أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة السياسية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=11)
-   -   الطريق إلى غوانتنامو (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=62122)

جهراوي 01-04-2007 12:29 AM

الطريق إلى غوانتنامو
 
ويرقص المجاهدون الكويتيون في الأندلس من جديد..!



في يوم الأحد قبل الفائت, وبعد أن انقضت صلاة العِشاء, توجهت جموعٌ غفيرةٌ من شباب الصحوة الإسلامية إلى صالة الهيفي للأفراح في منطقة الأندلس ليهنئوا إخوانهم الأبطال المجاهدين الذين رجعوا مؤخراً من أبشع سجن في العالم وأكثرها انحطاطا إنه سجن دولة العدالة وحقوق الإنسان والديمقراطية المزعومة أميركا إنه سجن غوانتنامو...

لا داعي لأن أعلم الناس وأخبرهم عن فضائح أميركا في هذا السجن فلقد أخبر جموع الذين أُفرج عنهم العالم بما تقشعر منه جلود الأسوياء , وآخر من تحدث عن فضيحة أميركا وجنودها هناك كُل من الإخوة الفضلاء عادل الزامل وسعد ماضي وعبدالله العجمي حيث كان لقاؤهم في جريدة الراي في الأسابيع الماضية وعلى مدى أيام متواصلة أكبر فضيحة لأميركا التي تدعي حقوق الإنسان وتتبجح باحترامها للأديان وخصوصاً الدين الإسلامي حيث جعل جنودها قاتلهم الله وأخزاهم كتاب الله العظيم والقرآن الكريم تحت أقدامهم وفي المراحيض, وذلك بشهادة جميع من كانوا هناك, ونسأل الله تعالى أن يشفي صدورنا في هؤلاء ويفعل فيهم جميعاً كما فعل بقوم عاد وثمود عاجلاً غير آجل آمين يا رب العالمين.

في تلك الأمسية الرائعة كان شباب الصحوة الإسلامية يحتفلون بعودة أخويهم المجاهدين عمر أمين و عبدالله كامل من سجن غوانتناموا حيث امضيا فيه ما يقارب أربع سنوات لقيا خلالها من صنوف العذاب ما الله به عليم..ونسأل الله أن ينتقم لهما ويشفي غليلهما من أعدائهما ولقد عادا بفضل الله أكثر إيماناً وديناً وصبراً وثباتاً نحسبهما كذلك ولا نزكيهما على الله..

من فرحة الشباب بعودة إخوانهم قاموا بعمل ( عرضة ) كبيرة في الصالة وكان أجمل ما في العرضة عندما ارتدى الأخ الفاضل عبد الله العجمي عمامة بيضاء ثم ربط حول نفسه حزاماً في وسطه خنجر كبير, وأخذ يرقص رقصة مليئة بالمراجل والعزة وهو يلوح بالخنجر , ولقد ازدانت العرضة بكلمات جميلة والتي كان ينشد فيها الشباب بصوت واحد ويقولون :
نحمدالله على فضله وانعامـه .. أنجز الوعد وابر اليميـن

طارت الطايره فوق الغمامه .. وانصدم برجهم في ضربتين

ضربة صحّت النّاس النياما .. وضربةٍ قسمتهم فرقتــيــــن

فرقةٍ بوش وقادات الظلاما . . وفرقة الشيخ مرفوع الجبين

ثارت الحرب يا وين النشاما . . ثار سوق الجِنان الخالديـن

وين من باع عمره والحطاما .. يشتريبـه نعيم وحور عيــــن..


كان من بين الحضور الرجل الشمعة, الرجل الذي صار حقاً على كل مجاهد أفرجت عنه أميركا أن يقبل رأسه, إنه الأخ الكبير والرجل الفاضل خالد العودة والد الأسير فوزي.. والذي كان مسروراً ومحتفياً بعودتهما كما لو أن ابنه فوزي هو الذي رجع, ولقد جسد بفرحته بهم أطيب صور التآخي والبنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضاً, فلله دره من رجل فاضل نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً..وليخسأ شانئوه وليخسأ ذلك المريض الذي يكره المجاهدين وكل داعية على الأرض ونعني به فؤاد الهاشم وهو الذي ما فتئ يقدس الفنانات وكل ساقطة ولاقط الذي لا يجد إلا شتم الدعاة والبحث عن مثالبهم والتشهير بهم وغمزهم ولمزهم, وصدق الله تعالى باشباهه ( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ , وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ , وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ , وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاء لَضَالُّونَ ) نعم هكذا يسميهم فتارة يطلق عليهم إرهابين وتارة أخرى مجانين وضالين ومرضى نفسيين , ولكن إن لم يتب قبل موته فستنقلب الآية عليه يوم القيامة..وعلى قلمه الساخر وسوف يكون الحال يوم القيامة بإذن الله ( فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ، عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ، هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) نعم هل أخذ ذلك الكاتب الساخر جزاءه بما كان يكتب عنهم ؟! قطعاً سيجازى وقطعاً سيحشر مع رفاقه الأمريكان..وعندها سيصبح حال هؤلاء المجاهدين أنهم على ذلك المجرم وأشباهه يضحكون..

معاشــــر الســــــــادة النبــــلاء

برغم تلكم الفرحة الغامرة برجوع اثنين من إخواننا المجاهدين إلا أن فرحتنا ما زالت ناقصة , فإلى لحظة كتابة هذه السطور وإخواننا في الأسر هناك يقاسون سوء العذاب على يد المجرمين في غوانتنامو فما زال متبقياً عند هؤلاء المجرمين الذين لا يرغبون في مؤمن إلا ولا ذمة , كلاً من المجاهدين فوزي خالد العودة وفؤاد الربيعة وفايز أحمد الكندري وخالد مشعل المطيري , ونسأل الله أن يقر عيوننا بهم جميعاً عاجلاً غير آجل وأن يرجعهم إلينا سالمين غانمين غير خزايا ولا محرومين وأن يكبت عدوهم.. قولوا معي جميعاً آمين آمين يا رب العالمين..
أبوعمر ..!

جهراوي 01-04-2007 12:46 AM

الطريق إلى غوانتانامو / (1)

تحقيق أجراه: سالم الشطي: الطريق من الكويت إلى غوانتانامو ومن غوانتانامو إلى الكويت لا تقاس بالمسافات.
هي طريق ملأى بمصاعب التجربة وصعوبة الذكرى.هذه اللقاءات التي نرويها على لسان أصحابها الكويتيين العائدين من غوانتانامو عادل زامل عبد المحسن الزامل مواليد 1963، متزوج من زوجتين ولديه 9 أبناء وعبد الله صالح علي العجمي مواليد 1978، متزوج وسعد ماضي سعد العازمي مواليد 1979،متزوج، سوف تغطي فترة الاعتقال وحتى الفرج والعودة إلى أرض الوطن وهي تروى بألسنة هؤلاء، وهم مستعدون للتعقيب والرد على أي استفسار قد يرد من القراء.
تفاصيل ذهابهم الى باكستان ثم الى افغانستان والعيش في ظل حكومة طالبان ثم الغزو الاميركي لافغانستان والقبض عليهم في باكستان مرورا ترحيلهم الى قندهار واستقرارهم بـ «غوانتانامو» وانتهاء بالافراج عنهم ورجوعهم الى الكويت. تنشرها «الراي» على حلقات يرى القارئ فيها ذلك المعتقل... من الداخل.
وإليكم التفاصيل:


ثلاثة عائدين إلى الحرية وحضن الوطن يروون مأساتهم: حقوق الإنسان واحترام الأديان عند الأميركان وهم كبير!
• لماذا ذهبتم الى أفغانستان قبل القبض عليكم؟
- الزامل: ذهابي الى أفغانستان لإنشاء منظمة خيرية، وهي منظمة وفا للأعمال الإنسانية، وكنت مؤسسها ومديرها في كابل.
وطبيعة عملها أعمال إغاثية مثل جمعيتي إحياء التراث والإصلاح، ومن أعمالنا: حفر الآبار وإفطار الصائم، وزكاة الفطر، وذبح الأضاحي، وبناء المساجد وترميمها، وغيرها من الأعمال الخيرية.
- العجمي:لم أذهب إلى أفغانستان من الأصل، بل ذهبت إلى باكستان لحفظ القرآن الكريم، وقدر الله أن قبضت علي المخابرات الباكستانية، بهدف جمع المال عندما سمعوا أن الأميركيين يشترون العرب بـ خمسة آلاف دولار.
- العازمي: وأنا كذلك لم أذهب إلى أفغانستان، بل ذهبت إلى باكستان لاستيراد العسل إلى الكويت والتجارة به.
• بودنا لو تحدثنا بمزيد من الصراحة، نريد إجابة مقنعة للقارئ، فكل من تم القبض عليهم لم يذكر أحدا أنه جاء للقتال ومناصرة إخوانه، فأين ذهب المقاتلون العرب؟ مع ملاحظة أن الرأي العام العالمي والمؤسسات الدولية صنفتكم كمقاتلين؟
- الزامل: أصبح اليوم تنظيم القاعدة مثل مسمار جحا، كلما أرادوا حبس إنسان ألصقوا به اتهام الانتماء إلى تنظيم القاعدة، ولو كان في العراق أو في الصومال أو في أي دولة من دول العالم، وهذا جزء من نهج السياسة الأميركية. وهناك أناس عليهم أصلا قضايا واعترفوا بأنفسهم لأنهم لا يستطيعون الإنكار، أمثال خالد الشيخ، وابن الشيخ الليبي وغيرهما، كانوا يقولون انهم كانوا في أفغانستان لمقاتلة الأميركيين وانهم يتبعون تنظيم القاعدة، ولم ينكروا بحسب ما سمعت من الأميركيين أنفسهم. أتباع تنظيم القاعدة لم يكونوا معنا في غوانتانامو أصلا ولا أحد منهم، خالد الشيخ المتهم بأنه من زعماء القاعدة وأنه يسمى المخ وغيرها من الاتهامات، لم يكن معنا في غوانتانامو ولا ابن الشيخ كذلك، وأبو زبيدة وأبوياسر الجزائري، وكثير من الناس الذين تذكر أسماؤهم أنهم من أتباع القاعدة ويتحدث عنهم الأميركان كانوا يقولون أسماءهم لنا أحيانا لم يكونوا معنا في غوانتانامو. فإن كنا نحن من تنظيم القاعدة لكنا معهم في مكان واحد، سواء في غوانتانامو أو خارجها.
وهناك أناس أبرياء كثر تم القبض عليهم والزج بهم في غوانتانامو، منهم رجل يمني يسمى كرامة خلفان، فهذا كان ذاهبا لشراء مخدرات، وهذا أكبر حجة على الأميركان، وأخرجته السلطات اليمنية براءة لأن قضية جلب ثلاثة أطنان من المخدرات إلى اليمن، وخرج براءة لأنه لم يأت حتى بطن، فقد كان مجرد رهينة، وكان أميا لا يعرف القراءة والكتابة، وأكبر شاهد على حديثي الإعلام نشر عنه قبل حوالي ثمانية أشهر، وليس له أي علاقة بقتال أو انتماء لتنظيم القاعدة.
ومثال آخر: أتى الأميركان بأناس جزائريين من البوسنة لا دخل لهم بالحرب لا من قريب ولا من بعيد، وهم بوسنويو الجنسية، كان أحدهم مساعد مدرب المنتخب البوسنوي للكاراتيه، وأتى الأميركان بأناس من السودان كذلك هم في الأصل بريطانيين من أصول عراقية وأحدهم من أصل فلسطيني، ذهبوا إلى السودان، يريدون إنشاء مصنع للفول السوداني.
وهناك رجل يمني معروف اسمه عبدالسلام الحيلة من أسرة ثرية وهو ثري جدا ويرأس قبيلة في اليمن، ذهب إلى مصر يريد فتح مصنع هناك، فتم إلقاء القبض عليه، ورُحِّل إلى غوانتانامو، مع عدم علاقته بالقاعدة ولا بأفغانستان أصلا.
فالأميركان جمعوا من جميع دول العالم في غوانتانامو، وليس كل المقبوض عليهم كانوا في أفغانستان أو باكستان.
فحجة الانتماء إلى القاعدة جعلها الأميركان ملصقا يضعونه على ظهر أي شخص يريدون القبض عليه.
وثمة أمر كذلك، إذا كان كل المعتقلين يتبعون تنظيم القاعدة، فما دخل جمعية إحياء التراث بهذا التنظيم؟ فالعاملون في مكاتب الجمعية في بيشاور جمعوهم كلهم معنا في غوانتانامو، وتعرف الجمعية بكل تأكيد العاملين في مكاتبها، منهم أبو محمد الجزائري، واثنين من الصومال أحدهم يكنى بأبي دجانة، ولا أعرف أسماءهم الحقيقية، ولا دخل لهم في تنظيم القاعدة. باختصار فإن أي مسلم يريدونه ألصقوا به تهمة الانتماء إلى القاعدة.
- العجمي: أنا أنتمي إلى جماعة التبليغ والدعوة، وخرجت لباكستان لحفظ القرآن الكريم، والجهاد في سبيل الله أمره عظيم ولكن لم يحصل لي الشرف أن أشارك به، فذهابي كان لحفظ القرآن الكريم، ولا أخاف إلا من الله تعالى، فلو كنت ذاهب إلى للجهاد لقلت اني ذهبت للجهاد في سبيل الله لدفع العدو الصائل في بلاد المسلمين، قبض علي في باكستان.
- العازمي: حتى يقتنع القارئ بهذا الكلام، نقول نعم بعضنا كان تاجر عسل، وبعضنا ذهب لحفظ القرآن وغيره، ولكننا في نفس الوقت نحمل عقيدة المسلمين، أن أي عدو أو كافر سواء الأميركان أو غيرهم يداهم الدول الإسلامية ويسفك من دماء المسلمين، فإننا بإذن الله سنقاتل هذا العدو الذي داهم بلادنا، ونسأل الله أن يستخدمنا في الدفاع عن المسلمين.
• حسنا، ولماذا لم تقاتل إذاً العدو الذي داهم أفغانستان المسلمة؟
- العازمي: لم يدركني الوقت، ولم أحضر واقعة الحرب، فقد اعتقلت قبل حادثة الحرب.
• متى كان تاريخ اعتقالك؟
- العازمي: قبل فترة من الحرب، لا أذكر التاريخ بالضبط لأنها كانت قبل سنوات، وغوانتانامو أنستنا أمورا كثيرة.
• كيف تم القبض عليكم؟
- العجمي: قبض علي عندما كنت أشتري هدايا لأهلي من السوق وانا عائد للكويت، فقبض علي هناك، ولم أعلم إلا وأنا في السيارة مغمى العين من قبل المخابرات الباكستانية بلباس مدني، ووجدت نفسي تحت الأرض في السجون الباكستانية، وأظنها كانت في بداية 2002، والله أعلم.
- العازمي: تم القبض علي في منطقة بيشاور، وسبب الاعتقال كان لمخالفتي للفيزا، فكانت تسمح لي لمدة شهر، وكنت جلست أكثر من شهر، وهذه طريقتهم دائما، ينقلونك لقسم التحقيق، فتدفع قيمة المخالفة ثم تخرج، وبسبب اضطراب الوضع الأمني، تم تحويلي إلى الاستخبارات في كراتشي، وهناك بالسجن التقينا مع عرب وجمعونا مع بعضنا البعض، وكان اعتقالي عبر الاستخبارات الباكستانية، فكنت موجودا في أحد بيوت بيشاور قبل القبض علي، ووجودي هناك رسمي عبر جواز وإقامة.
- الزامل: تم القبض علي بعد أحداث 11 سبتمبر، فبعد القصف الجوي الأميركي على أفغانستان، أغلقنا المنظمة، وخرجنا إلى باكستان، ولم أتمكن من الخروج منها بعدما علمنا أن أي عربي يرونه يلقى القبض عليه مقابل خمسة آلاف دولار يدفعها الأميركان، فتم القبض علي في كراتشي، في 1 فبراير 2002، من قبل السلطات الباكستانية.
• كيف قبضوا عليك؟
- الزامل: كنت موجودا في منزل، وأتت الاستخبارات الباكستانية إلى هذا المنزل وقبضت علي، ثم أودعوني في سجن الاستخبارات لمدة 20 إلى 25 يوما، ثم سلموني إلى الأميركان بعد ذلك.
• هل كان وجودك في باكستان رسميا؟
- الزامل: نعم كان وجودي رسميا.
• من خلال عمليات القبض على العرب، هل تذكرون بعض الأحداث التي حصلت معكم أو مع غيركم؟
- العجمي: أذكر قصة أخ أردني اسمه أبو جعفر خرج من غوانتانامو، كان يعمل في منظمة خيرية في باكستان، قبض عليه ظلما في شقة مع أخيه من قبل الاستخبارات الباكستانية وكان لديهم أجهزة كمبيوتر، فقيدوهم وغطوا على أعينهم، ثم أتى شخص من الاستخبارات الأميركية يحمل حقيبة مليئة بالدولارات، فأعطوا الضابط الباكستاني، الذي فتح على أخينا وقال له باستهزاء: ستذهب إلى أميركا، فقال له أبو حمزة: لقد بعت أخيك المسلم لكافر وهذا لا يجوز، فجلس الباكستاني يضحك، وغطى وجه أخينا.
- العازمي: أذكر عندما نقلوني إلى كراتشي في مركز الاستخبارات الرئيسية في كراتشي، بقيادة أحد الجنرالات الباكستانية، فجمعوا العرب هناك، وحدثني أحد المعتقلين معنا يكنى بأي إبراهيم، وهو من جزيرة بروناي، فيقول: بعثتني دولتي رسميا إلى باكستان لأتعلم هناك العلوم الشرعية واللغة العربية، وبعد أحداث نيويورك وواشنطن، وبينما كنت نائما دهمت السلطات الباكستانية منزلي واقتحمت المكان. فضربوه هو وزوجته فسفروا زوجته، وأخذوه هو إلى المعتقل وباعوه إلى الأميركان، كما كانوا يفعلون هؤلاء المجرمين.
• في الفترة منذ القبض عليكم إلى وقت ترحيلكم إلى كوبا، كنتم في السجون الباكستانية، تحت سيطرة القوات الباكستانية أم الأميركان؟
- الزامل: أول ما قبضوا علي وضعوني في سجن الاستخبارات الباكستانية في كراتشي، وحقق معي من أول يوم ثلاثة أميركان، مع مدير الاستخبارات الباكستانية الذي كان جالسا ولم يتحدث بشيء، كان اثنان من الأميركان لا يتحدثون العربية، والأميركي الثالث كان يتحدث عربي بلهجة كويتية وكان واضح من شكله أنه أميركي. كان ينسب التهم بأننا من تنظيم القاعدة وكنت أنفي تماما، فلا دخل لي بهذا التنظيم، ولا أعرف أحدا من أعضائه، بعدها بـ 25 يوما نقلوني إلى قندهار بالطائرة، وكانوا يعذبوننا في الطريق، ثم نقلوني إلى مطار قندهار الذي بالأصل معسكر للأميركان جلست فيه أربعة أيام، ومن ثم نقلوني إلى باغرام وهي قاعدة أميركية في كابول، فجسلت هناك شهرا ونصف الشهر، ثم أعادوني إلى قندهار حيث جلست فيها شهرا كاملا، وبعد هذه الأشهر الثلاثة نقلوني إلى غوانتانامو.
• أبو زامل، بحسب تصريحاتكم أنت الوحيد الذي عشت في أفغانستان، كيف وجدت حكومة طالبان، وتزمتها في تطبيق الشريعة واضطهادها للمرأة، وقبول الشعب الأفغاني لها من عدمه؟ وانتشار المخدرات هناك في عهدهم؟
- الزامل: انتشار المخدرات في عهد طالبان كلام باطل وبهتان يراد منه تشويه سمعة الطالبان فقط، لقد عشت في أفغانستان، ولا تهمني إن كان يباع بها مخدرات أو لا، فهي ليست بلدي أصلا، ولكن الإنسان ينصف سواء كان مع العدو أو الصديق، فحكومة طالبان كانت على أيامها عادلة منصفة، وأداؤها جعل الشعب الأفغاني يتمنى رجوعها مرة أخرى حتى هذه الساعة لما رأوه من عدل وإنصاف، وحكم شرع الله تعالى، ولا أتحدث هنا دفاعا عنها لأنها تحكم بما انزل الله، وليست بلدي حتى تهمني، ولكن الظاهر الذي رأيته هناك أنها كانت حكومة شرعية عادلة يقوم فيها القصاص، وكانوا يحرقون مزارع المخدرات بالنار، ورأيت أمام عيني أكثر من مزرعة بمئات الامتار محروقة كلها، ومنعت بيع المخدرات، فهذا الكلام الذي نسمعه بالإعلام كله كلام باطل، يراد منه تشويه صورة طالبان.

جهراوي 01-04-2007 12:46 AM

• وما صحة اضطهاد المرأة في عهد الطالبان، وعدم السماح لها بالتعليم أو الدراسة أو التوظيف في أي مهنة؟
- الزامل: هذا كلام باطل عارٍ عن الصحة كذلك، فالمرأة في ظل حكومة طالبان كانت تعمل في المجال النسائي فقط، أما بالنسبة للمدارس فكانت كثيرة، وكنت – عبر مؤسسة وفا – أشرف على بعضها منها المخصص للأولاد ومنها للبنات، ولكن لم تكن نظامية كمدارسنا، بل كانت لتعليم القرآن والحديث والعلوم الشرعية فقط.
• هل منعوا المرأة من التعلم في المدارس النظامية؟
- الزامل: لم تكن هناك مدارس نظامية، وفي آخر الأيام كانت منظمة وفا ستستلم المدارس في أفغانستان، وكانت أربعا، واحدة في قندهار، وأخرى في هيرات، وثالثة في كابول، والرابعة في مزار شريف، وهذه المدارس كانت كبيرة ومعروفة تحت مسمى «أفغان ترك»، وحولنا اسمها في الآونة الأخيرة إلى « أفغان وفاء»، ولكن جاءت الحرب ولم تتم الدراسة، وإلا فقط كانت مناهجها إسلامية متخذة من المملكة العربية السعودية.
ولا أعرف إن كانت هناك جامعات أو مؤسسات تعليمية كبرى، ولكن ثمة عيادات خاصة بالنساء تعمل بها طبيبات أفغانيات كنت أخذت لهن زوجتي، وبها عيادات للحوامل وللأطفال غيره، وبها نساء كثيرات وكل ذلك في ظل الطالبان.
وكلامي هذا ليس مجاملة لأحد بل هو الحقيقة، فكنت أذهب بزوجتي لأكثر من عيادة خاصة للنساء، وهناك عيادات رجال يدخل عليهم النساء عند الضرورة، وأكبر دليل وجود المستشفى الايطالي في كابول، وهو كبير جدا يدار من قبل الإيطاليين، وكان فيه أطباء إيطاليون، وعراقيون، وطبيبات أفغانيات في نفس هذا المستشفى.
• كيف كان الوضع داخل أفغانستان مع بداية دخول قوات التحالف، وبداية المعارك؟
- الزامل: كان الوضع طبيعيا جدا بعد أحداث 11 سبتمبر، وبعدها بشهر تقريبا بدأ القصف الجوي، فكنا نظن أنه سينتهي بعد 15 يوما إلى شهر تقريبا، لكن بعد القصف الجوي دخلت قوات التحالف، وأثناء الحرب لا تعرف عدوك من صديقك.
• وماذا حل بالعرب الموجودين داخل أفغانستان؟
- الزامل: أغلب العرب أخذوا عوائلهم وخرجوا إلى باكستان، وبعضهم خرجوا عن طريق إيران، إذا كانت الأقرب له. لحماية أنفسهم وحماية أسرهم.
• هل تذكر بعض الحوادث الذي حصلت أثناء ذلك؟
- الزامل: كانت القوات الأميركية تقصف المواقع الحيوية للطالبان، مخازن السلاح والذخيرة وأماكن محددة لا أعرف ماهيتها، وإلا فهي دولة فقيرة لا تملك مواقع حيوية كما تسمى اليوم، كالإعلام أو الاتصالات وغيرها، ثم أصبحت الحرب فوضى بين المدنيين فلا تعرف صاحبك من عدوك.
• معنى كلامك أن قصف الأميركان كان محددا وليس كما أشيع أنها كانت تقصف قرى بالكامل وتبيد أناسا أبرياء؟
- الزامل: بلى كان موجودا، ورأيت بعيني قرى مدمرة بالكامل، يدعون أن أسامة بن لادن كان موجودا بها، وهذا قمة الهراء، فإلى هذه الساعة كلما أرادوا ضرب مكان معين سواء في العراق أو في أفغانستان زعموا أنه مقر لتنظيم القاعدة وضربوه.
حتى أصبح تنظيم القاعدة ملصقا يوضع على ظهر كل من أرادوا قتله أو اعتقاله.


غداً...
كيف تعامل الباكستانيون مع المعتقلين؟
وتفاصيل أخرى

قلب الأسد1425 01-04-2007 03:51 PM

عودا حميدا أخي الكريم جهراوي ونسأل الله الكريم أن يمن علي باقي أسري الأمه الاسلاميه الموجودون في سجون الكفر في كل مكان في العالم بالحريه.

جهراوي 02-04-2007 01:30 AM

الطريق إلى غوانتانامو / (2)

تحقيق أجراه: سالم الشطي: الطريق من الكويت إلى غوانتانامو ومن غوانتانامو إلى الكويت لا تقاس بالمسافات.
هي طريق ملأى بمصاعب التجربة وصعوبة الذكرى.هذه اللقاءات التي نرويها على لسان أصحابها الكويتيين العائدين من غوانتانامو عادل زامل عبد المحسن الزامل مواليد 1963، متزوج من زوجتين ولديه 9 أبناء وعبد الله صالح علي العجمي مواليد 1978، متزوج وسعد ماضي سعد العازمي مواليد 1979،متزوج، سوف تغطي فترة الاعتقال وحتى الفرج والعودة إلى أرض الوطن وهي تروى بألسنة هؤلاء، وهم مستعدون للتعقيب والرد على أي استفسار قد يرد من القراء.
تفاصيل ذهابهم الى باكستان ثم الى افغانستان والعيش في ظل حكومة طالبان ثم الغزو الاميركي لافغانستان والقبض عليهم في باكستان مرورا ترحيلهم الى قندهار واستقرارهم بـ «غوانتانامو» وانتهاء بالافراج عنهم ورجوعهم الى الكويت. تنشرها «الراي» على حلقات يرى القارئ فيها ذلك المعتقل... من الداخل.
وإليكم التفاصيل:


