أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   خيمة الثقافة والأدب (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=9)
-   -   الوضع العربي الراهن:انكشاف الاستلاب الشامل (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=26321)

محمد ب 22-09-2002 12:08 PM

الوضع العربي الراهن:انكشاف الاستلاب الشامل
 
مقدمة في المفهوم:

حاز مفهوم "الاستلاب" على استعمال واسع في الفكر الغربي (وكلمة "الاستلاب" هي إحدى ترجمتين عربيتين لكلمة Alienation الإنجليزية و معادلها الألماني Entfremdung والترجمة الثانية هي "الاغتراب" وأنا أفضل الترجمة الأولى لأن من الأفضل عند تحويل كلمة إلى مصطلح اختيار كلمة نادرة الاستعمال ليست متداولة بمعان أعم. ومن هنا لم يكن "الاغتراب" هو المصطلح المناسب ).
ويبدو أن هذا المصطلح هو بالفعل جذاب لكل مفكر يريد دراسة مشكلة فقدان الإنسان للانسجام مع ذاته أو مع المجتمع. وقد استعمل المصطلح بكيفيات عديدة لا يكاد يكون بينها علاقة إلى درجة أن أي مؤلف جديد يستطيع استعمال هذا المصطلح بمفهومه الخاص دون أن يعترض عليه إلا من يجهل الاستعمالات العديدة غير المترابطة التي استعمل فيها في الفكر الغربي الحديث، والكاتب الذي درس هذه الاستعمالات دراسة دقيقة وهو ريتشارد شاخت (1) يشبه مصطلح الاغتراب بمصطلح "وجودي" عند سارتر الذي قال عنه: "إن هذه الكلمة أصبحت تطلق على العديد من الأشياء بتوسع بالغ إلى حد أنها لم تعد تعني شيئاً على الإطلاق" ويضيف شاخت معلقاً: "ويمكن أن يقال ذلك على مصطلح الاغتراب وإن يكن المبرر في الحالة الأخيرة أقوى، لا يعني ذلك أن ننكر أن الظواهر التي توصف لأنها كذلك على يد من يستخدمون هذا الاصطلاح هي ظواهر هامة بل الأمر على العكس فالعديد من هذه الظواهر لها أهميتها ومغزاها وتستدعي الحد الأقصى من الاهتمام، إلا أنه بسبب استخدام هذا الاصطلاح فيما يتعلق بالعديد من الظواهر المتباينة أصبح لا يتمتع بأي ارتباط خاص بأي منها، ولا يعني استخدام اصطلاح الاغتراب اليوم دون مزيد من الإيضاح لما يقصده المرء ما يتجاوز قيام المرء بطرق كوبه الزجاجي بملعقته في إحدى المآدب، إن كلا الأمرين لا يسفر إلا عن جذب الانتباه" (2)
وهذا التشكيك بوجود معنى محدد ،ولو حتى عام للمصطلح مفيد إذا أردنا سلفنا أن نغلق الباب على من يأتي ليتهمنا بأننا "استعملنا المصطلح خطأ" ،فشاخت يرى أن هذا الاعتراض غير منطقي، ولكنني سأفيد منه استنتاجاً منطقياً في ظني وهو أن على الكاتب أن يحدد ما يعنيه بالضبط من هذا الاصطلاح.
ومن جهة أخرى فإنني أعتقد أن هناك "جواً عاماً" إن صح التعبير،تندرج فيه أغلب استعمالات هذا المفهوم،وإنني الآن وأنا بصدد التعليق علىانكشاف ظواهر نفسية-اجتماعية جماعية للجماعة المعنية،سأستعمل هذا الجو العام لأرصد أبعاد هذه الظواهر، وأحدد في كل حالة مفهومي للاستلاب الذي أصفه،وإنه لمصطلح فرض نفسه علي بشكل غريب،فكأنني لم أجد كلمة تجمع هذه الظواهر غير "الاستلاب".وإنني لآمل أن القارئ بعد أن ينتهي من المقال لن يرى أنني جانبت الصواب كل المجانبة،وأن الحدس اللغوي المفهومي قد خانني.
وكاتب هذه السطور استعمل هذا المصطلح فيما مضى في توصيف وضع نفسي خاص يعادي فيه الإنسان مكونات ذاته الحقيقية ويتبنى إزاءها موقفاً هو موقف مرجع معاد له.(3)
والكاتب العربي ينطبق عليه في أغلب الحالات ما قاله ذات مرة الألماني فيلهلم رايش: "من يستطيع كتابة أبحاث جمالية عن معنى اللون عند الصراصير في بيت يحترق؟" لا يمكنه أن يبعد التحديات المصيرية التي يواجهها شعبه من رأسه حين يكتب حتى في المواضيع الفكرية الأكثر تجريداً، بل إن هذه التحديات قد تفرض عليه موضوع الكتابة أصلاً.
و الدافع الذي دفعني لكتابة هذا المقال كان هذا الوضع المأساوي الذي يجد فيه كل عربي نفسه: إنه يشهد خطر موت هذه الثقافة العظيمة وقد ملأه الشعور بالعجز وانعدام القدرة على التأثير في مسار الأحداث.
هذا الشعور بالعجز سيخطر ببالي أولاً أن أرى فيه واحداً من تجليات ما أسميته قديماً "الاستلاب التغلبي" وهو قناعة الفرد بأنه مهزوم بصورة حتمية في أي صراع يخوضه أو بتعبير آخر قناعته بصفرية قوة المغالبة عنده.
ولكنني حين أفكر في عناصر هذا الوضع مزيداً من التفكير أجد أن الوضع استلابي حقاً غير أنه متعدد الجوانب، وهذا المقال يهدف إلى استجلاء بعض هذه الجوانب.
يتبع...




