أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة الإسلامية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=8)
-   -   أين دورنا في رسم صورة صحيحة عن الإسلام؟ (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=6540)

صلاح الدين 05-10-2001 10:40 AM

أين دورنا في رسم صورة صحيحة عن الإسلام؟
 
لم يوفق رئيس الوزراء الإيطالي (سيلفيو برلوسكوني) في اختيار عبارات تصريحه الإعلامي تأييداً للحملة الدولية بقيادة الولايات المتحدة على الإرهاب، فقد أثار تغليبه الحضارة الغربية على الحضارة الإسلامية -التي وصفها بالتخلف- عليه العالم العربي والإسلامي بالإضافة إلى حلفائه الغربيين الذين وجدوا في تصريحاته خروجاً على سياسة استمالة العرب والمسلمين إلى ما اعتبروه حرباً واسعة ونوعية ضد الإرهاب والإرهابيين، ولأسباب عديدة، كانت ردة فعل الجميع على تصريحات برلوسكوني الإيطالي أشد منها على تصريحات سابقة للرئيس الأمريكي بوش الابن الذي انزلق لسانه فوصف الحرب الانتقامية من الإرهاب والإرهابيين بأنها (صليبية).

= يتبع =

صلاح الدين 06-10-2001 08:44 AM

يقظة ولو متأخرة
إن قسوة عبارات بوش الابن و(سيلفيو برلوسكوني) مدعاة لنفهم أن الجرح الغائر الذي تركته الغارة الجوية على كل من واشنطن ونيويورك ليس بالجرح العادي، وأنه فتح ثغرات في جسد العالم المعاصر تستدعي تفهماً أوسع بين الشرق والغرب، بل بين الشعوب والقبائل، كما هو التعبير القرآني.
ومدعاة كذلك ليقف العقلاء في كلا المعسكرين على نقاط الضعف ونقاط القوة في الخطاب السياسي والإعلامي، ومقدار المعرفة بين شطري العالم، وبين المسلمين –تحديداً- وبقية الشعوب والأمم.
ولا يغير شيئاً من الواقع أن تكون الاتهامات السريعة باطلة أو مجحفة، لأن المؤشر يدل على استعداد الآخر الكبير لاتهام المسلمين وتصديق الاتهام والانتقام المباشر في وقت واحد، وذلك نتيجة طبيعية لحملة التعبئة الدعائية المفتراة التي قامت خلال المائة سنة الأخيرة ضد الإسلام والمسلمين في مختلف وسائل المعرفة، وعلى مقدمتها صناعة (السينما) و(التلفاز)، وما بني خلال عقود من الزمن لا يمكن معالجته في دقائق معدودات، ولا أيام متسارعات.

= يتبع =

ام طه 07-10-2001 09:20 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لكن اخي ويا للعجب اننا نحن من نروج للدعايات المبغضة ومنذ زمن ايضا


شعوبنا المستسلمة لحضارتهم ، لاعلامهم يشربون السم قطرة قطرة

عودة لسؤال سابق اين اعلامنا؟؟

صلاح الدين 07-10-2001 10:57 AM

السلام عليكم

كل الأسئلة مشروعة في واقعنا المأساوي.
ونحن نلمس تخلفنا عن ركب التحدي الحضاري المعاصر.
وسؤالك -أخت أم طه- عن دور الأعلام يصيب كبد الحقيقة، وهو يستحق موضوعاً مستقلاً بنفسه.

صلاح الدين 07-10-2001 10:59 AM

(تقصير وتجهيل)

أول ما يتبادر إلى الذهن في معالجة هذه الظاهرة السلبية معالجة تقصيرنا نحن – وليس تقصير الآخرين- في عرض مساهمتنا في بناء الحضارة في الماضي وفي الحاضر على السواء.

ويزيد من مأساة هذا التغييب أن شواهد حضارتنا ما زالت ماثلة في الشواطئ الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، وجنوب إيطاليا غني بثروة تاريخية حضارية عمرانية إسلامية ماثلة للعيان في المدن والجزر وكثير من مفردات السياسة والتجارة والمواد العلمية البحتة.

ولولا اختلاف اللغة لحسبت نفسك وأنت تتجول في الريف الإيطالي الجنوبي أو الاسباني والبرتغالي أنك في أية قرية من قرى المسلمين تغفو على الشواطئ الجنوبية والشرقية للبحر الأبيض المتوسط، بل عن التداخل يبلغ مداه في مالطا التي تتكلم حتى اليوم لهجة عربية ليبية واضحة.

يتربع (التجهيل) و(التجاهل) على رأس الحملة الإعلامية الظالمة التي يواجهها عرب اليوم ومسلميه، وكان حرياً بهم أن يتحدثوا لأبنائهم ولغيرهم عن دورهم الرائد في الماضي ودورهم المشارك الحي المعاصر، متمثلاً بنخبة من عقولهم المهاجرة، وبمميزات مجتمعاتهم المعاصرة المتميزة في الجانب الاجتماعي والأخلاقي مما دفع ولي عهد بريطانيا إلى مطالبة بني قومه للتعلم من المسلمين كيفية المحافظة على الأسرة، وعلى حماية الشباب من الانحراف والإنسياق وراء الجريمة والإنحراف والشذوذ.

=يتبع=

مهند2 08-10-2001 10:35 AM

السؤال هو اين دورنا في رسم صورة صحيحة عن الاسلام

الجواب نستطيع ان ناخذه( من فتح اندونيسا)

فقد فتحت من غير سيف ، فمن وكيف وبما ؟

صلاح الدين 08-10-2001 03:26 PM

أشكر للأخ مهند مداخلته وإجابته الداعية إلى الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، واستخدام الأساليب الحضارية كما في فتح أندونيسيا.
وأتابع ما بدأته في الحلقات السابقة:

(الإنسان أولاً)

تقوم الحضارة الإنسانية على (الإنسان) قبل أي شيء آخر، ولا يتصوّر في الذهن أن يقوم الخامل المسحوق، والمحبط الفاشل ببناء حضارة إنسانية متميزة تدرك أبعاد رسالة الإنسان في الكون، ولا غرو أن نرى الإسلام ابتدأ بالإنسان نفسه، فكرمه وعلمه ووجهه،
فرفع من شأنه وأخرجه من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة،
ومن التقوقع إلى الانفتاح،
ومن العصبية إلى التراحم،
ومن الجور إلى العدالة،
ومن رفض المخالف إلى التعايش مع الآخر وقبوله،
وليس من دين كالإسلام جمع –بالزواج- أصحاب الأديان المتعددة تحت سقف واحد، حيث أجاز للمسلم أن يتزوج من الكتابية نصرانية كانت أو يهودية،
وكسر الإسلام قيود الخرافة وأخرج الإنسان من قمقم التبعية للكاهن والساحر إلى حصانة العلم ونعمة التوحيد ورفض مظاهر الدجل،
وقرر له الاستخلاف في الأرض,
والسواسية مع بني جنسه،
وألغى الفوارق الطبقية والعرقية،
وكرّم المرأة وساواها بالرجل في القيمة الإنسانية والتكليف الشرعي والشخصية القانونية المستقلة،
وأقر لكل واحد من بني البشر بحق الحياة والتعبير عن التفكير،
ووفر له الحرية السياسية ضمن ضوابط الشريعة والشورى،
وحرّم الظلم بكل أوجهه وأشكاله وميادينه،
وجعل الاجتهاد شعاراً يتغلب على التقليد،
وأوجب التفكير وجعله عبادة مأجورة،
ونهى عن التطرف في كل شيء حتى في العبادة والطاعات.

إن الإنسان الذي علمه الإسلام وأرشده ووجهه هو الذي بنى الأسس الأولى لما تتمتع به حضارة اليوم من معطيات إيجابية في ميدان حقوق الإنسان والقوانين الدولية، وكان موقفه متشدداً من قضية الظلم والعدالة، والحرية والاستعباد، فلقد استعاذ النبي (صلى الله عليه وسلم) من الظلم، وأعاذ منه، ففي الحديث: (أعيذك بالله يا كعب بن عُجرة من أمراء يكونون من بعدي، فمن غشي أبوابهم وصدّقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ولا يرد عليّ الحوض، ومن غشي أبوابهم أو لم يغش، فلم يصدّقهم في كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم، فهو مني وأنا منه وسيرد عليّ الحوض).

وخصص عالم الاجتماع العربي المسلم (ابن خلدون) فصلاً كاملاً في مقدمته، بيّن فيه أن وبال الظلم لا يقع فقط على الذين يمارسونه، وإنما يطال الدولة نفسها من حيث هي كيان سياسي، ويؤثر على استمرار أو عدم استمرار الاستقرار فيها، ويهدد استقلالها وازدهارها، كما يؤثر الظلم بشكل سلبي على العمران البشري (الحضارة)، الذي لا يقوم ولا يتقدّم بدون استقرار يقوم على العدل، قال: (ولا تحسبن الظلم إنما هو أخذ المال أو الملك من يد مالكه من غير عوض ولا سبب، كما هو معروف، بل الظلم أعم من ذلك، وكل من أخذ مِلك أحد أو غصبه في عمله، أو طالبه بغير حق، أو فرض عليه حقاً لم يفرضه الشرع، فقد ظلمه، فجباة الأموال بغير حقها ظلمة، والمعتدون عليها ظَلَمة، والمنتهبون لها ظَلَمة، والمانعون لحقوق النّاس ظلمة، وغُصّاب الأملاك على العموم ظَلَمة، ووبال ذلك كله عائد على الدولة بخراب العمران الذي هو مادتها، لإذهابه الآمالَ من أهله).

وما من شك بأن التفرد والاستبداد كارثة على الشعوب، والاستبداد يضيق بالنقد والنصح والحسبة، والتفرّد يغتال المواهب، ويقضي على الإبداع، ويزرع الرعب حتى يصبح المواطن خائفاً من أقرب المقربين إليه، لا يأمن من نفسه على نفسه، ولهذا صار الحكم الفردي عاراً على أصحابه، ووصمة سلبية في جبين الإنسانية، وعقبة كأداء تحول بين الإنسان والبناء الحضاري، وأي حياة هذه بدون حرية واعية، وشورى ناضجة، وسلطان يحفظ للإنسان كرامته؟ والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: (إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له: إنك أنت ظالم، فقد تُودّع منها).

وما هذا كله إلا لحفظ الإنسن –فرداً وجماعة، مؤمناً وكافراً- وحفظ الضرورات الخمس للإنسان (العقل والدين والمال والنفس والنسل).

=يتبع=

صلاح الدين 09-10-2001 12:28 PM

(تحقيق الحرية وصيانتها نصاً وواقعاً)

شكّلت (الحرية) وما تزال أهم أهداف الإنسان المتحضّر، وأهم دوافعه في بناء الحضارة وتطويرها، كانت الحرية الدافع الأجلّ وراء جل الأعمال الواعية التي عرفها تاريخ البشرية، وكانت الحرية في بعض فترات التاريخ حلماً ذهبياً لا يتمتع به إلا الأقوياء الذين ولدوا على فراش من حرير، وكانت العبودية والرق نصيب الضعفاء الذين لا يملكون حوْلاً ولا طوْلاً وكان قدرهم أن ينتسبوا إلى أمم مستضعفة أو أسر مستعبدة، وكانت الحرية تنتقل بالتوارث والرق كذلك، إلا أن أبواب الرق كانت مفتوحة على مصراعيها، تزداد باسترقاق المدينين والأسرى، بينما كانت بوابات الحرية مقفولة لا يلجها أحد إلا بشق النفس وضمن ظروف استثنائية.

وحفرت العبودية في ضمير البشرية وعقلها جرحاً عميقاً، استمر إلى عقود ماضية قليلة، وكان أقصى أنواع الرق ذلك الذي يبرره الكهنة ورجال الدين، ويعتبرونه حقاً طبيعياً للأقوياء وللأغنياء، وكان الرقيق محروماً من إنسانيته يستغرب مالكوه أن يعبّر عن أحاسيسه كما يفعل الأحرار.

وجاء الإسلام ليحقق في أرض الواقع كل مظاهر الفطرة البشرية، وليعيد للإنسان كرامته، وحقوقه وعلى رأسها (الحرية)، التي أعطاها معنى أبعد بكثير مما عرفته فلسفات الأمم السابقة، فالحرية أبعد بكثير، وأعلى بكثير، وأعظم بكثير من أن تكون صكاً يحتفظ به المرء ليبرزه كلما دعت الحاجة.

(الحرية) في التصور الإسلامي أن ينعتق الإنسان من كل ما يكبله ويحول بينه وبين إنسانيته، فكرةً كان أو قانوناً أو عادةً أو إدماناً، ولذلك فك الإسلام ارتباط الدين والغيب والعبادة عن الكهانة، ولم يجعل في صفوفه مكاناً لرجل دين يستولي على حق تفسير النصوص الدينية، أو ينفرد بعلاقة خاصّة مع الرب المعبود، أو يتحول كلامه إلى تشريع فيحل ما يراه حلالاً ويحرم ما يراه حراماً.

لقد جعل الإسلام العلاقة بين الإنسان وخالقه علاقة مباشرة، لا يتدخل ولا يتوسط بينهما أحد: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} [البقرة/186]، والمسلم الذي يظن أنه يحتاج إلى وساطة بينه وبين الله يكون كالمشركين الذين قالوا عن الأصنام التي يسجدون لها ويقدمون لها مظاهر الولاء والطاعة: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} [الزمر/3]، وقمة الحرية - في التصوّر الإسلامي - قمة العبودية لله، ككفتا ميزان تعلو إحداهما لتهبط الأخرى، كلما قدمت تنازلات في خط العبودية لله كلما تنازلت عن درجة حريتك، وكلما ارتقيت في درجات عبوديتك لله كلما ارتفعت في درجات حريتك.

