أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   خيمة الثقافة والأدب (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=9)
-   -   جسد بلا روح (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=32861)

أطياف الأمل 14-05-2004 01:52 PM

وفي السيارة.. كنت أصارع أعداد لا منتهية من الآلام.. كان جسمي يؤلمني.. قلبي يؤلمني.. رأسي.. عياني.. كلي يؤلمني.. لم أعرف أكان الموضوع مرضيا أم أنه مجرد ألم نفسي.. كنت أنظر من نافذة السيارة.. أرى الناس حولي.. ترى هل يتألمون لما أتألم؟ هل يشعرون بما بي؟ هل تفضحني عيناي أم أنهما ممثلتان بارعتان كما شفتي التي تزيف ابتسامتها رغم الألم الذي يعصف بداخلها؟
رفعت رأسي لأرى القمر.. القمر الذي كان يتلقى رسائلي كل ليلة ليوصلها إلى نواف.. رفعت ناظري إليه لأرى رأيه.. هل يشاركني الألم كما شاركني الفرح؟ أم أنه تخلى عني.. والآن؟
نظرت إليه فرمقني بنظرة عطف وكأنه همس.. لا تحزني..
همست عيني.. أرجوك.. آخر رساله.. أرجوك أن توصلها..
تردد كثيرا ولكنه في الأخير تقبل الموضوع.. مذكرا إياي أنها آخر رساله.. فرحت.. هتفت.. أحبه.. قل له أني أحبه.. وسأظل أحبه ما امتدت بي الحياة..
أشاح بوجهه عني باكيا فأخفضت بصري.. نظرت أمامي.. إلهي لقد اقتربنا.. ألهمني الصبر يا ربي.. ألهمني الصبر في موقفي الجلل هذا..
وصمت أنظر للطريق بصمت مميت..
يبدو أني لم أكن وحدي من يكلف القمر بايصال رسائله..فلقد كان نواف يشاطرني الأمر ذاته.. كان يقود سيارته باتجاه الصاله.. صالة الزفاف.. كان حزينا.. يبدو حزنه واضحا في عينيه.. كان حزينا في وضع يوجب عليه أن يكون أسعد الخلق.. اليوم زفافه.. فكيف يحزن؟ ولأي سبب؟ ما الذي يحمله على الكآبه؟ يجب أن يفرح.. يضحك.. يغني.. يرقص.. لا أن يكتئب ويبكي.. رفع بصره المتألم إلى السماء.. تلك السماء التي بدت في تلك الليلة كقطعة قماش من المخمل الأسود نثرت عليها الدراهم الفضية بعشوائية مرتبة.. وقد احتل القمر المكانه الوسطى..فاستلم زمام الأمور خلف الشمس.. فكأنه الملك.. ملك الظلام.. نظر نواف إلى القمر.. فنظر الأخير له.. همس نواف.. هل لك أن توصل رسالتي لمن أحب يا قمر؟لطالما فعلت فأرجوك لا تبخل علي هذه المرة..
وبعد تردد كثير وافق القمر.. حسنا.. سيوصل الرساله..
فرح.. همس.. أحبها..قل لها أني أحبها.. وسأظل أحبها ما امتدت بي الحياة..
تألم القمر كثيرا فأشاح وجهه فأخفض نواف رأسه وأكمل سيره.. حتى وصل إلى الصالة.. حيث يقام زفافه!!
كنت قد وصلت منذ مدة ليست بطويلة.. عندما فتحت باب السيارة قاصدة الهبوط منها.. أحسست بدوار شديد فتجاهلت الأمر.. خرجت من السيارة.. فكانت قدماي وكأنها عجزت عن حملي.. كدت أن أقع.. إلى أني تمالكت نفسي.. خرج السائق بسرعة من السيارة وقال: سيدتي.. هل أنت بخير؟
- أجل أنا بخير..
- هل نعود للمنزل؟؟
- المنزل؟؟ لا لا سأبقى..
- ولكنك تعبه!!
- وما دخلك أنت؟ قلت لك سأبقى..
- بأمرك سيدتي.. سأبقى أنا هنا حتى تنتهين..
- لا اذهب وسوف اتصل عليك..
- لا أستطيع.. السيد سعود أمرني أن أبقى حتى تنتهين..
تأفف فقد علمت أنه بما أن سعود تدخل بالموضوع فلا يمكن أن ينفذ السائق ما أقول..
قلت: حسنا.. ابقى هنا..
وبخطى بطيئة سرت حتى دخلت القاعه... كنت أرتدي رداء الخوف والرهبه.. قلبي يدق بجنون..وكأنه طائر صغير يكاد أن يخرج من قفصه.. ضممت يدي إلى صدري ومشيت ببطء..
نزعت عبائتي ونظرت إلى الناس من حولي.. يا الله.. لم أتوقع الموقف بهذه الصعوبه.. الكل ينظر إلي.. من هذه؟ لم يكن بعينيهم سؤال غيره.. من هي؟ ماذا تريد؟
بالطبع ليس من الصعب عليهم أن يكتشفوا أن لست من (الأهل) لأنهم جميعهم أقارب.. يعرفون بعضهم ويمزون أقاربهم.. وذلك ما زادني خوفا.. وألقى بقلبي الرعب..
ابتسمت برهبه لمن حولي وتقدمت.. مضيت في طريقي إلى داخل الصالة.. حيث كانت الصاعقه هناك..
فما أن دخلت من الباب وجدت نسوة كثر واقفات بالباب.. من مختلف الأعمار..منهم الكبيرة والشابة والطفلة.. كان واضحا أنهم من أصحاب العرس.. لأنهم كانوا يستقبلون المدعوين.. مددت يدي.. سلمت عليهم واحة واحدة.. منهم من رمتني بنظرة تحمل الكثير من علامات الريبة والشك.. ومنهم من نظرت إلي بكراهيه.. ومنهم من نظر إلي بلطافه وبشاشه.. حتى وصلت يدي إلى يد امرأة كبيرة في السن.. إلا أن وجهها بشوشا مضاء.. ابتسمت لي ثم سألتني بحده: من أنت؟
خفت.. ارتجفت وارتعدت أطرافي.. ماذا.. من أنا؟ ماذا أخبرها؟ أنا حبيبة من سيتزوج اليوم؟؟ ماذا أقول.. لم يخبرني نواف ماذا أقول.. بل انا من نسيت أن أسأله..ويحي..ماذا أفعل الآن..
نظرت إلي باستغراب ثم قالت: من أنت با ابنتي؟
أجبتها بتلعثم: أنا روز.. روز سلطان..
قاطعتني فتاة كانت بقرب هذه المرأة صائحه: أمي.. إنها من أخبرنا عنها نواف..
فتحت عيني ذهولا أخبرهم عني؟ ماذا أخبرهم؟ كيف أخبرهم!!
رحبت هذه المرأة التي اكتشفت فيما بعد أنها والدة نواف بي ترحيبا حارا.. وقالت لي: أهلا بك يا ابنتي..مرحبا بك.. أين والدتك؟ لما لم تأتي معك؟
لازالت علامات الذهول على وجهي حين أجبت: والدتي تعبه قليلا..وهي من بعد وفاة والدي لا تذهب إلى حفلات زفاف..
- أنا آسفه يا ابنتي..
- لا عليك يا خاله..
قالت لابنتها: حصه.. خذيها يا ابنتي إلى الطاولة التي حجزناها لها.. هيا بسرعه لا تدعي الفتاة تقف كثيرا..
قالت حصه باسمة: تفضلي..
سارت أمامي وسرت أنا خلفها مذهولة.. ما الذي يحدث؟ وماذا قال لهم نواف يا ترى؟ من أنا؟ بم أخبرتهم عني يا نواف؟
وصلت إلى الطاولة التي حجزت لي وحدي.. استللت الكرسي وجلست.. ابتسمت لها وشكرتها..
اعتذرت مني وقالت أنها ستعود بعد قليل.. لحقتها بنظري فوجدتها تتجه لمجموعة من الفتيات.. أخبرتهم بأمر جعلهم يلتفتون..وليس لأي مكان.. لي أنا.. حولت بصري عنهن بسرعه حتى لا يلحظوا أني كنت أنظر إليهم.. نظرت إلى هناك..حيث سيجلس العروسان.. كان الديكور يشبه الحديقة.. كرسي كبير قليلا مزين بأزهار بيضاء وحمراء منسقة بخيلاء.. وبعض الأمور لم أرهما بوضوح ليس لأنها غير مفهومه..أو لأني بعيدة فلا أرى.. بالعكس.. أنا قريبة من المسرح بشكل كبير..قريبة كفاية لأرى أدق التفاصيل..بل لأني عيني عميت وذهب بصرها عندما نظرت إليها.. أجل رأيتها.. رأيت من أخذت مكاني.. من خطفت مني حبيب روحي.. رأيت..وليتني لم أفعل.. لم تكن قبيحة أبدا.. وليست بخارقة الجمال أيضا.. لا أقول أني أنا الجميلة..ولكني لا أدري.. ربما هي الغيرة.. بأنها هي من فازت بكل شيء.. وبأغلى شيء.. وأنا خسرت قلبي.. لم تكن حرب عادلة أبدا..أنا بذلت كل ما في وسعي..ولكنه لم يفعل.. استسلم لحصارها بسرعه..ودون أن تمضي أربع وعشرون ساعة حتى.. لا أحمل لها في قلبي أية مشاعر.. لا حب.. ولا حتى كره.. ولا أريد ان أفكر بما أحمله لها من مشاعر.. أخاف أن أظلمها.. أنا لا أعرفها فكيف أكرهها؟
أشحت بوجهي عنها منزعجة بسرعة.. نظرت فوجدت حصة مقبلة نوحي.. لم تتأخر..كما وعدت ثوان فقط وعادت.. يبدو أنه كان لديها خبرا مهما لتشيعه بين الحضور.. ماهو يا ترى..
جاءت وجلست بقربي.. رحبت بي قائلة: مرحبا بك يا روز.. كيف حالك؟
- الحمدلله بأفضل حال.. وأنت؟
- أنا الحمدلله بخير أيضا.. أخبرنا نواف عنك كثيرا..
فغرت فاهي أنظر إليها فقالت متداركه:أقصد عنك أخيك.. فكما تعرفين نواف واخيك سعود أصحاب منذ سنتان.. وإن أردت الحقيقه... نواف يحب سعود كثيرا.. حتى أنه أوصاني بكم وأخبرني أن أجلسكم أنت ووالدتك على هذه الطاولة بالذات.. أعلم أنه يريد أن يجلسكم على الأفضل.. بصراحه لو لم يوصني هو لكنت فعلت الأمر ذاته..
أخذت تثرثر وتتكلم ولكني لم أسمعها.. غبت عن الواقع قليلا وأخذت أفكر بينما هي تتحدث.. صاحب أخي؟ أهكذا أخبرتهم يا نواف؟ وبم قد تخبرهم؟ أنك تحبني أنا؟ ويحي كم أنا غبيه.. للحظة تمنيت لو أنك أخبرتهم أنك تحبني.. أو حتى.. كنت تحبني.. ولكن يبدو أن أحلامي ستظل أحلاما.. لن يتحقق أي منها يوما.. أبدا..
قطع أفكاري صوت حصه قائلة: عن إذنك يا روز.. مضطرة أن أذهب الآن لأن أخي.. نواف سيدخل الآن..فيجب أن أذهب..
سرت رعشة في أوصالي بينما أسمعها تنطق اسمه.. نواف..
قلت لها باستماته وأنا ابتلع عبراتي: خذي راحتك..
نهضت من الكرسي وذهبت بسرعه.. نواف سيدخل الآن؟؟ آه يا ويح قلبي.. يا عذابه ومرارة ما يحسه..
نهضت العروس استقبالا لزوجها القادم من بعيد.. زوجها الذي يسير بخطى واثقه..رافعا رأسه وعلى شفتيه ابتسامة ساحره..
دخل نواف القاعه ووقف قليلا.. وكأنه يحدث نفسه ويشجعها على الدخول.. فلقد خافت من الناس.. كل هؤلاء!! لا أدري ربما اعتقدت نفسه أنه لوحده.. وأن القاعه لن تضم سواه وزوجته.. ولكن خاب ظنها يا نواف..
تقدم قليلا.. بحث بعينيه ونظر إلى طاولتنا.. رأها ولكأنه يريد أن يعلم.. أحضرت أم لا.. كنت جالسة لوحدي إلا أن نساء كبيرات في السن وأخريات في عمري انضممن إلي.. فكنا جميعنا مرتدين عباءاتنا فلا يظهر منا سوى أعيننا.. فهل سيعرفني من عيني؟
مشى نواف متجها إلى المسرح حيث عروسه وبصحبته والدها واخيها.. يمشي هو وعيناي تتبعه حيث سار..
عندما مر بقربي.. تعالت دقات قلبي المتلاحقه وانفطر قلبي من الألم.. هلا حدثت معجزة وأوقفت هذا الزفاف؟أما يحدث ما يحول دون إتمامه؟ أما يحصل ما يمنع قلبي من التألم؟ أواه على حالك يا قلبي..
وصل نواف إلى عروسه.. قبّل رأسها.. أمسك بيديها وجلس بقربها.. كانت عروسه خجلى.. وجهها اصطبغ بالحمرة.. ويداها كان واضحا أنهما ترتعشان.. أمسك نواف يديها بين يديه.. ونظر إليها وأطال النظر.. ثم أخذ يتحدث معها ويضحك.. يضحك بعفوية تامه.. فلقد نست نفسه الخائفة قبل قليل خوفها..ولم تتذكر سوى كيف تضحك مع شريكتها.. نست أن حولهما أناس كثر..فلم تعد ترى أمامها سوى شريكة حياتها..
وأنا.. كنت أرقبهم من هناك.. من مكاني على الكرسي.. كل ما رأيته يضم يدها اضم يدي.. يخيل لي أنه يضم يدي أنا.. ولكني لا أجد سوى برودة الثلج فيها..
كل ما رأيته يبتسم لها.. اعتقد أنه يبتسم لي.. ولكن تصدمني عيناه التي تنظر إليها وحدها..فأشيح بناظري بسرعه.. كل ما رأيته يهمس.. أحسب أنه يهمس باسمي.. فأهب لأجيبه إلا أنها هي تجيبه..لأنه حدثها هي ولست أنا!
سألت نفسي.. هل أرحل؟ أم أبقى؟ هل أجلس لوقت أطول وأعذب نفسي أكثر؟ وما يبقيني؟أما امتلأتي يا نفسي تعذيبا؟ أما أرهقتي ألما؟ إذا ما رأيك؟ أنرحل؟
وبينما أنا أفكر.. نظرت إليهما مجددا.. ماذا يفعلون الآن؟ فوجدت العروس منشغلة بالحديث مع امرأة بقربها.. وهو.. نواف.. ينظر إلى البعيد سارح الفكر.. ترى إلى أين ينظر؟ وبم يفكر؟
بلى.. إنه ينظر أمامه.. إلى هنا.. إلي أنا.. أتراه ميزني؟؟ عرفني؟ عرف أني حضرت؟ أم أنه لازال يفكر.. أي النساء أنا؟؟ أم أنه يا ترى لا يفكر بي حتى؟


يتبع..

أطياف الأمل 14-05-2004 01:53 PM

رفعت رأسي وألقيت بناظري عليهما..فوجدته يقبل يدها.. وقتها لم أطق الإحتمال أكثر.. صبرت وتحملت..ولكن لا أستطيع.. نفذ صبري ولم أعد أطيق الإحتمال!
أمسكت حقيبتي.. وانسحبت بخفة تسبقني عبرتي التي أحسست بها تجري على خدي.. لم أحاول أن أرى أمامي فنظرت إلى خطواتي.. لم أرفع رأسي حتى وصلت إلى الباب.. خرجت بسرعه وكأني أهرب من شبح مخيف يلحقني..لم ألتفت ولم أفكر في النظر خلفي.. لم يكن يستقر في بالي سوى منظره وهو ممسكا بيدها يقبلها..كلما تذكرت تلك الصورة..كلما ركضت مسرعة حتى وصلت أخيرا إلى السياره..فتحت بابها وقفزت فيها بسرعه وهمست للسائق بألم: إلى البيت!

عينا نواف لازالت تبحثان.. ولكن عن ماذا تبحث؟ وعن أي شيء؟ اقتربت منه اخته نجوى وقالت: نواف هل تبحث عن شيء؟
نظر إليه وقال بعد أن طال صمته: أهل صاحبي سعود.. ألم يحضروا؟
أخذت تفكر قليلا ثم قالت: وما أدراني أنا؟ كنت مع صديقاتي هناك...
واشارت بيدها إلى ناحية من القاعه ثم استطردت بزهو: انظر تلك هي غادة وبجانبها فجر والأخرى الجميله تلك اسماء.. وتلك..
قاطعها نواف قائلا: نجوى! ألا تخجلين؟ تشيرين لي لأرى صاحباتك؟
نكست نجوى رأسها بخجل وتمتمت معتذره..قال لها نواف: اذهبي لحصه واخبريها أني اريدها حالا...
بتململ قالت: حسنا سأفعل..
ذهبت نجوى بين الجموع تبحث عن حصه حتى وجدتها على أحد الطاولات تتحدث مع سيدة ما.. همست في أذنها: حصه..يريدك نواف..
التفتت اليها وقالت: حسنا حسنا.. سأذهب له الآن..ثوان فقط..
قالت نجوى: يقول الآن ولا تأتي بدونها..
بابتسامة مصطنعه قالت حصه: حسنا نجوى قلت لك سآتي. .
أعادت نجوى حديثها فصاحت بها حصه: قلت لك حسنا..اغربي عن وجهي الآن!!
ذهبت نجوى وهي تضحك..فلقد كانت هوايتها.. أن تثير أعصاب من حولها.. وخصوصا حصة ونواف..
استأذنت حصه ممن كانت تحادثها وذهبت لترى أخيها.. اقتربت منه وقالت: خير يا نواف..
نظر إليها وقال: حصه.. ألم يأتوا أهل صاحبي ؟؟
- تقصد أهل سعود؟؟
- أجل أقصدهم..ألم يأتوا؟؟
هزت رأسها نافية وقالت: لا لم يأتوا..
فتح عينيه ذاهلا فاستطردت: لم يأتي منهم أحدا سوى روز.. أخته..
فغر فاه وتمتم: روز؟
أجابت باسمه: أجل اسمها روز أتصدق؟ وكم هم جميلة ومحترمة روز هذه..
حاول نواف جاهدا ضبط نفسه فقال: أين؟ لا أرى أين هي جالسه!
- انظر هناك بالطاولة التي أخبرتني!!
نظرت هي حيث أشارت ونظر هو راجيا من كل قلبه أن يراها ولو للمرة الأخيره!!
صاحت حصه: أين هي؟؟ أرحلت؟؟ آه يبدو أنها رحلت.. ولكنها كانت تجلس هنا.. على هذا الكرسي هناك..
نظر نواف إلى الكرسي الفارغ.. فأحس وكأنه يتجرع كأس مر تسري محتوياته الكريهه في كل جسده وأوصاله.. روز رحلت؟؟ ودون أن يراها؟ كانت هنا..على هذا الكرسي بالذات كما خطط.. أمام ناظريه..فلم يميزها.. أجل أطال النظر إليها ليس لأنه عرفها.. بل لأنه سرح يفكر فيها.. ولم ينتبه إلى اين ينظر..
أجل نظر إلى تلك الهاربه منذ دخوله.. ولكنه لم يعتقد أنها هي.. روز هي الهاربه.. ربما دق قلبه بعنف لأجلها.. ولكنه لم يعتقد أبدا أنها روز.. يا إلهي ما أغباني.. هنا أمامي ولا أراها؟ تلك كانت فرصتي الأخيرة..وقد أضعتها..فأي فرصة أخرى بقيت لي؟ لا فرصة.. ولا أمل.. لن اراك يا روز أبدا.. ويحي.. ما أغباني.. سامحيني أرجوك.. سامحيني لأني لم أميزك.. ولكن القلب ميزك..دق بعنف عندما رآك.. ولكن يا ويح قلبي.. لم يترجم عقلي دقات قلبي ترجمه صحيحة..فلم يعرف أنه دق لأنه رآك..وليس لأنه خائف.. ليتك تعودين.. تطلين من الباب فأراك.. أرى عينيك فتبقى ذكراهما للأبد في مخيلتي.. فقط لثواني عودي.. أطلي واذهبي.. أعيدي الفرحه في قلبي ثم انتشليها فلا رغبة لي بها من بعدك.. أرجوك عودي.. ولو لثوان!!
قطع دعواته وأمنياته..صوت أزعج أذنه في بادئ الأمر..إلا أنه أكتشف..أن الصوت..هو صوت زوجته..التفت إليها بسرعه فقالت: وأخيرا يا نواف؟
- مابك يا عزيزتي؟
- أنت ما بك؟ إلى أين ذهبت؟
- ذهبت؟
سكت هنيهة ثم قال بتألم: إلى حيث تكون السعاده..
ابتسمت بعذوبه وقالت: وهل تجد السعادة مع شخص آخر غير معي؟
أجاب: أنت سعادتي.. ولا سعادة لي إلا بإسعادك حبيبتي..
همست له: هيا إذن.. حان وقت المغادرة.. أم أن المكوث هنا أمام أعين الجميع الفضوليه يعجبك؟
- بالطبع لا هيا نغادر..
تأبط ذراعها ووقف معها.. ساروا تزفهما أشجى الألحان وأعذبها وهما يتوجهان إلى الخارج.. حيث سيغادران.. إلى عشهما السعيد!


