طائر الأندلس المفقود - السلطان يعقوب - نزيل لبنان
 

طائر الأندلس

انه السلطان يعقوب المنصوري قدوة السلاطين وعمدة الزاهدين ومن ابرز الملوك في بلاد المغرب وقائدها ايام دولة الموحدين بل هو النسر الطائر من الأندلس المفقود الذي حلَّق عاليا وألقى عصا الرتحال في البقاع اللبناني على قمة شاهقة في لبنان حيث عرف الموطن الذي نزل فيه بـ : بلدة السلطان يعقوب

اسمه ونسبه وولادته
هو السلطان الكبير الملقب بأمير المؤمنين المنصور واسمه يعقوب بن السلطان أبي يعقوب يوسف بن أبي محمد عبد المؤمن بن علي القيسي الكوفي المغربي المراكشي وأمُّه أمَةٌ رومية اسمها سحر

ولد سنة596ه وتتباين المصادر التاريخية في وفاته الا ان ابن خلكان يؤكد رحلته الى بلاد المشرق وإقامته في سهل البقاع للعبادة وبخاصة في بلدتي عيتا و حمَّارة(المنارة) وكان يأوي الى قمة الجبل المجاور حيث شقَّ قبره بحياته بين الصخور وهذا شائع ومعروف في القرية التي حملت اسمه .

وتضيف المصادر التاريخية انه تولى الوزارة لأبيه فترة من الزمن تمرس فيها بأعباء الحكم مما خوله بعد وفاة أبيه بإجماع شيوخ الموحدين أن يتولى مكانه ولقبوه بأمير المؤمنين المنصور وكانت عاصمة خلافته مراكش ويصفه ابن خلكان بأنه كان صافي السمرة طويلا جميل الوجه أفوه أعين ضخم الأعضاء جهوري الصوت من أصدق الناس حديثا .

صفاته وجهاده :
كان السلطان يعقوب رحمه الله مثال الملك العادل التقي الورع الزاهد العابد .
رفع راية الجهاد ونصب ميزان العدل وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وأقام الحدود في أهله وعشيرته الأقربين وكان يأخذ بيد الولاة الذين عينهم إذا ظلموا فاستقامت الأمور في حياته وعلت راية العدل واتسعت الفتوحات وخاض المعارك الشرسة ضد الفرنجة وكان النصر حليفه .
ومن أشهر معاركه معركة الأرك المشهورة التي جرت بينه وبين الفرنجة بقيادة ملكهم أذفونش سنة 586هـ وتؤكد المصادر التاريخية انتصار السلطان يعقوب الانتصار الباهر وأجمعت المصادر فيه على تقدير كمية الغنائم التي حازها المسلمون بحوالي 160ألف درع ومئات الآلاف من الدواب والأحمال الكثيرة من المؤن والجواهر وعشرات ألوف الأسرى .
وكان وقع الهزيمة على الفرنجة كبير جدا مما حمل الأذفونش على حلق رأسه وأقسم أنه لن يقرب النساء ولن ينام على فراش ما لم يثأر ثم كانت الهدنة خمس سنوات ، وبعد انتهائها أخذ الطرفان بالاستعداد الحربي لها سنة 590هـ وحين عزم على التوجه من مراكش إلى جزر الإفرنج لمحاربتهم أصيب السلطان يعقوب بمرض جعل الإفرنج يطمعون في المسلمين ويعتدون على الثغور ويتهددون ويتوعدون ومما زاد في الطين بلة الرسالة التي بعثها الأذفونش إلى السلطان وهي من كتابة ابن الفخار يدعون فيها إلى المنازلة فقد أثارت الرسالة غضب السلطان الذي كتب على ظهر قطعة منها قول الله تعالى حكاية عن نبي الله سليمان عليه السلام : (فلنأتينهم بجنود لا قِبَل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون ) والجواب ما سترى لا ما تسمع وكما يقول الشاعر :
ولا كتب إلا المشرفية عنده ولا رسل إلا الخميس العرمرم
ثم زحف السلطان يعقوب بجيوشه الظافرة التي ما اعتدت التراجع ومن الأذفونش وجيوشه بهزيمة كبيرة جعلت جيوش المسلمين تتتبعهم فتقتل وتأسر ، حتى حل الظلام .
بعد ذلك قام السلطان يعقوب بحصار "طليطلة" التي هي عاصمة ملكهم حتى استسلمت فدخلها فاتحا .

