أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة المفتوحة (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=7)
-   -   دواء لـكـل الـهــمــوم "مقامات عائض بن عبد الله القرنى" (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=53612)

chouchou 07-05-2006 09:18 PM

دواء لـكـل الـهــمــوم "مقامات عائض بن عبد الله القرنى"
 
قال الراوي : جاءنا رجلٌ مهموم ... وقد أنهكته الغموم ... فهو من الحزن مكظوم ... فقال :
ايها الناس ... حل بنا البأس ... وذهب منا السرور والإيناس ... وتفرد بنا الشيطان ...
فأسقمنا حميم الأحزان ...

فهل منكم رجلٌ رشيد ... رأيه سديد ... يصرف عنا هذا العذاب الشديد ... فقام منا ... شيخٌ
ينوب عنا ... وهو أكبرنا سنا ... فقال : ايها الرجل الغريب ... شأنك عجيب ... تشكو الهم
والوصب ... والغم والنصب ... وأراك لم يبق منك إلا العصب ... أما تدعو الرحمن ... أما
تقرأ القرآن ... فإنه يذهب الأحزان ... ويطرد الوحشة عن الإنسان ... ثم إعلم وأفهم ...
لتسعد وتسلم ...

إن من أعظم الأمور ... في جلب السرور ... الرضا بالمقدور ... وأجتناب المحذور ... فلا
تأسف على ما فات ... فقد مات ... ولو أنه كنوزٌ من الذهب والجنيهات ... وأترك المستقبل
حتى يُقبل ... ولا تحمل همه وتنقل ... ولا تهتم بكلام الحساد ... فلا يُحسدُ إلا من ساد
... وحظي بالإسعاد ... وعليك بالأذكار ... فهي تحفظ الأعمار ... وتدفع الأشرار ... وهي
أُنس الأبرار ...وبهجة الأخيار ...

وعليك بالقناعة ... فإنها اربح البضاعة ...

وأملأ قلبك بالصدق ... وأشغل نفسك بالحق ...

وإلا شغلتك بالباطل ... وأصبحت كالعاطل ...

وفكر في نعم الله عليك ... وكيف ساقها إليك ...

من صحةٍ في بدن ... وأمنُ في وطن ... وراحةٌ قي سكن ... ومواهبٌ وفطن ... مع ما صرف من
المحن ... وسلم من الفتن ...

وأسأل نفسك في النعم التي بين يديك ... هل تريد كنوز الدنيا في عينيك ؟... أو أموال
قارون بين يديك ؟... أوقصور الزهراء في رجليك ؟... أو حدائق دمشق في أًُذنيك ؟... وهل
تشتري ملك كسرى بأنفك ولسانك وفيك ؟... مع نعمة الإسلام ... ومعرفتك للحلال والحرام ...
وطاعتك للملك العلام ...

ثم أعطاك مالاً ممدوداً ... وبنين شهوداً ... ومهد لك تمهيداً ... وقد كنت وحيداً فريداً
... وأذكر نعمة الغذاء والماء والهواء ... والدواء والكساء ... والضياء والهناء مع صرف
البلاء ... ودفع الشقاء ... ثم إفرح بما جرى عليك من أقدار ... فأنت لا تعرف ما فيها من
الأسرار ... فقابل النعمة بالشكر ... وقابل البلية بالصبر ... وإذا أصبحت فلا تنتظر
المساء ... وأغفر لكل من قصر في حقك وأساء ... وأغسل قلبك سبعاً من الأضغان ... وعفره
الثامنة بالغفران ... وأنهمك في العمل ... فإنه يطرد الملل ...

وأحمد ربك على العافية ... والعيشة الكافية ... والساعة الصافية ... فكم في الأرض من
وحيدٍ وشريد ... وطريدٍ وفقيد ... وكم في الأرض من رجلٍ غُلب ... ومالٍ سُلب ... وملكٌ
نُهب ... وكم من مسجون ... ومغبونٌ ومديون ... ومفتونٌ ومجنون ... وكم من سقيم ...
وعقيمٍ ويتيم ... ومن يلازمه الغريم ... والمرَضُ الأليم ... وأعلم أن الحياة غرفةً
بمفتاح ... تصفقها الرياح ... لا صخبٌ فيها ولا صياح ... وهي كما قال إبن فارس :-

ماءٌ وخبزٌ و ظِل ،،،،، ذاك النعيم الأجل

كفرتُ نعمة ربي ،،،،، إن قلت إني مُقل

وأعلم أن لكل باب من الهم مفتاحاً من السرور ... للذنب ربٍ غفور ... والفلك يدور ...
وأنت لا تدري بعاقبة الأمور ... وملكُ كسرى لا تغني عنه كِسرة ... ويكفي من البحر قطرة
... فلا تذهب نفسك حسرة ... ولا تتوقع الحوادث ... ولا تنتظر الكوارث ... ولا تحرم نفسك
لتجمع للوارث ... ويغنيك عن الدنيا مصحفٌ شريف ... وبيتٍ لطيف ... ومتاعٍ خفيف ... وكوز
ماءٍ ورغيف ... وثوبٍ نظيف ... والعزلةُ مملكة الأفكار ... والدواء كل الدواء في صيدلية
الأذكار ... وإذا أصبحت طائعاً لربك ... وغناك في قلبك ... وأنت آمنٌ في سربك ... راضٍ
بكسبك ... فقد حصلت السعادة ... ونلت الزيادة ... وبلغت السيادة ... وأعلم أن الدنيا
خداعة ... لا تساوي همّ ساعة ... فأجعلها طاعة ... فلما إنتهى من وعظه ... أعجب بلفظه
... وحسن لحظه ... وقال له : جزاك الله عني خير الجزاء ... فقد صار كلامك عندي أشرف العزاء

الوافـــــي 08-05-2006 05:11 PM

لقد أبدع شيخنا الكبير
الدكتور عائض القرني كعادته في هذا الكتاب

فقد كتب في مقدمة الكتاب
إقتباس:

قد جانبت في هذه المقامات التجريح ، سواءً بالتلميح أو بالتصريح ، ودبجتها بالثناء والمديح ، لأن القول اللين ، والخلق الهين ، يجلب الود ، ويزيل الصد ، وكسر القلوب غلط ، وجرح المخاطَب شطط ، فهنا ملاينة لا مداهنة ، وليس الخبر كالمعاينة ، ومداراة لا مجاراة ، ولي في هذه المقامات رسائل ، ومن العلم مسائل .
وفيها عبر وسير ، وأشعار وأخبار ، وشجون وفنون ، وفكاهات وملاطفات ، ومشجيات ومبكيات ، ومحفوظات وعظات ، فلا تحكم بمقامة على كل المقامات ، بل طالع الجميع ليكون حكمك موات ، فإن الروض ألوان ، والشجر صنوان وغير صنوان ، والتنويع مدعاة لإثارة الذهن البارد ، ولن نصبر على طعام واحد .
وقد جانبت فيها الهمز ، والغمز واللمز ، فلا مصلحة لنا في التعرض للأشخاص والأجناس ، أو تتبع عثرات الناس ، بل نحن أحوج إلى جبر القلوب ، ودفن العيوب ، لأن مرد الكل إلى علام الغيوب . ومن وجد نقصاً فليعف عنا ، ومن غشنا فليس منا .

وعليه فإن وجود هذه المقامات هنا يعدُّ فائدة كبيرة
فجزاك الله خيرا أختنا الكريمة على إدراجها
وسننتظر إستكمالها لتعم الفائدة

تحياتي

:)


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.