ولم يكرس الإسلام العبودية داخل إطارها الموروث من المجتمعات الجاهلية وتراكم مفاهيمها المتراجع عن الفطرة وعن إنسانية الإنسان، وإنما ضيَّق أبواب الرق، وفتح أبواب التحرير، فجعل العتق عبادة يتقرب بها المؤمن إلى الله، كما جعله كفّارة ينفذها المسلم كلما ارتكب ما يستوجب التكفير كحنث اليمين والقتل الخطأ، كما شجّع على المكاتبة( )، وجعل الله للمكاتب نصيباً في الزكاة المفروضة، قال تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكينِ والعاملينَ عليها والمؤلّفةِ قلوبُهُم وفي الرقابِ والغارمينَ وفي سبيلِ اللهِ وابن السبيلِ فريضةً من اللهِ واللهُ عليمٌ حكيمٌ} [التوبة/60]، {والذين يبتغون الكتاب مما ملَكتْ أيْمانُكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} [النور/33]، وجعل للرقيق المكاتب نصيباً في الزكاة، وكان (فك الرقبة)( ) من أعلى القربات التي عرفها المجتمع المسلم، وهي تشريع إسلامي غير مسبوق.

لقد هيأ الإسلام كل أسباب (الحرية) وضيق كل أسباب (العبودية) وأطلق أسر العلم والمعرفة ليصبحا في متناول الجميع، أحراراً وعبيداً، ذكوراً وإناثاً، عرباً وعجماً، مسلمين وغير مسلمين، فنهى عن كتمان العلم وجعله جريمة في الدنيا والآخرة، ونهى عن عدم التعلم وجعله كذلك جريمة في الدنيا والآخرة، ورفع بالعلم ما لم يرفع بالمال، ولا الطبقة الاجتماعية، ولا بالعِرق، قال تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} [المجادلة/11]، وقال سبحانه: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب} [الزمر/9].
وبالعلم يعلو الفرد على أصحاب المال والسلطان الجهلة، بغض النظر عن أصله ونسبه وعِرْقه، قال سالم بن أبي الجَعْد، (رافع الأشجعي، المتوفى حوالي100هـ): (اشتراني مولاي بثلاثمائة درهم وأعتقني، فقلت: بأي شيء أحترف؟ فاحترفت بالعلم، فما تمّت لي سنةٌ حتى أتاني أميرُ المدينة زائراً، فلم آذن له).

وانسحب مفهوم الحرية في الإسلام على كل ميادين حياة المسلم، فلا يصح اعتناق الإسلام إلا باختيار حرّ، ولا يصح تعاقد بين اثنين إلا باختيار حرّ، ولا يصح نكاح ولا طلاق إلا باختيار حر، فالإكراه لا تترتب عليه آثار شرعية وقانونية كتلك التي تترتب على الحرية، (والحرية السياسية في الإسلام فرع لأصل عام هو حرية الاختيار، فقد جاء في الحديث: (لا تكونوا إمّعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطّنوا أنفسَكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا)( ). بل الجهر بالحق في الإسلام واجب وليس رخصة، والواجب عند الأصوليين (هو الذي يذم تاركه ويلام شرعاً بوجه ما).

وأي حياة للفرد أو الجماعة تحت قهر السيوف، وسلطان الظلم، وانعدام الاختيار، وظلمة السجون والمعتقلات؟ أي حياة هذه بدون حرية صحيحة ملتزمة، وشورى واعية قاصدة، وحفظ للكرامة الإنسانية، واستيفاء للحقوق وأداء للواجبات؟ وأي حياة هذه والمرء يراقب كلماته ويمسك بشفتيه ويخشى أن تفضحه عيناه أو جوارحه، ولا يأمن على نفسه من نفسه أو من أقرب المقربين إليه، فعيون الظلم مبثوثة والتهم جاهزة والزبانية على أحر من الجمر!

وأي دولة هذه التي تحيط نفسها بجيش من المنافقين الذين ينعقون مع كل ناعق لأن الفرد فيها فقد كرامته، وأعدم شخصيته، وتخلى عن كل ما له علاقة بالتفكير أو التدبّر؟ كيف تقوى أمة من الأمم أو دولة من الدول أو مجتمع من المجتمعات أو جماعة من الجماعات أو أسرة من الأسر، على مواجهة تحديات الحاضر وبناء المستقبل بأفراد ليس لهم من الإنسانية سوى الهيكل الخارجي؟ وبعد ذلك يخشى أحدهم التصرف بدون إذن (ولي الأمر) ولو كان لألصق الأمور الشخصية؟

إن الشخصيات المهزوزة لا تقوى على حمل رسالة ولا أداء أمانة ولا نشر دعوة ولا مواجهة باطل ولا إحقاق حق ولا إنشاء حضارة، لأن ذلك كله لا يقوم بدون مبادرة وإبداع، ولا مبادرة وإبداع مع العبودية، ظاهرة كانت أو مقنّعة.

إن التنصيص القانوني على حفظ الحرية، وتأصيلها بالتربية وبكل وسيلة ممكنة حتى تصبح صفة شخصية لكل مواطن، وبذل كل جهد مطلوب لرعايتها وحمايته، باب من أهم أبواب بناء الفرد والجماعة، والحرية حصن الأمم الحصين، ومدخلها الصحيح لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، والاستفادة من الطاقات والقابليات، ودفع الإحباطات، وسد الثغرات، وتأمل كلام ابن تيمية (أحمد بن عبد الحليم، ت728هـ) على عاقبة الظلم: (الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مؤمنة)( )، وقبله قال الطرطوشي (محمد بن الوليد، ت520هـ): (إن السلطان الكافر الحافظ لشروط السياسة الاصطلاحية أبقى وأقوى من السلطان المؤمن العدل في نفسه، المضيع للسياسة الشرعية، والجور المرتب أبقى من العدل المهمل، إذ لا أصلح للسلطان من ترتيب الأمور، ولا أفسد له من الحكم، ولا يقوم سلطان إيمان أو كفر إلا بعدل نبوي أو ترتيب اصطلاحي).

اقرأ ذلك لتدرك أبعاد تأصيل العدالة في بناء الأمم واستمرارها وتحقيق عزتها، وهل العدالة؛ بكل مفرداتها وتجلياتها؛ إلا بنت الحرية البارّة؟

= يتبع =

صلاح الدين 10-10-2001 03:27 AM

(العلم فريضة)

يعرف القاصي والداني أهمية المعرفة في البناء الحضاري، ولا معرفة بدون علم، ولا علم بدون تعلم، ويكفي أن نذكر أن أول كلمة أوحاها الله تعالى لرسوله (صلى الله عليه وسلم) في الكتاب الكريم {اقرأ} وكفى بذلك دلالة على كل المعاني التي وردت في الكتاب الكريم والحديث الشريف في الحث على طلب العلم وتشريف طلابه ومعلميه.

فقد فرض الإسلام طلب العلم على أتباعه (ذكوراً وإناثاً)، ورفع من درجة طلاب العلم بين عموم المسلمين، والآيات والأحاديث وأقوال العلماء في الحثِّ على طلبِ العلم ونشره كثيرة، وقد جعل الله تعالى شهادة العلماء مقرونة بشهادته تعالى وملائكته في قوله: {شهد الله أنه لا إلهَ إلا هوَ والملائكةُ وأولو العِلْمِ قائماً بالقسط، لا إلهَ إلا هو العزيزُ الحكيمُ} [آل عمران/18]،
ورفع أهل العلم درجات: {يرفعِ اللهُ الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلمَ درجاتٍ واللهُ بما تعملون خبيرٌ} [المجادلة/11]،
وقوله: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكرُ أولُوا الألباب} [الزمر/9]،
ووصفهم بمعرفة المحكَم والمتشابَه، والإيمان بهما، والتمييز بينهما، فقال سبحانه: {وما يعلم تأويلَه إلا اللهُ، والرّاسخونَ بالعلم يقولون: آمنّا به، كلٌّ من عند ربنا، وما يذّكرُ إلا أولو الألبابِ} [آل عمران/7]،
وجعلهم أهلاً للتقوى القائمة على المعرفة: {إنَّما يخشَى اللهَ من عباده العلماءُ} [فاطر/28]،
وسمّى العالم بالحق مبصراً، والكافرَ المستكبر أعمى، فقال عزّ وجلّ: {أفمن يعلمُ أنّما أُنزِل إليك من ربك الحقُّ كمن هو أعمى؟ إنما يتذكّرُ أولُو الألبابِ} [الرعد/19].

وعن أبي الدرداء، عُويمر بن مالك (ت32هـ) رضي الله عنه؛ قال: سمعتُ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهّل اللهُ له طريقاً إلى الجنّة، وإن الملائكةَ لتضعُ أجنحتَها لطالبِ العلم رِضاً بما يصنع. وإن العالِمَ ليستغفرُ له مَنْ في السمواتِ ومَنْ في الأرض حتى الحيتانُ في الماء. وفضلُ العالم على العابد كفضلِ القمر على سائر الكواكب. وإن العلماءَ ورثةُ الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُوَرِّثوا ديناراً ولا دِرهماً وإنما ورَّثوا العلمَ، فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافرٍ).

=يتبع=

[ 14-10-2001: المشاركة عدلت بواسطة: صلاح الدين ]

[ 14-10-2001: المشاركة عدلت بواسطة: صلاح الدين ]

radi 10-10-2001 07:32 AM

السلام عليكم

اخي صلاح بارك الله فيكم والى المزيد فنحن نقرا وان لم نعلق

صلاح الدين 10-10-2001 06:04 PM

جزاكم الله خيراً على المتابعة والاهتمام.

(مساهمات المسلمين العلمية)

ما زال الناس عالة على ما قدمه علماء المسلمين في كل ميدان من ميادين المعرفة الإنسانية. ويصعب علينا –في هذه العجالة- أن نذكر كل ما تم إنجازه خلال خمسة عشر قرناً، ولكننا نذكر طرفاً منه.

فقد أبدع جابر بن حيان (200هـ/ 816م) في الكيمياء، واستخرج حامض الكبريت وسماه (زيت الزاج). واكتشف الصودا الكاوية، واستحضر ماء الذهب والفضة بخلطهما بحامض الكبريت وحامض النتريك. واستحضر كربونات البوتاسيوم والصوديوم ويودور الزيبق والأنتموان وسواهما.
ودرس مركبات الزئبق ووضع أبحاثا في التكلس وأبحاثا في إرجاع المعدن إلى أصله بالأوكسجين في الوقت الذي كان ملوك أوروبا يلجأون إلى العرافين والسحرة لتفسير الظواهر الطبيعية.

وحلّق أبو بكر الخوارزمي (232هـ/ 847م) في الرياضيات، ووضع أسس علم الجبر والمقابلة. وشرح نظام الأعداد والأرقام الهندية مع الصفر. ووضع قاعدة حسابية ما زالت تحمل اسمه في أوروبا (الخوارزمية) أو (اللوغاريتما). ووضع زيجا (جداول فلكية) جمع فيه بين قواعد أهل الهند وفارس وبطليموس اليوناني، وجعله على السنين الفارسية.

وأوغل أبو حنيفة الدِّينَوري (252هـ/ 867م) في علم النبات، وضمّن كتابه (النبات) وصايا لإرشاد الزراع، وسمى فيه عدداً من النباتات بأسمائها الآرامية أو اليونانية أو الفارسية، وشرحها شرحا لغويا وعلميا. ومع أن المقصود من هذا الكتاب هو الجانب اللغوي فإن الأطباء والعشابين قد اعتمدوه.

وحل يعقوب الكندي (260هـ/ 874م) مسائل تتعلق بسير الكواكب عجز اليونان عن حلها. وأجرى تجارب حول قوانين الانجذاب والسقوط. كما أجرى القياس النوعي للسوائل. وعالج في الهندسة قياس الزاوية بواسطة البركار. ولعله أول من جعل الموسيقى من وسائل علاج الأمراض النفسية.

وعلّل أبو معشر الفلكي (272هـ \ 887م) نظام المد والجزر بطلوع القمر وغيابه، معتمداً قواعد العلم لا أساطير الخرافة.

ودوّن ابن خرداذبة (280هـ/ 894م) في كتابه (المسالك والممالك) الطرق البرية والبحرية التي كان يسلكها التجار والحجاج داخل العالم الإسلامي وخارجه.

ومن لم يسمع بأبي بكر الرازي (313هـ/ 925م) العالم الطبيب المبدع، فقد جمع في كتابه (الحاوي Continen) كل المعارف الطبية حتى تاريخ وفاته، وظل كتابه المرجع الأساسي في أوروبا لمدة تزيد على أربعمائة عام بعد ذلك التاريخ. وعالج الأمراض النفسية بالموسيقى. وفرّق مرض النقرس عن الروماتيزم.