سيرة ومواقف :
كان السلطان يعقوب قائد تاريخي من قادة الإسلام الذين أعطَوا بسيرتهم العطرة وسلوكهم مثالا يحتذى لطلاب الآخرة .
بعد انتصاره تنازل السلطان يعقوب عن الملك ثم يمم شطر المشرق العربي حيث أقام في سهل البقاع زاهدا عابدا في الفترة الأخيرة من حياته .
ومن مواقفه الرائعة التي تدل على شهامته أن صلاح الدين الأيوبي استنجد به في الحروب الصليبية لتخليص بيت المقدس من الأسر .
ويروي أحمد بن عبدالسلام الجرادي في كتابه "صفوة الأدب وديوان العرب" أن الدنانير اليعقوبية تنسب إليه .
ويروي ابن خلكان في كتابه "وفيات الأعيان" صورا عن عدله أن أخت الأمير يعقوب كانت زوجة لأحد أمراء إفريقيا وبسبب خلاف ما تركت منزل زوجها ولجأت إلى منزل أخيها السلطان يعقوب فرفع زوجها أمره إلى قاضي القضاة الذي كان من أمره أن كلم السلطان فلا يرد عليه السلطان ثم يكلمه ثانية وثالثة إلى أن قدم استقالته من العمل بعد أن توجه إلى السلطان بكل جرأة حول عودة أخته (أخت السلطان) إلى زوجها فما كان من السلطان يعقوب رحمه الله إلا أن أمر بعض حاشيته أن يأخذوا أخته إلى زوجها وهنأ القاضي على جرأته في الحق وأقره على عمله فكافأه .

مقام السلطان يعقوب :
على قمة جبل السلطان يعقوب يقوم مقامه الذي كان في بداية أمره مصلى صغيرا ثم ألحقت بالمقام غرفة في أيام الشهيد نور الدين ثم شيد بعد ذلك مسجد البلدة الوحيد بجانب المقام الذي يعتبر مقصد أهل الحاجات من بلاد بعيدة وبخاصة من فلسطين ليقيموا عند قبره يدعون الله تعالى متوسلين بصاحب هذا المقام ولا يخفى أن كثيرا من أهل المغرب كانوا يتخذون مقام السلطان محطة في رحلاتهم .
يروى عن شيخ الطريقة النقشبندية الشيخ علاء الدين النقشبندي أنه زاره وأقام عنده وبكى أمام ضريحه كذلك زاره العلامة العبدري وصلى في حجرته وبكى أما قبره ولا يزال هذا القبر مقصد أصحاب الحاجات الذين لا ينقطعون يوميا عن زيارته .

... السلطان يعقوب رجل قائد وزاهد عابد عرفته بلاد المغرب مجاهدا بطلا وعرفه بقاع لبنان عابدا خاشعا بمثله يُقتدى وبمثله يُتوسل وبمثله ترجع الأمجاد وتستعاد البلاد .

فعلا هي ارضنا التي تمتزج دماء العظماء بكل ذرة من
ترابها ، ساعدنا الله على حمايتها و سائر بلاد الاسلام
رحم الله هذا القائد الجليل و جزاك الله خيرا اخي المغوار...

السلام عليكم
متى يحلق طائر اخر في سمائنا ينشر فيها العدل من جديد و يسترد ما ضاع من ملكنا لم نحافظ عليه كما الرجال
بارك الله فيك اخي مغوار لقد نقلتنا الى زمن نريد ان نصنع له امتدادا بعونه تعالى