء بالوقوف على جبل الرحمة الذي بوسط عرفات وترجيحهم له على غيره من أرض عرفات حتى ربما توهّم كثيرٌ من جهلتهم أنه لا يصِح الوقوف إلا به فخطأ مخالف للسنة. يتبع... إن شاء الله. والله من وراء القصد. |
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
(((( دليل الحاج والمعتمر - الحلقة السادسة )))) المبيت بمزدلفة: وهو سنة على قول في المذهب الشافعي، واجب على قول ءاخر: ثم يرحل الحاج من عرفات إلى مُزدلفة (وهي أرض ما بين مِنى وعرفات) مُلبّياً، فإذا وصل مزدلفة باتَ، ويُستحبّ أن يغتسل في مُزدلفة بالليل للوقوف بالمشعر الحرام وللعيد، والمشعر الحرام هو قُزَح، جبلٌ صغير ءاخر المزدلفة. وليعتنِ الحاضر بها بإحيائها بالعبادة من الصلاة والتلاوة والذكر والدعاء والتضرّع ويتأهب بعد نصف الليل. التقاط الجمار: ويأخذ من المزدلفة حصى الجِمار لجمرة العقبة يوم النحر (ويوم النحر هو العاشر من ذي الحجة)، وهي سبع حصيات والاحتياط أن يزيد فربما سقط منها شىء. ومن أراد المبيت بمنى ليلة الثالث من أيام التشريق (ثالث أيام التشريق هو الثالث عشر من ذي الحجة) يلتقط ثلاثةً وستين حصاةً من مزدلفة، ومن أراد الخروج من مِنى قبل غروب شمس اليوم الثاني من أيام التشريق (الثاني عشر من ذي الحجة) يلتقط اثنتين وأربعين حصاةً، ويكون الحصى صغاراً نحو حبة الباقلاء. فإذا وصل الحاج المشعر الحرام صعده إن أمكنه وإلا وقف عنده أو تحته، ويقف مستقبلاً الكعبة فيدعو ويحمد الله تعالى ويكبره ويهلله ويوحّده ويكثر من التلبية. ويُستحب أن يقول: "اللهم كما أوقفتنا فيه وأريْتنا إيّاه فوفّقنا لذِكرك كما هديْتنا واغفر لنا وارحمنا كما وعدتّنا بقولك وقولك الحق: "فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (البقرة/198-199")، ويُكثر من قول : "اللهمّ ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار"، ويدعوا بما أحبّ ويختار الدعوات الجامعة وبالأمور المهمة ويكرر دعواته. رمي الجمار (10-13 ذو الحجة): وهو واجب: والجمار ثلاث: 1- جمرة العقبة: وتسمى الجمرة الكبرى، وهي التي تكون أقرب الجمرات الثلاث إلى مكة. 2- الجمرة الثانية: وتسمى الجمرة الوُسطى، وهي ما بين الجمرة الأولى وجمرة العقبة. 3- الجمرة الأولى: وتُسمى الصغرى وهي تلي مسجد الخَيْف وهي أولهنّ من جهة عرفات. ويدخل وقت رمي جمرة العقبة بمنتصف ليلة العيد ويبقى إلى غروب الشمس من ءاخر أيام التشريق. يخرج الحاج من مزدلفة فجر يوم العيد إلى مِنى لرمي جمرة العقبة والسنة أن يرميها بعد طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح، ويكرر الحاج رمي جمرة العقبة والوُسطى والصغرى بعد الزوال من كل يوم من أيام التشريق الثلاثة. كيفية الرمي: ويُشترط لصحة الرمي: 1- كَوْن المَرمِيّ به حجراً. 2- وأن يُكون رمياً فلا يكفي الوضع. 3- وأن يرميها حصاةً حصاةً بيده في الحوض المخصّص لها. ويُسن أن يرفع يده في رميها حتى يُرى بياض إبطه، ولا ترفع المرأة، وأن يقطع التلبية بأول حصاةٍ يرميها ويُكبّر بدل التلبية، والمشروع أن يقول: "الله أكبر الله أكبر، الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بُكرةً وأصيلا، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يُحيي ويُميت وهو على كل شىء قدير، لا إله إلا الله ولا نعبدُ إلا إياهُ مُخلصين له الدين ولو كرِه الكافرون، لا إله إلا الله وحده صَدَقَ وعده ونَصَرَ عبده وهزمَ الأحزاب وحده، لا إله إلا الله والله أكبر". يتبع... إن شاء الله. والله من وراء القصد. |
بوركت يا أشعري
|
بسم الله الرحمن الرحيم
نشكر الاخ أشعري على بيان هذا الطلب المفيد |
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
أعتذر عن التأخر في إكمال الحلقات ولذلك سأنزل اليوم إن شاء الله حلقتين متتابعتين. وأود أن أقول لمن يشكرني من الإخوة الأفاضل على هذه الحلقات: بارك الله فيكم فهذا أقل ما نستطيع أن نخدم به حجاج بيت الله ومعتمريه رزقنا الله وإياكم حج بيته حجاً مبروراً خالصاً لوجهه الكريم. (((( الحلقة السابعة - دليل الحاج والمعتمر )))) الهَدْي: ينحر الحاج المتمتّع أو القارِن الهديَ في مِنى بعد الرمي يوم العيد. الحلق أو التقصير: وهو ركن: يبدأ وقت الحلق أو التقصير من النصف الثاني من ليلة العيد، وقبل ذلك حرام أن يزيل الحاج والحاجّة شعرة واحدة من بدنهما. وأقل واجب الحلق ثلاث شعرات حلقاً أو تقصيراً من شعر الرأس، ومن لا شعر على رأسه يُستحب أن يُمِرّ الموسَى عليه. والحلق للرجل أفضل من التقصير بالمقص لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اللَّهمّ اغفر للمُحلّقين، قالوا: والمُقصّرين يا رسول الله، قال: اللَّهمّ اغفر للمُحلّقين، قالوا: والمُقصّرين يا رسول الله، ثم قال: وللمُقصّرين”، رواه البخاري. والسنة أن يكون الحلق أو التقصير يوم النحر، والأفضل بعد طلوع الشمس وقبل طواف الركن