أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة المفتوحة (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=7)
-   -   يوميات رمضانية (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=65502)

maher 20-09-2007 08:00 AM

يوميات رمضانية
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

مجموعة أحداث إخوتي جرت في الاسبوع الأول من رمضان أدرجها بين أيديكم
أدعو الله أن تتم من ورائها الفائدة و المتعة يا رب
و أعتذر أني لم أدرج ذلك يوميا و ذلك لإنشغالي قليلا و أيضا لبعض الكسل الذي أصابني

تحياتي



اليوم الأول من رمضان المبارك


ـ نزول صحف إبراهيم عليه السلام:
من أقدم الأخبار التي وصلتنا عن شهر رمضان أن الكتب السماوية المعروفة نزلت فيه.
روى الطبراني في الكبير عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوارة لست مضت من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة مضت من رمضان، وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان".
وصحف إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام أشير إليها صراحة في قوله تعالى: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى). وقوله تعالى: (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى).
وقد جاء في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال على سبيل التحدث بنعمة الله:

ـ "يا عمر أتدرى من أنا؟ أنا اسمي في التوراة أحيد، وفي الإنجيل البارقليط، وفي الزبور حمياطا، وفي صحف إبراهيم طاب طاب (أي طيب) ولا فخر".

وقيل: إن صحف إبراهيم كانت عشرون صحيفة، وقيل: إنها ثلاثون.

ونحن إذا كنا لا نستطيع الجزم بأول كتب الله نزولاً من السماء على الأنبياء، إلا أننا بحسب علمنا - والله أعلم - ننظر إلى صحف إبراهيم عليه السلام على أنها من أقدم النصوص السماوية المكتوبة بين يدي الإنسان في الأرض.



ـ حريق مروع في المسجد النبوي:

ومن حوادث اليوم الأول من رمضان حادث مأساوي مروع، وقع في بقعة من أشرف بقاع الأرض!

قال ابن العماد في (شذرات الذهب 3/263)... وفي سنة أربع وخمسين وستمائة احتراق المسجد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والتسليم أول ليلة من رمضان بعد صلاة التراويح على يد الفراش أبي بكر المراغي - أحد خدمة المسجد - وكان ذلك بسقوط زبالة من يده – أي بسقوط فتيل قنديل مشتعل - مما أدى إلى نشوب حريق كبير في المسجد المعظم، فأتت النار على جميع سقوفه، ووقعت بعض السواري وذاب الرصاص، وذلك قبل أن ينام الناس.

ولم يستطع الناس فعل شيء أمام ألسنة اللهب الحارقة حتى احتراق سقف الحجرة النبوية الشريفة التي فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ووقع بعضه في الحجرة...

ومن الطبيعي أن مثل هذا الحدث يدخل الروع والرعب في قلوب المسلمين لما نال هذا المسجد المقدس والمكان المطهر من البلية والمصيبة.



ـ سرية ابي قتادة إلى بطن إضم للتمويه:

وفي اليوم الأول من رمضان سنة ثمان للهجرة جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية أبي قتادة الأنصاري إلى بطن إضم

قال الطبري (2/148) عبد الله بن حدرد قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إضم، فخرجت في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة الحارث بن ربعي (وهو أمير السرية) ومحلم بن جّثامة بن قيس الليثي، فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم مر بنا عارم بن الأضبط الأشجعي على قعود له, معه متيع له (متاع بسيط) ووطب من لبن (الوطب وعاء من جلد) فلما مر بنا عارم سلّم علينا بتحية الإسلام فأمسكنا عنه، وحمل عليه محلم بن جثامة الليثي لشيء كان بينه وبينه فقتله، وأخذ بعيره ومتيع.

فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر نزل فينا القرآن (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا...) الآية 94.

قال في (المقتفى من سيرة المصطفى 1/8): سرية أبي قتادة الأنصاري بعثه النبي أول رمضان إلى بطن إضم، وجهز معه ثمانية من أصحابه المنيرة بهم حنادس الظلم، وذلك حين همّ بغزو أهل مكة، وعزم أن يلقاهم بالأبطال والخيل والشكة, ليُظن أنه متوجه إلى تلك الناحية.

أي كانت تلك السرية للتمويه والتعمية على فتح مكة.



ـ زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت خزيمة:

ومن حوادث اليوم الأول من رمضان ما جاء في كتاب (الثقات 1/220) في حوادث السنة الثالثة للهجرة: قال ابن حبان:

فيها تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة من بني هلال، التي يقال لها أم المساكين، ودخل بها حيث تزوجها في أول شهر رمضان، وكانت قبله تحت الطفيل بن الحارث فطلقها، فتزوجها عبيدة بن الحارث (الطبقات الكبرى 8/115) فقتل عنها يوم بدر شهيداً، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد جعلت أمرها إليه عندما خطبها، فتزوجها وأشهد وأمهرها اثنتي عشرة أوقية ونشّاً فمكثت عنده ثمانية أشهر، وتوفيت في آخر شهر ربيع الآخر، وصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنها بالبقيع، وكانت سنها يوم ماتت ثلاثين سنة.



ـ صلاة الاستسقاء بالمسلمين:

ومن حوادث اليوم الأول من رمضان: قال ابن حبان في (الثقات 1/286): ثم أجدب الناس جدباً شديداً في أول شهر رمضان، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي بهم، فصلى ركعتين وجهر بالقراءة، ثم استقبل القبلة وحول رداءه..

وقد بين الإمام أحمد في مسائله أن ذلك كان في السنة السادسة للهجرة.



ـ منع المفتين المتسرعين من الفتيا:

ومن حوادث اليوم الأول من رمضان: يورد ابن كثير في البداية والنهاية (14/249) في حوادث سنة 754 للهجرة أنه في أول رمضان من ذلك العام، اتفق أن جماعة من المفتين أفتوا بأحد قولي العلماء - وهما وجهان لأصحابنا الشافعية - وهو جواز استعادة ما استهدم من الكنائس فتعصب عليهم قاضي القضاة تقي الدين السبكي فقرعهم في ذلك، ومنعهم من الإفتاء، وصنف في ذلك مصنفا يتضمن المنع من ذلك سماه (الدسائس في الكنائس).



ـ هزيمة جيش متمرد استولى على مصر:

ومن حوادث اليوم الأول من رمضان ما ذكره صاحب النجوم الزاهرة (1/94) أنه في أول شهر رمضان سنة ست وثلاثين للهجرة التقى جيش محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بجيش أنصار الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه.

وكان محمد بن حذيفة قد وثب على مصر وملكها من غير ولاية من خليفة ـ ولذلك لم يعده المؤرخون من أمراء مصر ـ بل جمع جمعاً وركب بهم على عقبة بن عامر الجهني نائب أمير مصر من طرف عثمان رضي الله عنه وقاتله وهزمه وأخرجه من الفسطاط..

فلما التقى هذا الأمير المتمرد على الخليفة في أول رمضان في ناحية خربتا مع جند الخليفة انهزم وكسرت شوكته.



ـ العماد الكاتب ودور في مملكة الأيوبيين:

وممن يذكر أنه توفي من العلماء والأعلام في اليوم الأول من رمضان: العماد الكاتب الذي كان لقلمه دور كبير في مملكة الأيوبيين.

قال ابن أبي شامة في كتابه (الروضتين في أخبار الدولتين) وتوفي العماد الكاتب رحمه الله مصنف كتب الفتح والبرق، ومصنف الرسائل الثلاث العتبى والنحلة والخطفة. توفي بدمشق في أول شهر رمضان ودفن بمقابر الصوفية بالشرف القبلي.



ـ ناصر الدين الزبيدي إمام في العربية:

وفي اليوم الأول من رمضان عام 801هـ توفي ناصر الدين أحمد بن جمال الدين بن عوض الإسكندراني الزبيري المالكي (شذرات الذهب 4/5).

قال عنه ابن حجر: بَهَرَ وفاق الأقران في العربية قدم القاهرة وولي قضاء المالكية بها فباشره بعفة ونزاهة. شرح كتاب التسهيل ومختصر ابن الحاجب.



ـ أبو القاسم البغوي مسند الدنيا:

وفي الأول من رمضان عام 317هـ توفي عبد الله بن محمد أبو القاسم البغوي الأصل البغدادي.

(قال عنه في النجوم الزاهرة 3/226): مسند الدنيا وبقية الحفاظ سمع الكثير من الحديث ورحل إلى البلاد، وروى عن خلائق لا يحصيهم إلا الله، وتفرد في الدنيا بعلو السند.



ـ دفاع أهل صور ضد هجوم بغدوين:

وفي أول شهر رمضان سنة 505 هـ حاصر الفرنجة بقيادة بغدوين مدينة صور (النجوم الزاهرة 5/181).

وعمل الفرنجة في حصارهم برجين عظيمين وزحفوا بهما أول شهر رمضان، وخرج أهل صور بالنفط والقطران ورموا النار باتجاه البرجين فهبت الريح فاحترق البرج الصغير بعد المحاربة العظيمة، ولعبت النار في البرج الكبير وما زال أهل صور يدافعون عن بلدهم حتى يئس الفرنجة من أخذها ورحلوا عنها.



ـ الزمخشري يبدأ تأليف الفصل:

أما الإمام الفذ المفسر النحوي جار الله أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري المتوفي عام 538 فإنه بدأ تأليف كتابه المعروف (المفصّل) في النحو يوم الأحد في أول شهر رمضان سنة 513 (كشف الظنون 2/1774) وأتمه في غرة المحرم سنة 514هـ...



ـ والرازي يختصر الصحاح للجوهري:

بينما اختصر الإمام محمد بن أبي بكر الرازي كتاب الصحاح للجوهري في كتاب (مختار الصحاح) وقال في آخره (كشف الظنون 3/1073).

وافق فراغه عشية يوم الخميس غرة شهر رمضان سنة ستين وستمائة
.

maher 20-09-2007 08:02 AM


اليوم الثاني من أيام رمضان

ـ مقتل الخليفة العباسي المعتز بالله:

شهد اليوم الثاني من رمضان سنة 255 هـ نهاية مأساوية لخليفة عباسي في الفترة المضطربة من حكم العباسيين... إنه المعتز بالله محمد بن جعفر بن المعتصم...

وكان المعتز بالله قد أجبر سلفه الملقب بالمستعين بالله على خلع نفسه من الخلافة والتنحي عن السلطة، قبل ثلاث سنين وستة أشهر وثلاثة عشر يوماً بالتمام والكمال...

يقول الطبري (5/406): ولما بايع المستعين (المعزول) المعتز (الخليفة الجديد) وأخذ عليه البيعة ببغداد وأشهد عليه الشهود من بني هاشم والقضاة والفقهاء والقواد نُقل من الموضع الذي كان به من الرصافة إلى قصر الحسن بن سهل هو وعياله وولده وجواريه لأربع خلون من المحرم فأنزلوهم فيه جميعاً ووكل بهم سعيد بن رجاء الحضاري وهو أحد رجالات المعتز في أصحابه،

وأخذ المستعين المعزول البردة والقضيب والخاتم – وكانت شارات الخلافة آنذاك - ووجه بها إلى المعتز بالله وكتب إليه:

ـ أما بعد فالحمد لله متمم النعم برحمته، والهادي إلى شكره بفضله، وصلى الله على محمد عبده ورسوله الذي جمع له ما فرّق من الفضل في الرسل قبله، وجعل تراثه راجعاً إلى من خصه بخلافته وسلم تسليما. كتابي إلى أمير المؤمنين وقد تمم الله له أمره وتسملتُ تراث رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن كان عنده (يقصد البردة والقضيب والخاتم) وأنفذته إلى أمير المؤمنين مع عبيد الله بن عبد الله مولى أمير المؤمنين وعبده.

ومُنع المستعين من الخروج إلى مكة واختار أن ينزل البصرة.

ونقل الخطيب البغدادي (تاريخ بغداد 2/126): كانت خلافة المعتز بالله إلى أن خلع يوم الاثنين لثلاث بقين من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، ومات في يوم الثاني من شهر رمضان بسُّر مَنْ رأى، (سامراء) ودفن بموضع يقال له باب السميدع...

وجاء في مسائل الإمام أحمد (سامراء1/65) ثم قتل المعتز بالله، وقيل: مات بمكروه ناله في اليوم الثاني من رمضان.

وقد أعطانا صاحب (بغية الطلب كمال الدين عمر بن احمد بن ابي جرادة في تاريخ حلب) صورة لأحداث خلع المعتز وطريقة قتله كما أشيع آنذاك قال:

هاج الموالي فخلعوا المعتز بحضرة القضاة والفقهاء بعد أن قرعوه ووبخوه وتلاه في الخلافة محمد بن الواثق أبو عبد الله المسمى بالمهتدي، فتتبع أموال المعتز، وأخذ له مالاً وجوهراً وطيباً ومتاعاً كثيرا. وأخذ من مال أخته ثلاث مائة ألف دينار ونادى المهتدي:

ـ من دل على مالٍ من ما لهم فله نصف العشر. فدل الناس على أموال كثيرة

وعُذب المعتز بألوان العذاب فلم يكن عنده مال (أي لم يقر على شيء) فأدخل حماماً ومنعوه الماء، حتى اشتد في الحمام عطشه وقارب التلف، ثم أخرج فأعطي ماء فيه ثلج كثير، فحين جرع منه جرعاً مات.



ـ صاعقة محرقة على بغداد:

ومن حوادث اليوم الثاني من رمضان ما أورد ابن الجوزي في كتابه (المنتظم) 8/146) في حوادث سنة 442هـ قال:

ووقعت في ليلة الجمعة ثاني رمضان صاعقة في محلة نور الدولة على خيمة لبعض العرب كان فيها رجلان، فأحرقت نصفها ورأس أحد الرجلين ونصف بدنه ويداً واحدة ورجلاً واحدة فمات، وسقط الآخر مغشياً عليه لم يتكلم يومين وليلة ثم أفاق، وعصفت ريح شديدة وجاء مطر جود فقلعت رواسن الخلافة على دجله.



ـ وصول الخليفة الفاطمي مصر:

ومن حوادث اليوم الثاني في شهر رمضان وصول الخليفة الفاطمي المعز لدين الله إلى ساحل الجيزة مصر بعد أن مهد له قائد جيوشه جوهر أمر مصر.

يقول صاحب شذرات الذهب (2/54) في حوادث سنة 563هـ:

ولما وصل الخبر إلى المعز بموت كافور الإخشيدي صاحب مصر تقدم إلى القائد جوهر ليجهز للخروج إلى مصر، فخرج أولاً لإصلاح أموره وكان معه جيش عظيم وجميع أنواع القبائل الذين يتوجه بهم إلى مصر، وأنفق المعز في العسكر المسيَّر صحبته أموالاً كثيرة، ورحّل معه ألف حمل من المال والسلاح، ومن الخيل والعدد ما لا يوصف، وكان بمصر في تلك السنة غلاء عظيم ووباء حتى مات فيها وفي أعمالها في تلك المدة ستمائة ألف إنسان على ما قيل.

وقد دخل القائد جوهر مصر في منتصف رمضان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وأخذت كتبه تتردد إلى المعز باستدعائه إلى مصر بعد أن انتظم الحال في مصر والشام والحجاز، وأقيمت للخليفة الفاطمي المعز الدعوة فيها، فسر بذلك سروراً عظيماً.

ثم استخلف الخليفة الفاطمي المعز على أفريقية بلكين بن زيري الصنهاجي، وخرج متوجهاً إلى مصر بأموال جليلة المقدار، ورجال عظيمة الأخطار، ولم يزل في طريقه يقيم بعض الأوقات في بعض البلدان أياماً ويجدّ السير في بعضها، وكان اجتيازه على برقه، ودخل الإسكندرية، ثم رحل منها في أواخر شعبان، ونزل يوم السبت ثاني رمضان على ساحل مصر بالجيزة، فخرج إليه القائد جوهر، وترجل عند لقائه، وقبل الأرض بين يديه، واجتمع به بالجيزة أيضا الوزير أبو الفضل جعفر بن الفرات.

وأقام المعز هناك ثلاثة أيام، وأخذ العسكر في التعدية بأثقالهم إلى ساحل مصر، ودخلها وكانت قد زينت له ، ولما دخل القاهرة ودخل القصر ودخل مجلساً فيه خر ساجداً، ثم صلى فيه ركعتين وانصرف الناس عنه...



ـ مقتل أحد المتآمرين على الأيوبيين (عمارة التميمي).

