أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   خيمة الثقافة والأدب (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=9)
-   -   الفوضى الاقتصادية العالمية الجديدة (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=55322)

ابن حوران 27-06-2006 04:40 AM

الفوضى الاقتصادية العالمية الجديدة
 
الفوضى الاقتصادية العالمية الجديدة

جذور إخفاق التنمية

قراءة للكتاب .. مؤلفه الدكتور جورج قرم / دار الطليعة ـ بيروت ط1 سنة 1994 .. وهو بالأساس قد وضع باللغة الفرنسية ..

جورج قرم أستاذ جامعي ، باحث سياسي وخبير اقتصادي لبناني ، عمل لسنوات طويلة في أجهزة مالية رسمية أو شبه رسمية في لبنان والعالم العربي وفرنسا . وهو منذ بضع سنوات مستشار مالي لدى هيئات دولية ومصارف مركزية . صاحب عدة مؤلفات متخصصة في المسائل الاقتصادية ومعالجة المشاكل المالية والتقنية للتنمية .

في هذا الكتاب الذي يختصر جهدا نظريا عميقا وخبرة عملية مديدة ومعايشة للواقع عن كثب ، يتعرض د . قرم الى الأسباب الجذرية للإخفاق الذي لاقته وتلاقيه التنمية في العالم ، شماله وجنوبه على حد سواء ، ولعجز السياسات الاقتصادية ، الليبرالية والاشتراكية ، عن مواجهة ذلك .. محللا بمقاربة مبتكرة هذه الفوضى الاقتصادية العالمية الجديدة الناجمة عن عوامل مركبة منها : إفقار الفكر الاقتصادي ، انكفاء علم الاقتصاد السياسي لمصلحة الصيارفة ، والإحصائيين والرياضيين و المديرين الماليين ورجال الأعمال ، استمرار الرؤى الأيديولوجية للتنمية ، ضياع الاقتصاد بين النماذج المجردة والوصفات الزائفة للحداثة الاقتصادية ، إساءة استعمال السرية المصرفية ، تفشي اقتصاد الفساد أو ما يسمى بالإقتصادات الجوفية أو الخفية [ تجارة الأسلحة ، المخدرات ، الممنوعات ..] وفي أحسن الأحوال الاقتصادات الريعية غير المنتجة .. الخ .

وفيما يتعدى النقد الحاد الذي يوجهه الى ( أساطين ) الليبرالية الحديثة في الاقتصاد العالمي ، يدعو المؤلف الى وجوب فتح الملفات المذكورة بمنتهى الجرأة ، وبعث اقتصاد سياسي حقيقي من خلال صياغة جديدة للدولة وللاقتصاد بمفردات المنطق و العدالة ..

يقع الكتاب في تسعة مباحث :

مدخل : المعنى الضائع للاقتصاد السياسي .
1ـ إزالة الفقر .. أو مولد الاقتصاد السياسي
2 ـ الاقتصادي الذي خلعه الإحصائي والمهندس عن عرشه .
3 ـ الوصفات الزائفة للحداثة الاقتصادية .
4 ـ مرتكزات الاقتصاد السياسي للفساد
5 ـ مقطعة أنماط تسيير التقنية الصناعية .
6 ـ المصرفي والمكلف
7 ـ الإصلاح المستحيل للأنظمة الضريبية والمالية .
8 ـ نحو إعادة تأهيل للاقتصاد السياسي .

chouchou 27-06-2006 05:50 AM

مشكور اخي ابن حوران على هده الالتفاتة
هل يمكنني الحصول على العنوان الكامل اون فرونسي ادا كان ممكن؟؟
تحياتي :New2:

ابن حوران 27-06-2006 08:41 AM

Georges Corm
LE NOUVEAU DESORDRE
ECONMIQUE MONDIAL

Aux Racines des Echecs du Developpement

EDETTIONS LA DECOUUVERTE

PARIS 1993

مع مراعاة الشرطة التي توضع على الE بالفرنسية

شاكرا لك المرور الكريم

*سهيل*اليماني* 27-06-2006 11:40 AM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة ابن حوران
الفوضى الاقتصادية العالمية الجديدة

[color="blue"]
وفيما يتعدى النقد الحاد الذي يوجهه الى ( أساطين ) الليبرالية الحديثة في الاقتصاد العالمي ، يدعو المؤلف الى وجوب فتح الملفات المذكورة بمنتهى الجرأة ، وبعث اقتصاد سياسي حقيقي من خلال صياغة جديدة للدولة وللاقتصاد بمفردات المنطق و العدالة ..
.


اخي الفاضل .. ابن حوران ..

اسمح لي باقتباس مع الاشادة بهذه الفكر الواقعي .. المتعايش مع حقيقة الوضع .. السائد والذي أهلكتنا به اعداؤنا .. علما بأننا نملك السلاح الاقوى .. لكن لاحول ولاقوة الا بالله ..

يقول تعالى ..( وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت ايديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ماانزل اليك من ربك طغيانا وكفرا والقينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة كلما اوقدوا نارا للحرب اطفاها الله ويسعون في الارض فسادا والله لايحب المفسدين )

وهذا دليل على حقدهم الدفين وقساوة قلوبهم فهي كالحجارة او أشد قسوة .. وقال كثير من العلماء .. انهم كانوا سببا في قيام الحروب العالمية .. علما بانهم اباطرة المال وارباب الربا ..

فاذا أصبح المال دولة بين الأغنياء في المجتمع . شقي أغنياؤهم و فقراؤهم . و الربا يركز المال في أيدي فئة قليلة من أفراد المجتمع الواحد . و يحرم منه بقية المجتمع .

وهو الذي يجعل اليهود يصرون على التعامل بالربا . و نشره بين العباد . كما يحرصون على تعليم أبنائهم هذه المهنة . كي يسيطروا على المال و يحوزوه إلى خزائنهم ..*

( ماافاء الله على رسوله من اهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لايكون دولة بين الاغنياء منكم ومااتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله ان الله شديد العقاب ) ...

يقول الدكتور ( شاخت ) الألماني ، مدير بنك الرايخ الألماني سابقاً ..

( إنه بعملية رياضية " غير متناهية " يتضح أن جميع المال صائر إلى عدد قليل جداً من المرابين ، ذلك أن الدائن المرابي يربح دائمـاً في كل عمليـة ، بينما المدين معرض للربح و الخسارة ، و من ثم فإن المال كله في النهايـة لا بد بالحساب الرياضي أن يصير إلى الذي يربح دائماً ) ..*

ويقول ( شارل رست) .. وكان حجة في تاريخ المذاهب الاقتصادية و صاحب مدرسة ليس لها نظير في العالم الغربي : ( إنني و قد قاربت سن التقاعد ، أريد أن أوصي الجيل الأصغر مني سناً في هذا القضية : لقد أصبحنا الآن بعد هذه الجهود الطويلة في بلبلة مستمرة ، فكلنا يشقى بسبب توزيع الثروة ، و توزيع الدخل ، سواء منها ما كان جزئياً ، مثل قضية الفائدة و الربا ، أم ما كان مثل تفاوت الطبقات ، تعبنا في هذا و لم نصل إلى شيء )..*

اما بالنسبة للنظام الشيوعي .. فقد نافى طبيعة النفس البشرية وما جبلت عليه .. ( وتحبون المال حبا جما ) .. وحيث انه من أساسيات الدين حفظ المال .. ومن دافع عن ماله فقتل فهو شهيد .. وكل هذا مهضوم في النظام الشيوعي .. مما ادى الى فشله ..


اما مصادر الطاقة فقد وجدت في خير بقع العالم .. وحنكت اعداؤنا سيطرت عليها .. ومازالت تعرف أهمية باب المندب وموقعه الاستراتيجي وتهلك زعماء الصومال وتدفع الاموال الطالة في سبيل دمارهم .. فيما بينهم .. وتخرب بيوتهم وتسيطر بقواعد دار فور على القرن الافريقي كاملا .. واليمن يغلبهم كرم العرب فلا مقابل مرور ناقلات النفط الامريكية .. وما زال يحقق معها في قضايا مختلفة .. وقناة السويس .. مقابل السلام عليكم ديار .. هدى غاليه .. في تنزه برئ .. ولكن عن بعض من اشمئز منهم الاشرار .. فصاروا في الدرك الاسفل من النار ..

التكامل والتفاضل .. قواعد رياضية .. انسانية ايضا .. وحيث ان قياس الامم المتقدمة .. بعدد براءات الاختراع .. المتحققة سنويا .. نتاج التفكير .. بماقد يحتاجه الانسان .. ودائما ينتج التفكير ايجابيا .. رغم انه كثير من الاحيان نتيجة فكر وخيال .. كماليا ..

ولاأظن الدول الاسلامية الا فاقدة شيئا .. ضروريا .. وهو استقلالها اقتصاديا .. أمنها عسكريا .. تراحم شعوبها دينيا .. الا انها معطلة .. الفكرة .. التكاملية التفاضلية .. التشاورية .. التحاورية الهادفة .

او على الاقل الادارة الذاتية ..

والتخطيط الاستراتيجي

_____________________

* الربا و دوره في استغلال موارد الشعوب تأليف عيسى عبدو( رحمه الله )

chouchou 27-06-2006 04:56 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة ابن حوران
Georges Corm
LE NOUVEAU DESORDRE
ECONMIQUE MONDIAL
Aux Racines des Echecs du Developpement
EDETTIONS LA DECOUUVERTE
PARIS 1993
مع مراعاة الشرطة التي توضع على الE بالفرنسية
شاكرا لك المرور الكريم

اقدم لك شكري الجزيل اخي الفاضل ابن حوران :)
جازاك الله خيرا

ابن حوران 15-07-2006 07:01 AM

المعنى الضائع للاقتصاد السياسي :

حول التحولات الاقتصادية المتسارعة جدا :

لقد حدث في الثلاثين سنة الأخيرة تحولات كبيرة جدا ، أربكت كل النظريات الاقتصادية في تفسيرها .. وبعد أن تبجح الرأسماليون والليبراليون بانتصاراتهم الظاهرة ، مشيرين الى زوال الطوباويات الاشتراكية ، وسيادتهم المطلقة على العالم ، وإن كنا نقر هذا الانتصار ـ ولو الى حين ـ ، فلا بد من إلقاء ضوء على ما حدث :

1ـ لقد كشفت التحليلات الصادرة من الرأسماليين ، عورات الرأسمالية المنتصرة ، وانغماسها في آليات شاذة .

2 ـ ما أن أحس الرأسماليون بقرب انهيار الكتلة الشرقية ، حتى تعززت لديهم نظرة لتكوين نظرة محافظة ، وردت على لسان كل من مارغريت تاتشر و رونالد ريغان ، كانت تدفع باتجاه اسقاط الاعتبار لكل علوم الاقتصاد ، والإمعان في اللاأخلاقيات الاقتصادية ..

3 ـ لقد ظهر مفكرون أو قادة سياسيون ، ينظروا الى الملايين من البشر الذين كانوا يعملوا بالاقتصاديات المركزية ، القريبة من الطريقة السوفييتية ، أو المرتكزة عليها ، نظرة استخفاف واحتقار ، وإمعان في التذليل والسرقة لتلك المجموعات البشرية و دولها .. مذكرين بأن تلك الدول وشعوبها كانت أكثر ميلا لأن تسود القيم الاشتراكية مكان القيم الرأسمالية .. وقد آن الأوان أن تلعق جراحها مع من كانت تراهن عليه ..

4 ـ برزت اقتصاديات ، لم يكن يخطر بالبال أنها ستكون بتلك القوة ، حيث كانت بلاد مثل كوريا الجنوبية ، مثلا ، في عام 1971 مجتمع فلاحي بسيط يتجاوز العاملون بالزراعة فيه ال 70% .. كما ظهرت دول ذات حجم سكاني كبير كالصين و الهند بنمو اقتصادي كبير ، وخرجت من دائرة الفقر والعوز الى دائرة المنافسة العالمية ..