=يتبع=

صالح عبد الرحمن 11-10-2001 01:04 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ صلاح الدين

موضوعك قيم يفرض نفسه في ظل الظروف والأوضاع التي خلفتها التفجيرات الأخيرة في واشنطن ونيويورك. وأود التعقيب على ما ورد فيه بما يلي :

رسم الصورة الصحيحة عن الاسلام يحتم ثلاثة أمور أولها إحسان فهم الاسلام أو فهم الاسلام فهما صحيحا، وثانيها احسان التعبير أو التعبير الدقيق عن الفهم السليم للاسلام، وثالثها إحسان تطبيق الاسلام. فإذا حصل الخطأ في واحد من هذه الأمور الثلاثة أدى ذلك إلى إعطاء صورة غير صحيحة عن الاسلام.
أما فهم الاسلام فهما صحيحا فيتطلب تحديد المصادر التي يؤخذ منها الاسلام، كما يتطلب تحديد الكيفية الشرعية التي يجب أن تتبع في فهم الاسلام من مصادره المعتبرة. وأما التعبير عن أفكار الاسلام فيحتم استعمال الألفاظ والتراكيب التي تتميز بالدقة والتحديد والاستقصاء، بحيث يتمكن المتلقي للاسلام من إدراك واقع الفكر الاسلامي كما هو إدراكا يحدده ويميزه عن غيره، ومن تصور مدلول الأفكار الاسلامية تصورا صحيحا يعطي الصورة الحقيقية عنها. وعدم استعمال الألفاظ والتراكيب التي تتميز بالدقة والتحديد والاستقصاء يؤدي إلى إعطاء صورة مشوهة عن الاسلام كما يؤدي إلى الخلط بين الاسلام وغيره من الأفكار والمبادىء . وأما تطبيق الاسلام في معترك الحياة فيتوقف على وجود الدولة التي تطبقه وتحمله الى العالم رسالة هداية ورحمة، وأما إحسان التطبيق فيعتمد على عدة أمور كحسن فهم الاسلام، وتقوى الله المتركزة في الصدور، والعقوبات التي تنفذها الدولة على المخالفين، وكذلك دور الأمة أفرادا وجماعات في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويدخل في ذلك محاسبة الحكام .

صالح عبد الرحمن 11-10-2001 01:06 PM

بناء على المقدمة المذكورة أعلاه، أود مناقشة بعض ما أوردته في موضوعك على النحو الآتي :


استعملت كلمات الحضارة والبناء الحضاري والاسلوب الحضاري والانسان المتحضر لكنك لم توضح مفهوم الحضارة ، أي لم تضع مفهوما واضحا ومحددا للحضارة، والتحديد مهم لأجل فهم كثير من الأفكار التي وردت في موضوعك .


قلت : ( أشكر للأخ مهند مداخلته وإجابته الداعية إلى الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، واستخدام الأساليب الحضارية كما في فتح أندونيسيا ).

هذا التعبير غير صحيح لأنه يفهم منه أن البلدان الأخرى التي فتحت عنوة أي بالقتال أو الجهاد لم تفتح بالأساليب الحضارية، أي قد يفهم منه أن الجهاد في سبيل الله والذي هو قتال الكفار قتالا ماديا ليس أسلوبا حضاريا في حمل الدعوة الاسلامية.

قلت : ( إن الإنسان الذي علمه الإسلام وأرشده ووجهه هو الذي بنى الأسس الأولى لما تتمتع به حضارة اليوم من معطيات إيجابية في ميدان حقوق الإنسان والقوانين الدولية، وكان موقفه متشدداً من قضية الظلم والعدالة، والحرية والاستعباد ..).

يتناقض الاسلام تناقضا تاما مع الحضارة الغربية ، الحضارة الغربية تقوم على أساس فصل الدين عن الحياة، وأما الاسلام فيقوم على أساس الايمان بالخالق عز وجل ، وعلى أساس وجوب أن تسير الحياة بأوامر الله ونواهيه، فالانسان في الحضارة الاسلامية يجب أن يتقيد في جميع شؤون حياته بأوامر الله ونواهيه. ومفاهيم الاسلام عن حقوق الانسان ، وكذلك المفاهيم المتعلقة بالقوانين الدولية تختلف عنها في الحضارة الغربية. فأساس حضارة اليوم والتي تهيمن عليها الحضارة الغربية هيمنة تامة ليس هو الاسلام، ولا صلة للاسلام بها من قريب أو من بعيد. والحضارة غير المدنية، والثقافة غير العلوم، ولا بد من تعريف واضح لهذه المصطلحات حتى نستطيع أن نتبين ما هو من الاسلام وما هو ليس من الاسلام ، وما يجوز لنا أخذه وما لا يجوز لنا أخذه من غيرنا.


قلت : ( وما من شك بأن التفرد والاستبداد كارثة على الشعوب، والاستبداد يضيق بالنقد والنصح والحسبة، والتفرّد يغتال المواهب، ويقضي على الإبداع، ويزرع الرعب حتى يصبح المواطن خائفاً من أقرب المقربين إليه، لا يأمن من نفسه على نفسه، ولهذا صار الحكم الفردي عاراً على أصحابه، ووصمة سلبية في جبين الإنسانية، وعقبة كأداء تحول بين الإنسان والبناء الحضاري، وأي حياة هذه بدون حرية واعية، وشورى ناضجة، وسلطان يحفظ للإنسان كرامته؟ والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: (إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له: إنك أنت ظالم، فقد تُودّع منها) ).


شكل الحكم في الاسلام ليس استبداديا ولا ديموقراطيا، إذ هو شكل فريد لا يشبه أي نظام ولا يشبهه أي نظام. والقيادة في الاسلام فردية وليست جماعية ، قال صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لثلاثة بفلاة من الأرض إلا أمروا احدهم ) فالرئاسة أو الامارة أو القيادة في الاسلام فردية وليست جماعية. وكون القيادة فردية لا يعني أن الحكم في الاسلام ديكتاتوري، فالفردية لا تساوي الديكتاتورية، والذي يرفض الديموقراطية لا يعني بالضرورة أنه ينادي بالديكتاتورية، فالاسلام يتناقض مع الديموقراطية كما يتناقض مع الديكتاتورية، فهو نظام فريد .

صالح عبد الرحمن 11-10-2001 01:08 PM

الحرية :

مسألة الحرية في الاسلام أفردت لها مساحة واسعة في موضعك، وكذلك العدالة ، ولأن الحرية وكذلك العدالة مصطلحان يختلف مفهومهما باختلاف وجهة النظر في الحياة كان لا بد من بيان وجود فرق واختلاف كبير بين مدلول الحرية التي جاء بها الاسلام وبين الحريات العامة التي جاء بها الغرب ، وكذلك وجود فرق بين العدالة في المفهوم الاسلامي والعدالة في المفهوم الغربي.

الحرية ضد العبودية، فلا حرية في الاسلام لأي كان سواء كان عبدا أم حرا ، بل الانسان عبد لله تعالى ، وله الشرف الكبير أن يكون عبدا لله ، وقد أثنى الله تعالى على رسوله أعظم ثناء بالعبودية له فقال : { سبحان الذي أسرى بعبده }، فأضاف العبودية له، وكلمة ( لا إله إلا الله ) تعني لا معبود إلا الله ، فلا حرية لأحد بل الكل عبيد لله . والعبودية لله تعالى تعني أن الانسان يجب أن يسير جميع أعماله صغيرها وكبيرها بأوامر الله تعالى ونواهيه. إلا أنه لما كان نظام الرق موجودا حين جاء الاسلام جاء نظام الاعتاق من الرق، فجاء نظام الحرية لعتق العبيد الذين كانوا. فإذا وجد العبيد يطبق نظام الحرية التي جاء بها الاسلام، وإذا لم يوجد عبيد لا يوجد حرية لأحد مطلقا، بمعنى أن الحرية التي جاء بها الاسلام توجد حين يوجد عبيد لاعتاقهم، وحين لا يوجد عبيد لا توجد .
والحريات التي جاءت بها الحضارة الغربية غير الحرية التي جاء بها الاسلام. الحرية التي ينادي بها الغرب هي الحريات العامة وهي أربع حريات: الحرية الشخصية ، حرية الرأي ، حرية التملك، حرية العقيدة . والاسلام لا يوجد فيه حرية شخصية ، ولا حرية رأي ، ولا حرية تملك ، ولا حرية عقيدة. أما أن الاسلام لا يوجد فيه حرية شخصية فذلك لأن المسلم مقيد في مأكله ومشربه وملبسه وفي جميع افعاله بالاسلام أي هو مقيد في كيفية اشباع جميع غرائزه وحاجاته العضوية بالاحكام الشرعية، ولذلك عُرِّفَ الحكم الشرعي بانه خطاب الشارع المتعلق بافعال العباد. والمسلم مأمور بتسيير جميع أفعاله بالأحكام الشرعية، والقاعدة الشرعية هي أن الأصل في الأفعال التقيد بالحكم الشرعي، والأحكام الشرعية خمسة أنواع هي : الواجب أو الفرض، والمندوب، والمكروه، والحرام ، والمباح. فالمباح هو حكم شرعي أيضا، لأن المباح هو ما دل الدليل السمعي على خطاب الشارع بالتخيير فيه بين الفعل والترك. فلا يوجد حرية شخصية للمسلم لأنه لا يستطيع أن يفعل ما يشاء كيفما يشاء وقتما يشاء وإنما كل ذلك عينته الأحكام الشرعية. وأما حرية الرأي فإن المسلم ليس حرا في رأيه، إذ هو مقيد في كل رأي يقوله بما جاء به الاسلام قال تعالى : { وما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد } وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم ). فالعبد محاسب على كل كلمة يتفوه بها. وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا } ، وقال : { وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن }. وقد أوجب الاسلام قول كلمة الحق في كل زمان ومكان ، ففي حديث عبادة بن الصامت في بيعتهم للرسول صلى الله عليه وسلم : ( وأن نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم )، كما أوجب مجابهة الحكام بالرأي ومحاسبتهم على أعمالهم، قال صلى الله عليه وسلم : ( سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فنصحه فقتله ). وهذا ليس حرية رأي بل هو تقيد بأحكام الشرع، ففي كل الحالات رأي المسلم مقيد بأحكام الشرع سواء في حالات الاباحة أو في حالات الوجوب. واما أن المسلم ليس حرا في عقيدته فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( من بدل دينه فاقتلوه) فالمسلم الذي يرتد يقتل إن لم يتب. وأما حرية التملك فإن الشرع قد قيد التملك باسباب محددة معلومة تعرف باسباب التملك الشرعية، فمثلا لا يحق للمسلم الكسب من الربا او من الاتجار بالمحرمات كالمخدرات او الخمر او لحم الخنزير او الدعارة .

وبناء عليه فالحريات في المفهوم الغربي تتناقض مع الاسلام، لأن الاسلام يقيد المسلم باتباع أوامر الله ونواهيه في كل شأن من شؤون الحياة ، ولا حرية مع وجود القيود، فالمسلم عبد لله تعالى، فهو مقيد بأوامر الله تعالى ونواهيه. وكل ما أسميته حرية في الاسلام باستثناء الحرية التي هي مقابل نظام الرق لا يسمى في الاسلام حرية بل هي أحكام شرعية لا تخرج عن الأحكام الشرعية الخمسة والتي هي الواجب والمندوب والمكروه والحرام والمباح . ووصف الحرية بالواعية أو بالمسؤولة أو بالبارة أو بالصحيحة الملتزمة ، وكذلك القول بالحرية ضمن الضوابط الشرعية يتناقض مع وصف الحرية لأن الحرية تنفي وجود قيود، فإذا وجدت قيود على حرية الانسان انتفت حريته.

وأما قولك ( وقمة الحرية - في التصوّر الإسلامي - قمة العبودية لله، ككفتا ميزان تعلو إحداهما لتهبط الأخرى، كلما قدمت تنازلات في خط العبودية لله كلما تنازلت عن درجة حريتك، وكلما ارتقيت في درجات عبوديتك لله كلما ارتفعت في درجات حريتك ). فيناقض بعضه بعضا ، لأن العلاقة بين الحرية والعبودية لله تعالى بحسب تشبيهك ( ككفتا ميزان تعلو إحداهما لتهبط الأخرى ) يحتم أن تقول : ( كلما قدمت تنازلات في خط العبودية لله كلما ارتفيت بدرجة حريتك، وكلما ارتقيت في درجات عبوديتك لله كلما هبطت في درجات حريتك )، وهذا هو الصحيح ، إذا ارتفعت واحدة هبطت الأخرى ، لأنك إذا تمسكت بعبوديتك لله تعالى ازددت تمسكا بأوامره ونواهيه، بمعنى أن القيود على تصرفاتك تزداد كلما ازددت طاعة لله تعالى وازياد القيود نقصان في درجة الحرية والعكس صحيح. فقولك : ( كلما قدمت تنازلات في خط العبودية لله كلما تنازلت عن درجة حريتك، وكلما ارتقيت في درجات عبوديتك لله كلما ارتفعت في درجات حريتك ) خطأ فوق أنه يتناقض مع التشبيه بكفتي الميزان.


هذا بالنسبة للحرية، أما العدالة فإن مفهوم العدالة في الاسلام يختلف عن مفهومها في الحضارة الغربية، فما يراه الاسلام عدلا ليس هو العدل من منظور الحضارة الغربية، وما تراه الحضارة الغربية عدلا لا يراه الاسلام عدلا، فمثلا الاسلام يعتبر أن تطبيق جميع الأحكام الشرعية يحقق العدل، كقطع يد السارق، وكمنع المرأة من تولي منصب الخلافة، وكاعتبار جميع جسد المرأة عورة باستثناء وجهها وكفيها، واعتبار عورة الرجل ما بين السرة والركبة فقط، وكجعل نصيب المرأة في الميراث نصف نصيب الرجل في حالات ، وكنصيب الرجل في حالات أخرى ، فهذه الأحكام على سبيل المثال لا الحصر تعتبر في منظور الحضارة الغربية ظلما لا عدلا .

صالح عبد الرحمن 11-10-2001 01:09 PM

المساواة بين الرجل والمرأة :

قلت : ( وكرّم المرأة وساواها بالرجل في القيمة الإنسانية والتكليف الشرعي والشخصية القانونية المستقلة ).

