الشيخ حسن المالكي صريح !!!
مناهج التعليم - بقلم حسن بن فرحان المالكي، البحث الذي أثار غضب اللحيدان والفوزان قراءة نقدية لمقررات (التوحيد) لمراحل التعليم العام. http://www.arabianobserver.com/albahth.htm الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان أما بعد. فهذه رؤية لوضع المقررات الدينية بشكل عام - ومقررات التوحيد بشكل خاص- لمراحل التعليم العام، كتبناها باختصار مع مقدمة تمهيدية وبيان للجذور الفكرية والتاريخية للمقررات التعليمية. وقبل كتابة هذا التقرير عن (مقررات التوحيد) يجب من باب الإنصاف أن نقول: إننا وجدنا مقررات الفقه أفضل بكثير من مقررات التوحيد، وكأن المقررات الدينية لا تصدر في دولة واحدة، فضلاً عن وزارة واحدة ووكالة واحدة ووحدة مناهج واحدة فمقررات الفقه (وخاصة المرحلة الثانوية) تتمتع بكثرة الفوائد وقلة التكرار وغزارة المعلومات وحسن العرض وسهولة الخطاب ومتعة القراءة، استطاع مؤلفوها بحق أن يعرضوا وجهاً حسناً لطالب العلم الشرعي في المملكة وطالب العلم الباحث الرزين الحريص على مصلحة الطالب وفائدته وتحصيله فهي بحق من إنجازات وزارة المعارف في عهد وزيرها الحالي[1]. على الضد من ذلك (مقررات التوحيد) التي اتسمت بالتكفير والتبديع والغلو وزرع الكراهية للمسلمين وضيق الأفق والتناقض والضبابية والتعالم والدعاوى وعدم مراعاة أبسط البدهيات كما سيأتي شرح هذا مستوفى أو شبه مستوفى في هذه المذكرة، وقبل الدخول في النقد العام والتفصيلي لمقررات التوحيد سأذكر هذه الأمور التمهيدية التي أرى ذكرها قبل استعراض أبرز الملحوظات على مقررات التوحيد. أولاً: أمور تمهيدية: قبل الحديث عن المناهج التعليمية[2] يجب أن نؤكد على عدة أمور وهي: 1- ليس لنا مصلحة ولا لأي مواطن في التشنيع على مقرر من المقررات إلا من باب النصيحة والحرص على هذا الدين ألا نلبسه غلونا وأخطاءنا أو نلبسه ما ليس منه من الأفكار المخالفة للنصوص الشرعية، وكم تمنيت أنني أجد مقررات التوحيد في مستوى مقررات الفقه في الفائدة واجتناب السلبيات وأبرزها التكفير والغلو في النظرة إلى الآخرين، لذلك يجب أن نوطن أنفسنا على تقبل النقد ومراعاة مصلحة الدين أولاً ثم مصلحة المسلمين من مواطنين وغيرهم، تلك المصلحة التي لا نقصد منها التخلي عن حق وإنما التخلي عن الباطل وعن اتهام المسلمين بالشرك الأكبر المخرج من الملة كما سيأتي مفصلاً. 2- يجب على الجميع ترك سوء الظن بمن نقد مقررات التوحيد أو غيرها ولو أخطأ، فالتشكيك في النقد والاستعداء عليه من الأمور التي يجب أن نترفع عنها في هذا العصر بالذات حتى تكون الكلمة مجتمعة والصف متحداً، فلم يحتج المسلمون لبعضهم كحاجتهم لبعضهم في هذا الوقت، فضلاً عن حاجة المواطنين لبعضهم، علماء وطلبة علم وعامة، حكاماً ومحكومين، ..فلذلك نأمل أن نكون في مستوى من العقل والحكمة لنجنب أنفسنا ووطننا التدابر والتقاطع والإختلاف المذموم فهذه الأمور منهي عنها شرعاً، وقبل أن نرجع النظر في تطبييق (الولاء والبراء) في حق الكفار من باب أولى أن نعيد النظر في سوء تطبيقه بين المسلمين المؤمنين برب واحد ونبي واحد ودين واحد المتفقين في أصول الإسلام[3]. 