5 ـ تهاوت دول ذات اقتصاد مركزي قوي ، واندفعت نحو الجانب الليبرالي والرأسمالي ، بنفس السرعة التي التزمت فيه بالخط الاشتراكي !

6 ـ بقيت دول إفريقيا والشرق الأوسط ( البلدان العربية ) من أسوأ اقتصاديات العالم ، وأكثرها بؤسا ومديونية ..

نكسات في جانب الدول الليبرالية أيضا :

لكن الليبرالية المنتصرة ظاهريا ، على وشك الفشل في كل مكان ، وقد اتضح ذلك ضمن المظاهر التالية :

1 ـ تدمير بنية الدولة في دول العالم الثالث و الدول التي كانت تحت حكم مركزي ، واظهار العجز عن تحويلها الى دول رأسمالية ، مهما بلغ غنى الدول المتحكمة في العالم .. فتفشت البطالة و كثرت أحياء المهمشين قرب العواصم والمدن ، وهجر سكان الريف أريافهم الى لا اتجاه .. وكثرت الرغبة في الهجرة من البلدان تلك الى العالم الغني .. و أثقلت تلك الدول بوصفات سيئة ، من الخصخصة ، مما دفع حكومات تلك الدول أن تنفض يدها عن مسؤولية التعليم والصحة و العمل .. وغيره من تلك الأمور الضارة ..

وقد طالت أمور الإضرار بالطبقات الأدنى ، حتى بالدول الغنية نفسها ، فرنسا والولايات المتحدة ، وظهور البطالة ، والتنصل من الضمان الاجتماعي الخ .

2 ـ ظهور كوارث بيئية ، نتيجة دفن المخلفات الضارة في البلدان الفقيرة ، وتلويث الفضاء والمياه .. واستنكاف الدول الأغنى عن الالتزام بالحفاظ على البيئة العالمية ..

3 ـ والأخطر من كل تلك المظاهر ، هو تفتيت المعرفيات الاقتصادية ، فلم يعد علم الاقتصاد من العلوم السياسية ، فقد انشق وابتعد عن منظومة العلوم الانسانية ، وانقلب الاقتصاديون الى متخصصين في التسويق والإدارة والتجارة الدولية ، والنقود و الأموال .. وأصبح المهندسون هم الاقتصاديين الحقيقيين ، وأصبح موظفو البنوك والصيارفة الدوليين هم من يرسموا السياسات الاقتصادية في العالم ..

لذا فإن معظم النظريات الاقتصادية التي بدأت بالتكوين في القرن الثامن عشر ، وتصاعدت الفنون فيها وتمت إضافات البحوث والدراسات عليها خلال قرنين ، لتنهار مرة واحدة دافعة الى فوضى ، لا يستطيع أي خبير التنبؤ بشكل نهاياتها .

يتبع

ابن حوران 04-08-2006 05:47 AM

إزالة الفقر أو مولد الاقتصاد السياسي :

الأمير والفقير و الشحاذ :

اعترفت كل الحضارات القديمة بوجود التمايز في القدرة على حيازة الأموال ، فلم تستغرب تلك الحضارات من تكدس المال لدى الأمراء و التجار و الكهنة والمحاربين ، ولم تستغرب وجود ناس فقراء جدا وناس يشحذون ، وكان قد يخرج أمير أو ثري فيتحسن على مجموعات من الناس والعبيد فيطعمهم ويكسوهم و يسكنهم ، فيصبح مشهورا بإحسانه ..

لكن لم تفرد تلك الحضارات في ( الصين والهند والدولة العباسية ) بحوثا كما أوردت في الفلك والرياضيات والطب و الفلسفة .. باعتبار تلك ظاهرة طبيعية كشروق الشمس وهبوب الرياح وغيرها ..

ومن المستغرب حقا ، أن شعوب أمريكا ( قبل اكتشافها ) وشعوب إفريقيا ، قبل وصول أثر الحضارات المعروفة إليها .. قد سبقت العالم في بحث تلك الظاهرة .. فلم يكن متسول واحد في أمريكا قبل غزوها أو إفريقيا قبل إخضاعها لسلطة الحضارات المعروفة ، فقد كانت لدى تلك الشعوب نظم تراعي توزيع الثروات بطريقة فريدة ..

مولد الدولة (العقلانية ) والمساجلات الاقتصادية الأيديولوجية :

نتيجة لاختلاط الأوروبيين بشعوب العالم ، ونتيجة لاتساع رقعة نشاطهم بعد الاستكشافات والحركات الاستعمارية ، ونتيجة لبدء بذور التقدم والتطور التقني والصناعي و ما نتج عنه من تموج لحركة الأموال بيد أصحاب النفوذ .. نتيجة لكل ذلك بدأ حراك ذهني ( أيديولوجي ) لفلسفة ما يجري و الكيفية التي يرى بها المفكر تنظيم العلاقات الإنتاجية بين مختلف الناس .

فبرز محوران تم الإضافة عليهما بكثير من الكتابات ، التي شكلت فيما بعد مدارس عقائدية وسياسية في العالم ..المحور الأول : يعطي الفرد (الفردانية ) معطى أولي ويعتبره هو الأساس في الاهتمام و التشريع والتوجه .. والمحور الثاني : أعطى للأمير ( الدولة و أعوانها ) معطى أولي ، وحملها مسئولية استتباب الأمن و التطور وتوزيع الثروات .. ( هوبز .. وميكافيلي ) ..

لم تحسم المساجلات بين التيارين ، حتى اليوم ، فشاهدنا في نهاية القرن العشرين تحول من نقيض الى نقيض ، قاده دعاة من الطرف الأول ليتحولوا الى الطرف الثاني .. ولم تنتج إجابات واضحة عما جرى ، بل تبريرات ساذجة ومقولات فكرية عقيمة ، خصوصا فيما يتعلق بفكر الاقتصاد السياسي .

فمن زاوية تجد دعاة الحرية الفردية و اعتبار الفرد هو وحدة الاهتمام الرئيسة ، تجدهم تفوقوا على أصحاب اعتبار الدولة المركزية أو ( التوتاليتاريا ) .. وأصبحوا ينادوا بالعولمة ، وهي تتفوق على فكرة الأممية بإلغاء الخصوصيات الوطنية والقومية ..

في حين نجد من كانوا ينادون الى التوتاليتاريا ، يلهثون من أجل أن يقبلوا في صفوف الطرف النقيض ، ويبذلون قصارى جهدهم من أجل أن يرضى ذلك الطرف عنهم ويضمهم الى صفه !

يتبع

ابن حوران 09-08-2006 02:04 AM

إعادة تكوين الاقتصاديات الريعية غير المنتجة :

كان الصراع محتدما في النصف الثاني من القرن العشرين ، بين قوى تريد ربط الاقتصاد والثراء بالإنتاج وحده ، وبين قوى تريد إعادة هيكلة الاقتصاد بما يضمن إطلاق أيدي القوى الاقتصادية الريعية ، ولا بد هنا من الاعتراف بأن القوى الثانية ( الريعية ) هي التي انتصرت في النهاية ( والى حد ما ) ونستطيع إدارج أشكالا من تلك القوى الريعية التي تتربع على عروش اقتصاديات العالم :

1 ـ تكاثر أمراء المال الذين كسبوا ثروتهم الفائقة بفضل حركات البورصة ، والثورة في أوضاعها عالميا ( Big Bang ) المتفجرة من جراء التقدم الهائل في الاتصالات الإلكترونية .

2 ـ رؤساء الدول وكبار الموظفين أو العسكريون من ذوي الرتب الرفيعة في دول العالم الثالث ، ومن غيرهم من دول متقدمة يتهم فيها رجال هامون بالفساد والسرقات الكبرى ( اليابان و أوروبا و أمريكا ) .

3 ـ فئة كبار المقاولين والموردين الذين تزور لهم عقود وهمية وكلف مبالغ بها جدا نظير تقديم خدماتهم ، وهم بالغالب يتكاثرون حول الأمم المتحدة و قيادات دول العالم الثالث .

4 ـ لائحة لامتناهية من السعداء المستفيدين من الوضع النفطي في بلاد مختلفة من العالم ، حيث لا رقابة دستورية أو قانونية على تصرفهم بأموال النفط ، ويضاف الى هؤلاء الصياغ الخاصين بهم والمزينين والمعماريين والمزخرفين والأطباء و الخياطين وموردي العطور وسماسرة الترف الخ .

5 ـ أخيرا الشبكة الواسعة من المتاجرين بالمخدرات والأسلحة واليد العاملة الرخيصة ، محليا ودوليا وفق علاقات سرية لتمشية أعمالهم .

الى جانب هؤلاء نجد شبكة من رؤساء البنوك و كبار الموظفين فيها الذين يتصرفوا بإيداعات كبرى في تنمية أعمالهم ، وفق نظام دقيق ومعقد ، وينتقلون من بنك الى آخر ، ويسهمون في إنشاء شركات عملاقة تتحكم في اقتصاديات العالم ، دون أن تطالهم أي يد لتحاسبهم .

بالمقابل هناك الشرعيون ، الذين يطوروا تقنياتهم الإنتاجية و نظم المعلومات وغيرها من الأعمال التي ترتبط بتراث حرفي ، حرص القائمون عليه تطويره والثبات فيه ، سواء بقطاع الصناعة أو الزراعة أو غيرها .

أخيرا هناك فئة ( مجانين الملك ) .. والذين يجمعون ثرواتهم بطرق تختلف عن الشكلين السابقين ، وهم نجوم الطرب و الرياضة ومصممو الأزياء وزعماء مذاهب دينية .. باختصار كل ما يجلب السعادة للملوك والأمراء أو حتى الشعوب نفسها !

تعرض المواقع الاقتصادية ـ الاجتماعية الناشئة عن الاقتصاد الحديث الى التآكل

لقد رافق صعود الطبقات الطفيلية التي ذكرناها ، هبوط سريع للطبقات الوسطى التي كانت تشغل الوظائف العامة ، وتمتهن حرفا كانت تمدها بأسباب الحياة ، فسقط بنيان الدولة القديمة التي كان اقتصادها مبنيا على أكتاف عمال المصانع و الفلاحين والمستخدمين المتوسطين ، ليتحولوا الى متسكعين على هوامش دول قامت من جديد على أكتاف طبقات لم تبذل جهدا يذكر ، بل أخذت تتفنن بوسائل الترفيه ، فمن المساكن الواسعة ، الى مساكن الاصطياف والتنزه ، الى السيارات الحديثة ، الى السفر و التمتع بالخارج ، الى تنمية استيراد وسائل الترفيه باهظة التكاليف ..

في حين تراجعت القوى التي حملت الدولة قبل ثلاثين سنة الى ، السكن في مساكن شعبية ، واستخدام السيارات المستعملة ، والسفر برحلات جماعية متواضعة الى أماكن قريبة ، و عمل أرباب الأسر في أكثر من عمل إضافي لتسديد فواتير الحياة الجديدة ..

كما أنه أصبح من المألوف أن تترك امرأة شابة زوجها و أطفالها لتتوجه من شرق آسيا باتجاه الغرب الأكثر غنى في دول النفط وغيرها لتخدم في البيوت ، وأصبح من المألوف أن يترك رجل ذو أسرة أسرته في المكسيك أو إفريقيا ، ليذهب ليكنس شوارع باريس و أمستردام ..

إن هذا الوضع قد أدى الى خلخلة النظم الاقتصادية في العالم ، فباتت العمالة الرخيصة الوافدة تهدد أبناء الطبقات التي زحف اليها الفقر نتيجة الخلل في توزيع الثروات في بلادها ، مما جعل أزماتها تتفاقم بشكل أكبر .

