التربية الروحية التربية السلفية
بســـــــم الله الرحمن الرحيـــــــــم
الحمد لله رب العالمين يا رب اللهم ارحمنا وفقهنا في الدين واغفر لنا ولوالدينا اجمعين، وأصلح زوجاتنا وذرياتنا وأصلحهم يا رب العالمين، والطف بنا ولجميع المسلمين فإنك على كل شيء قدير. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. الله ربي لا أريد سواه === هل في الوجود خالق إلا هو الشمس والقمر من أنوار حكمته === البر والبحر فيض من عطاياه وأشهد أن محمدا رسول الله الهادي البشير والشراج المنير وشفيعنا يوم الدين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يا سيد السادات يا باب الحمى === يامن على الرسل الكرام تقدما صلى عليك الله يا علم الهدى، يا علم الهدى صلى عليك الله ماهبت النسائم وما ناحت على الأيك الحمائم. أما بعد فيا حماة الإسلام وحراس العقيدة. دعونا نتكلم عن التربية الروحية أو التربية الأخلافية المعروفة بعلم التصوّف علم التصوف أو الصوفية هي أحد العلوم أو إذا شئت فقل أحد أركان الدين الإسلامي، فالإسلام يقوم على ركاز ثلاث وهي من الدين كما جاء الحديث الشريف وهي الإيمان والإسلام والإحسان، فالإيمان هي مقام العقيدة الإسلامية، والإسلام هي مقام الفقه والعبادات والمعاملات الفقهية أما التصوف فهي مقام الإحسان. وإليكم الحديث الشريف الذي يروية الإمام مسلم بن الحجاج القشيري رحمه الله في صحيحه: عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ،قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ بِالْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ. فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنَ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ فَقُلْنَا: لَو لَقِينَا أَحَدا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هؤُلاَءِ فِي الْقَدَرِ. فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلاً الْمَسْجِدَ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي. أَحَدُنا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ. فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سيَكِلُ الْكَلاَمَ إِليَّ. فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ! إِنَّهُ قَد ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَأُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ. ـ وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ ـ، وَأَنَّهُمْ يَزْعَمُونَ أَنْ لاَ قَدَرَ. وأنَّ الأَمْرَ أُنُفٌ. قَالَ: فَإِذَا لَقِيتَ أُولئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ! لَوْ أَنَّ لأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبا فَأَنْفَقَهُ، مَا قَبِلَ الله مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ. ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ . فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! أَخْبِرْنِي عَن الإِسْلاَمِ؟. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ : «الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدا رَسُولُ اللّهِ ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ، إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ فَعَجِبْنَا لَهُ، يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ!. قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِالله، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرهِ» قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَانِ؟. قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ». قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ؟. قَالَ: «مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا. قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا. وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ، الْعَالَةَ، رِعاءَ الشَّاءِ، يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ». قَالَ ثُمَّ انْطَلَقَ. فَلَبِثْتُ مَلِيّا. ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا عُمَرُ! أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟» قُلْتُ: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ. أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ». صحيح مسلم كتاب الإيمان. في هذا الحديث فوائد كثيرة جدا ولكن الذي يهمنا الآن أن جبريل عليه السلام سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان، وفكان جوابه صلى الله عليه وآله وسلم عن الإحسان هو: (( «أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ» )) وهذا هو عين التصوف تستحضر عظمة الخالق وقدرته عليك وأنت تعبده، تحس أنه مطلع عليه يعلم سرك وجهرك ولا تغيب عنه لحظة واحده، فهو تعالى لا يغفل ولا ينام، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فتجد نفسك ترتقي من ساسف الأمور إلى معاليها، لأنك تستشعر عظمة الخالق ومراقته لك، فتبتعد عن كل ما نهى الله تعالى وتتحقق معنى التقوى والورع. فكيف لا يكون ذلك وقد أعجب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ببنت بائعة اللبن حيث أنكرت على أمها أن تغش اللبن بأن تمزجه بالماء وأن هذا ما نهى عنه الله ورسوله وكذلك نهى عنه أمير المؤمين عمر فقالت بأن عمر لا يعلم فقالت ابنتها إن كان عمر لا يعلم فإن رب عمر يعلم!!! هنا تتجلى معاني هذا الإحساس بوجود الله تعالى وعلمه بنا جميعا، فلا تجد أحد يقوم بهذه الأمور المنكرة وهي الغش والكذب والنميمة والسرقة والشتائم وغيرها من الأخلاق الرذيلة وترى المرء من هذا الأمر يقبل على الطاعات من الصدق والوفاء وحسن الخلق والأمانة. وترى في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الثلاثة الذين أطبق عليهم الغار فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم فكان أحدم توسل إليه بأنه لم يرتكب الفاحشة مع ابنة عمة رغم الظروف المهيئة له لممارستة هذه الفاحشة ولكن الذي منعه خوفه من الله تعالى فلذلك تجد من هذا الصنف من السبعة الذين يظلم الله تعالى يوم لا ظل إلا ظله وهو أن تدعه المرأة ذات منصب وجمال فيقول إني أخاف الله رب العالمين!! المسألة خلق وإحساس كأنك ترى الله تعالى أمامك مطلع عليه فيما تفعل وفيما تقوم به بأي عمل في كل حركاتك وسكناتك فإن لم تكن تراه فإنه يراك، فهذا هو جوهر وروح الإسلام، فلا يكون الإسلام إسلاما إذا فقد المرء هذه المعاني السامية وأخذ يفعل كل ما حرم الله تعالى، وربما يتطور به الأمر إلى أن يصبح من أسوأ الناس خلقا وربما أصبح مجرما يبطش وينهب ويقتل وو الخ فمن يفعل هذا فهو مريض في قلبه مرض. يقول أحد الرجال الكرام إن التشريع والأحكام الإسلامية التي في الكتاب والسنة تنقسم إلى ثلاثة أقسام، قسم يدعوا إلى التوحيد وهو علم التوحيد أو علم الكلام، وقسم يدعوا إلى التفقه في العبادات من الصلاة والزكاة والحج والصيام وعدم أكل الربا والبيوع والإرث وغيره ويسمى بعلم الفقه، أما القسم الثالث فهو يتعلق بالنفس، وبالروحانية وبأخلاق المرء المسلم وتزكتها من الحقد والحسد والكبر والعجب والربا والغيبة والنميمة والفحش والتفحش والبذاءة ومن الأمراض النفسية ومن رذائل الأمور، والحث بالتقوى وذكر الله والمراقبته والإبتعاد عما نهى الله عنه ورسوله واتباع عما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وحسن المعاشرة بين المسلمين والمعاملة معهم ومع غيرهم من