أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة الإسلامية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=8)
-   -   الحرب على الإرهاب.. أي حرب.. وأي إرهاب! (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=6480)

صلاح الدين 30-09-2001 04:11 AM

الحرب على الإرهاب.. أي حرب.. وأي إرهاب!
 
يعيش العالم هاجس الحرب الأمريكية القادمة ضد الإرهاب والإرهابيين بتوتر يتصاعد مع تصاعد الاستعدادات، ويظهر هذا التوتر بأشكال مختلفة، من الحكام إلى المحكومين، فالتصريحات والقرارات والتحركات الأمريكية توحي بأنها حرب من نوع جديد في الاستهداف وفي التقنية وفي السياسات، وينال العالم العربي والإسلامي قسط أوفى مما ينال غيره من التوتر، لسبب بسيط، فأصابع الاتهام اتجهت منذ اللحظة الأولى إلى عرب ومسلمين، لم يشفع لهم أن بعضهم ما زال حياً يرزق في بلاده، وأن بعضهم قد قضى نحبه منذ سنة سابقة على الهجوم المروّع على كل من نيويورك وواشنطن.

ويزيد من حجم التوتر على الدول والأفراد، ضغط المصالح (العامة والخاصة) لتنفيذ سياسة الحرب القادمة وخططها، ومن يجرؤ في حمأة الغضب العالمي على الإرهاب أن يتردد في تقديم كل ما هو مطلوب منه للمساهمة في إنجاح العملية، مهما كانت إمكانياته متواضعة بالمقارنة مع التقنية الحديثة التي تملكها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية الحليفة لها!

ومع تصاعد الحملة التي تستهدف (أفغانستان) مرحلةً أولى من مراحل الحرب وخطواتها، تتصاعد المخاوف والتكهنات، وتتضارب الآراء، بل وتتشابك الأيدي بين الموالاة والمعارضة كما في أفغانستان نفسها وجارتها (باكستان)، واشتباك الموالاة مع المعارضة أحد بنود الخطة الهادفة إلى إنزال ضربة مؤلمة في (طالبان) المتمردة –حتى الآن- على النظام الدولي المعاصر، إذ يأمل قادة الحملة على الإرهاب أن تنزل مثل هذا الانشقاق الداخلي أكبر الأذى في الجبهة المستهدفة بأقل خسائر ممكنة من التحالف الدولي، ولا مانع لدى التحالف –البتة- أن تستمر الحرب حركة طالبان ومجموعة ابن لادن حتى آخر مقاتل أفغاني معارض، وآخر جندي باكستاني مطيع، فللخسائر البشرية في العالم الغربي من الأثر على السياسة والسياسيين ما لا يخفى على كل متابع لحروب أمريكا في فيتنام وكمبوديا والخليج، كل رجل يسقط قد يعني سقوط الإدارة السياسية واستبدالها بأخرى، وهو أمر لا ترغب إدارة بوش الابن الوقوع في فخه، ولهذا تراها تتهيأ لحرب القرن الواحد والعشرين بكثير من التدبير والتهيؤ التقني والنفسي.

فالحرب المعلنة ضد (الإرهاب) لا تختلف في ضبابيتها عن الحرب المعلنة ضد (المرض) وضد (الفقر) وضد (الإضرار بالبيئة)، حرب لا تستطيع أن تستهدف دولة ولا جماعة ولا أفراداً بأعينهم، كما لا يمكنها إغفال دولة أو جماعة أو أفراد بأعينهم، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها، وقد عانت سابقاً من حادث أوكلاهوما الإرهابي المروّع، وما تكشف عنه من وجود مجموعات أصولية أمريكية حاقدة على سلطات بلدها وممارسات شعبها تصل إلى درجة تنفيذ عملية التفجير بالمدنيين.

وبالرغم من القرارات الحازمة، والخطوات الواثقة، والحملة الإعلامية التعبوية الهادفة، التي تتحرك بها الإدارة الأمريكية لتحقيق نجاح ملموس في ضرب الأهداف المحددة والمعلنة –حتى الآن- فثمة من يتخوف في الإدارة نفسها من نتائج غير محسوبة أو مفاجآت خارجة عن السيطرة، تحول بين الحرب المعلنة والنتائج المرجوّة، نظراً لطبيعة المهمة، وطبيعة المنطقة المحددة حتى الآن لمسرح العمليات.

وأول العقبات تكمن في تحديد (العدو)، وتنظيم (القاعدة) وحركة (طالبان) ليسا سوى فقرة الافتتاح لحرب طويلة الأمد حددت الهدف بحالة عامة وليس بنظام أو كيان سياسي، مما يجعل ابتداء الحرب وانتهاءها أمراً ميسوراً، ولكنه يجعل توصيف الانتصار أمراً في غاية الصعوبة، لأن تدمير (القاعدة) وإنهاء سلطة (طالبان) وتفكيكها لا يعني في حالة من الأحوال القضاء على (الإرهاب)، ولا يعطي أية ضمانة بعدم تكرر الأعمال الإرهابية، لا في الولايات المتحدة، ولا في غيرها من البلدان.

ومفهوم (الإرهاب) مفهوم ضبابي، لم تتفق على تحديده لا المؤسسات العلمية ولا السلطات السياسية، والنظرة إليه وإلى معالمه وميادينه ومخرَجاته تختلف من دولة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى آخر، بل تختلف في الدولة الواحدة والمجتمع الواحد باختلاف الظروف.

فدولة إسرائيل في نظر العرب والمسلمين أحد أبرز مؤسسات الإرهاب الدولي المنظم، وأدلتهم على ذلك كثر من أن تحصى، منذ الانتداب البريطاني على فلسطين وحتى اليوم، هذه الدولة العدوانية التي تمارس الإرهاب بشكل منظم ومتصاعد ومستمر في نظر العرب، هي في نظر الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين نموذج على الدولة العصرية المتحضرة التي تعاني من إرهاب المنظمات العربية والفلسطينية المسلحة، التي يراها العربي والمسلم حركات تحرر شعبي أخذت على عاتقها استعادة الحقوق المشروعة المسلوبة، المقاتل فيها مجاهد، والمقتول فيها شهيد، يستوجب كل دعم بما يتوفر من إمكانيات الدول والأفراد، بينما هي في نظر الإسرائيليين وفي نظر الولايات المتحدة وحلفائها منظمات إرهابية وتخريبية تستوجب الملاحقة والتفكيك والتنكيل وإنزال أشد العقوبات حتى لو كانت بحجم ما رأيناه في صبرا وشاتيلا وقانا وغيرهما.

إن الهجوم الذي استهدف المراكز الاقتصادية والأمنية والسياسية في الولايات المتحدة الأمريكية جريمة لن تجد أحداً يقف إلى جانبها ليبررها أو ليحتفل بها، كما لن تجد من لا يؤيد معاقبة الجناة وجعلهم عبرة لغيرهم، ولم يكن هذا موضوع الاختلاف بين مؤيدي الحملة الأمريكية ومعارضيها، وإنما موضوع الخلاف في تحديد الجناة وعدم الضرب العشوائي لأنه بالتأكيد لن يحقق الأهداف المعلنة للحملة.


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.