ومن حوادث اليوم الثاني من رمضان ما ذكره ابن الأثير في تاريخه 10/54 في تاريخه الكامل في حوادث سنة 569هـ وهو يؤرخ للدولة الأيوبية الفتية الناشئة في بلاد الشام ـ وكان الفاطميون قد استنجدوا بها أولا، ثم قضت آخر الأمر على الدولة الفاطمية في مصر وحلت مكانها ـ وكان بين الدولتين أول الأمر صراع يخبو حيناً ويشتد آخر.

قال ابن الأثير: ثم دخلت سنة تسع وستين وخمسمائة، وفي هذه السنة في ثاني رمضان صلب صلاح الدين يوسف بن أيوب جماعة ممن أراد الوثوب به بمصر من أصحاب الخلفاء العلويين.

وفي نفس العام (569 هـ) يورد المؤرخ الفذ ابن كثير في كتابه المرجع (البداية والنهاية 12/276) شيئا من تفاصيل المؤامرة الفاشلة على صلاح الدين الأيوبي، فيذكر قصة قتل شاعر متآمر مغرور، ساقه عمله السيء وجرأته على صلاح الدين الأيوبي - بعد أن قضى على الدولة الفاطمية - إلى ساحة الإعدام في صورة غريبة.قال ابن كثير وهو يسرد حوادث سنة 569هـ:

ـ ومنها مقتل عمارة بن أبي الحسن بن زيدان الحكمي من قحطان الفقيه الشاعر. وسبب قتله أنه اجتمع جماعة من رؤوس الدولة الفاطمية الذين كانوا فيها حكاما، فاتفقوا بينهم أن يردوا الدولة الفاطمية، فكتبوا إلى الفرنج (الصليبيين) يستدعونهم، وعينوا خليفة من الفاطميين ووزيراً وأمراء وذلك في غيبة السلطان ببلاد الكرك، ثم اتفق مجيئه، فجرّض عمارة اليمني شمس الدولة توران شاه (وهو أحد قواد جيش صلاح الدين، على المسير إلى اليمن ليضعف بذلك الجيش عن مقاومة الفرنج إذا قدموا لنصرة المتآمرين، ولم يخرج عمارة، بل أقام في القاهرة يفيض في هذا الحديث ويداخل المتكلمين فيه ويصافيهم، وكان من أكابر الدعاة إليه والمحرضين عليه.

وقد أدخل المتآمرون معهم فيه بعض من يُنسب إلى صلاح الدين، وذلك من قلة عقولهم، وهو الشيخ زين الدين علي بن نجا الواعظ، فإنه أخبر السلطان بما تمالؤوا وتعاقدوا عليه، فاستدعاهم واحداً واحداً فقررهم فأقروا بذلك فاعتقلهم، ثم استفتى الفقهاء في أمرهم فأفتوه بقتلهم، فعند ذلك أمر بقتل رؤوسهم وأعيانهم دون أتباعهم وعلمائهم، وأمر بنفي من بقي من جيش الفاطميين إلى أقصى، البلاد وشدد الرقابة على آخر ملوك الفاطميين وهو العاضد،

وكان عمارة اليمني معادياً للقاضي (مستشار صلاح الدين) فلما حضر عمارة بين يدي السلطان قام القاضي الفاضل ـ واسمه عبد الرحيم ـ إلى السلطان صلاح الدين ليشفع في عمارة عنده. فتوهم عمارة أنه يتكلم فيه ويحرضه عليه فقال:

ـ يا مولانا السلطان لا تسمع منه.

فغضب الفاضل وخرج من القصر فقال له السلطان:

ـ إنما كان يشفع فيك. فندم ندماً عظيماً!!

ولما ذُهب به ليصلب مرّ بدار القاضي الفاضل عبد الرحيم فطلبه فتغيب عنه، فأنشد:



عبد الرحيم قد احتجب إن الخلاص هو العجب !!



ويضيف ابن كثير: وكان عمارة شاعراً مطيقا بليغاً فصيحاً لا يلحق شأنه في هذا الشأن، غير أنه ينسب إلى موالاة الفاطميين، وقد اتهم بالزندقة والكفر المحض، ونسب إليه قوله في قصيدة طويلة:

قد كان أولُ هذا الدين من رجل

سعى إلى أن دعوه سيد الأمم

وهو بذلك يعّرض برسول الله صلى الله عليه وسلم ويشك في نبوته.

فأفتى أهل العلم من أهل مصر بقتله، وحرضوا السلطان على المثلة به وبمثله. وأنشد الكندي في عمارة اليمني حين صلب:



عُمارةُ في الإسلام أبدى جناية

وبايع فيها بِيعة وصليبا



وأمسى شريك الشرك في بغض أحمد

وأصبح في حب الصليب صليبا



وكان صلب عمارة وأصحابه يوم السبت الثاني من شهر رمضان سنة 569هـ.



- أبو الفتح أحمد بن محمد سلطان كجرات:

ومن حوادث اليوم الثاني من رمضان: جاء في كتاب شذرات الذهب (4/74) أنه في سنة 916هـ توفي السلطان العادل المجاهد أبو الفتح أحمد بن محمد سلطان كجرات من بلاد السند، وهو الذي أخذ من الكفار قلعة الشبابانير فابتناها مدينة وسماها أحمد أباد ولا تزال تنسب إليه إلى اليوم.

وعمر السلطان جمد هذا بمكة رباطا مجاور باب الدربية عرف بالكنباتية، وقرر به جماعة ودروساً وغير ذلك، وكان يرسل لهم مع أهل الحرمين عدة صدقات. واستمر على ولايته إلى أن توفي يوم الأحد ثاني رمضان بمدينة أحمد أباد.



معركة شقحب على أطراف دمشق:

ومن حوادث اليوم الثاني في رمضان: يورد لنا ابن تغري صاحب النجوم الزاهرة (8/160) صورة عن معركة جرت بين التتار والمماليك من أهل الشام ومصر وهي معركة شقحب على أطراف دمشق تحت جبل غباغب سنة 702هـ وقد هزم فيها التتار شر هزيمة بعد أن كاد اليأس والخوف يقتل النفوس يقول:

ـ ومشى السلطان الملك الناصر محمد على التتار والخليفة بجانبه، ومعهما القراء يتلون القرآن ويحثون على الجهاد ويشوقون إلى الجنة وصار الخليفة يقول:

ـ يا مجاهدون لا تنظروا لسلطانكم، قاتلوا عن دين نبيكم وعن حريمكم...

فلما تم الترتيب زحفت كراديس التتار كقطع الليل، وكان ذلك وقت الظهر من يوم السبت ثاني رمضان، وثبت أمراء الجيش وألقوا بأنفسهم إلى الموت واقتحموا القتال، واستمروا إلى أن كشفوا التتار عن المسلمين، وفر قطلوشاه مقدم التتار في نحو عشرين الفا، ونزل هارباً بعد المغرب، وشرع التتار في الهزيمة، وتبعهم المسلمون قتلاً وأسرا وتخطفهم الناس إلى الفرات (العبر في خبر من غبر 6/20).

maher 20-09-2007 08:03 AM

اليوم الثالث من أيام رمضان


الخروج لغزوة بدر الكبرى:

من حوادث اليوم الثالث من رمضان: الخروج لغزوة بدر الكبرى

نقل خليفة بن خياط في تاريخه (1/68) عن ابن إسحاق قال: وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبا سفيان أقبل من الشام في عير قريش, فخرج في طلبه. قال ابن إسحاق: خرج في طلبه يوم الأربعاء لثلاث خلون من رمضان... وهذا أحد قولين. والقول الثاني أن الخروج لبدر كان في الثامن من رمضان.

وهذا الخروج هو أحد تواريخ ثلاثة وقعت في رمضان تتعلق بغزوة بدر:

فإن الخروج لها ومغادرة المدينة المنورة كان في ثالث رمضان.

أما الغزوة نفسها فحدثت ـ كما سيأتي ـ يوم الجمعة في السابع عشر من رمضان.

وأما العودة إلى المدينة المنورة في ختامها فكان في ختام شهر رمضان.



السيدة فاطمة البتول سيدة نساء الجنة:

وفي الثالث من شهر رمضان سنة أحد عشر للهجرة توفيت سيدة نساء العالمين ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها وأرضاها



قال ابن كثير (6/333) وبعده (ص) بستة أشهر على الأشهر توفيت ابنته فاطمة رضي الله عنها، وتكني بأم أبيها، وقد كان صلوات الله وسلامه عليه عهد إليها أنها أول أهله لحوقاً به، وقال لها مع ذلك :

ـ أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة

وكانت أصغر بنات النبي صلى الله عليه وسلم على المشهور، ولم يبق بعده سواها، فلهذا عظم أجرها لأنها أصيبت به عليه السلام ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها ويكرمها ويسر إليها وكانت صابرة ديّنة خيّرة صينة قانتة شاكرة لله. وليس له عليه الصلاة والسلام نسل إلا من جهتها.

قال الزبير بن بكار: وقد روي أنه عليه السلام ليلة زفاف علي وفاطمة رضي الله عنهما توضأ وصب عليه وعلى فاطمة ودعا لهما أن يبارك في نسلهما.

وقد تزوجها ابن عمها علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد الهجرة، وذلك بعد بدر بأربعة أشهر ونصف، وبنى بها بعد ذلك بسبعة أشهر ونصف فأصدقها درعه الحطمية وقيمتها أربعمائة درهم.

وكان عمرها إذ ذاك خمسة عشر سنة وخمسة أشهر فولدت له حسناً وحسيناً ومحْسناً وأم كلثوم التي تزوج بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد ذلك.

وقد قال الإمام أحمد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوجه فاطمة بعث معها بخميلة ووسادة من أدم حشوها ليف ورحى وسقاء وجرتين..

ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدت فاطمة الزهراء في نفسها شيئاً على أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة رسول الله بسبب ميراثها.

يقول ابن كثير: فلما مرضت جاءها الصديق فدخل عليها فجعل يترضاها ويقول:

ـ "والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلا ابتغاء مرضاة الله ومرضاة رسوله ومرضاتكم أهل البيت، فرضيت رضي الله عنها". رواه البيهقي

وقيل : إنها لم تضحك في مدة بقائها بعده عليه السلام وأنها كانت تذوب من حزنها عليه وشوقها إليه. وهي التي قالت لأنس قولتها الشهيرة:

ـ "يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراث على رسول الله صلى الله عليه وسلم".

ولما حضرتها الوفاة أوصت إلى أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما فغسلتها هي وعلي بن أبي طالب وسلمى أم رافع. قيل: والعباس ابن عبد المطلب رضي الله عنهم أجمعين...

واختلف في مقدار سنها يومئذ فقيل سبع، وقيل ثمان، وقيل: تسع وعشرون. وهي أول من ستر سريرها عند حمل جنازتها. وكان الذي صلى عليها زوجها علي. وقيل: العباس. وقيل: أبو بكر الصديق والله أعلم.

ودفنت بالبقيع ليلاً، وذلك ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة للهجرة النبوية.



ـ مروان بن الحكم جد الأمويين :

وفي الثالث من شهر رمضان سنة 65 للهجرة توفي الخليفة الرابع من خلفاء بني أمية مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس (مآثر الإنافة 1/ للقلقشندي125) وهو أبو عبد الملك بن مروان.

كان يلقب (بالمؤتمن بالله) وأمه أمية بنت علقمة بن صفوان.. كانت قصيراً دقيقاً أوقص، بويع له بالخلافة في الجابية من أطراف الشام في رجب سنة أربعة وستين، ثم جددت له البيعة في ذي القعدة من هذه السنة

قال القلقشندي نقلاً عن ابن حزم في (نقط العروس): وكان سنه يوم ولي الخلافة إحدى وستين سنة وكان نقش خاتمه: الله ثقتي ورجائي. وكان له من الأولاد عبد الملك ومعاوية وعبيد الله وعبد الله وأبان وداود وعبد العزيز وعبد الرحمن وبشر ومحمد وبنات.

كان سلطانه بالشام خاصة. بينما باقي الأمصار: الحجاز والعراق ومصر في طاعة عبد الله بن الزبير.

بل كان الضحاكُ بن قيس بالشام في جماعة يحاربون لمبايعة ابن الزبير كذلك، حتى كانت الوقعة بين الفريقين بمرج راهط بغوطة دمشق، فقتل الضحاك وانهزم من معه.

وسار مروان إلى مصر سنة خمس وستين فبايعه أهلها.

توفي مروان بن الحكم هذا بالطاعون لثلاث خلون من رمضان سنة 65هـ وعمره ثلاث وستون سنة، ودفن بقبة دمشق، وكانت مدة خلافته سبعة أشهر وثمانية عشر يوماً

ويقال: إن زوجته أم خالد بن يزيد بن معاوية خنقته، ثم صاحت وقالت: مات فجأة.

وكان مروان (تاريخ خليفة بن خياط 1/262) قد ولد بمكة في دار أبي العاص التي يقال لها دار أم أبي الحكم ، ويقال ولد في الطائف. وكان على شرطته يحيى بن قيس الغساني، وكاتبه سرجون بن منصور الرومي ، وحاجبه أبو سهل الأسود مولاه. والله أعلم.



ـ عزل عبيد الله بن المهدي عن مصر:

وفي الثالث من رمضان عام 181هـ عزل هارون الرشيد (النجوم الزاهرة 2/94) أخاه لأبيه عبيد الله بن المهدي بن أبي جعفر المنصور عن ولاية مصر.

وكان الرشيد جمع له فيها حينما ولاه إضافة إلى الإمارة إمامة الصلاة وخراج مصر. فقدمها في يوم الإثنين لأثنتي عشر ليلة من المحرم سنة 179هـ وجعل على شرطته معاوية بن صرد، وخرج منها إلى جهة الإسكندرية لما بلغه أن الروم قصدوا الإسكندرية، ثم عاد إليها حتى صرفه أخوه الرشيد عنها.

قال ابن تغري (2/94) صاحب البغية: صرف عنها لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة.



ـ ولاية المستنصر بالله الأيوبي في الأندلس:

وفي الثالث من شهر رمضان سنة 350 يوم الخميس (الحلة السيراء 1/200) ولي الخلافة في بلاد الأندلس رجل من الأمويين هو الحكم بن عبد الرحمن المستنصر بالله أبو العاص.

ولي الحكم بن المستنصر بالله الخلافة وهو ابن سبع وأربعين سنة. وبقي خليفة إلى توفي سنة 366هـ فكانت خلافته خمس عشر سنة وخمسة أشهر وثلاثة أيام.

استغرقت خلافة أبيه الطويلة ردحاً من عمره، حتى كان أبوه المستنصر يقول له فيما يحكى عنه:

ـ لقد طولنا عليك يا أبا العاصي.

كان الحكم بن المستنصر حسن السيرة فاضلاً عادلاً، شغوفاً بالعلوم حريصاً على اقتناء دواوينها، يبعث فيها إلى الأقطار والبلدان, ويبذل في أعلاقها ودفاترها أنفس الأثمان. ونفق ذلك لديه، فحملت إليه من كل جهة حتى غصت بها بيوته, وضاقت عنها خزائنه

قال ابن حيان عند ذكر الحكم في (الحلة السيراء للقناعي 1/200): كان من أهل الدين والعلم، باحثا عن الأنساب مستجلباً للعلماء ورواة الحديث من جميع الآفاق، يشاهد مجالس العلماء ويسمع منهم وروى عنهم، ولم يُسمع في الإسلام بخليفة بلغ مبلغ الحكم في اقتناء الكتب والدواوين وإيثارها.

بعث إلى أبي الفرج الأصبهاني القرشي المرواني ألف دينار عيناً ذهباً, وخاطبه يلتمس منه نسخة من كتابه الذي ألفه في الأغاني ، فأرسل إليه في الأندلس منه نسخة حسنة منقحة، قبل أن يظهر الكتاب لأهل العراق أو ينسخه أحد منهم ، وألف له أيضاً أنساب قومه بني أمية موشحه بمناقبهم وأسماء رجالهم فأحسن فيه جداً, وخلّد لهم مجداً, وأرسل به إلى قرطبة وأنفذ معه قصيدة حسنة من شعره.

وكان للحكم ورّاقون بأقطار البلاد ينتخبون له غرائب التواليف, ورجال يوجههم إلى الآفاق. ومن وراقيه ببغداد محمد بن طرخان ومن أهل الشرق والأندلس جماعة.