يتبع..

أطياف الأمل 14-05-2004 01:55 PM

امر ما حصل!


كانت الدنيا ليل.. وكل شيء مظلم من حولي.. وكذلك هي عيناي.. مظلمه.. لا ترى النور.. ولا ترى ما أمامها..
كانت الشوارع مضاءة إنما أراها معتمه.. مظلمة وكئيبه.. لم أرى فيها بصيص نور..كيف أرى النور ولم أعد أرى الدنيا سوى بمنظاري الأسود؟
كانت السيارة تسير.. وأنا في حالة لا يعلم بها إلا رب العالمين.. كنت هائمة على وجهي.. لا أحس بما حولي..ولا أشعر بما يدور.. كأني فاقدة الوعي.. فاقدة الإحساس.. أحس بأني أتحرك بتحرك السيارة.. ولكني لا أعي ما يحدث.. أتحرك؟ وما يعني هذا..وإلى أين؟
فكري سارح بلا شيء.. يشغله الفراغ.. لا لم أكن أفكر.. أبدا..فقط.. كنت بلا وعي..
صوت قوي تبعه وقفة عنيفة للسيارة جعلت جسمي يصطدم بالكرسي أمامه بقوه.. صحوت من غفوتي وصحت: ماذا هناك؟ ماذا حصل؟
أجابني السائق: هل أنت بخير؟؟
- أجل ولكن ماذا حدث؟
- لا تخافي.. حادث بسيط..
صرخت فزعه:
- حادث!!!
- أجل ولكن لا تخافي حادث بسيط.. اتصلي بسعود وأخبريه أن يأتي..
بحثت في حقيبتي ولم أجد محمولي..عرفت أني من العجله والخوف لم آخذ محمولي قبل خروجي من المنزل!!
- لم أحضر محمولي! ما العمل؟؟
- سأكلمه من المحل القريب هناك..
وأشار يده إلى محل يبعد بضعة مترات..
ترجل السائق من السيارة وتبعته أنا بعيني.. وبدأت أرجف.. لا أدري أكانت رجفتي خوفا من الموقف.. أم أنها كانت بتأثير حرارتي المرتفعه!!
أراهم يتحدثان.. يؤشران بأيديهما إلى مكان الاصطدام.. يعاين كل منهما سيارته.. فيعاودان الحديث..وبعد برهة..عاد السائق ومعه شيء بيده..وقف أمام نافذتي ففتحتها له.. مد يده ليعطيني ما كان بيده..سألته بذهول: ما هذا؟ من أين أحضرته؟
أجابني: هذا محمول الشاب الذي اصطدم بسيارتنا.. أخذته لأحادث سعود..خذي يريد الحديث معك..
أخذته بأصابع مرتجفه وهمست بصوت متحشرج:
- ألو سعود..
- روز هل أنت بخير؟
- أجل أنا بخير.. أنا بخير يا أخي ولكن صدمنا احدهم ونحن عائدون إلى المنزل
- أخبرني السائق بذلك.. ولكن أخبريني ألم تتضرروا؟
- لا نحن بخير.. ولا أعلم عن من صدم السياره.. سعود أرجوك تعال بسرعه.. أرجوك لا تتأخر أنا خائفه..
- لن أتأخر يا روز أعدك.. ولا تخافي..فقط أعطني السائق ليخبرني بمكانكم..وأنتي ابقي في السياره حتى آتي..
- حسنا..
مددت يدي وأعطيت السائق المحمول وقلت له:يريدك سعود..
ومن ثم عدت وانزويت في مكاني.. ارتجف حتى كانت ضلوعي تصطك ببعضها وتحدث صريرا مهولا..
وفعلا سعود دائما عند وعده.. فلم يتأخر.. قليلا وإذا هو عندنا.. عندما رأيت سيارة سعود توقفت بقربنا.. نزلت مسرعة من السيارة ووقفت في مكاني.. اقترب مني سعود.. نظر إلي متفحصا وهو يمسك بيدي ويعاين وجهي وسائر جسدي ثم قال:
- هل أنت بخير؟
لم أجبه..بل ارتميت بين ذراعيه أرجف باكيه.. أدفن وجهي بين ضلوعه فلا أرى ما يدور حولي..
مسح على رأسي من فوق حجابي وقال: روز صغيرتي لا تخافي.. لم يحدث شيء.. أنظري أنتم بخير.. والسيارة بخير.. لا تخافي ولا تبكي.. لا يستحق الموضوع كل هذا البكاء.. أتريدين أن تنظري إلى السياره؟؟ هيا تعالي..
هززت رأسي بالنفي ..رفعت رأسي ونظرت إليه وقلت: الشاب.. كيف حاله؟؟ هل هو بخير؟؟
نظر سعود بعيدا لوح بيده ثم قال: أجل إنه بخير.. أنظري هاهو أمامك معاف لا شيء به.. أجلسي يا روز هنا وسأذهب لأتفاهم مع الشاب..
دخلت السيارة وتسمرت في المقعد ناظرة إليهم.. محاولة أن أعرف ما يحصل بينهم ولكن دون جدوى..
اقترب سعود من الفتى فمد له الفتى يده مصافحا.. فصافحه سعود.. أبتدأ الشاب حديثه قائلا:
- أعذرني يا أخي لم أكن أقصد ولكني لم أنتبه أن الإشارة أصبحت حمراء.. كنت أحسبها لازالت خضراء.. أعرني يا أخي.. وأنا مستعد لتحمل كل شيء.. أنا أعترف أنها غلطتي.. وأنا مستعد لتحمل كل ما تأمر به..
ابتسم سعود فقال للفتى: ما اسمك يا شاب؟
- اسمي زياد.. زياد عبدالرحمن..
- ونعم بك يا زياد..
- اسمع يا زياد.. يبدو أن الحادث ليس بذلك السوء..
قاطعه الفتى: ولكن أنا المخطئ وأنا من يجب أن يتحمل تكاليف تصليح السيارة..
هم سعود أن يتكلم إلا أن السائق هتف يناديه: سعود.. تعال بسرعه..
- ما بك؟
- روز.. لا أعلم ما بها.. يبدو أنها تعبه..
- روز؟؟
شرع أن يغادر إلا أنه تذكر الفتى فقال له: أعذرني يجب أن أذهب.. نتحدث لاحقا..
- خير ماذا حدث؟؟
- لا اعلم سأذهب لأرى.. إلى اللقاء..
ركض سعود نحونا إلا أن زياد استوقفه قائلا: كيف لي أن أتصل بك؟ لا أعرف رقمك؟؟ولا أعرف اسمك حتى!
- لا أدري لاحقا لاحقا..
لم يعرف سعود كيف يجيبه.. فلقد أخافه السائق بقوله..(لا أعلم مابها).. فجاء راكضا ليرى ما حل بي..
جاءني سعود.. هتف يناديني: روز.. روز..
لم أجبه فقد كنت فاقدة الوعي.. ولم أشعر بما حولي..
مس جبيني بيده فوجد أن حرارتي مرتفعة جدا.. قال: ويحي.. حرارتها مرتفعه.. يجب أن أوصلها للمستشفى..
التفت إلى السائق فلم يجده.. لا يعلم أين ذهب.. صاح يناديه فلم يجده حوله..
- سليم.. أين أنت؟؟
ولكن بلا فائده.. لا أعلم أين هرب سليم.. لم يعرف سعود كيف يتصرف.. يريد أن يوصلها للمشفى ولكن كيف يقود وروز أخته الصغيرة بهذه الحاله.. لا يستطيع.. يريد المساعده.. ولكن من يساعده؟؟


يتبع..

أطياف الأمل 14-05-2004 01:56 PM

- هل كل شيء بخير؟ هل تحتاج للمساعده؟؟
التفت سعود بعد أن سمع النداء وتذكره.. أجل زياد..
أجابه: زياد.. أرأيت سليم؟؟ سائقنا الخاص؟
هز رأسه بالنفي.. فصاح سعود غاضبا: ذلك الأحمق.. أين ذهب؟؟
قال زياد: هل تريدني أن أساعدك بشيء؟؟
- أختى تعبه وأود إيصالها إلى المشفى.. وذلك الأحمق لا أدري أين هو..
- هيا سأوصلكم أنا..
- لا أريد أن أتعبك معي..
- أنا السبب في ذلك كله.. فلا تعب لي ولا شيء.. هيا قم..
- تلك سيارتي.. المفاتيح بداخلها شغلها وسآتي حاملا روز معي..
نظر إليه الفتى مستغربا.. روز؟ هل هو اسمها؟؟
صاح به سعود: ما بك؟؟ هيا بسرعه..
- حسنا حسنا أنا أعتذر..
ركض زياد بسرعه إلى سياره سعود التي كانت مفتوحه.. أدار المفتاح مشغلا إياها..ولكنها أبت أن تشتغل.. حاول كثيرا ولكنها لم تشتغل..
- اشتغلي.. اشتغلي أرجوك..
ولكنها أيضا لم تشتغل..
- ماذا حصل؟؟ لماذا لم تشغل السياره؟؟
قال زياد: السيارة لا تشتغل.. يبدو أن البطارية فارغه!!!
ضرب بقبضته على الباب وقال: ويحي.. لقد نسيتها مفتوحه..
نظر إلى المقود في سياره السائق..ولم يجد المفتاح!!
نهض غاضبا وصاح: ما العمل؟؟ كيف أتصرف؟؟
جاء زياد مسرعا وقال: أخي.. سأذهب وأحضر سيارتي انتظر ثوان فقط..
لم يعط سعود مجالا للإعتراض فلقد ذهب مسرعا..قفز في سيارته..شغلها وأتى مسرعا..
ترجل من سيارته فتح الباب الخلفي لسعود وقال له: هيا بسرعه..
حملني سعود ووضعني في سيارة زياد.. أغلق الباب وقفز بجانب زياد..
- زياد أرجوك إلى المستشفى الخاص.. إنه قريب جدا من هنا.. أرجوك..
- حسنا حسنا.. هيا..
انطلق زياد بسرعه محاولا مسابقة الوقت للوصول إلى المشفى وسعود إما ناظرا إلى خلفه وإما يصيح بزياد أن يعجل من سرعته.. حتى وصولوا إلى المستشفى..
حملني سعود إلى الداخل حيث الممرضات اللاتي أخذنني منه بسرعه وأدخلوني إلى الغرفة.. وضعوني على السرير وركضت إحداهن إلى الطبيب المناوب لتخبره بما يحصل..
وبقية الممرضات حاولن إفاقتي وسعود واقفا برعب هناك خارج الغرفه.. لم يرني بهذه الحالة من قبل.. رغم أنها ليست المره الأولى التي أفقد فيها وعيي..ولكنها المره الأولى التي يكون فيها سعود معي..
أتى الطبيب مسرعا ومعه الممرضة التي أخبرته.. جاء إلي فقابله سعود وقال بهلع: دكتور.. حرارتها..إنها حرارتها.. مرتفعة جدا..
قال الطبيب مطمئنا: اطمئن أختك بخير..
اقترب مني وبدأ بإلقاء الأوامر للممرضات: سلوى قيسي حرارتها.. مريم أين نتيجة الفحص؟ ساره خذي هذا وأعطيه للدكتور أحمد..
قالت الممرضه: دكتور.. حرارتها تفوق الأربعين..إنها إحدى وأربعون درجة..
- ماذا؟؟ أحضري خافض الحرارة بسرعة.. وانزعي عنها العباءة وضعي الثلج على رأسها.. لا أريد أن أعطيها الخافض.. سأحاول أن أخفض الحرارة قبل أي شيء.. مريم.. أغلقي الباب وأخبري أخاها أنها بخير.. فقط حرارتها مرتفعه.. وأطلبي منه أن ينتظر في غرفة الانتظار..
خرجت الممرضه إلى سعود الذي كان واقفا بالباب وقالت: أخ سعود..
هب إليها بسرعه وقال: أجل أنا سعود.. ما بها روز؟؟
- حرارتها مرتفعه ولكنها بخير لا تخف.. نحن نعمل على خفض حرارتها..
- ويحي!!
- لا تخف.. قليلا وستفيق أختك.. ولكن الطبيب يطلب منك الإنتظار في غرفة الإنتظار.. فلا يصح بقاءك هنا بالباب..
هز رأسه إيجابا ومشى حتى وصل لغرفة الإنتظار.. ألقى بجسده على الكرسي ووضع رأسه بين يديه يفكر..
تبعه زياد الذي كان معه منذ دخولهم المستشفى.. دق الباب ودخل.. رفع رأسه سعود فوجد زياد.. ابتسم له زياد وقال: لن يحدث إلا كل خير يا سعود..
- إن شاء الله.. أشكرك يا زياد.. أتعبناك معنا..
- لا تقل هذا الكلام.. كلنا أخوة.. كلنا أبناء آدم..
صمت سعود ولم يجبه فجلس زياد بقربه وهمس: يارب
وفي غرفة الكشف.. كنت أنا ملقاة على السرير.. لا أتحرك.. لا أتكلم.. وكأني جثة هامدة.. جثة تتقد نارا.. تحرق كل من يقربها..
أثار الثلج الموضوع على رأسي إحساسي فبدات أتحرك.. بدأ رأسي يتململ على المخدة.. وشفتي تنطقان.. ولكن أحد لم يفهم ما أقول.. كنت أهذي..
حاول الطبيب أن يوقظني باستخدام مادة ما ولكني أبيت أن أفيق..وكأن العيش في عالم الغيبه أعجبني..
شفتاي تهمسان.. لم يفهم الجميع ما أقول.. ولكن أذناي فهمته.. نواف.. لم رحلت..عد.. أحتاجك.. أمي.. أبي حسن.. أحبك يا أبي.. عد يا أبي..
(( الهذيان بداية الصحوة ))
كذلك قال الطبيب لسعود مطمئنا أياه.. ولكن سعود لم يقبل بكلام الطبيب فاستأذنه واستأذن زياد الذي كان قد أطال الحديث معه في شتى الأمور وقدم ليراني..
دخل علي ورآني أهذي.. أمسك بيدي وقال: روز.. أختي روز..
بدأ مفعول الدواء يعمل.. فلقد خفت الحرارة قليلا ففتحت عيناي.. أجل.. صحوت..عدت لعالمي الكريه..
ابتسم سعود بسرور وقال: مرحبا بعودتك..
ابتسمت له بوهن وأغمضت عيني برهة ثم فتحتها.. قلت: أين أنا؟
- أنت في المستشفى يا أختي.. تعبت قليلا وأحضرناك..
لم أجب بل أشحت بوجهي عنه.. نظرت إلى نفسي أريد أن أتحقق من ملابسي.. لأعلم هل كنت في الزفاف أم أني كنت أحلم؟؟ ولكني صدمت بمرارة الواقع.. أجل يا روز كنت بالزفاف.. أنظري ما ترتدين..فستان أمك ياروز..أجل رأيته يقبل يدها.. أجل فعل أيتها المسكينه..فعل.. قبل يدها..
- ألم أخبرك أن لا تذهبي؟؟
نظرت إليه بسرعه فزعه.. هل قرأت ما في فكري يا سعود؟؟
- ماذا؟؟
- أخبرتك أنك تعبه ويجب أن لا تبارحي فراشك.. فلم تسمعي كلامي.. لأنك عنيدة..
- آسفه
- وما فائدة الأسف الآن؟؟ كدت أن تموتين بسبب الحرارة..
ليس من عادتي أن أسكت ولكني سكت.. فيبدو أني من اليوم.. لن أكون كعادتي..

طال انتظار زياد في غرفة الانتظار.. فخرج منها متجها إلى غرفتي..حيث أدخلتني الممرضات.. دق الباب ودخل.. كان السرير موضوعا بحيث يقابل الباب.. وكنت أنا قد رفعت بصري أنظر إلى الباب حيث سعود كان غافلا لا أعلم ماذا يفعل هناك بالجانب الآخر من الغرفة..
نظرت إلى الباب فوجدت عينان غريبتان.. عينان سمراوتان جميلتان.. عجبت لمن تكون؟؟ ولكني اكتشفت الجواب بسرعه.. وأدركت الكيان ككل..إنها لرجل..
غطيت رأسي بالفراش بسرعه وعاد هو للخلف متمتم باعتذار.. فالتفت سعود ورآه يغادر الغرفه.. قال لي: عن إذنك يا روز..
خرج بسرعه خلف زياد وقال: زياد.. زياد انتظر..
كان زياد قد سار مبتعدا عن الغرفه لأنه أحس بالإحراج.. كيف يدخل دون أن يأذن له؟؟ إنها ليست غرفته أو غرفة أحد محارمه!!
توقف زياد على نداء سعود فالتفت إليه .. اقترب منه سعود لاهثا وقال: أنت تركض أم تمشي؟؟
ضحك زياد وقال: أمشي ولكني رياضي.. خطوتي بقفزه..
صمت ثم استطرد: سعود أنا آسف.. لم أقصد الدخول .. ولكني أحببت أن أتطمن عليكما..
- لا عليك.. لم يحصل شيئا.. روز بخير.. أشكرك..
- الحمدلله..
- سنغادر المستشفى بعد قليل.. فقط ننتظر الطبيب ليأتي ونذهب..
- أتودان أن أوصلكما؟؟
- لا أشكرك.. فلقد اتصلت بسليم وسيأتي..
- حسنا.. نراك لاحقا إذن.. وستكون أختك بخير..
- أشكر.. إلى اللقاء..
صافحه زياد ورحل مبتعدا.. ابتسم سعود في نفسه وقال: رجل محترم..
واستدار عائدا إلى غرفتي.. حيث كنت أنا أنتظره.. أموت فضولا لأعرف..من هو هذا الرجل؟
دخل سعود فنظرت إليه مستفهمه..وعيناي تحمل مئات الأسئله.. من بينها..من هو؟
جلس سعود بقربي وقال: أرأيت هذا الشاب؟
وباصطناع اللامبالاة قلت: أي شاب؟
- ذلك الذي دخل قبل قليل؟؟
- أجل من هو هذا؟
- هذا الشاب الذي اصطدم بسيارتنا..
- حقا؟؟ وما الذي أتى به هنا؟
- هو من أحضرنا..
- لماذا أين هو سليم؟
- لا أدري.. هاتفني قبل قليل من هاتف عمومي يقول أنه ذهب لاستدعاء الإسعاف وعاد فلم يجدنا..ولكن بصراحه هذا الفتى محترم لأبعد درجه..
- حقا؟
- أجل يا روز..لم تر عيناي مثله.. حفظه الله لأهله..روز..ارتاحي قليلا.. سيأتي الطبيب بعد قليل ونذهب للبيت..
- حسنا..
استلقيت في استسلام وأغمضت عيني.. ولعالمي المجهول رحلت..