والسعي، ويُسنّ حلق جميعه للذكر، وأما المرأة فتُقصّر، ويُستحبّ جميع جوانب رأسها. طواف الإفاضة: وهو ركن: ولا يصحّ طواف الإفاضة إلا بعد نصف ليلة العيد، ويصحّ قبل رمي جمرة العقبة أو بعده وقبل الحلق أو بعده، والأحسن أن يكون بعد الرمي والحلق أو التقصير، وفي كيفيته فليراجع ما قلناه في طواف القدوم. التحلّل الأول: إذا فعل الحاجّ اثنين من ثلاثة يكون قد تحلّلَ التحلّل الأول وهذه الثلاثة هي: رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير وطواف الفرض. السعي بين الصفا والمروة: وهو ركن: لا يصحّ السعي إلا بعد طواف، فمن شاء سعى بنية الفرض بعد طواف القدوم، وله أن يؤخره بعد أن يطوف طواف الإفاضة. كيفية السعي: السنة أن يخرج من باب الصفا ويأتي سفح جبل الصفا فيصعد قدر قامة حتى يرى البيت وهو يتراءى له من باب المسجد باب الصفا، لا من فوق جدار المسجد بخلاف المروة، فإذا صعد استقبل الكعبة وهلّل وكبّر ويقول: “الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أَوْلانا، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شىء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مُخلصين له الدين ولو كرِه الكافرون". ثم يدعو بما أحب من أمر الدين والدنيا، وحسنٌ أن يقول: “اللَّهمّ إنك قلت وقولك الحق: "ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ"، وإنك لا تُخلف الميعاد وإني أسألك كما هديتني للإسلام أن لا تنزِعه مني وأن تتوفاني مسلماً”، ثمّ يضمّ إليهِ ما شاء من الدعاء ولا يُلبي، ويقول أثناء سعيه: "ربّ اغفِر وارحمْ وتجاوز عمّا تعلمْ إنك أنت الأعزُّ الأكرمْ". ثم ينزل من الصفا متوجهاً إلى المروة فيمشي حتى يبقى بينه وبين الميل الأخضر المعلّق بفناء المسجد على يساره قدر ستة أذرعٍ، ثم يسعى سعياً شديداً حتى يتوسّط بين الميلين الأخضرين اللذَيْن أحدهما في ركن المسجد والآخر متّصل بدار العباس رضي الله عنه، ثم يترك شِدة السعي ويمشي على عادته حتى يصل المروة فيصعد عليها حتى يظهر له البيت فإن ظهر فيأتي بالذكر والدعاء كما فعل على الصفا، فهذه مرة من سعيه، ثم يعود من المروة إلى الصفا فيمشي في موضع مشيه في مجيئه ويسعى في موضع سعيه فإذا وصل الصفا صعده وفعل كما فعل أولاً وهذه مرة ثانية من سعيه، ثم يعود إلى المروة فيفعل كما فعل أولاً ثم يعود إلى الصفا وهكذا حتى يُكمل سبع مرات، يبدأ بالصفا ويختم بالمروة. ويستحب أن يسعى على طهارة ساتراً عورته فلو سعى مكشوف العورة أو مُحدِثاً أو جنباً أو حائضاً أو عليه نجاسةٌ صحّ سعيه. ويُستحبّ أن يكون في موضع السعي الذي سبق بيانه سعياً شديداً فوق الرَّمَلِ إن ترك ذلك فاتته الفضيلة، وأما المرأة فالأصح أنها لا تسعى أصلاً بل تمشي على هَيْنتِها بكل حال، وإذا كَثُرت الزحمة فينبغي أن يتحفَّظ من إيذاء الناس، وإذا عجز عن السعي الشديد في موضعه للزحمة تشبّه في حركته بالساعي. مبيت مِنى ورمي الجمرات أيام التشريق: وهو واجب: ثم يذهب الحاج إلى مِنى ليلة أول يوم من أيام التشريق(11 ذو الحجة) ويبيت فيها وبعد دخول الظهر من أول أيام التشريق يرمي الجمرات الثلاث، ويُشترط فيه أن يكون بعد دخول وقت صلاة الظهر وترتيب الجمرات، فيبدأ بالجمرة الصغرى فيرميها بسبع حصيات ثم يرمي الوسطى بسبعٍ ثم يختم بجمرة العقبة التي رماها الحاج يوم العيد فيرميها بسبعٍ. وفي الثاني من أيام التشريق يفعل مثل ما فعل في اليوم الأول. ثم إذا غَرُبت عليه شمس ثاني أيام التشريق وهو بمِنى وجب عليه رمي اليوم الثالث، ويرمي كاليوم الأول والثاني. ومن أراد أن يرمي اليوم الأول والثاني من أيام التشريق فقط عليه أن يخرج من مِنى قبل غروب شمس اليوم الثاني ويُسمى هذا النفر الأول. ومن خاف على نفسه من الزحمة فله أن يُؤخر كل الرمي إلى اليوم الثالث من أيام التشريق إن شاء، ويُستحب للحاج أن يغتسل للرمي. تنبيهان: 1- ليس للحاج أن يُوكّل بالرمي غيره إلا إذا كان عاجزاً عن الرمي بنفسه، فمن يضع الجمرات في كيس ويرمي عن جماعة قادرين على الرمي لم يصح. 2- أُمِرنا نحن معاشر أمة محمد بهذا الرمي إحياءً لسنة إبراهيم عليه السلام وفي ذلك رمزٌ لمشروعية مخالفة الشيطان وإهانته وليست هذه الأماكن مسكناً للشيطان كما يزعم بعض الناس. طواف الوداع: وهو واجب على قول وسنة على قول ءاخر: ثم بعد إنهاء الحاج والمعتمر من مناسكه يجب على قول في مذهب الإمام الشافعي أن يطوف طواف الوداع، وفي كيفيته فليراجع ما قلناه في طواف القدوم.. ويُسن أن يقول الحاج في رجوعه من سفر الحج: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير، ءايبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده". يتبع... إن شاء الله. والله من وراء القصد. |
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
