أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   خيمة الثقافة والأدب (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=9)
-   -   جسد بلا روح (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=32861)

صلاح الدين القاسمي 01-09-2003 03:30 PM

تحية إعجاب و تشجيع
 
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِدِنَا مُُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ النَّبِيِ الأُمّي وَ عَلَى آلِهِ وَ صَحْبِهِ وَ سلّم
__________

الأخت الفاضلة الرقيقة : دلوعة بابا / السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كل هذا الإبداع ، وتقولين : جسد بلا روح ؟؟؟


حقيقة ، لقد أعجبت بأسلوبك القصصي الجميل

أنت تمتلكين عشقا نادرا للتفاصيل المهمة

فحافظي على عشقك هذا من تحجر المشاعر في زمننا هذا

و فعلا ،استحضرتني مقولة جميلة و انا أقرا تجربتك الناجحة هذه

مقولة للفرنسيٍ VOLTAIRE حيث قال :

{ بعض القصص كالشعلة في مواقدنا ،
نأخذها من جارنا
و تضع الدفء في دارنا
ثم نوصله للآخرين
و هاهو ملك للجميع
}


*** مع تصرف قليل مني ،إذ هو قال : (( الكتب ))و أنا أبدلتها بكلمة(( القصص))

______

أردت أن أحييك و أشجعك على الكتابة ، فأسلوبك صدقا اكثر من رائع
و السلام
:thumb:

أطياف الأمل 02-09-2003 07:21 PM

الماضي يعود من جديد


ما حدث معي بالسوق ظل عالقا بذهني طوال اليوم .. حبست نفسي في

حجرتي ولم أخرج .. خفت أن أخرج فأجد سعود .. خفت أن يسألني عن ما

مضى .. عن ما حدث لي في السابق .. ولكن يبدو أن سعود لم ينتظرني لأخرج

..فلقد جاء هو بنفسه إلي ..
كنت جالسة على سريري أضم دميتي إلي .. شاردة الذهن في عالم آخر غير

عالمنا هذا .. وإذا بسعود يدخل غرفتي ويجلس أمامي .. نظرت إليه برعب ..

كنت أدعو في نفسي ألا يسألني .. ألا يبحث معي الماضي .. فالماضي ليس

إلا ذكرى أليمه لا أريد أن استرجعه ولا أن اعيش أحداثه مجددا !!
طال صمتنا ولم أجرؤ أن أبدأ الحديث أو ان أقول شيء .. كان سعود ينظر إلي

منتظرا اياي أن اتكلم .. فلقد كان يسألني بعينيه مئات الأسئلة .. إلا أني كنت

مطرقة مخفضة الرأس .. لا أريد أن أرفع رأسي فتلتقي عيناي بعينيه ..
قال سعود بعد ان فرغ صبره : روز .. ألا تريدين ان تخبريني شيئا ؟
تصنعت التفكير ثم قلت : لا يا اخي لا شيء ..
حاولت تغيير مجرى الحديث فقلت : انظر يا اخي .. ايهما تعتقد أنه افضل مع

فستاني ؟ هذا أم ذاك ؟؟
جذب سعود ما كان بيدي ورماه بقوه على الأرض ثم قال : روز .. لم آتي هنا

لأسالك عن الفستان ولا عن الحذاء .. أنت تعرفين لم أتيت إلى هنا فلا تغيري

مجرى الحديث ..
اطرقت وقد بدأت الدموع تسبح في عيني .. رفع سعود ذقني بيده وقال: روز..

ارفعي رأسك وكلميني .. اخبريني ماتخفين عني .. ماهو السر الذي لا تريدين

ان تبوحي به لي ؟؟ أخبريني !! اريحي نفسك من ما ارهقها وعذبها سنين

طوالا ..
انسابت الدموع على وجنتي .. فلقد أطلقت العنان لها بعد أن كانت حبيسة بين

مقلتي.. وتركت لها حرية الحديث والتعبير عما يجول في خلدها ..
مسح أخي دموعي الكثيره وقال : اخيتي .. انا لا اريد أن أرى دموعك .. أنا أريد

أن أعرف مابك !! أرجوك .. أخبريني ما الذي حدث في الماضي ؟؟
قلت باكية : لا أستطيع يا أخي .. أرجوك لا أقدر .. كيف لي أن أتذكر وقد

شارفت على النسيان ؟؟ إنه ماضي .. مات وانتهى بالنسبة لي .. ولا أريد أن

يعود للحياة .. أرجوك يا أخي .. لا تدعه يعود للحياة .. لا أريده أن يعود أرجوك ..
لا تبعثه للحياة مرة أخرى .. أرجوك .. أتوسل إليك ..
ضمني سعود إليه وقال بلكنة متألمة: صغيرتي .. لا تخافي .. أنا معك .. لن

يؤذيك أحد .. الماضي لن يعود .. لا تخافي ..ولكني اريد أن أعرف هذا الماضي..

حتى أعرف كيف أواجهه ! كيف أصده وأمنعه عنك .. كيف أحاربه !! أخبريني..

كيف لي أن أحارب مجهول ؟ أخيتي .. لا تخافي ولا تبكي .. أنا معك .. ولن أتركك وحدك ..لن أدعك تقاسين أو تتألمين .. أنت أختي .. وابنتي وكل حياتي..أعدك لن أتركك وحدك .. ولكن عديني أيتها العزيزة .. أنك ستخبريني عنه متى استطعت الكلام .. عديني أرجوك ..
أومأت برأسي بحركة خفيفة تدل على الموافقه .. قبّل أخي جبيني ثم قال:

صغيرتي .. ارتاحي الآن قليلا .. هيا يا روز .. فلقد قاسيت اليوم بما فيه الكفايه!
رفعت الغطاء وارتميت في فراشي وأنا أحس بأني خائرة القوى لا أقدر على

الحراك .. ودون شعور .. أطبقت جفوني وأغضمت عيني ..
أخذ سعود يسمي علي باسم الرحمن ويتلو على مسامعي آيات من كتاب الله.. حتى غفوت .. ابتسم سعود وقال هامسا : أنمتي يا صغيرتي ؟
نهض من سريري .. أحكم تغطيتي واتجه نحو الباب .. وعندما وصل إليه ..

استدار للباب وقال : حفظك الله لي يا ملاكي !!

يتبع ...

أطياف الأمل 05-09-2003 02:28 PM

في ليلة الزفاف


جاء اليوم المنتظر .. يوم زفاف نورة وفهد .. كان الفرحه تسري في قلوب الجميع.. جمعينا فرحين مغتبطين .. حتى جولي .. التي لم تكن بذلك القرب منا كانت سعيدة جدا .. لا أدري أكانت فرحة لفرحنا .. أم أنها رأت الزينة والأضواء والحفلة ففرحت ..
كان هذا اليوم مرهق بالفعل للجميع .. مسكينة أمي تعبت كثيرا في ترتيبات الزفاف .. كانت تريد أن تكون الحفلة مشرفه .. كامله .. لأنها ليلة تحلم أي فتاة بها .. ولم ترد أمي أن يفسد أي شيء فرحة نورة عليها .. خصوصا ان هذه الليلة .. ليست زفاف ابنتها فقط .. بل وابنها ايضا ..
حان الليل .. وبدأت الحفلة .. وبدأ المدعوون بالتوافد والحضور.. وفي حوالي الساعه التاسعه .. امتلأت القاعة بالحضور .. وكنا أنا وأمي نستقبل المدعوين ونتلقى تهنئاتهم ..
وعندما دقت الساعه مشيرة الى الساعه الحادية عشرة .. كنت عند نورة أتأكد من ان كل شيء على ما يرام واجهزها للنزول إلى المدعوين ..
سبحان الخالق .. كانت نوره آيه في الجمال .. في وجهها ترى النور والرقه والنعومه .. كانت سبحان الله .. رائعه تسلب الألباب لجمالها وروعتها ..
وبعد الانتهاء من الاعدادات الأخيرة ..
قدت نورة إلى الأسفل .. إلى الصاله حيث المدعوين ينتظرون وصولها .. ويتطلعون الى رؤيتها ..
دخلت نورة .. ودخلت أنا خلفها ..
تلعقت أبصار الجميع بها .. وفتحوا ثغورهم اندهاشا .. لأن نوره بحق ..كانت تخطف الانفاس ..
دخلت .. واستقرت في المكان المخصص لها .. كانت كلملكه مستقره فوق عرشها .. ألا وهو عرش القلوب ..
جاء الجميع لتهنئة نوره .. وبعد ساعه تقريبا .. دخل أخي فهد ..
كانت فرحتي لا توصف وقتها .. فأخي الحبيب يتزوج من اختي الوحيده ..
كانت نورة خجلى .. وفهد أيضا خجل .. وجنتاهم حمراء شديدة الحمره .. فأخيرا حقق حلمهم ..حلم طفولتهم ..
وفي غمرة فرحتي .. جائتني أمي :
روز .. أرتدي حجابك .. فيصل يريد الدخول ..
لا أدري لم أحسست بالغضب .. لم يريد الدخول ؟؟ وما شأنه هو ؟؟ ولكني تذكرت الحقيقه .. نوره اخته ..وفهد ابن عمه !!
ذهبت إلى غرفة نوره التي كنا قد استجأرناها لإعداد زينتها وترتبيها للزفاف .. أخذت حجابي ووضعته على رأسي واستدرت مغادره الغرفه .. ولكني جمدت بمكاني .. أجل انه هو ..انه فيصل .. عدلت من حجابي وقلت : فيصل ..أنت هنا ؟؟
نظر إلي باعجاب وقال : أجل هنا ..
سكت ثم أردف : روز ..
- نعم ..
- تبدين جميلة .. بل ساحره الجمال ..
احمرت وجناتي لإطرائه ولكني لم أدعه يلحظ ذلك فلقت بجمود : شكرا ..
حاولت اجتيازه بسرعه ولكنه أمسك بيدي بقوه وأدراني إليه قائلا: روز ..لم تتجاهليني ؟؟ لم تدعين أنك لا تلحظيني ؟؟
حاولت تخليص قبضتي من يده إلا أني لم أستطع..فلقد كان يشد على يدي بقوه .. لم ينتظر ردي فقال: روز .. أنا أعلم أنك تحبيني كما أحبك . فلم تعامليني بهذا الصدود ؟؟ تعلمين أني أحبك كما لا أحب أي أحد في الدينا .. أحبك فلم هذه المعامله ؟
وباعجوبه استطعت الافلات من يده .. صرخت به قائله: فيصل .. هل جننت ؟؟
- أجل يا روز .. أجل جننت !! جننت عندما تركتك وتزوجت غيرك !!
- ولكن ما فائده هذا الكلام الآن ؟ أنت متزوج ..
قاطعني قائلا: وماذا في هذا ؟ هي تعلم أني لا أحبها سأطلقها وأتزوجك ..
- لا.. فيصل ماذا تقول أنت .. ؟؟ والمولود ؟ ماذنبه ؟
- سيعيش معنا .. انا وانت ..
- ولكن يا فيصل ..
قاطعني بحده : ماذا ؟ ولكن ماذا ؟ألست موافقه ؟؟
ابتعدت عنه واتخذت وضعيه الهجوم وقلت : لا لست موافقه .. أنا لا أريدك يا فيصل .. لا أريدك .. ألا تفهم ؟؟ لم أعد أحبك أبدا .. لقد مات مالك بقلبي ..ولم يعد لك بقلبي أي شيء ..
قال صارخا : أنت تكذبين ... تكذبين ..
استجمعت شجاعتي وقلت : لا لست أكذب .. لقد قتلت بيدك ما كان لك بقلبي.. فكيف تعتقد أني لازلت أحبك ؟؟ أنا لا أحبك بل أكرهك ..
أوجعته هذه الكلمه كثيرا .. فلقد بان ذلك على وجهه ..
سكت برهة ثم قال : روز .. اهناك رجل آخر ؟؟ أتحبين رجل آخر ؟؟
نظرت إلى الأرض فلم أعرف بما أجيبه .. إن أجبته بنعم فبذلك سيقطع الأمل .. ولن يقوم بذكر هذا الموضوع مجددا ..
- روز اجيبيني أرجوك يا حبيبتي.. تهمني اجابتك ..
رفعت رأسي إليه وقلت بتحد : أجل !!

يتبع ..

صلاح الدين القاسمي 06-09-2003 09:53 AM

ردوا السلام و ما تجرحوش مشاعرنا - مع الشكر
 
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِدِنَا مُُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ النَّبِيِ الأُمّي وَ عَلَى آلِهِ
وَ صَحْبِهِ وَ سلّم
__________

الأخت الفاضلة الرقيقة : دلوعة بابا / السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
يقول الله سبحانه و تعالى :
{ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا}
سورة النساء - الآية 85

و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته .

أطياف الأمل 06-09-2003 10:05 AM

وعليك السلام اخي الكريم
إنما اعذرني إن لم أنتبه لردك ..

تحياتي
دلع

أطياف الأمل 06-09-2003 07:52 PM

دعيني وحدي


نظر إلي بصمت .. وفي عينه نظرة المذبوح ..
ردد ماقلت ببلاهه : أجل ؟
وبتحد أعدت كلمتي وقلت : أجل .. هناك رجل آخر .. أحبه .. ألديك اعتراض ؟
ومضت عيناه بوميض غريب .. وقال بألم : روز .. بالطبع لدي اعتراض .. روز أنتي

لي .. حبيبتي أنا .. أنا وحدي ..لا أقبل أن يشاركني بك أي مخلوق .. أرجوك لا

تفعلي ذلك بي .. أرجوك ..بل اتوسل اليك ..
رددت بغضب : ماذا تريد مني ؟ أنا لست لك .. ولست ملكك أبدا .. أنا ملك

نفسي .. وقلبي بيدي .. أهبه لمن أريد .. وبالطبع لست من أريد .. ولن تكون

أبدا !! فيصل .. أفق من سباتك .. لم أعد روز المغفله التي أحبتك في

الماضي.. واستمعت لكلامك .. لست الغبيه التي صدقت كذبتك..عندما همست

لها بالكلام العذب .. وأخبرتها بوعود كاذبه .. ولكن للأسف .. صدقتك .. أتدري

لم؟لأنها ساذجه .. لأن لها ذلك القلب الطيب .. الذي لم يعتد الكذب ..ألذي لم

يعرف الغش أبدا ..أحمق .. ياله من أحمق.. ولكني لست كذلك الآن .. لست

كذلك أبدا !!
خارت قواه فسقط على الأرض جاثيا على قدميه .. قال بألم ودون حواس :

أحبك يا روز .. فلم تفعلين بي هذا ؟
تألمت لمنظره .. وسائني حاله .. فقلت برفق وقد جثوت أمامه :
فيصل .. انسى ماحصل بيننا في السابق .. أنت الآن متزوج .. وستصبح أب في

غضون أيام .. فلا يصح ما تقوله الآن ..
قال باستماته : روز .. أكل هذا بسبب غلطة حمقاء ؟؟ كل هذا بسبب اندفاع

وجنون ؟؟ كل هذا العذاب الذي أعيشه .. كل هذا الألم الذي أعانيه.. بسبب

غبائي وعدم تفكيري ؟ كل هذا فقط لأثبت لأبي أني رجل ؟؟ آه يا روز .. أقسم

أني ما نمدت في حياتي على أمر .. كما ندمت لأني تركتك .. لأني استبدلت

بامرأة أخرى .. لا تتصورين كم أحبك .. أنا أحبك .. أقسم لك أني أحبك ولم

يخفق القلب لمخلوق سواك .. والعين لا ترى سواك ..
- فيصل .. ومانفع هذا الآن ؟ انسى الماضي ..وحاول أن تتغلب على هذا

الحب.. عش حياتك .. ولا تنسى أن لزوجتك عليك حق .. وللمولود أيضا ..

فانسى ما حصل بيننا .. واعتبره ماض مات وانتهى ..
نظر إلي عيني مباشرة وقال وكأنه يخاطب قلبي :
ماض ؟ كيف تكونين ماض مات وانتهى وأنت الحاضر والمستقبل ؟؟ روز .. أنت

كل حياتي .. كل سنيني .. انت نور عيني .. بك أرى كل شيء.. ومن دونك أنا

أعمى .. لاأرى شيئا !! .. روز .. حبك هو زادي .. هو قوتي التي اواجه بها

الحياة ..فبه أعيش ..ولأجله أعيش .. ولأمل الفوز به أحيا ..
سكتت قليلا يغالب دموعه ثم قال :
روز .. أحقا تحبين رجلا آخر ؟
امتلأت عيناي بالدموع .. وقد لجم لساني .. فلم أنطق وانما أومأت برأسي

دلالة على الإيجاب ..
اغمض عينه بقوه متألم .. نظرت اليه حاولت أن أمد يدي اليه ولكنه أشاح

بوجهه عني وقال بحده : روز .. اخرجي .. دعيني وحدي ..


يتبع ..

أطياف الأمل 08-09-2003 02:32 PM

احساس بالذنب !


ضممت يدي الممدوده في الهواء إلى صدري .. وقفت ونظرت إليه لثوان ..ثم ركضت خارجة .. وركضت دموعي تسبقني .. وقتها أحسست أني لا شيء!! أحسست أني لست بإنسان .. لست انسانا أبدا .. أبدا !! لأني لو كنت كذلك لما سمحت لنفسي بفعل هذا به .. لقد قتلته .. مزقته بكل قسوه !! فأي قلب لي أنا ؟؟ كم انا جامدة حقودة سوداوية القلب !! لماذا لم أسامحه ؟ لم أعذبه بهذا الشكل ؟ ومن أنا ليتألم بسببي ؟ آه يا إلهي ما العمل ؟ لا أستطيع أن أجرحه .. ولا أن أجرح عبدالعزيز .. عبدالعزيز ؟؟ آه يا عبدالعزيز .. أين أنت ؟ قتلني غيابك ومزقني .. بعثرني رحيلك ..فتعال ولملم بقاياي ..
مسحت وجهي السابح في الدموع .. وحاولت أن أبدو طبيعيه قبل أن أدخل القاعه مرة أخرى ..
رغم كل آلامي وأحزاني .. رغم الدموع القابعه بعيني .. إلا أني دخلت القاعه بابتسامة عذبه تعلو وجهي .. كانت الفرحه تعلو وجهي .. إلا انها كانت فرحه كاذبه .. لأن بالعين حزنا دفينا عميقا ...
عدت ووقفت بقرب نوره .. فهمست لي: روز .. أين كنت؟ لم تأخرت هكذا ؟
تلعثم لساني فقلت :انا ؟ هناك .. كنت هناك ..
فتحت عيناها عجبا وقالت : هناك ؟أين ؟ مابك ؟
رددت بنفاذ صبر : نورة بغرفتك ..ذهبت لأحضر حجابي !!
- ألم تري فيصل بطريقك ؟؟
رددت كالملسوعه : لا لا .. فيصل لا .. لم أره ..
- حسنا صدقتك .. ولكن لم أنت خائفه هكذا ؟؟
وقبل أن أجيبها بكذبة أخرى أنقذتني أمي حيث جاءت لتتكلم مع نوره ..
تنهدت بارتياح وقلت بنفسي : الحمدلله .. لم تلحظ شيئا!!
كنت واقفه بقرب نورة وأمي بجانب فهد ويوسف أمامنا وأحمد بقرب أمي .. كان الجميع فرحا .. يرقصون ويضحكون .. إلا أنا .. كنت أبحث بعيناي عن عينين ذابلتين .. عن عينين حزينتين .. بل عينين مقتولتين .. عينا فيصل !!
وبعد عناء طويل ..التقت عيني بتلك العينين ..وجدت فيصل ... كان واقفا بعيدا قليلا .. متواري عن الأنظار ..إلا أنه كان ينظر إلي بشرود .. يراني وكأنه لا يراني.. شعرت بوخز في قلبي .. فأنا أعلم أني السبب في حالته هذه ..
اقترب فيصل منا فتعالت دقات قلبي .. جاء فألقى فسلّم على فهد وبارك له .. ثم دنا نحو نورة وبارك لها هي الأخرى .. ولم يلتفت إلي .. بل عاد ووقف بجانب فهد وعيناه تنظر إلي البعيد ..
جاءت جولي وسلمت على نورة وباركت لفهد بعربيتها المكسره .. ثم نظرت إلى فيصل الواقف هناك ونظرت إلي .. وعندما تلاقت عينانا نظرت إلي بتحد !! وكأنه تقول لي بنظراتها .. إنه لي !!
كانت أعيننا أنا وفيصل تتلاقى ولكن سرعان ما كنت أشيح بوجهي .. ولكن هو.. يبقى معلق البصر ولكأن فكره سارح في شيء آخر وفي عالم مغاير ..
انتهت الحفله .. وذهب العروسين إلى الفندق ..بينما عدنا نحن لمنزلنا .. وعندما كنا في موقف السيارات .. كان سعود واقفا عند سيارته وفيصل وأمي وجولي بقربنا أنا وسعود .. قالت أمي :
بنيتي .. تعالي وباتي في بيتنا اليوم ..
نظرت إلى فيصل وقلت :لا يا أمي .. سأذهب للبيت ..
اردفت متوسله : بنيتي .. أرجوك .. لا تتركيني الليلة فأنا بحاجة إليك .. قل لها يا فيصل .. أطلب منها أن تأتي ..
نظرت جولي إلى فيصل بانتظار ما سيقوله .. كانت تريد أن تعرف بأي طريقة سيطلب منها البقاء !!
نظر إلي بجمود وقال : إن كانت تريد أن تأت فلتأت .. روز من أهل البيت وليست غريبه .. وإن لم ترد ..فلنذهب لأني أشعر بالنعاس ..
استغربت رده الذي أسعد جولي كثيرا .. فلقد ابتسمت حتى بدت أسنانها .. ولكن أنا !! ابتلعت غصة في حلقي وقلت : اعذريني يا أماه .. دعيها للغد ..
تدخل سعود وقال : روز اخيتي .. اذهبي لبيت خالتي اليوم .. فخالتي هدى محتاجة لك ..هيا اذهبي وسأحضر لك ملابسك غدا صباحا ..
- ولكن يا سعود ..
- هيا ياروز .. اذهبي ..
كنت وقتها أشبه بطفله تجر إلى فراشها بالقوة .. لا أريد أن أذهب .. لا أريد أن ألتقي بفيصل .. كيف أراه ؟ وبأي وجه ؟ لا لا أريد!!
ركبت السيارة معهم على مضض .. جلست خالتي المقعد الأمامي وجلست جولي بجانبي خلف كرسي فيصل .. وكنت أنا عن يمينها ..
وانطلقت السيارة عائدة إلى البيت ..


يتبع ..

يتيم الشعر 10-09-2003 11:01 PM

حفظك الله أيتها الكاتبة الأنيقة وحيا الله حرفك دائماً ..

أطياف الأمل 11-09-2003 08:08 AM

أخي يتيم الشعر ..
أشكرك على اطرائك ..

لك خالص تحياتي
دلــع

أطياف الأمل 11-09-2003 08:12 AM

هدوء يسبق العاصفه



لم تجري بيننا أحاديث كثيرة .. فلقد كانت أمي تغط في النوم ..بينما جولي بقيت حارسا !! فرغم أنها كانت تشعر بنعاس شديد وكان ذلك باديا بشدة على وجهها إلا أنها امتنعت النوم .. وقررت تعذيب نفسها ..
كنت أتحاشى النظر إلى المرآة .. أخاف أن تلتقي عينانا .. وبالفعل .. ما أن أرفع بصري حتى أجد عيناه معلقة علي .. لا تبارحني .. وكأنه لا يعير زوجته أدنى اهتمام .. ولا يهتم لشعورها أبدا ..
كانت عينه تحمل الكثير من المعاني .. معاني حارقة أحيانا .. وأحيان أخرى رقيقة عذبه .. وأخرى متألمة متعذبه .. ولكني لم أطل النظر في عينيه .. لأني لم أقوى على ذلك ..
كانت جولي تحاول سرقة اهتمامه .. ولكن هيهات .. فلم يكن فيصل معها أبدا ..
قالت جولي : فيصل حبيبي ..
انتظرت الإجابة كثيرا .. ولكن فيصل لم يجبها !!
فقالت وقد بدى الحرج عليها: فيصل .. حبيبي .. لا تنسى موعدنا غدا ..
قال باغتصاب : موعدنا ؟ أي موعد هذا ؟
- أنسيت يا حبيبي ؟ موعدي عند طبيب الولادة .. سيحدد موعد الولادة غدا !!
- آه أجل .. أعذريني .. حسنا .. لن أنساه ..
أعلم أن جولي لم يكن غرضها تذكير فيصل .. وإنما هدفها الرئيسي من ذلك أن تضايقني ..
ابتسمت بخبث وقالت : حسنا يا حبيبي ..
سكتت قليلا ثم أردفت : آه يا فيصل .. لا تستطيع أن تتخيل مدى فرحتي بانتظار طفلنا .. ثمرة حبنا .. ألا تشعر بمثل فرحتي ؟؟
لحظتها نظرت إلى فيصل .. كنت أريد أن أقرأ تعابير وجهه .. هل يشاركها الفرحه؟؟ وفي للحظه ذاتها نظر فيصل إلي .. وكأنه يرسل إلي رسالة بعينيه .. وقال : بلى .. أشعر .. أشعر أني اموت ..
سكتت قليلا وعاود النظر إلي و قال باستماته : فرحا ..
اشحت بوجهي بسرعه بينما مدت جولي يدها وأمسكت بيد فيصل وهمست : قريبا يا حبيبي .. قريبا يا زوجي ستكتمل فرحتنا ويأتي حسن الصغير ..
قال فيصل بغضب : بل روز الصغيرة !!
التفت إليه بسرعه ثم إلى جولي .. كانت جولي تشتاظ غيظا إلا انها تصنعت الهدوء وقالت : لا عليك .. كما تحب يا عزيزي .. وروز اسم جميل ..
وبعد ما قالته جولي ..ساد الصمت بيننا .. ولم يعد احد وينطق بشيء..
حتى وصلنا إلى البيت .. نزلنا من السيارة .. واتجه كل منا إلى مخدعه ..



يتبع ..

أطياف الأمل 11-09-2003 08:16 AM

لحظة غضب


سبق فيصل جولي ودخل الغرفة قبلها .. دخلت هي بعده والشرر يتسابق في عينها أيهم يخرج أولا .. دخلت وصفقت الباب خلفها ..
التفت إليها فيصل وقال ببرود : لا تغلقي الباب بهذه القوة ..الناس نيام وأنا أعاني من الصداع !!
بغضب بالغ قالت : تعاني من الصداع ؟؟ الآن جاءك الصداع .. بينما في السيارة.. أنت بأتم حال .. وبأحسن عافيه .. وعيناك !! لم تستقران في محلهما !!
نظر إليها بطرف عين : ماذا تقصدين ؟
- أقصد يا سيد يا متزوج .. أنك لم تشيح بناظريك عن الآنسة روز !! كدت تأكلها بعينيك .. ألم تشبع النظر إليها ؟؟ ألا تخجل من نفسك ؟؟ وأنا معك تفعل هذه الأمور فما الذي تفعله من وراء ظهري ؟؟
- لا أفعل شىء ..
- ألا تحترم وجودي ؟؟ ألا تفهم أنك متزوج الآن ؟
- جولي ماذا تريدين أنت الآن ؟
- الطفل !!
- وما باله الطفل ؟؟ ما مشكلته هو الآخر ؟؟
- لن تسميه روز !! أي اسم إلا روز !!
- وما دخلك أنت ؟ طفلي أنا .. وسأسميه كما أشاء أنا ..
- فيصل لا .. إنه طفلي أنا أيضا .. وليس طفلك وحدك .. لا يحق لك اختيار الاسم بنفسك ودون مشاورتي !!
تجاهل فيصل قولها واتجه نحو سريره .. فتح الغطاء ودس نفسه وقال متثائبا : جولي .. لا وقت لدي الآن .. إن كان لديك كلام تودين قوله ..فأرجئيه للغد ..
أتم كلامه وأسدل الغطاء على وجهه .. جاءته جولي وبحركة عصبيه سحبت الغطاء عن وجهه وقالت : لا بل ستسمعني الآن !!
تأفف فيصل وقال : ماذا تريدين أنت ؟ أريد أن أنام .. ألا تحملين ساعة ؟ أنظري إلى ساعتك لتري كم الساعة الآن !!
- أعلم كم الساعه .. ولكني لن أدعك تنام ..دعنا نتحدث أولا !!هيا قم وتحدث معي ..
جلس فيصل على السرير وقال: (اللهم طولك يا روح) .. ماذا تريدين .. هيا تكلمي ولا تطيلي حديثك ..
- فيصل .. لماذا تعمدت أن تحرجني أمام روز ؟؟
- لم أحرجك ولم أتعمد أي شيء !!
- بلى ..
- أخبريني متى ؟
- عندما أخبرتك أننا بانتظار حسن الصغير وأنت قلت لا روز الصغيرة ..
- حسنا وماذا في هذا ؟
قالت صارخه : وماذا في هذا ؟ انت بكلمتك هذه أثبت لروز أني لا أعرف شيء وأن لا كلمة لدي حتى في تسمية مولودي!!
قال ببرود : أولا أخفضي من حدة صوتك ولا تصرخي.. ثانيا أنا لم أثبت شيء لأحد .. الطفله سيكون اسمها روز وانتهى الموضوع والآن دعيني أنام ..
عادت جولي تصرخ وتسحب الغطاء من فوق فيصل إلا أنه سحبه بقوة أكبر .. ظلت جولي تتكلم وتنوح وتنتحب وفيصل يحاول أن ينام..ولكن من أين يأتي النوم في ظروف مماثله ؟؟
قذف الفراش بعيدا ونهض من السرير .. وقال: سأذهب لأنام مع يوسف !!
- توقف يا فيصل .. أخبرني ..
التفت عليها وقال بنفاذ صبر : ماذا تريدين ؟؟
- قلها .. قل أنك لازلت تحب روز .. قل أنك لازلت تحب تلك الحمقاء !!
ودون ادنى شعور .. رفع فيصل يده إلى الأعلى وهوى بها بقوة على خد جولي مما قذف بها إلى الأرض .. قال بألم : لا تنعتي روز بالحمقاء مرة أخرى ..
عندما سقطت جولي على الأرض .. صادف حظها أن تسقط ويصيبها الكرسي في بطنها !! أمسكت بطنها بقوة تتألم بصمت ..
في حين استدار فيصل مغادرة الحجرة .. إلا أن جولي استوقفته بصرختها .. أخذت تصرخ وتنتحب .. بطني .. طفلي .. أنقذوني ...
عاد إليها فيصل راكضا وجلس بجانبها وقال: جولي ..مابك ؟؟ هل أنت بخير ؟؟
قالت باكية : طفلي .. لقد ضربني الكرسي ببطني .. أنقذني يا فيصل أرجوك !!
- حسنا .. حسنا يا جولي .. هيا هيا لآخذك للمستشفى !!
أمسك بيدها مساعدا أياها للنهوض .. وعندما مروا بحجرتي ..قال فيصل :انتظريني .. سأنادي روز لتذهب معنا ..
نظرت إليه بحده إنما تجاهل هو نظراتها ودق علي الباب ..
فزعت لدقات الباب .. فقفزت بسرعه من سريري حيث كنت جالسه سارحه أفكر .. وقفت عند الباب وقلت : من ؟
قال فيصل : روز هذا أنا ..
تعالت دقات قلبي وقلت في نفسي ..ما الذي يريده فيصل مني ؟ وفي هذا الوقت المتأخر من الليل ؟
أجبته بخوف : فيصل ؟؟ ماذا تريد ؟
- روز .. أرجوك تعالي بسرعه .. جولي متعبه وسآخذها للمستشفى ..
- جولي ؟؟ما بها جولي ؟؟
- روز لا وقت للشرح الآن .. أرجوك تعالي معنا ..سآخذها للمشفى الآن !!
- حسنا يا فيصل .. ثوان وأكون معكم ..
- حسنا لا تتاخري أرجوك ..
- حسنا ..
ارتديت ملابسي بسرعه وتناولت عبائتي وحجابي .. وخرجت بسرعه تسبقني خطواتي..
فتحت باب السيارة الأمامي ولكن جولي قالت : لا ياروز .. بالخلف ..
ساعدتها على الدخول .. وهممت أن أركب بقربها إلا أن فيصل قال لي: روز ..اركبي في المقعد الأمامي .. فأنا لست السائق هنا !!
نظرت إلى جولي بعينين خائفتين إلا ان همها كان أكبر مني ..فلقد كان ألمها شديدا ..فتحت الباب وركبت السيارة .. وفي ثوان ..انطلقت السيارة وكنا في طريقنا الى المستشفى !!


يتبع ..