يتبع..

أطياف الأمل 14-05-2004 01:58 PM

استلقيت في استسلام وأغمضت عيني.. ولعالمي المجهول رحلت..
وعندما أتى الطبيب.. عاينني.. فحص حرارتي..وجد أنها انخفضت إلى حد معقول بفضل الله.. حاول معه سعود كثيرا ليأخذني معه للبيت إلا أن الطبيب كان رافضا..ولكن مع اصرار سعود وافق.. وأوصاه بأن ألازم الفراش لمدة حتى أشفى تماما.. وعده سعود بأن أفعل.. ثم أتاني بسرعه.. أمسك بيدي.. وساعدني على النهوض.. لأعود إلى البيت.
لازمت الفراش ثلاث ليال ولازمها معي سعود وأمي.. أمي تظل معي اليوم بأكمله..وسعود يبات بغرفتي خوفا أن أصحو محتاجه لأمر ما..
في الليلة الاولى بعد أن عدنا من المستشفى.. نمت ما أن وصلنا إلى البيت.. فلقد أحسست بحاجه ماسة للهروب بالنوم عن واقعي.. كيف أظل مستيقظه في هذا المنزل الذي يجمع كل ذكرى لي مع نواف؟ لا سأنام حتى أتخطى هذه المحنه..بلى يجب أن أتخطاها..
فتحت عيني بإعياء..نظرت إلى الساعه بقربي.. وبتعب شديد استطعت أن أميز الوقت.. إنها الخامسة والنصف..
نهضت من فراشي أسير على أقدام أصابعي حتى لا أوقظ سعود الذي كان مهدود القوى..ملقيا بنفسه هناك على الكرسي على بعد أقدام من سريري..ولكأنه كان خائفا أن أهمس فلا يسمعني..
وعندما تخطيت سعود تعثرت قدمي بقدم الطاوله فأحدث صوتا أوقظ سعود الذي هب بسرعه ونظر إلي وقال: مابك روز؟ هل أنت بخير؟ أتحتاجين شيء؟
- لا أشكرك..فقط صحوت لأصلي الفجر.. أعذرني على ازعاجك..
تنهد بارتياح..فرك عينه بقوه ثم قال:
- لا عليك.. الحمدلله أني صحوت لكي ألحق على الصلاة.. عن إذنك يا روز..
- تفضل..
ذهب سعود لغرفته حتى يبدل ملابسه ويغتسل ويذهب لمسجد..وأنا صليت فرضي وعدت لألازم فراشي..
وهكذا مرت هذه الثلاثة أيام..أمي تخاف علي وكأني مريضة بمرض خطير.. وسعود لا يبارحني ولا يسمح لي بمبارحة مكاني..
ولكن الحمدلله مرت هذه الأزمه الخطيره كما صوروها بخير.. وعدت لطبيعتي.. عدت روز.. ولكن ليس روز التي عرفوها..بل روز التي يجب أن يعتادوها.. روز التي رحل قلبها..فعادت لا تشعر.. ولا تحس.. إلا بالألم..
وفي صباح أحد الأيام.. كنت في بيت أمي.. أتناول معها الفطور.. وجولي بالطبع نائمه..فلأي سبب تصحو مبكرا؟؟ وابنتها الجميله عند أمي.. فيصل في عمله.. ويوسف أظنه نائما..
وبينما أنا وأمي نتناول فطورنا ونتجاذب أطراف الحديث.. دق جرس الهاتف..
- روز يا ابنتي.. اذهبي وانظري من المتحدث..
- أماه دعيه يدق.. أبي ولن يتصل رحمه الله.. واخوتي كل بعمله.. ونوره لا تتصل في هذا الوقت لأنها نائمه..وأنا عندك.. لذا دعيه وشأنه لا أحد مهم..
قالت أمي بحده: روز!! اذهبي وارفعي السماعه..
قمت بتململ وقلت: حسنا سأفعل..
مشيت عبر الصاله حتى وصلت إليه.. التقطت السماعه وقلت بحده: نعم؟
- السلام عليكم..
- وعليكم السلام..من المتحدث؟
- هل لي أن أتحدث مع الآنسه روز سلطان؟؟
عجبت من يطلبني وباسمي في هذا الوقت؟؟ من هو؟؟ أجبت:
- معك روز.. من أنت؟؟
- أنا من مكتب التوظيف..
- مرحبا بك.. كيف أخدمك؟
- اود إبلاغك أنه تم قبولك في وظيفة معلمة لغة عربيه للمرحلة المتوسطه في المدرسة المتوسطه الأولى.. بالحي السابع..
- أحقا ما تقول؟؟أم أنك تمازحني؟
كتم الرجل ضحكته وقال بجديه: أمازحك؟ لا لا أفعل..هذه هي الحقيقه..
خجلت من نفسي كيف أقول له هذا؟؟هل أعرفه أم أنه أهلي؟
قلت معتذره: أنا آسفه ولكن هل أنت متأكد؟؟
- قرار تعينك أمامي.. أتودين لو أقرأه لك لتتأكدي؟
- لا أشكرك.. أشكرك كثيرا يا أخ.. أشكرك..
- العفو..تستطيعين تسلم وظيفتك من الغد..
- حقا؟؟
ضحكت بصوت خافت وتداركت جملتي وقلت: شكرا..
- إلى اللقاء يا آنسه..
- إلى اللقاء..
وبدون وعي قفزت فرحة أرقص أصرخ وأغني..
جائني صوت أمي من بعيد: روز مابك؟ لم تصرخين؟؟
ركضت إليها قبلتها على رأسها وهتفت بفرح: قبلوني يا أمي قبلوني!!
أجابت متسائله: ومن هم يا صغيرتي؟؟ من هم الذين قبلوك؟؟
- قبلت في الوظيفة يا أمي.. سأصبح مدرسه!!
- حقا يا صغيرتي؟
- أجل يا أمي حقا!!
- ومتى ستتسلمين وظيفتك؟؟
- من الغد يا أمي..
صحت بفرح فأردفت أمي: مبارك لك يا صغيرتي..
ضممتها وقلت: الفضل يعود لله ثم إليك يا أمي الحبيبه.. وبفضل دعائك.. أحبك يا أمي!!
هكذا أكملت يومي في اخبار كل من أعرف بأني قبلت في الوظيفه.. ونمت تلك الليلة يكاد قلبي يتشقق فرحا..فكأنما الله استبدل كل حزني وألمي بفرح عامر لا مثيل له..
عدت إلى بيتنا في المساء.. ركضت إلى غرفتي.. توضأت فصليت ركعتين شكرا لله على تفريجه كربتي.. حقا من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب.. شكرا لك يارب.. الحمدلله.. الحمدلله..



يتبع..

أطياف الأمل 15-05-2004 06:37 AM

أخي الكريم يتيم الشعر
قصة (جسد بلا روح) كما أسميتها هنا ليست سوى قصة واقعيه قد تحدث لأي منا..
لست أكذب لو قلت أنها واقعيه..قد لا تكون جرت لي وحدي.. قد يكون موقفا واحدا فقط حصل معي.. قد يكون اسما بالقصه يخصني.. ولكنها واقعيه في أمور كثيرة منها..لذلك تراها أقرب للواقع..
ها أنا أكملت ما لدي .. والبقية بعد الإختبارات..فلم أكتب حرفا منذ شهر..
سأتوقف الآن حتى تنتهي الإختبارات..
دعواتكم لي..
فأنا بحاجة ماسه لها..
لك ولكل من يقرأ لأطياف الأمل كل التحية..

أطياف الأمل 21-06-2004 02:10 PM

في المدرسه..

من المفترض أن يبدأ دوامي في المدرسه الساعه السابعه.. ولكني منذ الساعه الرابعة والنصف صحوت من نومي.. وهل نمت؟؟ في الثواني القليلة التي نمت فيها كنت لا أحلم سوى بمدرستي.. وبلقائي بالمعلمات هناك..بالطالبات.. ماذا سيحدث؟ كيف سيقابلوني؟ كيف هي المدرسه؟
نظرت لوجهي في المرآة.. هل هكا سأقابل بيئتي الجديده؟؟ هل بوجه شاحب كهذا سأقابل طالباتي وزميلاتي المعلمات؟؟ لا! لابد من التصرف العاجل والسريع..
غسلت وجهي.. ووضعت فيه بعض المساحيق.. لم أضع كثيرا.. فقط القليل لأحسن من مظهر الأشباح الذي كنت أرتديه..
ارتديت أجمل ما عندي واستعديت للخروج..
في الساعه السادسه كنت مستعده للذهاب.. رآني سعود الذي كان للتو قد أفاق من نومه..
- روز.. إلى أين في هذا الوقت؟
بابتسامه عريضة على شفتي قلت: إلى العمل.. سأذهب إلى المدرسه..
اتسعت عيناه وقال: هل جننت؟؟
باستغراب قلت له: لا لماذا؟ما بك؟
- روز الساعه السادسه.. ومدرستك لا تبعد عن بيتنا سوى خمس دقائق.. هل ستذهبين من الآن؟؟
- وهل تريد أن يقولوا عني أني من يومي الأول متأخره؟؟
- لن يقولوا ذلك بل سيقولون أنك غبيه!!
- سعود لا تقل هذا..سأذهب الآن يعني الآن!!
- أنت عنيده ولا فائدة من الحديث معك.. اذهبي ..
- حسنا يا سعود مع السلامه..
ضحك سعود علي وقال ضاحكا: إلى اللقاء أيتها العنيده..
رغم أن المسافة قصيرة إلى المدرسه إلى أني أحسستها طويلة جدا جدا.. كنت فرحه مغتبطه.. أود لو يطوى الطريق فأصل بسرعه.. إلى المكان الذي تمنيت التواجد فيه.. أخذت أتخيل كل شيء وفي هذا الوقت القصير.. تخيلت المدرسه.. كيف هي من الداخل.. تخيلت المدرسات فيها.. كيف سيستقبلنني؟ أجل سيأتون إلي.. يسلمون علي ويأخذوني معهم ليعرفوني على المدرسه.. والطالبات؟ سألقى لهم القبول بإذن الله.. والمديره..سمعت أنها سيدة محترمه.. ذات قلب رحوم وشخصية متميزه.. بالتأكيد سأحبها.. ولكن هم.. جميع من في هذا الصرح.. هل سيحبونني؟؟
وصلت المدرسه فأخذت دقات قلبي تتعالى وتتصاعد.. أصبحت تدق على رتم واحد.. رتم قوي صاخب يكاد يسمع الأصم.. إلهي إني خائفه.. لا يا روز لا تخافي.. أجل يجب أن لا أخاف..بالطبع سأحبهم.. والأهم.. أنهم سيحبونني..
دخلت المدرسه.. وأتخذت وصية أمي هدى عند دخولنا لمكان جديد.. " لا تنسوا أن تدخلوا برجلكم اليمنى وتسموا باسم الرحمن فهو الحافظ "
ابتسمت..قدمت رجلي اليمنى ودخلت.. فسميت باسم الله..
- بسم الله الرحمن الرحيم..
يداي ترتجفان..قدماي أيضا.. وكأني بصدد الدخول لإختبار أو ماشابه.. فعلا..أنا في اختبار كسب محبة الجميع.. قد أنجح في الإختبار.. وقد أرسب.. أرسب؟؟ هززت رأسي وكأني أطرد هذه الفكره من رأسي.. لا يمكن أن أرسب.. يجب أن أنجح وبأعلى تقدير.. بإذن الله سأفعل..
مشيت قليلا باحثة عن حجرة المديرة.. كان مبنى جميلا كبيرا.. بصراحه يضيع من لا يعرفه جيدا..لذا وقفت بمكاني وأخذت أبحث بعيني يمنة ويسرى..علّي أجدها.. أرى نظرات الطالبات الفاحصه.. ويلي من تلك النظرات.. ذكرتني بأيام الدراسه.. كيف كنا نمعن النظر في المدرسه الجديده وننتقد كل مافيها..
خانتني جرأتي فلم أجرؤ أن أسأل أي من الطالبات عن موقع حجرة المديره..لا أدري أحسست برهبة لجمت لساني فلم اعرف ماذا أفعل..
تلك تمر فتنظر إلي بإزدراء.. وأخرى نظراتها مبهمه لا تدل على شيء.. وأما تلك فتراني وكأنها لا تراني.. لكن الأخرى هذه تنظر إلي باحترام رد لي قليلا من معنوياتي.. وجلست على هذه الحال أرقب المكان وأنتظر مساعدة أحد دون أن أطلبها حتى أقتربت مني طالبه عادية الجمال.. طويلة.. شعرها البني الطويل مربوط على هيئة ذيل حصان خلفها.. بيضاء مشربة بالحمرة.. يبدو عليها الأدب والتهذيب.. بدأتني بالتحيه: السلام عليكم..
- وعليك السلام ورحمة الله وبركاته..
- هل تحتاجين لمساعده؟؟ يبدو أنك معلمة جديدة هنا أليس كذلك؟؟
ابتسمت قائله: أجل أنا كذلك..
- حقا؟؟ وماذا تدرسين؟؟ أي مادة؟؟؟
- اللغه العربيه..
بذهول قالت: حقا؟؟
- أجل ولم لا؟؟
- لا أدري ولكني لم أعتقد أنه قد يتخصص بهذا التخصص غير المدرسات المخيفات..
ضحكت وقلت: إذا أنا كسرت القاعده؟؟
هزت رأسها بايجاب باسمه ثم قالت: كيف أخدمك يا أستاذه؟؟
- أرشديني لحجرة المديرة من فضلك
- بأمرك تفضلي معي..
- أشكرك..
سارت الفتاة أمامي وتبعتها أنا بنظرات متفحصة.. كانت تعرفني على أركان المدرسه وتخبرني ولكني كنت أحاول أن أكتشف كل شيء بنفسي..ولكأني طفل صغير عنيد يحب معرفة كل شي..وبنفسه..
أوصلتني لغرفة المديرة ثم استأذنت للذهاب لتحلق بالطابور الصباحي.. ضحكت بخفية فلقد تذكرت ما كنا نفعله وزميلاتي وقت الطابور الصباحي.. طرقت الباب ودخلت بعد أن أذنت لي المديرة (أم تركي) بالدخول..
فعلا كانت أم تركي كما وصفوها لي.. ذات شخصية متميزة جدا يظهر ذلك لمن يراها ولو للوهلة الأولى.. فلقد استقبلتني استقبالا جميلا..ثم أخذتني من يدي واتجهنا إلى غرفة المدرسات..وهناك.. بدأ اليوم..
دخلت أنا ومعي أم تركي وكانت الغرفة في لجة شديدة..تلك تتكلم والأخرى تضحك وتلك تضع المساحيق على وجهها أم تلك هناك فيبدو أنها لم تنم البارحه لذلك قررت أن تنام هنا في المدرسه.. ظلت الغرفة في صخب حتى انتبهوا من فيها لوجودنا.. خيم الصمت على الغرفة بعد الإزعاج.. أخذ الجميع ينظرون إلي.. ثم التفتوا لأم تركي محيين مستفسرين في الوقت ذاته.. بادلتهم التحية وكان في عينها سخطا عليهم لما رأته فيهم من اهمال وعدم انضباط ومظهر لا يناسب مظهر معلمات..
ألقت المديرة عليهم التحيه: السلام عليكم يا معلمات..
ردوا التحية فرادا كل لوحدها حتى تلك النائمة هناك صحت بعد أن وخزتها صديقتها وأخبرتها أن المديرة في الغرفة..
قالت أم تركي وهي تقدمني قليلا إلى الأمام: أعرفكم على زميلتكم الجديدة.. روز سلطان.. معلمة اللغة العربية الجديدة..
نظرت بنظرة خاطفة إلى وجوههم عندما ذكر اسمي وابتسمت بوجل.. إلهي خفت منهم..أحس بأني صغيرة جدا بينهم.. رغم أني في الثانية والعشرين من عمري!!
استطردت المديرة قائلة: تفضلي يا استاذه روز خذي مكتب الأستاذه نوره فلقد انتقلت إلى مدرسة أخرى منذ اسبوعين الآن..
- أشكرك يا أم تركي..
- إن احتجتي أي شيء أنا وأخواتك المدرسات هنا حاضرين لمساعدتك..
- لك كل الشكر..
- هيا استعدي لحضور الطابور الصباحي ومن ثم حصتك الأولى لهذا العام..
لم أجب بل اكتفيت أن ابتسمت لها فالتفتت على المدرسات وقالت:إلى الطابور الصباحي لو سمحتن!
ثم خرجت من الغرفة.. وما أن خرجت حتى تعالت ضحكات المعلمات.. ليس جميعهن..بل بعضهن.. بعضهن ممن كانوا أشبه بحزب معا.. يجلسون معا ويضحكون معا ولا لأحد سلطة عليهم.. هذا ما أخبرتني به من كانت بقربي.. وكان يبدو عليها وبشدة أنها مغلوب على أمرها بينهم..
نظرت إلي أحداهن وقالت بعجرفة: أنت!
قلت لها بتعجب: أنا؟
- أجل أنت.. ما اسمك؟
- اسمي روز!
ضحكت بسخرية وقالت: روز؟؟ هل أنت جاده؟
قلت بتحد: أجل ولم لا؟ ألا يعجبك؟
- بصراحة! أحس أنه لا يليق بك.. لا أقصد الإساءة ولكن الإسم غربي أكثر.. ولا يليق بفتاة شرقية سوداوية العينين والشعر!
لم أجبها بل اكتفت بالصمت فاستطردت أخرى قائلة: وهل أنت حقا معلمة لغة عربيه؟؟
أجبت : أجل أنا كذلك.. وهل لا يليق بي هو الآخر؟
- أجل لا يليق بك.. أنت مادة التدبير المنزلي أو الخياطة أليق بك!
- ولكني متخرجة من قسم اللغة العربية وأنا معلمة لغة عربية!
ضحكن بسخرية ثم قالت أحداهن: لا تثيري أعصابك يا صغيرتي.. فالأيام كثيرة وطويلة أمامك بإمكانك أن تثوري في أي منها.. وفري عصبيتك للأيام القادمه..
ثم قالت أخرى: وهل أنت متزوجه يا أستاذه روز؟؟
ولفظت الأخيره بسخرية كبيره..
قلت بعصبية: لا لست متزوجه.. هل لديك أسئلة أخرى؟
- أجل أين تسكنين؟
ردت بعصبية: وما دخلك أنت أين أسكن؟؟ وما بالكم أنتن؟؟ ما الذي فعلته لكن؟؟ أنا دخلت هنا مثلي مثلكن..مدرسة للمرحلة المتوسطه!! درست وتعبت حتى حصلت على شهادتي ولعلمكن بامتياز مع مرتبة الشرف! ولا يحق لأي منكن أن تقلل من قدري أو تحط من مكانتي أمام أي أحد.. لم أفعل لكن أي شيء فما بالكن؟؟
وبينما أنا أشعل نار غضبي في وجوههن تدخلت معلمة يبدو أنها كانت تستمع للحديث من أوله وقالت: عيب عليكن! هذه معلمة جديدة وزميلة لنا هنا فكيف تعاملونها بهذه الطريقة؟ وأي استقبال هذا؟
التفتت إلي مصافحة وقالت: مها عبدالرحمن.. معلمة المادة الإنجليزية للصف الثالث متوسط وأحيانا يحكم علي القدر فأدرس الصف الأول متوسط..
ثغرت فاهي وقلت: مهــا؟؟
ابتسمت باستغراب شديد وقالت: أجل مها..لماذا؟
قلت باندفاع: مها عبدالرحمن! أنت مها؟ لا أصدق
- اجل أنا مها لماذا؟ ما بك؟
- مها ألا تذكرينني؟؟
- بصراحه أعذريني يا عزيزتي..ولكن هل علي ذلك؟؟
- أنا روز! روز سلطان..
وضعت يدها على فمها وصاحت: روز؟ لا أصدق.. روز صديقتي أيام الدراسه منذ الصف الأول؟
هززت رأسي بإيماءة خفيفة وعيني امتلأت بالدموع.. ضمتني بقوة وقالت: لا أصدق روز؟؟ لا أصدق لا أصدق..
- أرأيت كيف الدنيا عجيبه؟؟
- أجل والله يا صديقتي... فرقتنا في المرحلة الجامعيه.. وعادت فجمعتنا في عمل في مدرسة واحده!! يا سبحان الله..
- سبحان الله يا مها.. كم أنا فرحه.. صحيح رغم استقبالي السيء.. إلا أني نسيت كل شيء منذ أن رأيتك الآن..
- اعذريهم يا روز فهم هكذا.. إن رأوا من تعجبهم يفعلون هذا لا تهتمي.. ولكن أخبريني.. هل تجولت في المدرسه؟
- أجل أخذتني أم تركي في جوله في المدرسة..
- اها إذن استعدي لحصتك الأولى.. وكلت بتدريس أي صف؟؟
- أتوقع الصف الثالث متوسط!
- أعانك الله.. هم متعجرفون بشكل كبير.. لقد درستهم عندما كانوا في الصف الأول متوسط والآن..ولم يتأقلموا معي حتى الآن!
- حقا؟ لا إن شاء الله لا يحدث هذا معي..
- إن شاء الله..
وبعد حواري مع مها ظللت أفكر.. هل سيحصل معي مع الطالبات كما حصل مع مها؟؟ لا بإذنه تعالى لن يحدث هذا.. لا إن شاء الله..
وفي الساعة السابعه..دق الجرس معلنا عن بدء الحصة الأولى.. وعندما نظرت إلى الجدول الذي سلمتني إياه المديره لم أجد لدي حصة أولى.. فحصتي الأولى تبدأ في الساعه السابعه و خمس وأربعون دقيقة.. انتظرت مرور هذه الخمس وأربعون دقيقة على نار.. لم أصدق متى انقضت.. وعندما دق الجرس اعلانا ببدء الحصة الثانية..نهضت بسرعة حامله كتاب قواعد اللغة العربية واتجهت إلى الصف المقرر علي تدريسه..