(((( دليل الحاج والمعتمر - الحلقة الثامنة ))) أعمال العمرة: وهي فرض مرة في العمر عند الإمام الشافعي: العمرة فرض عند الإمام الشافعي مرة واحدة في العمر ولكن يُستحب الإكثار منها ولا سيّما في رمضان، فمن أنهى الحج وأراد أن يعتمر يخرج إلى خارج الحرم كمنطقة التنعيم حيث مسجد السيدة عائشة وينوي العمرة بقلبه، فيقول: "نويت العمرة وأحرمت بها لله تعالى”، ثم يدخل مكة فيطوف سبعاً ويسعى بعده سبعاً ثم يحلق الرجل أو يُقصّر والمرأة تُقصّر والترتيب هنا في جميع أركان العمرة واجب، أي يبتدىء بالإحرام ثم الطواف ثم السعي ثم التحليق، وبهذا تنتهي أعمال العمرة. محرمّات الإحرام: 1- يحرُم على المُحرم ستر رأسه ولُبس محيط كالسروال والقميص. 2- يحرُم على المُحرمة سَتر وجهها ولُبس قفاز. 3- يحرُم على المُحرم والمُحرمة بعد الإحرام التطيُّب في ملبوس أو بدن. 4- يحرُم دهن الرأس أو اللحية بالزيت أو غيره من الأدهان ولو غير مُطيَّب. 5- ويحرُم عليهما قصّ ظفرٍ وإزالة شعر من الرأس وغيره. 6- ويحرُم عليهما جِماع ومُقدماته. 7- ويحرُم عقد نكاح ولا يَصِح. 8- ويحرُم الاصطياد أي التعرُّض لصيد مأكولٍ بريّ وحشيّ سواء كان طيراً أو غيره. 9- ويحرُم صيد الحرمين (الحرم المكي والمدني( وقطع نباتهما على محرِم وغير المحرِم. فمن فعل شيئاً من المحرّمات فعليه الإثم والفدية إلا عقد النكاح، أما من عمل عقد النكاح فعليه معصية من غير فدية. والفدية في الطيب والدهن ولبس المحيط بخياطة للرجل وإزالة الشعر والظفر ومقدمات الجماع )قبل التحلُّل الأول( ذبح شاة أو التصدق بثلاثة ءاصع (جمْعُ صاع وهو أربعة أمداد والمُدّ مِلء الكفين المُعتدلتين) من غالب قوت البلد لستة مساكين أو صوم ثلاثة أيام، ويُسمى هذا دم تخيير وتقدير. وأما فدية الصيد فإن كان هذا الصيد له مِثل من الأنعام الثلاثة (الإبل والبقر والغنم) فعليه ذلك المِثل، مع تخييره بين ذبحه وتوزيعه لفقراء الحرم وبين إعطائهم طعاماً بقيمته أو صومه عن كل مُدّ يوماً، ويُسمى ذلك دم تخيير وتعديل لأن فيه اعتبار القيمة. والجماع قبل التحلّل الأول يُفسد الحج وتلزمه الكفارة، ويلزم إتمامه والقضاء فوراً (أي في السنة القابلة) هذا إن كان عامداً غير ناسٍ أو جاهلٍ لكونه بعيداً عن العلماء، والكفارة هي: بَدَنة أي إبل فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد فسَبْعُ شِياه فإن لم يستطع قوّم البدنة واشترى بقيمتها طعاماً وتصدّق به فإن لم يستطِع صام عن كل مدّ يوماً. ومن ترك الإحرام من الميقات أو ترك رمي الجمرات الثلاث فعليه ذبح شاة فإن عجز صام عشرة أيام، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله. تنبيه: من تَحلَّل التحلُّل الأول جاز له بعض ما يحرُم على المُحرم كلبس السروال والقميص ووضع الطيب ودهن الرأس ونتف الشعر إلا الجماع وعقد النكاح، والتحلّل الأول يكون بفعل اثنين من ثلاثة: طواف الإفاضة والحلق أو التقصير ورمي جمرة العقبة. أما من تَحلَّل التحلُّل الثاني فله أن يفعل جميع ما حرُم عليه، والتحلُّل الثاني يكون بإتمام طواف الإفاضة والحلق أو التقصير ورمي جمرة العقبة. يتبع... إن شاء الله. والله من وراء القصد. |
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
(((( دليل الحاج والمعتمر – الحلقة التاسعة )))) زيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام من أعظم القُرَب: تُسنّ زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم بالإجماع للمقيمين بالمدينة ولأهل الآفاق القاصدين بسفرهم زيارة قبره الشريف، وهي من القُرَب العظيمة. وعليك أخي المسلم أن تعقد في قلبك النية على زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويُستحب لك أن تنوي مع زيارته صلى الله عليه وسلم التقرُّب إلى الله تعالى بالمسافرة إلى مسجده والصلاة فيه. ولا تلتفت أخي المسلم لمن يحرّمون زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم يضيقون على الناس ويحرمون ما أحلّه النبي والعلماء من بعده، فلا يجوز العمل بكلامهم بل يجب نبذه والإعراض عنه، فهؤلاء يخالفون إجماع أئمة الاجتهاد الأربعة وغيرهم، وإليك أخي المسلم الأدلة على جواز زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم: أولاً: من الحديث النبوي الشريف: روى الحاكم في المستدرك من حديث أبي هريرة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليَهْبِطَنَّ عيسى ابن مريم حكَماً مُقسِطا، وليسلُكنَّ فجّاً حاجّاً أو مُعتمرا، وليأتينَّ قبري حتى يُسلّم عليَّ، ولأردنَّ عليه"، صححه الحاكم ووافقه الذهبيّ. وروى الحافظ الطبراني والحافظ سعيد بن السّكَن في كتابه السُّنن الصّحاح وصحّحه من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من جاءني زائراً لا يهُمُّه إلا زيارتي كان حقّاً عليّ أن أكون له شفيعاً". وروى الدارقُطني والبزّار بإسنادهما عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "من زار قبري وجبت له شفاعتي"، صححّه الحافظ تقي الدين السبكي