ثمرة العقل ابن القيم الجوزية


قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه : لقد سبق الى جنات عدن أقوام ماكانوا بأكثر الناس صلاة و لاصياما و لاحجا و لااعتمارا
لكنهم عقلوا عن الله موعظة فوجلت منه قلوبهم ، واطمأنت إليه نفسهم ، فتسعت له جوارحهم ،
ففاقوا الناس بطيب المنزلة وعلو الدرجة عندالناس في الدنيا و عند الله في الآخرة.


وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر ، ولكنه الذي يعرف خير الشرين.


وقالت عائشة رضي الله عنها : قد أفلح من جعل الله له عقلا .


وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ولد لكسرى . ولد فأحضر بعض الؤدبين ووضع الصبي بين يديه
و قال:ماخير ما أوتي هذا المولود ؟ قال : عقل يولد معه . قال فإن لم يكن؟
قال :فأدب حسن يعيش به في الناس .قال : فإن لم يكن؟ قال :فصاعقة تحرقه .


وقال بعض أهل العلم : لما أنزل الله تبارك وتعالى آدم الى الأرض أتاه جبريل عليه السلام بثلاثة أشياء : الدين ، والخلق ،والعقل ،
فقال إن الله يخيرك بين هذه الثلاثة ، فقال :ياجبريل ما رأيت أحسن من هؤلاء إلا في الجنة ومد يده الى العقل فضمه الى نفسه
فقال للأخرين :أصعدا ، أمرنا ان نكون مع العقل حيث كان ن فصارت الثلاثة الى أدم عليه السلام .
وهذه الثلاثة أعظم كرامة أكرم الله بها عبده ، وأجل عطية أعطاه غياه ،
و جعل لها ثلاثة أعداء : الهواى ، و الشيطان ، و النفس الأمارة ، و الحرب بينهما دول
و سجال : ( و مالنصرإلا من عند الله العزيز الحكيم).آل عمران162


وقال وهب بن منبه : قرأت في بعض ماأنزل الله : إن الشيطان لم يكابد شيئا أشد عليه من عاقل ،
وإنه ليسوق مائة جاهل فيستجرهم حتى يركب رقابهم فينقادون له حيث شاء .
ويكابد المؤمن العاقل فيصعب عليه حتى ينال منه شيئا من حاجته.

قال: وإزالة الجبل صخرة صخرة أهون على الشيطان من مكابدة المؤمن العاقل فإذا لم يقدر
عليه تحول على الجاهل فيستاسره ، ويتمكن من قيادته حتى يسلمه إلى الفضائح التي يتعجل
بها في الآخرة العار و النار و الشنار ، و إن الرجلين ليستويان في البر و ويكون بينهما
في الفضل كما بين المشرق والمغرب بالعقل ،و ماعبدالله بشىء أفضل من العقل .

وقال : معاذ بن جبل رضي الله عنه : لو أن الجاهل أصبح وأمسى و له من الحسنات و
أعمال البر عدد الرمل لكان و شيكا أن لايسلم له منها مثقال ذرة . قيل : و كيف ذلك ؟
قال : إن العاقل إذا زل تدارك ذلك بالتوبة و العقل الذي رزقه ، و الجاهل بمنزلة الذي يبني
و يهدم ، فيأتيه من جهله ما يفسد صالح عمله ،

و قال الحسن ، لايتم دين الرجل حتى يتم عقله ، و ما أودع الله أمر ، عقلا إلا استقذه به به يوما .


و قال بعض الحكماء : من لم يكن عقله أغلب أشياء عليه كان حتفه و هلاكه في أحب الأشياء إليه .
و قال يوسف بن أسباط ك العقل سراج ما بطن ، وزينة ماظهر ن و سائس الجسد ،
و ملاك أمر العبد ، و لاتصلح الحياة إلا به ، و لاتدور الأمور إلا عليه .

وقيل لعبد الله بن المبارك : ما أفضل ماأعطي الرجل بعد الاسلام ؟ غريزة عقل ،
قيل : فإن لم يكن ؟ قال : صمت طويل ، قيل فإن لم يكن ؟ قال : فموت عاجل .


وفي ذلك قيل : ماوهب الله لامرىء هبة أحسن من عقله ومن ادبه
هما جمال الفتى فإن فقدا فقده للحياة اجمل به ..


***


من كتاب روضة المحبين و نزهة المشتاقين
لبن القيم الجوزية جزاه الله عنا أحسن جزاء



على الخير
نلتقي لنرتقي ..

:)