3- أن التجديد والمراجعة والتنقيح أمور مطلوبة بشكل دائم غير مرتبطة بحدث ولا توجيه، فالتجديد مطلب بغض النظر عن أي وجهات نظر متحفظة أو مبالغة في النقد، وضرورة هذا الأمر ينبع من حقيقة ثابتة وهي أن المناهج أو المقررات هي (إنتاجات بشرية) يعتريها النقص وتحتاج للمراجعة والتطوير وليست نصوصاً شرعية لا يجوز التعديل فيها أو النقد. 4- إذا أردنا التجديد فعلينا أن نتبع السبل الصحيحة، فلا يمكن لفرد أن يجدد وحده ولا فريق لا يحمل صلاحية التجديد والتطوير، أو يجهل كثيراً من الأمور العلمية، فمن المفترض إذن أن يقوم بالتجديد (فريق عمل) كامل، فيه جميع التخصصات، ويمتلك الجرأة والصلاحية الكاملة، بحيث يخرج المقرر الواحد مراعياً الناحية العلمية ومصلحة المسلمين ويكون نتيجة (مزيج) من التخصصات المختلفة من شرع ولغة وتربية وعلم نفس وعلم اجتماع...الخ. 5- المقررات الدينية جزء لا يتجزأ من سائر المقررات، يجب أن يراعى فيه التدرج العقلي والنفسي واللغوي والتكليفي (العملي) للطالب. 6- المقررات الشرعية بشكل خاص لم تحظ من التجديد والمراجعة وحسن التشخيص ما حصل للمقررات الأخرى نتيجة التدخلات من خارج الوزارة تلك التدخلات المبالغة في التحفظ وسوء الظن بالقائمين على التعليم، وهذا التدخل غير العلمي ولا النظامي أفقد المقررات التواصل مع هموم الطالب واستشكالاته وتلبية مشاكلة إضافة لتعقيدها للعبارة وضبابيتها وسطحيتها وضعفها العلمي وتناقضاتها، فالمؤلف نفسه لو سئل عما يعنيه بكثير من عباراتها لما عرف ذلك، فكانت صياغتها أقرب لإرضاء المتحفظين منها لفائدة الطالب، إذ تمت مراعاة رغبة (بعض المتحفظين) على حساب حاجات الطالب الفكرية والعملية واللغوية والعقلية والنفسية..الخ، فكانت هذه المراعاة للمتحفظين على حساب العلم والحقائق ومصلحة الطالب وشخصيته، وهذا خطأ محوري يجب أن تعترف به الوزارة والقائمون على وضع المناهج وتأليف المقررات. 7- والآن ! يجب ألا نكرر الأخطاء السابقة التي وقعنا فيها، وأن تكون الوزارة في مستوى مطلوب من الشجاعة لتشخيص داء المقررات الدينية وإصلاحها، إصلاحاً عليماً لا يجامل مجموعة من المتحفظين على حساب ملايين الطلاب وعلى حساب الحقيقة والأهداف السامية. 8- أما داء المقررات ( وخاصة مقررات التوحيد) فنقصد بالداء ذلك الداء المخالف للنصوص الشرعية وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وخاصة فيما يتعلق بتكفير المسلمين أو تبديعهم أو تضليلهم أو الدعوة لكراهيتهم وهجرهم والتكبر عليهم كل هذا بلا حجة ولا علم ولا مراعاة لحق المسلم – ولعمري إن حقه عظيم- أما فيما يتعلق بالتعامل مع غير المسلمين فأمره أسهل والخطأ فيه أهون، ويحتاج منا لحسن تنزيل (الولاء والبراء) بدرجات يختلف فيها الكافر المحارب عن المسالم والمعاهد والذمي والزوجة والخادم...الخ، فأدنى درجات البراء البراءة من أخطاء الدين المخالف لدين الإسلام وأعلى درجات البراء إعلان الحرب، والمقرر لا يفرق بين كافر محارب وزوجة تتلقى من زوجها القبلات كل يوم[4]! 