هذه قصة نقلنا من كراتشي إلى باغرام عبر قندهار فمعسكر جزيرة كوبا الذي أنسانا العذاب بآخر أشد لم نسمع به أو نتصوره
• السلطات الباكستانية هي من قبضت عليكم أنتم الثلاثة، كيف كان التعامل معكم فترة سجنكم قبل نقلكم إلى غوانتانامو؟ والطعام والشراب ونقلكم من سجن إلى آخر في باكستان أو أفغانستان؟
- الزامل: لم يكن للباكستانيين أي دخل في التحقيق نهائيا، ولم يسألونا حتى عن أسمائنا، فسجننا كان تحت قيادة القوات الأميركية، فالتحقيق كان كله مع الأميركيين الذين كانوا يحققون معنا في باكستان بشدة وغلظة مع ضربنا، وحتى عند انتقالنا عند المطار كانوا يلقون بنا بقوة إلى الأرض ويلبسوننا «خيشة» سوداء تغطي الرأس، ويربطون أيدينا بـ «كلبشات» خلف الظهر مع بطوننا وأرجلنا، والنقل بالطائرات من باكستان إلى قندهار كان سيئا للغاية، فكانوا يضعوننا في طائرة نقل البضائع، وكانوا يشدون على أرجلنا من تحت بثلاثة أحبال، وعلى الوسط - بين اليدين والصدر والبطن - يشدون بأحبال البضائع، الذي يبدأ يضغط ويضغط حتى نشعر بأننا نتقطع ونحن جلوس، ولا يرد علينا أحد لو كنا نشعر بألم أو لا، حتى المصابين والمرضى لم يرحموهم، وكلمة «سيئة» قليلة على معاملة الأميركان لنا بالطائرة، وكانت الموسيقا صاخبة ومرتفعة جدا، نسمعها على الرغم من وضعهم سماعات الأذن على آذاننا حتى لا نسمع شيئا!!
كانوا يرفسوننا بأقدامهم، وعندما ينزلوننا يرموننا بقوة من السيارات أو من الطائرة، والمعاملة اللطيفة الإنسانية أبعد ما تكون عنهم، وادعاؤهم لحقوق الإنسان باطل وكذب، وهو غير موجود عند الأميركان، وعاملوا المساجين أسوأ من معاملة الحيوانات.
كما قال النبي - صـلى الله عليه وسلم -: «ليس المعاينة كالخبر»، ومهما أصف لك لن أصل بك إلى الصورة الحقيقية التي عشناها هناك، فالذي يحترق ليس كالذي يتفرج، فكانت المعاملة سيئة جدا، وعندما نقلونا إلى باغرام – وكانت باردة ومثلجة ودرجة حرارتها تحت الصفر– وضعونا في سجن بارد، وطعامنا في اليوم كسرة خبز يابسة بحجم كف اليد مع برتقالة صغيرة نصفها متعفن، وبعضنا يحصل زيادة على ماسبق «بسكوتة» واحدة يرمونها عليه من فوق الشبك، وننام بالعراء في هذا البرد من دون بطانيات، وكشافات قوية جدا مثل تلك الخاصة بالأفراح مسلطة بقوة على وجوهنا ورؤوسنا، وأصلا النوم ممنوع، فنقف على أرجلنا بالساعات من دون نوم.
وقد تم توقيفي على رجلي في باغرام وفي قندهار من المغرب إلى صباح اليوم التالي من دون نوم، وعلى رأسي الرشاش، وكلما تعبت وحاولت النوم أو الجلوس على الأقل قال لي الجندي الأميركي: hey.. gear up، وكان النقل من باغرام إلى قندهار بنفس الطريقة السيئة، ومن قندهار إلى غوانتانامو كانوا يحملوننا مثل الغنم، ويحذفوننا حذفا إلى الشاحنة على بعضنا البعض على الرغم من أننا مقيدي الأرجل والأيدي، فيرموننا على وجوههنا، وأي واحد منا إذا تحرك أي حركة يضرب على رأسه وكتفه وظهره بأخمس البندقية، ويرفسوه بأقدامهم حتى يتوقف عن الحركة. ولو كانت بسيطة.
• هل حاول المسجونون المقاومة؟
- الزامل: المقاومة مستحيلة، لأن السجين مقيد اليدين مع البطن مع الرجلين، إذا أراد الوقوف فإنه يقف شبه منحني كحالة الركوع في الصلاة، بالإضافة إلى ربطهم لنا بالسلاسل لمدة شهر كامل دون فتحها حتى لو أردت الذهاب إلى الخلاء أو الرجوع منه تكون بالسلاسل ولا تنفك عنك أبدا، وحتى لو ذهبنا إلى الخلاء فإنهم يمنعوننا من ستر أنفسنا فإما أن يقضي أحدنا حاجته أمام الناس أو يتحمل مسؤوليته، وهذه صورة من المعاملة السيئة.
- العازمي: ادعاء الأميركان بأنهم حاملو راية العدالة والحرية وحقوق الإنسان وتسليط الإعلام الضوء على أنها قائدة حقوق الإنسان في العالم، كله ادعاء كاذب، وغر هذا الإعلام وخدع كثير من السذج وسفهاء الناس الذين يصدقونه. فعلى العكس من ذلك وجدنا الأميركان يحملون من الحقد والمكر وهتك حقوق الإنسان ما الله به عليم، ورأيناهم بأم أعيننا، فلم يترك الأميركان شيئا لم يفعلوه من التعذيب والتنكيل، وإهانة القرآن الكريم، وهم يزعمون أنهم يحترمون حرية الأديان وان قانونهم ينص على ذلك، ولكن هذا كله كذب، فكانوا يمنعوننا من الصلاة أحيانا كثيرة، ويهينون القرآن أمامنا ودنسوه ورموه في القاذورات، وهذا حصل في باغرام وقندهار وغوانتانامو.
لا يصدق الأميركان أو يمدحهم بعد الذي رأيناه منهم إلا رجل مغفل أحمق، وأكبر دليل الشعب الأميركي الذي تجره حكومته إلى المجزرة في العراق، فأرسلوا جنودا إضافية حتى يسفكوا دماء بعض في العراق.
• سعد كيف تم نقلك والتعامل معك في السجون قبل نقلك إلى غوانتانامو؟
- العازمي: من كراتشي جاءت الطائرة الأميركية المخصصة للبضائع، فحملوا مجموعة من العرب، وقدر الله أن أكون أنا مع عادل الزامل في نفس الطائرة، ونقلونا إلى قندهار، وكان النقل كما وصفه عادل مقيدين من كل مكان، والقيود الحديدية محكمة الإغلاق على أيدينا حتى حبست الدم وانتفخت الأيدي، وكنا من غير ملابس، نتعرض للضرب، وكانوا وهم يضربوننا يصوروننا وهم يضحكون ويرموننا بكلمات وقحة وقذرة يعف اللسان عن ذكرها، ونقلونا إلى قندهار، حيث استقبلونا هناك بالضرب والتعذيب والضرب بالأسلاك والعصي والكلاب، أجلكم الله، في نهش بعض الأجساد ومسك الأرجل، ومن قندهار نقلونا إلى باغرام، ومن باغرام بدأت التحقيقات المكثفة جدا، والتعذيب أكثر في جو مثلج، ثم أرجعونا مرة أخرى إلى قندهار، ومنها إلى غوانتانامو التي أنستنا ما حدث لنا في قندهار وباغرام من تعذيب وإهانة القرآن وغيرها لأنها كانت أشد.
• دعنا من غوانتانامو، سنعود لها لاحقا، ولكن في هذه اللحظة وأنتم بين سجون باكستان وأفغانستان هل تعلمون ماذا يجري في الخارج؟
- العازمي: إطلاقا، فكان يحيطنا تكتم إعلامي لا نعرف ماذا يدور حولنا بتاتا، حتى لما خرجنا بعد أربع سنوات، رأينا كل الدنيا متغيرة من حولنا.
• وماذا عنك يا عبدالله؟
• العجمي: عندما قبضت علي المخابرات الباكستانية عليهم من الله ما يستحقون، وضعوني في السجون يطلقون علينا السجون السياسية تحت الأرض، وكنت مقيدا ومغمى العين ولا أرى شيئا تقريبا، فكانوا يدخلون علينا يضربوننا، ورأينا من الباكستانيين من السفالة والنذالة أنهم كانوا يسبوننا، ونسوا جميل الكويت عليهم ببناء المساجد والمدارس وحفر الآبار في باكستان.
• ضربك الباكستانيون؟
- العجمي: ضربنا الجيش الباكستاني ضربا شديدا ويسبوننا، بوجود الأميركان، وكانوا يضربون بعض الأخوة بالقرب مني وأسمعهم يقولون لهم اقرأ على المكان الذي فيه الألم حتى يطيب، ما يدل على أن من الباكستانيين الذين كانوا يضربوننا ضباطا وجنودا متدينين مع الأسف، ورأينا منهم الويل، ولكن الحمد لله الذي ثبتنا. وكلها أوامر من الجيش الأميركي، ومكثت شهرا أو شهرين لا أذكر جيدا، مع الضرب والأكل القليل والمعاملة السيئة، وكانوا يأخذوننا للتحقيق ويحقق معي ضابط أميركي، وآخر مدني من المخابرات الأميركية مع مترجمين عرب لهجة بعضهم مصرية وبعضهم لبنانية ومعهم من يتحدث باللهجة الخليجية. وأحدهم كأنه من الاستخبارات الإماراتية والله أعلم.
فعذبونا مدة شهر كامل تقريبا، وأنا مغمى العين، يأخذوننا الخلاء لمدة ثلاث ثوان ثم يسحبنا سواء انتهينا أم لم ننته، وكان بعض المسجونين يقضون حاجتهم على أنفسهم.
ثم أخذونا في طائرة شحن، بطريقة أشد من طريقة عادل وسعد، وكانوا يضربوننا بالأخمس على رؤوسنا، ويسبون الله ورسوله صـلى الله عليه وسلم، ومن كلامهم والعياذ بالله: نفعل الفاحشة بإلهكم، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، بالإضافة إلى الحركات الساقطة، وكلها أسمعها بأذني ورأيتها بعيني، ثم أخذونا بالطائرة وأنزلونا في قندهار التي عانينا فيها معاملة سيئة جدا، فحتى وقت الصلاة لا يدعونا نكمل صلاتنا فيقطعونها علينا ويضربوننا ونحن نصلي، وكانوا ينادوننا بالأرقام ومن لا يستجب يدخلون عليه الكلاب البوليسية ويضربونه وإن كان في صلاة. فإما أن يقطع صلاته أو يضربونه ويضعونه على الأرض ويحملونه حملا إلى التحقيق.
ومرة من المرات أخذوا مصحفا من أحد الإخوة ورموه في الخلاء أمام أعين الشباب في قندهار، وقتلوا أفغانيا عاميا – لا دخل له على الإطلاق – في معتقل معسكر قندهار عندما أراد الهروب ثم علقوه وهو ميت ثلاثة أيام حتى يكون عبرة، وكلما مر عليه أحدهم لكمه بيده، ثم زعموا أن سكتة قلبية أصابته.
فالمعاملة كانت سيئة حتى في قندهار، وهذا بأيدي الأميركان، الذين كانوا يحققون معنا ويعذبوننا حتى بالكهرباء، وهتكوا أعراض إخوة عرب اعترفوا لنا بأنفسهم، فعلوا فيهم الفاحشة.
قالوا انها حرب صليبية ثم نفوا، ولكننا رأينا بأم أعيننا أنها حرب صليبية رغم نفي رئيسهم بوش، فكانوا يستهزئون بالصلاة وأركان العبادة الظاهرة، يعتدون على الله ورسوله، وسب للمسلمين، فلو اكتفوا بتعذيبنا وتقطيع جلودنا ويأخذون من دمنا لكان أهون بكثير، أما أن ما فعلوه فلا يمكن لنا احتماله. حسبنا الله ونعم الوكيل. ولكن المسلمين سيسألون أمام الله عز وجل، فالنبي صـلى الله عليه وسلم يقول «من فك العاني فأنا ذلك العاني» وفي حديث آخر يقول «فكّوا العاني» فسنسأل يوم القيامة عن الإخوة الذين مازالوا موجودين في غوانتانامو، بعضهم يغتصب وتنتهك أعراضهم.
• أبوزامل، كانت لك مشاركة مع أفراد المقاومة الكويتية أيام الغزو العراقي الغاشم على الكويت، ورأيت وسمعت ماذا فعل العراقيون بالأسرى الكويتيين، نريد منك مقارنة بين هذا مع ما فعله الأميركان بأسرى غوانتانامو؟
- الزامل: لا أرى فرقا كبيرا بين تعذيب العراقيين والأميركان، وإن كان تعذيب العراقيين كبيرا جدا وشيئا مهولا، فتعذيب الأميركان نفس المستوى، بل أكثر من العراقيين، ولعل البعض يظن كلامي مبالغة، ولكن لو رأيتم إهانة الأميركان لشعائر الدين، واستهزاءهم بالقرآن ويرمونه على الأرض، وفي الانترنت الآن صورة لعسكري أميركي يتبول على المصحف الشريف، وآخر يضع فوقه الصليب، وثالث يمزقه ويرميه بالمسدس، ويقول هذا قرآنكم فأين ربكم والعياذ بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

جهراوي 02-04-2007 01:30 AM

وإذا كان القراء لم يشاهدوا صور التعذيب في غوانتانامو فأغلبهم شاهد صور تعذيب الأميركان للمسلمين في سجن أبوغريب، يعرّون المسلمين ويضعونهم فوق بعضهم البعض، وهتك الأعراض، وربط الرجال من (..) ويجرونه من وراء ظهرهم، وهذا كله منشور في الانترنت، وكيف يهدمون المساجد بالدبابات، وهذه بعض الفضائح التي خرجت، وهي أقل مما يخرج من انتهاكات الأميركان والبريطانيين الذين أعدهم جنسا واحدا لأنهم متعاونون.
وقصة الجندي الأميركي الذي يدعى «لي» أكبر شاهد على انتهاكاتهم ضد المسلمين، عندما كان يخاطب والدته عن الظلم الذي يرتكبه الجيش الأميركي وانتهاكاتهم لأعراض النساء واغتصابهم، وأن المقاتلين لهم حق في الدفاع عن أنفسهم في مقابل ما نفعله نحن لهم من قتل وظلم وغيره. وكذلك FBI عندما خرجوا من غوانتانامو وكان بعضهم شرفاء فتكلم عبر وسائل الإعلام عن انتهاكات لحقوق الإنسان وظلم ووحشية.
فكانت معاملتهم وحشية جدا وبعيدة كل البعد عن حقوق الإنسان.


الكويت فتحت أذرعها لضم أبنائها العائدين من غوانتانامو
أكد الكويتيون العائدون من غوانتانامو ان السلطات الكويتية عاملتهم معاملة راقية جداً بدءاً من صعودهم طائرة العودة الى الحرية من غوانتانامو مروراً بحسن المعاملة في المستشفى العسكري وانتهاء بالسجن المركزي، لافتين الى ان «المحاكمات كانت عادلة حيث تم توجيه التهم وسمحوا لنا بتوكيل محام للترافع عنا».
وأوضحوا ان «الحكم الابتدائي كان البراءة، ثم الاستئناف كان البراءة ولله الحمد ونحن بانتظار التمييز»، مشيرين الى ان «السلطات الكويتية لم تعذبهم اثناء سجنهم الى حين خروجهم».
وثمنوا للحكومة الكويتية «التحرك الدولي من أجل اطلاق أسرانا، والسماح لنا بمشاهدة اهلنا منذ اللحظة الأولى لوصولنا إلى بلدنا الحبيب»، مطالبين الكويت «بمزيد من التحرك لإطلاق اخواننا الذين ما زالوا في غوانتانامو يعانون الأمرّين، نسأل الله ان يفرج عنهم».

غداً...
جواسيس بين المعتقلين
وسجون أميركية في بلاد عربية!!

جهراوي 03-04-2007 12:27 AM

الطريق إلى غوانتانامو / (3)

تحقيق أجراه: سالم الشطي: الطريق من الكويت إلى غوانتانامو ومن غوانتانامو إلى الكويت لا تقاس بالمسافات.
هي طريق ملأى بمصاعب التجربة وصعوبة الذكرى.هذه اللقاءات التي نرويها على لسان أصحابها الكويتيين العائدين من غوانتانامو عادل زامل عبد المحسن الزامل مواليد 1963، متزوج من زوجتين ولديه 9 أبناء وعبد الله صالح علي العجمي مواليد 1978، متزوج وسعد ماضي سعد العازمي مواليد 1979،متزوج، سوف تغطي فترة الاعتقال وحتى الفرج والعودة إلى أرض الوطن وهي تروى بألسنة هؤلاء، وهم مستعدون للتعقيب والرد على أي استفسار قد يرد من القراء.
تفاصيل ذهابهم الى باكستان ثم الى افغانستان والعيش في ظل حكومة طالبان ثم الغزو الاميركي لافغانستان والقبض عليهم في باكستان مرورا ترحيلهم الى قندهار واستقرارهم بـ «غوانتانامو» وانتهاء بالافراج عنهم ورجوعهم الى الكويت. تنشرها «الراي» على حلقات يرى القارئ فيها ذلك المعتقل... من الداخل.
وإليكم التفاصيل:


عذبونا بكل شيء من فرشاة الأسنان وحتى الطعام... كان (بايت) ومعفن وفيه ديدان والبدلة من البوليستر القاسي الذي كان يتسبب في تشقق الجلد
• هل تم ترحيل جميع الذين تم القبض عليهم في باكستان وأفغانستان إلى غوانتانامو أم احتفظوا بالبعض؟
- الزامل: الذي أعرفه أن جميع المعتقلين تم ترحيلهم إلى غوانتانامو، إلا بعضهم يتأخر فترة لأسباب التحقيق أو أسباب أخرى، والذين قبضوا عليهم معي كلهم أتوا إلى غوانتانامو، وبين فترة وأخرى يأتينا المزيد، حتى وصل العدد أيام وجودنا هناك أتوقع ألف شخص.
- العجمي: أرجو ألا يظن أحد أن السجن فقط في غوانتانامو، فهناك سجون تتبع أميركا في أكثر من بلد في أنحاء العالم، فبعض الأخوة تم ترحيلهم إلى سجن الأردن الذي يعد أشد من غوانتانامو وهو أكبر سجن مخابرات، بالإضافة إلى سجون ألمانيا ومصر وغيرها، أحد الأخوة اليمنيين جاء إلى غوانتانامو من الأردن فقال ان التعذيب هناك أشد والمعاملة أشد سوءا، وكان الأميركان يهددون من لا يتعاون معهم بنقله إلى سجن الأردن، فإذا عذبوا الأخ تعذيبا شديدا قالوا سنذهب بك إلى الأردن حتى ترى التعذيب على حقيقته!!
- الزامل: أخونا جمال محمد مرعي يمني، من منطقة ذمار في اليمن، أُخِذ من باكستان وكان يعمل معي في منظمة وفاء للأعمال الإنسانية، تم أخذه من مدينة كلكتل في كراتشي، بعد أحداث 11 سبتمبر بيوم واحد ألقي القبض عليه، ثم حولوه إلى الأردن مباشرة، حيث مكث في سجون الأردن 4 أشهر كانت تحقق معه هناك السلطات الأردنية، فما وجدوا عليه أو على المنظمة أي تهمة، حتى أنه ما أوذي أبدا ولم يضرب بالأردن، ثم أرجعوه مرة أخرى إلى باكستان، ومن باكستان تم تحويله إلى غوانتانامو.
• أثناء وجودكم في معتقلات باكستان أو أفغانستان أو غوانتانامو، هل لاحظتم وجود جواسيس بينكم أو مدسوسين ينقلون لهم الأخبار وهم مسجونون معكم؟ أو أجهزة تنصت بالسجون؟
- الزامل: لدينا في غوانتانامو انتشرت مسألة الجواسيس، فكانت بين أوساط الشباب أناس وضعتهم السلطات الأميركية مختصين بالتجسس على المعتقلين ومحاولة لقط الأخبار منهم، ناهيك عن أجهزة التنصت الكثيرة جدا في المعتقل، بل حتى الكراسي التي نجلس عليها كان تحتها أجهزة تنصت، وفي الأماكن الأخرى تجد السماعة وهي في حقيقتها جهاز تنصت لاقط، وبثوا بين أوساط الشباب عدة جواسيس أغلبهم يحملون الجنسيات العربية، حتى أن الأسير أصابه الرعب وأصبح يشك في الجميع، ويخاف أن يتحدث مع أخيه الذي من نفس بلده، وهذا من التعذيب النفسي الذي كنا نعاني منه هناك.
• كيف تعرفتم عليهم؟
- الزامل: الجواسيس الذين كانوا معنا في غوانتانامو كانوا معروفين لأنهم أصلا في السابق كانوا جواسيس في أفغانستان، وألقي القبض عليهم من قبل تنظيم القاعدة في أفغانستان قبل أحداث 11 سبتمبر، وسجنوا في أفغانستان، بعضهم خمس سنوات وبعضهم أربع سنوات وبعضهم سنتين، بحسب ما سمعت والله أعلم، وعند دخول القوات الأميركية لأفغانستان، أخذوهم معنا إلى غوانتانامو، وهم أناس معروفون.
• ما جنسيات هؤلاء الجواسيس؟
- الزامل: أعرف خمسة عراقيين، وواحدا سوريا، وواحدا إيرانيا.. وهم بأنفسهم يعترفون أنهم كانوا جواسيس للأميركان في السابق داخل أفغانستان، لكشف تنظيم القاعدة وإدارته.
• يقال ان ثمة مشاجرات حصلت بين الأسرى وبين الجواسيس أدت إلى قتل أحدهم؟
- الزامل: لم يحصل قتل في غوانتانامو أبدا، أما المشاجرة بين معتقل مع جاسوس ربما يكون ذلك وقد سمعت شيئا من ذلك، ولكن لا أعلم في أي معتقل بالضبط، فالمعتقلات في غوانتانامو كبيرة جدا أكثر من 2 كيلو.
• قبل ترحيلكم إلى غوانتانامو كنتم معتقلين في أفغانستان، فكيف علمتم بترحيلكم إلى كوبا؟ وما الذي جرى تحديدا؟
- الزامل: كنا نعرف أننا سننتقل من سجن إلى سجن ولكن أين بالضبط لم نكن نعلم، فكانوا يغطون أعيننا بنظارات سوداء ويغطون آذاننا ويلبسوننا قطعة على الرأس، و«يكلبشون» اليد مع البطن والرجل، ويقولون لك: move ولا نعلم إلى أين نتحرك، وعندما صعدنا الطائرة أعطونا بعض الحقن وبعض الحبوب المنومة التي لم أشعر شخصيا بشيء إلا وأنا في غوانتانامو، حتى لما وصلنا هناك لم نكن نعرف أين نحن تحديدا، فكل واحد منا كان يتوقع أننا في بلد ما، ولم نعرف إلا بعد فترة من الزمن عندما أخبرونا المحققين علمنا أننا في غوانتانامو.
- العجمي: في قندهار كانوا يأخذوننا على دفعات كل دفعة عددها 25 أخا، فأخذونا وأدخلونا في غرفة وكان الأسرى عراة، فكانوا يحلقون اللحى، وتأتي عاهرة تفعل بعض الإغراءات الجنسية لبعض الأخوة دون الزنى من أجل إغاظتهم أسأل الله أن يرفع عنهم ويستر عليهم في الدنيا والآخرة، والأخ مقيد ومغطى على عينه ولكنه عار ليس عليه شيء، لأنهم يعلمون أن هذه الأمور تغيظ المسلم، وكانت الكلاب البوليسية على استعداد للانقضاض متى ما تحرك الأخ، بل بعضهم كان يترك الكلب يهجم على رأس الأخ، ويمسكونه متى ما أحسوا أنه سيقضي على رأسه، فكان بعض الأسرى يصيحون ويغمى عليهم، فقيدونا ووضعونا إلى الأرض، ثم أدخلونا إلى طائرة صغيرة نفاثة سريعة مثل الطائرات الخاصة، أذكرها جيدا، لأنني كنت أرى بعين واحدة لم تكن مغطاة جيدا لوجود ثقب في الغطاء، وقبل إدخالنا الطائرة كانوا يفتشوننا تفتيشا خبيثا بعد أن ألبسونا وأخذوا بصماتنا. ثم حملونا إلى الطائرة النفاثة وكنا على الأرض، فطاروا بنا إلى مكان قريب لمدة ساعتين أو ثلاثة ساعات، وكانت المعاملة سيئة إذا تحرك الأخ أي حركة يضربونه قوات المارينز.
ثم مشوا بنا إلى مكان معين لمسافة تقريبا 50 مترا ثم أخذونا إلى طائرة كبيرة لها أربع مراوح، وأظنها قاعدة معينة، والكلاب كانت تحيط بنا وهي على استعداد للانقضاض، وكنا 25 واحدا أنا كنت آخر واحد فيهم.
- العازمي: قبل دخولنا الطائرة، كنا كما وصفوا لك الاخوة، وكانوا يحلقون شعورنا ولحانا، وتأتي امرأة تحاول إغراء بعضنا جنسيا وتلمس أجزاء من جسده لتفسد عليه دينه، وسط ضحكات الأميركان الذين يعدون هذه الأمور عادية لأنهم ساقطون وكالبهائم أجلكم الله، ويستهزئون بنا فيسألوننا هل تعلمون إلى أين ستذهبون؟ سنأخذكم إلى جهنم، لا لا سنأخذكم إلى الجنة، لا سنأخذكم إلى القطب الشمالي، ثم نقلونا في الطائرة من قندهار إلى غوانتانامو في رحلة تعيسة جدا وسط الأصفاد والقيود بلا طعام ولا شراب.
• كيف كانت طريقة وضعكم داخل الطائرة؟
- الزامل: كنا مكلبشيا اليد مع البطن مع الرجل التي كانت مثبتة إلى الأرض، ومغطيا الأعين والآذان والرأس تماما، ويعطوننا حبوبا بين فترة وأخرى أظن أنها كانت منومة، ويطعموننا بايديهم تفاحة، لأن الرحلة كانت طويلة جدا، وعن نفسي لم آكل شيئا، لأنني لم أكن أشعر بنفسي أصلا حتى وصلت.
- العجمي: لما صعدنا الطائرة الكبيرة العسكرية طارت بنا، وكان بعض الأخوة يصيح من الألم، وكانوا يعطوننا أبراً وحبوبا، وأنا أعطوني حبوبا بالقوة لأنني كنت أصيح عليهم أن يدي تؤلمني لأنها كادت تنخلع من مكانها بسبب قوة الرباط، فكلما نتحرك كلما اشتد القيد علينا، فطاروا بنا وكنت أرى فوقنا جنديا معه عصا سوداء مثل العصا الكهربائية، لأن الخوف والرعب يملؤهم مع أننا مقيدون، وطاروا بنا أكثر من 24 ساعة تقريبا.
- العازمي: كان يستهزئون بنا طوال الطريق مع التعذيب، فمن يريد ماء يسكبونه على رأسه وهم يضحكون. ومن يتأوى من الألم يضربونه، ومن يرونه صاحيا يطعمونه حبوبا مخدرة رغما عنه، حتى وصلنا إلى غوانتانامو.
• هل استطعتم النوم في الطائرة؟
- العجمي: غفونا غفوة التعب، ومن أثر الحبوب، ولم يكن نوم الراحة، فكنا نصحو وننام، وبعض الأخوة أعطوهم إبراً عن يميني وعن شمالي وكنت أراهم، فكان عن يميني بالطائرة الأخ جمعة الدوسري البحريني، وعن شمالي عبدالهادي الشارخ من السعودية، وأسمع صوتهم وهم يتألمون وكانوا معي في نفس العنبر في قندهار وفي الطائرة كذلك.
• أفهم أن طريقة التعذيب فيها أخف من طريقة نقلكم من باكستان إلى أفغانستان؟
- الزامل: نعم أخف، لأنهم لو وضعونا في هذه الطائرة كما وضعونا في الطائرة التي أقلتنا من باكستان لمتنا ولا أظن أحدا منا سيعيش، فبذاك النقل لا يتحمل الإنسان أكثر من ساعتين.
- العازمي: الوضع كان أخف ولكنه ليس خفيفا ففيها آلام وشدة، وكانت الدماء تسيل من أيدينا وأرجلنا بسبب القيود التي كانت محكمة علينا.
• هل كانوا يعطونكم طعاما؟
- العجمي: نعم، ولكن مع الاستهزاء بالأخ فيعاملوننا كالحيوانات، وكنتم أراهم بعيني، فإذا احتاج الأخ إلى طعام يقدمونه له، وإذا بدأ في الأكل يسحبونه منه وهم يضحكون، وسط معاملة سيئة جدا، وكانوا ما يعطوننا من الماء إلا القليل.
• وكيف تمكنتم من الصبر بلا طعام لأكثر من 24 ساعة؟
- العازمي: الإنسان يمكنه التحمل لأكثر من يوم بلا شراب ولا طعام، فالأميركان كانوا يجوعوننا على أيام، وفي هذه الطائرة كان يتعمد الأميركان عدم تقديم الطعام أو الشراب لنا.
• وكيف يقضي المعتقل حاجته؟
- العجمي: إذا أراد أحدنا قضاء حاجته، فكان بجانبه أكياس خاصة، وبعض الأخوة إذا ألح بطلب دورة المياة فإنه يحملونه باستهزاء ويضعونه في الحمام وعليه أربعة من العسكر وهم الذين يخلعون ملابسه عنه، ورأيت ذلك بعيني، فيعدون إلى الثلاثة ثم يسحبونه مرة أخرى.
• ما صحة أن بعض الأسرى تم تكديسهم في حاويات وقت النقل؟
- الزامل: نعم هذا صحيح، فبعضنا تم وضعه في الحاويات كما تحدث بذلك بعض الأخوة.
• واضح من خلال حديثكم أن بعضكم كان يسمع كلام الأميركان في الطائرة، فما فائدة تغطية آذانكم؟
- العازمي: الأميركان إذا أرادوا مضايقة شخص أو إعطاءه طعاما فإنهم يرفعون إحدى السماعات، ثم يعيدونها إلى مكانها.
• كيف كان استقبالكم في أول وصولكم إلى سجن غوانتانامو؟
- الزامل: كان استقبالنا سيئا للغاية فكانوا ينزلوننا من الطائرة وهم يرفسوننا، ونحن مقيدو اليدين والقدمين والبطن، ومغطون الأعين والآذان، وأمسكوني جنديان وأنا مقيد ركضوا بي بقوة ثم رموني حتى أن رجليّ نزفت الدم، ثم رمونا في شاحنة بالحذف، ثم ركبت هذه الشاحنة في سفينة سارت لمدة 30 إلى 45 دقيقة في البحر حتى وصلنا إلى غوانتانامو، ورمونا من الشاحنة إلى الأرض لما وصلنا بمعاملة لا تليق أصلا بالحيوان، فبعضنا سقط على رأسه وبعضنا على يده وهكذا، وبمجرد سقوطنا يأخذوننا إلى العيادة مباشرة، فيضعوننا في مكان يمكننا من الاستحمام ثم يعالجون أيدينا وأرجلنا وأعيننا من آثار القيود والأغطية، حتى أن جميع الأسرى كان فيهم أثر الدم بسبب الفترة الطويلة التي استمرت لأكثر من 24 ساعة، فبدأوا العلاج.