وكان الحكم كثير التصحيح لكتبه والمطالعة لفوائدها، وقلما تجد له كتاباً في خزائنه إلا وله فيه قراءة ونظر من أي فن كان من فنون العلم. يقرؤه ويكتب فيه بخطه: إما في أوله أو آخره أو في تضاعيفه نسب المؤلف ووفاته والتعريف به، ويذكر أنساب الرواة له، ويأتي من ذلك بغرائب لا تكاد توجد إلا عنده لكثرة مطالعته وعنايته بهذا الفن.. وكان موثوقاً به مأموناً عليه, صار كل ما كتبه حجة عند شيوخ الأندلسيين وأئمتهم.

maher 20-09-2007 08:04 AM

اليوم الرابع من أيام رمضان

ـ البيعة للأدارسة في المغرب:

من حوادث اليوم الرابع من رمضان تلقي العلويين الأدارسة البيعة في المغرب

قال د.عبد الهادي التازي في كتابه (الأصول التاريخية بالمشرق لآل البيت بالمغرب):

ـ كان أول قادم إلى المغرب من ذرية الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو المولى إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وذلك بإجماع المؤلفين الذين كتبوا عن تاريخ المغرب بعد ظهور الإسلام...

وقد كان وصول إدريس إلى أفريقيا عبر البحر الأحمر بعد وقفة (فخ) التي جرت يوم ثامن ذي الحجة سنة 169هـ.

ومن طنجة التي نزل بها إدريس بادئ الأمر وجه نداءه التاريخي إلى المغاربة، ولم يلبث أن تلقى البيعة يوم الجمعة رابع رمضان سنة 172هـ حيث أنشأ مملكة في المغرب مستقلة عن الخلافة العباسية ببغداد.

وقد أغضبت تلك الحركة العباسيين ببغداد فبعثوا بمن احتال عليه وقام باغتياله. لكن الدولة التي انشأها استمرت بجهود ابنه إدريس الثاني الذي انشأ له سنة 192هـ عاصمة تحمل اسم فاس.



ـ ثورة خالد الدريوش وسهل بن سلامة:

ومن حوادث اليوم الرابع من رمضان ثورة خالد الدريوش وسهل بن سلامه

جاء في تاريخ الطبري (5/132) في حوادث سنة 201 للهجرة قال:

ـ وفي هذه السنة تجردت المطوعة للنكير على الفساق ببغداد. ورئيسهم خالد الدريوش وسهل بن سلامة الأنصاري.

وكان السبب في ذلك أن فساق الحربية والشطّار الذين كانوا ببغداد والكرخ آذوا الناس أذى شديدا، وأظهروا الفسق وقطع الطريق، وأخذ الغلمان والنساء علانية من الطرق، فكانوا يجتمعون فيأتون الرجل فيأخذون ابنه فيذهبون به فلا يقدر أن يمتنع، وكانوا ـ أي الشطار والفساق ـ يجتمعون فيأتون القرى فيكاثرون أهلها ويأخذون ما قدروا عليه من متاع وغير ذلك ، لا سلطان يمنعهم ولا يقدر على ذلك منهم ، لأن السلطان كان يعتز بهم وكانوا بطانته .

فلما رأى الناس ذلك وما قد أُخذ منهم وما بيع من متاع في أسواقهم، وأن السلطان لا يغير عليهم قام صلحاء كل رَبَض ودرب ، فمشى بعضهم إلى بعض وقالوا:

ـ إنما في الدرب الفاسق والفاسقان إلى العشرة ، وقد غلبوكم وأنتم أكثر منهم، فلو اجتمعتم حتى يكون أمركم واحداً لقمعتم هؤلاء الفساق.

فقام رجل من ناحية طريق الأنبار يقال له (خالد الدريوش) فدعا جيرانه وأهل بيته وأهل محلة على أن يعاونوه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأجابوه إلى ذلك ، وشد على من يليه من الفساق والشطار فمنعهم مما كانوا يصنعون ، إلا أنه كان لا يرى أن يغير على السلطان شيئا . (أي لا يخرج على الحاكم)

ثم قام من بعده رجل من أهل الحربية يقال له سهل بن سلامة الأنصاري من أهل خراسان فدعا الناس إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وعلق مصحفاً في عنقه ، ثم بدأ بجيرانه وأهل محلة فأمرهم ونهاهم فقبلوا منه ، ثم دعا الناس جميعاً إلى ذلك فأتاه خلق كثير فبايعوا ، ثم إنه طاف ببغداد وأسواقها وطرقها ومنع كل من يخفر ويجبي المارة. فقوي على ذلك.

وقام في ذلك سهل يوم الخميس لأربع خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين في مسجد طاهر بن الحسين، الذي كان بناه في الحربية... إلا أن ذلك استثار السلطان.

يقول ابن الجوزي في المنتظم (10/93) وقوتل سهل من قبل السلطان ، قاتله عيسى محمد بن أبي خالد فقاتل فضرب ضربة بالسيف فرجع إلى منزله ، ثم اعتذر إليه عيسى.





ـ سقوط سرقسطة في يد الإفرنج:

وفي اليوم الرابع من شهر رمضان سنة 512هـ. سقطت في يد الافرنج مدينة سرقسطة من بلاد الأندلس.

قال ابن المقرّي في نفح الطيب: (1/150) سرقسطة بناها قيصر ملك روما الذي تؤرخ من مدته مدة الصفر قبل مولد المسيح على نبينا وعليه وعلى سائر الأنبياء الصلاة والسلام ، وتفسير اسمها قصر السيد لأنه اختار ذلك المكان في الأندلس.

وقيل: إن موسى بن نصير - فاتح الأندلس - شرب من ماء نهر جلق بسرقسطة فاستعذبه، وحكم أنه لم يشرب بالأندلس أعذب منه، وسأل عن اسمه فقيل جلق، ونظر إلى ما هي عليه من البساتين فشبهها بغوطة جلق الشام.

وذكر غير واحد أن في كورة سرقسطة الملح الاندراني الأبيض الصافي الأملس الخالص، وليس في الأندلس موضع فيه مثل هذا الملح.

ثم قال ابن المقري: وأخذ العدو دمره الله تعالى مدينة سرقسطة يوم الأربعاء لأربع خلون من رمضان سنة اثنتي عشرة وخمسمائة للهجرة (512هـ).

وأشار صاحب الحلة السيراء (2/248) إلى اضطراب أحوال سرقسطة قبل سقوطها بيد الافرنج فقال :

ـ في سنة 503هـ تولى عماد الدولة أبو مروان عبد الملك بن أحمد ، وشرط عليه أهل سرقسطة ألا يستخدم الروم ولا يلابسهم ، فنقض بعد أيام بسيرة ذلك لما شعر من ميل الناس إلى الملثمين ، وأقام بحصن روطة ، واستدعى أهل سرقسطة محمد بن الحاج اللمتوني والي بلنسية ، وأمكنوه من البلد ، وجرت قصص طويلة أفضت إلى تغلب الروم على سرقسطة.

وقد هجرها المسلمون بعد ذلك.

فعلى سبيل المثال يورد ابن الابار البلنسي في تكملة ابن بشكوال (1/39) ترجمة الإمام أحمد بن محمد بن سعيد فيقول عنه :

ـ إنه من أهل سرقسطة، يكنى أبا جعفر ويعرف بابن أقلبير كان فقهياً مشاوراً. وخرج من وطنه سرقسطة بعد أن ملكها الروم صلحا يوم الأربعاء لأربع خلون من رمضان وسكن بلنسية إلى أن توفي بها. ويقول مثل هذا عن أيوب بن محمد بن وهب... والكثير غيرهما مثلهما.



ـ فتح قيسارية:

وأورد خليفة بن خياط في تاريخه (1/337) أن مسلمة بن عبد الملك غزا فأدرب من ملطية فأناخ على قيسارية فافتتحها عنوة ، وذلك لأربع خلون من شهر رمضان سنة سبع ومائة للهجرة.

وقيسارية هذه غير قيسارية التي في فلسطين ، التي فتحها المسلمون أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كتب إلى معاوية رضي الله عنه ـ وكان من أمرائه في الشام :

ـ أما بعد فإني قد وليتك قيسارية فسر إليها ، واستنصر الله عليهم ، وأكثر من قول : لا حول ولا قوة إلا بالله. الله ربنا وثقتنا ورجاؤنا ومولانا. نعم المولى ونعم النصير.



ـ ولادة المحدث أبو القاسم السمرقندي:

وفي الرابع من شهر رمضان سنة 454هـ بدمشق ولد الإمام المحدث أبو القاسم إسماعيل بن أبي بكر السمرقندي الدمشقي المولد البغدادي الدار (بغية الطلب في تاريخ حلب 4/1619).

كان أبوه من أهل سمرقند، ونزل دمشق، وولد له بها أبو القاسم يوم الجمعة وقت الصلاة. وحمله والده إلى بغداد فكان له في الحديث النبوي شأن عظيم.

يقول عنه تلميذه أبو سعد: سمعت أبا القاسم به السمرقندي يقول مذاكرة:

رَأيت النبي صلى الله عليه وسلم كأنه مريض، فدخلت عليه وكنت أقبل أخمص قدميه وأُمِرّ وجهي عليهما، فحكيت لأبي بكر بن الخاضبة ـ رحمه الله ـ فقال لي:

ـ أبشر يا أبا القاسم بطول البقاء، وانتشار الرواية عنك لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن تقبيل رجله اتباع أثره ، وأما مرض النبي فيحدث وهن في الإسلام.

فما أتى على هذا الحديث إلا قليل حتى وصل الخبر أن الافرنج استولت على بيت المقدس!

وكان ابن السمرقندي مكثراً ثقة صاحب نسخ وأصول. وكان دلالاً في الكتب، وبقي إلى أن خلت بغداد وصار محدثها كثرة وإسناداً، وأملى في جامع المنصور زيادة على ثلاثمائة مجلس في الجمعات بعد الصلاة.

وكان أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطالي يقول: أبو القاسم بن السمرقندي أستاذ خراسان والعراق.



ـ زياد بن أبي سفيان وكلام في نسبه:

وممن توفي في اليوم الرابع من شهر رمضان القائد الأموي الشهير زياد بن أبي سفيان ، ويقال: زياد بن أبيه ، وزياد بن سمية.

قال عنه ابن عبد البر في الاستيعاب (2/530) اختلف في وقت مولده، فقيل: ولد عام الهجرة وقيل قبل الهجرة، ويكنى أبا المغيرة، ليست له صحبة ولا رواية. وكان رجلاً عاقلاً في دنياه داهية خطيبا له قدر وجلالة عند أهل الدنيا.

وكان عمر بن الخطاب قد استعمله على بعض صدقات البصرة أو بعض أعمالها. وقيل: بل كاتباً لأبي موسى.

صار زياد مع علي رضي الله عنه فاستعمله على بعض أعماله فلم يزل معه إلى أن قتل رضي الله عنه، وانخلع بعدها الحسن لمعاوية رضي الله عنهما فاستلحقه معاوية وولاه العراقين.

ولم يزل كذلك إلى أن توفي بالكوفة وهو أمير المِصْرين، وهو الذي حفر نهر الأبلّة حتى بلغ موضع الجبل.

كان طويلاً جميلا يكسر إحدى عينيه. روي عن ابن عباس قال: بعث عمر بن الخطاب زياداً في إصلاح فسادٍ وقع في اليمن فرجع من وجهه (بعد تنفيذ مهمته) وخطب خطبة لم يسمع الناس بمثلها فقال عمرو بن العاص:

ـ أما والله لو كان هذا الغلام قرشياً لساق العرب بعصاه، فقال أبو سفيان بن حرب :

ـ أما والله إني لأعرف الذي وضعه في رحم أمه. وأقر أبو سفيان ببنوته، فذلك الذي حمل معاوية على ما صنع بزياد. (استلحقه وقربه وولاه)

قال أبوعمر: روينا أن زياداً كتب إلى معاوية إني قد أخذت العراق بيميني وبقيت شمالي فارغة. يعرض له بالحجاز ، فبلغ ذلك عبد الله بن عمر فقال:

ـ اللهم اكفنا شمال زياد.

فعرضت له قرحة في شماله فمات.

مات زياد بن أبي سفيان بالكوفة يوم الثلاثاء لأربع خلون من شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين وهو ابن ثلاث وخمسين للهجرة سنة

maher 20-09-2007 08:06 AM


اليوم الخامس من رمضان المبارك




ـ تسجيل أسماء الحجاج:

قبل أن نبدأ بسرد بعض الأحداث البارزة التي وقعت في الخامس من رمضان خلال التاريخ نشير إلى ما أورده الفاكهي في كتابه (أخبار مكة 1/399) قال:

حدثنا عبد الله بن عمران قال حدثنا سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج قال: بلغني والله أعلم: أن الحجاج يكتبون في خمس من شهر رمضان يمضين (أي تسجل في الملأ الأعلى أسماء من سيحج في الموسم) فمن كتب اسمه وافى الموسم إن شاء الله تعالى...



ـ دخول المعز الفاطمي القاهرة:

ومن حوادث الخامس من رمضان ما ذكره في (مآثر الانافة 1/310) أن المعز لدين الله الفاطمي بعد أن استقر له أمر المغرب أرسل قائده جوهراً الصقلي فافتتح له مصر وبنى له القاهرة والجامع الأزهر فيها ثم دعاه جوهر إليها فدخل المعز الفاطمي القاهرة لخمس خلون من رمضان سنة 362هـ. وكان قد زينت له.



ـ زلزال في قزوين:

وجاء في كتاب ( التدوين في أخبار قزوين ) أنه لما وقعت الزلزلة العظيمة في قزوين ليلة الخامس من رمضان سنة 513هـ وحدث بسببها خرابٌ كثير خَرِبت مقصورة الجامع لأبي حنيفة رحمه الله، وانكسرت القبة، واحتاج إلى إعادتها، فالتمس الناس من الأمير الزاهد خمارتاش العمادي - لرغبته في الخير - أن يعيد عمارتها، فلما أمر بالعمارة نقضت المقصورة، فوجد تحت المحراب المنصوب في الجدار لوح منقور عليه النص التالي:

ـ الحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد وآله أجمعين. أمر الملك العادل المظفر المنصور عضد الدين علاء الدولة... أبو جعفر محمد بن وشمن زيار حسام أمير المؤمنين أطال الله بقاءه بتخليد هذا اللوح ذكر ما رآه وأباحه من ماء واد بني دزج والبرك الخاصة أهل قزوين ليشربوا وليسحبوه إلى مزارعهم وكرومهم في القصبة على النصفة، وتحريم أخذ ثمن له، وإلزام مؤنةٍ عليه على التأبيد. فمن غيّر ذلك أو نقضه أو خالف مرسومه فقد باء بغضب من الله واستحق اللعنة واستوجب العقاب الأليم ( فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم ). وكتب في شهر رمضان سنة اثنين وعشرين وأربعمائة.



ـ الزاهد حماد الدباس رجل من الصالحين:

وفي اليوم الخامس من شهر رمضان سنة 525هـ توفي الشيخ حماد بن مسلم الدباس الرحبي الزاهد شيخ الشيخ عبد القادر الكيلاني.

قال عنه في (شذرات الذهب 2/74) كان أمياً لا يكتب، له أصحاب وأتباع وأموال وكرامات وقد دونوا كلامه في مجلدات، وكان شيخ العارفين في زمانه.

قال السخاوي : كان قد سافر وتغرب ولقي المشايخ، وجاهد نفسه بأنواع المجاهدات وزاول أكثر المهن والصنائع في طلب الحلال والتورع في الكسب والتحري ، ثم فتح له بعد ذلك خير كثير، وأملى في الآداب والأعمال والعلوم المتعلقة بالمعرفة وتصحيح المعاملات شيئاً كثيراً.

ومن كلامه: انظر صنعه تستدل عليه، ولا تنظر إلى صنع غيره فتعمى عنه. من هرب من البلاء لا يصل إلى باب الولاء. اللسان ترجمان القلب والنظر فإذا زال في القلب والنظر من الهوى كان نطقه حكمة.

توفي الشيخ حماد بن مسلم رحمه الله ليلة السبت الخامس من شهر رمضان ودفن في مقبرة الشوينزية.



ـ ولاية ابن حمدون علي قرطبة:

وفي اليوم الخامس من شهر رمضان 539 تولى إمارة قرطبة ابن حمدون.