9- بعد تجارب سابقة ليسمح لي الأخوة التربويون أن أنقل اقتراحاً قد يرونه غريباً لكنني أطرح رأيي ولا ألزم به أحداً، وهو: أنني أرى أن من المناسب أن يتم تكليف جهة (إسلامية) خارجية[5] لتأليف (مقررات التوحيد) لعدم قدرة المجتمع المحلي على وضع المقرر المناسب طيلة هذه السنوات –لأسباب سنذكرها- وأن يتم ذلك التكليف من جهات عليا (بقرار سياسي من أعلى سلطة في البلاد)، لأن الوزارة والقائمون على المناهج من الواضح أنه لا اختيار لهم في مادة هذا المقرر ولا صياغته ولا تحقيقه لمطالب الطالب فكيف يمتلكون صلاحية مثل هذا القرار؟!. 10- إذا استبعدنا هذا الرأي بتكليف جهة خارجية، فعلينا أن نعوض هذا بشجاعة كافية للتجديد والتطوير بما فيه مصلحة الطالب والوطن، وهذه الشجاعة مطلوبة من أعلى سلطة في البلاد إلى أصغر موظف في التطوير التربوي– فلا تكفي شجاعة الفريق العلمي فقط ولا بعض أفراد في الأسر الوطنية ولا أفراد من فريق التجديد الشامل ولا وكيل وزارة أو وكيلين أو مدير تعليم أو مشرف تربوي- كل هذا لا يفيد في وضع منهج أو مقرر خال من التشخيص الدقيق للمرض الذي لازم المقررات الدينية (وخاصة التوحيد) وبالتالي علاجه، وإن لم نمتلك هذه الشجاعة المدعمة بالأدلة والبراهين وطلب التحاكم للنصوص الشرعية لا النظرة المذهبية الضيقة والمصالح الفردية فلا داعي لتكليف هذه الجهة وتلك، وهذا الفرد وذاك، لإبداء النظر في المقررات الدينية لأن هذا يصبح نوعاً من العبث لا يليق بالعقلاء، فضلاً عمن يعلم الأجيال الصدق والقوة في الحق وإعداد البراهين الواضحة على صحة المقولات. 11- وبما أن الشجاعة في التشخيص والمصارحة الخالية من المجاملة إذا كان كل هذا ضروريا واجباً على الجميع فإنني أخذت على نفسي عهداً ألا أكون آخر المصارحين الصادقين مع أنفسهم ومع من طلب مني الرأي، لذلك فإنني أؤكد أن المجتمع المحلي – في الفترة الحالية- غير مناسب لتأليف المقررات الدينية (وخاصة مقررات التوحيد)، ولا مستعد لمراجعتها وفق النصوص الشرعية لا النظرة المذهبية، لأنه مجتمع في الأصل متمذهب شديد المذهبية مقلد في العقائد والأحكام، متلبس بالغلو والتنطع وتعسير الأمور، وهي أمور منهي عنها شرعاً، هذا إن أردنا المصارحة أما إن أردنا المجاملة فهناك كلام آخر! لكن إن أردنا المصارحة والصدق فهما يوجبان علينا أن نصرح بأنه لا يتم (النهي العملي) عن الغلو وإن تم النهي عن الغلو (نظرياً)، وسبب عجز (التطبيق) عن ممازجة النظرية، أن الغلاة يتمتعون بمكانة قوية ومرموقة من ثلاثة قرون هذه المكانة تفرض نفسها ليس على الجانب التربوي فحسب، بل كثير من الجوانب والموضوعات الأخرى، كالتاريخ والإعلام والفلك والأدب والعقل والمنطق والعدالة مع الآخرين ...الخ. وزاد في غلو المغالين أنهم يجدون سرعة الإستجابة لمطالبهم على حساب البحث والعلم والمصلحة العليا للطالب، فجهات التعليم –للأسف- لا تستمع للأصوب وإنما تستمع للأقوى، وهذا تناقض صارخ بما نعلمه للطلاب من قول الحق ولو كان مراً! وبين ضعفنا عن قول الحق للمغالي، خشية أن يشي بنا أو يتهمنا في خطبة أو محاضرة! وننسى أن لقول الحق تضحيات ومن أسهلها التضحية بشيء من السمعة والتعرض لشيء من التشويه فهذا ثمن كل مبدأ، والغريب أننا بعد هذا الخضوع للغلاة نطالب الطالب أن يتخلق بالأخلاق التي تدعوه إليها المقررات! ومن تلك الأخلاق الثبات على الحق! وعدم مراعاة الخلق في سخط الخالق، بينما نحن قد نكون أول من يخالف قوله فعله وتطبيقه عندما نستمع للأقوى مكانة ونراعي الخواطر