المجتمع الليبرالي المأزوم :

رافق مظاهر نمو الفئات الطفيلية والاقتصاد الريعي ، رافقها غيوم ممطرة من الإعلام المبشر بنمطية الحياة الجديدة ، وكان هذا الإعلام من الإتقان بمكان بحيث حاصر كل مواطني الكرة الأرضية ، ليضطروا في النهاية الى الإصغاء له بكل تفاصيله ..

فهو يمتدح بشكل أعمى صورا صنعها في خيال المواطن العالمي عن نموذج هو في الحقيقة ليس موجود ، فمن ضمان اجتماعي ليس مضمون أن يصمد في مختلف أنحاء العالم الى عقدين آخرين من الزمن ، الى التبشير بالغذاء المعلب و حصر الأنماط المعيشية في العالم وفق مواصفات تسنها منظمة (الجات ) التي تشكل ذراعا إمبرياليا قويا ، في ردم القوانين المحلية لتسهيل السيطرة على مقدرات الشعوب .

لقد كان العمل قبل هذا العصر ، هو ما يحدد قيمة الأجور أو أثمان الأشياء أو الخدمات المقدمة ، ثم تراجعت قيمة العمل ، لتحل محلها فبركات تصطنعها عقلية القائمين على هذا النظام الليبرالي ، الذي لا زال يبشر في أن الخطط التي ستخدم البشرية لم تكتمل بعد ..

حقا أنها لم تكتمل بعد ؟ و قد تراجعت أخلاق الاقتصاديين و علماء الاجتماع عن مواجهة تلك الظواهر الليبرالية المخزية . لكن إن هذه الأزمة التي تتفاقم بسرعة هائلة ، تذكر بأزمات الإقطاع في القرن السابع عشر في كل من بريطانيا وفرنسا .. ورغم أن البشرية قد خاب أملها في الاشتراكية التي تراجعت بسرعة هائلة أمام تلك الفوضى الاقتصادية .. لكن العالم سيكون أمام امتحان كبير في الخلاص مما هو فيه ..

ابن حوران 22-08-2006 06:18 AM

الاقتصادي الذي خلعه .. الإحصائي والمهندس عن عرشه

نتائج الانفجار السكاني الأوروبي : الحساب و البناء

يبدو أن هواجس الأوروبيين من أن الازدياد في السكان على حساب ثبات الموارد الغذائية ( نظرية مالتوس) .. قد أوجد ضحايا مختلفة عما كان يتخوف منه أنصار تلك النظرية ، ومن بين تلك الضحايا ، الاقتصاديون أنفسهم ، الذين أقصوا عن أدوارهم لحساب الإحصائيين و المهندسين ..

فأوروبا التي زاد عدد سكانها من 180 مليون نسمة عام 1800 الى 450 مليون نسمة عام 1914 ، قد تغير فيها مسائل لم يحسبها الاقتصاديون ، بل تولى حسابها ومناقشتها المهندسون و الإحصائيون ، فلم تكن أكبر مدينة في العالم قبل اختراع الكهرباء و المواصلات السريعة ، يزيد عدد سكانها عن 200 ألف نسمة ، في حين أخذت بالتزايد الكثير من المدن حتى فاق عدد الكثير منها العشرين مليونا .. مما جعل مهمة تنظيم تواجد هؤلاء في المدينة من اختصاص المهندسين .

فتصاميم البنايات الشاهقة ، والجسور و تثبيت إشارات المرور و الطرقات و تزويد المدن بالكهرباء و الماء و تنظيم النقل .. كلها دراسات يضعها المهندسون ويقدمونها للسياسي (الإداري) ، كي يحولها لإجراء ويضعها ضمن جدول زمني يحاصر فيها وجهة نظر الاقتصادي ..

لقد زاد من تعقيد مهمة تواجد الاقتصاديين كمخططين ، هو تدفق الهجرات من الأرياف و المناطق النائية وتكدسهم في العواصم والمدن الكبرى ، ويضاف اليهم الهجرات من الدول المستعمَرة الى الدول المستعمِرة ، وما سيترتب على ذلك من تأمين المساكن والأغذية وغيرها ..

ضياع الاقتصادي في النماذج المجردة ذات الطابع الفلسفي والآلي :

كل ذلك جعل المهندسين ، يتعلموا فنون الاقتصاد وينحوا الاقتصاديين جانبا لتسقط قيم النظريات الاقتصادية التي وضعت في عصر الأنوار وما بعده ، متجهة الى انفلات وفوضى لا علاقة لها بالنظريات السياسية والاقتصادية . ويتنحى الاقتصادي كمستشار للدولة و يحل المهندس محله بقوة .

إن مطالبة دول العالم الثالث في بداية الستينات من القرن الماضي بعدالة اقتصادية عالمية ، وما زالت ، كانت تذهب أدراج الرياح ولا زالت ، فكانت مهام الاقتصاديين تتمثل في وضع تقارير ذات طابع أدبي غير ملزم ، تثار في أروقة الأمم المتحدة و من على المنابر الثقافية ، دون أن ينتبه المهندسون ورجال البنوك الى ما يثار فيها ..

استحالة الإحاطة بالفقر والغنى :

عموما فإن الاقتصادي الذي يندب حظه نتيجة سرقة الآخرين لدوره ، لم يكن دوره بتلك القوة ، فالمؤشرات التي كان يستخدمها لا تصف واقع الحال الاقتصادية في البلاد ، أي بلاد ، فهو إن ذكر أن متوسط الدخل في بلد ما 15 ألف دولار ، أو 5 آلاف دولار ، فلا يعني هذا أي شيء ، فإن من أبناء الدول النامية من تنتفخ جيوبهم فتحول الخمسة آلاف دولار الى متوسط حقيقي لا يزيد عن 300 دولار ، وهذا يحدث أيضا في الدول الغنية أيضا . كذلك هي قياسات استخدام أجهزة الهاتف أو الأطباء ، أو غيرها ، ما هي إلا مؤشرات لا تفيد حتى ثقافيا ، فكيف ستتحول الى مؤثرات في التحول الاقتصادي ؟

كما أن استخدام الدولار كوحدة قياس في تلك التقارير الاقتصادية ، يكون مضللا في كثير من الأحيان الذي يختل به صرف الدولار ، فيزداد أو يقل المؤشر الوطني المعتمد ، وهي تغيرات دفترية لا معنى لها .

ابن حوران 08-09-2006 11:07 AM

(( الثقب الأسود )) في الاقتصاد المخفي :

يتعلق أملا هذا المصطلح بما لقبه الاقتصاديون بلقب (اقتصاد تحتاني) أو (لا شكلي) ، أي بكل النشاطات التي لا تخضع وجودها ولا منتجاتها ولا مداخيلها لأية مراقبة إدارية أو إحصائية ، والتي لا تودع حصيلتها غالبا ، في أي جهاز مصرفي محلي . هذه النشاطات المخفية هي من نمطين :

ـ النشاطات التي تخفى لأنها غير قانونية ، خصوصا زراعة المخدرات و تجارتها ، وكذلك المتاجرة بالأسلحة ، أو أي منتوج آخر محظور في بلد معين ، للحد أحيانا من الاستيراد ، لا غير .

ـ النشاطات التي تخفى لتجنب الضريبة ، سواء تعلق الأمر بالرسوم الجمركية التي لا تزال كبيرة في العالم الثالث ( تهريب بضائع ) ، أم تعلق بالضريبة على القيمة المضافة TVA ، أو بضريبة المداخيل أو تسجيل عمليات عقارية .

إن الأرقام المالية الناتجة عن هذا النشاط ، كبيرة جدا ، وإذا ما عرفنا عن الكيفية التي ترفع بها أسعار المستوردات و تخفض بها أسعار الصادرات لقاء عمولات ضخمة ، تأتي مع احتكار الدولة لعمليات التجارة في بلدان العالم الثالث ، لاستطعنا الاقتراب من تصور تلك الأموال المدخرة من قبل هذا النشاط في فراديس المصارف ( سويسرا ، لوكسمبورغ ، بنما ، باهاما ) .. إلا أن قسما من تلك الأموال يعاد الى موطنه للإمعان في التخريب الاقتصادي .

إن وضعا اقتصاديا مرتبكا كهذا ، يجعل من عمل الإحصائيين غير ذي جدوى ، لعدم دقته في وصف الحالة الفردية للمواطنين ، نتيجة وجود الثقب الأسود للنشاط غير المراقب وغير الواضح للإحصائيين ..

تبديل الأدوار بين المهندس والاقتصادي و الحقوقي :

عندما يتصل العجز الإحصائي بالعجز التقني ، كون التكاليف غامضة ، فإن الاقتصادي سيكون أضعف الحلقات في وضع مسودات لقوانين تعالج التضخم وطبيعة ندرة السلع المطلوبة في الأسواق .. ففي حين يستنكف المهندس الذي يكون على صلة حقيقية وعضوية في معرفة بواطن الخلل ، عن المساهمة الطوعية ، أو حتى لو كلف بها تكليفا ..

في حين تكون توصيات الاقتصاديين أمام مجالس برلمانية هزيلة في دول العالم الثالث ، لا يفقهون جيدا طبيعة عملهم ، لانتخابهم وفق ظروف أملتها الهواجس الأمنية للدولة .. كما أن المستشارين الحقوقيين الذين تعرض عليهم المسودات ، هم كذلك من الضعف بمكان لعدم درايتهم بالكم الهائل من نمو الطرق الملتوية في إدارة اقتصاديات العالم ..

وهنا برز علم جديد ( فرع من علوم القانون ) وهو المختص بقوانين التجارة والأعمال الدولية ، الذين يعملون لصالح الأثرياء والشركات التي تود التحايل على إدارة اقتصاد الدول ، وبمجرد إحالة القضايا عليهم سيجدون مئات أو حتى آلاف الثغرات التي يتهربون منها من الضرائب ..

ابن حوران 23-09-2006 04:05 AM

الوصفات الزائفة للحداثة الاقتصادية :

الهجرات .. عامل مجهول في تحليل التنمية

لقد رأينا كيف أن تحسين المستوى الطبي و الغذائي و اللقاحات الرخيصة التي انتشرت في عموم العالم كيف زادت من نسب التكاثر في العالم لدرجة مرعبة لا يجرؤ أحد على الإدعاء بالتنبؤ بما ستؤول إليه من نتائج . ورأينا كيف أن نصيب العالم الثالث قد فاق نصيب العالم المتقدم في مثل تلك الزيادات . ولكن الزيادة في السكان لم تقابلها زيادة في الانتاج الغذائي ، وإن جرى على التطور في إنتاج الغذاء تحسينات ملموسة ، فإن مجاعات ظهرت في آسيا و إفريقيا وأمريكا اللاتينية ، لن يسلم العالم المتقدم من نتائجها في جميع الحالات .

وقد يقول قائل : أن ظهور المجاعات ينبع من سوء التوزيع للمواد الغذائية أو الأموال بين الناس ، وليس نابعا من ندرة تلك المواد أو أثمانها ، وهذا كلام صحيح ، لكن ما طرح من نظريات و عقائد اقتصادية وسياسية للتقدم في حل تلك المعضلة ، لم يرق الى المستوى الذي يدخل الطمأنينة الى النفس البشرية في وجود حلول تقف على طريق الوصول لتلك الحلول ..

ففي حين حصرت الأفكار الماركسية العدو في إعاقة الوصول الى مجتمع متجانس و ينعم بخيرات العالم ، حصرته بالكمبرادورية و القوى الرأسمالية .. فإن الليبرالية قد أغفلت الصراع الطبقي و التناقضات الهائلة في المجتمعات ، لكن كلا الجانبين كانا يتحدثا كرسول مسيحي يتكلم في كلام لا يتعدى مخاطبة الوجدان والروح ، وإن ادعى غير ذلك ، والدليل على هذا القول ، هو ما آلت إليه الأوضاع في المحيطات الإنسانية التي كانت تحيط بالدعاة من الطرفين ، وإن ما نراه من تراجع مخز في العالم وصعود فئات طفيلية فوضوية للتحكم بالعالم هو دليل ماثل عما نقول ..

