|
كرسي الابتسام .. أم كرسي النفاق !
عندما طلب مني المصور أن أبتسم مرّ بذاكرتي شريط أحداث ذلك اليوم من صباحه إلى مسائه، كان
يوما استثنائياً في كآبته ، ولم أنتبه لشرود أفكاري إلا عندما قال المصور الهندي : ( ليش انت مافي يبتسم صديق ؟ أنت في زعلان ؟) ، وراح يشعل المصابيح ويعدل الإنارة ... حاولت أن أبتسم لكن عيناي وقعتا على لوحة معلقة على الجدار المقابل ومليئة بصور لأناس من مختلف الأجناس والجنسيات ، لا يجمع بينهم سوى الابتسام ، .. إذاً هنا تختبئ كل البسمات التي كم تمنيت أن أقابل يوماً واحدة منها ؟!! لكن ما الذي جعل كل هؤلاء يبتسمون؟!! ورحت أتخيل كيف أتى كل واحدٍ منهم وجلس مكاني على نفس الكرسي ابتسمَ فتصورَ ثم مضى .. ثم أتى آخر جلس وابتسم فتصورَ ثم مضى .. ثم آخر .. ثم أخرى .. ثم آخر... كدتُ أضحك من كاريكاتورية الصورة التي رسمها خيالي ، لكني على ما بدا ابتسمتُ فهتفَ المصور : ( كدا كويس صديق ) وبدأ العد العكسي : ( ثلاثة .. اثنان .... ) لكنه لم يكمل لأني عدت إلى (تكشيرتي) قائلاً لنفسي إما أن هؤلاء الناس كانوا سعداء بالفعل عندما التُقطت صورُهم ، وهذا الاحتمال غير وارد لأن نسبة السعادة والارتياح النفسي لو كانت كبيرة بين الناس لهذه الدرجة لما أصبحت الابتسامة عملة نادرة ، وإما أنهم كانوا يصطنعون ابتساماتهم .. نعم كانوا يصطنعونها .. كانوا يخدعون أنفسهم وينافقون .. ومن يستمرئ خداع نفسه يستمرئ النفاق وخداع الآخرين .... هنا صرخ المصور بي وعلامات الغضب اكتسحت وجهه : (صديق أنت مافي ابتسام بعدين صورة ما يجي كويس .. بعدين شوف برا كتير زبون في انتظار) ، فهممتُ واقفاً وقلتُ له : (معليش صديق أنا في يروح دحين يجيب ابتسام بعدين انا يجي يشيل صورة) وغادرتهُ بسرعة قبل أن يضربني بآلة التصوير التي في يده متمتماً لنفسي وأنا أُخرِِج صورتي القديمة من محفظتي وأتمعّنُها : (صورة قديمة باهتة الألوان وصادقة أفضل من صورة جديدة زاهية الألوان وكاذبة ). |
أخي الكريم / أسعد المصري أخذتني بموضوعك هذا إلى ( أستديو التصوير ) وأجلستني على كرسيه فقد كنت أرى ما كنت تراه تماما ، ولكن لم يدر بخلدي أن تلك الإبتسامات التي نطلقها ( نفاق ) وقد كنت أنظر إلى بعض صور من أعرفهم على إثباتاتهم الرسمية فأجد فيها عجبا عجابا فهذا قد فتح عينيه حتى أنه يخيّل لك أنهما ستخرجان ، والآخر يتصنع إبتسامة من جانب فمه الأيمن ، وذلك يسبل عينيه ، وثالث قد أظهر أسنانه دون ابتسام عندما راجعت تلك الصور في مخيلتي وجدت أن ( النفاق ) هو أفضل تعبير يمكن أن نجده رغم أنه غير موجه لأحد إلا لصاحبنا ( المصوّر ) سرد رائع أخي الفاضل ، وتصوير جميل لموقف يمر علينا دائما مع أنني وجدت أن آخر عبارة في موضوعك قد تأخذنا إلى مكان بعيد ( لم أصل إليه ) تحياتي :) |
اخي .... اسعد .. لقد حاول المصور ان يظهرك باحسن صورة .... ولكنك كنت في فترة ضعف وتصرفت بحكمة وخرجت بلطف من الله ... ولكن ماذنب ذللك المصور المجتهد بان تعبس بوجهه ... بامور لايعلمها الا الله ... ولكن.. هل تعتقد ان الذين يبتسمون دائما يعبرون عن فرحهم و شعورهم بقدر ما ... يبتسمون لهدف.... مثل .. قول الحبيب صلى الله عليه وسلم (تبسمك في وجه اخيك صدقة )
وقوله (انكم لن تسعوا الناس باموالكم . ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق ) . واخيرا.....هديتي لك .... الضحك ماهو علامة مستريح والبكى احيان مايوحي بحزن خذ مثل مني انا قلبي جريح وابتسملك من غرابيل وشجن وان بكيت يجوز ابكي من صحيح من جرح,من ظلم ,من صدمة زمن او يجوز ابكي على شان استريح او نتيجة شوق او خيبة ....امل... |
إقتباس:
أخي الفاضل الوافي .. شكرا جزيلاً على مرورك الجميل .. وعلى تعليقك الأجمل .. نعم أخي الكريم .. العبارة الأخيرة في الموضوع بابٌ مشرّع على احتمالات كثيرة من الإسقاطات والتأويلات .. وتعليقك عليها هو أكثر ما أسعدني لأنني عرفت أنك لم تكن تقرأ كلماتي فحسب بلك كنتَ تقرأ ما وراء السطور ... مع أطيب التحيات . |
إقتباس:
الأخ الكريم سهيل .. مرورك محل احترامي وتقديري .. بداية أود القول أن كل المصورين يسعون إلى إظهار زبائنهم بأروع صورة .. ولكن ما الهدف الذين يسعون إليه ؟ أنا أرى أنهم ( أو معظمهم كي لا نعمم) يسعون إلى كسب المزيد من الزبائن وبالتالي المزيد من الأرباح من خلال التقاط صور جميلة ومشرقة بالابتسام .. وطبعا هذا هدف مشروع ولا أنكره عليهم .. لكني لا أرى أبدا أن هدفهم إظهار الزبون بصورة جميلة هكذا لوجه الله تعالى ... أخي الكريم .. لقد خطرت لي فكرة المقال الذي كتبته أعلاه منذ فترة خلال وجودي في أحد محلات التصوير .. لكنني يومها عدتُ إلى طبيعتي بعد القليل من الشرود ولم أخرج من المحل إلا بعد أن تصورت وابتسمت في وجه المصور شاكراً له جهوده أثناء خروجي أما خاتمة المقالة التي كتبتها فقد اخترعتها من عقلي لأحاول أن أوصل لمن يقرأ المقال الفكرة التي دارت برأسي في محل التصوير وهي : إن من يخادع نفسه لا يتردد أبدا في خداع الآخرين .. ولم أقصد من مقالتي أبدا التطرق إلى خلفيات الابتسام وما الدوافع التي تجعل الناس يبتسمون.. لكن بما أنك علقت على هذا الأمر فأريد القول أنه بالطبع هناك من يبتسم استجابة لأقوال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والتي ذكرتَها مشكوراً أعلاه .. لكن هناك أيضا الكثيرين ممن يبتسمون في وجوه الآخرين نفاقاً .. كالموظف الذي يكره مديره كره الموت ثم يبتسم في وجهه كلما رآه .. وهناك أمثلة كثيرة لا مجال لذكرها هنا .. شكراً لك أخي مرة أخرى على مرورك وعلى هديتك الجميلة .. ودمت بكل خير . |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.