أطياف الأمل 11-09-2003 09:07 AM

اعذرني ان وجد اخطاء في هذا الفصل فلقد كتبته الآن ولم اراجعه
 
روز الصغيره


كانت جولي تتألم وتصرخ .. وكنت أنا خائفة حائرة .. يكاد يتمزق قلبي لمنظرها..
كان فيصل أيضا متوترا .. خائفا مرتعبا .. كلما صرخت جولي كلما زاد في سرعته ..
وبسرعة جنونيه وصلنا للمستشفى ..
ركض فيصل بسرعه إلى الممرضات .. صرخ بهم بكلمات مبهمه غير مفهومه .. ولكنه عاد واستجمع قواه قائلا : زوجتي .. ساعدوا زوجتي ..
خرج بسرعه يقودهم إلى سيارته .. حيث كنت أنا مع جولي أساعدها على النزول ..
جاوا بسرعة البرق ووضعوها على الكرسي ودفعوها ركضا إلى الداخل .. وركضنا نحن معهم ..
أدخلوها غرفة العمليات لأنها كانت توشك على الولادة .. ولادة مبكره كما سماها الطبيب المناوب ..
أدخلوها الغرفة وهم فيصل بالدخول معها إلا أن الممرضة منعته وقالت : ممنوع.. انتظر خارجا ..
أغلقت الباب خلفها وظل فيصل واقفا بمكانه جامدا لا يتحرك ..
اقتربت منه .. كمحاولة مني على مواساته .. على التخفيف عنه.. قلت له : فيصل .. ستقوم جولي بالسلامه بإذن الله ..
التفت الي فصدمتك لما رأيت .. رأيت عيناه داميتان ..تسبح فيها الدموع .. وتترقرق داخلهما ..
قلت فزعه : فيصل .. أتبكي ؟؟ لا تبك يا ابن عمي .. جولي بخير ..والمولود أيضا بخير ..فلا تبك ولا تخف ..
ضرب بيده بقوه على الجدار وقال باكيا : أنا السبب .. أنا من فعل بها هذا أنا السبب ..
قلت باستغراب : لست السبب .. إنها ارادة الله !!
- لا .. لا ياروز ..انا السبب .. أنا من دفعها ورماها على الأرض .. أنا الذي ضربتها .. أنا الذي فعلت بها هذا ..
- أنت ؟؟ ولماذا ؟
- لأنها تطاولت على روحي !!
- ماذا تقصد ؟
- لا يهم أن تفهمي ولا أن تعرفي .. المهم أني السبب .. ولن أسامح نفسي أبدا إن حصل لها أو للطفل أي مكروه ..
- فيصل .. لا تخف .. لن يحصل إلا كل خير .. تحلى بالصبر ..
- آه يا روز .. لا أقدر .. أخاف أن أفقد الطفل .. الطفل هو كل حياتي .. أريده وبشده .. أريد روز الصغيره ..
سكت قليلا ثم اردف : لقد فقدت الكبيره ولا أريد أن أفقد ما بقي لي من أثرها !!
نكست رأسي فلم أجرؤ النظر في عينيه في تلك اللحظه .. استجمعت نفسي وقلت : فيصل .. لن تفقد طفلك .. وسيتربى تحت رعايتك وورعايه والدته ..
- لكم أتمنى أن تكون بخير .. أريدها أن تغفر لي .. لم أقصد أن اؤلمها .. لم أقصد أن أفعل بها كذلك .. أقسم أني لا أقصد أذيتها ..
قلت برقه : أعلم يابن عمي .. أعلم ذلك .. أدري أن قلبك الطاهر لا يقوى أن يجرح أحد أبدا .. تحلى بالصبر ..وانتظر .. حتى تقوم زوجتك بالسلامه ..
اذهب لها .. واعتذر لها .. وستجد أنها لا تحمل لك بقلبها أي شيء أبدا..
رفع رأسه ونظر إلي بحزن وقال: أتعتقدين هذا ؟
ابتست وقلت: أجل ..هذا ما اعتقده ..
تنهد بقوه ثم صمت ..وصمت أنا أيضا .. جلست على الكرسي أمام غرفة العمليات أنتظر خروج الطبيب .. كنت أدعو لها بالسلامه .. ففي ذلك الوقت..نسيت كل شيء..ولم أتذكر سوى أنها انسانه بحاجة للدعاء ..
وبعد ساعات كثيرة مرت .. خرج الطبيب ..
أسرعنا نحوه وسأل فيصل الطبيب بعينيه عن حال زوجته قبل لسانه ..
قال فيصل : دكتور .. طمني !!
قال الطبيب باسما : مبروك .. فتاة جميلة كفلقة القمر ..
ملأني الفرح وقلت بسرور : الحمدلله ..
همس فيصل فرحا وقال :روز الصغيرة ..
ولكأنه اتسدرك وعيه فقال مستطردا : وزوجتي ؟؟كيف حالها؟؟
- هي الأخرى بخير .. تستطيع أن تراها متى أحببت ..
أمسك فيصل بيد الطبيب وشد عليها بقوة وقال: أشكرك يادكتور..أشكرك..
- لا شكر على واجب ..
وبعد أن غادر الطبيب ..التفت إلي فيصل وقال بفرح: روز .. أتت روز الصغيرة ..روز بخير ..
قلت له بسرور: مبارك عليك الصغيرة يابن عمي .. والحمدلله على سلامة زوجك ..
- أشكرك يا روز .. أشكرك .. اسمحي لي سأذهب لأطمن على روز الصغيرة ..
ابتسمت وقلت: تفضل ..
استدار ذاهبا إلا أني استوقفته قائله : فيصل ..من هناك ..
ضحك وقال :اعذريني ..فلقد نسيت الاتجاهات من الفرحه ..
ذهب فيصل لرؤية ابنته وتنهدت أنا بارتياح وقلت : الحمدلله


يتبع ..

يتيم الشعر 25-09-2003 02:19 AM

أختي الكريمة

استمتعت كثيراً بقراءة لوحاتك الجميلة ولعل مما شدَّني إليها أنها ذكَّرتني بأسلوب إنسان عزيز علي ..

بانتظار ما يُتبع

تحياتي لك

أطياف الأمل 29-10-2003 01:09 PM

الأحبة هنا
اشتقت اليكم
كل عام وانتم بخير
اتمنى ان تقبلوا خالص اسفي على تاخري
واعذروني فساتوقف عن الكتابه لظروف خاصة
لاتنسوني بالدعاء
ربما اعود ..وربما لا اعود
فتذكروني بالخير

دلوعه

أطياف الأمل 04-02-2004 02:33 PM

لن أسرقه


استخدمت الهاتف الخاص بالمستشفى لاني ومن العجله لم يخطر ببالي ان اخذ محمولي معي.. طلبت والدتي على هاتف المنزل .. وبعد ان تعالت دقات الهاتف دون مجيب لفترة من الزمن .. جاءني صوتها الحنون المتثاقل:
الو .. السلام عليكم ..
- وعليكم السلام .. اهلا امي ..
- من معي ؟؟
- انا روز يا امي !!
وكاني بتعريفي عن نفسي قد سرقت النوم من عينها واعدتها لعالم الصحوه :
روز ابنتي ؟؟ اين انت يا روز ؟؟ طلع النهار منذ ساعتين فاين انت؟؟ومن اين تتصلين ؟؟بل كيف خرجتي ؟؟
- اجل انا روز يا امي .. انا في المستشفى مع ..
وقبل ان اتم جملتي قاطعتني صارخه : في المستشفى ؟ لم ؟ مابك؟هل انت بخير ؟؟ لم يكن بك شيء اليوم فما الذي حصل ؟ بنيتي طمنيني !!
- اماه لا تخافي .. انا بخير .. انا هنا مع فيصل وزوجته ..
- مابها جولي ؟؟ لا يمكن ان تكون ولاده لانها في الشهر السابع !!
- بلى يا امي .. جولي تعبت واضطررنا لنقلها الى المستشفى.. والحمدلله هي بخير الان .. وقد رزقت بحفيده يا ام فيصل ..
صاحت امي فرحه : حقا ؟؟ هل رزق فيصل بطفله ؟ الحمدلله يارب الحمدلله ..
سكتت ثم اردفت قائله: روز باي مشفى انتم ؟ ساتي اليكم حالا ..
- نحن بالمستشفى التخصصي .. بانتظارك يا امي ..
- حسنا الى اللقاء ..
- امي لا تنسي ان تخبري نوره واخوتي !!
- اجل اجل بالطبع ساخبرهم الان .. الى اللقاء ..
اغلقت السماعه وقد طفرت دمعة فرح من عيني ..وهمست في نفسي: هاقد كملت فرحتنا..
توجهت نحو غرفة جولي .. احببت ان اراها واطمئن عليها .. وبالوقت ذاته ابارك لها بالمولوده الصغيرة ..
اخذت ابحث عن غرفتها حتى وجدتها .. طرقت الباب ودخلت .. كان نور الصباح يملا الغرفة وينشر في الارجاء الدفء .. كانت جولي مغمضة العينين .. وعندما دخلت .. اصدر الباب صوتا مزعجا كان كفيلا بان يوقظ جولي ويعكر هدوء غرفتها ..
فتحت عيناها فنظرت الي .. ابتسمت لها فقطبت جبينها !!
اقتربت منها وقلت: مبروك يا جولي .. مبارك عليك الصغيرة .. تتربى في ظل والديها ..
اجابتني بلهجة حادة : روز ماذا تريدين ؟ لم انت هنا ؟
- انا هنا معك منذ ادخلت الى المستشفى .. ولقد جئت الان لابارك لك وارى ان كنت بحاجة لشيء !!
- انت كاذبه !! لا تكذبين .. مللت كذبك وسامت تزييفك ..
فتحت عيناي ذهولا وقلت : جولي .. انا لست بكاذبه .. لم تقولين هذا؟
وبنفس النبره الحاده قالت :
اتدرين لم انت هنا ؟ انت هنا لتسرقين ابنتي كما سرقت زوجي !! اخبريني يا روز .. ماذا تريدين مني ؟ الم يكن فيصل امامك ؟ لماذا لم تتزوجيه ؟ هو زوجي الان فلم تحاولين ان تخطفيه مني ؟ هل ازداد جمالا في عينك بعد ان اصبح زوجي ؟ هل عرفتي قيمته بعد ان فقدتيه ؟ لم يسيطر شبحك على حياتنا ؟؟ ويعكر صفو اجوائنا؟؟
ارجوك ارحلي عنا يا روز .. اتركينا بحالنا .. دعيني انا وزوجي وابنتي .. ابنتي التي لم يكن لي الحق في تسميتها حتى ..
كل شيء في حياتي لك .. زوجي .. قلبه .. عقله وحتى تفكيره .. ابنتي التي حملتها في بطني وتحملت الكثير لاجلها .. حتى ابنتي لك!! باسمك انت .. فماذا بقي لي انا ؟؟ اخبريني ؟؟ ويحك اخبريني!!
واجهشت جولي في البكاء ..
اقتربت منها اكثر ووضعت يدي على كتفها وقلت:
جولي .. انت تعلمين اني كنت مخطوبة لفيصل قبل رحيله للدراسه .. اي قبل معرفته بك .. كان مقررا ان نتزوج بعد عودته .. وكنت انتظره ..على امل تحقيق الحلم.. حلم زواجي بمن احب.. ولكنه عاد .. ولم يكن لوحده .. بل كنت معه ..
لك ان تتخيلي موقفي والشخص الذي احب متابطا ذراع امراة اخرى ويقول بملئ الفم انها زوجته !! جولي .. وقتها .. عندما دخلت مع فيصل وقدمك بانك زوجته .. مات كل ما بقلبي لفيصل .. كل شعور بالحب تجاهه مات وانتحر .. تلاشت كل المشاعر وضاعت ادراج الرياح .. لم يبقى له بقلبي سوى محبة اخويه .. احبه كما احب يوسف !! لم يعد الحبيب .. بل اصبح الاخ !!
فلا تحسبيني اريد ان اخطف زوجك منك ..ولا تعتقدي ذلك ابدا .. لست من هذا النوع ولن اكون .. ولا اريد ان انسب ابنتك الي.. فيصل ليس سوى ابن عمي وابن خالتي .. وابنتك هي ابنة عمي وابنة صديقتي .. جولي ..لا اريد فيصل .. ولا افكر فيه حتى .. فلا يساورك الشك باني قد اخطفه منك .. هو لك .. ملكك .. زوجك انت .. واعدك اني لن اتعدى على ملكيتك..
جولي انت ام ابنته .. ثقي انه لن يستبدلك انت والصغيرة باي مخلوق بالدنيا وخصوصا انا !!
كفكفت جولي دموعها وقالت :
روز .. اتعنين ان فيصل لي؟ وانك لا تريدينه ؟
اتعنين انك لا تريدين ان تخطفي زوجي مني فيطلقني واعود خاوية اليدين الى بلادي ؟
- لا ياجولي بالطبع لا ... اتحسبيني بلا قلب ؟؟ لا اقسم لك اني لم افكر في ذلك ابدا!!
جولي .. اعلم انك تكرهينني وانا لا اعتب عليك ..فاي امراة في مكانك ستشعر بالشعور ذاته .. ولكن ارجوك .. اتوسل اليك ..حاولي ان تحبيني.. لاني لا احمل لك في قلبي اي عداء او اي كره .. فلا تكرهيني .. حتى وان لم تريدي ان تحبيني فقط لا تكرهيني.. ارجوك..
- روز .. ليس من السهل علي ان انسى انك المراة التي يحبها زوجي.. ولكني ساحاول ان اذكر دائما انك انقى من رايت عيني ..
سامحيني يا روز .. سامحيني واعذري لي افعالي .. فانا لم اكن اتصرف بحكمه .. وانما تصرفت بغرائز المراة الطبيعيه .. حاولت ان ادافع عن زوجي وابنتي.. فلم اجد وسيلة خير من الهجوم .. خفت ان يضيع زوجي مني .. زوجي الذي احب ..
فاعذريني يا روز .. واغفري لي زلاتي ..
- لا تعتذري يا جولي .. فلا داعي للاعتذار ابدا ..
ايدت كلامي بابتسامة صادقة ارتسمت على شفتي.. ولاول مرة .. ابتسمت جولي في وجهي ابتسامة لا يشوبها حقد ولا شك ولا ضغينه..



يتبع..

أطياف الأمل 04-02-2004 02:38 PM

أحبك أنت وابنتي


ساد صمت قليل بعد حديثنا انا وجولي وقطع هذا الصمت .. صوت فيصل حيث دخل الغرفة مناديا جولي مبتسما.. وعندما راني .. ارتبك وتوتر .. وزالت ابتسامته .. فابتسمت لابدد مخاوفه .. لاني من نظراته فهمت انه خاف من حدوث اصطدام جديد بيني وبين جولي ..
قالت جولي متداركة الموقف : اهلا يا فيصل ..
عادت الابتسامة على شفتي فيصل عندما احس بان الوضع مستتب وان السماء صافية لا غيوم تعتريها ولا تشوبها فتعكر صفوها..
اقبل نحو جولي فافسحت له المجال للجلوس بجانبها .. جلس بقربها .. امسك بيدها وقال : حمدلله على سلامتك يا عزيزتي ..
ابتسمت له جولي بوهن وقالت بلكنة ناعمة متدللـه:اشكرك يا حبيبي.. هل رايت الطفله ؟
اجاب بفخر : اجل .. رايت روز الصغيرة ..
اردفت قالت : وهل تشبهني ؟؟
تصنع فيصل التفكير ثم قال بخفه : لا بل اجمل منك ..
ضحكت جولي بعذوبه ثم اخذ الاثنان يتحدثان ويتهامسان .. وقتها احسست باني اعيق راحتهم وان علي الانسحاب .. قلت معتذره : اسمحا لي .. ساذهب لارى امي لم تاخرت ..
لم يلتفت فيصل الي فلقد كان منشغلا بالنظر الى زوجته فقالت جولي مبتسمه : اذنك معك يا روز ..
خرجت من غرفتها واغلقت الباب خلفي .. مشيت قليلا في الممر ثم جلست على كرسي في اخر الممر .. اخذت الاكر بحالي .. بنفسي .. بحبيبي الذي لا ادري اين هو .. اي ارض تقله واي سماء تظلله ؟؟ هواء اي ارض يملا رئتيه ؟ ونور اي مكان يرى في عينيه ؟
اين انت يا عبدالعزيز ؟؟ الا تعلم ان بعدك يدمرني ؟؟ يهد كياني ؟ عندما عرفتك .. اي قبل سبعة شهور .. لم نكن كذلك .. كنا الاضل من ذلك بكثير .. كنت اقرب الي من نفسي .. اقرب الى ناظري مما امامها.. صوتك اقرب الى اذني من صوت هامسها ..
ولكن في هذه الشهور الاخيره لم تعد كذلك .. تغيرت .. تغيرت كثيرا يا حبيبي .. بعدت عني كبعد شحطات احلامنا عن واقعنا التعس !!
بعدت كثيرا .. فلم اعد اراك امامي ..لم يعد صوتك يداعب اذني ويلاطفها بهمساته .. لم اعد ارى سوى طيفك ...فمتى اراك انت ؟؟
وقطع حبل افكاري هزة احسستها في كتفي رفعت راسي فوجدت امي ويوسف .. ابتسمت لهم .. ونهضت وحضنت امي وقبلتها وقلت: مبروك يا اماه .. اصبحت جده .. مبروك يا يوسف ..يا عم يوسف !!
قبلتني امي وقالت: مبارك علينا وعليك يا حبيبتي ..
قال يوسف: وانت ايضا ..اصبحت عمه .. اليس كذلك ؟؟
ضحكت وقلت: اجل بالطبع .. انا العمه المميزه ..
قالت امي باسى:
متى ارى اولادك انت يا صغيرتي ؟؟
ابتسمت بخجل وقلت :
لازال الوقت مبكرا يا امي ..
وقبل ان ندخل في نقاشنا المعتاد قلت لامي مغيرة مجرى الحديث : امي هيا لندخل عند جولي .. نبارك لها ثم نذهب لنرى الصغيرة ..
فهمت امي قصدي فتنهدت وقالت داعية : يارب اهد ابنتي وبلغني في اولادها يارب ..
- هيا يا امي تفضلي ..
دخلت امي الغرفة وقبل ان ادخل ناداني يوسف وقال : ايتها الماكرة .. كيف استطعتي تغيير الموضوع بهذه السرعة ؟؟ وما باله الزواج ؟ ما اجمله من امر .. يالك من غبية ..
اجبته ناهره: وما دخلك انت ؟؟ انا لا اريد الزواج .. فان كان يعجبك انت فتزوج انت .. لم تريدني انا ان اتزوج ؟
- ساتزوج ولكن اين العروس ؟
- انت من ستتحملك ؟؟ هيا لندخل هيا ..
دفعني يوسف الى الامام وقال : ادخلي ساريك ..ساتزوج افضل بنات المنطقة وسترين ..
ضحكت وقلت : سنرى ..
اجتمعنا كلنا حول جولي نبارك لها ونضحك معها .. ولاول مرة كانت جولي تتجاوب معنا بكل عفويه ..بعكس السابق .. لم ارى فيها جمودها ولا عبوسها .. بل ولاول مرة ارى اسنانها .. فلقد كانت تبتسم من الاعماق وتضحك بكل صفاء ..
وبعد برهة حضرت العروس برفقة العريس .. كانت نورة قبل زواجها جميلة .. ولكنها اليوم اجمل واجمل بكثير .. دخلت نورة الغرفة متابطة ذراع فهد .. كلاهما يبتسم للاخر .. دخلا فتحولت الانظار اليهما وتحولت التباريك اليهما .. فلقد اصبحت فرحتنا فرحتين .. زواجهما وولادة زوج فيصل ..
قالت نورة : واخيرا جاء اليوم الذي رايتك فيه ابا يا اخي ..
رد عليها : ارايت ؟؟ من كان ليصدق ؟ ان شاء الله نرى اولادك واولاد فهد ..
احمرت وجنتا نورة ونظرت الى فهد الذي كان ينظر اليها مبتسما فازداد وجهها حمرة ..
قالت امي : دعونا نذهب لنرى الصغيرة .. اريد ان ارى حفيدتي ..
اتفق الجميع على رؤيتها .. وهممنا بالخروج ..وهم فيصل بالذهاب معنا.. الا ان جولي نادته : فيصل ..
- نعم يا جولي ..
- الى اين تذهب؟؟
- ساذهب لارى روز الصغيرة ..
- الم ترها قبل قليل؟ دعك معي قليلا .. اريدك بقربي .. ارجوك ..
ابتسم لها وقال : حسنا ..ساذهب لاحقا ..
عاد وجلس بقربها .. امسك يدها .. وقبل جبينها وقال : احبك انت وابنتي ..



يتبع..

أطياف الأمل 04-02-2004 02:40 PM

انها تشبهك


(( ما شاء الله كم هي جميلة ))
كلمة ترددت على افواهنا جميعا ما ان وقع ناظرنا عليها .. لانها بالفعل كانت جميلة .. فلقد جمعت بين جمال الشرق وجمال الغرب .. روز الصغيرة لا تشبه جولي .. رغم ان لها عينان كعينان جولي .. باتساعهما وبزرقتها التي تشبه زرقة البحر الهائج الذي لا يهدا ولا يستكين .. وبشعرها الاشقر كلون الشمس المشرقه في اول النهار ..
اما انفها .. شفتاها .. اذناها .. حاجباها واهدابها .. فكانت عربية بحته .. من يرى روز الصغيرة يهيا له انه يراني .. هذا ما همست به امي بصوت منخفض خشية ان تسمعه جولي فتبدا مشاكل كالزوبعه التي لا اول لها ولا اخر مع فيصل ..
وعندما اقبل الليل ..فاتحا ذراعيه ..ضم العالم باسره واطبق عليه قبضته.. فنشر ظلامه الدامس في كل الارجاء .. الا انه علق القمر والنجوم كمصابيح تخفف للناس ظلمته المخيفه.. وقتها استاذننا فهد ونوره لرحيل .. سلّما علينا وودعانا .. لانه وفي اليوم ذاته وقرابة منتصف الليل سيسافران بالطائرة الى احدى الجزر الهادئه حيث سيقضيان ( شهر عسل ) لوحدهما لا يعكر جوهما اي مخلوق كان ..
وبدموع وقبلات ودعوات ودعناهم .. وعند الساعه الثامنة والنصف كانا في منزلهما يعدان العدة للسفر .. وقد اتفقا مع يوسف وسعود ان ياخذانهم الى المطار عند تمام العاشرة ..
وبعد ذهابهم .. جلست امي على الكرسي عند باب حجرة جولي تذرف دمعها بصمت .. اقتربت منها ويوسف .. جلست امامها على الارض واطبقت بيدي على يدها .. ومن فوقها يوسف الذي طوقها بذراعيه .. فازدادت في البكاء .. قلت لها :
اماه .. اتمنى ان تكون هذه دموع فرح .. لاننا لا نقبل بغيرها ابدا !!
قال يوسف مؤيدا :
اجل يا امي .. لا نقبل بغير الفرح ابدا .. اخبرينا سبب بكائك لنقرر ..
رفعت عيناها الحمراوتين الممتلئة بالادمع وقالت :
اه يا احبتي .. فراق احدكم يقتلني .. بل يدمرني وينحرني حتى الوريد .. فكيف بفراق اثنين منكم ؟؟ لا اقدر انه الموت بعينه !!
اتمت كلامها ودفنت وجهها بين كفيها تبكي بلوعة ..
ابتلعت غصتي التي منعتني من الكلام في حين قال يوسف :
امـاه .. لا تبكي ولا تذرفي دمعك الغالي .. فهد ونورة بخير .. وهما معا ..يرعان بعضهما .. ويشد احدهما ازر الاخر .. يخاف كل منهما على الاخر اكثر مما يخاف على نفسه .. فلم البكاء ؟؟ ابناءك معا .. تجمعوا ولم يتفرقوا يا ام فيصل ..
امي .. ادعي الرحمن لهما بالتوفيق .. سلي من لا يرد سائليه ان يرزقهم بالذرية الصالحة التي تملا حياتهم سعادة وهناء .. ادعي الله ان تكون حياتهم هانئة هادئة يكون الحب والتفاهم اساسها ..
قلت مؤيدة : اجل يا امي .. ارجوك لا تبكي .. فدموعك ترهق قلوبنا بذرفها .. ويعذب اعيننا منظرها على خدك ..
رفعت امي يديها الى السماء وبعينين داميتين مدمعتين قالت بلكنة باكية :
- يــــــارب
قلت لها : اماه .. هيا لندخل عند جولي وفيصل .. افضل من الجلوس هنا امام الناس يا ام فيصل !
همت بالنهوض فساعدها يوسف وتقدمت انا عليهما لافتح الباب ..طرقت الباب وفتحته مفسحة لامي المجال للدخول قبلي .. دخلت امي ويوسف ممسكا بيدها وانا من خلفهم اسير ..
جلسنا حول سرير جولي .. امي على الكرسي وانا بقربها .. ويوسف واقفا بعيدا قليلا .. وفيصل بالطبع بقرب زوجته ..
اخذنا نتجاذب اطراف الحديث ..فتارة نتحدث واخرى نضحك ..وفجاة صاحت امي ضاربة بيدها على صدرها: ويـــحــــــي !
سالتها بهلع : امي مابك ؟
واعاد فيصل ويوسف السؤال ذاته بينما نظرت اليها جولي باستغراب ..
فقالت : ابني احمد !! بالاسفل منذ اتينا لانهم لم يسمحوا لنا بادخاله معنا .. لقد نسيته تماما .. نسيت ولم اذهب لاسال عنه .. اي ام انا؟؟
ابتسم فيصل وقال : اماه .. انت اغلى واعز ام بالوجود .. المسالة ان روز الصغيرة سلبت عقلك واسرت تفكيرك فما عدت تفكرين الا بها .. اما اخي ان شاء الله بخير .. ساذهب لاطمئن عليه .. واخذه الى البيت ..
قالت امي: اذهبي معه يا روز .. فانت تعبه ولم تنامي منذ الفجر واخاك احمد كذلك .. خذها يا فيصل الى المنزل
- ومن قال لكم اني اريد الذهاب.. لا اريد ان اذهب يا امي ..
- اذهبي يا عزيزتي ..هيا يا فيصل حتى لا تتاخروا ..
نظر فيصل الى زوجته وكانه يستاذنها .. فابتسمت له ابتسامة صفراء.. احسست منها انها لا تريده ان يذهب .. وخصوصا معي .. ويحها .. الا زالت تعتقد اني اريده ؟؟
قلت بحنق : فيصل هل ستذهب ام اذهب وحدي ؟؟
التفت الي وقال : لا لا ساذهب .. هيا ..
لم انتظره .. فلقد سبقته الى الخارج دون ان انتظره ان يخرج حتى .. توجهت قاصدة منطقة المصاعد .. سرت قليلا مبتعدة عن الحجرة واذا بي اسمع فيصل يناديني : روز .. روز ..
التفت اليه وقلت : اجل ؟
وصل الي فقال لاهثا : ما بالك تركضين هكذا ؟؟ اتحسبين انك في ماراثون ؟؟
ضحكت وقلت : انا لا اركض .. بل انت من يمشي كالسلحفاة !!
قال بغضب مصطنع : انا سلحفاة ؟؟ حسنا ايتها العجوز .. هيا لنذهب لاخي ...
قلت بغضب وانما حقيقي : انا عجوز ؟؟ اذا ماذا تكون انت ؟؟ شاب ام طفل ؟؟
ضحك بعمق ثم قال : روز ما بك ؟ انا امازحك ..هيا هيا لنذهب لاحمد ..
- حسنا هيا ..
وصلنا الى المصعد ولسوء حظي لم يكن بالمصعد سواي واياه ..
لا احب ان اكون مع فيصل في اماكن مغلقه .. ولوحدنا .. لا ادري ولكني اخاف ان يتكرر ما حصل في زواج نورة .. الا اني استبعده بحق ..
اخفضت راسي ولم اتكلم .. فقال قاطعا لجو الصمت : روز ..
رفعت راسي ونظرت اليه فقال : هل رايت ابنتي ؟
ابتسمت واجبته : اجل رايتها ..انها جميلة جدا .. حفظها الله لكم من كل مكروه ..
- اشكرك ..
اخفض فيصل ناظريه ثم قال : ابنتي تشبهك يا روز .. اني اراها انت .. لذلك بعيني هي جميله .. لان روز الصغيرة .. اصبحت صورة مصغرة لروز الكبيرة ..
تغيرت ملامح وجهي واحسست بالارتباك .. فقال فيصل وكانه قرا افكاري واحس بما في داخلي : روز لا تخافي .. لن يحدث مثلما حدث في المرة السابقة .. لم اكن في وعيي .. كنت ثملا .. ثملا من الحب .. اجري وراء سراب ..انما الان .. لدي واقع ملموس .. لدي حقيقة براقة .. لدي روز الصغيرة ولا اريد في حياتي شيء سواها ..
تنهدت بارتياح وعلت على شفتي شبح ابتسامة كانت كفيلة بان تدله باني اصدقه ..
فتح باب المصعد وخرجنا .. اخذنا نبحث عن غرفة الطبيبة التي اقترحت ان تعتني باحمد .. حتى وجدناها .. دخلنا فوجدنا منظرا اضحكنا حتى البكاء .. كان احمد جالسا على طاولة الطبيبة .. ومن امامه جلست الطبيبة على الكرسي ..
كان يرتدي سماعة الطبيب .. واضعا السماعة على قلب الطبيبة وقال بهلع : ما بالك انت وما بال دقات قلبك ؟؟
قالت ضاحكة: ما بالها يا دكتور احمد ؟؟
- ما بالها ؟؟ لم تجد من تتخاصم معه فتخاصمت مع نفسها ..اسمعي انهم يتخاصمون !!
ضحكت الطبيبة بعمق وقالت متظاهرة بالخوف : والحل يا دكتور ؟؟ ارجوك انقذني !
قال لها والجد يعلو قسمات وجهه : لا بد ان نجري عملية !
فتحت الدكتورة عيناها وقالت : عملية؟ عملية ماذا ؟
- عملية استئصال لاذنك اليمنى .. لانها هي التي تؤثر على حركة عينيك التي تؤثر على دقات قلبك فتحدث النزاع بينها ..
فردت مستغربه : وكيف اعيش باذن واحده يا دكتور ؟
اجابها بثقة : اشتري لك اذن اخرى .. فالسوق مليء بالاذان ..
- وما نسبة نجاح العملية ؟
- العملية فاشلة يا ابنتي ..
- فاشلة ؟ وكيف اجريها اذا ؟
- كما باقي العمليات .. ادخلك غرفة العمليات .. اعطيك (حقنة) ومن ثم ابحث عن اذنك واقطعها بالسكين .. وبعد ذلك اضع لك ضمادة حتى لا يخرج الدم كله ..
وبعد اسبوع ان لم تخرج لك اذن اخرى اذهبي واشتري غيرها ..
نهضت الدكتورة من مكانها وضمته بقوة وقالت ضاحكه : كم انت رائع يا احمد ..
ضربت الباب بعد ان كتمت ضحكي وقلت : السلام عليكم ..
التفت الي الطبيبة واحمد وقالت : وعليكم السلام ..
صاح احمد : فيـــــصــــل .. روز .. اهلا بكما في عيادتي !!
ضحكت وقلت : هل اصبحت عيادتك الان ؟؟
- اجل فلقد عالجت الدكتورة ..
نظر اليه فيصل وقال : مم كانت تشكو ؟؟
- من نزاع حاد في ضربات القلب ..
ضحك فيصل بقوة وقال : نزاع في ضربات القلب ؟ انت تستحق جائزة نوبل يا اخي .. هيا لنذهب ساخذك الى المنزل.. اشكرك يا دكتورة حصة .. واعذرينا على الازعاج ..
اجابت : لا شكر على واجب .. و بالعكس ..احمد امتعني معه واضحكني كما لم اضحك من قبل .. حفظه الله لكم ..
قال احمد مترجيا : فيصل ارجوكم دعوني هنا ..الدكتورة حصة قالت اني لم ازعجها .. فلماذا تريدون ان تاخذوني ؟ دعوني ..
قلت له : نريد ان ناخذك لانك اخانا الذي لا نستغني عنه ونحبه كثيرا ..
اخذ يفكر قليلا ثم قال : في هذه الحالة .. ساتي معكم .. فقط لما بيننا من العشرة ..
ضحكنا جميعا ثم استاذنا الدكتورة حصة بالخروج وخرجنا ...



يتبع..

يتيم الشعر 07-02-2004 06:28 PM

الأخت دلوعة

حمداً لله على السلامة
هل هذه المشاركة ردة فعل لامتحانات الفصل الماضي أم ماذا ؟;)

أرجو ألا يطول نتظارنا لما يتبع

last_breath 11-02-2004 01:18 AM

sorry just i wanna ask u when u can finish this story or can u add one part answer me please this story is very nice thank u:(

المشرقي الإسلامي 15-02-2004 01:53 PM

مجرد محاولة
 
المرفقات 1
إلى كل الأجساد المجردة من أرواحها

المشرقي الإسلامي 18-02-2004 04:03 PM

إلى نازك
"هذه القصيدة إهداءٌ إلى الشاعرة العراقية نازك الملائكة صاحبة قصيدة بعنوان"مرثية يوم تافه" والتي ترثي فيها يوماً واحداً مر من عمرها بغير فائدة"
أنازك يوماً واحداً يُرثى؟
تعالي اليوم وارثي كل أيامي
روحي تردت في أحلام مملكة
ضاعت عليها أوراقي وأقلامي
الحب والخير والأخلاق يملؤها
فالحب والخير والأخلاق أوهامي
أنازك إثماً واحداً يُبكى؟
تعالي اليوم وابكي كل آثامي
أني ظننت الأرض مدرسة
فيها أحقق كل أحلامي
الأرض سجنٌ حولي يُحاصرني
ويأتيني بأحكام ٍلإعدامي
الأرض أحسبني فيها لأغنية ً
فإذاها حقل كل ألغامي
واليأس ما زال في عمري يراودني
ليزيد في الإظلام إظلامي
أنازك نغماً واحداً يُبكى؟
واليوم ضاعت كل أنغامي
آماليَ اليوم في الدنيا محطمةٌ
وأفراحي مقيدة فيْ آلامي
آسري في الدنيا بلا هدفٍ
وأحيا كقطعان أغنام ِ؟
اليوم ما شعري وما فني وما
إبداعي وما يعنيه إلهامي؟
واليوم ما مالي ما علمي وما عملي؟
صفرٌ في بحرأرقام ِ
أحقاً سارت في الظلمات أ لوية
وامتلأت أشجارٌ بأنسام ِ؟
إني سئمت وصار العمر مشنقة ً
فأين الخطو وأين تسير أقدامي؟
* * *
المشرقي الإسلامي أحمد محمد راشد
27-11-2003
3-10-1424

أطياف الأمل 23-02-2004 07:43 AM

أريد أن أعرف

- هيا يا نورة اسرعي سنتاخر..
صاح فهد مناديا نورة..
- حسنا.. ثوان قليلة وتجهز الحقائب يا عزيزي..
اطل عليها من باب الحجرة وقال مبتسما: هيا قبل ان تطير عنا الطائرة.. فلا نذهب بشهر عسل ولا بصل حتى..
ضحكت نورة وقالت:
- ان طارت عنا الطائرة ذهبنا بالرحلة الاخرى.. الموضوع بغاية البساطة.. الا انكم يا معشر الرجال تعشقون تعقيد الامور.. بل بمعنى اصح.. تنتهزون الفرص ..
قال فهد بلكنة ذات معنى:
- هل انا مثل بقية الرجال ؟؟
اتم جملته وغمز لنوره التي احمر وجهها فقالت:
- لا بالطبع .. انت مختلف..لذا انا احبك..
قال فهد:
- ماذا؟لم اسمع .. ماذا قلت؟
- قلت انك مختلف ..
- لا لا.. لا اقصد هذا.. بل ما تلت ( انت مختلف ) ..
- فهد كفى..لم اقل شيء !!
اجاب باصرار: لا بل قلت.. اعيديها ارجوك.. هيا يا نورة.. اخبريني ماذا قلت!
اخفضت راسها وتظاهرت بالانشغال بترتب الملابس وقالت هامسة:
- احبك
اقبل عليها بسرعة وجلس امامها وقال:
- اعيديها.. هيا ارجوك.. تريد اذني ان تسمعها..فما اعذبها من شفاهك.. بل ما امتع ناظري وانا اراك تنطقيها.. هيا يا نورة.. اتستكثرين علي كلمة بسيطة كهذه؟؟اتريدينني ان اطلب عطفك وامتنانك حتى تقوليها لي؟؟
نظر اليها املا..فرفعت راسها وقالت برقه: احبــك ..
اغمض فهد عينيه وتنفس بعمق قائلا:
- وانا احبك..احبك..احبك.. وحتى مماتي ساظل احبك..
نهرته نوره بقولها:
- فهد.. ويحك.. لاتنطق الموت بلسانك..حفظك الله لي..
غمز لها فهد وقال:
- اتخافين علي؟
اجابته نورة:
- اخاف عليك؟ اهذا سؤال؟ بالطبع اخاف عليك.. بل انا اخاف عليك اكثر مما اخاف على نفسي.. انت زوجي.. خليل روحي.. وبالمستقبل ان شاء الله..والد اطفالي.. انت يا فهد الان كل شيء بحياتي.. انت تعلم اننا سننتقل للعيش في مدينة اخرى..وليس لدي احد من اهلي سواك..
فهد..بغض النظر عن اي شيء..انت حبيب الطفولة..رفيق القلب وخليل الروح.. فلا تسالني يوما عن غلاك بقلبي..او معزتك بفؤادي.. لاني مهما حاولت التعبير.. فلن استطيع التعبير لك عما يدور في نفسي.. احبك يا فهد.. اقسم لك اني احبك..