يتبع...

أطياف الأمل 13-07-2004 06:16 PM

عندما يشل التفكير.. وتتوقف اليدان
كيف السبيل ليعود كل شيء لوضعه الطبيعي؟
اعينوني بالحل..

المتيم المجهول 14-07-2004 01:47 AM

خلي في بالك أنه 11.585 عضو منتظرين تكملة القصة :) ،،، وحتجي الأفكار علطول ،،،

بصراحة ما عندي طريقة معينة ،،، لكن اللي اقدر اقوله ان شاء الله يرجع كل شيء زي ما كان :)

أطياف الأمل 14-07-2004 07:23 AM

اخي العزيز المتيم المجهول
أشكرك من كل قلبي ماقصرت اخوي ..
ساحاول وباذن الله استطيع
شهر وتنتهي الترتيبات وساتفرغ لها باذن الله :)

الوردة الندية 14-07-2004 08:06 AM

:mad::gun::mad:
طيوووووووووووووووفة يعني تعرفي تشوقيننا وتخلينا على نار حتى تكملي
تعرفي متى تقطعي الحلقة.......:mad:
ياريت بسررررررررررررررررعة :) نشوف الحلقة الجديدة
مشكووووووووووووورة على القصة الحلوة
وتسلم الانامل على القصة
تحيتي

أطياف الأمل 19-07-2004 07:21 AM

أختي الحبيبه ورد المستقبل
بإذن الله ستكمل القصه .. وستقرأينها للآخر ..
وأتمنى من كل قلبي أن تحوز على إعجابك واعجاب الجميع :)

ربيع_النجار 20-07-2004 04:48 AM

الأخت الغالية والرائعة بنفس الوقت (( أطياف الأمل ))
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
بصراحة مشاركاتك ومواضعيك هي من أورع ما قرأت بهذا المنتدى وكانت قصتك هذه هي من أروع المواضيع التي حازت على إعجاب جميع الأعضاء ومن بينهم أنا ... وأقول لها بصدق بأنني أنا وكل الأعضاء بالنيابة عنهم طبعاً ، نحني رؤوسنا إحتراماوتقديراً لشخصك الكريم .... واتمنى ومن كل قلبي أن تعودي كما كنت بغض النظر عن قصتك ... لتشاهدي الحياة رائعة وتنوري عقولنا بقصصك وأفكارك ومواضيعك الشيقة .
على فكرة تقريباً نصف سكان سوريا يوجهون أطيب التحيات لشخصك الكريم بالإضافة لأعضاء هذا المنتدى ....
أتمنى لك دوام الصحة والعافية والحضور الذهني ...

أخوكي الربيع

muslima04 17-08-2004 09:40 AM

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى ىله وصحبه اجمعين.

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،

اختي الحبيبة أطياف الأمل،انتظرت منذ أن أخبرتني برابط قصتك الجميلة بان تكمليها لأعلق إن شاء الله،فأنا لا أحب ان اعلق على شيء بإذن الله حتى أرى النهاية سواء اكانت قصة أم أي شيء في الحياة الحقيقية،لكن هائنذي الان أكتب لك لأقول لك وفقك الله،بداية جميلة جدا في الكتابة،وخيال جميل،أتمنى لك استمرار موفق إن شاء الله،ولو أن هذا لا دخل له في الموضوع إلا أنني أحب أن أقول لك أن قصتك هذه هي أول قصة أقرؤها بحياتي بالعربية،فلي الشرف أختاه بذلك.

هذا ما أردت قوله،فلم أستطع ان أنتظر أكثر لأقول لك هذه الكلمات البسيطة جدا،فمن يعلم،ممكن اليوم اكون معكم وغدا لا،فعلى الأقل أكون مرتاحة إن شاء الله،أما من جهة القصة إن شاء الله،فأنتظر حتى تنهينها بإذن الله لأعلق عليها إن شاء الله.

في أمان الله.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

المشرقي الإسلامي 12-09-2004 07:38 AM

زمن الوهم

هذه القصة حازت المركز الأول على مستوى الجامعات المصرية في مسابقة القصة القصيرة في معهد إعداد القادة بحلوان في الدورة الأولى المنعقدة في المدة من 29-6-2003 حتى 2-7- 2003 والمركز الأول على مستوى جامعة السادس من أكتوبر سنة 2004.
كانت المرة الأولى التي أراه في النادي وهو يناديني في هدوء حيي بلهجة مصرية ركيكة ويقول:
- أهلاً بك
-أهلاً بك
- عذراً..لي سؤال وأرجو ألا أكون قد أثقلت عليك.
- تفضل.
في الواقع .. أنا أسكن قريباً منك ، وقد عشت معظم عمري في ألمانيا ....
- تفضل
- في الواقع.. أشعر بفرق شاسع البون بين الحياة في ألمانيا والحياة هنا في مصر، وقد سمعت عن علاقاتك الاجتماعية المتعددة بكل من داخل أو خارج النادي . أرجو منك أن تصطحبني معك في تجوالك في الأوقات المختلفة لأنني لا أعرف عن مصر شيئاً وأعول عليك في ذلك الكثير .. أرجو ألا
أكون أثقلت عليك ..عذرا

- كما تحب.
* * *
لم أعجب من شيء في عمري كله كما عجبت لهذا الموقف . إنني لا أنكر أنني قد عشت مواقف كثيرة منها الصعب ومنها الغريب ومنها المخيف ، لكني لم أر إنسانا ً حيرني كما حيرني هذا لشاب بسؤاله الغريب .. فما باله يسأل أمراً كذلك ؟أهي رياح الوطنية قد أتت عليه من السماء مرة واحدة ؟ أم هو إنسان يظن نفسه في الجمهورية الأفلاطونية ينزل عليه الخل الوفي ويعيش معه مثاليات هذا العالم العلوي؟
لكني لم أكد أهزأ حتى انتابني القلق وأنا أسأل في نفسي :و لم لا يكون جاسوساً يبتغي من قوله ذلك شراً مضمراً لا يعلمه إلا الله ؟ لكني ما برحت أسأل نفسي حتى قلت:" على أسوأ الأمور فإني لن أحار في التعامل معه في أسوأ الظروف .. فلأوافقه إلى ما يريد .. ولنرى.."
* * *
ولم يمر يوما ن إلا وقد لقيني في النادي في نفس المكان ليقول لي مبتسماً :
- أنت الذي تحدثت إليه منذ يومين . أليس كذلك؟
- بلى . تفضل.
- أخبرني عزيزي .. هل اخترت مكاناً معيناً ؟
- بالطبع ..نعم.
و لم أكن قد حددت مكاناً ولا زماناً، لكن رغبة مني في معرفة ما سيقوم به قلت ذلك لأراه يملأ قلبي غيظاً حينما قال:
- متى إذن؟ - وقتما تشاء.
* * *
لم أكن فيما أشعر به إلا مستبقاً هموماً لا داعي لها ، فقد خرج معي وتكشفت لي خباياه البريئة التي لا تضاهيها في براء تها إلا براءة الطفولة، وقد كان يحدثني عن ألمانيا وما فيها وما بها من حسن وسوء .. وأنا مبهور بهذا الشاب الذي لم يكن مما تخيلت فيه شيئاً..
يوماً بيوم صرنا أصدقاء لا غنى لأحدنا عن الآخر، وتوالت من بعدها اللقاءات وما مكان في مصر إلا زرناه أثرياً أو دينياً أو سياحياً أو رياضياً أو ساحلياً وصار كل منا يزور الآخر في منزله ، وقد كان بيننا من حبل الصداقة ما لا يُرجى انقطاعه ، حتى كان ما كان…
* * *
كان اليوم الذي جئت لزيارته في منزله كما وعدته ، ولم أخلفه كما لم يخلفني.. لكنه كان على غير ما عهدت وما خيل لي يوماً أن أراه في هكذا حال.
كان شاحب الوجه مصفرّه ، مرتخي الأظراف يابسها ، متوالي الأنفاس متقطعها ، صعب أن تسمعه وأصعب منه أن تفهمه وهو ممدد بفراشه ، ولم يمهلني السؤال حتى قال :
- علها المرة الأخير ة التي أراك فيها.- لماذا ؟ كلنا يصاب بشيء من المرض ما يلبث مدة حتى ينقضي.
- ينقضي؟! أرجو ذلك .. استمع إلي واحكم أمحق فيما أقول أم لا........
يشهد الله أني لم أكذبك فيما حكيت لك عن أمري شيئاً ولم أكتمك حديثاً ولكن تبدّى لي بالأمس ، الأمس فقط ما لم أكن أعرف.
كان والدي في أول أيامه معانياً من ضيق المعيشة ، فقاده ذلك إلى السفر إلى ألمانيا ، ومكث هنالك ما شاء الله له أن يمكث ، فصار هناك وقد تحسن حاله ، وتزوج أمي الألمانية ، ولم يكن ليعكر صفو حياته شيء ، حتى إذا بلغ من الرخاء مبلغه اتجه إلى إدارة الأعمال ، وظل على هذا الحال حتى بلغت العشرين من عمري وارتأى أن أرجع إلى مصر وأن أعيش معه ما تبقى من العمر، وكان يقول لي "إنه لا يصح أن يجهل من هو في سنك كل ذلك عن وطنه" . أما أمي ، فلم تكن لتوافقه ذلك ، وكانت ترى أن مصر لا تفوق ألمانيا في شيء، وكانت تقول "إنه يجب أن يعيش ويموت ألمانياً . ألمانيا هي أول ما تفتحت عليه عيناه، والحياة هنا مستقرةأكثر من مصر"
ولم يكن الخلاف ليطول حتى افترقا، فعدت إلى مصر مع والدي ، بينما ظلت أمي هناك ، ولم يكن الأمس إلا لأجد والدي مكبلاً في الأغلال مقتاداً إلى السجن بعد أن ثبتت إدانته وتورطه في أعمال الاختلاس والسرقة . تصور .. ذلك الرجل الذي حوطني بعنايته وتولاني برعايته وأنفق علي الكثير والكثير والذي علمني الصدق والأمانة والمثالية.. هذا الأب الذي لم يكن ليغمض له جفن إن تأخرت لحظة عن الرجوع إلى البيت .. هذا الأب الذي لطالما ضمني ذراعاه .. ها هو الآن ملقى في غياهب السجن . ولم يكن مني بعد مرآه على هكذا حال إلا ما تراه علي الآن .. لقد قتلني وأودى بي إلى حيث لا أدري ، لا أعرف آبكيه لما صار له؟ أم أبكي لما تبدت لي من حقائق طبعه ؟ أم ماذا أفعل؟ كلما أخذتني نفسي بعتابه على سوء فعائله يتراءى لي حبه وما حوطني به من عناية فتمنعني ذلك، فلا أنا فرح بوجوده ، ولا أنا قادر على إقناع نفسي بالبعد عنه ولا أنا قادر على وصف حالي وما آل إليه عمري . هل تعرف هذا البيت؟ لم يعد بيته . لقد صار بيت الذي فتح لك الباب ، أحد الدائنين الذين لم يستوفوا منه ديونهم فلم يجد غير الحجر على منزله سبيلاً لرد دينه ، ولقد استبقى عليّ بعد أن توسل إليه والدي ، وهو- أي الدائن- لم يكن له من أبناء فلم يمانع من وجودي هنا معه ، وقد أنس بي واطمئن إلي فأبقى علي ّ هنا معه ، ولم أر في والدي شيئاً طيباً إلا وجدته فيه. إنني لما رأيت أبي يُقتاد بين أيدي العسكر إلى السجن صار لي ما صار...
ولو أن الأمر وقف عند هذا الحد إذاً لهان الخطب . بالأمس اتصلت بي أمي من ألمانيا تخبرني بأنها ليست أمي الحقيقية.. إنها الزوجة الثانية له، أما أمي الحقيقية .. فقد ماتت في أول أيام ولادتي .. قل لي الآن محقٌ فيما قلته لك أم لا؟
ولم يكن مني إلا أن أطمئنه وواعدته زيارة أخرى ، ولم أخلفه وعداً ، فلم يمض سوى يومين حتى زرته ، لكني ما إن اقتربت من منزله حتى وجدته أعلم بنفسه وقد صدقت نبوءته، وجدت سرداق العزاء قد نصب والمعزون يتوافدون على الدائن الذي كان عنده، حتى إذا ما فرغوا سلمت عليه وشد على يدي وقال "يحق لك أن تبكي وأن تفعل ما هو أكثر من ذلك ، يحق لمن عرفه أن يحزن أيما حزن . لقد عشت معه أياماً قلائل ووجدت فيه ما لم أجد في غيره .وجدت فيه مرؤة الأب ، وحنو الأم ، وبراءة الطفل. عاش مع أب وهمي وأم وهمية في زمان وهمي، فآثر الانتقال إلى عالم الحقيقة"

* * *

أطياف الأمل 20-12-2004 07:17 AM

الأستاذه روز ..

بحثت عنه حتى وجدته ولم أته حقيقة كثيرا لأنه كان أول صف في الممر الذي دخلته.. وقفت بقرب الباب قليلا فسمعت ضوضاء وازعاج غير طبيعيين وكأنما أنا داخلة على صف في المرحلة الإبتدائيه وليس المرحلة المتوسطه..
طرقت الباب ولم يهدأ الإزعاج لأن أحدا لم ينتبه لصوت الطرق..طرقته أخرى وبقوة أكثر حتى انتبهوا.. دخلت وألقيت التحية بصوت مرتفع قليلا حتى يسمعنني:
- السلام عليكم ورحمة الله
رددن بصوت متفرق والبعض الكثير لم يجبن..
نظرت إليهن ثم قلت: وهل هكذا ترد التحية؟ ألم يقل رسولنا الكريم وإذا حييتم بتحية فردوا بأحسن منها؟ ومن ثم يجب أن تقفن عندما تدخل عليكن المعلمه..
ضحكن الطالبات فقالت إحداهن: نقف لأجل المعلمة؟
- بالطبع نقف لأجل المعلمه.. وإنما نقف لأجل من؟ ألا تقفن مع المعلمات الأخريات؟
- لا.. لا نفعل هذا!
- حقا ؟؟ لا تقفن لهن ؟
بتحد قالت : أجل لا نقف ..
رسمت ابتسامة خفيفة على شفتي وقلت: لي أنا ستقفن ! وهذه احدى قوانيني الصفّيه .. لم أود أن أتلوها عليكم اليوم وهي أول حصة لي معكم..ولكن يبدو أني سأفعل ..
سألت إحداهن: وهل هناك قوانين للصف ؟
- أجل يا صغيرتي .. وسأتلوها عليكن الآن ..
قاطعتني احداهن قائله: تتلين قوانينك ونحن لم نعرفك حتى الآن؟
ابتسمت وقلت: أنا الأستاذه روز.. معلمة اللغة العربيه الجديده..

رأيت في عيونهن علامات استفهام كبيره وفي وجوههن علامة تعجب أكبر!! اعتقدت أن السبب هو اسمي أو كما قالت تلك الطالبه..كوني معلمة للغة العربيه.. القيت بنظرة على الطالبات.. أوه إنها هنا..تلك الطالبه..هاهي هنا بهذا الفصل.. كم هو غريب وجودها هنا!!
قلت:هل لي أن أخبركم بقوانيني الآن؟
سكت قليلا ثم أردفت: تقفن عندما أدخل الفصل .. مواد اللغة العربية ودفاترها على الدرج الخاص بكل منكم.. لا أريد أن أسمع أي ازعاج قبل دخولي إليكن .. الكلام في الحصة ممنوع.. الضحك ممنوع إلا في حال ضحكنا معا.. الحديث الجانبي مرفوض رفضا تاما .. طبعا الأكل ممنوع .. ولكن قد اسمح لكم بالشرب بإذن..
هذا ما تحتاجون معرفته الآن ... وأتمنى أن تطبق هذه القوانين..
بصراحة..رأيت تذمرا في أعين الكثيرات وقبول في أعين أخريات.. ولا مبالاة في عيون بعضهن.. كان الله في عوني..يبدو أني ساواجه عاما صعبا جدا ..
بعد انتهائي من القاء قوانيني وقواعدي الصفية.. بدأت بشرح الدرس لهن.. وبعد انتهائي..كان الجرس قد دق.. استاذنتهن وخرجت ..
قالت احداهن: وأخيرا انتهت الحصه ؟؟ ماهذه المعلمه؟ هل كانت تدّرس في العسكريه أو ما شابه؟
تعالت ضحكة الفتيات وقالت أخرى معلّقه: بل إنها معقدة نفسيا منذ صغرها لذلك هي كذلك..
تدخلت طالبة بالنقاش وقالت: ما بالكن؟ لم تفعل شيء لتتهموها بالعقد وكل هذه الأمور !! من حقها أن تسن قوانينها.. وقوانينها معقوله ..
- ساره! اصمتي أيتها الغبيه.. ألا تعتبرين طلبها الغريب تخلفا وتعقدا؟؟ أن نقف لها؟؟ أي طلب هذا؟؟ إنه ينم عن غباء بالغ!
- وما أدراك يا حصه ما الإحترام .. إن هذا التصرف ناتج عن احترام لمن أمامك..
- أرجوك يا سارة..وفّري كلامك لنفسك !!
انزوت ساره في مقعدها ووجها المحمر من شدة الحرج والغضب ... بينما ظلت الفتيات الأخريات يعلقن على طريقة .. الأستاذه روز!