على حساب الحقيقة: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم)، (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر عند الله مقتاً أن تقولوا ما لا تفعلون)! فنقد مقررات التوحيد خاصة في هذا الوقت خصوصاً يحمل صعوبة كبيرة نظراً لأن هذا النقد جاء بعد أحداث أمريكا، وبعد ضغوط معروفة للجميع على المملكة العربية السعودية، وتركزت الحملة على مناهجها التعليمية الدينية التي زعمت الولايات المتحدة – مصيبة أو مخطئة[6]- بأنها تحرض على العنف ونفي الآخر وعدم الإعتراف به..الخ. وعلى هذا فكل نقد بعد هذه الحملة سيفسر بأنه استجابة للضغط الأمريكي حتى ولو كان هذا النقد صادقاً بناءً مقتصراً على نقد السلبيات التي كان البعض منا يكررها قبل أحداث سبتمبر. ولو أن الجهات التعليمية سواء وزارة المعارف أو الجامعات الإسلامية استجابت لنداءات أبنائها بضرورة التجديد (الجاد) المبني على أسس صحيحة، __________________ « يَـوْمَ تَـأْتِي كُـلُّ نَفْـسٍ تُجَـادِلُ عَنْ نَفْسِـهَا وَتُـوَفَى كُلُ نَفْـسٍ مَّا عَمِـلَتْ وَهُـمْ لاَ يُظْلَمُـونَ» – النحل 111 |
مع فتح حوار مفتوح ودائم عن المناهج لكان هذا كله أفضل من إحداث التجديد بعد الضغوط السياسية والحملات الإعلامية، ذلك التجديد الذي سيفتقد الكثير من المصداقية، فكل تعديل ولو كان حقاً سيفسر من كثير من أبناء المجتمع تفسيراً سيئاً ولكن الخشية من هذا التفسير ليس مبرراً في ترك التجديد إذا أردنا مصلحة الطالب، أما إن راعينا مصالحنا وسمعتنا عند الغلاة فهذا شيء آخر لكننا نربأ بالمخلصين عنه، وثقتنا في الوزارة وجهات التعليم الأخرى أن يسيروا في طريقهم في التجديد الجاد، دون التفات لضغط خارجي ولا اتهام داخلي.
12- ولا بد من فتح باب الحوار الدائم عن المناهج والمقررات وأن يلتقي أصحاب الأفكار المتضادة، حتى تتبين وجهات النظر بوضوح، وأن يصاحب ذلك حسن الظن بالناقد المسلم المواطن –وإنما خصصت الناقد لأن المغالي لا يتلقى الاتهامات في دينه ووطنيته كالذي يرى التجديد-، وألا نسارع مع المسارعين في الاستنكار على الناقد واتهامه في نيته وتصديق الغلاة في الناقدين للمقررات، فقد كان الناقدون للمناهج الدينية يواجهون وحدهم كل الحملات المحلية الصادرة ممن المغالين تلك الحملات التي- للأسف- تجد صدى من بعض جهات التعليم ومن جهات أخرى كوزارة الإعلام ووزارة الداخلية فيتم منع الحوار في مناهج التعليم وكأن نقدها من المحرمات. فسكت الناقدون على مضض وبقي الغلو والحث على كراهية الآخر متوسداً بطون مقررات التوحيد، ثم بعد أحداث سبتمبر أبصرت العيون ما كانت تتجاهله وعاد التفتيش عن الغلو الذي قاله أبناء الوطن من قبل! أمرتهم أمري بمنعرج اللوى *** فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد! 13- مما سيحزن له غيرنا من المسلمين أيضاً أنهم كانوا يصيحون من ثلاثة قرون ويطلبون منا (نحن السلفيين في المملكة)، أن ننصفهم ونعترف بإسلامهم، وألا نرميهم بالشرك الأكبر المخرج من الملة ولا البدع المهلكة، وهذا موجود في فكرنا وكتبنا العقائدية ومناهجنا التعليمية، وسيأتي إثبات هذا كله بالأدلة -التي يغفل عنها التربويون لعدم تمكنهم من معرفة هذا لكونهم عالة على كتب الغلاة أنفسهم!