امسك فهد بيديها بين يديه..وقربها الى شفتيه..قبلها برفق وقال:
- احبك يا نورة .. ولا عدمتك ان شاء الله.. ساحاول ان اكون لك نعم الزوج.. ولابنائنا في المستقبل نعم الاب.. ولا تخافي من العيش بعيدا عن اهلنا.. ساحاول ان اعوضك عن كل شيء..ساكون لك الاب والاخ والاخت والصديق والزوج والحبيب.. لن ادعك تشعرين بالوحدة..
نوره.. ان كنت تحبيني مرة.. فانا احبك الف مرة..احبك يا نورة كما لم احب احد من قبل.. وكما انا حبيب طفولتك..فانت بقلبي منذ نعومة اظافري.. كنت تشغلين القلب والفكر والروح منذ رايتك..وعلمت انك ابنة عمي..
احبك يا نورة واحب كل ما فيك.. والحمد لله انك اصبحت من نصيبي.. لاني بصراحة..كنت ساموت لو انك تزوجت غيري.. بل اني كنت ساقتله!! فبدل ان اعيش معك.. اعيش مع المجرمين في زنزانة واحدة..

ضحك فهد ونظر الى نورة فوجدها مخفضة الراس تنحدر دموعها على وجنتيها.. قال لها فزعا:
- نورة.. ما بك يا حبيبتي؟؟ لم تبكين؟؟
رفع ذقنها بيديه برفق وقال:
- حبيبتي نورة.. صارحيني ما يحزنك.. هل اغضبتك بكلمة قلتها؟؟
قالت مغالبة دموعها:
- لا يا فهد.. بالعكس.. لم تغضبني يوما.. ولم تفعل الان.. الا ان الموضوع..
سكتت قليلا ثم اردفت:
- انا لم اعتد الابتعاد عن امي يا فهد.. بعدي عنها يقتلني.. يعذبني..
اقسم اني لا اطيق الابتعاد عنها.. ولا عن روز..ولا عن اخوتي ايضا.. حتى مدينتنا.. لا اطيق الابتعاد عنها.. كيف لي ان اتنفس هواء ليس بهوائها؟؟ وانا لم اغادرها يوما ولا حتى للسياحة؟ كيف لي ان ارى نورا غير النور الذي يشرق على ارضها؟ وانا لم تر عيناي سوى نورها؟
كيف ساعيش بعيدا عن كل احبابي؟؟ عن كل اصحابي؟ عن اهلي.. اخوتي.. عن روز..عن امي؟؟
امي يا فهد!! لا ادري كيف ساتركها.. كيف ساصبح في الصباح دون ان اقبلها واقول لها (صباح الخير يا امي) ؟ كيف يقبل الليل.. دون ان اقبل كفها فاتمنى لها ليلة هانئة؟
لم افارق امي ابدا يا فهد .. فكيف لي ان افارقها الان.. وبعد ان اصبحت في هذا العمر.. لا ادري يا فهد لا ادري..
ضمها فهد اليه وقال وهو يمسح على شعرها:
- نورة.. حبيبتي.. لا تبك.. انا زوجك.. ولن اتركك ابدا.. ساحاول ان اعوضك عن كل شيء.. واعدك يا حبيبتي اني باقرب فرصة ساحاول ان اجد فرصة عمل في مدينتنا هنا.. حتى انا يا نورة لا اطيق الابتعاد عن روز وسعود..ولا عن خالتي وابناء عمي.. ولكن ماذا نفعل؟ انترك مستقبلنا يضيع؟؟ بالطبع لا..نمسك بخيط المستقبل..ثم نبحث عن البديل..
نورة.. لا استطيع ان اعيش بدونك.. لذا تزوجتك قبل ان اسافر.. لاني اعلم انك ستعوضينني عن كل الدنيا..انت بعيني يا حبيبتي كل شيء.. كل شيء..
وانا ايضا سافتقد خالتي هدى.. فهي بمثابة الام لي بعد امي رحمها الله... نورة.. ساكون دوما بقربك.. فلا تتركيني وتدعيني للايام تتلاطم امواجها بي كيفما شاءت.. فانا وفي غربتي.. احتاجك قربي.. تشدين من ازري.. فلا تتخلين عني ارجوك يا حبيبتي..
مسحت نورة دموعها وقالت :
فهد حبيبي.. لن اتركك ما حييت.. ستظل يدي ممسكة بيدك حتى تقبض روحك.. ساظل بقربك..ولن اتركك.. اعدك اني لن اتركك.. انت روحي يا فهد.. فكيف يترك المرء روحك؟؟
انت كل ما املك.. فاي عاقل سيفرط باغلى ما يملك؟؟
احبك يا فهد ولن اتخلى عنك ابدا.. ابدا يا فهد..
ابتسم لها فهد وقال:
- هيا يا حبيبتي.. دعينا نذهب للمطار.. قبل ان تقلع الطائرة بدوننا هيا..
- حسنا يا حبيبي..
انتهى العروسان من ترتيب حقائبهم.. وبعد ساعات قليلة..كانوا في الطائرة..

بعد ان خرجنا من غرفة الدكتورة حصة.. اتجهنا الى المخرج.. لنذهب الى المنزل.. وبعد ان استقرينا بالسيارة.. رايت ان فيصل اخذ الطريق المؤدي الى منزل خالتي فقلت له:
- فيصل لو سمحت.. اريد ان اذهب الى منزلي..
نظر الي وقال:
- وهل ساخذك الى بيت الجيران ؟ ساخذك الى بيتك بالطبع!!
اجبت بحنق:
- اقصد بيتي.. بيت والدي.. بيت اخوتي..
رد وبكل برود:
- اعلم.. ومن يسكن بيتك غير والدك واخوتك؟؟ بالطبع هم..
- فيصل !! انت ذاهب لبيت خالتي..لبيتكم.. انا اريد ان اذهب لبتي انا!!
رماني بنظرة قاسية وقال:
- اما عاد بيتنا هو بيتك؟ هل اصبح ذلك البيت الذي عشت فيه قرابة السنة فقط هو بيتك؟؟ انسيتي سنين عمرك التي قضيتيها فيه؟؟ هل مسحت من ذاكرتك كل ما مر بك فيه؟ كم انت جاحدة ناكرة للجميل..
الان بعد ان اصبح لك هذا البيت الفاخر.. نسيتي بيتك المتواضع البسيط..
سكت ثم اردف بغضب:
لا تخافي.. ساخذك لبيتك..
نظرت اليه بذهول ولم اعرف بماذا اجيبه..
رددت بعد ان ادركت الموقف وقلت:
فيصل ما بك؟ خذ هاتفك واضربني به!
التفت الي ونظر الي ساخرا فاردفت قائلة:
فيصل..ما بك هداك الله؟؟ لم اقصد ما قلته انت.. ولم افكر به ابدا.. فيصل بيتكم هو بيتي.. ولم اجد له بديلا ولن افعل.. الموضوع هو اني اريد ان انام في منزلي اليوم.. منزل اخوتي..عندي بعض الامور اود انجازها هناك.. فهل هذا عيب ام حرام؟؟
فيصل لم اخذت الموضوع بهذه الحساسية؟ الموضوع لا يستحق.. و على العموم انا اعتذر..
تنهد فيصل وقال:
لا تعتذري يا روز.. انا من يجب ان يعتذر.. انا اسف.. لا ادري ماذا دهاني.. فجاة أحسست اني فقدت السيطرة على اعصابي ولم اتمالك نفسي..
اه يا روز.. ولادة جولي خلطت علي الامور.. احس بان مسؤولية كبيرة وقعت على عاتقي..لا اعلم ان كنت استطيع تحملها ام لا..ويومي هذا.. اه كم كان صعبا هذا اليوم..
لذلك ارجوك اقبلي اعتذاري يا روز..
- لا باس عليك يا ابن عمي.. لا تهتم.. انسى الموضوع.. لم يحصل الا كل خير.. وانا اقدر ما مررت به اليوم.. فلا تشغل بالك..ولا تعتذر لان الموضوع لا يستحق..
وانت باذن الله ستتحمل هذه المسؤولية وستقوم بها على اكمل وجه.. فلا تحمل هما..
كان احمد نائما على حجري فعدلت راسه.. وبعد تردد كبير قلت: فيصل..
كان فيصل منشغلا بالنظر امامه فاصدر صوتا بمعنى نعم ..
قلت: عندما كنا بالمستشفى.. قبل ان تلد جولي..
- اجل
- قلت لي انك السبب..
نظر الي متسائلا..فقلت مجيبه عن التساؤل في عينيه: انك السبب في ولادة جولي المبكرة..
- اجل قلت ذلك..
- هل لي ان اسالك كيف حصل ذلك؟ ولماذا؟
- ايهمك ان تعرفي لان الموضوع يهمك؟ ام انه مجرد فضول انثوي؟؟
خجلت من نفسي ومن فضولي فقلت له: كما تريد.. ان احببت ان تقول لي .. فانا اريد ان اعرف..
- حسنا..ساقول لك.. الموضوع اني كنت اريد ان انام.. بينما هي لا تريد ذلك.. وكعادتكم ايها النساء..ظللت تنوح وتنتحب على امور سخيفة..ولاني كنت اريد النوم..نهضت من فراشي مغادرا الغرفة..وعندما وجدتها لا تريد الصمت.. اخذتها ودفعتها..وحصل ما حصل..
- اها..
لم اقتنع برده فاردفت:
ولكنك قلت لي انها تطاولت على روحك..
- روز.. قلت لك ما يهمك من الموضوع.. اما التفاصيل.. فهي تخصني وحدي..واعذريني انما لا دخل لاحد فيها..وخصوصا انت..
- انا اسفة..
- لا عليك ..
لم يتحدث احدنا حتى وصلنا الى المنزل.. هممت بالنزول فقال فيصل:
- روز هل ستاخذين احمد معك؟
- اجل.. هل تعتقد اني ساتركه وحده معك؟ حتى تقتله وانت نائم!
- حرام عليك.. لن اقتله..فقط سارميه من النافذة ان بكى..
- وتريدني ان ابقيه عندك؟لا شكرا دع اخي معي..حتى لا يقذف من الشباك..
ضحك فيصل ثم قال:
- كما تشائين..ولكني اعود واعرض عليك العرض ذاته.. دعيه عندك لتنعمي بنوم هانئ اليوم..
- لا شكرا.. اخي عندي اهم من اي نوم..
- وهل صدقت اني سارميه ؟؟
- لا لم اصدق.. لانك تعلم انك ان فعلت ..سترميك امي خلفه..
ضحك ثم قال: بهذه صدقت..على العموم.. تصبحين على خير..
- وانت من اهل الخير.. الى اللقاء..
هممت بالنزول الى اني التفت اليه وقلت:
فيصل انا لم اسالك..هل تحتاج شيئا؟ هل تريد ان اعد لك شيئا لتاكله؟؟انت لم تاكل شيئا منذ الصباح!
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه وقال:
- اشكرك يا ابنة عمي.. لا اريد شيئا سوى النوم على فراشي.. هيا اذهبي ولا تشغلي بالك بي..
- امتاكد انت؟
- اجل..هيا اذهبي..الى اللقاء..
- الى اللقاء..
اغلقت باب السيارة واخرجت المفاتيح من حقيبتي..فتحت الباب ونظرت خلفي..حاولت ان انظر اليه..فوجدته ينظر الي..لوح الي.. فلوحت اليه بالمقابل.. ومن ثم.. اغلقت الباب.. واتجهت لغرفتي..


يتبع...

أطياف الأمل 03-03-2004 11:27 AM

أخفتني!


وبعد دخولي المنزل.. نظر فيصل الى باب منزلنا.. ضرب بيده بقوة على المقود وقال:
- كم انا غبي.. كيف اضعتك من يدي..كيف؟ اه كم احبك.. احبك.. اقسم بالله اني احبك.. وكم اموت وانا اتظاهر بعكس ذلك..كم اتعذب وانا ادوس على قلبي النابض واعذبه بالصدود..كلما رايتك.. ا,د ان اضمك..ولكن كيف لي ذلك؟؟ وباي حق؟؟
اخبريني ماذا افعل وكيف اتصرف وابنتي اصبحت تشبهك لحد الخيال؟؟انت معي في كل لحظة..اراك في كل شيء..وحتى.. في وجه ابنتي.. اه يا روز .. ليتني لم اسافر..ليتني اكملت دراستي هنا.. فلا ابتعد عنك ولا لحظة واحدة..
ليت قدماي كسرت قبل ان اغادر البلاد..ليتني ليتني ليتني..
ولكن ما فائدة الندم الان؟؟ لا فائدة منه..لا فائدة..
اتم فيصل حديثه ووضع راسه على عجلة القيادة..

عندما وضعت احمد في سريري..دخلت لاستحم.. ففي وقت مماثل..أحسست اني احتاج لحمام ماء دافئ.. وبعد حوالي ساعة وربما اكثر.. ازحت الستار عن النافذة.. لا ادري لماذا ولكنني أحسست بفضول لرؤية الخارج..وفي هذا الوقت بالذات..
كانت نافذة غرفتي تطل على الباب الرئيسي للمنزل.. وعندما نظرت من النافذة..هالني ما رايت.. اسدلت الستار بسرعة ..
قلت بفزع:
- فيصل؟؟ ماذا يفعل هنا؟؟
اعدت النظر مرة اخرى..فوجدت ان السيارة لازالت تعمل.. ولكن ماذا يفعل حتى الان هناك؟؟
اخذت افكر قليلا ولكني وجدت ان افضل حل..ان انزل له بنفسي.. لارى ما به..
ارتديت عباءتي وحجابي.. تاكدت ان احمد نائما.. ومن ثم خرجت من غرفتي على عجل..
كنت احس ان قدماي تسابق عتبات الدرج.. كدت اسقط.. الا ان وقوف فيصل امام منزلنا..وسيارته تعمل..اقلقني وافزعني..
وصلت الى باب المنزل الداخلي.. فتحته بسرعة..وجريت نحو الباب الخارجي.. ركضت حتى وصلت الى سيارته.. نظرت من خلال زجاج السيارة ..فوجدته واضعا راسه على عجلة القيادة.. ارتعبت لذلك..فاخذت انقر بخفة على زجاج السيارة..عله يجيبني.. ولكنه لم يفعل.. نقرت بشدة اكبر ولكنه ايضا لم يجبني..
لم اجد امامي سوى ان ادخل السيارة.. فوضعه ليس طبيعيا ابدا..
فتحت باب السيارة وجلست بقربه.. ناديته:
- فيصل.. فيصل..
ولكنه بالطبع لم يجب..
كدت اموت من الخوف.. فاقتربت اكثر.. مددت يدي بخوف وهززته بخفة ولازلت اهتف باسمه.. الا انه رغم ذلك لم يجبني..
سالت عيناي دون شعور..ربما مات.. هكذا مر ببالي..فلم اعلم كيف اتصرف.. مددت يدي وتحسست طاقة انفه.. فشعرت بحرارة انفاسه تحرق اصبعي.. وقتها علمت انه لا يزال على قيد الحياة..
تنفست الصعداء الا ان الخوف لازال يعصرني.. ما باله لا يكلمني وهو حي يرزق؟؟
نترته بقوة وهززته وانا اصيح باسمه:
- فيصل.. اجبني يا فيصل.. ما بك؟؟
فتح فيصل عيناه بسرعة وقال فزعا:
- ماذا! ماذا حصل؟ ماذا هناك؟
ولكانه افاق وعاد لوعيه فقال:
- روز؟ لم انت هنا؟؟ ما الذي يجري هنا؟
اجبت وانا اخفي وجهي حتى لا يرى دموعي: لا ادري.. رايت سيارتك عند الباب.. اتيت لاكلمك.. فوجدتك لا تكلمني.. خفت عليك.. حسبت ان مكروها اصابك.. ولكنك الحمد لله بخير..
قال معتذرا: اعذريني يا روز.. لم اشعر بما حولي.. فانت تعلمين ان منذ ليلتين لم اذق للنوم طعما.. لذلك عندما وضعت راسي على عجلة القيادة لم اشعر بنفسي.. فلقد نمت في اللحظة ذاتها.. وحتى عندما اتيت لتناديني.. لم اشعر بك.. اعتذر ان كنت قد ازعجتك او اخفتك دون سبب..
- لا تقل هذا يا فيصل .. المهم انت بخير..
- روز! هل كنت تبكين؟؟
قلت بفزع: انا؟بالطبع لا.. انما السبب يعود الى ان الجو حار في الخارج..
- الجو حار؟ ابتسم ثم اكمل قائلا:
-حسنا روز..استاذنك الان.. ساعود الى البيت.. فانا احس بصداع شديد..
- لا لن تذهب الى البيت!
- ماذا؟ ماذا تقولين انت؟؟
- اجل لن تذهب الى منزلكم..كيف تقود السيارة وانت بهذه الحالة؟؟انظر الى نفسك.. هل استغنيت عن حياتك؟؟ إذا فعلت فلا اتوقع ان زوجتك وابنتك استغنوا عنك..
رد بضيق: والحل؟؟ ابقى هنا حتى الغد؟
- بالطبع لا.. اليس هذا منزل اختك ومنزل عمك؟
قال في نفسه: ومن قال انك اختي؟؟
اجابني: بلى..
- إذا هيا..ستنام عندنا اليوم.. وعندما تصحو من النوم افعل ما يحلو لك..
اتسعت عيناه وقال: انام عندكم؟؟؟
- اجل.. وما المشكلة؟
- لا يا روز لا يمكن!!
- لماذا؟ ما الذي يمنع؟
- انا وانت وحدنا في المنزل.. ولا استطيع ان ادخل منزلكم.. ماذا سيقول الناس؟جيرانكم؟؟ وخصوصا وهم لا يعرفونني!!
- اولا لسنا وحدنا في المنزل.. احمد معنا والخدم ايضا..واخي سعود سيعود بعد قرابة الساعة..وثانيا لن تنام معي في الغرفة.. ستنام في غرفة فهد..وثالثا وهو الاهم..انا لا اهتم للناس ما دام ما افعله صوابا!!
ابتسم وقال: لا اعلم ماذا اقول..
- لا تقل شيئا.. هيا انهض وتعال معي ارشدك لغرفة فهد..
- ولكن يا روز..
قاطعته قائلة: فيصل! انت مثل اخي.. ولطالما كنا في منزل واحد معا.. ما الذي يمنع وجودنا معا الان؟
وكان كلامي لم يعجبه لما بدا من تعابير على وجهه الا انه استدرك قائلا: اجل بالطبع.. هيا تفضلي..
سبقته نحو الباب.. الا اني صحت قائلة:
- فيصل.. لا تنسى ان تقفل سيارتك..
رد ساخرا:
- حسنا يا عمتي ..
مشيت امامه حتى وصلنا لغرفة فهد.. فتحت الباب وقلت: تفضل.. اعتبر نفسك في غرفتك..هناك ملابس لفهد..من حظك انه لم ياخذها معه.. خذها والبسها ان ناسبتك..حتى وان لم تناسبك البسها.. افضل من ان تنام بملابسك..
ابتسم لي وهممت ان اغادر الا اني قلت:اجل فيصل تذكرت.. اتصل على خالتي عند جولي واخبرها انك ستنام واحمد عندنا..
- حسنا سافعل..
- تصبح على خير..
- وانت من اهله..
ابتسمت له وغادرت غرفة فهد متجهة نحو غرفتي ..فناداني فيصل: روز..
التفت اليه فقال: اشكرك..
اجبته بابتسامة:
- لا شكر على واجب..
دخل فيصل غرفة فهد.. القى نفسه على السرير.. تنهد بعمق وقال:
- احــبـــــــهـــــــا
بحث فيصل عن محموله ولم يجد .. قال:
ويحي.. لقد نسيته في السيارة.. ساستخدم هاتف المنزل..
رفع سماعة الهاتف.. وهاتف امي ..
- الو..السلام عليكم يا امي..
- وعليك السلام..فيصل؟
- اجل انا فيصل يا امي..كيف حالك؟ وكيف حال الصغيرة؟؟
كانت امي تتحدث وجولي تسترق السمع.. تغير وجه امي عندما لم يسال فيصل عن جولي فقالت:الصغيرة بخير..وجولي ايضا بخير..
- الحمد لله.. اماه..سانام اليوم انا واحمد في بيت عمي..لاني تعب قليلا ولا استطيع الذهاب للبيت..وفي الصباح ان شاء الله سامر عليكم..
- حسنا يا بني.. اعتني باحمد ..
- احمد عند روز.. واكيد انا انها ستعتني به جيدا.. اعذريني الان يا امي.. فانا تعب جدا..واستاذنك لانام..
- حسنا يا صغيري..تصبح على خير..
- وانت من اهله يا امي..
اغلق فيصل السماعة فسالت جولي امي: خالتي.. اكان هذا فيصل؟
- اجل يا جولي.. انه فيصل..
- فيصل؟ ما به فيصل؟
- اخبرني انه سينام في بيت اختي رحمها الله..
ردت بغضب: ينام في بيت اختك؟ لماذا ؟؟اليس لديه بيت؟
ام انه كما يقال:(إذا غاب القط العب يا فار)! ولماذا لم يخبرني انا بذلك؟؟
اجابت امي بهدوء: لا اعرف يا ابنتي..
اردفت بنفس الصوت المرتفع: ولكن انا اعرف.. لم يخبرني لانه يعلم ان ما يفعله خاطئ.. اراد ان ينام هناك ليحلو له الجو مع حبيبة القلب بعيدا عن الانظار..
صاحت بها امي قائلة: الى هنا وكفى يا جولي.. لا اسمح لك بالتطاول على ابنائي افهمت؟؟ روز وفيصل اشرف من الشرف ذاته.. ولا اسمح لك بالتكلم عليها بسوء..افهمت؟؟
احست جولي بالخجل من نفسها.. فكيف قالت لامي مثل هذا الكلام!! قالت معتذرة: خالتي انا اسفة.. لم اقصد.. ولكنه اغضبني حينما لم يخبرني هو بنفسه .. فهو لم يكلف نفسه عناء تمني ليلة سعيدة لي..
بحنق بالغ قالت امي: مهما يكن الامر.. لا اسمح لك بالتطاول على ابنائي في اي حال من الاحوال..افهمت؟
- اجل يا خالتي ..انا اعتذر.. واعدك انها لن تتكرر..
- حسنا.. هيا نامي الان وارتاحي قليلا..
سكتت جولي ولم تنطق بحرف..انما في داخلها براكين ثائرة لا تهدا ولا تستكين.. فهي تنتظر الصبح.. لتصب جام غضبها على فيصل..فمتى يحين الصبح؟


يتبع..

أطياف الأمل 22-03-2004 07:52 AM

تريدني أن أنساها؟


فتح فيصل عيناه بتثاقل.. تمدد في الفراش ثم نظر إلى الساعه.. نهض بسرعة من الفراش وأخذ ساعته من على الطاولة ونظر إليها.. صاح بذهول:الساعة العاشرة والنصف؟ يا إلهي لقد نمت اثنى عشر ساعة! هداك الله يا روز.. لو أني نمت في السيارة لكنت صحوت منذ زمن بعيد وذهبت لأرى ابنتي!
تثاءب ثم قال: سأذهب لأغتسل وأتوضأ فأصلي الفجر.. ويحي من تعبي لم أستطع النهوض للصلاة..
نهض من السرير.. وذهب ليغتسل.. وبعد نصف ساعة كان جاهزا للخروج..
لبس ملابسه وارتدى ساعته.. سرح شعره وابتسم للمرآة ثم خرج..
نظر إلى غرفة روز.. ابتسم وقال: صباح الخير يا مالكة القلب..
أخذ طريقه متجها إلى الاسفل.. وهناك صادف سعود..
- صباح الخير يا ابن العم..
قال فيصل محييا سعود..
- صباح النور يا فيصل.. كيف حالك؟؟
- أنا بخير والحمدلله.. وأنت كيف حالك؟
- أنا بخير.. مبارك عليك الصغيرة..
- أشكرك.. وبانتظار أن أبارك لك طفلك.. ولكن متى؟؟
ضحك سعود وقال: ليس قبل أن أطمئن على أختي سعيدة في بيت زوجها..
آلمت جملة سعود فيصل فلقد بان ألمه على وجهه.. ربما لم يعتقد أن روز قد تتزوج يوما.. كما فعل هو!
قال سعود مغيرا مجرا الحديث: أخبرني يا فيصل.. كيف هي الصغيرة؟ روز أليس كذلك؟
أجاب بثقة: أجل.. روز الصغيرة.. الحمدلله هي بخير..
- وعلى من أشباهها؟؟ أنت؟ أم أنها أخذت من أشباه العم سام؟
ابتسم فيصل وقال مسترسلا: لا لم تأخذ أشباههم.. بل هي تشبه روز.. لها مثل عيناها السوداويتين القاتلتين.. ونفس الاهداب الكثيفة..التي هي كرماح تصيب القلب فتجعله أسيرا لها.. وحاجباها المتشابكان بغرور وخيلاء.. هما قاربا النجاة.. أتعلق بهما بعد أن تلفظني سهام أهدابها.. وتلك الشامة التي تعلو خدها فتؤكد لمن يراها أن جمالها مميز.. لا يشبهها بشر أبدا..
وجهها يا سعود.. كفلقة القمر.. جميلة بجمال صافي عذب.. تسحر الالباب لجمالها.. آه يا سعود.. أحس أني سأفقد عقلي ما أن تكمل ابنتي عامها الاول..
ربت سعود على كتف فيصل وقال: حفظها الله لك يا فيصل..
صمت سعود قليلا ثم أردف قائلا:
- فيصل.. لا تحتاج أن أوصيك بابنتك والاهم بزوجتك.. فهم كل ما تملك الان.. وأجل ما تملك.. انسى الماضي يا أخي.. انساه بكل ما يحمل من ذكريات.. حلوة كانت أم مرة.. أنت الان لك حياتك.. فاعتن بحياتك..
فيصل يا أخي.. اطوي صفحة الماضي.. ولا تعود فتقلب الصفحات إليها من جديد.. امحها من شريط حياتك.. فذلك أفضل لك ولابنتك وزوجتك..
تنهد فيصل بقوة ثم قال: وما العمل إن كان الماضي هو حياتي؟؟ أفأستغني عن حياتي ذاتها؟ سعود.. أعلم ما تلمح له.. تريدني أن أنسى روز.. أليس كذلك؟
- أجل هذا ما قصدته..ذلك أفضل لك صدقني..
- سعود.. أتعلم من هي روز بالنسبة لي؟ دع ما في القلب للقلب يا أخي.. ولكن ثق بأني أحاول.. ليس من أجلي فقط.. بل من أجل روز.. روز الصغيرة.. وروز العمر.. أنا من فرط بروز وأنا من يجيب أن يجني ثمار غلطته.. أليس كذلك؟ سأبذل كل ما في وسعي لأجل ابنتي.. وبإذن الله أستطيع..
- بإذن الله يا ابن عمي.. بإذن الله..
- عن إذنك يا سعود.. سأذهب للمستشفى.. فلقد تأخرت على ابنتي..
- إذنك معك..ولكن يا فيصل.. الا تريد أن تأكل شيء؟فأنت لم تأكل شيء منذ الامس..
- لا شكرا يا سعود.. فأنا لا أود أن أتأخر أكثر.. سآخذ لي كوب من القهوة فيما بعد..
- حسنا..كما تشاء..
- إلى اللقاء يا سعود..
- إلى اللقاء..
خرج فيصل من المنزل واتجه إلى سيارة.. شغل السيارة.. وفي غضون ثوان.. انطلق باتجاه المستشفى..
* * * *
وفي تلك الاثناء.. كانت جولي تأكل في نفسها.. تكاد تموت من التفكير.. ترفع الساعة تارة.. وأخرى تضرب بيدها على السرير.. وتارة ثالثة ترفع سماعة الهاتف..فتتصل بفيصل ولكنه كان مغلقا..
قالت أمي لجولي: كفاك يا ابنتي.. ارتاحي.. فيصل بخير..
قالت بحدة: أعلم أنه بخير.. ولكن ما يثير أعصابي أنه يتركني هنا في المستشفى ولا يحضر.. ولكأنه ارتاح مني.. والساعة الان الثانية عشرة الا ربع.. فأين هو؟؟ وماذا يفعل طوال النهار؟؟
- يا جولي.. الغائب عذره معه.. فالتمسي لزوجك العذر يا عزيزتي..
- حسنا سنلتمس له العذر.. ولكن ويله إن حانت الساعة الثانية عشرة ولم يأتي..
أطلقت أمي زفرة غضب وأشاحت بوجهها عن جولي.. حانت الساعه الثانية عشرة وبالفعل.. حضر فيصل في الوقت المحدد.. تأخر قليلا رغم أنه وصل إلى المستشفى منذ الحادية عشرة والنصف.. لأنه ذهب ليرى ابنته.. ذهب إليها.. أخذ يحدثها ويخبرها عما جرى معه.. عن حبه لها..وعشقه لعينيها.. ولكأنها تفهم ما يقوله.. ثم بعد أن فرغ من حديثه مع ابنته.. استأذنها قليلا واعدا اياها بالعودة.. وذهب لزوجته..
مر على بائع الزهور.. اشترى لها باقة من الزهور الجميلة الملونة.. ومن ثم.. اتجه إليها.. طرق باب الحجرة.. ودخل وابتسامته تعلو وجهه.. الا أنها زالت وتلاشت بل ماتت على شفاهه ما أن رأى وجه جولي العابس..
قال فيصل: صباح الخير يا حبيبتاي..
ردت أمي:صباح الورود يا حامل الورود.. كيف حالك يا بني؟
- أنا بخير يا أمي..
اقترب من جولي متجاهلا عبوسها.. قدم إليها الزهور.. وقال:
- تفضلي يا أم روز..
أخذت الورود منه وبلا مبالاة رمتها أمامها..
ابتلع فيصل حنقه وقال متظاهرا بأن شيء لم يكن: كيف حالك اليوم؟
نظرت إليه بازدراء وقالت: بخير..
وأشاحت وجهها عنه..
وعندما أحست أمي بأن الجو بدأ يتوتر بينهما.. قالت: استأذنكما يا أبنائي..
خرجت أمي وأغلقت الباب خلفها.. وهنا استغلت جولي الفرصة..فقالت بحدة: هل لك أن تخبرني أين نمت ليلة البارحه؟
أجابها ببرود: في بيت خالتي.. لقد اتصلت وأخبرت أمي.. ألم تخبرك؟
- بلى أخبرتني.. ولكن قل لي.. لماذا لم تخبرني أنت بذلك؟ والاهم لماذا نمت هناك؟ أليس لديك بيت؟ بلى لديك.. فلماذا نمت هناك؟
- لا شيء سوى لأني كنت تعبا ولم أستطع أن أذهب للبيت.. فدعتني روز للمبيت في منزلهم.. ماذا في هذا؟
- هناك الكثير يا سيد.. أولا نمت في بيت غريب.. ليس بيتك.. ومن ثم كيف تنام في منزلهم وأنت وروز في المنزل وحدكم؟ الا تخجل من نفسك؟؟
ثارت ثائرة فيصل عندما قالت هذا الكلام وقال صائحا: اسمعي يا جولي.. أنا لم أفعل ماهو عيبا أو حراما.. ومن ثم لم نكن وحدنا في المنزل.. سعود كان في المنزل وأحمد أيضا.. وحتى لو كنا وحدنا في المنزل.. ماذا في هذا؟ روز ابنة عمي ومثل اختي نورة.. ولا تنسي يا جولي أني متزوج ولدي ابنة.. فهل سأفكر بغير زوجتي وابنتي؟؟
أجابت جولي بتحد: لا لم أنسى.. ولكن يبدو أن شخصا آخر هو من نسى أنه متزوجا..
- ماذا تقصدين؟
- أقصد أنك لم تفكر أن تطمن زوجتك أم ابنتك أنك بخير.. ولم تكلف نفسك العناء فتفتح محمولك لأكلمك أنا فأذكرك أن لك زوجة وابنة تسأل عنهم..
- في هذه صدقت.. أنا أعتذر.. ولكني نسيت المحمول مقفلا في السيارة.. ولم أتذكره سوى الان..
- حسنا.. أخبرني.. أين كنت طوال النهار؟؟ ظللت أنتظرك ولم تأتي!
- صحوت من نومي متأخرا.. اغتسلت وارتديت ملابسي وحضرت في الحادية عشرة والنصف..
اتسعت عيناها وقالت: منذ الحادية عشرة والنصف أنت هنا ولم تأتني؟؟ أين كنت إذا؟؟
رد ببرود: كنت عند ابنتي..
- عند ابنتك؟؟ من الحادية عشرة والنصف حتى الثانية عشرة؟؟
- أجل..
- وماذا تفعل عند ابنتك؟ أتذهب لها قبل أن تأتي لي؟
- أفعل ما أفعل.. جولي ما بك؟ هل تغارين حتى من ابنتك؟
- أنا لا أفعل.. ولكن كان من المفروض أن تأتي لي أولا.. وليس أن تذهب لهذه الصغيرة التي لا تفهم شيء.. أموت وأعرف ماذا كنت تفعل عندها كل هذا الوقت؟؟ أتتأمل جمالها؟ أم تتحدث معها؟
أطلق فيصل زفرة غضب وقال:لا حول ولا قوة الا بالله.. جولي كفى.. إن لم تسكتي سأخرج وأتركك..
أحست جولي بغلطها فقالت: لا أرجوك.. لا تخرج وتتركني..
- إذا ستسكتين؟
- أجل أجل.. ولكن لا تخرج..
- حسنا..
- فيصل..
أجاب باقتضاب: نعم..
- أتعلم أني سأخرج اليوم؟
- حقا؟ وروز الصغيرة؟
- أهذا كل ما يهمك؟ روز الصغيرة؟
- جولي!! هل عدنا؟
- اعذرني لم أقصد.. أجل سنخرج معا.. أنا وروز.. فلا حاجة لأن تبقى في المستشفى أكثر..
ابتسم فيصل بعمق وقال: الحمدلله لك يارب.. سأذهب لأخبر ابنتي وأعد أوراق خروجكما..مع السلامه يا جولي..
طبع قبلة على جبينها وخرج بسرعة دون أن يدع لها المجال للحديث..
قالت بغضب: يتركني أنا ليذهب فيتحدث مع الصغيرة تلك.. وما الذي تفهمه هي؟؟ سأريه ما إن يعود..

