قصص و وجدانيات,,
 

حكاية تحت الجسر

فجأة وجدت نفسي أعيش تحت الجسر.. لا أملك من حطام هذه الدنيا سوى صندوقا كبيرا حشرت فيه ما استطعت من مكتبتي التي أفنيت عمري في جمع كتبها..
تحت الجسر.. تحت القاع.. تحت الزمن.. تحت الفراغ.. تحت كل شئ لا قيمة له أعيش ..فجأة وجدت حياتي تستقر بي هنا.. لم أعد أملك حلما ولا أمنية.. لقد ماتت الأماني واحترقت يوم احترق بيتي بكل مايحويه من شقاء و صفاء.. و لم يبقى لي سوى هذا الصندوق الذي يشهد على ماض كنت أحبه وأعشقه و أيام كنت أعيشها بكل تفاصيلها.. واليوم.. لا شئ سوى نظرات مشمئزة تطاردني كل لحظة من عابري الطريق.. تحت الجسر.. لم يعد هناك فرصة للحلم.. لم يعد هناك متسع للعمر.. لم يعد هناك غيمة للفرح.. ولكن هناك مكان للحزن والألم.. و القراءة..!!
نظرات ساخرة تطوقني كلما ألقيت جسدي على الأرض و رفعت رأسي على وسادة من الكتب و وضعت قدما على الأخرى وبدأت أتصفح كتابا.. ياللسخرية..
شحاذ يقرأ؟ فقير يتعلم؟ متسول يقتات السطور و يلتهم الصفحات؟
هكذا يخيل لي ما يدور في خيال كل عابر بي.. ولكن.. لا بــأس.. أقرأ تحت الجسر أفضل من أن أرقص فوقه..!!
فوجئت صباح ذات يوم بطفلة صغيرة تنظر إلي بحزن و كأني لمحت دمعة ساخنة تفر من عينها.. اقتربت منها.. فأطلقت ساقيها للريح وركضت..!!
أصبحت أراها كل صباح.. تقف بالقرب مني تتأملني وتتأمل ما حولي ثم تركض محتضنة حقيبتها المدرسية..
و ذات صباح.. فوجئت بها تقترب مني أكثر.. فأكثر.. وإذا بها تقذف في وجهي ريالا وتهرول مبتعدة..!!
ابتسامة مكسورة ولدت داخلي.. يا الله.. عجزت البشرية عن أن تلتفت إلى معاناتي و وحدتي و أحزاني تحت هذا الجسر ونجحت طفلة صغيرة أن تشعر بي وبوجودي و شقائي؟؟
ريال واحد؟
وممن؟؟
من طفلة ذات بضع سنوات لا زالت تتفتح ورودها و أزهارها نحو الشمس و الحياة..؟
و باتت الطفلة على هذا الحال عدة أسابيع تقترب مني و ملامح الإضطراب على وجهها الغض و تلقي ريالا بجواري و ربما في وجهي و تركض هاربة إلى مدرستها.. حاولت أن أتحدث إليها.. و أتودد لها فلم تفلح كماتي في رسم صورة صادقة لمحبتي البريئة لطفولتها الطاهرة.. فسحبت بضع ريالات من بين دفتي أحد الكتب التي أضعها تحت رأسي عند النوم و قررت أن أشتري لها لعبة.. دمية جميلة تشبهها.. وجاء ذاك الصباح لتطل معه الطفلة من رأس الشارع.. فأخرجت الدمية من الصندوق..اقتربت فأشرت لها بالدمية أن تعالي و خذي هديتك.. ارتسمت ابتسامة كالشمس على ثغرها.. وأوشكت أن تقترب لتأخذها إلا أن الفزع مني لم يغادر قلبها الصغير بعد..
قلت لها : تعالي يا طفلتي.. هذه الدمية هدية لك.. إنها من نقودك.. من قلبك الأبيض.. من بياض سريرتك , نقاء روحك.. انظري.. إنها تشبهك في بياضك وجمالك..
حسمت الطفلة أمرها و ركضت نحوي مسرعة وأخذت الدمية وفوجئت بها تقبل يدي بسرعة و تهرول بلا انتباه لتعبر الشارع فإذا بسيارة طائشة يقودها شاب أرعن أخرق تواجه الطفلة في عرض الطريق..
من يستطيع في تلك اللحظة المزدحمة بالدهشة والذهول أن يقول لهذه الطفلة : انتبهي؟
من يستطيعأن يصرخ في تلك اللحظة ليقول : قف يا زمن؟
هناك قلب برىء يوشك أن يتلاشى؟
من يقول لهذا الطائش : احذر؟
من يقول لهذه السيارة أن السير على أجساد الأطفال مؤلم..محزن.. مفجع؟
ضج الصباح بالفجيعة.. دماء.. كتب و دفاتر وأقلام مبعثرة.. و جسد غض غارق في أحضان الموت..
وأطل المساء على جنازتها.. تعبر المكان.. و أحمل همي وحزني و أمشي خلف الجنازة و في يدي الدمة مخضبة بالدماء.. من يقول لهؤلاء المتهورين إن الركض على أجساد الأطفال مؤلم للكبار.. مؤلم جدا؟!!

للكاتب:سمير مرتضى

أتمنى أن تنال على إعجابكم,,

سأكتب إن وجدت تجاوبا,,

اتمنى ان تتابعي اختي حتى ولو لم تجدي تجاوب
ربما لا يكون هناك تجاوب لكن تاكدي معظم الاحيان القارئ يقراء ويعجب بكتاباتك ولكن لا يحسن الرد

شكرا على هاذا النقل الرائع الحزين الكئيب اختي نانا
ولا حولا ولا قوة الا بالله
قصة تبكي الحجر اختي شكرا لك

شكرا لك أنت حبيبتي أوراق الخريف,,
أتمنى أن أقرأ عباراتك الرائعة دوما,,

تسلم عاشق غير على عباراتك الحلوة ديه,,

وأتمنى دوام التواصل,,

كل الشكر للأخت نانا على هذه القصة الجميلة ..

بالنسبة لي أنا من أكثر الناس حبا للقصة القصيرة وإعجابا بكتـَّابها ..

أرجو منك أن لا تبخلي علينا بالمزيد .. ولك عظيم التقدير .

شكرا لكم إخواني أسعد وsameer على هذه العبارات و أتمنى أن أراها دائما,,