* أشعر بها طوال الوقت ..

هذه النسمة الباردة .. تداعب خدىّ وتتسلل إلى أعماق أعماقى ..

طالما شعرت بها .. تزداد برودتها يوما بعد يوم ..

لا تتغير برودتها ولا رائحتها .. حتى فى أشد الأيام صيفا ..

تظل باردة .. رقيقة الملمس .. قاسية الملامح ..

شيئا فشيئا تخترقنى لتأخذ معها جزءا من روحى .. ترحل به بعيدا عنى ..

رحيل بلا عودة ..

لم يزل يشغلنى فهمها .. تساؤلات .. أجوبة يكتنفها الغموض ..

وكلما حيرنى الفكر .. صعدت إلى أعلى مكان أجده ..

مع ما يملأنى من الخوف والذعر من مثل هذه الأماكن .. لكن متعة وراحة لا غنى لى عنها ..

ونظرت إلى أسفل .. لا شىء .. لا خوف .. جمود .. برود ..

وشعرت بها .. هى نفسها .. شعرت بها أقوى ما تكون .. هى نفسها .. هذه النسمة الباردة .

لم تكن تأتينى من الفضاء كما ظننت .. بل شعرت بها تهب من أعماق روحى ..

وأعماق كالصحراء بلا مشاعر ..

روح باردة كالثلج .. وجسد بلا روح ..

الغالية .. العنود

أصبت .. ما أصعبه من شعور ..

أن تتجمد مشاعرك لدرجة تفتقدين معها الإحساس حتى ببرودة المشاعر .. ناهيك عن دفئها ..

أن تسير وفى خاطرك هذه الأبيات ..

وضاعت مع الأمس أنوار عينى ... فما عدت أبصر سحر الوجود
فقد مات صوت العصافير عندى ... ومات بقلبى الصباح الجديد
وغاب الجمال وراء الغيوم ... هنالك حيث تضج الرعود
وجفت ينابيع فجرى العذاب ... ليذوى بعمرى الشباب السعيد
لأنى رفعت الغشاوة عنى ... فأدركت آفات هذا الوجود
رأيت وجودا هو الشر تنمو ... على ضفتيه ثمار الحقود
وناسا رأيتهم كالذئاب ... وناسا رأيتهمو كالقرود
وأقنعة فوق كل الوجوه ... تنمقها رائعات الورود
فأدركت أنى بدنيا اغتراب ... أعيش بشكواى فردا وحيد
كرهت الوجود وما فى الوجود ... وما فيه من ظلمة أو برود
لأنى إذا ما نظرت إليه ... نظرت بعين الأسى والجمود
لأن البراءة حلم جميل ... يداعب أمسى البعيد الفقيد
سأحيا ولكن سأزهق نفسى ... وأدفنها فى قرار اللحود
سأحيا على معزف الليل يشدو ... بلحن كئيب حزين فريد
وأهفو إلى الطير لما يغنى ... ففى بوحه العذب نوح الوجود
سأحيا فبين ضلوعى كيانٌ ... برغم الجراحات صلب عنيد
أحن لطيف الغروب الكسير ... ففيه انكسارى القديم الجديد

غاليتى .. على رسلك

ليست غربة أبدا .. بل هى صورة روح جامدة .. خالية من الحياة ..

كنت فيما مضى أقول ..

فى شعاب الزمان أمشى وحيدا ... لا أبالى بصحبة الأخيار ِ

أنا نفسى والناس عندى خيالات ... تراءت فى ساعة من نهار ِ

غربة الروح يا لها من جحيم ... فيه تذوى النفوس كالأزهار ِ

ذابلات من الأسى غلها القيد ... فهامت فى واحة الأفكار ِ

وترى الناس والوجود هباءا ... وترى اليأس جنة الأشعار ِ

جلّ همى عن اصطبار وضاقت ... عنه نفسى فاليوم ِعيل إصطبارى

واليوم صرت أتمثل قول الشابى ..

بالأمس قد كانت حياتى كالسماء الباسمة

واليوم قد أمست كأعماق الكهوف الواجمة

بارك الله فيك .. يا غالى ..

بل نحن من نفتقدكم ونفتقد إطلالتكم وقلمكم الداقىء الحنون ..

الوالد الغالى .. وعمدة الخيام .. ونسمة الخيام التى تتسلل إلى الخيمة ..

* لهذا الصوت الشجى الرائع ..

* صوت رقيق كالملائك .. ناعم مثل الحرير

* عذبٌ كأنهار الخلود ... ورائعٌ مثل العبير

* نضر كأزهار الربيع ... وفى نقاء الياسمين

* مثل الصباح إذا أطل ... بوجهه العذب المنير

* مثل الشروق يجدد ... الآمال فى القلب الكسير

* مثل الغروب به أنين ... بين أعماق الضمير

* متألق مثل الصباح ... إذا تلألأ بالضياء

* فيه العذوبة والأنوثة ... والطهارة والحياء

* فيه الشموخ وفيه ... أسرار العلا والكبرياء

* فيه السعادة والتفاؤل ... والتشاؤم والبكاء

* من كل لون فيه لون ... هادىء مثل السماء

هو رائع فى الليل يبدو ... مثل أنوار القمر

* أو مثل ألحان الطيور ... الفاتنات على الشجر

* فيه السكينة والبراءة ... والوداعة والسلام

* يمحو ظلام النفس مثل ... الشمس إذ تمحو الظلام