ووافقه الحافظ السيوطي. ثانياً: الإ جماع على مشروعية زيارة قبر النبي: إعلم أخي المسلم أن مشروعية زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم محل إجماعٍ لم يخالف في ذلك إلا شِرذمة لا وزن لهم، أما علماء المذاهب الأربعة فهم يدٌ واحدة في هذه المسألة، والدليل على ذلك هو الإجماعُ على زِيارة قَبرِه الشريف والذي نقله القاضي عياض اليَحْصِبي المالكي عالم المغرب في زمانه حيث قال في كتابه "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (ج2/83): "وزيارة قبره صلى الله عليه وسلم سُنّة من سُنن المسلمين مُجمعٌ عليها مُرغّبٌ فيها". ثالثاً: أَقوال العلماء على جواز زيارة قبر النبي: أجاز العلماء من المذاهب الأربعة تخصيص قبر النبي صلى الله عليه وسلم بالزيارة، وهذه أخي المسلم بعض أقوالهم في هذه المسألة: من الحنفية: قال العلامة الهُمام الشيخ نظام الحنفي في "الفتاوى الهندية" (ج1/265): "خاتمة في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم: قال مشايخنا رحمهم الله تعالى أنها أفضل المندوبات وفي مناسك الفارسي وشرح المختار أنها قريبة من الوجوب لمن له سعة، والحج إن كان فرضاً فالأحسن أن يُبدأ به ثم يُثنّي بالزيارة وإن كان نفلاً كان بالخيار، فإذا نوى زيارة القبر فلينوِ معه زيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم". من المالكية: قال القاضي عياض اليحصبي المالكي في "الشفا" (ج2/83): "وزيارة قبره صلى الله عليه وسلم سُنّة من سُنن المسلمين مُجمعٌ عليها مُرغّبٌ فيها". من الشافعية: قال الإمام النووي الشافعي في كتابه "الأذكار": "إعلم أنه ينبغي لكل مَن حجّ أن يتوجّه إلى زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء كان ذلك طريقه أو لم يكن، فإن زيارته صلى الله عليه وسلم من أهم القربات والمساعي وأفضل الطلبات". من الحنابلة: قال ابن قدامة المقدسي في كتابه "المغني" (ج3/599): "ويُستحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لما روى الدارقطني عن ابن عُمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حجّ فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي". بعد هذا كله أخي المسلم فلتكُن على يقين من مشروعية تخصيص قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بالزيارة، فالرسول عليه الصلاة والسلام رغّب في زيارة قبره الشريف وانعقد الإجماع على ذلك. يتبع... إن شاء الله. والله من وراء القصد. |
عذراً، لقد حذفت المقال هنا لأنه مكرر عن الذي سبقه الخاص بزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
|
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
(((( دليل الحاج والمعتمر – الحلقة العاشرة )))) من ءاداب زيارة النبي صلى الله عليه وسلم: أولاً: إذا انصرف الحجّاج والمعتمرون من مكة فليتوجهوا إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيارة تربته فإن زيارته صلى الله عليه وسلم من أهم القربات وأنجح المساعي. ثانياً: ويُستحب لك أخي المسلم أن تنوي مع زيارته صلى الله عليه وسلم التقرُّب إلى الله تعالى بالمسافرة إلى مسجده والصلاة فيه. ثالثاً: يُستحب للمتوجه إلى زيارته صلى الله عليه وسلم أن يُكثر من الصلاة والتسليم عليه في طريقه، فإذا وقع بصره على أشجار المدينة وحرمها وما يُعرف بها زاد من الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسأل الله تعالى أن ينفعه بزيارته صلى الله عليه وسلم وأن يتقبلها منه. رابعاً: يُستحب أن يغتسل قبل دخوله ويلبس أنظف ثيابه. خامساً: يستحضر في قلبه حينئذٍ شرف المدينة وأنها أفضل الدنيا بعد مكة عند بعض العلماء وعند بعضهم أفضلها على الإطلاق، وأن الذي شَرُفت به هو الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم خير الخلائق أجمعين. وليكن من أوّل قدومه إلى أن يرجع مستشعراً تعظيمه ممتلىء القلب من هيبته كأنه يراه. سادساً: إذا وصل إلى باب مسجده صلى الله عليه وسلم فليقل ما قدّمناه لاحقاً في دخول المسجد الحرام، ويُقدم رجله اليمنى في الدخول واليسرى في الخروج وكذا يفعل في جميع المساجد، ويدخل فيقصد الروضة الكريمة وهي ما بين المنبر والقبر فيصلي تحية المسجد بجنب المنبر. ويستقبل السارية التي إلى جانبها الصندوق وتكون الدائرة التي في قِبلة المسجد بين عينيه فذلك موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وُسّع المسجد بعده. سابعاً: إذا صلى التحية في الروضة أو غيرها من المسجد شكر الله على هذه النعمة ويسأله إتمام ما قصده وقبول زيارته، ثم يأتي القبر الكريم فيستدبر القبلة ويستقبل جدار القبر. ويبعد من رأس القبر نحو أربعة أذرع ويقف ناظراً إلى أسفل ما يستقبله من جدار القبر غاض الطرف في مقام الهيبة والإجلال فارغ القلب من علائق الدنيا مُستحضراً في قلبه جلالة موقفه ومنزلة من هو بحضرته، ثم يُسلم ولا يرفع