جهراوي 03-04-2007 12:27 AM

- العجمي: استقبلونا بصورة سيئة جدا، فعندما أنزلونا من الطائرة كنت أرى - كما أخبرتك سابقا - فاستقبلنا جيش المارينز (وأسميهم المايونيز) الأميركي وكانوا يلبسون لباس الشغب، فاستقبلونا بالضرب، وكنت عنيفا معهم قليلا لأنني أحب أن أمشي أو أجلس بالطريقة التي أرتاح لها فكانوا يضربونني لأي حركة أعملها، وأدخلوني في باص الأتوبيس الأصفر، من دون كراسي، وحشروا 25 أخا في زاوية واحدة، وأي واحد يتحرك يضربونه، إلى أن وصلنا المعسكر، ومعهم مترجم كلما صاح الجندي الأميركي ترجم له حديثه، ونزلنا إلى المعسكر فوضعونا على الأرض لساعات عديدة، حتى أن بعض الأخوة كان يصيح من شدة الألم والتعب، وكان بعض الأخوة يسقط فيجلسونه الأميركان، وكانوا يضغطون على رأس الأخ وظهره حتى يكاد ينكسر، وكنت أرى هذا الأمر، تخيل أنك مقيد أكثر من 24 ساعة، وطبيعة هذا القيد أنك كلما تحركت كان أحكم في الإغلاق.
تركونا على الأرض لثلاث ساعات ثم أخذوني بعد أن كان شبه مغمى علي، لم أكن أعلم إن كنت في علم أو في حلم، ووضعوني داخل ممر في مخيم عاريا، وأعطونا أوراقا لنبصم عليها بالقوة فيها إقرار باسمي وأنني أسمح لهم في حال تحركي أو محاولة فراري أن يقتلوني، وعندما رفضنا التوقيع عليها وأن هذا مخالف للقانون قال لنا المــــــــترجم أن القانون في البحر ولا قانون هنا!! فالقوي يأكل الضعيف، فأدخلوني الزنزانة ووضعوني هناك لمدة أسبوعين كاملين، منعنا فيها من الحديث مع أي أحد كان، فقط يأتوننا بالطعام ونأكل، وأي واحد يتحدث أو يتحرك يدخلون عليه قوات الشغب ويضربونه ضربا مبرحا يسيلون الدم منه ثم يضعون عليه الضماد ويتركونه.
- العازمي: وصلنا غوانتانامو تقريبا في وقت المغرب، وبدأ التحقيق مباشرة فور وصولي، وأنا أتحدث عن نفسي لا أعلم عن الباقين، يصاحبه الضرب، وتم تجريدي من الملابس بتقطيعها، وضربوني وغيروا القيود، زادوا القيود، فبعد أن كنت مقيدا بالحديد والبلاستيك، أزالوها عني ووضعوا بدلا عنها قيدا أكبر منه، عبارة عن سلسلة تربط اليدين وتمسك البطن حتى تثبت اليدين على البطن ويصعب تحريكها، وممدودة سلسلة ثالثة إلى الأرجل لتربطهما فأصبحت كلها قطعة واحدة، وبعد تقييدنا مشوا بنا على أرجلنا مسافات طويلة، من أول يوم، إلى مقر التحقيق ثم يرجعك تمشي وهكذا مع الضرب، حتى دخلت واستقررت بالزنزانة الساعة 2 فجرا، ونحن على جوع وعطش شديدين، وكنا من دون أي غطاء حتى الساعة الرابعة فجرا أتوني ببطانية واحدة، واستمرت التحقيقات من التاسعة من صباح اليوم التالي، ولم نتمكن من النوم طوال الليل.
• وهل سلموكم عهدة، مثل اللبس أو لحاف أو غيره؟
- الزامل: أعطونا اللبس البرتقالي، وهو لباس من الجنز حار جدا، وغوانتانامو بطبيعتها حارة أغلب العام، ومكتوب عليه أنه مصنوع من مادة البوليستر مئة في المئة، وإذا أردت تحريك نفسك كأن تلعب رياضة أو أي شي فلا بد أن يتشقق جلدك، بسبب الحر الشديد والبوليستر، وأعطونا الفانيلا والسروال الطويل والشورت، وفرشاة الأسنان الصغيرة التي توضع بالأصبع، وهذه لوحدها عذاب نفسي لصغرها وكثرة سقوطها، ولم يعطونا أي شي آخر. وعذابهم معنا في كل شيء حتى الطعام الذي يعطوننا إياه بايت ومعفن وبه ديدان، وحتى لو أخبرتهم بذلك لغض الطرف عنه.
• طبيعة السجن انفرادي أم الجميع مع بعضهم البعض؟
- العجمي: أول سجن هو سجن «اكس ري»، استمررنا به لمدة أسبوعين، وهو عبارة عن شباك متقاربة، انفرادي ولكن يمكن للأسير رؤية إخوانه الأسرى المجاورين له، كالأقفاص، وهو مكشوف لا يمنع المطر، بل مليء بالعناكب السامة التي قرصت أكثر من أخ ما اضطر الأميركان أن يقطعوا من لحمه، لأنها سامة جدا وكبيرة، إذا قرصت الإنسان تأكل من جسمه كله، وأي واحد يتكلم أو يرفع صوته يضربونه، وكان الأسرى يتبولون ويتغوطون في السطول فلا توجد حمامات، ويمنع أن تغطي رأسك بالبطانية، هذا إضافة إلى أننا مقيدون أصلا.
وأذكر مرة أحد الإخوة السعوديين تكلم مع الضباط بخصوص قفصه الذي كان تحت الشمس مباشرة طوال الوقت، فرد عليه الضابط: اسكت وإلا أتيتك بقوة الشغب، أنا من الجيش الأميركي، ويشير إلى شارته، يريد التباهي بانتمائه. وأتوا فعلا بالشغب وضربوا السعودي ضربا حتى سال الدم منه، ولم نتمالك أنفسنا فبكينا عندما رأينا هذا الموقف، ولكن لا حول ولا قوة لنا إلا بالله، وكان الحال هكذا لمدة أسبوعين حتى فرج الله عنا وسمحوا لنا بالكلام.
• في الأسبوعين الأولين كانت أيديكم مغلولة وأعينكم مغطاة؟
- العجمي: الأيدي كانت مغلولة ولكن الأعين منزوعة الغطاء، والتحقيق كان مستمرا 24 ساعة، وممنوعين من الحديث مع الإخوة، لظن الأميركان أن الأسرى سيتحدثون مع بعضهم البعض ويتفقون على أمر معين، فكانوا يخافون من ذلك، وشعارهم دائما « فرّق تسُد»، ولكن بفضل الله لم يتمكنوا من التفريق بين الأخوة.
• كيف كان الطعام والشراب؟
- العازمي: كان طعاما سيئا للغاية، ولك وقت محدد للأكل والشرب، فمثلا يعطوننا الطعام ثم يقولون لنا ابدأوا الآن، ويعدون لنا ثم يسحبونه منا، كأننا في مسابقة، ولم نكن نعلم الوقت أو التاريخ، والطعام أصلا كان قليلا تأكله في ثوان معدودة. ولكنهم يفعلون ذلك لمجرد اللعب في نفسية المساجين. ولو كان السجين مريضا يريد الانتظار على الطعام قليلا فإنه يعاقب ويسحب منه الطعام، ويدخلون عليه فرقة الشغب فيضربوه، ويرشون عليه مادة معيّنة، والمواد الموجودة في غوانتانامو وكان يستخدمها الأميركان معنا مواد كثيرة، منها مادة مسيلة للدموع، وأخرى تخنق السجين، والثالثة الأخطر منها وقد جربتها أكثر من مرة، وجربها أخونا عبدالله العجمي كذلك رأيتهم يرشونها عليه أمامي، وهي مادة تحرق الجسم من دون ظهور آثار الحرق على الجلد، ولكنه نفس ألم الحرق تماما يستمر يلهب في جسدنا لمدة يومين تقريبا كأنه نار يحترق بها، وهذه المادة يرشونها إذا لم أسلم لهم الطعام في المدة المحددة.
• هذه العقوبات تستمر معكم وأنتم في سجون انفرادية، وأياديكم وأرجلكم مغلولة؟
- العازمي: استمرت معنا الأغلال لفترة معينة ثم نزعوها عنا وجعلوا ثمة عقوبات لكل من لا ينصاع للأوامر بالمعسكر، فبمجرد أن يسأل عن الرقم ولا يجيبه المسجون، أو يغطي المسجون وجهه بالبطانية يحمي نفسه من البرد وهو نائم، فيأتونه فوراً بالكلاب البوليسية، ويرشونه بالمواد التي ذكرتها لك مع العصي والقوات الخاصة، كأنه جيش يريد الهجوم على دولة ما!! ويتحدثون معك بالمايكرفون ويصورون بالكاميرا ويصيحون: سلم بطانيتك وانزع ملابسك أنت الآن أمام القوات الأميركية وإلا سنداهمك، كأنه فيلم، وهذا يدل على شدة تأثرهم بالأفلام. ثم يداهمون السجن ويعرون السجين تماما، لمدة شهر يبقى عريانا «رب كما خلقتني»!! وطريقة زنازين التعذيب عبارة عن كونتينر مقسم على ثماني زنازين وكل واحد في زنزانة، وقد يبقى أحدنا مدة أربع سنوات في هذا الكونتينر بحسب العنبر.
وعندما يرمون السجين عاريا يقاسي في وقت البرد من البرودة القارصة وفي وقت الحر من الحرارة اللاهبة، بعض الشباب نفذ عقوبة شهرين متواصلين عريانا وهو عبدالله العجمي بسبب موضوع ديني عندما رفض استهزاءهم بالقرآن الكريم، فدخلوا عليه العسكر وضربوه أمام عيني وجردوه من جميع ملابسه، وجلس شهرين!! فأين حقوق الإنسان عن زاعمي حقوق الإنسان.
• كيف تم توزيع المسجونين على العنابر والسجون المختلفة؟ على أساس الدولة؟ أو الخطورة ؟ أو العمر؟ أو ماذا؟
- الزامــــــــــل: لم يكــــــــــن التوزيع علــــــــى حسب البلـــــــــــــدان، فكان بيننا أفغـــــــــان، وسعــــــــوديون ومن جميع الدول، فـــــــــقد كنا من 48 دولة، وبين فترة وأخرى ينقلون السجين من مكـان إلى آخــــــــر، فكـــــــــانت هناك عنابر كثيرة، مثل المعســـــــــكر الأول والثاني والثالث والرابع، كمثال، وكل معسكر كانوا يرتبون المساجين فيه بحسب الأحرف الأبجدية، والمكان الواحد فيه تقريبا 48 زنزانة انفرادية، 24 على اليمين و24 على العكس منهم، وبداية كان مكتبا على الباب حرف A يعني ألفا، وبجانبه F يعني فوكتور، وH يعني هوتيل، G يعني غولف، فكانوا يسمونهم بالأسماء الأبجدية بتوزيع خاص بهم لا نعلم ماهيته، ولا يشترط أن يكون هنا أناس خطرون وهناك أقل خطورة. وكانت السجون بمستوى واحد لا سجن أفضل من سجن، وبعد عامين من فترة السجن بغوانتـــــــانامو بنوا سجنا رابعا، يزعمون أنه أفضــــــــل من السجون الأول والثاني والثالث، وربما يكون هكذا عالميا كشكل، ولكن من الداخل بالتأثير على نفسية السجين والله إنه أقبح من الثلاثة الأخرى، فهذا مغلق يضعون فيه كل عشر مساجين على حدة في غرفة واحدة، والجميع يعرف لهيب غوانتانامو بلا تكييف أو تهوية، بينما غرف التحقيق كلها مكيفة بوحدات التكييف وبعضها نظام السنترال، بينما السجون الأخرى مفتوحة يأتيها الهواء من كل مكان.
بعض المساجين عندما يأتون غرفة التحقيق يتمنون عدم الخروج لفرحتهم بالهواء البارد، فكانت حربا نفسية، تجعل السجين بنفسه يتمنى المكوث أكثر في غرفة التحقيق.


غداً...
أسماء مشايخ كويتيين سألوا عنهم الاميركان في غوانتانامو!
وتفاصيل أخرى

جهراوي 10-04-2007 09:16 AM

الطريق إلى غوانتانامو / (4)


تحقيق أجراه: سالم الشطي: الطريق من الكويت إلى غوانتانامو ومن غوانتانامو إلى الكويت لا تقاس بالمسافات.
هي طريق ملأى بمصاعب التجربة وصعوبة الذكرى.هذه اللقاءات التي نرويها على لسان أصحابها الكويتيين العائدين من غوانتانامو عادل زامل عبد المحسن الزامل مواليد 1963، متزوج من زوجتين ولديه 9 أبناء وعبد الله صالح علي العجمي مواليد 1978، متزوج وسعد ماضي سعد العازمي مواليد 1979،متزوج، سوف تغطي فترة الاعتقال وحتى الفرج والعودة إلى أرض الوطن وهي تروى بألسنة هؤلاء، وهم مستعدون للتعقيب والرد على أي استفسار قد يرد من القراء.
تفاصيل ذهابهم الى باكستان ثم الى افغانستان والعيش في ظل حكومة طالبان ثم الغزو الاميركي لافغانستان والقبض عليهم في باكستان مرورا ترحيلهم الى قندهار واستقرارهم بـ «غوانتانامو» وانتهاء بالافراج عنهم ورجوعهم الى الكويت. تنشرها «الراي» على حلقات يرى القارئ فيها ذلك المعتقل... من الداخل.
وإليكم التفاصيل:


الأميركيون سألوا عن محمد ونبيل العوضي وأحمد القطان وصلاح الراشد وعبدالله النفيسي وخالد الحربي وحامد العلي والحصم وآخرين كثيرين
يستكمل اسرى غوانتانامو المحررين قص المعاناة التي عاشوها في المعتقل.
• بعض المسؤولين الأميركان كانوا يزعمون أن سجن غوانتانامو عبارة عن فندق خمس نجوم؟!
- الزامل: هذا كلام باطل وليس فيه أي صحة، وأنا أتحدى أي واحد يصرح أن سجن غوانتانامو عبارة عن فندق خمس نجوم، سواء كانوا في الخارجية الأميركية أو غيرها، أتحداهم أن يسمحوا لمنظمات حقوق الإنسان أو الصحافة العالمية أو الصحافة المحلية بالدخول إلى المعتقل والتحدث مع المعتقلين وجها لوجه، لماذا يجعلون بين المعتقلين والصحافة التي تأتي أحيانا مسافة أكثر من 300 متر، وكنا نراهم من بعيد ويمنعوننا من الخروج، ويسمحون لهم بالتقاط الصور من بعيد، لينشروا في صحفهم أن هذه غوانتانامو، ويأتون ببعض المساكين كالأفغان المسجونين ويقولون لهم إذا أردتم العودة إلى بلدكم فعليكم السير بهدوء خارج الزنزانة حتى تصورهم الصحافة، حتى يخدعوا العالم أن معتقلي غوانتانامو يمشون ويلعبون ويتمتعون في المعتقل، وهذا كله عبارة عن مسرحيات.
- العجمي: تصور أنهم لم يكونوا يعطوننا فرصة لقراءة القرآن! كان الجنود الأميركان متوزعين على ثلاثة مجموعات، الأولى تتسلم في الصباح، والثانية تتسلم بعد الظهر، والثالثة تتسلم الليل كله، فكان على الأسير يأتيه من ثلاث مجموعات لمدة أربع أو خمس سنوات! فمن أول ما يأتي يضرب المصحف فيسقط على الأرض وتبدأ المشاكل بينهم وبين المعتقلين منذ الصباح الباكر، شبه يوميا على هذه الحال، وحتى لو لم يكن لدى الأخ مصحف فإنهم يخرجونه خارج المعتقل ويهينونه ويظهرون عورته، بخلاف الضرب والإزعاج فكنا حتى القرآن لا نتمكن من قراءته أحيانا، ولكن مع هذه الظروف القاسية استطاع بعض الأخوة حفظ القرآن الكريم كاملا.
وجلست أكثر من سنة في سجن انفرادي خارجي، في صندوق من حديد فيه شبك من جهة واحدة، قياسه متران في متر، فكانت المعاملة معي سيئة جدا وتعاملهم تعسفي جدا، والمكان شبه منسي، حيث يمنع أي واحد موجود به من الحديث مع الآخر.
• بين فينة وأخرى كان الأميركان يأخذونكم للتحقيق معكم، فما طبيعة التحقيق وما الأسئلة التي كانوا يسألونكم إياها؟
- العجمي: كان يسألونني في أول تحقيق معي عن المعسكرات، وأنا لا علاقة لي بذلك، لأنني كما ذكرت لك ذهبت لحفظ القرآن الكريم، ولكن كل السبب يرجع إلى الاستخبارات الباكستانية الذين يبيعون أي عربي هناك للأميركان على أساس أنه من طالبان أو القاعدة فيأخذون 5 آلاف دولار ويذهبون، فالأميركان أغبياء، ولا يعرفون أن يفرقوا وكانوا يسألوننا عن الطالبان والقاعدة والجيش، وكنا مستضعفين هناك، وأسئلة أخرى لا علاقة لها بالموضوع، وكوني عسكريا سابقا في الجيش فكانوا يشكون أنني ذهبت إلى أفغانستان للجهاد.
• هل سألوكم في التحقيق عن أسماء مشايخ في الكويت؟
- العجمي: ذكروا كثيرا من المشايخ بعضهم لا دخل له بالجهاد، وحتى بعض المشايخ الذين يقولون بعدم قتال الأميركان المستأمنين، ولا أريد أن أذكر أسماءهم، ويأتون بأشرطة وDVD للشيخ سعد البريك وغيره، يقولون أن هؤلاء خوارج ومن هذا الكلام، ولا دخل لي بتاتا بالموضوع، فكما ذكرت لك أنني من جماعة الدعوة والتبليغ ولا دخل لي بالجهاد مع أننا نحبه، ولكن كل واحد له وجهة نظر وطريق، وانا طريقي الدعوة إلى الله تعالى.
- العازمي: لم يترك الأميركان شيئا إلا وسألونا عنه، عن البيوت والعوائل وعن الجماعات وشيوخ العلم، وقلنا لهم أن الديوانيات عبارة عن ملتقى اجتماعي نلتقي فيها بعضنا البعض، وذكروا لي أسماء بعض المشايخ لا أعرفهم ولا أذكر أسماءهم، وأسئلة كثيرة بعيدة عن أحداث نيويورك وواشنطن.
- الزامل: بالنسبة لي ذكروا لي أسماء كثيرا من المشايخ إن كنت أعرف عنهم شيئا، مثل الشيخ خالد الحربي، وعن جمعيات النفع العام كجمعية الإصلاح وإحياء التراث، وركزوا عليهما كثيرا في التحقيق، وعن مشايخ الجمعيتين مثل طارق العيسى وعبدالله المطوع رحمه الله، أتوني بصور كثير من المشايخ كذلك، وسألوني عن محمد العوضي ونبيل العوضي، وسألوني عن شخص أذكره كان دائما يقدم لأحمد القطان، دائما يكحل عينيه، وسألوني عن صلاح الراشد، وسألوني عن عبدالله النفيسي وحامد العلي، وعن الحصم، وأناس كثير جدا بالكويت..
• السؤال عن معرفتك بهم من عدمها، أم هناك أسئلة أخرى؟
• الزامل: جوابي لهم عدم المعرفة بأغلبهم، ولو قلت لهم أعرفه فسيقولون ماذا تعرف عنه، وبعضهم أقول أعرفه، فيسألوني ماذا تعرف عنه أقول لهم شيخ مشهور مثل أحمد القطان وعبدالرحمن عبدالخالق، وأذكر جيدا عندما سألوني عن محمد العوضي أكثر من مرة، فأقول أعرفهم كمسؤولين في جمعيات النفع العام ومشايخ مشهورين وعبر الإعلام ولكنهم لا يعرفونني.
• هل وتيرة التحقيق كانت واحدة منذ بداية اعتقالكم حتى نهايته؟ أم أنها مختلفة؟
- الزامل: في أول 10 أيام من الاعتقال كان التحقيق شديدا جدا، ولم يذكروا لي نهائيا أي سؤال يتعلق بأحداث 11 سبتمبر، ولم يسألوني إن كنت أعرف من في الطائرات أم لا! سألوني عن أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة وعما إن كنت منتميا لهم فنفيت هذا كله، فأسامة بن لادن يقع في قندهار وأنا أسكن في كابل، والمسافة بينهما في السيارة من الفجر إلى المغرب، شبه يوم كامل بطريق وعرة، وكانت معي زوجتي وابنتي ولدى منظمة، فلا أستطيع أن أترك المنظمة أصلا وأذهب إلى هناك.
باقي أيام التحقيق كانت عن تعدد الزوجات، ولماذا الرجال يتزوجون أربعا، بينما المرأة لا تتزوج أربعة، ما هي الديوانيات وماذا تفعلون في الديوانيات، وما علاقة كل مطيري بمطيري، وعجمي بعجمي، وعنزي بعنزي وكندري بكندري، وهل يقرب الكنادرة لبعضهم البعض، وسألوني عن بعض أمور السياسة داخل الكويت ولا تخصني أبدا.
-العجمي: قبل الإجابة عن هذا السؤال، لدي مداخلة مهمة جدا، وجدت في أوراق خاصة بمجلس القضاء العسكري هناك، قرأتها بنفسي ما نصه «ووضع المعتقلون في غوانتانامو حتى لا تأتي الضربات للأميركان»، ما يعني أننا رهائن، وهم اعترفوا بذلك وقالوا وضعكم هنا حتى لا يضربونا القاعدة ولا الطالبان، فأكدنا عدم علاقتنا بهم، ولكنها حرب صليبية، أخذوا مجموعة من المسلمين كرهائن.
أما وتيرة التحقيق، فكانت شديدة معي دائما، يدعوني واقفا ومسلسلا ومقيدا بالأرض، وأحيانا أكون جالسا على الكرسي بطريقة تعذيبية، ويزودون على برودة التكييف، حتى أصبحت الغرفة كالصقيع.
-العازمي: أغلب تحقيقاتي كانت مع الساقطة «ميغن» فكان على أكثر من وتيرة ونوع، وأحيانا يحقق معي شخص اسمه «ديفيد» وهو أسود وكان يمارس معي الضرب بشدة و«ميغن» للإغراءات الجنسية، وأحيانا يأتي ثالث اسمه «سام» وهذا يجردني من جميع ملابسي مع العسكر، فأسلوبهم مختلف، وأحيانا يأتي رابع ليهين القرآن أمامي مع «ميغن».
• ما هو برنامج الأسير في المعتقل وجدوله من الفجر إلى فجر اليوم التالي؟
- الزامل: نصلي الفجر جماعة مع أن سجوننا انفرادية، فهي بالطول 24 زنزانة انفرادية ويقابلها نفس العدد، فأول واحد يكون إماما ويصلي الباقي ونصلي خلف بعضنا بعضا بإمامة الأول ونكبر بتكبيراته، طبعا هذا إذا كان بالانفرادي الذي نرى بعضنا من خلاله، وإلا فالانفرادي الآخر الذي ذكرناه لك قبل قليل حيث يوضع المسجون في صندوق حديد فلا يمكننا لأننا لا نرى بعضنا بعضا.
- العجمي: عندما كنا نصلي الفجر جماعة كانوا يرفضون ذلك ويضربون حديد الشباك ويحاولون تعطيلها علينا، وبعد صلاة الفجر نفطر، ثم نقرأ القرآن ونحفظه كل يسمّع للآخر عبر الشباك حتى نعين بعضنا على الحفظ، وأحيانا نتذاكر بالأحاديث النبوية أو الفوائد العلمية، وبعضنا ينشغل مع نفسه بالقراءة إلى شروق الشمس ثم نصلي الشروق، وبعض الأخوة يكون لديه أذكار خاصة من تسبيحات أو استغفار ولكن الأميركان كانوا يعكرون علينا هذا الجو الإيماني حينما يضربون الأبواب بالسلاسل ويأمروننا بالخروج ليجروا تفتيشهم الخبيث، وينزعون عن المسجونين ملابسهم ويفتشون حتى العورة أجلكم الله، وهذا لمجرد الإيذاء وحتى نتوقف عن ذكر الله، ويفعلون ذلك يوميا للحرب النفسية.
• زودوكم بالمصاحف؟
- العجمي: أتوا بالمصاحف إعلاميا حتى يقولوا للمسلمين ان لديهم حقوق إنسان وحرية واحترام الأديان، ولكن في واقع الأمر أنهم أتوا بها لمزيد من الضغط علينا، فلم يكد يسلم مصحف من المصاحف التي أتوا بها من إهانة منهم أو تمزيق أو رمي في القاذورات، وكانوا يدربون الجنود الجدد عبر المصاحف، فيدخلون ويرمون المصحف أمام الإخوة حتى يثيروهم ثم يدخلون الجنود الجدد عليهم ليتربوا بهم ويكسروا حاجز الخوف عن جنودهم عبر إهانتهم لكتاب الله عز وجل.
- العازمي: كثير من الناس يمتدح الأميركان لجلبهم المصاحف للمعتقلين في غوانتانامو، ولكنهم في حقيقة الأمر فعلوا ذلك حتى يضربوا عصفورين بحجر واحد، فأولا: حتى يبينوا للناس أنهم جاؤوا بأحسن طبعة للمصحف، وهي طبعة الملك فهد، لمعتقلين يعدونهم أعداء، وثانيا: ليستخدموه تعذيبا لنا، فأكثر من مرة يأتون بالمصحف إلى العنبر، ويضربونه بأرجلهم مثل الكرة حتى يوصلوه إلى آخر العنبر، وأكثر من مرة جاؤوا بالمصحف في التحقيق ووضعوا عليه علم إسرائيل أو الصليب، وأحيانا يطفون فيه السيجارة، وأكثر من جندي أميركي بال على المصحف، عليهم من الله ما يستحقون. فحقيقة الإتيان بالمصحف لغوانتانامو لإهانته واستفزاز الأسرى.

