أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   خيمة الثقافة والأدب (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=9)
-   -   جسد بلا روح (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=32861)

أطياف الأمل 07-07-2003 09:20 AM

جسد بلا روح
 
السلام الى الأحبة جميعا ..
هنا وبين صفحات الخيمة .. أود أن أبث لكم تجربتي الأدبيه .. وهي عبارة عن قصة من عدة حلقات أتمنى أن تنال إعجابكم جميعا ..

الصمصام 07-07-2003 09:55 AM

مرحبا بك
وكم يسعدنا أن نشاركك في تجربتك
مع أني لست من أهل الإختصاص في مجال القصة
لكني أعتبر نفسي قارئا جيدا

ونحن بالإنتظار

أطياف الأمل 07-07-2003 03:30 PM

اوراق الخريف..


في تلك الحديقة الواسعة .. وفي أحد أيام الخريف .. جلست على ذلك المقعد الحجري.. تحت ظلال الشجرة الكبيرة.. وأوراق الاشجار الصفراء..تناثرت على الأرض من حولي.. فكست الأرض بلونها .. وكان النهار قد شارف بالزوال.. والشمس.. على أهبة الاستعداد النوم .. فلقد ارتدت لباس نومها وشارفت في الذهاب لفراشها.. ليحل محلها القمر..
علقت بنظري في السماء وأخذت أفكر ..أسرح بمخيلتي والأفكار تعصرني وتجول بعقلي.. سألت نفسي .. ألا زال فيصل يذكرني ؟؟ ألازال باقيا على عهدنا؟؟
ويحي وكيف لا أظن ذلك.. أنا خطيبته .. أوينسى المرء خطيبته ؟؟
أحكمت الوشاح الذي كان على كتفي فلقد أحسست برعشة تسري في اوصالي.. لم يكن الجو باردا.. ولكن الرعشة..كانت ناجمة من أفكاري..
تذكرت كل شيء.. كيف كنا أنا وفيصل.. تذكرت الحب الذي بيننا.. تذكرت يوم خطوبتنا.. تذكرت وعودنا.. تذكرت يوم رحيله.. وكيف أخبرني أنه بمجرد عودته من الدراسه سنتزوج..تذكرت الحوار الذي دار بيننا في ذلك اليوم.. ونحن تحت ظلال هذه الشجرة.. هذه الشجرة التي شهدت مولد حبنا..
- فيصل.. أرجوك .. لاتتركني وحدني
- روز عزيزتي.. هوني عليك.. أنا لن أغب كثيرا.. إنها مجرد 5 اعوام
قاطعته بحزن: خمسة أعوام ؟؟أوهذا قليل؟؟
جثا على ركبيته وأمسك بكفي بحنان قائلا: حبيبتي روز .. انت خطيبتي.. وستكونين زوجتي ما أن أعود حاملا شهادتي التي تفخرين بها ..
طفرت دمعة من عيني فقال ناهرا بلطف: روز ..لا تبكي.. ساعود.. لأجلك أنت سأعود ..
قطع شرودي صوت العصافير فرفعت رأسي وقلت بنفسي.. اتراه لازال يذكرني؟؟
وبعد دقائق كثيرة أحسست بشيء يهز كتفي.. نظرت.. فإذا هي نورة ابنة خالتي.. أخت فيصل.. ابتسمت لي وقالت: روز!! أنت هنا؟؟ هيا أدخلي إلى المنزل واستعدي..فيصل في الطريق.. ولاتنسي حجابك..فيوسف معه..
- حسنا حسنا.. سأدخل الآن ..
نهضت من مكاني ..مضيت خطوتين ثم عدت والتفت خلفي ونظرت إلى الشجرة..تنهدت بارتياح وقلت بنفسي .. أجل .. سيعود فيصل ويبدد مخاوفي كلها ..
دخلنا انا ونورة إلى المنزل.. لم يكن المنزل منزلي أنا بل منزل خالتي.. حيث توفيا أمي وأبي وأنا في الثانية من عمري.. فانتقلت إلى السكن معهم حيث لاأحد لي غير أخوة شباب.. سعود وفهد .. سعود الذي يبلغ من العمر 30 سنة محامي ..أما فهد البالغ من العمر 23 فكان يدرس الهندسة بالجامعة .. ولكني لم أحس يوما بأني لست ابنتهم أو بتفرقة في المعاملة ..بالعكس.. الكل كان يعاملني بأفضل معاملة .. وكنت أنا ونورة مقربتان ولكأننا أختان من بطن واحد .. وخالتي الحبيبة كانت تعاملني كما تعامل نورة.. بل إنها في أحيان كثيرة تفضلني عليها ..
إنشغل الجميع في الترتيب.. فاليوم يأتي فيصل .. وأخيرا سيأتي بعد غياب دام 5 سنين!! يالله !! 5 سنين مرت كالدهر علي.. كان فيصل هو الشاب الوحيد الذي أحبه قلبي.. أورأت عيناه غيره؟؟ لا طبعا.. ولكني رغم ذلك لم أحبه لأنه الوحيد..بل لأنه الحبيب..
وبينما أنا أعد عصير الليمون الذي يحبه فيصل.. وكان المطبخ يطل على الصالة.. التي تطل بدورها على الباحة الخارجية.. سمعت الجرس.. هتفت بفرح وكاد العصير أن يقع من يدي: فيصل..
ركض الجميع نحو الباب.. وعدلت انا غطاء رأسي وتأخرت ثوان ثم لحقتهم ..وبالفعل أطل علينا فيصل..الهي لقد تغير كثيرا.. لم يعد ذلك الفتى الصغير الذي أحببته.. لم يعد له ذلك الجسد الأسمر النحيل وتلك العينان الذابلتين التي أعشق.. لم يعد له ذلك الشعر الأسود الطويل الذي يعجبني.. فلقد أصبح رجلا.. بجسده العريض القوي.. وعينيه الحادتين.. وشعرة القصير.. ولكنه يعجبني أيضا.. لكم أتمنى ان يكون هذا التغير مظهريا فقط.. فلا أتمنى ان يتغير فيصل من الداخل.. لا اتمنى أن تكون الغربة قد سلبته خفة ظله ورجولته وحنانه..ولكن يظهر أن ظنوني كانت في محلها..
اقتربت منهم وكنت أجر قدماي جرا خلفي.. لا أدري ولكن من سعادتي التي اجتاحتني لرؤيته لم أستطع الاقتراب..الجميع كانوا يضمونه ويقبلونه..خالتي تبكي..ونورة تضمه بقوة.. وأحمد الصغير يهتف باسمه فرحا.. تشجعت قليلا ثم اقتربت..وليتني لم اقترب.. فما أن حاولت ان اقتربت منه حتى علمت المفاجأة.. المفاجأة التي دمرتني.. زلزلت كياني..فيصل لم يكن وحده.. تنحى عن الباب قليلا وبدى شبحا خلفه.. شبح امرأة.. أجل كانت امرأة.. قال بخفة وكأنه يجيب عن تساؤلات الجميع:أعرفكم على زوجتي ..
زوجته !! قفزت هذه الكلمة في ذهني.. أحسست وكأنها صفعة قوية هوت على صدغي.. هكذا تقولها ببساطة يافيصل؟؟وكأنها لا شيء.. زوجتك؟؟ وأنا؟؟من أنا يافيصل.. أحسست بأن الأرض تدور حولي.. وأني أسقط .. أسقط في حفرة عميقة لا قرار لها ولا قعر.. تعلقت الأبصار عليه ثم التفت الجميع إلي.. ترقرت الدموع في عيني.. وركضت.. خرجت من المنزل واتجهت إلى الشجرة.. جلست على الأرض.. ووضعت رأسي على المقعد الخشبي.. ارض الدمع بحرقة وألم





يتبع ....

أطياف الأمل 13-07-2003 12:12 PM

دموع على الوسادة



لا أدري كم أمضيت هناك .. ولكني سمعته ينادي بإسمي فالتفت إليه وعيناي مليئة بالمدمع .. نظرت إليه بحدة.. فقال لي: روز .. أنا ..
وسكت ولكأنه يبحث عن عذر أو مبرر لما حدث.. صرخت فيه بحرقة:أنت ماذا يافيصل؟؟ أخبرني.. أنت ماذا ؟؟ أنت تزوجت ؟؟ وممن !! من امرأة أجنبية؟؟ أنت نكثت العهد الذي بيني وبينك ؟؟ أنت لم تعد خطيبي بل أصبحت زوج لأخرى؟؟ أنت خنتني وطعنتني بالظهر ؟؟ أليس كذلك؟؟ أليس هذا انت ؟؟
أطرق رأسه ولم يجبني.. أجبته انا ساخرة: أجل يافيصل.. هذا أنت وبكل بساطة.. أعلم لم أنت ساكت الآن لأنك حائر.. بل تائه.. لا تعلم أي عذر ستقدمه لابنة عمك الغبية .. خطيبتك التي رفضت الدنيا كلها لأجلك .. لأجلك وحدك .. فعدت إليها ومعك أعظم هدية .. عدت لها وبيدك خنجر طعنتها به.. أهديتها كفنها بدل أن تهديها فستان زفافها ..
قاطني وقد طفرت من عينه دمعه: روز .. ارجوك كفى..
- تريدني أن أسكت؟؟ أن أصمت ؟؟ أما تألمت أنا وأنت تطعنني؟؟ أما تأوهت وأن تغتالني بكل قسوة ؟؟ إذن لماذا لم تتوقف؟؟وما الذي يحملني على ذلك..أخبرني!! لماذا لم تسقني السم على دفعات؟؟ لم سقيتني اياه مرة واحدة؟؟ أرجوك أجبني ما الذي فعلته لك؟؟ لك احببتك وبكل صدق.. بكل اخلاص ووفاء.. أفهذا يكون جزائي؟؟ تتزوج من أخرى ومن.. أجنبية ؟؟
نهضت من على الأرض..جسلت على المقعد..أخفيت وجهي بين يدي وانهرت باكية..بكيت جرحي.. بكيت كرامتي النازفة.. اقترب مني.. وضع يده على كتفي.. أبعدتها بسرعة وقلت بحدة: إياك أن تفكر أن تلمسني مرة أخرى.. فأنا لم أعدك خطيبتك .. أرجوك .. إنسى أني كنت خطيبتك في يوم من الأيام.. وتمتع بحياتك الجديدة .. ياخطيبي..
نهضت وقد جفت دموعي في مقلتي.. رفعت رأسي بشموخ وسرت متجهة إلى الداخل..
جلس فيصل على المقعد مكاني وأغمض عينيه..فسالت منها دمعة حارة ..ربما كانت دمعة ندم.. ولكن ..مافائدة الندم الآن ؟؟
دخلت غرفتي .. أغلقت الباب وألقيت بنفسي على سريري.. شردت بفكري بعيدا بعيدا .. ولكني صحوت على صوت الباب قلت بشرود: تفضل ..
فتح الباب .. وأطلت نورة .. نظرت إلي نورة بخوف فابتسمت لها .. اقتربت مني.. جلست على السرير أمامي.. ثم ..ضمتني بقوة .. وسالت عيناها.. قلت لها:
نورة عزيزتي لم تبكين ؟؟
- روز .. أنا آسفة .. أعلم أنك تتألمين فأنا أحس بذلك في قلبي.. إن أخي أحمق.. أقسم لك اني لم أكن أعرف.. لم يكن أحد منا يعرف.. فلقد فاجأنا بذلك نحن أيضا.. أرجوك روز لا تغضبي مني..
- نورة عزيزتي ماذا تقولين ؟؟ لا تتأسفين غاليتي على شيء لم تفعليه أنت..أنا لا أتهم أي أحد منكم.. ولا أرمي اللوم على عاتقكم.. اللوم عليه وحده هو فقط.. وليس عليكم أحبتي..
سكتت قليلا ثم قالت: روز .. ألن يؤثر هذا على صداقتنا؟؟
اتسعت عيناي فقلت لها مطمئنة:بالطبع لا يانورة..نورة أنت أختي وخالتي هدى هي أمي.. وعمي حسن هو أبي .. حتى يوسف وأحمد هم اخوتي.. فعلاقتي بكم لا دخل لها بما حصل بيني وبين فيصل.. وفيصل رغم كل شيء ابن خالتي وأخي أيضا.. وليس أي شيء آخر منذ هذه اللحظة ..
- أتعنين أنه لا يضايقك وجوده مع زوجته ؟؟
- أبدا يانورة.. لا أدري ولكني رغم أني بكيت كثيرا .. وتألمت كثيرا.. إلا أنه لم يكن لأني فقدت حبيبي.. بل لأن كرامتي جرحت.. لأنه تزوج غيري دون علمي.. فجعلني أضحوكة الجميع.. أتعلمين.. أحس وكأني كمن كان نائما يحلم..وفجأة أفاق من حلمه.. كنت أعيش في وهم كبير.. ألحق سراب .. ولكني عدت للواقع أخيرا.. فشكرا لفيصل ..
- روز .. أتعنين انك لا تحبينه ؟
- لا أدري يانورة.. لا أقدر أن أصف شعوري في هذه اللحظة .. ولكن.. آه يانورة لا أدري ..
ربتت نورة على كتفي وقالت: سأدعك الآن ترتاحين ففكرك مشوش بسبب ماحدث.. هيا اخلدي للنوم حسنا؟
ابتسمت لها وقلت: حسنا يا اختي ..
وخرجت نورة واقفلت الباب خلفها..دسست نفسي في فراشي وأحكمت الغطاء علي .. ونمت ..


يتبع ..

أطياف الأمل 13-07-2003 12:15 PM

وقررت الرحيل !


لا أدري كم نمت .. ولكني سمعت صوتا اعتقدت في بادئ الأمر أنه حلما.. ولكن هذا الصوت كان مصرا.. ولم يصمت.. فتحت عيني بتثاقل .. نظرت فإذا به محمولي يدق.. إنه سعود .. أجبت : ألو .. السلام عليكم .. أهلا سعود ..
- أهلا صغيرتي .. هل انت نائمة ؟؟
فركت عيناي وقلت : آه أجل كنت نائمة .. ماذا هناك يا أخي؟؟ هل أنت بخير ؟؟هل فهد بخير ؟؟
- أجل أجل نحن بخير .. روز أنا بالأسفل.. بدلي ملابسك وانزلي لي ..
- حسنا يا أخي ثواني ..
اغلقت السماعة .. نهضت بسرعة وارتديت ملابسي .. وقبل أن أخرج .. استوقفني مظهري بالمرآة..كنت مروعة .. زينتي التي كنت أضعها احتفالا بعودة خطيبي.. سالت وعبثت بوجهي.. فأصبح ككتاب تلوين لطفل صغير .. خط بأقلام التلوين خاصته خطوطا هنا وهناك .. أخذت المنديل ومسحتها.. مسحت وجهي وعدلت مظهري .. أخذت غطاء رأسي من على الكرسي وضعته على رأسي وخرجت ..
نزلت إلى المجلس.. فوجدت هناك سعود وفهد .. ابتسمت بريبة .. فما الذي اتا بهم معا والآن ؟؟
نهض إلي سعود وضمني بحنان .. فلطالما شعر سعود تجاهي بعاطفة أب لابنتة.. ضممته بقوة ولكأني أبث إليه بكل مافي نفسي .. ترقرقت الدموع في عيني دون أن أشعر .. انتزعت نفسي من بين أحضانه لأرميها في أحضان أخي فهد .. وهنا.. لم أتمالك نفسي .. فلقد انهرت باكية ..
مسح فهد على رأسي وقال: هوني عليك يا أختي.. لا تخافي نحن هنا معك.. لا تخافي حبيبتي..
جلست على الكرسي .. وجلس بجانبي سعود .. وفهد جلس على الأرض أمامي.. قال سعود: صغيرتي.. لقد علمت من نورة ماحصل.. علمت ان ذلك الأحمق تزوج .. لا تهتمي له صغيرتي .. فأنت لست بحاجة إليه ..
نظرت إليه وسالت عيناي مرة أخرى.. نظر إلي فهد بحنان وقالأ: روز..كفاك دموعا.. فهو لا يستحق ..
أجبتهم بصوت أبح: اعلم .. فهد..سعود.. أنا .. وقطع حديثي استرسالي بالبكاء..
قربني سعود بيديه القويتين إلى صدره وقال: أعلم ياصغيرتي شعورك والله.. ولكن لا تحزني فالحياة امامك جميلة.. وأنت لازلت صغيرة.. كم تبلغين من العمر؟؟ احدى عشرة؟؟ ام اثنتي عشرة؟؟
ضحكت وقلت: انا في العشرين من عمري يا اخي
ضحك سعود وقال: اعلم ولكني كنت أمازحك فقط ..
قال فهد: هيا ياروز.. وضبي أمتعتك فستعودين معنا إلى البيت ..
قفزت من مكاني كالملسوعة وقالت: أعود إلى البيت؟؟
أجاب سعود مؤيدا: أجل ياصغيرتي.. معنا إلى بيت والديك .. إلى حيث اخوتك..
أجبتهما: لا لا أقدر.. كيف أرحل؟؟ وإلى أي بيت؟؟ هذا هو بيتي.. وهؤلاء هم اخوتي.. كيف أرحل؟؟ سعود لقد عشت عمري كله هنا.. ثمانية عشر عاما في هذا البيت .. لم أفارقه يوما.. اتودون أن تبعدوني عنه الآن؟؟ تبعدوني عن خالتي هدى؟؟ عن أمي التي لم أحظى بغيرها؟؟ تريدون ان تبعدوني عن اختي نوره؟؟ عن أبي حسن .. عن اخوتي احمد و يوسف؟؟ وحتى عن الأحمق فيصل؟؟ أنا لا أكترث له أقسم لكم .. فأنا أحس بالحرية الآن وبعد أن تركته.. أحس وكأني عمياء وأبصرت ..فلا تحسباني غاضبة منه .. بالعكس.. فلقد أراحني من غلطة كنت سأدفع ثمنها عمري.. أنا لم أختر فيصل لأني أحبه .. بل لأني اعتقدت أني أحبه .. ولكنه لا يعني لي شيء الآن .. أقسم لكم..
اشتعلت عينا فهد وقال: وماذا يعني هذا؟؟ اذا كانوا هم اخوتك.. فم نحن؟؟ أبناء جيرانكم؟؟
قال له سعود ناهرا: دعها يا فهد .. فهي لا تقصد ذلك..
رد بغضب: وما الذي قصدته أجل؟؟ أنها تفضلهم علينا؟؟
اجبته أنا وقد أمسكت بيديه بحنان: فهد.. أنت أخي الحبيب المميز.. وسعود. هو أخي الرائع .. أنتما أخوي.. أنتما سندي في هذه الحياة.. أنتما ما بقي لي من ذكرى والدي.. فكيف لي أن أفضل أحدا عليكم حتى ولو من كان !!
صمت برهة ثم قال: إذن لم لا تأتي معنا؟؟ نحن نحتاج إليك ياروز.. نحتاج إلى وجود أختنا بقربنا.. لقد تركناك ترحلين عنا لأنك كنت صغيرة ومحتاجة للرعاية.. أما الآن.. فنحن من نحتاج لرعايتك.. نريد أن نعيش معك ولو قليلا.. فابقى معنا.. فلا ترحلي عنا إلا لبيت زوجك..
لا أدري كيف أرد عليه.. فانا أعلم أن رحيلي عن هنا هو العذاب بعينه.. ولكن هل أرد أخي خائبا؟؟
قال لي سعود: أجل ياروز.. نحن بحاجة ماسة إليك.. أرجوك لا تتخلي عنا..
ابتسمت لها وقلت: أجل .. سأعود معكما ..
قفز فهد فرحا وقال يسمح دمعة طفرت من عينه: وأخيرا تعود روز ؟؟أخيرا تعود البسمة لبيتنا؟؟ سأذهب لأخبر خالتي ونورة ليساعدانك في تحضير حقيبتك ..
مددت يدي ولكاني أحاول أن امنعه ولكني عدت وضممتها إلى صدري.. وابتلعت غصة في حلقي .. رمقت سعود فوجدته غاية الفرح.. يكاد يطير من أنسه .. لذلك قررت أن أصمت.. وأدوس على مشاعري .. لأجل اخوي..
جلسنا نتحدث قليلا أنا وسعود .. ثوان وإذا بنورة تدخل إلينا ودموعها تسبقها.. وكذلك الحال عند خالتي.. اقتربت مني نورة وقالت: أصحيح انك راحلة؟؟ أصحيح أنك ستتركينني وتذهبين لتعيشي مع اخوتك؟؟
أومأت برأسي مجيبة فقالت باكية: لم ياروز؟؟ لم تتركيني وترحلين؟؟ ألست أختك؟؟ إذا لماذا ترحلين؟؟ وعدتني أن ما حصل لن يغير بيننا.. ولكني أراه قد باعد بيننا كثيرا حتى بتي تريدين أن ترحلي عنا.. ألسنا عائلتك ياروز؟؟ ألست أنا أختك ؟؟ وأمي أمك ؟؟ واخوتي هم اخوتك ؟؟ إذا لماذا ترحلين ؟؟
وانضمت لها خالتي قائلة: روز بنيتي .. إن كان وجود فيصل يضايقك فمن الغد.. ولم الغد .. فمن الآن يخرج هو وزوجته من هذا المنزل.. فهذا منزلك أنت..
قاطعتها قائلة: لا يا خالتي.. لا تقولي هذا .. فيصل ابنك ومكانه بين أحضانك..
التفت إلى نورة وقلت: نورة.. أنت أختي و لازلتي أختي.. وطول عمري سأظل أحبك لأنك أختي العزيزة التي ليس لدي سواها.. أنسيتي أن لدينا أم واحدة؟؟ أنسيتي الحجر الذي كنا ننام عليه ؟؟ أنسيتي البيت الذي ضمنا معا ثمانية عشر عاما؟؟ أنت أختي التي لم تلدها أمي الحقيقية.. ولكنها ابنة أمي التي ربتني.. ولكن يانورة.. سعود وفهد هم اخوتي أيضا.. فلا أستطيع أن أتركهم وهم بحاجة إلي.. لذا يجب أن أذهب معهم.. لأرى ماهم بحاجة إليه.. لأعيش معهم ولو القليل من حياتي.. ولا تقلقي.. فأزورك كل يوم .. وأنام عندك في بعض الأحيان.. وستزورينني أنت أيضا.. فالبيت ليس بالبعيد .. بضع خطوات من هنا.. هيا يا أختي لا تبكي.. لأننا لن نفترق.. لا يوجد أي شيء بالدنيا يستطيع أن يفرقنا ..
نظرت إلي بعينين داميتين.. قذفت نفسها بين ذراعي وانهارت باكية .. لم أطق رؤية دموع أختي فأجهشت أنا بالبكاء معها.. امتزجت أصوات دموعنا وشهقاتنا.. وعبق المكان برائحة عبراتنا.. ضمتنا خالتي إليها وبكت هي الأخرى..
وبعد زمن.. نهضت خالتي وقالت بعد أن لملمت نفسها: هيا يا روز.. هيا لنعد حقيبتك استعداد للعودة..
أمسكت بيد نورة وابتسمت.. وقلت: ألن تساعديني يا أختي؟؟
مسحت دموعها الكثيرة بكفها وقالت: بلى.. بالطبع سأساعدك ..
ونهضنا سوية متجهين إلى غرفتي.. لأعد أمتعة الرحيل !!