فكرة المساواة بين الرجل والمرأة فكرة غربية، إذ أن الغرب كان يهضم المرأة حقوقها الطبيعية باعتبارها انسانا، فطالبت بهذه الحقوق واتخذ هذا الطلب بحث المساواة طريقا لنيل هذه الحقوق. وأما التشريع الاسلامي فلم يجعل مسألة المساواة بين الرجل والمرأة أو عدم المساواة محل بحث ولم يأخذ أي منها في الاعتبار في تشريع الأحكام. فالاسلام حين جعل للمرأة حقوقا، وجعل عليها واجبات ، وجعل للرجل حقوقا، وجعل عليه واجبات، إنما جعلها حقوقا وواجبات تتعلق بمصالحهما كما يراها الشارع ، ومعالجات لأفعالهما باعتبارها فعلا معينا لانسان معين. فجعلها واحدة حين تقتضي طبيعتها الانسانية جعلها واحدة، وجعلها متنوعة حين تقتضي طبيعة كل منهما التنوع. وهذه الوحدة في الحقوق والواجبات لا يطلق عليها مساواة كما لا يطلق عليها عدم مساواة ، كما ان ذلك التنوع في الحقوق والواجبات لا يراد منه عدم مساواة أو مساواة ، لأنه حين ينظر إلى الجماعة رجالا كانت أو نساء إنما ينظر إليها باعتبارها جماعة إنسانية ليس غير، ومن طبيعة هذه الجماعة الانسانية أن تحوي الرجال والنساء ، قال الله تعالى : { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء}. وعلى هذه النظرة شرع التكاليف الشرعية، وبحسب هذه النظرة جعل الحقوق والواجبات للرجال والنساء.
من هنا يتبين أيضا أن فكرة المساواة بين الرجل والمرأة بمعنى المساواة في الحقوق والواجبات فوق أنها تتناقض مع التشريع الاسلامي هي فكرة خيالية أي مستحيلة التطبيق في الواقع، إذ أن الرجل والمرأة وإن كانا مشتركين في الطبيعة الانسانية إلا أنهما مختلفان في الطبيعة الجنسية، فالرجل إنسان والمرأة إنسان لكن كل منهما من نوع يختلف عن نوع الآخر، وهذا الاختلاف يحتم إختلاف المعالجات، فمثلا المرأة تحمل وتلد وترضع وهذه تحتاج إلى احكام تنظمها ، فلأجل تحقيق المساواة بينهما فإما أن نضع للرجل نفس هذه الأحكام أوأن نمنع المرأة من الحمل والولادة والرضاعة.


وبناء عليه فإن الصورة التي حاولت رسمها للاسلام من خلال موضوعك وبالألفاظ والتراكيب التي استعملتها في التعبير عن افكارك هي صورة غامضة يمكن أن تختلط من خلالها مفاهيم الاسلام بمفاهيم الغرب عن الحياة .

صلاح الدين 11-10-2001 01:59 PM

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

إن تخوف الأخ (صالح عبد الرحمن) من أن يخلط -أي كاتب- بين مفاهيم الإسلام والمفاهيم الغربية، في محله، لاسيما في هذه الظروف الصعبة التي يستهدف فيها الغرب بكل قوته ورموزه كل ما يمت إلى الإسلام والمسلمين بصلة. وموضوع الخلط بين ما هو إسلامي وما هو غربي خطير ويستوجب أن يفرد له موضوع مستقل.

غير أنه أخطأ في ظنه بأنني وقعت فيما يتخوف منه، وما ناقشه –مقتطَعاً- من مشاركتي وعلق عليه في مشاركته، لا تشير إلى مذهبه لا من قريب ولا من بعيد، لاسيما وقد اعتمد على قاعدة (مفهوم المخالفة) وهي قاعدة محل خلاف بين علماء الأصول (الأصوليين)، فالقول بأن فتح أندونيسيا أسلوب حضاري لا يعني في حال من الأحوال بأن الأساليب الأخرى التي اتبعها المسلمون لم تكن حضارية، وأصل موضوعي إبراز دور الإسلام في كل خير تبنته الإنسانية لاحقاً وحتى اليوم.

وأخطأ كذلك في فهمه للحرية وللتفرد في الحكم، وما ذكره عن (المرأة) غريب عما كتبته.

أما السطرين الأخيرين من مداخلته، فأعتبرهما سبْق لسان، إذ لا يعقل أن تكون باكورة ما يكتبه مشارك تشكيكاً في موضوع محدد العنوان والسياق والهدف.

وأتابع ما بدأت به عن دورنا في إبراز دور الإسلام الحضاري، فأقول:

(شمس العرب تسطع على الغرب)

كانت أبواب العالم الإسلامي مفتوحة المصراعين أمام قوافل التجار وأفواج الرحالة والحجاج المسلمين القاصدين بيت الله الحرام, والزوّار المسيحيين القاصدين بيت المقدس.

وكانت مساجد الحواضر الإسلامية الكبرى ومدارسها (جامعاتها) محجة طلاب العلم من جميع الأجناس والبلدان والأديان، من الأندلس وإفريقية إلى مصر والشام، في بغداد والبصرة وأصفهان وبخارى وسمرقند، وغيرها، تتواصل مع مدن (بلرم) و(سالرنو) و(ومازرة) في صقلية والجنوب الإيطالي، وتتشابك مع حلقات القيروان وفاس ومراكش في إفريقية، وقرطبة وإشبيلية وبلنسية ومرسية وغرناطة في الأندلس.

ولما استولى النورمان على صقلية سنة (495هـ/ 1102م) بزعامة روجيه الأول, وامتد الغزو الإسباني بعدئذ في الأندلس وتم الاستيلاء على طليطلة وإشبيلية وبلنسية وقرطبة, بقيت شهرة هذه المدن بمدارسها وعلمائها في أوروبا كلها، وحظيت برعاية ملوك إسبانيا لاسيما ملك قشتالة ألفونسو العاشر، فقد كان محبا للعلم, وعرف بالملك الحكيم. وقد أنشأ في مرسية مدرسة للترجمة وتولى الترجمة فيها من العربية إلى اللاتينية مترجمون, من مسلمين ونصارى ويهود.
وفي صقلية احتفظ روجيه الأول بالإداريين والكتّاب المسلمين لدورهم في إدارة البلاد ورعاية شؤونها، واحتفظ بالنظام الإداري الذي أقامه المسلمون في دولهم السابقة, وسار ابنه روجيه الثاني سيرته, وفي عهده استمرت الحركة العلمية في نشاطها, وكان أبرزها ما قام به الشريف الإدريسي من أبحاث في الفلك والجغرافية وتأليفه كتابا في الفلك الجغرافي أهداه إلى (روجيه) وعرف باسم (كتاب روجيه) أو (الروجيري).

وفي سنة (601هـ/ 1205م) آلت جزيرة صقلية إلى الملك الألماني فردريك الثاني فازداد برعايته نشاط الحركة العلمية وولع بالعلماء العرب في مصر والشام فكان يتصل بهم ويستطلع منهم عما يشكل عليه, من ذلك أنه أرسل إلى صديقه (الملك الكامل) الأيوبي عدة مسائل في الهندسة والرياضة فبعث بها إلى علم الدين قيصر بن أبي القاسم الأسفوني المعروف بقيصر تعاسيف (ت650هـ) فكتب جوابها, وكان قيصر أشهر من أنجبت مصر والشام من الرياضيين.

وقد أنشأ فردريك معاهد للعلم في (بلرم) عاصمة الجزيرة وفي (سالرنو) و (نابولي) وكان يفد إليها كثير من طلاب العلم والمعرفة يتلقونها عن علماء عرب يقيمون تحت رعايته, وفيها كانت تترجم إلى اللغة اللاتينية كثير من كتب العرب. ولم يحمل بلاط ألفونسو العاشر وفردريك الثاني من الطابع المسيحي إلا الاسم, إذ غلب عليهما طابع الحضارة الإسلامية بنظامها الاجتماعي والإداري ومنهجيتها العلمية.

وفي مستهل القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) بدأ إنشاء الجامعات في أوروبا. ففي عام 1211م أنشئت جامعة باريس, وفي عام 1215م جامعة أوكسفورد, وفي عام 1221م جامعة مونبيلية بفرنسا، وفي عام 1228م جامعة (سلمنكا) بإسبانيا, وفي عام 1230م أنشئت -بمساعي الملك فردريك الثاني- جامعة في (بلرمو) و(بادوفا)، وفي عام 1232م أنشئت جامعة كمبريدج, وتوالى بعد ذلك إنشاء الجامعات الأوروبية التي ورثت علماء العرب وعلومهم.

ولئن افتخر الغربيون بسقراط وأفلاطون وأرسطو وأرخميدس وأيبوقراط وجالينوس وبطليموس وغيرهم من عباقرة اليونان، فإن البشرية تدين للرواد العرب في العلم التجريبي كالكندي والرازي والبتّاني وابن سينا والفارابي وابن الهيثم والبيروني وابن النفيس والزهراوي وابن زهر وابن رشد وابن طفيل وابن باجة وابن البيطار وغيرهم من الذين لم يكتفوا بالنقل والترجمة –كما يتهمهم الجهلة- وإنما أضافوا إلى المعرفة البشرية منهجية علمية ونتائج صحيحة ما زال عالم اليوم عالة عليها –كما تشهد على ذلك آثارهم ونتائجهم العلمية.

=يتبع=

[ 14-10-2001: المشاركة عدلت بواسطة: صلاح الدين ]

YARA 11-10-2001 06:28 PM

السلام عليكم
الأخ الفاضل صلاح الدين ،
بارك الله بك ، على هذا الموضوع القيم ،،
فنحن بحاجة إلى يقظة ولو متأخرة ، لنرفع الانسان أولا من التقصير والتجهيل ،
في ظل تحقيق الحرية وصيانتها نصا وواقعا ، والعمل على نشر العلم لانه فريضة ،
وما مساهمات المسلمين العلمية في الماضي والحاضر إلا دليل على أن شمس العرب تسطع
على الغرب والشرق وفي كل مكان ،،،، .

صلاح الدين 11-10-2001 08:38 PM

السلام عليكم

أخت (YARA) شكر الله لك المتابعة والتشجيع.

صالح عبد الرحمن 12-10-2001 11:50 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ صلاح الدين

ناقشت " بفتح التاء " تعقيبي من خلال استعمال صيغة الغائب ( هو ) موجها خطابك للأعضاء وليس لي ، لكني كما فعلت في تعقيبي الأول سأخاطبك مباشرة ، فأسلوبي من جنس غايتي .

أولا- ورد في تعقيبك ما نصه : ( غير أنه أخطأ في ظنه بأنني وقعت فيما يتخوف منه، وما ناقشه –مقتطَعاً- من مشاركتي وعلق عليه في مشاركته، لا تشير إلى مذهبه لا من قريب ولا من بعيد، لاسيما وقد اعتمد على قاعدة (مفهوم المخالفة) وهي قاعدة محل خلاف بين علماء الأصول (الأصوليين)، فالقول بأن فتح أندونيسيا أسلوب حضاري لا يعني في حال من الأحوال بأن الأساليب الأخرى التي اتبعها المسلمون لم تكن حضارية، وأصل موضوعي إبراز دور الإسلام في كل خير تبنته الإنسانية لاحقاً وحتى اليوم ) .

1- تقول أن قاعدة ( مفهوم المخالفة ) محل خلاف بين علماء الأصول ، وتقول في نفس الوقت : ( فالقول بأن فتح أندونيسيا أسلوب حضاري لا يعني في حال من الأحوال بأن الأساليب الأخرى التي اتبعها المسلمون لم تكن حضارية ) فأنت لم تقل بأن العمل بمفهوم المخالفة غير صحيح أو أنه لا يعمل به وإنما قلت أنه محل خلاف، ولكنك مع ذلك قد نفيت نفيا مطلقا إمكانية أن يفهم مما قلت أن الأساليب الأخرى غير حضارية.

2- العضو المشارك مهند 2 قال في مشاركته : ( السؤال هو اين دورنا في رسم صورة صحيحة عن الاسلام الجواب نستطيع ان ناخذه( من فتح اندونيسا) فقد فتحت من غير سيف ، فمن وكيف وبما ؟ ).
وكان تعقيبك عليه هو : ( أشكر للأخ مهند مداخلته وإجابته الداعية إلى الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، واستخدام الأساليب الحضارية كما في فتح أندونيسيا ).

فأنت قد وصفت الفتح بغير السيف بأنه استخدام للأساليب الحضارية ، ومفهوم المخالفة في الصفة يعمل به ، ويوجد ما يدل على أن الصحابة رضوان الله عليهم قد عملوا بمفهوم المخالفة ، ومن ذلك أنهم اتفقوا على أن قوله صلى الله عليه وسلم ( إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ) ناسخ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( الماء من الماء ) ولولا أن قوله : ( الماء من الماء ) يدل على نفي الغسل من غير انزال لما كان ناسخا له، فدل على أن مفهوم المخالفة معمول به ، إذ معنى قوله ( من الماء ) أي من إنزال الماء .

3- أما قولك ( وأصل موضوعي إبراز دور الإسلام في كل خير تبنته الإنسانية لاحقاً وحتى اليوم )

فأيضا اقول لك بأن الجهاد في سبيل الله تعالى هو من الخير الذي قدمه الاسلام للانسانية ، لأن الجهاد هو الطريقة الشرعية التي انتشر بواسطتها الاسلام في معظم المناطق التي وصلها الاسلام، ولولا الجهاد لما أصبحت بلاد الشام والعراق وفارس ومصر على سبيل المثال لا الحصر بلادا اسلامية ولما أصبح أهل هذه المناطق بغالبيتهم العظمى مسلمين، إذ أن تطبيق الاسلام تطبيقا فعليا على أهل هذه البلاد كان هو الطريقة العملية التي لمسوا من خلالها عدل الاسلام وشاهدوا من خلالها أحكام الاسلام مطبقة في معترك الحياة، فدفعهم ذلك إلى المقارنة بين حياتهم السابقة وبين حياتهم في ظل الدين الجديد فاعتنقوه عن قناعة لا بالاكراه.

