أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة السياسية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=11)
-   -   حضور الانتفاضة والمقاومة وغياب المشروع (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=12620)

صلاح الدين 02-11-2000 12:46 PM

حضور الانتفاضة والمقاومة وغياب المشروع
 
جمعتنا جلسة حوارنا الأسبوعية في عاصمة الضباب لندن، حول مائدة الانتفاضة الفلسطينية الحالية، ولندن تجمع تحت عباءتها من شباب العرب أكثر مما تجمع عاصمة عربية متوسطة الحجم، وجلستنا الأسبوعية جزء من طقوس اجتماعية وسياسية ابتكرها اللاجؤون تعويضاً عن ابتعادهم الجغرافي والجسدي عن ساحاتهم الأم، وهي تضم – كغيرها - مجموعة من أنحاء متفرقة من عالم المنكوبين، وهو لقب فضله الحضور على غيره من الألقاب تحاشياً لمزيد من التوتر ما بين القيادة والقاعدة، مع إقرار أكثرنا بأن هرمنا العربي مقلوب، رأساً على عقب.

فبضعة أطفال يرشقون جنود الاحتلال بالحجارة يحققون ما لم تحققه وزارات الإعلام العربية، تراهم يعيدون قضيتهم إلى الأضواء وينتزعون مقالات الصحف الكبرى، وعناوين الفضائيات العالمية مزودة بتقارير إخبارية حية، بل إن ما فعله مشهد الطفل الشهيد محمد الدرة أكثر مما فعلته كل الخطط الإعلامية العربية (الحكومية والشعبية) مجتمعة في وجه الهجمة الإسرائيلية منذ أن أعلنت الدولة العبرية الغاصبة وحتى اليوم. وبضع مئات من المقاتلين المقبلين على الشهادة أخرجوا، ولأول مرة في تاريخ العدوان الإسرائيلي على الدول العربية، جيش الاحتلال وأزلامه من جنوب لبنان.

ولو قارن أولوا الأمر - والكلام لأحد الحضور ممن امتلأ قلبه غيظاً منذ أن أُخرج في السبيعينيات مكرهاً وألقي به في غربة الوجه واليد واللسان – يقول: لو قارن أولوا الأمر بين الإمكانيات المهدرة وبين ما يملكه هؤلاء الأطفال في فلسطين، وهؤلاء المزارعين اليافعين في لبنان، لدفعتهم الحمية إلى الجلوس على مقاعد التلمذة أمام هؤلاء وهؤلاء، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها كان أحق بها، ولا حياء في العلم كما لا حياء في الدين.

ولئن كان الإسرائيليون – والكلام ما زال لصاحبنا المغتاظ – يدرسون بتؤدة ودقة كل ما يصدر من حركات وتقنيات الانتفاضة الفلسطينية، والمقاومة اللبنانية، ويضعونه في إطار البحث العلمي ليحددوا مواطن الضعف ومواطن القوة، وليطوروا أجهزتهم الأمنية والقمعية في مواجهته، فإن أولوا الأمر العرب أولى في هذا، لأنهم محرجون أمام شعوبهم، كيف يبررون قعودهم وعدم قدرتهم على مقاومة المشروع الإسرائيلي وفي الأمة من هو أقل عدداً وأضعف جنداً يقف كالطود الشامخ حتى يدفع بن عامي (وزير عدوان الإسرائيليين) ليناشد الأمم المتحدة التدخل لإيقاف حرب الفلسطينيين ضد الإسرائيليين(؟)

والإنتفاضة القائمة اليوم دفاعاً عن الأقصى الشريف – في رأي صاحبنا المغتاظ - لا تعني الفلسطينيين وحدهم، وإن كانوا هو الصخرة الأولى التي تتلقى موجات العدوان والاستعلاء الإسرائيلي، قبل أن تصل إلى عمق العالم العربي والإسلامي، من خلال وفود رسمية وصحافية وتجارية، وقبل ذلك وبعده تجسسية.

والفلسطينيون بتقدير الحضور العربي في عاصمة الضباب هم الأضحية التي تذبح كل يوم على مذبح الهيكل المزعوم، والذي أقامته إسرائيل في عقول ملايين المغفلين من أتباع الفرق الأصولية الغربية التي تدعي الانتساب إلى التوراة بينما تحملها في عنقها الصليب، وهي ظاهرة من أعاجيب الظواهر المحدثة، أن يتمكن الإسرائيليون من تسخير أتباع بعض الكنائس الغربية إلى جانبهم بالرغم من كل التاريخ القائل بعداوة اليهود للمسيح (عليه السلام) حتى أنهم علقوه – في زعمهم على الصليب مع اللصوص وقطاع الطرق – يقول صاحبنا المغتاظ: (كيف ينجح اليهود في تزوير التاريخ ولا ننجح في تصحيحه، بل كيف يتم التعاطف الغربي على المستوى الحكومي والشعبي مع الإسرائيليين وهم يرون جرائم الاحتلال في كل زاوية من زوايا الصحف وفي كل نشرة أخبار عالمية). ويشتد غيظه عندما يتذكر أن زوجة الرئيس الأمريكي (هيلاري) تحارب خصمها بنشر صورة تجمعه مع ياسر عرفات (رئيس منظمة التحرير الفلسطينية). وهذا يعني أن مجرد مصافحة عرفات تشكل خطراً سياسياً على صاحبها. فكيف بمن يتقدم خطوة إضافية فيقول: أنا أؤيد الحق الفلسطيني(؟)