يتبع ..

al-5ayal 14-07-2003 06:04 PM

سؤال
هل هذه القصه مثل قصه الوافي (قصه لا مثيل لها)؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

محمد الشيعي 15-07-2003 02:14 AM

ممتاز
 
بسمه تعالى



كويس يا دلوعة ............ تجربة حقرا ممتازة بل انها ممارسة .
لكني اعتقد انك قبل كتابت هذه القصة اطلعتي على قصة (( امراتان ورجل ))
للكاتبه المشهورة بنت الهدى , وهذا مجرد تخمين لوجود بعض اللمسات المشابة لماكتبته في قصتك الرائعة وما قراته في قصة (( امراتان ورجل ))
واخيرا سؤال هل تاقراين لبنت الهدى الكاتبه المشهورة ؟؟


نحن معجبين بالقصة

أطياف الأمل 23-07-2003 01:44 PM

رغم أني لست بصحة جيدة .. إلا أني أحببت أن أعود وأكتب في الخيام ..
لعلي أنسى ألمي بوجودي بقربكم أحبتي ..

الأخ الجارح ..
أتمنى أن تكون قصتي عند حسن الظن ..
ولكنها لن تصبح أبدا كما قصة (أنت لي) لأنها قصة رائعه لا مثيل لها بحق..

الأخ محمد الشيعي ..
ألف شكر لك على ردك الرائع ..
أما الخت بنت الهدى فللأسف لم أقرأ لها يوما.. إلا أنه لي الشرف أن أقرأ لها..
وربما التشابه في الأحداث بسبب توافق الأفكار :)
والحمدلله أن القصه أعجبتكم ..
وإليكم بقية ما كتبت

أطياف الأمل 23-07-2003 01:53 PM

فراق الروح


أخذت أجمع كل شيء.. ملابسي.. كتبي.. صوري .. شهاداتي.. كل شيء.. وكانت خالتي ونورة تساعداني رغم ألمهما وحزنهما على فراقي.. كنت أحس أني أموت تدريجيا.. كيف لا وأنا أفارق أعز من سكنوا قلبي؟؟ أمي وأبي واخوتي؟؟
كنا نجمع أغراضي بابتسامة ودمعة.. تأتي الابتسامة فتمحي الدمعة.. ثم تعود الدمعة فتطعن الابتسامة وتظهر مرة أخرى..
انهيت أغراضي .. فاستدعيت اخوتي لحمل أمتعتي ... أتوا .. حملوها وأخذوها إلى السيارة ..
وأخيرا.. حانت اللحظة المنتظرة .. حانت اللحظة المؤلمة.. حانت لحظة الوداع .. وقف الجميع بالباب لتوديعي .. عمي حسن ..وبقربه خالتي هدى التي كانت تبكي على كتفه.. نورة واقفة أمامي تنتحب بصمت.. وأحمد الصغير بين ذراعي .. ويوسف واقف بقربي .. أما فيصل .. فقد كان واقفا بعيدا هناك.. فلم يلمحه غيري ولكني تجاهلته .. بدأت الوداع بأخي يوسف.. قلت له مازحه رغم دموعي المنسابة التي كانت تغرق وجههي حتى بدا وكأنه يسبح فيها: الى اللقاء يا يوسف.. سترتاح الآن من طلباتي ومشاويري.. سترتاح من صراخي وأوامري.. لن تجد من يصرخ بك لتنظف غرفتك.. أو تمسح بقعة المشروب الغازي التي سكبتها على الأرض.. لن تجد من يقلب القناة في التلفاز ليضع فلما رومانسيا أو عرضا من عروض الأزياء او أحد البرامج العلمية أو الثقافية .. لن تجد من يمازحك ويغضبك في أحيان كثيرة ..
سالت عبرات يوسف فقال: ابقي يا روز وساتحمل كل ذلك.. ابقي وسأترك لك التلفاز لتري ماتريدين ولن أناقشك بشيء حتى ولو اخترت الرسوم المتحركة.. ابقي يا أختي وأعدك أني لن أهمل ترتيب غرفتي.. ابقي وساتحمل أي شيء تأمرين به ولكن ابقي!!
ازددت في البكاء ولم أجبه.. إنما ابتسمت له بألم .. ضممت أحمد الصغير بقوة وقد بللت دموعي شعره ووجهه الجميل فقال لي متسائلا ببراءة:روز أين تذهبين ؟؟ هل ستسافرين مثل فيصل؟؟ ألن نراك مرة أخرى ؟؟
قلت له بأسى: بلى ياحبيبي.. ستروني كثيرا.. حتى تملون مني.. ولكني سأذهب لمنزل اخوتي لفترة من الزمن ثم أعود.. حسنا؟؟
قال مرة أخرى: روز نحن لن نمل منك.. أنت اختنا.. فلم ترحلين عنا؟؟ ابقي فنورة لا تصنع لي الحليب كما تفعلين.. ولا تلعب معي كما تلعبين أنت معي.. أرجوك يا روز ..
كانت كلماته كطعنات سددت إلى قلبي فبكيت دما بدل الدموع.. آه ياصغيري لكم أود ان لا أفارقكم ... ولكن ما باليد حيلة ..
اقتربت من أبي حسن .. قبلت رأسه وقلت : أبي .. لطالما كنت أبي الحبيب.. أبي الذي لم يقصر بشيء عني.. أبي الذي عاملني بكل لطف وحنان .. أبي الذي يخاف علي من النسمة الطائرة .. أبي الذي لم يجرح أحد منا.. أحبك يا أبي.. أرجوك سامحني.. سامحني إن كنت قد أهملت يوما في صنع قهوتك.. أو احضار صحفك .. اعذرني إن لم أسمع ندائك يوما.. فلربما كنت مشغولة بشيء ما..ولم أسمع ندائك .. اغفر لي زلاتي الكثيرة وغلطاتي .. أرجوك يا أبي..
مسح على رأسي من فوق حجابي وقال: روز أنت ابنتي.. وأنا أحبك كما أحب نورة ويوسف وأحمد وفيصل.. وربما أكثر.. أنت لست ابنة أخي.. بل أنتي ابنتي.. ولا تعتذري مني يا ابنتي فأنت لم تفعلي ما يغضبني يوما.. بل كنت تسهرين على راحتي وتشترين رضاي دوما.. آه يا ابنتي.. لكم سأفتقد قهوتك في الصباح.. وابتسامتك العذبة الرقيقة..
أمسكت بثوبة بقوة وكأني أقول له لا تتركني يا أبي.. لا تدعني أذهب.. التفت إلى خالتي وقلت ممسحة دمعها بكفي: أمي الحبيبة.. سأفتقدك كثيرا.. كثيرا والله .. فأنا لا أعلم كيف سأعيش من دونك .. من دون نصائحك الغالية .. وأنت أيضا اماه.. أعذريني إن كنت أغضبتك في يوم .. أعذريني إن كان صوتي قد علا عليك .. أعذريني إن لم أستجب لندائك.. أو عصيت أوامرك في يوم ..
اعذريني إذا كنت قد أسهرتك بجانبي طوال الليل عندما أصابتني الحمّى .. اعذريني إن كنت قد جرحتك مشاعرك بكلمة طائشة مني .. أرجوك يا أمي ..
أجابتني والحزن يقطر من صوتها: حبيبتي روز .. أنت ؟؟ أنت تغضبيني؟؟ لم يحصل يوما.. روز .. أنت ابنتي.. ومهما حصل لن أغضب منك .. كيف أغضب منك وأنا لم أجد منك سوى كل خير ؟؟ أفتعتذرين مني على سهري بجانبك؟؟ ويحك يا ابنتي.. أكنت تريدين أن اتركك تعانين الحمى وحدك؟؟ كيف تظنين أني أستطيع النوم وأنت محمومة؟؟ آه يا ابنتي إن بعدك هو قطعة من العذاب لا تستطيع النفس تحملها.. ولكني سأصبر.. لأجلك أنت .. فلطالما فعلت لأجلنا الكثير الكثير ..
أجبرت الدموع أمي على السكوت .. فدفنت وجهها في صدر أبي تبكي بحسرة وألم.. ولكأنها ستفقدني للأبد .. قلت لها: أمي.. لا تبكي أرجوك.. سأكون قريبة منك.. سأزورك كل يوم .. وبيت اخوتي لا يبعد سوى خطوات من هنا.. فلا تحزني أماه..
وأخيرا.. حان دور نورة .. الهي كيف سأودعها؟؟ ليتني ذهبت دون أن أودعها..
اقتربت منها.. أمسكت بيدها..قلت لها: أختي الحبيبة.. أعذريني.. فأنا سأترك لك العمل كله.. سأترك لك عمل أشغال المطبخ التي تكرهين ..سأترك لك الوسادة الكبيرة لتنامي عليها.. هنيئا لك .. فلا أحد سيشاركك بها بعد اليوم.. إلا إن أتيت أنا لزيارتكم .. وأيضا سأترك لك المقعد الذي بجانب التلفاز.. وجهاز التحكم عن بعد.. كل ذلك تحت تصرفك وحدك.. لن تجدي من يسرق ادوات الزينة من درجك ويلبس ملابسك ويشاركك فيها.. اعذريني ولكني مضطره
صرخت بي: ويحك ياروز ..
وفتحت ذراعيها وطوقتني بهما.. كنت أرتجف من البكاء.. فلقد أحسست بأن روحي ستخرج.. أحسست بأني أموت.. وبكل بطء.. لم تجبني نورة بشيء سوى بالدموع.. ولكني فهمت كل ماتريد قوله.. حتى دون أن تنطق..
وأخيرا.. سحبت نفسي من بين أحضان أختي.. رفعت يدي باستماتة مودعة .. وعلى وجهي شبح ابتسامة.. وفي عيني.. جرت دموعي..
أمسك بيدي فهد بينما ذهب سعود ليشغل السيارة .. التي ستأخذني.. لبيتي الجديد !!



يتبع ..

أطياف الأمل 23-07-2003 01:56 PM

في بيتي الجديد !

ونحن في السيارة..كان أخوي غاية في السعادة.. فهد ينشر الدعابات وسعود يبتسم ويضحك بكل فرح .. وأنا .. كنت أغتصب الابتسامة لأجلهما.. حتى لا يشعورا بأني لست سعيدة ..
وصلنا إلى بيتهم أقصد بيتنا .. دخل سعود حاملا حقائبي ودخلت أنا مع فهد..لا أدري ولكني أحسست بخوف شديد.. كان بي رهبة دخول مكان غريب.. ولكأني في بيت أغراب عني.. وليس في بيت والدي.. البيت الذي ولدت فيه وعشت به سنتين من عمري!!
قال سعود: مرحبا بك ياروز في بيتنا.. وأخيرا نورتي بيتك الذي كان مظلما لبعدك عنه .. أهلا بك يا صغيرتي ..
ابتسمت له وجلت ببصري أنظر إلى البيت .. بينما أكمل اخوي إحضار حقائبي من السيارة ..
إلهي كم هو جميل هذا البيت .. لم يكن بيتا بل كان أقرب إلى أن يكون قصرا.. فهو كبير جدا .. بالمقارنة مع بيتي .. كبير وله أبواب عريضة جميلة .. وشبابيك طويلة رائعة.. وغرفة الجلوس هنا .. إلهي لا أصدق أني سأعيش هنا!! كم هي فاخرة هذه الستائر.. وذلك الأثاث.. إنه أشبه بأثاث الملوك ..
أما السجاد .. كم هو ناعم .. فما أن تطأ قدمك به حتى تنغرس وتغوص به .. فتداعب شعراته رجلك.. وتشعره برقتها ونعومتها..إنها حقا رائعة..
أخذني أخوي في جولة حول القصر أقصد المنزل .. رأيت المطبخ ..ولكأنه المطابخ التي كنت أراها في الأفلام .. وأيضا رأيت غرف أخوتي .. بالفعل إنها جميلة.. وتنم عن ذوق رفيع .. سألت أخوتي : سعود.. فهد .. من صمم هذا البيت؟؟
ابتسم فهد بألم وأشاح وجهه فرد سعود بعذوبه: صممته أمي رحمها الله
أحسست أني تألمت لذكرها.. يالله لكم أتمنى لو أنها بيننا الآن.. لكم أتمنى أن أراها.. وأيضا أرى أمي هدى..
أكثر ما أعجبني في البيت هو الحديقه .. إنها كالخيال.. ساحرة آسرة .. جميلة جدا..
بها ممر طويل يحيط بجانبيه الورود الملونة الجميلة .. فتمشي به ويحفر شذاها في مخيلتك ذكرى لا تنسى!!
وأيضا أعبتني بركة السباحة.. فكانت صافية كبيرة واسعة.. لنقءها تنعكس صورتك على سطحها بمجرد أن تراها..
وأخيرا.. حان دور غرفتي ..
أجل كان لي غرفة خاصة بي في منزلي ولكنها لم تكن مثل هذه أبدا!!
هذه مختلفة.. فهي أشبه بغرف الأميرات التي أراهم بالأفلام.. بل هي تشبه الغرف التي كنت أملك أحدها في مخيلتي الواسعة.. والآن تحقق الحلم ..
غرفتي كانت كبيرة جدا.. وخلابة .. بمجرد أن تدخلها تخطف أبصارك لجمالها..
كان اللون (البنفسجي) هو اللون السائد في الغرفة.. فكانت الستائر الفاخرة تصطبغ باللون البنفسجي.. وكانت المفارش تحمل اللون ذاته.. والأرضيه كانت من الرخام الفاره ..والسرير قد احتل منتصف الغرفة .. وقد وضع على مستوى أعلى من الأرض.. فحين أنام أكون وكأني اطير ..بل وكأني ملكة والكل يحفني من حولي..
وبجانب السرير وضعت طاولة صغيرة عليها علبة صغيرة.. وبجانبها قصص للأطفال.. ومصباح للنوم ..
وهناك بالزاوية تلك توجد مرآة كبيرة وطويلة.. وبصراحة ذلك أكثر ما أسعدني.. فلكم أحب وجود المرايا في غرفتي..أما في الجانب الأيسر يوجد باب يؤدي إلى حمام خاص بي.. لي وحدي.. ضحكت بنفسي وقلت.. لن أضطر إلى أن انتظر نورة لتخرج من الحمام حتى أستحم.. الآن كل هذا لي وحدي..
أما بالجهة المقابلة توجد غرفة الملابس.. ذهبت اليها.. فتحت الباب ودخلت.. لم أصدق ما رأيت .. كانت الخزائن الكبيرة تملأ الغرفة.. وهي بدورها كانت مملوءة بالملابس.. ملابس رائعة جميلة.. لم أعتقد أني سأشتري مثلها يوما.. أعلم أني اعتدت أن ألبسها بسبب هدايا سعود وفهد..إنما لم أكن اشتريها بهذا الكم بسبب حالة ابي الاقتصاديه.. ولكن ايعقل ان كل هذا لي؟؟
إلهي لا أصدق هذا الكوم من الأحذية.. وكلها على مقاسي؟؟
سألت اخوتي والذهول اولفرحة باديان على وجهي: فهد.. سعود..من أين أتى كل هذا ؟؟ ولمن كل هذه الملابس والأحذية والحقائب؟؟
قال سعود: إنها لك يا صغيرتي..
اتسعت عيناي فقلت ذاهلة: لي أنا؟؟ ولكن كيف؟؟ أنا لم اشتريها.. ولم احضرها معي أيضا!!
قال فهد بمرح: بصراحة.. نحن اشتريناها لك.. كنا نود أن تنتقلي للعيش معنا منذ زمن.. لذلك كنا نذهب للسوق باستمرار فنشتري مايعجبنا لك.. ونخبأه هنا على أمل أن تعودي إلينا فترتدي كل ما أردتي.. لم نستطع ان نحضرها لك في بيت عمي.. لأنك تعلمين أن عمي لا يسمح.. فهو يعتبرك ابنته.. ولا يريد احد غيره أن يصرف عليك.. لذلك كنا نحضر لك القليل منها كلما كانت مناسبة..
ضممتهما وقلت: أشكركما يا اخوتي.. ولكني لا استطيع أن ارتديها كلها.. إنها تكفيني لقرن من الزمن..
ضحك سعود وقال: بالعكس إنها لا تكفيك أبدا.. وستثبت لك الأيام ذلك..إنك بأجمل سنين عمرك يا صغيرتي.. لذلك البسي وافرحي.. وتدللي وافعلي ما شئت.. أنت أمرينا ونحن نفذ.. اتفقنا؟؟
ابتسمت وقلت: اتفقت يا أخي ..
قال فهد : سندعك الآن لترتاحي .. وإن احتجتي لشيء.. فانا هنا بقربك.. وبالمناسبة.. لقد اشتريت لك جهاز كمبيوتر وسيصل غدا.. فلقد علمت من يوسف أنك من محبي شبكة الانترنت.. لذلك لم أود أن تشعري أن شيء تغير عليك او أنك حرمت من شيء تحبيه!!
- أشكرك كثيرا يا أخي.. أشكرك..
ابتسم وخرج هو وسعود ..
لففت حول نفسي .. تنهدت بارتياح ثم قلت : ليت أمي ونورة واخوتي مع الان!!
وطفرت دمعة من عيني لذكراهم .. أتراهم يشعرون كما أشعر؟؟

يتبع ..

أطياف الأمل 26-07-2003 06:35 PM

دمعة فراق


وفي تلك الأثناء .. قاد حنين نورة قدماها وسيرهما إلى غرفتي.. فأتت لتقف على الأطلال.. أطلالي أنا.. دخلت الغرفة خلسة.. فتحت النور.. ووجدت المفاجأة.. لم يكن حنينها هي وحدها الذي دفعها لغرفتي.. والوقوف على أطلالي.. بل حنين أمي أيضا..فلقد كانت أمي جالسة على سريري .. تضم وسادتي وتنتحب بكل ألم وحسرة..
اقتربت منها نورة وقالت: أماه.. لا تبكي.. أرجوك لا تبكي..
رفعت أمي رأسها وقالت باكية: أختك رحلت يانورة.. رحلت عن أحضاني.. غادرتني ولن تعود..
مسحت نورة دموعها الكثيرة وقالت:لا يا أمي.. لا تقولي مثل هذا القول.. روز أختي لن تنسانا..روز لم ترحل عنك يا أمي.. إنها لازالت قريبة منا.. فبيتها لا يبعد الكثير عن هنا..ومتى أردتي سنذهب لزيارتها..أنت تتكلمين عنها ولكأنها ابتعدت عنا.. هجرتنا ورحلت للأبد.. ولكن روز لم تهجرنا.. ولن تتركنا أماه.. هيا يا أمي انهضي وامسحي دموعك..وادعي الله أن تكون أختنا بخير ..ادعي المولى لها بأن تستمتع بحياتها وتسعد بأيامها.. هيا يا أمي..
كانت نورة تتجلد من أجل أمي إلا أنها كانت تبكي بصمت ودون أن يشعر بها أحد.. كانت تموت وتتالم.. ولكنها تتظاهر بالشجاعة.. حتى لا تنهار أمي..
أمسكت نورة بيد أمي.. قادتها إلى غرفتها.. وضعتها في سريرها وقالت:أماه..اخلدي إلى الراحة الآن.. حسنا..
ابتسمت لها أمي واغمضت عيناها مستسلمة للنوم الذي لم تذق طعمه منذ ليلتين ..
خرجت نورة واغلقت الباب خلفها برفق..اسندت ظهرها على الباب..وتنهدت بعمق..
اتجهت إلى الأسفل.. إلى غرفة الجلوس التي اعتدت أنا أن أكون فيها بمثل هذا الوقت.. دخلت فوجدت أبي جالسا على كرسيه مطرقا.. تحوم فوق رأسه غيمة من التعاسة والألم.. نظرت إلى المقعد الكبير.. فوجدته فارغا.. لا أحد فيه.. أو بالأصح..لست أنا فيه!!
امتلأت عيناها بالدموع.. فهربت حتى لا يلحظ والدي وجودها وبالتالي دموعها..
هربت إلى ملجأي.. إلى المكان الذي ألجأ إليه كلما أحسست بأي شعور كان.. بالسعادة أو التعاسة.. إلى مقعدي الحجري.. تحت الشجرة الكبيرة..
هربت إلى هناك.. وما أن وصلت حتى وجدت طيفه هناك.. أجل إنه فيصل.. امتلأت نورة غضبا ونظرت إليه بجمود.. رأته حزينا.. وكأنه مهموما..
قال لها ما إن رآها: نوره.. لماذا لم تودعني روز كما ودعتكم؟؟ هل هي تكرهني؟؟
صرخت به نورة: ويحك يافيصل .. أكنت تنتظر منها أن تودعك؟؟ أن تأخذك بأحضنها وتقول لك سأفتقدك يا خطيبي ؟؟
لو كنت أنا مكانها لبصقت في وجهك.. أنت حقير .. وأنا أكرهك .. أكرهك بشدة.. لم عدت؟؟ كنا نعيش بأفضل عيشة دونك.. فلم عدت؟؟
أرأيت كيف دمرت بيتنا السعيد؟؟ لقد رحلت نور بيتنا عننا بسببك.. رحلت الابتسامة.. فلم يبقى لها ذكرا.. رحلت وتولت الدموع الزعامة..أنظر إلى حالة أمي المسكينه.. انظر إلى أبي كم هو حزين.. أنظر إلى يوسف.. إلى أحمد.. أنظر إلي أنا!! أنظر إلى عيناي.. هل رأيتهما ذابلتين كالآن ؟؟ هل رأيت في عيني موت أكثر من هذا؟؟ لن أسامحك على فعلتك يا أخي..
جسلت على المقعد الحجري تبكي بقوة وترتجف من شدة البكاء..اقترب منها فيصل وفتح لها ذراعيه.. ألقت بنفسها بين ذراعيه..بكت وبكى هو بصمت.. ولم يزد على قولها سوى بقوله:لم أقصد .. لم أقصد..
سحبت نورة نفسها من بين يديه وقالت:فيصل.. أنت دمرت كل شيء.. وكل ما كانت روز تكنه لك..مات.. فلا تتوقع منها أي شيء الآن.. ولا تتوقع أن تعاملك بمعاملة أفضل من هذه..أخي.. لقد فقد والدينا ابنتهما..فحاول على الأقل أن تقلل خسارتهما بوجودك بقربهما..
مسح دموعه وأومأ برأسه بصمت..