- ولكنها معلومة عند المنصفين من أصحاب العلم الشرعي، ولكننا للأسف لم نستجب لصوتهم لأنهم كانوا الأضعف. وقبل هذا كان المسلمون في أيام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله يشتكون من وجود تكفير ضمني لهم في كلام ابن تيمية وابن القيم ولم نستجب لهم. وكان المسلمون في القرون الأولى (الثاني والثالث والرابع) يشكون من توسع الحنابلة في التكفير لسائر الفرق الإسلامية الأخرى كالأشاعرة وأهل الرأي والصوفية والإباضية والزيدية فضلاً عن المعتزلة والشيعة والمعتزلة والجهمية والقدرية والمرجئة ولم نستجب لهم. وكان المسلمون في عهد بني أمية و بني العباس يشتكون من ظلم علماء السلطة لهم وإفتاؤهم بتكفيرهم وقتلهم وتحريض السلطان عليهم ولم تتم الاستجابة لهم. ونحن اليوم تحت هذا كله، إذ اختلط التاريخ بالمذهب والعقيدة، وأصبح الإتهام ايسر من شرب الماء الزلال، يرمى به كل من يحاول تنبيه إخوانه المسلمين إلى الجذور الفكرية للغلو المعاصر. 14- إذن فنحن اليوم تحت هذا (البرج التكفيري) كله، فهل ترون من أمل بأننا في شجاعة كافية لمراجعة هذا كله؟ ونقده؟ والرد على من أخطأ من هؤلاء العلماء الذين نقلدهم؟ أظن هذا من الصعوبة الكبيرة، مع أن بعضنا متفائل ولا يستبعد أن يكون عندنا (الشجاعة الأدبية) لوضع حل (جذري) ينكر الغلو وينمو نحو الاعتراف بأن (المسلمين أخوة) سواء قال بهذا كبير أو صغير، سلفي أو خلفي، سني أو غير سني..الخ. وبعضنا متشائم ويستبعد هذا لأنه إما يائس من الإصلاح لارتباط الإصلاح التربوي بالإصلاح العام وبعضهم يرى بنظره القاصر أن الرد على الغلاة أخطاءهم هو رد على الإسلام نفسه!! لأنه لا يستطيع أن يرى الإسلام إلا من خلال الغلاة وكأنه لم يخالفهم من هو أقدم منهم وأعلم؟ بل كأن اقوالهم لها شرعية النصوص الشرعية، وكأنها لنا قدوة تضاهي أقوال النبي صلى الله عليه وسلم ومنهجه في التعامل مع المسلمين والكفار على حد سواء. صعوبات التجديد: التجديد (تجديد المقررات وخاصة مقررات التوحيد) ليس بالأمر السهل ويمر بعدة عقبات كبيرة ليس من السهل تجاوزها ومن أبرز الصعوبات ما يلي: 1- عدم وجود النية (الجادة) –وأكرر الجادة- للتجديد من الجهات التعليمية، والمتابع يعرف هذا من خلال تتبع مسيرة التجديد، وأنها أقرب لجبر الخواطر وإرضاء المختلفين منها إلى استهداف المادة وفحصها، فالنية الجادة لها منهجها المتبع وأهدافها العملية وآثارها على المادة العلمية، فلذلك نجدنا بعد تشكيل اللجان والأسر والمجموعات لا زالت المقررات الدينية تنتقل من تخبط لآخر وستأتي الأمثلة. 2- افتقادنا لـ (المصارحة العلمية) في الكشف عن (جذور الغلو) الموجودة في بطون المقررات وهذا ما سأحاول الحديث عنه بصراحة ليقف التربويون على الجذور الأولى للغلو وتواصلها إلى أن وصلت لمقررات الصف الأول ابتدائي. 3- تمتع الغلاة بقاعدة خلفية قوية ومرجعية تمتد من القرن الثالث الهجري، وهذه المرجعية تحميهم ويحتجون بها للسلطات وبها يستطيع الفلاة استعداء السلطات ضد من يريد التجديد أو النقد لهذا الغلو، بل يتم الاحتجاج بهذه المرجعية على النصوص الشرعية المخالفة لها من باب (أن السلف أعلم وأحكم) ويعنون بالسلف مجموعة العلماء الذين نقلدهم مع إهمال الأكثرية من السلف. 