لماذا لايطرد الجنين من بطن أمة
 

لماذا لا يطرد الحمل من بطن الأم ؟
بواسطة في Wednesday, January 05

لماذا لا يطرد الحمل من بطن الأم ؟

تكلف الله سبحانه وتعالى بالإنسان منذ آستقراره في بطن أمه وحتى وفاته , ويعتبرعدم طرد الحميل من بطن الأم من بين الظواهر التي تبرهن على قدرة هذا الخالق وإعجازه . فالجنين يشترك في تكوينه الأب والأم لكن تحمله الأم لوحدها ، فلماذا لا يطرده جهازها المناعي ما دام يحتوي على عناصرأبوية غريبة عن جسمها؟

هذا السؤال حير العلماء منذ القدم , لكنهم لحد الآن لم يجدوا إجابة شافية ومقنعة , رغم التجارب التي أجريت في هذا الحقل ، والتي أبانت عن نتائج محمسة ومشجعة .

التميز المناعي :

يطرد الجسم عادة الأجسام الغريبة عنه , إذ توجد على مساحة الخلايا عناصر تميزها مناعيا تدعى HLA( human leucocyte antigen) وتتحكم في قوانين زرع الأعضاء , و يحتوي كل شخص على صيغة معينة من HLAخاصة به ، فكل إنسان مستقل مناعيا عن الآخرين , ولذلك فإن الجسم يتعرف على الخلايا الغريبة عنه ويطردها جهازه المناعي ,لأنها تحتوي على صيغة HLA تختلف عن الصيغة التي تحملها خلاياه . لكن لماذا يخرج الحميل عن هذه القاعدة رغم آحتوائه على خلايا تحمل HLA الأب ؟.

تجارب وآستنتاجات :

لقد تجندت عدة مختبرات للبحث والتمكن من الإجابة عن هذا السؤال بالإعتماد على التجارب المخبرية والتحليلات العلمية , ونذكر فيما يلي بعض النتائج :
- يرى Nathalie ROUAS-FREISSو Pascale PAUL أن آحتفاظ الأم بالحميل يرجع إلى جزيئة HLA-G الموجودة على سطح خلايا تسمى trophoblaste توجد بين الأم والحميل .












فعادة ما تتحرك الكريات البيضاء cytotoxique (Tc) lymphocytes T وكذلك الخلايا المسماة بالقاتلة الطبيعية ( NK) natural killer بآتجاه الأجسام الغريبة , لكنهما لن تمسا الحميل بسوء لأن جزيئات HLA-G تمنعهما من تحطيم خلاياه. وقد تأكد ذلك تجريبيا بالنسبة لخلايا NK ، عندما أضيفت خلايا trophoblasteلحميل إلى خلايا NK لأمه في تجربة ثم إلى خلايا NK لأم أجنبية في تجربة أخرى , وكانت النتيجة أن الخلايا NK لم تهاجم الخلايا الحميلية في التجربتين . وعليه ، فإننا نستنتج أن جزيئات HLA-G ومستقبلاتها KIR (Killing inhibitory receptor) الموجودة على سطح الخلايا NK لاتتغير مع تغير الأم أو الحميل ، وأن خلايا NK لا تستطيع قتل خلايا الحميل التي تتوفر على HLA-G .
- تمكن مؤخرا philippe le bouteillerوزملاؤه من مستشفى purpan بتولوزمن آكتشاف طريقة عمل جزيئات HLA-G ، فأثناء الحمل تفرز جهة المشيمة ( عضو يمكن الأم من تغذية الحميل وحمايته ) الموالية لدم الأم بروتين HLA-G الذي ينتشر في الأوعية الدموية للأم ويمنع الخلايا المناعية للأم من الإقتراب من الحميل . ويقول philippe le bouteiller : " إن جزيئة HLA-G تتسبب في آنتحار الكريات البيضاء Tc ، حيث إنها تتثبت على هذه الكريات التي تمر قرب الحميل وترغمها على إنتاج جزيئة مميتة على محيطها تسمى fas ligand " .
ولتأكيد هذه النتائج تجريبيا تم عزل الخلايا المشيمية وآستخلص منها بروتين HLA-G لمعرفة طريقة عمله ثم أضيف إلى الكريات البيضاء Tc فكانت النتيجة هي موت هذه الكريات .
- لاحظت مجموعة olavio bricordi من جامعة ferrare بإيطاليا في فبراير 2002 أن الأجنة المحصل عليها بالإخصاب الإصطناعي المخبري والتي لاتتوفر على HLG-A لاتستقر في رحم الأم . لكنهم لم يعطوا تفسيرا مقنعا لهذه الظاهرة مثلما فعل مؤخرا philippe le bouteiller وزملاؤه.
- ويؤكد Gérard chaouat أخصائي المناعة بمعهد INSERM ب clamart أن الجنين تهدده في بداية الحمل عدة عناصر من الجهاز المناعي شديدة الخطورة مثل الخلايا البيضاء Tc ، و المضادات anticorps و الكريات البيضاء " القاتلة الطبيعية " natural killer ، وكذلك الكريات البيضاء T المساعدة lymphocyte T auxiliaire التي تهيج تكاثر ونضج الخلايا المناعية . ويستمر gérard chaouat قائلا :" ولحد الآن فقد وضع العلماء اليد على بعض الآليات التي تحمي الجنين من العناصر المناعية ، فمثلا في 1998 بين andrew mellor من ولاية جورجيا بأن مشيمة فئران التجارب تبعد الكريات البيضاء المساعدة بتجويعها ، لأنها تركب أنزيما يمنع هذه الكريات من حمض أميني ضروري وهو التريبتوفان . ورغم معرفة مجموعة من الأمور فإن أخرى لازالت مجهولة فمثلا آكتشف أن المشيمة تنوم الخلايا التي تنتج المضادات لكننا لانعرف كيف يتم ذلك ".


آفاق هذا الإكتشاف :

وخلاصة القول أن مجموعة من الآليات تتدخل لحماية الجنين ، لكن العلم لم يضبطها بالشكل المطلوب بالرغم من أن الباحثين قطعوا أشواطا مهمة في هذا الميدان ، خصوصا بعد توصلهم إلى أهمية بروتين HLA-Gوطريقة عمله ، وهذا ما جنح إليه philippe le bouteiller عندما قال :" إن آحتمال الأم للحميل الغريب عنها مرده إلى تدخل ظواهر مختلفة بطريقة متوازية يصعب الجمع بينها لفهم الخريطة العامة " .
وتستمرعدة مختبرات في العالم في البحث لكشف النقاب عن المزيد من الحقائق ، لأن حل هذا المشكل سيمكن من تجنب بعض الأمراض مثل الإجهاض التلقائي المتكرر الذي يحدث في5 إلى10 %من حالات الحمل ، ومرض pré éclampsie الذي يقضي على حياة الأم في الأسبوع العشرين من الحمل ، وكذلك مشكل طرد الأعضاء المزروعة .