أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   خيمة الثقافة والأدب (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=9)
-   -   المرفأ والــــشراع (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=7435)

منذر ابو حلتم 24-07-2001 03:32 PM

المرفأ والــــشراع
 
( المرفأ .. والشراع .!‏ )
وتغفو الريح ..‏
آه .. تعبت ‏
اما آن لي ان استريح ..؟‏
الليل يمضي كالصداع ..‏
وينقضي الحلم الذبيح ..‏
أفق .. وليس ثمة نجمة ..‏
أفق رمادي كئيب ..‏
‏.. بحر ملح دون ماء ..!!‏

البحر يقتل موجه ..‏
البحر يغتال الشراع
البحر اصبح دون موج
‏.. بحر ملح ميت
‎…‎‏ آه تعبت .. حبيبتي
لكنني لن استريح ..‏
كوني معي ..‏
نمضي معاً
‏.. نمضي لنزرع موجنا ‏
في عمق صحراء العطش
ونمد ظل الحلم فوق الرمل
‏.. اضناه التشقق والغبار ..‏

لا بد ان يصل الشراع حبيبتي
لمرفأ الحلم الجميل
لا بد ان تلد الليالي شمسها
‏.. لا بد ان اغفو على كتف الحبيبة
ذات حلم ..‏

ربما طال الظلام ..حبيبتي
‏.. تشعب الحزن المقيم
ربما تعب الشراع ‏
وتاه في الليل السقيم
لكنني ما دام كفك في يدي أمضي كحلم عاصف
يجتاح كثبان السراب
أمضي وفي عينيّ شمس
لا تهادن ..‏
لا تهاب

عمر مطر 25-07-2001 10:04 AM

يا لها من قصيدة، مليئة بالصور المعبرة، تبدأ بفرض صورة من البؤس واليأس على القارئ يكاد يغرق في لججها، انظروا إخواني كيف تتوالى علينا صور اليأس.

ليل بطئ مؤلم في بطئه كأنه الصداع.

الريح ساكنة على صفحة البحر كأنها نائمة

يشبّه الحلم بالذبيح في عدم اكتمال الأمل فيها

أفق خالٍ من النجوم... رمادي اللون ... وهل يعبر عن الكآبة كاللون الرمادي؟

وبحر ملح... فإن البحر يكون أعذب بقلة نسبة الملح فيه... فكيف إذا كان هو بحر ملح؟ .... وكيف إذا كان بحر الملح هذا دون ماء؟ لا شك أنه سيقتل موجه -والموج في البحر بمثابة القلب من الرجل- ويقتل شراعه، ويتوقف فؤاده عن النبض فيصبح بحر ملح ميت.

وكيف يخرج الشاعر من لجج الكآبة هذه إلى بصيص الأمل؟

كوني معي... لماذا؟

لنمضي معا؟ إلى أين؟

نمضي لنزرع موجنا ‏
في عمق صحراء العطش

يريد أن يأخذ القلب -الموج- الذي أماته البحر، إلى الصحراء التي لا قلب لها -أي لا موج- والتي لا تعرف الماء.

يريد أن يزرع فيها حلمه الذبيح، فهذه الصحراء تشتاق الماء والموج والأحلام، ولن تقتله كما قتله البحر.

هنا سيرسي الشاعر شراعه .... فيا له من شاعر ... نقلنا من قمة اليأس إلى قمة الأمل بجرة قلم.

فالأمل مزروع في قلبه ولا يزال يكرر حلمه إلى أن يصبح واقعا... فلا بد لذلك الشراع أن يصل إلى المرفأ... لا بد أن ينتهي الليل الطويل بولادة فجر جديد.... ولله در الشاعر كيف جعل الليالي هي التي تلد شمسها، فكأن ذلك من المحتم وإن طال الانتظار.... كما طال موعده مع الحبيبة التي يتمنى أن يغفو على كتفها ذات يوم... ولو في حلم.

ثم يعيدنا الشاعر إلى الواقع الحزين.

ربما طال الظلام ...‏.. تشعب الحزن المقيم
ربما تعب الشراع ‏...وتاه في الليل السقيم

وما دام الأمل موجودا في لمسة كفها، فإنه سيمضي في طلب حلمه كالعاصفة الهوجاء التي تجتاح كثبان السراب

ويا لحسن خاتمة القصيدة

أمضي وفي عينيّ شمس...لا تهادن ..‏لا تهاب

قمة العنفوان في آخر بيت من القصيدة، بعد أن عرض للجميع حزنه وألمه وأمله، أثبت الشاعر قوة إرادته ببيت واحد وجيز.

شكرا لك أخي منذر على هذه الرحلة الشعورية.

منذر ابو حلتم 26-07-2001 07:36 AM

اخي العزيز عمر مطر :

ليس غريبا على شاعر قدير مثلك ان يغوص في اعماق كتاباتي .. فيضيئها برؤيته المبدعة .. ويضيف اليها من رونق روحه وابداعه الكثير الكثير ...
عاجز عن الشكر اخي عمر
... احييك ايها الشاعر المبدع
ومعا .. نمضي في نفس الطريق ..

عبرة 26-07-2001 02:38 PM

لا أدري أأثني على القصيدة أم على الشرح.


كلاكما رائع. :)

شكرا لكما، وأتمنى أن نرى المزيد من هذا.

رحاب الخطيب 27-07-2001 08:23 AM

الاستاذ الاديب المبدع منذر ابو حلتم ..
نلتقي من جديد في خيمتنا .. خيمة الادب ..مكملين مشوارنا في الجذور وديوان الادب ..
قصائدك دائما تحوي الالم والحزن والامل معا ..
اسلوبك اسلوب التناقضات وهذ النوع من انواع الكتابة ليس من السهل على الشاعر ان ينظم فيه .. فهو يتطلب قدرة كبيرة .. وابداعا متميزا ..
وهذا امر نلاحظه دائما في كتاباتك النثرية والشعرية ، وهذه القصيدة هي خير مثال على ما اقصده ..فهي قوية اللفظ عميقة المعنى تعبر بأسلوب مبدع رمزي يؤثر في النفس وانت دائماً رغم ضبابية الحياة تعطينا الامل .. وهذا ما لمسته في كتاباتك كلها ..
واود ان اعرب عن اعجابي بتحليل الاخ الشاعر الناقد عمر مطر للقصيدة .. والتي استطاع من خلاله الغوص في كنه وماهيات القصيدة ودلالاتها ..بشكل شيق وممتع ..
وللاخوة جميعا كل التحية والتقدير

عمر مطر 27-07-2001 08:52 AM

شكرا لك أختي رحاب، ومن جاور السعيد يسعد، فهذا ما تعلمناه من احتكاكنا بك وبأمثالك من النقاد. أدامكم الله لنا تضيفون الرونق إلى قصائدنا، فتختال بأثواب الإبداع.


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.