هوامش:
(1)انظر "الاغتراب" – ريتشارد شاخت- ترجمة كامل يوسف حسين- المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت 1980. انظر مناقشته الختامية في الفصل السابع- ص 299-331.
(2)م.ن- ص 299.
(3)نشرت هذه النظرية بعنوان "النظرية العامة للاستلاب" في كتاب هو "حول الحب والاستلاب- دراسات في التحليل النفسي للشخصية المستلبة"- دار الكنوز الأدبية- بيروت- 1995- ص 25- 69.

محمد ب 22-09-2002 12:46 PM

-الاستلاب السياسي: اغتراب المؤسسة السياسية عن المواطن:

كان واحد من أكبر فلاسفة السياسة الأوروبيين على الإطلاق وهوهيغل يرى أن المؤسسة الاجتماعية وتعبيرها السياسي هي من إنتاج الإنسان،غير أنها تبدو له في حالة الاستلاب غريبة عنه بل معادية وتقف في مواجهته.
ولا أظن أن في العالم حالة من اغتراب المواطن عن المؤسسة السياسية في بلاده تزيد في الحدة عن تلك الموجودة في بلاد العرب.إذ هذه المؤسسة لم تأخذ شرعية من أي شكل كان من القاعدة الاجتماعية التي يفترض أنها تمثلها وتعبر عنها.
والموقف العاجز كلياً الذي وقفته الأنظمة العربية حيال العربدة الصهيونية التي كانت دوماً موجودة،ولكنها بلغت على عهد شارون مرتبة نوعية جديدة،جعلت المواطن العربي يحس بالسخط،وساد الشعور في الشارع أن سلوك المؤسسة السياسية الرسمية العربية متخاذل، ولكن المواطن لم يجد طريقة لتغيير هذا السلوك الذي يبدو للملايين معيبا،ولم يجد المواطن إلا التعبير عن الغضب العاجز الذي لا يتحول إلى طاقة دافعة تنجز مشروعاً بديلاً.لماذا؟ لأن هذا المشروع ببساطة غير موجود،حتى لو طرحت منظمات وأحزاب عربية كثيرة من شتى التلاوين آراءها،فإن الحقيقة تبقى وهي أن كل هذا كلام في الهواء.
تبدأ الشعوب في العمل حين يظهر في الأفق برنامج عملي واقعي واضح.وهذا البرنامج في اعتقادي هو غير موجود إلى الآن.بل الارتجال موجود في قرارات المؤسسة الرسمية وفي عواطف الجماهير وتصوراتها للحل.
يتبع..