قال ابن الأبار البلنسي في (التكملة لكتاب الصلة 1/235) حمدون بن محمد بن علي بن حمدون التغلبي من أهل قرطبة وقاضي الجماعة بها، يكني أبا جعفر، سمع من أبيه وغيره، وولي قضاء بلده بعد أبي عبد الله بن الحاج الشهيد الذي قتل في صلاة الجمعة في الركعة الأولى منها.

وكان أمر الملثمين قد اختل في تلك المدة واضطرب وقام عليهم ابن قسي بغرب الأندلس. وكان ابن حمدون على قضاء قرطبة فصارت إليه الرياسة ودعي له بالإمارة يوم الخميس الخامس من رمضان تسع وثلاثين وخمس, وتسمى بأمير المسلمين المنصور بالله ودعي له على منابر قرطبة وأكثر منابر البلاد الأندلسية.

ولكن ولايته لم تطل أكثر من أربعة عشر يوماً وتعاورته المحن ، فخرج إلى العدوة الغربية في قصص طويلة وأقام هناك، ثم قفل واستقر بمالقه خاملاً ، إلى أن توفي بها سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.

وكان أبو الحسن بن سراج يقول على ما كان بينه وبين بني حمدون من البعد والتنافس:

ـ لا تزال قرطبة دار عصمة ونعمة ما ملك أزمتها أحد من بني حمدون.



ـ ابن حسنون قارئ وقاضي وخطيب:

وممن توفي في الخامس من شهر رمضان القاضي المقرئ محمد بن علي بن عبد الرحمن بن حسنون الحميري الكتامي من أهل بياسه وصاحب الصلاة والخطبة بها.

قال ابن الأبار البلنسي (2/91) ولي قضاء بلده ، وتصدر به للإقراء والإسماع حياته كلها ، وأخذ عنه الناس وكان مقرئاً جليلاً ماهراً ضابطاً مجوداً عالي الرواية، وعمّر وأسنّ وضعف بصره حتى تعذر الكتب عليه وقد بلغ التسعين.

توفي يوم الاثنين الخامس من رمضان سنة أربع وستمائة للهجرة.



ـ الإمام عبد الله المقدسي من أجله بنيت دار الحديث:

وجاء في كتاب (الدارس في أخبار المدارس 1/36) في ترجمة عبد الله بن عبد الغني المقدسي: سمع من كثير من العلماء والكبار بدمشق وبغداد وأصبهان ومصر وكتب بخطه الكثير وجمع وصنف وأفاد وقرأ القراءات على عمه العماد والفقه على الشيخ موفق الدين والعربية على أبي البقاء العكبري.

قال الحافظ الضياء : كان عَلَماً في وقته.

وقال الحافظ ابن الحاجب : لم يكن في عصره مثله في الحفظ والمعرفة والأمانة.

وكان كثير الفضل وافر العقل متواضعاً مهيباً جواداً سخياً له القبول التام مع العبادة والورع والمجاهدة. وروى عنه الكثير, وبنى له الملك الأشرف دار الحديث بالسفح (سفح قاسيون في دمشق) وجعله شيخها ، وقرر له معلوماً فمات قبل فراغها.

توفي رحمه الله يوم الجمعة خامس شهر رمضان سنة تسع و عشرين وستمائة ودفن بالسفح.

ورآه بعضهم في النوم فقال له: ما فعل الله بك. فقال: اسكنني على بركة رضوان...



ـ ولادة الشيخ أبو الحسن الشاري:

وذكر الذهبي في (سير أعلام النبلاء 23/277) ترجمة الإمام الحافظ المقرئ شيخ المغرب أبو الحسن علي بن محمد بن علي الغافقي الشاري ثم السبتي ـ وشارة بليدة من أعمال مرسية ـ وسبتة مولده.

قال تلميذه أبو جعفر بن الزبير

ولد أبو الحسن الشاري في خامس رمضان سنة إحدى وسبعين وخمسمائة وأخذ القراءات عن كبار مشاهيرها وكان صاحب إسناد عال في الحديث.

كان ثقة متحرياً ضابطاً عارفاً بالأسانيد والرجال والطرق, بقية صالحة وذخيرة نافعة، منافراً لأهل البدع والأهواء. يقول تلميذه ابن الزبير:

وكنا يجلس لنا بمالقة نهاره كله إلا القليل، وكنت أتلو عليه في الليل ، وكان قد تحصل عنده من الأعلاق النفيسة (الكتب) وأمهات الدواوين ما لم يكن عند أحد من أبناء عصره. وبني مدرسة بسبتة ووقف عليها الكتب.

وشرع في تكميل ذلك على السنن الجاري بالمدارس التي ببلاد المشرق فعاق عن ذلك قواطع الفتن الموجبة لإخراجه عن سبتة وتغريبه ، فدخل الأندلس سنة إحدى وأربعين وستمائة وتنقل محدثاً ومقرئاً بين المرية ومالقة وغرناطة.

حكى أبو القاسم بن عمران الحضري عن سبب إخراج أهل سبتة للإمام الشاري أن ابن خلاص وكبراء أهل سبتة عزموا على تمليك سبتة لصاحب أفريقية يحيى بن عبد الواحد، فقال لهم الشاري.

ـ يا قوم خير أفريقية بعيد عنا وشرها بعيد عنا، والرأي مداراة ملك مراكش

فما هان على ابن خلاص - وكان فيهم مطاعاً - فهيأ مركباً وأنزل فيه أبا الحسن الشاري وغربه إلى مالقة، وبقي بسبتة أهله وماله.

قال ابن الزبير: توفي أبو الحسن يرحمه الله بمالقة في التاسع والعشرين من رمضان سنة تسع وأربعين وستمائة..

أي أنه ولد في الخمس من رمضان وتوفي في التاسع والعشرين منه.

maher 20-09-2007 08:08 AM



اليوم السادس من رمضان المبارك


ـ نزول التوراة على موسى عليه السلام:

تكاد تتفق المراجع التاريخية على أن التوراة - وهي الكتاب الذي أوحى الله به إلى موسى عليه السلام ـ نزل من السماء لست ليال خلون من رمضان.

قال في السيرة الحلبية: جاء ذكره صلى الله عليه وسلم في الكتب القديمة، كالتوراة المنزلة على موسى عليه السلام لست خلون من رمضان اتفاقاً. وقد قيل: إن عبد الله بن سلام دعا ابني أخيه (سلمة ومهاجراً) إلى الإسلام فقال لهما:

ـ قد علمتما أن الله تعالى قال في التوراة: إني باعث من ولد إسماعيل نبياً أسمه أحمد ، من آمن به فقد اهتدى ورشد، ومن لم يؤمن به فهو ملعون. فأسلم سلمة وأبي مهاجر.

واسمه صلى الله عليه وسلم فيها حمياطا، أي يحمي الحرم من الحرام.

واسمه كذلك فيها قدمايا أي الأول السابق.

ووصف فيها بالضحوك أي طيب النفس.

وعن عطاء بن يسار قال لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فقلت :

ـ أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة:

قال : أجل. والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل ليس بفظٍ - أي سيئ الخلق - ولا غليظ - أي شديد القول - ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء ـ أي ملة إبراهيم التي غيرتها العرب وأخرجتها عن استقامتها ـ يفتح الله به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً.

قال عطاء : ثم لقيت كعب الأحبار فسألته فما أخطأ في حرف.



ـ وقعة عمورية الشهيرة:

ومن حوادث اليوم السادس من رمضان وقعة عمورية سنة 223هـ وهي من المعارك الشهيرة في التاريخ الإسلامي.

قال ابن الجوزي في (المنتظم في أخبار الملوك والأمم 11/79): وسأل المعتصم أي بلاد الروم أمنع وأحصن فقيل: عمورية مدينة لم يعرض لها أحد من المسلمين منذ كان الإسلام وهي عين النصرانية، وهي أشرف من القسطنطينية.

فخرج إلى بلاد الروم، وتجهز جهازاً لم يتجهز مثله خليفة قبله من السلاح والعدد والآلة وحياض الأدم والبغال والروايا والقرب وآلة الحديد والنفط، ثم دخل بلاد الروم فأقام على (سلوقية) قريباً من البحر، ودبر النزول على أنقرة، فإذا فتحها الله تعالى صار إلى عمورية، إذ لم يكن شيء ما يقصد له من بلاد الروم أعظم من هاتين المدينتين.

ورحل المعتصم يوم الجمعة يوم الرابع والعشرين من رجب، وسار مع قواده في خطة محكمة، حتى صاروا من أنقرة على مسيرة ثلاث مراحل ، فهرب أهل أنقرة وعظماؤها، ونزل بها المعتصم وقواده (أشناس والأفشين) فأقاموا بها ثم تابع المسير إلى عمورية، والعساكر والقواد تتبعه وتمهد له، حتى توافق العساكر بمعمورية وحاصرها وتحصن أهل عمورية وراء أسوارها. إلا أن المعتصم نصب المجانيق، وأمر بضرب السور فانفرج السور من موضع وسقط، وكان المعتصم قد ساق غنماً كثيرة، فأمر أن يدفع إلى كل رجل من العسكر شاة فإذا ذبحها حشى جلدها تراباً ثم جاء به فطرحه في الخندق المحيط بالسور، وعمل دبابات تسع كل واحدة عشرة من الرجال، فطرحت الجلود وطرح فوقها التراب.

وكان أول من بدأ بالحرب القائد (أشناس).

وكانت في اليوم الثاني على (الأفشين) وأصحابه.

فأجادوا الحرب وضيقوا الخناق وأكثروا الرمي ، فلما كان اليوم الثالث، وكثرت الجراحات في الروم، ووهى عزمهم، قرر صاحب عمورية أن يخرج هو وأصحابه إلى المعتصم ليسألوه الأمان لأنفسهم ففعل وكان الفتح الكبير. روى يعقوب بن جعفر بن سليمان (المنتظم 11/82) قال:

ـ غزونا مع المعتصم عمورية ، فاحتاج الناس إلى ماء ، فمد لهم المعتصم حياضاً من أدم، وساق الماء فيها إلى سور عمورية. فقام يوماً على السور رجل منهم فصيح يسب بالعربية النبي صلى الله عليه وسلم باسمه ونسبه ، فاشتد ذلك على المسلمين ولم تبلغه النشابة . قال يعقوب: وكنت أرمي، فاعتمدته فأصبت نحره فهوى ، وكبر المسلمون. وسر المعتصم وقال :

ـ جيئوني بمن قتل هذا العلج. فأدخلوه عليَ

فقال : من أنت ؟؟ فانتسبت له (ويعقوب هذا من العباسيين).

فقال : الحمد لله الذي جعل هذا السهم لرجل من أهل بيتي ثم قال :

ـ بعني هذا الثواب .

فقلت : يا أمير المؤمنين ليس الثواب مما يباع!.

فقال : إني أرغبك !!! فأعطاني مائة ألف درهم إلى أن بلغ خمسمائة ألف درهم

قلت : ما أبيعه بالدنيا ، لكن أشهد الله أني قد جعلت نصف ثوابه لك.

فقال: أحسن الله جزاك.

ثم قال لي : بأي موضع تعلمت الرمي ؟

فقلت : بالبصرة في دار لي.

فقال : بعنيها.

فقلت : هي وقف على من يتعلم الرمي. وإن أحب أمير المؤمنين فهي له وكل ما أملك. فقال لي خيراً ووصلني بمائة ألف درهم..

قال ابن الجوزي : وكانت وقعة المعتصم على عمورية لست خلون من رمضان..

وقد أثارت هذه الوقعة العظيمة قريحة الشعراء ... قال أبو تمام :

السيف أصدق أنباء مـن الكتب فـي حد الحد بين الجد واللعب

يا يوم وقعة عمورية انصرفت عنك المنى حفّلا معسولة الحلب



ـ وفاة السري السقطي الزاهد:

وفي اليوم السادس من رمضان سنة 253 للهجرة توفي الرجل الذي وصفه أبو نعيم في (حلية الأولياء 10/116): بأنه العلَمَ المنشور والحكَمَ المذكور، شديد الهَوْي حميد السعي، ذو القلب النقي والورع الخفي، عن نفسه راحل ولحكم ربه نازل: أبو الحسن السَرِي بن المغلس السقطي خال أبي القاسم الجنيد وأستاذه، صحب معروفاً الكرخي، وحدث عن هشيم وأبي بكر بن عياش ويزيد بن هارون وكان من أكابر العباد ، شهد له الجنيد فقال:

ـ ما رأيت أعبد من السري السقطي. أتت عليه ثمانية وتسعون سنة ما رؤي مضطجعاً إلا في الموت...

نقل عنه إسماعيل بن عبد الله الشامي قال: قال السري السقطي: خمس من كن فيه فهو شجاع بطل: استقامة على أمر الله ليس فيها روغان, واجتهاد ليس معه سهو, وتيقظ ليس معه غفلة, ومراقبة لله في السر والجهر ليس معه رياء، ومراقبة الموت بالتأهب.

وقال كذلك: للخائف عشر مقامات: الحزن اللازم ، والهم الغالب ، والخشية المقلقة ، وكثرة البكاء ، والتضرع في الليل والنهار، والهرب من مواطن الراحة, وكثرة الوله ، وَوَجَل القلب ، وتنغص العيش ، ومراقبة الكمد.

ونقل عنه ابنه قال: سمعت أبي يقول: لو أشفقت هذه النفوس على أبدانها شفقتها على أولادها للاقت السرور في معادها.

وروى ابن الجوزي في (المنتظم في أخبار الملوك والأمم 12/67) عن الجنيد قال :

ـ اعتل السري السقطي فدخلت عليه فقلت كيف تجدك ؟

قال : كيف أشكو إلى طبيبي ما بي، والذي أصابني من طبيبي . فأخذت المروحة أروحه فقال : كيف يجد ريح المروحة من جوفه يحترق من داخل ؟؟

ثم أنشأ يقول:

القلـب محترق والدمـع مستبق والكرب مجتمِع والصبر مفترِقُ

كيف القرار على من لا قرار له مما جناه الهوى والشوق والقلقُ

يا رُّب إن كان شيءٌ فيه لي فرج فامننْ عليّ بـه ما دام لي رمقُ

كان السري السقطي شديد الورع لا يتعامل مع من يتعدى حدود الله .

عن حسن المسوحي قال: دفع إلي السري قطعة من المال فقال : اشتر لي باقلاء ، ولا تشترِ إلا من رجل قِدْره داخل الباب (أي لا يضع متاعه في الشارع الذي هو ليس مملوكاً له)

قال : فطفت الكرخ كله، فلم أجد إلا من قدره خارج الباب .

فرجعت إليه وقلت له:

ـ خذ فإني لا أجد إلا من قدره خارج الباب.

وهكذا حرم نفسه مما فيه شبهة . يقول:

ـ إني أحب أن آكل أكلةً ليس لله علي فيها تبعة، ولا لمخلوق فيها منّهٌ ، فما أجد إلى ذلك سبيلاً.

وذكر ابن الجوزي في (صفوة الصفوة 2/385) عن الجنيد قال :

ـ دخلت على سري السقطي وهو في النزع ، فجلست عند رأسه ، فوضعت خدي على خده ، ودمعت عيني عليه، ففتح عينه فقال لي:

من أنت؟ قلت:

ـ أنا خادمك الجنيد..

فقال : مرحباً

فقلت : أيها الشيخ أوصني بوصية انتفع بها بعدك

قال: إياك ومصاحبة الأشرار! وإياك أن تنقطع عن الله بصحبة الأخيار!..

ونقل عنه قوله:

ـ لولا الجمعة والجماعة لسددت على نفسي الباب ولم أخرج. توفي السري السقطي يوم السادس من رمضان سنة 253هـ رحمه وأحسن مثوبته.

maher 20-09-2007 08:12 AM

اليوم السابع من رمضان المبارك


ـ مبايعة ولي عهد المأمون علي بن موسى الكاظم:

في اليوم السابع من رمضان سنة 201 أمر المأمون العباسي خليفة المسلمين بالبيعة لعلي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ولياً لعهده وخليفة من بعده ، وسماه الرضي ، وهو من الطالبيين وليس العباسيين

قال اليعقوبي في تاريخه (2/448):

وأشخص المأمون الرضي علي بن موسى من المدينة الى خرسان ، وكان رسوله إليه رجاء بن أبي الضحاك قرابة الفضل بن سهل ، فقدم بغداد ، ثم أخذ به على طريق ماه البصرة، حتى إذا صار إلى مرو بايع له المأمون بولاية العهد من بعده.