كيف تمكنت أوروبا من خفض معدلات نمو السكان دون استعمال أدوات تحديد النسل ؟

1ـ إن من يبحث الفورة السكانية الهائلة ، يعتقد أنه أمام ظاهرة حديثة التكوين ، لكن من يعود الى قرنين الى الوراء ، عندما ظهرت نظريات تحديد النسل ، سيرى أن أوروبا قد تخلصت من 55 مليون مهاجر الى الأمريكيتين و أستراليا و أواسط آسيا ، وذلك بين 1821و 1924 ، كما أن هجرات مهمة داخلية حدثت في أوروبا نفسها مثل هجرة الألمان الى روسيا والإيطاليين والأسبان الى فرنسا وبلجيكا والإيرلنديين الى إنجلترا الخ .

إن الأسباب التي كانت وراء الهجرة السابقة ، هي نفسها التي تدفع الناس اليوم للهجرة من دول العالم الثالث الى أماكن أكثر ملائمة ، وتدخل الأسباب تحت عوامل أمنية وغذائية و غيرها .

2 ـ تصفية جيوب البؤس والفقر ، ودفعها الى ما وراء البحار ، حتى لا تسبب أحزمة من البؤساء و المشردين حول المدن .

3ـ توطيد مراكز اجتماعية ، اقتصادية جديدة : مهن حرة وظائف عامة مدنية وعسكرية ، مستخدمون وعمال في الصناعة والمصارف والتجارة .

كل ذلك أدى الى زعزعة نظام العائلة و الميل الى النمط البرجوازي ، لانخفاض أعداد العائلات التي أدت الى خفض النمو السكاني ، وعدم النظر الى الطابع الأسري (العشائري) كضرورة اجتماعية ..

إن الشكل السابق ليس متوفرا في الوقت الحاضر لسكان بلدان العالم الثالث ، فقد تقلصت وندرت الأمكنة التي ترحب بالمهاجرين ، كما أن الهجرات السابقة كانت تدار من دول قوية ترعى المهاجرين منها الى أمكنة ضعيفة ، تجبر على استقبالهم ، في حين أن الهجرة اليوم تكون في الاتجاه المعاكس ، من بلدان ضعيفة الى أمكنة تحت رعاية دول قوية ، لذلك فإنها تأخذ طابع الندرة والسرية وغير مضمونة النتائج ، كما أن الطلب على هذا النوع من الهجرة فاق عشرات بل مئات المرات ما كان عليه في السابق ..

ابن حوران 12-10-2006 02:42 PM

التأثيرات الشاذة لهجرات العالم الثالث في المسار الإنمائي :

أخذت الهجرة الحديثة خلال قرن من الزمان أو يزيد ، أشكالا اختلفت عما كانت عليه في حالة هجرة الأوروبيين التي سبقتها و سبق أن تحدثنا عنها :

الشكل الأول : هجرة الأدمغة ، العلماء والأطباء و المهندسين والحقوقيين والتقنيين وغيرهم من خيرة أبناء العالم الثالث .. وعلينا تصور كم هي المبالغ التي صرفتها دولهم ( كحكومات ) أو ذويهم ( كأهالي لتلك الدول النامية) ، حتى وصلوا لتلك الدرجة من المعرفة العلمية .. تلك الهجرة كان يرافقها اليأس والقنوط من عودة المهاجرين فيها .. وقد انتبهت اليونسكو لهذا النوع من الهجرة وما تسببه من إطالة عمر التخلف في الدول النامية ..

الشكل الثاني : هجرة رافقت التغييرات العنيفة للأوضاع السياسية في دول العالم الثالث من خلال الانقلابات و الثورات والفتن ، وعدم استتباب الأمن .. حيث يهاجر المقاولون ورجال الأعمال والصناعيين وأموالهم .. وبعد تحسن ظروف بلادهم التي تركوها ، يصبحوا رأس حربة لرجال أعمال والشركات الكبرى في الدول التي هاجروا إليها .. وسيكونون بالتأكيد أقرب لتمثيل مواطنهم الجديدة وليس بلادهم الأصلية ، وتلك مصيبة جديدة ..

الشكل الثالث : هجرة المعدمين والعاطلين عن العمل ، الذين يذهبون لكي يوفروا بعض أسباب الحياة لمن تركوا في بلادهم من أهالي معدمين ، عن طريق تحويل الأموال التي يحصلوا عليها الى أهاليهم .. وقد قدرت تلك الأموال بنهاية الثمانينات في العالم بما يقارب المائة مليار دولار ، وهو رقم مشكوك فيه ، لأن كثيرا من الأموال تحول دون معرفة البنوك و دوائر الإحصاء ..

إن هذا النمط من الهجرة هو ذو صبغة اجتماعية بحتة ، فقد نرى أناسا يتعففوا أو يستنكفوا من ممارسة عمل حقير في بلادهم ، ولكنهم لا يستنكفون من عمله في بلاد الهجرة ، وهذا يلاحظ في الهجرة بين الدول العربية فيما بينها ، كما يلاحظ في دول شرق جنوب آسيا .. فالمهاجرون يقومون بأعمال يترفع أبناء الدول التي هاجروا إليها من عملها كتنظيف الشوارع والخدمة في البيوت والمزارع و أعمال البناء اليدوية .. وهذا النوع من الهجرة أربك دول العالم الثالث التي تستقبل هذا الصنف من المهاجرين الذين يقبلوا بأجور تقل عن نصف ما يطلبه أبناء البلد المضيف ، مما فاقم من البطالة وخلق أجواء غير سوية .

تبسيط وصفات التنمية أو أسباب تلاقي الليبراليين والماركسيين في شأن العالم الثالث :

انحصر اهتمام الدول المتقدمة بدول العالم الثالث بنقطة محورية ، هي تخفيض نسبة التزايد السكاني في تلك الدول .. وقد خذلت أجهزة الإحصاء في دول العالم الثالث رؤى الدول المتقدمة ، لعجزها التقني في عمليات الإحصاء، من جهة ولعدم جديتها في تحقيق رغبة الدول المتقدمة ..

كما اتسمت الوصفات الغربية كما هي الماركسية في تحويل الحديث عن دول العالم الثالث الى مواضيع إنشاء . ففي حين تتعاون أجهزة التبشير بالدين المسيحي التي كانت تربط التقدم باعتناق النصرانية ، وهنا ستصطدم بأكثر من عائق ، وأجهزة ليبرالية كان همها ربط تلك الدول بالسياسة الاقتصادية الغربية ونهب موادها الخام وجعل مواطنيها على مسافة كبيرة من التقدم الحقيقي ، لكي يبقوا مستهلكين لما يضخ عليهم المجتمع الرأسمالي من بضائع ..

وقد كتب مجموعة من منظري الاقتصاد الليبرالي توصيات مشروحة بإسهاب عن رؤاهم في تطوير دول العالم الثالث من أمثال (W.W.ROSTOW) صاحب كتاب مراحل النمو في دول العالم الثالث المثير للسخرية .. وألبرت هيرشمان صاحب نظرية دفعة للأمام التي تدعو للقيام باستثمارات ضخمة في دول العالم الثالث لتكون بمثابة الرافعة لاقتصادها !

كما أن الماركسية التي دعت الى تأميم المصانع و القضاء على الإقطاع ، خلقت للدول التي طبقتها مشاكل لم تكن تعهدها قبل ذلك ، ففي حين هرب أصحاب رأس المال أموالهم الى الخارج ، وفككت مصانع خوفا من تأميمها ، وحاربت القوى البرجوازية فكرة الاشتراكية خوفا على مصالحها ، واصطفت الى جانب الإمبريالية العالمية ، وسهلت مهامها .. كما أن الفلاحين الذين كانوا يعملوا تحت نظام إقطاع قديم ، كرهوا فكرة العمل الزراعي لما يرتبط بها بذاكرتهم من بؤس .. فانهار النظام الزراعي مؤقتا .. لتبدأ الأراضي بالتردي .

كما أن الفساد الإداري الذي اقترن بالتغييرات العامة في دول العالم الثالث ، منع من تقدم الوصفات الموصوفة من قبل خبراء الليبراليين والاشتراكيين ، وذلك للسكوت الخارجي على هذا الفساد .. هذا بالإضافة لما تحملته دول العالم الثالث من مديونية كبيرة ، وهذا ما سنتحدث عنه في المرة القادمة .

ابن حوران 09-11-2006 05:29 AM

تخمة التسليفات من أجل التنمية وأزمة المديونية :

ساد هذا الشعار الإجمالي والتبسيطي للتنمية على المسرح الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية الى أن جاءت أزمة ديون العالم الثالث، في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، مبينة حدود هذه السياسة وعواقبها الكارثية، خصوصا في أميركا اللاتينية، ودول في الشرق الأوسط وعمليا في الاتحاد السوفييتي السابق و دول المجموعة الشرقية، ولم ينجو منها بأعجوبة سوى الصين والهند ومجموعة دول جنوب شرق آسيا التي سيناقش وضعها بشيء من التفصيل ..

إذن لم يكن هناك مجابهات أيديولوجية اقتصادية أو حتى سياسية في تلك الظاهرة على امتداد السنوات التي سبقت العقد التاسع من القرن العشرين. فالبنك الدولي وكذلك كبريات الدول المصنعة ثم كبريات المصارف العالمية، كانت تمول في جميع أنحاء العالم وتزعم وسم تمويلها بالتنمية، فكانت تمول الطرق والمستشفيات و الجامعات والمجمعات السكنية ..وكان كل هذا النشاط قد أسس له روزفلت بعد الحرب العالمية الثانية ومشروع (مارشال) المعروف ..

لقد أدت الفوائد الهائلة على القروض الى تخمة الدول الغنية والتي قادت الى كوارث ولا زالت، ولكن البرازيل والمكسيك اللتان أعربتا عن عدم قدرتهما على مواصلة تسديد القروض والتي كانت صرخاتهما بمثابة إنذار خطير كان له وقع الصاعقة على الدول والمصارف المقرضة، ثم ما لبث أن تبعت تلك الدولتين حوالي خمسين دولة لتؤسس لحالة من تأزيم الفوضى الاقتصادية العالمية.

شعارات المذهب (النقداني) الجديدة
ل (تكييف) اقتصاديات العالم الثالث


انسجاما مع صعود نجم الليبرالية الجديدة المحافظة جدا، كان (ميلتون فريدمان) قد أعطاها النبرة الفكرية (بنظرية النقدانية التي تحصر دور الدولة فقط في وضع الضوابط أمام توسع الكتلة النقدية)، وكان رونالد ريغان ومارغريت تاتشر، قد أعطياها نبرة سياسية. حيث انحنت الدول الاشتراكية التي كانت تحتاج للقروض، كما كانت دول العالم الثالث قابلة للطاعة من الأساس في قبول قوائم المطالبة بالإصلاح والخصخصة وغيرها، حتى انهارت المجموعة الاشتراكية كاملة، وتم تسميم اقتصاديات العالم الثالث بالميكروب الليبرالي والذي جعلها مرهونة في إراداتها السياسية والاقتصادية للعقلية الإمبريالية تماما.


بروز مظاهر الرفض :

لقد أغرقت الشروح الفارغة و الأدبيات الكثيرة الخطاب الليبرالي، كما ازداد غرق الدول بمديونيتها ولم يلمس لا الشعب ولا الحكومات ولا النخب الاقتصادية أي أثر جلي لتلك الوصفات الغربية. فظهرت حركات معارضة مثل (الطريق المضيء Sentier Lumineux في (البيرو) أو الأصولية الإسلامية في الشرق الأوسط التي كانت تعبيرا معقدا لسوء الأوضاع السياسية والاقتصادية معا.