يتبع..

أطياف الأمل 26-07-2003 06:36 PM

احساس غريب

ليلتها لم أستطع النوم .. كنت أحس بأني غريبة.. خائفة حتى الموت.. كانت الدموع تترقرق بعيني..فلقد كان طيف عائلتي يداعب مخيلتي فلم يدعها ترتاح ولو لثوان .. كنت أود لو كانت نورة معي الآن .. أتحدث معها .. أضحك معها .. ومجرد رؤيتي لها ستزيل عني كل الرهبة والخوف اللذان اعترا نفسي!!
ولكن آه يا أختي .. ليتك بقربي .. آه يا أماه .. لكم أود ان أكون بحضنك .. فانا في دفئة وحنانه .. وأنت يا أبي الحبيب .. لكم أود أن تضمني إليك..وتداعبني كما كنت تفعل وأنا صغيرة .. ويوسف .. أخي الذي اعتدت الشجار معك.. على أنك أكبر مني سنا.. إلا أني أستمتع بالشجار معك.. حتى أنت يا أحمد.. أيها الصغير الحبيب .. كم أود أن احملك بين ذراعي الآن .. فأقذفك بالهواء وأعود لألتقطك بسرعه وأضمك إلي بقوة.. لكم اود أن أحضر الحليب لك.. وألعب معك.. ولكن آه ياصغيري .. آه ليتني بقربكم جميعا.. أفضل أن أموت بقربكم جوعى على أن أتنعم هنا لوحدي.. بدونكم..
وبعد عناء شديد .. استسلمت للنوم .. وفي الصباح .. أيقظني سعود.. فلقد أحسست بأني لست وحدي.. وأن هناك أحد بقربي.. فتحت عيني فوجدت سعود أخي .. ابتسمت له بتثاقل فقال ببشاشة:صباح الخير يا صغيرتي.. هل نمتي جيدا؟؟
أجبت كاذبة:أجل يا أخي..أشكر سؤالك ..
استطرد قائلا: روز صغيرتي .. أومتأكدة أنك بخير ؟؟ ألست نادمة على مجيئك هنا للعيش معنا؟؟
نهضت من فراشي وقلت ممسكة بيده: سعود .. لا تقل هذا.. أنا أختكم..ومن واجبي أن أكون معكم .. ولست نادمة ..وكيف أندم ؟؟ أخبرني ؟؟ بالعكس يا أخي أنا فرحة جدا بوجودي معكم .. لاتعلم كم يسعدني هذا الأمر..
تنهد بارتياح ثم قال:الحمدلله .. خفت ان لا تطيب لك الاقامة هنا وتتركينا مجددا..
ابتسمت وقلت: لا تخف يا أخي لن أترككم ..
- إذن .. هيا الآن إلى الفطور .. فهد ينتظرنا وهو جائع الآن..الويل لنا فلقد تركناه ينتظر كثيرا ..
ضحكت بعمق ثم ثلت:هيا نسرع قبل ان يقضي على الفطور فلا يتبقى لنا أي شيء!!
اغتسلت بسرعة وبدلت ملابسي ثم نزلنا إلى غرفة الطعام حيث كان فهد واقفا وهو في أشد حالات غضبه.. همس سعود في أذني:ألم أقل لك؟؟ أنظري ماذا سيقول الآن!!
صرخ بنا فهد: السيد سعود والآنسه روز!! لم تأخرتما؟؟ ألا تعلمان اني جائع؟؟
غمز لي سعود ولم يتكلم فقلت أنا معتذره: انا آسفه يا أخي أعدك بأنها لن تتكرر ..
ابتسم ابتسامة ازالت غضبه المصطنع فقال: أنا لا أعرف كيف أغضب منكم.. إني امازحكم فقط..هيا الآن لنتناول أول فطور لنا مع روز الحبيبة في بيتنا السعيد..
تناولت الفطور وأنا أحس بغصة في حلقي.. فهذا أل فطور لي..بعيد عن
عائلتي !!

يتبع..

ابن الأقصى 26-07-2003 09:28 PM

دلوعة بابا


اكيد إن القصه ممتازه ... لكني لن ابداء في قراءتها قبل ان اشاهد كلمة

تمت

لأني اكره الإنتظار في القراءه .. وافقد ترابط الأحداث في كل مره ...
فاسرعي في إكمالها ...

تحياتي ;)

أطياف الأمل 28-07-2003 06:27 AM

أخي ابن الأقصى ..
أشكرك على ثقتك بأن القصة ممتازة وأتمنى بالفعل ان تلقى استحسانا..
ولكني اعتقد أن تمت ستأخذ وقتا طويلا قبل أن تظهر للعيان ;)
تحياتي لك

أطياف الأمل 28-07-2003 06:35 AM

ودخلت إلى الشبكة!!


أيام كثيرة مرت .. ولكأنها قرون وسنوات طوال .. زرت خلالها عائلتي أكثر من مرة.. وفي كل مرة كنت أود أن لا أغادرهم ولا أتركهم ..
كنت في غرفتي..جالسة على سريري أقلب صفحات المجلة .. سأمت منها فقذتها بعيدا وأخذت أعبث بأظافري وألعب بهم .. جلت ببصري حتى سقط على ذلك الجهاز الموضوع فوق الطاولة هناك .. إنه جهاز الكمبيوتر الذي اشتراه لي فهد .. لم أستخدمه منذ أحضره .. لم لا أدخل على شبكة الانترنت فأنا لم أدخل إليها منذ فترة طويلة .. فكم أفتقد صديقاتي وأفتقد (المنتدى) الذي اعتدت الدخول إليه .. ولكن ياللأسف .. ليس لدي اشتراك في خدمة الانترنت!! ما العمل الآن ؟؟ سأذهب إلى فهد .. ربما يستطيع مساعدتي ..
خرجت من غرفتي .. سرت في الممر العريض .. كنت أحس بأني صغيرة جدا.. وكأني نملة تقف أمام فيل .. ليس لأني كنت صغيرة الحجم او قصيرة.. لا بل لأن البيت له جدران عالية وممرات عريضة .. توحي إلى الشخص الذي يسير بها أنه صغير جدا بالنسبة لها .. وأخيرا وصلت إلى غرفة فهد .. طرقت الباب.. جائني صوته قائلا:تفضل .. الباب مفتوح ..
دخلت ووجدته جالس على مكتبه أمامه كومة من الأوراق والأقلام والخرائط .. رفع بصره إلي وقال: آه اهلا روز .. تفضلي .. تعالي قربي الكرسي واجلسي بجانبي..
سحبت الكرسي حتى جعلته موازيا لكرسي فهد .. جلست بقربه وسألته باهتمام: فهد ماذا تفعل ؟؟
ابتسم وقال: كما ترين .. إني أعد مشروع التخرج الخاص بي .. إني أعمل عليه منذ وقت طويل..وإن شاء الله أوفق وأتخرج ..
- إن شاء الله.. إذن هل أنا أشغلك ؟؟
- لا بالعكس يا روز ..
- على العموم لن أطيل عليك كثيرا .. ولكني أردت ان أسألك هل لديك اشتراك لخدمة الانترنت ؟؟لأني بصراحة أود استخدام شبكة الانترنت إلا أنه لا اشتراك لدي في هذه الخدمة.. فهلا ساعدتني؟؟
- اعذريني يا أختي فلقد نسيت .. لقد أعددت لك كل شيء للاشتراك إلا أني لم اعطك اسم المستخدم وكلمة المرور .. اعذريني ولكنك تعلمين ان مشروع التخرج يأخذ كل وقتي وتفكيري .. افتحي الدرج هناك وستجدين به ورقة مكتوب بها اسمك بالأعلى .. خذيها فبها كل ما تحتاجين ..
بانت علامات الفرحة في وجهي وقلت له بسرور: أشكرك يا عزيزي .. سأذهب الآن ..
فتحت الدرج .. أخذت الورقة .. وخرجت ..
مشيت لغرفتي ولكأني أطير .. فلقد قطعت ذلك الممر الطويل بسرعة جنونيه ..
وأخيرا وجدت ما يطرد السأم مني ..
دخلت غرفتي .. شغلت الجهاز .. أعددت المطلوب .. و.. دخلت إلى الشبكة!!


يتبع ..

أطياف الأمل 28-07-2003 06:39 AM

وبدأ اللقاء!


عندما ظهر لي إني متصلة بالشبكة علقت بصري على الجهاز ولم أتحرك.. لا أعلم إنها فترة طويلة وأحسست وكأني أحلم .. فتحت المتصفح واخذت أتنقل بين المواقع .. دخلت (المنتدى) الذي اعتدت الدخول إليه .. الهي لم يتغير فيه شيء..إنه كما كان في السابق .. نفس الأعضاء الذين أحببتهم وعشت معهم لحظات كثيرة في حياتي..حلوة كانت أم مرة ..
دخلت أقسامه أجول بينها وأضيف ردودا في موضوعاتها ..
كنت قد فتحت برنامج (الماسنجر) ولقد وجدت إحدى صديقاتي القدماى ..تحدثت معها كثيرا ثم استاذنت وغادرت..وبقيت أنا متصلة ..
وبعد فترة طويلة .. أحسست بالسأم .. فلقد مللت كل شيء .. أنهيت كل ماكنت أود فعله .. أضفت الردود في كل المواضيع..أرسلت البطاقات والرسائل لصديقاتي .. رددت على بعض الرسائل التي وصلتني من صديقاتي .. والآن؟؟ماذا أفعل ؟؟ أرسلت رسالة لنورة أصف لها السأم الذي كنت أحس به ..
أرسلتها .. والآن ماذا ؟؟ خطرت ببالي فكرة ..أو بالأصح .. أوحى لي الشيطان بها .. لم لا أدخل إلى غرفة المحادثه (الشات)؟؟ كل صديقاتي يدخلونها .. فما الذي يمنعني من دخولها ؟؟ لا شيء!! حتى فيصل الذي كنت وفية له خانني وتزوج غيري .. فلم لا أدخل فاتحدث مع أناس جدد .. لن أدخله كثيرا..فقط هذه المرة ..
وفعلا دخلت .. دخلت موقعا كانت صديقتي تتحدث عنه كثيرا .. دخلت فوجدت من به أشخاص من جنسيات مختلفة يتكلمون بكلام بذيء مخجل.. لمحت اسم شخص كنت قد رأيت صديقتي تتحدث معه من قبل .. أرسلت له وسألته:أهلا..أين جميع الناس؟؟ لم لا أحد هنا ؟؟
ثوان حتى جاء لي رده :اهلا بك .. لا أحد هنا لأن الشات معطل.. فالجميع قد اتجه إلى الشات الجديد..ألا تعرفينه؟؟
أجبته: لا .. لاأعرفه ..
- تعالي لنذهب إلى هناك سوية.. فأنا كنت أهم أن أدخله قبل أن ترسلي لي..
- حسنا.. أعطني الموقع ولندخل سوية
- حسنا خذيه ..
وحقا.. اعطاني الموقع ودخلته .. وكان هذا أول الخيط ..
دخلته وكنت أشبه بطفل دخل لمحل للحلوى .. لا يدري أيها يختار .. هكذا أنا .. كنت سعيدة أود لو أتكلم مع الجميع .. كانت هذه المرة الأولى التي أدخل بها مواقع الحوار أو الدردشة .. ولم تكن آخر مرة .. سألني هذا الشخص ما إن دخلت: هل أعجبك الموقع ؟؟
- أجل أعجبني كثيرا
- حسنا تستطيعين ان تتحدثي مع من أردتي .. إما بشكل خاص أو بشكل عام حيث يرى الناس أجمع ما تقولين ..
- أجل أشكرك
وهكذا ظللت أتحدث مع الجميع بشكل عام .. لا أقبل التحدث بالخاص مع أي كان .. فقط هو كنت أتحدث معه .. ولم يكن الحديث بيننا بشيء.. فقط كنت ألعب ولكأنه حبيبي ..وأنا أغار عليه.. وكنت أستمتع بهذه اللعبة .. فكلما رأيته يتحدث مع أخرى..كنت أرسل له وأقول : هل بدلت رأيك؟؟ هل بدأت تبحث عن البديل الآن ؟؟
فيرسل ويقول لي:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوا...............مالحب إلا للحبيب الأول
وكنت أنا أسعد كثيرا بقولة.. رغم أنه لم يكن يعني لي شيئا ..
لم يجري بيننا حديثا خاصا.. ولم أهتم أنا بمعرفته أكثر ..ولم أرى أي اهتمام بالتعمق في معرفتي.. فكان ولكأنه اكتفى بالعلاقة السطحية جدا التي كانت بيننا .. حتى كان ذلك اليوم .. لا أدري ما الذي حصل .. ولكني تجرأت ولكم استغرب جرأتي.. تجرأت وسألته عن بريده الالكتروني الخاص ..لا أدري ما الغاية الأساسية من سؤاله .. أكان اهتماما مني به ؟؟ أم ماذا؟؟ آه أقسم أني لا أعرف .. ولكني أخذت بريده .. وحفظته بالجهاز عندي ..
أصبحت مداومة على الشات .. ولكأني أدمنته .. حتى أن نورة ذات يوم كانت عندي ..وكنت أنا طبعا في موقع (الشات).. اقتربت مني نورة.. سألتني: روز.. ماهذا ؟؟
أجبتها دون مبالاة: ماذا ؟؟
أشارت بإصبعها نحو الشاشة وقالت بحنق: هذا!!
رددت: آه تقصدين الموقع؟؟ إنه موقع دردشة .. وماذا في هذا ؟؟
- ماذا في هذا ؟؟ روز.. هل أنت طبيعية ؟؟ موقع دردشة وتقولين ماذا في هذا؟؟أنسيتي توجيهات أمي؟؟ أنسيتي أنه عيب ؟؟ مابالك يا أختي؟؟ لم تغيرت ؟؟
صرخت بها: لم أتغير .. أنا كما أنا .. لم أتغير ولم يتبدل بي شيئا!! دعيني .. أتستكثرين علي السعادة ؟؟ دعيني علي أجد مايريحني.. ويطيب خاطري ..علي أجد ما يريح قلبي الذي حطمه أخيك بكل قسوة ..
اقتربت مني نورة وقالت برقة: أكل هذا سببه فيصل ؟؟ كل هذا التغيير بسبب أخي الأحمق؟؟ روز لا تدعي ماحصل يدمرك ..يزلزل كيانك .. ابقي كما انت.. روز الشريفة العفيفة.. لا تدعي أي أحد يمسك.. أو يمس سمعتك.. ابقي الدانة الغالية .. لا تدعي أحد أن يدنس رقتك وعذوبتك.. أرجوك يا أختي..
سالت عيناي وقلت: نورة.. لا تخافي يا أختي ..لن يستطيع أحد أن يمسني بسوء.. أعدك أني لن أدع أحد يدمرني أو يمسني.. سأبقى أنا كما أنا.. لاتخافي علي ..
سكتت قليلا ثم قالت: إني أخاف أن ينكسر قلبك ثانية ..
رفعت رأسي بشموخ وقلت: لا تخافي يا أختي .. إن لقلبي حصون منيعة.. شيدتها بعد ماجرى لي مع فيصل.. ولن يستطيع أي رجل أن يدك حصوني ..
- إن شاء الله .. آمل ذلك ..
عادت نورة لمنزلها وعلقت في ذهني كلمتين.. ينكسر قلبي .. أوسأدع أحد يكسر قلبي مرة أخرى ؟؟ لا لن يحدث!!
وهكذا توالت المرات التي دخلت بها للشات ..حتى إني كنت أدخل له شبه يوميا.. وتوطدت علاقتي بذلك الشخص.. بت أحب الحديث معه.. فلقد كان خفيف الظل.. حلو الكلام .. وكان الحديث معه يطيب لي.. إلا أنه إلا الآن.. لم يكن بلشخص المهم لي..
أصبحت محبوبة للجميع في الموقع .. الكل يعرفني .. فبعد 3 أيام من دخولي للموقع .. أصبحت عضوة فيه .. أهداني العضوية أحد الأعضاء القدماء .. رغم أني لم أكن أعرفه ولم يكن هو أيضا يعرفني .. إلا أنه أهدانيها دون أدنى مقابل.. فرحت بها كثيرا .. أحسست بأني امتلكت شيئا..
يومها وجدت صاحبي .. تحدث معه بكل زهو وفرح.. قال لي: كيف حصلتي على العضوية؟؟ أنا هنا منذ 3 شهور ولم أحصل عليها.. وأنت بثلاثة أيام حصلت عليها؟؟
ضحكت بعمق في نفسي .. قلت له: لا تحسدني .. هذا ما حصل .. وانا الآن عضوة هنا ..
وبعد أن أصبحت عضوة.. أصبح الجميع يحاولون أن يكسبوا ودي .. لم يكن غرورا مني إلا أني لم أكن أود التقرب من أحد .. وددت لو اكون بعيدة عن الجميع .. خوفا.. أن ينكسر قلبي ..


يتبع ..

أطياف الأمل 28-07-2003 06:43 AM

كن صديقي


وهكذا .. وبعد مرور شهر تقريبا على دخولي لهذا الموقع.. توطدت العلاقة بيني وبين صاحبي .. سألته عن اسمه .. عن عمره .. عن أشياء كثيرة تخصه..قلت له: هل لي بسؤال شخصي؟؟
- أجل تفضلي بالطبع ..
- ما اسمك ؟؟
- اسمي عبدالعزيز ..
- عاشت الأسامي .. اسمك جميل يا عبدالعزيز ..
- الحمدلله أنه أعجبك ..
- وكم تبلغ من العمر ؟؟
- لن أخبرك.. أنت أخبريني.. كم تتوقعين عمري؟؟
- لا أدري ولكن ربما 26 او 27
- أكبر بقليل.. أنا أبلغ من العمر 29 سنه
لم أتوقع أن يكون بهذا العمر .. ولا أنكر أن هذا الشيء أعجبني فيه كثيرا.. أحسست بأنه .. مختلف!!
- (العمر كله) ..
- أشكرك ..هل لي أن أسألك أنا سؤالا؟؟
- أجل تفضل..
- ما اسمك ؟؟
- اسمي ..
لا لن أخبره اسمي الحقيقي.. إني لست جادة بعلاقتي معه..إذا لم أخبره باسمي الحقيقي؟؟لا لن أخبره سأكذب عليه..
-أجل اسمك !!
- اسمي دانه ..
- اسمك رائع .. بل أكثر من رائع ..
- أشكرك.. أخجلتني ..
كان اسم دانه هو الأسم الذي أطلقه على نفسي منذ صغري..حتى في شبكة الانترنت..كنت أجيب كل من يسألني عن اسمي.. بدانه!!
ظلنا نتحدث ونقترب من بعضنا أكثر وأكثر حتى كان ذلك اليوم .. سألني عبدالعزيز ..
- دانه .. أتمانعين لو أرسلت لك شيئا على بريدك الالكتروني؟؟
أجبته: بالعكس .. أحب ذلك ..
- حسنا .. سأرسل لك شيئا ..
لم يخطر ببالي أن ما سيرسله سيكون بهذه الأهمية .. توقعت أنها رسالة جميلة وصلت إليه ويحب أن أشاركه فيها.. لم أتوقع أن تكون الرسالة بهذه الأهميه ..
فتحت بريدي في اليوم التالي.. ووجدت رسالة منه..لم اكترث لها.. فبدأت أقرأ الرسائل جميعا وتجاهلت هذه.. وقبل أن أغلق بريدي..لفتت نظري..فلقت..لم لا أفتحها وأرى مافيها..وفعلا فتحتها ولم أصدق ما قرأت فيها .. فلقد كانت مفاجأة كبيرة لي .. وبدون ادنى شعور.. أرسلتها إلى نورة.. وددت أن تقرأها.. وتخبرني ماذا أفعل أو كيف أتصرف..
كانت رسالته جميلة جدا .. ورقيقة أيضا.. فلقد كتب فيها ..

الغالية دانه ..
مع بزوغ فجر جديد في سماء الحياة ..ارقب خيوط الشروق..لارصدها بين يدي..وأجعلها قلما أخط به أملا جديدا.. أٌدمه تحية محفوفة بعبق من الحب و الاحترام.. تحية معطرة بعبير الحب والتقدير أقدمها لك.. وأنثر شذى عطرها على صفحات رسالتي..أجمع البذور لأزرعها حروفا في رسالتي.. لتنبت زهور الحب والود..زهور الصدق..ولتنبت ورد الإخلاص..ليحيطنا بدائرة الوفاء..ولأنسج من أشكالها البديعة حروف رسالتي المحملة بأطيب التحيات.. أجمع زهور المحبة والأشواق لأهديها لك باقة محملة بشذى الحب وعبير الأشواق..مع صادق الأمنيات أن تقرأي رسالتي وأنت تتمتعين بأتم صحة وسعادة..
دانة الغالية .. في البداية لا يسعني إلا ان أهديك أحر الأشواق المتوقدة على نار الحب الهادئة..وبراكين الشوق الثائرة.. أشواق لا يستطيع القلم ولو كتب بمداد من نور أن يصورها..أو يبين جزء بسيط من حقيقتها..فهي في عالم آخر لا أستطيع تصويرة..ولكني أعيشه بكل ما يحتوي من حب وأحيا به حياة سعيدة جدا جدا ..
صديقتي العزيزة ..
لاأعلم ماذا أقول لك أكثر .. ولكن ها أنا ذا .. أمد يدي إليك .. طالبا قربك..سائلا صداقتك..صداقة بريئة لا تشوبها شائبة .. فلكم أعتز بمصاحبة انسانة مثلك ..
هذه كلماتي موجهة إليك ..اعذريني على الاطالة..واعذريني لأني أخذت من وقتك الكثير..إلا أني أحببت أن أعبر لك عما أحسه تجاهك.. فإن قبلتي صداقتي .. سأكون سعيدا جدا بهذا القرب.. وإن لم يعجبك قولي.. فألقي برسالتي هذه في أقرب برميل (زبالة) .. ولا تكترثي لقولي.. وكأن شيء لم يحدث..
بانتظار إجابتك ....