صالح عبد الرحمن 12-10-2001 11:53 PM

ثانيا- ورد في تعقيبك : ( وأخطأ كذلك في فهمه للحرية وللتفرد في الحكم، وما ذكره عن (المرأة) غريب عما كتبته ).

1- بالنسبة للحرية ما ورد في تعقيبي هو :
( مسألة الحرية في الاسلام أفردت لها مساحة واسعة في موضعك، وكذلك العدالة ، ولأن الحرية وكذلك العدالة مصطلحان يختلف مفهومهما باختلاف وجهة النظر في الحياة كان لا بد من بيان وجود فرق واختلاف كبير بين مدلول الحرية التي جاء بها الاسلام وبين الحريات العامة التي جاء بها الغرب ، وكذلك وجود فرق بين العدالة في المفهوم الاسلامي والعدالة في المفهوم الغربي ) .

فما قلته في تعقيبي هو أنه يجب بيان وجود فرق بين مفهوم الحرية في الاسلام وبين مفهومها في الحضارة الغربية ، فلم أقل ان مفهومك للحرية هو نفس المفهوم الغربي ، أنت لم تبين وجود فرق وأنا قمت ببيانه حتى لا يحصل خلط في الأذهان بين المفهومين، وهذا البيان واجب لأن المصطلح الغربي موجود ، والدعاية الواسعة التي تهدف للتأثير في الرأي العام في العالم الاسلامي إنما هو للمفهوم الغربي، فطرح الحرية والقول بأن الاسلام ينادي بالحرية من دون بيان وجود فرق بين المفهوم الغربي والمفهوم الاسلامي يؤدي إلى الخلط، والحيطة واجبة. فما هو الخطأ في أن أقوم ببيان وجود فرق واختلاف بين المفهومين ؟!

ورد في تعقيبي أيضا : ( وكل ما أسميته حرية في الاسلام باستثناء الحرية التي هي مقابل نظام الرق لا يسمى في الاسلام حرية بل هي أحكام شرعية لا تخرج عن الأحكام الشرعية الخمسة والتي هي الواجب والمندوب والمكروه والحرام والمباح . ووصف الحرية بالواعية أو بالمسؤولة أو بالبارة أو بالصحيحة الملتزمة ، وكذلك القول بالحرية ضمن الضوابط الشرعية يتناقض مع وصف الحرية لأن الحرية تنفي وجود قيود، فإذا وجدت قيود على حرية الانسان انتفت حريته ).

فأنت في موضوعك قد تحدثت عن الحرية في الاسلام، وقمت باطلاق وصف الحرية على بعض الأحكام الشرعية ، ووصفت الحرية بالواعية وبالبارة .. إلخ وقمت أنا بنقد ذلك كله فإما أن يكون انتقادي خطأ أو يكون صوابا، فإذا كان خطأ فالأولى أن تقوم ببيان وجه الخطأ حتى يتضح الصواب لا أن تكتفي بالقول بأن فهمي للحرية خطأ.

وأيضا ورد في تعقيبي ما نصه : ( وأما قولك ( وقمة الحرية - في التصوّر الإسلامي - قمة العبودية لله، ككفتا ميزان تعلو إحداهما لتهبط الأخرى، كلما قدمت تنازلات في خط العبودية لله كلما تنازلت عن درجة حريتك، وكلما ارتقيت في درجات عبوديتك لله كلما ارتفعت في درجات حريتك ). فيناقض بعضه بعضا ، لأن العلاقة بين الحرية والعبودية لله تعالى بحسب تشبيهك ( ككفتا ميزان تعلو إحداهما لتهبط الأخرى ) يحتم أن تقول : ( كلما قدمت تنازلات في خط العبودية لله كلما ارتقيت بدرجة حريتك، وكلما ارتقيت في درجات عبوديتك لله كلما هبطت في درجات حريتك )، وهذا هو الصحيح ، إذا ارتفعت واحدة هبطت الأخرى ، لأنك إذا تمسكت بعبوديتك لله تعالى ازددت تمسكا بأوامره ونواهيه، بمعنى أن القيود على تصرفاتك تزداد كلما ازددت طاعة لله تعالى وازياد القيود نقصان في درجة الحرية والعكس صحيح. فقولك : ( كلما قدمت تنازلات في خط العبودية لله كلما تنازلت عن درجة حريتك، وكلما ارتقيت في درجات عبوديتك لله كلما ارتفعت في درجات حريتك ) خطأ فوق أنه يتناقض مع التشبيه بكفتي الميزان ).

السؤال هنا هو : أين الخطأ في كل ما ورد في هذه الفقرة ؟


2- أما بالنسبة للتفرد في الحكم ، فما وردت في موضوعك هذا نصه : ( وما من شك بأن التفرد والاستبداد كارثة على الشعوب، والاستبداد يضيق بالنقد والنصح والحسبة، والتفرّد يغتال المواهب، ويقضي على الإبداع، ويزرع الرعب حتى يصبح المواطن خائفاً من أقرب المقربين إليه، لا يأمن من نفسه على نفسه، ولهذا صار الحكم الفردي عاراً على أصحابه، ووصمة سلبية في جبين الإنسانية، وعقبة كأداء تحول بين الإنسان والبناء الحضاري، وأي حياة هذه بدون حرية واعية، وشورى ناضجة، وسلطان يحفظ للإنسان كرامته؟ والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: (إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له: إنك أنت ظالم، فقد تُودّع منها) ).

فأنت هنا قد ربطت بين الحكم الفردي والاستبداد ، ثم قلت أن الحكم الفردي أصبح عارا على أصحابه ، ووصمة سلبية في جبين الإنسانية، وعقبة كأداء تحول بين الإنسان والبناء الحضاري. وهذا خطأ ، فقمت بتصويب مفهومك عن الحكم الفردي وعن الاستبداد، من حيث أن الحكم الفردي الذي تهاجمه موجود في الاسلام ، ومن حيث أن الربط بين الحكم الفردي والاستبداد خطأ، فقد ورد في تعقيبي ما نصه :

( شكل الحكم في الاسلام ليس استبداديا ولا ديموقراطيا، إذ هو شكل فريد لا يشبه أي نظام ولا يشبهه أي نظام. والقيادة في الاسلام فردية وليست جماعية ، قال صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لثلاثة بفلاة من الأرض إلا أمروا احدهم ) فالرئاسة أو الامارة أو القيادة في الاسلام فردية وليست جماعية. وكون القيادة فردية لا يعني أن الحكم في الاسلام ديكتاتوري، فالفردية لا تساوي الديكتاتورية، والذي يرفض الديموقراطية لا يعني بالضرورة أنه ينادي بالديكتاتورية، فالاسلام يتناقض مع الديموقراطية كما يتناقض مع الديكتاتورية، فهو نظام فريد ) .

فالأولى بك ان لا تكتفي بالقول ان فهمي للحكم الفردي خطأ ، بل الصواب هو ان تبين وجه الخطأ في كل ما ورد في ردي على موضوعك بخصوص ما قلته أنت عن الحكم الفردي. فبإمكان اي واحد ان يصف افكار غيره بأنها خطأ من دون أن يبين وجه الخطأ فيها ، لكن هذا لا يكفي لنقض الفكر، وليس هو أيضا الطريقة الصحيحة في تمحيص الأفكار لأجل اخذ الصواب وترك الخطأ، والارتقاء لا يمكن أن يحصل إلا بدوام البحث والتنقيب عن الحقائق .


3- أما قولك ( وما ذكره عن (المرأة) غريب عما كتبته ).
ما ورد في تعقيبي هو نقض لفكرة المساواة بين الرجل والمرأة من حيث أنها فكرة غربية ، وخيالية غير قابلة للتطبيق، ومن حيث أن التشريع الاسلامي لم يأخذ مسألة المساواة او عدم المساواة في الاعتبار في تشريع الأحكام . وهذا داخل في صلب ما كتبته أنت ، فأنت قد قلت ما نصه : ( وكرّم المرأة وساواها بالرجل في القيمة الإنسانية والتكليف الشرعي والشخصية القانونية المستقلة ).
فهل ما ورد في تعقيبي غريب عما كتبته أنت ، ألا يفهم من منطوق ما كتبته أنت أن الاسلام ساوى بين الرجل والمرأة ؟!

صالح عبد الرحمن 12-10-2001 11:56 PM

ثالثا- قلت : ( أما السطرين الأخيرين من مداخلته، فأعتبرهما سبْق لسان، إذ لا يعقل أن تكون باكورة ما يكتبه مشارك تشكيكاً في موضوع محدد العنوان والسياق والهدف ).

السطران الأخيران هما : ( وبناء عليه فإن الصورة التي حاولت رسمها للاسلام من خلال موضوعك وبالألفاظ والتراكيب التي استعملتها في التعبير عن افكارك هي صورة غامضة يمكن أن تختلط من خلالها مفاهيم الاسلام بمفاهيم الغرب عن الحياة ) .

أولا حكمي هذا الذي أصدرته هو حكم على موضوعك لا على نواياك ، فلم أقل انك تقصدت إعطاء صورة غامضة ، ولا قلت أن القصد من وراء هذا الغموض هو الخلط بين مفاهيم الاسلام ومفاهيم الكفر. ثانيا حكمي على الموضوع أو على الصورة التي رسمها الموضوع عن الاسلام بأنها غامضة ويمكن أن تختلط فيها مفاهيم الاسلام بمفاهيم الغرب عن الحياة مدعم بالأدلة، والأدلة هي كل ما سبق السطرين الأخيرين، فليس هو حكم خال من الدليل. ثالثا على الرغم من أنك خلطت فعلا بين مفاهيم الاسلام ومفاهيم الغرب عن الحياة إلا أنني قلت : ( هي صورة غامضة يمكن أن تختلط من خلالها مفاهيم الاسلام بمفاهيم الغرب عن الحياة ) فاستعملت كلمة ( يمكن ) وذلك حتى لا أثير في نفسك العزة بالاثم ، وحتى لا تحمل حكمي على محمل الاتهام لكنك مع ذلك فعلت . رابعا لو تضمن موضوعك ما يشير إلى أن هدفك أو قصدك الخلط بين الاسلام والكفر لما ترددت في فضح دوافعك مدعما اتهامي بالدليل . خامسا كون نواياك حسنة وهي إعطاء صورة جميلة أو مشرقة عن الاسلام لا يعني بالضرورة أن تنجح في رسم الصورة الصحيحة عن الاسلام، كما لا يعني أنه يحرم على الآخرين القيام بنقد أو بنقض أو بلفت النظر إلى الأخطاء التي وقعت فيها، لا سيما إذا كانت هذه الأخطاء قد أدت إلى غير الغاية التي أردت تحقيقها أو إلى رسم صورة مغلوطة عن الاسلام. سادسا العقل يجب أن يسبق اللسان والفعل ، وبغير ذلك لا يمكن لنا أن نتلمس طريق نهضتنا.


رابعا- ورد في تعقيبي : ( استعملت كلمات الحضارة والبناء الحضاري والاسلوب الحضاري والانسان المتحضر لكنك لم توضح مفهوم الحضارة ، أي لم تضع مفهوما واضحا ومحددا للحضارة، والتحديد مهم لأجل فهم كثير من الأفكار التي وردت في موضوعك ).

ومع أهمية التوضيح إلا أنك قد تجاهلت هذه الملاحظة .


خامسا- يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به )، فالأصل أن نخضع ميولنا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لا أن نخضع الاسلام لأهوائنا ، فالاسلام يجب أن يفهم بحسب دلالة نصوصه لا بحسب ما نحب أن يكون ، فمثلا يوجد رأي عام عالمي ضد مفهوم الجهاد في الاسلام أو ضد موقف الاسلام من تولية المرأة للحكم ، فلا يصح أن يكون حبنا للاسلام دافعا لأن نؤل نصوص الاسلام لتتفق مع الرأي العام على الرغم من مناقضته للاسلام.

صالح عبد الرحمن 13-10-2001 12:02 AM

ملاحظة تتعلق ببعض المشاركات في المنتديات على اختلافها :

الواجب أن تستخدم المنتديات الفكرية وسيلة للارتقاء الفكري ، فالأصل في كل مشاركة من أي عضو أن تخدم هذا الهدف، لا ان تكون المشاركة مجرد انتصار للفكر أو للشخص صاحب الفكر ، فإذا كان هناك خلاف فكري حول مسألة من المسائل، فالأصل في المشارك سواء أكان مؤيدا أم معارضا للفكرة المطروحة أن يعرب عن تأييده او عن اعتراضه بالحجة والبينة لا أن يكتفي بتاييد رأي فلان، او بالاعتراض على رأي علان وإلا كان التأييد أو الاعتراض عصبية أي تعصبا أعمى للفكرة أو يكون انتصارا للشخص لا للفكر . والتعصب يعمي عن رؤية الحقائق ، والانتصار للأشخاص يرسخ مفهوم الشللية والتمحور حول الأشخاص بدل الأفكار.
نعم لخدمة أغراض دعائية أو في حالات الاستفتاء أو ما شابه ذلك يطلب من الشخص أن يؤيد أو ان يعترض فقط، لكن في النقاش الفكري المطلوب من العضو المشارك أن يؤيد بالحجة وبالدليل ، وأن يعترض بالحجة والدليل، أي فكر مقابل فكر ، وحجة مقابل حجة، هكذا يحصل التفاعل بين الأفكار ، وبهذه الطريقة يهتدي الانسان إلى الحقائق ، ويستطيع بها ان يتبين الصواب من الخطأ، وبذلك فقط يحصل الارتقاء الفكري، فهذا هو طريق النهوض.