جهراوي 11-04-2007 12:48 AM

• طيب نرجع إلى الجدول، ماذا تفعلون فترة الضحى؟
- العجمي: فترة الضحى يأخذوننا بالقوة إلى المغاسل، حتى يستحم السجين، وهذا بطبيعة الحال ليس حبا في السجين أو حفاظا على صحته، ولكنه خوف على أنفسهم حتى لا يصابوا منا بمايكروبات أو بكتيريا! فجنودهم لا يعلمون أين قبض على الأسير، فربما يكون أحدنا مصابا بمرض فيعديه، وكانوا يعتقدون أننا جميعا قبض علينا في أرض المعركة.
بعد «الترويشه» نرجع نصلي الظهر ونتغدى، وكان بعض الأخوة يحاول أن يغفو للقيلولة، ناهيك عن أخذهم لنا للتحقيق على مدار الساعة وخصوصا في فترة راحتنا، وبعد صلاة العصر نحاول عمل بعض التمارين الرياضية «بالخفاء» داخل الزنزانة حتى نحافظ على أجسادنا.
• ألا توجد فترة رياضة أصلا في المعتقل؟
- العجمي: لا توجد، بل هم لا يسمحون لنا أصلا بالتمارين الرياضية، ولكننا نعملها في الخفاء، وهذه مهمة لنا للمحافظة على أجسادنا لأن المكان بارد في الشتاء، فلا بد أن ندفي أنفسنا بالرياضة، وحتى نحافظ على صحتنا، فالحمد لله رب العالمين نجد أن تلاوة القرآن ثم الرياضة هي التي حافظت على صحتنا.
• وفي المغرب؟
- العجمي: نصلي المغرب ثم نتناول الطعام ثم نخلد إلى النوم لأن هذا الوقت يكون تبديل الشفت لديهم وقد نتمكن من استغلال دقائق تبديلهم لنرتاح بها، ثم نصلي العشاء.
ومع ذلك كان الإيذاء منهم على أشده، فكانوا يأتون بمادة «التنر» المعروفة فترة الليل ويسكبونه في «السيب» فنستنشق رائحته، وأصيب أكثر الأخوة الآن بمرض « التنك» وهو ضيق التنفس، وأصيب بعضهم بالقرحة، بسبب هذه المواد، والمواد الكيماوية التي يضعونها في الطعام، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
• لماذا يضعون المواد الكيماوية في الطعام؟
- العجمي: يقال أنها مواد تسبب العقم، واعترف بعضهم.
- الزامل: لديهم طرق بحيث يضعون مواد في الطعام تجعل الأسير بعد أن يفرغ من أكله بخمس دقائق يشعر بالجوع مرة أخرى ولا كأنه قد أكل أصلا! جعلونا حقل تجارب لهم ولموادهم الكيماوية.
• هل تم تزويدكم بكتب معينة بخلاف المصحف الشريف؟
- العجمي: جاءونا بكتب خلاعية وغزل وصور ومجلات، وأخرى تتحدث عن الحب والغرام، فلم نكن نقبلها، يريدون فتنة الشباب، ونزع الغيرة من قلوبهم، وحتى تصبح مثل هذه الأمور عادية بالنسبة للأسير.
• عبدالله تم عقابك لمدة شهرين على ما أظن، فما حكاية العقوبة وأسبابها؟
- العجمي: أهانوا مصحفا أمام عيني، وسبوا الله والرسول صـلى الله عليه وسلم.
• كيف؟
- العجمي: في عيد الرب عندهم – تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا – دخل الجنود في المعسكر وكانوا يقولوا «جيسز» يعني عيسى، وبدا واضحا أنهم دخلوا بحمية دينية، فتنادى الأسرى أن اتقوا شرهم ولا تتحدثوا معهم، فضايق أحدهم أحد الأسرى فقال له لقد تركناكم في عيدكم ولم نضايقكم بأي شيء فلم تؤذونني، فسب الأميركي الله والرسول صـلى الله عليه وسلم ومسك المصحف أمامنا ورماه على الأرض، ثم أمسكه مرة أخرى وجلس يلعب به كما يلعب بورقة منديل الكلينكس باستهزاء، فصاح الأخوة وكبرنا، وكنت أحد المكبرين وقلت اننا لا بد أن نعمل أي شي، ولو نكلم المسؤولين عما يجري من استهزاء بالدين، فاتهموني بالتحريض، فأتوا لي بقوة الشغب، وأخذوني إلى السجن الانفرادي المظلم «دلتا بلاك» ونزعوا مني الملابس، وهذا المكان يسمونه الطب النفسي، ووضعوني فيه ستة أشهر، فأمضيت أول شهرين بلا ملابس، وكانوا يأتونني بحبوب أجهلها فيقولون لي أنت مجنون ومريض نفسيا لابد أن تأخذ هذه الحبوب، وإذا رفضتها يدخلون قوة الشغب لدي ويعطوني إياها بالقوة، وجلست هناك شهرين كاملين والله لا أعلم شيئا عن نفسي، أشعر أنني في غيبوبة وفي عالم ثان، لا أستطيع الحركة، وكل جسمي مخدر من الإبر، وكل يوم يضربون علي زنزانتي الانفرادية لآخذ العلاج، بحسب زعمهم، وهذه العلاجات عبارة عن مخدرات جديدة يجربونها فينا، جعلونا حقل تجارب، وكانوا يستخدمون السحر والتعامل مع الجن. وكل الذين يزعمون أنهم أطباء نفسانيين هم سحرة.
• سحر وجن في غوانتانامو! كيف ذلك؟
- العجمي: أغلب الأخوة الموجودين معي في «دلتا بلاك» كانوا قراء ومن حفظة القرآن الكريم، أصبح الكثير منهم مسحورا ولم يعد يعرف نفسه، حتى أنه أول ما يتكلم يتكلم عن عيسى، فتعرف أن فيه مارد من الجن نصراني. ويستخدمون السحر الأسود، ومعلوم أن السحر عند النصارى مثل شرب الماء، ولن يصدق البعض أنهم يستخدمون الجن حتى في التحقيق.
- الزامل: الجن كان يأتي من الفاتيكان، ولم يكن يتحدث الشباب لأيام.
• هل أفهم يا عبدالله أنك تأثرت أو أدمنت على هذه الحبوب؟
- كنت أرفضها بقوة، ولكنهم يدخلون قوة الشغب علي فيرغموني عليها بالقوة مع أنني كنت أقاومهم ولكن لا حول لي ولا قوة، وعندما آخذ هذه الحبوب أو الإبر أشعر بأن جسمي ثقيل ولا أستطيع الحراك، ومخدر، فقط أقوم لآكل ثم أنام، حتى الصلاة – نسأل الله أن يغفر لنا – بالكاد كنت أتمكن من أدائها، ولديهم إبر يعطون الأسير بالقوة فيجلس لمدة شهر كامل بلا حراك طبيعي كأنه رجل آلي، بالكاد تتحرك، واستخدموا هذه الإبر مع كثير من الأخوة.
أحد الأخوة كان سليما ليس به بأس قبل أن يدخل معي في العنبر، أصبح مجنونا لا يعرف نفسه، يتغوط ويتبول على نفسه، ولكنني كنت أتعامل معهم بالسياسة، مع أنني كنت مخدرا، ولكن لم أحدث معهم المشاكل حتى أتقي شرهم، وكل العقوبات التي تمت لي كانت بسبب القرآن والصلاة ومن أجل إخواني الأسرى، فمكثت تقريبا ستة أشهر في هذا العنبر ثم خرجت بفضل الله تعالى من دلتا إلى الكويت.
وكان الأميركان يكرهون الأخ عندما يرون فيه حمية وغيرة على الدين وتمسك بالصلاة والسنن، ورفض إهانة أي شعيرة من شعائره.
• هل يلتقي الكويتيون المسجونون هناك مع بعضهم البعض؟
- الزامل: ليس على كل حال، فمثلا لم أر عبدالله العجمي خلال الأربع سنوات إلا مرة واحدة، عمر أمين رأيته مرة واحدة، وبعضهم لم أره نهائيا مثل فوزي العودة، وعبدالعزيز الشمري رأيته أكثر من مرة، فبعضهم نلتقي فيه أحيانا بحسب التنقل من عنبر إلى آخر، من كامب إلى كامب، من معسكر إلى معسكر، ولكن ليس على كل حال.
• وكيف كنتم تؤدون صلاة الجمعة؟
- لا تقام صلاة الجمعة في غوانتانامو.
• يقال أن القوات الأميركية كلفت مسلما أميركيا يؤم المسجونين ويصلي بهم الجمعة!
- الزامل: هذا ليس صحيحا، لم أر أو أسمع بذلك أبدا، ربما رآه غيري، فكما تعرف أن المعسكرات كثيرة، تقدر المسافة من أولها إلى آخرها بكيلومترين تقريبا، ولم أصل الجمعة أبدا خلال الأربع سنوات.
• وسائل التعذيب الأميركية اقتصرت على الضرب أم تعدت ذلك؟
- الزامل: لاقينا أنواع التعذيب المختلفة في غوانتانامو منها النفسي والمعنوي والجسدي، وحدث بذلك ولا حرج، والمرء منا يتحرج من الحديث عن ذلك وسياسيا يخاف يفصح، مع أنهم يزعمون أن هناك حرية رأي وحقوق إنسان، ولو كانت هناك فعلا حرية رأي لتحدثنا، ونعلم أننا ربما نُسأل بعد نشر هذا الكلام، وما حديثنا هنا إلا دفاعا عن إخواننا الذين مازالوا مسجونين هناك نسأل الله أن يفرج عنهم، ولعل كشف الحقائق هنا يكون سببا في الضغط على الحكومة الأميركية من أجل إطلاق سراح إخواننا.
أما التعذيب النفسي والجسدي فكله موجود، من أنواع التعذيب الجسدي وأذكرها هنا على سبيل المثال لا الحصر: ضربت بالقيود الحديدية «الكلبشات» على رأسي ومازالت ثمة فتحة في رأسي إلى اليوم، ونزف مني الدم لمدة شهر كامل أطلب العلاج من دون أن يحركوا ساكنا من أجلي، حتى شعرت أن قمة رأسي ستطير من الألم، وكان بجانبي الأخ الأسير فؤاد الربيعة الذي كان يتحدث الانكليزية بطلاقة، فقلت له يا أبوعبدالله أخبرهم عن رأسي فلم أعد أطيق الألم ولا أتمكن من النوم، ولما أضع يدي على الجرح أشتم رائحة العفن، وأنا أعرف أنهم يحاولون تعذيبنا نفسيا، وإلا فبإمكانهم علاجي من ثاني يوم، وبعد شهر يسر الله لي ممرضا عالجني وأعطاني مرهما أدهن به رأسي حتى شفيت تقريبا بحمد الله.
وكانوا إذا أخذونا للتحقيق يضربون رؤوسنا بالجدار وبالحديد عند الذهاب وعند الإياب، ويكون رأسنا مغطى ومقيد مع اليد والبطن والرجل، فنسير كأننا ركوع، بخلاف الضرب بالأقدام والعصي، وإذا تحدثت بكلمة ظنوا أنها خاطئة ذهبوا بك إلى أشخاص طولهم مترين يرفعونك بالهواء، وانا أتحدث عن نفسي فقد حصل معي ذلك، وهناك بعض الأسرى مثل أخينا حمزة المغربي ضربوه بثلاجة ارتفاعها مترا موجودة في غرفة التحقيق، ضربوه على رأسه ووضعوه بما يسمى بغرفة الإنعاش بغوانتانامو، وهذا مشهور يشهد به الأسرى وحتى الضباط ولا أحد يستطيع إنكاره.
وحادثة أخرى لأخ اسمه عبدالحكيم من أهل الرياض، ضربوه مرة وشجوا رأسه ما اضطره إلى إجراء عملية وسبع غرز سدوا بها الشج، وكثير من الشباب هناك تم تعذيبهم، والتعذيب يتفاوت من شخص إلى آخر.
كان الأميركان يعذبوننا بربط أيدينا لمدة من 15 يوما إلى شهر، معلق نصف وقفة، فلا هو بالجالس ولا هو بالواقف، في مكان مظلم مع موسيقى عالية يسمونها موسيقى الشياطين، لا يتركون الأسير إلا عند التحقيق أو عند الذهاب إلى الحمام.
بخلاف الكلاب البوليسية التي يحرضونها على الأسير فتنهش منه، ولكنهم لا يدعونها تقتله، فهم لا يريدون لنا الموت بل المزيد من العذاب، وأحيانا نكون مغمى الأعين ولكن نشعر بلعاب الكلب البوليسي على أجسادنا وهو قريب منا، فنتوقع هجومه الآن أو بعد قليل، ونحن لا نراه، برعب نفسي يكاد يقتلنا.
وعندما كنا نسير في مجموعات كانوا يربطون يدي الأسير مع بعضهما، ثم يربطونها بيد الأسير الآخر الذي أمامه، ومن يد ليد، بحيث لو تأخر أي واحد منهم فإن الرباط سيشتد على الجميع، وحتى نصل إلى المكان الذي يريدون أخذنا له نشعر أن أيدينا ستنقطع من أجسادنا، ولا أحد يجيب صراخنا وتأوهات الألم، بل من يتأوه من الألم فإنهم يضربونه على رأسه.
أما التعذيب النفسي كثير جدا، مثل التهديدات المتكررة، فمرة أتاني شخصيا محقق أردني اسمه نبيل، ويتحدث باللهجة البدوية الأردنية وقال لي: عادل خلك جاهز بكره سآخذك معي الأردن، وهناك ستعرف كيف تتحدث وتدلي بالمعلومات، وبعد الأردن سنأخذك إلى مصر. والأميركان مشهورون بين الشباب دائما يبثون مثل هذا الأمر، ليلقوا في قلوب الشباب الرعب، أن من لا يتحدث هنا ينقل إلى المغرب أو مصر أو الأردن، وهذا يزرع الخوف في نفوسنا لأن تعذيب الدول العربية الكل يعرف ماهيته! وإذا قارنا بين تعذيب غوانتانامو وتعذيب الدول العربية بإيعاز الأميركان فإن الأخير سيكون عذابا غير طبيعي أبدا.
من وسائل تعذيب الأميركان أنهم يضعون المعتقل في غرفة ويسلطون عليه الكشافات القوية التي يشعر من خلالها بحرارتها بالإضافة إلى أن غوانتانامو أصلا حارة جدا، وتبقى الكشافات ليلا نهارا، وجميع المعتقلين في خلال الأربع سنوات لم تمر ليلة نمنا فيها من غير كشافات، حتى أنني أول ما رجعت الكويت ودخلت المستشفى العسكري وأغلقنا الضوء أحسست كأننا في حلم لأنني أنام من دون ضوء لأربع سنوات، حتى أن عيوننا تعبت، وعندما يغطي بعض الشباب أعينهم يأتيهم الأميركان من فورهم ليأمروه أن يزيلها من على عينيه أو يأتوه بفرقة الشغب، ولم نكن نستطيع الخلود إلى النوم من قوة الإضاءة وحرارتها.

جهراوي 11-04-2007 12:48 AM

وبعدما رأوا أن الشباب في العنابر يسلمون على بعضهم البعض عبر الشجون، وضعوا بينهم مولدات الكهرباء التي يأخذونها الناس معهم إلى البر «الجانوريترات»، بين كل عنبر وآخر خمسة من المولدات، ما ينتج عنه صوت عالٍ ومزعج جدا بحجة ألا يتحدث أحدنا مع الآخر، وهذه حجة هاوية، فلا ليلنا ليل ولا نهارنا نهار، بالإضافة إلى تسليط الكشافات، وعندما تطفئ الكهرباء فجأة لثوان معدودة والله نشعر كأننا في جنة، وهناك كشافات داخلية وأخرى خارجية من على الأبراج مسلطة على العنابر.
يضعوننا تحت إطار الطائرة، ونسمعها تقترب حتى نظن أنهم سيدعونها تدهسنا، أو نظن أن المروحة الخارجية للطائرة ستضرب رؤوسنا واحدا تلو الآخر، لأننا كنا مغطين الرؤوس، فكنا نعيش في رعب دائم.
من التعذيب النفسي انقطاعنا عن أهلنا بالكلية، فلا رسائل ولا مكالمات ولا أخبار، وفي الآونة الآخيرة وصلتنا رسائل من أهلنا مكتوب فيها: السلام عليكم ورحمة الله أخوك وليد يسلم عليك، ومسحوا باقي الرسالة وفي آخرها مكتوب، لا تهتم ولا تخف، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته!! فأين باقي الرسالة؟ وبعض أهالي الأسرى ونشروها في وسائل الإعلام، كلها مشطبة، يحطمون بذلك نفسياتنا ويعذبوننا بعدم معرفة أخبار أهلنا وأولادنا وأزواجنا! بل بلدنا بكاملها لا نعرف أخبارها، منقطعين تماما، حتى نتساءل أحيانا هل قامت حرب عالمية ثالثة؟ أو أننا فقط الذين نعيش في العالم أم حصل كذا أو كذا؟ لا نعرف الأخبار نهائيا لا الأحداث التي جرت في الكويت ولا سقوط العراق ولا أي شيء.
وعندما يقدمون لنا الطعام نجد فيه العفن والديدان، وعندما نخبرهم لا نجد استجابة وأحيانا يقولون اننا لا نعلم بذلك!
- العجمي: من وسائل تعذيبهم أنهم كانوا يساومون بعض الأخوة بالأدوية، فبعض الإخوة أصيب بالقرحة، وأصيب بعضه بالروماتيزم بالمفاصل، لأن الأميركان كانوا يعرون الشباب، ويضعونهم على الحديد، وكانت الأرض صاجة، وروماتيزم المفاصل أخطر مرض، وأنا مصاب به الآن، أشعر بمثل السكاكين على جسمي إذا جاءت نفحة هواء باردة، فكانوا يساومون الأخوة.
أذكر أخا اسمه علي من آل حسين من قبيلة وائلة باليمن، كان يعاني من اللوزتين، فجلسوا يساومونه يقولون له: إن كنت تريد علاجا فزودنا بمعلومة عن فلان وفلان، وماذا تعرف عن علان الموجود بالزنزانة التي بجانبك، ولم يكن يجيبهم فأهملوه حتى أصيب بمرض غريب وهو روماتيزم بالقلب، وأسأل الله أن يشفيه، وكثير من الإخوة أصيب بالقرحة ولم يتم علاجهم، بسبب المساومة على العلاج والأدوية.
وهذا أحد الأخوة أسأل الله أن يفرج عنه وعن الباقين جميعا، كان مصابا في أصابعه، فتكلم مع الطبيب ووعدوه بعملية جراحية، فعندما ذهب إلى المستشفى وأعطوه البنج كانوا يتعلمون عليه، فبعد أن أمسى في غرفة العمليات وأصبح وجد أصابعه مبتورة، وكان يشتكي من أصبع واحد فقط!! فالأميركان كانوا يشتغلون جزارين هناك.. وأخونا عمران المكي، كان مصابا بإصابة وكل فترة يقطعون من جسده حتى بتروا رجله. فالحالة الصحية هناك تعيسة جدا.
واتخذوا الأسرى حقل تجارب، والآلام التي نعاني منها كلها من أثر الإبر التي كانوا يعطوننا إياها الأميركان. كانوا يقولون لنا بأنفسهم أن الإبر التي كانوا يعطوننا إياها كلها جراثيم، وكذلك أدوية مرض الكبد وغيرها، ولكن الله حفظنا بفضله ثم بالرقية الشرعية.
والمسلمون في صمتهم تجاه ما يحدث لإخوانهم في غوانتانامو يسألون عن كل صغيرة وكبيرة أمام الله تعالى وفي كل مكان كالأسرى في أبو غريب والأردن وباكستان وأفغانستان.
• هل لمستم شيئا من تعاطف الجنود معكم؟
- الزامل: بعض الجنود كانوا متعاطفين معنا، وأذكر مرة جاءني جندي وقال لي: أنا مستغرب كيف استطعتم الصبر طوال هذه المدة! فالجنود كل ستة أشهر يستبدلون في المعسكر بالكامل، وهذا نوع من الذكاء العسكري، فالإنسان عبارة عن أحاسيس ومشاعر، وفي كل بلد تجد أناسا متعاطفين أو مؤمنين بحقوق الإنسان، وعندما يأتون بالجنود الجدد يقذفون الرعب في قلوبهم ويقولون هؤلاء إرهابيون محترفون وكلهم يلعبون ألعابا قتالية وفي مستوى عال من الذكاء والمكر لا تتعاطفون معهم.
كنت تجد الجنود في بداية وجودهم يبدوا عليهم الخوف الشديد منا حتى إذا أرادوا إعطاءنا شيئا ما يتعامل بحذر شديد جدا، وبعد فترة من الزمن يصبح كأنه واحد منا وهذا ينطبق على الكثير من الجنود، فيقول لنا أحدهم: سمعت أنكم إرهابيون ومجرمون، ولكن الذي رأيته خلاف ذلك، وعندما أرجع بلدي سأخبر أهلي ووالدي بما رأيت منكم.. فتجد كثيرا من الجنود غير راضين بالوضع القائم في غوانتانامو، حتى قال لي أحدهم والله لو كنت مكانكم لأصبحت مجنونا بعد ثلاثة شهور فقط مما تلاقونه..فكنت استغله بالدعوة وأخبره أن هذا تثبيت الله سبحانه وتعالى، وكل شيء بيد الله تعالى.
كان الجنود في بعض الأحيان يستغربون صبرنا ومكوثنا في غوانتانامو فهو مكان حار جدا ومليء بالأوبئة والحشرات والعقارب والثعابين، والعديد منا لدغ من حية أو عقرب ولم يكن مسموح لنا أن نقتل الثعابين أو العقارب، وهناك أيام في السنة تخرج علينا القباقب «سرطعون البحر» صغيرة ولونها برتقالي، فتخرج علينا بالملايين، والله اني نائم وفوق جسدي أكثر من ألف واحدة منهم، ولو دسنا أحدهم بأرجلنا فستنقلب رائحة المكان «زفرة»، ولا ينظفون المكان ولا يزيلون هذه القباقب فيستمر التعذيب النفسي لنا.
• عادل هل ارتكبت ضدك عقوبة معينة نتيجة لارتكابك فعلا معينا؟
- الزامل: منذ أول خمسة أيام قدمت فيها غوانتانامو وضعوني في سجن انفرادي في مكان حار، صندوق من حديد قياسه متران في متر، مغلق من جميع النواحي، وله فتحة واحدة والجو فيه حار جدا..
• والسبب؟
- الزامل: لا يوجد سبب نهائيا، فوضعوني في هذا المكان، ولم توجه لي أي تهمة أصلا عن أحداث 11 سبتمبر، فكل القضية والقتال الجاري إلى اليوم كلها بأسباب 11 سبتمبر، ونحن لا دخل لنا بتلك الأحداث، فلسنا ممن فجروا الطائرات ولسنا نتبع تنظيم القاعدة، ولا دخل لنا بأي شيء بتاتا.
والأسئلة التي طرحت علينا في أول الأيام فقط، تعرف أسامة بن لادن أو أيمن الظواهري أو فلان أو فلان، فقلنا لا، وانتهت الاسئلة.. ثم كان التحقيق المستمر بعد ذلك لا دخل له بالقاعدة أو بغيرها، بل كان عن تعدد الزوجات وعن القبائل عنزة ومطير وشمر وغيرهم، ومدى قرابتهم لبعض، وهل كندري يقرب للكندري الآخر، وعن الديوانيات الكويتية وأصحاب الديوانية والأحاديث التي عادة ما تقال في الديوانيات، وكلام كثير من هذا القبيل.. ولم توجه لنا أي تهمة بخصوص أحداث 11 سبتمبر، وكان مكوثنا طوال تلك المدة من دون تهمة.
• وكيف كانت حياتك داخل الصندوق؟
- الزامل: تركوني لمدة شهر داخل هذا الصندوق، والطعام دائما يكون قليلا جدا، ويوجد مرحاض في نفس المكان لقضاء الحاجة، والملابس بوليستر مئة بالمئة وهذا نوع من التعذيب النفسي الجسدي، والخبر ليس كالمعاينة والذي يحترق ليس كالذي يتفرج، وأحيانا يضيق صدري حتى أدعو الله أن يأخذ حياتي.
الهم الذي كنا نعانيه يدك الجبال، تخيل.. حرا شديدا، ولا يوجد علاج، وممنوع عليك الكلام، والله اني لما أستيقظ من نومي أجد الوسادة مملوءة بالماء من شدة العرق الذي نعرقه والحر الذي نعانيه.
وهناك فتحة صغيرة في الباب قياسها تقريبا 30 سم في 10 سم ليدخلوا منها الطعام، ووالله الذي لا إله إلا هو انني أقترب منه حتى آخذ النفس لضيق النفس الذي نعانيه، حتى أشعر أني أكاد أموت.
وبعد هذه العقوبة بشهر تقريبا أدخلوني في نفس الصندوق ولكنه بارد جدا، فيه فتحة سنترال، ودرجة الحرارة فيه تحت الصفر، ونزعوا عني ملابسي باستثناء شورت فقط، من غير فانيلا أو سروال وأنام على الحديد، حتى أشعر أني سأتجمد من البرد، وألعب رياضة وأقفز بالليل حتى لا أتجمد، ولا أستطيع النوم.
والغريب في الأمر أنهم حينما يستدعوني للتحقيق يسألوني أين أنت، من باب التعذيب النفسي، فأخبرهم أني في الانفرادي الفلاني فيقولون: من ذهب بك إلى هناك كأنهم لا يعلمون، وما يريدون إلا اللعب في نفسياتنا، ثم يسألوني عن فلان أو فلان، ويظنون أننا في غوانتانامو كلنا نعرف بعضنا البعض، وأنا شخصيا لا أعرف أحدا من الكويتيين الموجودين في غوانتانامو مسبقا إلا سعد العازمي كنت أعرفه قبل خروجي من الكويت. فكيف أعرف غيرهم!! وأكدت لهم أنني لا علاقة لي بأحد.
وهذا التعذيب لظنهم أننا نكذب، فيمارسون معنا ممارسات شرسة جدا.
• ألم تكن تعارضهم في شيء أو تستهجن فعلا معينا أو تقاومهم؟
- الزامل: أنا بطبعي هاديء جدا لا أحب المشاكل، فأحيانا يجلسوني في غرفة ويشغلون المسجل صوت الموسيقى بصوت عال جدا، ويتركوني لمدة ساعتين أو ثلاث، فيدخلون علي ويقولون منذ متى وأنت هنا، أجيبهم منذ فترة، فيقولون هل تريد الموسيقى أو تريدنا نطفيها فأجيبهم افعلوا ما تشاءون وما يحلو لكم. واليوم الذي بعده مباشرة يجلسوني ويشغلون الشيخ عبدالباسط بصوت عال جدا، ويتركوني ثلاث ساعات ثم يدخلون علي بنفس الطريقة فأقول لهم عندما يسألوني إن كنت أريد إغلاق المسجل أو تخفيض الصوت: افعلوا ما يحلو لكم «كيفكم»، فأنا مأسور وليس لدي كلمة، وأعرف أن ليس لدي حق، وأنا مربوط وأحيانا يجلسوني بطريقة تكسر الظهر وأنا أنتظر دخولهم علي.
وعند التحقيق يدخلوني غرفة باردة جدا، ويتركوني بالساعات، ثم يدخلون علي يحققون معي لمدة ساعة إلى ساعتين ثم يخرجون ويتركوني ساعتين أخريين، وهكذا لمدة ست إلى سبع ساعات. وعندما أصل العنبر أظل لفترة ويدي كأنهم متجمدتان، من شدة البرودة.
ومن أساليب التحقيق النفسي التي قتلتني قتلا وأثرت فيني كثيرا ولم يسبق أن قلتها لأحد لا وسائل إعلام ولا حتى لإخواني، ولا أنسى هذا الأمر أبدا، كان يأتيني شخص أميركي كبير بالعمر بالـ55 إلى 60 سنة تقريبا، نحيف، طوله مناسب ويعتبر طويلا، كان يأتيني بين فترة وأخرى وأول ما يدخل علي يقول لي: احفظ وجهي جيدا فلعلي أراك مرة أخرى، فيسألني إن كنت أعرف انكليزية فأقول له: أعرف القليل، فيقول أنت تتحدث جيدا، فأقول له: لا أعرف إلا القليل، فيبدأ بأساليب تعذيب أود الاحتفاظ بها في نفسي ولا أود ذكرها لأحد، فيبدأ بالتعذيب، وكلما يأتيني يقول لي نفس الكلام، وكان يضع ملصقا على اسمه، ولكن مرة من المرات سقط الملصق عن اسمه ورد ركبه، فكان اسمه يتكون من أربعة أحرف أو خمسة، لم أتمكن إلا من قراءة الحرف الأول والأخير، كان الأول حرف H والأخير حرف D، واسمه قصير، وكان يكرر علي عبارة: تذكر وجهي لعلي أراك مرة أخرى ثم يبدأ بالتعذيب.
وكذلك المحققة التي استمرت معي لمدة سنتين واسمها «ميغن»، وكانت تقول لنا: إذا لم تكونوا خائفين فلماذا تضعون كنى مثل أبو معاذ وأبو كذا؟ لماذا لا تذكرون أسماءكم الحقيقية؟ فقلت لها: أنتم كذلك لديكم كنى، فهي تزعم أن اسمها «ميغن» بينما اسمها الحقيقي «ماغي»، واكتشفت اسمها عندما نسيت هويتها مكشوفة، وعندما قدمت نحوي رأيت الهوية، وإلا ففي العادة فإنها تنزع الهوية أو تخبئها، ولم أقل لها أنني أعرف اسمها الحقيقي، ولم أقل لأحد إلا بعد وصولنا الكويت. فحتى المحققين أحيانا يخطؤون بالتحقيق بدلا من أن يقل «ميغن» قالت لك كذا، فإنه يقول «ماغي» قالت لك كذا، فيخطؤون في التحقيق.
وهذه المحققة كانت تأتي مع شخص يجلسان سويا، من أساليب التعذيب، فيقول لها أمامي: أنا معك نستطيع فعل المستحيل الذي لا تستطيع الاستخبارات الأميركية فعله، ونستخرج معلومات لا يستطيعون استخراجها، فتجيبه: أنا أعرف، بل أنا متأكدة من ذلك، ثم يبدأون بتعذيبي بطريقة أحتفظ فيها لنفسي.
وكانت دائما تدندن حول هذا الكلام، وكانت تقول للشخص الذي معها: أنا أثق بك ثقة جيدة وأنت صاحب مهارات، وتستطيع أن تحقق الذي لم تستطع الـ FBI والاستخبارات تحقيقه، فيقول لها نعم، وسترين الآن ما سنفعله، ثم يبدأون بالتحقيق معي، وهذا اسلوب رعب، فكانت هذه الطريقة تؤثر بنفسي جدا.


غداً...
جنود اميركان اسلموا على أيدي المعتقلين
وتفاصيل الإغراءات الجنسية

جهراوي 12-04-2007 10:48 PM

الطريق إلى غوانتانامو / (5)


تحقيق أجراه: سالم الشطي: الطريق من الكويت إلى غوانتانامو ومن غوانتانامو إلى الكويت لا تقاس بالمسافات.
هي طريق ملأى بمصاعب التجربة وصعوبة الذكرى.هذه اللقاءات التي نرويها على لسان أصحابها الكويتيين العائدين من غوانتانامو عادل زامل عبد المحسن الزامل مواليد 1963، متزوج من زوجتين ولديه 9 أبناء وعبد الله صالح علي العجمي مواليد 1978، متزوج وسعد ماضي سعد العازمي مواليد 1979،متزوج، سوف تغطي فترة الاعتقال وحتى الفرج والعودة إلى أرض الوطن وهي تروى بألسنة هؤلاء، وهم مستعدون للتعقيب والرد على أي استفسار قد يرد من القراء.
تفاصيل ذهابهم الى باكستان ثم الى افغانستان والعيش في ظل حكومة طالبان ثم الغزو الاميركي لافغانستان والقبض عليهم في باكستان مرورا ترحيلهم الى قندهار واستقرارهم بـ «غوانتانامو» وانتهاء بالافراج عنهم ورجوعهم الى الكويت. تنشرها «الراي» على حلقات يرى القارئ فيها ذلك المعتقل... من الداخل.
وإليكم التفاصيل:


