أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   خيمة الثقافة والأدب (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=9)
-   -   خطــــوات الغضـــــب (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=53753)

مُقبل 12-05-2006 01:18 AM

خطــــوات الغضـــــب
 
- 1 -

لوهله جال بخاطره أن يتراجع وأن يعود من حيثُ أتى ..
للحظه شعر بالتردد .. والخوف ..
ولكنه ما لبث أن رفع كفه ليمسح حباتٍ من العرق تسللت من تحت خصلات شعره الفاحم المُتناثره ، فتجمعت كحبات اللؤلؤ على جبهته العريضه ثم ما لبثت أن كونت خطاً إتصل بعينيه مما جعله يشعر بحرقه فيهما ..
حاول أن يبلع ريقه الجاف .. ولكن دون جدوى فالطقس كان شديد الحراره ، ووضعيته الملتصقه بهذا الكثيب الرملي الذي يختبيء خلفه يزيد الأمر سوءاً ، فالرمال تكاد تشتعل أسفل بطنه من لهيب القيظ في هذه المنطقه المُقفره ..

جال بخاطره فجأه أن موضعه قد إنكشف فتجمد وسكنت حركته تماماً ، وأرهف سمعه وحاول أن يغوص أكثر فأكثر في الرمال ، مضت فتره من الوقت على وضعيته الساكنه هذه حتى تأكد تماماً أن أحداً لم ينتبه له ، عندها أعاد منظاره المُقرب على عينيه وإستأنف المراقبه لذلك المعسكر ..

كان يحاول أن يحفظ توزيع المباني الصغيره التي تناثرت على مساحه واسعه من أرض الصحراء وأحاطت بها أسلاك شائكه من جهاتها الأربعه ، وإرتفعت في زواياه أبراج خشبيه يقف على كل منها إثنين من الجنود بمدافعهم الأليه وأصابعهم التي تتحرق شوقاً لمعانقة الزناد ..

" حسناً ، يبدو أن المبنى الذي يتوسط المباني الأربعه الأخرى هو مبنى القياده " هكذا خاطب نفسه وهو يحاول إكتشاف مواقع كميرات المراقبه الإلكترونيه ، ويعتمد على ذاكرته في تدوين هذه المعلومات ..

" لا أوراق ، ولا أقلام ، إعتمادك على ما تحفظه بعقلك فقط " هكذا قال له مدربه وهكذا تدرب عقله ..

" الأوغاد ، لقد أحسنوا إختيار المكان فعلاً !!؟ " ، شعر بالحنق وهو يتفحص المنطقه المُحيطه بالمعسكر ، فالأرض شبه مستويه وحتى الطريق الوحيد الذي يصل إلى البوابه خال ٍ من التعرجات ويسير في خط مستقيم من بعدٍ لا يقل عن المئتين متر تقريباً ، مما يُسهل على حراس البوابه وجنود الأبراج كشف أي مركبه تسير على الطريق بمجرد تجاوز هذا الكثيب الرملي الذي يختبئ خلفه ، عاد يتفحص البوابه الضخمه والمبنى الصغير المُلاصق لها ، والذي يرتفع فوقها ذلك العلم المُستفز بنجمته السُداسيه الزرقاء ..

رفع منظاره المُقرب عن عينيه عند هذه النقطه وشعر بحراره داخليه تفجرت في أعماقه تفوق حرارة الطقس من حوله ، حاول أن يسترخي قليلاً .. لذا أغلق عينيه المتعبتين وهو يتأكد من تخفيه المُحكم ، وذكرياتٍ مُتداخله تـُداعب عقله المُنهك وإبتسامه حزينه ترتسم على شفتيه ....

***

يتبع بإذن الله

على رسلك 13-05-2006 04:10 PM

اخي مقبل



أنا معك اقتفي اثر هذه الخطوات المباركة.....

مُقبل 13-05-2006 09:34 PM

-2-

" بابا ، لقد إشتقنا إليك كثيراً " ، إنطلقت هذه العباره من بين شفتي عمار الصغير ذو الست سنوات ، وإشتركت جملته الحانيه تلك مع براءةِ عينيه العسليتين ووجههِ الصغير في رسم لوحه تعبيريه مؤثره ألهبت كيان والده خلف قضبان سجنه ، ولاحظت سهام مدى التأثر الذي ظهر في عيني زوجها والحزن العميق الذي إرتسم على تضاريس وجهه ، فسارعت لتغيير جو الكآبه بقولها " لقد وضعت أختي حملها ، ورزقها الله بولد جميل للغايه ، وزوجها مُصر على تسميته على إسمك ، خالد !! ".
" حقا !! ، ما ألطفه " ، نطق خالد هذه العباره وعيناه تجاهدان لمنع دمعتين من التحدر على وجنتيه مما أكسب عينيه بريقاً ولمحةٍ حزينه ، " نعم هو لطيف حقاً ، ولا تنسى أنك كثيراً ما وقفت إلى جانبه في أزماته " هكذا ردت سهام على عبارة خالد ، " بإذن الله سوف أحضر لك صورة خالد الصغير في الزياره القادمه ".
" كلا ، لا داعي لأن ترهقي نفسك يا حبيبتي بالزياره فالطريق طويل ، وخطر خصوصاً مع الحواجز الإسرائيليه الكثيره ".
" ماذا تقول !!؟ ، والله لو وضعوا ألف حاجز فلن أتأخر عن الزياره بإذن الله يا أبو عمار ، وإنتبه أنت على نفسك أرجوك ولا تشغل بالك بأمورنا فنحن بألف خير ونعمه ، وبإذن الله ستخرج لنا سريعاً بعد إنقضاء الحكم ".