وفي الحضانة.. كان فيصل يجلس بقرب ابنته.. نظر إليها بعطف وقال: روز حبيبتي.. ستعودين مع أبيك اليوم إلى المنزل.. ستنيرين منزله يا صغيرتي..
سكت ثم أردف: أعلم أنك فرحة كما هو أبيك.. أعدك يا صغيرتي أني لن أفرط بك أبدا.. أبدا مدى حياتي.. أحبك يا روز يا ابنتي..
قبّل فيصل ابنته.. ثم ذهب ليكمل الاجراءات.. إجراءات خروج جولي وروز الصغيرة..من المشفى.. إلى بيتهما الهادئ..


يتبع...

أطياف الأمل 22-03-2004 07:54 AM

غلطة يا خالتي!


كومة كبيرة من الضباب..كانت تحيطني..لم أستطع ان أرى شيئا.. ولا أي شيء.. لم أستطع أن أميز حتى أصابع يدي.. ولكن بدأ هذا الضباب يتلاشى.. ويخف تدريجيا.. فرأيت فيصل.. رأيته مقبلا نحوي.. يحاول أن يمسك بيدي.. ولكني هربت منه بسرعة..حتى وصلت إلى باب كبير ضخم.. دفعته بخفة ففتح بسرعة.. دخلت بخطوات خائفة.. ولكني وجدت خلف هذا الباب عالما آخر.. عالم أخضر جميل ممتع..حديقة غناء تضج بالأشجار والورود العذبه.. شجرة كبيرة خضراء كانت تتوسط تلك الحديقة.. نظرت إليها.. فوجدت شخصا ما جالسا أسفلها.. دققت النظر..أجل ..إنه هو.. إنه عبدالعزيز.. مشيت نحوه بخطى حثيثه.. وناديته..عبدالعزيز.. أنا روز..
نظر إلي متسائلا..فقلت أجيب تساؤلات عينيه:أنا روز..حبيبتك..
ابتسم لي بعذوبه وضمني إليه.. أحسست وكأنك ملكت الدنيا لحظتها..
ولكن بعد ثوان.. جاء أشخاص مربع مرتدين السواد..لم أميز أشكالهم.. أمسكوا بعبدالعزيز.. وسحبوه بقوه.. شددت قبضتي على يده وكذلك هو.. ولكنهم كانوا أقوى مني ومنه.. فافلتت يدي يده.. وصحت وقد ملأت الدموع عيوني:عبد العزيز.. لا ترحل.. أرجوك..
رد بصوت قد شارف على المغيب والاختفاء:لا أستطيع.. لا أقدر..
ولم يعلق في أذني سوى هاتين الكلمتين.. لا أستطيع.. لاأقدر..
صوت قوي أزعجني.. فلقد ظل يصيح ويصيح ولم يسكت لحظة.. رجوته أن يصمت وأنا مغمضة العينين.. أرجوك.. أصمت.. دعني أكمل نومي.. لا تقطع علي حلمي.. أرجوك.. دعني أطلب من عبد العزيز أن يظل معي.. أرجوك لا تدعه يرحل.. ولكنه كان عنيدا..فاستمر بالصياح..ولكأنه أراد رحيله.. عرفت مصدر الصوت المزعج.. فمددت يدي تجاه الطاولة قرب سريري وضربت المنبه بضربة أسكتته.. قلت ولازلت مغمضة العينين: تستحق..لو أنك صمت..لما تعرضت للضرب..
تمددت في فراشي بتثاقل ثم فتحت عيني.. نظرت إلى الساعه ثم صحوت من فراشي..
- أصبحنا وأصبح الملك لله.. والحمدلله.. ولا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير..

ذهبت اغتسلت.. ثم هممت بالنزول.. إلا أني تذكرت أن فيصل كان نائما عندنا.. فلبست عبائي وحجابي.. ونزلت للأسفل..
وبينما كنت أخطي خطواتي للأسفل.. سمعت فيصل وسعود يتحدثان.. يبدو أنهما كانا يتحدثان بشيء مهم.. لن أنزل قبل أن يتموا حديثم..
سمعت فيصل يقول:
- سأبذل كل ما في وسعي لأجل ابنتي.. وبإذن الله أستطيع..
- بإذن الله يا ابن عمي.. بإذن الله..
- عن إذنك يا سعود.. سأذهب للمستشفى.. فلقد تأخرت على ابنتي..
- إذنك معك..ولكن يا فيصل.. الا تريد أن تأكل شيء؟فأنت لم تأكل شيء منذ الامس..
- لا شكرا يا سعود.. فأنا لا أود أن أتأخر أكثر.. سآخذ لي كوب من القهوة فيما بعد..
- حسنا..كما تشاء..
- إلى اللقاء يا سعود..
- إلى اللقاء..
ترى!! عن ماذا يتحدثان؟ وما بها الصغيرة؟لا أستطيع أن أسأل سعود.. لأنه بالطبع لن يجيبني..وخصوصا في موضوع يخص فيصل.. وسيتهمني باستراق السمع.. سأسكت ولن أتكلم حتى يخبرني هو بنفسه.. أجل!
عندما سمعت خطوات فيصل مبتعده..علمت أنه غادر.. فاتجهت للأسفل.. فوجدت سعود جالسا على الكرسي يشرب قهوته ويفتح صحيفته هاما بقرائتها.. ابتسمت له وقلت: صباح الخير يا سعود..
رد بابتسامه: صباح الورود يا روز.. كيف أصبحت؟
- الحمدلله بخير..
- هل أنت هنا منذ زمن؟
- لا للتو.. لماذا؟
- كان فيصل هنا فحسبتك كنت هنا قبل أن يغادر
قلت في نفسي: يبدو أن بالموضوع سر..فكأنما سعود لا يردني أن أعرف ما كانا يتكلمان عنه.. عجبا..
رددت عليه:
- لا لم أره.. أرحل؟
- أجل..ذهب ليرى ابنته وزوجته..
- حسنا.. ألن تذهب للعمل اليوم؟
- بلى.. ثوان وسأذهب.. أتريدين شيء؟
- لا سلامتك.. سأذهب لبيت خالتي..
- حسنا.. أراك فيما بعد يا صغيرتي.. وانقلي سلامي وتحياتي لخالتي هدى..
- بأمرك يا سيد..
- أشكرك..
نظر لساعته..فنهض مسرعا ممسكا قهوته وحقيبته.. رشف من قهوته قليلا ثم وضعها على الطاولة وقال: الى اللقاء يا روز فلقد تأخرت كثيرا..
- حسنا رافقتك السلامة.. انتبه وأنت تقود.. ولا تسرع!!ولا تنسى دعاء الركوب..
- بأمرك يا أمي..
ضحك فغمز لي وخرج..
قلت:
- حفظك الله يا أخي وأعادك لي سالما..
ابتسمت انا من أعماقي فلقد أعجبتني كلمة أمي.. أمي.. ما أعذبها من كلمة.. ولكن..ترى متى سأصبح أما؟
* * * *
كعادتها الأيام.. تمر سريعا... كلمح البصر.. ترحل بسرعة.. تأخذ معها أعمارنا.. ترحل دون أن نشعر بها.. دون أن نحس برحيلها.. ولكن لابد أن يحين وقتا.. نتأمل فيه أنفسنا.. نظر إلى أعيننا.. إلى وجوهنا.. إلينا.. فنرى التغيير واضحا.. وقتها فقط.. نعي حقيقة مرور الأيام ورحيلها.. ولكن هل ستعود؟ بالطبع لا..

مر شهر وبضعة أسابيع منذ أن خرجت جولي وابنتها من المستشفى.. ومن يومها لم يفارقهم فيصل لحظة واحدة.. أجل يذهب إلى العمل.. ولكن حتى وفي عمله.. لا يشغل فكره سوى زوجته وابنته.. أو بالأحرى ابنته فقط.. وذلك ما كان يقتل جولي وينحرها من الوريد إلى الوريد.. اهتمام فيصل الزائد.. بطفلته الصغيرة.. لم يكن ينام قبل أن يقبلها.. وكثيرا ما كان ينام بقرب سريرها.. أو يحضرها لتنام بحضنه.. أحيانا لما تبكي في الليل..كان هو يصحو ليهدئها ويسكتها.. جولي كانت صامته لم تعلق على تصرفاته.. ولكن.. إلى متى يطول السكوت؟؟ وأيان يحين الإنفجار؟

كان فيصل جالسا في مكتبه في العمل.. أمامه أوراق وملفات.. وكأس قهوه.. وإناء به زهرتا (روز).. كان قد وصل للتو للعمل.. ما إن جلس على كرسيه.. نظر إلى الورود.. وكأنه تذكر شيء مهم.. رفع سماعة الهاتف واتصل بغرفته..
جولي كانت نائمه.. سمعت صوت الهاتف.. فتحت عينيها.. نظرت إلى ساعة يدها.. زفرت بغضب ثم مدت يدها التقطت سماعة الهاتف وردت بصوت نعس نائم غاضب نوعا ما فمن هو ذا الذي يجرؤ و يقطع عليها نومها ويقلق راحتها..قالت: ألو..
وبمرح قال فيصل: أهلا حبيبتي..
نهضت من السرير بسرعة وقالت: فيصل؟ مابك؟ هل أنت بخير؟
- أجل أجل أنا بخير..
- إذا لماذا تتصل الآن وفي هذه الساعة؟
- أفتقدتك.. وأحببت أن أسمع صوتك..
- فيصل.. عندما كنا للتو متزوجين لم تفعلها.. أتفعلها الآن؟ أخبرني مابك؟
- أجل يا جولي.. وما الذي يمنع؟؟ ألست زوجتي حبيبتي أم ابنتي؟
ابتسمت جولي وقالت بعذوبه: بلى.. وأنت حبيبي وروحي..
- إذا ما الذي يمنع من أن أشتاق لك وأحبك بل وأصرخ بأعلى صوتي أحبك يا زوجتي..
ضحكت جولي بعمق وقالت: حبيبي.. بوجه من أصبحت اليوم؟ أنت سعيد جدا..وهذه ليست عوائدك..
- بوجهك أنت ومن لدي غيرك؟؟ ألست أول من تراه عيني ما أن أفتحها من بعد اغلاق طويل؟؟ ومن اليوم هذه عوائدي..ولست أعرف غير البسمة والفرحة..
احمرت وجنتاها فقالت: حبيبي كفى.. أنت تخجلني.. لا حرمني الله منك وأدام حبك لي دوما..
- إن شاء الله..
سكت ثم أردف:جولي..
- نعم يا حبيبي..
- كيف حال ابنتي؟؟ أهي نائمه؟؟ هل أطعمتها؟ أم نسيتي؟
بغضب أردفت: بخير.. والآن عرفت سبب اتصالك.. هيا إلى اللقاء دعني أعود لنومي..
- لحظة جولي.. مابك؟ لم غضبت؟ لم أقصد شيء سوى أني سألت عن ابنتي!!
- أجل وسؤالك استغرق عشرون دقيقة منذ السؤال الذي سبقه!! ألم تكن معها قبل قليل؟؟
- جولي!! انها ابنتي الوحيدة.. ليس لدي سواها.. ألا تريديني أن أحبها وأتعلق بها؟
- كما تريد.. على العموم سترى ابنتك ما أن تعود.. فلو سمحت دعني أعود للنوم الآن..
- كما تريدين يا حبيبتي..وأنا آسف.. قبّلي لي الصغيرة..
بحنق قالت: حسنا.. كما تريد
- الى اللقاء..
- الى اللقاء..
أغلقت جولي سماعة الهاتف بقوة وقالت: اشتقت لك.. أيحسبني غبية أم مغفلة لأصدق أنه اتصل لأجلي؟؟ أعلم أنه اتصل لأجل ابنته..
وبسبب صوت اغلاق جولي للسماعة بقوة.. صحت الطفلة..وبدأت تبكي..
وصل صوت بكاءها العذب لأذني والدتها فتأففت وقالت: أهذا وقتك أيتها المزعجة؟
احكمت غطائها وقالت: ابكي كما تريدين.. لست جائعة ولا شيء. إن حان موعد إرضاعك سأقوم لك.. نامي الآن..
وبالفعل.. نامت جولي.. وظلت الصغيرة تبكي..
ولحسن الحظ.. كانت أمي لحظتها تمر بقرب غرفة فيصل قاصدة غرفتي.. سمعت صوت بكاء الطفلة.. بكاء أخذ يتعالى شيئا فشيئا.. خافت أمي.. اقتربت من الباب لتتأكد من مصدر الصوت..
- أجل إنها روز الصغيرة..
قالت أمي..
ركزت سمعها علها تسمع صوت جولي.. ولكنها لم تسمعه.. والطفلة لازالت تبكي.. ارتعبت أمي من بكاء الطفلة ومن هدوء جولي.. طرقت أمي الباب بقوة.. وبعد طرقات متواصلة ومكثفة من أمي.. فتحت جولي الباب وهي تفرك عيناها وتتثاءب..
بادرتها أمي بقولها: جولي.. ما بالها ابنتك؟؟
التفت خلفها حيث سرير روز الصغيرة ثم عادت والتفت لأمي قائلة: ابنتي؟؟
وكأنها للتو أدركت الكيان ككل.. هي جولي.. وتلك تدعى روز..وهي ابنتها!!يا سبحان الله!!
أجابت:آه أجل ابنتي مابها؟
ردت أمي بغضب: ابنتك ما بها تبكي؟
بلا مبالاة أردفت: لا أعلم.. كنت نائمة ولم أرها.. على العموم هي ليست جائعة.. كل الموضوع أنها تريدني أن أحملها.. وأنا لا أريد أن أعودها على الحمل باليد..
هاهي أمامك...ادخلي يا خالتي وانظر إليها.. لا شيء بها وكأنها من الجن..
تركت أمي وعادت واستلقت في فراشها..
صاحت بها أمي: ألا تحملين قلبا أنت؟؟ ومن ثم لا تقولي عن ابنتك مثل هذا الكلام.. ما بالك أنت؟
- خالتي يا خالتي.. لا تغضبين.. لا شيء يستحق الغضب.. سأنام قليلا ثم سأرى ما بها..
- ويحك يا جولي..
أسرعت أمي إلى الصغيرة.. حملتها بين ذراعيها.. ضمتها إليها وأخذت تهزها بخفة.. دقائق هي وسكتت الصغيرة وعادت للنوم..
عندما أدركت جولي أن الصغيرة صمتت قالت لأمي: أخبريني خالتي.. لم كانت الصغيرة تبكي؟
بحدة أجابتها: كانت تحتاج تغيرا لحفاظها..
- آه حسنا.. الحمدلله أنك بدلتها لأني لا أطيق فعل ذلك..
- بالله أخبريني.. كيف أصبحت أما أنت؟
جلست جولي على سريرها وأجابت بكل وقاحه: غلطة يا خالتي.. غلطة دفعت ثمنها غالي.. والغلطة هي ذاتها التي أحضرتني لهنا..
- وماذا تقصدين بغلطة؟؟
- أقصد أني لم أكن لأتزوج فيصل لولا هذه الغلطة!!
صاحت أمي: ماذا؟ أتعنين ما تقولين؟؟
- أجل.. لماذا ألم تكوني تعرفين؟مسكينة أنت.. أحسبتي أني تزوجته لأني أحبه؟
- ويحك يا جولي..
خرجت أمي بسرعة وصفقت الباب خلفها..وفي صدرها بركان ثائر..
ابتسمت جولي بسخرية وقالت: غبية.. تصدق كل ما يقال.. الآن سأعرف كيف أتعامل معكم جميعا.. وكما أريد أنا.. أنا بدون قلب أيتها العجوز؟ سأدعك تدفعين الثمن غاليا.. ستدفعين الثمن عقلك.. أعدك..


يتبع...

أطياف الأمل 22-03-2004 07:56 AM

وبكت أمي..


لم تصدق أمي ما سمعت..فكادت أن تقع لحظتها..خارت قواها ولم تعد قدماها تحملانها.. نظرت إلى جولي باحتقار وخرجت من غرفتها وصفقت الباب خلفها..
اتجهت أمي إلى غرفة مكتب أبي رحمه الله.. جلست على كرسيه بقوى خائرة.. أخذت تسأل نفسها.. أيعقل ما سمعت؟ ابني أنا؟ فيصل ابني أنا يفعل هذه الأمور المشينه؟ فيصل الذي ربيته على يدي حتى أصبح رجلا وعاونني في تربيته والده حسن رحمه الله؟ فيصل الذي كنت سأزوجه ابنتي؟ لا يمكن.. لا أصدق.. ولكن كيف أتأكد؟ أجل.. لا حل غيره!!
التقطت سماعة الهاتف من قربها وأدرات رقم فيصل..
رد فيصل بعد قليل من اتصال أمي: ألو..
بحدة قالت أمي: فيصل
- أهلا أمي صباح الخير..
- فيصل.. تعال للمنزل الآن..
- الآن يا أمي؟ لماذا؟ ماذا هناك؟ هل أنتم بخير؟
- أجل نحن بخير ولكن تعال الآن.. ولا تتأخر..
- ولكن يا أمي لا أستطيع.. لدي عمل مهم و ...
قاطعته أمي وقالت: قلت لك الآن.. ولا أريد أي أعذار.. أفهمت؟
- أماه أخفتني.. ماذا حدث؟؟
- تعال للمنزل وستعرف ولا تتأخر أفهمت؟
- حسنا يا أمي.. ولكن أرجوك انتظري فقط ربع ساعة ثم سأخرج من العمل.. لم أكمل الساعة هنا ولا يحق لي الخروج قبل الساعة..أي نصف ساعة أو أكثر بعشر دقائق وأنا عندك..
- حاول أن لا تتأخر لأن ذلك أفضل لك..
- أماه..أتوسل إليك..أخبريني ماذا هناك؟
- ستعرف ما أن تأتي..
وأغلقت أمي السماعة..
- أمي.. أمي..
وعندما انعدمت الإجابة أغلق السماعة وقال: ترى..مابها أمي؟ صوتها ليس مطمئنا أبدا.. هل بها شيء؟ أو ربما روز؟
نهض من مكانه بسرعة وقال في نفسه: سأخرج الآن ولو اضطررت أن أخسر وظيفتي.. أخاف أن مكروها أصاب روز.. أو ابنتي؟ لا أظن أنها ابنتي فلتو كنت أتكلم مع جولي وكانت الصغيرة نائمه..
يا الهي لا أعرف ماذا أفعل!! سأذهب لأخذ الإذن من المدير..

* * * *

أخذت أمي صورة أبي الموضوعة أمامها على المكتب.. حملتها.. نظرت إليها مطولا فانسابت الدموع من عينيها حارة غزيرة..دموع من الأعماق.. ما أقساها من دموع..
نظرت إلى أبي وقالت باكية: آه يا حسن.. لم رحلت يا حبيبي وتركتني وحدي في هذه الدنيا؟ أرأيت حالي؟ أترى ماذا جرى لي؟ أرأيت آخر تربيتنا في فيصل؟
سكتت تغالب دموعها ثم قالت: حسن.. أكنت تعرف يا حبيبي؟؟ أكنت تعلم بما يجري؟ أهو السبب الذي أفقدك توازنك وجعلك حزينا تعيسا من بعد عودة فيصل؟ حزينا لدرجة أننا لا نراك سعيدا أبدا.. ابتسامتك لا نراها.. أجل قد نرى شبح ابتسامة على شفتيك.. ولكنها ابتسامة صفراء باهته.. ليست ابتسامتك الصافية النابعة من أعماق الأعماق..ماهي إلا زيف ابتسامه..
أكان فيصل سبب ذبولك؟ أكان وراء اختفاء ابتسامتك وبريق عينيك؟
آه يا حسن.. ليتك هنا.. بقربي.. لأسألك فتجيب على أسألتي.. ليتك تجيبني فلا تبقى أسألتي حائرة ضائعة دون إجابة..
ليتك معي.. فأضع رأسي على صدرك فأبكي كبكاء طفلة صغيرة.. أبكي وأنتحب فتخفف عني آلامي بيدك الحانية..حيث تربت على رأسي وتزيل معها كل أوجاعي..
ليتك معي.. فتخبرني ماذا أفعل! لا أدري ماذا أفعل.. أو كيف أتصرف؟ هل أسكت عن هذا الأمر؟ هل أتجاهله وكأنه لم يكن..
كيف اتصرف مع ابني الذي كان لي سندا وعونا.. فكيف أعتمد عليه بعد الآن..
أحتضت أمي الصورة وألقت برأسها إلى الخلف بوهن.. تحاول أن تستعد لصدامها مع ابنها.. فهل سيؤكد ابنها فلذة كبدها الخبر.. أم سينفيه؟

وفي تلك الأثناء.. ذهب فيصل لمكتب المدير.. أراد أن يقابل المدير.. سأل ابراهيم.. سكرتير مديره المباشر:
- صباح الخير يا ابراهيم..
- صباح الخير استاذ فيصل..
- ابراهيم..هل دكتور محمود موجود؟
أجاب معتذرا: أنا اعتذر يا أستاذ فيصل.. دكتور محمود ليس موجودا.. فهو لم يداوم بعد.. أظن أن لديه اجتماع مع وفد أجنبي في فرع العاصمه..
- ماذا؟ ليس موجودا؟؟ مستحيـل!!
- خير يا أستاذ فيصل؟ هل أستطيع أن أخدمك بشيء؟
- أريد أن أستأذن الدكتور في الخروج لمدة ساعة.. ساعة ضرورية جدا..
- لا أحد يستطيع خدمتك في هذه الحالة سوى دكتور محمود نفسه.. انتظر قليلا..فهو ان شاء الله بعد نصف ساعة سيكون هنا!
أجاب فيصل بحدة: نصف ساعة؟ لا أستطيع أن أنتظر!! أقول لك ساعة ضرورية.. فتقول لي انتظر ربع ساعة أو أكثر؟
اعتلت حدة صوت ابراهيم هو الآخر فقال: وماذا أفعل لك أنا؟ ءأذن لك بساعة وأوقع لك على الطلب؟
- لم أقل ذلك.. ولكن تصرف يا أخي.. اتصل به أو أعطني أنا الرقم لأتصل به..
بتحد قال ابراهيم:اعذرني يا استاذ فيصل.. لا أستطيع أن أفعل لك شيء.. ولا أن أعطيك رقم الدكتور محمود.. لك أن تتصرف بأي طريقة أخرى..
- ابراهيم أرجوك.. إنها مسأله ضرورية.. اعطني الرقم إن لم ترد مساعدتي..
- لا أستطيع..
- ابراهيم.. أنا رجل وأتوسل لك.. ألا يعني لك هذا شيء؟ أكنت أطلب منك المساعدة وأترجاك لولا أن المسألة ضرورية؟
أطرق ابراهيم رأسه خجلا فلقد عرف مدى خطأه.. قال لفيصل: اعذرني يا أستاذ فيصل.. أنا آسف.. سأطلبه لك الآن..
رفع ابراهيم سماعة الهاتف وأدار رقم مديره.. ولكن فيصل..كانت الأفكار تدور في رأسه وتعصف تفكيره.. ترى..ماذا هناك؟؟
انتبه من شرودهعلى صوت ابراهيم يقول:
- أجل يا دكتور هو عندي.. تريد أن تكلمه؟؟ حسنا هاهو معك..
ابعد سماعة الهاتف عن أذنه وقال: أستاذ فيصل..دكتور محمود يريدك..
أخذ فيصل سماعة الهاتف من ابراهيم وتكلم مع الدكتور محمود:
- صباح الخير يادكتور محمود
- صباح الخير يا أستاذ فيصل.. كيف حالك يابني؟
- بخير يا دكتور..
- خير يا فيصل.. ابراهيم يقول أنك تريد الإستئذان.. ليست هذه من عوائدك فماذا هناك؟؟
- خير ان شاء الله.. ولكن هناك ظروف بالمنزل ويجب أن أكون هناك.. أرجوك اسمح لي بهذه الساعة يادكتور.. فقط هذه الساعة.. أرجوك..
- حسنا يا بني.. خذ ما تحتاج من الوقت.. فأنا أعلم أنك لو بقيت لظللت مشتت التفكير.. فاذهب واقض حاجتك..وإن لم تنهها.. لا تعد.. حسنا؟
فرح فيصل واتسعت عيناه فرحا فقال له: أشكرك يا أبا عمر.. أشكرك من كل قلبي..
- لا تشكرني على واجبي يا بني..هيا اذهب ولا تضع الوقت..إلى القاء..
- إلى اللقاء يا سيدي..
ابتسم فيصل لابراهيم وغادر المكان بسرعة..


يتبع...

أطياف الأمل 22-03-2004 07:57 AM

كان يريد أن يطير.. يسابق الريح.. ليصل إلى المنزل.. لا يعلم ماذا هناك ولكن بالطبع لم يكن شيئا مطمئنا.. ماذا حدث؟ سأل فيصل نفسه: عندما خرجت من المنزل لم يكن بها شيء..فما الذي بدل حالها؟ استرها يارب..
وصل فيصل بسرعة جنونية إلى المنزل... أدار المفتاح في الباب وفي يده رعشة شديدة.. فتح الباب ودخل..
أخذ يبحث عن أمي..
قال بصوت مرتفع مناديا: أمي.. أمي..
وصل صوته المنادي لأذني أمي.. مسحت أمي دموعها.. وعدلت من وضعها فاكتست حلة الصلابة والقوة من جديد..
بعد أن فشلت جميع محاولات فيصل في البحث عن أمي.. لجأ إلى مكتب والدي.. فوجدها هناك.. ابتسم لها واقترب منها مقبلا يدها كعادته إلا أنها نهته باشارة من يدها أي لا تقترب..
بهتت ابتسامة فيصل فقال لأمي متداركا الموضوع: بحثت عنك ولم أجدك.. وأخيرا وجدتك هنا.. ألم تكوني تسمعي ندائي؟
- لا لم أسمعه.. ومن ثم أنا هنا.. وها أنت أمامي الآن..
- أماه.. مابك؟ منظرك ليس طبيعيا أبدا.. مابك أرجوك أخبريني..
- اجلس يا فيصل..
جلس وعبناه لازالت تحمل ألف سؤالا لأمي..
طال صمت أمي وبالطبع لم يجرؤ فيصل على سؤالها.. حتى قالت بعد حين: فيصل..
رفع عيناه وقال لأمي: بأمرك يا أمي..
- سأسألك سؤال فأجبني عليه بكل صراحة.. واعلم أني لا أقبل الكذب أبدا.. أفهمت؟
تعالت ضربات قلب فيصل وتلعثم لسانه فلم يقوى الإجابة فاكتفى بأن أومأ برأسه علامه الموافقة..
بحده تكتسي برود الثلج قالت: فيصل.. لم تزوجت جولي؟
فتح فيصل عيناه ذاهلا فردد ما قالت أمي:لم تزوجت جولي؟
- أجل.. هل السؤال صعب جدا؟
- لا لم أقصد.. ولكني لم أتوقعه..
- توقعته أم لا.. لا تهمني..ما يهمني إجابتك..هيا انطق..
حار فيصل ماذا يقول لها؟ ليس لديه ما يخبأه.. فلماذا تسأله هذا السؤال؟
قال: لا أعلم تزوجتها..
- وكيف لا تعلم؟؟ لا يتزوج المرء إلا لسبب..!!
- لا أدري يا أمي.. ولكني تزوجتها..
- لا تكذب يا فيصل! ولا تثل لي لجمالها أو لأخلاقها.. لأن جولي تفتقر الإثنان والأخيرة أكثر.. فلماذا تزوجتها؟؟
- أماه ما بك؟؟ لا أدري كيف أجيبك أو بم أجيبك!
نهضت أمي من الكرسي واتجهت إلى فيصل.. أمسكته من ثوبه وشدته فقالت بحزم: أجبني بالحقيقة.. ولا أقل بغيرها..
نظر فيصل إلى يد أمي القابضه على تلابيب ثوبه وعلى وجهها المتجهم المخيف.. دفعته أمي بيدها دفعة كادت أن تسقطه.. سوا ثيابه ثم قال: أمي عندما عدت من الخارج متزوجا جولي..أخبرتكم أنت وأبي لم تزوجتها.. أحسست أن بيننا توافق.. كلانا يفهم الآخر.. وجدت فيها ما أريد من النساء.. أحببتها.. ولذلك تزوجتها..
أغمضت عينها بألم ثم قالت: وروز الصغيرة؟
- مابها ابنتي؟
- أمتأكد أنها ابنتك؟
- أمي!! بالطبع متأكد!! مابك؟
استجمعت أمي نفسها وسألت فيصل سؤالا كان أشبه بالضربة القاضية:
- هل تزوجت جولي لأجل روز الصغيرة؟؟؟
فغر فاهه وقال: أمي ماذا تقولين؟
- أقول لك هل تزوجت جولي لأجل روز الصغيرة؟ هل تزوجتها لأنها كانت حاملا؟
- لا..لا يا أمي.. بالطبع لا.. مابك؟؟ أتشكين بي؟؟ لا يا أمي لم يحدث..
- إذا لماذا تزوجتها؟
- يا أمي أقسم لك أني تزوجتها لما قلت لك من قبل..
- أنت تكذب.. أتحسبني لا أراكم وأنتم معا؟؟ أنت لا تطيقها.. لا تطيق اسمها.. ولولا هذه المولود الصغيرة لما نظرت لوجهها.. أتحسبني صماء لا أسمع صراخكم وخلافاتكم بشكل دوري؟؟ هل تحسبني غبيه فلا أرى نظراتك لروز؟ كيف تود أن تموت كل لحظة وأنت تراها.. تود قربها ولكن لا يمكنك ذلك؟؟
أخفض فيصل بصره وقد امتلأت عيناه بالدموع.. اقتربت منه أمي.. وضعت يداها على كتفه.. وقالت بصوتها الحاني الطبيعي: بني.. أخبرني.. أرح قلبي..
تنهد فيصل بعمق ثم أجاب: أنا السبب يا أمي.. أنا الغبي..
سكت فيصل فنظرت إليه أمي.. وكأنه فهم مرادها فأكمل:
- أماه.. أنا من أضعت روز من يدي.. كنت أحسب أني لو تزوجت روز.. لكنت انقدت وراء رغبات أبي.. رغم كوني أنا من طلب الزواج من روز.. لم يفاتحني أبي بهذا الموضوع أبدا.. ولكني أحببت أن أتمرد.. أن أشعر أبي.. وأنتي ويوسف وأحمد والجميع وحتى نفسي.. أني رجل.. أستطيع أن أتخذ قراري بنفسي.. وفي لحظه.. دون أن أشاور أحد حتى.. أجل تزوجت جولي لني اعتقد أنها حاملا.. رغم كوني متأكدا من عدم ذلك.. وبعد زواجنا علمت أنها ليست حاملا.. فقررت تركها.. إلا أني قلت دعني أكمل معها حتى تنتهي دراسي وأعود.. وقبل أن أعود.. اكتشفت أنها حاملا.. ولكن هذه المرة حقيقه.. وقتها لم أجد بدا من اعادتها معي.. كزوجتي أم طفلي المنتظر.. لم أعتقد أن الموضوع قد يكون صعبا لهذه الدرجه.. لم أعتقد أني أحب روز.. وبهذه القسوة.. أماه أكاد أموت حين أراها.. فلا أستطيع أن أضمها.. بل حتى لا أستطيع أن أكلمها.. أتدرين يا أمي؟
هنا صمت فيصل هنيهة مسح دمعة طفرت من عينه.. ابتلع غصة في حلقه وقال: كلما تذكرت عيناها عندما رأتني ممسكا بيد جولي قائلا بكل فخر..أنها زوجتي.. أماه لقد تألمت.. رأيت ذلك في عينيها السوداوتين.. رأيت الدوع فيهما.. فكانت سكاكين مسلطة على قلبي.. أمي.. عندما كلمتها في الحديقه.. قالت أني خائن.. خائن.. كلما تذكرت نبراتها.. عبراتها.. كلما وددت لو أن أدفن مكاني بالحياة.. أمي أنا لا أستحق العيش.. لقد جرحت من أحب..
ضمته أمي إليه وهمست: آه يا بني.. لم فعلت ذلك؟ ما استفدت الآن؟ لا شيء.. لا شيء سوى الندم.. سوى الألم.. ولكن كل ذلك ماضي الآن.. انسى الماضي.. وعش حاضرك..
- أماه.. هي الحاضر والماضي والمستقبل..
- بني.. لا يجوز مثل هذا الكلام الآن.. اصرف حبها كله لابنتك.. روز الصغيره..
- وهذا ما أفعله أنا يا أمي.. أمي أرجوك لا تغضبي مني.. أنا أحبك يا أمي.. أنت كل ما لدي في هذه الدنيا.. أمي أنا لا أستطيع أن أعيش وأنت غاضبة مني.. أرجوك سامحيني.. ماحصل كانت غلطة دفعت ثمنها غالي جدا جدا.. أرجوك سامحيني..
- أنا أم يا فيصل.. وقلب الأم لا يمكن أن يغضب على أبناءه.. مافعلته رغم عظمته إلا أنه ماض.. تب إلى ربك واستغفره.. هو أولى بأن تطلب رضاءه وغفرانه.. لست أنا.. أنا إن غضبت اليوم ولم أستطع النسيان..سينسيني الزمن.. هيا يا بني..عد لعملك.. لقد تأخرت كثيرا..
- لا يا أمي.. لا أقدر.. أود لو أجلس لوحدي مع ابنتي قليلا..
- حسنا يا بني.. هيا اذهب من هنا الآن ودعني أنا أيضا وحدي..
- بأمرك أمي..
نهض فيصل واستدار خارجا.. إلا أنه التفت إلى أمي وقال: أماه..
- أجل..
- ألست غاضبة مني؟
ابتسمت أمي وقالت لفيصل: لست غاضبة.. هيا اذهب الآن..
ابتسم فيصل وخرج وأغلق الباب خلفه..
أطلقت أمي زفرة ألم من صدرها الملكوم.. نهضت من مكانها.. اتجهت إلى مكتب أبي..جلست عليه.. ضمت صورة أبي إليها بقوة.. وبكت..


