تلبيس إبليس على العوام
تلبيس إبليس على العوام
كثيرة هي المواضيع التي ألبس إبليس اعوانه من العوام ، ومع مرور الزمن اتخذوها عادة وهي تخالف الدين والشريعه وتخالف السنة النبوية الشريفه . وكتاب ( تلبيس إبليس للإمام ابي الفرج عبدالرحمن بن الجوزيه ) كتاب قيم فعلا لمن اراد ان يطلع عليه ويقرأه ليعرف تلبيس إبليس على الناس جميعهم .. واخترت لكم من الباب الثاني عشر من هذا الكتاب باب ( تلبيس إبليس على العوام ) وبإذن الله تكون كتابة المواضيع سهله القراءه وسريعه وفيها الفائده كما عودتكم على كتابة الموضيع السابقه من كتاب ( مفاهيم مغلوطه ) وغيرها وحفاظا على وقتكم الثمين ... الباب الثاني عشر
في ذكر تلبيس إبليس على العوام قد بينا أن إبليس إنما يقوى تلبيسة على قدر قوة الجهل ، وقد افتن فيما فتن به العوام ، وحصر ما فتنهم ولبَّس عليهم فيه لا يمكن ذكره لكثرته ، وإنما نذكر من الأمهات ما يستدل به على جنسه ، والله الموفق . فمن ذلك أنه يأتي إلى العامي فيحمله على التفكر في ذات الله عزوجل وصفاته ، فيتشكك . وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك . عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان ياتي أحدَكم فيقول : من خلقك ؟ فيقول : الله ، فيقول : من خلق السموات والأرض ؟ فيقول : الله ، فيقول من خلق الله ؟ فإذا وجد أحدُكم شيئا من ذلك فليقل : آمنت بالله ورسوله . " اخرجه البخاري (3276 ) في كتاب - بدء الخلق - باب صفة إبليس وجنوده ، ومسلم (134 ) في الإيمان : باب بيان الوسوسة في الإيمان ." وقال أبو هريرة : فوالله إني لجالس يوماً إذ قال لي رجل من أهل العراق : هذا الله خلقنا فمن خلق الله ؟ قال أبو هريرة : فجعلت أصبعي في أذني ثم صحت : صدق رسول الله ، الله الواحد الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد . وتارة يلبيس إبليس على العوام عند سماع صفات الله عزوجل ، فيجملونها على مقتضى الحس ، فيعتقدون التشبيه . وتارة يلبس عليهم من جهة العصبية للمذاهب ، فترى العامي يلاعن ويقاتل في أمر لا يعرف حقيقته . فمنهم من يخص بعصبيته أبا بكر رضي الله عنه . ومنهم من يخص علياً . وكم قد جرى في هذا من الحروب ، وقد جرى في هذا بين أهل الكرخ وأهل باب البصرة على ممر السنين من القتل ، وإحراق المحال ما يطول ذكره . وترى كثيراً ممن يخاصم في هذا يلبس الحرير ويشرب الخمر ، ويقتل النفس وأبو بكر وعلي ريئان منهم . وقد يحسّ العامي في نفسه نوع فهم ، فيسول له إبليس مخاصمة ربه ، فمنهم من يقول لربه كيف قضى وعاقب . ومنهم من يقول لم ضيق رزق المتقي وأوسع على العاصي ؟ ومنهم طائفة تشكر على النعم ، فإذا جاء البلاء اعترض وكفر . ومنهم من يقول : أي حكمة في هدم هذه الأجساد يعذبها بالفناء بعد بنائها . ومنهم من يستبعد البعث . ومن هؤلاء من يختل عليه مقصود أو يبتلى ببلاء فيكفر . ويقول : أنا ما أريد أصلي . وربما غلب فاجر نصراني مؤمناً فقتله أو ضربه ، فيقول العوام : قد غلب الصليب ، ولماذا نصلي إذا كان الأمر كذلك . وكل هذه الآفات تمكن بها منهم إبليس لبعدهم عن العلم والعلماء ، فلو أنهم استفهموا أهل العلم لأخبروهم أن الله عزوجل حكيم ومالك ، فلا يبقى مع هذا ا عتراض .. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ إلى اللقاء يتبع إن شاء الله تعالى وقفه :- قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما :- الهوى إله يعبد من دون الله وتلا ( أفرءيت من اتخذ إلهه هواه ) الحقاق |
ومن العوام من يرضى عن عقل نفسه ، فلا يبالي بمخالفة العلماء ، فمتى خالفت فتواهم غرضه أخذ يرد عليهم ويقدح فيهم . وقد كان ابن عقيل يقول : قد عشت هذه السنين فلو أدخلت يدي في صنعة صانع لقال أفسدتها عليّ ، فلو قلت : أنا رجل عالم لقال : بارك الله لك في علمك ليس هذا من شغلك . هذا ، وشغله أمر حسي لو تعاطيته فهمته ، والذي أنا فيه من الأمور أمر عقلي ، فإذا أفتيته لم يقبل .