محمد ب 22-09-2002 01:02 PM

-الاستلاب الأخلاقي:

وأعرفه ببساطة بأنه فقدان الشعور بالحق مع وجوده!
"الحق" هنا لا أفرقه عن "الحقيقة" ،ففي هذا البعد من الاستلاب،يجبر الفرد أو تجبر الجماعة على إنكار حقائق تاريخية ثابتة،تحت ظل إكراه مرجعي دولي.ويبدأ الاستلاب منذ أن تقر الجماعة وتستبطن المفاهيم المزيفة التي يراد لها أن تحملها عن واقع كان تعرفه في الأصل حق المعرفة.
لا يوجد مثال محزن على هذا الاستلاب أكثر من المثال العربي الذي أجبر على إخراس الصوت الداخلي الذي يقول له إن فلسطين مغتصبة،وأكره على النطق بلغة "الشرعية الدولية"، ثم أكره على تقبل التغير المضطرد في مفاهيم هذه الشرعية الدولية عن التاريخ باتجاه التنازل المستمر(وأرجو من القارئ أن ينتبه إلى هذه النقطة الدقيقة) ليس عن "الحق" بل عن "الحقيقة" :كما نرى الآن استعمالنا الطبيعي لمفهوم "الأراضي المحتلة" لوصف الجزء المحتل في عام67 ،واستعمال مفهوم "السلام العادل" لتسوية تتضمن التنازل لا عن "حق" في المغتصب بل عن "حقيقة" تقول إنه اغتصب وهنا تكمن الواقعة الاستلابية وأتمنى أن ينتبه القارئ إلى هذه النقطة مرة أخرى.والمستوطنات لا تخص "نهاريا" مثلاً بل تخص "غوش قطيف" و"نتساريم"!
وفي النقاش الدائر في وقت كتابة هذه السطور حول مياه نهر الحاصباني، يعتبر من البديهي أن ثمة جزءاً من المياه هو من حق "إسرائيل" ولا يتذكر العرب أن هذه المياه هي من حق أربعة ملايين لاجئ موجودون وممنوعون من العودة إلى ديارهم!
يتبع..

العنود النبطيه 22-09-2002 01:52 PM

أخي محمد ب

ما أسوأ الوقت الذي ( يجد فيه كل عربي نفسه: إنه يشهد خطر موت هذه الثقافة العظيمة وقد ملأه الشعور بالعجز وانعدام القدرة على التأثير في مسار الأحداث)

ما أسوأ ان يشعر الانسان منا بالعجز

العجز التام عن فعل اي شيء وخصوصاً فيما يخص ثقافته العظيمة وهو يشعر بها تموت وهو عاااااااااااااجز عن فعل ما ينقذها


شكرا لك على هذا الموضوع القيّم في هذا الوقت المناسب تماماً للحديث عنه

وبانتظار ان تكتب لنا عن بقية انواع الاستلاب

_______________________________________________

( شكرا للتصحيح استاذي محمد ب;) ومنكم نستفيد )

يتيم الشعر 23-09-2002 12:22 PM

أخي محمد ..

موضوعك تتشعب فيه الآراء وتختلط الأمثلة وليتك اقتصرت على نوعٍ واحد فالموضوع من العيار الثقيل وهو من الدسامة بمكان ..

عموماً أظن أنه ينبغي أن نسمي الاستلاب الأخلاقي ( الاستلاب الثقافي ) ..

أرح نفسك يا محمد فنحن كما يقال لم نعد مواطنين بل مجرد سكان في إقليمٍ كان يوماً عربياً ..