وكان ذلك يوم الاثنين لسبع خلون من شهر رمضان سنة 201هـ

وألبس الناس الأخضر، (شعار الطالبين) وكان السواد (شعار العباسيين قبل) وكتب بذلك إلى الآفاق ، وأخذت البيعة للرضي ، ودعي له على المنابر ، وضربت الدنانير والدراهم باسمه..

وقد أثار هذا التعيين حفيظة كثير من بني العباس!.

يقول ابن الجوزي في (المنتظم 10/97) : وغضب ولد العباس من ذلك، واجتمع بعض إلى بعض فيه, وقالوا:

ـ نولي بعضنا ونخلع المأمون!..

ولكن الأمور بعد ذلك سارت كما أراد المأمون..

وقد أشار المأمون في خطاب توليته علي بن موسى لولاية العهد إلى سبب اختياره للرضي، حيث يقول: (ولم يزل أمير المؤمنين.. مختاراً لولاية عهده، ورعاية الأمة من بعده، أفضل من علمه في دينه وورعه، وأرجاهم للقيام بأمر الله وحقه، مناجياً لله بالاستخارة ، مُعْمِلاً (مجتهداً) في طلبه في أهل بيته من ولد عبد الله بن العباس وعلي بن أبي طالب فكره ونظره.. فكانت خيرته - بعد استخارته لله وإجهاد نفسه في قضاء حقه في عبادة من البيتين - علي بن موسى.. لمّا رأى فضله البارع وعلمه الناصع وورعه الظاهر وزهده الخالص...إلخ).

ولم يعمر علي بن موسى طويلاً بعد مبالغته بولاية العهد بل مات بعد سنتين (عام 203هـ) في يوم ا لحادي والعشرين من رمضان.



ـ حادثة غريبة: طائر ينطق

ومن حوادث اليوم السابع من شهر رمضان ما جاء في (شذرات الذهب 1/100) وغيره وهي حادثة غريبة جداً.

قال: في سنة اثنتين ومائتين وأربعين وقع طائر أبيض دون الرخمة على دابة بحلب لسبع مضين من رمضان فصاح :

يا معشر الناس ، اتقوا الله الله الله حتى صاح أربعين صوتاً ، ثم طار وجاء من الغد فصاح أربعين صوتاً.

وكتب صاحب البريد بذلك ، وأشهد خمسمائة إنسان سمعوه.



ـ توليه الخليفة المعتمد أخاه لملاقاة الزنج:



ومن حوادث اليوم السابع من شهر رمضان : قال الطبري في تاريخه (5/480) ثم دخلت سنة سبع وخمسين ومائتين

وفيها: عقد المعتمد (الخلفية العباسي) لأخيه أبي أحمد على الكوفة وطريق مكة والحرمين واليمن ـ أي ولاه عليها ـ ثم عقد له أيضاً بعد ذلك لسبع خلون من شهر رمضان على بغداد والسواد وواسط وكور دجلة والبصرة والأهواز وفارس. وكانت فتنة الزنج قائمة وشديدة, وأمره بالاستعداد والتهيؤ والإناخة بإزاء عسكر صاحب الزنج.

فلما وصل أحد القواد - واسمه سعيد الحاجب - إلى نهر معقل وجد هناك جيشاً لصاحب الزبح، فأوقع بهم فهزمهم ، واستنقذ ما في أيديهم من النساء والنهب ، وأصابت سعيداً في تلك الوقعة جراحات

ثم سار حتى أناخ بموضع يقال له (هطمه) من أرض الفرات ، وبلغه أن هناك جيشاً آخر على الفرات لصاحب الزنج فقصده بجماعة من أصحابه ، فهزمهم وتفرق ذلك الجمع. قال محمد بن الحسن: فلقد رأيت المرأة من سكان الفرات تجد الزنجي مستتراً بتلك الأدغال ، فتقبض عليه حتى تأتي به عسكر سعيد ، ما به منها امتناع.



ـ رجل يسب السلف يضرب حتى الموت:

ومن حوادث سابع رمضان سنة (258) كما قال ابن الجوزي في المنتظم (5/8)

ـ وضرب في يوم الخميس لسبع خلون من رمضان رجل يعرف بأبي فقعس، أخذ من باب العامة بسامرا ، ذكر عنه أن يسب السلف الصالح وقامت عليه البنية، فضرب ألف سوط حتى مات. لا رحمه له.



ـ مقتل القائد بدر على يد المكتفي:

ويورد الطبري (5/641) قصة مقتل أكبر قواد المعتضد وصاحب جيشه (بدر) على يد خليفته المكتفي بالله ابنه ، بسبب سعي القاسم بن عبيد ـ وهو أحد الوزراء البارزين في الدولة آنذاك ـ به وإيغار صدر الخليفة عليه.

وذلك أن القاسم بن عبيد أراد أن ينقل الخلافة إلى غير ولد المعتضد فأبى (بدر) أن يوافقه قائلاً:

ـ ما كانت لأصرفها عن ولد مولاي الذي هو ولي نعمتي

فأضمر له القاسم الشر ، حتى إذا مات المعتضد و(بدر) القائد في فارس بعيداً عن بغداد ، واستتب الأمر للمكتفي ، عمل القاسم في هلاك (بدر) حذراً من أن يطلع المكتفي عما كان قد أراده من تحويل الخلافة عنه ، وحسن للمكتفي بالله (البداية والنهاية 11/95) قتل (بدر) هذا ، فبعث المكتفي فاحتاط على حواصله وأمواله وهو بواسط ، وبعث الوزير (القاسم بن عبيد) إليه بالأمان ، واستدرجه إلى بغداد بواسطة القاضي أبي عمر محمد بن يوسف الذي رفع إليه أمان المكتفي – بعد أن أظهر التمنع وأخذ حذره -، فاستقر الأمر بين بدر القائد وأبي عمر القاضي السفير على أن يدخل (بدر) بغداد سامعاً مطيعاً..

وعبر بدر رجلة فصار إلى النعمانية وأمر غلمانه وأصحابه الذين بقوا معه أن ينزعوا سلاحهم ، حتى إذا تخلوا عنه وتفرقوا دعا الوزير القاسم بن عبيد أحد غلمان السلطان، واسمه لؤلؤ، فقال له :

ـ قد ندبتك لأمر! قال :

ـ سمعاً وطاعة . قال :

ـ امضِ ، وتسلم بدراً ، وجئني برأسه

فمضى حتى استقبل بدراً ، فقال له:

ـ قم , قال:

ـ وما الخبر ؟؟ قال :

ـ لا بأس عليك .

فمضى به في مركب في الفرات إلى جزيرة بالصافية ، فأخرجه إلى الجزيرة، وخرج معه ، ودعا بسيف كان معه فاستله ، فلما أيقن بدر بالقتل سأله أن يمهله حتى يصلي ركعتين فأمهله فصلاهما ،ثم قدمه فضرب عنقه . وأقبل راجعاً إلى المكتفي.

قال : وورد الخبر إلى المكتفي بقتل بدر لسبع خلون من شهر رمضان سنة 288 للهجرة.

وقد نعى بعض الشعراء على أبي عمر القاضي تغريره بالقائد بدر، وضمانه لسلامته، ثم تسليمه إلى الموت.



ـ شبح يظهر ويختفي في قصر الخليفة المعتضد:

ومن غرائب الشطار وأصحاب الحيل التي يستخدمها البعض للوصول إلى محبوبته !!! قصة غريبة لها علاقة بالسابع من رمضان:

ذكر ابن الجوزي في المنتظم (5/175) قال:

ـ ظهر شخص إنسان في يده سيف في دار المعتضد بالثريا. فمضى إليه بعض الخدم لينظر من هو ، فضربه الشخص بالسيف ضربة قطع بها منطقته ووصل السيف إلى بدن الخادم ، وهرب الخادم ودخل الشخص في زرع في البستان فتوارى فيه ، فطلب لم يوقف له على أثر !!!

فاستوحش المعتضد من ذلك ورجم الناس الظنون حتى قالوا : إنه من الجن!!

ثم عاد الشخص للظهور مراراً كثيرة ، حتى وكل المعتضد بسور داره ، وأحكم عمارة السور .

وجيء في يوم السبت لسبع خلون من رمضان بالمعزمين بسبب ذلك الشخص وجيء معهم بالمجانين ، وكانوا قد قالوا: نحن نعزم على بعض المجانين فإذا سقط سأل الجني عن خبر ذلكم الشخص ... فصرعت امرأة فتشاءم المعتضد، وأمر بصرفهم.

وذكر أبو يوسف القزويني أنه لم يوقف على حقيقة ذلك إلا في أيام المقتدر، وأن ذلك الشخص كان خادماً أبيض يميل إلى بعض الجواري اللواتي في دواخل دور الخدم ، وكان قد أخذ لحىً على ألوان مختلفة ، وكان إذا لبس بعض اللحى لا يشك من رآه أنها لحية.

فكان يلبس في الوقت الذي يريده لحية منها ويظهر في ذلك الموضع وفي يده سيف أو غيره من السلاح ، فإذا طلب دخل بين الشجر وفي بعض الممرات والعطفات ، ونزع اللحية وجعلها في كمه، وبقي معه السلاح كأنه بعض الخدم الطالبين للشخص ، فلا يرتاب به أحد ، ويبادر هو فيسأل : هل رأيتم أحداً ..

وكان إذا وقع مثل هذا خرج الجواري من تلك الدور فيرى هو تلك الجارية ، ويخاطبها بما يريد ، وإنما كان غرضه مخاطبة الجارية ومشاهدتها وكلامها، ثم خرج من الدار في أيام المقتدر ، ومضى إلى طوس ، فأقام بها إلى أن مات وتحدثت الجارية بعد ذلك بحديثه.



ـ وفاة السلطان العثماني سليم خان:

وممن توفي في اليوم السابع من شهر رمضان السلطان العثماني سليم بن سليمان.

قال ابن العماد عنه في (شذرات الذهب 4/396): وفي سنة 982هـ توفي السلطان الأعظم سليم بن سليمان ، مولده سنة 929 هـ ، وجلوسه على تخت ملكه بالقسطنطينية في يوم الاثنين لتسع مضين من ربيع الآخر سنة 974 ، ومدة سلطنته تسع سنين, وسنه حين تسلطن ست وأربعون ، وعمره كله ثلاث وخمسون سنة.

كان سليم سلطاناً كريماً رؤوفاً بالرعية رحيماً عفوّاً عن الجرائم حليماً محباً للعلماء والصلحاء , مجاهداً، من أكبر غزواته فتح جزيرة قبرس وفتح تونس وحلق الواد وفتح ممالك اليمن واسترجاعها من العصاة. ومن خيراته تضعيف صدقة الحب على أهل الحرمين، والأمر ببناء المسجد الحرام

وتوفي لسبع مضين من شهر رمضان ودفن بقرب آيا صوفيا وتولى بعده ولده السلطان مراد ، وأرخ الشعراء جلوس ابنه على العرش بقوله

بالبخت فوق التخت أصبح جالساً ملك به رحم الإله عباده

وبه سرير الملك سُرّ فأرخوا حاز الزمان من السرور مراده



ـ عدوان إسرائيلي على قرية نحالين:

وما لا يغيب عن الذاكرة أنه في يوم الخميس السابع من رمضان من عام 1409هـ (1989م) اقتحمت قوة من حرس الحدود والجيش الإسرائيلي قرية (نحالين) وباغتت سكانها أثناء تأديتهم لصلاة الفجر، وأطلقت عليهم النار، مما أدى إلى استشهاد أربعة وجرح أكثر من اثنين وخمسين بينهم نساء وأطفال وشيوخ بعضهم جراحه خطيرة ... ولا حول ولا قوة إلا بالله.



ـ جعفر الخلدي وحكايات عجيبة:

وممن توفي في هذا اليوم السابع من شهر رمضان جعفر بن محمد أبو محمد الخواص المعروف بجعفر الخلدي .

قال عنه الخطيب في (تاريخ بغداد 7/232) سافر كثيراً في طلب العلم ولقي المشايخ الكبراء من المحدثين والصوفية ، ثم عاد إلى بغداد فاستوطنها وروى بها علماً كثيراً .

فعن الحسين بن أحمد أبي عبد الله الرازي قال :

ـ كان أهل بغداد يقولون عجائب بغداد ثلاثة: إشارات الشبلي، ونكت المرتعش، وحكايات جعفر.

كان من أقواله: كن شريف الهمة فإن الهمم تبلغ بالرجال لا المجاهدات.

كان شيخ الصوفية في زمنه محبوباً مقصوداً في كل بلد يحله. روى هبة الله الغرير قال: دخل جعفر حمص، فسألوه المقام عندهم سنة

فقال : على شريطة

قيل له: وما هي ؟؟

قال : تجمعون لي كذا وكذا ألف دينار!!

قال: فجمعوا له ما سأل

فقال : احملوها إلى الجامع . قال فجعلت على قطع ففرق كل ذلك على الفقراء فلم يأخذ منها شيئاً ثم قال:

ـ لم أكن احتاج إلى الدنانير، ولكن أردت أن أجرب رغبتكم في وقوفي عندكم.

قال ابن العماد عنه في (شذرات الذهب 1/378) صحب الخواص الجنيد وعرف بصحبته وكان المرجع إليه في علومالقوم وكتبهموحكاياتهموسيرهم،حج قريباً من ستين حجة . . . من كلامه :

- لا يجد العبد لذة المعاملة مع لذة النفس. الفتوة احتقار النفسوتعظيم حرمة المسلمين.

وقال لرجل : كن شريف الهمة فإن الهمم تبلغ بالرجل.

وقال جعفر : ودعته في بعض حجاتي فقلت له : زودني شيئاً!!

قال : إن ضاع منك شيء أو أردت أن يجمع الله بينك وبين إنسان فقل: يا جامعالنسا ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعات اجمع بيني وبين كذا وكذا فإن الله يجمع بينك وبين ذلك الشيء أو ذلك الإنسان!!

قال فما دعوت الله بتلك الدعوة في شيء إلا استجيب.

مات جعفر الخلدي سنة 348هـ لسبع خلون من شهر رمضان.

وذكر ابن العماد في (شذرات الذهب 1/378) أن أبا محمد جعفر بن محمد بن نصير البغدادي الخواص الزاهد شيخ الصوفية ومحدثهم توفي في اليوم التاسع منشهر رمضان سنة 348هـ.

محى الدين 20-09-2007 08:21 AM

يوميات تذكرنا بأن هذة الامة كان لها شأن
و عندما تنظر الى رجال ذاك الزمن الجميل
تكاد تجزم بأن من يعيشون بين ظهرانينا الآن هم اشباه الرجال
جمع موفق يا استاذ ماهر
جزاك الله خيرا

maher 21-09-2007 04:24 AM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة محى الدين
يوميات تذكرنا بأن هذة الامة كان لها شأن
و عندما تنظر الى رجال ذاك الزمن الجميل
تكاد تجزم بأن من يعيشون بين ظهرانينا الآن هم اشباه الرجال
جمع موفق يا استاذ ماهر
جزاك الله خيرا


السلام عليك أخي محي الدين
و الله بالفعل هو كما قلت مع الأسف
شهر رمضان شهر القرآن و الجهاد و الذب عن دين الله
شهر العبادة و التقرب
أصبح مع الأسف شهر المسلسلات و المهرجانات و الأكل
فحسبنا الله و نعم الوكيل
بارك الله فيك أخي الحبيب و جزاك كل خير

maher 21-09-2007 04:26 AM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اليوم الثامن من أيام رمضان
ـ الخروج لغزوة بدر:
في اليوم الثامن من رمضان في السنة الثانية تحرك النبي صلى الله عليه وسلم باتجاه قافلة قريش الكبيرة القادمة من الشام محملة بالأموال والأقوات.
قال في البدء والتاريخ (4/186) :
ـ وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لثمان خلون من شهر رمضان، وبعث بعدي بن أبي الزغباء وبسبس بن عمرو يتجسسان خبر أبي سفيان، فجاءا حتى نزلا ببدر فوجدا الخبر بأن العير ستقدم غدا أو بعد غد، فانصرفا بالخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وأقبل أبو سفيان حتى وقف على مناخهما ففتَّ أبعار بعيريهما فقال:
ـ علائف يثرب والله.!!
فانصرف وضرب وجه العير عن الطريق وساحَلَ به ، ونزل بدراً على سيارة (مر بسرعة) وأرسل إلى قريش :
ـ إنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم وقد نجاها الله فارجعوا .
فقال أبو جهل : لا نرجع والله حتى نرد بدراً ـ وكان موسماً من مواسم العرب ـ فنعكف عليها ، وننحر الجزور ، ونسقى الخمور وتعزف علينا القيان ، وتسمع العرب بنا وبمسيرنا هذا ، فلا يزالون يهابوننا أبداً.
فرجع طالب بن أبي طالب والأخنس بن شريق في مائة (من قريش) وسار الباقون وهم تسعمائة وخمسون رجلا من أشراف قريش وأعلام العرب ، حتى نزلوا بالعدوة القصوى من وادي بدر.