البشر، يدعون الناس للخير والهدى وهذا يسمى بـ (علم التصوف) وقد أجمع جمهور العلماء على هذا الإسم ومنهم من يسمية بـ ( علم الإحسان) وبعضهم يسميه بـ ( علم تزكية النفس) وقد سماه ابن تيمية بـ (علم السلوك) . يقول الشيخ الجلال المحلّي: " واما الصوفي فهو ذو النفس الأبية يربأ بها عن سفاسف الأمور من الأخلاق المذمومة مثل الكبر والغضب والعجب والحقد والحسد وسوء الخلق وقلة الاحتمال إلى غير ذلك، وهذا مأخوذ من قوله عليه الصلاة والسلام: ( إن الله يحب معالى الأمور، ويكره سفاسفها ) .. رواه الطبراني . ومن صفات الصوفي أيضا أنه العارف بما يعرف به الله تعالى من صفاته، والمتصوّر تبعيده لعبده بإضلاله، وتقريب له بهدايته حتى خاف عقابه ورجا ثوابه فأصغى إلى الأمر والنهي فارتكب مأموره واجتنب منهيّه فأحبه مولاه، فكان سمعه وبصره ويده التي يبطش بها واتخذه وليا، إن سأله أعطاه وإن استعاذ به أعاذه، وهذا مأخوذ من قوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري حديثا قدسيا: ( ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التى يمشي بها، وإن سألني أعطيته وإن استعاذ بي لأعيذنّه) " اهـ . انتهى كلامه. فالمسألة أخلاق ولذلك سيف الله الصقيل سيدي الإمام/السيد طارق السعدي الحسني -وفقه الله تعالى- بعض من الأحاديث النبوية وقال عنها بأن ذلك هو التصوف منها قوله صلى الله عليه وسلم: ( إنما بعثت لأتمم صــالح الأخــلاق) . وفي رواية( لأتمم مكــارم الأخـلاق) . ولهذا اشتهر العلماء الصوفية في معالجتهم للناس والأخلاق بعلوم شتى ومنها علم الروح والقلب وكل هذا لظروف طرأت جعلت العلماء تعقد علوم في معالجة النقص الوازع الديني لدى الناس بعد تقدم العصور حتى ترى يومنا هذا من يصلون بلا خشوع، ومنهم من يفعل ما حرم الله تعالى ومنهم من إن تقول له اتق الله أخذته العزة بالإثم. . والعياذ بالله . من المباحث الرئيسية في هذا المجال كثيرة منها الروح والقلب والعقل. فعلم الروح عند السادة الصوفية فهو علم لا يتطرّق في معرفة الروح وهويتها وماهيتها فهذا تكلّف، فالعلم عن ماهية الروح تكلّف وأهل هذا العلم بعيدون عن التكلّف إذ أن علمها أختص به الله وحده عز وجل لقوله تعالى: { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } سورة الإسراء 85. قال تعالى في سورة الأعراف: { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسم ألست بربكم قالوا بلى } قال سيدنا أبي بن كعب جمعهم الله فجعلهم أرواحا ثم صورهم فاستنطقهم فتكلموا ثم أخذ عليهم العهد والميثاق وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلي... فالروح عارفة بالله تعالى مقرة له ولكن عند مخالطتها بالجسد تبدأ عليها طواريء عديدة فتفقدها هويتها ألا وهو عبوديتها لله تبارك وتعالى وذلك للظروف المحيطة بها وذلك لتلقيها والأخذ عما يحيط حولها من البشر. فيخرج الإنسان من بطن أمه لا يعلم شيئا ولكن الله جعل له السمع والبصر والفؤاد والعقل ليتعلم ويرجع إلى أصله الأول ألا وهو العبودية لله تعالى فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللّهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- قَالَ: «كُلُّ إِنْسَانٍ تَلِدُهُ أُمُّهُ عَلَى الْفِطْرَةِ. وَأَبَوَاهُ، بَعْدُ، يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ . فَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَمُسْلِمٌ. كُلُّ إِنْسَانٍ تَلِدُهُ أُمُّهُ يَلْكُزُهُ الشَّيْطَانُ فِي حِضْنَيْهِ، إِلاَّ مَرْيَمَ وَابْنَهَا». رواه مسلم. قال المزريّ عن الفطرة: قيل هي ما أخذ عليهم في أصلاب آبائهم، وإن الولادة تقع عليها حتى يحصل إلى بالأبوين .. وقال ابن المبارك: يولد على ما يصير إليه من سعادة أو شقاوة، فمن علم الله تعالى أنه يصير