يتبع ...

الحنين 14-05-2005 12:53 PM

<=:)

المتيم المجهول 12-08-2005 05:11 PM


نرجو أن تكون الأستاذة روز بكل خير :) ،،

نتمنى منك أختي أطياف أن تطمنينا عنها بسبب غيابها لأكثر من 8 شهور :) ،،


أطياف الأمل 13-08-2005 11:14 AM

لهما فقط..

في تلك الجزيرة..وفي ذلك الفندق الفخم.. وعلى تلك الشرفة المطلة على البحر الأزرق الأخّاذ.. وصوت الموج المرتطم بالصخور يسلب الألباب.. ولون السماء المصطبغ بالحمره يأسر الأفئدة..كانت السماء وكأنها في حالة معانقة للأرض.. تحيطها من كل جانب وكل صوب..تعانقها وتضمها إليها بقوه.. بكل شوق ومحبه.. حتى بدا المنظر كعاشقين اثنين..وفي تلك اللوحة المرسومه.. كان نواف يجلس في تلك الشرفه..في ذلك الفندق.. في تلك الجزيرة الجميله مع زوجته.. جلس نواف على كرسي في الشرفه وقد كان منهمكا في الكتابة.. يكتب كلمة فيمسح أخرى.. يظهر أنه كان منشغلا جدا في الكتابة حيث لم يلحظ دخول زوجته وجلوسها بجواره.. نادته بشاعريه: نواف ..

لم يجبها ليس لأنه تجاهلها.. بل لأنه لم يسمعها ..

أعادت قولها وندائها: نواف..

التفت إليها وقال: ماذا ؟

ابتسمت وقالت: ألم تسمعني أناديك ؟

- لا يا عزيزتي اعذريني فلقد كنت أكتب ..

- تكتب ؟ وماذا تكتب ؟

- أكتب ؟؟

- أجل. ماذا تكتب يا حبيبي؟

- أنا.. أنا أكتب شعرا..

- حقا ؟؟ أهو لي ؟

تلعثم وقال مغيرا مجرى الحديث: منذ متى وأنت هنا ؟

- منذ قليل..

أحست الزوجه بحسها الأنثوي أن هنالك أمرا ما.. كاد الفضول أن يقتلها.. حرك الفضول شيئا ما بداخلها.. فجر صمام هناك.. فبدء يعبث بجسدها الداخلي..تريد أن تقرأ الشعر..هذا ما كان يشغلها..لعله مفاجأة لها يفاجأها به بطريقة رومانسيه؟؟يقدمه لها مع باقة رائعة من الزهور وقبلة على خدّها فيخبرها كم هو يحبها.. ياله من زوج رومانسي مذهل!أجل سيفعل ذلك..بل ربما أكثر من ذلك .. رباه كم تحبه..

احمر وجهها لما دار بفكرها فقالت برقه: نواف.. أنظر إلى البحر.. إنه آسر ..اسمع صوته..إنه ينادينا.. لم لا نذهب فنجلس على ضفافه قليلا فتعبث أقدامنا بماءه الذي تتكسر أمواجه أمام عظمة صخوره ؟ لم نأت من بلادنا ونقطع كل هذه المسافه لأجل الجلوس بالفندق.. أليس كذلك؟ هنالك الكثير من الفنادق في بلادنا لما لم نجلس في أحدهم وكفى؟

- فعلا ..أنا آسف.. سأذهب لأبدل ملابسي للنزول.. هل أنت جاهزه عزيزتي ؟

- أجل.. أنا كذلك منذ وقت طويل..كنت أنتظر أن تحن علي وتقول هيا لنخرج ولكن يبدو أنه لا ينفع معك سوى القوة..

ضحك وقال: لا بل كلمة طيبة تفي بالغرض..

غمزت بعينها وقالت: حقا؟ وما رأيك لو كتبت لك قصيدة أدعوك بها للخروج؟؟

ضحك وقال: ذلك سيكون أفضل!!

- هيا سأنتظرك بالغرفة المجاورة فلا تتأخر علي.. ولا تتأنق كثيرا فلن يراك أحد سوى البحر..

- وأنت ؟

- أنت جميل بعيني لو ارتديت أسوأ ما لديك!

- حسنا..

خرجت زوجته وكتب هو حرفا آخرا ثم ترك القلم بعد أن سمع نداء زوجته عليه وغادر.. ترك الدفتر مفتوحا وغادر الشرفه وهو الذي ليس من عادته أبدا أن يترك دفاتره وأوراقه الخاصه مكشوفة أبدا ولكن..لله في كل شيء حكمه..

استغلت زوحته فترة وجوده في الحمام فأتت مسرعه تبحث عن الدفتر.. فوجدته مهيأ أمامها..مفتوحا على مصرعيه..كأنه يقول.. هاك اقرئيني.. جلست على الكرسي الذي كان يجلس عليه نواف وشرعت تقرأ ما سطر فيه..









ليه المسا لونـه كئيـب ومحـزون

وليه الشوارع وسط صدري حزينه ؟

يا مسافره للبعـد بالهـون بالهـون

باقي مـن الذكـرى ثوانـي ثمينـه

خلي العيون المتعبه تحظـن عيـون

خلي الفـرح يجمـع بقايـا سنينـه

خلي عذاب القلب بالقلـب مكنـون

يكفي من الحرمان ( جرحي مدينه)

اليوم احسك حلم شاعـر ومجنـون

سافر مـع الأحـلام لآخـر حنينـه

غفا وقلبه باعـذب الحـب مسكـون

صحـا لقـا نبضـات قلبـه تدينـه

واللحظه اللي حزنها لـون الكـون

صارت هنـا بيـن الحنايـا سجينـه

جمرة ألم تشعـل مسافاتـي ظنـون

عبره علـى شـط النواظـر دفينـه

أدري المشاعر كلهـا باكـر تخـون

لا ضجت الذكرى والاحلام وينـه ؟

لا مرني طيفـك تنهـات وشجـون

والحـزن شـرع للمشاعـر يدينـه

وشلون اسافر عن عذابات وطعـون

الياغـدا للجـرح صمتـي سفينـه

اليوم ذبلت فرحتي شمع وغصـون

واليـوم مـات بدفتـري ياسميـنـه

روحي فديتك غاليه حيـل وتمـون

وقلبـي علـى توديعـك الله يعينـه

عاشق غدا لاحساسك العذب مسجون

رغم اغتراب العمـر بينـك وبينـه

يبقى مع الأيـام شاعـر ومجنـون

يكفيـه لا مـر الفـرح تذكريـنـه





أغلقت الدفتر ووضعته مكانه.. تسارعت أنفاسها وتعالت دقات قلبها.. تنفست بعمق وقالت: وأنا التي كنت أظن أنها قصيدة شاعريه..إنها قصيدة حزينة لحبيب متألم لفراق حبيبته.. ترى لمن كتبها ؟؟ هل لـ ؟؟

لا لا .. لن أفكر كهذا التفكير به.. لا يمكن.. إنه يحبني.. ولا أتوقع أنه يحب أخرى.. لن أسأله..ولا أهتم لما كتب بالدفتر..لا أرى أمامي سوى قصاصة من ورق كتب عليها خربشات قلم..ليس من الضروره أن تكون معبرة عن احساس يحس به..ربما هي مجرد قصيدة كتبها.. المهم.. أني أشعر بصدق أحاسيسه لي..

همت أن تغادر ولكنها تذكرت أنها وجدت الدفتر مفتوحا.. لذلك عادت ففتحت الدفتر..ووضعته حيث كان.. وأعادت القلم لموضعه.. ثم غادرت إلى الغرفة المجاورة لتنتظر زوجها كما وعدت..

خرج نواف وقال: هيا يا عزيزتي لنذهب..

ابتسمت باصطناع فما أن رأته حتى تزاحمت الأسئلة في نفسها.. أسئلة حاولت جاهدة أن تكتمها وتقتلها في نفسها طوال أمسيتها الشاعريه مع زوجها تحت ضوء القمر..

أطالوا الجلوس على شاطئ البحر .. ولم يكن هنالك أحد سواهما ..وكأن الشاطئ كان محجوز لهما في تلك الليلة..


يتبع..

أطياف الأمل 13-08-2005 11:18 AM

أخي الكريم المتيم المجهول..
بارك الله فيك وأشكر لك سؤالك ..
إنما الموضوع أني منذ أن فقدت النسخه الأصليه لـ (جسد بلا روح) فقدت رغبتي للكتابه ولكن يبدو ان القلم قد عاد

ربما

لكم أغلى التحية
أطياف الأمل

المتيم المجهول 13-08-2005 11:48 AM

إقتباس:

الرسالة الأصلية كتبت بواسطة أطياف الأمل
ولكن يبدو ان القلم قد عاد


بل عاد فعلاً :) ،،،

الحنين 15-08-2005 04:25 PM

أختي الفاضلة .. أطياف
مرحبا بك .. والعود أحمد ..
لأخذ العلم .. كنت أتابع قصتك واقرأ بصمت ..
و قد اتخذت قراري بعدم ادراج ردي الا مباركة لك على انتهاء القصة وشكرك عليها ..
لكنني وبسبب سروري وغبطتي بعودتك ..
جئت لأقول ..
حمداً لله على السلامة ..
وسأبقى منتظرة بقية الأجزاء ..

أعذب تحية ..
:)

أطياف الأمل 21-08-2005 07:30 AM

ورقة من أوراق التقويم

ورقة تقطع من أوراق التقويم تتبعها أخرى ثم أخرى حتى تعلن آخر ورقة عن انقضاء شهر كامل.. شهر قضاه نواف مع عروسه في تلك الجزيرة الخلابة الرائعه...والأستاذه روز قضتها بين كراسات و أوراق وأقلام وعبرات وأحلام..بين تفكير بحبيب أقلعت طائرته من مطار قلبها وللأبد وفتيات تروضهن حتى استطاعت بآخر المطاف كسب قلوبهن..
عاد نواف وزوجه إلى أرض الوطن تستقبلهم قبلات وضحكات وعناق الأهل والأحبة..
كان نواف مستلقيا على سريره مرتديا جلبلابه الرمادي الفضفاض في حين كانت زوجته تعد لهما وجبة خفيفة للعشاء..وبينما الوضع كذلك دق هاتف نواف فأجاب: ألو السلام عليكم..
فأتاه صوت مألوف لأذنه هاتفا: وعليكم السلام ياعريس كيف حالك؟
- أهلا أهلا كيف حالك؟
- أنا بخير أفضل حالا منك..ولكن أنت طمني عنك هل أنت سعيد؟؟
كيف هو الزواج؟
- الحمدلله رب العالمين أنا سعيد ومرتاح جدا فسميره لا تدعني أحتاج لشيء فكل ما يخطر ببالي كخاطر عابر أجده أمام ناظري واقع جميل ملموس قبل أن تنطق به شفتاي حتى..
ضحك الصوت الأجش ضحكة رجولية قوية ثم أردف: تقصد أنك تنصح العزاب كشاكلتي بالزواج؟
- بالطبع أنصحهم ولم لا؟؟ بالعكس الزواج وقاية وجنّة لمن هو مثلك!
- ومابي أنا يانواف؟ طيب ومسكين و" على نياتي" في كل شيء..
- أجل صحيح..أصلا أنا أشفق ومن كل قلبي على رديئة الحظ التي ستكون من نصيبك..
تنهد بعمق ثم قال: أواه يا نواف...ليتها تكون من نصيبي..
ضحك نواف فقال: هل تحب أيها الأبله؟
- أجل يا نواف.. أجل أحب.. أحب بل أن كل قطرة دم تضخ من قلبي وتورد إليه تحب.. أحب بل أنا غارق بالحب لأذني..
- ألهذه الدرجة تحبها؟؟ كيف عرفتها لتحبها كل هذا الحب أنت الذي لم أعتقد أنك قد تحب يوما..
- صدفة..والله صدفة..ورب صدفة خير من ألأف ميعاد..أي والله صدفة جعلتني ألتقيها فلاأجد أمامي سوى أن أترك مجاديفي تغرق وسفني وقواربي تقبع في قعر محيط عينيها.. قذفت كل ما بيدي وقفزت في بحر عيونها أسبح..فتقذفني موجة رمشها بعيدا ولكني أعود مجددا وأحاول..لن أستسلم..فما أطيب الغوص في ماء عيونها.. ما أعذب الغرق في بحر حبها...نواف..أحبها وأريدها..لا أريد لنفسي خليلة غيرها..أحبها..أحبها..
سكت نواف قليلا ولكأنه تذكر شعور افتقده منذ فتره ثم قال:لا أعلم ماذا أقول لك ولكن تعال نلتقي في مكان ما فنتحدث بالموضوع لأننا لا نستطيع نقاشما تقول في الهاتف...مر علي بالمنزل لنتحدث..
- لا لا نواف.. لنخرج إلى أي مكان فأشعر بحريتي بالحديث..
- حسنا كما تحب.. حدد الوقت والمكان وستجدني عندك..
- ما رأيك بغدا مساء؟
- جيد جدا
- اتفقنا إذا؟؟
- نعم أراك غدا..
- حسنا ..إلىا للقاء.. تحياتي لسميره..
- سأبلغها سلامك.. إلى اللقاء..
أقفل نواف الهاتف ورماه بقربه فسرح يفكر في بحر عينيها..في غرقه في محيط عينيها.. في تكسير مجاديفه..في غرق قواربه وسفنه..أواه يا قلبي..هل تفتقد كل ذلك كما أفتقده؟
دقت سميره الباب فدخلت...
- حبيبي.. هيا..ألعشاء جاهز..
ابتسم لها نواف وهب من سريره يسير بمحاذاتها وفكره ظل معلقا بالبحر..بعينيها..بمجاديفه وغرقه..


يتبع..

أطياف الأمل 21-08-2005 07:33 AM

أخي المتيم المجهول
بارك الله فيك..أشكرك لتشجيعي فقد كان دافعا لأن أكتب ما رأيت
شكرا لك من الأعماق,,,

تقبل تحياتي
أطياف الأمل

أطياف الأمل 21-08-2005 07:35 AM

أختي الحبيبه بنت الهلال..
عندما رأيت إن هنالك ردا جديدا في جسد بلاروح..وأنه منك أنت.. لا تعلمين كم كانت فرحتي كبيره بذلك..وازدادت فرحتي أكثر وأكثر عندما علمت من ردك أنك تتابعين ما يجري في حياة روز..
شرف لي غاليتي وجودك معي ومع روز..
لم تكن العودة سهلة..ولكن سأحاول أن أستغل الفترة القادمه بقدر ما أقدر..
لك أغلى وأصدق تحياتي..

أطياف الأملِ

الحنين 23-08-2005 03:23 AM

أختي الحبيبة .. أطياف ..
كنت أجول في ربوع الخيام .. اقتطف من كل خيمة معلومة ..
حتى استطعت و أخيرا الحصول على رائعتك ..
" روز " غدت أختا لأفكاري وخيالاتي .. فمحدثتك ممن يعشق الغوص في بحر الخيال ..
أختي الفاضلة ..
سأظل أتابع .. ولن أتذمر التأخير ..
فالانتظار ممل لكن ثماره رائعة ..
استمري في كتاباتك .. وثقي أنني سأكون من المتابعين لفيض قلمك ..
حتى ولو لم أعقب ..

أعذب تحية ..
:)

أطياف الأمل 06-02-2006 10:21 AM

" تبغى الصدق..أكذب عليك..هذا عذر..عشان أجيك.. كل الحكاية..اشتقت لك"
كلمات كان الراديو ينطق بها فتداعب أذني روز التي ودون وعي كانت تتمتم الكلمات معها..
"كل الحكاية اشتقت لك"
كانت روز مستلقية على سريرها..تناثرت خصلات شعرها الأسود الطويل على مخدتها..وقدميها تحركها يمنة ويسرة.. حركة عشوائية سارحة.. فهي لم تكن هنا في غرفتها..في هذه البقعة من الأرض على وجةا لتحديد... بل كانت مسافرة.. طائرة مع بنات أفكارها في سماء خيالها الخصب.. ممسكة بيد قلبها كما تفعل دائما وتحلق بعيدا..وتردد..
"كل الحكاية اشتقت لك"
مالذي كان يشغل فكرها؟ ولم كانت تحلق هذه المرة.. وبأي محطة ستحط؟
لنقترب منها فنرى ما يشغل خلايا تفكيرها..
إنه هو.. نعم هو.. ذلك الحبيب البعيد.. ذلك المحب الذي ابتعد دون أن ترغب بذلك.. إنه القلب الذي تركته بين ضلوعه.. إنه هي وكل ما تحمل من عواطف واحاسيس ونبضات ومشاعر... قابعة بين يديه.. تنتظر رحمة عليها.. لا تدري.. لا تدري أتركها تفلت من يديه برغبته أو كما هي فعلت..رضخت بالواقع المر.. وشربت من كأسه وهو أشبه بدواء مر كريه ولكن مالحل؟ فهو الحل المطروح الوحيد.. هو .. أو هو..
هاهي روز وقلبها يتنقلان من محطة لأخرى بسعادة وضحكات تكان تملأ الأرجاء لعذوبتها وصفائها..يتنقلان بين محطة لقائهما الأول.. بين محطة تسليم قلبها.. بين محطة سعادتهما.. وأخيرا كعادتها روز حين تصل لهذه المرحلة بالذات..تتحطم ابتسامتها وتتلاشى كما تذوب الموجه أمام عظمة الصخر الكائن أمامها..تختفي ضحكتهما وفرحتها حين يتنقلان بين ماتسميها بالمحطات المميته.. بين محطة زفافة..بين محطة تقبيله ليد عروسه.. بين محطة هتافه باسمها..
باسم عروسه.. لا اسمها هي..
كيفلها أن تتحمل؟ كيفلها أن تطيق أن تراه يفعل ما فعل ؟؟
وعادت روز.. عادت من أرض الحلم العذب..إلى بقعتها في الأرض.. في غرفتها..وعلى سريرها.. عادت لترى الواقع.. هاهي كحالها كل مرة.. عبرات تثقل رموشها فتطرحها بغية الراحة من عليها.. غرفة خاوية باردة.. لا أحد بها سواها.. لا.. هنالك غيرها.. معها ذكراها.. الجميلة منها والمؤلمة.. لا لست وحدي.. إنه معي.. إنه ساكن بقلبي..بروحي وتفكيري.. أعلم أنه معي..لست وحدي..لست وحدي..
كانت تصيح روز دون أن تخرج الكلمات من شفتيها..ولكنها كانت كلمات قلب متألم ترجمت كنبضات متسارعة متلاحقة يحس من يسمعها أن صاحبها يوشك أن يشق ضلوعها فيخرج منها..

يتبع...

ابتسامة المستقبل 06-02-2006 10:36 AM

يتــــــــــــبع,,,

وسنتتبـــع....حتى النهــاية..