" أحبكِ " ، قلها خالد بكل حنان الدنيا وهو يُلصق كفيه على الحاجز الزجاجي وسهام تُلصق كفيها من الجهه المُقابله وتذوب في بحر عينيه الواسعتين ، كم تمنت لحظتها لو ترتمي في أحضانه وتترك لدموعها العنان ، كم تشتاق لتُريح رأسها على كتفه القويه وأن تدفن نفسها في صدره.
" كم أفتقدك " ، قالتها سهام بصوتٍ مُنكسر مما ضاعف من نظرة الحزن في وجه خالد وهم بقول شيءٍ " موعد الزياره إنتهى " ، إرتفع صوت ذلك الجندي الإسرائيلي الأجش ، وإشتركت نظراته الحاده مع تصويب مدفعه على رأس خالد وإصبعه يحوم حول زنادها في صنع جو من التوتر ، بددَ رومانسية اللحظات الأخيره ، فما كان من خالد إلا أن وضع سماعة الهاتف الذي كان يتحدث من خلاله إلى زوجته في الجهه المُقابله وهو يُلقي عليها وعلى عمار الصغير نظرة الوداع.

***

" كيف كانت الزياره ؟؟ " ، هكذا إستقبله فهيم رفيقه في الزنزانه وهو يبتسم إبتسامته الساخره والتي ترتسم على وجهه دائماً وكأنها أصبحت جزءاً من شخصيته ، " أراهن أنك لم تبكِ كثيراً " قالها ساخراً.
" كفى يا فهيم ، فخالد يحتاج للراحه ، خالد دعك منه ومن سخريته وأخبرني هل زوجتك وأهلك بخير ؟؟ " ، كانت الجديه واضحه في صوت صبحي ثالثهم في الزنزانه وهو يسأل خالد مما جعله يتنهد بعمق " نعم ، حتى الآن ، ولكني لا أستطيع منع نفسي من القلق عليهم ".

" كلنا هذا الرجل يا صديقي ، ولكن ما باليد حيله ، غير أنك محظوظ يا خالد فقد شارفت على الخروج ، ولم يتبقى على حكمك سوى أقل من الشهرين ، فتفائل يا رجل ".
" هُراء ، لن يُفرج هؤلاء الأوغاد عنه قبل أن يحصلوا على كل المعلومات التي يُريدونها " ، قالها فهيم بسخريه كعادته.
" أية معلومات ؟؟ ، أنا لا أعرف شيئاً مما يُريده هذا الضابط الأحمق ، إنني حتى لستُ مُنتمياً لأي تنظيم من تنظيمات المقاومه ، أنا مجرد رجل عادي بسيط أسعى على رزق أسرتي الصغيره " ، كان التأثر واضحاً في كلمات خالد ، غير أن فهيم واصل قائلا ً " ، ليس من الضروري أن ينتمي المرء للتنظيم كي يُقدم خدماته بطريقه أو بأخرى !! ".

" كفى يا فهيم ، ما الذي تحاول أن تصل إليه ألا ترى ما نحن فيه ؟؟، كف عن هرطقتك تلك يا رجل " قالها صبحي وهو يواجه فهيم مباشره هذه المره " إسمع يا فهيم ، أنا أعلم تماماً ما الذي يدور ببالك ، وأعلم أن كلامك المُبطن هذا موجه لي أنا ، وأنك تشك في أمري من اللحظه التي شاركتكم فيها هذه الزنزانه الحقيره بأنني أتعامل مع سلطات الإحتلال ، ولكن دعني أقول لك إنك واهم تماماً في هذا الإعتقاد ، وما تواجدي هنا إلا أكبر دليل على كلامي في حين لا تملك أي دليل على ظنونك تلك ، لذا أقولها لك بكل وضوح الآن كُف عن ألعابك القذره هذه معي ، أفهمت ؟؟ ".
" كفى كفى ، هل سنتقاتل الآن وننسى المصيبه التي نتشارك بها ثلاثتنا هنا " ، هكذا قال خالد وهو يدفع فهيم وصبحي ليُبعدهما عن بعضهما البعض ، في حين علا صوت الحارس في الخارج " حان وقت الطعام أيها الأوغاد " وبدا واضحاً صوت أطباق الطعام المعدنيه وهي تُدخل إلى زنازين السجناء من فتحات خاصه في الأبواب صُممت لهذا الغرض ...

***
يتبع بإذن الله

مُقبل 13-05-2006 09:38 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

الكريمه على رسلك،هي خطوات مُباركه بالفعل لأنها تحكي مأساة شعب وصموده في زمن تبدلت فيه القيم وإنعكست المفاهيم،أشكرك على مرورك الزاهي من هنا،دمت بكل الود.

والسلام عليكم ورحمة الله.

على رسلك 06-07-2006 04:49 PM


يتبع بإذن الله


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.