أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة السياسية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=11)
-   -   مصيدة التطبيع في غزة (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=47163)

fadl 20-08-2005 07:50 AM

مصيدة التطبيع في غزة
 
Man9ool
Al-Quds Al-Arabi
Online

مصيدة التطبيع في غزة
2005/08/20

عبد الباري عطوان
نجح ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي في استثمار الانسحاب من قطاع غزة امريكياً واعلامياً، والخوف كل الخوف ان ينجح في استثماره عربياً ايضاً، فقد انهالت عليه التهاني والاطراءات من العديد من الزعماء العرب، وخاصة الرئيس حسني مبارك.
شارون لا يستحق الاطراء والاشادة، فهو لم يقدم علي خطوة الانسحاب هذه اعتدالاً او من منطلق حسن النية تجاه العرب والفلسطينيين، وانما للحفاظ علي التفوق الديموغرافي اليهودي، وتكريس الوجود الاستيطاني في القدس المحتلة وباقي انحاء الضفة الغربية، مثلما صرح اكثر من مرة.
وربما يفيد التذكر بان قطاع غزة يمثل اقل من اثنين في المئة من مساحة فلسطين التاريخية، وسيتحول الي سجن كبير بعد الانسحاب، لان الاسرائيليين يتطلعون الي استمرار سيطرتهم علي اجوائه ومياهه الاقليمية ومعابره، ولكن هذا لا يعني التقليل من الانتصار الكبير الذي حققته المقاومة بكل فصائلها وتحقيق اول هزيمة للمشروع الاستيطاني الصهيوني علي ارض فلسطينية.
نفهم ان يسقط الاعلام العالمي في مصيدة المستوطنين، ويخصص تغطية حية لمقاومتهم لعمليات الاجلاء هذه، وابرز الصعوبات التي واجهت القوات الاسرائيلية في هذا الخصوص، ولكن لا نفهم ان تسقط بعض وسائط الاعلام العربية في المصيدة نفسها، وتخدم اهداف شارون دون ان تدري.
فالرجل يريد ان يقول للعالم، ومن خلال هذا السيرك الاعلامي التهريجي الضخم، انظروا صعوبة اخلاء ثمانية آلاف مستوطن وحجم الآلام الناجمة عن ذلك، فكيف سيكون الحال اذا ما تقرر تفكيك مئة وخمسين مستوطنة، واجلاء حوالي ثلاثمئة الف مستوطن من الضفة والقدس المحتلين؟
ہہہ
شارون لم يدرب قواته الاسرائيلية علي كيفية التحلي بأعلي درجات ضبط النفس والحساسية المفرطة عندما ارسل دباباته وبلدوزاراته لتدمير مئات المنازل في مدينة رفح المحتلة، ولم يعط اهلها دقائق معدودة قبل ان تداهمها بلدوزاراته بوحشية غير مسبوقة.
الرأي العام العالمي الذي انطلت عليه دموع المستوطنين الكاذبة التي ذرفوها علي منازلهم المسروقة في مستوطنات غزة، لم يتوقف عند منظر اطفال رفح وجنين ونابلس وجباليا وهم يبحثون بين انقاض منازلهم المدمرة عن كراريسهم وكتبهم وبقايا ملابسهم المدرسية البالية.
عندما طردت العصابات الارهابية اليهودية اكثر من سبعمئة الف فلسطيني من مدنهم وقراهم عام 1948 لم ينقل هؤلاء بحافلات مكيفة الي فلل فارهة، وانما الي العراء، وتحت تهديد السلاح.
في مدينة رفح وحدها حوالي خمسة عشر الف انسان يعيشون في العراء بعد تدمير منازلهم، وعندما حاول بعض الصحافيين والمراقبين الاجانب مثل توم هيرنديل (بريطاني) وريتشيل كوري (امريكية) وجيمس مللر الوقوف في طريق البلدوزارات او تصوير هذه العمليات الاجرامية كان مصيرهم الموت بالرصاص الاسرائيلي.
الزعماء العرب ارتكبوا خطايا كثيرة وكبيرة، والمأمول ان لا يرتكبوا ام الكبائر اي التطبيع مع شارون وحكومته، كمكافأة علي الانسحاب من قطاع غزة، فقد كشف سلفان شالوم وزير الخارجية، وفي حديث مع صحيفة كويتية عن زيارات متعددة لرجال اعمال خليجيين للدولة العبرية، وقال ان هناك اكثر من دولة تستعد لاقامة علاقات دبلوماسية معها.
ہہہ
علي الزعماء العرب ان يتذكروا ان تحرير قطاع غزة لم يتم بسبب جيوشهم الجرارة، ولا جهودهم الدبلوماسية المتميزة، وانما بفضل تضحيات المحاصرين المجوعين في الاراضي العربية المحتلة، ولذلك نتمني عليهم ان يتريثوا، وان لا يهرولوا نحو التطبيع لان هذا سيشجع شارون علي المزيد من البطش، والمزيد من الاستيطان في الضفة الغربية والقدس.
المفاوضات السرية في اوسلو وما تمخض عنها من اتفاقات ضاعفت اعداد المستوطنين من 140 الف مستوطن الي ثلاثمئة الف، مثلما ضاعفت عدد المستوطنات، وجاءت الانتفاضة المسلحة لتصحيح هذا الوضع الخاطيء، وتسجيل سابقة تفكيك اول مستوطنات يهودية علي ارض فلسطينية.
التطبيع مع شارون لن يشجعه علي العودة الي مائدة المفاوضات او وقف عمليات الاستيطان وابتلاع القدس المحتلة، بل ربما يؤدي الي نتائج عكسية تماماً، لانه سيفسر هذا التطبيع علي انه علامات ضعف، ومباركة لسياساته الاستيطانية هذه.
ہہہ
يجب ان تتذكر الانظمة العربية ان سنوات الشعوب العربية العجاف قد اوشكت علي الانتهاء، وان السنوات السمان قادمة لا محالة، وما يجري حالياً في العراق من افشال للمشروع الاحتلالي الامريكي، وتحول العراق الي قاعدة لانطلاق الهجمات ضد دول الجوار (الاردن، ومصر والسعودية حتي الان)، وتحرير المقاومة لاول قطعة ارض فلسطينية في قطاع غزة الا ابرز المؤشرات في هذا الصدد.
سياسات الركوع امام المخططات الامريكية، والتطبيع المتسرع مع الدولة العبرية ساهمت وتساهم في هز استقرار المنطقة وتغذية التطرف، واتساع دائرة العنف والارهاب.


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.