جنود أميركيون أسلموا على أيدي شباب وهم تحت العذاب... لله الحمد
يستكمل اسرى غوانتانامو المحررين قص المعاناة التي عاشوها في المعتقل.
هل مارستم في معتقل غوانتانامو دعوة الجنود الأميركان إلى الإسلام؟ أو تعلمتم اللغة الإنكليزية منهم؟- العازمي: كثير من الاخوة الأسرى في غوانتانامو كانوا يجيدون اللغة الانكليزية، وكانوا يدعون الجنود الأميركان، وأسلم بعضهم ولله الحمد، وعندما علمت إدارة المعتقل بقيادة الجنرال ميلر أن بعض العسكر أشهروا إسلامهم فاستبدل الجنود بآخرين وحذرهم من فتح مجال الأسئلة الدينية مع المعتقلين أبدا، وأن هذا من اختصاص المحققين فقط، فلما جاء الحرس الجدد كانوا يرفضون مجرد الحديث عن الإسلام عندما كان بعض الاخوة يحاولون عرضه عليهم، ويقولون لنا: لو نفتح معكم هذا الموضوع سينقطع راتبي وأحاكم محاكمة عسكرية وقد أسجن من إثر ذلك، فأرجوك لا تفتح معي هذا الموضوع بتاتا.
أما تعلم اللغة الانكليزية، فكنا مهتمين بها منذ بداية اعتقالنا ونريد تعلمها وإجادتها، وأغلب الأسرى في غوانتانامو تعلموها، ثم تركنا الرغبة في التعلم بسبب أن الأميركان كان كلامهم دائما قبيحا جدا، فعندما تتحدث معه تجد كلامهم وخصوصا كلام الاستغراب عندهم كله فحش وكلمات «فك وتركيب»! وأظنك فهمت قصدي.. وأسميناها بذلك لنتجنب الألفاظ السيئة.. وهذا جعلنا نترك ونكره اللغة الانكليزية.. ونتعفف عن تعلمها، ومن الصعب علينا أن نتعلم من أناس بهذه السوقية والوقاحة في الألفاظ، وتوقفنا عن مخالطتهم والحديث معهم عن اللغة، ولكن لطبيعة الحال تعلمنا من اللغة الانكليزية ما نستطيع أن نطلب به أمرا ما، ونخاطبهم بالأمور السطحية البسيطة.
• سعد هل ارتكبت ضدك بعض العقوبات نتيجة لارتكابك فعلا ما؟
- العازمي: سألني مرة أحد المحققين سؤالا، فقلت له: منذ ثلاث سنوات وأنتم تسألونني نفس السؤال وأجيبه أما الآن فلن أجيب، فأتى بالمصحف، وكان طبعة مجمع الملك فهد، وفتحه من نصفه وبصق عليه أمامي، ثم أعطاه للمحققة «ميغن» وقال لها تصرفي به، فأمسكته وضربته بالحائط، ثم أشعلت سيجارتها وأطفأتها بالمصحف..
كيف كان شعورك وأنت ترى إهانة المصحف؟
- شعور محزن، وأحيانا أبكي من القهر، ولكننا أسرى لا حول لنا ولا قوة إلا بالله.
وماذا حصل بعد ذلك؟
- عندما أبديت اعتراضي ورفضي لإهانة المصحف، تم عقابي بالسجن عاريا لشهر وأحيانا أسبوعين، وأضطر بعدها للإجابة حتى لا يزيدوا في إهانتهم للقرآن الكريم.
ولو أسرد لك أنواع التعذيب نوعا نوعا لما انتهينا ولو بعد سنة، فالأميركان مارسوا جميع أنواع التعذيب معنا، سواء كان التعذيب النفسي أو الجسدي أو أي نوع آخر من أنواع التعذيب.
يقال ان الإغراءات الجنسية من أنواع التعذيب في غوانتانامو، فما صحة ذلك؟
- العازمي: نعم كانوا يمارسون معنا الإغراءات الجنسية كنوع من أنواع التعذيب، يأتون ببعض الساقطات في أميركا، أو اللواتي يعشن في أميركا من بعض الجنسيات العربية، مع الأميركيات ويضعنهن في المعسكر، فمتى احتاج المحقق إلى إغراء أحد المعتقلين أو الضغط عليه بالجانب النفسي فإنه يطلب إحداهن فتأتي وتعمل بعض الإغراءات للأسير، وهم يعلمون أن الشباب المسلم الملتزم يغض بصره عن النساء ويجتنبون فتن النساء، فكانوا يستغلون ذلك في التحقيق. يأتون بالساقطة في التحقيق وتتعرى أمام الأسير أو ترقص أو تلبس لبسا عاريا، أو تمسح الأسير، أو تأتي بكريم (..).
على سبيل المثال فإن المحققة «ميغن» التي كشف اسمها عادل الزامل، كانت تحقق معي فترة طويلة وتجلب معها الساقطات منهن عربيات ومنهن أميركيات، وهي نفسها تفتح صدرها وتقول انظر إلى صدري ما رأيك به؟ هل هو جميل؟ على سبيل المثال.. وأحيانا تلبس «شورت» وتضع رجلا على رجل، وتقول انظر إلي وخذ الأمر طبيعي، فأنتم تفهمون الدنيا والحياة بصورة خاطئة، وتحاول أن تشد الأسير بالقوة إذا غض بصره، فتأمره بالنظر إليها أو إدخال قوات مكافحة الشغب لضربه.
وفعلا في أحد الأيام، وكان يوما مؤسفا، جاءت «ميغن» ومعها أميركيتين كن شبه عاريتين، فقالت عليك أن تختار إحدى هاتين المرأتين الفاتنتين، وهما متمرستان بالجنس، لهما باع في كذا وكذا، ويقلن لي انظر إلينا، بينما كنت أغض بصري وأنا مقيد اليدين والبطن مع الرجلين المربوطتين بالأرض ما يعيق حركتي أصلا، فتأتي إحداهما لترفع رأسي بعد أن كنت مطأطأ الرأس، وتقول انظر إلي، ومعها مترجمة من إحدى الدول العربية، فتقول لي انظر إليها ولا تخف، اعتبرها مثل اختك وانظر إليها، وبدأت إحداهن تنزع عنها لباسها، ويريدونني أن أنظر إليها وهي تنزع ملابسها، فضحكن مع بعضهن البعض، فقالت «ميغن»: لا.. هو يحبني أنا أكثر، فقامت «ميغن» الساقطة، وهي ضابطة في البحرية الأميركية، تتعرى وتكشف صدرها وتقول لي: سنعمل معك هكذا حتى تحلق لحيتك وتنام مع النساء هؤلاء وتصبح حياتك عادية جدا، ولكن ولله الحمد الذي ربط على قلوبنا في غوانتانامو، ولم نسمع أن أحدا من الأسرى مارس معهن الجنس، وذلك من فضل الله تعالى.
والغريب أنهم كانوا يجلبون معهن بعض الجنسيات العربية، ويتعرين بنفس الطريقة، ويمارسن نفس ما تمارسه الساقطات الأميركيات، حتى بإهانة المصحف الشريف، ومنعنا من الصلاة.
- العجمي: في أول يوم من أول رمضان أمضيناه في غوانتانامو، كان بجانبي أحد الأخوة، أسأل الله أن يفرج عنه، وهو سعود الجهني من جدة، أخذوه للتحقيق في أول يوم من رمضان، ودخلت عليه ضابطة أميركية سوداء، أسأل الله أن ينتقم منها، ومعها عسكري، وبدأوا يغرون أخينا، وهي تأخذ الدهان وتمسح على جسده، بحجة أنها تريد تدليكه، وبدأت بإغرائه، وكان الأخ يقاومها ولكنها تصر، فاحتار ماذا يفعل إلى أن فكر أن يبصق في فمها، فلما قربت فمها عند فمه تريد منه تقبيلها، بصق في فمها، فمن قهرها منه أمسكت رأسه وضربته بالحديد الموجود بالأرض، ثم دخلوا عليه قوة الشغب وأوسعوه ضربا، حتى كسرت بعض أسنانه، وفي المرة الثانية دخلت عليه الضابطة السوداء مرة أخرى، ولا حيلة له، فاستعان بالله وبدأ يقرأ آية الكرسي وآخر آيتين من سورة البقرة والمعوذتين ثم ينفث عليهم، وهو يحدثني شخصيا يقول: والله الذي لا إله إلا هو أنهم لم يستطيعوا تحمل ذلك ويأمرونه بالتوقف عن ذلك ويضعون أصابعهم في آذانهم، حتى هربوا من عنده بفضل الله تعالى.
وهناك أخ سوري اسمه يعقوب، حافظ القرآن، دخلت عليه محققة أميركية تريد إغراءه لأنه كان لا يتكلم أثناء التحقيق معهم بأي كلمة، لأنه كان يخاف أن تصدر عنه كلمة قد تكون سببا في هدم الإسلام أو إلحاق الضرر بالمسلمين، فبدأت تغريه، فجلس يبكي ويدعو الله عز وجل، حتى انفك القيد من يده، فهربت كالفأرة، وخرجت من غرفة التحقيق واستدعت قوة الشغب، فضربوه وأسقطوه على الأرض ثم ثبتوه على الكرسي، وأتت الخبيثة فتعرت عن ملابسها، ووضعت يدها في فرجها ثم وضعت الحيض على وجه أخينا، أكرمكم الله، وهو لايزال موجودا هناك، نسأل الله أن يفرج عنه.
• طيب ماذا كان الهدف من هذه الإغراءات الجنسية لمعتقل يعدونه عدوا؟
- العازمي: الأصل فيها رغبتهم أن نترك ديننا وننفتن عنه، كما قال تعالى « ودّ الذين كفروا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء»، فيريدون منا الردة عن الدين وملة محمد صـلى الله عليه وسلم، ويريدوننا أن نتخلى عن مبادئنا الأخلاقية..
يعني ليس لجلب معلومات منكم؟- العازمي: الأصل أنهم يريدون المعلومة، ولكنهم في نفس الوقت يريدون الأسير مثلهم كما قيل (ودت الزانية لو أن كل النساء زنين)، فالأميركان شعب ساقط منحط بلا أخلاق ولا مبادئ ولا قيم، والله أعلم.
هل قابلكم الوفد الكويتي الذي ذهب إلى غوانتانامو؟ وماذا حصل معهم؟
- العازمي: قابلنا مرتين، الأولى كانت في بداية الأسر، والمقابلة الثانية بعد تقريبا ثلاث سنوات من الأسر، حققوا معنا هناك بعض التحقيقات، ووجه لنا التهم التي وجهها لنا الأميركان، وأخذ منا بعض المعلومات ومضى.
- الزامل: كانت مقابلة الوفد الكويتي معنا شبه سطحية، جلب لنا رسائل من أهلنا، وأخذ منا رسائل لهم، ويبدو أنهم كانوا يتفاوضون مع الأميركان حول كيفية استلامنا، وجلب لنا سلامات أهلنا، وأخذ أخبارنا لهم، وأتونا هم مرتين، في السنة الثانية والثالثة على ما أظن.. قالوا لنا بقرب الإفراج عنا، وأهل الكويت ينتظرونكم، ونحن مشتاقون لكم، وسيكون الفرج قريبا، ولا تخافون، ومن مثل هذا الكلام، وقالوا لنا أنهم سيخرجون منا ليذهبوا إلى واشنطن العاصمة للمطالبة بالإفراج وكتابة عقود الاستلام لنا، وكيفية الاستلام. وأخبرونا أن الحكومة الكويتية مازالت تسعى مع الخارجية الأميركية من أجل فك الأسر.

جهراوي 14-04-2007 12:45 AM

• ألم تطالبوهم بشيء ما؟
- العازمي: لا، لأننا لا نعلم أنهم لا يملكون أي شي.
-الزامل: كانت الجلسة قصيرة ومحدودة، ولم نتمكن من شرح ما نتعرض له هناك، وسألونا إن كنا نريد شيئا أو وصية لأهلنا بشيء.
• هل كنتم تعلمون أخبار ما يجري في الخارج؟ ضربة العراق وغيرها من الأحداث؟
- العجمي: لم نكن نعلم ما يدور حولنا، إلا أن الله سخر لنا بعض الجنود هناك فكانوا يخبروننا ببعض ما يحصل في الخارج، ونلتقط بعض الأخبار أثناء حديث الأميركان مع بعضهم البعض. وكان بعض الجنود يأخذ منا رسائل سراً ويرسلها إلى أهلنا من دون علم إدارة السجن، وبعضهم أسلم على أيدينا بفضل الله تعالى. وبعضهم أسلم على يد أخينا فؤاد الربيعة فك الله أسره.
- العازمي: الأميركان كان مكتمين علينا الأخبار فلا نسمع منها شيئا أبدا، ولما خرجنا من غوانتانامو استغربنا الأحداث التي حصلت وتحصل في العالم، ولا نعرف أي شيء حتى أخبار أهلنا التفصيلية لم نكن نعرفها.


غداً...
لماذا مارس المحتجزون الاضراب في غوانتانامو؟ وما صحة حالات الانتحار بينهم؟


الطريق إلى غوانتانامو / (6)



إضرابنا كان احتجاجاً على إهانة الأميركان للمصحف واستهزائهم بالصلاة وتعذيبهم لإخواننا المحتجزين
• كيف علمتم بقرب الفرج عنكم؟ ولماذا أنتم دون البقية من الكويتيين؟
- الزامل: لم أعلم عن خبر الإفراج عني إلا قبل خروجي بساعة واحدة، ويتعمد الأميركان تعذيبنا نفسيا إلى آخر لحظة إن استطاعوا. قبل خروجنا بساعات نقلونا من عنبرنا إلى عنبر آخر، فجلسنا ننظر إلى بعضنا البعض ونحن نجهل مصيرنا، ثم أخبرونا أننا سنسافر ولم نصدقهم في الحقيقة، وحتى لما صعدنا الطائرة، لم نصدق إلا عندما طارت الطائرة. فلم يخبرونا إلا في الساعات الأخيرة فقط.
ولا نعلم سبب الإفراج عنا دون غيرنا وهو في علم الغيب، فالسياسة الأميركية غير واضحة المعالم وأفعالها غير مبررة الأسباب، وأستغرب من الاستراتيجية الخاطئة التي تنتهجها الإدارة الأميركية في غوانتانامو حيث أفرجوا عني مع أنني مؤسس ومدير منظمة «وفاء» للأعمال الإغاثية في كابول، بينما باقي أعضاء ومدراء المنظمة وهم: عبدالله المطرفي، وجمال محمد مرعي، ودكتور أيمن با طرفي، مازالوا رهن الاعتقال، فأنا المؤسس خرجت بينما هم مازالوا هناك، مما يثير الاستغراب من هذا التخبط في الحقيقة!
- العجمي: علمت بخروجي من غوانتانامو عندما طارت الطائرة، ولم أكن أثق بالأميركان، لأنهم كرروا بعض هذه المواقف والمقالب مع بعض الأخوة، فكانوا يأخذونهم ويضعونه في الطائرة ويوهمونه أنه سيفرج عنه، ثم يقولون له انزل كنا نمزح معك. فكنت في عنبر دلتا وهو عنبر السحرة، بتأثير الإبر والحبوب، وعندما خرجت إلى الطائرة كنت تعبان نفسيا ولا أستطيع التركيز، وعندما كان يكلمني بعض الأخوة كنت شارد الذهن خائر القوى.
- العازمي: أنا حالي كحال الأخوة، ولم نكن نصدق الأميركان لكثرة كذبهم ومقالبهم وسخريتهم من الأسرى.
هل تعلم لماذا تم خروجكم على دفعات ولم يكن خروجكم سوية دفعة واحدة؟
- لا والله لا نعلم، فهذا أمر يرجع لهم ولا نعرف الآلية المتبعة في ذلك.
هل كنتم في طريق العودة إلى الكويت بطائرة عسكرية أميركية؟
- الزامل: لا.. طرنا من مطار غوانتانامو طائرة كويتية خاصة بوزارة الخارجية الكويتية، يقال انها خاصة بسمو الشيخ صباح الأحمد، وهي صغيرة بالكاد تكفي لعشرين شخصا أو أقل. وأسجل شكري لسمو الأمير على هذه البادرة بإرسال طائرة تنقلنا إلى أرض الوطن.
كيف كان تعامل واستقبال طاقم الطائرة الكويتية لكم؟ وكيف كان شعوركم أول ما ركبتم الطائرة الكويتية؟- الزامل: لم نصدق أنفسنا ونحن نركب الطائرة الكويتية، كأنه حلم، فقد كنا نظن لن نخرج من غوانتانامو إلى الأبد، وكان يتملكنا شعور لا أستطيع وصفه.
وكان استقبال الوفد الكويتي لنا في الطائرة أكثر من ممتاز، وكادوا يطعموننا بأيديهم من شدة حفاوتهم بنا.
- العجمي: الله تعالى هو الذي أخرجنا من ذلك المكان وله الفضل والمنة، فإنما أمره إن أراد لشيء أن يقول له كن فيكون، وهذا يومنا المكتوب لنا، لم نكن نثق بالأميركان، وعندما صعدت الطائرة لم أكن واثقا من خروجي، وكنت متعبا نفسيا غير قادر على التركيز، ولكن كنت أشعر أنني في طائرة، وقالوا اننا ذاهبون إلى الكويت، ولم أفق إلا وأنا في المستشفى العسكري.
- العازمي: بعدما رأينا الطائرة الكويتية بشعارها، وصعدنا إليها ورأينا الوفد الأمني، لم نتأكد بأنها حقيقة إلا بعد طيرانها، وهذا فضل الله تعالى، وكان استقبالهم طيب لا بأس به، ووصلنا إلى الكويت بحمد الله تعالى.
لوحظ في بداية وصولكم إلى الكويت وبعد الإفراج عنكم عدم تصريحكم لوسائل الإعلام المختلفة، فهل كان ذلك بتوجيه من الأميركان أم من السلطات الكويتية أم من عند أنفسكم؟- الزامل: عدم تصريحنا في وسائل الإعلام كان من عند أنفسنا، ولكن في الآونة الأخيرة وبعد طلب من أخينا الكبير خالد العودة رئيس لجنة أهالي معتقلي غوانتانامو أن نتحدث عن الأسر في ذلك المعتقل وانتهاكات حقوق الإنسان فيه، نصرة للكويتيين الأربعة الباقين هناك، حتى يخرجوا منها، ولا بد أن يعرف العالم أجمع عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تحصل في هذا المعتقل، ولا بد أن نبين للناس حتى يكون هناك ضغوطات وخصوصا مع موسم ذكرى غوانتانامو السنوي، حيث تتحدث كل وسائل الإعلام عن ذلك، ولعل لقاءنا هذا يشكل ضغطا على الحكومة الأميركية حتى تفرج عن باقي إخواننا المأسورين، فك الله أسرهم.
قبيل خروجكم مارس بعض المعتقلين في غوانتانامو ومنكم من مارس معهم الإضراب عن الطعام، ورفضوا رفضا قاطعا تناول الطعام، فما سبب هذا الإضراب؟ وما قصته؟- الزامل: أغلب الإضرابات التي حصلت في غوانتانامو بسبب إهانة القرآن العظيم المستمرة بين فترة وأخرى، وما وجدنا وسيلة ولا سبيل لإيقاف تلك الإهانة إلا بالإضراب الذي لا نملك سواها بعد الله سبحانه وتعالى، فاجتمع الاخوة على رأي الإضراب عن الطعام لعله يكون رادعا لاهانتهم المصحف وحتى يكفوا عن تلك الإهانة، وأغلبها لإهانة المصحف، وبعضها كان بسبب تعذيب الأخوة حيث يؤخذ بعضهم إلى السجن الانفرادي لمدة ثمانية أشهر، وبعضهم يعذب لا نعلم أين نقل وأين أخذوه، فنضرب كنوع من المطالبة بإرجاع الأخ لنا مرة أخرى. وبالنسبة لي لم أضرب عن الطعام نهائيا، أما الأخ عبدالعزيز الشمري فهو أكثر واحد من الكويتيين إضرابا عن الطعام حيث استمر لأكثر من 90 يوما، وأضرب فترة أخرى 90 يوما أخرى، وأعرف أخا فلسطينيا أضرب ما يقارب أربع سنوات، منذ إلقاء القبض عليه إلى آخر لحظة خرجت بها من هناك، والأخ سعد العازمي كذلك شارك في الإضراب.
- العجمي: شاركنا بالإضراب بسبب إهانة المصحف الكريم والاستهزاء بالصلاة وتعذيب الاخوة، حتى أنهم يستمرون في غرفة التحقيق لأكثر من يومين من دون طعام أو راحة، وكانت الإضرابات نوعا من الانتصار عليهم بفضل الله تعالى، أثرت عليهم، فلبوا مطالبنا وأعادوا اخواننا.
- العازمي: الإضراب كان أغلبه بسبب إهانة القرآن الكريم، وكان فترة معينة لأيام، وشاركت في أحد الإضرابات، حتى يتركوا إهانة القرآن، ووعدنا الأميركان إن فكينا الإضراب بعدم إهانة القرآن مرة أخرى، ففعلنا، ولكنهم عادوا وأهانوا القرآن الكريم.
• ما خشيتوا على أنفسكم الهلاك؟
- العجمي: الموت بيد الله، ولم نكن نخشى إلا الله، فنحن نحتسب الأجر أن ننصر إخواننا، ونرفع الظلم.
- الزامل: من المعلوم أن الإنسان لو أضرب عن الطعام 40 يوما وأكثر من ذلك فلا يصيبه شيء، أما الماء فسيهلك إذا استمر أكثر من 7 أيام، وأظن بعض الأخوة كان يشرب القليل من الماء، أما الطعام فلا، حتى يصبح بعضهم كأنه هيكل عظمي.
أظن أن السلطات الأميركية لا تدع المضرب يموت، فتزوده بالمغذي، أليس كذلك؟
- الزامل: بعد إضراب الأخ لمدة معينة، وبمجرد أن يسقط مغشيا عليه يكاد يموت، فإنهم يضعونه على سرير مربوط اليدين والقدمين، ويضعون في أنفه «هوز» بلاستيك أو «بايب»، ويستخدمون حتى في هذه اللحظة الحرجة التي يعيشها الأسير يسعون لإيذائه قدر الإمكان فيضعون أنبوبا كبير الحجم في أنفه، ليؤلمه عند الدخول وعند الخروج، حتى لا يضرب مرة أخرى.
• وما صحة حالات الانتحار التي نشرت بعض وسائل الإعلام عنها؟
- الزامل: الانتحار لم أره بنفسي، ولكن وانا في الكويت سمعت عن الحالات الأخيرة التي قالوا إنهم انتحروا ولكن الأميركان هم الذين قتلوهم، بحسب ما نقل لنا من الاخوة الذين جاؤوا لاحقا.
وقد كنت هناك عندما زعموا أن الأخ مشعل مدني حاول الانتحار بشنق نفسه، ولكن هذا غير صحيح إطلاقا، لأنه كان في سجن انفرادي اسمه «انديا» ولا يمكن داخل السجن يتعلق بشيء ليشنق نفسه به، فهو عبارة عن صاجة من حديد مغلقة، وحقيقة الأمر هو أنهم أهانوا المصحف الشريف ما أدى إلى استهجان واستنكار أخينا مشعل فأدخلوا عليه قوة مكافحة الشغب، وكنا نسمع ضربهم له، وحدثنا الأخ الذي كان في الزنزانة المقابلة لزنزانة مشعل أنه لما أعطوه الطعام فتحوا له الفتحة الخاصة بالطعام فرأى زنزانة مشعل مليئة بالدماء حتى شمعها الأميركان بالشمع الأحمر بعد خروجه منها، ونقلوه إلى المستشفى حيث مكث لمدة سنتين فاقد الذاكرة، وعندما خرج كان لا يستطيع الحركة إلا على كرسي، وكان نطقه ثقيلا حيث رأيته بأم عيني، وزعموا أنه حاول الانتحار، ثم أفرجوا عنه وهو الآن في المدينة المنورة على كرسي وينسى كثيرا من ذاكرته

جهراوي 16-04-2007 04:39 AM

• ما أسماء الكويتيين المعتقلين في غوانتانامو الذين خرجوا والذين مازالوا هناك؟
- الزامل: الاخوة الذين مازالوا هناك هم: فؤاد الربيعة، فائز الكندري، فوزي العودة، خالد المطيري، نسأل الله أن يفرج عنهم، أما الذين تم الإفرج عنهم فهم: عادل الزامل، سعد العازمي، عبدالله العجمي، محمد الديحاني، عبدالعزيز الشمري، ناصر المطيري، عبدالله كامل، وعمر رجب.
• هل كنتم ترون بعضكم أو تلتقون هناك؟- لا يوجد لقاء هناك، بل بعض الكويتيين لم أرهم على الإطلاق، خلال أربع سنوات، ورأيت بعضهم أثناء الانتقال من كامب إلى كامب، أو سجن إلى سجن، فالمعسكر يتكون من 10 عنابر، والعنبر فيه 48 زنزانة انفرادية، بينها أشباك يمكننا رؤية بعضنا بعضا منها. أو على الأقل نسمع بعضنا بعضا.
وكنا نسمع عن بعضنا من خلال الأسرى الآخرين، أما الأسماء والعدد بالتحديد فعرفناه من خلال التحقيق معنا، حيث يعرضون أسماء الكويتيين لينظروا إن كنا نعرف بعضنا أم لا!
• بعد الوصول إلى الكويت، ودخولكم المستشفى العسكري، كيف كانت أجواء المستشفى؟
- الزامل: بصراحة كانت الأجواء أكثر من ممتازة، حيث الهدوء، يكفي أننا نستطيع إطفاء الأنوار بأيدينا الأمر الذي حرمنا منه أربع سنوات، والسلطات الكويتية قامت مشكورة بالموافقة على زيارة أهلنا لنا في أول دقيقة وصلنا بها إلى المستشفى العسكري، ورأينا أهلنا، في شعور لا يوصف، وعندما دخلوا علي بعض الصغار من أقاربي لم أعرفهم بعد بلوغهم، وكذلك بعض أقربائي لمضي فترة طويلة جدا عنهم.
وسمحوا بالزيارة لجميع أهلنا في الأيام الأولى، ثم منعوهم باستثناء أهالينا من الدرجة الأولى، واتخذوا لنا الفحوصات كاملة عن أمراض الايدز وغيره والعلاجات، لأننا في غوانتانامو تعرضنا لضرب حقن لا يعلم بها إلا الله، لانعلم عددها ولا أضرارها ولا حتى طهارتها من الجراثيم والمايكروبات، وعملوا لنا فحصا عاما شاملا للجسم كله، ثم نقلونا إلى السجن المركزي حتى تتم المحاكمة.
هل كنت مصابا بشيء قبل دخولك المسشفى؟- الزامل: دخول المستشفى لم يقتصر علينا، وإنما حتى الدفعة التي قبلنا والدفعة التي بعدنا دخلوها، وذلك لمجرد الاطمئنان على صحتنا وسلامتنا من الأمراض.
عبدالله.. كيف كان وضعك في المستشفى وشعورك عند أول لقاء مع أهلك؟
- العجمي: كنت أشعر أنني في حلم، وعملوا لنا فحوصات روتينية، ولم يقصروا معنا فمعاملتهم كانت جيدة، وعالجونا من بعض الأمراض التي كانت بنا. وجلسنا أسبوعين ثم ذهبوا بنا إلى السجن المركزي.
وعندما التقيت بأهلي لأول مرة بعد أربع سنوات إلا شهرين في يوم العيد كنت فرحا جدا، ولم أتمالك نفسي من البكاء، فبعد الغربة والعذاب، كنا نذكر أننا لدينا أهل ولكن لا نراهم ولا نحدثهم ولا نعرف أخبارهم، نسينا بعض أشكالهم، ونسيت أسماء أبناء عمي وبعض أقربائي، فالصغير كبر، وشعور عظيم عندما ترى أهلك، الوالد والوالدة.
• سعد ؟- العازمي: شعوري عند لقاء أهلي لأول مرة شعور شخص فارق أهله أربع سنوات، وكانت فرحة كبيرة لا توصف، ولله الحمد، أما تعامل المستشفى العسكري فكان طيبا جدا، وأجروا لنا الفحوصات وجميع التحاليل حتى ينظرون إن كان ثمة تأثير من أثر الإبر التي كان يجبرنا الأميركان على أخذها، واحتمالية نقل الأميركان لنا بعض الفايروسات، وتبين بحمد الله أننا سليمين.

غداً في الحلقة الأخيرة...
ماذا سيفعل المحررون لو رأوا أميريكياً في الشارع؟
وما شعورهم تجاه الكويت؟

الطريق إلى غوانتانامو / (7)


انتماؤنا للكويت لا نقبل المزايدة عليه ومساعي الحكومة واضحة لا ينكرها إلّا مجادل
بعد المستشفى ذهبتم إلى السجن المركزي! ألم يحقق معكم جهاز أمن الدولة؟ وكيف كان؟
- العجمي: التحقيق كان إجراءات روتينية لا أكثر، وكان في المســــتشفى، فسجلوا أسماءنا وسألونا أين ذهبتم وماذا حصل معكم.
ألم يمارسوا معكم التعذيب أو الضرب• مثلا؟- العجمي: لم يمارسوا معنا شيئا، بل كان التعامل راقيا.
وماذا عن عادل وسعد؟- الزامل: تحقيق أمن الدولة طبيعي جدا، مجرد سؤال وجواب، بأسلوب راق، ولهم حق في إجراء هذا التحقيق، وكانت الأسئلة عما إذا كنت ذهبت إلى أفغانستان، وعما جرى، ولم يكن ثمة إيذاءا نفسيا ولا معنويا ولا جسدي، بل المعاملة كانت ممتازة بالحقيقة.
- العازمي: سبق ان تعاملت مع أمن الدولة قبل ذهابي إلى غوانتانامو، ولكن تعاملهم الأخير بعد عودتنا من هناك تغير تماما للأحسن، واستقبلونا استقبالا طيبا.
عادل الزامل.. بصراحة بعد كل ما حصل لك، كيف ترى دولة الكويت وانتمائك وحبك لها، وهل ترى أنها قصرت معك أيام أسرك في غوانتانامو ؟- الزامل: الكويت قامت مشكورة ولها مساعي واضحة جدا، ولا أقول ذلك مجاملة أمام الصحافة، ولكن النبي صـلى الله عليه وسلم يقول «لا يشكر الله من لا يشكر الناس».
ولو قدم عدوي لي خدمة فلا بد أن أشكره، فكيف بالكويت، والكويت أحبها فهي وطني مهما حصل، كنت في سنة من السنوات أسافر إلى أوروبا مع المنتخب في عز الصيف ونحن في ألمانيا وسط الجو الجميل، نشتاق لـ «قيظ» الصيف هنا بالكويت، أشتاق لغبارها ورطوبتها، ولا شك أنني أحب بلدي، أما معاملة الحكومة ومساعيها كانت واضحة، لا ينكرها إلا مجادل، وأقول لها شكرا.
ما رأيك بمن يرى بكفر الحكومة ويقوم بعمليات إرهابية داخل الكويت بحجة قتال الأميركان؟
- الزامل: لا أؤيد هذا العمل إطلاقا، ولا أعرف الآن معنى التكفير، فالتكفير أصبح يطلق اليوم على كل إنسان يخالفك منهجيا، فحتى الأميركان أصبحوا يتحدثون عن التكفير وهم أصلا كفار!! فما معنى التكفير وما ضوابطه، ولكن العمليات داخل البلاد كالتي حصلت في الكويت أنا لا أؤيدها نهائيا. ولا حتى تكفير الحكومة، ولو قصرت ولو ادعي علي أنني أكفر الحكومة فهذا كلام باطل ولا ينسب إلي، ومن ينسبه لي فليأت بالدليل والبرهان.
وماذا عنك يا عبدالله؟- العجمي: أنا ما زلت مظلوما إلى الآن، فأنا من جماعة الدعوة والتبليغ في صبحان، وظلمت ظلما عظيما لا يعلم به إلا الله، وعندما رجعت إلى هنا، حكم علي بحكمين وباقي الحكم الثالث، فالكويت بلدي التي ولدت بها وأنا منها، ولكن لا بد أن ينصفونني وينصفون كل أخ مظلوم، فأنا ظلمت من الأميركان وسجنت أربع سنوات من دون ذنب، فأنا أطلب منهم أن ينظروا في الحكم الثالث الذي سيصدر قريبا.
ما نوعية الظلم الذي وقع عليك؟- العجمي: اتهامهم لي أنني مقاتل ولم أقاتل أصلا، وأنا خارج بكفالة الآن، فأريد منهم الإنصاف، ثم نتفاهم بعد ذلك بإذن الله.
وكيف ترى انتماءك للكويت بعد الأحداث؟- العجمي: الكويت بلدي، فكيف لا أحبها أو لا أنتمي لها؟ وأحب شعب الكويت بشكل عام.
ما رأيك بالعمليات المسلحة كأحداث أم الهيمان ومبارك الكبير؟ والعمليات ضد الحكومة وضد الأميركان الموجودين هنا؟- العجمي: كما سبق أن قلت أنني من جماعة الدعوة والتبليغ، ونحن لا نتحدث في أمور السياسة والمذاهب وغيرها، فلا أحب أن أجيب عن مثل هذا السؤال.
• وماذا عنك يا سعد؟- العازمي: أنا كويتي وانتمائي ولا يشكك أحد في انتمائي وحبي للكويت، أما وقفة الحكومة معنا، فعندما عدنا من هناك ووصف لنا أخونا الكبير ووالدنا أبو فوزي خالد العودة، جزاه الله خيرا على وقفته، فأخبرنا عن تعاون الحكومة إلى أبعد الحدود معه، ووقفته ووقفة الحكومة معه، وكيف كانت الحكومة الكويتية تهتم بالمواضيع التي يطرحها أبو فوزي، فلا شك أن هذا موقف طيب منها تستحق الشكر عليه.
أما بالنسبة للأحداث التي ذكرتها، فنحن جئنا بحمد الله بعد الأحداث، فلم ندرك شيئا منها، ولا بحثنا عما جرى ولا عن الأسباب، ولا نعرف عنها شيئا إلى هذه الساعة.