صالح عبد الرحمن 13-10-2001 01:03 AM

ورد في مشاركتك الأخيرة ما نصه : ( وأتابع ما بدأت به عن دورنا في إبراز دور الإسلام الحضاري، فأقول: ( شمس العرب تسطع على الغرب) ..

الشمس التي سطعت على العرب والعجم هي شمس الاسلام ، فقد كان العرب موجودين قبل الاسلام ومع ذلك لم تكن لهم شمس تسطع لا عليهم ولا على غيرهم، وظل العرب موجودين بعد أن أساؤوا فهم الاسلام وبعد أن تخلوا عن تطبيقه وعن حمله، ومن ذلك الوقت لم نر لهم شمسا تسطع لا عليهم ولا على غيرهم. فالشمس التي سطعت على الانسانية جمعاء هي شمس الاسلام، فالصواب أن تقول ( شمس الاسلام تسطع على الغرب ) أو تقول ( شمس المسلمين تسطع على الغرب ) أو تقول ( شمس الاسلام تسطع على الانسانية ) وهذا التعبير الأخير هو أدق التعابير لأن النور هو الاسلام الذي حمله المسلمون عربا وعجما للانسانية جمعاء .

YARA 13-10-2001 11:07 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ صالح عبد الرحمن ،،
أولا نرحب بك مشاركا جديدا في الخيمة الإسلامية التي هي جزء مهم من الخيمة العربية ،،،
ومناقشتك ( بفتح الكاف) ومناقشة أي عضو من الأعضاء مهمة سواء كان الأمر قبول بفكر الآخر ،
أو اعتراض على بعض ما عنده أو
حتى اعتراض كلي ، طالما لا يمس الأمر أساس عقيدتنا ،،،

ملاحظتك فيما يتعلق بالمشاركة في المنتديات مهمة أيضا ، وما كتابة الغالبية العظمى إلا للمناقشة في حال
كانت المناقشة بين المستويات الفكرية متقاربة ، أو لإغناء المعلومات في حال افتقار الفكر لهذا النوع ( أي كان)
من المعلومات ،
ومن حقك ومن حقي ومن حق أي عضو أن يناقش ويعترض ويقبل ،
كما من حقك ومن حقي ومن حق أي عضو أن
يعجب بفكر أو فكرة أو طرح أو هذا بعيد كل البعد عن ما أسميته تعصبا لشخص ،
فما يناقش هنا هو التالي ( دورنا في رسم صورة صحيحة عن الإسلام )
ولا ننقاش خلافات مذهبية حتى يكون هناك حجة مقابل حجة ،
الفكر الإسلامي يحتمل التنوع والتطور والرؤى المختلفة ، وما الحركات الإسلامية إلا خير دليل على هذا التنوع
واكرر دون ان تمس العقيدة .

ولي سؤال لو سمحتم :قلتم : وكون القيادة فردية لا يعني أن الحكم في الاسلام ديكتاتوري، فالفردية لا تساوي الديكتاتورية .

أليس الحكم في الإسلام شورى ؟ ألا يحاسب الحاكم المسلم على اخطائه ؟ أليس هناك من ينصح ويرشد ويؤخذ برأيه ؟
إذا ألا يجب أن نبعد منطق الفردية في الحكم ؟

صلاح الدين 14-10-2001 09:47 AM

أخت يارا

أشكر لك اهتمامك وحِلْمك.
وأتابع الموضوع في أقرب فرصة إن شاء الله.


صالح عبد الرحمن 14-10-2001 06:58 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخت الفاضلة يارا

بداية أشكرك على الترحيب وعلى التعقيب، وارجو المعذرة عن تأخري في الرد .

من حق كل عضو أن يؤيد وأن يرفض، لكن الاقتصار على التأييد او الرفض لا يساعد في الوصول إلى كون هذا الفكر حقيقة أم ليس بحقيقة أو في كونه صائبا ام خاطئا. والفكر لا يكون حقيقة إلا إذا طابق الواقع، وإدراك ذلك يتطلب إدراك واقع الفكر وتصور مدلوله ومن ثم مطابقته على واقعه الذي يدل عليه، فإن انطبق عليه كان حقيقة وإن لم ينطبق عليه لم يكن حقيقة، والمناقشة الفكرية هي التي تبلور الفكر أي هي التي تمكن العقول من إدراك واقع الفكر ومن تصور مدلوله ، وبواسطتها تجري عملية مطابقة الفكر على واقعه الذي يدل عليه. والحجج أو البراهين تتعلق ببلورة الفكر من ناحية ، وبانطباقه أو عدم انطباقه على واقعه من ناحية أخرى. وليست الحجج أو البراهين خاصة بالخلافات المذهبية ، فكل فكر سواء اكان مذهبيا ام مبدئيا ، فرعيا أم أساسيا، في العقيدة أم في الأحكام الشرعية، وسواء أكان فكرا بحتا أم كان فكرا سياسيا أم فكرا تشريعيا، لا بد له من دليل يثبت صحته أو يرجح صوابه. وتأييد الناس للفكر ليس دليلا على صحته ، وكذلك اعتراضهم أو رفضهم للفكر ليس دليلا على بطلانه ، قال تعالى : { وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } .فالاقتصار على إظهار التأييد او الرفض لا يخدم بلورة الأفكار المطروحة ، ولا يساعد في تمحيصها. وإنما يخدم أغراض أخرى كالترويج لفكر أو شخص ، أو في مقاومة فكر أو شخص بغض النظر عن إن كان الفكر حقا ام باطلا، وبغض النظر عن إن كان هذا الشخص على حق أم على باطل.


أما قولك : ( الفكر الإسلامي يحتمل التنوع والتطور والرؤى المختلفة ، وما الحركات الإسلامية إلا خير دليل على هذا التنوع واكرر دون ان تمس العقيدة ).

فبالنسبة لاحتمال الفكر الاسلامي للتنوع فإن نصوص الاسلام منها ما هو قطعي ومنها ما هو ظني، فالظني منها يحتمل تعدد الأفهام، واما القطعي والذي هو قطعي الثبوت قطعي الدلالة فلا يحتمل إلا رأيا واحدا أو فهما واحدا. والرسول صلى الله عليه وسلم قد أقر اختلاف الصحابة في فهم النص الظني. فالأحكام الشرعية الظنية يجوز إلاختلاف فيها ، واما القطعية فليس فيها إلا رأيا واحدا متعينا .

وأما شرط التنوع والذي أوردتيه في عبارة : ( واكرر دون ان تمس العقيدة ) فإن هذا الشرط يحتاج إلى تفصيل أكثر ، وذلك كما يلي :

يجب التفريق بين الأفكار وبين الأحكام الشرعية، الفكر هو تعبير عن واقع، أو هو وصف للواقع، وأما الحكم الشرعي فهو معالجة للوقع، فالحكم الشرعي وإن كان فكرا إلا أنه معالجة للواقع لا تعبيرا عنه وذلك كتعريفنا العقل بأنه : ( نقل الواقع إلى الدماغ بواسطة الحواس ووجود معلومات سابقة يفسر بواسطتها الواقع )، وكتعريفنا للمجتمع بأنه ( ناس وأفكار ومشاعر وأنظمة ) . والشرط في أخذ الفكر هو أن لا يتعارض مع الاسلام ، فليس شرطا ان يتم أخذه من نصوص الاسلام، بل الشرط هو أن لا يتناقض مع نصوص الاسلام، ويدخل في ذلك العلوم والفنون ، والصناعات والمخترعات وما شاكلها. وأما الأحكام الشرعية فهي معالجات أفعال الانسان، أي هي الكيفية التي يجب على الانسان أن يتبعها في إشباع غرائزه وحاجاته العضوية، وهي أي الأحكام الشرعية خمسة انواع : الفرض أو الواجب، والمندوب ، والمكروه ، والحرام ، والمباح . ولا يوجد فعل من أفعال الانسان إلا وله حكم يستنبط من الأدلة الشرعية، ولا يعتبر الحكم حكما شرعيا إلا إذا كان مستنبطا من الدليل الشرعي، فلا يجوز أخذ أي حكم إلا إذا كان مأخوذا من كتاب الله أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم او مما أرشدا إليه من أدلة. وكل أخذ لأي حكم لم يستنبط من الأدلة الشرعية هو تحاكم إلى الطاغوت.

وعليه فالفرق بين الأفكار والأحكام الشرعية من حيث واقعها هو :
الفكر تعبير عن واقع، وأما الحكم الشرعي فهو معالجة للوقع، فالحكم الشرعي وإن كان فكرا إلا أنه معالجة للواقع لا تعبيرا عنه، فالقول بأن هذا خمر لأنه مسكر هذا فكر، وأما القول بأن المسكر لا يجوز شربه فهذا حكم شرعي . والقول بأن الحكم هو رعاية مصالح الناس هذا فكر، وأما القول بأن المرأة لا يجوز ان تتولى الحكم فهذا حكم شرعي، وهكذا فالفكر تعبير عن واقع ، وأما الحكم الشرعي فهو معالجة للواقع .

وأما الفرق بينهما من حيث المصدر فهو :
الأحكام الشرعية مصدرها فقط الأدلة الشرعية أي الكتاب والسنة وما أرشدا إليه من أدلة ، وأما الأفكار في غير العقيدة والأحكام الشرعية فلا يشترط اخذها من الأدلة الشرعية لكن يشترط عدم مخالفتها للأدلة الشرعية، فعبارة ( دون أن تمس العقيدة ) شرط لأخذ الفكر فقط ، وأما الحكم الشرعي فيشترط لأخذه أن يؤخذ مباشرة من العقيدة أي من الاسلام . فتعدد الرأي بالنسبة للأفكار شرطه ان لا تتناقض الآراء المختلفة مع الاسلام، وشرطه بالنسبة للأحكام الشرعية أن يكون كل حكم شرعي مستنبطا من الدليل الشرعي، فالقول بأن لمس المرأة ينقض الوضوء حكم شرعي مستنبط من الدليل الشرعي باجتهاد صحيح، والقول بأن لمس المرأة لا ينقض الوضوء هو أيضا حكم شرعي مستنبط من الدليل الشرعي باجتهاد صحيح، واختلاف الفهم في المسألة الواحدة ناتج عن كون دليل هذه المسألة ظنيا.

وأما سؤالك حول نظام الحكم في الاسلام فسوف آتيك بالتوضيح فور الانتهاء منه إن شاء الله تعالى .

[ 15-10-2001: المشاركة عدلت بواسطة: صالح عبد الرحمن ]

صالح عبد الرحمن 17-10-2001 03:03 PM

السلطان أو الحكم هو رعاية مصالح الناس، والحاكم أو السلطان هو صاحب الصلاحية أي هو من يملك الصلاحية في تصريف شؤون الناس أو في رعاية مصالحهم. والصلاحية تعطى في الاسلام لواحد وليس لجماعة، فقد روي عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا عليهم أحدهم ) وروى عبد الله عن عمران أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يحل لثلاثة بفلاة من الأرض إلا أمروا احدهم )، وكلمة ( أحد ) هي كلمة واحد ، وهي تدل على العدد، أي واحدا ليس أكثر ، ويفهم ذلك من مفهوم المخالفة لكلمة ( أحدهم ) ومفهوم المخالفة في العدد والصفة يعمل به بدون نصّ، مثل قوله تعالى : { قل هو الله أحد } أي لا ثاني له. ولا يعطل مفهوم المخالفة إلا إذا ورد نصّ يلغيه. مثل قوله تعالى : { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن اردن تحصنا } فإن مفهوم المخالفة لهذه الآية أنه إن لم يردن تحصنا يكرهن على البغاء ، لكن مفهوم المخالفة هذا معطل بقوله تعالى : { ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا } . فإذا لم يرد نصّ يلغي مفهوم المخالفة فإنه حينئذ يعمل به ، مثل قوله تعالى : { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } فالجلد في الآية قيد بعدد مخصوص وهو مائة جلدة، وتقييده بهذا العدد المخصوص يدل على عدم جواز الزيادة على المائة جلدة. وعلى ذلك فإن قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( فليؤمروا عليهم أحدهم ) ( إلا أمروا أحدهم ) يدل مفهوم المخالفة فيها على أنه لا يجوز أن يؤمروا أكثر من واحد . ومن هنا كانت الامارة والقيادة والرئاسة لواحد فقط، ولا يجوز أن تكون لأكثر من واحد مطلقا بنص الأحاديث منطوقا ومفهوما .

وأيضا فإن عمل الرسول صلى الله عليه وسلم دليل على أن السلطة والامارة والرئاسة والقيادة فردية، فإنه صلى الله عليه وسلم في جميع الحوادث التي أمر فيها أمراء كان يؤمر واحدا ليس غير، فالسلطان والحكم إنما يقوم به رئيس الدولة ليس غير ، وجميع صلاحيات الدولة محصورة به، فهو وحده صاحب الصلاحية في السلطان والحكم ، ولا يشاركه في شيء منها أحد مطلقا، بل ينفرد بها وحده، ومنها كانت الرئاسة في الاسلام فردية وكانت الامارة فردية .