صوته بل يقتصد فيقول: "السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا خيرَة الله، السلام عليك يا خير خلق الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا نذير، السلام عليك يا بشير، السلام عليك يا طاهر، السلام عليك يا نبي الرحمة، السلام عليك يا نبي الأمة، السلام عليك يا أبا القاسم، السلام عليك يا رسول رب العالمين، السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتَم النبيين، السلام عليك يا خير الخلائق أجمعين، السلام عليك يا قائد الغُرّ المُحَجَّلين، السلام عليك وعلى ءالك وأهل بيتك وأزواجك وذريتك وأصحابك أجمعين، السلام عليك وعلى سائر الأنبياء وجميع عباد الله الصالحين، جزاك الله عنا أفضل ما جزى نبياً ورسولاً عن أمته وصلى الله عليك كلما ذكرك ذاكر وغفلَ عن ذكرك غافل أفضلَ وأكملَ وأطيبَ ما صلّى على أحد من الخلق أجمعين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنك عبده ورسولُه وخيرتُه من خلقِه، وأشهد أنك قد بلّغتَ الرسالة وأديتَ الأمانة ونصحتَ الأمة وجاهدتَ في الله حقَّ جهاده، اللَّهمّ وءاتِه الوسيلةَ والفضيلةَ وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، وءاتِه نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون، اللهمّ صلِّ على محمد عبدك ورسولك النبي الأمّيّ وعلى ءال محمد وأزواجه وذريته كما صلّيت على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمّيّ وعلى ءال محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد". ومن عجز عن حِفظ هذا أو ضاق وقته عنه اقتصر على بعضه، وأقلُّهُ: "السلام عليك يا رسول الله". ثم يتأخر قدر ذراع إلى جهة يمينه فيُسلّم على أبي بكر رضي الله عنه قائلاً: "السلام عليك يا أبا بكر صفيَّ رسول الله وثانيه في الغار جزاك الله عن أمة نبيه صلى الله عليه وسلم خيراً"، ثم يتأخر ذراعاً ءاخر للسلام على عمر رضي الله عنه فيقول: "السلام عليك يا عمر الذي أعزّ الله بك الإسلام جزاك الله عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خيراً". ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه النبي صلى الله عليه وسلم ويتوسّل به بحق نفسه ويتشفّع به إلى ربه سبحانه وتعالى. يتبع... إن شاء الله. والله من وراء القصد. |
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
(((( دليل الحاج والمعتمر – الحلقة الحادية عشرة )))) بعض الأماكن التي يُستحب زيارتها في المدينة: البقيع: يُستحب أن يخرج كل يوم إلى البقيع خصوصاً يوم الجمعة ويكون ذلك بعد السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا انتهى إليه قال: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم السابقون وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، اللَّهمّ اغفر لأهل بقيع الغرقد، اللَّهمّ اغفر لنا ولهم". ويزور القبور الظاهرة فيه كقبر إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعثمان والعباس، والحسن بن علي، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد وغيرهم، ويختم بقبر صفيّة رضي الله عنها عمّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في الصحيح في فضل قبور البقيع وزيارتها أحاديث كثيرة. شهداء أُحد: ويُستحب أن يزور قبور الشهداء بأحد وأفضله يوم الخميس وابتداؤه بحمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم ويبكر بعد صلاة الصبح بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قُباء: ويُستحب استحباباً متأكداً أن يأتي مسجد قُباء وهو في يوم السبت أولى، ناوياً التقرب بزيارته والصلاة فيه للحديث الصحيح في كتاب الترمذي وغيره عن أُسيد بن ظهير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة في قُباء كعمرة"، وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قُباء راكباً وماشياً فيصلي فيه ركعتين"، وفي رواية صحيحة: "كان يأتيه كل سبت". بئر أريس: يُستحب أن يأتي بئر أريس التي رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم تفل فيها وهي عند مسجد قٌباء فيشرب من مائها ويتوضأ منه. بقية المشاهد: يُستحب أن يأتي ما بقي من المشاهد بالمدينة وكانت نحو ثلاثين موضعاً يعرفها أهل المدينة فليقصد ما قدر عليه منها وكذا يأتي الآبار التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ منها ويغتسل، فيشرب ويتوضأ وهي سبعة ءابار. الخروج من المدينة: وإذا أراد الحاج أو المعتمر الخروج من المدينة والسفر استُحب له أن يأتي القبر الشريف فيسلّم كما سلّم أولاً، ويعيد الدعاء، ويودّع النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: "اللَّهمّ لا تجعل هذا ءاخر العهد بحرم رسولك صلى الله عليه وسلم، ويسّر ليَ العَوْد إلى الحرمين سبيلاً سهلةً بمنّك وفضلك، وارزقني العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ورُدَّنا سالمين غانمين إلى أوطاننا ءامنين". يتبع... إن شاء الله. والله من وراء القصد. |