صديقك ..
عبد العزيز


يتبع ..

أطياف الأمل 28-07-2003 06:44 AM

كذبة بيضاء


هاتفتني نورة ما أن قرأت الرسالة وقالت: روز.. ماهذا ؟؟ لا أكاد أصدق عيناي..
أجبتها: ولا أنا أيضا ..
- روز إنه رائع .. كلماته جميلة جدا .. فهو يطلب صداقتك وبطريقة خلابة رومانسية .. إنه رومانسي جدا ..
- اجل وهذا ما يعجبني فيه ..
- روز .. أتحبينه ؟؟
- بالطبع لا ..أنا لا أحبه .. ولن أحب غيره .. لن يستطيع هو ولا غيره أن يخترقوا حصون قلبي.. لن يستطيعوا أبدا!!
- إذا ماذا ستفعلين ؟؟ أتخبرينه أنك لا تحبينه ؟؟
- أجننت أنت ؟؟ بالطبع لا.. لن أخبره بذلك ..
- إذا ماذا ستفعلين ؟؟
- ساستمر بالأمر بالطبع ..
- ولكن يا روز .. يخيل لي أنه يحبك .. وليس يطلب صداقتك فحسب!!
- وماذا في هذا ؟؟ أيتوجب علي دائما أن أكون أنا من تحب ولا يحبها الطرف الآخر؟؟دعيني أخوض تجربة لا أكون فيها من يقاسي.. دعيهم يحبوننا ولا نحبهم ..
ضحكت ضحكة غريبة.. كانت ضحكة متألمه .. صادرة عن نفس مجروحة..
قالت نورة: لقد تبدلت يا روز .. أيهون عليك أن تكسري بقلب هذا الفتى ؟؟ لا يعني أنك تعرضت لمثل هذا الموقف مع فيصل أن جميع الشباب سواسية!!
- جميعا متماثلون .. جميعهم ممثلون بلا قلب.. دعيني أكمل ما بدات ..وسنرى ماذا ستكون النهاية .. وسترين !!
وبالفعل .. لم أتوانى لحظة عن المضي قدما فيما بدأت ..فلقد رددت على رسالة برسالة منمقة..أخترت كلماتها برقة وعناية ..
وكتبت له ..

صديقي عبدالعزيز ..
أسعدتني رسالتك كثيرا .. ولكأنها تتحدث عما في قلبي.. وكأنك طلبت عن لساني أن تكون أنت صديقي ..
أتعتقد أني سأرفض ؟؟ أتعتقد أن فتاة عاقلة سترفض عرضك بأن تكون صديقها؟؟
أعجبتني رسالتك كثيرا.. وبهرتني كلماتك.. إنها بحق رائعة..
فلقد اخترقت روحي.. ووصلت إليها بكل سرعة.. سأل قلبي عقلي:يا عقل.. هل أقبل صداقة هذا الشاب؟؟
أجابه العقل: أجبل بالطبع .. بالطبع اقبلها..فلا أتوقع أني سأجد أحن منه عليك..
وبذلك تمت موافقة قلبي وعقلي عليك ..فأصبحت رسميا صديقي..
لكم أفتخر أنا بمصاحبة شخص مثلك.. شخص رائع مهذب محترم مثلك.. فياحظي أنا .. ويالسعادتي ..
أفتخر بمعرفتك واؤكد لك .. أني لن ألقي برسالتك في سلة المهملات .. بل سأحتفظ بها.. وللأبد!!


تقبل تحيات صديقتك:
دانه


يتبع ..

القطع 28-07-2003 02:20 PM

مشاء الله
هل تتمني ان تكوني كتبة
اختي .
و االله هذة القصة تدل على مستقبل راع:cool:

أطياف الأمل 29-07-2003 10:03 AM

أخي القطع ..
أنا لست سوى هاوية ..
تعبث بقلمها وتخطه يمنة ويسرى ..
ولكن بالفعل .. تلك هي امنيتي .. إلا أني لا أظن أن هذهالأمنية ستتحقق يوما ..
على العموم ألف شكر لك..
وبانتظار رأيك بعد انتهاء القصة ..

تحياتي لك

أطياف الأمل 03-08-2003 11:15 AM

وأصابني الداء !


ومع مرور الأيام الكثيرة.. توطدت علاقتي بعبدالعزيز .. حتى أصبحت لا أحس بالسعادة إلا إن رأيته .. ولا أحس بالوقت إن كنت معه .. لأن الوقت يضيع بسرعة جنونية.. ربما كنا نتكلم كثيرا ولكني بحق أستمتع بالحديث معه ..كنت إذا غاب عني يوم أو اثنين.. أكاد أجن .. أحس بأني أشتاق له ..
ويحي .. أيعقل أن أكون أحببته ؟؟ لا إنه ليس حب .. بل هو مجرد صداقة أجل !
ولكن يبدو أنه ليس بمجرد صداقة .. بل إنه ذلك الداء الذي يصيب القلوب ..والذي يعرف باسم ( الحب ) !!
ففي يوم من الأيام .. انكشف كل شيء .. واعترف كل منا للآخر بحبه .. لا أدري من بدأ بالإعتراف .. ولا يهمني الآن سوى أننا بعد ان كنا صديقين .. أصبحنا حبيبين .. كنت أنكر حبي له في بادئ الأمر .. إلا أني لم أعد أطيق الإنكار .. آه كم أحبه .. وكم أحترق شوقا لقربه .. كم يعجبني الحديث معه ويريحني ذلك .. وماكان يشدني له أكثر .. أنه كان يحبني .. أكثر مما أنا أحبه .. هو بدأ بحبي .. وأحببته لأنه أحبني . .لا بل أحببته لأني أحبه .. آه كم أحبه ..
أخبرني بأشياء كثيرة عنه .. عن عمله .. عن عائلته .. عنه هو .. أخبرني بأن عبدالعزيز ليس اسمه .. وأنه سيخبرني باسمه في الوقت المناسب .. أخبرني عن شخصيته .. وعن من هو في الداخل .. ولكم كنت سعيدة بكل ما قاله .. لم أكترث لمعرفة اسمه الحقيقي .. لأني لم احبه لاسمه .. بل لشخصه الذي عرفت .. ولم يكن يهمني أن أراه .. (رغم شوقي لذلك) بل ارجأت كل شيء إلى الزمن .. يوما ما سأراه .. سأناديه باسمه الحقيقي !! وإن شاء الله يكون قريبا ..
وأنا أيضا بدوري أخبرته بكل شيء عني تقريبا .. حتى أن دانه ليس باسمي .. فلقد شجعني قوله على قول الحقيقه .. كان الرابط بيننا هو الرسائل عبر البريد الالكتروني ..فكان كل منا ينتظر رسالة صاحبة بكل شوق ولهفة .. فكان كل منا يقرأ حروف الرسالة ولكأنه يعانق صاحبه أو يضمه إليه بكل شدة ..
وكان رد عبدالعزيز لي بمسألة اسمي شافيا عذبا جميلا .. فلقد قال لي برسالة أرسلها لي :
دانه الغالية .. أنا لا أهتم لاسمك .. ولا أكترث له .. فليس الأسم و الذي يزيدك جمالا وروعة .. بل أنت من تبهرينه بروعتك وتضفين عليه من جمال روحك جمالا.. فلا تعتقدي أني سأهتم لمسألة بسيطة كمسألة الإسم .. لأنك عندي أجمل من أي اسم كان ..
إلهي كم أحبه .. وأموت في هواه .. عسى الأيام ألا تفرق بيننا ..
كان نورة معي ..تساندني في كل وقت .. تشجعني وفي الوقت ذاته ..تحذرني من الاندفاع .. تخاف علي من الغد ..
في يوم .. ومثل كل يوم .. فتحت بريدي فوجدت رسالة من عبدالعزيز .. من فرحتي وسعدي وقفت .. أحسست أني لا أود الجلوس.. لا أدري ولكن فرحتي كبيرة جدا والله ..فتحت الرسالة وقرأتها .. وكالعادة كانت رسالة عذبة صادرة من قلبه المحب العطوف ..

حبيبتي دانه ..
أسعد الله صباحك .. عل صباحك يكون جميلا كما جمال روحك العذبة الرائعة التي أعشق ..
صباخ الخير يا حبيبتي ..
ها أنا أرسل لك من العمل .. وأنا ليس بفكري أي شيء سواك .. لا يشغله غيرك .. وغير كلامك وهمساتك .. غير كلماتك .. والأهم .. حبك ..
آه يا عزيزتي .. لو تعلمي كم أشتاق لأن أعود للبيت لآراك .. وأسعد بلقائك .. فنتحدث..وتأخذنا الأحلام بعيدا جدا.. حيث لا نستطيع العودة .. بل نختار أن نمضي بقية عمرنا في ذلك المكان العذب الذي جمعنا سوية .. فلا نعود إلى أرض الواقع المرير مرة أخرى ..
دانه ..
أتسأل أحيانا .. لم أحببتك ؟؟ وكيف ؟؟ أحس بأني مجنون .. فكيف أحببتك وأنا لم أرك حتى ؟؟ بل كيف أحببتك من خلال هذه الأسلاك .. وهذه الشاشة الصغيرة ؟؟
إلا أني أجد الإجابة سريعا .. وبلمح البصر .. أحببتك لأن لك سرحا يسلب الألباب .. فلقد سحرتني .. وأخذتي قلبي مني .. فهاهو يخفق بين ضلوعك ..
وما أسعدني بهذا الحب أيتها العزيزة .. لا حرمني الله منك ..
غاليتي ..
إن القلب لا يختار من يحب .. ولايذهب لمن يريد .. بل هو يفتح بابه ودون إرادة منه .. يفتح بابه ويسمح لحب الآخر أن يتغلل بقلبه فيسكنه ويحتله ..
وأنا أيضا حبيبتي . .لم يختر قلبي من يحب .. فلقد أحبك انت .. ولو خيّر بمن يحب .. فلن يختار غيرك .. فلم يختار غيرك وبك وجدت أروع الصفات ؟؟ فأنت أنثى مختلفة .. (ليس لأنك أجمل النساء لأني لم أرك).. مختلفة بكل شيء .. بضحكتك .. بكلامك .. بعذوبتك ونقاءك .. فأنا أيتها الغالية لم أحب فيك الجسد.. بل أحببت فيك روحك الطاهره الساكنه بين حناياك .. فأنت أيتها الغالية .. طاهرة كالصلاة .. ونقية كقلب أمي .. لا عدمتك يا حبي ودمتي لمحبوبك سالمة إن شاء الله ..
أعذري حرفي على الإطالة .. وبانتظارك يا أغلى دانه
أحبك .. أحبك .. أحبـــــــــــــــــك
مجنونك :
عبدالعزيز


يتبع ..

أطياف الأمل 05-08-2003 12:33 PM

أحبك إنما خائفة!


فرحت كثيرا برسالته .. إلا أني كنت خائفة .. خائفة من الغد .. من المستقبل .. خائفة أن تسلبني الأيام عبدالعزيز .. كنت أعلم أن الفرقة ستصير مصيرنا في نهاية المطاف .. لذلك لم أود أن أتعلق به اكثر أو حتى يتعلق هو بي .. ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .. ففي كل يوم كنت أتعلق به أكثر وأكثر..ويزداد تعلقه هو بي أيضا .. إلا أن نظرة التشاؤم لم تفارقني .. فارسلت لعبدالعزيز برسالة قلت فيها ..

الغالي عبدالعزيز ..
كيفك حالك ؟؟ وكيف هي أمورك ؟؟
أفتقدك كثيرا أيها الحبيب .. رغم أني التقيتك بالأمس .. إلا أني أحس أنه مضى دهرا منذ آخر لقاء .. ألهذه الدرجة أحببتك ؟؟ أحقا احتللت كل تلك المساحة الشاسعة بقلبي ؟؟ أحقا أنا واقعة بالحب ؟؟ أنا ؟؟
إنه فعلا شيء غريب لم أعتقد يوما أنه سيحصل .. ولي أنا .. أحب .. ومن أحب؟؟ شخص لم ألتقه يوما .. ولكنك أيها الغالي أفضل عندي من كل من التقيت .. أنت خيرهم أجمع .. لا عدمتك يا حبي ..
عزيزي ..
سألتني في رسالتك السابقة .. لماذا يبدو الحزن واضحا بين سطوري ..والألم جليا في عباراتي؟؟
وأجيبك أنا ..
كيف لا يظهر الحزن .. ويتربع على سطور رسالتي .. وأنا بين يدي الغد .. لا أدري ماذا سيقدم لي .. وأي كأس سيدعني أشرب منه ؟؟ كأس السعادة ؟؟ أم كأس الشقاء ؟؟ لا أدري في الغد .. هل ستكون معي ؟؟ أم أني سأحرم منك ؟؟
كيف لا تريدني أن احزن بل وأبكي وأنتحب وأنا أعلم ان مصيرنا الفرقة؟؟ وأنا أعلم أنك لست لي ؟؟ وأنا أرى الأيام تسلبك مني وبكل قوة ؟؟
لا أستيع تخيل حياتي من دونك .. آه أيها الحبيب .. لقد اعتدت عليك .. فكيف أحيا دونك ؟؟
بالله أخبرني حبيبي .. كيف لا أبكي وأتعذب..وأنا ها أنا ذا أمامك .. واقفة أمشي قدما في طريق مجهول .. طريق حبك .. أمشي واضعة يدي بيدك . .والأخرى على قلبي .. مخافة أن تسلبك الأيام مني ..
أجل أنا أفرح بقربك .. وأسعد بلقياك .. ولكن سرعان ما تتبدد فرحتي وتتلاشى سعادتي بمجرد أن أتذكر .. ان الفراق شر لابد منه ..
فكيف تريد لمدمعي أن يقف ؟؟ وكل لعبراتي أن تكفكف ؟؟ وانا مابين اليوم والغد .. أنتظر الفراق .. وأرجو من الله كل ليلة .. أن يتأخر أكثر ..
لا أدري ماذا أقول لك أكثر ..ولكن ..
على الحب نلتقي ..
أحبك أيها الغالي ..
محبتك:
دانه

وفي صباح اليوم التالي .. أتاني رده ..
حبيبتي دانه ..
يا أيتها الساكنة بين الحنايا .. يا من تغلغلت في قلبي وشرايني فاحتلت جوارحي وملكتني لأبعد حد ..
حبيبتي ..
كفاك حزنا .. ودعينا نعيش حاضرنا .. دعينا نتمتع بأيامنا سوية .. نحن لا نملك أن نقف في طريق المكتوب .. ولكن .. مادمنا معا الآن . .لنسعد بذلك ..
لم تصرين دائما على ذكر الفراق ؟؟ أتستعجلينه ؟؟ أم تودينه ؟؟
أرجوك لقد عذبتني بقولك .. لا أستحمل عبراتك ولا أقوى على رؤية الحزن في عينيك .. غاليتي .. دعينا نعيش حاضرنا بكل ما يحتويه .. لنتمتع بلحظاتنا سوية.. هيا لا تخنقي فرحتنا أيتها الحبيبة .. ودعيني أسعد بلقياك .. وانسى الفراق .. فهو وكما ذكرت .. شر لا بد منه .. فلندعه حتى يحين .. عسى أن لا يحين ..
هيا يا غاليتي .. أرجوك .. لا تذكري الفراق أو الحزن ثانية . .ولنعش أنا وأنت أيامنا سوية .. أجمل أيام وأروعها .. حتى وإن حان الفراق .. يكون لنا تلك الذكرى الجميلة . .التي تعيننا وتصبرنا على الآتي .. وليس مجرد دموع وحزن وكآبة ..
أرجوك غاليتي .. لو عندي معزة بقلبك ابتسمي..ودعي الهموم ترحل دون عودة.. فتستقل طائرة وترحل مهاجرة للبعيد .. فتظل طريقها إليك ولا تعود وتسكن عينيك ..
لن أكتب الوداع .. بل ..إلى لقاء قريب
أحبك أيتها الفاتنة ..

مجنونك :
عبدالعزيز


يتبع ..

أطياف الأمل 05-08-2003 12:35 PM

هل هو بخير ؟


يبدو أن الحزن لن يأتيني من فراق عبدالعزيز .. بل من مكان آخر .. من بيت أبي..كانوا أخوتي يجلسون في غرفة الجلوس .. أبي في مقعده .. وأمي على يمينه وأحمد على حجرها.. وكانت نورة جالسة على الأرض أمامه ويوسف في الكرسي الكبير .. أما فيصل وزوجته فكانا يجلسان في كرسي مقابل لأبي .. كان الجميع يبدون بخير .. يضحكون ويتجاذبون أطراف الحديث .. كانت نورة تحكي قصة قرأتها في الانترنت .. ويوسف يعلق عليها ساخرا .. وفيصل يبتسم وزوجته كانت (كالأطرش في الزفه) .. فهي لا تعي مايقولون .. ليس أنها لا تجيد العربيه .. بل العكس .. فهي تعرف الكثير في العربيه وإنما ليس كفاية أن تفهم قصة نورة كلها ..
وأمي كانت تضحك فالقصة كانت مضحكة جدا ..أما أبي .. كان صامتا لا ينطق بحرف .. وليست هذه عادة أبي !! أبدا ..
قال فيصل بعد أن انهيت نورة قصتها : هل لي بانتباهكم جميعا ؟؟
التفت الجميع نحوه بانتظار ما يود قوله . .أمسك بيد زوجته وابتسم .. ثم قال:أريد أن أخبركم أني وجولي سنرزق بطفل بعد 6 أشهر ..
صرخت أمي وقالت: حقا يا صغيري ؟؟ مبارك يا حبيبي !!
قالت نورة : أيعني أني سأصبح عمه ؟؟ يا الهي كم أنا سعيدة.. مبارك يا أخي!!
نهض يوسف من مكانه وضم فيصل وقال: وأخيرا سأصبح عما ؟؟ مبروك يا فيصل.. يا أبا عبدالرحمن ..
أجابت جولي: أشكركم جميعا .. أتمنى أن يكون ولدا ..
قاطعها فيصل قائلا: لا أنا أريد فتاة !!
اتسعت عينا نورة وقالت: فتاة ؟؟ أول رجل شرقي أسمعه يتمنى فتاة!!
أجابها باقتضاب: انا كذلك ألديك مانع؟؟
- لا أبدا..
سكت فيصل قليلا ثم قال لأبي: مابك يا أبي؟؟ ألست فرحا بأنك ستصبح جدا؟؟
أجابه أبي : بالعكس يابني .. أنا فرحا جدا.. رزقك الله بالذرية الصالحة يا فيصل..
سألت أمي أبي بعد أن انتبهت لشروده وصمته : حسن مابك ؟؟ هل أنت بخير يا أبافيصل ؟؟
أجاب أبي: أجل أجل بخير .. أستأذنكم سأذهب لأرتاح ..
نهض أبي من كرسيه متجها إلى الباب .. وقبل أن يصل إلى الباب .. سقط على الأرض .. صرخت أمي: حـسـن !!
وركض الجميع نحوه .. أمي تمسك به .. وفيصل يرفع رأسه ..يوسف يعدل من وضعه..ونورة تهتف باسمه هي وأحمد .. وزوجة فيصل (جولي) .. وقفت بعيدا خائفة ولم تقترب من أبي ..
سألته أمي: حسن .. مابك يا عزيزي؟؟ هل أنت بخير ؟؟
رد أبي وكأنه كان غائبا عن الوعي: أنا ؟؟ أنا بخير ..
قال فيصل : بم تحس يا أبي ؟؟
- لا أدري . أحس بألم في صدري .. وكأن قلبي يتمزق..
-هل ننقلك للمستشفى ؟؟
قال أبي بحدة: لا !! لن أذهب إلى المستشفى ..
التفت إلى نورة وقال : نورة .. اذهبي واتصلي باختك ..دعيها تحضر الآن .. أريد أن أراها ..
أجابت نورة وقد طفرت دمعة من عينها : حسنا .. أمرك يا أبي ..
وركضت نورة نحو سماعة الهاتف .. تناولتها وأدرات رقم بيتي .. وكنت حينها في المنزل مع اخي سعود في الطابق العلوي.. وفجأة .. أحسست بغصة في صدري .. امتلأت عيناي بالدموع .. سألني سعود : روز ؟؟ مابك عزيزتي ؟؟
سالت عيني فقلت: لا أدري يا أخي .. ولكني أحس أن بصدري غصة .. وأني متضايقة ولا أعلم السبب ..
- استعيذي من الشيطان .. كل شيء بخير إن شاء الله ..
- أخاف أن أبي أو أمي ليسوا بخير !!
- لا تخافي يا صغيرتي .. كلهم بخير إن شاء الله ..
وقطع حديثنا صوت فهد مناديا : روز .. تعالي بسرعه .. نورة على الهاتف ..
ابتسم سعود وقال: ارأيت ؟؟ هاهي نورة على الهاتف اذهبي واسأليها لتتأكدي أنهم جميعا بخير !!
- أتمنى ذلك ..
نزلت إلى الأسفل ومعي سعود .. أخذت السماعة من فهد .. لم يكن وجهه طبيعيا .. وكأنه سمع خبر سيئا .. فلم تكن هذه عادته..فبالعادة ترتسم الابتسامة العريضة على وجهه عندما تكون نورة على الهاتف!! فلم هذه المرة لا؟؟ ويحي .. أظني بدأت أفقد عقلي .. كل هذا من ظنوني .. متأكدة أن نورة ستخبرني أن الجميع بخير .. وأن ماببالي ليس سوى وهم وخيال ..
- ألو .. نورة ؟؟
- ألو روز ..
- ما بك يا نورة ؟ هل أنتم بخير ؟؟
لم تجبني نورة .. وإنما أجابتني دموعها ..
أزدادت ضربات قلبي وازداد علو صدري !! نورة تبكي ؟؟ لم ؟؟
- نورة .. نورة أجيبيني .. مابك ؟؟ هل أنت بخير ؟؟لم تبكين يا نورة ؟؟
سحب يوسف السماعة من نورة وقال: أهلا روز .. أنا يوسف ..
رددت عليه بلكنة خائفة مرتعبة: أهلا يوسف .. مابكم ؟؟ لم نورة تبكي ؟؟ هل هناك مكروه ؟؟
أجابني مطمئنا: لا تخافي يا روز .. كلنا بخير .. وإنما أنت تعلمين ان نورة تحب أن تضخم المسائل .. كلنا بخير لا تخافي..
صرخت به وقلت: ويحك يا يوسف.. نورة تبكي وتقول أنكم بخير ؟؟ أخبرني الحقيقة!! هل أمي بخير ؟؟ وأبي هل هل بخير ؟؟ وأحمد هل به شيء؟؟ أم أنه فيصل ؟؟أرحني أرجوك!!
- إنه أبي يا روز .. ولكن لا تخافي .. هو بخير .. إنما هو يريد رؤيتك ..
- أبي ؟؟ حسنا سآتي حالا..
أغلقت السماعه وبعيني جرت دموعي ..
سألني سعود: خيرا يا روز ؟؟ مابه عمي ؟؟
- لا أدري يقول يوسف أنه تعب قليلا .. أرجوك سعود خذني له ..
- حسنا هيا لنذهب يا صغيرتي .. ارتدي عبائتك والحقيني بالسيارة ..
قال فهد: وأنا أيضا سآتي معكم ..
ركضت بسرعة لأحضر عبائتي .. وبثوان كنت في السيارة .. وفي عقلي تزاحمت الأفكار .. هل حقا أبي بخير ؟؟

يتبع ..