مسلماً ولد على فطرة الإسلام، ومن علم أنه يصير كافراً ولد على الكفر. وخير قول قاله الإمام الرباني الحافظ النووي في شرحه على صحيح مسلم حيث قال: "والأصح أن معناه أن كل مولود يولد متهيئاً للإسلام فمن كان أبواه أو أحدهما مسلماً استمر على الإسلام في أحكام الآخرة والدنيا، وإن كان أبواه كافرين جرى عليه حكمهما في أحكام الدنيا، وهذا معنى يهودانه وينصرانه ويمجسانه أي يحكم له بحكمهما في الدنيا، فإن بلغ استمر عليه حكم الكفر ودينهما، فإن كانت سبقت له سعادة أسلم وإلا مات على كفره." إذن فالروح مع مخالطتها بالجسد تبدأ تتأثر بالعوامل والبيئة المحيطة بها، فلابد من الرجوع إلى الله تعالى، والطريق إلى الله ممهد وهو العلم بالله تعالى وبصفاته والعبودية الخالصة له تعالى وذلك بالإقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومخالطة الصالحين والعارفين في الله والرتوع إلى حياض الجنة وهي مجالس الذكر. قال تعالى: { وتوكل على الحي الذي لايموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا بصيرا، الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا } فقوله تعالى: { فاسأل به خبيرا } فهو نص يحتمل أكثر من معنى وأحد معانيها أن تسأل العارفين في الله عن الله تعالى. فاعلم أن جميع طرق السادة الصوفية تتجه إلى هذا الإتجاه معرفة الله تعالى وإخلاص العبودية له لا رياء ولا يحزنون وكثرة الذكر، ذكر الله تعالى مما ورثناه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الأذكار المعروفة والأدعية المأثورة مع المداومة عليها، هنا تسموا الروح وتتعرف إلى ربها وخالقها كما أقرت له من قبل، ولذلك فإنني ألح دائما على الذكر والأوراد لأن في ذلك تتحقق المقاصد وينال المطلوب وتسموا الروح وينفطر القلب ولذلك قال تعالى في الحديث القدسي: (( أنا عند المنكسرة قلوبهم لذكري )). وحديث آخر: (( وأنا معه إذا ذكرني )). فالله مع العبد إذا ذكره، ومعية الله للعبد لها آثارها من جملتها رعاية الله للعبد وحماية، فيكون كما يقال رباني فهذا أول مجال من مجالات علم التصوف، فهذا هو التصوف. بالنسبة للذكر فقد ذكرة حجة الإسلام الإمام الغزالي في كتابه "إحياء علوم الدين" حيث قال: ويدل على فضيلة الذكر على الجملة من الآيات: قوله سبحانه وتعالى: {فاذْكُرُوني أَذْكُرْكُمْ} قال ثابت البناني رحمه الله: إني أعلم متى يذكرني ربـي عز وجل، ففزعوا منه وقالوا: كيف تعلم ذلك؟ فقال: إذا ذكرته ذكرني. وقال تعالى: {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثيراً} وقال تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ} وقال تعالى: {فإذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ} قال ابن عباس رضي الله عنهما: أي بالليل والنهار في البر والبحر والسفر والحضر والغنى والفقر والمرض والصحة والسر والعلانية. وقال تعالى في ذم المنافقين: {وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلا قَلِيلاً} وقال عز وجل: {واذْكُرْ رَبَّكَ في نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وخِيفَةً ودُونَ الجَهْرِ مِنْ القَوْلِ بالغُدُوِّ والآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الغَافِلينَ} وقال تعالى: {ولَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} قال ابن عباس رضي الله عنهما: له وجهان: أحدهما أن ذكر الله تعالى لكم أعظم من ذكركم إياه، والآخر: أن ذكر الله أعظم من كل عبادة سواه. إلى غير ذلك من الآيات. وأما الأخبار: فقد قال رسول الله وقال : «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا مَعَ عَبْدِي ما ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ شَفَتَاهُ بِـي» وقال : «ما عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» ، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبـيل الله؟ قال: «وَلا الجِهَادُ فِي سَبِـيلِ اللَّهِ إِلاَّ أَنْ تَضْرِبَ بَسَيْفِكَ حَتَّى يَنْقَطِعَ، ثُمّ تَضْرِبَ بِهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ، ثُمَّ تَضْرِبَ بِهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ» وقال : «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْتَعَ فِي رِيَاضِ الجَنَّةِ فَلْيُكْثِرْ ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» وسئل رسول الله : أي الأعمال أفضل؟ فقال: «أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» ثم تابعونا في الكلام عن القلب كما تكلمنا عن الروح----> |
جزاك الله خيرًا أخي على نيتك الطيبة
وأحب أن أستفسر هل هناك فرق بين الصوفية والتصوف؟ وإن كانت بالفعل هذه هي مبادئ (الصوفية) فما الذي يجعل الكثيرين يحيدون عن هذه المثل التي صوّرتَها.. أم أن الصورة التي تنقل إلينا هي صورة مشوهة عن الصوفية؟ وهل أنت مقتنع أنه لا فرق بين التصوف الذي كان عليه الجنيد البغدادي والغزالي وغيره هو نفسه التصوف الذي يمارس اليوم بشكل عام؟ |
الاستفسار هو عن كلمتي
الصوفية والمتصوفة ما الفرق بينهما؟ |
السلام عليكم
جزاكم الله خيراً. الأصل في منطلقنا التربوي قوله (صلى الله عليه وسلم): (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، فمراقبة الله تعالى مفتاح التزكية وأصل الارتقاء في المدارج والمعارج داخل حصن من أحكام الشريعة واللالتزام الشرعي. والله تعالى أعلم. |
الأخ العزيز عبدالله الصادق
بارك الله فيك بالنسبة لكلمتي التصوف والصوفية، فكلمة الصوفية تطلق على الجماعة السالكة السلوك الحسن بتزكية النفس ومجاهدتها. فإنني لا أهتم بالتسميات ومن أي مصدر اشتق هذا الإسم الذي يهمنا هو سلامة المبدأ والإقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. بالنسبة لسؤال: وإن كانت بالفعل هذه هي مبادئ (الصوفية) فما الذي يجعل الكثيرين يحيدون عن هذه المثل التي صوّرتَها أقول والله أعلم أن هناك عوامل أدت إلى تشويه الصورة البهية للسادة الصوفية، فهي كثيرة ولا أستطيع حصرها إلى نقاط. هناك من العلماء الأجلاء من دست في كتبهم كلام مخالف لنهج الإسلام وللعقيدة كذلك، فالذين يطعنون على الصوفية في عصرنا هذا قد انكبوا على مؤلفات الشيخ الكبير محيي الدين بن عربي والإمام الشعراني وغيرهما من شيوخ التصوف من كانوا مشتغلين في الفلسفة، وجدوا في كتبهم كثير من الطامات، فحاربوها وحاربوا كل صوفي وذلك لعدم أو قصر فهمهم معاني ومواضيع الموجودة في كتبهم... هذه نقطة النقطة الثانية في كتب هذين العالمين الجليلين عبارات من الدسائس مدسوسة في كتبهم، والذي يقول بها خرج عن الملة وقد اكتشف هذا التلاعب وتنبه لها الإمام الشعراني رحمه الله فأخذ يحذر الناس منها بأن هناك من تلاعب في كتبه فزوّر وحرف الكلام.. انظر كتابه تنبيه المغترين. كذلك في كتب محيي الدين بن عربي رحمه الله هناك عبارات قد تم تزويرها بعد موته منها هذين البيتين. الرب عبدٌ والعبد ربٌ +++ فليت شعري من المكلف إن قلت عبدٌ فذاك ربٌ +++ وإن قلت ربٌ أنى يكلف هذين البيتين الكثير من الناس ينسبونه إلى محيي الدين بن عربي وخاصة ممن يطعن في الصوفية، وهذين البيتين من وضع الكذابين وتحريفهم لأن وجد في كثير من كتبه المحققه والسليمة من العبث يقول فيها الرب حقٌ والعبد حقٌ +++ فليت شعري من المكلف إن قلت عبدٌ فذاك ميتٌ +++ وإن قلت ربٌ أني يكلف قارن بين هذين البيتين والبيتين قبلهما واحكم. ولو ترى أن غالب على كلمات الشيخ الكبير محيي الدين بن عربي الفلسفة لأن هذا هو اسلوبه، وأحيانا من الصعب أن تفهم عليه ماذا يقول؟. ثم أن هناك من يخوض في بعض العلوم ومن مصطلحات الصوفية من غير علم وفقه كمثل ذلك الرجل الذي يخوض في مسائل الفناء والبقاء وأخذ يأتي من الطامات، فسأله الإمام الشعراني مسألة فقهية وهي عن شروط صحة الصلاة ماهي؟؟ فقال الرجل: لا أدري، فقام الإمام يوبخه أي كيف تتكلم في أمور كهذه وأنت رجل جاهل غير فقيه، تتكلم من غير علم فقد ضللت وأضللت ومثلك لايصد إليه في تعليم الدين... انظر إلى كتاب تنبيه المغترين. ومع هذا نحن نقول للجميع ألا ينكبوا في قراءة كتب محيي الدين بن عربي ولا غيره والسبب كما بيناه من قبل، بل على الناس أن ينظرون على علماء أفاضل ألفوا كتب في إرشاد الناس كالإمام الجنيد والسيد الإمام الكبير أحمد الرفاعي وغيرهم من أهل الفضل الربانيون منهم حجة الإسلام الإمام الغزالي. كتب حجة الإسلام الغزالي طافحة في السلوك الصحيح وهي علم التصوف. عندك من كتبه - بداية الهداية - إحياء علوم الدين حتى قيل أن من لم يقرأ الإحياء فليس من الأحياء :) اما سؤالك: وهل أنت مقتنع أنه لا فرق بين التصوف الذي كان عليه الجنيد البغدادي والغزالي وغيره هو نفسه التصوف الذي يمارس اليوم بشكل عام؟ أقول: إنني أحث في الإنكباب على كتبهما فهي عين التصوف التي لأنها روح هذا الدين به يحيى،. ثم أن هناك لا فرق بين تصوفهما وتصوف العلماء اليوم، فأغلب العلماء اليوم يأخذون منهم العلوم في بداب العظة وتذكير الناس بالله تعالى. ولعل هناك من يستطيع بيان ما قلته سابقا خير مني |
لماذا لاتصرحون بصوفيتكم
تعرف على الصوفية الحقة ارجو قراءة الموضوع كاملا لكل من يبحث عن الحق ومن كتبهم http://www.salafi.net/books/hbook9.html وهذا http://www.geocities.com/albargothy_...raq/sofeya.htm -------------------- |
كما قلنا هناك من يطعن في الصوفية يأتي من الكتب المزورة والتي تم تحريفها وإتلافها كما جرى لكتب الشيخ الكبير محيي الدين بن عربي والشعراني وهذا ما جاء بهما رجل يدعى بـ ( عبدالرحمن عبدالخالق ) وكتابه الذي شحنه بالإفتراءات .
كما هو مبين في الرابط التالي http://www.salafi.net/books/hbook9.html نسأل الله العفوا والعافية |
ثم نأت في ذكر القلب.
القلب، ماهو القلب؟ حسب التعريف العلمي له هو كيس عضلي يقوم بضخ الدم إلى سائر أنحاء الجسم. فالقلب لقي اهتمام كبير في كتاب الله العزيز جل وعلى وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، فالصوفية وطرقها المتعددة تهتم كل الإهتمام بالقلب وتيقظه ومراقبة الله تعالى، وقد قال تعالى : { وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يِهْدِ قَلْبَه} . فهداية القلب تأتي بعد الإيمان بالله تعالى والتعرف عليه كما سبق وقلنا وقد قال تعالى: { يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم } فللقلب وضعه الصحي وسلامته من الأمراض القلبية، فهذه الأمراض ليست بأمراض قلبية عضوية مثل النوبات القلبية - عافاكم الله منها - بل هي أمراض معنوية مثل الحسد والكره والكِبْر وغيرها من الأخلاق المذمومة فلابد من أن نأتي الله تعالى يوم القيامة وقلبنا خالٍ من هذه الشوائب والأمراض. ولذلك يقول الله تعالى: { أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى }. وقال تعالى: { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } فهذا يعني أن القلب يعمى. وقال تعالى: { في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا } إذن فالقلب يمرض ويقسوا ويختم الله عليه ويكون عليه الران كما قال تعالى: { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون }. فتابعونا نذكر الأحاديث وندخل في الموضوع.---------> |
ولو أنني ضد مبدإ رفع المواضيع عامةً
إلا أنني أجد أن إحلال المواضيع التي تخدم الإسلام أولى من المراء |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.