صالح عبد الرحمن 17-10-2001 03:05 PM

ومع أن الحكم في الاسلام فردي إلا أن الخليفة ليس ديكتاتورا مستبدا، ويتضح ذلك من القواعد التي يقوم عليها نظام الحكم في الاسلام كقاعدتي السيادة للشرع، والسلطان للأمة، كما يتضح من الأحكام الشرعية المتعلقة بعلاقة الأمة بالحاكم وعلاقة الحاكم بالأمة.

فالقاعدة الأولى من قواعد الحكم في الاسلام هي : ( السيادة للشرع ). والمقصود بالسيادة هو الممارس للارادة والمسير لها، والذي يسير إرادة الفرد شرعا ليس الفرد نفسه كما يشاء، بل إرادة الفرد مسيرة بأوامر الله ونواهيه . وكذلك الأمة ليست مسيرة بإرادتها تفعل ما تريد ، بل هي مسيرة بأوامر الله ونواهيه. فليست السيادة للخليفة ولا هي لطبقة أو فئة ، ولا هي للشعب أو الأمة ، فالجميع في الاسلام ، الحاكم والمحكوم ، يجب أن يخضع للشرع . ولأن السيادة للشرع لا للحاكم ولا للأمة نجد أن الاسلام قد استثنى من طاعة الحاكم حالة واحدة فقط هي الأمر بمعصية، واستثنى من تحريم الخروج عليه واشهار السيف في وجهه حالة واحدة أيضا هي ظهور الكفر البواح الذي يوجد عندنا فيه من الله برهان. وإذا ارتد الخليفة عن الاسلام خرج عن الخلافة وانعزل في الحال ولو لم يحكم " بضم الياء وفتح الكاف " بعزله، فلا تجب طاعته، ولا تنفذ أوامره. ولأن السيادة للشرع لا للحاكم ولا للأمة نجد أيضا أن الاسلام قد أوجب على المسلمين محاسبة الحاكم على أساس الاسلام، بل أمر الأمة بإنشاء تكتلات او احزاب أو جماعات يكون من عملها محاسبة الحاكم على أساس الاسلام، قال تعالى : { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. وأولئك هم المفلحون }، فهذه الآية تدل على أن وجود حزب سياسي يقوم بالدعوة إلى الاسلام ويقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنه أمر الحاكم ونهيه فرض في الاسلام، وتدل على أن تعدد الأحزاب السياسية التي تقوم بهذين العملين جائز في الاسلام، فالتعدد جائز وشرطه هو أن يكون كل حزب من هذه الأحزاب قائما على أساس الاسلام. وعليه فقيام أحزاب او تكتلات على أساس الاسلام يكون من صميم عملها محاسبة الحاكم هو حق للأمة ، ولا يحتاج إنشاء الحزب السياسي إلى ترخيص أو إذن من الحاكم بل يقام بانشائها استجابة لأمر الله تعالى الوارد في هذه الآية.

القاعدة الثانية من قواعد الحكم في الاسلام هي : ( السلطان للأمة ). بمعنى أن الحكم أو السلطان لا يتولاه أحد إلا إذا ولته إياه الأمة، لأن الشرع قد جعل السلطان لها وحدها، فهي التي تعطي الحكم لمن تشاء. فكل من يستولي على الحكم بالقوة أي من غير رضى الأمة واختيارها لا تنعقد له الخلافة فلا يكون خليفة، وإنما يعتبر غاصبا للسلطان، فيجوز مقاتلته لارغامه على إعادة السلطان للأمة فتقوم هي باختيار من تشاء خليفة للمسلمين. فالحكم أو السلطان للأمة وليس للحاكم فلا يستطيع الحاكم أن يهبه لمن يشاء وبديهي أن الحكم لا يؤخذ وراثة، بل هو ملك للأمة وهي التي تمنحه لمن تريد. فمع ان الحكم في الاسلام لا يعطى إلا لفرد إلا أن هذا الفرد لا يأخذه إلا من الأمة أي برضا من الأمة وباختيار منها. وإلى جانب ذلك نجد أن الاسلام قد جعل الشورى حق من حقوق المسلمين على الحاكم ، وحق من حقوق المرؤسين على الرئيس، وحق من حقوق المقودين على القائد. قال الله تعالى : { وشاورهم في الأمر } وقال : { وأمرهم شورى بينهم } وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( ما رأيت أحدا أكثر مشاورة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ) وقال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما : ( لو اتفقتما في مشورة ما خالفتكما )، فهذه الأدلة تدل بالنص على أن الله تعالى أمر المسلمين بالشورى ، بأمره رسول الله، وبمدحه الشورى فيكون للمسلمين على من يحكمهم ، ويرأسهم ويقودهم ، حق أن يأخذ رأيهم في الأمور لأن الله أمره بذلك لأن واقع أخذ الرأي أن الآخذ هو الحاكم، أو الرئيس ، أو القائد، وأن المأخوذ رأيه هو الرعية أو المرؤوسين أو المقودين، ولهذا كانت حقا من حقوقهم، وعليه أن يؤدي هذا الحق. فالحكم في الاسلام يعطى لفرد، ولكن على هذا الفرد أن يتقيد بأحكام الشورى والمشورة بحسب ما جاء بها الاسلام.

صالح عبد الرحمن 17-10-2001 05:54 PM

وكما أن الحكم في الاسلام ليس ديكتاتوريا ليس هو أيضا ديموقراطيا، فإلى جانب أن القيادة في الاسلام فردية وليست جماعية كما في النظام الديموقراطي فإن التناقض والاختلاف بين الاسلام والديموقراطية يبرز في عدة مسائل أعرضها على النحو الآتي :

السيادة في الاسلام للشرع لا للشعب كما هي الحال في النظام الديموقراطي، فالشعب في النظام الديموقراطي هو الذي يمارس إرادته، ويقيم عنه من يشاء، ويعطيه حق تسيير إرادته. فالأمر كله في النظام الديموقراطي للشعب، فالشعب عندهم هو المرجع الأعلى في كل شيء. وأما في الاسلام فإن المسير لارادة الفرد والأمة هو الشرع، فالأمر في الاسلام كله للشرع، فالشرع هو المرجع الأعلى في كل شيء. ولأن السيادة في الاسلام للشرع وليست للشعب ، نجد أن الخليفة لا يبايع من قبل الأمة كأجير عندها لينفذ لها ما تريد كما هي الحال في النظام الديموقراطي، وإنما يبايع الخليفة من الأمة على كتاب الله وسنة رسوله، لينفذ كتاب الله وسنة رسوله، أي لينفذ الشرع، لا لينفذ ما يريده الناس، حتى لو خرج الناس الذين بايعوه عن الشرع قاتلهم حتى يرجعوا .

والشعب في النظام الديموقراطي هو مصدر السلطات الثلاث، التشريعية والقضائية والتنفيذية، فهو الذي يشرع القوانين ويعين القضاة ويقيم الحكام. بخلاف الاسلام إذ أن سلطة التشريع في الاسلام هي لله تعالى لا للناس، فالله وحده هو الذي يشرع الأحكام في كل شيء، سواء في العبادات أم المعاملات أم العقوبات أم غير ذلك ، ولا يجوز لأحد من الناس أن يشرع ولو حكما واحدا. والشعب إنما يملك السلطان أي الحكم، فهو الذي ينتخب الحاكم وينصبه، فهو مصدر السلطة التنفيذية فحسب، يختار من يتولى السلطان والحكم. والسلطة القضائية إنما يتولاها الخليفة أو من ينيبه عنه في ذلك. فالخليفة هو الذي يعين القضاة ويعين من يعين القضاة، ولا يملك أحد من الشعب لا أفرادا ولا جماعات تعيين قاض من القضاة بل هو محصور بالخليفة ومن ينيبه.

ومن أوجه الاختلاف أن الشعب في النظام الديموقراطي هو الذي يملك حق عزل الحاكم متى شاء كما أن له حق اختياره، واما في الاسلام فإنه وإن كانت الأمة هي التي تختار الخليفة ولا يصبح الشخص خليفة إلا إذا بايعته الأمة بالرضا والاختيار إلا أن الأمة لا تملك عزله متى تم انعقاد بيعته على الوجه الشرعي. إلا أن الشرع قد بين متى ينعزل الخليفة من غير حاجة لعزل، ومتى يستحق العزل ، وهذا كذلك لا يعني أن عزله للأمة .

صالح عبد الرحمن 17-10-2001 05:56 PM

والاختلاف بين الاسلام والديموقراطية حاصل أيضا في أحكام الشورى، ذلك أن رأي الأكثرية في النظام الديموقراطي ملزم في كل شيء، وأما في الاسلام فإن رأي الأكثرية لا يكون ملزما إلا في حالة واحدة فقط هي في المسائل التي ترشد إلى عمل ، ففي الأحكام الشرعية، وكذلك في الآراء التي تؤدي إلى فكر، والآراء الفنية والتعاريف رأي الأكثرية ليس ملزما. صحيح أن الشورى تكون في كل شيء إذ هي أخذ الرأي مطلقا لكن تداول الرأي او أخذ الرأي شيء ، والالزام به شيء آخر. فليس معنى أن الشورى تكون في كل شيء أنها تكون ملزمة في كل شيء.

فبالرجوع إلى الأدلة الشرعية نجد أن الرسول صلى الله عليه وسل قد رفض آراء الأكثرية بالتشريع وتمسك بما نزل به الوحي، أي تمسك بالحكم الشرعي، وذلك في صلح الحديبية حين رفض رأي جميع المسلمين وقال: ( إني عبد الله ورسوله ولن أخالف أمره )، ونجده صلى الله عليه وسلم قد نزل عند رأي الواحد وترك رأيه ولم يرجع لرأي المسلمين وذلك في بدر، فإنه حين نزل عند أدنى ماء من بدر لم يرض الحباب بن المنذر بهذا المنزل وقال للرسول : يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزلا أنزلكه الله فليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال الرسول : ( بل هو الرأي والحرب والمكيدة ) فقال يا رسول الله إن هذا ليس بمنزل ، ثم أشار إلى مكان ، فما لبث الرسول أن قام ومن معه وتبع رأي الحباب. ففي هذين الحادثين لم تكن لآراء الأكثرية قيمة في تقرير الأمر مما يدل على أن ما كان من التشريع لا يؤخذ فيه بآراء الأكثرية ، وعليه لا يؤخذ بآراء الأكثرية في الأحكام الشرعية ومثلها التعاريف الشرعية ، وكذلك ما كان من قبيل ( الرأي والحرب والمكيدة ) أي من الفكر الذي يحتاج إلى بحث وامعان نظر ، ومن الأمور الفنية التي تحتاج إلى خبرة لا يؤخذ فيها بآراء الأكثرية، ومثلها التعارف غير الشرعية . ولكن إلى جانب هذين الحادثين يوجد حادثة أخرى تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد التزم بالشورى أي أخذ برأي الأكثرية، ففي غزوة أحد نزل الرسول صلى الله عليه وسلم عند رأي الأكثرية وترك رأيه ورأي كبار الصحابة. فخرج لملاقاة العدو خارج المدينة وهو رأي اكثر المسلمين وكان رأيه ألا يخرج إليهم ، مما دل على أنه في مثل حادثة أحد يرجع فيه لرأي المسلمين ويلتزم برأيهم، وهذا في الأعمال التي لا تحتاج إلى بحث وامعان نظر، أي في غير التشريع ، وفي غير التعاريف، وفي غير الفكر الذي يحتاج إلى بحث وامعان نظر. وعليه فالفرق بين الاسلام والنظام الديموقراطي واضح جلي من هذه الناحية، ففي النظام الديموقراطي رأي الأكثرية ملزم في كل شيء، وأما في الاسلام فإن رأي الأكثرية يكون ملزما في حالة واحدة فقط هي الأعمال التي لا تحتاج إلى بحث وامعان نظر كحادثة أحد.

صالح عبد الرحمن 17-10-2001 05:58 PM

والتناقض بين الاسلام والديموقراطية يبرز في ناحية أخرى هي :
" ان الدولة في النظام الديموقراطي عدة مؤسسات وليست مؤسسة واحدة، فالحكومة مؤسسة وهي السلطة التنفيذية ، وكل نقابة من النقابات مؤسسة تملك صلاحية الحكم والسلطان في الأمر الذي قامت عليه. فنقابة المحامين مؤسسة لها السلطان والحكم في شؤون المحامين كلها، من السماح بمزاولة مهنة المحاماة ومن منعه من مزاولتها ، ومن محاكمة المحامين، وغير ذلك من جميع ما يتعلق بالمحامين من السلطان والحكم . وكذلك نقابة الأطباء، ونقابة الصيادلة ، ونقابة المهندسين، وغير ذلك. فإنها تملك في الأمر الذي قامت عليه النقابة كل السلطة في هذا الأمر فهي كالوزارة سواء بسواء من حيث السلطة بالنسبة لما يتعلق بالنقابة . والوزارة نفسها لا تملك السلطة فيما هو من سلطة النقابة. بخلاف الاسلام فإن الدولة والحكومة شيء واحد، هي السلطان وهو الخليفة، وهو وحده صاحب الصلاحية ولا يملكها أحد سواه مطلقا، قال صلى الله عليه وسلم : ( الامام راع وهو مسؤول عن رعيته ) ، ( وهو ) هنا أداة حصر وهي ضمير الفصل ، فقوله ( وهو مسؤول ) حصر للمسؤولية به. ولهذا لا يوجد أحد في الدولة أفرادا أو جماعات يملك شيئا من السلطان والحكم من ذاته بأن يكون من صلاحياته أصالة سوى الخليفة " .