يتبع...

أطياف الأمل 06-04-2004 09:07 AM

قد دنى وقت الرحيل


أيام كثيرة مضت.. وأنا أنتظر رسالة من نواف.. أي رسالة.. أي كلمة تطمنني عليه.. كنت قد أخبرته أن يرسل لي رسالة فارغة في حال انشغاله.. فلم لم يرسل لي؟؟ أكاد أموت من الخوف عليه.. أين هو يا ترى؟؟ أي أرض تقله؟ وأي سماء تظله؟
أرسلت له أكثر من عشرة رسائل.. كان يقرأها.. وأعلم أنه كان يقرأها.. ولكنه لم يكن يجيب.. كل يوم أفتح بريدي على أمل أن أرى منه شيء.. كل يوم تتعالى دقات قلبي وأنا أفتح بريدي... تتعالى وتقفز علها ترى منه شيئا فتطير فرحة.. ولكن واحسرتاه عليها.. فكل يوم أفتحه.. تقابل بالصدود.. كل يوم تصفع.. كل يوم تخنق.. فتقف عن الحركة..وتموت.. كل يوم تذبل البسمة على شفاهي.. لإازداد ذبولا وشحوبا..
أين أنت؟؟ أين أنت؟؟ كل يوم تصرخ بدومعي بهذين السؤالين.. أين أنت؟
كدت أجن.. ماذا أفعل؟ هل أسألأ عنه في المستشفيات والشرطه؟ هل أبحث عن رقم هاتفه وأتصل فأسأل عليه؟ رغم أن ذلك مناف تماما لمبادئي إلا أن لا شيء أمامي لأفعل.. ولا شيء.. أجل لن أتكلم معه.. ولن أخبره أني المتصله.. ولكن فقط لأطمئن عليه..
وهكذا قررت أن أبحث عن رقم هاتفه..وبالفعل وجدته.. إلا أني قلت في نفسي:
- سأنتظر ثلاثة أيام.. إن لم يرسل لي شيئا.. سأفعل هذا الأمر.. ولكم أكره فعله..
وبعد ثلاثة أيام.. أي في اليوم الذي حددته لنفسي.. كنت في بيت أمي... جالسة مع أمي وأحمد.. سارحة بفكري في عالم آخر..فقد كنت معهم بالجسد..وإنما الروح.. فهي معه.. أحمد يقفز يمنة ويسرى.. يضحك ويقلد هذا وذاك..
وأمي تضحك عليه.. فلقد كان أحمد أشبه بالمهرج الصغير..
هتف أحمد بمرح وهو يقفز: ويسجل الكابتن ماجد هدفه الذهبي في شباك مرمى فريق السعادة.. فيفوز فريق المجد..
أخذ غطاء الطاوله ووضعه على كتفه فقال مقلدا مشجات فريق الكرة: مرحى مرحى فريق المجد..
رغم كوني لست في مزاج يسمح للضحك.. إلا أني ضحكت وبعمق لمنظره..
وبينما احمد يقص علينا أحداث حلقة اليوم من البطل ماجد.. صرخ مرة واحدة: نـــــورة..
وركض للباب.. التفتنا أنا وأمي فوجدانها بالفعل.. نورة أختي..
نهضت أمي بسرعة ونهضت أنا خلفها.. كضنا إلى نورة.. انتزعت أمي أحمد من بين أحضانها أو بمعنى أصح من على رقبتها وحضنت نورة بقوة إليها.. قالت لها عاتبة: هكذا يا نورة؟ شهر ونصف أيتها الظالمة ولا تزوريني؟؟
مسحت نورة دموع فرحتها من على وجنتيها وقالت: أماه.. ليس بيدي.. لم يستطع فهد أخذ إجازة سوى اليوم.. أعذريني يا أمي..
استللت نورة من بين أحضان أمي قائلة:أرجوك أماه دوري أنا..
ضممت نورة بقوة وكذلك هي ولمثتها قائلة: ويحك يا نورة.. هل هنا عليك؟؟
- بالطبع لا ي روز..ولكن فهد..
وقطع حديثها دخول فهد فقال: فهد فهد فهد.. بالطبع هي تخبركم أني أنا المذنب..
صاحت أمي: ابني فهد.. تعال إلي أضمك أيها الفيلسوف..
ضمته أمي إليها وقبلته..قال لها: كيف حالك يا خالتي؟
- لا تسألني عن حالي فأنا بأفضل وأسعد حال..
- الحمدلله دوما إن شاء الله..
قالت أمي: تفضلوا للداخل.. فمن فرحتي بكم وقفت بكم عند الباب..
قلت لفهد معاتبه: وأنا يا فهد؟؟ ألا يسلم المرء على أخته ويقبلها؟
اقترب مني قبلني على جبيني وقال: بالطبع يفعل وخصوصا لو كان لديه أغلى وأرق أخت بالعالم..
احمر وجهي فقلت له: بالطبع كعادتك تغلبني بحلو حديثي وتهدم حصون دفاعي..
ضحك وقال: أهم شي أني أستطيع أن أدك حصونك المنيعه.. وقتها أكون بأفضل حال..
دخلنا وجلسنا في الصالة..
قال فهد لأمي: خالتي.. لا تصدقي نورة.. أنا ومنذ أول يوم أقول لنورة..دعينا نزورهم..دعينا نذهب.. وهي تقول لا أريد..هنا أفضل.. هنا أنا معك وحدنا.. لا أحد يزعجنا.. هنا أحبك كما أريد
قاطعته نورة قائلة: أنا قلت هذا؟؟
ضحك فهد فأخذت نورة الوسادة وضربته بها.. وقالت: حتى لاتتعلم الكذب..
التفتت إلى أمي وقالت: لا تصدقيه يا أمي.. ما حدث كان العكس..حتى أسأليه..
قالت أمي لفهد ضاحكة: أصحيح ما تقوله زوجتك يا فهد؟؟
- آه أجل صحيح..
أجاب وهو يهز رأسه بالنفي..
تدخلت أنا منقذة الوضع حينما رأيت نورة بدأت تغضب بجد.. وقلت:أعلم أن فهد يمزح ونورة لم تقل هذا.. ولكن كل شيء غير مهم.. المهم أنكم هنا معنا..
أردفت أمي: أجل يا بنيتي..صدقتي.. وأخيرا أنرتم بيتي؟
قالت نورة: النور نورك يا (ست الحبايب)..
غمز فهد بعينه لنوره وقال: نورة.. أنا أغار إن قلت لغيري كلام من هذا النوع.. الغزل لي أنا فقط.. كما قلبي وروحي وعقلي لك أنت فقط..
احمرت وجنتا نورة فقالت لفهد:كفى يا فهد.. أنت تخجلني..
التفت فهد حوله ثم تابع قائلا: لا أحد غريب هنا لنخجل.. أمي وأختي.. دعيني أقول مافي قلبي..
نهضت من مكاني إلى حيث فهد.. أغلقت فمه بيدي وقلت: حتى تتعلم كيف تسكت..
ضحكنا جميعا بعمق.. ومر وقت طويل ونحن نتجاذب أطراف الحديث والضحك..
أتى أحمد وجلس على حجر نورة وقال: هيا هيا تكلمي..
- ماذا أقول؟
- أخبريني ماذا فعلتم هناك؟؟ ومن رأيتم؟
ضحكت نورة وقالت: فعلنا أشياء كثيرة ورأينا أناس كثر..
سكت يفكر ثم قال: هل رأيتم الفأر الكبير؟
- لا لم نره..
- إذا هل رأيتم الكابتن ماجد؟
- ولا هو لم نره..
- امم هل رأيتم أبطال الديجيتال؟
- ولا هم لم أراهم.. أرأيتهم أنت يا فهد؟؟
- لا لم أرهم.. ولكن أخبرني مدير أعمالهم أنهم كانوا في جوله سياحيه
أجاب فهد ساخرا..
قال أحمد: ولم تري عدس ولا بندق ولا أي من هؤلاء؟
- لا ياحبيبي لم أرهم..
نهض من على حجرها وقال: إذا لم تستمتعا..ولكن أخبريني.. ماذا أحضرتي لي؟
- الكثير الكثير من الهدايا..
- حقا؟ هيا اذهبي واحضريهم..
قالت أمي: عيب يا ولد.. أختك للتو وصلت.. اصمت..
- دعيه يا أمي.. فكم أشتاق إليه..
- أسمعت يا أمي؟؟ قالت دعيه.. فلتتحمل هي أسالتي..
ضحكت أمي وقالت:تحملي أخيك يا نورة.. وسأذهب أنا لأتصل على أخويك فأخبرهم أنكم هنا..
وما أن أتمت أمي جملتها حتى بان فيصل.. نزل من غرفته..وما أن رأى فهد ونورة حتى أقبل بسرعة وسلم عليها.. وسبحان الصدف.. في نفس الوقت دخل يوسف البيت..على غي عادته في هذا الوقت.. وشاركنا الجلسة..
قالت أمي: الآن أنا سعيدة.. أبناي كلهم حولي..
قال يوسف: لا حرمنا الله منك يا أم فيصل يا نورنا كلنا..
لم يزد أحد على كلامه فقال معاتبا: أمّنوا على كلامي هيا بسرعه..
ضحكنا جميعا وقلنا: آمين
كان فهد على يمينها ونورة على شمالها وفيصل واقفا قريبا منها ويوسف أيضا وحتى أنا.. رغم أن عاصفة من الحزن اجتاحتني.. نظر إليّ فيصل.. ابتسمت له وأشحت بوجهي بسرعه.. أحسست أنه يجب أن أنقذ نفسي من هذا الموقف..فانا أكيدة أن فيصل سيسألني مابي.. ويجعل أمي ونورة ينتبهان أن هنالك خطب بي.. لا.. لن أعكر فرحتهم لأجلي أنا..
قلت مستأذنه مصطنعة المرح: ولأجل هذا الاجتماع الرائع سأذهب وأعد أفضل عصير ليمون قد تتذوقونه في حياتكم..
ضحك يوسف وقال: لا أرجوك.. أخاف أن أموت.. سأذهب أنا الآن..
وقال فهد: يوسف انفذ بجلدك قبل أن تجبرك روز على شرب العصير بأكمله..أنا لا أستطيع الفرار..فمحامي روز ممسكا بتلابيب ثيابي..
تدخلت نورة وقالت: اسكتوا جميعا لا تقولوا هذا عن أختي.. أفهمتم؟؟
- يا حبيبتي يا أختي..
رد فهد: أرأيت يا فهد؟ تكلم المحامي..
قال يوسف: دعوني أذهب الآن قبل أن تقوم المعركة..
قلت له: اذهب فوجودنا بودونك أفضل أيها المزعج..
- لن أرد عليك فأنا أكبر منك..
استدار خارجا إلى أن أمي قالت: يوسف..هل ستخرج؟؟
أجابها: أجل يا أمي..
- للتو أتيت..فل تذهب؟
- أتيت أحضر بعض الأغراض وأبدل ملابسي.. أصحابي بانتظاري..ومن ثم لست وحدك اليوم..نورة وروز هنا..
- حسنا يا بني لا تتأخر..
- بأمرك يا أمي.. إلى اللقاء جميعا..
خرج يوسف واتجهت أنا إلى المطبخ.. ظل الجميع يتكلمون ويضحكون إلى أن فيصل غمز لنوره لتقترب.. اقتربت منه فهمس في اذنها:
- نورة.. روز متضايقة.. اذهبي وانظري مابها..
- وما أدراك أنت؟؟ هاهي كانت هنا تضحك ولا بها شيء..
- نوره.. اذهبي ولا تناقشيني... وهل هناك من هو أعلم بالروح من الروح؟
- أفحمتني.. حسنا سأذهب الآن..
- ولا تنسي أن تردي لي خبر.. أنا بانتظارك..
ذهبت إلى المطبخ أعد العصير..فلحقتني نورة..
دخلت خلفي المطبخ.. نظرت إليها وابتسمت.. نظرت إلي مطولا ولم تتكلم فقلت لها: مابك يا نورة؟
أجابت: تسأليني أنا؟ اسألي نفسك..أنت ما بك؟
- أنا؟ لا شيء.. أنا بأفضل حال..
- روز.. لا تكذبي علي.. أنت كتاب مفتوح أمامي.. هيا.. أخبريني بما عندك..
استندت على طاولة المطبخ..تنهدت بقوة فترقرقت دموعي في عيني..
ضربت نورة بيدها على صدرها واقتربت مني بسرعة: روز.. تكلمي ما بك؟ هل حصل لك أمر ما؟
هززت رأسي بالنفي فعادت تسأل: روز ويحك أجيـبـيني.. أنت تخيفيني هكذا..
- بم أجيبك؟ ماذا أقول لك يا نورة!!
- أي شيء.. بل كل شيء..
- لا أدري ما بي يا نورة..
- أهو عبد العزيز؟
نظرت إليها بعينين ملئتان بدمع غير جار منهما.. فقالت: هو أليس كذلك؟
أومأت برأسي مجيبة.. فأردفت: مابه عبد العزيز؟ هل هو بخير؟
- أتمنى ذلك..
- روز تكلمي.. هل حصل لعبد العزيز شيء؟؟
- لا أدري يا نورة.. أقسم لك أني لا أدري..
- وكيف لا تدرين؟؟
- لا أدري لأنه منذ فترة طويلة لم يرسل لي شيئا..
ضحكت نورة وقالت: ويحك خفت أن مكروها أصابه.. ليس بالغريب عليه الغياب.. ألم تعتادي على غيابه؟ منذ عرفته وهو يغيب.. فما المختلف هنا؟
- لا أدري يا نورة.. المختلف أن الفترة طويلة جدا.. تعدت أي غياب سابق له.. لم يرسل لي يا نورة منذ شهر ونص الآن!! أكاد أجن يا نورة والله أكاد أجن..
- لم لا ترسلين له؟؟
- وهل قصرت؟؟ أرسلت له الكثير من الرسائل.. ولكنه لم يجيبني بأي شيء..حتى أني في آخر رسالة رجوته وسألته أن يجيبني بدافع الشفقة والعطف.. إن لم يكن بدافع الحب والشوق..
- ألهذه الدرجة يا روز؟؟
- أجل يا نورة.. بل وأكثر.. آه يا ويح فؤادي..
- لا تخافي يا أختي.. هو بخير إن شاء الله.. هيا دعينا نذهب لغرفتك ونرى بريدك..متأكده أنك سترين منه رسالة.. هيا تعالي..
- ولكن يا نورة..
قاطعتني قائلة: تعالي ودعي الكلام عنك..هيا..
مسكتني من يدي وجرتني معها إلى الأعلى.. دخلنا غرفتي.. جلست على سريري وهي شغلت الجهاز.. ودخلت إلى الشبكه.. قالت لي: هيا تعالي.. وإلا سأفتحه أنا..
بحزن وإطراق قلت: افتحيه أنت.. سأموت هذه المرة إن لم أجد شيئا..نفذ صبري يا نورة..
- كما تريدين ولكني سأفتحه لأثبت لك أنك مخطئة.. وأنه أرسل لك ليخبرك بأنه يحبك.. يحبك كما لم يحب أحد.. بل و يفتقدك.. وسترين..
- آه يا نورة.. لا آمل سوى أن يطمئنني عليه.. فقط لا أطمع بشيء آخر..
- إن شاء الله ستجدين ما يثلج صدرك يا أختي..
فتحت نورة بريدي.. وعندما رأيت أنها تتصفحه..أخفضت بصري ونكست رأسي.. وضعت يدي على أذني و أغمضت عيني بقوة.. لا أريد أن أسمع لا أريد..
صرخت نورة وأتتني تهزني: روز قومي.. هنالك رسالة منه.. قومي..
فتحت عيناي ونظرت إليها ذاهلة.. عادت وقالت: انهضي أيتها الغبية وأقرأي الايميل.. هيا..
- نورة أتمزحين معي؟؟؟
- بالطبع لا يا روز..انهضي يا قلبي وأقرأي الايميل..
قفزت فرحة ووجهي متوردا سعيدا.. عادت إليه حياته التي سلبت منه..
اتجهت إلى الكرسي بسرعه..جلست ووقفت هي بجانبي.. أخذت يدها ووضعتها على قلبي الهائج بدقاته وضرباته وقلت: أتشعرين بنبضاتي؟؟
ابتسمت وقالت: أجل.. وأعرف كيف تكون..فكذلك هي عندما أرى فهد...هيا يا عزيزتي..أريحي نفسك وأريحيني معك..
- أجل.. سأفعل..
وبيد مرتعشه أمسكت الفارة.. وفتحت الرسالة......


يتبع...

أطياف الأمل 06-04-2004 09:09 AM

اللحن الأخير!


" لا أقوى أن أودعك فقط سأقول..
أحبك.. "
أودعك.. أحبك.. لا أقوى.. لحنه الأخير؟؟
ما الذي يحصل؟
عندما قرأت رسالته.. ووصلت إلى آخرها.. عندما قال.. يعزف لحنه الأخير.. غشت عيني غشاء رقيق من دموعي.. لم أعي ما بعدها.. لم أفهم ما كتب وراءها.. هل قصد ما قرأت؟ هل قصد الوداع؟ هل سيتركني؟؟ يهجرني ويرحل؟؟
وضعت راحتي على خدي وجمدت في مكاني مصعوقة مقتولة..
وبلا شعور.. دون أدنى حواس.. اخترت ارسال رد للرسالة وأرسلت له..
لا أعلم ماذا كتبت.. أو بم همست.. لم أقرأ ما كتبت.. لأني لم أكن أنا من يكتب.. بل روحي وقلبي اتفقا على الكتابة..فكتبا..
جائتني نورة ضاحكة.. تهمس: بشريني.. ماذا يقول نواف؟؟
التفت إليها وقلت بلا وعي: سيرحل..
فتحت عيناها ذاهلة وقالت: سيرحل؟ إلى أين؟ هل سيسافر؟
صحت: أجل سيرحل و يذهب بعيدا.. يحزم أمتعته ويسافر.. ولكن ليس أي سفر.. سيسافر سفرا نهائيا بعيد عن حياتي..دون العودة اليها أبدا.. سيرحل عني نواف يا نورة..
شهقت نورة وقالت: روز.. وما أدراك؟
وبيد مرتعشه أشرت إلى الجهاز لتقرأ الرسالة..
قرأت نورة الرسالة بينما ظللت أفكر وأفكر.. هل ما قرأته هو الواقع؟ وان كان كذلك فلماذا؟ أريد أن أعرف السبب.. من حقي أن أعرف السبب..
التفتت نورة إلي وقالت: يا حبيبتي يا روز.. ولكن روز.. ربما لا يقصد الوداع.. ربما لا يقصد أنه سيتركك.. قد تكوني فهمت الموضوع بشكل خاطئ..
تنهدت بعمق سالت عبرتي لأجل ذلك وقلت: آه يا نورة.. ليت الأمر كذلك.. ولكني أعرف نواف.. أفهمه أكثر مما أفهم نفسي.. لي معه الآن ما يقارب السنتين.. فهل تعتقدين أني قد أغفل عن قصده أو مراده؟؟ نوره لقد خسرته.. ولن أراه مجددا.. أعلم أنه لن يرد على رسالتي حتى.. فهاهو ودعني.. طبع قبلة الوداع على جبيني ورحل.. وليته لم يفعل.. ليته أطلق رصاصة لقلبي لترديه قتيلا.. بدل أن يقبله ويرحل..
اقتربت مني نورة.. وضعت رأسي على صدرها.. إلا أن دموعي جفت.. أبت أن تنزل.. فحزني وألمي أكبر من أن تعبر عنه الدموع..
وبعد برهه.. نهضت من مكاني..أخذت حجابي.. نظرت إلي نورة باستغراب أي ماذا تفعلين؟
قلت لها: سأنزل.. هل تأتين؟
- روز لا تذهبي للأسفل وأنت بهذه الحالة..
- أرجوك يا نورة.. أتوسل إليك.. دعيني أنزل الآن.. إن بقيت هنا سأنهار.. وأنا لا أريد ذلك..
- حسنا يا أختي.. المهم ما تريدينه..
- ما أريده هو أن أعرف لماذا؟ لماذا هذا القرار المفاجئ.. ماذا فعلت له أنا؟ هل أخطأت بحقه؟ هل جرحته؟ ماذا فعلت؟
- لا تشغلي بالك يا أختي.. ستعلمين قريبا بإذن الله...سيرسل لك ويشرح لك كل الأمور..
- أتمنى هذا يا نورة.. أتمنى..
ابتسمت لي فاغتصبت الإبتسامة لأجلها.. فتحت الباب.. اتجهت ونورة إلى الأسفل..
* * * *
كان وجهي جامدا رغم الابتسامة المرسومة عليه.. وكأني لوحة معروضة في واجة أحد المحلات.. ترتسم الابتسامة على ملامحها رغم كونها جامدة.. لاروح ولا حياة فيها.. لا نبض.. لا قلب.. ولكن.. ابتسامة صفراء باردة..
رآني أحمد فأتي راكضا وحضنني.. قال: روز.. أنا أحبك..
استغربت لقوله فقلت: وأنا أيضا يا حبيبي.. ولكن لماذا تقول لي أنك تحبني؟ أنا أعلم أنك تفعل..
تخلص من ذراعي.. فكر قليلا ثم هز ذراعيه وقال: لا أدري.. أيزعجك هذا؟
سحبته مجددا وضممته بقوة وقلت: أبدا يا حبيبي أبدا.. قل ما تريد ووقت ما تريد..
قال لي: روز.. أنا رجل.. لا تضميني هكذا كأني طفل..
ضحك الجميع الذين كانوا يستمعون إلى محادثتنا الصغيرة وقالت أمي: كم تبلغ من العمر يا رجل؟
قال: احدى عشر مليون سنة وربع..
قال فهد: وما فائدة هذا الربع يا أحمد؟
التفت أحمد إليه وقال بحنق: أيها الغبي.. ألا تعلم أن الربع أكبر من الصفر؟
- بلى أعرف..
- إذا الاحدى عشر وربع أكبر من الإحدى عشر.. أليس كذلك؟؟
ضحك فهد بعمق وقال لأحمد: غلبتني أيها الصغير!!
قالت أمي: أحمد..اعتذر لفهد..
- ولماذا أعتذر له؟ ما الذي فعلته؟
- أليس من العيب أن نخاطب الكبار بهذه الطريقة؟ هيا اعتذر من أخيك..
تدخل فهد وقال: لا داعي يا أمي..
- بلى يا بني.. يجب أن يعتاد الاعتذار إذا أخطأ في حق احد.. هيا يا أحمد.. اعتذر له..
تأفف أحمد وقال: أنا آسف يا فهد..
ابتسم له فهد وقال: لا عليك يا رجل..
سألت نورة أحمد: أحمد.. متى تنوي الذهاب للمدرسة؟ أنت الآن في السادسه من عمرك.. ويجب أن تذهب للمدرسة..
فتح عينيه بذهول وقال: المدرسه؟
- أجل المدرسه وما بالك هكذا؟
وبنفس اللكنة الذاهلة قال: ولماذا أذهب للمدرسة؟
- تذهب للمدرسة يا أستاذ فهمان لتتعلم..
- ألست أتعلم في البيت؟ ألا تعلمني أمي الأدب؟ والأخت روز ألا تقتلني بالدروس؟ وكأنها تطبق ما درسته في الجامعة؟
قلت ضاحكة: أنا يا أحمد؟؟
نظر إلي بنصف عين وقال: أجل أنت.. ومن يمارس علي دور المدرس القاسي غيرك؟
قالت أمي: لا نفعل ذلك إلا لمصلحتك.. وبإذن الله ستدخل المدرسة في السنة المقبلة..
صاح أحمد: يا قوم.. افهموني.. حسوا بما بي.. أنا لا أريد أن أذهب إلى المدرسة.. التعليم ليس بإجباري يا اخوان!!
قال فهد: ولكن يا أحمد.. ستصبح بلا قيمة إن لم تتعلم..
قال بتحد: أنا أريد أن أصبح عامل من عمال التنظيف.. ولا أعتقد أن هذه الوظيفة تحتاج إلى تعلم!! ولا تحاولوا أن تثنوني عن رأيي..
ضحكنا جميعا بعمق حتى كادت تدمع أعيينا..وأنا أيضا ضحكت.. وكأني بضحكي أهرب من واقعي المر..أهرب من دموعي..ولكن إلام يطول الهرب؟نظرت إلي نورة مطولا وهمست لنفسها:
- آه يا أختي.. تضحكين وتتكلمين وكأنك بأروع حالاتك.. كم أنت قوية يا روز.. ليت لدي نصف قوتك.. أي نصف أريد؟ لو كان لدي ربعها لكنت طرت فرحا.. أراح الله قلبك يا أختي.. أراح الله ذلك القلب الذي يعتصر ألما.. ذلك القلب الذي تعصفه الأحزان وتصفعه الآلام.. أراح الله قلبك الكبير المحب..
ضحكنا كلنا على قصص أحمد وأحاديثه المضحكه.. إلا فيصل.. لم يضحك.. بل لم يشاركنا الحديث.. كان صامتا واجما.. لا يتحدث ولا يهمس.. عيناه سارحه وكأنه يفكر بحمل كبير أثقل كاهله وعذبه..
ولكنه علم بما أفكر فاستطرد قائلا: نورة.. هل لك أن تساعديني في أمر في الكمبيوتر؟
نظرت إليه بذهول وقالت: أنا؟ وما أدراني أنا بالكمبيوتر؟؟ خذ معك روز!
وقف قلبي عندما قالت ذلك فنظرت إليها أي اصمتي.. ولكنه قال: لا أريد روز.. أريدك أنت..ثم أ الموضوع لا يحتاج عبقرية.. الموضوع أنك ستملين علي بعض المعلومات وسأكتبها أنا على الجهاز.. لكن إذا كنت لا تعرفين العربية فهذه مشكلة.. ووقتها سأستدعي روز أستاذه العربية..
ضحك بصمت فقالت نورة: أتسخر مني يا فيصل؟ لن آتي..
قلت لها: نورة.. أتتعللين؟ اذهبي.. أم أنك تخافين أن تكتشفي أنك جاهلة بالعربية فلا تسلمي من لساني وفهد طوال عمرك؟؟
- سأريك يا روز.. ما أن أنتهي من عملي مع فيصل..
- حسنا ننتظر..
أمسكت الوسادة وضربتني فيها وقالت لفيصل: هيا تعال وسأريك فنون العربية..
اغتصب ضحكة وقال: سنرى..
ذهبا معا ولحقتهما بعيني.. ترى.. ماذا يريد منها؟ ليس من عادة فيصل أن يطلب مساعدة أحد.. وخصوصا في عمله.. فهل حقا يريدها في عمل؟؟
انتبهت من شرودي على صوت أمي تسألني: روز.. هل أنت معي؟
التفت إليها ببلاهة وقلت: نعم يا أمي؟
قالت: لم تكوني معي فأين كنت؟
- لا لا أنا معك يا أمي.. ولكني سرحت قليلا..
- بم سرحت يا ابنتي؟
- لا شيء يا أماه.. ولكن أخبريني ماذا كنت تقولين؟
- كنت أقول يا صغيرتي هل ستنامين عندي اليوم؟
- آه لا يا أمي.. سأنام في منزلي اليوم وغدا أحضر إلى هنا.. نورة ستنام هنا وفهد في منزلنا.. وغدا ننام كلنا هنا بإذن الله..
- ولم لا تنامين هنا اليوم؟
- لا أدري يا أمي.. لدي بعض الأعمال.. أكملها وغدا سأكون عندك بإذن الله..
- بيتك يا صغيرتي..
سكتت أمي ثم أردفت: روز..
- أجل يا أمي..
- ما بك ؟
- أنا؟
- أجل أنت.. ما بك؟
- لا شيء يا أمي..
- لا تكذبي يا روز.. أحس بقلب الأم أن هناك ما يقلقك.. بل ما يشغلك لدرجة أنك تحاولين أن تتناسيه بالضحك والحديث..
- لا شيء يا أمي.. أبدا..كل مافي الأمر أني بدأت أبحث عن عمل.. وقد قدمت في إحدى المدارس.. وها أنا أنتظر الرد..
هتفت أمي بفرح: حقا يا صغيرتي؟
- أجل.. قدمت إليها قبل يومين أو ثلاثة..
- ولماذا لم تخبريني؟؟ ألست أمك؟؟
- بلى يا أمي لم تقولين هذا؟
- لأني لو لم أسألك ما أخبرتيني..
- آه يا أمي اعذريني.. لقد اعتقدت أني أخبرتك.. أقسم أني لم أقصد عدم إخبارك.. ولكني نسيت..
- معذورة يا ابنتي.. ولكن هل المدرسة قريبة من منزلكم؟؟
- أجل تقريبا.. تبعد مسافة عشر دقائق بالسيارة..
- ليست قريبة جدا ولكنها جيدة..إن شاء الله ستحصلين على الوظيفة.. فأنت طيبة وتستحقين كل الخير..
نهضت من مكاني.. قبلت رأسها وقلت: حفظك الله لي يا ست الحبايب..
عادت أمي وقالت: رغم أن ما قلته أقنعني ولكن ليس تماما.. أحس بأن هناك ما تخفيه عني..
- لا يا عزيزتي.. لا شيء.. فقط هذا الأمر.. صدقيني..
- أصدقك يا حبيبتي.. أصدقك.. فقط سألت لأتأكد..
آه يا أمي.. صدقتي وصدق حدسك.. مابي بحر ألام وأمواج من الحزن.. وبحري لا ساحل له.. وأمواج جزنه عاتية لا تهدأ ولا تستكين.. فأواه يا أمي من حزني أواه.. لكن ما يشغلني الآن.. ويسلب فكري ليس حزني وألمي.. بل فيصل.. ماذا يريد من نورة؟؟
أعلم أن الموضوع لا يتعلق بالعمل.. ولا أي شيء..فيصل يريدها لأمر آخر.. هل حصل أمر بينه وبين جولي؟؟ أجل أين جولي؟ ولماذا لم تنزل إلينا؟ العادة تنزل لتراقب الوضع خوفا من أن أضحك مع فيصل أو أكلمه أو حتى يكلمني.. وأين الصغيرة؟ ليس من العادة أن لا تكون مع فيصل... غريب هو الأمر..
ترى..ما الذي يحصل بين أسوار تلك الغرفة؟


يتبع...

