الحـمــــيـــر 99
 

بعد ان استفحل داء الاستحمار أو التحمر أو الاحمرار ، لا ادري أيهما أختار ... لغة المتوحشين صعبة، والأعجمي المتحضر منها و من أهلها محتار.
قلت بعد ان استفحل هذا الداء العضال، و أصبح ذوو الاثنين من ذوي الأربع.. أو حتى الخمس ( الذيل option)، قمت بجمع ما بقي من حكايات الحمير التي تروي زمنا كنتم تتندرون بغباوتهم فصرتم اليوم الى حالهم..

حملت الحكايا و قذفت بها في عرض البحر و نفضت يدي، فخرجت الأسماك تضحك.

كيف حالك الآن عزيزي؟
الحمد لله زفت..
لا زلت بحروف علتي اشنق
و لا زالت الحمير بحكاياتها تتندر و تضحك.

محاولة اخرى فاشلة ... لو كان عندي جزء من المائة من عفوية.. لفضلت أكل الهمبرجر و البقاء على الهامش و لما دخلت التجربة، فالتجربة من الشيطان كما جاء في الكتاب المقدس.. و الهامش ملجأ آمن من ركلات الحمير.



الحمار.. حيوان يمشي على أربع.. له أذنان طويلتان.. و ذيل يهش به الذباب..
و علمت أن العرب كانت تسمي كل مائة عام حمارا.. تقليد حيواني دأب عليه القوم من ذوي الأصول الحمْيَرية.. فمثلا لما قارب ماك بني أمية مائة سنة لقبوا مروان بالحمار.. فدعي بهذا اللقب المشهور و عرف به في كل كتب التاريخ ..
(مروان الحمار).. و قيل أيضا أنه لقب بهذا الاسم لأنه كان لا يجف له لبد في محاربة الخارجين عليه.. كذا في تاريخ الخلفاء للسيوطي..

لكن الأمس ليس كاليوم..

في عصرنا اشتهر الحمار بالغباء.. لكن يقول البعض ان الحمار في الحقيقة شديد الذكاء و لكن قصور تفكير العربي عن مستوى ذكاء الحمار هو الذي يعطيه الانطباع (أو الانضباع سمها كما شئت) و الاحساس بأن الحمار غبي.
و قد قرأت بحثا علميا يؤكد هذه النظرية حتى أن البحث أورد أن الحمار يفوق ذكاءه ذكاء الحصان بعشر مرات على الأقل..

عندما تقوم بتصرف غبي جدا.. عادة ما تسمع صوت نشاز يسألك بفم مفتوح: هل أنت حمــأر ؟؟
و عندما يقوم الماني بمراوغة البغال و تسديد كرة قوية تستقر مباشرة في زاوية المرمى مسجلا الهدف الثامن.. لا يجد الحارس خيارا غير النظر بحسرة و القول : يا إلهي كيف رماها الحمار..

من الواضح أن الحمار مثار اختلاف وجهات النظر .. و لربما كان من الاجدر بفيصل القاسم أن يدعو خصمين ليناقشوا ذكار الحمار و غبائه.. و إن كنت أدعو الله ألا يقوم فيصل بدعوة بعض الحكام العرب للنقاش فلا نرغب اقحامهم في حوارات قد تلهيهم عن حضائرهم..

لا علينا.. و في الحقيقة لا يهمني و ربما لا يهمكم من أمر ذكاء الحمار شيئا و كذا لا يهمنا فيصل القاسم و برنامجه.. ما يهمنا - ربما - هو أمر الحاكم العربي المبجل.. و لأنكم سئمتم الحديث عن الحكام العرب أو يفترض ذلك.. فأنتم قربة مثقوبة لا يفيد معها النفخ حتى لو أمضينا السنين و القرون نشرح لكم أنوار و افضال الديمقراطية.. فلن أخوض اليوم في امر حكامكم و لا في أمر حضائرهم.

سأعود بحديثي للحمار.. بغض النظر عن ذكائه أو غبائه.. يعتقد الكثير أن الشماغ قد يغطي حموريته كما هو حال الأغلبية المطلقة (بالثلاث من طرفي).. بحيث لا يبدو للشخص العادي للوهلة الاولى ما يدعو للاعتقاد بأن هذا الانسان حمار.

و يتفنن بعض التجار و اصحاب المحلات في تقديم خدمات تساعد الحمار على أن يبدو أكثر حمورية و تساعد غير الحمار بأن يكون حمارا أو لنقل بأن يستحمر.. أو كما عبر عن ذلك المفكر و فيلسوفنا الكبير أرغون بالقابيلة للاستحمار..

قمت بزيارة لسوق تجاري راقي.. و بينما أجر خطواتي اتلفت يمنة و يسرة كسرا للملل المصاحب للتسوق في مثل هذه الاماكن.. شد نظري محل يبيع الهواتف المؤلمسة ( و هذا مصطلح ابتكرته للتو و احتفظ بحقوقه) أي المطلية بالألماس.. و يعلق صاحب المحل لوحة تقول ان هذا الهاتف المحمول لا يوجد منه سوى 29 مثيلا حول العالم فقط.. اما المعنى الحقيقي للاعلان فهو : لا يوجد سوى 29 حمارا غيرك يحملون هذا الجهاز حول العالم.
و علمت أن مشتريا ظهر على صاحب المحل بشكارته.. و قيل إنه الأمير..( بيني و بينكم أبوه سلطان)..

و أذكر أن مقهى اشتهر ببيع كوكتيل بمائة و خمسين درهما.. لا شيء مختلف في هذا الكوكتيل عن باقي.. les merdes emmerdantes de cette tente.. سوى أنه و عند تقديمه لك يتم اطفاء كل الاضاءات في المحل و تسليط ضوء عليك مع بعض البخار .. و لسان حال الموقف يقول : شوفو صاحب الكوكتيل (الحمار هاهو)..

يتصل حمار أو مستحمر على قناة فضائية خليجية.. و يهدي الأغنية لأخيه بدر.. فتٍسأل مقدمة البرنامج بابتسامة حمارية : و اين هو بدر؟
يرد : هو بغرفة الحريم لأن خالتي جاءتنا و هي نائمة بغرفته..
ترد هي : ان شاء الله يرجع لكم بالسلامة أو تزوروه في القريب العاجل..
أوجه كثيرة للحمار و هي أكثر للمستحمر.

و سيزداد الاغنياء غناء.. و سيزداد الفقراء فقرا..
سيزداد الاقوياء قوة .. و سيزداد العرب عربا.
بفضل جهود حمار أو مستحمر أو حمار مستحمر.

ملاحظة: كرم تالله ابن آدم عن غيره.. و عندما أشبهه بالحمار فلا أقصد التشبيه الشكلي أو العضوي او الحسي.. ما أقصده غير ذلك و هو موضح في الموضوع.. إن لم تفهمه قد تكون حمارا.. و هنا لا ذنب لي.