ومن تلبيسه عليهم تقديمهم المتزهدين على العلماء ، فلو رأوا جبة صوف على أجهل الناس عظموه ، خصوصاً إذا طأطأ رأسه ، وتخشع لهم ، ويقولون : أين هذا من فلان العالم ، ذاك طالب الدنيا وهذا اهد لا يأكل عنبة ولا رطبة ولا يتزوج قط ، جهلاً منهم بفضل العالم على الزاهد ، وإيثاراً للمتزهدين على شريعة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ، ومن نعمة الله سبحانه وتعالى على هؤلاء أنهم لم يدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ لو رأوه يكثر التزويج ويصطفي السبايا ، ويأكل لحم الدجاج ويحب الحلوى والعسل ، لم يعظم في صدورهم . ومن تلبيسه عليهم قدحهم في العلماء بتناول المباحات ، وذلك من أقبح الجهل . وأكثر ميلهم إلى الغرباء ، فهم يؤثرون الغريب على أهل بلدهم ممن قد خبروا أمره وعرفوا عقيدته ، فيميلون إلى الغريب ولعله من الباطنية . وإنما ينبغي تسليم النفوس إلى من خبرت معرفته ، قال الله عزّوجلّ : ( فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ) سورة النساء الأية :6 . ومنَّ الله سبحانه في إرسال محمد صلى الله عليه وسلم إلى الخلق بأنهم يعرفون حاله ، فقال عزّوجلّ : ( لقد مَنَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم ) سورة آل عمران الأية : 164 وقال : ( يعرفونه كما يعرفون أبناءهم سورة البقرة الأية 146 وقد يخرج بالعوام تعظيم المتزهدين إلى قبول دعاويهم ، وإن خرقوا الشريعة وخرجوا عن حدودها . فترى المتنمس 1 يقول للعامي : أنت فعلت بالأمس كذا ، وسيجري عليك كذا فيصدقه . ويقول : هذا يتكلم على الخاطر ولا يعلم أن ادعاء الغيب كفر . ثم يرون من هؤلاء المتنمسين أموراً لا تحل ، كمؤاخاة النساء والخلوة بهن ، ولا ينكرون ذلك تسليماًَ لهم أحوالهم .. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ للحديث بقية إن شاء الله تعالى ..... وقفه :- علامة الجهل ثلاث : العجب ، وكثرة المنطق فيما لا يعنيه ، وأن ينهى عن شيء ويأتيه . " أبو الدرداء رضي الله عنه " |
ومن تلبيسه على العوام إطلاقهم أنفسهم في المعاصي ، فإذا وبخوا تكلموا كلام الزنادقة . فمنهم من يقول : لا أترك نقداً لنسيئة . ولو فهموا لعلموا أن هذا ليس بنقد لأنه محرم ، وإنما يخير بين النقد والنسيئة المباحين ، فمثلهم كمثل محموم جاهل يأكل العسل ، فإذا عوتب ، قال : الشهوة نقد ، والعافية نسيئة . ثم لو علموا حقيقة الإيمان لعلموا أن تلك النسيئة وعد صادق لا يخلف . ولو عملوا عمل التجار الذين يخاطرون بكثير من المال لما يرجونه من الربح القليل لعلموا أن ما تركوه قليل ، وما يرجونه كثير . ولو أنهم ميزوا بين ما آثروا وما أفاتوا أنفسهم لرأوا تعجيل ما تعجلوا - إذ فاتهم الربح الدائم - أوقعهم في العذاب الذي هو الخسران المبين الذي لا يتلاقى .