رائعه يا أم أحمــد...

laptopk2 03-05-2006 03:27 AM

سجلت من اجل قصتك
احببت اسلوبك واحداث قصتك
انتظر التكملة

أطياف الأمل 16-05-2006 09:57 AM

اشتقت لقلمي...لخربشتي على سطوح ورقتي...لنثر ما تبوح به نفسي...أشياء كثيرة حدثت لي...كثيرة كثيرة...أمور لا تتخيلونها ولا أتخيلها أنا حتى... انتظروني..زسأعود قريبا جدا...جدا جدا.. لأروي لكم بعض أحداث حياتي...

محبتكم...
روز

أطياف الأمل 25-05-2006 12:34 PM

"يارب أعنَي"
همسات خرجت من فم فتاة في عمر الزهور تسكن ذاك الحي الفقير... كانت تمسك المكنسة بيد وكتابها بيد أخرى... تكنس وتحفظ...ترفع وتردد أبيات القصيد..وحينما يزيد الحمل تصيح...يا الله,,, يا معين أعني ,,,, يا معين صبَرني ...
وبثوان... تدمر هذا الهدوء وهبت عاصفة قويه...زوبعة مرت فرمت بها على الأرض..أحست بآثارها على خدها فتحسسته...تحس بالألم ولكن..ماذا حدث؟؟
رفعت نظرها وقالت:

أطياف الأمل 10-06-2006 02:50 PM

مأساة فتاة ...

"يارب أعنَي"
همسات خرجت من فم فتاة في عمر الزهور تسكن ذاك الحي الفقير... كانت تمسك المكنسة بيد وكتابها بيد أخرى... تكنس وتحفظ...ترفع وتردد أبيات القصيد..وحينما يزيد الحمل تصيح...يا الله,,, يا معين أعني ,,,, يا معين صبَرني ...
وبثوان... تدمر هذا الهدوء وهبت عاصفة قويه...زوبعة مرت فرمت بها على الأرض..وتقلب صفحات كتابها وارتمت وكذلك المكنسة قذفت بعيدا عنها...أحست بآثار العاصفة على خدها حارة فتحسسته...تحس بالألم ولكن..ماذا حدث؟؟
رفعت نظرها وقالت...لا لم تقل...وكيف تقول أو تنطق بحرف وعينان بركانيتان تحملق بها بعصبية!
- ويحك يا فجر..لم لا ترفعين الهاتف؟
أجابت بكلمات تائهة: أنا..لا أدري.. كنت أنظف!!
أجاب الصوت الغاضب: تنظفين؟ أيتها الكاذبه.. وماذا يفعل هذا هنا؟!
وحمل كتابها وقذفه بوجهها وأردف قائلا: ألم أقل لك ألا تدرسين؟ألم أخبرك أن تنهي كل دراستك بالمدرسه التي لكم أتمنى أن تتركينها..ولكن عمي لا يريدك أن تتركينها! فلماذا تدرسين؟وبأي حق؟
انسابت دمعة حرقة على خدها المصفوع وقالت: لدي امتحان غدا ولا أريد أن أرسب.
- وماهمي أنا؟أرسبي أو موتي..لعلي أرتاح من همك..وإلا اسمعي...سأزوجك لأقرب طالب يدك الذي وكأنه لن يأتي أبدا..سأزوجك إياه ولو كان أسوأ رجل بالعالم!!
تمتم بكلمات سخط وغضب كثيرون وهو خارج من الغرفه..صفع الباب خلفة وخرج تاركا إياها ملقاة على الأرض تبكي وتندب حظها العاثر..تعلم أنها لو ناقشته لو قالت له لا اريد الزواج سينتهي بها أن تلقى الألم والحزن والضرب المميت كما يحدث عادة.. تفحصت جسدها ونظرت إلى الآثار بيدها..بقعة زرقاء تميل إلى الصفرة بل إلى البنفسجي وتلك أختها وغيرها الكثير...هذه من أمس وتلك من الإسبوع الماضي وأخرى من الشهر الفائت..أواه..ذاك أخي ويفعل كل هذا بي..ذاك ما يجول بفكر فجر وهي تلملم شتات نفسها وتجمع بقايا كرامتها التي بددها أخي بكلماته وشتائمه وضربه وتغادر الحجره..اتجهت لغرفتها بسرعة حتى لا يحدث ان تصطدم بأخيها فيحدث أن يضربها أو يشتمها فلكم لا تستحمل أي شيء آخر..جسدها منهد وروحها مثقلة مثخنة بالألم والتعب..
دخلت حجرتها الصغيرة وأغلقت الباب خلفها أوشكت أن تقفل الباب ولكنها تذكرت الصفعة التي حصلت عليها عندما قفلت الباب فأحجمت بسرعة عن ذلك وسارعت أن اندست في فراشها وتقوقعت على نفسها...
لا تدري كم الثواني مرت أو الدقائق ولكنها أفاقت فوجدت شبح أحد يقف بجانبها.. خافت وأسرعت بأن انزوت في زاوية فراشها تشد قبضتها على القراش وهي تحاول أن ترى من بجانبها... نظرت.. إنه أخيها... سألته: خليفه.. مابك؟
أجاب بصوت ثقيل غريب: لا شيء ولكن لأول مرة أجدك جميلة لهذه الدرجه..كيف أغفلت عن جمالك كل هذه المدة؟
عرفت فجر الوضع وعلمت أن مأساة تكاد أن تقع فقامت بعمل حركة جريئة مميته تعلم أنها ستكلفها الكثير ولكنها ستنقذها من خسران الكثير الكثير... نعم.. صفعته!!
وكأن خليفه استعاد رشده وعلم الكيان ككل فصاح بها: ويحك أيها المغفله...
ثم أخذ يضربها ويضربها كما اعتاد أن يفعل ولم تحرك هي ساتكنا...لم تعارض ولم تمتنع فلقد اعتادت على أخذ جرعتها اليوميه من الضرب لذلك لم تقاوم لتأخذ نصيبها ثم يتركها ب سلام..
انتهى من ضربها وسلخ جلدها كما يقول ثم غادر ينفث الغضب من أنفه وهو يصيح: غبية مغفلة...
رفعت فجر نظرها إلى السماء وصاحت:"يارب أعنّي"


يتبع...

laptopk2 06-08-2007 04:26 AM

السلام عليكم
الن تكملي القصة؟

أطياف الأمل 07-08-2007 02:40 AM

صــــدفــــــــــــــه!

كان سعود متوقفا عند إشارة المرور في طريقه الى البيت عائدا من العمل عندما انتبه الى السيارة التي بجانبه.. تذكر أنه يعرف هذا الشخص وقد رآه من قبل وعندما عصر ذاكرته عرف أنه نواف ذلك الشخص الذي دعاهم لحضور زواجه قبل فتره قريبه أشار سعود لنواف بالتوقف وقد أحس أنه من الواجب أن يبارك له الزواج.. توقف نواف على جانب الطريق ولحق به سعود .. عرفه بنفسه وبارك له الزواج واعتذر له عن عدم الحضور شخصيا بسبب بعض الإرتباطات الشخصيه .. ومع الأحاديث المتبادله كأنه حدث إرتياح بين الطرفين وخاصة من جهة سعود لذلك أصر على دعوة نواف الى البيت لتقديم واجب الضيافه .. ورغم محاولات نواف المستميته بأن يعتذر عن تلبية الدعوه إلا أن سعود وكعادته عندما يصر على أمر ما فإنه لا فكاك منه .. أضطر نواف للموافقه وأخبر سعود بأنه سيلحق به خلال نصف ساعه .
.
غادر سعود سابقا نواف الى البيت وهناك دخل مسرعا وهو ينادي روز بأعلى صوته وكانت وقتها غارقة بين دفاترها وهموم المدرسه والطالبات وبين شجنها الخاص وجرح لا زال يرفض أن يموت جرح يتحرك كلما عبرت بها الذكرى الأبواب القديمه
هبت روز مسرعه ملبية نداء أخيها والقلق قد إحتل مساحه شاسعه من تفكيرها المكدود.. فقد أقلقها صوت أخيها المرتفع وأشعرها بأن هناك أمر جلل لذلك هبت مسرعه لتستطلع الأمر .. نزلت للدور الأول حيث ضجيج الصوت ونداءات سعود لا تزال تصدر من هناك وعندما قابلته سألته خائفه سعود ماذا هناك ؟
قرأ سعود الخوف في صوت إخته والمرسوم في عينيها فطمأنها بأنه ليس هناك إلا كل خير وأخبرها بقصة لقائه بنواف وأنه قد دعاه لتقديم واجب الضيافه وأنه قادم خلال أقل من نصف ساعه لذلك ناديتك لإعداد ما يلزم فالوقت ضيق..

وهنا تحرك الجرح القديم وانفتح للألم الف باب في قلب روز ولكنها لملمت بقاياها المنكسره وانصرفت مسرعه محتجه بسرعة إعداد القهوه لكي لا يلحظ سعود الحزن الذي إرتسم على خارطة روحها وهناك وفي المطبخ وبعيدا عن عيني سعود..وضعت روز ابريق القهوه على النار واتكأت بيديها على الفرن و أطلقت العنان لدموع لم تستطع حبسها ورعشة سريعة سرت بجسدها.. أواه يا زمن ماذا تريد أكثر من ذلك حتى توقظ جراحي من جديد وهل غفت الجراح أصلا لتوقظها ألم تسقني كأس الوجع حد الثماله ؟ ألم تكتفي وقد أصبح الحزن رفيق ؟.. أواه منك يا زمن .. وأواه من جراح لا تريد أن تموت.. ورغم الألم واصلت روز إعداد القهوه والحزن يعصف بفؤادها ويبعثرها بقايا إنسانه غدت مرتعا للألم.. سامحك الله يا سعود ..

نفس المشهد يتكرر وبكل تفاصيل الألم فنواف وبعد أن غادره سعود ظل واقفا مكانه وقد ألجم الحزن تفكيره فتوقف عند حدود روز وذلك القلب الذي لازال يحسه ينبض في صدره روز التي أحبها كما لم يحب أحد روز التي كان لا يجد سعادته إلا في اللحظات التي تجمعهما معا .. روز ذلك القلب النقي ذلك القلب الطاهر روز التي معها ارتقى بتفكيره وأحاسيسه إلى الأسمى في كل شئ روز التي كان يغضب إن أساء إليها أي أحد وفي النهايه هو من طعنها ومزق قلبها المسكين بجبنه وخوفه من التمرد على العادات والتقاليد خوفه من دستور القبيله ( لعن الله القبيله يا روز .. لعن الله القبيله )سافر نواف بخياله بعيدا مع ذكريات تستوطن ذاكرته وترفض أن تموت سافر مع حب علمه الحب وبقي يعيش على الأرض ميتا لولا ذكراها كيف سيجرؤ على الدخول إلى بيتها بعد ما فعله ؟ كيف له أن يأتي ليجدد جراحها التي لم تندمل ؟؟ ليقضي الله أمرا كان مفعولا وليسامحك الله يا سعود


دخل نواف مجلس سعود الذي رحب به بكل حفاوه وعندما قدمت له القهوه تلعثم بحزنه كيف لا يفعل وقد كانت القهوه بنكهة دموعها لقد كان خيالها يتراقص له على أطراف الفنجان وقد رآها وقد ذبلت واستوطن الألم عينيها الجميلتين فاختنق بدموعه وأحس بأنه غير قادر على البقاء ورغم قربه منها وما يسببه له ذلك من سعاده إلا أنه أحس ما يسببه ذلك لها من شقاء فهو يعلم أنه لم يعد له الحق بها فهو من تخلى عنها ولم يبقى بينهما إلا ذكرى حزينه تمزقهما في اليوم آلاف المرات
كانت روز قريبه وتسمع الحديث الذي يدور بين أخيها ونواف فتداعت الذكريات في مخيلتها وكل ذكرى ألم وكل ذكرى سيف ينغرس في قلبها فيدميه وليس من حل إلا دموعها التي أصبحت المتنفس الوحيد كلما ضج الحزن بين حناياها الطاهره فلم تلجد له مفرا سوا الإبتعاد قليلا..ولكن..عندما ابتعدت..قادتها خطواتها مجددا..إلى الجرح..الى الألم..الى نبرات نواف..
وهناك..لم يستطع نواف البقاء ودموعه تكاد تفضحه أمام سعود لذلك إستأذن بالإنصراف وتحجج بألف حجه.. بعد أن أصر على سعود بأن يرد له الزياره ولم يكد يبتعد حتى أطلق العنان لدموعه علها تغسل خطاياه وتريحه من ذنب إقترفه في حق أحب الوجود إليه..

حبيبتي حبيبتي روز.. كيف فعلت بك ذلك..؟كيف طعنتك بيدي؟ وها أنا أطعنك من جديد..
هل جرم ياروز أن أصاحب أخاك؟
هل ذنب أن أكون بقربك حتى ولو على بعد عدد من الجدران وفنجان قهوه تبرأ من رائحه القهوه ليعبق بقلبي وروحي وعقلي رائحة دموعك..
آه ياروز..لست فقط اشم دموعك..بل أنا اشم قطرات دمك بيدي وعلى فنجان قهوة اعددته لي..
أحبك يا روز وأقسم أني لا أقصد أن أجرحك بأي طريقة كانت..
أحبك أحبك..

أطياف الأمل 07-08-2007 02:42 AM

بعد أن أصر على سعود بأن يرد له الزياره ولم يكد يبتعد حتى أطلق العنان لدموعه علها تغسل خطاياه وتريحه من ذنب إقترفه في حق أحب الوجود إليه..
حبيبتي حبيبتي روز.. كيف فعلت بك ذلك..؟كيف طعنتك بيدي؟ وها أنا أطعنك من جديد..
هل جرم ياروز أن أصاحب أخاك؟
هل ذنب أن أكون بقربك حتى ولو على بعد عدد من الجدران وفنجان قهوه تبرأ من رائحه القهوه ليعبق بقلبي وروحي وعقلي رائحة دموعك..
آه ياروز..لست فقط اشم دموعك..بل أنا اشم قطرات دمك بيدي وعلى فنجان قهوة اعددته لي..
أحبك يا روز وأقسم أني لا أقصد أن أجرحك بأي طريقة كانت.. أحبك أحبك..
وضع رأسه على مقود سيارته وبكى..

توطدت أواصر الصداقه كثيرا بين سعود ونواف وأصبحوا يلتقون كثيرا وخاصة في بيت نواف الذي كان يصر على أن يكون اللقاء في بيته بحجة أنه متزوج وسعود ما زال عازبا ومن خلال أحد هذه اللقاءات..كتب القدر فصلا جديدا في حياة كل من سعود..نواف..وحتى روز..في ذلك اللقاء.. دخل زياد بيت أخيه زائرا وليبثه حزنه من الحب الجديد الذي ملك عليه روحه ..ولم يكد يدخل المجلس حتى وجد سعود أمامه فصرخ مرحبا وسلم على سعود بكل حراره وهو يستغرب وجود سعود هنا .. ومع الحديث عرف الصداقه التي تجمع بين أخيه وسعود ولكن المفاجأه كانت من نصيب سعود عندما عرف بأن زياد الأخ الشقيق لنواف وأنه يصغره بثلاثة أعوام
حكى زياد وسعود لنواف قصة الحادث الذي صار ليلة زواجه عندما استغرب أنهم يعرفون بعضهم من قبل وهكذا توطدت أواصر الصداقه بين العائلتين وبقدر ما كانت سعادة زياد بهذا التقارب بقدر ما زادت تعاسة نواف وروز فهكذا تقارب سيظل ينكأ الجراح القديمه وسيظل طريقا معبدا للألم إلى قلوبهم المتعبه التي أظناها الفراق وبعثرها البعد على أرصفة الحزن السرمدي

يتبع...

أطياف الأمل 07-08-2007 02:49 AM

" مجنونها "

برداءه الأبيض الناصع والمنديل المعلق على يده جاء بقربنا النادل وقال: مساء الخير أيها الساده.. كيف أخدمكم
رددت بابتسامه: أريد قهوة من فضلك مع كعكة التفاح.. وأنت يا زياد
كان زياد ينظر إلى قائمة الطعام سارحا لا أدري أكان سارحا بالقائمة أم بمن سلبت لبّه
رفعت صوتي قليلا وقلت: زياد.. هيه زياد
انتبه من شروده وقال: نعم نعم ماذا تريد أفزعتني..أنا هنا بجانبك ولست بالطاولة الأخرى..لا تصرخ..
ضحكت وقلت له: أنت ماذا تريد النادل هنا منذ أكثر من ربع ساعه وأنت سارح..ماذا اخترت
- أخترتها من بين نساء العالم أجمع
التفت إلى النادل قائلا حينما ايقنت أن زياد وصل إلى مرحلة لا يحسد عليها لذلك فلن أحصل منه على اجابه : قهوة أخرى من فضلك..
غادرنا النادل فقلت لزياد:ها يا زياد..كلي آذان صاغية..تفضل..

.. ما قصة الحبيبة الغامضة هذه ومنذ متى ابتدأت معك الحاله وكيف أيعقل أنك أحببت بليلة وضحاها
- لا أكذب عليك إن أجبتك بالإيجاب..نعم أحببت بليلة وضحاها..لم أعرفها من قبل وحتى الآن هي لا تعرفني.. ولكني أحبها..مذ أن لفظني سهم رمشها الكحيل وأنا واقع بالحب.. مذ أن لمحت عينيها وكأنهما ليلتين من ليالي آخر الشهر وأنا مغرم بها..نواف لا أدري كيف وصلت إلى هذه الحاله...

... لم اعتقد أني سأحبها.. ولا أني سأغرم بها... كانت بحاجة للمساعده ووالله أني ساعدتها بغرض شريف وقصد شريف لم أرها بعين وقحه أو جريئه ولم يكن في نفسي ذرة خبث او سوء.. ولكن ما أن رأيتها وبكل صدفة حتى أحسست بشيء يتحرك داخلي... أحسست بحركة غريبة في صدري...
قاطعته وقلت: وكأن قلبك تحرك من مكانه وعاد أخرى لوضعه الطبيعي ولكنه غير طبيعي فهو يدق بعنف بعنف بعنف


فتح زياد عينيه وقال: ماذا وكيف عرفت أكنت مع قلبي وقتها أم أني اخبرتك أخفتني منك...هل أنت ساحر
ضحكت ضحكة استغربتها نفسي.. لا اعرف اكانت ضحكة تأييد لما قاله..أم أنها ضحكة سخرية على نفسي.. أجبته:لا ولكني تخيلت
ويحي..أأقول تخيلت أعزي معرفتي بكل تفاصيل الحب الدقيقه بأنها خيال وهم ورسم من صنع أفكاري كم أنا غريب


نظر إلي بتفحص وقال: أتخجل أن تقول أنك تحب دينا.. قلها يارجل انها زوجتك وليس الأمر عيب أو حرام..
نظرت إليه بحده وقلت: نعم أحبها..هل تسمح أن نعود لموضوعك أنت
اعتدل زياد بجلسته وقال بجديه: نعم يا نواف لنعود.. ساعدني
-وكيف أساعدك يا أخي
-أريدها.. بشرع الله وسنة نبية أريدها.. أريدها زوجة لي يا سعود..

