مأساة النجاح
مأساة النجاح
عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق الإنسان مولودٌ راغباً في تحقيق كلِّ ما يريده ، و ساعياً في تحسين حياته ، و هذه جِبِلَّةٍ من الجِبِلاَّت التي غرزها الله في النفس البشرية . و هي ممتعةٌ مُؤْنِسَةٌ إذا كانت مُتَمَشِّيةً على قواعد النجاح و أصولِه ، و في خِلاف ذا لا يكون له أيَّةُ متعةٍ و أُنْسٍ . لكن هل هو مأساةٌ و حسرة ؟! نعم !!! لكن كيف ؟ و متى ؟ و لمَ ؟ أما عن كيفَ ؟ فالجواب : إن الإنسان إذا كان سالِكاً دروب الطُموح ، طارقاً أبواب الفلاح و النجاح يعتوِرُه الفشل في حينٍ من أحايينه ، و يؤذيه البذلُ من نفسه في أزمنته ، فإذا جاءه ذلك كان مُحطماً له ، مدمراً لهمته ، و هذا لا يأتي إلا الأنفسَ الضِّعاف ؛ التي تجعل الكأس دائماً فارغاً مع امتلاء نصفه . هذه الحال تجعلُ تحقيق النجاح في كلِّ شيءٍ أمراً مُلِحَّاً لا يتخلله خللٌ أبداً . و هذه النظرة من النظرات اللاتي تحصرُ الهمَّ ، و تُفَتِّرُ العزمَ ... فهنا يكون للنجاح مأساة لعدم تحقيق الرغبة في تمام النجاح . و أما متى ؟ فالجواب : فذلك حينَ يكون المرءُ دقيقاً في جزئيات عمله و هدفه ، فذاك طموحٌ في كمال صعبٍ لا يُنال ، ففي تلك الحالة عند عدم تحققِ الغاية بإتمام و إكمال و إتقان إن شعرَ بالفشل التام فهي مأساة النجاح . يذكرُ د. طارق السويدان _ وفقه الله _ أنه قد اشترى حقولَ بترول في أمريكا ، و في أحداث 11 سيبتمبر دُمرتْ و جرى عليها ما جرى ، و أسِفَ على ذلك ، و لكن تمتَّعَ بالنجاح حيث تأهل لتلك الحالة من شراء حقول . فلو اعتبرَ ذلك النجاح الكبير مع الخلل و الفشل الذي فيه مأساةً لكن داخلاً في موضوعنا . فهنا ظرفية المأساة الناجاحية ، فتنبَّه . و أما عن لمَ ؟ فقد مرَّ الجواب عنها في أعطاف الكلام الآنف . بعد هذا كلِّه إن مأساة النجاح إنما هي جائِيَةٌ من صنيع الرجل نفسِه ، و ليست من الهدف . و ربما تكون من آليةِ السعي ؛ و هي من اختيار الرجل . فحتى نتجنَّب الوقوعَ في مأساة النجاح لنتعلَّم حقيقة النجاح ، و لنعرف لذته ، و لنتفهم حالنا معه . عندها نعرف مدى ملابسات النجاح : متعةً و مأساةً ... السبت 23/3/1424هـ الرياض |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.