أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

رضا الناس

.. الناس في زمن الحيرة يزرعون الحيرة في النفس حيث لا تعرف كيف تكسب رضاهم، ولا يمكن ان تدرك ابداً مبتغاهم.. مهما تفعل، مهما تكتب، مهما تقول، هناك من لا يرضى وهناك من لا يقتنع، وهناك من يسب ويشتم «ويلعن ويشاحن» لسبب او من غير سبب..

.. مسلسل يومي لا يكاد ينتهي عند طرح قضايا ساخنة للنقاش نتهم بالمبالغة والتهويل واصطناع القضايا دون اساس يذكر.. نبتعد عن القضايا الساخنة، نرمى باتهامات التقصير والتغريد خارج السرب، ودفن الرؤوس في الرمال كما تفعل النعامة..

.. نتطرق الى بعض القضايا الخفيفة نجد من يلوح لنا بكلمات تافهة، ومواضيع سطحية، وتهميش للعقول..

.. نكتب عن انجاز ما فنتهم مباشرة باستغلال المناصب، والركض وراء المصالح الشخصية، واتباع اساليب المجاملة والنفاق.. نبتعد عن الانجازات. ونوجه بعض الانتقادات تلسعنا الالسن باتهامات من نوع حاقدين.. اعداء.. وعيوننا لا ترى الا الاخطاء فهي عين الحقد التي تبدي المساويء فقط!! .. نوجه اللوم فنجد من يضاعف اللوم ويرده علينا، نفضل تقديم النصيحة نجد من يقول: «خلوا نصيحتكم لكم»، كتبنا بحرية اعتبرها البعض تطاولاً وتجاوزاً وبعداً عن اللياقة الادبية، واذا قررنا خفض السقف والتزمنا بالاعراف السائدة نتهم بالجبن وعدم استغلال هامش الحرية المسموح به، بل شياطين باعتبار الساكت عن الحق شيطان اخرس!! .. تكتب عن موضوع ما فتجد على الفور من يقول : «خلصّت» المواضيع في العالم حتى تكتب عن ذلك الموضوع؟!..

تتجاهل الكتابة فيه تجد على الفور من يتهمك بانعدام الاحساس فلماذا لم تكتب في ذلك الموضوع!! .. اذن ماذا نفعل؟ كل الابواب مسدودة ووراء كل باب مئة سبب وسبب يملكه صاحبه لاقناعك بعدم الولوج..

.. كيف يمكن ارضاء البشر، والجميع متأكد من ان رضا الناس غاية لا يمكن ابداً ادراكها.. وكيف يمكن التوفيق بين امزجة مختلفة ومتغيرة ومعقدة احياناً؟! .. امر صعب ومحير بالفعل.. ولا يمكن ايجاد حل له سوى اقناع النفس دائماً بأن رضا الناس امر مستحيل، وبالتالي مهما فعلنا سنجد من يسفّه ويحقّر ما نفعل..

.. هذه الحيرة ترجمها الشاعر محمد ظافر الشهري في ابيات جميلة جداً ومعبرة هي اقرب للامثال والحكم من مجرد قصيدة رائعة حيث يقول: ضَحكت فقالوا الا تحتشم بَكيت فقالوا الا تبتسم بَسمت فقالوا يرائي بها عَبست فقالوا بدا ما كتم صَمت فقالوا عليل اللسان نطقت فقالوا كثير الكلم حلمت فقالوا صنيع الجبان ولو كان مقتدراً لانتقم بَسلت فقالوا لطيشٍ به وما كان مجترئاً لو حكم يقولون شذّ اذا قلت لا وإمعة اذا وافقتهم فأيقنت أَني مهما ارد رضا النّاس لابد من ان أذم.....