- لحظه لحظه لحظه رويدك كيف يحدث كل هذا كيف تتزوجها وانت لا تعرفها حتى كيف نذهب لأهلها وماذا نقول لهم..كيف ستقول لوالدي بل الأدهى والأمر...كيف ستخبر أمك يا دلوعها
- لا أدري يا نواف.. لذلك حضرت لأتحدث معك هنا.. اريد منك حلا.. أرجوك..
- كيف أساعدك وأنا لا اعرف الفتاه حتى ما اسمها لا تقل لي انك لا تعرف اسمها حتى
- لا لا بل اعرفه..وأنت أيضا تعرفه..
نظر إليه وقال:أنا أعرفه؟وكيف لي أن أعرفه؟
- لا تعرف اسمها هي طبعا وإنما تعرف عائلتها..وبدأت ولله الحمد تعرفها جيدا هذه الأيام..
قال بحده والشك بدأ يدب في نفسه:من؟
- اسمها ندي كما هي.. عذب كما عذابة اوراق الزهره النديه.. اسمها شفاف نقي روحاني...
- هي يا روميو اريد اسمها لا وصفا تغزليا عنها
- حسنا حسنأ.. اسمها
اسمها روز...روز سلطان

وكأن الإسم جاء صفعة مدوية على صدغي.. روز اهي روزتي ذاتها روز حبيبتي ومهجة فؤادي روز الذي كان ولازال قلبي ينبض باسمها وبحبها ولأجلها لا أصدق.. لا بد أني أحلم..
- هي نواف مابك ماذا أصابك..هل بك مغص انظر لوجهك..
- لا شيء..لا شيء.. اسمع..سافكر بحل لك ولكن لا بد أن اذهب الآن.. الى اللقاء..
- شكرا يا نواف يا أجمل أخ في الدنيا لك مني ان تم الموضوع أن أجلب لك هدية ضخمه لا تدخل من باب بيتكم

ضحكت بامتعاص وقلت: حسنا الى اللقاء..
خرجت والألم يعصف بقلبي كعاصفة هبت على شواطئ احد الجزر قاسية لا ترحم تدمر كل ما يمر فيها..كذلك حل لقلبي.. رحلت أنا وزياد باق بمكانه يفكر..بحبيبتي روز ..!

" ورحلتي يا روز"


آه يا روزتي الحبيبه.. فقدتك..فقدتك يا حبيبتي للأبد..كنت أردد بينما كنت أقود سيارتي بلا هدف.. لا أدري اين انا متجه.. ولا الى أين سأذهب.. ما اضيق العيش بلا فسحة أمل
نعم.. كان أملي أن اعود إليك.. كيف لا وأنا لا أستطيع أن أعيش بدونك.. كيف لا وانتي روحي واملي وحياتي وعمري... أنت كل ما أملك.. أنتي قلبي.. أنتي انا يا روزتي

آه كان لدي فسحة أمل ولكنها ضاعت..تلاشت في الزحام يا روز.. تلاشت.. فأخي يحبك ماذا أفعل وكيف أتصرف.. لماذا أنت أنت بالذات وكيف حصل هذا
نعم أنت أجمل نساء الدنيا.. نعم أنت أرق نساء الدنيا.. ألطف النساء.. أعذب النساء..أطهر النساء..نعم انت ذلك بل وأكثر...ولكن أيفسر ذلك وقوع أخي بحبك

كيف أتصرف الوضع صعب..صعب جدا جدا.. يالسخرية القدر.. جبنت عندما أصبح الموضوع بيننا جديا ولم أجرؤ أن اخبر والداي أني أريدك زوجة وخليلة وحبيبة ورفيقة تزفينني لبيتنا يوم زفافنا وتزفيني لقبري يوم وفاتي..

لم أجرؤ أن أخبرهم بذلك وهاهو أخي يطلب مني أن أًفاتحهم بالأمر..
ماذا أفعل يا روزتي.. أخبريني يا حبيبتي.. هل أحجم عن مساعدته وأخبره أن الموضوع مستحيل أم أحاول وأحاول حتى لا نفقدك نحن الإثنان بل حتى لا أفقدك أنا مرتين فأعيش بالعذاب طوال عمري

أواه يا قلبي الملكوم..أواه يا قلبي التعس.. كيف أتصرف الآن.. وماذا أفعل..
روزتي..ساعديني..أخبريني ما الحل.. أحبك يا روز.. والله العظيم احبك..أحب همسة حروفك..أحب نبض قلبك.. أحب الأرض التي تطأها قدماك.. فهل سأحتمل أن أراك بحضن آخر..وليس أي آخر..بحضن أخي


لن اساعده..اجل لن أساعده..وهل اساعده بان يقتلع قلبي من بين أضلعي..
وهل أساعده بأن يقطع أوردتي وريدا وريدا لينسكب منه الدم بسرعه حتى يبدأ بالجفاف فيقطر قطرة قطرة..
هل أساعده بأن أدعه يسلب لي روحي
هل أساعده بأن أعطيه روزتي على وسادة مخملية؟
أبدا.. لا يمكن أن أحتمل العذاب هذا.. لا يمكن

لا تحلم بمساعدتي يا زياد الأحمق.. لن أدعك تسلب مني كل شي.. لا وأن أكون أنا الأداة التي تساعدك على ذلك.. اذهب وابحث لك عن امرأة اخرى..لم امراتي لم حبيبتي لم نبضات قلبي

روز لي أنا وإن لم تكن لي لن تكون لك يا زياد.. أبدا.. لن تكون..
هاتف يرن.. أبحث عنه فأجده في جيبي.. انظر.. إنها هي.. دينا وماذا تريدين يا دينا الآن حقا ليس وقتك الآن.. ورميت الهاتف بعيدا

لا أريد أن أكلم أحد الآن.. لا أريد سواها.. روزتي فقط .. فكيف أصل إليها..
لحظات تمر فأجدني هناك..أفاجأ كيف وصلت إلى هنا وماذا أتى بي أهو طيف الحبيب أن وداع لك يا سيدة العشق والقلب؟ أنا عند باب بيتها ويحي.. لابد أن أتحرك..فماذا سأفعل لو رآني احد من اخوتها لا لن أسبب لك مزيد من الإحراج والألم ياروز

اكل هذا يحصل لي بسبب زواجي أواه يا حبيبتي لو تعلمين ما بالقلب أواه.. زواجي رغما عني وارضاء لوالدي.. زواجي خلفه سر كبير لا أقوى أن أبوحه لأي كان حتى لنفسي.. ليتك تعلمين..ليتك تقرأين ما بقلبي وفكري..
ولكن في حين ذلك أخبريني.. هل فقدتك للأبد هل حقا حان الرحيل يا روز
لا..لم يحين بعد.. ولن يحين ..

يتبع ...

أطياف الأمل 07-08-2007 02:50 AM

" حديث فتيات "

من خلف باب الفصل ..أتى صوت الجرس معلناً عن بداية الفسحة وانتهاء الحصة الدراسية .تتراكض الطالبات بتسارع الى المقصف علهن يلحقن على وجبات الافطار عدا ذلك الجسم الهزيل..كومه العظام تلك بقيت متقوقعه على نفسها ولم تتحرك بينما تهافتت الجموع للخارج وكأنهن فراشات حلوات وجدن متنفسا للخروج بعد ان مكثت محبوسة في علبة فترة من الزمن.. كل الفراشات غادرن إلا هي...
ربتت يد على كتفها فنظرت تلك المتقوقعه على نفسها فإذا بها تقول:فجر.. مابك يا صديقتي؟
اغتصبت كومة العظام الابتسامه فقالت:لاشيء يا نجوى لا شيء.
- كيف لا شيء و أنت تحبسين نفسك بالصف ولا تتحدثين مع أحد؟
- قلت لك لا شيء..
قالت قولها وكانت تزيح خصلة سقطت من شعرها على عينها بيدها حتى رأتها نجوى فصاحت وهي تمسك بيدها: فجر..ماهذا؟!
تمتمت بأسى: هذا.. لا شيء؟
أردفت بنفس الصياح: كيف تقولين لا شيء.. انظري لهذه الكدمات!انظري للمزرقات هذه..كل اولئك وتقولين لا شيء؟
- اه يا نجوى..ماذا تريديني ان اقول؟ ماذا أصابني؟ تعرفين ماذا اصابني
- اهو ....؟
صمتت ووضعت يدها مصدومه غير مصدقه حينما أومأت فجر لها برأسها لتعلمها بأن ما ببالها حق وواقع حاصل..إنه هو..
- أجل..هو.. خليفه.
- وماذا حصل؟أخبريني حبيبتي؟
- ماذا احكي لأحكي..
واخذت تسرد ماحصل لصديقتها الصدوق التي كانت تمسح دمعة حزن على صديقتها واخرى دمعة اسى وغضب لما حصل معها..فقالت نجوى بعد ان اتمت فجر حديثها: فجر..لابد أن تخرجي من المنزل بأقرب وقت..
- وأين أذهب يا فجر؟أأذهب لأمي وزوجها اللذان لا يعرفان بالمنزل ومايدور به بل يكرهون وجودي..حتى امي التي حملت بي وولدتني وارضعتني من لبنها وماءها عندما تراني فكأنها ترى ابليس.. وكأن كل ما أريد منها هو المال..تخاف أن أسرق زوجها..ويحها! زوجها هو أبي..بل بمقام أبي فكيف اخطفه منها؟ أم تقترحين أن أذهب لأبي فأمكث معه في المستشفى فلا أغادره أبدا؟ أم عند جدتي التي تعشقني وتعشق اخوتي؟ هه ليتها كانت تحبني بل عالأقل تستلطفني لكنت عالأقل هربت من عذابي لأحضانها.. ولكني يافجر بلا أحضان.. وحيدة كئيبه لا حضن لي ولا دفء.أبحث عن ملجأ فلا ملجأ لي سوى أحضاني..أحضان باردة كفاها العالم من حولها برودة وعذاب..
ضمتها نجوى إليها وقالت:وأين ذهبنا نحن يا فجر؟ أليس أبي بمقام عمك؟ لم لا تطلبين مساعدته فينصح اخاك ليكف أذاه عنك .. أو مارأيك بأن تنتقلي للسكنى معنا؟
فتحت فجر عيناها ذهولا ورددت ماقالته نجوى:أسكن معكم؟
-أجل وما المانع؟
سرحت فجر بابتسامه شاحبة وهي تقلب الفكره برأسها وتتخيل حلو العيش الرغد مع نجوى ولكنها سرعان ما طردت الفكره من رأسها بأن هزت رأسها نافية بقوة فقالت: لا يا نجوى مستحيل..
- ولماذا مستحيل؟
- أشعر بالخوف ..
- تخافين؟ولم الخوف؟
- أخشى من خليفة يا نجوى.. أتدرين لو علم بأني فكرت بهذا سيقتلني..والله انه لفاعل .. فكيف تريدين أن أخبره بنفسي؟
- ولم تخبريه أنت؟دعي أبي يتولى الموضوع!
صاحت فجر بقوة:لا..عمي لا يمكن!
- ولماذا؟
- لأن خليفه سيعلم وقتها أنني أنا التي طلبت منه وأخبرته..وبالتأكيد سيسأل عمي عن سبب رغبتي بالإنتقال لديكم..فماذا سأقول؟وكيف سأبرر؟
قالت نجوى بحده: ولم التبرير ؟ قولي له الحقيقه.. وبالتأكيد لن يتركك لحظه واحده معه..
ضربت بكفها على صدرها وقالت: أقول ما حصل لعمي؟ أفشي سر أخي لعمي الذي يراه من أفضل الشباب؟ لا يمكن.. أموت في عذاب أخي ولا أتنعم في ظل عمي وأنا أرى صورة أخي باتت كالهشيم أمام عينيه..
خيّم الصمت لبرهه ثم استطردت فجر , نجوى أتعلمين..بقدر ما يحمل خليفه من سوء ,فهو أخي .نتشاطر الدم واللحم معاً. لا أحتمل تشويه لحمي وعرضه أمام الغير حتى ولو كان لعمي؟
كيف أنعم بالنوم وكنت السبب في غضب عمي أو جرح مشاعره؟ لا أستطيع..فأنا أفضل أن أعيش هكذا على أن آتي لأعيش معكم.. اسمحي لي يا نجوى..اقسم لك بأنني أتمنى أن أسكن معكم..ولكن أفضل أن أحفظ شرفي وسمعة أخي لعلي أستطيع أن أعالجه على مر الزمن.فمن يعرف..ربما يهتدي أخي بأن يستجيب الله تعالى لدعائي المستمر له بالهداية والصلاح..
ردت نجوى عليها ببلاهه: كم أنت غبيه بمثاليه..!!
دق الجرس معلنا انتهاء فرصة الطالبات من الهروب من الحصة والدرس والمعلمه معلنا بدء الصراع النفسي للطالبة بأن تثبت على مقعدها وتسمر عقلها وعينها وفكرها للوح أبيض وقلم متحرك ولسان يتكلم..

يتبع ...

أطياف الأمل 07-08-2007 02:52 AM

برودة الثلج!

وحشة تطقطق عظام جسدي.. وبرودة تكاد أن تقتلع قدماي.. رجفة تسري بأوصالي.. وبالعين تنتحب الدموع وتحترق ..
أضم يدي إلى صدري خائفه وريح الذكرى تعصف بي ..تدمر حصوني الباقيه فأخر أمامها صريعه بلا حراك أبكي..أبكي سعادة الذكرى وحزن الذكرى..
أواه يا نواف قلبي.. كيف حالك.. وما هي أخبارك ؟
اشتقت إليك..أتوق الى الحديث معك.. أشتاق الى ملامح وجهك.. ضحكاتك وانت تحادثني..
احساس بان يديك تلامس يداي ,يكاد يفطر قلبي.. أقسم أن جسمي يقشر لمجرد أن أتذكرك..
أواه يا نواف قلبي أواه.. عطرك يستحوذ المكان.. أرى طيفك هاهنا حولي..يضمني ..ويداعب خصلات شعري.. وتلمع ابتسامتك في ظلام ايامي..
دقّات قلبي تتزايد يا نواف مع ذكراك .. أشعر بقربك.. لا أدري ولكني أحس أن الظروف ستجمعنا معا..
تزوجت..؟ أعلم أنك تزوجت.. وأعلم أنك تنام في أحضان الأخرى وتنعم هي بدفئك..هي تقبل يديها وأنا تسكن يدي بروده الثلج..هي تلفظ اسمها وانا تتوه الحروف على شفتي.. هي تنام بقربك..بين احضانك..وانا فراشي خاوي لا يحوي سوى كومة عظامي وذكراي ألتحف بها وأحمي بها نفسي من برودة ليالي وأحلامي..
نواف.. هل فعلا سنلتقي.. ؟ وكيف سنلتقي؟ هل ستذكرني حين نلتقي؟ على الأرجح لديك طفلا الآن..فهل أنساك طفلك روز؟
هل نسيتني يا نواف؟؟ اعلم انك ربما تذكرتني عندما زرتنا بذلك اليوم..ولكنك لم تعد مرة اخرى..فأكيد أنك ابتعدت أبعد ما يمكن عن أحد يعرفنا..اشتريت راحة بالك وكيف لا تفعل يا حبيبي وبيديك ان تفعل..فقط اعلمني كيف اشتري انا راحتي؟؟
- تفضل !
صحوت من شرودي على طرق متواصل للباب..
فتح الباب فرأيت ابتسامة سعود تطل علي من وراءه..
- روز هل أدخل ؟
سأل سعود فأجبته متداركة ارتباكي وتوتري..نعم نعم يا أخي..تفضل..
دخل سعود وأغلق الباب خلفه..تقدم حتى جلس بقربي على السرير ..طال صمته وطال صمتي فقطعت حالة الصمت الحاصله فقلت:سعود تفضل..هات ما عندك..
ضحك فقال: ماعندي هو كل الخير..
وسكت أخرى.. اشرت بيدي أن تكلم.. نظر إلي بعيني مباشرة فأرعبتني نظرتة ليس لأنها حادة بل لأني شعرت وبكل قوة أن ماسيقوله سيعذبني ..
قال:روز .. انت تعلمين اني أحبك..وأنك كل ما تبقى لنا انا وفهد من والدينا..أنت أختنا ونور حياتنا..
- أجل يا سعود أعرف ولكن لم تقول هذا الكلام؟ أنا أعرفه جيدا ولا أحتاج أن تقوله لي حتى!
- روز .. أختي.. أتعرفين نواف صاحبي؟
دق قلبي بعنف حين سألت:أي نواف ياسعود؟
- نواف عبدالرحمن صاحبي..أخو صاحبتك ..الذي حضرتي عرسه !
أحسست وكأن عصافير تتراقص في عقلي وأسود تتعارك في صدري.. قلت متلعثمه: لا أعرفه شخصيا ولكني عرفت من تقصد.. مابه نواف؟
هلعت..خفت أن يخبرني أن مكروه أصابه.. كيف يعرف عنه؟هل حقا لازال صاحبه من بعد آخر زيارة لنا؟ كيف؟ولم لم يحدثني عنه من قبل..
كان سعود يتحدث وأنا شارده فقال:روز..انا اتحدث..
-أجل أجل تفضل أناآسفه.
عدل جلسته وقال: روز.. نواف اتصل بي منذ قليل وطلب يدك مني..
قفزت من مكاني وقلت:نواف؟ نواف ذاته؟ ولكنه متزوج..سعود لا يمكن.
لا أدري أي شعور متضارب سكنني وقتها ولكن نفحة من السعادة ضربت قلبي ولاأدري لماذا..ربما لأنها خطوة انتظرت حدوثها من زمن بعيد..ولكن كانت فكرة أنه متزوج تنحر هذه السعادة وتمزق وجهها وأثوابها فتجعلها مشووهه كريهة بلا معالم..
ضحك واردف:روز!هداك الله..وهل سأوافق أنا أن تتزوجي من رجل متزوج؟بالطبع لا..نواف طلب يدك لأخيه زياد..وليس له أيتها الفهيمه..
وهنا..وبعد أن أتم سعود جملته..قتلت سعادتي..اقتلع قلبي من بين أضلعي وذل أمام ناظري..طعن بسكاكين حادة ومزقت أوصاله وريدا وريدا..
رفعت ببصري إليه وقد جمدت الدموع بعيني..بل قلبي الفتي هو الذي جمد لدرجة أن الجليد بحد ذاته بقربة ماء سائل..
قلت:ما رأيك ياسعود؟
قال:بصراحه زياد شاب ممتاز وأتمناه لك بصراحه.. ونواف وأهله أنت أعلم بهم مني.. فأنا أقول لنتوكل على الله..والقرار في الأول والأخير لك..هذه حياتك وأنتي قرري مصيرك بيديك..لن أضغط عليك أبدا..القرار قرارك..ولكن فكري بعقلك.. وربي يهديك للصواب..
ابتعلت ريقي وقلت:سعود دعني أفكر..
أومأ برأسه وأردف:بالطبع.. فكري براحتك ولكن لا تطيلي التفكير..انتظر ردك بعد اسبوع..عالأقل رأي مبدأي حتى لا نعلق الناس ونحن لا نريدهم..صحيح؟
اغتصبت ابتسامة ثم أخفضت رأسي سريعا حتى لا يلحظ أخي ما اعتراني.. وآه مما اعتراني..
- سأتركك الآن يا روز وانتظر ردك..
- حسنا يا سعود..
نهض سعود واستدار نحو الباب.. وبقيت أنا مسمرة في مكاني.. لا أعلم أين الحقيقة من الخيال في الموضوع! أحقا يا نواف؟ تطلب يدي؟ ولمن؟ لأخيك ؟
لم أفكر بالموضوع ولو لحظه..بل كل ما فعلته أني اكتفيت بأني رفعت غطاء الفراش..اندسست بداخله..والتحفت به بقوه..ونمت..


يتبع ...

أطياف الأمل 07-08-2007 02:54 AM

مفاجأة ..