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
(((( دليل الحاج والمعتمر – الحلقة الثانية عشرة )))) جواز التوسّل بالنبي عليه الصلاة والسلام: قد يغتنم زائر النبي صلى الله عليه وسلم الفرصة ويتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو على بعد خطوات منه عليه الصلاة والسلام، وقد يواجه المتوسل بمن يمنع هذا التوسل أو يصفه بالشرك من عند نفسه بلا دليل ولا برهان، لذلك فقد وجدنا لزيادة الفائدة أن نلحق بهذه الحلقات هذا الفصل الذي نبين فيه جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته، وأنه ليس شركاً ولا حراماً ولا بدعة. إعلم أخي المسلم أنه لا دليل حقيقي يدل على عدم جواز التوسل بالأنبياء في حال الغيبة أو بعد وفاتهم بدعوى أن ذلك عبادة لغير اللّه، لأنه ليس عبادة لغير اللّه مجرد النداء لحي أو ميت، ولا مجرد الاستغاثة بغير اللّه، ولا مجرد قصد قبر نبي للتبرك، ولا مجرد طلب ما لم تجر به العادة بين الناس، ولا مجرد صيغة الاستعانة بغير اللّه تعالى. فهذه الأمور لا ينطبق عليها تعريف العبادة عند اللغويين، لأن العبادة عندهم: “الطاعة مع الخضوع”، قال الأزهري الذي هو أحد كبار اللغويين نقلاً عن الزجاج الذي هو من أشهرهم: “العبادة في لغة العرب الطاعة مع الخضوع”، وقال مثله الفراء، وقال بعضهم: “العبادة أقصى غاية الخشوع والخضوع”، وقال بعضٌ: “نهاية التذلل”. فكيف يقول بعض من لا حظ له من العلم إن الذي يتوسّل بالنبي صلى الله عليه وسلم صار مُشركاً لأنه عبد غير الله، وقد بيّنا أن العبادة هي غاية الخضوع والخشوع، ولا نعتقد بأحد مِنَ المسلمين الذين يتوسّلون بالنبيّ صلى الله عليه وسلم أنهم يعبدونه أو يعتقدون أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يضر وينفع على الحقيقة، بل الذي نعتقده فيهم أنهم يدينون لله بأنه هو الضّار والنافع على الحقيقة وإنما يتوسّلون بالنبي صلى الله عليه وسلم لمقامه عند الله عز وجل، وهذا هو الذي فهمه الصحابة والسلف الصالح من التوسل لذلك كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم وأخذ علماء الخلف منهم جواز التوسّل. فالذي يدعو الله بجاه محمد فهذا القول جائز ليس شركاً، فلا تلتفت أخي المسلم لمن يرمون الناس بالشرك لأنهم يدعون الله بجاه محمد، وإليك الأدلة على ما نقول: الدليل على جواز التوسل: والدليل على جواز التوسل بالنبي عليه الصلاة والسلام ما رواه الطبراني في معجميه الكبير والصغير عن الصحابي عثمان بن حُنيف: أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان، فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمانَ بن حنيف، فشكى إليه ذلك، فقال: “ائت الميضأة فتوضأ ثم صلّ ركعتين ثم قل: اللّهم إني أسألك وأتوجّه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي، ثم رُحْ حتى أروح معك”. فانطلق الرجل ففعل ما قال ثم أتى باب عثمان، فجاء البواب فأخذه بيده فأدخله على عثمان بن عفان، فأجلسه على طنفسته فقال: “ما حاجتك”، فذكر له حاجته، فقضى له حاجته، وقال: “ما ذكرتُ حاجتَك حتى كانت هذه الساعة”، ثم خرج من عنده فلقي عثمانَ بن حُنيف فقال: “جزاك اللّه خيراً ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إليّ حتى كلمته فيّ”، فقال عثمان بن حُنيف: “واللّه ما كلمته ولكن شهدت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد أتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال صلى اللّه عليه وسلم: “إن شئت صبرت وإن شئت دعوت لك، قال: يا رسول اللّه إنه شق علي ذهاب بصري وإنه ليس لي قائد، فقال له: ائت الميضأة فتوضأ وصلّ ركعتين ثم قل هؤلاء الكلمات” ففعل الرجل ما قال، فواللّه ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا الرجل وقد أبصر كأنه لم يكن به ضر قط”. قال الطبراني: “والحديث صحيح”، ففيه دليل على أن الأعمى توسّل بالنبي صلى اللّه عليه وسلم في غير حضرته، بل ذهب إلى الميضأة فتوضأ وصلى ودعا باللفظ الذي علّمه رسول اللّه، ثم دخل على النبي صلى اللّه عليه وسلم والنبي لم يفارق مجلسه لقول راوي الحديث عثمان بن حُنيف: فواللّه ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا وقد أبصر. وأما الدليل على جواز قول يا محمد مع الاعتقاد أنه لا ضار ولا نافع على الحقيقة إلا اللّه فهو ما رواه الإمام البخاري في كتابه الأدب المفرد تحت باب: ما يقول الرجل إذا خدرت رجله، قال: “خدِرت رجل ابن عمر فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك، فقال: يا محمد”. وإليك أخي المسلم أقول العلماء من المذاهب الأربعة الدّالة على جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنه ليس شركاً: جواز التوسل بالنبي من أقوال العلماء: من الحنفية: قال الشيخ نظام الحنفي في الفتاوى الهندية (ج1/266) من كتاب المناسك: باب: خاتمة في زيارة قبر النبي صلى اللّه عليه وسلم، بعد أن ذكر كيفية وءاداب زيارة قبر الرسول صلى اللّه عليه وسلم، ذكر الأدعية التي يقولها الزائر فقال: “ثم يقف (أي الزائر) عند رأسه صلى اللّه عليه وسلم كالأوّل ويقول: اللَّهمّ إتك قلت وقولك الحق: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ ..} (النساء/64(، الآية، وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك، مستشفعين بنبيك إليك”. من المالكية: قال الشيخ ابن الحاج المالكي المعروف بإنكاره للبدع في كتابه المدخل (ج1/259-260) ما نصه: “فالتوسل به عليه الصلاة والسلام هو محل حطّ أحمال الأوزار وأثقال الذنوب والخطايا، لأن بركة شفاعته عليه الصلاة والسلام وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب، إذ أنها أعظم من الجميع، فليستبشر من زاره ويلجأ إلى اللّه تعالى بشفاعة نبيه عليه الصلاة والسلام مَن لم يزره، اللهم لا تحرمنا شفاعته بحرمته عندك ءامين يا رب العالمين، ومن اعتقد خلاف هذا فهو المحروم”. من الشافعية: قال الإمام النووي الشافعي في المجموع (ج8/274) من كتاب صفة الحج، باب زيارة قبر الرسول صلى اللّه عليه وسلم: “ثم يرجع إلى موقفه الأوّل قُبالة وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم ويتوسل به في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه”. من الحنابلة: صاحب المذهب أحمد بن حنبل أجاز التوسل كما نقل عنه الإمام المرداوي الحنبلي في الإنصاف (ج2/456) من كتاب صلاة الاستسقاء: “ومنها (أي من الفوائد) يجوز التوسل بالرجل الصالح، على الصحيح من المذهب، وقيل: يُستحب، قال الإمام أحمد للمروذي: يَتَوسل بالنبي صلى اللّه عليه وسلم في دعائه، وجزم به في المستوعب وغيره”. هذه أربعة نقول من المذاهب الأربعة فيها جواز التوسل بالنبي صلى اللّه عليه وسلم تُبيّن أن المذاهب الأربعة في مسألة التوسل يدٌ واحدة كمسألة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فاقتدِ أخي المسلم بهؤلاء العلماء الذين قدوتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تُضيّع على نفسك ثواب التوسل بالحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام. وننصحك أن لا تلتفت إلى من يرمون الناس بالشرك لأنهم توسّلوا بالنبي، فهؤلاء كأنهم يرمون الصحابي عبد الله بن عمر والإمام أحمد بن حنبل والإمام النووي وغيرهم بالشرك، فكُن مع من ذكرنا من العلماء فإنهم ورثة الأنبياء، ودعك ممن شذ، والله أعلم وأحكم. يتبع... إن شاء الله. والله من وراء القصد. |
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
(((( دليل الحاج والمعتمر – الحلقة الثالثة عشرة )))) نذكر الآن جملة من عقيدة المسلمين لتكون مرشدة للحاج في حجه وللمسلم عموماً في جميع أعماله. عقيدة المسلمين: إن العلم بالله تعالى وصفاته أجلّ العلوم وأعلاها وأشرفها وأوجبها عند الله تعالى، ويُسمى علم التوحيد وعلم العقيدة، وقد خصّ الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه بالترقي في هذا العلم فقال: “فَوَاللهِ إني لأعلمكم باللهِ وأخشاكم له”، رواه البخاري. أول ما يجب على الإنسان معرفته: العلم بالله ورسوله، قال تعالى: "فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ" (سورة محمد/19)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “أفضل الأعمال إيمان بالله ورسوله”، رواه البخاري، وقال الإمام أبو حنيفة النعمان في كتابه الفقه الأبسط: “إعلم أن الفقه في الدين أفضل من الفقه في الأحكام”، وقال أيضاً: “أصل التوحيد وما يصح الاعتقاد عليهه وما يتعلق منها بالاعتقاديات هو الفقه الأكبر”. فيجب على المسلم أن يعلم: - أن الله موجودٌ لا شك في وجوده، موجود بلا مكان ولا يجري عليه زمان، قال تعالى: “أَفِي اللهِ شَكٌّ” (سورة إبراهيم/10). - وأن الله واحدٌ أحد لا شريك له في الملك، واحدٌ في ذاته وصفاته وأفعاله، قال تعالى: “لَوْ كَانَ فِيهِمَا ءَالِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا” (سورة الأنبياء/22). - وأن الله قديمٌ أزلي لا بداية لوجوده، قال تعالى: “هُوَ الأَوَّلُ وَالآَخِرُ” (سورة الحديد/3). - وأن الله باقٍ لا نهاية لوجوده، أبديٌّ لا يفنى ولا يبيد، قال تعالى: “وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ” (سورة الرحمن/27). - وأن الله قائمٌ بنفسه غنيٌّ عن العالمين فلا يحتاج لعرشٍ ولا كرسيّ ولا سماوات ولا أرض، خلق العرش إظهاراً لقدرته ولم يتخذه مكاناً لذاته، قال تعالى: “فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ” (سورة ءال عمران/97). - وأن الله قادرٌ على كل شىء، قال تعالى: “إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ” (سورة البقرة/20). - وأن الله مُتصفٌ بالإرادة أي