أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   خيمة الأسرة والمجتمع (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=21)
-   -   ماتت قبل أن تموت (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=56564)

jana 10-08-2006 04:43 PM

ماتت قبل أن تموت
 
رحلة العمر مرت بي.. هكذا.. تركتني، ظهر أحناه الزمن، وخطوط رسمت طريقها بقوة على جسدي.. ألهث حين أمشي، أتعب حين أعمل، تسلل المرض إلى جسدي، أشكو قلة النظر، والأحرف تتساقط من الكلمات حين تصل مسمعي كنت وكنا.. قلب ينبض بالحياة وجسد مفعم بالحيوية والنشاط وهمة لا تفتر ولا تمل عن العمل.


كانوا حولي أطفالاً يطلبون الرعاية، يحتاجون العناية وقبل كل ذلك كانوا متعطشين إلى الحب إلى العطاء إلى كلمة معناها أكبر من أن تشملها حروف...

إلى الأم...

وكنت تلك الأم التي تمنوا وأرادوا، لم أعرف الملل يوماً، أحببت العطاء لأنه يرضي غريزة الأمومة في داخلي، كنت كل شيء في حياتهم، كنت الأمان الذي يلجأون إليه عندما يطرق الخوف قلوبهم، وكنت الإجابة على إشارات الاستفهام والتعجب المتصاعدة في رؤوسهم، وكنت نعم حين كان الجميع يقول لا في وجوههم.


تحملت أخطاءهم، ورسمت لهم طريقهم، أخبرتهم عن الصح والخطأ، عن الحلال والحرام، عن الحب وصلة الرحم، عن العبادة والتقرب إلى الله.


تمنيت أن يدخلهم الله الجنة فحرصت أن أرشدهم إلى طريقها.. تعبت.. عانيت.. فرحت وبكيت.. ولكني ربيت.

كبروا وكبرت، شبوا وشبت، أينعوا وذبلت، وفجأة نظرت حولي فلم أجد أحداً منهم، وبدأت أسأل بعد أن كنت أجيب أين ذهبوا، أين هم، كيف هو حالهم، وكان ردهم واحد؛ مسـؤوليات الحياة، المشاغل، العائلة، الزوجة، الأطفال، العمل والمستقبل.


وأنا؟... أين أنا من كل هذا، صرت ماضياً لا قيمة له، مجرد ذكرى، صفحة في كتاب طفولتهم المليء بالذكريات التي يستمتعون بالحديث عنها بين فترة وأخرى؛ أيام البراءة واللعب، الشقاوة والحرية..


نعم مجرد صفحة لا تجد لها مكاناً في يومياتهم.


فراغ في حياتي، لم أعتقد أني سأعيشه يوماً،

سيدي حرازم يطرونس 10-08-2006 04:59 PM

جانا..
نسجل إعجابنا بداية.. بنزيف قلمك، وأنين خطك.
كلنا لها.
نحن مجرد آلات لصنع الذكريات.
هكذا شاء القدر.. وحياة تجري بنا "مشاغل الحياة" بسرعة الظلم.
من موقعي كإبن ومن موقعك كأم لنا أن نتبادل هذا الحدث.
أنا أعشق السفر وأدمن الخروج.. أحيانا أغيب عن منزلنا حتى ساعة متأخرة، وأحيانا أسافر دون حتى أن أترك أي خبر.
كم من مرة أتناول إفطاري مع الأسرة، وفي الغذاء تهاتفني أمي حتى أعجل بالحضور إلى البيت فنتناول الغذاء مجتمعين.. قد لا أرد.. وإذا صادف وهاتفي مشغل أقول لها : أمي، أنا في مدينة أخرى على بعد 300 كلم.. وقد أعود بعد يومين..
وهي تصرخ في وجهي طبعا.. أقول لها وما الضير؟ ماذا يجري؟ هما يومان وأعود. لا تعقدي الأمور.
فتقول لي : سيكون لك أطفال وسيفعلون بك هذا.. عندها ستفهم.. وستتذكر أمك.
أنا بانتظار ذلك اليوم.. أظنني لن افهم إلا بعد ثلاثين سنة.. عندما يصبح لي أطفال طبعا ويفعلون بي هذا.

"نعم مجرد صفحة لا تجد لها مكاناً في يومياتهم.
فراغ (سيصبح) في حياتي، لم أعتقد أني سأعيشه يوماً (بعد ثلاثين سنة)".

سيدتي.
ولي قصة أخرى سوف أطوي لظاها.
وشاي سيبرد بعد قليل.
أستغفرك، وأستودعك.


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.