جهراوي 16-04-2007 04:43 AM

الآن وبعد كل ما جرى لكم في غوانتانامو، كيف ستكون ردة فعلك عندما ترى أميركيا مارا في الشارع؟- العازمي: أظن أنني أقرب شخص يسكن بجانب الأميركان، فأنا أقطن بالدوحة، بجانب المعسكر الأميركي، وكنت أراهم قبل الأسر وبعد العودة، ومازالوا موجودين عندنا في المنطقة، وأنا أسكن في بيت في وسط المنطقة، وفي أطراف المنطقة البيوت التي على الشارع يسكن فيها الأميركان، ونراهم «رايحين رادين» ويأتون إلى المطعم القريب من بيتنا، ونراهم كل يوم وما عملنا شيئا، وهذا إن دل فإنما يدل على أن اعتقالنا طوال الأربع سنوات هذه كان ظلما بينا، والتهم التي كانوا يوجهنها لنا الأميركان بأننا قتلنا أميركان أو قاتلناهم أو نبحث عنهم لقتلهم، كلها تهم ظالمة وباطلة، فهاهم بجانب منازلنا لم نقتلهم ولم نتعرض لهم.
- الزامل: في كل يوم أرى أميركيا، وليس لي أي شأن به، وأعلم أن الأميركان هنا لا دخل لهم في الأميركان في غوانتانامو، وليسوا هم المحققين في غوانتانامو حتى أعتدي عليهم، ولو أنني أحمل حقدا على الأميركان، وعلى أقل الأحوال أحمل حقدا على المحققين الذين فعلوا ذلك، أما الأميركان الذين يسرحون ويمرحون هنا فلا دخل لي بهم، ولو كنت أريد عمل شيئا لاستغليت الفرصة منذ عودتي إلى اليوم، فالأميركان يوميا يسيرون في شوارعنا، ولكن أقولها من دون خوف من أحد أنا لا أحمل فكر الاعتداء على الأميركان وغيرهم، وليس كل أميركي له دخل بالآخر، مثل أحوالنا ككويتيين منا الملتزمون ومنا عوام الناس ومنا الليبراليون، واليساريون.
وهناك أميركان ينتهكون حقوق الإنسان، وهناك أميركان مع حقوق الإنسان، وهناك أميركان يرفضون أصلا دخول العراق.
وأهم أمر يشغلني الآن هو أن أعيد حياتي، فبعد غوانتانامو ضاع شملنا والدنيا تشتت من حولنا وقد لا أتمكن من الشرح لك، ولكن الواحد منا يحاول أن يستعيد حياته مرة أخرى، وينسى الذكريات الأليمة التي كانت في غوانتانامو، فما جرى خلال الأربع سنوات ليس بالأمر الهين، وخصوصا أنني متزوج جديد، ومقبل بإذن الله على ذرية جديدة، فأريد تغيير حياتي ونسيان الماضي كله.
- العجمي: إذا رأيت أميركيا يمشي في الشارع فإنني أتذكر قول الله تعالى « ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه».. فإذا كان هؤلاء سفهاء فلم أنظر إليهم، وقد أعزني الله بالإسلام، لا أنظر إلى من هو تحتي، وإنما أنظر إلى من في مستواي أو أعلى مني. لن أنظر إليهم أصلا بل سأعرض عن الجاهلين، فهم جهال بجعلهم لله ندا وولدا، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. ونحن المسلمين مسالمين لا نتعرض لأحد، إلا إذا اعتدى علي بعرض أو شيء لا قدر الله فإنني سأعتدي عليه بمثل ما اعتدى علي « فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم»، ولكن مجرد مروره بالطريق لا يعني لي شيئا.
هل تودون إضافة شيء في ختام اللقاء؟- العجمي: حبيت أذكر أخونا الكبير وعمنا أبو فوزي جزاه الله خيرا، فالعمل الذي قام به جبار، وأسأل الله أن يتقبل منا ومنه ويثيبه على هذا العمل العظيم الذي سعى له، حتى أن الأخوة جميعا في غوانتانامو يدعون له ويذكرونه باسمه بالخير، فهو قد ضحى بوقته وماله وجهده في سبيل هذه القضية، ونسأل الله أن يـتأسى أهل الكويت والناس جميعا بهذا الرجل، والعمل على فك أسرى غوانتانامو، فبيض الله وجهه وجزاه الله خيرا، وأسأله تعالى أن يجعل ذلك في ميزان حسناته.
وأوصي الناس الذين اغتروا بالأميركان عبر وسائل الإعلام ألا يرون إخوانهم تنتهك أعراضهم ويقتلون في الأسر، ومع ذلك يقومون مع الأميركان على إخوانهم المسلمين، فأوصي إخواني بحديث «فكوا العاني» وحديث «من فك العاني فأنا ذلك العاني» فسيسأل جميع المسلمين عما يجري لإخوانهم في الأسر، نسأل الله أن يفرج عنا وعن جميع إخواننا، والله المستعان.
- الزامل: أشكر كل من كانت له مساعي واضحة لخروجنا من معتقل غوانتانامو وعلى رأسها سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، والشكر موصل للحكومة الكويتية، وأخينا الكبير خالد العودة، وأهيب بالحكومة الكويتية وكل من يستطيع أن يعمل ولو القليل من أجل إخراج إخواننا الكويتيين الباقين من معتقل غوانتانامو، وألا ننسى باقي إخواننا هناك فيموت هذا الحدث، فأنا أناشد الحكومة الكويتية أن تكثر وتستمر – وهي مستمرة بالفعل – على إخراج إخواننا الأسرى في غوانتانامو بأسرع وقت.

جهراوي 25-04-2007 12:17 AM

قال صلى الله عليه وسلم " من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم "

جهراوي 26-05-2007 11:49 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

. الحلقة الأولى1/4 . عادل كامل عبدالله يتذكر الحلقة الأولى1/4 . عادل كامل عبدالله يتذكر
التعريف

الاسم عادل كامل عبدالله، أبلغ من العمر 41 عاماً. ولدت ونشأت في فريج العمامرة بالمحرق، وهو حي بسيط يتصف كما هو حال فرجان المحرق بترابط أهله وفطرتهم السليمة وخلقهم الأصيل، وقد أعانتني تلك الصفات على أن أكون محافظا على الصلاة والصيام منذ كنت صغيراً. تخرجت من مدرسة المنامة الثانوية التجارية عام 1983م. كنت أعمل في قوة دفاع البحرين حتى سفري إلى أفغانستان. متزوج ولي ابنة واحدة تركتها وهي في الصف الخامس الابتدائي وعمرها عشر سنوات وعدت إليها وهي في الرابعة عشرة من عمرها وبالصف الثالث الإعدادي، وهي ابنتي الوحيدة التي أعطيتها وما زلت كل محبتي. كنت حنوناً عليها، كثير المزاح معها، وكثيرا ما كنت آخذها للحدائق العامة وللسباحة بالبحر، فقد كانت وهي صغيرة تحب السباحة وركوب الخيل، وكانت هي كذلك تحبني كثيرا ولا تفارقني.
قرار السفر إلى أفغانستان

عندما بدأ الأفغان بالنزوح من مدنهم وقراهم جراء القصف الأمريكي لأفغانستان في عام 2001م ، رداً على الهجوم الذي تعرضت له أمريكا والذي حمّلت الإدارة الأمريكية مسؤوليته المسلمين، كانت محطات التلفزيون ووكالات الأنباء تنقل الوضع المأساوي وحالة الهلع والخوف الذي يعيشه الأفغان والرعب مما قد يصيبهم إذا تعرضوا لهجوم من قبل القوات الأمريكية، فقد جرب الأفغان حياة اللاجئين وعاشوها لسنوات طويلة. عندها قررت بشكل جازم أنه لابد من أن يكون لي دور إيجابي في مساعدة هؤلاء المساكين، لا أدري ماذا يمكنني أن أفعل بالتحديد ولا كيف السبيل، فأنا لست من العاملين في الحقل الإغاثي ولا أنتمي إلى جمعية من الجمعيات الخيرية، فماذا عساني أفعل؟ ولكن هذا التفكير السلبي لم يثنني عن القرار الذي كنت قد اتخذته بشكل جازم ألا وهو التوجه على الفور إلى أفغانستان لمساعدة الناس والوقوف بجانبهم. بدأت على الفور في تأمين حاجيات أسرتي وذلك حتى لا يضطروا إلى طلب العون من أحد، فلا يعقل أن أذهب لإغاثة البعيد وأترك أمي وزوجتي وابنتي عالة على الآخرين. كما قمت بطلب بعض المساعدات المالية من الزكوات والصدقات من أهلي، لتوزيعها على المحتاجين. كنت في ذلك الوقت في إجازتي السنوية التي لم أكن قد طلبتها من أجل السفر، ولكنها تزامنت مع عزمي على السفر، فأعددت مستلزمات السفر وتوكلت على الله واشتريت تذكرة السفر إلى إيران لدخول أفغانستان عن طريق الحدود البرية بين البلدين.
الوصول إلى إيران ثم إلى قندهار

في شهر أكتوبر 2001م وصلت إلى مدينة مشهد الإيرانية والقريبة من الحدود مع أفغانستان، وقمت بالسؤال عن الطريق المؤدية إلى الحدود الأفغانية وكيفية الدخول إلى أفغانستان بشكل صحيح، وذلك حتى لا أعرض نفسي لمخالفات مع الإيرانيين مما قد يعرقل وصولي إلى أفغانستان وهو الهدف الذي أتيت من أجله. لذلك فقد اضطررت للمكوث في إيران قرابة الأسبوعين حتى تمكنت أخيرا من دخول الأراضي الأفغانية. مررت بالعديد من مدن أفغانستان وقراها وشاهدت الوضع المأساوي الذي يعيشه الأفغان، والفقر الشديد الذي يعانونه، ورأيت الدمار والخراب الذي تعرضت له الكثير من المناطق جراء الهجمات التي قام بها الطيران الأمريكي الهمجي. كان سيرنا خلال رحلة الدخول إلى أفغانستان بالنهار بسبب حظر التجول ومنع تحرك السيارات ليلاً، وذلك لأن الطائرات الأمريكية كانت تقصف أي هدف يتحرك ليلا سواء كان مدنيا أو عسكرياً، ولم تسلم القوافل الإغاثية من التعرض للهجمات الصاروخية الأمريكية.

جهراوي 26-05-2007 11:53 PM

الرحلة إلى قندهار

كانت وجهتنا مدينة قندهار والتي تعد من أكبر المدن الأفغانية، استغرقت الرحلة عن طريق حافلات النقل العام من الحدود الإيرانية إلى مدينة قندهار حوالي اليومين. كنا نبيت بالمساء في الاستراحات التي على الطريق حتى يبزغ الفجر ثم نواصل طريقنا نهارا. كانت الطريق آمنة ولم نتعرض لأي مشاكل كقطاع الطريق والعصابات أو القصف الجوي. ومررت على الكثير من الأحياء والمباني والمنازل والسيارات المدمرة والتي قصفت ليلا. وقد رأيت أثناء مروري بالقرى الأفغانية الفقر الشديد الذي تعاني منه الأسر الأفغانية والحالة المتردية للبيوت والبنية التحتية لهذه المناطق، فقمت بتقديم بعض من المساعدات والصدقات التي أحضرتها معي لهؤلاء المحتاجين الذين كانت علامات الفقر والعوز واضحة على وجوههم. وفي قندهار استقر بي المقام بأحد الفنادق المتواضعة، وقمت بالاتصال بأهلي بالبحرين لكي أطمئنهم على وصولي. وقد تجولت في مدينة قندهار ومررت بمكتب الصليب الأحمر الذي كان مغلقا في ذلك الوقت، ثم تجولت في أحياء المدينة التي بدت لي مدينة قديمة المباني والشوارع. وكانت الشوارع والأسواق مزدحمة بالناس.
إلى العاصمة كابول

بعد أن مكثت في قندهار عدة أيام قررت الانتقال إلى العاصمة الأفغانية كابول لتقديم المساعدة والوقوف على الوضع الإنساني، حيث من المعلوم أن العمل الإغاثي يتركز عادة في العاصمة أكثر من غيرها من المدن الأخرى والمناطق الريفية. وصلت إلى العاصمة كابول بعد رحلة استغرقت يوما كاملا بواسطة الباص ومكثت فيها عدة أيام، قدمت خلالها بعض المساعدات والصدقات للمساكين والمحتاجين. ورغم سماع أصوات الانفجارات والقصف من المناطق البعيدة، فقد كان الوضع العام في العاصمة كابول شبه مستقر وكانت الحياة طبيعية. كانت كابول مختلفة تماما عن مدينة قندهار، فكابول مدينة منظمة حديثة، شوارعها مرصوفة وواسعة ونظيفة ومشجرة بالأشجار الجميلة، كانت المباني جديدة وجميلة. وكنت أرى الناس وهم يتجولون في شوارع العاصمة، وكانت الأسواق مليئة بالبضائع وكانت النساء يشترين من الأسواق بكل أمان، قد كنت أرى الأطفال وهم يلعبون بفرح وأمان فتذكرت ابنتي هاجر وتمنيت لها السعادة والخير. كان الناس يلبسون ملابس نظيفة على خلاف ما رأيته في قندهار. كانت الجبال تحيط بالعاصمة كابل، لذا فقد كان جوها بالنهار جميلا ومائلا إلى البرودة، وأما بالليل فقد كان الجو بارداً. وكان الهواء نظيفا نقيا، أما قندهار فقد كان طقسها حاراً بالنهار ومعتدلا بالليل، وأما الهواء فلم يكن صحيا بل كان مغبرا لأن الشوارع لم تكن مرصوفة بل كانت تعلوها الأتربة.
الخروج من كابول

كانت الأحداث في أفغانستان تتسارع بشكل غير متوقع، وأيقن الناس أن كابول ستسقط لا محالة في أيدي الميليشيات الشمالية التي يطلقون عليها لقب المخالفين. كانت الميليشيات الشمالية تنتمي إلى العرق الطاجيكي والفارسي وكان هؤلاء يكنون عداوة شديدة جداً للعرب ويحمّلونهم مسئولية مقتل القائد الأفغاني الطاجيكي أحمد شاه مسعود، لذا فقد كانوا يتحينون الفرصة ويتمنون أسر أي عربي للانتقام لمقتل قائدهم وزعيمهم. فلما أحس العرب بأن الوضع لم يعد آمنا، بدؤوا بالخروج من أفغانستان، وعندها قررت عدم البقاء في العاصمة فخرجت إلى المناطق الريفية على أمل أن أتمكن من مغادرة أفغانستان إذا ساءت الأحوال. وقد صدقت التوقعات، فبعد خروجي من كابول بأيام قليلة، سقطت العاصمة الأفغانية في أيدي الميليشيات الشمالية التي عاثت فيها فسادا ودماراً، وقامت بالانتقام من العرب الذين وقعوا في قبضتهم، وقاموا بقتل العديد من الأفغان من الأصول البشتونية، والذين يسكنون المناطق الجنوبية والشرقية المحاذية لباكستان. كان الشماليين يقتلون الناس على الهوية وعلى الهيئة، لذا فقط سارع الكثيرون من الأفغان إلى حلق لحاهم ولبس البنطلون بدلا من اللباس الأفغاني التقليدي وذلك حتى يسلموا من القتل والانتقام العشوائي.

جهراوي 26-05-2007 11:55 PM

البحث عن العرب

في ظل هذه الفوضى العارمة، كان قرار التحرك شمالاً أو جنوباً وشرقاً أو غرباً ليس سهلاً، فقد يقودك الطريق إلى بر الأمان، وقد يوقعك في أيدي القوت التي تبحث عن العرب لقتلهم أو تسليمهم للأمريكان للحصول على المكافآت المالية التي رصدت لمن يأتي بأي عربي حيا أو ميتاً. أصبح العرب بين فكي كماشة، فالأمريكيون يودون البطش بهم انتقاما لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، والميليشيات الأفغانية الشمالية يبحثون عنهم لينتقموا لمقتل أحمد شاه مسعود والحصول على الجوائز والمكافآت. ورغم عدم صلتي لي بهجمات سبتمبر ولا بمقتل مسعود، إلا أن كوني عربياً كان يكفي لتعرضي للخطر، لذا كان الوضع يستدعي الخروج بسرعة من هذا المأزق، فكيف سيفهم الأمريكان والشماليين أنني بريء من كلتي التهمتين. كان من حسن حظي أن التقيت في هذه الأثناء بالأخ عمر رجب الكويتي والأخ عبد الهادي السبيعي السعودي، فقررنا التحرك معاً وبدأنا نتنقل ببطء وحذر من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى أخرى أملا في الوصول إلى الحدود الباكستانية.
الاستعانة بدليل أفغاني
بلغ القصف الأمريكي ذروته، وكانت الطائرات تقصف كل شيء بشكل عشوائي ودون تمييز، وسقط آلاف الضحايا من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ. وقد سمعت من الإعلامي سامي الحاج مصور قناة الجزيرة والذي التقيته في معتقل غوانتنامو، بأن بعض القرى قد مسحت عن بكرة أبيها. وقد صورت قناة الجزيرة بعض هذه المجازر وغطت الأحداث بالتفصيل، فعاقبت القوات الأمريكية قناة الجزيرة بإيداع سامي الحاج معتقل غوانتنامو، رغم كونه مجرد إعلامي ينقل الحدث بكل موضوعية وحرفية. وصلنا مع الأخوين عمر وعبد الهادي إلى إحدى القرى، ولما علم الأهالي بوصول ضيوف من العرب استقبلونا أحسن استقبال وأكرمونا وضيفونا في بيوتهم. وفي اليوم التالي أخبرناهم بأننا قد نتعرض للخطر إذا ما وقعنا في أيدي المخالفين، فطمأنونا ووعدونا بأنهم سيساعدوننا في الوصول إلى باكستان. وبالفعل فقد كلفوا اثنين من رجال القرية ليرافقانا أثناء رحلة الخروج. ولأن السفر بواسطة السيارات غير آمن وذلك لوجود الكثير من الحواجز العسكرية في الطريق، كان من الأسلم لنا أن نخرج مشيا على الأقدام عبر القرى حتى نصل إلى باكستان. وقد أمن لنا أهل القرية الملابس الأفغانية وزودونا بالطعام والشراب والملابس الشتوية وقاموا بالواجب نحونا خير قيام فجزاهم الله خيرا. كان الدليلان يعرفان القرى التي نمر بها ويتجنبان المرور بالقرى غير المأمونة والتي قد يغدر بنا أهلها. وكان الناس في القرى التي نمر بها يكرموننا ويقدمون لنا الطعام والشراب والمأوى والمبيت، وبقي هذان الدليلان معنا حتى اقتربنا من إلى الحدود الباكستانية. جاء بعد ذلك أحد الأفغان وعرض أن يقوم بتوصيلنا إلى سفارات بلادنا مقابل مبلغ من المال، وقد أراد الدليلان أن يقدما له المال، ولكننا شكرناهم وأخبرناهم بأننا سنقدم له المال بأنفسنا عندما نصل إلى سفاراتنا آمنين. بدأنا السير مع الدليل الجديد عبر المناطق الحدودية الوعرة حتى دخلنا الأراضي الباكستانية. خلال رحلة الخروج قطعنا الكثير من الوديان والغابات والجبال والأنهار. كان الجو باردا جدا، وقد نزل علينا المطر والثلج. وقد اضطررنا في المراحل الأخيرة من الرحلة أن نمر عبر جبال وعرة شاهقة جدا بلغ ارتفاعها حوالي أربعة آلاف متر. كنا نسير في الثلج الذي يصل مستواه إلى الركبة، وأحياناً إلى الفخذ والحوض. كانت الرحلة في غاية الصعوبة والمشقة حتى أن الدليل قد اضطر إلى الاستعانة بأدلة آخرين، لتجنب الوقوع في الحفر والسفوح والوديان المغطاة بالثلوج مما يعني موتا محققا. كان سيرنا بالنهار حيث أن المشي بالليل كان في غاية الخطورة للأسباب التي ذكرتها آنفاً. كان شهر رمضان قد دخل علينا أثناء هذه الرحلة، وقد صمنا بعض الأيام واضطررنا للفطر في أيام أخرى وذلك من شدة التعب والجوع، وقد أنهينا في معتقل غوانتنامو قضاء الأيام من شهر رمضان والتي لم نستطع صيامها في أفغانستان. كان الناس في القرى التي نمر بها في هذه الجبال يرحبون بنا خير ترحيب ويقدمون لنا كل مساعدة ويكرموننا أفضل إكرام رغم فقرهم وحاجتهم. وكان شيوخ القرية وكبراءها يحتفون بنا ويخرجون معنا ويثنون على العرب وما قدموا من مساعدة للشعب الأفغاني، وكانوا يبدون لنا أسفهم الشديد لأنهم لا يستطيعون أن يقدموا لنا المساعدة على أكمل وجه ولا الوقوف معنا في هذه المحنة وذلك بسبب ما تمر به البلاد من فوضى عارمة وتدخل أجنبي، وكانت القرى التي تساعد العرب أو تؤويهم تتعرض للقصف والتدمير، وقد مسحت قرى بأكملها من الخريطة لأنها آوت بعض العرب، حيث قام الوشاة من ضعاف النفوس بالتبليغ عن هذه القرى واتهموا أهلها بالتعاون مع الطالبان، فقام الأمريكان بقصفها بالطائرات ودمروها عن بكرة أبيها. وهذه طبيعة الجنود الأمريكان، فهم من شدة جبنهم لا يواجهون أعداءهم وجها لوجه ولكن يقصفون القرى من بعيد فيقتلون النساء والأطفال والشيوخ.
الاختباء عن أعين المرتزقة

وعلى النقيض من تلك الصور الرائعة في حب الأفغان للعرب واستعدادهم للمساعدة وتقديم أي خدمة نطلبها، بل وقد كانوا يقولون لنا بأنهم سيفدوننا بالأرواح والأولاد لأننا في نظرهم أبناء الصحابة وقد أتينا من بلاد العرب لمساعدتهم ونجدتهم، كان بعض الأفغان والباكستانيين يتجولون بحثاً عن العرب طمعا في الحصول على المكافآت المالية التي يقدمها الأمريكان لمن يسلم العرب. ورغم حاجتنا إلى الطعام والراحة، فقد كان من الطبيعي أن نختبئ عن الأنظار. وكنا بدلا من أن نستعين بالمارة، كنا نختبئ عنهم خشية أن يكونوا من المرتزقة المندسين بين النازحين من الأفغان. ففي حين كان بعض الأفغان يبحث جاهدا عن العرب لتسليمهم للأمريكان، كانت الغالبية من الأفغان يحبون العرب كثيرا ويحتفون بهم ويجلسونهم في صدر المجلس إذا زاروهم، وكان العربي إذا تكلم أصغى الأفغان إليه وأخذوا كلامه بالتصديق والتسليم المطلق. دخل علينا عيد الفطر ولكن لم يكن له طعم العيد الحقيقي عند الأفغان، فرغم أن الناس كانوا يحاولون الفرح والسرور بمقدم العيد، كان سقوط الضحايا الكثيرون من أبنائهم بل وسقوط أفغانستان كلها في أيدي القوات الأمريكية الغازية قد أطفأ الفرحة الحقيقية من قلوبهم ووجوههم.

جهراوي 26-05-2007 11:56 PM

في أيدي القوات الباكستانية

بعد مسير طويل رأينا من بعيد نقطة حدودية للجيش الباكستاني، فكان أمامنا خياران فإما أن نذ1هب للجنود الباكستانيين ونخبرهم بأننا من العرب وأننا نريد الوصول إلى باكستان ومن ثم إلى سفارات بلداننا، وإما أن نختبئ عن أنظار الجنود ونواصل المسير حتى ندخل إلى الأراضي الباكستانية. وحيث أن أوراقنا كانت سليمة وأن دخولنا إلى أفغانستان قد تم بشكل سليم وقانوني، ولأن التعب قد بلغ منا مبلغه ولم نعد قادرين على مواصلة السير نحو المجهول، ولأن الأفغان والمرتزقة والأمريكان والجوع والعطش والتعب كانوا جميعا أعداء لنا يلاحقوننا، فقد قررنا الذهاب إلى الجنود في تلك النقطة لنطلب منهم توصيلنا إلى سفارات بلادنا في باكستان، وارتحنا لهذا القرار الذي لم يكن أمامنا خيار آخر أفضل منه في تلك اللحظة. استقبلنا الجنود الباكستانيون استقبالا طيباً وقدموا لنا الماء والطعام وكان الطعام عبارة عن الخبز والعدس، وأخبرونا بأن نأخذ راحتنا في التجول واستخدام دورات المياه، وطمأنونا أن الأمور ستسير على خير ما يرام، وأنهم سيأخذوننا في الصباح إلى الشرطة حيث سيتم استجوابنا بشكل سطحي لتحديد هويتنا ثم ستقوم السلطات المختصة بتسليمنا إلى سفارات بلداننا. كان في هذه النقطة الحدودية ضابط باكستاني يتحدث الإنجليزية وكان يطمئننا ويقول بأن الأمر سينتهي على خير، وطلب منا أن نسلمه ما نحمله من أمانات وأغراض شخصية في حوزتنا، حيث سيسلمنا للشرطة الباكستانية والتي ستقوم بدورها بتسليمنا لسفاراتنا، فأعطيته ما كان بحوزتي من جواز السفر والبطاقة الشخصية ورخصة القيادة، وكان يعد معي أموالي الخاصة ويسجل كل شيء في ورقة، ثم وقع على الورقة وطلب مني أن أوقع كذلك ثم وضع الأمانات في كيس من البلاستيك.
الغدر الباكستاني

بقينا في النقطة الحدودية حتى صباح اليوم التالي في انتظار السيارة التي وعدنا الضابط بتوفيرها لنقلنا إلى مركز الشرطة، ولكن السيارة تحولت إلى طائرة عمودية أرسلتها القوات الباكستانية مع فرقة من القوات الخاصة المسلحة التي ترتدي الملابس السوداء وقد تكون القوات الخاصة بمكافحة الإرهاب، وكان عددهم حوالي الخمسة عشر جنديا، وتسلمونا من النقطة الحدودية، عرفنا حينها أننا قد تعرضنا للغدر والخديعة. قام الجنود بربط أيدينا وأرجلنا من الخلف بحبال غليظة وغطوا أعيننا، ثم حملونا حملاً ورمونا داخل الطائرة. وتم تعيين أربعة جنود داخل الطائرة لحراسة كل واحد منا حيث جلس الجنود على ظهورنا طوال رحلة الطائرة، فكان الأمر شاقا علينا وكانت مفاجأة غير متوقعة. هبطت الطائرة في مطار بيشاور حيث أخرجونا من الطائرة ورمونا رميا مرة أخرى على أرض المطار وبقينا في العراء مدة ساعتين دون أن يكلمنا أحد من الجنود، وكان ذلك اليوم هو يوم الجمعة حيث كنا نسمع الخطباء يخطبون من المساجد القريبة من المطار. ثم تم حملنا من جديد في إحدى الشاحنات مع عدد من الجنود، ولم نتمكن من معرفة عددهم لأن أعيننا كانت معصوبة، وسارت بنا الشاحنة حوالي عشرين دقيقة إلى أحد مراكز الشرطة، حيث فكوا أرجلنا وقادونا ونحن موثقي الأيدي ومعصوبي الأعين إلى زنازين وهناك فكوا أيدينا وأعيننا فاكتشفنا أننا قد تم إبداعنا في زنازين تقع تحت الأرض عليها أبواب حديدية وعددها حوالي ستة زنازين صغيرة وكنا أربعة الأشخاص في زنزانة واحدة. كانت أرضية الزنزانة وسخة جدا، ومفروشة بسجادة شديدة القذارة. فطلبنا من الحراس أن يعطونا بعض البطانيات فادعوا عدم توفر أي بطانيات لديهم، فطلبنا منهم أن يشتروا لنا من أموالنا بعض البطانيات فرفضوا. وكان في الزنزانة المجاورة بعض الأخوة الباكستانيين الذين سجنوا لأنهم ساعدوا العرب على الخروج من أفغانستان إلى باكستان، فلما سمعونا نتحدث مع الحراس بشأن البطانيات، تبرعوا ببعض ما عندهم من البطانيات والوسائد والفرش وطلبوا من الجنود أن يقدموها لنا. بقينا في هذا المركز قرابة الأسبوع، كانت المعاملة في هذا السجن سيئة جدا، فلم يكونوا يسمحون لنا بالذهاب إلى الخلاء إلا قليلا، وأما الطعام الذي يقدم لنا فكان سيئا جدا، وهو عبارة عن عدس حار جدا ورغيف واحد في الغداء والعشاء، وأما الفطور فرغيف خبر واحد وبعض الشاي. ولم يكونوا يسمحون لنا بالخروج للوضوء بل كانوا يحضرون لنا الماء في قوارير لنتوضأ في الزنازين وكان ذلك صعبا لأن الماء يتجمع في الزنزانة الضيقة فتضايق المعتقلين ولكن لم يكن أمامنا خيار آخر، وكنا نصلي في الزنزانة صلاة الجماعة والحمد لله. وتم التحقيق معنا من قبل جهاز الاستخبارات الباكستانية الذين أخبرتهم بأنني قد ذهبت إلى أفغانستان من أجل تقديم العون والمساعدة للشعب الأفغاني، فوعدونا خيراً وأخبرونا أنهم سيقومون بالاتصال بسفارات بلداننا لاستلامنا وإرسالنا إلى بلداننا ولم يوجهوا لنا أي اتهام.

البوسنوي 27-05-2007 11:17 AM

لا حول ولا قوة الا بالله ... اللهم اجعل كيدهم في نحرهم يارب العالمين .....