المشيئة فلا يكون إلا ما يريد، قال تعالى: “وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ” (سورة التكوير/29). - وأن الله عالمٌ بكل شىء قبل حصوله بعلم أزلي أبدي لا يتغير، قال تعالى : “وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً” (سورة الطلاق/12). - وأن الله سميعٌ بصير، يسمع جميع المسموعات بسمع أزلي أبدي بدون أذن ولا ءالة أخرى، ويرى جميع المرئيات ببصر أزلي أبدي بدون حدقة ولا ءالة أخرى، قال تعالى: “وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (سورة الشورى/11). - وأن الله حيٌّ بحياة أزلية أبدية ليست باجتماع لحم ودم وعظم وروح، قال تعالى : “اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ” (سورة البقرة/255). - وأن الله متكلمٌ بكلام أزليّ أبديّ بدون لسان أو شفتين أو أيّ جارحةٍ أخرى، وبدون أن يكون كلامه صوتاً أو لغةً أو حرفاً فكلامه ليس ككلامنا، قال تعالى: “وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً” (سورة النساء/164). - وأن الله مخالف للحوادث لا يشبه شيئاً من مخلوقاته، قال تعالى:”لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ” (سورة الشورى/11). وليس في ذكرنا لهذه الصفات حصر صفات الله فيها، بل صفات الله غير محدودة كما نص على ذلك العلماء، وإنما ذكرناها لأنها التي يجب أن يعلمها كل مسلم. ويجب على المسلم أن يؤمن أن الله أزلي أبدي وكذلك صفاته فلا يلحقه تَغيُّر لأن ذلك حال المخلوقات والله لا يشبه المخلوقات. ويجب اعتقاد أن الله موجود بلا مكان لأن التحيز بالمكان من صفات المخلوقات، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان”، وكذلك لأن اللهَ خلق الأماكن كلها فلا يحتاج لشىء منها، فاحذر أخي المسلم ممن يُشبهون الله بخلقه ويصفونه بصفات المخلوقات كالجلوس والانتقال من مكان إلى مكان، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “إن الله خلق العرش إظهاراً لقدرته ولم يتّخذه مكاناً لذاته”، ذكره الحافظ عبد القاهر البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق واحتج به في نفي المكان عن الله. ويجب على المؤمن أن يعتقد بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأنه أفضل الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين الذين أولهم ءادم عليه السلام، ويجب عليه أيضاً أن يعتقد أنه وُلد بمكة وبُعث فيها وهاجر إلى المدينة ودُفن فيها، وأنه صادق في كل ما أخبر به وبلّغه عن الله فمن ذلك : عذاب القبر ونعيمه-وسؤال الملكين منكر ونكير-والبعث- والحشر-والقيامة-والحساب-والثواب-والعذاب-والميزان-والصراط-والحوض-والشفاعة-والجنة-والنار-والخلود فيهما-والرؤية لله تعالى بالعين في الآخرة، يراه المسلمون بأعين رؤوسهم من غير أن يكون الله في مكان أو جهة كما يُرى المخلوق-ويجب الإيمان بملائكة الله-ورسله-وكتبه-والقدرخيره وشره. ويجب الإيمان أن الرسل والأنبياء صفوة الخلق وأفضلهم عند الله تعالى دينهم الإسلام لقوله تعالى: “إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ” (ءال عمران/19)، وقوله تعالى: “وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ” (سورة ءال عمران/85). ويجب الإيمان بأن الأنبياء مُتَّصفون بالصدق والأمانة والفطانة، فيستحيل عليهم الكذب والخيانة والرذالة والسفاهة والبلادة، وتجب لهم العصمة من الكفر والكبائر وصغائرالخسة كسرقة حبة عنب ويجوز عليهم ما سوى ذلك من المعاصي ولكن يُنبهون فوراً للتوبة قبل أن يقتديَ بهم فيها غيرهم . أخي المسلم هذا مجمل اعتقاد المسلمين فعُضَّ عليه بالنواجذ وإياك من وساوس الشياطين، وليكن اعتقادك ثابتاً راسخاً من غير شك حتى يُتقبّل عملك وتكون من الفائزين. يتبع... إن شاء الله. والله من وراء القصد. |
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
(((( دليل الحاج والمعتمر – الحلقة الرابعة عشرة والأخيرة )))) نختم الآن ما ابتدأناه بذكر ملخص لأعمال الحج مع حكم كل عمل من حيث أنه ركن أو واجب أو سنة: - الحج: فرض مرة بالعمر على المسلم البالغ العاقل الحر المستطيع - الإحرام: ركن - طواف القدوم: سنة - الخروج إلى مِنى (8 ذو الحجة): سنة - الوقوف بعرفة: ركن - المبيت بمزدلفة: سنة على قول وواجب على قول - رمي الجمار: واجب - الحلق أو التقصير: ركن - الهَدْي بالنسبة للمتمتع والقارن: واجب - طواف الإفاضة: ركن - السعي بين الصفا والمروة: ركن - مبيت مِنى ورمي الجمرات أيام التشريق: واجب - طواف الوداع: سنة على قول وواجب على قول - العمرة: فرض مرة بالعمر - زيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام: سنة تم بحمد الله "دليل الحاج والمعتمر" فنرجو ممن يقرأه أن يدعو لمن عمل فيه بحسن الختام ودخول الجنة بدون سابق عذاب. والله من وراء القصد. |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.