أطياف الأمل 05-08-2003 12:37 PM

ورحل الغالي!


لم نستغرق وقتا كثيرا فالبيت لا يبعد الكثير ..وصلنا إلى بيت أبي .. دخلت وبسرعة ركضت إلى غرفته ولحقني أخويّ.. فتحت الباب فوجدته في سريرة .. أمي بقربة تذرف العبرات ونورة ويوسف وأحمد وفيصل أيضا كانوا حولة .. ملتفين حوله.. دنوت منه بسرعة .. أمسكت يده .. سبقتني عبراتي الحديث ولكني قاطعتها قليلا فقلت سائلة أبي:أبي .. مابك يا حبيبي؟؟ هل أنت بخير ؟
نظر إلي بحنان وقال: أصبحت الآن أفضل برؤيتك يابنتي .. أنا الآن أفضل حالا .. لا تخافي علي .. فأنا بخير .. أجل أنا بخير يا صغيرتي ..
قربت يده إلى وجهي حتى بللتها بدموعي .. جال أبي ببصره حولنا ثم قال : الآن أنا مرتاح .. أبنائي جميعهم حولي .. جميع أحبتي حولي .. الآن أستطيع أن اموت وأنا مرتاح ..
صرخت به أمي: لا تقل هذا يا حسن .. أنت بخير !! فلم تذكر الموت ؟؟ لا تذكره مرة أخرى .. أرجوك لا أتحمل ذلك ..
- ولكن الإنسان لا يضمن عمره يا حبيبتي .. لذلك دعيني أتكلم ..دعيني أسعد بقربكم جميعا .. ولو لآخر مرة في حياتي ..
أوشكت أمي على الرد إلا أن سيل دموعها منعها من الحديث .. تدخل سعود بالحديث لأنه كان المتجلد الوحيد بيننا .. وقال: عمي .. استعذ بالله من الشيطان .. أنت بخير يا عمي .. ولا داعي لمثل هذا القول . .إنه مجرد تعب بسيط .. وستقوم بخير إن شاء الله .. خالتي .. هل استدعيت الطبيب ؟؟
أشارت أمي برأسها بالنفي فأردف سعود قائلا:حسنا سأذهب لأستدعيه الان..
واستدار كي يخرج من الغرفة إلا أن عمي استوقفه فقال: سعود .. توقف .. لا أريد طبيبا ولا غيره .. أريدكم أنتم يا أحبتي .. هيا تعال وأجلس بقربي .. وأنت يا فهد لم تقف بعيدا ؟؟ اقترب !!
اقتربا أخويّ من أبي وأنا لازلت ممسكة بيده أضمها إلي وأبكي بحسرة ومرارة..
تكلم أبي كثيرا .. أوصاني بعدة أشياء .. وآخر ما قال: هدى .. آه يا زوجتي الحبيبه .. كم أحبك .. أعذريني .. إن تركتك فهذا أمر الله وقدره .. فلا تحزني .. وادعي لي بالجنة .. علنا نلتقي بالدار الآخرة ..
ألقت أمي رأسها على صدر أبي وقالت باكية: حسن أرجوك لا أقوى على سماع هذا الكلام .. أرجوك! أنت بخير يا حبيبي.. فلا تقل هذا الكلام..
- أجل انا بخير .. أجل ..
التفت إلي وقال: روز .. ابنتي الحبيبه .. أعلم أنك لست ابنتي .. وانك ابنة أخي.. لكني والله لم أشعر يوما أنك لست ابنتي .. أنت عندي كما نورة .. ابنتي الحبيبة المميزة .. لذلك يا روز .. لا تتركينا .. ابقي معنا .. ولا تنسنا .. لا تتركي أمك هدى لوحدها .. ابقي دوما معها .. وأيضا لا تتركي اخوتك سعود وفهد لوحدهما .. حاولي أن تعدلي بين الاثنين يابنتي .. وأنت يا فيصل .. أمنتك والدتك .. انتبه عليها .. وكذلك الحال عندك يا يوسف !! انتبها على والدتكما واختيكما وأحمد ..
وأنتما يا فهد وسعود .. لاتحسباكما أقل من أبنائي!! بل أنتم أعز .. أنتم أبناء أخي رحمه الله .. اعتنوا بالجميع .. بخالتكم .. بروز ونورة .. بأحمد .. تعانوا ولا تتركوا بعضكم أرجوكم يا أبنائي .. وأجعلوا المحبة دوما هي نبراسكم ومرشدكم في حياتكم ..
كانت الدموع تجري في عيون الجميع .. وتنساب على وجوههم وتبللها .. وفجأت سكت أبي .. أختلجت شفتاة بعنف .. وطفق يرنو ببصره البعيد .. نطق لسانه بكلمات كانت كطعنات في قلوبنا .. نطق لسانه الشهاده.. وارتفعت سبابته تستشهد .. ثم .. توقف أبي عن الكلام .. وليس الكلام فقط . .بل عن الحياة أيضا .. لم يعد أبي يتنفس !! فلقد سكن صدره .. لم يعد يعلو ويهبط .. بل أن حتى قلبه لم يعد يدق!! أيعني هذا ؟؟ لا .. لا مستحيل !!
وبدأ الجميع بالنداء العقيم .. همست أمي وهي تتحسس وجه أبي الساكن:حسن .. حبيبي .. أجبني أرجوك .. أجبني أيها الغالي .. لم أنت صامت ؟؟ أغفوت يا حبيبي ؟؟ أتود أن تنام قليلا ؟؟ حسن لم لا تجبني ؟؟ أجبني يا أبا فيصل !! هيا أخبرني ..
وعندما لم تتلقى أمي أي أجابة .. أخذت تهز جسد أبي بعنف .. وتصرخ:حسن!! ويحك يا حسن .. مابك ؟؟ لم لا تجيبني ؟؟ هل أنت غاضب مني ؟؟آه ياحسن.. أجبني أرجوك .. قل لي أي شي.. ولكن لا تصمت .. لاأتحمل صمتك ..فهو يدمرني .. يعذبني ويقتلني .. آه يا حبيبي .. لا تمت أرجوك .. لا تتركني وحدي في هذه الحياة المخيفة .. كيف سأربي الأولاد دونك ؟؟ كيف سأتحمل كل شيء وحدي ؟؟ كنت تحمل المسؤولية كاملة ..والآن تركتها لي وحدي ؟؟
سكتت قليلا تمسح دموعها ثم أردفت : إذا لم تكن تود أن تفيق لأجلي.. فأفق لأجل أبنائك .. فيصل ويوسف وأحمد ونورة وروز وسعود وفهد!! أليس لهم معزة تسمح لك بأن تعود ؟؟ حسنا وماذا عن الصغير ؟؟ ابن فيصل ؟؟ أليس له معزة عندك هو الاخر ؟؟
وأيضا لم يجب أبي .. ولن يجب .. فلقد رحل أبي .. رحل الغالي .. ولن يعد ..
انتحبت أمي وصرخت وهي تلطم نفسها وتبكي: آه يا زوجي.. لقد قتلتني يا زوجي .. لقد قتلتني ..
ضممتها لي بقوة ونورة أيضا .. امتزجت دموعنا وعبراتنا فعبقت المكان برائحتها ..قلت لأمي مهدئة: أبي رحل يا أمي ولا يسمعك .. توقفي عن الدمع يا أماه .. فلقد رحل الغالي ..
كان رحيل أبي فاجعة لم تتحملها نفس أي منا .. عاصفة حطمتنا .. وخلفتنا بعدها بقايا مخلوقات .. حطام بل أجساد خاوية ..
كان وقعها علينا كبير .. كبير جدا..فلم يصدق أي منا ما حدث .. أبي رحل ؟ رحل بعيدا جدا.. ولكأنه تعلق بأسراب الطيور المهاجرة وهاجر معها .. ولكن الفرق .. أنها قد تعود .. أما هو فلن يعود ..
وبدأ العزاء..فجاء أناس كثر معزون .. من كل أرجاء المملكه .. أناس ميزت بعضهم ولم أميز الكثير منهم .. كنت جالسة بجوار نورة .. سألتها: نورة ..أين زوجة فيصل؟؟
نظرت إلي وقالت: في الأعلى فهي تعبة بعض الشيء..
- لم؟؟ مابها ؟؟
- ألا تعلمين أنها حامل في شهرها الثالث ؟؟
صعقتني كلمتها وعذبتني .. حامل ؟؟ وفي شهرها الثالث ؟؟
بدت علامات الذهول والدهشه على وجههي .. ربتت نورة على يدي ونهضت .. اتجهت إلى أمي وجلست بجوارها .. لا أدري لم آلمني الموضوع.. لم يكن فيصل يهمني .. لذا لا أدري لم أكترث لو كانت زوجته حاملا أم لا .. ويحي .. ألا أريد أن أتخطى عذابي ؟؟
ذهبت إلى أمي .. جلست أمامها .. مسحت دمعها وقدمت لها كأس من الماء وقلت: أماه .. أريحي نفسك قليلا .. ستقتلين نفسك ألما .. أنت تعذبين أبي بهذه الدموع ياغاليه .. اتريدين تعذيبه؟؟
هزت أمي رأسها بالنفي فأردفت قائلة: إذا امسحي دموعك وتجلدي من أجل أبي .. وادعي له بالرحمه بدل البكاء..
كنت أنا أبكي بصمت بداخلي .. ولكني حاولت التجلد .. لأجل أمي ..
جاء الليل .. ونشر غطاءه الأسود على الدنيا .. فاكتست لونه .. وتحلت بحلته ..
ذهبت الناس جميعهن .. فلم يبقى في البيت سوانا .. أنا واخوتي .. دخل سعود ومعه فهد ويوسف وفيصل .. اقتربوا من أمي .. قبلوا رأسها وقدموا لها العزاء ..وقدموه لي أنا ونورة أيضا.. خرجنا من الغرفة التي بها أمي وبقيت نورة معها..وما أنا ابتعدنا كفاية عن حجرة أمي..حتى ضممت أخوتي وبكيت .. بكيت كثيرا فلقد حبست دموعي طيلة اليوم ولم أطيق الصبر أكثر .. ضمني فهد إليه وقال بعد أن مسح دمعه: هوني عليك يا أختي .. إنه لشيء صعب علينا أن نفقد عمي حسن .. ولكن ادعي الله له بالجنة بدل بكائك ..
قال فيصل: أجل يا روز .. امسحي دموعك وتجلدي .. إن لم يكن لأجلك .. فلأجل أمي المسكينه ..
مسحت دموعي وهززت رأسي موافقة على كلامهم .. قال لي سعود: روز .. لقد تأخر الوقت الآن يا صغيرتي .. وسأدعك تنامين هذه الأيام هنا .. فخالتي ونورة بحاجة إليك .. ابقي بجانبهم يا صغيرتي ..
- حسنا يا أخي .. انتبهوا على أنفسكم ..
ذهب فهد وسعود .. ودخل يوسف غرفته .. وبقيت انا وفيصل وحدنا بالممر .. كان مطرقا رأسه وكذلك الحال عندي .. وبعدما أن طال الصمت بيننا قطعته وقلت بلهجة حادة: مبروك .. سمعت أن زوجتك حامل ؟؟
رفع رأسه ونظر إلي .. ثم أشاح وجهة بسرعة وقال: أجل ..
سألته ساخرة : وماذا تريد أنت ؟؟ فتاة أم صبي ؟؟
أجابني: فتاة ..
- حقا ؟؟
قال وقد بدت في عينيه نظرة غريبة لم أعرف ما قصد بها وقال: أريد أن يكون الجنين فتاة .. وسأسميها روز !!
تجاهلت كلمته وتجاهلت الطريقة التي كان ينظر بها إلي ..فقلت بغير اكتراث: رزقك الله بالذرية الصالحة .. عن اذنك .. سأذهب لأرتاح ..
صعدت غرفتي .. أغلقت الباب على نفسي وجلست في ظلمة الليل على الكرسي .. لا ضوء لدي سوى ضوء القمر المخترق نافذته حجرتي ..
أخذت افكر .. ترى ماذا قصد فيصل ؟؟

يتبع ..

أطياف الأمل 06-08-2003 01:41 PM

ظلم الحبيب


مرت أيام كثيرة كئيبة مملة حزينة .. وكانت سحابة من الحزن تخيم على أمي وتقتلها ببطء .. وليس حالنا نحن بأفضل منها .. إلا أن الجميع كان يتصبر لأجلها.. فلكم صبرت وعانت لأجلنا نحن ..
استأذنت أمي لكي أذهب للبيت لأحضر لي بعض الحاجيات .. فأنا لم أذهب إلي بيتنا منذ وفاة أبي ..
مرني فهد واصطحبني للمنزل .. دخلت المنزل وبي شوق كبير له .. فأخيرا بدأت اعتاد عليه .. قال لي فهد: روز .. جهزي ملابسك وسأذهب لأستحم .. لن أتأخر حسنا ؟؟ أعطيني 15 الى 30 دقيقه !!
- حسنا يا أخي ..
صعدت إلى أعلى .. واتجهت إلى غرفتي .. بدأت أجمع ما أحتاج بسرعة.. ملابس لي وأشيائي .. وقبل أن أخرج .. وقع بصري على جهاز الكمبيوتر..قلت في نفسي:ويحي .. كم أنا غبية!! لم أرسل لعبدالعزيز لأخبره أني بخير؟؟لابد أنه قلق الآن!!
نظرت إلى ساعتي فوجدت أن لدي متسع من الوقت .. وفهد لم يجهز بعد..
فتحت الجهاز .. ودخلت الى الشبكة .. وبلهفة كبيرة فتحت بريدي .. فوجدته ممتلئ .. الهي لا أصدق .. كل هذا الكم من الرسائل من عبدالعزيز ؟؟
كانت احدهم ردا على رسالتي الأخيرة .. والأخرى عندما رأى أني تأخرت بالرد عليه أرسل يسأل عن حالي .. والبقية رسائل عتب كان خوفه علي واضحا وجليا فيها .. وكانت بعض سطوره تتهمني بأني لم أعد أريده .. أو أني تخليت عنه ..
تنهدت بعمق ورددت على رسائله الكثيرة بكلمات مختصرة .. توضح الحال ..

عبدالعزيز ..
أعذرني على التأخير .. إني متأسفة جدا على هذه الانقطاعة ولكنها الظروف .. أقسم أنه ليس بيدي .. ولا بارادتي ..
إنها الظروف هي التي باعدت بيننا .. وجعلتني أتأخر عليك .. فهلا عذرتني ياعزيزي ؟؟
آه يا حبي .. لا أدري ماذا أقول لك .. فإن الحزن يملأني .. وإني لأكاد أموت حزنا.. أحس بأني تعيسه .. وحيدة ومتألمه ..
عزيزي ..آه لو تعلم ماهي ظروفي.. إنها الموت .. أجل الموت يا عبدالعزيز ..لقد توفي أبي قبل فترة وذلك كان سبب انقطاعي ..تلك كانت ظروفي التي منعتني من التواجد .. ولا تحسبني تركتك أو تخليت عنك.. لأني لا أقدر ذلك ..
اعذرني على هذه الرسالة المستعجلة .. ولكني أحببت أن أرسل لك وأخبرك أني بإذن الله بخير .. وسأعود إليك قريبا .. لأبث إليك بكل مافي نفسي .. لأنك الحبيب والصديق الذي أجد الراحة والسلوان في الحديث معه ..
والى لقاء قريب ..
دانه

كان عبدالعزيز في عمله حينما وصلته رسالتي .. كان شوقه واضحا في عينيه ما أن قرأ اسمي بين المرسلين .. فتح الرسالة بسرعة ورهبة شديدة ..
تنقلت عيناه بين السطور تقرأ كلماتي بسرعة .. وبعد أن انتهى .. ضرب بيده بقوة على المكتب ..طفرت دمعة من عينه وقال : كم أنا غبي! اعذريني يا حبيبتي .. فكم أنا غبي .. لقد اتهمتك باطلا .. لقد اتهمتك بالنسيان !! ولكنك أعذب وأطهر مني .. وفكرك أرقى مني بكثير .. كنت تقاسين وتتألمين .. وأنا أتهمك بالخيانه .. آه ياعزيزتي ليتك تسامحيني ..
لم يتكمن عبدالعزيز وقتها من الرد .. فكانت آلامه تعادل آلامي ..فلقد اكتفى بأن رد على رسالتي بكلمات قليلة ..

دانه العزيزة ..
عظم الله أجرك وألهمك الصبر والسلوان ..
أعذريني غاليتي فلم أكن أعلم .. اعذريني .. لكم أتمنى أن تصفحي عني ..
أنا آسف حبيبتي وأرجو أن تعذريني .. فلم أكن أقصد أي مما قلته في رسائلي السابقه .. أرجوك أعذريني ..
بانتظار رسالتك ..

عبدالعزيز ..

انتهى فهد من حمامه وأتاني .. قال لي: هل انتهيت يا روز ؟؟
كنت قد فرغت للتو من ارسال رسالتي لعبدالعزيز .. أغلقت كل شيء بسرعة وارتباك وقلت: أجل أجل هيا بنا .. تناولت حقييبتي التي وضعتها على الأرض بقربي .. وهممت بالخروج .. إلا أن فهد استوقفني بقوله: روز .. مابك؟ لم أنت مرتبكة ؟؟
أجبته بارتباك أشد: أنا ؟؟ لا لا أبدا .. لست مرتبكة .. هيا بنا ذهب ..
كانت عينا فهد تسألني .. ولكأنه لم يقتنع باجابتي ولن يقتنع.. فلقد كان الارتباك باديا وبشدة على وجهي . .لا أدري خفت أن يعرف فهد أني أرسل لشخص رسالة فيسألني لمن ترسلين !! وقتها لن أعرف بما أجيبه..ولكن الحمدلله .. مر كل شيء بسلام..


يتبع ..

أطياف الأمل 06-08-2003 01:51 PM

نورة وفهد ..


عدت إلى بيت أمي .. دخلت فوجدت نورة تنتظرني في الحديقة .. وما أن رأتني حتى ركضت بسرعة نحوي وضمتني.. قلت لها: نورة هل أنت بخير يا أختي ؟؟
- أجل .. أنا بخير .. ولكن أين أنت ؟؟ تأخرت ..شغلت بالي عليك ..
- أنا هنا يا اختي .. لا تخافي .. لن أهاجر إلى المريخ فأنا هنا بقربكم ..
ضحكت نورة .. الهي كم اشتاق لضحكة أختي فأنا لم أرها منذ زمن بعيد ..
تذكرت أن فهد معي فقلت لنورة : نورة إن فهد معي ..ارتدي حجابك ..
أجابت وقد احمر وجهها: فهد ؟؟ هنا .. دعيه يدخل ..
ابتسمت لها وقلت: أجل هنا .. عن إذنك لأدخله ..
ناديت باسمه فدخل .. انفرجت أسارير فهد ما أن رأى نورة .. على غير عادته .. فهو ما أن يراها حتى يبدأ معها سلسة المزاح التي لا تنتهي أو يحاول إغاضتها بقدر ما يستطيع .. مؤكد ان هنالك ما ببال فهد..اعتقد أني أعرفه .. ولكني سأنتظر .. ولن أستعجل ألحداث..قال فهد لنورة محييا: نورة .. كيف حالك ؟؟
ازداد احمرار وجه نورة فقالت له: بخير .. وأنت كيف حالك ؟؟
- أنا بأفضل حال لأني رأيتك ..
قلت متعذرة بأغراضي لأفسح لهما المجال للحديث و الكلام بحرية: عن اذنكما سأذهب وأضع أغراضي بالداخل ..
نكست نورة رأسها خجلا وقال فهد وكأنه كان ينتظر هذه الفرصة بفارغ الصبر : إذنك معك يا روز .. نراك بعد لحظات في الداخل ..
غمزت لنورة وفهمت نورة قصدي فعضت على شفتيها محذرة قلت لها ساخرة: أراك بالداخل يا نورة ..
رحلت عنهم بسرعة حتى لا أضيع الفرصة عليهم فأنا أعلم أن أخي فهد يحب نورة ومنذ أن كنا صغارا ..على الرغم من أنه يحاول اغاضتها والشجار معها.. إلا أنه لطالما افتعل ذلك لكي يتقرب من نورة أكثر.. وأنا أعلم أيضا كم تحب نورة فهد .. بل أعلم وبشدة كم هي اللحظات سعيدة عما يجتمع حبيبان .. ويلتقان .. فيتيح لهما القدر فرصة الكلام .. حتى ولو كان بلغة الصمت..آه ليتني أستطيع الاجتماع بعبدالعزيز! ترى.. كيف حاله الان؟؟
قال فهد لنورة: تعالي نجلس يا نورة ..
ذهبا وجلسا على المقعد الحجري .. جلست نورة وجلس بجوارها فهد .. طال صمتهما ..ولم يسمع غير صوت حفيف الأشجار وحركة أغصانها بفعل الرياح.. كانت نورة مطرقة برأسها خجلا . وفهد .. مسكين فهد .. كلما شرع بالحديث هربت منه الكلمات وماتت على شفاهه.. كلما اراد أن ينطق .. تبخرت الكلمات من باله كما يتبخر الماء بفعل الحرارة.. ولكن أخيرا انتصرت كلماته على صمته وخرجت بكل قوة فقال: نورة ..
التفت إليه بسرعه ولكأنها متلهفه بأن يقول شيء ..شيء محددا كان ببالها .. تأمل أن يقوله لها.. وبالفعل .. قال فهد شيئا .. وليس بأي شيء .. بل أعذب شيء :
- نورة أنا .. أنا .. أنا أحبك يا نورة ..
كادت نورة تموت من الخجل لحظتها فأردف فهد منتهزا طلاقة لسانة وبقايا شجاعته : نورة أنا احبك كثيرا .. ومنذ أن كنا أطفالا صغارا .. أحبك ..وكنت أمل حياتي .. وأمنية عمري ..كنت النور الذي يرشدني في عتمة دربي .. وضياء عيني التي بها أرى طريقي.. لم أجرؤ في يوم على النظر إلى أي فتاة غيرك..لأنك كنت وحدك مالكة فكري وعواطفي ..كنت مالكة العقل والقلب..فلم يرى القلب غيرك.. فكنت بنظرة ..أجمل وأرق من عرفها ورآها هو ..
كنت آمل أن تكوني تحبيني كما أحبك .. نورة .. أنت تعلمين أني على وشك أن انهي دراستي الجامعيه .. فهل تقبلين الزواج بي ؟؟ أعلم أنه ليس الوقت المناسب لذلك .. ولكني تلقيت عرض عمل رائع جدا ..فرصة عمر لا يمكن أن تتكرر مرتين .. ولن أقبله إلا إذا وافقت الزواج بي ..وكنت آمل أن اتقدم لخطبتك منذ زمن بعيد ولكني لم أكن قد أنهيت دراستي بعد..فلم أود أن أتقدم لك وأنا لست بكفؤ لك.. فما رأيك ؟؟
نظرت إليه بخجل وأومأت برأسها موافقة .. أمسك فهد بيدها بفرح وقال: أحقا يابنة خالتي ؟؟ أحقا ما تقولين ؟ ؟أحقا سيتحقق الحلم ؟؟آه كم أنا سعيد .. أكاد أموت فرحا ..ولكن .. نسيت أن أخبرك يا نورة .. إن عملي لن يكون في مدينتنا هذه .. بل سنضطر إلى الانتقال إلى مدينة أخرى ..
وكأن فهد بقوله هذا وأد فرحة نورة .. وقفت نورة فقاطعته قائلة : نرحل عند مدينتنا؟؟ لا يا فهد مستحيل لا أقدر ..
وقف فهد أمامها وضع يدها بين راحتيه بحنان وقال: ولم يا نورة ؟؟ ما الذي يمنع ذلك؟؟
- أشياء كثيرة يا فهد .. أمي .. كيف أتركها وحدها ؟؟ بل كيف أعيش من دونها ومن دون روز واخوتي ؟ ومن ثم أنا لا أعرف أحدا هناك . فكيف أعيش ؟؟
- عزيزتي نورة .. لاتصعبي المسائل .. خالتي هدى معها فيصل ويوسف وروز .. وسعود وأحمد أيضا .. وهي ليست وحيدة .. فلا تخافي عليها .. أما على المعارف .. فستتعرفين على الكثيرين .. لا تخافي .. ولكن .. ألا أكفيك انا ؟؟
- آه يا فهد .. بلى تكفيني .. ولكن لا أدري ..
ربت على يدها وقال: لا أريد ردك الآن.. فكري جيدا ثم أخبريني بردك .. وأنا على استعداد تقبل ردك سواء كان بالقبول أو .. سكت قليلا ثم أردف: أو الرفض.. ولكم آمل ان يكون قبولا ..
ابتسمت له نورة واتجهت بسرعة إلى الداخل .. ظل فهد مسمرا في مكانه.. يرقب نورة بنظراته وهي تبتعد .. ولم يكن في باله سوى سؤال واحد أخذ يقرع فكره بشدة ..ترى ماذا سيكون ردها ؟؟