أطياف الأمل 06-04-2004 09:12 AM

فقط لعينيها


دخلت نورة غرفة المكتب ودخل خلفها فيصل.. أغلق الباب خلفه وكانت نورة قد اتجهت إلى حيث جهاز الكمبيوتر.. وقالت: هيا يا فيصل.. لنبدأ العمل لأثبت لك أني أستاذه في اللغة العربية وليس روز!!
نظر إليها مطولا فقالت باستغراب: ما بك؟ هيا لنبدأ!
قال لها: ويحك أيتها الغبيه.. أي عمل تتكلمين عنه؟
ردت ببلاهه: وما أدراني أنا؟ أنت قلت هذا!!
أجاب: ومنذ متى أطلب مساعدة أحد في عملي؟
- أنا أيضا استغربت ولكني ظننت أنك تغيرت بالكامل.. في كل طباعك وليس معظمها..
نظر إليها بحدة فقالت معتذرة: اعذرني لم أقصد..
سكتت ثم أردفت: أخبرني.. لماذا إذا قلت أنك تريدني؟
بحنق قال: ألا تدرين لماذا؟
- بصراحة لا..
- نورة أتريدين قتلي؟؟ هل تتعمدين البلاهة؟
- أنا؟؟ لا يا أخي..
- إذا كيف تدعين أنك لا تعرفين لم أريدك!!
- فيصل.. أتقصد أن تفقدني عقلي؟ وكيف أعرف عما في عقلك؟ هل أخبروك أني قارئة للخواطر والأفكار؟
- نورة سأقتلك.. أقسم أني سأضربك إن استمريتي فيما تفعلينه.. ألم أكلفك أن تذهبي لتري ما بروز ثم تأتين وتخبريني؟
- آه أجل تذكرت.. هل لأجل هذا فقط اختلقت كل هذه القصة؟
- أجل لأجل هذا فقط..
- كنت سألتني منذ البداية وأنا أخبرتك.. هل قالوا لك أني غبيه؟
- نورة.. ستعرضيني لنوبة قلبية.. أتدرين؟؟ هيا أخبريني.. ماذا قالت لك؟
- لا شيء.. لم تقل لي شيئا..
اقترب من نورة.. نظر في عينيها وقال: نورة.. أنا فيصل.. لا تكذبي علي.. قولي لي ما بها.. أعلم أن ما بها لهو شيء عظيم.. كبير جدا.. لدرجة أنها تدوس على قلبها الآن وتضحك لأتفه سبب..تضحك ودمعها حائر وسط عينيها.. أنا أعرف روز أكثر مما أعرف نفسي.. أرجوك نورة أخبريني ولا تحاولي أن تخدعيني ولكأني طفل صغير أمامك..
أحست نورة أنها تحت ضغط كبير جدا.. وأن فيصل لو إزداد في إلحاحه فستقول له كل شيء.. لذلك نهضت من مكانها وسارت مبتعده عن فيصل الذي لازال ينتظر اجابتها..
قالت دون أن تلتفت إلى فيصل: بصراحة يا أخي.. روز متضايقة.. لم تخبرني عن السبب.. ولكنها تقول أنها متضايقة.. حزينة دون سبب.. ولم تخبرني ولو سبب صغير عما بها.. لذلك فأنا مثلك تماما لا أعرف شيء..
- تكذبين..
صاح فيصل بقوة فارتعدت أطراف نورة.. عرفت أن فيصل لا يمكن أن يقتنع بكلامها ولكن لابد من المحاولة.. ماذا تخبره؟ وعن أي شيء؟
التفتت إيه وقالت: لا أكذب يا فيصل صدقني..
- لا أصدقك ولن أصدقك..
اقترب من نورة.. أمسك بثوبها بقوة وقال: نورة.. إباك أن تفكري أن تكذبي علي.. روز هي روحي.. ولا أستطيع أن أرى روحي تزهق أمامي ولا أفعل شيء.. أخبريني يا نورة..
اتسعت عينا نورة ذهولا وقالت: فيصل.. انزع يداك عني..
وكأن فيصل كان غافلا.. غائبا عن الوعي.. لا يعي تصرفاته.. صاحت به نورة فعاد للواقع.. نزع يده بسرعة وابتعد قليلا ثم همس معتذرا: آسف يا نورة.. آسف يا أختي..
ألقى بجسده الواهن على الكرسي الكبير.. تنهد بعمق ثم أردف: نورة.. عندما يتعلق الأمر بروز.. أنسى نفسي..أنسى كل شيء.. فلا أعود أفكر إلا بها..لا أفكر إلا بحالها.. أرجوك أعذريني على فعلتي.. ولكن يا نورة.. أحسست أني انهرت.. كدت أموت حين نظرت في عينيها.. فوجدت فيها ذلك الجرح القديم.. جرح أنا السبب فيه.. نظرت في عينيها يا نورة وجدتها تغالب دموعها.. ولكم أمقت منظر دموعها.. نظرت في عينيها فوجدت الموت فيها.. وجدت هلاكي خلف أهدابها.. كانت روز ولكأنها فقدت حبيبا..
سكت يفكر هنيهة ثم نهض بسرعة وقال: نورة..
نظرت إليه نورة فقال: هل السبب بما تمر فيه روز الرجل الآخر؟
ثغرت نورة فمها ذهولا وقالت بلا وعي: ماذا؟
قال بغضب: هو السبب أعلم ذلك.. هو من أجرى مدامع روز وأرهق قلبها.. هو السبب.. أليس كذلك يا نورة؟
لم تجب نورة فأعاد قوله: أعلم أنه هو السبب.. ولكنه لو فعلا كان هو السبب.. سأقتله.. أقسم لك يا نورة سأقتله.. لن أسمح لأي مخلوق أن يجرح روز.. وخصوصا لو كان رجلا آخر.. أعدك أني لن أدعه يفلت بفعلته.. أعدك يا أختي ولكن دعيني أتأكد أولا..
قالت نورة بكلام غير مرتب مرتبك: فيصل أي رجل آخر؟ وحتى ولو أي شيء كان فلا تأتي بطاري القتل على لسانك.. أفهمت؟ وما الذي تستفيده إن قتلته؟ ألن تؤلم روز بفعلتك هذه؟
- لن أجيبك بشيء قبل أن تجيبيني..
- وبم أجيبك؟
- هل كل شيء بسبب الرجل الآخر؟
- ويحك يا فيصل.. أي رجل آخر تقصده وما أدراك أنت؟
- لا دخل لك.. المهم أني أعرف.. اسمعي يا نورة.. لا تخبري روز بما دار بيننا.. أفهمت؟ لا أريدها أن تعرف.. ولكن يا أختي.. إن علمت أن ما بها هو بسبب الأحمق ذاك.. قد أفعل مالا يخطر ببال مخلوق.. فقط لأجل عينيها..
قالت نورة برقة: ألهذه الدرجة تحبها يا فيصل؟
أغمض عينه بقوة وقال: بل أكثر.. أكثر أكثر يا نورة..
ابتسمت نورة ثم قالت: لا فائدة من ذلك كله يا فيصل الآن.. لديك روز الصغيرة.. أحبها كما تحب روز..والآن أعذرني يا أخي.. سأذهب لفهد منذ أن وصلنا لم أجلس معه..
- تفضلي يا أختي واعذريني على ما بدر مني.. أرجوك..
- لا عليك يا أخي.. لم يحصل شيء..
اقتربت منه نوره.. قبلت جبينه.. ففتح عينيه.. ضمها إليه بقوة وقال: تقطع يداي ولا أمدها عليك يا أختي..
همست نورة: أحبك كثيرا يا أخي..
- وأنا كذلك يا صغيرتي..
استلت نورة نفسها من بين ذراعيه وغادرت الحجرة.. بينما ظل فيصل في مكانه..سارحا شاردا.. يفكر.. كيف ينتقم من الرجل الآخر؟

خرجت نورة من غرفة المكتب فوجدتني أنظر إليها.. وقتها أدركت أن الهرب أفضل حل أتقاء لأسئلتي التي لا تنتهي..
اتجهت نورة بسرعة إلى الدرج محاولة الصعود دون الإصطدام معي أو التحدث معي حتى.. ولكني ما أن لمحتها خارجة حتى استأذنت من أمي وركضت خلفها.. ناديتها وناديتها لكنها لم ترد علي.. حاولت نورة أن تسرع خطواتها حتى تصل حجرتها قبل أن أصل إليها.. ولكن خطواتي كانت أسرع فلقد وصلت إليها وصحت بها: نورة.. أنا أحدثك التفتي إلي..
التفتت وقالت: آه روز.. ما بك؟
قلت بغضب: ما بي؟ أناديك ولا تردين علي!!
اصطنعت البراءة وقالت: أنا؟
- لا بل أنا!!
- اعذريني يا روز لم أسمعك.. أخبريني ماذا تريدين؟
- نورة..
- أجل..
- ماذا يريد منك فيصل؟
- وهل كل هذا النداء والهتاف لتسأليني ماذا يريد فيصل؟؟
- أجل.. أريد أن أعرف..
- لم يرد شيئا.. ساعدته في عمله.. هذا كل مافي الأمر..
- لا أصدقك!
- ولم لا تصدقيني؟؟ هذا ما حصل.. وأنت كما تشائين.. إن شئت صدقيني.. وإن لم تشائي ذلك.. فافعلي ما يحلو لك يا أختي..
- نورة.. هيا أخبريني.. أعلم أن خلف أسوار تلك الغرفة حصل شيئا مهما وليس مساعدة في عمل..
اقتربت مني.. وضعت يدها على كتفي وقالت: حبيبتي.. هذا ما حصل هناك.. فلا تشغلي بالك بأمور لم تحصل..إنما روز..أريد أن أخبرك شيئا..
- تفضلي يا نورة.. ماهو؟؟
- روز.. فيصل يحبك كثيرا كثيرا كثيرا.. فاختاري من يحبك بدل أن ترهقي قلبك وتنحريه مع من لا يحبك..
- نورة لم تقولين هذا الكلام؟؟
- لا شيء.. دعيني أذهب الآن.. أريد الذهاب لزوجي..ألا يكفيك أني سأنام هنا الليلة وهو في منزلكم؟؟
ربتت على كتفي.. ابتسمت إلي ودخلت حجرتها.. بينما ظللت أنا أناديها: نورة توقفي أرجوك نورة..
هزت لي رأسها بالنفي وأغلقت الباب..
- ويحك يا نورة.. سأريك..
كانت نورة واقفة خلف الباب تستمع لحديثي وتضحك..فسألها فهد: نورة حبيبتي.. هل جننت؟ تضحكين مع نفسك؟
أجابت ضاحكة: لا يا حبيبي.. ليس لوحدي.. إنما أضحك على روز..
- روز؟؟ وما بها روز؟؟
- تتوعدني أنها ستضربني..
ضحك وقال: لماذا تريد ضربك؟؟ أكيد أنا أنك فعلت ما يغضبها.. وإلا روز أختي ليست بمتوحشة أبدا..
اصطنت نورة الغضب وقالت:أتعني أن العيب مني صحيح؟؟ أجل اتفقوا الإخوة علي.. تلك تريد ضربي والسيد يدافع عنها..
مد فهد ذراعيه القويتين وضم نورة إليه فقال: أيتها الغبية.. لا تقولي هذا.. أنت لست مجرد ابنة عمي.. أنت زوجتي وحبيبتي وسيدة قلبي..
نظرت إليه وقالت بخفة: حقا؟؟
ضربها على رأسها بخفة مازحا وقال: أتشكين بحبي أيتها السيدة؟؟
دفنت رأسها في صدره وقالت: أبدا.. لا أفعل ولا أستطيع أن أفعل لأن القلب سيقتلني حينها..
- حفظك الله لي يا حبيبتي.. ولكن تعالي هنا.. لم تخبريني لم تريد روز أن تضربك؟
ضحكت وقالت: ألم تنس؟
- لا لم أنسى.. هيا أخبريني..
- فيصل أخي طلب مني أن أساعده في بعض أعماله.. سمعته حين طلب مني أليس كذلك؟؟
- أجل سمعته.. وما دخل ذلك بروز؟؟
- روز يا فهد كاد أن يقتلها الفضول.. تريد أن تعرف ماذا يريد مني فيصل..وعندما أخبرتها لم تصدقني.. تقول أن هنالك شيء مهم حصل.. أخبرتها أن شيء مهما لم يحصل إلا أنها لم تصدقني.. وعندما رأيت أن جدالي معها عقيما وأنها لا يمكن أن تقتنع.. تركتها ودخلت الغرفة..لذلك هي تود ضربي..
ضحك فهد بعمق ثم قال: كم أنت مجنونة يا أختي.. لا عليك يا نورة.. ثوان قليلة وستهدأ روز.. ولكن لا تحلمي أن تنسى الموضوع.. لأنها ستعود وتسألك عنه مرة أخرى.. فحضري لك أقراص الصداع لأن روز ستسبب لك صداع عظيما لا يمكن شفاءه..
- هيا يا فهد.. لا تتكلم عن روز بهذه الطريقة..
- أعلم وروز عزيزة بقلبي كما بقلبك..ولكن هذه هي الحقيقة.. أليس كذلك؟؟
- لا أدري ربما..
- نورة حبيبتي.. سنضطر غدا للعودة إى منزلنا..
التفتت إليه بسرعه وقالت: غدا؟؟ ولماذا؟لم أجلس معي أمي وروز وأخوتي كثيرا..
- أعلم يا حبيبتي وأنا أيضا لم أجلس مع سعود ولم أره حتى.. ولكن العمل اتصلوا بي وأخبروني أنه يجب أن أحضر غدا مساء لمسألة مهمة..
- أما تستطيع تأجيلها ليومين فقط؟
- لا ياحبيبتي.. حاولت ولكنهم رفضوا.. أخبروني أنها مهمة جدا ويجب أن أكون متواجدا.. وأنت تعلمين أنه لا يوجد أحدا بمثل تخصصي.. كنت أنا وعلاء صديقي.. إلا أن علاء ترك العمل.. فبقيت وحدي..
أطرقت نورة وقالت بحزن: كما تشاء يا فهد..
رفع ذقنها باصبعه وقال: حبيبتي.. أعلم أن حزينة.. وأنا كذلك حزين.. ولكن ما باليد حيلة.. سأعوضها عليك بأقرب وقت ان شاء الله.. لا تغضبي يا نور قلبي ولا تتضايقي.. أرجوك.. لا أحب أن أراك هكذا.. هيا ابتسمي.. لأجل حبيبك ابتسمي..
ارتسمت على شفتي نورة ابتسامة حلوة عذبة.. كيف لا وحبيب القلب طلب ذلك؟؟ألقت برأسها على كتف فهد وقالت ممسكة بيده: أنا معك أينما ذهبت.. وكيفما قضيت.. والحمدلله أني رأيتهم.. بإذن الله المرة القادمه نجلس أكثر..
صاح فهد: ويلومونني لو أحببتك؟؟ أحبك يا نورة.. أحبـــــــــك..
اصطبغ وجه نورة بالحمرة فقال فهد: أحبك..
نظرت إليه خجلة وأهدابها تظلل عينيها الخجلى وقالت: أحبك يا فهد..
قبّل فهد جبين نورة وقال: أعذريني الآن يا حبيبتي.. سأذهب إلى منزلنا.. أتريدين شيئا؟
- لا يا فهد.. فقط طمني عليك إن وصلت.. واتصل علي قبل أن تنام..
- من عيني..
- إلى اللقاء فهد..
- إلى لقاء قريب جدا يا نورة..
لوح لها فهد مودعا وخرج.. ابتسمت نورة بعذوبة وخجل.. وألقت بنفسها على فراشها متمددة.. بانتظار فهد أن يتصل عليها..


يتبع...

أطياف الأمل 06-04-2004 09:14 AM

دعني أبقى

- ويحك يا نورة.. سأريك..
صحت بها بعد أن أغلقت الباب في وجهي.. ضربت الأرض برجلي بقوة ثم اتجهت لغرفتي وأنا أتمتم بكلام غاضب غير مفهوم..
دخلت غرفتي.. وصفقت الباب خلفي.. جلست على السرير.. أخذت الوسادة ووضعتها على حجري.. أحس أن بي موجة غضب أود تفريغها بإلقاء الأشياء.. فأخذت الوسادة ورميتها.. لم أكتف ولم تنتهي موجة الغضب.. فألقيت بنفسي على السرير.. ويحك يا نورة.. لم تقولين هذا؟ من قصدت بمن يحبني؟؟ ومن قصدتي من لا يحبني؟؟ أقصدتي نواف؟ نواف من لا يحبني؟ كيف لا يحبني؟ كيف لا يحبني يا نورة؟ سنتين من المشاعر النبيلة الصادقة وتقولين لا يحبني؟ ألأنه رحل؟ على الأقل رحيله كان متوقعا.. وليس كما فيصل الذي تصفينه بمن يحبني.. على الأقل هاهو أخبرني أنه سيرحل.. صحيح أني لم أعرف سبب رحيله ولكنه ليس فيصل.. ليس فيصل الذي صدمني بالواقع.. صدمني بالرحيل.. دون سابق إنذار..
أخبريني يا نورة كيف يتساوى الإثنان؟ كيف يتساوى من أخلص لي وكان معي في الشدة والرخاء.. من وهبني قلبه عى طبق من ألماس.. مع من غدر بي.. دفنني بالحياة.. نحر أوردتي بخنجر مسموم.. تخلى عني بكل سهولة.. أخلف وعوده وضرب بها عرض الحائط..
أخبريني يا نوره كيف يتساوون؟ لا يتساوون أبدا ولن يتساوون..
نواف.. أين أنت يا نواف؟ لم فعلت بي هذا؟ لم تريد أن ترحل؟ لم تبتعد عن حياتي؟ لم تتركني في هذه الدنيا وحيدة.. دون وقوفك بجانبي؟ لم تتخلى عني؟ قل لي يا نواف.. كيف أعيش بدونك؟
ليتك أوضحت لرحيلك سبب.. ليتك أعطيتني عذر.. بينت لي لم ترحل.. لكان عذابي أخف وأهون.. أعلم أنك لن تعود فترسل لي.. إذا لماذا لم تخبرني؟
لا أعلم كيف أعرف سبب رحيلك.. لحظة بل أعرف.. أعرف كيف سأصل إليك.. أجل.. لا مفر من ذلك.. لم تترك لي وسيلة أخرى يا حبي.. وسأفعلها.. لأجلك وحدك.. أنت فقط.. سأفعل ما أراه مناسبا ولا يهمني أحدا.. لا يهمني سوى أن أعرف.. فقط أعرف..
وبينما أنا أفكر قطع حبل أفكاري طرق متواصل على الباب.. سألت بحدة فلقد توقعت أن تكون نورة: من هناك؟
أجاب الطارق: أنا فهد افتحي الباب..
- ماذا تريد يا فهد؟
- افتحي الباب.. أم سنتكلم من خلف الباب؟
نهضت متثاقلة.. فتحت الباب وقلت: ماذا تريد؟
- أولا أنا أخيك الأكبر منك سنا فتكلمي معي باحترام أفهمت؟
- فهمت.. وثانيا؟
- ثانيا هيا سنذهب للبيت.. أم تريدي أن تبيتين هنا؟
- لا.. هنا لا..أريد الذهاب إلى بيتي بعيد عن نورة..
عندما سمعت أننا سنذهب للبيت..تعالت دقات قلبي.. سأفعل ما أريد.. فعلا..
ضحك فهد وقال: أمازلت غاضبة من نورة؟
- أجل.. وما دخلك أنت؟
- هيا هيا لا تكثري الكلام.. سأنتظرك في السيارة.. لا تتأخري أيتها المتعجرفة..
- حسنا يا زوج السيدة نورة..
لم يمض وقت كثير حتى كنت بجانب فهد بالسيارة.. كان يبحث عن شيء لا أعلم ما كان.. دخلت للسيارة وأغلقت الباب بقوة حتى ينتبه أني أتيت..نظر إلي مستغربا وقال: روز؟
- نعم.. ماذا تريد؟
- كيف أتيت؟
بسخرية أجبت: نزلت من السماء أتصدق؟؟ وكيف أتيت يعني؟ بالتأكيد فتحت الباب ودخلت.. هيا لنذهب..
لم يتحرك وإنما ظل ينظر إلي فقلت له: فهد.. أتنوي المبيت في السيارة اليوم؟
- لا.. لا أريد ذلك.. وإنما أريد معرفة شيء ما..
- وماذا تريد أن تعرف؟
- ما بك؟
- بي أنا؟
- أجل.. ليس من عادتك أن تكوني بمزاج سيء كهذا.. وليس من عادتك أن تتخاصمي مع نورة رغم خصامكم الدائم إلا أنكما لا تتخاصمان لمدة طويلة.. أطول خصام دام بينكم كان لمدة خمسة دقائق.. والآن مضت ساعة وأنتي لا تريدين أن تكلمي نورة.. حتى أنك خرجت ولم تودعي أمي أو نورة.. والأهم.. أنه ليس من عادتك أن تصرخي بوجهي أو تكلميني بعدم احترام دون أن تعتذري..
أحسست أني أتمزق خجلا.. فما قاله فهد صحيح.. لم أعتذر من أخي رغم قلة أدبي في الحديث معه.. قلت له بخجل: اعذرني يا فهد.. أنا آسفه.. لا أدري ما أصابني..
شغل فهد السيارة وسار مبتعدا عن البيت ثم قال: أختي.. نحن كنا ولازلنا أصحاب.. فلماذا لا تخبريني ما يضايقك؟
- آه يا فهد.. لا أدري ما بي.. أحس أني متضايقة.. مزاجي ليس بأفضل حالاته.. ولكني لا أعرف السبب.. إنما فهد.. أرجوك لا تخبر سعود.. أنت تعرف أنه لن يتركني في حالي أبدا ما أن يعرف.. فهو كأبي حسن رحمه الله.. فأرجوك لا تخبره..دع الموضوع بيني وبينك.. ومن ثم فإن الموضوع ليس مهما أبدا.. مجرد حالة عصبية بسيطة من الحالات التي تمر بها الفتيات..
ضحك وقال: أجل صحيح..
أجابني إلا أن عينيه كانت تقول: لا أصدقك..
- فهد.. عدني ألا تخبره..
- أعدك.. لن أخبره.. وماذا أخبره؟؟ أنك بمزاج سيء؟ هل أخبروك أني طفل؟
ضحكت وقلت: لا بل أنت رجل يعتمد عليه..
- أشكرك.. أخبريني.. هل تريدين أن أمر بالمتجر لنشتري المثلجات؟ بصراحه أحس برغبة في أكل عشرة مثلجات.. ومن ثم فهي جيدة لذوي المزاج المتعكر..
- حسنا يا سيد طفل لنذهب.. أنا أريد مثلجة متعددة النكهات حسنا؟
- وكيف يصنعونها هذه؟؟
- هي كذلك.. تسمى نكهة قوس الرحمن..
- أها أجل أجل عرفتها.. لو كنت قلت قوس الرحمن من البداية لكنت فهمت..
- حسنا هيا بسرعة حتى لا نتأخر.. أريد الذهاب للمنزل بسرعة..
التفت إلي ونظر إلي بغرابة وقال: ولماذا؟
ارتبكت لنظرته.. فكان وكأنه يشعر بأني أريد المنزل لخطب عظيم.. أشحت بناظري عنه وتشاغلت بالنظر عبر النافذه وقلت: أريد أن أنام.. أحس بالتعب.. أم هذا حرام؟؟
- لا ليس حراما أبدا.. سنذهب بسرعة للمتجر ثم للبيت.. لن نتأخر حسنا؟
- حسنا..
توقفنا عند المتجر.. نزل فهد وطلب مني أن أقفل الباب..قفلته ثم جلست في المقعد لا يتحرك بي سوى صدري الصاعد والهابط بسرعة.. وعيناي اللتان ترمشان.. كنت أفكر بالمنزل.. ماذا سأفعل.. كيف أتصرف؟؟ هل أفعل ما خطر ببالي؟ لا حل لي سواه.. وإن لم أفعل ليس بيدي أمر آخر.. ويحك يا نواف لم تترك لي خيارا آخر.. ولكن ما العمل؟ آه يا إلهي ساعدني.. لا أستطيع الصبر أكثر.. أحس بأني أموت.. أتعذب.. لا أستطيع الصبر أكثر والله لا أستطيع..
دق فهد زجاج النافذه فالتفت إلى مصدر الصوت فزعه.. ضحك فهد على منظري وقال: هذا أنا افتحي الباب.. بسرعة قبل أن يذوب ما بيدي..
فتحت الباب له فقال: ألهذه الدرجة تخافين؟
- لم أخف.. وإنما كنت سارحه..
ضحك وقال: حسنا كما تشائين.. ولكني أرى أنك خفت..
- دع نظرتك لنفسك.. لأني لم أكن خائفه.. أعطني مثلجاتي هيا..
مد يده وأعطاني خاصتي.. أخذتها منه وبدأت بأكلها.. فعلا..كما قال.. لها تأثيرا عجيبا على الأعصاب.. أحسست وكأني أرخيت أعصابي.. وقللت من توتري قليلا.. ولكن يا ويح قلبي.. سيعود هذا التوتر ما أن أعود للمنزل.. فهون الأمر يا رب..
لم نتأخر كثيرا بعد المتجر.. فبعد عشرة دقائق وصلنا إلى المنزل.. كنا قد تحدثنا أنا وفهد.. تحدثنا وضحكنا في أمور شتى وعديدة.. أخبرني عن جارهم ثقيل الدم.. وعن قطة جارتهم الجميلة..التي ما أن تراها نورة حتى تصرخ هاربة.. لأنها تخاف القطط.. وحزنت كثيرا على الطفل المجنون الذي يقطن في آخر حيهم.. مسكين.. لو أنه حصل على رعاية أفضل من رعاية أبيه دائم السكر وأمه التي تخلت عنه..وزوجة أبيه التي هي سبب جنونه.. لربما كان الطفل بحال أفضل من هذا..
دخلنا البيت ونحن نضحك.. حيث كنت أمثل لفهد كيف تركض نورة خائفة من القطط.. وعندما دخلنا وجدنا سعود بانتظارنا..
- سعود.. مرحبا يا أخي..
صاح فهد ضاما سعود..
- أهلا يا فهد.. كيف حالك؟؟
- أنا بأحسن حال.. وأنت؟
- أنا أيضا بخير.. أين أنت؟؟ حاولت الإتصال بك طوال اليوم وهاتفك مغلق..
- أنا؟؟ كنت في بيت خالتي.. غريبة لم يكن هاتفي مغلقا.. أنت تعرفني أنا لا أغلق هاتفي أبدا..
- أنا كذلك استغربت.. المهم كنت أود أن أخبرك أن لا تتعشى أن وروز حتى نخرج سوية.. هيا لنذهب الآن..
- هيا أنا مستعد..
تدخلت في حوارهم وقلت معتذره: أعذراني لا أستطيع الذهاب؟
نظر إلي سعود وقال متسائلا: ولماذا؟
سرت بي رجفة فقلت: لا شيء.. ولكني تعبة وأود لو أنام.. مرة أخرى بإذن الله..
قال سعود: بل ستأتين.. لن يبقى أحد بالبيت.. هيا بسرعة سأذهب للسيارة وتعالي.. لا تتأخري فهمت؟
قلت مترجية: ولكن يا سعود..
قاطعني قائلا: ستأتين وهذا آخر ما عندي..
نظرت إلى فهد أسأله أن يطلب من سعود تغيير رأيه وفعلا فهمني فهد فركض خلف سعود وقال له قبل أن يركب سيارته: سعود توقف..
- ماذا تريد؟
- روز لا تريد الذهاب.. فدعها تبقى.. لم تغصبها على مالا تريد؟
- أخبرتك لن تبقى في البيت وحدها ونحن خارجون.. لم تريد البقاء في المنزل؟؟
- روز تعبه وتريد أن تنام.. أظنه سبب كاف!!
- لا ليس بكاف أبدا.. روز لا تبق في المنزل وهي تعلم أننا سنخرج سوية.. وخصوصا لتناول العشاء في أحد المطاعم!!ستأتي وهذا آخر ما عندي..
هم سعود بركوب سيارته إلا أن فهد أمسك ذراعه وقال: سعود.. روز متضايقة ولا تود الخروج.. إفهمها يا رجل..
سكت سعود قليلا ثم أردف: ولماذا هي متضايقه؟
- لا أعلم ولكني أحس بذلك؟؟
قال سعود ساخرا: ومنذ متى وأنت تحس بماتشعره روز؟؟ ألست أكثر من تتخاصم روز معهم والسبب عدم فهمهم لها؟
صاح به فهد: ويحك يا سعود.. دع الفتاة الآن ولنتكلم بما تريد لاحقا.. ومن ثم أنا أصبحت أفهمها من اليوم.. وما دخلك أنت؟؟ أليست أختي؟
قال سعود بتحد: أجل.. أختك ولكنها ابنتي..
قال فهد: استغفر الله..
سكت ثم أردف: سعود.. دعنا لا نفسد اليوم ونحن نود أن نخرج سوية.. لذلك دعها الآن.. وسنخرج سوية مرة أخرى..
همس سعود: كما تريد.. قلها أن تفعل ما يحلو لها ولتمت جوعا وحدها..
ابتسم فهد وركض داخلا إلي حيث كنت أرقبهم بعيني دون أن أسمع ما يدور بينهم.. جاء فهد وقال: روز..
رفعت إليه عيناي الخائفه فقال: هيا اذهبي ونامي.. تدبرت الأمر مع سعود..
ضممته وقلت: أشكرك يا فهد.. ولكن إياك أن تكون قد أخبرته بشيء؟؟
- لا تخافي لم أفعل..
- حسنا هيا اذهب واستمتعا بوقتكما..
- سنفعل.. أمتأكده أنك لا تريدين الذهاب؟
هززت رأسي بالنفي فأردف: حسنا إذا إلى اللقاء وتصبحين على خير..
- و أنت من أهله.. إلى اللقاء..
خرج فهد وأغلقت الباب خلفه.. تنفست الصعداء فلقد رحل الجميع.. ولم يبق في المنزل سواي..
نظرت إلى الأعلى.. دق قلبي بقوة حتى كاد يقفز من محله... كيف لا يفعل ولا يفصلني عن معرفة الحقيقة سوى ثوان؟؟
استجمعت قواي وصعدت السلم باتجاه الأعلى.. دخلت غرفتي و أغلقت الباب خلفي بهدوء..



يتبع...

أطياف الأمل 06-04-2004 09:20 AM

أجل أنا روز!

العادات.. التقاليد.. مبادئي.. قيمي.. وجهات نظري.. الناس.. اخوتي.. كل شيء تضارب في عقلي وأنا أفكر بما أريد فعله.. ولكني ضربت بهم جميعا عرض الحائط.. فوقتها لم يحكم العقل.. إنما القلب هو الذي أتخذ السيادة على الموقف.. هو من أمسك بزمام الأمور.. فأصبح الآمر والناهي في جميع المسائل.. المتحكم في جميع الأمور.. أمرني قلبي أن أفعل ذلك.. ولن أنتظر عقلي حتى يصدر قراره سواء بالرفض أو الإيجاب.. لأني أعلم أنا لرفض سيكون نصيبي.. إلا أني لن أسمح له بالتدخل هذه المرة.. ليس هذه المرة..
كنت قد وضعت حقيبتي على سريري.. ذهبت إليها.. وبأصابع مرتجفه فتحتها.. وباستماته أخرجت هاتفي المحمول.. لمسته أول مرة ولكأني لمست جمرة فتركته بسرعه.. إلا أني عدت واستدعيت شجاعتي التي فرت مني فأخذته بسرعه وأطبقت يدي عليه.. نظرت إليه وأنا أمسكه بقوة أخاف أن أسقطه مني يدي لشدة خوفي.. أخذت نفسا عميقا وقلت: هيا يا روز.. تستطيعين فعلها هيا..
وبالفعل فعلتها.. أخذت الهاتف.. وأدرت الرقم.. كنت أضغط رقما ثم أقف لثوان.. أخاف أن أكمل.. حتى وصلت للرقم الأخير.. هنا أحسست بعد أن ضغطته بأن حمل كبير انزاح.. هم انقضى ومات.. ولكن هم آخر ابتدأ..
لم أنتظره حتى يرن.. فلقد أقفلته بالفور.. لا أستطيع.. يجب أن أعرف.. لذلك عدت وطلبت الرقم ذاته.. ولكن هذه المرة جعلته يرن.. كانت دقات الهاتف أشبه بنعوات لي.. تصرخ بموتي..
رغم أني تركته يدق فترة من الزمن لكن أحدا لم يجبني.. أعدت المحاولة مرة واثنتان وثلاث.. ولكن لا جدوى..
يأست من الإجابة لذلك رميت الهاتف جانبا وابتعدت قليلا عنه.. سرت بجسدي رجفة عنيفة رغم كون الجو دافئا جدا في غرفتي.. ولكني أحسست بأني أرتجف ولكأن ضلوعي تصطك ببعضها..
مرت عشر دقائق تقريبا وإذا بهاتفي المحمول يدق.. قفزت بسرعة.. نظرت إلى الرقم..أجل إنه هو.. رددت بسرعه ولكني لم أتكلم..
- ألو..
أتاني صوت قوي من الطرف الآخر.. صوت بدا على أذني وكأنها ألفته منذ زمن رغم أنها لم تسمعه من قبل.. صوت أحبته ولكأنها تعرفه..
وبعد تكرر نداءاته أجبت بصوت مرتعب خائف: ألو
- السلام عليكم..
- وعليكم السلام ورحمة الله
سكت وكأنه بانتظاري أن أفصح عن هويتي وعندما لم أفعل استطرد الحديث قائلا:
- أختي إذا سمحت هل لي أن أعرف إن كان أحد قد اتصل علي من هذا الرقم؟ فلقد وجدت في هاتفي عدد من المكالمات التي لم يرد عليها وكانت من هذا الرقم.. فاعتقدت أنه ربما يكون شخصا يعرفني..
تلعثمت ولم أعرف ماذا أرد.. إلا أني أجبت وبشجاعة أستغرب منها: أنت نواف؟
سكت برهة ولكأنه لم يتوقع أن أكون أعرفه ثم قال: أجل.. من المتحدث؟
أجبت: لا أعرف..
- من أنت؟؟ وكيف تعرفيني؟
- لا أدري..
- هل أنت؟
صمت ثم قال: روز؟
عجبت أنه عرفني.. لم أعتقد أن يعرفني ولكنه فعل.. فياللغرابة..
همست: لا أدري.. ربما..
- بلى.. أنت روز أليس كذلك؟
- قلت لك ربما.. أجل قد أكون هي..
- آه لا أصدق.. روز؟؟ أنت روز؟؟
- أجل أنا روز!
- كيف حالك يا روز؟؟ طمنيني عن أخبارك؟
- أنا؟؟ أوتسألني عن حالي؟ أنا في عداد الأموات ومنذ ساعات..
- لماذا يا روز؟ ماذا أصابك؟
- أتجهل ما أصابني؟؟ كيف تجهله وأنت سببه؟؟ كيف تجهل مقتلي وأنت قاتلي..
- أنا يا روز؟ أنا قاتلك؟
- آه يا نواف.. أجل قاتلي ومعذبي الأول.. لم فعلت بي هذا؟؟ لم ترحل؟ هكذا.. ودون مقدمات.. لم تريد أن تتركني وحيدة؟؟ أما تعلم أني لا أعيش بدونك؟ أما تدري أنك كل ما لي في هذه الحياة؟ أنسيت أنك الهواء الذي أتنفسه؟ أم أغفلت عن كونك الحياة لهذا القلب التعس؟ إذا لم تنس ولم تغفل فلماذا تتركني إذا؟؟ أعلمني السبب.. أريد أن أعرفه.. لا يمكن أن ترحل وبهذه البساطة.. أبهذه السهوله؟؟ بهذه البساطة.. إلى اللقاء يا روز.. بكلمات باردة أصابتني بمقتل؟ قلي لي أرجوك وأرح فؤادي.. دعني أعلم السبب الذي يبعدك عني.. السبب الذي يمنحك حق الرحيل عن حياتي.. حق الإبتعاد عني وهجر قلبي.. أرجوك يا نواف.. أخبرني.. وعدتني أنك لن ترحل بدون سبب.. فأعلمني بهذا السبب.. أرجوك يا نواف.. أتوسل إليك..
تغيرت نبرة صوته فبدا وكأنه يعاصر حزنا كبيرا فهمس: روز.. أنت تعذبيني بكلامك هذا.. أنت تعلمين من أنت بالنسبة لي.. أنت لي كل شيء.. وأغلى شيء.. وكما قلت.. لن يجعلني أرحل عنك إلا سبب قوي.. قوي جدا.. وإلا لما تركتك أنا أبدا.. أقسم لك أني ما كنت لأتركك أبدا..
- إذا ما السبب يا نواف؟ أرجوك قل لي.. وأعدك أني سأقفل الخط ولن أزعجك في حياتك مرة أخرى.. فقط دعني أعرف قبل أن أختفي من حياتك..
- لا يا روز.. لا تقولي أختفي من حياتك.. أنا مجرد التفكير أننا لم نعد معا يدمرني.. فكيف لي أن أفكر في الدنيا من دونك؟؟ آه يا روز.. ليتني لست أنا.. لكنت أستطيع أن أبقى مع من أحب طوال عمري.. لا يفرقني عنها سوى الموت.. إنما الحياة ظالمة يا حبيبتي.. ظالمة ولا ترحم أبدا.. فكما قلت لك لا تدعنا نفرح لدقائق دون أن تبكينا أضعاف حفنة الدقائق هذه..
- نواف.. أريد أن أعرف.. أرجوك..
- لا أقدر يا روز.. لا أجرؤ.. وإلا كنت أخبرتك في الرساله.. ولكني لا أجرؤ على نطقها أقسم لك..
تمالكت نفسي ولملمت شتات نفسي وقلت بوجل: هل.. هل ستتزوج؟
تنهد بعمق ثم قال: أجل..
وكأن صفعة قوية هوت على صدغي هويت بسببها في الفراغ.. رددت ما قاله ببلاهة: أجل؟
قال بألم: أجل سأموت يا روز.. سأموت قريبا.. لذلك أتركك.. ليس بإراداتي وإنما غصبا عني.. أنا مغصوب على تركك.. فكيف لا أفعل وبعد أيام قليلة سأكون مسؤولا عن حياة جديدة..
ظل يتكلم ويبرر إنما أنا لم أكن أعي ما قاله.. فبعد أن قال لي (أجل)! أحسست بأني غبت عن الوعي..
بعد طول صمت قلت له: نواف..
- آمريني يا عيون نواف..
- هل عندك قلم وورقة؟
- أجل ولماذا؟
- أحضرهم وأريدك أن تكتب شيئا.. ولكن أرجوك..أرجوك أن تحتفظ به ما دام لي معزة بقلبك..
- أي قصدين طوال العمر؟
- أجل بالضبط..
- انتظري دقائق..
غاب ثوان ثم قال: أجل هاهم معي.. ماذا أكتب؟
- أكتب.. سأظل..
- سأظل..
- أحبك..
تنهد ولم يتكلم.. سألته: هل كتبتها؟
- أجل..
- حسنا أكتب.. ما امتدت..
- ما امتدت..
- بي الحياة..
- بي الحياة..
- أقسم أني سأظل أحبك ما امتدت بي الحياة.. أرجوك يا نواف أحفظ هذه الورقة عندك.. وكلما رأيتها تذكرني.. وكذلك سأفعل أنا..
- أعدك يا روز.. سأحافظ على هذه الورقه أكثر مما أحافظ على نفسي.. ولن أذكرك لأنك دوما شاغلة القلب والتفكير..
لم أعرف كم أمضينا من الوقت نتحدث..تحدثنا كثيرا.. وفي أمور كثيرة.. أمور حصلت معنا في الماضي.. عاتبته على بعض الامور وكذلك فعل.. سألته عن أشياء عديدة..حتى عن عطره المفضل.. وفي نهاية حديثنا قلت: نواف.. هل لي أن أطلب من بعض الأمور؟؟
- بالتأكيد يا حبي.. تفضلي..
- نواف.. أوصيك بنفسك..ثم نفسك.. ثم نفسك.. وكذلك بأهلك.. رغم أنك لا تحتاج توصية على ذلك.. ولا تنس.. احفظ الله يحفظك.. ولا تفرط بـ(الفضيلة)..القصة التي جمعتنا سوية..فكانت وكأنها قصتنا أنا وأنت.. وأرجوك..وعدتني أن أحضر زفافك فأرجوك لا تحرمني من ذلك.. دعني أرى من فازت بك في النهاية..سعيدة الحظ التي ملكتك.. وأخذتك مني.. وأبناءك يا نواف..إن رزقت بأطفال فاعتن بهم جيدا.. هبهم قلبك وروحك.. أرهم من أنت بالحقيقة ولا تبعدهم عنك أبدا.. وأخيرا لا تنساني.. أرجوك..
- وكذلك أنت يا روز.. اعتني بروز..وبقلبي الساكن بين ضلوعك.. لن أسترده منك..أبدا.. دعيه بين ضلوعك حتى يموت بينها.. روز.. عيشي حياتك وانسيني.. رزقك الله بمن يمحو ذكرياتي من بالك.. وسيتبدلها بذكرياته..
- لن يجرؤ أحد على فعل ذلك.. أجل قد تجبرني الحياة على القبول بحب جديد.. ولكن ليس من حقه أن يمس ذكرياتك.. لن يجرؤ على تغييرها.. أنت صاحب القلب.. أنت مالكه.. أنت كل الحب.. ومهما تجبرني الدنيا.. لن يحب القلب سواك.. أعدك بذلك.. اعذرني الآن يا نواف.. يجب أن أغلق الخط..
- افعلي ما تشاءين يا روز..واعلمي أني ميت من بعد تلك اللحظة.. وزواجي سيكون بعد أربعة أيام من الآن.. او ربما خمسة لا أدري.. أنا أعرف منزلكم.. سأمر لأحضر البطاقات.. أحبك يا روز.. ولن أحب سواك..
- وأنا كذلك.. اعتن بنفسك..
- وأنت يا روز.. اعتن بنفسك يا حبيبتي.. أحبك يا روز..
- أحبك يا نواف..وداعا أيها الحبيب..
- وداعا يا أرق من خفق لها الفؤاد.. وداعا يا حبي الوحيد.. وداعا يا حبي السرمدي..
لم أحتمل كلماته أكثر فأغلقت الخط.. ضممت الهاتف إلي.. وشرعت بعدها في بكاء هستيري.. وقتها فقط أدركت الحقيقه.. أدركت الكيان ككل.. لقد فقدت نواف.. وللأبد..