ـ عرس المأمون على بوران:
وفي اليوم الثامن من رمضان سنة 210هـ بدأت مراسم وحفلات عرس لم تشهد الدنيا له مثيلاً من قبل !!! إنه حفل زواج الخليفة العباسي المأمون ببوران بنت وزيره الحسن بن سهل ، الذي سارت بذكره الركبان واعتبر أحد الأعراس التاريخية النادرة.
قال الطبري (5/172) وابن الجوزي (المنتظم 10/216) وفي هذه السنة بنى المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل ، وقد شخص المأمون من بغداد إلى معسكر الحسن بن سهل بفم الصلح راكبا زورقاً ، حتى أرسى على باب الحسن وكان العباس بن المأمون قد تقدم أباه على الظهر (الخيل) فتلقاه الحسن خارجاً عسكره في موضع قد اتخذ له على شاطىء دجلة بني له فيه جوسق (قاعة) فلما عاين ابنُ الخليفة العباسُ بن المأمون الوزيرَ الحسن بن سهل ثنى رجله لينزل عن دابته ، فقال له الحسن:ـ بحق أمير المؤمنين لا تنزل . واعتنقه وهو راكب.
ووافى المأمون بعد ذلك وقت العشاء ، فلما كان في الليلة الثالثة دخل على بوران وابتنى بها ليلته ، ونثرت عليه جدتها ألف درة كانت في صينية ذهب ، وأوقد في تلك الليلة شمعة عنبر فيها أربعون منّا في تور ذهب ، وأقام المأمون عند الحسن سبعة عشر يوما يعد كل يوم يوم ولجميع من معه جميع ما يحتاج إليه. وخلع الحسن والد بوران على القواد على مراتبهم، وحَمَلهم ووصلهم ، وكان مبلغ النفقة عليهم خمسين ألف ألف درهم .
وذكر بعض الرواة أن الحسن بن سهل كتب رقاعاً فيها أسماء ضياعه ونثرها على القواد ، وعلى بني هاشم فمن وقعت في يده رقعة منها فيها اسم ضيعة أعطاه إياها...
فلما انصرف المأمون شيعه الحسن ثم رجع إلى فم الصلح.
وعن محمد بن موسى الخوارزمي قال: خرج المأمون نحو الحسن بن سهل إلى فم الصلح لثمان خلون من رمضان ، ورحل من فم الصلح لتسع بقية من شوال سنة عشر ومائتين.
ـ هزيمة قاسية للقائد العباسي زهير بن المسيب:
وتذكر كتب التاريخ (تاريخ ابن خياط 1/467) ان زهير بن المسيب وكان من كبار قواد العباسيين الذين انتصروا في معارك عديدة لحقت به في يوم الثامن من رمضان هزيمة غير متوقعة.
يقول الطبري في تاريخه (5/122) في سنة 199هـ وجه الحسن بن سهل وزيرُ المأمون زهيرَ بن المسيب في أصحابه إلى الكوفة التي كان ابن طباطبا قد أخذها من واليها سليمان بن أبي جعفر المنصور ، فلما بلغ الخبر الحسن بن سهل عنف سليمان وضعفه ، ووجه زهير بن المسيب في عشرة آلاف فارس وراجل.
فلما توجه إلى الكوفة وبلغ أهلها خبر شخوصه إليهم ، فلم تكن لهم قوة على الخروج للقائه ، فأقاموا حتى إذا بلغ مشارف الكوفة ـ في منطقة يقال لها صعنبا ـ نزلها ثم واقعهم من الغد فهزموه واستباحوا عسكره وأخذوا ما كان معه من مال وسلاح ودواب وغير ذلك .
وكانت هزيمة زهير يوم الثلاثاء لثمان خلون من شهر رمضان.

ـ الملك السلوجكي طغر لبك ينقذ الخليفة العباسي:
وجاء في البداية والنهاية لابن كثير (12/90) أن الملك أبا طالب محمد بن ميكائيل بن سلجوق طغر لبك ـ الذي كان اول ملوك السلاجقة ـ توفي في ثامن رمضان سنة 455هـ وله من العمر سبعون سنة ، وكان له في الملك ثلاثون سنة، منها في ملك العراق ثمان سنين.
كان خيّراً محافظاً على الصلاة في أول وقتها، يديم صيام الاثنين والخميس، حليماً عمن أساء إليه كتوماً للأسرار ، ملك في أيام مسعود بن محمود عامة بلاد خراسان.
وكان له فضل كبير على الخلافة العباسية أيام القائم بأمر الله الذي ثار عليه وزيره الباطني البساسيري وخلعه من الخلافة ، ورحله إلى حديثة عانه ، فاستدعى الخليفة القائم طغرلبك السلجوقي فلبّاه ، ودخل بغداد وقتل البساسيري ورد الخليفة القائم من حديثة عانه وتزوج ابنة الخليفة (المنتظم 8/234) وتوفي بالري يوم الجمعة ثامن رمضان سنة 455 للهجرة.

ـ فيضان خطير في دجلة:
ويسجل ابن الجوزي في المنتظم (10/244) في حوادث سنة 569هـ ظاهرة فيضان نهر دجلة والمخاطر الناجمة عنه... يقول:
ـ وفي غرة رمضان زادت دجلة زيادة كثيرة، ثم تفاقم الأمر وجاء مطر كثير في ليلة الجمعة ثامن رمضان ، ووقع في قرى حول الحظيرة ( دار الخلافة ) ، وفي الحظيرة بَرَدٌ ما رأوا مثله، فهدم الدور، وقتل جماعة من الناس، وجملة من المواشي ، وحدثني بعض الثقات أنهم وزنوا بردة فكان فيها سبعة أرطال (في حدود كيلوين) وكانت عامته كالنارنج يكسر الأغصان ، وساخت الدور ، ثم زاد الماء بعد ذلك على كل زيادة تقدمت منذ بنيت بغداد بذراع وكسر ، وخرج الناس وضربوا الخيم على تلال الصحراء ، ونقلوا رحالهم إلى دار الخليفة وبات عليهم الجند ، وتولى العمل الأمير قيماز بنفسه وحده .
ثم انفتح يومئذ بعد العصر فتحة من جانب دار السلطان وساح الماء فملأ الجوادّ، ثم سد بعد جهد ، وبات الناس على يأسٍ يضجون بالبكاء والدعاء ، ودخل نزيز الماء من الحيطان فملأ النظامية والتتشية ومدرسة أبي النجيب وقيصر وجميع الشاطئات ، ومن هذه المواضع ما وقع جميعه ، ومنه ما تضعضع
وكثر نزيز الماء في دار الخلافة وامتلأت السراديب ، ونبع الماء من البدرية فهلكت كلها وغلقت أبوابها ، ونبع في دار البساسيري ودرب الشعير من البلاليع ودخل الماء إلى المارستان ، وعلا فيه ورمى عدة شبابيك من شبابيكه الحديد ، ولم يبق فيه من يقوم بمصلحته إلا المشرف على الحوائج، وامتلأت مقبرة أحمد كلها ، ولم يسلم منها إلا موضع قبر بشر الحافي لأنه على نشز... الخ .ولحق ببغداد نتيجة تلك الفيضانات والأمطار المروعة أشبه ما يكون بوصف الدمار الشامل .

ـ نزول الملك الظاهر بيبرس على صفد:
وجاء في شذرات الذهب (3/314) في حوادث سنة 664هـ
ـ فيها غزا الملك الظاهر (بيبرس) وبث جيوشه بالسواحل (وهو يطارد فلول الغزاة الصليبيين في فلسطين) فأغاروا على بلاد عكا وصور وحصن الأكراد ، ثم نزل على صفد في ثامن رمضان ، وأخذت في أربعين يوماً بخديعة ، ثم ضربت رقاب مائتين من فرسان الغزاة، وقد استشهد على صفد خلق كثير من المسلمين.
ـ زلازل شديدة وكواكب منقضة:
ويورد ابن الجوزي في المنتظم (6/31) أنه في سنة 289هـ كثرت الزلازل، فكان في رجب زلزلة شديدة، وانقضّت الكواكب لثمان من خلون من رمضان من جميع أنحاء السماء في وقت السحر ، وكان هذا شيئاً مخيفاً مهولاً .
يقول: فلم نزل على ذلك إلى أن طلعت الشمس!!.

ـ محدث الأندلس بن بشكوال:
وفي سنة 578هـ (شذرات الذهب 2/262) توفي أبو القاسم بن بشكوال الأنصاري القرطبي الحافظ محدث الأندلس ومؤرخها ومسندها
سمع أبا محمد بن عتاب وأبا بحر بن العاص وطبقتهما ، وأجاز له أبو علي الصدفي وسمع العالي والنازل ، وكان سليم الصدر كثير التواضع.
ألف ابن بشكوال خمسين تأليفا في أنواع العلوم منها : الحكايات المستغربة ، وغوامض الأسماء المبهمة، ومعرفة العلماء الأفاضل ، والقربة إلى الله بالصلاة على النبي ، وجزءً ذكر من روى الموطأ عن مالك رتبهم على حروف المعجم فبلغوا ثلاثة وسبعين رجلاً.
وله كتاب المستعينين عند المهمات والحاجات وما يسر الله لهم من الإجابات
ولي قضاء بعض جهات أشبيلية ، ثم ترك القضاء لإسماع العلم، توفي يوم الثامن من رمضان وله أربع وثمانون سنة.

ـ عبد العزيز الأنصاري الحموي أديب ذكي:
وفي عام 662 (شذرات الذهب 3/309) توفي شيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز الأنصاري الدمشقي ثم الحموي الشافعي الأديب ، ولد بدمشق سنة 586 وكان مفرط الذكاء له محفوظات كثيرة وفضائل شهيرة وحرمة وجلالة ، لين الجانب ، يكرم من يعرف ومن لا يعرف .
مات يحماه ودفن بظاهرها في ثامن رمضان في تربة كان أعدها له.
ومن بديع شعره:
سبى فؤادي فتّانُ الجمال إذا طلبت شِبْهاً له في الناس لم أصب
قرأت خط عذاريه فأطمعني بواو عطفٍ ووصلٍ منه عن كثبِ
وأعربت لي نون الصدغ معجمة بالحال عن نجح مقصودي ومطلبي
حتى رنا فسبت قلبي لواحظه والسيف أصدق أنباء من الكتب

ـ دخول القاضي الملكي ابن عسكر مصر:
وينقل لنا ابن كثير (البداية 14/262) أنه في صبيحة يوم الاربعاء ثامن شهر رمضان سنة 759 دخل القاضي المالكي من الديار المصرية (أي وصل إلى دمشق أول تعيينه) فلبس الخلعة السلطانية يومئذ ، ودخل المقصورة من الجامع الأموي ،وقرئ تقليده هناك بحضرة القضاة والأعيان قرأه الشيخ نور الدين بن الصارم المحدث.
وهذا القاضي المالكي هو شرف الدين أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عسكر العراقي البغدادي ، قدم دمشق مراراً ، ثم استوطن الديار المصرية بعدما حكم ببغداد نيابة عن قطب الدين الأخوي، ودرس بالمستنصرية (ببغداد) بعد أبيه، وحكم بدمياط أيضاً، ثم نقل إلى قضاء المالكية بدمشق.

ـ ولادة الخليفة العباسي المقتدر:
وممن ولد في الثامن من رمضان الخليفة المقتدر بالله جعفر بن المعتضد الذي تولى الخلافة بعد المكتفي.
ولد في عام 282هـ يوم الثامن من رمضان ، وتولى الخلافة سنة 295 وعمره ثلاث عشرة سنة ، وكثر كلام الناس فيه ، واستصغره وزيره ابن الفرات وكاد أن يطيح به لولا أن الموت داهمه وتم أمر المقتدر (الكامل 6/439).
ـ وصول صلاح الدين إلى مخيمه حول القدس:
وفي الثامن من رمضان وصل صلاح الدين الأيوبي إلى مخيمه حول القدس بعد أن اضطره ضعف رجاله إلى القيام بعمل لم يكن يرغب فيه، وهو تخريب مدينة عسقلان بأكملها ، بعد أن أصحبت هدفاً سهلاً للفرنجة، وعجز جيشه عن حمايتها.
يقول ابن الأثير (الكامل 10/209) أمر بتخريبها وألقيت حجارتها في البحر، وهلك فيها من الأموال والذخائر التي للسلطان والرعية مالا يمكن حصره، وعفى أثرها حتى لا يبقى للفرنج في قصدها مطعم.

maher 21-09-2007 04:33 AM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

اليوم التاسع من رمضان المبارك


ـ القضاء على تمرد بابك الخرمي:
تولى المعتصم بالله الخلافة سنة 218 هـ. وعرف عنه صرامته وشجاعته في مواجهة أعدائه الخارجيين عليه أو المتمردين على النظام.
ترك المعتصم بصمة وأثراً واضحاً في الخلافة والدولة، من حيث أنه انشأ بعض المدن وحفر الأنهار، واعتنى بالزراعة والجيش، وتدخل في قضايا الفكر والدين، وكان مثالا للقوة الجسدية والأنفة الملكية.
وقد كان من قواد الجيش قائد متمرد استغل انشغال الخليفة عنه وبُعْدَ دياره في القيام بثورة مسلحة كادت أن تهدد الخلافة نفسها.
هذا القائد اسمه (بابك الخرمي) جمع حوله الناس ، واستمال إليه بعض القواد ، فلما تفرغ له المعتصم وجه إليه أكبر قواده وهو (الأفشين حيدر بن كاوس الأسروشني) وعقد له على جميع ما اجتاز به من الأعمال ، وحمل معه الأموال والخزائن ، وأمره بالتحرك للقضاء على (بابك) فكانت بينهما وقائع عدة ، دلت على حكمة (الأفشين) وحذره إلى أن وصل بزحفه نحو (بابك) إلى مدينة (البذ) عاصمة بابك ومعقله بعد معاناة شديدة من القتال والشتاء
يقول ابن واضح في تاريخه المعروف بتاريخ اليعقوبي (2/474):
ـ فأقام في محاربته حولاً حتى كثرت الثلوج ، ثم زحف إلى (البذ) يوم الخميس لتسع خلون من رمضان سنة 222هـ ، واشتدت الحرب حتى دخل المسلمون مدينة (البذ) وهرب (بابك) وستة من أصحابه، وأُخرج من كان بالبذ من أسارى المسلمين فكانوا سبعة آلاف وستمائة.

ومضى (بابك) هارباً على بغلة وقد لبس ثياب الصوف متنكراً، فكتب الأفشين إلى البطارقة (المختارين والعرفاء) في طلبه ، وضمن لمن جاء به ألف ألف درهم والصفح عن بلادهم. فما أسرع ما وشى ببابك أحدهم ـ واسمه سهل بن سنباط ـ مما سهل على (الأفشين) عملية القبض على (بابك) والرجوع به على المعتصم وهو في سر من رأى (سامراء) ، فتلقاه القواد والناس على مراحل منها ، فدخلها وبابك بين يديه مقيد على فيل حتى دخل على المعتصم ، فأمر بقطع يدي بابك ورجليه ثم قتله وصلبه.




ـ إنهيار جسر على دجلة ببغداد:
وفي اليوم التاسع من رمضان ينقل ابن الجوزي في (المنتظم 6/130) وقوع كارثة مفاجئة في مدينة الخلافة بغداد ، وهي إنهيار أحد الجسور المقامة فوق دجلة. يقول:
ـ وفي يوم الأربعاء لتسع خلون من رمضان سنة (303) انقطع كرسي الجسر (أي تهاوت قاعدته) والناس عليه فغرق خلق كثير.