ثم ظهر فكر ديني متعصب في أمريكا وأوروبا، للتهيؤ للوقوف في وجه الحركات الإسلامية الرافضة للشكل الجديد للاستعمار، وقد شجع هذا كله، سرعة اختفاء الفكر الشيوعي وانخراط الدول التي كانت تتبنى خطه باللعبة الليبرالية متوسلة قبولها، وقد رافق تلك التطورات تعديل أو ظهور أنماط من النشاط الفكري المساند لتلك التطورات، سواء بالخطاب الاجتماعي أو التاريخي أو الأنثربولوجي ..

يتبع

ابن حوران 23-11-2006 04:58 AM

مرتكزات الاقتصاد السياسي للفساد:

بالرغم من الأعطال التي حلت بالاقتصاد العالمي، فإن التحليل الاقتصادي لا زال يعتمد الأسس والأدبيات التي وضعت في القرن التاسع عشر كما أسلفنا.

من المستحيل أن تصنف نشاطات صغار الحرفيين والريفيين وصغار التجار في دول الجنوب، على أنها من ضمن مظاهر الاقتصاد الفاسد. لكن الأمر يختلف بالنسبة الى النشاطات الخفية الواسعة النطاق التي يجري تعاطيها في الشمال و الجنوب وكذلك في بلدان المعسكر الاشتراكي (السابق). وإن تكن تلك النشاطات غير غارقة في شبهات لا شرعية بشكل واضح، إنما تجري على نحو يجعلها بمنأى عن مراقبة الضرائب و الانخراط في الاقتصاد العريض الذي يحقق نموا واسعا في عموم الاقتصادات الوطنية, مما يجعلها تنحاز الى مسببات ومظاهر الفساد ..

وتعود أسباب الانحراف العديدة في آليات الاقتصاد الحديث الكامنة وراء الإثراء غير المشروع الى سلسلتين من الظواهر:

• الاستهتار بهيبة الدولة. والذي يقود الى ما يسمى ب (الفساد الكبير) الذي يسمح لأفراد ومؤسسات بالثراء الفاحش والمفاجئ وبلا مجهود إنتاجي خاص.
• تفاقم ظواهر اللاتكافؤ الاقتصادي، والتي تؤدي الى انخفاض خطير في مستوى حياة فئات واسعة من السكان. وهذا النموذج والذي يسمى ب (الفساد الصغير العام)، ينتج عن النموذج الأول الذي تكون فيه هيبة الدولة منحطة.

الفساد: شذوذ أخلاقي أم صفة اقتصادية؟

لو ابتعدنا قليلا عن المفاهيم الأخلاقية، لنستطيع تحليل ظاهرة الفساد من زاوية اقتصادية.. فإن (الفساد) سيكون صفقة بين طرفين المفسِد(بكسر السين) الذي يملك أو يقدر له أنه سيملك (بعد الصفقة) وسائل مالية، والمفسَد (بفتح السين) الذي يملك بحكم وظيفته أو قربه من قمة هرم بنيان الدولة، القدرة على التأثير بصناعة القرار.. وتكون صيغة (الصفقة) أن يتعهد الطرف الأول للطرف الثاني أموالا أو حصصا مالية يتم التفاهم عليها، نظير تحمل الطرف الثاني مخاطر التلاعب بالقواعد المعهودة والتي تقرب (حظوظ) الطرف الأول بالانفراد بتلك الغنائم.. وهذا النموذج منتشر في دول العالم الثالث والبلدان النفطية أكثر مما هو عليه في البلدان الغنية (الصناعية).

تكرار ظاهرة الفساد من قرن الى آخر

لم يكن الفساد وليد هذه الأيام فقط، فقد كان قديما، وفي القرن التاسع عشر أسس للفساد الحديث عندما كانت الشركات الكبرى تتنافس على امتيازات ذات طابع استعماري خارج بلدانها، لتدفع لرجال الدولة في البلد الذي يراد الاستثمار فيه (كما حدث في روسيا القيصرية) وتتم الاستثمارات بأموال المودعين في المصارف(حتى صغار المودعين) .. ثم تؤول تلك الأموال الى التأميم أو عدم السداد لها .. لتعاود الشركات المالية الكبرى اللعب بمضاربات الأسهم لامتصاص الأموال أو قيمتها من جديد، ولكنها ستؤول هذه المرة الى جيوب غير التي دفعتها، لتمعن في تشظية الاقتصاد العالمي ..

نحو تشكل جديد لنظام شراء الوظائف وتوارثها :

قبل عصر الاقتصاد الصناعي، كانت الأموال تتأتى بسهولة لخزينة مال الدولة من الضرائب و غنائم الحرب، وإقطاع الممتلكات (كون الأراضي والدولة للحاكم!) وتخفيف وزن قطع (النقد)..والرشاوى وغيرها من الطرق المعروفة.

فكانت وظائف مثل القضاء و الجباية والإدارات المحلية للمدن والقرى والولايات، تشترى و يدفع ثمنها عاليا لما لها من مردود كبير، وقد كانت حتى مواقع الترتيب الكنسي (أو الديني) لها مثل هذا التقليد. وكانت تلك الأنماط منتشرة في كل أنحاء العالم وليست مقتصرة على أوروبا، بل حتى في العالم الإسلامي و غيره .

وبعد عصر الأنوار والحداثة التي زامنت الثورة الصناعية، ظهر في الأدبيات الاقتصادية والسياسية استنكارا كبيرا (أخلاقيا) لتلك الصور.. حتى بدا وكأنها زالت أو في طريقها للزوال ..

لكنها في الحقيقة، لم تختف نهائيا، بل إنها منتشرة وفي كل أنحاء العالم، فمن يتستر و(يعاون) على ديمومة الفساد هو من سيقتطع الحاكم أو هيئة الحكم له وظيفة ذات شأن ليكون جزءا من ماكنة الفساد (المستتر).

العنود النبطيه 23-11-2006 06:04 AM



اخي ابن حوران

بارك الله لك وفيك
ما رايك بمصطلح

" الفوضى الخلاّقة "

والذي نسمعه كثيرا هذه الايام ؟؟؟

ابن حوران 17-12-2006 04:29 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخت الفاضلة العنود

أشكركم أختنا على مروركم ومواظبة ترك طيب كلامكم على صفحات ما نكتب، أولا

وثانيا، بالنسبة لموضوع الفوضى الخلاقة التي ابتدعتها وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس
تعني فيما تعنيها كسر حالة الرتابة في المنطقة العربية، وتحويل هذا السكون الأزلي المقيت في
أنماط الحكم الى فوضى عارمة تتحكم الإدارة الأمريكية في دعم من هم في صفها ليحتلوا أو يعيدوا
ترتيب المنطقة وفق رؤية أمريكية ( أي تخليق أطقم جديدة ممن يتوقوا للحكم والقريبة من النهج
الأمريكي) ..

احترامي وتقديري

ابن حوران 17-12-2006 04:30 AM

الدولة المُنمِية ضد التنمية :

صحيح أن بلدان العالم الثالث لم تكن ذات تراث صناعي كبير، لكنها لم تكن خالية من إمكانيات الانطلاق واللحاق بالأمم المتقدمة، فروح المبادرة والانضباط والجلد في الأداء كان منتشرا بين طبقات الفلاحين، وكان التجار البسطاء وحتى الكبار يملكون مهارات تجعلهم قادرين على إنجاز أعمالهم بشكل حسن ..

لكن الاستعمار الحديث زرع ثقافة غريبة في المناطق التي استعمرها، قوامها (كل شيء للدولة). فقد عطلت الدولة في العالم الثالث نفسها منذ ولادتها حين أخذت تراقب كل مستويات آليات تشكُل الثروة وتسييرها، وحين نصبت نفسها مقام رجل الأعمال، دون أن تترك للفئات الاجتماعية فرصة للمشاركة في التنافس الاقتصادي. فشلَت الدولة النامية دورها الطبيعي كأداة رئيسة لحداثة اقتصادية يقع على كاهلها تنسيقها وتأطيرها، فعادت الدولة بذلك مجددا الى الدولة الوراثية المانحة للوظائف العامة مقابل دفع الأموال من قبل الرعايا.

من هنا حدث تشتيت وتشويه للحالة الاقتصادية التي سبقت الدولة النامية الحديثة، فتمزق القطاع الفلاحي وتناثرت أشلاء القطاع الحرفي، واستنفرت التضامنات الإثنية والدينية والقبلية والإقليمية استنفارا مكتوما أو معلنا للقيام بالهجوم على الحصن الوحيد للسلطة الحديثة، الدولة، هذا الجهاز الذي من خلاله يمكن التسلط على كل شيء .

وقد تكونت علاقة بين الدول النامية والدول المتطورة، كانت فيها الدولة النامية تحصل على تقنيات وقروض معينة، تذهب لمؤسسات الدولة ضمن شروط تضمن بها الدول المتطورة حقوقها ومكاسبها المستقبلية، في حين لن يستطيع الأفراد أو الشركات في الدول النامية الحصول على أي قرض دون ضمانات من دولتهم أو بنوكها الرسمية ..

ورافق هذا الواقع المشوَه فرض رسوم وضرائب بشكل مرتبك في دول العالم الثالث، فبين إعفاء تام لاستيراد مواد وأجهزة يعاد استغلال تلك الميزة من قِبل مَن يحيط بالدولة، أو من رجال الدولة بشكل يحتال على تلك الصيغة. وأحيانا تفرض جمارك على بعض السلع بشكل كبير جدا، وقد وجد أن بعض الدول النامية تضع ضعف ثمن أو كلفة السيارة اليابانية أو الأوروبية ليدفعها صنف من المواطنين في حين يُعفى منها من يحيط بالحكم تحت مسميات مختلفة.

إن هذا الواقع المختل والذي اقترن بفساد كبير جعل الناس لا يؤمنون بدورهم الضريبي ولا يؤدون ما عليهم من استحقاقات ضريبية، وهم يرون أبناء المحيطين بالدولة يتمتعون في بعثات دراسية وإعفاءات من كل شيء، ويرون الطرق والكهرباء والماء تصل الى بعض المحسوبين على نظم الحكم بيسر ولمسافات طويلة، وهم يُحرمون من تلك الخصائص، فلماذا يلتزمون بما عليهم من ضرائب ؟

ظهور الفساد وتوسع الأسواق السوداء خارج أوروبا:

عند وصول معلومات عن أشخاص لهم مهارات في الوساطة الدولية، بين قطاعات صناعية وتجارية عالمية، لرجال الحكم وخصوصا من هم في أضيق دائرة تعتلي مواقع الحكم، فإن رجال الحكم سيقربون هؤلاء منهم ويعتمدونهم كخبراء في تمرير الصفقات وأخذ العمولات، وإحالة العطاءات الوهمية أو الحقيقية بأسعار خرافية ومبالغ بها، فإن ثراء سيكون فاحشا لرجال الحكم ووسطائهم الذين تتجنبهم أجهزة الدولة من المساءلة. ولكن سيجعل هذا الجو الفاسد الفرص مفتوحة أمام أجهزة الدولة من مدير عام الجمارك الى أصغر فرد على نقاط الحدود في أخذ ما يستطيع أخذه على حساب أموال خزينة الدولة، طالما أن رأس البلاد هو من سن تلك السنة.. وتستشري تلك الظاهرة في كل دوائر الدولة التي تخمن في النهاية ما يجب قبضه من المواطن أو من له معاملة فتجد تلك الظاهرة بدوائر العقارات والأراضي و المرور وترخيص الأبنية، الى كل مفصل هام أو متدني من مفاصل الدولة.

