كيف نفهم الإسلام فهماً صحيحاً
 

كيف نفهم الإسلام فهماً صحيحاً
لست عالماً من علما ء هذا العصر الأجلاء ، ولست دارساً دراسة منهجة للعلوم الشرعية ، وإنما أطرح فكري الخاص المتواضع فيما يبدو لي في هذا المجال ، فإن خالفتني فلا تذم ولا تحمل الأمر على محمل التواطؤ والعداء.
الدين الإسلامي دين شامل جميع أمور الحياة (من الخلاء إلى الفضاء) وهذه الشمولية لأمور الدين والدنيا لا نجدها في أي تشريع آخر أو دين سابق عليه ، فالدين الإسلامي هو الدين الخاتم الذي لا دين بعده. هذا الدين العظيم له جوانبه المتعددة التشريعي والأخلاقي والاعتقادي والعبادات.............إلخ وبمقدار ما يتحقق التوازن بين تلكم الجوانب بقدر ما يكون النجاح في نشر الدين من جهة وفي تحقيق سعادة الدارين والفرد والمجتمع من جهة أخرى.. وهنا تكمن الأهمية وهنا مربط الفرس ، وتتضح لنا نماذج غير مكتملة وأقول غير مكتملة لا أقول غير صحيحة في فهم الإسلام ، منها ما هو عن طيب وحسن نية ، ومنها ما هو عن خبث وسوء نية أيضاً.
من الأخطاء التي يقع فيها الكثير في فهم الإسلام هو أنه يركز على العبادات والتشريع ويقول –وقوله سواب لكنه يحتاج إلى معرفة أوسع- "أننا نريد تطبيق شرع الله في الأرض" وفعلاً هذا هو المطلوب لكن هل المطلوب كل المطلوب من الإسلام مجرد قطع السارق وقتل المجرم ورجم الزاني المحصن وجلد غير المحصن والشارب للخمر فقط؟ أقول فقط؟ لا ..إن الإسلام جاء –إلى جانب ذلك- لنشر القيم والأخلاق الحميدة كالصدق والتعاون والتعاطف والرحمة والمودة والمناصرة................إلخ وحث على نشر الضمير الحي الذي من خلاله لا يسرق الفرد ولا يشرب الخمر ولا يزني ولا يرتكب الكبائر ولا الصغائر. إذاً فالمطلوب أن نولي الأخلاق أهمية كبيرة في الدعوة وفي سلوكنا اليومي الفردي والجماعي وأن نعرف أنه لا دين بدون أخلاق كما أنه لا دين بدون تشريع فهما لا ينفصلان عن بعضهما وإلا فذلك يعد انتقاء ً واتباعاً للهوى وتسييس الإسلام ، وللأسف كثير تحدثوا عن التشريعات والمعاملات ولم يتحدثوا بحرف واحد عن الأخلاق وكأنها- حاش لله- لا تمت لديننا بصلة وهي العنصر الذي من خلاله يبين الفرق بين المسلم وغير المسلم ، ونأسف أن الكثير لا يعبأون بشيء ولا هم لهم سوى تطبيق الإسلام في جانب الجنايات فحسب ولم يعرفوا أن نشر الأخلاق الإسلامية كفيل بالقضاء على الأخطاء أكثرها (الوقاية خير من العلاج) ويأتي بعدها التشريع لمن لم يلتزم بما أمر به وارتكب ما يوجب تطبيق الحد ، إذا تطبيق الحد يعبر عن الجانب المادي لضمان منع وقوع الجناية.
ومن الأخطاء التي تأتي بسوء نية تركيز البعض على مفاهيم يراد منها غير حقيقتها ، فيقولون الإسلام دين سماحة ورحمة .........إلخ وإذ ارحنا لنعرف من يقول ذلك لوجدناه ممن لا يريد العمل بتشريع الإسلام وينتقي من الأخلاق ما يطوعها لمذهبه الفكري ، ولوجدنا ما يقصده من السماحة والرحمة وتفاعل الحضارة الإسلامية مع باقي الثقافات والحضارات لوجدناه يقصد التعامل مع غير المسلمين على قدم المساواة مع المسلمين ولوجدنا مما يقصده التعلق بأعداء الدين ناسين قوله"لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق" وهؤلاء ممن فهموا الدين في إطار مفاهيم غربية يقيسون الإسلام عليها ويختارون ما يوافقهم منه مع أن العكس هو أو يقيسوا الأمور الطارئة عليهم على الإسلام.
وهناك من الناس من يفهموا الإسلام فهماً يتميز بالجمود دون إدراك أن الاجتهاد مطلوب وله شروطه وإنما هم مشوا على درب من سبقوهم دونما أن يفهموا أن اختلاف العصور يؤدي لإيجاد قضايا تظهر فيها أحكام لم يناقشها السابقون لأنها لم تكن موجودة أيامهم ،وكأن قولهم قرآن لا ينبغي مخالفته.
وهناك من فهموا الدين على أنه العبادات والروحانيات ونسوا أن الإسلام يناقش أمور الدنيا كما أمور الدين وأنه من العيب أن يكون الكفار ممن لا دين لهم يكونوا قد فاقونا ونحن ديننا الإسلام دين العلم من أول آية فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
الدين الإسلامي يهتم بالسياسة والزراعة والاقتصاد والاجتماع والرياضة والعسكرية والتكنولوجيا والطفولة....................إلخ وفق المفاهيم الخاصة به، وللأسف فإن الكثيرين عن حسن نية حولوا العلم بمعناه الواسع إلى علم الشريعة والذي هو يحثنا من خلال الكتاب والسنة على علوم الطبيعة البحتة وغيرها من العلوم النظرية والتطبيقية والإنسانية.
الإسلام حلقة متكاملة ومنظومة مترابطة لا تنفصم عراها ولا يمكن فهم شيء من فروع مستقلاً عما سواه وأي فهم يركز على فرع من الفروع دون الآخر هو خطأ له تأثيره على الفرد والمجتمع ولا يمكنّا تمني وانتظار اليوم الذي نجد فيه الإسلام قد عم الأرض إذا سرنا على شاكلة بمقتضاها نأخذ ما نريد أو نقدر ونترك ما لا نقدر أو نريد.