صالح عبد الرحمن 17-10-2001 11:54 PM

" وفي النظام الديموقراطي يوجد ما يسمى بالحريات العامة : فهناك الحرية الشخصية، وحرية الملك، وحرية العقيدة، وحرية الرأي. فلكل إنسان أن يفعل ما يشاء، ولذلك لا توجد عقوبة على الزنا بل لا يجوز أن توضع عقوبة على الزنا لأن وضعها يعتبر تدخلا في الحرية الشخصية، ولكل إنسان أن يملك بأي وسيلة أي شيء يريد، فيملك بالقمار والغش والاحتكار. ولكل إنسان أن يعتنق العقيدة التي يريدها ، وأن يقول الرأي الذي يراه. وهذا خلاف الاسلام. فإن الاسلام لا توجد فيه حرية بمعنى عدم التقيد بشيء عند القيام بالأعمال، بل الاسلام يقيد المسلم بالأحكام الشرعية، فكل عمل من أعمال المسلم يجب أن يتقيد به بالأحكام الشرعية ، ولا يحل لمسلم أن يقوم بعمل إلا بحسب الأحكام الشرعية . وما يسمى بالحريات العامة لا وجود له في الاسلام، فلا توجد حرية شخصية، فالزانية والزاني يجلد كل منهما أو يرجم. ولا توجد حرية الملك، فالمال الذي يكسب بالقمار أو بالعقود الباطلة لا يملك. والمال الذي يحرم الشرع أخذه كالربا لا يملك. ولا يجوز للمرء أن يملك بالتدليس والاحتكار. وكذلك لا توجد حرية عقيدة، فالمسلم إذا ارتد يقتل إن لم يتب. وأما ما يسمى بحرية الرأي فإن الاسلام أباح للمسلم أن يقول الرأي الذي يراه ما لم يكن إثما، وأوجب قول الحق في كل مكان وكل زمان، ففي حديث عبادة بن الصامت في بيعتهم للرسول صلى الله عليه وسلم : ( وأن نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ) . وأوجب مجابهة الحكام بالرأي ومحاسبتهم على أعمالهم، قال صلى الله عليه وسلم : ( سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فنصحه فقتله ) . وهذا ليس حرية رأي بل هو تقيد بأحكام الشرع وهو إباحة قول الرأي في حالات ووجوبه في حالات. ولهذا كان الاسلام مخالفا للديموقراطية فيما يسمى بالحريات العامة. فلا توجد حريات في الاسلام اللهم إلا الحرية بمعنى تحرير الرقيق من الرق ".

ومن هنا يتضح أيضا وجود فرق بين الاسلام والديموقراطية بالنسبة لمحاسبة الحاكم، إذ أن محاسبة الحاكم في الاسلام فرض، ووجود حزب سياسي يقوم بالدعوة إلى الاسلام، ويأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ومن ذلك أمر الحاكم ونهيه فرض أيضا. فالمحاسبة ، ووجود أحزاب سياسة تقوم بعمل المحاسبة هو قيام بحكم شرعي، وليس هو من قبيل حرية الرأي كما في النظام الديموقراطي. وأيضا المحاسبة في الاسلام هي لأجل استقامة الحكم لا لأجل المعارضة كما في الديموقراطية.

صلاح الدين 19-10-2001 06:50 AM

غبت عن صفحات الحوار أياماً معدودات بسبب ضغط العمل، ولما عدت وجدت الموضوع قد تضاعف حجمه بما هو خارج عن أصل المشاركة (عنواناً ومقصداً)، ولا جديد فيما قيل عن السلطة والشورى، وقد سبق إلى هذا المذهب الشاذ في مفهوم (الحرية) و(السلطان) و(الشورى) المرحوم الشيخ سعيد حوى –أحد قيادات ومفكري حركة الإخوان المسلمين-، وكان –يرحمه الله- قد زاد موقفاً متشدداً من (غير المسلمين) يتعلق بوجودهم وحقوقهم في المجتمع الإسلامي وعلى الدولة المسلمة في كتابه (جند الله ثقافة وأخلاقاً) وعرضه على أنه حكم الإسلام فيهم وليس فهمه الشخصي لهذه المسألة. وأطلق الشيخ سعيد (يرحمه الله) موقفاً شاذاً يحدد واجبات أبناء (الحركة الإسلامية) تجاه الدولة الإسلامية القادمة يخالف كثيراً من أحكام الله تعالى.

وتابع الشيخَ على ذلك الموقف الشاذ والشخصي بعضُ المنتسبين إلى الحركات والمنظمات الإسلامية ممن أشغلتهم النصوص عن مقاصد الشريعة، وممن ظنوا أن أقوال من سبق -من أهل العلم والفضل في فقه السياسة والأحكام السلطانية وآليات تنفيذهم لما فهموه في ميدان الطاعة والموالاة والبراء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلخ..- رأوْا ذلك جزءاً لا يتجزأ من النصوص الشرعية التي لا يجوز الخروج عليها، وبمعنى آخر: جعلوا التجربة البشرية في فهم الإسلام ونصوصه وتطبيقاتها السابقة كالدين المنزل لا يجوز نقاشها ولا مخالفتها.

والرد على المداخلات كلها، وتبيان الخطأ من الصواب فيها، يحتاج إلى وقت غير متوفر، وجهد أولى به أعمال تفيد الفرد والجماعة، وكنت أتمنى أن تكون المداخلات المذكورة ذات علاقة بالموضوع، وفي أضعف الإيمان أن يخصص صاحبها –ويظهر أنه يظن إنها إسلامية- موضوعاً مستقلاً لها، قد يشارك فيه من يملك الجلَد لمثل هذا النوع من المواضيع.



وأختم ما بدأته في موضوع (أين دورنا في رسم صورة صحيحة عن الإسلام) فأقول، وبالله التوفيق:

مسؤولية جماعية
علينا أن نجيبَ إجابةً صادقةً على واقع التحدي الحضاري المعاصر، وفي ديننا وتراثنا ما يدفعنا إلى الإبداع مجدداً كما أبدع السلَف في الماضي، وأبواب المعرفة ليست حِكْراً على أحد، والمطلوب أخذ الأمر على محمل الجد، والمبادرة الفردية بالإضافة إلى مساهمات الدول والمؤسسات وإنفاقها في هذا الميدان. وما ذكرناه آنفاً لا يشكل سوى نقطة في بحر تاريخنا العلمي والحضاري، ومهمة إبراز الدور التاريخي، والمساهمة المعاصرة أمانة في عنق الجميع، كلٌّ من موقعه وموقع عمله، لتحقيق انفتاح إنساني عام (شرقي وغربي) على ثروتنا وقيمنا الحضارية.

[انتهى]

[ 19-10-2001: المشاركة عدلت بواسطة: صلاح الدين ]

صالح عبد الرحمن 20-10-2001 10:36 PM

1- اختتمت موضوعك من دون أن تضع أي مفهوم محدد للحضارة ، ومن دون أن تبين مقصدك من التحدي الحضاري المعاصر ، وعدم التحديد يبقينا في دائرة الغموض عما هو مطلوب منا إزاء هذا التحدي .
2- تقول : ( غبت عن صفحات الحوار أياماً معدودات بسبب ضغط العمل، ولما عدت وجدت الموضوع قد تضاعف حجمه بما هو خارج عن أصل المشاركة (عنواناً ومقصداً) ). وقلت أيضا : ( وكنت أتمنى أن تكون المداخلات المذكورة ذات علاقة بالموضوع ). أما من ناحية عنوان الموضوع ومضمونه فإن جميع مشاركاتي ذات صلة وثيقة به لأنها مناقشة أو تفنيد للصورة المغلوطة التي قمت برسمها عن الاسلام، فلم أخرج عن الموضوع المطروح أو المفروض أنه مطروح للمناقشة قيد أنملة. وأما من ناحية القصد فإن كان قصدك من رسم هذه الصورة المغلوطة عن الاسلام الترويج لمفاهيم الحضارة الغربية عن الحياة باسم أنها مفاهيم إسلامية فنعم أنا قد خرجت عن هذا القصد بل وقفت في وجهه بأن عمدت إلى التمييز بين مفاهيم الاسلام وبين مفاهيم الحضارة الغربية. واما إن كنت حسن النية وكان الجهل سواء بالاسلام أو بالحضارة الغربية هو السبب في هذا الخلط الذي أحدثته بين الاسلام والمفاهيم الغربية عن الحياة فلا أكون قد خرجت عن قصد رسم الصورة الصحيحة عن الاسلام بل أكون قد ساهمت في دفعك إلى الاتجاه الصحيح الذي يتحقق منه قصد رسم صورة صحيحة عن الاسلام، وذلك باستمداد صورة الاسلام من النصوص الشرعية فقط وبحسب ما تدل عليه هذه النصوص .
3- تقول أن لا جديد فيما ورد في مشاركاتي عن السلطة والشورى ، وأنا أقول أن كون الفكر قديم أو جديد لا علاقة له بصحة الفكر أو ببطلانه، فالاسلام كله صحيح على الرغم من أنه قد نزل قبل 1400 سنة هجرية ، والديموقراطية الغربية فكر باطل ونظام حياة فاسد على الرغم من أنها جاءت بعد مجيء الاسلام بألف سنة .
4- النقاش الفكري يجب أن يحصر بمناقشة الأفكار المطروحة، فلا ينبغي نقل الموضوع إلى مناقشة آراء أشخاص، فسواء قال سعيد حوى رحمه الله بنفس الرأي الذي طرحته أم كان هذا الرأي لغيره فلا علاقة لهذا الربط بصحة الفكر أو ببطلانه ؟! فهل كون الفكر قال به فلان دليل سواء على خطأه أو على صوابه ؟! الفكر يثبت صحته بالدليل، كما يثبت خطؤه بالدليل ، وأنت لم تناقش فكرا ولم تأت بأي دليل .
5- بالنسبة للموقف من غير المسلمين ( الكفار ) فيما يتعلق بوجودهم وحقوقهم في المجتمع الإسلامي وعلى الدولة المسلمة وكذلك بالنسبة لواجبات أبناء (الحركة الإسلامية) تجاه الدولة الإسلامية القادمة، فإني لم أتطرق لهاتين المسألتين في أية مشاركة من مشاركاتي فلا أدري لماذا أقحمتهما في الرد على مشاركاتي ، فالمفروض أن تعقيبك متعلق بمشاركاتي لا بما كتبه سعيد حوى رحمه الله.
6- وصفت مفهومي للحرية والسلطان والشورى بالشاذ . في مشاركاتي فرقت " بضم التاء " بين مفهوم الحرية في الحضارة الغربية وبين مفهوم الحرية التي جاء بها الاسلام، كما فرقت بين الاسلام والديموقراطية من ناحية نظام الحكم ، ومن ذلك الفرق بين الديموقراطية والشورى، فإذا كان فهمي للحرية أو للسلطان أو للشورى شاذا سواء فهمي للاسلام أو للديموقراطية فالأصل في صلاح الدين إن كان حريصا على إيصال الحقيقة للمسلمين أن يبين لنا ما هو الفهم الصحيح لهذه المفاهيم الثلاثة في الاسلام وفي الديموقراطية، لا أن يقتصر على وصف المفاهيم التي قمت بطرحها بالشاذة.
7- تقول : ( ممن أشغلتهم النصوص عن مقاصد الشريعة )، وهنا أسألك : وهل تفهم " بضم التاء " مقاصد الشريعة من غير نصوص الشريعة ؟! أم هناك وحي ينزل على الذي يحاربون الاحتكام إلى نصوص الشريعة فيخبرهم بمقاصدها ؟!
8- تقول : ( وبمعنى آخر: جعلوا التجربة البشرية في فهم الإسلام ونصوصه وتطبيقاتها السابقة كالدين المنزل لا يجوز نقاشها ولا مخالفتها )، مع أنك أنت من رفض المناقشة بحجة أنك لا تملك الوقت الكافي، وبحجة ان هناك أعمال أولى تفيد بها الفرد والجماعة، وبحجة ان مناقشتها تتطلب الجلد على مثل هذه المواضيع ، وبحجة انها ليست ذات صلة بالموضوع . فأنت من أعلن عن رفضه مناقشة الأفكار الواردة في مشاركاتي بحجج واهية وتتهمني أنني طرحتها كأفكار لا يجوز مناقشتها أو مخالفتها ؟! يعني ترفض الفكر من دون دليل ، ولأجل أن تغطي على عجزك عن دحض الحجة بالحجة تتهم محاورك بأنه لا يسمح بمناقشته !!!! ثم أليس مناقشة الأفكار المطروحة للنقاش في المنتديات الفكرية لأجل بلورتها وتمييز الأفكار الصائبة من الخاطئة هو عمل من الأعمال التي تفيد الفرد والجماعة ؟! وإذا كان وقتك لا يسمح بمناقشة المنتقدين لموضوعك أو كنت ممن لا يملكون القدرة على البحث والتفكير في نصوص الاسلام فلماذا تتبرع برسم صورة مغلوطة عن الاسلام ؟!
9- الجملة المعترضة (- ويظهر أنه يظن إنها إسلامية -) : مفهومها أن أفكاري غير إسلامية أي أفكار كفر، وهنا لا يسعني إلا ان اقول لك أن تكفير الفكر أو نفي صفة الاسلام عنه بغير بينة قاطعة إثمه عظيم عند الله تعالى، ومع أن الفكر الديموقراطي فكر كفر إلا أنني حتى الآن لم أصفه بالكفر، فقد آثرت ان أقيم أولا الدليل القاطع على أن الديموقراطية لا علاقة لها بالاسلام ولا تتصل به بسبب، وعلى أن الديموقراطية شيء والشورى التي جاء بها الاسلام شيء آخر . فأتمنى عليك أن تبين بالدليل أن الأفكار التي طرحتها في أي من مشاركاتي ليست إسلامية ولو من باب القيام بواجب النصح للمسلمين.


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.