الفساد في معاكسة قوانين السوق

كما هو ملاحظ فإن الفساد ليس انحرافا اقتصاديا غير منطقي فحسب، فهو خلافا لذلك في دول العالم الثالث، ردٌ اقتصادي عقلاني على محيط اجتماعي ـ اقتصادي مجردٌ من منطق ومن قواعد اقتصادية واضحة.. إذ أنه في أجواء كهذه تنمو نزعة الاستهلاك لكل ما هو حديث وعصري ومتميز، وهذا يحتاج الى نقد ومال لإشباع تلك النزعة المتصاعدة بنموها المنحرف، وطالما موجود الإذن بالانحراف سواء بالتصريح الواضح أو بالاقتداء بمن هم في أعلى المواقع، فسيكون هناك تنافس من أجل احتلال مواقع في سلم الفساد.. وستظهر عبارات تعطي مسحة مبرَرة لمثل ذلك السلوك ف ( فلان دبَر حاله) و (فلان شاطر).

إن هذا بالتأكيد سيقود الى اختلال في أسعار الصرف للعملة المحلية، عندما تحصر الدولة عملية تبادل العملات وتبقي على سعر الصرف لعملتها عاليا، ولا تأذن بحرية تبادل العملات، فسيظهر تجار وسوق سوداء للعملة في البلاد وتدخل البلاد في أعراض جديدة لمرض آخر.

الاتجار بالنفوذ على الصعيد العالمي :

تكونت هذه الالتواءات من صعود نجم الشركات الصناعية والمصرفية الكبرى للتحكم في إدارة شؤون الدول الكبرى، فوضعت لوائح وقوانين لحماية انفرادها في السيطرة على أسواق العالم من حيث السلع والخدمات الاستشارية، والقروض وما يتعلق بها. ثم أنشأت أذرعا لحماية تلك القوانين وضعت مقدمات لتلك القوانين صيغا أدبية وأخلاقية مزيفة، كتلوث البيئة و ثقب الأوزون وحماية المستهلك، لكي تجعل ممن يتقدمون لتلك العطاءات غير قادرين على استكمال شروط تلك اللوائح ووضعت قانون التجارة العالمية و(أيزو) وغيرها .. وسهل علينا أن نكتشف مدى كذب وزيف تلك الإدعاءات .. فمن الذي يلوث العالم ومن الذي يرحل النفايات الضارة من تلك البلدان لغيرها من دول العالم الثالث ومن الذي يستخدم أسلحة قذرة تترك إشعاعاتها في العالم لفترات طويلة؟

ومع ذلك لم تنتبه دول العالم الثالث لتلك الصورة القاتمة، أو لعلها انتبهت ولكن لا حيلة لها في رفض ذلك، بل بالعكس ستجد نفسها فرحة تلك الدولة التي تقبل في حشرها في مثل تلك الاتفاقيات كمن يحضر مأدبة أقيمت ليس على شرفه!

ابن حوران 21-01-2007 04:46 PM

مَقطَعة * أنماط تسيير التقنية الصناعية :

الأسرار الدفينة لتكاليف تشغيل الاقتصاد الحديث :

كما هو الحال بالنسبة لأي ثورة، أصيبت الثورة الصناعية بالتصلب والجمود مع مرور الزمن، بعدما أطلقت إبداعاتها وطاقاتها المرموقة .. فتم إفراغ مبادئ الثورة الصناعية من كل معانيها .. فلم يعد هناك علماء ينزوون في مختبراتهم لبحث مسائل فيزيائية أو كيميائية أو نباتية، لتصب وفق روح الثورة الصناعية لتفيد البشرية بما يتفق مع روحية التفاعل مع الإنسانية ..

بل أصبحت الشركات العملاقة التي تحتكر أسرار صناعية وزراعية تبتلع شركات ومصالح أصغر و تنظر للعالم على أنه سوق لها، تمول دراسات خاصة بها، حتى لو تمت بجامعات ومختبرات جامعية، في حين تمنع تلك التقنيات من الوصول الى الآخرين، حتى لو دفعت دولا لشن الحروب لمنع انتشار التقنية، وهذا النموذج واضح بالصناعات الدوائية والصناعات الغذائية .. وما الإشاعات والتهويل الذي يتم بين فترة وفترة لانتشار أمراض معينة كجنون البقر وانفلونزا الطيور إلا نموذجا ساذجا لتلك النزعة التسلطية. فالذين يموتون بسبب الغش في (الفودكا) مثلا ويوميا يفوق ما ماتوا من جنون البقر وانفلونزا الطيور منذ أن اقتحمت أخبار هذين المرضين الساحة الإعلامية الموجهة أصلا من تلك الإمبراطوريات الصناعية التي تملك وكالات الأنباء مع شبكات المحررين والمعلقين الدوليين ..

لقد تم تملك الشركات العملاقة التي تتواجد عبر العالم لفروع كثيرة من الصناعات والسلع الخدمية فتجد شركة تملك صناعة الطائرات وشبكة فنادق ثم تملك معها مصانع لملابس الأطفال أو غيرها، وتجد أن هناك أرباحا فاحشة في بعض المنتجات وتجد مطالبة قوية في تعويض الخسارة في منتجات أخرى، من منتجات نفس الإمبراطورية!

لقد تمزق دور العلماء والحرفيين المبدعين، لتنضوي كل النشاطات تحت تصرف تلك الشركات، وتكثر المؤتمرات المستنجدة في رفع مستويات الشعوب وتكثر الكتابات حول ذلك الموضوع دون جدوى.

تمكتب* الشركات الصناعية وحسابات الربحية:

صارت تلك الشركات ذاتها بيروقراطيات ثقيلة، فحجم الاستثمارات المالية التي قامت بها وجرَت الدول إليها، لتحسن وتزيد من أرباحها، ولا توقف إنتاج سلعة أو خدمة إلا بعد أن تستنزف كل إمكانيات الربح لآخر خطوة. كما أن تلك الشركات والتي تملك المال وتملك القدرة على إيصال من تريد ليحكم الدول التي تنتمي إليها، تفاضل بين مصالحها هي في المشاريع الدولية (الأممية) فهي تفضل مد أنابيب النفط والغاز، ولا تفكر بمد أنابيب الماء الى الدول العطشى، وهي تشجع أبحاث صناعة الطائرات (لربحيته) ولا تشجع تمويل النقل البحري (بالسفن) .. وتشجع مد الطرقات وما يرافقها من ويلات، من أجل بيع السيارات ولا تشجع مد سكك الحديد. وتماطل بل وترفض تمويل بناء السدود في الدول التي تعتبر أسواق جيدة لمنتجاتها الغذائية ..

لقد كان تقوقع أفكار تلك الشركات مكتبيا، ودراسة ما يمكنها من تحقيق أرباح هو ما فضح حقيقتها القبيحة ..


مساجلة منسية: هل يمكن تكييف التكنولوجيا في إطار سياقات تاريخية مختلفة؟

دارت في الستينات والسبعينات من القرن الماضي مساجلة مهمة بين اقتصاديين من مختلف المدارس (الاشتراكية والرأسمالية).. حول نقل التكنولوجيا الى بلدان العالم الثالث، فكان الاشتراكيون يرون أن الرأسمالية تتآمر على دول العالم الثالث ببيعها تقنيات عفا عليها الزمن وبأثمان فاحشة. وطالب الاشتراكيون بمشاركة بعض الخبراء الاقتصاديين بنقل التكنولوجيا المناسبة لتلك الدول، والتي تتناسب مع ظروفها الاجتماعية والعلمية. لكن الاشتراكيون كما هم الرأسماليون لم يضعوا حلا ناجعا لنقل تلك التكنولوجيا، وفاتهم أن تلك التكنولوجيا والمعرفة العلمية في البلاد المتقدمة كانت ثمرة جهد قرنين من الزمن تراكمت الخبرة والمعرفة بها من خلال نمو طبيعي استنبت في بيئة تختلف عن بيئة دول العالم الثالث..

أسباب العجز التكنولوجي لبلدان العالم الثالث

كثر الحديث في نهاية القرن الماضي عن أسباب تخلف الدول النامية وعدم قدرتها على مواكبة التقدم التقني، فذكرت لذلك أسباب أيديولوجية وأسباب إدارية وأسباب تتعلق بالمال والفساد والجهل وانعدام القاعدة العلمية القابلة لنقل التقانة من مصادرها ..

ولكن السبب الأهم هو أن الشركات الكبرى العملاقة والتي بدأت بالتآمر على الإنسانية ـ حتى في بلادها هي ـ فإنها وجدت بالدول النامية وخصوصا النفطية منها أو التي بها مواد خام، شهدت طفرة في أسعارها، ليرافق تلك الطفرة هيجان وشهوة لنقل التقانة بشكل مسخ، كالتصنيع بعلامة تجارية لتلك الشركات العملاقة لكن بأرض الدول النفطية والنامية، فتجد فجأة بالصحراء قيام بنايات عملاقة ومطارات ومسابح و مطاعم الخ ، لتستثمر تلك الشركات ما يتم تمويله بتلك البقع لإقامة مشاريع عملاقة لا صلة لها بالمجتمع المحلي وإمكانياته العلمية والإدارية، بل يفرح القائمون على تلك المشاريع الشبيهة (بالمشاريع الحقيقية) لكنها في الواقع وإن كان أصحابها يجنون أرباحا طائلة، لكنها في النهاية لن تصب في مصلحة نمو الاقتصاد الوطني للدولة المقام فوقها تلك المشاريع، بل وتبقى تلك المشاريع رهينة لإرادة المالكين للعلامة التجارية.


• مقطعة : مصطلح منحوت ومولَد ..
• تمكتب : مصطلح منحوت ومولَد ..

ابن حوران 16-03-2007 06:01 PM

أسباب العجز التكنولوجي لبلدان العالم الثالث
لأسباب مختلفة التقت مختلف الأطراف التي كان بينها خلاف أيديولوجي، على مسألة عدم متابعة الدراسات التي وضعها الاقتصاديون في منتصف القرن العشرين لتطوير الأداء التقني في بلدان العالم الثالث، بل وأسهمت تلك الأطراف في طمس معالم تلك الدراسات.

بالمقابل فإن الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات، والتي رأت أن الاستثمار في نقل التقنيات لدول العالم الثالث، يعتبر مضيعة للأموال و سيحبط قدراتها التسويقية فيما بعد، فاكتشفت أسلوبا مارسته في نقل سلعها بأشكال تتقبلها إدارات و نخب المال في دول العالم الثالث، دونما أن تؤثر سلبا على مسألة بقاء فرص الطلب على السلع الأجنبية، وكانت تلك الشركات العملاقة تخدع تلك الدول بقبولها رساميلها الوطنية سواء من الحكومات أو من بيوت المال الوطنية، من أجل مشاركتها في نسبة أرباح متواضعة، في حين تحتفظ بأسرار التصنيع.

بالمقابل فإن دول العالم الثالث ومن خلال خطط التنمية التبسيطية في الخمسينات والستينات ولتوافر تسهيلات ائتمانية ضخمة وللتطور الضخم في مجال المواصلات والمآثر التقنية للشركات الدولية. في هذه الأجواء تغطت صحاري بلاد كثيرة بالطرقات و المطارات و الفنادق الضخمة والجامعات، كانت تلك العوامل لا تقاوم من إدارة حكومات بلدان العالم الثالث.

وقد كانت تلك المظاهر تنتقد في منابر الأمم المتحدة، لما فيها من شكل احتكاري لتوريد وتنفيذ تلك المشاريع الضخمة التي حملت الدول مديونيات عالية إضافة لما يرافق هذا الابتهاج الكاذب من مظاهر فساد في عقد تلك الصفقات الضخمة، ولما ترهن دول العالم الثالث مواقفها الوطنية والسياسية للدول والجهات الدائنة ..