يتبع ..

أطياف الأمل 10-08-2003 07:54 PM

هل أوافق ؟


دخلت نورة إلى البيت سعيدة جدا .. تكاد تقفز من السعادة .. كانت ترى كل ما حولها مضيئا جميلا .. مزهرا براقا .. وأخيرا تشجع فهد وقالها.. أخيرا أفصح بمكنون قلبه.. أحبك .. ياه ما أعذبها منه .. أحبك .. أحبك يانورة ..
أسرعت نورة إلى غرفتي حيث كنت .. وقفت أمامي بوجنتين محمرتين .. وجسد مرتعش .. سألتها : نورة .. ماذا حصل ؟؟ أخبريني !!ماذا قال لك فهد؟؟
أجابنتي بصوت أقرب إلى الهمس: روز .. فهد يحبني ..
صرخت فرحة وضممتها بقوة قائلة: وأخيرا نطقها ؟؟ ويحك يا أخي .. توقعت أن تنطقها قبل الآن بكثير ..ولكن لا يهم .. المهم أنك تشجعت أيها الأحمق ونطقتها.. أخبريني .. هل فاتحك بالزواج ؟؟
أطرقت نورة بحزن ولم تجب ..سألتها بفزع: ألم يفعل ؟؟؟ ألم يطلب يدك للزواج ؟؟ ألأم يفاتحك بأمر الزواج؟؟سأقتله إن لم يفعل!!أعدك أني سأفعل!!
أجابتني بسرعه: لا ..لاتقولي هذا ياروز .. أموت أنا من بعده ..لا أستحمل أن يصيبه أي مكروه!! بالعكس..فهد طلب يدي وسألني أن أكون زوجته على سنة الله ورسوله ..
- إذا .. مالمشكلة ؟؟ لم أنت مطرقة حزينة ؟؟ ألا تريدين أنت الزواج به ؟؟
- بلى بالطبع أريد ..
سكتت قليلا ثم أضافت: فهد يريدنا أن ننتقل إلى مدينة أخرى..بعيدة عن هنا .. لأنه وجد فرصة عمل رائعه هناك..وهي فرصة العمر كما وصفها هو .. أما أنا يا روز فلا أجدها كذلك.. أنا لا أريد أن أنتقل..بل لا أقوى على ذلك.. كيف أعيش بدونكم .. بدون أمي ..؟؟ بدون أحمد ويوسف وفيصل ..؟؟ بدونك أنت ياروز ..؟؟ كيف أعيش بدونكم ؟ ؟لا أقدر لا .. روز أنا لا يهمني المال ولا الجاه .. كل ما يهمني هو أنا أكون بقربكم .. بقرب من أحب ..
نظرت إليها بعطف وقلت: نورة.. اختي الحبيبة .. ماتقولينه ليست أعذرا مقبوله.. ألست تحبين فهد ؟؟
أومأت برأسها أي نعم .. فأردفت قائلة: إذا لا تضحي بحبك أبدا يا أختي .. إن جائتك الفرصة لترتبطي بمن تحبين فلا ترفضين هذه الفرصة .. أبدا أبدا .. بالعكس .. أقبليها وبسرعة ..فهي لا تتكرر مرة أخرى .. نورة .. ألا تريدين أن تمضي حياتك مع فهد ؟؟ مع الشاب الذي تحبين ؟؟مع ذلك الشخص الذي أحببته منذ الصغر ؟؟ بالطبع تريدين .. إذا اقبلي الزواج به .. وسافري معه ..سافري معه ولو لآخر الدنيا .. سافري ونحن سترينا باستمرار .. ولن تنقطعي عنا .. لا تخافي يا أختي .. ففهد معك .. ولن يتركك تشعرين بالوحده .. فلا تخافين .. أخبريه أنك موافقه .. هيا تعالي لنخبر أمي .. دعيها تفرح قليلا .. فالحزن أصبح رفيقها الذي لا تمل مصاحبته .. فلم نعد نرى ابتسامتها .. بل ألفنا دموعها .. أرجوك يا أختي .. دعينا نفرح قليلا ..دعي الفرح يعود إلي هذا المنزل..دعينا نعرف شكله .. بعد أن غادره أبي .. هيا دعيني أفرح بأختي وأخي سوية.. وافقي لأرتاح منكما في وقت واحد ..
قالت نورة معترضة : أكنّا نجلس على رأسك أيتها السخيفة ؟
ضحكت بعمق وقلت : أجل .. أعندك مانع ؟؟ هيا الآن أخبريني .. هل أنت موافقه ؟؟ أرجوك لا تجيبيني بالرفض!!
أجابتني وعلى شفتيها ارتسمت تلك الابتسامة الحلوة وفي عينها بريق الحياة: أجل موافقة ..
ضممتها وقلت:كم انا فرحة الآن .. أقسم أني أود لو أصرخ بالدنيا كلها وأخبرها أن أختي الحبيبة ستتزوج !! هيا يا نورة لنخبر أمي ..
خرجنا من غرفتي .. وكانت غرفة فيصل هي الغرفة المجاورة لي .. فما أن خرجت حتى سمعت صوت صراخ من غرفة فيصل .. نظرت إلى نورة وقلت : نورة.. أتسمعين ما أسمع ؟؟
سكتت نورة تحاول السماع ثم قالت مؤيدة: أجل يا روز .. إنه صراخ ولكن من أين ؟؟
أجبتها وفي فكري أسئلة عدة: من غرفة فيصل .. واضح أنهما متخاصمان .. فالصراخ تارة بالعربية وبالانجليزية تارة أخرى !!
- صدقت .. ولكن ما دخلنا بهم الآن .. لنذهب لأمي .. هيا يا روز .. أرجوك لا أقوى على الانتظار أكثر .. هيا أرجــوك ..
شدتني نورة من يدي إلى الطابق الأسفل حيث أمي .. بينما بقيت عيناي معلقة على باب فيصل .. ترى ماذا يحصل ؟؟ لما هي تصرخ ؟؟ولما هو يكلمها هكذا..؟؟سمعته يقول لها أن الأمر ليس كما تظن ..فما هو هذا الأمر ؟؟ولكن على حد علمي أنها بالشهر السابع .. والراحة واجبه لها .. فلماذا تصرخ ؟؟ ولماذا هم متخاصمان؟؟ولماذا صراخهما واضحا لهذه الدرجه ؟؟ ما الذي يعكر عليها صفو حياتهما ويجعلهما في شقاق ؟؟


يتبع ..

أطياف الأمل 10-08-2003 07:55 PM

ليس كما تظنين!


كان فيصل جالسا على سريره سارحا محلقا بفكره بعيدا..إلى مكان ليس به سوى هو وأحلامه.. و زوجته جولي جالسة أمام المرآة تضع بعض الزينة وتسرح شعرها .. نادته بعربيتها المكسرة : فيصل ..فيصل..
ولكنه لم يجبها فلقد كان مستغرقا بأفكاره .. وعندما تكررت هتافاتها ولم يجبها ..وضعت فرشاة شعرها جانبا بحنق ونهضت بسرعة ..ووقفت أمامه .. نادته برقة: فيصل ..
نظر إليها بسرعة .. وكأن ندائها أحضره من عالم بعيد .. بعيد جدا .. قال لها بحنان: نعم يا روز ..
اشتعلت جولي غيضا ووضعت يدها على خصرها .. هزت بالأخرى فيصل بقوة وقالت له: أنسيتني يا فيصل ؟؟ أنا جولي .. ولست روز !!
نهض فيصل من سريرة بسرعه ولكأنه كان غائبا عن الوعي فعاد لرشده الآن.. قال لها: اعذريني يا جولي .. اعذريني ..
- أعذرك؟؟فيصل..إنها ليست المرة الأولى التي تناديني باسمها .. أتذكر ذلك اليوم عندما قلت لي أحبك ياروز .. ثم أعدت كلامك وقلت جولي .. أقسمت لي حينها أنك لن تفكر فيها بعد اليوم..وذلك ما حملني على الزواج بعد والابتعاد عن بلادي وأصحابي .. لأكون هنا معك .. في هذه البلاد .. التي لم أرها بحياتي..ولكني رأيتها بعينيك أنت!!
ازدادت حدة صوتها فقالت صارخه : أخبرني يا فيصل .. هل عدت تفكر بها ؟؟ هل كنت سارحا بها ؟؟ أما وعدتني أنك لن تفكر بها ؟؟ هل نكثت عهدك ؟؟ هل لازلت تحبها ؟؟
قال فيصل محاولا الدفاع عنه نفسه رغم أنه كان مدانا مائة بالمائة: لا يا جولي.. إن الأمر ليست كما تظنين !!
قاطعته جولي قائلة: ليس كما أظن ؟؟ إذا ماذا ؟؟ أخبرني ؟؟
جلست جولي على الكرسي وقد طفرت عينيها بالدموع .. اقترب منها فيصل .. وضع يده على كتفها وقال : جولي .. اعذريني يا عزيزتي .. لم أكن أقصد أقسم لك .. أعدك .. إنها المرة الأخيرة .. أعدك .. جولي .. أخبرتك عندما سألتك للزواج أني لم أعد أحبها .. بل أحبك أنت .. فلا تشغلي نفسك بهذه الأشياء .. أنا أحبك أنت .. أنت أم ابنتي ..
نظرت إليه جولي بيأس وقالت: فيصل .. حاول أن تحبني كما أحبك أنا .. أرجوك.. لا أحتمل أن أعيش هكذا .. أرجوك .. حتى إن فكرت بها انتبه لألفاظك ..أرجوك.. أنت تعذبني عندما تناديني باسمها ..
ابتسم لها فيصل وهز رأسه مؤيدا كلامها .. مد يده ومسح دموعه بكفه .. وقال: لا تبكي يا جولي .. لا تبكي يا ام ابنتي ..
سألته جولي : فيصل ..
أجابها : نعم يا عزيزتي ..
- تحبني ؟؟
تذكر فيصل عندما كانت روز تسأله هذا السؤال .. فأجابها كما كان يجيبها : لا أنا لا أحبك ..
اتسعت عينا جولي فقالت : لا تحبني ؟؟
- أجل .. لا أحبك .. بل أنا أموت بهواك .. أنا أعشقك يا .. وكأنه أفاق من حلمه الجميل وذكرياته العذبة فقال متداركا كلامه : أحبك يا جولي ..
طوقته جولي بذراعيها فرحة وقالت : وأنا أيضا أحبك يا حبيبي ..
رفع فيصل بصره ونظر إلى البعيد .. أغمض عينه بقوة وطفرت دمعة منه .. وقال هامسا بحيث لم تسمعه سوى أذنه : أحبك يا روز !!


يتبع ..

أطياف الأمل 10-08-2003 07:56 PM

فرحة عاشق


كانت أمي بفراشها .. مستلقية فيه .. مسلمة نفسها للحزن .. مفوضة أمرها لله عزوجل .. جئت أنا وجلست بقربها .. ونورة جلست امامها .. وأطرقت رأسها خجلا .. طال صمت نورة .. وكانت أمي تشعر .. أن هنالك ما تود نورة أن تبوح به لأمي .. سألتها : نورة .. مابك يابنتي ؟؟ هل تريدين شيء ؟؟ أحس أن هناك شيء تريدين أن تخبريني إياه .. ماهو يا صغيرتي ؟؟ أخبريني .. أنا أسمعك ..
همست نورة: دعي روز تخبرك يا أمي ..
التفت إلي أمي وقالت : روز صغيرتي .. مابها أختك ؟؟ هل هناك شيء؟؟أرجوك أخبريني لقد أشغلتن بالي!!
أمسكت يدها وأجبتها قائلة: أماه نورة بخير .. بل بأفضل حال ..
سكت ثم قلت بعد أن استجمعت قواي : أمي .. لقد طلب أخي فهد يد نورة للزواج .. فما رأيك يا أمي ؟؟ هل أنت موافقة ؟؟
تنهدت أمي ثم قالت : وكيف لا أوافق ؟؟ هل سأجد أفضل من ابني ليتزوج ابنتي ؟؟ لقد ربيت فهد على يدي هذه .. وأنا أعلم أي الرجال هذه .. إنه الرجل الذي أفخر به زوجا لابنتي .. آه كم أنا سعيدة ..
سكتت قليلا أمي ثم قالت بلكنة حزينة: لقد كان حسن دائما يقول أنه يتمنى نورة لفهد .. ولا يتمنى لها غيره ولا له غيرها .. آه يا زوجي الحبيب .. رحمك الله..
سالت عينا أمي فاقتربت منها نورة .. مسحت دمعها وقالت : أماه لا تبكي .. أبي في جنات النعيم إن شاء الله .. أماه أرجوك لقد سئمت دموعك .. فهي تعذبنا جميعا .. وحتى أبي في قبره .. أماه .. ستخرجين من العدة بعد أيام معدودة.. ودموعك لازالت كما أول يوم توفي به الغالي .. أرجوك يا أماه أوقفي ذرفك .. وأوقفي مدمعك .. أرجوك أماه .. كلنا نطفح حزنا على أبي .. ولكن .. ولبدنك عليك حقا يا أمي .. فانظري إلى نفسك .. أنظري كيف أصبحت .. أصبحت هزيلة نحيلة .. تكاد تتكسر عظامك بمجرد حركتك .. أين أنت يا أمي ؟؟ نحن نشتاق لك .. لقد فقدنا الأب .. فلا تجعلينا نفقد الأم أيضا !! أماه .. أنا لن أقبل الزواج وأنت بهذه الحال .. أريد أن تفرحي لأجلي .. وليس أن تذرفي الدمع .. أريد أن أراك تهللين لزفافي .. وليس تنتحبين وتبكين !! أرجوك يا أمي.. ابتسمي . لأجلي .. ولأجل اخوتي جميعهم .. لأجل أبي ابتسمي واخبريني أنك موافقه ..
- آه يابنتي .. اعذريني .. ولكن ما باليد حيلة .. كيف أضحك وابتسم وقد فقدت الحبيب ؟؟ فقدته للأبد ؟؟ ولكن لا تخافي يا ابنتي .. سأبتسم ..لأجلكم جميعا.. سأتجلد لأجلكم .. ولأجل حبيبي حسن .. بارك الله لك يا ابنتي .. وعسى أن أفرح بك يا روز ..
ابتسمت بخجل فقالت نورة: أماه .. أنا أريد فهد .. ولكن هناك ما يحول دون موافقتي ..
أجابت أمي باستغراب : وماهو يا نورة ؟؟
- سننتقل أنا وفهد للعيش في مدينة أخرى.. بسبب فرصة عمل منحت لفهد .. وهي فرصة العمر له .. وأنا لا أدري يا أمي .. أخاف .. كيف سأعيش بدونكم ؟؟
نظرت لها أمي بعطف وقالت مبتسمه : نورة .. أتحبين فهد ؟؟
هزت رأسها نورة موافقه .. فأردفت أمي : إذا .. لا تدعي أي شيء يفرق بينك وبين من تحبين .. وافقي واذهبي مع زوجك .. ولو حتى للقمر .. المهم أن تكوني مع من تحبين .. لا تختاري البعد وبيدك القرب!! أتعجبك حالي ؟؟ حزينة كئيبة لفراقي حبيبي ؟؟ بالطبع لا تعجبك .. إذا هيا .. دعي روز تهاتفه وتخبره أنك موافقه .. هيا يا صغيرتي .. أخبرينا .. هل أنت موافقة ؟؟
أومأت نورة رأسها بخفة واستحياء .. فقالت أمي : إذا على بركة الله .. روز ..
- نعم يا أمي ..
- اذهبي وهاتفي فهد وأخبريه أن نورة موافقة !!
- حسنا يا أمي أمرك .. ومن عينيّ الاثنتين !!
قالت نورة معترضة : ولكن يا أمي .. أليس من المفروض أن أدعه ينتظر قليلا ؟؟ حتى لا يحسب أني ألقي بنفسي عليه ؟؟
نهرتها أمي فقالت : لا يا بنيتي .. سندعه ينتظر إن كان غريبا..ولكن فهد ابني.. ولن أدعه ينتظر لأجل دلع بنات كهذا!!هيا يا روز ..اذهبي ونفذي ماقلت..
- حسنا يا أمي ..
قفزت من السرير .. وأنا أغني وأرقص .. لقد عاد الفرح ..عادت البسمة !! سنفرح أخيرا ..
وفي طريقي لغرفتي .. نظرت إلى غرفة فيصل ..لم أسمع لهما صوتا .. ولا حتى همسا .. وكأن العاصفة التي كانت بينهم قد هدأت .. فعادت الأمور إلى طبيعتها!! ويحي .. لم أكترث لهما أنا ؟؟ فليذهبا إلى الجحيم .. ومادخلي أنا ؟؟ سأسرع لأهاتف أخي ..
وما أن استللت محمولي من حقيبتي حتى وجدت آلآف المكالمات التي لم أرد عليها .. ومن من كل هذه المكالمات ؟؟ لم انتظر الإجابة كثيرا .. فلقد أتتني سريعا .. لإنها من فهد .. عاودت الاتصال به .. وما أن أجابني حتى صحت به :فهد .. مابك ؟؟ لم كل هذه المكالمات ؟؟ عشرون مكالمة ؟؟ هل أنت بخير ؟؟ وسعود ؟؟ كيف هو ؟؟
- روز على رسلك .. نحن جميعا بخير .. ولكني كنت أود أن أتحدث إليك .. اشتقت إليك ..
- ويحك أيها الكاذب .. اشتقت إلي ؟؟ ألم تكن معي اليوم ؟؟
ضحك فهد بتوتر ثم قال: روز .. بصراحه .. اتصلت لأسألك .. ألم تخبرك نورة بشيء؟؟
أجبت متظاهرة بالغباء: نورة تخبرني بأشياء كثيرة أيها تقصد ؟؟
رد علي : شيء مهم ..
تصنعت التفكير وقلت : شيء مهم ؟؟ يخص من مثلا ؟؟
وكنت أنا أضحك بصمت .. فأنا أعلم ما يريد .. ولكني كنت أمزح معه ..
أجابني بضيق : عني أنا .. ألم تخبرك بشيء عني أنا ؟؟
- ولم تخبرني عنك ؟؟ مادخلك أنت ؟؟
- روز .. مابك ؟؟ لا تتظاهري بالغباء !! ألم تخبرك نورة أني طلبت منها شيء اليوم ؟؟
- دعني أفكر .. لا أدري ربما .. ولكن ماذا طلبت منها ؟؟
صرخ بي بغضب : روز .. ويحك ..ألم تخبرك أني طلبت يدها للزواج ؟؟
قلت له محاولة تهدئته: مهلك يا أخي .. لم أنت غاضب ؟؟ أنك طلبت يدها للزواج ؟؟ آه بلى تذكرت أخبرتني ..
قال لي وقد بدت اللهفة للإجابة واضحة بصوته: وماردها يا روز ؟؟ أخبريني .. أكاد أموت لأعرف رأيها ..
- بصراحه يا أخي .. أخبرتني رأيها .. ولا أعلم ماذا أقول لك ..
- روز أخبريني أرجوك ..
- لا أدري إن كنت ستتحمل الصدمة .. هل أنت جالس ؟؟
- لا أنا واقف لم ؟؟
- أجلس لأخبرك ..
- روز لا وقت لهذا الكلام الآن .. أخبريني ليس مهما إن كنت واقفا أم جالسا ..
أجبت بإصرار: لا بل مهم .. هيا اجلس ..
أطلق فهد زفرة غضب ثم قال: جلست .. هل لك أن تخبريني الآن ؟؟
- أجل سأخبرك .. بصراحة يا أخي .. أنا حاولت معها كثيرا .. حاولت أن أقنعها .. أن أبدل رأيها .. ولكن دون فائدة .. ودون جدوى .. حاولت معها والله كثيرا يا أخي.. اعذرني فلقد بذلت مافي وسعي ..
قال بحزن واضح وألم باد : رفضتني أليس كذلك ؟؟
صرخت قائلة : لا بل وافقت أيها الأحمق .. مبارك لك ..
سكت فهد ولم يجبني .. بل سمعت صوت ارتطام بعض الأشياء ولم أعلم السبب..هتفت باسمه : فهد .. فهد .. أين أنت ؟؟ ماذا حدث؟؟
وبعد برهة جائني رده : أنا هنا ..
سألته : مابك ؟؟ ماذا جرى ؟؟
ضحك وقال: لقد وقعت !!
- وقعت !! إذا لم تجلس كما قلت لك .. تستحق ماجرى لك .. لأنك لم تسمع كلام أختك الحبيبة !!
- آه يا روز .. كم أنا فرح الآن .. أود لو أصرخ بأعلى صوتي وأقول.. أحبها يا عالم..
- ألهذه الدرجة تحبها يا فهد ؟؟
- بل أكثر من هذا يا صغيرتي .. أكثر من هذا ..
تنهدت بارتياح .. وفجأة .. مر ببالي طيف الحبيب .. طيف عبدالعزيز .. لكم أحبه .. ولكم أتمنى أن يكون بخير ..
قلت لفهد : أتمنى لكما السعادة يا أخي .. اسمع ..تعال أنت وفهد وتقدما لها رسميا .. أطلبا يدها من فيصل .. فهو أخاها الكبير ..
- حسنا يا أختي .. سنأتي .. ولكن متى ؟؟
- لا أدري .. ما رأيك ببعد الغد ؟؟
- روز .. بعيد جدا .. لا أحتمل .. دعيه للغد !!
قلت ضاحكه : حسنا أيها العاشق .. إلى الغد .. تعالا أنتما الأثنين..وقل لسعود أني غاضبة منه .. فمنذ ثلاثة أيام لم أره ولم أسمع صوته ..
- أعذريه يا أختي .. فلديه مشاكل عديده بالعمل .. وأصبح سعود لا يطيق المنزل منذ ان عدت للمبيت في منزل عمي .. أرجوك روز .. عودي إلينا .. خالتي الآن أفضل .. ونحن بحاجة لك .. ارثي لحال أخيك وعودي .. فأنا لم أره سعيدا كما كان عندما كنت معنا .. ألم تشتاقي لبيتنا ؟؟ لفطورنا وصياحي في حال تأخرت ؟؟
- بلى يا أخي .. بلى ..
- إذا عودي ..
- حسنا .. سأعود .. غدا سأعود معكم ..
- أشكرك يا أختي .. وبدوري أنا سأقوم بترتيب غرفتك بنفسي .. احتفالا بقدومك .. وأيضا حتى ينقضي اليوم ويأتي الغد بسرعة .. فأخطب حبيبة قلبي!!
- إن شاء الله .. إلى اللقاء الآن .. سأذهب لأخبر خالتي أنكم قادمون غدا ..
- حسنا يا روز ..عمت مساء .. وأشكرك كثيرا على نقلك هذا الخبر السعيد لي..
- لا تشكرني يا أخي .. فهذا أقل ما أقدمه لك .. مع السلامه
- مع السلامه ..
أغلقت السماعه .. وقلت في نفسي. .أجل سأعود غدا .. لأني وكما اشتقت للبيت ولاخوتي ولكل شيء .. فلقد اشتقت لعبدالعزيز .. سأذهب لأخبر أمي أنهم قادمين غدا .. وبأني عائدة معهم .. إلى بيتي ..