محمد ب 24-09-2002 02:05 AM

شكراً لأخوي العنود ويتيم الشعر ولي عودة لكما إن شاء الله.

محمد ب 24-09-2002 02:54 AM

-فقدان السيطرة على الذات،على الغرائز، تناقض المثل الأعلى مع السلوك،تناقض الهدف مع الوسيلة:

يمكن القول إن الشخص "مستلب" أي هو مغترب عن ذاته، حين تتناقض أهدافه العملية والأخلاقية مع سلوكه شرط أن يكون مؤمناً حقاً بهذه الأهداف ولا يكون التناقض تعبيراً عن نفاق نألفه في بعض حالات السياسة العربية وغير العربية.
والعربي في وقتنا هذا مثال على هذه الحالة.
فهو يريد شيئاً ولكنه يسلك سلوكاً يتناقض مع ما يريده ويهدف إليه.وهو يحس بهذا التناقض ولكنه يجد نفسه عاجزاً،أو هو مقتنع بأنه عاجز عن تبديل سلوكه وإزالة هذا التناقض.
ولو بحثنا في التعبير التحليلي عن هذا الموقف النفسي فسنجد أن الفرد في هذا الوضع قد فقد السيطرة على غرائزه،إذ هي التي تحرك سلوكه المتناقض مع أهدافه التي تبناها "الأنا الأعلى" عنده،إن شئنا أن نطلق على المراقب الأخلاقي المعياري للذات هذا الاسم الذي تبنته مدرسة التحليل النفسي.
وأعني بمصطلح "الغرائز" هنا ما هو أوسع بكثير من معناها الموجود في المدرسة المذكورة، فأنا في هذا المقال سأطابقها مع ما دعوته سابقاً في نظرية الاستلاب "بالدوافع الاستلابية".
ما هي الدوافع التي تدفع العربي في اتجاه يتناقض مع الأهداف الكبرى التي تطرحها المرحلة الراهنة وهي النهضة الشاملة التي تكفل الحياة الكريمة ورد كيد الأعداء والقدرة على مقاومة التحدي المصيري الذي يفرضونه بالجزمة على أنف كل عربي؟
إنها دوافع من نوع:الأنانية ،الميل العربي الذي لا يقاوم إلى تغليب التناقض الثانوي مع الأخ على التناقض الرئيس مع العدو الغريب،الميل الفردي الذي يجعل العربي غير قادر على العمل الجماعي ولا يستطيع القبول بمبدأ تقسيم العمل،ولا يستطيع التنازل ولو قليلاً عن كرامته الزائفة حيال أقل خدش لها جاء من أخيه فيشعلها حرباً طاحنة ( في مقابل استعداد للمساومة المذلة مع العدو الخارجي،وهذا غالباً ،وفي حالات قليلة حين لا تكون هذه المساومة مقبولة نجد العربي لا يقبل توحيد الجهد مع رفقاء الخندق الواحد ويستمر في خوض الحرب معهم في آن واحد مع حربه مع العدو الغريب فتكون النتيجة هزيمة نكراء)

العنود النبطيه 24-09-2002 01:46 PM

أخي محمد ب

بانتظار العودة الينا

ان شاء الله

محمد ب 24-09-2002 02:02 PM

أختي العنود
أنا مستمر في الكتابة حول الاستلاب بعونه تعالى.
وشكراً لاهتمامك.
أخي يتيم الشعر:
هل ترى إزاء هذا الوضع المزري الذي ذكرته أن نعلن اليأس ونسحب أوراقنا ونعتذر؟
وما أسميته بالاستلاب الأخلاقي لا أرى وصفه بالاستلاب الثقافي لأنه يتعلق أساساً بالمفهوم الجوهري الأساسي للأخلاق وهو مفهوم الحق.
مع التحية

العنود النبطيه 24-09-2002 02:23 PM

أخي محمد ب

أعانك الله


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.