ومنهم من يقول : الرب كريم ، والعفو واسع ، والرجاء من الدين ، فيسمون تمنيهم وأغترارهم رجاء ، وهذا الذي أهلك عامة المذنبين . قال أبو عمرو بن العلاء : بلغني أن الفرزدق جلس إلى قوم يتذاكرون رحمة الله ، فكان أوسعهم في الرجاء صدراً ، فقالوا له : لم تقذف المحصنات ! ؟ فقال : أخبروني لو أذنبت إلى والديّ ما أذنبته إلى ربي عزّوجلّ ، أراهما كانا يطيبان نفساً أن يقذفاني في تنور مملوء جمراً ؟ قالوا : لا إنما كانا يرحمانك ، قال : فإني أوثق برحمة ربي منهما . قلت : وهذا هو الجهل المحض ، لأن رحمة الله عزّوجلّ ليست برقة طبع ، ولو كانت كذلك لما ذبح عصفور ولا أميت طفل ، ولا أدخل أحد إلى جهنم . قال الأصمعي : كنت مع أبي نواس بمكة ، فإذا أنا بغلام أمرد يستلم الحجر الأسود ، فقال لي أبو نواس : والله لا أبرح حتى أقبلّه عند الحجر الأسود ، فقلت : ويلك اتق الله عزّوجلّ ، فإنك ببلد حرام وعند بيته الحرام ، فقال : ما منه بدّ ، ثم دنا من الحجر فجاء الغلام يستلمه ، فبادر أبو نواس فوضع خده على خد الغلام فقبله - وأنا أنظر - فقلت : ويلك أفي حرم الله عزّوجلّ ؟! فقال : دع ذا عنك فإن ربي رحيم ، ثم أنشد يقول :- وعـــاشقــان التــف خــــداهـــمـــا **** عــــنـــد اســتــلام الــحــجــر الأســــود فـاشــتفيـــا مــن غــيــــر أن يأثما **** كـأنـما كــان عــلى مـــوعــــــد قلت : انظروا إلى هذه الجرأة التي نظر فيها إلى الرحمة ، ونسى شدة العقاب بانتهاك تلك الحرمة . ولقد دخلوا على أبي نواس في مرض موته ، فقالوا له : تب إلى الله عزّوجلّ ، فقال : إياي تخوفون ؟! حدثني حماد بن سلمة عن يزيد الرقاشي عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لكل نبي شفاعة وإني اختبأت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ) أخرجه الترمذي (2435 ) و ( 2436 ) في صفة الجنة : باب ما جاء في الشفاعة . قال الترمذي : حديث حسن صحيح غريب ، وأخرجه ابن ماجه ( 4310 ) في كتاب الزهد : باب ذكر الشفاعة . أفترى لا أكون أنا منهم ؟! . قال المصنف رحمه الله :- وخطأ هذا الرجل من وجهين :- أحدهما :- - أنه نظر إلى جانب الرحمة ولم ينظر إلى جانب العقاب . - أنه نسي أن الرحمة إنما تكون للتائب كما قال عزوجل : ( وإني لغفار لمن تاب ) سورة طه الأية 82 ، وقال ( ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ) سورة الأعراف الأية 156 ، وهذا التلبيس هو الذي يهلك عامة العوام ، وقد كشفناه في ذكر أهل الإباحة . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ وللحديث بقية إن شاء الله تعالى وقفه :- قال الحكماء :- أصل الزهد الرضا عن الله . وقال الفضيل بن عياض :- استخيروا الله ولا تتخيروا عليه فربما اختار العبد أمراً هلاكه فيه . الحقاق |
ومن العوام من يقول :-
هؤلاء العلماء ما يحافظون على الحدود ، فلان يفعل كذا وفلان يفعل كذا ، فأمري أنا قريب . وكشف هذا التلبيس أن الجاهل والعالم في باب التكليف سواء ، فغلبة الهوى للعالم لا يكون عذراً للجاهل . وبعضهم يقول :- ما قدر ذنبي حتى أُعاقب - ومن أنا حتى أؤاخذ ، وذنبي لا يضره ، وطاعتي لا تنفعه ، وعفوه أعظم من جرمي كما قال قائلهم :- من أنا عند الله حتى إذا **** أذنبت لا يغفر لي ذنبي وهذه حماقة عظيمة ، كأنهم اعتقدوا أنه لا يؤاخذ إلا ضداً أو نداً . ثم ما علموا أنه بالمخالفة قد صاروا في مقام معاند. وسمع ابن عقيل رحمه الله رجلاً يقول :- من أنا حتى يعاقبني الله ؟! فقال له :- أنت الذي لو أمات الله جميع الخلائق وبقيت أنت لكان قوله تعالى ( يا أيها الناس ) خطاباً لك . ومنهم من يقول : سأتوب وأصلح ، وكم من أبله ساكن الأمل فاختطفه الموت قبله ، وليس من الحزم تعجيل الخطأ وانتظار الصواب . وربما لم تتهيأ التوبة ، وربما لم تصح ، وربما لم تقبل ، ثم لو قبلت بقي الحياء من الجناية أبداً . فمرارة خاطر المعصية حتى تذهب أسهل من معاناة التوبة حتى تقبل . ومنهم من يتوب ثم ينقض فيلج عليه إبليس بالمكائد لعلمه بضعف عزمه . وعن الحسن قال :- إذا نظر إليك الشيطان ورآك على غير طاعة الله تعالى ألفك ، وإذا رآك مداوماً على طاعة الله ملّك ورفضك ، وإذا رآك مرة هكذا ومرة هكذا طمع فيك . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ والبقية تتبع بإذن الله تعالى ................ وقفه :- حكي عن بنت عبدالله بن مطيع أنها قالت لزوجها طلحة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري ، وكان أجود قريش في زمانه :- ما رأيت قوماً ألأم من إخوانك . قال : مَهْ ( كفي واسكتي ) ولم ذلك ؟ قالت :- أراهم إذا يسرت لزموك ، وإذا أعسرت تركوك . قال :- هذا والله من كرمهم ، يأتوننا في حال القوة بنا عليهم ، ويتركوننا في حال الضعف بنا عنهم ... ـــــــــــــــــــــــــــ هذه المقوله لا يقوى عليها إلا الكرماء والفضلاء من الناس .... فهل انت منهم ؟؟؟؟؟ !!!! |
بارك الله فيك أخي الحقاق ونعوذ بالله من إبليس وتلبيسه حمانا الله وإياكم |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.