وكاد هذا المغتاظ أن يستأثر بالحديث كله، وكان يتكلم بيديه وحركات رأسه لا بلسانه فقط، حتى انتزع منه الكلام سياسي سابق، عمل في السياسة باعتبارها واجباً لخدمة الأمة، واكتشف بعد مدة أن ما يقوم به يسمى في عالم السياسيين غفلة، فقد افتقر بعد غنى، وهبط نجمه بعد صعود، وجوبه بالحرب بكل أشكاله من الصديق قبل العدو، فالسياسة في عالمنا العربي باب واسع من أبواب خدمة الذات والبطانة المحيطة بالسياسي، أما شعارات الخدمة العامة والحقوق والواجبات والعدل والمساواة، فشعارات تنثر لخداع الجمهور، كما ينثر صائد الطير حبوبه استدراجاً لها لدخول الأشراك بأقدامها. وكلما كان صوت السياسي عالياً أمام الجمهور خافتاً أمام الخصوم – داخلياً وخارجياً – كلما كان ناجحاً في الوصول والاستمرار وتوزيع الغنائم.

هكذا كان رأي صاحبنا، ولنسمه المتشائم، لأنه لا ينظر إلى المسألة إلا من الزاوية الأخرى، الزاوية التي تؤدي إلى الإحباط. فهو لا يرى أية نتيجة ولا ثمرة من وراء الانتفاضة، سوى مزيد من التضحيات يقابلها مزيد من التصلب الإسرائيلي ومزيد من الضغوط الأمريكية تؤدي إلى مزيد من التنازلات العربية، في حركة دائرية متكاملة كالدائرة المغلقة في الكهرباء، كل خطوة تؤدي بالضرورة إلى الخطوة التالية، قال: (نحن لا نملك مشروعاً سياسياً ولا حضارياً ولا أمنياً ولا صناعياً ولا ثقافياً. وبالتالي فكل ما نقوم به عبث لا يؤدي إلى ثمرة. اللهم سوى إبقاء الشعلة ملتهبة إلى حين. ثم تخمد فجأة كالروح التي تفارق الجسد).

صاحبنا المتشائم دخل في مشادة قاسية مع جماعة المتفائلين، الذين أتعبهم الانتظار في ردهات لندن وشقيقاتها، والذين طاقت أنفسهم إلى موقف عزة واحد، وقد بنوا أحلام العودة الوردية إلى ديارهم عقب سقوط العروش الوهمية المتمرسة وراء القضية الوطنية والاقتصادية والأمنية، وهم ينهلون من الخير الذي يغترفونه من شقى الناس وعرقهم، ساءهم أن تكون الصورة سوداء حالكة كما يعرضها السياسي العتيق المتشائم.

لم أجد في صورة ما يجري داخل لقائنا الأسبوعي الاغترابي هذا، أي افتراق عن صور لقاءات نسمع عنها بوسائل الإعلام لأهل القمة. يظهر أننا اختلفنا في المنطلقات والتصورات والأهداف، ولكننا جميعاً، من رأس الهرم إلى قاعدته، وحدتنا آليات الفوضى وغياب المشروع. ومع ذلك فالانتفاضة مستمرة.

sha3ir 02-11-2000 03:46 PM

أخي العزيز صلاح الدين

أرجو أن تسمح لي بأن أسأل عن صاحب هذه المقالة، وأحب أن أخبرك أنها أفضل مقالة رأيتها في السياسية منذ مدة.

بارك الله فيك أخي العزيز

صلاح الدين 04-11-2000 03:29 PM

شكر الله لك تشجيعك.
وهي لعبد الفقير إليه تعالى.

صلاح الدين 04-11-2000 03:29 PM

مكرر

الشيخ أبو الأطفال 20-11-2000 06:13 PM

السلام عليكم.
فعلا يا اخي صلاح الدين انه حالنا...نريد ان نحقق كل شيء واي شيء ولكن دون تخطيط ودون مشروع واضح الاهداف والوسائل وتلك هي كبرى مشكلاتنا....


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.