وبعد فورة ارتفاع أسعار النفط، كانت تلك الأموال تعود قافلة الى محافظ وجيوب الشركات العملاقة و التي وجدت في دول النفط أسواقا خيالية لبيعها سلعها التي يوفرها هامش كاذب لا يوظف في صناعة تنمية حقيقية ..

هذا الوضع جعل النخب الحاكمة التي أسكتت أصوات الرافضين ـ إن وجدوا أصلا ـ بحالة من الدعة والهنأة الوقتية، فغدت الدول النامية ونخبها تميل للكسل التكنولوجي، وتصنع بنفس الوقت طبقة من الأغنياء لا تثق باقتصاد أوطانها فغدت توظف أموالها خارج بلدانها .. ففرغت البلاد من مشاريع نهضة حقيقية، اللهم إلا مظاهر البناء والطرق و المطارات ذات العمر المحدود والتي ليس لها سمة إنتاجية هامة بحالة هبوط تدفق الأموال الناتجة من الشكل الريعي (النفط وما يتعلق به) ..

ولم تتعظ الدول النامية من تجارب دول نهضت في نهاية القرن التاسع عشر كاليابان، أو في أواسط القرن العشرين كالصين وكوريا الجنوبية والهند..

وستواجه الدول النامية التي تعطلت بها النهضة الحقيقية مستقبلا، مشكلة الزيادة بالسكان، وعدم قدرتها على التكيف مع هذه الزيادة وعدم القدرة على المحافظة على مستوى المعيشة في ذروة رخائها الكاذب .. وستضطر الى فرض ضرائب وإدخال أشكال من الجباية من المواطنين، مما يربك استمرار حالة الهدوء التي عاشتها في سنين رخائها..

انتشار المعرقلات لمسارات الإنماء في الشمال والجنوب

في الثمانينات، مع أزمة مديونية العالم الثالث وعودة النمو الاقتصادي في البلدان المصنعة ومع النتائج السيئة لكثير من بلدان العالم الثالث التي طبقت الاقتصاد المركزي، سينقطع الكلام نهائيا عن التكنولوجيا المتكيفة، وتلاشت المجادلة حول ممارسة الشركات الصناعية من قبل اقتصاديي التنمية والأجهزة المتخصصة في الأمم المتحدة. لكن الأسئلة عن العقبات الحقيقية التي تعترض التنمية في دول العالم الثالث ظلت قائمة.

ففي حين ظهرت في دول العالم الصناعي مشاكل تلوث البيئة وتهديد كوكبنا نتيجة سوء استخدام الموارد وما يطرح من نفايات في حالاتها الثلاث (الصلبة والسائلة والغازية) . فإن دول العالم الثالث امتلأ فضائها بالشكوك حول وجود نخب تحكم فيها هي من أقل السكان كفاءة وأكثرهم فسادا .. مما دفع لظهور حركات أشبه بالباطنية دفعها احتقانها لتتوجه لحلول لم تكن تستخدمها من قبل، وهي العنف و التشدد، مما خلق إشكاليات جديدة تتعلق بالإرهاب ونسيان حالة الفساد التي أصبح من يضمن المفسدين فيه من كبار القوى العالمية بحجة التحالف ضد الإرهاب .. وهذا سيقود كوارث اجتماعية جديدة..

ابن حوران 08-05-2007 03:24 AM

الالتباس الفكري والرؤى الأيديولوجية للتنمية :


نستطيع القول أن نهاية القرن العشرين شهدت حيرة وقلقا كبيرين في اعتراف قوى كثيرة بعدم قدرتها على تصنيف ما حصل منذ بداية الثورة الصناعية، فلا الليبراليون ولا الاشتراكيون ولا علماء الاقتصاد المهنيون، يستطيعون تحديد دور الكثير من الفئات والعوامل التي أوصلت العالم لما وصل إليه .. فالحرفيون أسهموا بمساهمات جليلة، وكذلك الجمعيات المتعددة التي كانت تعني بالتطور الاقتصادي والاجتماعي، فلم تدرج جهود هؤلاء (على سبيل المثال لا الحصر) في خطط التنمية ومسار التصاعد في الأداء الاقتصادي العالمي .. ولم تكن تلك الفئات أو الجماعات أو الأفراد تستقي إرشاداتها من المنظرين السياسيين والعقائديين والأكاديميين .. فكانت الوصفات الأدبية التي عجت بها كتب الجامعات و الأحزاب، وصفات بسيطة، نادرا ما يطلع عليها الفاعلون الحقيقيون في الحياة الاقتصادية .. ولذلك رأينا في نهاية القرن العشرين ترنحا في كبيرا في سير المنظرين وإفلاسهم في تفسير ما يحدث، وكان لا بد أن تتساقط مدارس التنظير، فإن بدأت بسقوط المدارس الشيوعية، فلا يعني أن المدرسة الرأسمالية أو الليبرالية أفضل حالا، وإن كانت قد استفادت من سقوط الفكرة الماركسية، لتلتقط أنفاسها، لا بل لتقدم نفسها، على أساس أن منهجها هو الأكثر قبولا، مما عجل في ظهور تلك الفوضى التي يعيشها العالم ..

المثل المُتجاهل لمسارات تصنيع اليابان :

إن ما يعيق التنمية والتطور في أي بلد، هو الانقطاع المتكرر في مسيرتها، نتيجة حرب أو انقلاب أو غيره، وهي قاعدة قد تصلح لكثير من الدول، ولكن النموذج الياباني كسر تلك القاعدة، عندما انقطع أكثر من مرة عن التواصل في النمو، ثم أجبر على إتباع النموذج الغربي بعد الحرب العالمية الثانية، لكنه لم ينخرط بها الى الحد الذي أُجبر عليه .. فقد ابتكر اليابانيون طرقا تجعل من ثبات خصوصيتهم القومية والسعي من أجل اكتساب الحداثة الصناعية، وتفجير طاقات الأرياف واستنفار الإقطاعية العسكرية، لتسهم في رفد النهوض بالخطة الى الأمام، وتعبئة الحرفيين والعمال والمهندسين للانخراط بهذه الخطة بحماس منقطع النظير ..

كان اليابانيون يفككون أي مستورد، ويدرسونه قطعة قطعة، وكان كل (تروست) أو احتكار صناعي واسع يقوم بتصنيع تلك القطعة الجزئية ويجري اختباراته عليها، لا لتحاكي المستوردة فحسب، بل للتفوق عليها في كثير من الأحيان من حيث الكلفة والسعر المطروح لها عالميا.. لقد وضع اليابانيون في بالهم أن المستهلكين في العالم سينظرون الى السلعة اليابانية على أنها تقليد هابط المستوى للصناعات الغربية، ولم يكن اليابانيون يتوقعون أن العالم سيضع منتوجاتهم بهذه السرعة في مصاف المنتجات الأوروبية والأمريكية. لتعود اليابان لتتزعم كتلة اقتصادية مستترة، أصبح المستهلكون بالعالم ينظرون الى سلعها على أنها تقليد للصناعة اليابانية ( كوريا، الصين، ودول أخرى) .

لم يكن النموذج الياباني يحتل إلا مساحة ضيقة من الأدبيات الاقتصادية في التراث العالمي الحديث .. لقد غازل الغرب النموذج الياباني وحاولوا (وقد نجحوا لحد ما) في كسبه الى جانبهم ككتلة اقتصادية وسياسية عالمية، وذلك من خلال تخويف اليابانيين من الخطر الشيوعي السوفييتي ..

لقد استطاعت بعض الشعوب الفقيرة جدا، أن تتشبث بعربة لقطار الغرب وأن تخرج من فقرها باتباع النموذج الياباني كدول تايوان وكوريا الجنوبية وبعض دول جنوب شرق آسيا ..

الشركات المتعددة الجنسية والأوهام الصناعوية في العالم الثالث:

بعد تليين العلاقات بين المعسكرين الغربي والشرقي، في نهاية الستينات من القرن الماضي، وبعد أن كانت الدول الغربية تكتفي ببيع السلع كمنتَج نهائي، أصبح بإمكان الدول الغربية، أن تبيع المعامل و المشاريع المتكاملة، لدول المجموعة الاشتراكية في البداية، ثم للكثير من دول العالم الثالث، وبالذات تلك الدول التي تملك من المواد الخام التي تدر عليها المزيد من العوائد، خصوصا عندما ترتفع الأسعار (حالة النفط) .. فارتأت الإدارات الغربية أن تستعيد شفط الأموال المتحصلة من زيادة الأسعار، وعلى شكل تزويد المشاريع بالمستلزمات والمدراء وغيرها.

كانت الغايات المبررة لهذا الشكل من التعاون الغربي مع دول العالم الثالث، هي التنمية وتوفير فرص العمل و نقل التقانة*1.. ولكن شيئا من ذلك لم يحدث على الصعيد الفعلي، فلا بطالة تم حلها في مناطق العالم الثالث، ولا تقانة تم نقلها، فتجد مثلا صناعة العصائر وبعض الصناعات الغذائية في بعض الدول العربية، توظف الأموال العربية، لشراء مركزات عصائر من جنوب إفريقيا أو بعض دول أمريكا الجنوبية، ومصانع تلك المركزات تعود لشركاء العرب الغربيين، ففي حين يقبل العربي بمنصب مدير (شكلي) وبراتب مغر، يأخذه من ماله هو، فيقوم بتسويق بضاعة الشركاء الغربيين، لسوق المنطقة العربية، مقابل ملاليم يربحها بالنهاية، ولا تسهم في تكوين قاعدة اقتصادية حقيقية ..

ولن يحدث تذمر حقيقي من دول العالم الثالث، نتيجة للعوائد السخيفة والأهداف الإستراتيجية غير المتحققة فعلا.. لماذا؟ لأنه ببساطة أن الشركاء المحليين، مستفيدين كأشخاص فاسدين أو فئات فاسدة، في حين يكون مطلوب منهم أن يعترضوا على تلك المشاريع!

هامش:
ــــــــ
أنظر أيضا (حيازة القدرة التكنولوجية ـ دراسة عن المؤسسات الاستشارية ومؤسسات المقاولات العربية) أنطوان زحلان / مركز دراسات الوحدة العربية/ بيروت 1990.. كما يمكن مراجعة ندوة موثقة تحت عنوان : إستراتيجية تطوير العلوم والتقانة في الوطن العربي لنفس المركز عام 1989.

ابن حوران 23-06-2007 09:47 AM

المصرفي والمُكَلَف :

كيف خضع المصرفيون لرقابة الدولة
بعدما نظموا مالية الدولة الحديثة؟


كان المصرفيون أشخاصا أساسيين في الثورة الصناعية، ففي المقام الأول ضغطوا على الأمراء لتنظيم مالية ممالكهم، وقد مولوا زيادة القوة السياسية للأمراء، من خلال ما كانوا يمنحونهم من قروض. كما فرض المصرفيون في البلدان الأوروبية الرئيسية تنظيم الإصدار النقدي من خلال إنشاء مؤسسات إصدار.

ولم يتوقف نشاط أولئك المصرفيون عند هذا الحد، بل كانوا يمولون مشاريع صناعية وزراعية ومشاريع إقراض ما وراء حدود الدولة، مما جعلهم يحتاجون المزيد من الأموال، فتحولوا الى مبشرين في جذب المدخرين لإيداع أموالهم في المصارف، وكانوا يغامرون في التصرف بتلك الأموال ويتعرضون الى مخاطر تجر الويلات في كثير من الأحيان، لا عليهم فحسب، بل على جمهور المدخرين، وكان تصاعد الأنشطة الراغبة في التمويل داخليا وخارجيا، هي ما تفرض على هؤلاء المصرفيين من تجاوب، أحيانا لا يكون بشكل مدروس بعناية ودقة.