في سؤال ,, ماذا عن الأخوة الباقين الخليجين مثلا السعوديين الأمارتيين اليمنيين وغير ذلك ماذا عن اخبارهم ,, هل خرجو.. هل الحكومات سوت شي لهم او ماذا؟

جهراوي 29-05-2007 02:27 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الثانية 2/4 عادل كامل يتذكر
اللقاء الأول مع الأمريكان

خلال الفترة الذين قضيناهما في سجن بيشاور، أخذنا الباكستانيون لمقابلة أشخاص في جهة لم يحددوها للإجابة على بعض الأسئلة البسيطة التي ستوجه لنا. تم أخذنا إلى إحدى الفيلات، وفوجئنا بأننا نتقابل وجها لوجه مع المحققين الأمريكان، ولكن لم يكن أمامنا خيار آخر سوى التعاون مع المحققين. تم التحقيق معي من قبل رجل وامرأة من المخابرات الأمريكية، كان المحقق من أصل لبناني واسمه عباس ويبلغ من العمر حوالي الخمسين سنة، أبيض اللون مائل إلى الحمرة، وكانت علامات الحقد والبغض تبدو على وجهه، وكان يتحدث العربية بطلاقة ولكن باستهزاء وتكبر وغطرسة، أما المرأة فكانت تتحدث العربية قليلا. وكنا نأمل أن يتم توجيه بعض الأسئلة العامة لنا ثم يطلق سراحنا. سألنا الأمريكان عن الاسم والجنسية والعمر والمؤهل وسبب الذهاب إلى أفغانستان وكيفية الدخول وتاريخ الوصول إلى أفغانستان. بعد الانتهاء من التحقيق، أعادونا إلى سجن مركز الشرطة وبقينا هناك مدة يوم أو يومين. عاود الباكستانيون التحقيق معنا خلال فترة مكوثنا في هذا السجن ثلاث أو أربع مرات. ثم أحضر لنا الباكستانيون ملابس زرقاء وقالوا لنا بأن ملابسنا التي نلبسها وسخة وأنهم سيقومون بغسلها ثم سيعيدونها لنا. لم تنطلي هذه الخدعة علينا، بل زاد يقيننا من خبث الباكستانيين وغدرهم، ولكن لم تكن أمامنا حيلة أو خيار إلا الاستجابة لمطالبهم طمعاً في انتهاء هذا الكابوس.
في قبضة القوات الأمريكية
لبسنا الزي الأزرق وهو عبارة عن قطعة واحدة مصنوعة في الكويت. ثم تم إخراجنا من السجن واحدا تلو الآخر، وتم تقييدنا بالقيود من خلف ظهورنا وتم تعصيب أعيننا وأدخلنا في ميني باص. كانت الساعة حوالي العاشرة ليلاً، وكانت وجهتنا مطار بيشاور الباكستاني. عندما وصلنا إلى المطار سمعنا أصوات الجنود الأمريكان، فتيقنا أننا سنسلم للقوات الأمريكية وأن وعود الباكستانيين بتسليمنا لسفارات بلداننا كانت أكاذيب وخداع. ورغم أننا كنا نطمئن أنفسنا بأن الباكستانيين لا يمكن أن يسلمونا للأمريكان لأنه لا يعقل أن يسلمونا للكفار الذين يقاتلون الله ورسوله والمسلمين. ثم إن الباكستانيين قد حققوا معنا بما فيه الكفاية، وأكدوا لنا بأننا أبرياء، وأن رجوعنا إلى بلداننا مسألة وقت، ولكن عندما وصلنا إلى المطار وأصبحنا في قبضة الأمريكان، تلاشت كل الآمال في الباكستانيين وعلمنا أنهم قد خانوا وغدروا، وأيقنا أن مرحلة جديدة من حياتنا قد بدأت منذ تلك اللحظة، وأن الابتلاء الحقيقي قد بدأ الآن، فاحتسبنا ذلك عند الله وصبرنا وقلنا حسبنا الله ونعم الوكيل، وذكّرنا بعضناً بعضاً بأن الله هو خير حافظاً وأنه هو أرحم الراحمين. كانت أعيننا معصوبة فلم نكن نرى شيئاً، وبدأ الأمريكيون يستعرضون قوتهم وشجاعتهم علينا، فشدوا القيود علينا أكثر واستخدموا معنا وسائل عنيفة وعاملونا بقسوة وشدة، ولم يكن هذا بمستغرب فهم يعتبروننا إرهابيين نستحق القتل والإبادة.
الترحيل إلى قندهار

تم إدخالنا إلى طائرة شحن عسكرية ذات مراوح وتم إجلاسنا على أرضية الطائرة الصلبة. لم نكن نحن الثلاثة الوحيدين الذين أحضرنا إلى الطائرة فقد اتضح أن عددا من الأخوة العرب قد تم إحضارهم من أماكن وسجون مختلفة في نفس الوقت، حيث كنا نسمع أصواتهم وتقييدهم ولكننا لم نستطع أن نراهم لأن أعيننا كانت معصوبة، ولأن الأمريكان غطوا رؤوسنا بأكياس من الخيش قبل الصعود إلى الطائرة. كانت الرحلة متعبة جداً بسبب القيود الشديدة وطريقة الجلوس على الأرضية الصلبة للطائرة، ولأن الرحلة كانت طويلة والجو كان بارداً، ولكن الله منّ علينا بالصبر والثبات والحمد لله رب العالمين. كانت الوجهة مطار مدينة قندهار الأفغانية. استغرقت الرحلة حوالي الساعة والنصف، كان ذلك اليوم هو الثامن والعشرين من شهر ديسمبر عام 2001م. تم إنزالنا من الطائرة وإجلاسنا على أرض المطار حفاة الأقدام، وكنا نلبس الزي الأزرق الذي وعدنا الباكستانيون بأنه لباس مؤقت. بقينا جالسين في أماكننا عدة ساعات، ثم نقلنا إلى منطقة أخرى من المطار وبطحنا على الأرض على بطوننا في البرد الشديد لعدة ساعات إضافية. ثم أخذونا لتحقيق أولي لتحديد هوياتنا وأسمائنا، وقد تعرضنا خلالها للضرب الشديد والإهانة، تم إبداعنا بعد ذلك في معتقل عبارة عن منطقة حجز مسورة بالأسلاك الشائكة وليس بها أي شيء، فكنا نفترش الأرض ونلتحف السماء، ولكن شعورنا بأن الله معنا خفف عنا كثيرا من المعاناة. وفي هذا المعتقل تعرفت للمرة الأولى على الأخوين البحرينيين عبد الله النعيمي وعيسى المرباطي ولم أكن أعرفهما من قبل. جلسنا تلك الليلة في المعتقل حتى أسفر نور الصباح وكانت الحراسة علينا مشددة جداً. بعد بزوغ الفجر رأينا عدداً كبيراً من الأخوة العرب الذين اعتقلوا من أماكن متفرقة. تم التحقيق معنا مرة أخرى في اليوم الثاني، كانت الأسئلة تركز على السيرة الذاتية ولماذا ذهبت إلى أفغانستان ومتى، ولماذا خرجت من أفغانستان ومتى وكيف. بقينا في معتقل قندهار قرابة الثلاثة أسابيع تعرضنا خلالها إلى صنوف العذاب. كان من المضايقات التي تعرضنا لها أنهم لا يقدمون لنا من الطعام إلا القليل من الوجبات العسكرية، وكانوا يمنعوننا من النوم بالليل حيث كانوا يوقظوننا أكثر من خمس مرات كل ليلة بحجة التأكد من عدد المعتقلين وعدم هروب أحد منا، وكانوا يزعجوننا بالأصوات الصاخبة والأنوار العالية. تم تعذيب المعتقلين بالكهرباء والضرب والوضع في السجن الانفرادي لفترة طويلة، كان السجن الانفرادي عبارة عن صناديق خشبية مصمتة تماماً، وكانوا يحرموننا من الطعام لمدة يومين أو ثلاثة.

جهراوي 29-05-2007 02:28 AM

إلى غوانتنامو
في أحد الأيام أخذت أنا وبعض الإخوة ليلاً من بين باقي المعتقلين، وبعد تقييدنا بشدة، تم نقلنا إلى معتقل آخر شبيه بالمعتقل الأول من حيث كونه منطقة محاطة بأسلاك شائكة حيث بقينا فيه حتى صباح اليوم الثاني. وفي الصباح تم تقييدنا من الخلف وأخذنا إلى داخل الخيام الملحقة بالسجن حيث تم حلق شعر رأسنا ولحانا ثم ألبسونا ملابس برتقالية بدلاً من الملابس الزرقاء. لم نعرف حتى تلك اللحظة ما الأمر أو إلى أين سيتم نقلنا. في هذا المكان تعرفت للمرة الأولى على أخي جمعة المرباطي الذي كان رفيق دربي إلى معسكر غوانتنامو وكنا أول البحرينيين الذين نقلنا إلى ذلك المعسكر، وثالث دفعة من المعتقلين الذين أرسلوا إلى معتقل غوانتنامو. تم إغماض أعيننا وآذاننا وأفواهنا، ثم قيدونا مرة أخرى ولكن هذه المرة بطريقة أشد حيث استخدموا قيوداً حديدية وأقفالاً، ثم ربطت أيدينا إلى بطوننا بسلاسل وأقفال، ثم وضعونا في ساحة خلفية من المطار، وبقينا جالسين في العراء من العصر وحتى منتصف الليل تقريباً ونحن معصوبي الأعين والآذان. أخذنا إلى إحدى طائرات الشحن العسكرية وكانت المقاعد على جانبي الطائرة، وتم تقييد أيدينا إلى المقاعد وأرجلنا إلى أرضية الطائرة، وفي هذه المرة قاموا بتكميم أفواهنا بكمامات. أقلعت الطائرة مدة ثلاث ساعات ثم حطت في أحد المطارات، حيث نقلنا إلى طائرة شحن عسكرية أخرى دون أن يرفعوا الغطاء عن أعيننا أو يفكوا قيودنا. تم تقييدنا من جديد كالمرة الأولى ولكن بطريقة أشد، وكانت المقاعد في هذه الطائرة أسوأ من المرة الماضية فهي عبارة عن قماش فقط، انتظرنا في الطائرة قرابة الست ساعات وحتى الفجر حسب اعتقادي، فصلينا الفجر ثم أحسست بشروق الشمس. أقلعت الطائرة في رحلة طويلة ومرهقة استغرقت قرابة الأربع والعشرين ساعة أو أكثر لم نتمكن خلالها من استخدام دورات المياه ولم يقدم لنا الماء أو الطعام ولم يسمح لنا بالكلام أو الحركة، كان التعب والإعياء قد بلغ مني مبلغه وانتفخت يداي ورجلاي من شدة الربط وطول مدة القيد، كانت وجهة الطائرة هي معتقل غوانتنامو. أنزلونا من الطائرة، وتم ضربنا ضربا مبرحا ونحن معصوبي الأعين والأذن والفم واليدين والرجلين. ثم وضعنا في باصات وأجلسنا على أرضية الباص حيث لم تكن هناك مقاعد. تم أخذنا بالباصات إلى معتقل X-RAY.
معتقل X-RAY
كما هو واضح من اسم المعسكر فهو يعني أنه مكشوف تماماً من جميع الجهات، فلا مجال للاختباء فضلاً عن الهرب. يقع المعسكر في جزء من جزيرة كوبا قبالة ولاية فلوريدا الأمريكية. وقد تم تشييد المعسكر قريباً من ساحل البحر، وهذا الساحل عبارة عن شواطئ صخرية مرتفعة ومطلة على المحيط الأطلسي. وكانت دوريات خفر السواحل الأمريكية تطوف المياه روحة وإياباً، هذا فضلا عن أبراج المراقبة الكثيرة والتي تحرس المعتقل طوال اليوم. والمعتقل عبارة عن عدد من الزنازين مقسمة إلى ستة عنابر، وكل عنبر به ستون زنزانة. والمعتقل مبني في أرض فضاء ليس فيه ما يقي من برد الشتاء والمطر أو من حر الصيف والشمس. والزنزانة مشيدة من الشبك من الجهات الأربع ومن السقف، أما الأرضية فمبنية من الخرسانة. مساحة الزنزانة حوالي مترين في متر وثمانين سنتيمتراً. للزنزانة باب من حديد وشبك. تحتوي الزنزانة على حصيرة من الإسفنج الرقيق جدا سمكه حوالي نصف سنتيمتر، وقد وضع كل معتقل في زنزانة لوحده وأعطي بطانيتين خفيفتين وشرشف ومنشفة ونعل بلاستك وسطلان أحدهما للماء الذي نستخدمه لكل شيء من الشرب والوضوء والاغتسال والآخر للخلاء وقضاء الحاجة. وقد كان من أشد الأمور التي تضايقنا، هي أننا لا نستطيع أن نختلي لقضاء الحاجة. بقينا طوال سنوات الاعتقال بالملابس البرتقالية التي كانت تغسل من حين لآخر وبشكل متقطع. يمكن اعتبار المعسكر حقل للتجارب النفسية والبدنية على البشر لاختبار قوة التحمل عندهم ولعمل التجارب والاختبارات التي تريد القوات الأمريكية تعميمها في حالة ثبت نجاح التجربة على معتقلي غوانتنامو. في بداية إيداعنا المعتقل المذكور قام الجنود بضربنا بشدة، ثم عرضنا على الطبيب، وتم تصويرنا وأخذ بصماتنا وتغيير ملابسنا، ثم وضعنا في الزنازين قبيل المغرب. لقد حمدت الله على الطمأنينة والشعور بالثبات والذي كنت أشعر به في ذلك الوقت، والذي كنت في أمس الحاجة له، فليس من السهل أن تتصور نفسك وقد تعرضت لكل هذا الغدر والخيانة ممن تظنهم إخوانك في الدين ثم تجد نفسك في أقصى الأرض بين يدي أعدائك وفي هذه الزنازين القاسية ولا يدري عنك أحد من البشر وما تتعرض له من التعذيب والإهانة طوال الوقت، وأنت بين يدي الجلاد إن شاء قتلك وإن شاء عذبك وإن شاء فعل بك الأفاعيل على غفلة من البشر، ولكن الله شرح صدري وأسبغ علي الثبات والسكينة فحمدت الله منذ اللحظة الأولى على ما أصابني، وتذكرت نبي الله يوسف عليه السلام وقلت في نفسي ربي السجن أحب إلي مما يدعونني إليه من الزيغ عن ديني. ويكثر في المعتقل وجود الزواحف والثعابين والعقارب والفئران والحشرات التي تزورنا في الزنازين. وكانت الأنوار القوية المسلطة والمضاءة طوال الليل لا تمنعنا من القدرة على النوم فحسب، بل وتجلب البعوض الذي يمنعنا من النوم أيضا. لقد تم تصميم المعسكر بطريقة تهدف إلى زيادة الضغط النفسي على المعتقلين وإضعاف عزائمهم وكسر معنوياتهم، وفوق كل ذلك فقد كان الجنود يتعمدون إزعاجنا وتشغيل مكبرات الصوت العالية لمنعنا من النوم، ولكننا مع الوقت اكتسبنا مناعة ضد كل ما مر ولم نعد نلقي لها بالاً.
محققو FBI و CIA
بدأ المحققون منذ اليوم الأول في استخدام شتى أساليب الضغط النفسي معنا، فلم يسمح لنا بالوقوف أو المشي أو الانبطاح، ولم يسمح لنا بالحديث مع المعتقلين في الزنازين المجاورة ولا حتى النظر إليهم أو الالتفات لهم إلا بعد مرور خمسة أيام تقريباً من وضعنا في الزنازين، عندها شعرنا بالطمأنينة والراحة النفسية، فبدأنا بالتبسم والسرور النفسي. وقد أخبرنا المعتقلون الذين أحضروا إلى هذا المعتقل قبلنا، فإنهم لم يسمح لهم بالكلام إلا بعد مرور أسبوعين على اعتقالهم. ولما رأى الجنود هذه الروح العجيبة، كانوا يسألوننا كيف تضحكون وأنتم في هذه الحال، ثم بدؤوا يتشددون في معاملتنا من جديد ويأمروننا بعدم الإكثار من الكلام. في بداية الأمر كان أمر الاعتقال والسجن شديداً جداً على نفسي، حيث كانت المرة الأولى في حياتي التي أدخل فيها السجن، وكنت أشعر بشيء من التوجس من المجهول، ولكن هذا الخوف والتردد زال بعد ذلك. تم أخذي عدة مرات للتحقيق ولم تختلف الأسئلة عن السابق حيث كانوا يسألونني عن السبب والكيفية التي ذهبت بها إلى أفغانستان، وكنت أجيبهم على قدر السؤال. وقد تم التحقيق معي من قبل عملاء FBI و CIA، كان المترجم الذي يترجم خلال جلسات التحقيق من أصل عربي واسمه علي. أذكر أن المحققين وعددهم أربعة عندما أخبروني بأنهم من FBI و CIA قلت لهم وما يدريني أنكم كذلك، وطلبت منهم أن يخرجوا هوياتهم لكي أتأكد من الأسماء والصور، فتعجبوا من طلبي ومن ثقتي بنفسي رغم أنني في قبضتهم وبين مخالبهم، وقد استجابوا لطلبي وأخرجوا بطاقاتهم الرسمية. ولأنني كنت موثوق اليدين والرجلين ولم أستطع مسك هوياتهم، قام المترجم علي بإطلاعي على البطاقات الواحدة تلو الأخرى وتعريفي على صاحبها فكنت أتأكد من الاسم والصورة وكان العمل. كان الهدف من التحقيق هو إقناعي بأنني إرهابي مجرم، وأنني قد ارتكبت جرماً عظيماً بحق أمريكا والإنسانية. وكنت أسألهم عن التهمة الرسمية الموجهة إلي، فكانوا لا يجيبون على هذا السؤال بل يقولون بأنني من تنظيم القاعدة ومن أتباع أسامة بن لادن، فقلت لهم أنني لا أعرف القاعدة ولا أسامة بن لادن وأنكم لم تقبضوا علي في أفغانستان ولم يكن بحوزتي أي سلاح لحظة القبض علي في باكستان، وكانوا يقولون بأن لديهم أدلة سرية على إدانتي وأنهم لا يستطيعون البوح بها، وأن من واجبي أن أدافع عن نفسي وأن أدفع التهمة الموجهة إلي، فقلت لهم بأنني لا أعرف التهمة بالتحديد وأنكم ترفضون البوح بالأدلة السرية التي تدعون أنكم تملكونها. عند ذلك بدأت بالشد والصراخ عليهم مما اضطرهم إلى إلغاء جلسة الاستجواب وإعادتي إلى الزنزانة.

جهراوي 29-05-2007 02:30 AM

إهانة المصحف منذ الأيام الأولى
كانت حوادث إهانة المصحف الشريف تتكرر منذ الأيام الأولى في معتقل غوانتنامو. وقد وقعت إحدى هذه الحوادث أمامي، حيث كان أحد المعتقلين يضع مصحفه على بطانية، فجاء أحد الجنود وقام بشكل متعمد بحركة استفزازية بهدف إثارة المعتقلين، فسحب البطانية وسقط المصحف على الأرض، فثار المعتقلين وبدؤوا بالصراخ والاحتجاج على هذا التصرف الأهوج، وأخبروه بأن هذا كتاب الله وعليه أن يحترم مشاعر المعتقلين ودينهم، فقال مستهزئاً، هل هذا هو كتابكم المقدس! ثم قام بركل المصحف عدة مرات برجله، فغضب الشباب كثيرا، وطلب مني الأخوة أن أوجه له تحذيرا ألا يكرر هذا الفعل، فتكلمت معه بشدة وغضب، فكان يشتمني ويسبني، فقام الأخوة بالتكبير الجماعي بصوت واحد مرتفع جداً، حتى أصيب السجانون بحالة من الرعب، وبدؤوا يركضون ناحية باب المعسكر طلبا للهرب. عند ذلك خرج الضباط من مكاتبهم ورأوا المنظر وما أصاب جنودهم من الرعب وسمعوا أصوات التكبير والضرب على شبك الزنازين فتم استنفار الجنود واستدعيت السيارات العسكرية وتمت محاصرة المعتقل بالأسلحة الثقيلة. كان الأمر مروعا بالنسبة لهم، ولكن في نفس الوقت ارتفعت الروح المعنوية للشباب عندما اكتشفوا أنهم يملكون السلاح الأقوى وهو سلاح التكبير. بعد ذلك جاءنا المسئولون ليستفسروا عن سبب الغضب والهيجان، فأخبرناهم بما حدث، وحذرناهم من التمادي في مثل هذا التصرف، فوعدونا بأن هذه الحادثة لن تتكرر وطلبوا منا الهدوء، ولأنني كنت المترجم للإخوة حيث كنت أجيد التحدث باللغة الإنجليزية، ظن الأمريكان بأنني كنت المحرك للشغب والعصيان فقاموا بنقلي من هذا العنبر إلى عنبر آخر.
الإضراب عن الطعام دفاعاً عن المصحف
لقد تكررت حوادث إهانة المصحف طوال سنوات اعتقالنا رغم الوعود الكثيرة بعدم تكرار هذا الأمر. ومن هذه الحوادث أن الجنود دخلوا زنزانة أحد الأخوة المعتقلين أثناء تأديته الصلاة وقاموا بضربه دون مبرر، ثم دخلوا زنزانة أخ آخر بحجة التفتيش وكان الأخ في تلك الأثناء قد أخذ للتحقيق، وقاموا برمي المصحف وإهانته، وكان سبب هذه التصرفات أنهم أرادوا تحطيم معنويات الشباب. فانتشر الخبر بين المعتقلين في جميع العنابر، وقمنا بالاحتجاج الشديد والصراخ والتكبير والضرب على شبك الزنازين، وحاول الجنود والمسئولون جاهدين تهدئة الوضع ووعدوا بعدم تكرار الحادثة، إلا أن الأخوة لم يقبلوا اعتذارهم حيث لم تمض على الحادثة الأولى سوى أيام قلائل. ثم جاء أحد الجنرالات ومر على الزنازين وطلب من الأخوة الهدوء ووعدهم بالتحقيق في الأمر وعدم تكراره، إلا أن الأخوة لم يقبلوا الاعتذار من الجنرال، ثم تشاورنا وقررنا الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على إهانة كتاب الله الكريم. كانت كمية الطعام في كل وجبة لا تزيد عن كأس سعة مائة ملليجرام، ورغم ذلك فلم نكن نشعر بشدة الجوع بل كنا نشعر بأن الطعام يكفينا لأن الله يبارك فيه. كانت الوجبات المقدمة عبارة عن خبزه واحدة أو توست مع بيضة مسلوقة وكأس من الحليب في الفطور، وأما الغداء فكان قليلا من الكورن فليكس وبسكويت وعلبة زبيب وكمية قليلة من المكرونة، وأما العشاء فكان كمية قليلة جدا من الرز أو اللوبيا، ثم غيروا وجبة الغداء إلى الوجبة العسكرية الجاهزة. وقد اكتشفنا بأنهم كانوا يقدمون لنا الوجبات المنتهية الصلاحية والتي كانت في طريقها للإتلاف، وقد كان بعض المعتقلين يشكون من آلام ومغص في المعدة بسبب هذه الأطعمة التي لم نكن نعلم أنها منتهية حتى أخبرنا عنها بعض الجنود الذين تعجبوا بأننا ما زلنا أحياءً وأننا لم نمت بعد، فلما سألناهم عن السبب أخبرونا بأن ما يقدم لنا من طعام منته الصلاحية، وقد استمر الحال ونحن نتناول الوجبات المنتهية الصلاحية أكثر من ستة أشهر، ولما علمنا بذلك امتنعنا عن تناول هذه الوجبات، مما اضطرهم إلى التوقف عن تغذيتنا بالوجبات المنتهية الصلاحية. شارك في بداية الإضراب حوالي مائتا أخ، فشق هذا الإضراب على الأمريكان أكثر من المشقة التي كنا نشعر بها، فقد كنا نتلذذ بالذود عن كتاب الله بهذه الطريقة، ولم تكن لدينا وسيلة سوى الإعلان عن احتجاجنا ورفضنا للطعام والشراب. عندما بدأنا الإضراب عن الطعام رداً على التعدي المتكرر على المصحف، جاءنا الضباط عدة مرات وطلبوا منا إنهاء الإضراب، ولما رأوا إصرارنا على مواصلة الإضراب، جاءنا الجنرال المسئول عن المعتقل وكان يجثو على ركبته أمام الزنازين مناشداً المعتقلين إنهاء الإضراب، وكان يغرينا بتحسين الوجبات وتقديم الدجاج والسمك والشاي في مقابل أن يهدأ الشباب ويفكوا الإضراب، ولكننا لم نعره أي اهتمام. واستمر الإضراب وعدم التجاوب لمناشداتهم مدة أسبوع، ثم قامت إدارة المعتقل كبادرة حسن نية بتعليق الكمامات التي توضع على الأنف في جميع الزنازين لوضع المصاحف فيها، ومنعت الجنود من لمس المصاحف منعاً باتاً. فتجاوب عدد من المضربين وأنهوا إضرابهم عن الطعام، ورفض آخرون الاستجابة لهم. وبدأ عدد المضربين يتناقص حتى وصل إلى حوالي التسعين، وأما أنا فقد استمررت في الإضراب قرابة الثمانية أيام. بقي حوالي أربعة أفراد لم يفكوا الإضراب حتى قرابة الشهر ثم بقي شخصان على إضرابهم قرابة الخمسين يوماً، ثم بقي واحد من الإخوة على إضرابه عن الطعام حتى أكمل التسعين يوماً، وقد تمت تغذية المعتقلين بواسطة السيلان عن طريق الوريد وأما الذين ساءت حالتهم فقد تمت تغذيتهم عن طريق السوائل والمغذيات بوضع الأنابيب في أنوفهم. وقد مارس السجانون التعذيب على المعتقلين حتى وهم في هذه الحالة الصعبة، فرغم الحالة الصحية التي وصل إليها المضربون والضعف الجسدي الشديد، إلا أن الأطباء لم يرحموهم، فقد كانوا يغرسون أبر التغذية في أيديهم بكل قسوة وغلظة عدة مرات حتى أن الأخوة كانوا يصرخون من شدة الألم وكان الأطباء يكذبون ويعتذرون بأنهم لم يجدوا الوريد بسهولة. بعد ذلك بدأت إدارة السجن في تحسين نوعية الطعام وكميته، وقدموا لنا الدجاج والسمك واللحم ولكن بكميات قليلة جداً. كان لحادثة الإضراب فوائد ودروس كثيرة فقد أيقنا أن الله قد أعزنا عندما أعززنا كتابه، وأن عزتنا كانت مرتبطة تماما بعزة القرآن الكريم، وقد استفدنا من هذه الحادثة في التعامل مع إدارة المعتقل وفي التعاطي مع القضايا التي تمر بنا خلال فترات الاعتقال. وقد أيقنا أننا نحن الأعزة وإن كنا في هذه الزنازين، وأنهم هم الأذلة وإن كانوا يلبسون الملابس العسكرية ويتدججون بأحدث الأسلحة. وكنا بعد هذه الحادثة لا نقبل الدنية في ديننا، حيث كنا قبل هذه الحادثة لا يسمح لنا بالصلاة وقوفاً، ولا بالجهر في الصلاة، ولا برفع الصوت في قراءة القرآن، ولا بالتحدث مع المعتقلين في الزنازين المجاورة، أما بعد الحادثة وما تلاها من الإضراب، فقد كان الجنود يطلبون منا الجلوس أو خفض الصوت ولكننا كنا نطردهم ونقسو عليهم، بل وكنا نصلي الصلوات جماعة كل في زنزانته، وكان الجنود يتحاشون التعرض لنا واستفزازنا خشية التمرد والإضراب. وكنا بعد تلك الحادثة نقيم شعائرنا الدينية بكل حرية، ولم يكن أحد منهم يجرؤ على التعرض لديننا خوفاً من الإضراب والتمرد والتعنيف الذي سيناله الجنود من المعتقلين مما يضطره بعد ذلك إلى الهرب والبقاء بعيداً عن الزنازين. وأسأل الله أن يؤجر جميع الأخوة على غيرتهم ودفاعهم عن كتاب الله.
ممارسة الرياضة

كانت إدارة السجن لا تسمح للمعتقل بممارسة رياضة المشي، وقد تم تحديد مدة الرياضة خلال السنتين أو الثلاث الأولى بحوالي ربع ساعة مرتين في الأسبوع ، ثم في السنة الثالثة أصبح مجموع الفترة التي منحوها لنا للمشي هي ثلاث مرات كل أسبوع ولمدة ثلث ساعة في كل مرة. ومنحونا فترة خمس دقائق للاستحمام بعد كل فترة مشي. كانت ممارسة الرياضة جزءاً من العذاب أكثر منها متعة وتنفيساً، فقد كان المعتقل إذا طلب منحه فترة لممارسة المشي، كان الجنود يشدون عليه أكثر، ويقيدون يده أثناء المشي، ويطلبون منه أن ينكس رأسه، لذا فقد كنت لا أرغب بالخروج للرياضة إلا نادراً، وكان معظم الأخوة كذلك لا يطلبون الخروج للرياضة، وأما بعض الذين كانوا يخرجون للمشي فقد كان مقصدهم رؤية باقي المعتقلين من العنابر الأخرى والسلام عليهم.
الخدمات الطبية
كانت الخدمات الطبية المقدمة للمعتقلين في غاية السوء، بل إن الأطباء كانوا يشكلون جزءاً من فريق التعذيب. لقد كان بعض الأخوة يصابون بالأمراض والآلام الشديدة فيطلبون تحويلهم إلى العيادة التابعة للمعتقل، ولكن طلبهم كان يقابل بالرفض دائماً، فإذا ما أصر المريض على زيارة العيادة، كان لا يلقى العناية الطبية ولا التشخيص الجاد ولا الدواء المناسب، بل إن بعض المعتقلين تضرروا من العلاج الذي قدمه لهم الأطباء. وقد يكون الهدف هو تطفيش المريض وجعله يتجنب طلب زيارة العيادة، وبالفعل فقد كان المعتقلون يتحاشون زيارة العيادة أو طلب رؤية الأطباء قدر المستطاع لانعدام الثقة والأمان منهم. كما أن الأمريكان قد أرادوا أن يجعلوا من المعتقلين حقل تجارب يجربون علينا العقاقير الجديدة قبل بيعها في الأسواق. ومن المؤكد أن الأطباء كانوا يقدمون لنا بعض الأدوية المنتهية الصلاحية. كان الأطباء جزارين كذابين، حيث كانوا يحاولون إقناع بعض الأخوة الجرحى والمصابين بجروح في أرجلهم وأيديهم بأن من الأفضل بتر أطرافهم حتى لا تصاب بالغرغرينا، لكن الإخوة كانوا يرفضون ذلك رفضاً قاطعاً. وقد كان الأطباء النفسيون يحاولون إيهام المعتقلين بأنهم في وضع نفسي خطير وأنهم ينصحونهم بتناول بعض العقاقير المهدأة، إلا أننا كنا نرفض الموافقة على تناولها. كان الأمريكيون مجرمون بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، فقد كانوا يتفننون في أساليب التعذيب النفسي والجسدي، ولولا فضل الله علينا وحفظه لنا، لكنا في عداد الأموات، أو ربما أصابنا الجنون والأمراض النفسية والعصبية.