إسبوع كامل مضى وكانت تتحاشى نظراتي.. تتحاشى أن تنظر إلي بعيني..أن تتكلم معي.. لا أدري أتخاف أن أسألها عن الموضوع.. أم تخاف أن أضغط عليها؟ هي أكثر من يعلم أني لا يمكن أن أفعل ذلك..
لحظات كثيرة إلتقيتها في الممر أو في المطبخ أو بأي مكان ولكنها كانت تعتذر سريعا وتهرب.. أجل تهرب.. هل هي لا تريده وتخاف أن تقول لي؟ تخاف أن أجبرها؟ هي أكثر من يعلم أني لا يمكن أن أجبرها على شيء..ولا أي شيء.. فكيف على الزواج...
- ألو..ألسلام عليكم..
- وعليك السلام يا سعود..أهلا بك..
- كيف حالك يا صالح؟
- الحمدلله بأفضل حال..وأنت كيف حالك؟
- الحمدلله رب العالمين..
- واخوك كيف حاله؟منذ زمن لم نره هنا..
- أنت تعلم جيدا يا صالح ظروف عمله..مسكين الله يكون بعونه..
- آمين يارب.
- صالح..ماذا حصل بموضوعنا؟ هل سألت عن الموضوع؟
- بالطبع يا سعود..روز أختي وبالتأكيد سأسأل وأتحرى بكل دقة..سألت عنه بالحي.. قالوا أفضل ما قد يقال..سألت أصحابه بالعمل..رئيسه..مدحه لي وقال انه منتظم في عمله..حسن الخلق والسيره بالعمل..منضبط ومن أفضل العاملين لديه.بقي أمر واحد أن تسأل عنه يا سعود بمسجد الحي..ليطمئن قلبك من كل النواحي..
- فعلت ذلك..والحمدلله طمئنني الشيخ إمام الجامع وأثلج صدري..
- الحمدلله..إذن لم يتبقى سوى رد روز..وفقها الله يارب..
- أجل.. إن كان من نصيبها..
- وهل تعتقد أن روز لن توافق؟
- لا أدري يا صالح .. ولكن وجهها لا يوحي بالموافقه..
- دع كل شيء لرب العالمين ولكن لا تنسى أن تذكرها بأن من جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.. وأن ليس كل يوم يأتي الفتاة نصيبا جيدا مثل زياد
- صح..كلامك صحيح.. أستأذنك الآن يا صالح.. يجب أن أذهب..
- حسنا يا نواف.. دعنا نراك اليوم في المقهى.. أم تخاف من الهزيمه؟
ضحكت وقلت: منذ شهر ولم يفز أحد منكم علي بالطاوله.. أي هزيمة تتحدث عنها؟ لا بإذن الله سآتي اليوم لأني أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها..
ضحك هو بدوره..ودعني وأغلق الخط..
أغلق هو الخط وسرحت أنا بفكري أفكر بتلك الصغيرة الغامضة التي لا أعرف كيف تفكر خلال هذا الأسبوع!
فأخذني فكري إلى أربعة أيام مضت.. طرقنا باب غرفة روز فلم تجب.. فتحنا الباب فوجدتها..
خالتي ونورة عند روز ... روز تبكي ونورة تهداها وأمي تخاصمها فتقول: عيب عليك ما تقولين.. أنت لم تري من الشاب أي شيء..فلم تردينه وبدون أي سبب..ألا تخافين من الله؟ شاب حسن الخلق والدين والمظهر أيضا لا يعيبه شيء.. حتى المال فليس بعائق أبدا وأنتي بنفسك تعرفين وضعهم الإجتماعي بحكم معرفة أخيك بهم.. فلم لا تريدينه؟
روز من بين دموعها: أمي.. حرام عليكم.. أنا لا أريد أن أتزوج..فلم تريدون أن تغصبوني؟ لا أريد لا أريد..
نورة أمسكت على يدها وحاولت مازحه أن تلطف الجو فقالت: روز..عزيزتي لا تبكي ولكن قولي الله أأجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها..
لمعت ابتسامة روز خلال وجهها السابح بالدموع فالتفتت خالتي إلى نورة ورمقتها بتلك النظرة الحارقة ومن ثم صبت جام غضبها عليها.. فتمتمت نورة معتذره وقالت:كنت أحاول أن أساعد ليس إلا..
أردفت روز: ولكن يا أمي ظروفهم مغايرة عنا..حياتهم كلها مختلفه..لا أستطيع أن أعيش بينهم... أقسم أني لا أستطيع.. ومن ثم فأنا لا أحبه.. لا أستطيع أن أتخيل حياتي معه..أمي أنا أكرهه.. أمقته يا أمي وليس فقط أكرهه.. لا أريد أن أرى وجهه فكيف أتزوجه.. أرجوكي يا أمي..
صرخت خالتي هدى عليها وقالت: روز..كفى عن تصرفات الاطفال هذه..كيف تكرهينه وأنتي لا تعرفينه حتى؟ لم تريه سوى مرة واحدة يوم الحادث ولم ترينه جيدا..فكيف تحكمين عليه؟ ويحك عيب عليك.. هل تضمنين أن يأتيك نصيبك مرة أخرى؟؟
صرخت روز وقالت: ولماذا لا يأتيني نصيبي؟مم أشكو وما عيبي؟ومالذي ينقصني يا أمي؟؟ لا تقولي كذلك بإن الله سيأتيني نصيبي وأفضل من زياد هذا!
ضحكت خالتي بخفة وقالت محاولة ابتلاع ضحكتها:لم أقصد ذلك ولكن فعلا يا ابنتي هل تضمنين أن يأتيك نصيبا جيدا مثل زياد؟ فكري بعقلك وليس بعواطفك وقلبك..
اخفضت روز رأسها وأكملت بكائها وفي عينها حدة رفض عجيبة شعرت بها خالتي هدى فأردفت غاضبة: اسمعيني جيدا ياروز .. إن كان سبب رفضك لزياد عملك أو المدرسه..فاعلمي أني لا أريدك أن تعملي سواء تزوجتي زياد أم لا.. أفهمتي؟؟
خرجت خالتي من الغرفة وصفعت الباب خلفها..بينما ألقت روز بنفسها في أحضان نورة وقالت بصوت باكي:نورة..يريد أن يسلبني كل شيء.. ألا يكفيه أنه عذبني هو وأخوه بما يكفي وسلبني كل مشاعري؟ فجعل قلبي خاويا بدون أي نبضة مشاعر؟ ألا يكفيه أنه مرغ كرامتي بالتراب حين خطبني أخوه له؟ ماذا يريد أكثر؟؟يريد أن يفسد حياتي؟ يدمر مستقبلي؟ نورة أرجوك ساعديني.. لا أستطيع أن أحتمل أكثر..أرجوك أرجوك..
ضمتها نورة بقوة وقالت باكية:سأحاول بقدر ما استطيع يا روز..أعدك.. ولكن فكري جيدا يا روز..فعلا نواف تركك وتزوج أخرى..ولكن زياد اشتراك.. ودفع ثمنا غاليا لأجلك..ففكري جيدا.. أيستحق أن تعطيه ظهرك كما فعل نواف لك؟
نظرت نورة بعينيها وقالت: روز..فكري جيدا.. وردي علينا قبل أن أتوسط عند أي أحد بعد اسبوع.. وأعدك أن احدا لن يفتح معك الموضوع أبدا أبدا.. حتى تردي علينا ولكي كامل حرية التفكير والرفض.. ولن يناقشك أحد وخذيه مني عهد..
ضمتها نورة وخرجت..وبقيت أنا وفكري أنظر إليها بحرقة وألم..أريد أن أضمها أمسح دموعها.. رغم اني أريد أن أصفعها علها تفكر بطريقة سليمة..إلا أنه صعب علي وعلى خالتي أو فهد أو أي مخلوق على وجة الكرة الأرضيه أن يفهم كيف تفكر روز بهذه اللحظة ولا ماتمر به.. فأصعب ماقد يمر به انسان هو طعنة موجهه للقلب مباشرة من حبيب القلب .
أحسست بطرقات على كتفي فالتفت فإذا بفكري يخبرني أنه حان الوقت لنعود لليوم..تنهدت بعمق وسرت معه مبتعدا حتى عدت لمكاني حيث أنا..
طبعا لم أذكر شيئا مما رأيته مع فكري سوا تلك الغصه التي بقلبي.. فلم أعلم سببها.. أو علاجها..فاكتفيت بأن القيت بجسدي على الكرسي ونمت..
فتحت عيناي فأبصرت بتشويش هيئة جالسة أمامي.. أغمضت عيني وفركتها بقوه ونظرت أخرى فرأيت روز..جالسة أمامي.. وجهها غريب..ليس بحزين ولاهو بسعيد..وجهها وبكل بساطة ..بلا مشاعر..
عدلت من جلستي فقالت باسمة:صباح الخير..
نظرت إلى ساعتي وقلت بتعجب:يالله تأخرت كثيرا.. لماذا لم تصحيني يا روز؟
- لا أدري ولكني رأيتك هادئا ولم أشأ أن أعكر صفو هدوئك ومسالمتك مع نفسك..
ضحكت روز فنظرت إليها بعمق لأني أحسست أنها تريد أن تقول شيئا.. نظرت إليها فأخفضت رأسها.. عرفت أنها سترد علي الآن.. بشأن موضوع زياد!
سألتها: روز..حبيبتي تكلمي.. وأي ما كان ردك فأنا موافق عليه.. ولن أناقشك فيه..
رفعت بصرها بسرعه تنظر إلي وكأنها تسألني كيف عرفت.. ولكنها عادت فأخفضت رأسها أخرى..
رفعت ذقنها بيدي وقلت:هيا يا روز..تكلمي حبيبتي..
نظرت إلي وقد اصطبغت وجنتاها بالحمره.. وانفرجت اساريرها وبالتالي اساريري أنا.. وكأني أرى بعينها ما يسرني.. ابتسمت إليها لأشجعها على الحديث..فقالت:"اللي تشوفه" ..
ضحكت وقلت: وماذا يعني ذلك؟
قالت بخجل:سعود..أرجوك..
- لن أتركك حتى تقوليها بلسانك.
همست بخجل وبصوت لا تسمعه اذناها:أنا موافقه..
ضحكت وقلت:لا أسمع..ارفعي صوتك من فضلك...
ابتلعت ريقها وقالت:أنا موافقه..
ضممتها إلي وقلت:ألف مبروك يا حبيبتي..
نظرت إلي وعادت اللامشاعر إلى وجهها.. ولكني ابتسمت وضممتها أخرى..فالآن تطمنت على أختي..

يتبع ...

أطياف الأمل 07-08-2007 02:55 AM

أول الغيث......... قطرة !

دق هاتفه المحمول..نظر إليه..يالله..ارتعب خوفا..ولكنه تمالك نفسه فأجاب بابتسامة مصطنعه:السلام عليكم..يا مرحبا..
- وعليك السلام ورحمة الله يا نواف.. كيف حالك؟
- بخير ولله الحمد.. أنت كيف حالك؟
- الحمدلله رب العالمين بأفضل حال..
بدأ الطرفين يتجاذبون أطراف الحديث وفي كل مرة ينتقلون لموضوع مغاير يدق قلب نواف..لأنه في كل لحظة كان يخاف من تلك اللحظة حتى حانت حين قال نواف:
- سعود .. ماذا حصل بموضوعنا؟
- وهذا سبب اتصالي يا نواف..
دق قلب نواف بعنف فقال:بشر يا أخي.. طمني ماذا حصل؟
- ننتظر زيارتكم عندنا بالبيت يوم الخميس المقبل..
أحس نواف وكأن سماعة الهاتف ستسقط من بين يديه وأن الأرض حتى تهوي من تحته..ففي تلك اللحظة ذاب جسده.. وكأن خلاياه تحللت.. خلية خلية.. فبات كالتراب أو الهشيم.. مرت رياح عاصفة عليه وبعثرته في كل مكان..
نعم.. روز وافقت!
تدارك الموقف بسرعه وقال:ألف مبروك علينا وعليكم.. بإذن الله سنحضر..
- حياكم الله..البيت بيتكم..
- جزاك الله خير يا سعود..
- إلى اللقاء الآن يا نواف..وموعدنا يوم الخميس..
- بإذن الله تعالى..نراكم الخميس.. وسأذهب لأفرح العريس...
سعود ضاحكا:حسنا.. إلى اللقاء...
- إلى اللقاء..
نواف يتحدث..
وانتهت المكالمه..وكأني قلبي انتهت صلاحيته معها.. يا الله.. روز وافقت؟
وبالطبع لم يكن هناك وقت أو متسع لإظهار المشاعر أو إطلاق العنان لها فدينا كانت بالجوار..وما أن أنتهيت مكالمتي حتى وجدتها بقربي.. وكأن حتى لحظة صمت على قلبي الراحل محرمة علي!
جائتني بابتسسامة حلوة رسمتها على شفتيها وسألتني:خير يا نواف.. من المتصل؟
أجبتها بابتسامة عكس ابتسامتها الحقيقية وقلت:هذا يا دينا أهل الفتاة التي قمت بخطبتها لزياد..
أجابت فرحة:ها.. وماذا حصل؟
نظرت إليها بعمق وقلت:وافقت!
قفزت من مكانها إلي وضمتني فرحة..ومن يعرف الموضوع يقول أنها فرحة لأنها تخلصت من شريكتها بقلبي..ولكنها كانت فرحة لأخي زياد..وأنا.. دعوني أنا الآن..
- هيا يا نواف اتصل على أخيك بسرعة.. قالت دينا بحماس بالغ.
- حسنا سأفعل ولكن ليس الآن..
- نواف حرام عليك..اتصل عليه الآن وفرح الجميع..
بحنق:يالله..حسنا..
اخذت محمولي واتصلت على زياد..تتالت صيحات الهاتف ولم يجب..فتنفست الصعداء لأني لن أكون أنا من يزف له الخبر..ربما أكون ولكن المهم ليس الآن.. وما أن هممت أن أغلق الخط حتى جائني صوته بتثاقل:ألو..
أغمضت عيني بقوة وقلت:زياد! أنت نائم؟
غاضبا أجاب:وماذا تسمع أنت؟ وما رأيك مثلا؟أكيد نائم.. ماذا تريد؟ هيا تكلم بسرعة قبل أن يرحل النوم من عيني وقتها سأقتلك!
- زياد.. يوم الخميس سنذهب لبيت أهل روز لخطبتها رسميا..
صاح زياد:ماذا؟ ماذا تقول أنت ..هيي نواف!
- ماذا مابك؟لم تصيح؟
- نواف أي زواج وأي بيت وأي خطبه؟كيف تم كل هذا؟ ومن وراء ظهري؟ لا أكاد أصدق.. وأمي..كيف أقنعت أمي..لأني أعلم أبي لا يمكن أن يقتنع لو لم تقتنع أمي..كيف فعلت هذا؟
- لا دخل لك يا زياد كيف تم هذا..المهم..أن الفتاة وافقت..
صرخ زياد وقفز وهو يقول:"بذمتك يا نواف؟"
-أجل.. وهل هذا موضوع يستحمل المزاح؟
يالله.. روز لي؟ روز وافقت علي؟؟ ياه كم أنا محظوظ!
بنفسي قلت..أجل كم أنت محظوظ أيها الأحمق..
استطرد زياد قائلا:نواف.. هل تتكلم بجد؟والله أكاد لا أصدق..
- صدق يا زياد.. وهيا..استعد من اليوم ليوم اخلميس..أعلم ماذا ستفعل ذاك اليوم..ثوبي..شماغي.. ساعتي..جهز كل أغراضك..لا نريد أن تحرجنا مع الجماعه..
- بأمرك يا أحسن أخ بالدنيا.. بأمرك يابو عبدالرحمن..
- حسنا إلى اللقاء الآن..
- إلى اللقاء..
انتهت المكالمه على موعدنا يوم الخميس.. وآه منك يا يوم الخميس..
وفي الطرف الآخر من المدينه..كانت روز بحجرتها.. بعد أن أعطت نفسها تذكرة سفر إلى مكان آخر..لتجربة إحساس آخر..مع شخص آخر..فياترى..كيف سيكون الوضع؟
كانت روز تردد في نفسها بينما كانت تجمع كل ما يذكرها بنواف..من قصص وكتب ورسائل قد طبعتها وكثير منا لأمور وهي تقول:
يا سنين عمري..كفاية حزن يا سنيني.. خلاص راح الذي يستاهل أحزانك..لمي جروحك..وكفي الدمع يا عيني.. ردي لزهرة حياتي.. باقي ألوانك..
يا سنين عمري.. آه يا سنين عمري..كفاية حزن يا سنيني..
ومن تلك اللحظه..أقسمت روز أن تتغير..أن تتمالك شتات نفسها فتتغير..وماذا يعني نواف؟هو مضى بحياته وتزوج..فلم لا أتزوج أنا من شاب قاتل لأجلي واختارني أنا من بين كل العالم..حتى ولو كان أخوه..فماذا يعني.. حان الوقت لآرى حياتي وأمضي قدما.. فإلام أبقى على ذكراه وقد مضى هو أشواطا على ذكراي؟
لم أعلق حياتي وأجعلها مرهونة تحت إشارة من اصبعته وهو..حياته وقلبه وروحه تحت رهن اشارتها هي..
سأمضي قدما بهذا الموضوع وبإذن الله..بإذن الله.. سيرزقنا الله بعد صبري خير جزاء..وبإذن الله لن يجيب رجائي..
- ألو .. السلام عليكم..
- وعليكم السلام ورحمة الله..كيف حالك يا أمي؟
- بأفضل وأروح حال يا ابنتي..ألف ألف مبروك.. من كل أعماق قلبي فرحت لك.. أجل الآن أنتي ابنتي روز العاقله.. بارك الله فيك يا صغيرتي ورزقك أفضل حياة تتخيلينها..
- آمين يا أمي..
- كيف هو شعورك يا ابنتي؟
- لا أردي أمي..أحس أني فرحة..وأيضا خائفة.. لا أدري من ماذا أنا خائفه ولكن شعور غريب بالخوف يسيطر علي..
ضحكت أمي وقالت:هذا أمر طبيعي..وإن لم تخافي فأنت لست طبيعيه.. صغيرتي من الطبيعي أن تخاف الفتاة عندما يصبح موضوع خطبتها جديا لأنها وخلال الفترة القادمه ستكتشف أمورا كثيرة وستخوض تجارب عديدة.. وكل شيء قد يكون جديد في الحياة الجديده..ولكن يا روز..ألفتاة العاقله تعرف كيف تدبر أمورها وتتكيف بالوضع الجديد الذي وجدت فيه..وتتأقلم مع حياتها بحلوها ومرها..
- إن شاء الله يا أمي..
- متى سيأتون يا صغيرتي؟
- الخميس على ما اعتقد...
- حسنا..الخميس من الصباح أنا ونورة سنكون عندكم.. لنساعد فيما قد تحتاجونه ونكون بجانبك يا حبيبتي..
- حسنا..كما ترين..
- اعتني بنفسك ياروز..وتالي اليوم عندنا لنحتفل بك قليلا..
ضحكت وقلت بخجل:أمي..
أردفت أمي: ألا تريديني أن أفرح بخطوبة ابنتي دلوعتي؟
- بلى..
- إذا..دعيني أفعل ما شئت..حسنا؟
ضاحكة قلت:بأمرك يا أمي.. اليوم أكون عندكم..
- إلى اللقاء ياروز..
- إلى اللقاء أمي..
ضممت هاتفي ورميت نفسي بكل نشوة على السرير.. أحسست بارتياح لذيذ.. وشعور جميل.. أحسست بشيء يسري في عروقي بدأ من قلبي حين شعرت بنبضه ثم احسست به في كل أطرافي.. فقفزت بسرعة أنظر لنفسي في المرآه.. يا الله..عاد لوني..عادت نظارتي.. سبحان الله.. فقط من اجل خبر واحد سعيد؟
ابتسمت لنفسي في المرآة وألقيت لها بقبلة ثم ركضت إلى سريري فارتميت أخرى ونظرت إلى السماء وقلت بصوت خافت وأنا أعني كل حرف أنطقه:الحمدلله يارب..


يتبع...


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.