كانت الهزات التي تعرض إليها قطاع المصارف في نهاية القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، هي ما جعلت الدول الأوروبية تتدخل لتأميم قطاع المصارف وتخضعه الى سيطرة الدولة، كون الدولة هي الضامن بالنهاية للمودعين .. وقد كانت فلسفة الدولة الغربية في ذلك تتلخص في منع الخلط بين الأعمال والقروض الممنوحة لتنمية تلك الأعمال، فالتسليف لقطاع الصناعة يختلف عن التسليف في قطاع العقارات وقطاع التجارة والزراعة والتعاون وغيره، فحتى تمنع الاحتكارات والمضاربات، أوجدت تخصصات في أعمال البنوك، والتي تم ربطها بجهاز مصرفي مركزي تملكه الدولة وفق نظام معقد.

وهكذا تنحى دور المصرفي في تسيير أمور التمويل في الدولة ونشاطاتها الاقتصادية، ليصبح خاضعا لقوانين تلك الدولة ..

تدبير الادخار العالمي من قبل البيروقراطية المصرفية

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وعودة الحياة الاقتصادية لأوروبا وانتعاش القطاعات الصناعية والزراعية، عاد المصرفيون ليحتلوا مكانتهم الأولى التي كانوا عليها قبل تدخل دولهم، ولكنهم عادوا مقيدين بضوابط من دولهم ليتحملوا هم تبعيات مخاطر تصرفهم، فبعد الانهيار المالي في بداية الثلاثينات في أوروبا عندما أصبح الدولار يساوي أكثر من مئة ألف مارك، فإن شبح تلك الأيام سيجعل المصرفيين أكثر حرصا وابتعادا عن المغامرات غير المدروسة.

هذا الجو صنع آليات معقدة لضبط مسارات التسليف، مما خلق جوا بيروقراطيا شنيعا، دخل من خلاله المهندسون ليفرضوا سلطانهم على المصرفيين وعلى الدولة أيضا.. فهم من يقدم مخططات المشاريع الهندسية وهم من يقترح حجم تمويلها، وهم من يضع تصورات لما تنتج، وقد تفننوا بتلك الدراسات، فحتى لا يضجر منهم الممولون وتضجر منهم الدولة، كانوا يميلون لعمل دورات قصيرة لرأس المال وأرباح كبيرة، يصدقون في توقعاتهم من خلال التنبؤ بها، ولكنهم لم يكونوا ليعطوا فرصة للممولين أو للدول التي ترتبط بالممولين من أن يأخذوا أنفاسهم، فتتسارع المشاريع والمخططات المكملة لها، وتتسارع معها تدفقات رأس المال لتمويلها، وتصبح الدولة والمصرفيين رهن إشارة المهندسين..

تكاليف أخطاء البيروقراطية المصرفية بالنسبة الى المُكَلَف:

رغم تلك المظاهر من الحرص والتدقيق التي تجلت بالبيروقراطية الحارسة للأموال، فإن أخطاء كثيرة وقعت ليس بالصناعات الهندسية وحسب بل بالقطاع العقاري وبالمضاربات، وساد جو من الحيل والغش للتمويه على تلك البيروقراطية. وقد كانت الخسائر بمئات المليارات من الدولارات .. ولا حاجة للتذكير بما حدث عام 1992 لمجموعة (Olympic&York) الإنجلو ـ كندية، التي فاقت خسائرها 13 مليار دولار أي بمبلغ مديونية المغرب عام 1982، أو بانهيار مجموعة إمبراطورية ماكسويل أو إمبراطورية بنك الاعتماد والتجارة الدولية ..

كل ذلك أدى الى ظهور إقطاعيات مالية عالمية، وجعل تلك الإقطاعيات تتماهى مع الدول في سياساتها المدنية والحربية والاقتصادية ..

التبذير في القروض الممنوحة للدول

اكتشف المصرفي، أن أفضل قروض ـ من حيث ضمان احتمالية تسديدها ـ هي تلك التي تمنح للدول .. لخلو ذلك من المخاطر، ولأن عدم تسديدها من قبل الدول الممنوحة، سيفتح أبواب اقتصادية لا تقل ربحا عما لو سددت تلك القروض، بل وقد تزيد عليها .. حقا، إن هذا النهج ليس جديدا، بل قد اتبعته البنوك مع الدولة العثمانية في نهاية أيامها، كما اتبعته مع العهد (الخديوي) في مصر،أو تونس في عهد البايات، ورأينا كم كانت نتائجه مفيدة ومربحة بالنسبة للمقرضين ..

ولم تكن البنوك والمصرفيين معنيين في الكيفية التي تصرف بها القروض الممنوحة للملوك والأمراء، بل كانوا معنيين بالضمانات التي يستفيدون منها بصفتهم المالية أو بصفتهم حلفاء لدولهم .. فهم بالعكس، يفرحون أن تبذر الأموال في اللهو والعربدة والسياحة، ولا تبذر في أوجه التنمية والبحث العلمي، الذي لو تم سيجعل من أسواق الدول الممنوحة مجالا مشكوك في رحابته أمام سلع شركاتهم التي كونوا منها الأموال التي أقرضوها .. وكانوا يستوفون عندما تعجز الدول عن التسديد، امتيازات جديدة في المناجم ونهب المواد الخام من الدول المقترضة، بصفتها كدولة، أو كحاكم يتصرف بشكل مطلق بشؤون تلك الدولة ..

يتبع

هامش
ـــ
الكتاب: قراءة من صفحات 107ـ 116

ابن حوران 20-08-2007 03:07 AM

استئناف انطلاق الآلة المالية الغربية

تعرض العالم الى انتكاسات مالية هائلة عام 1929، مما عطل وأخر (تغول) المؤسسات المالية التي اختارت (الدولة) كضامن لقروضها.. كما أن ظهور التوازن (الاتحاد السوفييتي) كبح من جماح تلك المؤسسات .. لكن في عهد (جون كندي) والذي يعتبر مهندس الرعب النووي في العالم الحديث، وظهور رجل بمحاذاته هو (مكنمارا) الذي ارتأى أنه بالإمكان إخلال حالة التوازن العالمي من خلال التصرف بالقروض وربط معظم دول العالم الثالث بتلك القروض وبالتالي ربطها بالعجلة الليبرالية لتكون عاملا إضافيا في وقف النمو الشيوعي. ففتحت أبواب القروض للسدود والطرق والمدارس والمستشفيات (بضمانة الدولة)، أمام البنك الدولي (IBRD) الذي كان يرأسه(مكنمارا) فكان يقود معركة على الجبهة المالية والاقتصادية العالمية محاذيا للجبهة التي كان يقودها (جون كندي) في إثارة تهيج الغرب وتهيئتهم لسباق تسلح كبير..


معدلات الصرف المتقلبة وظهور (النقدانية)*1

اكتشف الأمريكان أن الفساد المنتشر في دول العالم الثالث سيسمح لهم بفرض فوائد عالية جدا، تجعل من تلك الدول تعمل ليلا نهارا لقرون طويلة، دون أن تستطيع التخلص من مديونيتها، فيبقى قرارها وسيادتها مربوطة بالدائن!

وفي هذه الأثناء استطاعت البنوك الأمريكية ومن ثم الغربية أن تجتذب الأموال كودائع في بنوكها حيث رفعت الفوائد الى ما بين 14ـ20% بحسب البلدان والفترات التي ستودع بها الأموال، وكان ذلك بين أعوام 1980و 1985، فعاش المودعون الشرفاء و غير الشرفاء من مهربين مخدرات ولاعبي بورصة حالة نشوة فريدة..

الانفجار المالي الكبير BIG BANG، الامتلاك المالي بالإكراه OPA والريوع غير المنتجة ..

بعد الأزمات المالية المتكررة التي حدثت في منتصف القرن الماضي، والتي كادت أن تعصف بأصحاب الأموال ومؤسساتهم، جاءت الثورة الإلكترونية التقنية لتبث الروح من جديد في الإقطاعيات أو بالأحرى الإمبراطوريات المالية العالمية لتجعل من العالم (كازينو أسهم كبير) يسمح ببيع وشراء كل شيء مسبقا..

لم يعد النظام الصناعي يستطيع الحصول على أموال من المساهمين والمشتركين مباشرة، لكن حركة الإيداع كانت تتجه للبنوك التي لا مخاطرة من الإيداع فيها بعكس تلك المخاطر الناجمة عن الاستثمار في المشاريع الصناعية.

لكن هذا لم يمنع أن تكون هناك مؤسسات صناعية عملاقة لها أذرع استثمار في كل أنحاء العالم أن توظف أموال تلك البنوك ودون حدود في خدمتها. وهنا ستدور معارك صناعية طاحنة بين الشركات المتعددة الجنسيات التي تتسابق على تنفيذ مشاريع تسليح وبناء ومواصلات وغيرها، لتشفط في النهاية أموال الكثير من الدول ومنها الدول الكبرى نفسها..

تجاوزت الشركات الكبرى العملاقة فكرة الإبداع وخدمة الإنسانية والبحوث العلمية الداعمة لها، واهتمت بأقصر الطرق لتكديس الأرباح .. فانتبهت دول غرب أوروبا الى ذلك، فعاودت تحمي الشركات الصناعية التي تفرد للبحث العلمي والإبداع الإنساني ..

لا يفوتنا هنا ذكر التفنن في استخدام الإعلام ووسائل التأثير في الرأي العام، من خلال تقديم تقارير واستبيانات زائفة، هدفها زعزعة المستهلك في عرض العالم وطوله .. فأحيانا تكتب تقارير عن حوادث الطيارات و مساوئ آلة معينة، تتعاون فيها جماعات صحفية منظمة لاستبعاد شركة بالفوز بتزويد دولة بالطائرات .. أو تبث حملات دعائية منظمة يُزج فيها أطباء ورجال صحة وخبراء من كل نوع لتضخيم حالة (جنون البقر) أو (إنفلونزا الطيور) .. وتستطيع تلك الحملات أن تحرف صفقات بمليارات الدولارات عن مسارها الطبيعي .. فكل الذين ماتوا من جنون البقر وإنفلونزا الطيور خلال عشرة أعوام لا يساووا بعددهم وفيات الذين يسقط على رؤوسهم جوز الهند في يوم واحد في جنوب شرق آسيا، أو الذين يموتون ب(الفودكا) المغشوشة في روسيا بسهرة ليلة واحدة ..

تعرية الإداري والمصرفي


لقد أصبح رجال الاقتصاد ملوكا عراة لا حول لهم ولا قوة، فكل يوم نرى العالم يعقد عشرات المؤتمرات لمناقشة قضايا مثل الإيدز والتصحر والمديونية والاحتباس الحراري، ويخرج على شاشات التلفزيون رجال ناعمون يحاولون أن يعطوا كلامهم طابع الحسم والقرار .. ولكن كل ذلك محض كذب، فالرجال الحقيقيون الذين يقودون العالم ليس هؤلاء، بل المهندسون والصناعيون الكبار والذين استطاعوا أن يجعلوا من كبار رجالات الدولة ـ أي دولة ـ لعبة في أيديهم، إن لم يتولوا الحكم هم بأنفسهم (مثال إدارة بوش الحالية) ..

أما في دول العالم الثالث، فكان مدراء البنوك المركزية خارجين عمليا من دوائر القرار، وقد أصبحوا خاضعين كليا لإدارة دولية، وقراراتهم لم تعد سوى ميكانيكية عمياء لرفع معدلات الفائدة وخفضها على هوى تطور الكتلة النقدية الدولية التي خيوط تحريكها بأيدي قوى تنتمي لقيادات الفوضى الجديدة في العالم





هوامش
ـــ
النقدانية: أو المذهب النقدي، من المصطلح الفرنسيMonetarisme


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.