يتبع...

أطياف الأمل 06-04-2004 09:23 AM

هل يحبها؟

أغمض نواف عينه بألم.. وتعلقت دمعة في أهدابه سمح لها بالنزول.. إلا أنه ندم على قراره فمسحها بسرعه.. نظر إلى الورقة التي كتبها.. ردد ما كتب عليها: سأظل أحبك ما امتدت بي الحياة..
أطلق تنهيدة مرة ثم قال: سأظل أحبك يا روز.. سأظل أحبك..
ابتسم ثم وضع الورقه في محفظته.. حيث يضع الأوراق المهمه وبطاقات العمل..
وقف نواف واستدار إلى باب حجرته..فتحه وخرج..
وفي طريقه إلى الخارج واجه والدته.. سألته: بني.. إلى أين أنت ذاهب الآن؟
بحث عن اجابه ولم يجد فأجابها: سأخرج أتمشى قليلا بالسياره.. أتريدين شيئا يا أمي؟
- لا يا بني..
- إلى اللقاء يا أمي
- بحفظ الله يا نواف..
أكمل طريقه باتجاه الباب الخارجي إلا أن والدته قالت: نواف..
التفت إليها وقال: أجل يا أمي..
- انتبه على نفسك.. وقد بحذر.. وإن أحسست أنك متضايق.. أوقف السياره.. لإنك إن استغنيت عن عمرك.. فلم نفعل أنا وزوجتك..
اغتصب نواف الابتسامه وقال: حسنا يا أمي.. بأمرك سأفعل..
وبخطى سريعه فتح الباب وخرج.. ركب سيارته.. وبعد ثوان انطلق إلى حيث لا يعرف..
هكذا واجه نواف الموقف.. بالهرب.. لا يدري من ماذا يهرب.. من واقعه.. من زواجه المقرر بعد أيام.. من عيني والدته المحاصره.. أم من تهاني أخواته والجميع.. أم أنه يهرب من الجرح الذي سببه لمن يحب في وقت وعدها ألا يسبب لها الجرح أبدا؟؟ من ماذا يهرب؟ من دموع محبوبته؟ من فراقها؟ أم أنه يهرب من حياته الجديده؟
لا يدري من ماذا يهرب.. ولكنه هارب.. إنما إلى أين؟؟ وإلام يطول هروبه؟
نواف هرب.. ولكن أنا؟؟ ماذا أفعل أنا؟ أ أهرب أنا الأخرى؟ولكن إلى أين؟ لم أعتد الهرب.. لذا.. سأواجه الوضع.. وكيف أواجهه؟ لا سلاح لدي سوى الدموع.. فها أنا أذرف الدموع..
رميت نفسي على سريري أبكي وأبكي.. أنتحب بقوة.. يرتجف جسمي من البكاء.. لم أبك بهذه الطريقة من قبل..حتى يوم وفاة والدي.. بلى بكيت على أبي حتى دمت عيناي.. ولكني أبكي بمرارة أكثر الآن.. لأن أبي مات وانتقل إلى رحمة الله.. بينما نواف.. نواف تخلى عني.. بإرادته وحتى وإن كان غصبا عليه.. ولكنه موجود.. حي يرزق.. قد أراه يوما يسير في طريق أسير في.. قد أسمع خبرا عنه.. وذلك ما يقتلني.. ويجري مدامعي..
أحسست وكأن قلبي سيتوقف وأن عيني.. مسكينة عيني.. فلقد جفت من الدموع.. وأبت أن تسيل.. لحظتها لم أشعر بنفسي.. فلقد صعب على النوم حالي.. فأخذني إلى عالمه.. عالم ألطف وأرق من هذا العالم بأسره.. أمسك بيدي ورحلنا.. أغمض أهدابي بيديه ودعاني لمشاهدة عالم آخر ومن مكان آخر.. ليس بعينين مفتوحتين.. وإنما بعينين مغمضتين.. استغربت ذلك فسألته:كيف أرى وأنا مغمضة العينين؟؟
فأخبرني أن ذلك عالم أجمل.. لا حزن فيه ولا شقاء.. سألني أن أجرب.. أختبر ذلك الشعور.. وإن لم يعجبني.. فلأفتح عيني.. وأعود لعالم الواقع..العالم البارد الأجوف.. القاسي المر..
بدا عرضه مغر جدا.. فقلت لم لا أجرب؟؟ قبلت به.. واستسلمت للنوم..ونمت.. وبالفعل رأيت ذلك العالم الساحر.. عالم رقيق عذب.. لا ذكر فيه لفراق ولا أحزان.. آه يا الهي.. لكم أتمنى أن أظل بهذا العالم دائما.. لا أتركه..
كان السيد نعاس معي دائما.. ترافقنا السيدة حلم.. سرنا في كل مكان.. يمنة ويسرى.. نظرنا في كل الإتجاهات.. واستمتعنا بوقتنا ما استطعنا..
ركضت حتى تعبت فتوقفت.. سرت بين الزهور اليانعه الغضه.. أقطف هذه وأشم تلك وأسحر بعبير أخرى..
جلست وصنعت للسيدة حلم طوق من الأزهار وضعته على رأسها..وقطفت وردة جميلة للسيد نعاس وأعطيتها له..
أخذ السيد نعاس يهزني ويقول: روز.. اصحي.. ألن تذهبي لبيت خالتي؟ هيا اصحي يا روز..
نظرت إليه باستغرب ولكنه لم يتوقف بل ظل يهزني ويقول: روز أيتها الغبيه انهضي.. هيا انهضي.. سأذهب عنك إن لم تصحي..
قلت له: ما الذي غيرك؟ أصبحت كأخي فهد!
أخي فهد؟؟ فتحت عيني فوجدت أمامي أخي فهد.. علمت حينها أنه لم يكن السيد نعاس هو المتحدث.. إنما المزعج فهد..دخل إلى حلمي وأفسده.. نظرت إليه بغضب وقلت:فهد ماذا تريد؟
أجابني بعصبيه: ماذا أريد؟؟ عشرة دقائق وأنا أحاول أن أحثك على النهوض ثم بعدها تقولين لي ماذا أريد؟؟
ببرود رددت: أجل ماذا تريد؟
- انهضي!
- لا أريد..
- انهضي سأذهب لبيت خالتي.. سنغادر اليوم أنا ونوره..
نهضت بسرعه وقلت بحزن بالغ: اليوم؟؟ لماذا يا فهد؟ قلت بالأمس أنكم ستمكثون أربعة أيام.. فلم تغادرون؟
- ظروف العمل يا روز.. هيا لا تضيعي اوقت ودعينا نذهب..
تركت الفراش بسرعة واتجهت إلى المرآة سرحت شعري بأصابعي بسرعة ومسحت آثار الكحل السائل تحت عيني من البكاء وقلت لفهد:هيا نذهب!
نظر إلي وانفجر ضاحكا.. قال لي: روز أيتها الغبيه.. هل ستذهبين هكذا؟اذهبي واغتسلي..
أجبت: أجل صحيح.. سأذهب الآن..ولكن لا تذهب عني.. أقسم لك أني لن أتأخر..
دخلت الحمام بسرعة وقلت له:فهد..لا تذهب..
قال ضاحكا: حسنا حسنا..ولكن لا تتأخري..
أجبت والصابون يملأ وجهي:حسنا.. أي.. دخل الصابون بعيني..
تمتم فهد قائلا: ويحك يا روز.. أشك بأنك كاملة العقل..
خرج وصاح: روز..سأنتظرك بالسيارة..
ذهب فهد وانتظرني بالأسفل.. وأنا لم أطل الاغتسال..ربع ساعة وكنت بالأسفل..أحمل حجابي على يدي وألبس حقبتي على كتفي وأهبط درجات السلم بسرعه..بنما فهد كان جالسا يقرأ صحيفة اليوم.. نظرت إليه وقلت: أنت تقرأ الصحيفة وكأن لديك اليوم كله وتعجلني أنا؟
أغلق الصحيفة ووضعها جانبا ثم قال: هل أنتهيت؟
- وما رأيك أنت؟ أكيد أني انتهيت هيا لنذهب..
- هيا..
خرجنا من المنزل.. ركبنا السيارة واتجهنا لبيت خالتي..


يتبع...

أطياف الأمل 06-04-2004 09:24 AM

شغل فهد الراديو فبعث ألحان عذبه إلا أنها أزعجتني.. فمددت يدي وأغلقت الراديو..نهرني فهد الذي كان يتمتم كلمات الأغنية مع المغني: روز.. لم أغلقت الراديو. ألا تري أني كنت أستمع للأغنيه؟
أجبته: بلى.. ولكنها أزعجتني.. لا أحبها.. لا أريدها.. لذا أغلقته..
رد بغضب: كم أنت أنانيه..
مد يده وأعاد تشغيل الراديو ثم نظر إلي بتحد وقال: إن مددت يدك سأضربك عليها!!
وضعت يدي اليمنى على يدي اليسرى ونظرت إليه بلا مبالاة ثم أشحت بنظري إلى النافذه.. ظللت سارحة الفكر.. أنظر إلى الفراغ.. إلا لا شيء.. ولكني سارحه..
حتى وصلنا لبيت خالتي.. فتحت باب السيارة..وخرجت فصفقطت الباب خلفي بقوة.. زفر فهد بغضب وقال: طفلة مدللة..
دخلت المنزل.. فوجدت جولي في وجهي تسير بدلال ممسكة كوب القهوة بيدها.. كانت جولي آخر من كنت أتمنى أن أراه في هذه اللحظة.. اصطنعت الإبتسامة وحييتها.. فردت علي بتحية بارده كبرودة ملامحها.. قلت لها: جولي..إن فهد معي..
نظر إلي بسخرية وقالت: حقا؟ وماذا أفعل له أنا؟
أجبتها: لم أطلب منك أن تفعلي له شيئا.. إنما أخبرتك لترتدي حجابك!
اتسعت عيناها فقالت: أنا؟ أرتدي حجابا؟؟
- أجل أنت.. لماذا؟
- أنا أرتدي حجابا؟؟ أقالوا لك أني مسلمه؟ لا أريد أن أرتدي شيئا ولا دخل لك بي..
- وما دخلي أنا؟ أنا أخبرتك ولا علاقة لي بما ستفعلين لست بزوجك ولا ولية أمرك فافعلي ما يحلو لك..
- بالطبع سأفعل ما يحلو لي يا.. روز..
نطقت اسمي بطريقة استفزتني إلا أني لم أظهر لها ذلك حتى لا تكتمل فرحتها.. فتركتها ودخلت للداخل حيث أمي ونورة.. بينما هي ظلت واقفة في مكانها ترشف من كوبها ثم أكملت طريقها باتجاه حجرتها تضحك وحدها كالمجنونه..
دخلت حجرة الجلوس قبلت رأس أمي.. وسلمت على نورة وجلست.. كنت منزعجة غاضبه من موقف جولي..ولقد بدا انزعاجي في عيني واضطراب قدمي.. فلقد كنت أهزهما بعصبية قصوى.. همست نورة في أذني: روز.. ارحمي الأرض قليلا.. أهلكتها من ضربك عليها..
نظرت إليه بحنق فقالت: ما بك؟ ما الذي يغضبك لهذه الدرجه؟؟
أجبتها بعصبية وإنما بصوت منخفض حتى لا تنتبه أمي: ما بي؟ اسألي زوجة أخيك المحترمه.. هي أعلم ما بي..
ضحكت نورة وقالت: هل تخاصمتما مجددا؟؟ روز أخبريني.. هل تغارين منها؟؟
ضربتها وقلت: نورة.. لا مزاج لي لكلامك السخيف هذا..أغار منها؟ ولماذا؟
- لا أدري.. ربما لأنها تزوجت من تحبين..
رمقتها بنظرة فهمت من خلالها مدى انزعاجي فقالت متداركة الموقف: أخبريني..ماذا فعلت زوجة أخي المحترمه؟
- أخبرتها أن فهد معي.. قصدت أن تذهب وترتدي حجابها لأنها لم تكن ترتديه.. فقالت لي وما دخلي أنا؟ماذا أفعل لفهد؟هل أخبروك أني زوجته..
وكنت وأنا أحكي أقلد طريقة جولي في الكلام.. وكانت نورة تضحك ليس من الموقف فقط..وإنما من طريقتي في تقليد جولي.. تظاهرت وكأني أرشق فنجان القهوة كما فعلت ثم استطردت قائلة: أنا؟ أنا أرتدي حجابا؟ أقالوا لك أني مسلمه؟؟
أقسم لك يا نورة أني لحظتها وددت لو لكمتها.. كم هي غبيه.. هل أخبروك أني مسلمه؟ إذا لم تكوني فلم أنت هنا بيننا؟ ما الذي أتى بك إلى هنا؟؟
ابتسمت لي نورة وقالت: روز حبيبتي.. لا عليك.. ولا تهتمي لها.. ماذا نفعل..فهي الآن شر لا بد منه.. هي زوجة ابننا وأم ابنتنا.. كيف نخرجها من عائلتنا الآن؟ لا نقدر.. لا تخافي..لإيصل لن يسكت على ما حصل.. خصوصا وأن الموضوع حصل معك..
قلت كالملسوعه: لا نورة لا..فيصل لا..لا أريده أن يعرف!! أرجوك لا تخبريه بشيء..أرجوك نورة..
نظرت إلي باستغراب وقالت: لماذا؟ مابها لو عرف؟
- لا أريده أن يعرف وكفى..ليس لشيء سوى أني لا أريده أن يعرف..
- لماذا؟ أخبريني؟
- لا أدري..
- أتخافين أن يعتقد أنك تغارين منها؟
- لا أدري ربما.. نورة أرجوك لا تخبيره..
- لن أفعل أعدك.. ولم أخبره؟ إن أردت أخبريه أنت.. أنت تعلمين أنه لا يتقبل مني شيئا..وخصوصا إن كان الموضوع يختص بسيدة الحسن والجمال..
ترددت قبل أن أسأل ولكني تحليت ببقايا شجاعة وقلت:نورة..
نظرت إلي أي أنها تستمع.. قلت لها: هل يحبها؟
- من فيصل؟ بصراحه لا أدري.. أحيانا أحس بأنها كل ما يملك.. وأنه يحبها حب ملك عليه كل حياته.. أحس وأنها غاية في الإنسجام.. وهذا ما يردده هو دائما في أي وقت أسأله أو أي شخص آخر يسأله..بأنه يحبها.. يعشقها..وأنه سعيد معها..ولكني أنا لا أرى ذلك..ليس بعيني لأن عيني ترى سعادتها..إلا أني قلبي يا روز يرى تلك السعادة..إنما يصنفها بسعادة زائفة لا أساس لها ولا طعم.. أرى أخي يا روز تعيسا.. حزينا متألما.. ولكن ليس باليد حيلة..هو من اختار لنفسه الشقاء..هو من اختار العذاب..وليس بيدنا أي شيء نفعله له..هو فقط يستطيع أن يساعد نفسه ولا أعرف كيف.. ولكن أخبريني روز..لم تسألين؟
- بصراحه نورة لا أعرف.. ولكني شعرت بفضول للمعرفة..فقط لا غير..
- ألازلت تحبينه يا روز؟
نظرت إليها ولم أجبها.. ففي تلك اللحظة ما عدت أعرف شعوري.. هل أحبه هو..أم نواف؟؟ نواف؟ أواه يا قلبي على ذكرى نواف.. هو الآن ليس لي..ولن يكون لي أبدا.. هو سيتزوج.. وسيصبح لأخرى.. ولكن يا ترى.. هل سيفي وعده؟ هل حقا سأحضر زفافه؟
- روز..روز.. أين سرحت؟
- ماذا؟ ما بك؟
أجبتها بعد أن عدت لمكاني في الصالة.في بيت خالتي..في الكرسي القريب من الباب بقرب نورة..
- لا شيء.. ولكن أنت..أين سرحت؟؟ أين شطح بك الخيال؟؟
نظرت إليها وبابتسامة مصطنعه قلت حين لمحت فهد داخلا: سأخبرك لاحقا..


يتبع...

أطياف الأمل 06-04-2004 09:25 AM

دخل فهد..قبّل رأس والدتي..وغمز لزوجته محييا..ثم التفت إلي ونظر إلي بنصف عين.. نظرت إليه بنظرة مماثلة فضحكت أمي وقالت: ما بكما؟ هل أنتما متخاصمان كالعاده؟
لم أجب فتطوع الأخ فهد وبدأ الحديث أو المعركه إن صح الحديث: خالتي روز أنانيه.. أجل أنانيه.. تخيلي لا تدعني أستمتع بأغنية أو أي شيء أحبه دون أن تنغص علي سعادتي.. لا أدري لماذا.. والدليل ما حصل قبل قليل..
سألت أمي: ما الذي حصل قبل قليل؟؟
نظر إلي وقال: هل تخبرينها أنت أم أخبرها أنا؟
قلت بحده: لم أفعل شيئا..قل ما تريد..
قال بغضب: طفلة مدللة..
عاد والتفت إلي أمي وقال: خالتي..قبل قليل عندما كنا بالسيارة في طريقنا إلى هنا كنت أستمع إلى أغنية أحبها في الراديو..
قاطعته وقلت: لم تكن تحبها ولكنها أعجبتك..
- حسنا لا فرق المهم أني كنت أغني معها.. وفجأة ودون أي إنذار أو استئذان..مدت يدها وأطفأت الراديو.. وعندما سألتها عن السبب تقول أن الأغنية أزعجتها.. مع أني أعلم أنها كاذبه فلقد رأيتها قبل أيام ترقص على أنغام هذه الأغنية بالذات.. ولكنها أطفأتها لأنها رأت أني منسجما معها..فلقد غارت من صوتي..
عدت وقاطعته فقلت: أنا أغار من صوتك؟؟ وهل يغار الكروان من النشاز؟ إن صوتك مزعجا يا أخي..عذرا ولكنه كالعويل..
- أنا صوتي كالعويل أيتها الطفلة؟
- بل وأسوأ... ولكني لا أريد أن أحرجك أمام زوجتك وأمي..
وقبل أن يشرع فهد في عاصفة جديدة نهرتنا أمي بقولها: كفى أنتما.. ألا تحترماني؟ أليس لوجودي بينكما أي قدر؟ هذا وأنا بينكم تفعلون هذا..فما الذي ستفعلونه بعد أن أفارق هذه الدنيا؟
اقترب منها فهد قبّل يدها وقال: لا تقولي هذا يا أمي هدى.. حفظك الله من كل شر..
وأيضا أنا نهضت من مكاني.. نظرت إليها بعينين كسيرتين وقلت: أنا آسفه يا أمي.. أرجوك لا تغضبي مني.. اطال الله بعمرك يا حبيبتي..
أجابتنا أمي: الآن تقولان هذا الكلام؟ وقبل قليل كدتما أن تتقاتلا؟؟
رددت: كنا نمزح سويه يا أمي.. أليس كذلك يا فهد؟؟
نظرت إليه أرجوه بعيني أن يؤكد كلامه وبالفعل كان فهد بمن يوصف أنه بالإشارة يفهم.. فمن دون أن يرى عيني أكد كلامي فقال: أجل يا أمي كنا نمزح..
قالت أمي: ولكن مزحكما ثقيل جدا.. لا تعاودا الكرة مرة أخرى..
- بأمرك يا ست الحبايب..
مرت العاصفة بسلام وجلسنا نحن الأربعه نتكلم ونتجاذب أطراف الحديث حتى مرت فترة ليست بطويلة إلا أن مفاجأة حصلت لي أنا ونورة..فينما نحن نتحدث دخلت علينا جولي حاملة الصغيرة.. ولكنها لم تكن كما كانت قبل قليل.. كانت ترتدي عبائتها وحجابها.. حجابها كان يخفي شعرها الأشقر إخفاء تاما..لم يبدو منه حتى شعرة واحده.. وعبائتها كانت مسدلة على جسمها فلم يظهر منه شيء غير كفيها اللتين تحمل بهما الصغيرة..
دخلت.. ألقت التحية وليس بأي تحية..قالت: السلام عليكم ورحمة الله..
رددنا السلام فأقبلت نحوي.. أعطتني الصغيرة وابتسمت لي بخبث.. لم أفهم قصدها.. لم أخبرتني أنها ليست مسلمه فعادت وارتدت حجابها؟ ولم تعطيني الطفلة وتبتسم بسخرية؟ أتريد أن تستخف بي أم ماذا؟؟
نغزتني نورة وقالت: روز أيتها الكاذبه.. أكل هذه غيره؟
أجبتها بذهول: أي غيرة؟؟
- تقولين أنها قالت أنها ليست مسلمة وأنها لن ترتدي حجابا.. الآن عرفت لم لا تريدين أن تخبري فيصل..
شهقت وقلت: نورة.. أتكذبيني وتصدقين جولي؟؟
- روز حبيبتي.. الغيره تفعل أكثر من هذا لا عليك..
- نورة أي غيرة تتكلمين عنها؟؟ هي أخبرتني ذلك..
- حسنا حسنا أصدقك..
- لا لا تفعلين..
- بلى أصدقك..لا عليك منها الآن.. أمسكي الطفلة حتى لا تقع منك..
نظرت إلى الطفلة وكذلك نورة.. قالت نورة: يا إلهي.. إنها تشبهك كثيرا يا روز..لا أصدق هذا الشبه الحاصل بينكما.. لو أنها كانت ابنتك لما أشبهتك هكذا.. سبحان الله..
ابتسمت لها وقد ملأت الدموع عيني.. نهضت حاملة الطفلة..أعطيتها جولي وأسرعت إلى غرفتي.. بينما أنا أمشي بسرعة مخفضة الرأس وعيني ملأى بالدموع.. لم أرى ما أمامي.. فقد ركضت بسرعة..إلا أني توقفت..ليس بارادتي..إنما لأني أصطدمت بشيء ما..رفعت عيني.. أريد أن أعرف بم اصطدمت؟ وياللمفاجأة.. كان فيصل.. ويحك يا فيصل ألا تأتي إلا في هذه المواقف؟أخفيت وجهي بسرعة عنه تمتمت معتذره ورحلت بسرعه دون أن أتلقى إجابته.. نادى باسمي:
- روز..توقفي روز..
إلا أني لم أتوقف.. بل أسرعت إلى حجرتي وأغلقت الباب..
ظل واقفا في مكانه حائرا يفكر..لا يدري ما رآه كان دموعا.. أم كان بريقا.. أكان أملا..كما يراه دوما في عيني.. أم دموعا دخيلة على عليها؟؟
وبعد ثوان أتت نورة خلفي.. رآها فيصل.. استوقفها.. سألها:
- ما بها روز؟ أكانت تبكي؟
أجابت:
- تبكي؟ لا لا أظن.. ولكنها غاضبه مني فلقد أغضبتها بكلامي..
- ويحك يا نورة.. لم تفعلين هذا؟
- لم أكن أقصد.. والآن دعني أذهب لها..هل تسمح؟؟
- تفضلي.. وإياك أن تفعليها مجددا.. أفهمت؟
- أجل فهمت.. يالحظي.. لم أغضب روز إلا في وقت أنت في المنزل؟؟
تمتمت بذلك وهي متجهة إلى غرفتي..دقت باب حجرتي ولم تنتظر إذني بل فتحت الباب ودخلت..


يتبع...

أطياف الأمل 06-05-2004 03:16 PM

دعوة للزفاف

وفي غرفتي.. كنت واقفة أمام النافذة.. أنظر إلى المحيط من خارجي.. أرقب حركة الأشجار ورقصاتها المنسجمه مع الرياح.. أرقب الطيور وقفزاتها الرشيقة فوق الأغصان.. من شجرة لأخرى.. لا يحكمها أحد.. ولا أي أحد.. تذهب حيث تريد.. ومتى ما أرادت.. تبقى مع من تريد.. من تريد هي.. أواه كم هي سعيدة حياتكم.. كم أتمنى لو أكون مكانك يا طير.. أو مكانك يا شجرة.. أو حتى مكانك يا قطرة المطر.. لكنت أسعد من الآن بكثير.. ليتني طائر.. فأطير عن أحزاني وأرحل بعيدا.. أغادرها ولن أعود لها.. أبدا لن أعود.. ليتني طائر فلا أكترث لشيء.. لا لشخص ولا لأي أحد.. ليتني لا أحمل قلبا..ولا أراه يتكسر أمامي.. أرى حطامه منثور على الأرض.. كحطام زجاج مبعثر متناثر..
كنت أحدث الطبيعة من حولي ليس بلساني.. وإنما بعبراتي.. عبرات صامته تحمل كل ما في القلب من آلالام..
أحسست بأن أحد اخترق عزلتي..فلم أعد وحدي..شعرت بأن كائنا محببا معي بالغرفة.. وليس أي كائن.. بل كائن حبيب.. التفت فوجدتها..
باسمها هتفت من بين دموعي محاولة ابتلاع تلك العبرات الكثيرة التي أبت إلا أن تهطل: نورة..
اغرورقت عيناها بالدموع حين نظرت إلي وبادرتني الحديث قائلة: أنا آسفة يا أختي.. أقسم لك أني لم أكن أقصد.. لم أكن أقصد.. أبدا لم أكن أعني أنك تكذبين.. اعذريني يا روز.. أنت أهم عندي من تلك الجولي.. أنت أختي.. ولتذهب هي إلى الجحيم..
قلت لها: لا عليك يا نورة.. لا أغضب منك لو مهما فعلت..
اقتربت مني وسألتني بتشكك: أحقا يا روز؟ألست غاضبة مني؟؟
- لا.. لست كذلك.. ولم أفعل؟
نظرت إلي هنيهة ثم اردفت: روز.. ما بك؟ هل حصل شيء بالأمس؟ هل تلقيت ردا من نواف؟
تنهدت بعمق ولم أجب.. بل أخفضت رأسي.. عادت وسألتني: روز.. تكلمي ماذا حصل؟
أجبتها: لا شيء لم يحصل شيء..
سكت ثم ابتسمت وقلت: قبل أن أنسى.. نحن مدعوتان بعد ثلاثة لحضور حفلة زفاف..
باستغراب قالت: حفل زفاف؟ حفل زفاف من؟ بشرى لن تتزوج قبل الصيف.. وفاطمه تزوجت الشهر الماضي.. أما عبير فلن تتزوج قبل سنتين.. فزفاف من سنحضر؟؟
اجبت وقد عادت عيني بالامتلاء استعدادا لنثر الدموع: زفاف نواف..
صدمت نورة لما قلت.. فكادت تقع.. إلا أنها أمسكت حافة الكرسي وأعادت ما قلته:زفاف نواف؟
أومأت برأسي علامة الإيجاب.. فصاحت: كيف ذلك؟ وما أدراك؟
سرت مبتعده عن النافذه وارتميت على السرير.. عادت وسألتني:كيف عرفت يا روز؟؟ هل أرسل لك رسالة؟ هل رد على رسالتك؟؟
- لا لم يفعل.. لم يرسل لي رسالة..
- إذا رأيته على الماسنجر؟
- أيضا لا.. لم يحدث...
- إذا ماذا أخبريني؟؟ لا تشغلي بالي!!
- ومايهمك في كيف عرفت؟؟ المهم أني عرفت وأننا سنذهب الزفاف..
- لحظه لحظه.. بالأول يهمني كثيرا أن أعرف من أخبرك لأتأكد من صحة هذ الخبر.. فربما من أخبرك يكذب عليك..
ضحكت بسخرية وقلت: يكذب علي؟ أتمنى يا نورة ولكنه لا يفعل.. أنا متأكده..
- أمتأكدة لهذه الدرجه؟؟ قبل أن تخبريني من أخبرك هل أنت عاقله؟؟ تذهبين إلى زفاف من تحبين؟
- أجل يا نورة.. عاقلة.. أريد ان أرى من فازت به.. من ملكته في النهاية.. من لم تحبه كما أحبه انا إلا أنه أصبح لها الآن..
- لست أفهمك أبدا يا روز..
- ولست أفهم فسي أنا أيضا..
- أخبريني يا روز.. أرجوك.. كيف عرفت..
نظرت إليها وقلت: أخاف أن تكرهيني..
ردت باستغراب: أكرهك؟؟ بالطبع لن أفعل.. ماذا تقولين أنت؟
- آه يا نوره.. أنا بت أكره نفسي.. فكيف لا تكرهيني أنت؟
- روز تكلمي.. قولي من أخبرك؟
- أخبرني هو!
- من؟ نواف؟
هززت رأسي ولم أجب..
صاحت بي: كيف أخبرك؟؟
أخفضت رأسي وبصري للأرض فقالت بحده: تكلمي.. كيف أخبرك؟
وعندما انعدمت اجابتي.. أمسكت بكتفي بقوة ونترتني قائلة: تكلمي روز..
قلت باكية: هاتفته.. أجل نورة هاتفته وأخبرني..
نظرت إلي ثوان ثم قالت: هاتفته؟؟ وبهذه البساطة؟ أغبية أنت؟
- أجل غبيه.. ولكن أخبريني..ماذا أردتني أن أفعل؟؟ أسكت؟ أنتظر الموت حتى يحين لي؟ أعلم أنه لن يرسل لي.. فماذا أنتظر؟ أردت أن أعرف.. وفعلا عرفت..وليتني لم أفعل..
- لا أدري ما أقول لك.. ما فعلته كبير جدا يا روز.. وخطأ لا يغتفر..
رميت نفسي بين أحضانها أبكي ودموعي تصف كل الألم الذي استوطن الشعور.. أخذت نورة تمسح على رأسي.. وتشاركني الدموع أيضا.. قالت لي: روز.. أنا لا ألومك.. أبدا لا أفعل.. لأني لو كنت مكانك لفعلت مثل ما فعلت.. ولكن آه يا حبيبتي..لم أشأ أن تفعلي ذلك..
رفعت رأسي وقلت: ماذا أفعل يا نورة؟ لم يكن بيدي شيء.. يفعل المرء أي شيء.. أي شيء حتى المستحيل.. ليحافظ على حياته.. ونواف حياتي يا نورة.. وحاولت أن أحافظ على حياتي إلا أني لم أستطع يا نورة.. حياتي رحلت يا أختي.. رحلت..ولن تعود لي..
- كفى يا أختي.. لا تفعلي ذلك بنفسك.. أرجوك.. لا تفعلي ذلك..
- آه يا نورة.. ليتني أستطيع.. ليتني.. أتمنى لو أنساه.. وكأنه لم يمر بحياتي يوما..ولكني لا أقدر.. لا أقدر يا نورة..
- هوني عليك يا أختي.. أخبريني.. أمتأكدة أنك ستذهبين لزفافه؟؟ كيف تستطيعين؟؟
رفعت رأسي..مسحت دموعي وقلت: أجل.. سأذهب يا نورة.. وتعالي أنت معي..
قالت بأسى: ليتني أستطيع التواجد بقربك.. أو الذهاب معك.. إلا أني لا أستطيع..
- لا تستطيعين؟؟ لماذا يا نورة؟؟
- روز عزيزتي..فهد مشغول جدا ولن نأتي هذا الأسبوع.. أرجوك لا تذهبي يا روز. أو إن ذهبتي خذي أمي معك..
- لا أمي لا.. ستعرف ان هنالك امر ما.. أرجوك يا نورة.. حاولي.. لا أستطيع الذهاب بمفردي.. ولا أريد أن يذهب أحد معي غيرك.. أرجوك..
- أود ذلك يا روز.. وسأحاول.. أعدك أني سأفعل.. ولكن إن لم أستطع الحضور فلا تذهبي.. أرجوك لا تذهبي..
يتبع..