ـ خروج المكتفي بالله للقضاء على القرامطة:
وفي اليوم التاسع من رمضان تحرك المكتفي بالله للقضاء على فتنة القرامطة التي استشرت في بادية الشام.
يقول صاحب ( بغية الطلب في تاريخ حلب 2/929 ) : إن القرامطة نسبوا إلى قرمط واسمه حمدان بن الأشعث كان بسواد الكوفة ، وإنما سمي قرمطا لأنه كان رجلاً قصيراً ، وكانت رجلاه قصيرتين وكان خطوه متقارباً ، وقد أظهر الزهد والورع وتسوق به على الناس مكيدة وخبثا وادعى أنه المهدي، وادعى أن نسبه يتصل بآل البيت. وقد هزم كثيراً من الجيوش التي وجهت إليه.
وقد اعتبر العلماء مذهبه خارجاً عن الإسلام.
وكان من حاله أنه لا يركب الدواب والخيل، بل له جمل يركبه ، ويلبس الثياب الواسعة ويتعمم عمة أعرابية ، ويأمر أصحابه أن لا يحاربوا أحداً - وإن أتى عليهم - حتى ينبعث جمله الذي هو عليه من قبل نفسه، فكانوا إذا فعلوا لم يهزموا ، واستغوى بذلك الأعراب .
وقد خلف أخاه بعد قتله فاشتدت شكوته وكثر أتباعه وحاصر دمشق حتى صالحه أهلها على خراج دفعوه ، ثم سار إلى أطراف دمشق وحمص فتغلب عليها ثم صار إلى حماه وسلمية وبعلبك ، فاستباح أهلها وقتل الذراري وفجر بالنساء وقتل أهل الذمة...
قال : فخرج المكتفي بالله متوجهاً نحوهم من عاصمته في العراق يوم الثلاثاء لتسع من خلون من شهر رمضان سنة 292 في قواده ومواليه وغلمانه وجيوشه وأخذ على طريق الموصل إلى الرقة وأقام بها ، وأناب عنه في قيادة الجيوش هذه القاسم بن عبيد الله ، ثم وجه أحد قواده وهو محمد بن سليمان في جيش ضخم وآلة جميلة وسلاح شاكٍ نحو القرمطي ، فلم يزل يعمل التدبير ويذكي العيون ويتعرف الطرقات حتى التقى محمد بن سليمان مع القرامطة على اثني عشر ميلاً من حماه، في موضع بينه وبين سلمية ، وثبت المسلمون حتى منحهم الله أكتاف القرامطة فهزموهم شر هزيمة وهرب القرمطي الملقب بصاحب الخال ، لكنه ألقي القبض عليه أخيراً وجيء به إلى المكتفي بالله في مدينة السلام فتقله.




ـ الفقيه محمد بن داود الظاهري يخلف أباه في المذهب:
وفي اليوم التاسع من رمضان سنة 297 توفي الفقيه محمد بن داود علي الظاهري الذي خلف أباه الإمام داود بن علي مؤسس مذهب الظاهرية في حلقته.
كان محمد بن داود فقيهاً متقناً له بصر تام بالحديث وبأقوال الصحابة مع ذكاء شديد وفصاحة في اللسان وقد رة على الجدل والمناظرة .
قام بنشر مذهبه ودعا الناس إليه ، وألف كتباً كثيرة منها : الوصول إلى معرفة الأصول ، واختلاف مسائل الصحابة ، وكتاب المناسك ، وكتاب الفرائض . وأشهر كتبه : الزُهْرة جمع فيه نوادر وأشعاراً.
نشر مذهبه في الشرق لكن ذلك لم يستمر طويلاً بل اختفى وزال. (احمد تمام ـ إسلام أون لاين ـ حدث في رمضان).




ـ القاضي يوسف بن يعقوب صاحب حزم وهيبة:
وفي اليوم التاسع من رمضان سنة 297 مات القاضي الشهير يوسف بن يعقوب قاضي البصرة وواسط والجانب الشرقي من بغداد (تاريخ بغداد 14/310)
كان رجلاً صالحاً عفيفاً شديداً في الحكم لا يراقب فيه أحداً ، وكانت له هيبة ورياسة.
يذكر عنه أن أحد أبرز خدم الخليفة المعتضد بالله جاء في مجلس الحكم فارتفع في المجلس ، فأمره الحاجب بموازاة خصمه فلم يفعل ادلالاً بعظم مجلسه من الدولة ، فصاح فيه القاضي يوسف بن يعقوب وقال لحرسه:
ـ اوقفوه . أتؤمر بموازاة خصمك فتمتنع ، يا غلام (عمرو بن ابي عمرو) أحضر النخاسي الساعة. يُقدم إليه ببيع هذا العبد وحمل ثمنه إلى أمير المؤمنين.
فأخذ كرهاً وأجلس مع خصمه ثم انصرف إلى سيده الخليفة المعتضد فحدثه بالحديث وبكى بين يديه ، فصاح عليه المعتضد وقال له:ـ لو باعك لأجزت بيعه...
عن أحمد بن كامل القاضي أن يوسف بن يعقوب القاضي مات يوم الاثنين لتسع خلون من رمضان سنة 297 في اليوم الذي مات فيه محمد بن داود بن علي الأصبهاني.




ـ الإمام علي بن الحسين المحاملي عالم ثقة:
وممن توفي هذا اليوم وهو التاسع من رمضان الإمام علي بن الحسين الضبي المحاملي كان ثقة عالماً روى حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في كل صلاة في صلاة المكتوبة).
ونقل الخطيب البغدادي (11/400) عن الأزهري: توفي علي بن الحسين بن إسماعيل المحاملي في ليلة السبت التاسع من شهر رمضان سنة ست وثمانين وثلاثمائة ودفن في نفس اليوم.




ـ الحافظ أحمد بن عبد الملك المؤذن:
وفي اليوم التاسع من شهر رمضان توفي رجل عالم صالح طوّف كثيراً في طلب العلم حتى جمع منه الكثير. آثر أن يكون مؤذناً ـ ككثير من العلماء الذين يقولون بأن وظيفة الأذان ورتبة المؤذن أفضل وأعلى من وظيفة ورتبة الإمامة والإمام ـ إنه أحمد بن عبد الملك بن علي المؤذن الحافظ (بغية الطلب في تاريخ حلب 2/1002).
رحل إلى منبج ودمشق والموصل وحلب وجرجان وأصبهان وهذان وبغداد.
روى الحديث المسلسل بالأولوية الذي يقول فيه كل راو وهو صادق: وهذا أول حديث سمعته ممن قبلي إلى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الراحمون يرحمهم الرحمن اِرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).
نقل عن بعض تلامذته قال: أول سماعي سنة 399 هـ ـ أي وعمره أحد عشر سنة ـ وكنت قد حفظت القرآن الكريم ولي نحو من تسع سنين.
قال عنه عبد الكريم بن محمد السمعاني: أبوصالح المؤذن من أهل نيسابور أمين ثقة محدث صوفي نسيج وحده في طريقته وجمعه وإفادته ، كان عليه الاعتماد في الودائع من كتب الحديث المجموعة في الخزائن الموروثة عن المشايخ والموقوفة على أصحاب الحديث ، فكان يصونها ويتعهد حفظها ، ويتولى أوقاف المحدثين من الخبز والكاغد وغير ذلك ، ويقوم بتغريقها عليهم وإيصالها لهم.
وكان أبو صالح المؤذن يؤذن على منارة المدرسة البيهقية سنين احتساباً ووعظ المسلمين وذكرهم الأذكار في الليالي ، وكان يأخذ صدقات الرؤساء والتجار ويوصلها إلى المستحقين والمستورين من أهل الحاجات والأرامل واليتامى، ويقيم مجالس الحديث وتقرأ عليه، جمع بين الحفظ والإفادة والرحلة، وكتب الكثير بخطه.
وعن علي بن الحسن قال : سألت أبا سعد بن أبي صالح عن وفاة والده ؟ فقال: في سنة سبعين وأربعمائة قيل : في أي شهر ؟ قال في شهر رمضان ، وذلك أنه كان قد سأل الله بمكة أن لا يقبضه إلا في شهر رمضان ، فكان إذا دخل شهر رجب تفرغ للعبادة إلى أن يخرج شهر رمضان.
وقد توفي صباح يوم الاثنين لتسع خلون من شهر رمضان بعد أن بلغ خمساً وثمانين عاماً

محى الدين 21-09-2007 05:53 AM

أخى الاستاذ/ ماهر

لا املك الا ان اشكرك على هذا الجهد الموفق
و لكن
رجاء ان تقلل كمية المعلومات حتى يتثنى لنا ان نتابعها بتركيز
فانت تعلم ان الاوقات فى الشهر الفضيل تكاد لا تكفى لعمل كل الاشياء
و معلوماتك قيمة و تحتاج الى وقت لمتابعتها بروية
فما اجمل عبق الماضى
و ما اجمل ذكريات القوة و الفخار
وفقك الله

maher 22-09-2007 03:33 AM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة محى الدين
أخى الاستاذ/ ماهر

لا املك الا ان اشكرك على هذا الجهد الموفق
و لكن
رجاء ان تقلل كمية المعلومات حتى يتثنى لنا ان نتابعها بتركيز
فانت تعلم ان الاوقات فى الشهر الفضيل تكاد لا تكفى لعمل كل الاشياء
و معلوماتك قيمة و تحتاج الى وقت لمتابعتها بروية
فما اجمل عبق الماضى
و ما اجمل ذكريات القوة و الفخار
وفقك الله


السلام عليك أخي محي الدين

شكرا أخي مرة أخرى على مرورك و تشجيعك جزاك الله خيرا
و طلبك أخي بصراحة صعب شوي :New2: :New8: :New12:
يعني والله المعلومات كلها شيقة
و إذا أردت أن أنقص شيئا، فأحتار ماذا أحذف
لذا قمت بتلوين كل معلومة و خبر بلون ليتسنى المتابعة و القفز إذا ما أريد ذلك
تحياتي أخي و بارك الله فيك و التمس لي عذرا :New4:

maher 22-09-2007 03:35 AM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

اليوم التاسع من رمضان المبارك
ـ القضاء على تمرد بابك الخرمي:
تولى المعتصم بالله الخلافة سنة 218 هـ. وعرف عنه صرامته وشجاعته في مواجهة أعدائه الخارجيين عليه أو المتمردين على النظام.
ترك المعتصم بصمة وأثراً واضحاً في الخلافة والدولة، من حيث أنه انشأ بعض المدن وحفر الأنهار، واعتنى بالزراعة والجيش، وتدخل في قضايا الفكر والدين، وكان مثالا للقوة الجسدية والأنفة الملكية.
وقد كان من قواد الجيش قائد متمرد استغل انشغال الخليفة عنه وبُعْدَ دياره في القيام بثورة مسلحة كادت أن تهدد الخلافة نفسها.
هذا القائد اسمه (بابك الخرمي) جمع حوله الناس ، واستمال إليه بعض القواد ، فلما تفرغ له المعتصم وجه إليه أكبر قواده وهو (الأفشين حيدر بن كاوس الأسروشني) وعقد له على جميع ما اجتاز به من الأعمال ، وحمل معه الأموال والخزائن ، وأمره بالتحرك للقضاء على (بابك) فكانت بينهما وقائع عدة ، دلت على حكمة (الأفشين) وحذره إلى أن وصل بزحفه نحو (بابك) إلى مدينة (البذ) عاصمة بابك ومعقله بعد معاناة شديدة من القتال والشتاء
يقول ابن واضح في تاريخه المعروف بتاريخ اليعقوبي (2/474):
ـ فأقام في محاربته حولاً حتى كثرت الثلوج ، ثم زحف إلى (البذ) يوم الخميس لتسع خلون من رمضان سنة 222هـ ، واشتدت الحرب حتى دخل المسلمون مدينة (البذ) وهرب (بابك) وستة من أصحابه، وأُخرج من كان بالبذ من أسارى المسلمين فكانوا سبعة آلاف وستمائة.
ومضى (بابك) هارباً على بغلة وقد لبس ثياب الصوف متنكراً، فكتب الأفشين إلى البطارقة (المختارين والعرفاء) في طلبه ، وضمن لمن جاء به ألف ألف درهم والصفح عن بلادهم. فما أسرع ما وشى ببابك أحدهم ـ واسمه سهل بن سنباط ـ مما سهل على (الأفشين) عملية القبض على (بابك) والرجوع به على المعتصم وهو في سر من رأى (سامراء) ، فتلقاه القواد والناس على مراحل منها ، فدخلها وبابك بين يديه مقيد على فيل حتى دخل على المعتصم ، فأمر بقطع يدي بابك ورجليه ثم قتله وصلبه.

ـ إنهيار جسر على دجلة ببغداد:
وفي اليوم التاسع من رمضان ينقل ابن الجوزي في (المنتظم 6/130) وقوع كارثة مفاجئة في مدينة الخلافة بغداد ، وهي إنهيار أحد الجسور المقامة فوق دجلة. يقول:
ـ وفي يوم الأربعاء لتسع خلون من رمضان سنة (303) انقطع كرسي الجسر (أي تهاوت قاعدته) والناس عليه فغرق خلق كثير.

ـ خروج المكتفي بالله للقضاء على القرامطة:
وفي اليوم التاسع من رمضان تحرك المكتفي بالله للقضاء على فتنة القرامطة التي استشرت في بادية الشام.
يقول صاحب ( بغية الطلب في تاريخ حلب 2/929 ) : إن القرامطة نسبوا إلى قرمط واسمه حمدان بن الأشعث كان بسواد الكوفة ، وإنما سمي قرمطا لأنه كان رجلاً قصيراً ، وكانت رجلاه قصيرتين وكان خطوه متقارباً ، وقد أظهر الزهد والورع وتسوق به على الناس مكيدة وخبثا وادعى أنه المهدي، وادعى أن نسبه يتصل بآل البيت. وقد هزم كثيراً من الجيوش التي وجهت إليه.
وقد اعتبر العلماء مذهبه خارجاً عن الإسلام.
وكان من حاله أنه لا يركب الدواب والخيل، بل له جمل يركبه ، ويلبس الثياب الواسعة ويتعمم عمة أعرابية ، ويأمر أصحابه أن لا يحاربوا أحداً - وإن أتى عليهم - حتى ينبعث جمله الذي هو عليه من قبل نفسه، فكانوا إذا فعلوا لم يهزموا ، واستغوى بذلك الأعراب .
وقد خلف أخاه بعد قتله فاشتدت شكوته وكثر أتباعه وحاصر دمشق حتى صالحه أهلها على خراج دفعوه ، ثم سار إلى أطراف دمشق وحمص فتغلب عليها ثم صار إلى حماه وسلمية وبعلبك ، فاستباح أهلها وقتل الذراري وفجر بالنساء وقتل أهل الذمة...
قال : فخرج المكتفي بالله متوجهاً نحوهم من عاصمته في العراق يوم الثلاثاء لتسع من خلون من شهر رمضان سنة 292 في قواده ومواليه وغلمانه وجيوشه وأخذ على طريق الموصل إلى الرقة وأقام بها ، وأناب عنه في قيادة الجيوش هذه القاسم بن عبيد الله ، ثم وجه أحد قواده وهو محمد بن سليمان في جيش ضخم وآلة جميلة وسلاح شاكٍ نحو القرمطي ، فلم يزل يعمل التدبير ويذكي العيون ويتعرف الطرقات حتى التقى محمد بن سليمان مع القرامطة على اثني عشر ميلاً من حماه، في موضع بينه وبين سلمية ، وثبت المسلمون حتى منحهم الله أكتاف القرامطة فهزموهم شر هزيمة وهرب القرمطي الملقب بصاحب الخال ، لكنه ألقي القبض عليه أخيراً وجيء به إلى المكتفي بالله في مدينة السلام فتقله.

ـ الفقيه محمد بن داود الظاهري يخلف أباه في المذهب:
وفي اليوم التاسع من رمضان سنة 297 توفي الفقيه محمد بن داود علي الظاهري الذي خلف أباه الإمام داود بن علي مؤسس مذهب الظاهرية في حلقته.
كان محمد بن داود فقيهاً متقناً له بصر تام بالحديث وبأقوال الصحابة مع ذكاء شديد وفصاحة في اللسان وقد رة على الجدل والمناظرة .
قام بنشر مذهبه ودعا الناس إليه ، وألف كتباً كثيرة منها : الوصول إلى معرفة الأصول ، واختلاف مسائل الصحابة ، وكتاب المناسك ، وكتاب الفرائض . وأشهر كتبه : الزُهْرة جمع فيه نوادر وأشعاراً.
نشر مذهبه في الشرق لكن ذلك لم يستمر طويلاً بل اختفى وزال. (احمد تمام ـ إسلام أون لاين ـ حدث في رمضان).