يتبع ..

ابن الأقصى 11-08-2003 01:21 AM

دلوعة بابا

وبعدين معاك .....؟؟

إما إنك تحطي القصه كامله مره وحده .. او تحطي القصه كامله مره وحده <-- إمحق إختيار:D

يعني ذنبنا إنا نتابع القصص الرهيبه تقوموا إنتوا يالمؤلفين تتغلون علينا .. وتحطون قصصكم بالقطاره ..

هادا الظلم ما احد يرضاه ..!!:angryfire

بس صراحه .. كدا :thumb: :thumb: :thumb: :thumb: :thumb: :thumb:

أطياف الأمل 14-08-2003 02:13 PM

أخي ابن الأقصى ..
صراحة خيارات متعدده مدري شختار منها أولا :D

اعذرني والله بس أنا كل ما كتبت نزلت الي كتبته .. والقصه مو كامله عندي.. اعذرني.. ولكن ان شاء الله اخلصها قريب

اعذرني اوكي ؟؟
والحمدلله انها اعجبتك

تحاتي لك ..
دلع

أطياف الأمل 16-08-2003 06:43 PM

هل ستعودين ؟


وبالفعل .. جاء الغد . .وتمت خطبة فهد على نورة .. جاء أخوي بعد صلاة المغرب .. ودخلا مع فيصل غرفة الجلوس .. جلس فهد متوترا يهز قدمه بعصبية.. نظر إليه سعود .. وعندما التقت عينا فهد الحائرة بعينا سعود .. ابتسم له سعود مطمئنا .. فكأن باتسامته اخبره .. أن كل شيء على ما يرام .. تكلم سعود وفيصل بأشياء كثيرة .. بينما كان فهد يرد ردودا مختصرة .. فلم تكن لديه القدرة على الكلام .. ولم تكن لديه الرغبة للحديث .. فما كان يشغل باله
أهم من أي حديث .. سكت الجميع قليلا فقال سعود : فيصل .. أنت تعلم لم نحن هنا الآن .. زيارتنا هذه المرة مختلفة عن جميع المرات .. لذا دعنا ندخل بالموضوع الرئيسي ..
- تفضل يابن عمي .. كلي آذان صاغية ..
- سلمت يا فيصل .. بصراحة يا أخي .. نحن هنا لنطلب يد نورة أختك للزواج من أخي فهد .. فما رأيك يا فيصل ؟؟
ابتسم فيصل وقال: إنه لشيء يشرفني بالطبع .. ولن أجد رجلا يستحق أختي كفهد .. بالطبع أنا موافق ولكن يجب من أخذ رأي نورة .. سنناديها الآن ونسألها عن رأيها .. ما رأيكم ؟؟
نظر سعود إلى فهد فقال فهد: أرجوك يا فيصل ..عجّل ..
ضحك فيصل فقال: ألهذه الدرجة مستعجل أنت ؟؟
قال فهد بخجل : أجل يا فيصل .. أجل يا أخي.. آه لو تعلم كم أحبها !!
أطرق فيصل وشرد بذهنه .. يحبها .. ذكرته هذه الكلمة بكلمة لطالما ترددت في باله منذ زمن طويل .. أحبها .. نعم لازال يحبها .. لازال القلب لها .. لها وحدها .. حتى وبعد زواجه ..
قطع تفكيره صوت فهد : فيصل .. مابك ؟؟ هل أنت معنا ؟؟
أجابه فيصل : أجل أجل .. أنا معكم .. عن إذنكم سأذهب لأنادي نورة ..
وكنّا أنا ونورة نقف خلف الباب محاولة سماع ما يجري بينهم .. وعندما سمعت أنه قادم إلينا .. ركضنا أنا ونورة إلى الغرفة المجاورة وكأننا لم نفعل شيء .. طرق فيصل الباب .. قلت له: تفضل يا فيصل ..
دخل ببطء .. وعندما وجدني مرتدية حجابي دخل .. قال لنورة التي كانت ترقبة بعين خائفة خجلى: نورة .. هيا تعالي ليراك فهد .. ولتعطيه رأيك ..
نظرت إلي نورة فقلت لها : هيا يا أختي .. اذهبي ..
نهضت نورة بخطى متثاقلة .. وكادت تموت حياء .. خرجت تسبقنا إلى المجلس.. كان فيصل عند الباب .. وكأنه بوقفته تلك يمنعني من الخروج .. كان يقف مسندا ظهره على الباب ينظر إلي بشرود .. وعندما اقتربت منه .. ووجدت أنه لم يتحرك..ولن يتحرك قلت له : فيصل .. هل تسمح ؟؟
وأشرت له بيدي أن أفسح لي المجال ..
ابتعد بسرعة وقال: اعذريني يابنة عمي .. لقد سرحت قليلا ..
أجبته بسرعه محاولة تغيير الموضوع: لا عليك .. هيا نورة تنتظرنا ..
دخل فيصل ودخلت انا خلفه .. ومن بعدي دخلت (العروس ).. دخلت وعيناها على الأرض .. تجر قدماها خلفها استحياء .. سألها فيصل : نورة .. فهد يطلب يدك للزواج .. فهل توافقين ؟؟
لم تجب .. وطال صمتها .. فازدادت حيرة فهد وخوفه .. قال لها فيصل: نورة مابك؟؟ أجيبي .. هل تريدينه أم لا ؟؟
هزت رأسها هزة خفيفة ولكنها كانت كفيلة بأن تزيل بعض مما كان في نفس فهد من الخوف والقلق ..
فيصل : نورة .. لا أفهم .. قولي .. نعم أم لا ؟؟
أجابت بصوت أقرب إلى الهمس : كما ترى يا أخي ..
ابتسم فيصل ومد يده لفهد مصافحا وقال: على بركة الله .. ذلك دليل على موافقتها .. مبارك لك ..
شدّ فهد على يد فيصل بقوة وقال: أشكرك.. شكرا جزيلا يا فيصل ..
خرجت أنا ونورة من الغرفة وما أن خرجت حتى ضممت نورة بقوة وسالت عيناي فقلت:مبارك لك يا أختي .. أنا سعيدة جدا لك يا عزيزتي ..
- أشكرك يا روز .. وعسى أن نفرح بك قريبا .. مع حبيب القلب ..
وكأنها صفعتني بقولها هذا .. فلقد تملكني الحزن لما قالت .. أنا وهو ؟؟ معا ؟؟ لا يمكن .. لا أظن انا سنكون لبعضنا في يوم .. أبدا أبدا ..
سألتني: روز .. مابك؟؟ هل عبدالعزيز بخير ؟؟
- أجل يا نورة أعتقد ذلك ..لأني عندما فتحت بريدي كانت آخر رسالة منه قبل اسبوع ..فأعتقد أنه بخير ..
- إذا مالمشكلة ؟؟ لم الحزن ؟؟
- لأني وعبدالعزيز لا يمكن أن نكون معا في يوم .. لا يمكن ..
أجابتني بهلع: ولم ؟؟ ألا يحبك كما تحبينه ؟؟
- آه يا نورة .. بالعكس .. بل أن عبدالعزيز يحبني أكثر مما أحبه .. فإن كنت أنا أحبه مرة .. فهو يحبني ألف مرة ..
- إذا مالذي يمنع ارتباطكما ؟؟ هل هو متزوج ؟؟
أجبت بسرعه : لا ..لا لا يانورة .. ليس متزوجا ..
- حسنا ليس متزوجا..فما الذي يمنع إذا؟
- لا أدري .. آه يانوره لا أعلم ماذا أقول لك .. أنا أريده .. نعم أريده .. بكل جوارحي أريده .. ولا أتمنى لنفسي شخصا غيره .. ولكن دعي كل شيء للأيام..
- هوني عليك يا أختي .. كل شيء سيكون بخير بإذن الله .. اتّكلي على الله وإن شاء الله لا يحدث إلا كل ما يسرك ..
- إن شاء الله .. هيا الآن دعيني أضع أغراضي لأعود مع اخوتي ..
- روز .. هل ستعودين ؟؟ لم أصدق أنك عدت .. أفبعدما عدت تذهبين ؟؟
- عزيزتي.. لقد تركت اخوتي كثيرا..وهم بحاجة لي .. على العموم سأكون أنا دوما بقربكم فلا تخافي ..
ارتسمت الابتسامة على شفتيها وقالت : أجل إن شاء الله .. هيا لنذهب ..
جمعت أغراضي ..سّلمت على أمي واخوتي .. وفي الليل .. كنت في منزلي!


يتبع ..

أطياف الأمل 16-08-2003 06:45 PM

أخاف عليها ..


رغم أني اشتاق لأمي واخوتي جميعا .. إلا أن شوقي لغرفتي كبير جدا .. بل بالأحرى .. شوقي لعبدالعزيز .. وضعت أغراضي في مكانها .. أعدت ملابسي للخزانة .. وكتبي إلى الرف .. وقررت أن أشغل جهاز الكمبيوتر .. أريد أن أرى عبدالعزيز..فأنا أشتاق له كثيرا كثيرا .. شغلت الجهاز .. وذهبت لأبدل ملابسي.. دق الباب .. قلت: تفضل ..
كان سعود هو الطارق .. حييته بابتسامة .. دعوته للجلوس وانتظرته أن يتكلم.. فلم تكن عادته أن يأتي لي في هذا الوقت .. نظر سعود إلى جهاز الكمبيوتر وقال: روز ..هل ستسخدمسن الانترنت الآن ؟؟
أجبته : أجل يا أخي ..
- لا يا روز .. لا يمكنك الخول إلى الشبكة في هذا الوقت من الليل ..
- ولم يا أخي ؟؟ كل زميلاتي يفعلن !!
- وهل كنت تفعلين ذلك في بيت خالتي ؟؟ هل كنت تدخلين إلى الشبكة في هذا الوقت المتأخر ؟؟
أطرقت ولم أجب .. فعاد وسألني بحدة: هل كنت تفعلين ؟؟
أجبته بالنفي .. فقال لي: حسنا .. مادمت لا تفعلينه هناك .. فلم تفعلينه هنا؟؟
- لا أدري يا سعود .. ليس لسبب محدد ..
- اسمعيني يا روز .. لك النهار بأكمله وحتى الساعه الحادية عشرة ليلا.. ولكن بعدها .. لا يمكنك تشغيل الانترنت ...
حاولت أن اعترض فقلت: ولكن يا أخي ..
قاطعني سعود : لا اريد اعتراضا .. روز .. الفتاة المحترمة لا تقضي هذا الوقت المتأخر في الجلوس على الانترنت .. أتدرين كم الساعة الآن ؟؟ إنها الثانية بعد منتصف الليل .. أتتوقعين أنه وقت مثالي لاستخدام الانترنت ؟؟
- لا ..
- إذا .. لاأريد أن تستخدمي الانترنت خارج الوقت الذي حددته لك !! اتفقنا ؟؟
أجبت باقتضاب : حسنا .. أمرك ..
ربت على كتفي وهم بالخروج ..وعندما وصل إلى الباب التفت إلي وقال ناظرا بعيني: انتبهي على نفسك يا أختي .. لا تدعي أي كان يغرك بمعسول الحديث ..ولا تعتقدي أن أحد منهم مختلف..فكلهم متشابهون يا عزيزتي ولو تلونوا بمختلف الألوان.. ولا تنسي أن شرف الفتاة كالزجاج.. لو كسر .. لا يعود ويتصلح!!اعتني بنفسك جيدا..
انهى حديثه ورحل .. لم يترك لي فرصة للدفاع عن نفسي حتى .. أخذت أفكر بكلامه .. لا .. عبدالعزيز مختلفا .. أجل مختلفا .. حتى وإن اعتقد هو أن جميعم متشابهون .. إن عبدالعزيز .. آه يا الهي .. أيعقل أن يكون كغيره ؟؟ أيعقل أن يتحول الحمل البرئ إلى ذئب مفترس؟؟ لا يمكن لا ..
كان سعود يجلس في غرفة الجلوس بعد أن خرج من غرفتي .. كان شاردا صامتا...غارقا في تفكيره .. ولكأنه خائفا من شيء ما ..
مر فهد بغرفة الجلوس فرأى المصباح مضاء .. دخل فوجد سعود .. دهش لذلك..فمن المستحيل أن يبقى سعود صاحيا حتى هذا الوقت المتأخر .. سأل فهد باستغراب : سعود .. ألم تنم بعد ؟؟
أجابه سعود دون أن ينظر إليه: أجل .. لم أنم .. لا أحس بالنعاس ..
- غريبة .. فلقد صحوت مبكرا جدا .. ولم تنم في الظهر .. ولقد كنت متعبا جدا اليوم .. إذا لم لا تنم ؟؟ هل هنالك ما يشغل بالك ؟؟
سكت سعود كثيرا ثم تنهد بعمق .. أطلق من صدره تنهيده طويله أخرج معها آلالام كثيرة ومواجع .. وبعد ثوان قال : أجل يا أخي .. هناك ما يشغلني ويقض مضجعي !! هناك ما يؤلمني ويعذبني ..
قال فهد متسائلا: وما هو ؟؟ هل لك أن تخبرني ؟
- إنها روز يا أخي .. إنها روز ..
اتسعت عينا فهد فقال ذاهلا: روز ؟؟ وما بها روز ؟؟
- اجل روز .. ألا تعتقد أنها تستخدم الانترنت بشكل كبير ؟؟ وفي كل الأوقات .. دون أن تحاسب أو تراعي لشيء .. وعندما أدخل عليها في حين استخدامها للانترنت أجدها ترتبك وتتوتر .. وكأنها تخفي عني شيء تخاف أن أكتشفه .. أخاف أن أسألها فتفسر ذلك بعدم ثقة .. وأنا والله أثق بها كثيرا ..
- أعلم يا أخي .. فلقد لاحظت ذلك أنا أيضا .. أتذكر قبل اربعة أيام عندما أحضرتها لتأخذ ملابس من البيت ؟؟ استأذنتها لأستحم .. وعندما عدت .. دخلت بهدوء .. لم أكن أعلم أنها تستخدم الانترنت .. ولكني رأيتها ترسل رسالة .. لا أعلم لمن ..ولكنها في الأخير لم تسجلها باسمها .. بل باسم دانه .. وذلك ما زادني ريبة وشك ..وعندما علمت أني في غرفتها ارتبكت وأغلقت كل شيء..سألتها عن سبب ارتباكها فأخبرتني أنها ليست كذلك .. رغم أني لم اقتنع إلا أني لم أشأ أن أسألها لمن كانت رسالتها لنفس السبب الذي ذكرت .. خفت أن تتهمنا بعدم الثقة .. ولكن لا أدري يا أخي .. ما رأيك انت؟؟ ماذا نفعل ؟
- آه يا فهد .. إني حائر .. حائر جدا .. لم يكن في بيتنا فتاة من قبل .. ولا نعرف كيف يجب أن تكون تربيتها .. أشعر أنها تزج نفسها في مسلك خاطئ .. ولكني لا أجد أي دليل على ذلك .. لذا لا استطيع فعل شيء .. أخاف أن أخبرها بشئ فتكون بريئة فتشعر هي بعدم الثقة .. وأخاف أن أغفل عن المسألة برمتها فتكون حقيقة وقد أهملتها .. آه يا أخي حقا لا أعرف ماذا أفعل ..
وضع سعود رأسه بين يديه مفكرا .. اقترب منه فهد وقال: هون عليك يا أخي .. سنجد حلا .. حلا يرضي الطرفين .. يجب أن لا نغفل عن روز فهي اختنا .. أعلم أنها أهل لثقتنا ولكن مهما كان ..فهي فتاة عاطفية جدا .. يجب علينا أن نهتم بها كثيرا .. سنراقبها ولكن عن بعد .. حتى لا تشعر بمراقبتنا .. ولكن يجب أن لا ننسى أننا نثق بها .. ومهما حصل ..فهي اختنا الصغيرة وبحاجة لنا ..
- حسنا يا أخي حسنا .. اعذرني سأخلد للنوم الآن ..أشكرك ..لقد أرحتني كثيرا..
- لا شكر على واجب يا أخي .. تصبح على خير
- وانت من أهله ..
غادر سعود الغرفة بينما بقي فهد هناك..جاثيا على قدميه على الأرض سارحا بفكره .. نهض وقال : سأدع كل شيء للأيام.. وهي كفيلة بكشف كل شيء..
خرج من الغرفة متجها لغرفته وأغلق الباب خلفه ..


يتبع ..

أطياف الأمل 23-08-2003 03:02 PM

تشبهين أمي ..


