أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة المفتوحة (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=7)
-   -   الذكرى 0000000000000(2) (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=63732)

محى الدين 05-07-2007 04:00 PM

الذكرى 0000000000000(2)
 

بعد مرور اربعة و عشرون عاما على تلك الحوادث لم يبقى فى افريقية حى من بنى الاحمر الا فتى فى العشرين من عمرة اسمة "سعيد" لم ير غرناطة و لا قصر الحمراء و لا المرج و لانهر اشبيلية ولكنة ما زال يحفظ فى ذاكرتة من عهد الطفولةتلك الاناشيد الاندلسية البديعة التى كان يترنم بها نساء قومة حول مهدة و يرددن فيها ذكر آبائة و اجدادة وآثار ايديهم و عزة سلطانهم فى تلك البلاد0فكان كلما خلا الى نفسة تهيج اشجانة فلا يزال يبكى و ينتحب حتى يشرف على التلف0فكان لايتمنى على الله من كل ما يتمنى امرؤ على ربة فى حياتة الا ان يرى غرناطة ساعة من زمان يشفى بها غلة نفسة ثم ليصنع الدهر بة ما يشاء0
فركب البحر يوما من سبتة الى شاطئ ملقة ثم انحدر منها الى غرناطة متنكرا فى ثوب طبيب عربى من اطباء الاعشاب يتنقل فى جبال الاندلس و سهولها حتى بلغ ضاحيتها ساعة الاصيل0ثم التفت الى المدينة فرائ على البعد ابراجها العقيقة الحمراء و قبابها العالية الشماء و مآذنها الذاهبة فى جو السماء فوقف امام هذا المنظر الجليل المهيب موقف الخاشع المتخضع و ضم احدى يدية الى الاخرى ووضعهما على صدرة كأنما هو قائم امام المحراب يؤدى صلاتة و لبث على ذلك برهة ثم صاح بصوت عال رددتة الغابات معة يقول:
"هذا ميراث آبائى و اجدادى لم يبقى لى منة الا وقفة بين يدية كوقفة الثاكل المفجوع بين يدى الاطلال البوالى و الاثار الدوارس0
"هذة مضاجعهم ينام فيها اعدائهم و هم لا مضاجع لهم الا رمال الصحراء و كثبان الفلوات0
"هذة قصورهم تشرف على الارض الفضاء و تطل من عيون نوافذها كانما تترقب ان يعودا الها فيعمروها كما كانوا فلا يفعلون0
"هذة قبابهم و ابراجهم رافعة رأسها ليلها و نهارها الى السموات العلى تدعو الله ان يعيد ايها بناتها و حماتها فلا يستجاب لها دعاء0
"و فى هذة البساتين كانوا ينعمون و تحت هذة الظلال كانوا يقيلون و على ضفاف هذة الانهار كانوا يغدون و يروحون و اليوم لا غاد منهم و لا رائح و لا سائح تحت هذة السماء و لا بارح"0
ثم نظر الى الافق فرائ الشمس تنحدر الى مغربها و رائ جيش الليل يطارد جيوش النهار فيبددها فتهافت على نفسة و هو يقول :
"هكذا تدول الدولات وتسقط التيجان و هكذا تحل الظلمات محل الانوار و هكذا تنتشر سحب الموت على وجة الحياة0"
ثم توسد ذراعة و استغرق فى النوم فلم يستفيق حتى مضى جزأ كبيرا من الليل فمشى الى نهر جار فى سفح الجبل فصلى عندة صلاة الفجر وهكذا المسلم دائما يلجا الى الله و يفزع الية بالصلاة و يبدا يومة باللجؤء الى الله ليهدية سبيل الرشاد0ثم انحدر الى المدينة يفتش عن خان ياوى الية فلم يجد فى طريقة من يرشدة الى طلبتة 0فمشى على ضفة النهر يتفقد البذور و يتلمس الاعشاب و ينتظر يقظة المدينة بعد هجعتها0
و انة لكذالك اذ انفتح بين يدية قصر عظيم و اذا فتاة اسبانية خارجة منة قد اسبلت على وجهها خمارا اسود شفافا و مشى وراءها غلام فلمحتة فى مكانة فادهشها موقفة فدنت منة و رفعت قناعها عن و جههافاذا الشمس طالعة حسنا و بهاء و قالت بلسان عربى تخالطة بعض العجمة: "اغريب انت عن هذا البلد ايها الفتى؟"
قال :
نعم لقد نزلت الساعة فلم اعرف طريق الخان الذى يأوى الية الغرباء و لم اجد فى طريقى من يدلنى علية"0
فسمعت فى صوتة رنة الشرف و رات بين اعطافة مخائل النعمة فاهمها امرة و اشارت الية ان يتبعها لتدلة على ما يريد فمشى بجانبها حتى بلغا موضع الخان فحيتة بابتسامة عذبة و قالت " لا تنس ان تزورنى ايها العربى الغريب كلما عرضتت لك حاجة0" ثم سارت فى طريقها0
و منذ هذة اللحظة اصبح الامير ينظر الى غرناطة بعين غير العين التى كان ينظر بها الها من قبل و يرى فى وجهها الانس بعد الوحشة و النور بعد الظلمة و الحياة بعد الموت فسكن ثائرة و بردت جوانحة و هدأت فى نفسة ثورة الغضب التى كانت لا تزال تعتلج بين اضلاعة0
وهكذا اصبح هذا الامير المسكين و لا هم لة الا ان يتمشى صبيحة كل يوم على ضفاف النهر يقلب نظرة فى ابواب القصور المشرفة على ضفتة علة يعرف قصر الفتاة فلا يعرفة و فى وجوة الغاديات و الرائحات من الفتيات علة يراها بينهن فلا يراها حتى نال منة اليأس فرجع الى مقبرة آبائة فى ظاهر المدينة فجلس بين القبور يذرف دموعا غزيرةلا يعلم هل هى دموع الذكرى القديمة او دموع الذكرى الجديدة؟0

والى الجزء الثالث ان شاء الله


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.