يتيم الشعر 06-05-2004 04:26 PM

أكملي يا أختي فأنا في موضوعك هذا أقرأ كتاباً في علم النفس أكثر من مجرد قصة ..

أكتبي و أكملي و تابعي و أمتعي ..

أطياف الأمل 14-05-2004 01:35 PM

- لا أستطيع يا نورة.. أريد أن أذهب.. حقا أريد ذلك.. روحي راحله.. ألا يحق لي على الأقل بفرصة توديعها؟؟ سأذهب يا نورة.. سأذهب مهما كانت العواقب..
- ولكنك ستتألمين كثيرا.. إنه الموت بعينه يا روز..
عاودت عيني السيلان وقلت: أعلم يا نورة.. ولكن الموت حاصل سواء أذهبت أم لا.. سأموت في ذلك اليوم سواء في منزلي أو هناك..في زفافه هو..
تنهدت نورة وقالت: لا أدري لازلت لا أريد أن تذهبي.. اعلم أنك تتعذبين.. وستتعذبين أكثر حين ترينه..ممسكا بيدها هي.. وليس بيدك أنت!!
صحت بها: كفى يا نورة.. كفى.. لا تكملي.. لا أستطيع تخيل ذلك اليوم ولا أريد أن أفعل.. فقط سأذهب.. وليحصل ما يحصل..
- لست أفهمك يا روز..
- أخبرتك أنك لن تفعلي.. وأنا أيضا لا أفهم نفسي.. ولكن أرجوك نورة..اقفلي الموضوع الآن.. أحس أني بذكره أقتل وأقتل.. ولو تعلمين أني أموت في الثانية مئات المرات..
- لا أدري يا روز ماذا أقول لك..
اشترت له أي لا تتكلمي.. ثم القيت بنفسي على السرير.. واستلقت هي بجانبي.. همست: روز.. أتذكرين عندما كنا في الخامسه؟
نظرت إليها محاولة فهم ما تقصد فقالت مفسرة: أتذكرين كيف كنا كالفراشات الصغار؟ لا يهمنا شيء.. ولا أي شيء؟؟ كنا ننام سوية.. وننهض سوية.. لا يفرقنا شيء..
- أجل أذكر يا نورة.. أذكر عندما كنا نختبأ في غرفة أمي نلهو في أشيائها فتأتي وتخاصمنا.. فنرد عليها بضحكاتنا البريئة الحلوة.. أذكر كيف كنا نتقاسم كل شيء.. وقد اتفقنا..
وسكت ولم أتم جملتي فأكملتها وهي تضع رسغها الأيمن تحت ذقنها متكئه على ذراعها:افقنا على أن نتبادل الأخوة.. أنت لك فيصل وأنا لي فهد.. وسعود نزوجه من مرام.. ابنة صاحب أبي رحمه الله.. وأنا فعلت ما أردت.. تزوجت أخيك..بينما أنت!!
وسعود أيضا.. لم نزوجه من مرام..
وانفجرت نورة ضاحكا فقلت باسمه: حرام عليك!! ألم تجدي سوى مرام لسعود؟
- أجل إنها تناسبه.. هو جدي دائما وهي مملة دائما.. لذا فهم متفقان..
- أتجنين على أطفالهم؟؟ كيف سيكونون حينها؟؟
- سينجبون أطفالا عبارة عن خليط من الملل والجدية.. أي بمعنى أصح..شيء لا يطاق..
ضحكت من بعد بكاء مرير وقلت: لو يسمعك سعود..سيقتلك.. أتعلمين يا نورة.. سعود ليس كما تتصورين.. هو ليس مملا أبدا ولا جديا دائما.. بالعكس سعود عكس ذلك تماما.. هو بداخله طبيعة فتية غضة.. فعندما ترين في عينيه.. تجدين شقاوة طفل بريئة.. ورقة أب حاني.. أتدرين أني بعد وفاة أبي رحمه الله أحسست وبأني وحيدة..رغم أن الجميع حولي.. ولكن أبي مختلف.. كنت قريبة جدا من أبي.. أحبه كما لم أحب أحدا من قبل.. لم أتوقع في يوم أن أفقده هو أو أمي.. كنت أعتقد أن الله أبدلني بهم عوضا عن والدي الحقيقيين.. لذلك لم أظن أنه قد يرحل.. أو أمي قد تمضي وتبتعد.. لذلك فكان رحيله عنا فاجعة كبيرة بالنسبة لي.. لم يستطع أي أحد أن يخفف عني.. لا نواف ولا أمي ولا أي أحد.. لم يستطع سوى سعود.. برقته وحبه وحنانه لي.. كان كأبي.. فيه صفاته..كثيرا من صفاته.. تلك النظرة التي كنا نراها في عيني والدي.. له نفس الطريقة في الكلام.. نفس الاسلوب.. نفس الأفعال.. له ذات الشخصية القوية..وذلك الإحترام الذي يفرض نفسه على الجميع أينما ذهب.. أحب سعود كثيرا يا نورة ولن أزوجه بأي كانت.. خصوصا مرام تلك..
- كنت أمازحك فقط.. سعود ليس ابن عمي وأخ زوجي فقط..بل هو كأخي.. أحبه كما أحب يوسف وفيصل وأحمد.. ولن أقترح تزوجيه من مثل مرام ولن أسمح لك بذلك حتى لو أردت.. روز.. أتكتمين سرا؟؟
- بالطبع أفعل.. لطالما كنت حافظة أسرارك.. أتتوقعين أني سأفشيها الآن؟
اخفضت رأسها خجلا وقالت: عندما كنت صغيرة.. كنت أحب فهد فعلا..ولكن بداخلي.. وبأعماقي.. كنت أرى أن سعود هو رجل أحلامي.. هو تلك الشخصية التي تعجبني.. وأتمنى أن أقترب منها أكثر.. إلا أني لم أشأ أن أقترب.. لأني لم أر منه استجابه.. كنت أحبه لأني أراه كأبي.. مثل شخصيته..وذلك ما أعجبني فيه.. بلى كان قلبي مع فهد.. ولكن روحي كانت معلقه بفارسي.. بسعود.. لم أكن أتوقع أني سأخبر بذلك وخصوصا الآن وبعد أن تزوجت فهد..ولكن بحديثك ذكرتني بذكريات الماضي.. بحبي القديم..
ضربتها برفق وقلت:ويحك! لما لم تخبريني من قبل؟؟ لكنت زوجتك إياه بدلا من فهد!
- لا لا روز... أنا لا أريد سوى فهد.. أنا أحبه!!
- وأنا لا أريد لفهد سواك.. وسعود سأبحث له عن عروس كفء له بإذن الله!!
- ولا تنسي أني سأبحث له معك عن من تناسبه وتستحقه..
- لا تناسبه فقط.. لأن بنظري ولا أي امرأة في العالم تستحق أخي..
ابتسمت ولكأنها تذكرت شيء مهم فقالت:أجل روز.. أنت قدمت للوظيفة التي أخبرتني عنها أليس كذلك؟
- أجل فعلت.. منذ أيام..
- وماذا حصل؟ ألم يردوا عليك؟
- لا لم يفعلوا.. سأكلمهم غدا وسأرى.. إن كنت قبلت أم لا..
- إن شاء الله ستقبلين.. انا واثقة من ذلك!
- إن شاء الله.. ولكن.. لا أتخيل نفسي مدرسة أبدا..
- أنا أتخيلك ولكني أخاف على الأطفال منك فلازلت أذكر ما كنت تفعلين حين تشرحين لي درسا ولا أنتبه معك.. كم تكونين مخيفة.. فمن يخضع لتدريسك يكتشف أن خلف هذه الصورة الوديعه مدرسة مخيفة..
ضحكت وقلت لها: أنا مخيفة فقط لمن يستحقون..وأمثالك أعني!!
ردت بسخرية: حقا؟
- أجل..
ضحكنا سوية وتمايلت أجسادنا ضحكا وكأن ألم لم يكن بنا.. فأحيانا.. لحظات سعادة تغلب الحزن والألم.. فتجعلهم يغفوان قليلا..يغيبان عن الوعي برهة.. ولكنهم في الأخير ومهما طالت غفوتهم..سيصحوان.. فمتى سيفعلون؟؟




يتبع..

أطياف الأمل 14-05-2004 01:47 PM

أنا أتألم



يبدو أن الألم والحزن أستكثرا علي السعادة طويلا.. فلم يغفوان سوى ثوان..ثوان قليلة تذوقت فيها السعادة.. ثم سرعان ما عاد الشقاء أتجرعه بمرارة وأسى..
رحلت نورة.. وتركتني وحيدة.. أتخبط في بحر آلامي لوحدي.. أغرق وحدي.. وأعود فأطفو أيضا وحدي.. لا يد تساعدني أو تعاونني على الخروج من هذا البحر الهائج..
سقطت في ظلمة عالمي.. لا نور ليرشدني.. ولا يد حانية توصلني للخارج.. فإلى متى أظل في الظلمة غارقة ميته؟
مر يومان بعد رحيل نورة.. ولا مهنة لي سوى التظاهر بالجلد والفرح أمام اخوتي..وعندما انفرد بنفسي.. أبقى وحيدة مع روز.. أبكي.. أجل.. يومان متواصلان لم أذق خلالهما للنوم طعما.. ولا للسعادة معنى.. سوى دموع ودموع.. آهات وعبرات.. أبكي ولا أدري ماذا أبكي.. أبكي لفراق نواف؟ أم أبكي لما آلت إليه حالي؟ أم أني أبكي لأنه تركني.. فضل أخرى علي.. أجل أعلم أننا اتفقنا على ذلك.. ولكنه كان كلام.. مجرد كلمات تفوهت بها ألسنتا وندمنا عليه نحن الإثنين.. نحن الإثنين؟؟؟ وما يأكدني من ذلك؟؟ قد أكون وحدي من يتألم.. من يبكي ويتعذب..بينما هو سعيد مع زوجته.. لا لا يا روز.. لا تقولي مثل هذه التفاهات.. إنه نواف.. أتذكرين من هو نواف؟ أم الحزن أنساك من هو؟ نواف حبيبك الذي لم يبدلك بأخرى لسنتين متواصلتين.. ذلك الوفي المخلص الذي لم يجرحك مرة.. لم يخنك مرة.. فكيف تشكين به الآن؟ ليتني بقربك يا نواف.. أخففك من ألمك الذي أعلم أنه لا يقل عن ألمي.. أمحو حزنك وأساعدك على الفرح.. بدأ حياتك الجديدة بابتسامه.. ولو كانت ابتسامة ألم.. لأن السنون كفيلة بأن تقلبها من ابتسامة ألم.. إلى ابتسامة أمل..
وبينما أنا أناجي روز وأتحدث معها.. دق الباب.. سألت بوجل: من؟
أجاب الطارق: أنا سعود يا روز.. افتحي الباب.. لم بابك مقفل؟؟
ارتبكت فقلت: سأفتحه الآن دقائق..
أسرعت فغسلت وجهي ومحوت آثار الدموع المتعلقه على أهدابي فبدوت طبيعيه.. إلا أن من ينظر إلى عيني..يفضح سري الذي أحاول أن أخفيه ولكن هيهات..
فتحته له الباب فقال: روز.. ما بك؟ لم تقفلين الباب؟
قلت بتلعثم: لا شيء كنت أبدل ملابسي..
- حسنا.. رغم أني أرى أنك لم تفعلي فملابسك ذاتها التي كنت تلبسينها على الغداء.. فلا أرى أنك بدلت ملابسك.. على العموم.. أتى أخ صديقتك نورة وأعطاني هذه البطاقات لك.. يقول أنها بطاقات زفافه وأن نورة أوصته أن يحضر البطاقات لبيتنا..
- ماذا؟ هل أحضرهم أخوها؟ أي أخ فيهم؟؟
- قال لي اسمه.. دعيني أذكر؟؟
أخذ سعود يفكر بينما ظللت أردد اسمه ببالي وهمست دون أن أشعر ودون ان تسمعني أذنه: نواف..
قال سعود بعد أن تذكر: نواف.. أجل اسمه نواف.. إنه وسيم أتصدقين؟هل أخته جميله مثله؟؟ إذا كانت كذلك فلم لا تزوجيها لأخيك..
غمز لي سعود واصطنعت الإبتسامه بينما أنا أموت وينزف قلبه ألما.. قلت بألم:
- أزوجك أياها؟
- أجل وما المانع؟
- لا شيء سوى أنها..
لم أدر ماذا أقول له..هل أخبره أني لن أزوجه إياها لأنه ليست موجودة أصلا؟؟ قلت له كاذبه: لأنها مخطوبه..
- آه أجل.. لم أخبرك.. لقد دعاني نواف لحضور زفافه..
- حقا؟؟ وهل ستذهب؟
- لا أدري ربما..
- اذهب لماذا لا تذهب.. نواف رجل طيب.. وقد دعاك فلماذا لا تذهب؟
- لا أدري ربما أذهب.. حسنا أستأذنك الآن يا روز.. سأذهب لمقابلة نزار صاحبي.. هل تريدين شيئا؟
- لا أشكرك سعود.. انتبه على نفسك..
- إلى اللقاء..
رحل وأغلق الباب من خلفه.. وأنا.. بقيت واجمة في مكاني.. انظر إلى البطاقات برهبه.. نظرت إليها مطولا.. قربتها إلى أنا وشممتها.. إني أشم رائحته..رائحة نواف..رائحة يديه.. فهي التي حملتهم.. ضممتها إلي بقوة ولكأني أدخلها إلى قلبي.. أقربها منه.. دعوة مني إليه ليشتم رائحتها.. ليمييزها مابقي على قيد الحياة.. ليحفرها في جدرانه ولا ينساها أبدا.. أحفظتها يا قلبي؟؟ أعرفتها الآن؟ هل لي أن أبعدها عنك قليلا؟
حتى عبراتي أبت إلا أن تشتمها معنا.. فانسابت من عيني وتساقطت على البطاقات كحبات البرد.. فاختلطت رائحة دموعي برائحة نواف..
استأذنت قلبي.. أرجوك.. أريد أن أراهم.. فهل لي؟
سمح لي أن أراهم لثوان.. وبالفعل.. فتحت البطاقة وقرأتها..عندما قرأت.. ندعوكم لحضور حفل زفاف نجلينا نواف ودينا.. أحسست وكأني أسقط في عالم من فراغ.. فاضت عيناي بالدموع.. لا أصدق.. لا أصدق.. كنت أحسب أني في حلم.. وأني قد أستيقظ منه.. لكن ها هو.. إنه واقع.. واقع مر مؤلم.. نواف ستزوج.. سيتزوج دينا.. فما هو شكلها يا ترى؟ وهل تستحقه فعلا؟
قضيت ليلتي أنتحب في بكاء هستيري.. لم أستطع الإحتمال.. لقد حانت منيتي..فكيف لا أبكي؟ آه يا إلهي.. كيف سأفعل هذا وحدي؟ سأراه أمامي..متأبطا ذراعها هي؟ لا أستطيع سأموت.. أقسم أني سأموت.. ظللت أبكي وأبكي..لم أتوقف حتى جفت عيناي.. أحسست أني خائرة القوى.. لا أقدر على الحراك.. إلا أني نهضت من سريري.. سرت وقدماي لا تحملاني.. فتحت الباب بوهن ولكأني طفل في الثانية من عمره..نزلت للأسفل.. لا أدري ماذا أريد.. ولكني نزلت ووقفت بجانب سعود.. حيث كان واقفا يضع بعض الأغراض في المطبخ.. نظر إلي.. سألني عن بعض الأشياء ولا أدري حقا بم أجبته.. أحسست أن حروفا خرجت من فمي إلا أني لم أعي ما هي.. قطب حاجبيه واقترب مني.. سألني:هل أنت بخير يا روز؟
- أجل ولكني أحس بوهن شديد.. وبأن جسمي يؤلمني ولكأن عظامي ستتكسر..ورأسي يكاد ينفجر يا سعود..
اقترب مني..وضع يده على رأسي.. صاح قائلا: روز.. رأسك يشع حرارة.. اذهبي لترتاحي وسأحضر لك عصير البرتقال والدواء..
- لا داعي يا سعود.. سأصبح بخير..
- لا تتكلمي فقط اذهبي وارتاحي وسأحضر لك أنا كل شيء.. هل أسندك أم تستطيعين الذهاب؟
- لا لا أستطيع الذهاب..
- هيا اذهبي..
انقدت لأوامره وصعدت لغرفتي.. رميت بنفسي على سريري وكأني جثة هامدة.. أحسست وكأن جفني قد انطبقا على بعضهما إلا أني بعد فترة قصيرة أحسست بحركة الباب فعلمت أن سعود قدم.. شعرت بخطواته ففتحت عيني.. وعندما استقر بقربي حاولت أن أرفع جسدي إلا أني لم أستطع.. همس: أختي.. هاك العصير.. اشربيه وتناولي معه الدواء..
بيدين مرتعشتين أخذت منه العصير ورشفت منه قليلا إلا أني لم أشعر أني أستطيع أن ابتلع شيئا فابعدته عني قليلا..
- اشربي الدواء يا روز..
- حسنا سأفعل..
اخذت الدواء من يده.. وضعته في فمي.. ودفعته بجرعة من العصير.. ومن ثم أسندت برأسي للخلف..
كان سعود يحدق بوجهي وكأنه يبحث عن شيء.. قال لي: روز..
فتحت عيناي بانتظار ما يريد قوله فقال: وجهك متغير.. هل كنت تبكين؟
- لا لم أبك..
تمتمت وأشحت بوجهي عنه..
أمسك وجهي وجعلني أقابله وقال بحده: بلى.. أنظري إلى عينيك.. أنظري إليك.. أخبريني ما بك؟
- لا شيء يا أخي.. سوى أني مريضة.. أحس بأني تعبة كثيرا..ذلك السبب فقط..
- حقا يا روز؟؟ لا تخفي علي شيء يا أختي.. انا أخيك ومثل والدك.. فلا تخفي عني أي أمر.. اتفقنا؟
- أجل يا أخي..
- حسنا سأدعك الآن لتنامين ثم أعود لاحقا لأطمئن عليك.. نامي جيدا حسنا؟
- حسنا يا سعود..
أغمضت عيني وأسلمت نفسي للنوم.. أخذ سعود يتلو علي آيات من القرآن الكريم فشعرت بطمأنينة بالغة لا تماثلها طمأنينة وراحة.. فنمت ولم أشعر بما حولي.. رغم أني قبل ثوان كنت أشعر بأن وسادتي مصدر مشعا للحرارة.. فكانت حرارة وجهي تنعكس على مخدتي فتعود وتحرق وجهي من جديد..
عندما تأكد سعود أني نمت.. أحكم الغطاء علي وسار مبتعدا.. خرج من غرفتي وأغلق الباب بهدوء..
ذهب إلى غرفة الجلوس.. شغل التلفاز وجلس على الأريكه.. إلا أن فكره كان شاردا.. يشغل باله الآلاف الأشياء وكنت أنا من ضمنها..
دق هاتف المنزل.. فلم يجبه أحد...رغم أنه كان بقرب سعود إلا أنه لم يجب.. مرة.. اثنتان وثلاث.. ولم يتوقف الهاتف عن الرنين.. بالعكس فقد كان يصدر نغماته المزعجه التي تقطع على سعود تفكيره.. وفي الأخير اضطر لإسكاته فرفع السمعه..قال بغضب:ألو..
أتاه الصوت من الطرف الآخر قائلا: ألو..
- من معي؟
- أنا خالتك يا سعود.. ألم تعرفني؟
- أهلا يا خالتي اعذريني..فلقد كنت غافيا قليلا.. ولم أركز على الصوت..
- لا عليك يا بني.. ولكن أخبرني مابكم؟ منذ زمن وأنا أتصل ولا أحد يجيبني.. أتصلت على هاتفك وهاتف روز أيضا لا تجيبون!! فما بكم؟ وأين هي روز؟
- كلنا بخير يا خالتي لا تخافي.. روز نائمه وأنا كنت بالخارج.. ولم أسمع هاتفي حيث تركته بالبيت.. أعذريني يا خالتي.. ولكن ماذا كنت تريدين؟
- لا شيء ولكني وددت لو تأتون غدا عندي على الغداء..منذ زمن لم أرك ولم نجتمع سويه على وجبة..
- غدا؟ لا شيء لدي للغد.. سأكون عندك بإذن الله.. أما روز لا أعلم.. ولكن لا أظن أن لديها شيء.. لذلك أظننا سنكون عندك بإذن الله..
- بإذن الله.. سأدعك الآن يا بني.. اذهب وأرح نفسك.. صوتك متغير ولكأنك محزون أو تعب.. فاذهب وتوضأ وصل ثم نم يا صغيري..
- حسنا يا خالتي.. بأمرك.. تصبحين على خير.. أوصلي سلامي للجميع..
- سأفعل.. سلم لي على روز..
- يبلغ.. إلى اللقاء
- إلى اللقاء يا سعود..
أغلق سعود السماعه وكذلك مصابيح الحجره.. وذهب لغرفته.. فهو كما وصفته خالتي.. محزون تعب..محتاج للراحة..




يتبع..

أطياف الأمل 14-05-2004 01:50 PM

المرة الأخيره


عندما كنت صغيرة.. كنت أعتقد أن العمل الخارق هو ما كان يفعله الرجل الخارق في المسلسلات التلفزيونيه من القبض على الأشرار أو النفخ بفمه فيطفأ بذلك النيران.. أو سرعته الهائله عند الركض حيث يختصر مسافة تقطع في ساعات طوال بالسيارة أو الطائرة بثوان..
ولكن الآن.. وبعد أن كبرت.. علمت أن الرجل الخارق تافه.. وليس بخارق أبدا.. وأن ما يفعله ليس سوى تمثيلا.. وعرفت العمل الخارق الذي لا يشابهه عمل.. بالواقع عرفت أعمال كثيرة خارقه..بينما الآن..أدركت أحدها.. كان عملي الخارق في تلك اللحظة أن أفتح عيني.. وبالفعل.. فتحتها.. فتحت عيني بإعياء شديد ونظرت إلى ما حولي.. إنه هو.. اليوم الموعود.. يجب أن أنهض..
حاولت النهوض وأحسست بأن ضلوعي ستتكسر من الألم حتى انه هيأ لي أني سمعت صوتها تتكسر بينما أنا أنهض.. إلا أنه لم يهمني أي شيء.. ولا أي شيء.. سوى أن أذهب.. أن أراه.. ولو للمرة الأخيرة..
نهضت من فراشي بتثاقل أترنح في مشيتي.. كدت أقع فأمسكت طرف سريري.. أستندت عليه واتجهت لأغتسل.. انتهيت من اغتسالي ومن ثم خرجت وبدأت دوامة الإستعداد للذهاب..
لم أستيقظ مبكرة فقد كانت بوادر الليل قد شارفت بالظهور.. تقف بعيدا وتلوح بيمناها.. تهمس بعذوبة للجميع.. إني آتيه..
كان الليل قد أقبل.. وقد قارب الحفل أن يبدأ.. لذا أخذت أعجل في استعدادي.. فتحت دولاب ملابسي.. أبحث بينها عن ما يناسبني.. أخرجت ملابس المناسبات الخاصة بي لم يعجبني أي منها.. ذاك قصير والآخر واسع جدا.. وذلك لا يصلح.. لا هذا أسود وأنا لا أريد أن ألبس شيء داكنا.. سيزيدني شحوبا.. هذا أيضا غير مناسب.. يا إلهي ماذا أرتدي؟؟
خطر ببالي خاطر ما.. أخذت أفكر فيه قليلا ثم همست: أجل.. ولم لا؟
خرجت من غرفتي أجر قدمي خلفي جرا حتى وصلت إلى هناك.. نظرت إلى الباب فسرت بجسدي رعشة قوية.. لا أقوى على ذلك لا أريد.. هممت بالرجوع.. بالعودة من حيث أتيت لكن شيء ما صاح بداخلي وحثني أن أدخل..
احترت..هل أدخل؟ أم أعود؟ هل أفتح الباب وأنظر ما خلفه؟ أم أعود إلى مكان أعرفه جيدا وأعي ما به من أمور؟
وبعد عدة مشاورات مع النفس.. اتفقت مع نفسي على أن أدخل.. فتحت الباب وفعلا دخلت..
خطوت خطوة للأمام ثم توقفت برهة.. ثغرت فاهي وأنا أرى ما رأيت.. لا أدري كيف أصف ما طبع على عيني.. جمال؟ روعه؟ أناقه؟ لا أدري.. لا شيء يفيه قدره..
عتبت على نفسي.. كيف حرمتني من التمتع بهذا الجمال منذ أن انتقلت للمعيش هنا؟
أهذه غرفة أمي؟أمي أنا؟ أمي الحقيقية؟ أكانت تعيش هنا؟ وأبي.. أبي الحبيب.. هل كان يشاركها هذه الحجرة؟ ينامان فيها.. يضحكان..يبكيان بين جدرانها؟وهذه الجدران..هل رأت هذه الجدران أمي وأبي؟
أخذت ألف حول نفسي وكأن نظراتي تسأل كل شيء عنهما.. تسأل الجدران..أحقا رأتهما؟؟ وشهدت على حياتهما؟
اقتربت من السرير.. تحسسته بيدي وكان أناملي تسأله.. أحقا ناموا عليك؟ أحقا تناشرت خصلات شعر أمي على وسائدك؟ وأبي هل قرأ صحيفته وهو جالسا عليك؟ وشرب قهوته الصباحية عليك بينما أمي تحثه على عدم ذلك؟
لم أستطع البكاء فأي دموع بقيت لي فأخذت ابتسم..تذكرتهم فابتسمت وقلت:
- ليتك هنا يا أمي.. أريدك.. أريد أمي أنا.. فلم رحلت؟ لم تركتني وذهبت؟ لا أذكرك ولا أذكر معيشتي معك.. كم قضيت معك؟ سنتان؟ آه كم أحسد عيني أنها رأتك سنتان كاملتان.. أشتاقك يا أمي.. أود لو أني دخلت حجرتك فوجدتك تجلسين فيها..هنا على كرسيك الهزاز.. فآتي وألقي نفسي بين ذراعيك.. أقبل يديك ورجليك.. فتمسحين على رأسه بيديك الحانيتين اللتان تذهبان كل بأسي.. أمي لا تحسبيني لا أحب خالتي هدى.. بالعكس.. هي أمي التي لم تلدني.. لم تشعرني بأنها ليست أمي في يوم من الأيام.. ولكني أريد أن أراك أنت.. أن أحضنك أنت.. كما تفعل نورة.. تحضن أمها الفعليه..عندما أراها يا أمي احضن أمي هدى..أحس أنا وكأني دخيلة على حياتها..دخيلة سلبتها حب أمها وقربها.. أمي.. أرأيت كيف أصبحت؟ أرأيت كيف أضحيت؟ كأني شبح يسير بين الناس؟ أعلمت بحظي يا أمي؟ كسر قلبي مرتان.. والمرة الأمر كسره من أحب.. كسره نواف يا أمي.. حطمه إلى مئات القطع.. أواه يا أمي.. أكاد أموت وأتمزق.. فماذا أفعل.. ليتك يا أمي معي.. وحتى أبي.. ليته هنا.. بقربي.. أنت عن يميني وهو عن يساري.. تضماننا أنا وسعود وفهد.. نحن نحتاجكم.. فلم رحلتم؟
تنهدت بعمق.. نهضت وسرت بخطا مهزوزه حتى وصلت إلى دولاب الملابس.. فتحته.. أخذت نفسا عميقا وكأني أدخل رائحته إلى قلبي.. ليحفرها ذكرى بقرب رائحة نواف..
كانت خزانة أمي رائعه.. مرتبة إلى حد كبير.. لا أستطيع أبدا أن أصفه.. كل شيء منظم ومرتب.. أطلقت العنان ليدي لتستل الملابس فتشمها بقوة وتعيدها لمكانها.. فتحت دواليب الخزانه حتى وصلت إلى دولاب فساتين السهره..
لم أصدق ما رأيت.. هذا كان لأمي أنا؟ أمتأكدة أنا أني أفتح خزانتها وليست خزانة احدى الأميرات؟ رائعة بكل معنى الكلمة..
أخذت ثلاثة فساتين أعجبتني كثيرا من بي مجموعة خلابة من الملابس.. أمسكتها بيدي وأعدت كل شيء لمكانه.. خرجت وأغلقت الباب خلفي..
وصلت لغرفتي وكنت وكأني نسيت التعب والإرهاق.. نسيت المرض والإعياء.. رميت الفساتين على السرير.. وأخذت أفكر بحيرة أيها سأرتدي؟
وأخيرا وقع اختياري على الفستان الوردي اللون.. أجل هذا ما سأرتديه..
صففت شعري ووضعت بعض مساحيق الزينة على وجهي.. لم أكثر منها..فوضعت كحلا بعيني.. وظلالا للعيون فوق جفني.. ونثرت لونا فاتحا على وجنتي.. ولونت شفتي بلون الورود.. فبدوت بمظهرا ملائكي.. رأيت الساعة إلهي لقد تأخر الوقت..إنها التاسعة والنصف.. ارتديت فستاني بسرعة.. وكان الفستان بسيطا جدا إلا انه كان رائعا بالملبس.. أضفى على وجهي بريقا وصفاء.. فانعكست رقة اللون على وجهي وبريق لونه على عيني..فبدوت وكأني عدت للحياة بعد أن فارقتني..
أخذت حقيبتي..وضعت فيها عطري وأحمر شفاه وبعض المحارم.. لأني أحسست أني سأحتاجها أكثر من أي شيء آخر..
أخذت عبائتي وحجابي وخرجت من غرفتي باتجاه الإسفل..حيث سأذهب..للزفاف..
حالما نزلت..سمعت صوت مفتاح الباب يدور..علمت أن أحد قادم..ولابد أن سعود.. نظرت إلى الباب بانتظاره أن يدخل.. فتح الباب نزع مفتاحه من القفل ودخل.. رفع بصره فوجدني مرتدية ملابسي وعلى أهبة الإستعداد للخروج..
سألني باستغراب: روز.. هل أنت خارجه؟
- أجل أنا خارجة..
أغلق الباب وأردف: إلى أين أنت ذاهبه؟
تلعثمت وقلت: إلى.. إلى زواج نواف أخ نورة..
- ستذهبين إلى الزفاف؟
- أجل يا سعود.. هل تمانع؟
- بالطبع أمانع!! كيف لا أمانع وأنت مريضه لا تقوين على تحريك جسمك؟ هي أمامي للأعلى..
- أرجوك يا سعود..
قاطعني بحده: اصمتي يا روز.. لن تخرجي وأنت مريضة..وإلى أين إلى زفاف!! هيا إلى سريرك..
- ولكنها صديقتي وستحزن إذا لم أكن معها اليوم..
- وستحزن أكثر لو علمت أنك مريضة ولكنك حضرت الزفاف.. لو أنها صديقتك حقا لما أحبت لك الأذيه ولما أرادتك أن تحضري وأنت تعبه..
حاولت اقناعه بشتى الطرق إنما جميع محاولاتي باءت بالفشل.. سعود إن قرر أمر..لا يمكنك أن تناقشه فيه..
أحسست بأن كل الأبواب مقفله بوجهي.. فجلست على احد عتبات الدرج وقد امتلأت عيني بالدموع.. لا يعقل.. حرام يا دنياي.. حتى اللحظة الأخيرة التي سأراه فيها حرمتيني منها؟
همست: سعود.. لم لا تفهمني؟لم تحاول أن تعاكس رغبتي دوما؟ يجب أن أذهب.. لا أستطيع التخاذل.. أرجوك.. اتوسل إليك يا سعود..
اقترب مني وجلس بقربي وقال: روز.. أنا لا أعاكس رغبتك.. وبالعكس أحاول أن أفهمك.. إلا أني عجزت عن ذلك..
- سعود..دعني أذهب.. لا يهمني المرض ولا الراحة.. ما يهمني أن أراه..
سكت وعدت صياغة جملتي قائلة: أن أراها..
- ألهذه الدرجة تودين الذهاب يا روز؟
أومأت برأسي علامة الإيجاب فقال: قلبي يخبرني أن هنالك أمر مهم تودين الذهاب للزفاف لأجله.. لا أعلم ماهو ولكن أرجوك روز.. انتبهي على نفسك..
- سأفعل.. ولكن دعني أذهب.. أرجوك.. لأجل أمي رحمها الله
فتح سعود عينه ذاهلا..فهذه أول مرة أشير إلى أمي الفعليه.. أمي رحمها الله..
هز رأسه موافقا ثم قال: إذا كان الأمر يعني لك لهذه الدرجة فاذهبي يا روز.. ولكن عديني بأمرين..
نظرت بعينيه حتى يكمل فقال: اعتني بنفسك ولا تتأخري وإن أحسست أنك تعبت فعودي بسرعه.. والأمر الآخر أن لا أرى هذه الدموع في عينيك.. اقتليها يا روز ولا تسكبيها على وجنتيك..
ابتسمت له وقلت:أعدك..
- يالله.. لا أصدق الشبه الذي بينكما..روز أنت تشبهين أمي.. أذكر أمي بهذا الفستان..كم كانت رائعه.. وكم أنت رائعه..
- هل حقا أشبهها يا سعود؟
- أجل.. تشبهينها في جمالها ورقتها وفي كل شيء..
سكت سعود وكأنه يغالب دمعته.. أشاح بوجهه ونهض متجها للأعلى.. وقال دون أن يلتفت إلي: هيا اذهبي الآن قبل أن يتأخر الوقت..
ابتسمت ولم أجب..فاكتفيت بأن أسرعت للباب..فتحته وخرجت.. الآن لن يمنعني أحد أن أراه.. سأراه..ولكن..للمرة الأخيرة..


[align=CENTER]يتبع..[/ALIGN]


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.