عندما خرج سعود .. كانت دقات قلبي متسارعة .. أنفاسي تتلاحق .. كنت خائفة حقا خائفة .. صدري يعلو ويهبط بسرعه .. إلهي ..لم يدعني ادافع عن نفسي حتى .. يا ربي .. ماذا أفعل ؟؟ يجب أن أتخذ الحذر أثناء استخدامي للإنترنت أجل .. لن أستخدمه واخوتي بالبيت .. أخاف أن يسألوني مع من اتكلم أو لمن أرسل فتكون المصيبة وقتها .. أجل ذلك أفضل ..
خلدت للنوم .. وفي اليوم التالي .. عندما صحوت .. صحوت متأخرة بعض الشيء.. خرجت من غرفتي بعد أن اغتسلت .. ذهبت أبحث عن اخوتي فلم أجدهم .. علمت أن سعود في العمل.. وفهد بالخارج .. قلت في نفسي .. فرصة مناسبة بحق!! سأذهب وادخل للإنترنت ..
أسرعت لغرفتي فأنا لا أود أن تضيع ثانية أكثر فيأتي اخوتي .. دخلت غرفتي أغلقت الباب خلفي وجلست على الكرسي .. شغلت الجهاز ودخلت للشبكة .. وبعد خمس دقائق .. كنت أحد المتصلين بالشبكة .. فتحت (المسنجر) بسرعة.. كانت دقات قلبي تتلاحق مع تلك الفراشة التي تذهب يمنة ويسرى.. فتذهب معها عيناي .. وأخيرا .. أصبحت متصلة .. وبيدين خائفتين .. أخذت أرى من لدي .. وأيهم متصل .. كنت آمل أن أجد عبدالعزيز .. وبعد هذه الإنقطاعة الطويلة .. نظرت بسرعة إلى المتصلون .. لم يكن هو بينهم .. لا أجد الإسم المستعار الخاص به .. إذا هو ليس موجودا الآن .. أطرقت حزنا .. ولكن.. تبدد حزني بعد ثوان قليلة .. فلقد وصلتني رسالة .. لم أعرف صاحبها .. لأن اسمه المستعار كان غريبا علي .. نظرت إلى البريد.. إلهي لا اصدق .. إنه عبدالعزيز؟؟
- دانه ؟؟
ارتسمت ابتسامة عريضة على وجهي ولم تجرأ يداي على الكتابة .. كم أنا حمقاء .. بحثت عن اسمه القديم .. فلم يخطر ببالي أن سيستبدله !!
عاد وأرسل :
- دانه .. ما بك ؟؟ هل أنت هنا ؟؟
استجمعت قواي وقلت :
أجل .. معك ..
- هلا وغلا مليون ..
- هلا بك ..
- دانه أين أنت ؟؟ لقد افتقدتك كثيرا .. كثيرا والله .. أين كنت ؟
- وأنا أكثر يا عبدالعزيز .. اشتقت لك كثيرا جدا .. ولكن اعذرني .. أنت تعلم أنه كان لا بد لي من التواجد مع أمي ونورة .. فهم بحاجة لي ..
- أجل عظم الله أجرك يا دانه .. وألهمك الله الصبر والسلوان ..
- جزاك الله خيرا يا عزيزي .. أخبرني كيف حالك ؟؟
- أنا بأفضل حال لأني وجدتك .. أقسم أني لا أكاد أستطيع الكتابة لفرحي أيتها الغالية ..
- آه يا عبدالعزيز .. ليتك تعلم كم أفتقدت .. وكم أحتاج لك في هذه الأيام ..
- أنا بقربك دوما .. بروحي وقلبي معك .. أنسيتي أن الذي بين ضلوعك هو قلبي ؟؟ يحرسك ويرعاك دوما ..
- لا لم أنسى .. أنت دوما على بالي.. لم تغب عن فكري ولا لحظه ..
- ولا أنت يا حبيبتي .. آه لكم اشتقت لأن أٌول هذه الكلمة..حبيبتي .. لا عدمتك أيتها الغالية ..
ظللت أتحدث مع عبدالعزيز قرابة الساعتين .. ذهب الوقت سريعا ولم أحس .. فمعه كنت أنسى كل شيء .. حتى الوقت ..
ولكني اضطررت للخروج .. لأن موعد وصول سعود قد حان .. وأنا لا أريده أن يراني وأنا على الإنترنت.. حتى لا تتأكد شكوكه ..
اعتذرت من عبدالعزيز .. اتفقت معه على الموعد القادم وخرجت ..أغلقت جهاز الكمبيوتر .. وذهبت إلى غرفة الجلوس أتفرج على التلفاز..واتنقل بنظاري بين قناة وأخرى .. حتى جاء سعود .. دخل علي..ألقى التحية..ثم ألقى بجسده الواهن على الكرسي..وبحقيبته على الأرض .. قلت له : مرحبا يا سعود .. كيف حالك ..
أجابني وهو مغمض العينين : بخير يا صغيرتي ..
- كيف حال عملك ؟؟
- جيد ..
- يبدو لي أنك مرهق .. اذهب لترتاح قليلا قبل أن نتاول غدائنا ..
- أجل يا عزيزتي .. أنا تعب جدا .. فلدي قضية مهمة لم أنم بالأمس وأنا أفكر بها ..
أكمل حديثه ونظر إلي بنظرة ألقت الرعب بنفسي.. ولكأنه يقصدني بقضيته تلك .. ولكأني أنا هي القضية .. ولكنه أزال شكوكي بقوله : إنها قضية رجل مسن .. متهم بالسرقة وأنا أحاول تخفيف الحكم عنه .. وإن شاء الله أقدر ..فهو بحق يستحق شهادة التقدير وليس السجن ..
أثارت اهتمامي القضية فطلبت من سعود أن يشرح لي تفاصيلها .. وبعد أن انتهى قلت : يالله .. كم هو مسكين هذا الرجل .. كل ما أصابه لأنه أراد أن يعالج ابنته ؟؟ مسكين هو .. أرجوك يا أخي .. حاول بكل ما تستطيع..ساعده.. قبرقبته أم وأولاد وزوجة .. أرجوك يا عزيزي..
ابتسم سعود ثم قال : أجل يا روز .. سأفعل .. إلهي كم أنت حنونة .. بك حنان أمي رحمها الله .. أتعلمين ؟ أنت تشبهينها كثيرا !!
هتفت بفرح : حقا ؟؟ هل أنا جميلة كأمي ؟
- أجل يا روز .. فلقد أخذت عن أمي فتنتها ومن أبي طول القامة .. فأصبحت رائعة الجمال .. مثالا للفتنة والجمال ..
احمرت وجنتاي خجلا فقلت : سعود كفى .. لست بهذا الجمال ..
- أعلم .. ولكنك كذلك بعيني ..
نهضت من مكاني وضممت أخي قائلة : لا حرمني الله منك يا سعود .. هيا يا أخي .. اذهب وارتاح وسأجهز أنا الغداء ..
- ألن تنتظري فهد ؟
- بلى .. سيعود فهد قريبا ..وبينما أعد المائدة تكون أنت ارتحت وفهد قد عاد .. هيا اذهب الآن ..
ذهب سعود ليرتاح وذهبت أنا أعد المائدة .. لنتناول غدائنا ..

يتبع ..

أطياف الأمل 24-08-2003 07:06 PM

حلم بالبراءه


لم يتأخر فهد كثيرا .. لذا ما إن حضر .. حتى تناولنا غدائنا .. ثم انصرف كل منا

لغرفته ..
وخلال يومين .. كان سعود منشغلا جدا .. يكاد لا يخرج من غرفته .. فأنا أحضر

له الأكل الذي يمتنع عن تناوله في غرفته .. لا سعود لا يمتنع عن الطعام.. بل

هو ينسى تناوله .. مسكين يا أخي .. كان منشغلا في كتابة المذكرة الخاصة

بالقضية الأخيرة .. قضية الرجل المسن ..
دخلت عليع غرفته وكان يبدو حائرا ضائعا في بحر أفكاره .. سألته : مابك يا

سعود ؟ أتفكر بالقضية ؟
أجابني بشرود : أجل ..
سكت قليلا ثم أردف : لا أدري ماذا أفعل .. كيف أجعلهم يقتنعون ببرائته وكل

الأدلة ضده ؟ لا شيء معه .. كل شيء ضده .. بصماته على الخزنه .. لا أحد

معه المفاتيح غيره .. كل شيء .. آه يا روز .. لا أعلم ماذا أفعل .. أشعر أن

مصير هذا الرجل بين يدي .. مصير أبناءه السته وأمهم مرهونا بما سأقدمه في

المحكمة .. وأنا إلى الآن لا أحس بأني سأقدم شيء مفيدا !!
جال ببصره في أنحاء الغرفة بيأس .. فقلت له: يا أخي .. أنا أعلم أن قادر على

إنقاذ هذه العائلة المسكينة .. فكما أقنعتني أنا بنزاهة هذا الرجل .. تستطيع

أن تقنع القاضي وجميع الناس.. أجل يا أخي .. تستطيع ذلك .. باسلوبك الرائع

وثقتك من نفسك .. تستطيع فعل كل ذلك .. أنا واثقة أنك تستطيع !! إجعل

البراءة نصب عينيك .. حاول أن تصل لها بأي طريقة .. اسلك أي مسلك .. فقط

لتحصل على البراءة لهذا الرجل ..
- لا أدري يا روز .. كلما تذكرت نظرة ابنه الصغير عندما اتتني زوجته طالبة متي

أن أترافع عن زوجها .. كلما تحطمت ..
قاطعته قائلا : لا يا سعود .. بل يجب أن تزيدك نظرته قوة وايمانا .. يجب أن

تزيدك اصرار وعزيمة .. لا تيأس .. ولا تستسلم للظروف!! كن أقوى منها .. لا

تجعلها تهزمك بل اهزمها أنت ..
- أتعتقدين هذا يا روز ؟
- أجل يا سعود .. أجل .. أنا واثقة منك .. وواثقة بأنك تستطيع أن تخفف على

الرجل وأسرته بقدر ما تستطيع ..
- سأحاول يا أختي .. بقدر ما أستطيع سأحاول .. لأنك لا تدري كم يعذبني

قلبي كلما تذكرت أولاده وزوجته وامه العجوز المسنه .. من سيصرف عليهم

ويتحمل مسؤوليتهم ؟ من سيرعاهم ويهتم بشؤونهم وأكبر أولاده في العاشرة

من عمره !!
سألت باهتمام : سعود .. ألا أقارب لديهم ؟ أعمام و أخوال ؟
- لا يا صغيرتي .. لا أحد لديهم .. فجميع أهلهم بعيد جدا عنهم .. هذا الرجل

هو وحيد أمه المسنة وأبوه المتوفى .. أما زوجته .. مسكينه هي .. فلقد تبرأ

أهلها منها بسبب زواجها من هذا الرجل الطيب .. ولم يمدون لها يد العون حتى

بعد معرفتهم بمرض ابنتها الصغيرة الشديد .. فكيف تتوقعين أن يساعدوها في

حال إذ سجن زوجها ؟؟ بالطبع لن يساعدوها ولو بقرش واحد ..
- يالله .. كم هم قساة .. أيعقل أن يفعل ذلك إنسان له مشاعر وله قلب يخفق

بين ضلوعه ؟ ألا ترق قلوبهم لحال ابنتهم ؟
- عزيزتي .. هؤلاء قلوبهم تحجرت .. بل اضمحلت وتلاشت .. لم يعد لديهم

قلوب.. فلقد استبدلوها بحجارة قاسية صماء !! لا تحس ولا تشعر .. لذلك لا

ترق قلوبهم ولا تنزف ألما عندما يرون كرامة ابنتهم تمرغ في التراب ..
أطرقت حزنا ثم قلت لأخي : أعاذنا الله من قسوة القلوب .. أخي .. أنا لا أريد أن

أصبح مثلهم .. لا أريد لقلبي أن يصبح قاسيا لا يحس ..
ابتسم سعود وقال: لا تخافي يا عزيزتي .. فالقلب العامرة بذكر الله ومحبته .. لا

يمكن أن تقسو أبدا .. وأنت يا روز تملكين في قلبك طيبة لو وزعت على العالم

بأسره لكفته .. فلا تخافي القسوة لأنها أبعد صفة عن قلبك الطاهر ..
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتي .. قلت بعد برهه : أستأذنك الآن يا

سعود .. سأتركك لتكمل مذكرتك .. إلى اللقاء الآن ..
- إلى اللقاء ياعزيزتي ..
خرجت وظل سعود غارقا بين كتبه وملفاته .. يبحث عن مسلك .. لبراءة ذلك

الرجل !!


يتبع...

بومبا 31-08-2003 09:27 PM






:rolleyes:

العنـيـــــــــــــد 01-09-2003 01:20 AM

الاخت دلوعه بابا
قرأت ماكتبته ولا يسعني
الا ان اشيد بما كتبته كما اشادوا
اخواني الاعضاء من قبلي
فهي قصه شيقه تدور احداثها في عدة
اتجاهات لا باتجاه واحد يصيب القارئ
بالملل
الا اني لا اعي سببا عن توقف هذا الابداع
عودي الينا بلبقيه فقد اشتقنا
لمعرفه اخر الاحداث
تحياتي
:)

أطياف الأمل 01-09-2003 03:12 AM

اخي بومبا ..
:)

اخي العنيد ..
اعذرني انت وبقية الأعضاء على تأخري .. فأنتم أعلم وأدرى بالظروف !!
الحمدلله ان ما كتبته قد نال اعجابك واستحسان ذوقكم الرفيع ..

اعذروني على التأخير واليكم البقيه ..

أطياف الأمل 01-09-2003 03:26 AM

(بعض المشاهد في هذا الفصل مقتبسه من رواية مجدي صابر)
 
في المحكمه


نظر سعود إلى ساعته بتوتر .. فعلم أن الوقت قد حان.. أخذ حقيبته الجلديه السوداء ونهض من مكانه .. اتجه نحو قاعة المحكمة حتى وصل بالباب.. أخذ نفسا عميقا ودخل ..
- مـحــــكــــــمـــــه
كلمة صاح بها الحاجب بلهجة تحمل أكبر قدر من الوقار والهيبة .. نهض الجالسون في القاعة احتراما لحظة دخول القاضي .. وباشارة من يده جلس الجميع واستقروا في مقاعدهم .. صاح الحاجب مناديا باسم موكل سعود فتحرك من مكانه بسرعه للدفاع عنه ..
كانت دقات قلبه تتصاعد وأنفاسه تتلاحق .. كان سعود خائفا من الفشل .. من عدم النصر .. كان خائفا أن يخذل هذا الرجل .. ولكنه استجمع قواه وقال في نفسه : سانجح بإذن الله ..
نادى الحاجب: المتهم أحمد عبد الإله
وعلى الفور .. هب كتلة العظام التي كانت متقوقعة على نفسها في القفص الحديدي .. هب المتهم ذا ملابس السجن الزرقاء ما أن سمع اسمه ونظر إلى سعود الذي تقدم نحو منصة القضاء .. نظر إليه وفي عينه ذعر وخوف ودمع ..التقت نظراته الزائفة بنظرات سعود .. الفى سعود نظرته إليه وكأنه يطمئنه ثم صوب كلامه إلى القاضي مباشرة : المحامي سعود سلطان حاضر للدفاع عن المتهم ..
بدأ مرافعته بقوله : سيدي القاضي .. إن هذا المتهم لا ينكر جرمه ..لاينكر ان يديه امتدت إلى ما ليس له ..إلى خزنة العمل .. تلك الخزنة التي كان من المفترض ان يكون امينا عليها .. المتهم لا ينكر التهمه ولا الدفاع ينكرها .. ولكن هنالك جانب من القضية لم نلتفت اليه ولم يلقي له القانون بالا ..
صمت قليلا فتعلقت ابصار الجالسين به .. وومض في عينيه وميض غامض ..ثم اشار باصبعه نحو المتهم وقال: إن هذا المتهم الذي قيدتم برائته بهذه الأغلال في يده وتلك السلاسل والبذلة الزرقاء قد أمضى في وظيفته كأمين للصندوق لمدة 20 عاما .. 20 عاما كان مثالا للنزاهة والأمانة والشرف ..
سكت برهة ثم أضاف بلكنة حزينة: هذا المتهم له من الأولاد ثمانية وابنة واحده غير امهم وامه .. كانوا جميعهم يعيشون على مرتب هذا الرجل عيشة سعيدة..راضين بحالهم قانعين بنصيبهم.. ولكن فجأة .. وبدون سابق انذار .. تحول هذا الرجل الشريف الأمين إلى لص محتال !! تحول إلى لص بعد أن امتدت يده إلى الخزنة وأخذ منها مبلغا وقدره 1500 ريال!! 1500 ريال من أصل 35000 كانوا في الخزينة ..كان باستطاعته ان يسرقها كلها لو أراد .. ولكنه اكتفى بهذا المبلغ الضئيل .. لم ياترى؟ألم نسأل أنفسنا ذلك ؟ لم تحول إلى سارق لأجل حفنة من النقود ؟
سكت سعود بمرارة وقد ضاقت عيناه وهو يصوب نظراته إلى القاضي..وكأنه بذلك لا يخاطبه ذاته.. وإنما يخاطب ضميره.. كأنه يخاطب قلبه ومشاعره.. ساد القاعة سكون عجيب وقد امتلأت عينا المتهم بدموع غزيرة تدفقت من عينيه وانسابت بغزارة على خده ..
أكمل سعود بلكنة حزينة متألمة: لقد سرق المتهم هذا المبلغ الضئيل ليس لينفقه في رحلة ما أو يشتري به مالا أو غذائنا .. بل لأجل أن ينقذ كيان غالي عليه .. لأجل أن ينقذ ابنته!! ليدفع تكاليف علاج ابنته الصغيرة المريضة..ابنته التي ليس لديه سواها .. اختلس من اجل فلذة كبده .. اضطرت يداه إلى أن تمتد إلى ما ليس لها لينقذ ابنته من الموت.. ولو كان الثمن..حياته وشرفه ..
ماذا يفعل وكيف يتصرف؟ أيترك ابنته تموت ؟ بالطبع لا يستطيع !! ماذا يفعل إذا وقد أغلقت دور الخير أبوابها في وجهه ورفض الناس مساعدته بحجة أن قادر على العمل ؟
من منكم يستطيع أن يدين هذا الرجل على ما فعله ؟ من منكم كان يمكن أل يفعل ما فعله لو كان في نفس موقفه؟
استدار سعود عائدا إلى مكانه وعاد السكوت ليصبح سيد الموقف .. فيملأ القاعة كلها ..
ارتعشت شفتا المتهم خلف القضبان وهتف: يارب .. أنت العليم بما في القلوب والضمائر ..
ونطق القاضي بعد لحظة تمهل : حكمت المحكمة بسجن المتهم أحمد عبد الإله سنة مع ايقاف التنفيذ وبأن يتم تقسيط المبلغ الذي أخذه بغير وجه حق من راتبه ..
ضجت المحكمة بهتافات الفرح وبكى الكثيرون من السعادة .. رغم عدم معرفتهم للمتهم .. وابتسم سعود ابتسامة مبللة بعبق الدموع ورفع عينه لموكله في القفص.. فرآه يشهق ببكاء هستيري غير مصدق واطفاله يحتضنونه خارج القفص باكين .. فقد كانت تلك أقل عقوبة يمكن الحكم بها حيث يستحيل الحكم بالبراءة ..


يتبع ..

أطياف الأمل 01-09-2003 04:38 AM

لا تتركني وحدي !


تقرر موعد زفاف نورة وفهد .. فأخذنا نستعد .. منا من يحضر صالة الزفاف.. ومنا من يعد فستان نورة .. وما إلى ذلك من لوازم ..
وفي يوم .. لم يكن متبقي على زفاف اخوي سوى القليل .. كنت قد احتجت إلى بعض الأشياء من السوق .. طلبت من نورة مرافقتي إلا أنها اعتذرت بسبب انشغالها .. وكذلك أمي ..
لم أعتد الخروج من المنزل وحيده .. ولا أحب ذلك أبدا .. ومن حسن حظي .. وجدت أخي سعود بالمنزل .. وسعود من الرجال الذين يكرهون الأسواق .. بل ويمقته أيضا ..
جئته وابتسامة تعلو وجهي .. كان يقرأ صحيفة بيده .. رأى وجهي فقال: تكلمي يا روز..ماذا تريدين ؟
قلت له : لا أبدا لا أريد شيئا !! سلامتك يا أخي ..
أعاد قوله ضاحكا : روز انا اعرفك ..ماذا تريدين ..؟؟ هذه الإبتسامه لا تأتي من فراغ !!
اخذت افكر قليلا ثم قلت: أجل .. بصراحه أريد..
وضع الصحيفة جانبا ثم قال: تفضلي ..
- سعود .. اريد ان اذهب إلى السوق
نظر إلي بنصف عين وقال: اذهبي ومن منعك
- نورة لا تستطيع وامي تعبه ..
- وماذا أفعل لك ؟
- اذهب معي !! ألست أخي ؟
- بلى انا اخيك .. ولكن لا
- لماذا ؟ ارجوك يا سعود ..
- روز ..تعرفين اني لا احب الذهاب للسوق .. مهما جرى
- ارجــــــــــوك ..أقسم لك اني احتاج هذه الأغراض للزفاف !!
اطلق زفرة غضب ثم قال : حسنا حسنا .. سأضغط على نفسي وآخذك للسوق .. ولكني اسمعي .. انهي عملك بسرعه لأني لست مستعدا لتضييع وقتي كله في السوق !! افهمتي ؟
- أجل يا اخي
- هيا اسرعي وارتدي عباءتك لنذهب ..
وفي غضون ربع ساعه كنا في السوق ..أخذت اشاهد واجهة المحلات .. أدخل المحل هذا وأخرج من ذاك .. اشتري ما أحتاج ..
وبينما أنا في محل ادوات الزينة .. كنت أبحث عن لون مناسب لفستاني .. التقت يميني حيث كان سعود وقلت : انظر هل يـ ..
لم أكمل حديثي فلقد ماتت الحروف بشفاهي ما أن عرفت ما يحدث!! سعود ليس معي !!
بحثت بعيني يمنة ويسره ولم أجرؤ التحرك .. ناديت باسمه ولم يجبني .. حاولت أن ابحث عنه بعيني إلا أني لم استطع بسببب الجموع الكثيرة .. يا الهي ماذا أفعل ؟
وفجأة .. أحسست بيد تشد قبضتها على يدي .. التفت فرحه فلقد املت ان يكون سعود .. ولكني صدمت بالحقيقه .. فهو لم يكن سعود ..
كان رجلا لا أدري ما علته .. أكان مجنونا أم متوسلا شريدا لا أدري ..
ولكنه كان ممسكا بي بقوة وبطريقة مخيفة ..ويتمتم بكلام غير مفهوم أبدا .. تملكني الرعب والفزع .. فسالت عيناي في الحال .. من الخوف لم أستطع أن ابعده عني .. فلقد كنت أحرك يدي باستماته وبحركات بطيئه خائفه .. وكل ما حاولت ابعاده كلما ازداد التصاقا بي وازداد بالتمتمه .. وأخيرا خرج صوتي متحشرجا مخنوقا فصرخت بأعلى صوتي ..
وعندما تعالت صرخاتي تجمع الناس حولي ومن بينهم رأيت أخي سعود الذي أتى راكضا ما أن سمع صراخي .. ابعد ذلك الرجل بقوة ودفعه عني .. ثم امسكني وقال: روز ..هل أنت بخير .. ؟؟
لم أعي ما قال ولم أفهم حديثه .. ولكني اكتفيت بأن هززت رأسي موافقه ثم ارتميت بين احضان أخي ارتجف باكية ببكاء هستيري .. هتفت بين دموعي: لا تتركني وحدي يا أخي .. لا تدعه يفعل بي ذلك .. ليس مرة أخرى .. أرجوك .. لا تدعه يلمسني .. ليس كما حدث في الماضي !!
ابعدني عنه قليلا ثم قال ناظرا إلي : روز ..ماذا تقصدين ؟ ما الذي حدث في الماضي ؟
وكأني استعدت وعيي فقلت: لاشيء .. لم يحدث شيء ..
- روز .. هل تخفين عني شيئا ؟؟ اخبريني ..
اجبته : لا يا اخي .. دعنا نذهب الآن ..فالجميع ينظر إلينا ..
أمسك بيدي وخرجنا من السوق .. كان ينظر إلي وفي عينه ألف سؤال وسؤال ولكني لم أكن لحمل لأسئلته ولا جواب واحد !!


يتبع ..


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.