جهراوي 05-06-2007 12:38 AM


بسم الله الرحمن الرحيم الحلقة الثالثة3/4
من مذكرات الأخ عادل كامل
مسيلمة الكذاب في غوانتنامو
كان في المعتقل مرشد ديني بنغالي الأصل اسمه سيف وهو ضابط برتبة نقيب، وكان يقول لنا أنه أخونا في الإسلام، وأنه يريد مساعدتنا، وأن الإفراج عنا قد أصبح قريباً جداً. وكنا نقول له أنه أشبه بمسيلمة الكذاب، وأنه يجب أن يخجل من نفسه بعمله مع الكفار الذين يعذبون من يدّعي أنهم إخوانه. كان هذا المسيلمة وبعض المترجمين العرب ممن كانوا يعملون مع المحققين يشيعون بين المعتقلين بأن الإفراج عنهم قد أصبح قريباً، وكان بعض الإخوة يتناقلون هذه الإشاعات رغبة في رفع المعنويات، وكنا نحذرهم من تصديق هذه الأقاويل لأنهم إنما يهدفون إلى تهدئتنا بهذه الإشاعات، وأننا لم نر من الأمريكان خيرا ولا صدقاً منذ وقعنا في أسرهم، فلماذا يصدقون معنا هذه المرة.

بداية التململ في معسكر X-RAYبدأ الشباب يتململون من طول البقاء في هذا المعسكر الرهيب وعدم معرفة المصير الذي ينتظرنا. فلم تكن الأمور واضحة ولم تكن تلوح في الأفق نهاية لهذا الكابوس. وبدأنا في التمرد وإزعاج الجنود والسؤال عن مصيرنا، وكنا نقول لهم إن كانت عندكم تهماً محددة ضدنا قدمونا للمحاكمة، وإلا فأطلقوا سراحنا. فكان الضباط والجنود يأتون لنا ويطمئنوننا بأن المحاكمات قريبة وأن من لم تثبت عليه تهمة الانتماء لتنظيم القاعدة سيفرج عنه قريباً، وأن الكونجرس الأمريكي قد بدأ في مناقشة ظروف الاعتقال وسن القوانين المتعلقة بنا.

من معسكر X-RAY إلى معسكر دلتا
بعد انقضاء أربعة أشهر من الاعتقال في معسكر X-RAY ، بدأ الجنود يتعاملون معنا بلطف وتهدئة، وكانوا يتجنبون استفزازنا، وعرفنا بعد ذلك أن الأمريكان كانوا يجهزون لنا معتقلا جديداً، لأنهم اكتشفوا أن تصميم الزنازين في معسكر X-RAY غير آمن، وأن الشبك المستخدم في بناء الزنازين لم يكن قوياً بما فيه الكفاية، فكانوا يخافون من أن يتمرد المعتقلون ويقوموا بفك الشبك وتحصل مواجهة بين المعتقلين والجنود، لذا فقد تم تصميم معسكر آخر وهو معسكر دلتا حيث تلافوا العيوب في المعسكر السابق، وكان هذا المعسكر أكثر إحكاما وشدة. وقد قضينا باقي فترة الاعتقال في معتقل غوانتنامو في معسكر دلتا، وكانت مدتها قرابة الثلاث سنوات وسبعة أشهر.

تصميم الزنازين في المعسكر دلتا
كانت الزنزانة في معسكر دلتا مصنوعة من نوع مزعج من الشبك، لأن الفتحات كانت صغيرة وحلزونية الشكل وذات مقاس بوصة مربعة واحدة فقط، فكان يتعب الرائي من داخل الزنزانة إلى الخارج. كانت مساحة الزنزانة مترين في متر وثمانين سنتيمتر، وكان بالزنزانة سرير حديدي مرتفع عن الأرض قرابة المتر، ويوجد في نهاية الزنزانة مرحاض أرضي ومغسلة صغيرة بها حنفية، والمساحة المتاحة للحركة داخل الزنزانة لا تتعدى متراً مربعاً واحداً تقريباً.
لقد صمم المعسكر دلتا بطريقة تهدف إلى كسر معنوياتنا حيث أن المعسكر يدار من قبل أطباء نفسانيين متخصصين في أساليب التعذيب النفسي التي قد تؤدي بالمعتقلين إلى الانهيار العصبي أو الجنون. كان الوضع في المعسكر دلتا أكثر سوءاً من معسكر X-RAY. كان المعسكر مطوقاً بأسلاك شائكة متعددة، وكانت هناك قرابة ستة حواجز أمنية بها حراسات من الأبراج وحراسات بين كل طوق من الشبك وحراسات خارجية وكاميرات مراقبة. كان المعسكر محكماً وشديداً جداً. كانت الإضاءة قوية جدا في المعتقل، وكانت الأنوار موجهة لكل زنزانة على حدة، ورغم أن المعسكر كان مشيّدا على ساحل البحر إلا أننا كنا محرومين من رؤية البحر لأن إدارة السجن قد وضعت سواتر على السياج الخارجي للسجن وذلك لمنعنا من النظر إلى الخارج. بدأ الجنود يشدون علينا من جديد في محاولة منهم لاستعادة جزء من هيبتهم التي فقدوها في الفترة الماضية، ورغبة منهم في معاقبة المعتقلين على ما قاموا به من تمرد واحتجاجات. ولكنهم لم يفلحوا في هذه المرة كذلك، حيث أننا قد تخطينا مرحلة الخوف من الجنود والعقاب منذ التجارب التي مرت بنا في معسكر X-RAY. وبدأ الجنود كذلك يتمادون في الاستهزاء بالشعائر الدينية والاعتداء على المصحف، فعاد الأخوة للتمرد والاحتجاج. كانت الإدارة تمنعنا من معرفة الوقت والتاريخ ودخول المواسم الدينية كرمضان والعيد وبداية العام وغيرها، لذلك فقد كنا نعتمد على أنفسنا في تحديد مواقيت الصلاة ودخول الأشهر وحلول المواسم الدينية، وكنا نوفق ولله الحمد إلى ذلك بصورة شبه دقيقة. وقد كانت إدارة السجن تتعمد افتعال المشاكل معنا، فكانوا على سبيل المثال يجعلون المجندات من النساء يتجمعن في أماكن اغتسال المعتقلين من أجل استفزازهم، فكان المعتقلون يرفضون الخروج للاغتسال احتجاجا على تواجد النساء. كما كانت المجندات يرافقن المعتقلين عندما يخرجون لممارسة رياضة المشي، فأضربنا عن الرياضة كذلك. واستمر الإضراب لفترة من الوقت وقمنا بالاحتجاج على هذه الممارسات السخيفة، حتى اضطرت الإدارة للانصياع لمطالبنا ومنع المجندات من القيام بهذه الأعمال.

جهراوي 05-06-2007 12:39 AM

من السجان ومن المسجون؟
كان الجنود يقضون نهارهم وليلهم في اللهو ومعاقرة الخمر والنساء والرقص والملذات التي يظنون أنها ستخفف عنهم ما يقاسون من ضغط نفسي، فقد كانوا في حكم المنفيين مثلنا تماما أو أكثر. فلقد ترك الجنود بيوتهم وديارهم وأسرهم إلى هذا المكان النائي، وواجهوا ظرفا لم يكونوا يتوقعونه من قسوة الحياة وصعوبة التعامل معنا، لذا فقد كانوا يعدون الأيام والليالي للعودة إلى بيوتهم لأن الوقت يمر عليهم ببطء شديد. كان الجنود يمارسون أساليب الضغط المختلفة علينا كجزء من برنامج الترفيه النفسي، ففي الوقت الذي كانوا يشعرون بكل هذا العذاب، كانوا يشاهدون المعتقلين وهم في أحسن حال يصلّون ويقرؤون القرآن ويضحكون وينشدون ويقيمون البرامج الترفيهية ويحتفلون بالمناسبات الإسلامية كالأعياد. وعندما يبدأ الأخوة في التمرد والصراخ والضرب على الشبك كان الجنود يفرون كالمجانين أو كالفريسة التي تفر من الوحش الكاسر، فألقى الله الرعب في قلوبهم من أناس مأسورين في الزنازين ولا حول لهم ولا قوة لهم.
أدى كل هذا إلى رد فعل عكسي على الجنود، وأصبحنا كأننا نحن السجانين وهم المساجين، رغم ما كان يقدم لهم من تسهيلات وتسلية للتخفيف عنهم مما يمرون به، ولكن السر الذي لم يكونوا يستوعبونه ولا يستطيعون فهمه هو أننا في معيّة الله وهم في معيّة الشيطان. تحول الوضع مع الزمن إلى تجلد وقوة وهمة عالية للمعتقلين، وأمراض نفسية واكتئاب وتعب شديد للجنود، وبدؤوا ينهارون ويبكون ويأتون إلى بعض الأخوة عند الزنازين يشتكون من إدارة السجن، وكانوا يقولون بأنهم يتمنون الموت من سوء الوضع النفسي الذي يمرون به وأنهم نادمين لموافقتهم على العمل في هذا المعسكر. كان الجنود يدّعون بأن إدارة السجن تفرض عليهم التعامل معنا بهذا الأسلوب، وكان بعضهم يحاول أن يتجنب التصادم مع المعتقلين واستفزازهم. وكان رئيس النوبة عندما يأتي لاستلام نوبة العمل، يأتي إلى المعتقلين يرجوهم أن يكونوا هادئين خلال فترة نوبته في مقابل أن يقدم لهم كل عون ومساعدة لأي طلب يريدونه من زيادة كمية الطعام وإطفاء الأنوار أثناء النوم، وإعادة الأغراض الشخصية للمعتقلين الذين عوقبوا بمصادرتها كالفرش وغيره. وقد أدى هذا الموقف إلى رفع معنويات الأخوة المعتقلين لأن السحر قد انقلب على الساحر وأن الله قد أذل أعداءه وثبّت أولياءه. وبدلاً من أن يتعب الأخوة وينهاروا فإن الجنود هم الذين تعبوا وانهاروا فعلاً. وكنا نذكّر بعضنا بعضاً بأن هذا كله من فضل الله وحده وليس بسبب قوتنا وتحملنا، ولا شك بأن التزام الإخوة بأداء الصلوات المكتوبات والسنن وقيام الليل وصيام النوافل والالتزام بالأذكار في أوقات الصباح والمساء والمداومة على قراءة القرآن وحفظه، كان له أكبر الأثر في تثبيتنا على مبادئنا الإسلامية.

مدير السجن الجديد يهودي
في أكتوبر 2002م تم تغيير مدير السجن إلى الجنرال اليهودي هود ميللر الذي جاء بكل غطرسة وتجبر وكانت لديه أجندة خاصة لإجبارنا على الانصياع إلى أوامره، ولكن المعتقلين قابلوا هذا الجنرال بمزيد من العناد والتصلب وعدم التنازل أو الرضوخ إلى مطالبه. وعادت الأساليب الرخيصة من الاستهزاء بالدين والشد على المعتقلين واستفزازهم، وكنا نرد عليهم بالرش بالماء والقاذورات من خلف الزنازين ورفع الصوت عليهم والتكبير، وهكذا كنا في كر وفر معهم، هم في الفضاء الفسيح ولكن أرواحهم مهزومة، ونحن في الزنازين الضيقة ولكن أرواحنا محلقة في الأعالي.

الزنازين الانفرادية
الزنزانة الانفرادية عبارة عن سجن من الحديد المصمت وهي محكمة الإغلاق من جميع الجهات ولا يوجد بها نوافذ. ويوجد بالزنزانة سرير حديدي ومغسلة ومرحاض، بالباب الحديدي للزنزانة فتحة صغيرة عليها شبك وفتحة أخرى لإدخال الطعام وكلا الفتحتين مغلقتين معظم الوقت، أبعاد الزنزانة مترين في متر وثمانين سنتيمتراً. فإذا ما نقّصنا المساحة التي يوضع بها السرير والمغسلة فإن المساحة المتبقية للمعتقل في الزنزانة الانفرادية للمشي والحركة والصلاة عبارة عن متر مربع واحد فقط. وأما فعبارة عن مكيف، فإذا ما أرادوا مضايقة المعتقل فإنهم يرفعون درجة البرودة بالزنزانة لتصبح كالثلاجة أو كالفريزر، فتتجمد جدران الزنازين الحديدية حتى أن راحة اليد قد تلتصق بالجدران من شدة البرودة، أو يقومون بإغلاق المكيف لتصبح الزنزانة كالتنور من شدة الحرارة.

محاولات الانتحار كانت إدارة السجن تشيع بأن بعض المعتقلين قد حاول الانتحار وكانت تسرب هذه الإشاعات للخارج، وقد تكون لهذه الإشاعات مآرب متعددة منها كسر معنويات الأخوة ورفع معنويات الجنود، ومنها تشويه سمعة المعتقلين وأنهم لم يعودوا قادرين على الصمود والصبر، ومنها وهو الأهم أن أي معتقل يموت تحت التعذيب سيقولون بأنه قد حاول الانتحار عدة مرات، وأنهم فشلوا هذه المرة في إنقاذ حياته. والحقيقة أنه لم يحاول أي من المعتقلين الانتحار ولم يفكر حتى بذلك، فكيف يعكف المعتقل على حفظ كتاب الله، بل إن غالبية المعتقلين أتم حفظ كتاب الله في المعتقل، مما يدل على الهمة العالية عند المعتقلين، ثم يقدم على الانتحار وهو يعلم أن المنتحر جزاؤه الخلود في النار. وعلى العكس فقد كان الأطباء يعالجون مرضاهم النفسيين من الجنود الأمريكان ويقدمون لهم العقاقير المهدأة، وكانوا يحاولون جاهدين إقناعهم بالعدول عن فكرة الانتحار، وبالفعل فقد أقدم العديد من الجنود على الانتحار ونجح بعضهم في ذلك.

جهراوي 05-06-2007 11:47 PM


إرجاع المصاحف إلى إدارة السجن
بعد تكرر حوادث إهانة المصحف تيقنا بأن إهانة المصحف تأتي ضمن برنامج مخطط وليس بسبب تصرفات فردية من بعض الجنود. ومما يؤكد ذلك قيام المحققين بمعاقبة بعض المعتقلين عندما لا يتجاوبون معهم بسحب المصاحف منهم من قبيل الضغط علينا لكي نتجاوب ونرضخ. وكنا نرفض استخدام كتاب الله كوسيلة من وسائل التعذيب والضغط النفسي على المعتقلين. ورغم أن المصحف كان عزاؤنا وملاذنا وسندنا، إلا أننا تشاورنا وقررنا إرجاع جميع المصاحف إلى إدارة السجن احتجاجا على هذا التصرف. ولما رأت الإدارة بأن جميع المعتقلين متفقون على إرجاع المصاحف، رفضت استلام المصاحف وبدأت في السؤال عن السبب، فأخبرناهم بأن القرآن كتاب الله وهو دستور المسلمين وأننا أحرار في قبول المصاحف أو إرجاعها، ولكن إدارة السجن رفضت سحب المصاحف بل وأرسلت قوات الشغب لإدخال المصاحف علينا بالقوة، وقاموا برش مادة خانقة ومخدرة علينا أثناء دخولهم علينا في الزنازين ولكننا أصررنا على إعادة المصاحف حفاظا عليها من تصرفات الجنود الأوباش.

الدور المشبوه للصليب الأحمر
كان الصليب الأحمر يشارك في الجريمة التي يتعرض لها الأخوة، وفي تلفيق الأكاذيب ضدنا. وكان موظفو الصليب الأحمر يعينون الجنود أثناء التحقيق باستدراج المعتقلين نفسيا للبوح ببعض المعلومات التي لا يتمكن المحققون من الحصول عليها من المعتقلين أثناء التحقيق. وقد ينخدع المعتقل في بعض الأحيان بأن الصليب الأحمر قد جاء لمساعدته ومن ثم يعطيه بعض المعلومات التي يقوم رجال الصليب الأحمر بنقلها للمحققين. كنا نشكو للصليب الأحمر بأن الماء الذي نشربه في الزنازين كان ملوثا، وكانوا ينفون ذلك بشدة ويدعون أن الماء نقي وصحي، فكنا نطلب منهم أن يشربوا منه ليثبتوا لنا أنهم صادقين، فيرفضون الشرب منه. كان موظفو الصليب الأحمر يكذبون علينا ويعطوننا الوعود والآمال عن قرب الإفراج عنا إذا ما تعاونا مع المحققين. لذلك فقد كنا متيقنين بأن هؤلاء يحملون من الحقد على العرب والمسلمين بنفس القدر الذي يحمله ضدنا الجنود الأمريكيون، مما يؤكد أن الصليب الأحمر كان يقوم بدور مشبوه في المعتقل.

التحقيق المتقطع
لم يكن التحقيق مع المعتقلين يتم بشكل منتظم وإنما كان يتم بشكل متقطع وفي فترات متباعدة، وأما بالنسبة لي فلم تتجاوز عدد مرات التحقيق معي طوال الأربع سنوات ثمانية عشر مرة. كان التحقيق منصبا على السؤال عني وعن وضعي في السجن وأسئلة عن بلدي وعن الوضع السياسي في البحرين والجماعات والتنظيمات السياسية فيها وعلاقتي بهذه التنظيمات. كانوا يعرضون علي صوراً لأشخاص من البحرين ومن خارج البحرين ولكنني كنت أغمض عيني وأبدأ في قراءة القرآن بصوت عالٍ من باب الرفض لسماع الأسماء ورؤية الصور، وكانوا يقولون لي بأن من مصلحتي التعاون معهم لأن ذلك سيعجل بإطلاق سراحي، فكنت أقول لهم بأنهم يسألون عن أمور لا علاقة لي بها وأنهم اعتقلوني بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة والقتال في أفغانستان، فإن كان لديهم أية أسئلة تتعلق بهذه الموضوعات سأجيب عنها. ولكنهم لم يسألوني قط عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر ولا عن أحداث أفغانستان أو الحرب على ما يسمونه بالإرهاب.
وسائل التعذيب
إن وسائل التعذيب التي تمارس ضد المعتقلين كانت متنوعة ومتجددة بشكل دائم، وقد استخدموا أساليب قاسية جداً، منها الضرب المبرح والتقييد إلى الأرض بشكل مسمر لمدة ثماني وأربعين ساعة مع المنع من أداء الصلاة والذهاب إلى الحمام وعدم تقديم الطعام والشراب، ومنها تقييد الرجلين إلى اليدين من الخلف بشكل مؤلم، والتحرش الجنسي من قبل المجندات وتعري المجندات أمام المعتقلين وتلويث أجسادهم بدم الحيض، كما كانوا يهددون المعتقلين بالاعتداء عليهم جنسياً، وكانوا يقومون بإدخال قوات الشغب إلى غرف التحقيق لإرعاب المعتقلين وضربهم، وكانوا يقومون بتشغيل الموسيقى الصاخبة في الليل والنهار على المعتقل أثناء التحقيق معه مع تسليط الأنوار العالية على أعينهم طوال الليل لمنعه من النوم، فإذا ما أغلق عينيه رشوا عليه مادة حارقة في الأنف لإرغامه على فتحهما. وكانوا يضعون المعتقلين في الزنزانة الانفرادية لفترات طويلة. وقد وضعوني في السجن الانفرادي مدة شهر كامل، ووضع غيري من الأخوة لمدة تصل إلى ستة أشهر أحياناً وتحت درجات حرارة عالية أو منخفضة، وكانوا يهددوننا بإدخال الكلاب علينا في الزنزانة، وقاموا بمصادرة الفرش وقطعة البلاستيك الرقيقة المفروشة على أرضية الزنزانة لمدة تزيد على الشهر مما يضطر المعتقل للنوم على الخرسانة. كانت إدارة السجن تتلاعب بالطعام المقدم لنا بحيث تخلط الأرز المطبوخ بأرز غير مطبوخ، أو تخلط الخضراوات السليمة بخضراوات فاسدة عفنة تفوح منها رائحة كريهة. وكانوا يزعجوننا أثناء أداء الصلوات بتعمد رفع الصوت وافتعال الإزعاج حتى يشوشوا علينا في الصلاة. وكانوا يغسلون العنابر ويكنسونها في أوقات النوم لمنعنا من النوم، ولكننا ولله الحمد كنا نتأقلم مع الظروف المتجددة. لقد استخدم المحققون معنا جميع أساليب الترغيب والإغراء، فقد كانوا يمنوننا بإعطائنا الأموال والعودة إلى بلادنا مع توفير متع الحياة الغربية وتم إغراؤنا بالنساء وهم من يدعي حفظ حقوق المرأة والدفاع عن كرامتها، ووعدونا بمنحنا الجنسية الأمريكية إذا قدمنا لهم المعلومات والأدلة التي تدين بعضنا البعض أو تفيدهم فيما يسمونه الحرب على الإرهاب. ومن أساليب التعذيب النفسي أن يقوم الجنود بإخبار المعتقل بأنه سيفرج عنه ويعطونه ملابس عادية ليلبسها ويأخذونه إلى الطائرة، وعند باب الطائرة يقولون له أنه قد حصل لبس في الأسماء ثم يعيدونه إلى الزنزانة.
ولكننا لم نرضخ لوسائل الترغيب والترهيب. وكانت تصرفات الجنود في نظرنا أقرب إلى تصرفات الأطفال أو المخبولين، وأيقنا بأنهم ليست عندهم مروءة ولا رجولة وأنهم لا يفهمون شرف الجندي الحقيقي، وأيقنا كذلك أنهم جبناء إلى درجة لم نكن نتصورها.

جهراوي 05-06-2007 11:49 PM


البرنامج اليومي من الصباح وحتى المساء
شجع المعتقلون بعضهم بعضا على تنظيم الوقت واستغلاله الاستغلال الأمثل لما في ذلك من رفع للمعنويات وطرد للهموم ووساوس الشطان. فكان البرنامج اليومي حافلاً بالفقرات، فيبدأ بصلاة الفجر ثم الأذكار والتسبيح حتى الشروق ثم نصلي صلاة الضحى حتى وقت الإفطار، ومن بعد الإفطار يبدأ برنامج حفظ القرآن والتلاوة والمراجعة والتسميع. ثم نقوم بمزاولة بعض التمارين الرياضية في المساحة المتاحة لنا داخل الزنزانة، ثم تبدأ فقرة التواصل والدردشة بين المعتقلين حتى وقت صلاة الظهر ثم الغداء ثم القيلولة وأخذ قسط من الراحة حتى وقت صلاة العصر. ومن بعد صلاة العصر يبدأ البرنامج الرياضي والثقافي حيث نقوم بحفظ بعض الأحاديث النبوية والأشعار والأقوال، ثم نبدأ بتلاوة أذكار المساء المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقت صلاة المغرب. ومن بعد الصلاة تبدأ البرامج العامة في كل عنبر كالنشيد الجماعي والاستماع إلى الكلمات والمواعظ والدروس الفقهية وغيرها من العلوم الشرعية التي يقدمها بعض طلبة العلم حتى صلاة العشاء. وبعد الصلاة تبدأ فترة الهدوء والاستعداد للنوم حتى نقوى على قيام الليل قبل صلاة الفجر. وكان بعض المعتقلين يتسامرون بعد صلاة العشاء لفترة وجيزة ويتحدثون عن مشاريعهم المستقبلية بعد الخروج من المعتقل، فلم يكن هناك مكان لليأس في قلوب المعتقلين، بل كان الجميع على ثقة ويقين بأن السجن وإن طال فإن الله لن ينسانا، ولا بد من بصيص نور في نهاية النفق المظلم. وقد كان هذا البرنامج الحافل والجلسات الجانبية مع الأخوة جميلاً ومفيداً ورافعاً للروح المعنوية لنا جميعاً.

المحامين
استلمت رسالة من أحد مكاتب المحاماة الأمريكية تعرف بالمكتب والأنشطة القانونية التي يقومون بها، وأنهم يودون تمثيلنا والترافع لصالحنا أمام المحاكم الأمريكية بشكل تطوعي، وقد أخبروني بأنهم سيرسلون لي اثنين من المحامين التابعين لهم للتعريف أكثر بالمكتب ولأخذ موافقتي الرسمية على الترافع عني وتدوين إفادتي عن كيفية الاعتقال والتهم الموجهة لي من قبل المحققين الأمريكيين. وفعلا فقد قام اثنان من المحامين بزيارتي في المعتقل في سبتمبر 2004م. وعندما جاء المحاميان عرفوني بأنفسهم وأكدوا التعريف بالمهمة التي حضروا من أجلها، ثم ذكروا لي أنهم يودون التحدث معي بإسهاب عن قضيتي حتى يتسنى لهم الدفاع عني. فقلت لهم بأنني أود الاطلاع على ما يثبت أنهما المحاميان اللذان ورد اسماهما في الرسالة فأخرجا لي بطاقة التعريف، فقلت لهم بأنني أود أن أرى أي بطاقة رسمية أو جواز سفر أو رخصة السياقة للتحقق أكثر من هويتهم، فأخرجا لي بطاقاتهما، ولما تيقنت أنهما المحاميان المعنيان وافقت على بدء التعامل معهما وأخبرتهما عن قصتي باختصار من يوم دخولي أفغانستان وحتى ساعة اعتقالي.
تكررت زيارة المحامين لي خمس مرات خلال فترة الاعتقال الأولى في عام 2004 والزيارات الأربع التالية في عام 2005. وكان المحامون في تلك الزيارات يخبرونني بتطورات سير القضية في المحاكم الأمريكية، وأنهم متفائلون بكسب القضية لصالحنا، وأن قضيتي قد عرضت على المحكمة الأمريكية الأولى وانتهت لصالحي، وأنهم ينتظرون نتيجة القضية في المحكمة المتوسطة. كان المحامون مؤدبين ومحترمين وكانوا يودون خدمتنا وتوصيل ما نرغب من أخبار شفهية لأهلنا حيث لم يكن يسمح لهم بإحضار أية أشياء لنا من كتب أو ملابس أو رسائل من أهلنا، كما كانوا يقولون بأن إدارة المعتقل تفرض على المحامين أن يفصحوا لهم عن أي قضايا تدور أو تناقش بينهم وبين المعتقلين. كما أخبرنا المحامون بأن هناك حقوق مقررة لنا كمعتقلين ولكن إدارة المعتقل تحرمنا من معرفتها، بل وتحاول أن تضيق على المحامين حتى يتركوا القضية.
كنت أخشى أن يكون هذان المحاميان من عملاء مكتب التحقيقات وأنهما يقومان بتمثيل دور المحامي، حيث لم يكن من السهل أن أثق بأي أحد من الأمريكان بعد المعاناة التي عشتها في قبضتهم طوال هذه السنوات. كما كنت أجزم في فترة من الفترات أن مسألة المحامين هي جزء من المسرحية الإعلامية التي تمارسها الإدارة الأمريكية على المجتمع الدولي سواء بعلمهم أو بدون علمهم بغرض تخفيف الضغط الذي تتعرض له الإدارة الأمريكية، وكنت أخبر المحامين بهذا الشعور الذي ينتابني، فكانوا ينفون بشدة هذه الظنون ويقولون بأنهم يدافعون برغبة صادقة من المكتب ومنهم شخصيا.

جهراوي 13-06-2007 08:46 AM

لا تنسوا أسودنا في غوانتنامو

ندبت حروفي وأشعارَهـا ** لتذكر(كوبا) وأخبارَهــا
فلبَّت وشجوٌ بها يجتوي ** نيـاط القـلوب وأوتارَهـا
بشعر أبِـيِّ ينادي يقول ** أعيـدوا الأُسود ومغوارَهـا
تركتم ليوث الوغى بالقيود ** وقد فارق النور أبصارَهـا
تراهم بقيْـد العدوّ الحقود** يقيم السجـون وأسوارَهـا
ويبغي عليهم بنار العذاب** خبيـث الضغينـة موّارَهـا
يقتّل فيهم ، ويفري:انتحار ** وحاشا الأسودَ وإصرارَهـا
وحاشا(ابن شامان)حاشا(صلاحا)**وياسر حاشا،وأفكارَها
شهيد الجزيرة (عمري)الأسير** أتتـه الشهـادة فاختارَها*
مضوْا في شموخٍ كشُمِّ الجبال** أعادوا الرجـالَ وأدوارَها
أعادوُا الشجاعة من بعد أن ** طواها الزمان وأنصارَهـا
ولبَّوْا نداء الجهاد الذي ** يُذلّ (بأمريكـا) جبّارَهــا
يراها فيرتد ذعرا يخاف ** قناهــا ويرهـب بتّارَهــا
لينصر أمّةَ طه الرسول ** ويحمـي الذمـار وأقطارَهـا
بسيف حسام ووحيٍ كريم ** ستُحيي الشريعـة آثارَهـا
ففكوا عناء الأسير الذي** يناجي السماء و أقمارَهــا
ويذكر حينا بنات صغار ** ويذكـر زوجـاوأسرارَهـا
فيبكي ويُبْكي بـ(كوبا) الجدار**جدار السجون وعُمّارَها
ومايبكي ضعفـا ولكنّها ** ستقضي الصبابةُ أوطارَهـا
وفكُّ الأسير كفرض الجهاد ** ففكُّوا الأُسارى وآصارَها
حامد بن عبدالله العلي
* الأسرى : مانع بن شامان ، وصلاح اليمني ، وياسر الزهراني ، وعبدالرحمن العمري ، قتلوهـم في سجن غوانتنامو ، وزعمت البنتاغون كذبا أنهم انتحروا ، ثم سُلِّمت جثثهم إلى أهليهم مشوّهة ، وقد أزيلـت منهـا الأعضاء الداخلية ، لأنها هي التي تكشف أسباب الموت الحقيقية ، ومع ذلك أُسدل الستار على هذه الجريمة الشنيعة ، وتمّ التسـتر عليها ، والعجب العجاب صمت الدول العربية على ما يفعل بمواطنيها من إنتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان في غوانتنامو ، بينما قامت الدول الأوربية بإسترجاع مواطنيها من ذلك المعتقـل البائس ، ثـم لاحقـت الإدارة الأمريكية قضائيا بسبب التعذيب ،
فإلى الله المشتكى !!


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.