4- عدم إتاحة الصلاحية الكاملة لجهات التعليم في تقرير المناهج المناسبة وخضوعها لجهات أخرى كهيئة كبار العلماء ووزارة الداخلية والسلطة العليا في البلاد وهنا تتداخل التخصصات والرغبات. 5- عدم اتباع السبل العلمية في تشكيل فريق علمي موحد متعدد التخصصات. 6- حساسية القائمين على المناهج من النقد والوصف بالقصور والجهل، فالقائمون على المناهج وتأليفها يظهر فيهم الضعف العلمي بالأمور الشرعية، لا يستطيعون نقد (الفكر المحلي) ومعرفة (الصواب فيه) من الخطأ، ولا يمتلكون الشجاعة العلمية لمخالفة الفتاوى والآراء السائدة لأنهم لا يرون الصواب إلا فيها. 7- الظن بأن (الفكر المحلي) هو الإسلام نفسه! بينما هو المذهب فحسب، فمقررات التوحيد مستقاة من المذهب السلفي المتشدد الممتزج بالغلو الحنبلي وغلو الدعوة السلفية. 8- التجديد بناء على الطلبات والمطالبات والإعتراضات والرغبات هذا في الأصل وليس على العلم والبرهان، والدليل على ذلك ظاهر فلا نتنبه لخطأ إلا عندما تأتينا التوجيهات أو الضغوط الكبيرة. 9- مراعاة الأقوى والسائد والمذاهب والغلو على حساب الأصوب والنص والاعتدال. 10- عدم فتح باب حوار ومناظرات عن المناهج وقصر صلاحية التعبير على فئة قليلة من المجتمع واهمال الأغلبية المطالبة بالنظر الجاد والمراجعة للمناهج. 11- عدم أهلية التطوير التربوي، لعدم توفر (البيئة العلمية) المنفتحة على النصوص الشرعية اللهم إلا من خلال الرجوع لفهم الغلاة لبعض النصوص الشرعية النصوص التي يفسرها الغلاة لتدعيم الغلو ويأخذون تفسيرها من كتب (المذهب) المغالية أيضاً. 12- جهلنا بأنفسنا، فلا نعرف عنها ما يعرفه الآخرون، ومن أبرز دلالات جهلنا بأنفسنا أننا لا نعرف أننا من الغلاة، ولو سألت أي مسئول له علاقة بالمناهج وقلت له: أليس المنهج ينبع من فكر المجتمع وفلسفته؟ لقال : بلى؟ ولو قلت له: فهل تعرف أن بيئتنا الدينية ومجتمعنا من البيئات المغالية؟ أم المعتدلة؟ لقال: بل من المجتمعات المعتدلة! هذا إن لم يقل أنت ضد البلد وضد الإسلام وضد الدولة ...الخ، ولا يطلب منك الدليل والبرهان، وهذا من أكبر دلائل الغلو، وهو أننا واثقون في غلونا بأنه هو الإسلام؟ 15- مجرد التساؤل: هل مجتمعنا السعودي من المجتمعات المعتدلة أم المغالية هو عن الغلاة من أصعب الأمور ومن أجرأ الأقوال وأقبحها!!. مع أنه لا يشك باحث متجرد أن مجتمعنا السعودي يغلب عليه الغلو في العقائد والأحكام، بل التيار السلفي من العصر العباسي يغلب عليه الغلو وتقرير شرعية كراهية المسلمين فضلاً عن سوء تطبيق الولاء والبراء مع الكفار[7]. وأكبر دليل على ذلك أننا نستبشع الدعوة لمراجعة عقائدنا ومذهبنا ومواقفنا من المسلمين، ولا نقبل مناقشتها ولو على اعتبارها فرضية، بل لا نجوّز ولو -بنسبة ضئيلة- أن لهذا القول نوع من الصحة ولو في جانب من الجوانب، ونشكك في وطنية من أقر بهذه الحقيقية أو رآها وقد نشكك في دينه أيضاً وكل هذا من دعائم الفكرة ولا يفيد نفيها. 16- هذا المنع من طرح مثل هذه الفرضية وهذه المراجعة يخالف منهج السلف الذي ننادي به فقد كان بعض كبار السلف يقولون (رحم الله من أهدى لنا عيوبنا) و (كلامك خطأ يحتمل الصواب وكلامي صواب يحتمل الخطأ) ونحو هذا مما نبثه في المقررات والخطب والمواعظ والدروس ثم إذا أتانا أحد محاوراً نسينا أهمية توطين النفس على قبول الحق إن حاول أحد أن يرشدنا لخطأ وقعنا فيه. إذن فلنفترض من باب الفرضية القابلة للنقض أن (البيئة المحلية) هي في نتاج تراكمات من الغلو المذهبي وأنها الأصل مذهبية تقليدية، وأننا متابعون لهذا الغلو. يتبع . |
