أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

الشعراء..معادن!! *********************
"كان الشاعر في القديم ينزل منزلة النبي, فيعتقد قوله, و يصدق حكمه, و يؤمن بكهانته, فانظر إلى تفاوت مابين الحالين, حال كان ينزل فيها منزلة أشرف العالمو أفضلهم, و حال صار ينزل فيها منزلة أخس العالم و أنقصهم" ابن حازم القرطاجني

****************
ماذا لو أسلمنا لابن سلام الجمحي , أو لابن رشيق زمام المشهد الابداعي الحالي ليعيدا ترتيبه و تأثيثه وفق رؤيتهما الخاصة للشعر و الشعراء؟!
من المؤكد أن هذا الاقتراح طريف , لكن أمام حالة التدفق الشعري التي أصابت المتلقي بدوار ما عاد يفرق بسببه بين الشعر و ماليس شعرا, وأمام انجرار النقد وراء "تقليعات" حداثية تحرضه على رفض التبعية للنص الأدبي , و الانكفاء على تثوير لغة نقدية جديدة , تحقق له شرط الابداعية ,أمام كل هذا لا نملك إلا العودة مضطرين الى مبدأ تقسيم الشعراء الذي اعتمده الناقد العربي القديم صونا للقول الشعري من الانحدار الى مراتب الابتذال:
إذ لجأ ابن سلام ,مثلا, لتقسيم الشعراء الى طبقات , وفق مقاييس فنية محددة , و استغل خبرته ك"قارئ"حصيف لديوان العرب, لتقعيد الصناعة الشعرية , و ابتداع مواصفات الشاعر التي لا مناص من التحلي بها , و إتقانها لبلوغ منزلة الأفذاذ!.
في حين ارتكز بن رشيق في تقسيمه للشعراء الى اربع مراتب على درجة اقترابهم من الشاعرية الحقة, التي تعني لديه : المزج الذكي بين "الطبع"أي الدفقة الشعورية التي تقوم في النفس و تحرك القريحة و بين جملة الخصائص الفنية التي لا يستقيم الشعر إلا بها و التي تعكس اقتدار الشاعر و فحولته !, هكذا قسم الشعراء على النحو الآتي :
- شاعر خنذيذ: شعره جيد إضافة لإحاطته بفنون القول الشعري , و امتلاكه ناصية اللغة .
-شاعر مفلق: شعره جيد, لكن تعوزه الدراية باللغة وأسرار الصفة الشعرية .
-شاعر: وهو فوق الرديء بدرجة!!
-شعرور: وهو لاشيء!!!
ويعمد أحدهم الى اعتماد ثالث قد يصون –في حال تبنيه كخيار نقدي-حرمة القول الشعري:

الشعراء ,فاعلمن, أربعة
فشاعريجري و لا يجرى معه
و شاعر يخوض وسط المعمعة
و شاعر لا تشتهي ان تسمعه
و شاعر لا تستحي أن تصفعه!
******************

إننا في حضرة النص النقدي القديم نستشعر جلالة و سموالقول الشعري و الغيرة حد التطرف على " علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه", لذا ألم يكن من الأجدى لنقادنا الأفاضل إضاءة المقولات القديمة و ملاءمتها مع الراهن و المستجد بدل التمسك بخطاب حداثي ينكشف خطله يوما بعد يوم؟!
يوسف المغربي