ـ القاضي يوسف بن يعقوب صاحب حزم وهيبة:
وفي اليوم التاسع من رمضان سنة 297 مات القاضي الشهير يوسف بن يعقوب قاضي البصرة وواسط والجانب الشرقي من بغداد (تاريخ بغداد 14/310)
كان رجلاً صالحاً عفيفاً شديداً في الحكم لا يراقب فيه أحداً ، وكانت له هيبة ورياسة.
يذكر عنه أن أحد أبرز خدم الخليفة المعتضد بالله جاء في مجلس الحكم فارتفع في المجلس ، فأمره الحاجب بموازاة خصمه فلم يفعل ادلالاً بعظم مجلسه من الدولة ، فصاح فيه القاضي يوسف بن يعقوب وقال لحرسه:
ـ اوقفوه . أتؤمر بموازاة خصمك فتمتنع ، يا غلام (عمرو بن ابي عمرو) أحضر النخاسي الساعة. يُقدم إليه ببيع هذا العبد وحمل ثمنه إلى أمير المؤمنين.
فأخذ كرهاً وأجلس مع خصمه ثم انصرف إلى سيده الخليفة المعتضد فحدثه بالحديث وبكى بين يديه ، فصاح عليه المعتضد وقال له:ـ لو باعك لأجزت بيعه...
عن أحمد بن كامل القاضي أن يوسف بن يعقوب القاضي مات يوم الاثنين لتسع خلون من رمضان سنة 297 في اليوم الذي مات فيه محمد بن داود بن علي الأصبهاني.

ـ الإمام علي بن الحسين المحاملي عالم ثقة:
وممن توفي هذا اليوم وهو التاسع من رمضان الإمام علي بن الحسين الضبي المحاملي كان ثقة عالماً روى حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في كل صلاة في صلاة المكتوبة).
ونقل الخطيب البغدادي (11/400) عن الأزهري: توفي علي بن الحسين بن إسماعيل المحاملي في ليلة السبت التاسع من شهر رمضان سنة ست وثمانين وثلاثمائة ودفن في نفس اليوم.

ـ الحافظ أحمد بن عبد الملك المؤذن:
وفي اليوم التاسع من شهر رمضان توفي رجل عالم صالح طوّف كثيراً في طلب العلم حتى جمع منه الكثير. آثر أن يكون مؤذناً ـ ككثير من العلماء الذين يقولون بأن وظيفة الأذان ورتبة المؤذن أفضل وأعلى من وظيفة ورتبة الإمامة والإمام ـ إنه أحمد بن عبد الملك بن علي المؤذن الحافظ (بغية الطلب في تاريخ حلب 2/1002).
رحل إلى منبج ودمشق والموصل وحلب وجرجان وأصبهان وهذان وبغداد.
روى الحديث المسلسل بالأولوية الذي يقول فيه كل راو وهو صادق: وهذا أول حديث سمعته ممن قبلي إلى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الراحمون يرحمهم الرحمن اِرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).
نقل عن بعض تلامذته قال: أول سماعي سنة 399 هـ ـ أي وعمره أحد عشر سنة ـ وكنت قد حفظت القرآن الكريم ولي نحو من تسع سنين.
قال عنه عبد الكريم بن محمد السمعاني: أبوصالح المؤذن من أهل نيسابور أمين ثقة محدث صوفي نسيج وحده في طريقته وجمعه وإفادته ، كان عليه الاعتماد في الودائع من كتب الحديث المجموعة في الخزائن الموروثة عن المشايخ والموقوفة على أصحاب الحديث ، فكان يصونها ويتعهد حفظها ، ويتولى أوقاف المحدثين من الخبز والكاغد وغير ذلك ، ويقوم بتغريقها عليهم وإيصالها لهم.
وكان أبو صالح المؤذن يؤذن على منارة المدرسة البيهقية سنين احتساباً ووعظ المسلمين وذكرهم الأذكار في الليالي ، وكان يأخذ صدقات الرؤساء والتجار ويوصلها إلى المستحقين والمستورين من أهل الحاجات والأرامل واليتامى، ويقيم مجالس الحديث وتقرأ عليه، جمع بين الحفظ والإفادة والرحلة، وكتب الكثير بخطه.
وعن علي بن الحسن قال : سألت أبا سعد بن أبي صالح عن وفاة والده ؟ فقال: في سنة سبعين وأربعمائة قيل : في أي شهر ؟ قال في شهر رمضان ، وذلك أنه كان قد سأل الله بمكة أن لا يقبضه إلا في شهر رمضان ، فكان إذا دخل شهر رجب تفرغ للعبادة إلى أن يخرج شهر رمضان.
وقد توفي صباح يوم الاثنين لتسع خلون من شهر رمضان بعد أن بلغ خمساً وثمانين عاماً

maher 22-09-2007 03:51 AM

اليوم العاشر من رمضان المبارك


ـ الخروج لفتح مكة:
في اليوم العاشر من رمضان سنة ثمان للهجرة تحرك الركب النبوي من المدينة المنورة باتجاه مكة المكرمة في سرّية تامة يريد أن يباغت قريشاً قبل أن تستعد رجاء أن لا يقع قتال معها في الحرم. ولكن الموكب النبوي كان حاشداً وقوياً.

قال ابن إسحاق (سيرة ابن هشام 5/55) عن عبد الله بن عباس قال: مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره واستخلف على المدينة أبا رهم كلثوم بن حصين بن عتبة الغفاري (وفي بعض المصادر استخلف عبد الله بن أم مكتوم ـ الطبقات الكبرى 2/135).

وخرج لعشر مضين من رمضان فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصام الناس معه ، حتى إذا كان بالكديد بين عسفان وأمج أفطر. وكان في عشرة آلاف من المسلمين. وأوعب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرون والأنصار فلم يختلف عنه منهم أحد.

وقال عروة بن الزبير: كان معه اثنا عشر ألفا (البداية والنهاية 4/285).

والقول بأنه صلى الله عليه وسلم خرج لعشر مضين من رمضان هو قول الأكثر من كتاب السيرة. وهناك أقوال أخرى.

منها ما رواه البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: آذننا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحيل عام الفتح لليلتين خلتا من رمضان فخرجنا صواماً.

ومنها ما نقله ابن القيم في (زاد المعاد 3/502) ورجحه عن مسند الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة إلى مكة بعد مضي ثمان عشرة ليلة من رمضان.

وعند ابن سعد في (الطبقات 2/135) خرج يوم الأربعاء لعشر خلون من شهر رمضان بعد العصر ، فلما انتهى إلى الصلصل قدم أمامه الزبير بن العوام في مائتين من المسلمين.

وعنده أيضاً (2/143) عن الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان من المدينة لست مضين فسار سبعاً يصلي ركعتين حتى قدم مكة. والله أعلم.




ـ وفاة أم المؤمنين السيدة خديجة:
وفي العاشر من رمضان في السنة العاشرة للبعثة ـ قبل الهجرة ـ توفيت في مكة أحب الأزواج إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاهن ، وهي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى

كانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عتيق بن عابد المخزومي (الطبقات 8/217) فولدت له جارية فسمتها هندا .

ثم خلف على خديجة بعد عتيق أبو هالة بن النباش بن زرارة التميمي حليف بني عبد الدار فولدت له ذكراً فسمته هندا أيضا .

ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ ابن خمس وعشرين سنة وخديجة ابنة أربعين سنة ، فولدت له (القاسم) و(الطاهر) وهو المطهر ويقال له عبد الله ، وولدت له من النساء (زينب) التي كانت تحت أبي العاص بن الربيع وكانت أكبر بناته صلى الله عليه وسلم ، ثم ولدت له (رقية) تزوجها عتيبة بن أبي لهب فطلقها قبل أن يدخل بها ، فتزوجها عثمان بن عفان بعد النبوة . ثم ولدت (أم كلثوم) فتزوجها عثمان بعد رقية ، ثم ولدت (فاطمة) فتزوجها علي بن أبي طالب.

تزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة قبل النبوة بخمس عشرة سنة (الطبقات 7/604) وكانت موسرة وكانت ذات شرف وجمال.

قال الزبير بن بكار: كانت تدعى قبل البعثة: الطاهرة. وهي أول من صدق بنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خير نسائها خديجة). قال ابن كثير: أخرجاه في الصحيحين (1/363).

وقد وجد النبي صلى الله عليه وسلم لفقدها كثيراً وقال لخولة بنت حكيم حينما قالت له: يا رسول الله كأني أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة. قال:ـ أجل كانت أم العيال وربة البيت.

ومما يذكر من فضائلها الجمة أن جبريل جاء ببشارة لها : وهي بيت في الجنة من قصب (لؤلؤ مجوف) لا صخب فيه ولا نصب . (متفق عليه)

وامتدحها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (آمنت إذ كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بما لها إذ حرمني الناس ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء). رواه أحمد 6/117

ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين وكانت وفاتها ووفاة أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم في عام واحد.

قال الواقدي: توفيت لعشر خلون من رمضان وهي بنت خمس وستين سنة بعد خروج بني هاشم من الشِعب ، ودفنت بالحجون ، ونزل النبي صلى الله عليه وسلم في حفرتها ، ولم تكن شرعت الصلاة على الجنائز.




ـ دخول العباسيين عاصمة الأمويين دمشق:
وفي العاشر من شهر رمضان دخل العباسيون الثائرون عاصمة الأمويين (دمشق) بعد أن حاصروها من جهات عدة

يقول الطبري (4/355) ثم سار عبد الله بن علي وهو أمير جيوش العباسيين في الشام فنزل على الباب الشرقي لدمشق ، ونزل صالح بن علي على باب الجابية، وأبو عون على باب كيسان ، وبسام بن إبراهيم على باب الصغير ، وحميد بن قحطبة على باب توما ، وعبد الصمد ويحيى بن صفوان والعباس بن يزيد على باب الفراديس ... وفي دمشق الوليد بن معاوية ، فحصروا أهل دمشق والبلقاء وتعصب الناس بالمدينة فقتل بعضهم بعضا وقتلوا الوليد ، ففتحوا الأبواب يوم الأربعاء لعشر مضين من رمضان سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، فكان أول من صعد سور المدينة من الباب الشرقي عبد الله الطائي ، ومن قبل باب الصغير بسام بن إبراهيم فقاتلوا بها ثلاث ساعات .
وأقام عبد الله بن علي بدمشق خمسة عشر يوما ثم سار يريد فلسطين.




ـ المعتضد يمنح الأمان لعبد العزيز ابن أبي دلف:
وأورد الطبري في أخبار سنة 283 أنه في يوم الجمعة لعشر خلون من شهر رمضان قرئ كتاب على المنبر بمدينة السلام في مسجد جامعها : بأن عمر بن عبد العزيز بن أبي دلف صار إلى بدر وعبيد الله بن سليمان في الأمان يوم السبت لثلاث بقين من شعبان سامعاً مطيعاً منقاداً لأمير المؤمنين (المعتضد) مذعنا بالطاعة والمصير معهما إلى بابه ، وأن عبيد الله بن سليمان خرج إلى عمر فتلقاه وصار به إلى مضرب بدر ، فأخذ عليه وعلى أهل بيته البيعة لأمير المؤمنين وخلع عليه بدر وعلى الرؤساء من أهل بيته وانصرفوا إلى مضرب أعد لهم.

وكان قبل ذلك قد دخل بكر بن عبد العزيز (شقيق عمر بن عبد العزيز بن أبي دلف) في الأمان على بدر وعبيد الله بن سليمان فولياه على أخيه عمر ، على أن يخرج إليه ويحاربه ، فلما دخل عمر في الأمان قالا لبكر : إن أخاك قد دخل في طاعة السلطان ، وإنا كنا وليناك عليه على أنه عاص ، والآن فأمير المؤمنين أعلى عيناً فيما يرى من أمركما فامضيا إليه.
وهذا الخبر يعني عودة أحد الولاة المتمردين على الخلافة وإعلان ذلك على العامة.



ـ المسلمون يستعيدون حصن همدان من الفرنجة:
وجاء في كتاب (نبذة العصر في أخبار ملوك بني نصر 1/101) وهم من ملوك الأندلس المتأخرين الذين شهدوا اضطراب أحوال المسلمين فيها. قال:

ـ فلما صارت هذه البلاد كلها تحت ذمة العدو ولم يبق لصاحب قشتالة الفرنجي سوى غرناطة التي هي في صلحه (للمسلمين) ورأى أن الإسلام قد دثر من بلاد الأندلس وقع طمعه ، ونقض ما بينه وبين صاحب غرناطة محمد بن علي من الصلح ، فأخذ برج ملاحة غرناطة وبرج قرية همدان وكانا برجين كبيرين حصينين فزادهما تحصينا وتمنيعاً ، وشحنهما بالرجال وما يحتاج إليه من آله الحرب ليضيق على أهل غرناطة لأنهم كانوا قريبين منهما وقد حصل له ما أراد.

ولكن صاحب غرناطة قرر استعادة حصن همدان فخرج بعدته وآلة حربه نحو قرية همدان فلما نزل بها تحصن من بها من النصارى والمرتدين بحصنهم ، ودارت بهم جيوش المسلمين من كل جانب بالقتال الشديد حتى قربوا من السور الأول ، فجعلت كل طائفة من المسلمين نقبا ، حتى دخلوا معهم في الحزام الأول ثم في الحزام الثاني ثم في الحزام الثالث ، حتى الجؤوهم إلى داخل البرج ، وذلك بعد محاربة عديدة وقتال شديد استشهد فيه جماعة من المسلمين رحمهم الله تعالى وحين وصل المسلمون إلى أصل البرج أخذوا في نقبه، فجعلوا ينقبون ويدعمون بالخشب إلى أن نقبوا فيه نقباً كثيرة ، فلما علم من في البراج أن النقب قد كثر خافوا من هدمه عليهم فيهلكون ، فسلموا البرج وأذعنوا للأسر فأسروا عن آخرهم ومن معهم من المرتدين واحتوى المسلمون على ما كان في البرج من الطعام والعدة والأموال ونحو مائة وثمانين أسيرا ، وكان ذلك يوم العاشر من رمضان عام 895 هـ .

ثم أقبل الأمير بمحلته راجعاً إلى غرناطة في اليوم الحادي عشر لرمضان المعظم ، وفرج المسلمون بما من الله وفتح عليهم فرحاً شديداً... نعم كانت هذه الوقفة مبعث عودة الروح ـ ولو لأمد قصير ـ إلى المسلمين في الأندلس.




ـ حرب بين الخليفة وملكشاه.
ومن حوادث اليوم العاشر من رمضان. ذكر صاحب كتاب (مآثر الإنافة في معالم الخلافة) أنه في سنة تسع وعشرين وخمسمائة هجرية جرى بين الخليفة المسترشد وبين السلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه حرب.

وكان منشؤ الحرب أن سار جماعة من أصحاب السلطان إلى الخليفة وهونوا عليه أمر السلطان مسعود ، فخرج الخليفة من بغداد بجيشه وسار لقتال مسعود وسار مسعود لملاقاته.

والتقوا في عاشر رمضان من السنة ، فصار غالب عسكر الخليفة إلى السلطان مسعود ، وانهزم الباقون .

وأخذ الخليفة المسترشد أسيراً ونهب عسكره ، ثم سار مسعود من همدان إلى مراغة والمسترشد مأسور معه في خيمة منفردة ، بعد أن وقع الاتفاق بينهما على مال يحمله إليه الخليفة وأن لا يعود يخرج من بغداد ، فوثبت الباطنية في بغداد على المسترشد فقتلوه وجدعوا أنفه وقطعوا أذنه ، وأخذ السلطان البردة والقضيب فتركهما عنده.




ـ الإمام حماد بن زيد المحدث محدث كبير:
ومن الذين توفوا في هذا اليوم وهو العاشر من رمضان إمام عظيم من أئمة الحديث النبوي الشريف هو حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي أبو إسماعيل (طبقات الحفاظ 1/103)
قال ابن حبان: كان ضريراً وكان يحفظ الحديث كله .
وقال ابن مهدي: أئمة الناس في زمانهم أربعة: سفيان الثوري بالكوفة ، ومالك بالحجاز ، والأوزاعي بالشام ، وحماد بن زيد بالبصرة .
ولد سنة ثمان وتسعين ومات يوم الجمعة لعشر خلون من رمضان سبع تسع وسبعين ومائة يرحمه الله.


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.