17- وهذا الإثبات يتطلب إثبات ثلاث مقدمات: الأولى: إثبات وجود الغلو الظاهر الذي لا يقبل الشك في مصنفات (بعض) علماء السلف ممن نقلدهم الذين دخلوا في خصومات (مذهبية) مع علماء المذاهب والفرق الأخرى فحصل بين الفريقين تجاوز في التكفير والتبديع والتشاتم، وهذا (البعض) من علماء السلف هم في آخر الأمر كغيرهم من علماء المذاهب الأخرى الذين دخلوا معهم في تلك الخصومات، بل الجميع في نهاية الأمر بشر يصيبون ويخطئون وقد نهونا عن تقليدهم فيما أخطأوا فيه، وأن نضرب به عرض الحائط، وأنهم كسائر البشر يؤخذ منهم ويرد[8]. الثانية: انتقال هذا الغلو السلفي لعلماء الدعوة السلفية النجدية (الوهابية)[9] مع زيادتهم عليه غلواً في التكفير والتحريم[10]. الثالثة: انتقال غلو علماء الدعوة لمنهاج التعليم في التعليم العام والجامعي، وهذا سنخصصه لمناهج التعليم العام ونختار منها (مقررات التوحيد) في وزارة المعارف. فالمناهج الدينية (وخاصة التوحيد) مأخوذ من علماء الدعوة كالشيخ محمد بن عبد الوهاب ومن بعده من علماء هذه البلاد الذين هم في نهاية الأمر بشر يصيبون ويخطئون، وكانت لهم خصومات مع علماء المذاهب الأخرى وعلماء البلدان التي لم يسيطروا عليها. والدليل على أن مناهجنا مأخوذة من كتب وأقوال علماء الدعوة أن بعض المقررات هي مؤلفات كاملة للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. والشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيره من علماء الدعوة وإن كانت لهم جهودهم التي لا تنكر لكننا لسنا ملزمين بأقوالهم إن خالفت الصواب لأننا وإياهم ملزمون بالإسلام ولا يتحمل الإسلام أخطاءنا، وهذا ما أعلن عنه الشيخ نفسه وطلب من العلماء وطلبة العلم أن يردوا عليه الخطأ إن خالف الصواب. لكن علماء الدعوة ومن تبعهم من علماء هذه البلاد قلدوا للشيخ محمد رحمه الله وساروا على المنهج نفسه بلا نقد ولا مراجعة باعتراف الجميع وخاصة في العقائد. والشيخ ومن تبعه من علماء الدعوة مقلدون أيضاً لبعض العلماء دون بعض، مع زيادة في الغلو في الحكم على الآخرين وتكفيرهم، وغالباً لا يحررون قول من يستشهدون بأقوالهم، وإنما ينقلون أقوالاً دون أقوال مع تتبع لخصومات بعض السلف مع آخرين والاستدلال بها عند المحاججة بأنه سبقنا إلى ذلك فلان وفلان وفلان...الخ، وينقلون أيضاً عن بعض السابقين ممن اشتهروا بالتكفير وضيق الأفق بالمخالف من المسلمين، كبعض غلاة الحنابلة، وقد ينقلون بعض أقوال الكبار التي قد لا تصح عنهم أو قد ثبت عنهم خلافها أو لا يكونون حجة مع وجود النصوص الناهية عن تكفير المسلمين. وعلى افتراض أن بعض المتقدمين من كبار أو صغار وقعوا في التكفير والظلم ، هل هذا يبرر لنا أن نظلم بظلمهم ونترك النصوص الشرعية الناهية عن التكفير والظلم؟ كلا. وسنذكر نماذج الغلو والأخطاء في مقررات التوحيد بشكل مختصر ثم نشير إلى جذورها الفكرية في كتب (الدعوة السلفية) ثم نذكر جذور هذا الغلو الأخير في كتب (غلاة الحنابلة)، وإن لم نناقش الأمر بهذا التوسع والتشخيص فلن نستطيع التجديد المطلوب، فالأمور مترابطة متداخلة جذوراً وجذوعاً وثماراً. 13- من الأمور التي ينبغي الإشارة إليها عدم قدرة الأسر الوطنية ولا التطوير التربوي على اكتشاف (الدس التكفيري ) الموجود داخل المناهج، الذي تم دسه بعلم أو بجهل أو بتواطؤ من بعض الجهات خارج الوزارة، وسيأتي بيانه أثناء النقد التفصيلي (مقررات التوحيد)، لكن بيانه لا نتوقع أن يجد استجابة من جهات التعليم لضعفنا في نقد أنفسنا وفي نقد الفكر السائد ، فالأمور مترابطة وتبني بعضها. - الملحوظات العامة على مقررات التوحيد: سبق أن كررنا أن من أكبر ما ينقص (لغة المجتمع) هو (عدم إدراك معاني الألفاظ) التي يتحدثون بها ويكررونها، والقائمون على المناهج جزء من هذا المجتمع يحملون العيوب نفسها، فانتقلت هذه العيوب في المقررات نفسها ومن بينها مقررات التوحيد. ومن أبرز الشواهد على هذا العيب (وهو عدم إدراك معنى الكلام) أن المؤلفين لمقرر التوحيد لا يعرفون ماذا تعني كلمة (التوحيد) أولاً[11] حتى وإن كرروا بأن التوحيد ثلاثة أقسام (ربوبية وألوهية وأسماء وصفات) مع التحفظ على هذا التقسيم المستحدث. - ولو أن (مقررات التوحيد) تم تعديل عنوانها إلى مقررات (الإيمان) لأمكن دخول كل ما ليس من التوحيد في مسمى الإيمان، لأن الإيمان يشمل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فالقسم الأول من الإيمان فقط- وهو (الإيمان بالله)- هو (التوحيد) نفسه. فإذا كان اسم المقرر لا ينطبق عليه ولم نستطع تحديد (دلالة اللفظ) فكيف نستطيع أن نفصل بين أقوال وأفكار الفرق والمذاهب الإسلامية وننتصر لفرقة على أخرى في جدليات التوحيد؟! يجب أن نتواضع ورحم الله من عرف قدر نفسه |
ليس اتفاقاً ولا توافقاً مع الموضوع لكن إقرارٌ بأهمية الحوار فيه سأقوم بتثبيته ..
|
السلام عليكم ورحمة الله .
إقتباس:
نعم للتثبيت ........ ولا والف لا للحذف ............... ـــــــ امام نوووووووووو:gun::gun: |
إقتباس:
إن أحد اهداف العلمانيين .. و على رأسهم امريكا محو الهوية الإسلامية .. و لن يكون ذلك إلا من قبل المسلمين نفسهم ! و لذلك هناك من سخّر قلمه لنصرة أمريكا بشكل غير مباشر ! خصوصا .. و أن هناك حملة شنيعة واسعة على بلد الحرمين الشريفين .. بسبب تمسك أهلها بالدين بالشكل الذي لم يرضي أمريكا .. و في النهاية .. الإسلام (( دين )) فمن أعجبه فالخير له .. و من لم يعجبه هناك أديان و طوائف بعدد نجوم السماء فليعتنق ما شاء .. فجهنم تقول (( هل من مزيد )) ... ! |
بسبب بعض المشاكل الفنية لم أتمكن من تثبيت الموضوع لذلك أرجو المعذرة ..
|
ماذا تسمي هذا الموضوع يا يتيم الشعر .؟؟ هل هو حوار مذهبي وطائفي أم غير ذلك ..؟؟ وهل نحاور أم نسكت ..؟؟ حسبنا الله ونعم الوكيل |
أعتقد أن الوافي وككتيل هما شخص واحد وهذا الموضوع شائك
الدين شيء أساسي وتعليمه كمان شيء أساسي لكن دون غلو |
حاير ........
سبحان الله ....... وانا اعتقد انك احد فرقة حسب الله في الخيمة ...... للطم والتطبير .............. ــــــــــــــ :D:D |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.