أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   خيمة الثقافة والأدب (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=9)
-   -   عطـــــــر الياسمـــــــــين (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=41676)

أوراق الخريف 07-12-2004 10:00 PM

عطـــــــر الياسمـــــــــين
 
عطـــــــر الياسمـــــــــين



الثلج في تهطال ..
والريح تزار وتئن .. وتعصف بما تبقى في قلبها من صبر ..
لم تجد في فهرس مشاعرها الكئيبة شعورا كهذا الذي يخالجها اللحظة ..
الوحدة التي تلفها تبدو في هذا الصمت الرهيب أشرس من أي وقت مضى .. وتكاد تودي بالبقية الباقية من صبابة الصبر في قلبها الكسير ..

معركة الثلوج مع الريح الهادر لا تزال دائرة بالخارج .. ولا صوت غير أفنان الشجر اليابس على زجاج النافذة .. وكأنها تستجدي دفئاً يزيل عنها ما تحس به من البرودة في هذه الليلة القاتمة ..!
ولئن كان الكائنات أجمعين قد أوت إلى مساكنها .. لتنعم بالفراش الدافئ الوثير .. والنوم الهانئ القرير .. بعيداً عن العاصفة وضجيجها .. فهي الوحيدة التي غدت نديم السهاد .. وقرين الهم والقلق .. وفراشها الوثير استحال شوكاً يدمي جسدها الواني الكليل .. وما من شيء في هذا الوجود يعيد لها راحة بالها المفقودة .. ولا بسمتها المسلوبة ....!


تتبع
***************

لم تدر لماذا ألحت عليها الذكريات .. تؤرّي في حناياها نار الشوق الدفين ..
فجلست صامتة حزينة .. تواري بين أضالعها آلاماً وذكريات لو صبت على حجر أصم لتفتت !.. فكيف بقلبها وهي العجوز الطاحنة .. التي لم يبق لها في دنياها سوى أحزان لا قبل لمخلوق باحتمالها ..

جلّت ببصرها هاهنا وهاهناك .. أثقال من الصمت كئيبة .. وظلمة مقيتة لا تمحوها شمس ولا يقتحمها ضياء ...
دارت بعينيها في أرجاء المنزل .. فتلمح في كل زاوية طيفاً حبيباً إلى قلبها .. وتتمنى لو تثب وتعانقه لولا أنها تدرك أن ذاك الطيف ليس إلا من صنع خيالها لقلبها الذي أضناه الشوق وأتعبه تكالب الذكرى .. فتلبث ساكنة مستكينة ..
وتوغل في ماضيها الذي كان ربيعاً مشرقاً .. مزهراً .. بين أحبة كانت تعيش بينهم سعيدة هانئة ..
كشجرة مورقة في بستان أخضر .. لطالما نعم الجميع بعطائها وتفيؤوا بظلها .. حتى إذا ا جاء خريف قاس .. ودعتها حتى أوراقها .. فبقيت وحدها تعاني من البرد وقسوة الأيام ....

***************

jawharati 07-12-2004 10:17 PM

جلس الى شاشة الكمبيوتر بعد ان اغلق نادي الانترنت ابوابه وتركه صاحب المحل جالسا يرقب الشاشة
ينتظر اي بادرة
ضحك منه صاحب المحل
قال انت احمق؟
سال نفسه : هل هذا صحيح ؟ هل انا احمق؟ لناذا ؟ اقراني نائمون وانا لاانام
يسهرون وانا امام هذه الشاشة الكبيرة التي تملئني حنينا
احس البرد في اوصالي
انا غريب هنا سيدتي
ولا ماوى يلملم احزاني سوى صدرك الحنون
زقلبك الرؤوم
نبا لك يا قلبي يجب فصلك من الخدمة
ايها القلب اتعبتني اتعبك الله

يتيم الشعر 08-12-2004 05:42 AM

بالنسبة ي أظنهما موضيعين مختلفين لا رابط بينهما ولكن أكثر ما شدني هو القسوة التي اشرأبت بعينيها من كلمة ( الوحدة ) ..

إن الوحدة على من اعتاد الأنس والمؤانسة أشد على من اعتادت نفسه الخلوة والانفراد

أسأل الله أن يرحمنا أجمعين

أوراق الخريف 08-12-2004 11:47 AM

شكرا لمرورك معنا يتيم الشعر
نعم ان الوحدة ليست قاسية بل قاتلة في اغلب الاحيان
ولا يعرف مدى مرها الا من يعيشها وهو ادرى بها
والوحدة في نظري هي نوعيين
وحدة الغربة والبعد عن الاهل وهي وحدة عادية جدا
والوحدة رقم 2 وهي عندما تكن بين اهلك واصحابك ولكن تشعر بالوحدة
هذه الوحدة القاتولية اسميها
تحياتي

_________________________
تتبع

قصة عطر الياسمين



قامت تنتزع خطواتها انتزاعاً من الأرض المقفرة .. حتى بلغت ذلك الباب .. فمدت يدها .. وفتحته ....

فإذا بأنسام الذكريات العطرة تداعب أوتار قلبها المكلوم بسهام الواقع المرير ..
دخلت في تؤدة .....
هذا سريره .. وهذه ثيابه .. وهذا مكتبه عليه بعض من كتبه وأوراقه المبعثرة لم يمسسها أحد منذ أمد طال .. وكأنما لمحت فيها عتاباً لصاحب اليد الحانية التي كانت ترعاها .. ثم غيبتها الأيام فلم تعد ثانية !..
ضحكات طفولية تغمر المكان بأريج البراءة الحلوة .. والجدران تحكي قصة الطفولة الجميلة التي عاشتها .. لكنها انتهت فجأة في قسوة ..
تلفتت يمنة ويسرة ..
وكأنها تبحث عن صاحب تلك الضحكات .. وتتمنى أن تجده واقفاً في أحد الزوايا يبسم لها بسمته العذبة المعهودة ..
لكن ....
لا شيء سوى الصمت الموحش .. غابت البسمة ورحلت الضحكات .. برحيل فلذة كبدها من هنا ...
وعاد عقلها يغوص في أعماق الماضي ....

- أمي سوف أرحل !
ينقبض قلبها وتتسابق إلى مقلتيها الدموع :
- لكن يا بني .. لمن تتركني ؟؟
- لا أملك شيئاً يا أمي .. هي لا تود العيش هنا .. وإن لم أستمع لها خسرتها للأبد !
- ولا يضيرك أن تخسرني أنا ؟؟
في لطف يقول :
- أمي .. سآتي لرؤيتك متى شئت .. لن أدعك تعانين من الوحدة إن كان هذا ما تخشينه ..

ويخرج مودعاً .. حاملاً معه كل شيء إلا حبه لأمه .. فقد نسي هذا الحب وضاع في الأفق كطير حائر ...
ثم غاب البدر .. ولم يطل بنوره الفضي وسناه الساحر في كبد السماء .. وأظلمت حياتها إلى أجل غير مسمى ..
أغلقت الباب وراءها .. فما عاد شيء ها هنا يروي غليلها .. ويداوي جرحها ..
البدر قد ودعها إلى غير أوبة .. فلا تملك هي الوصول إليه ...

jawharati 08-12-2004 01:26 PM

حمل اغرضه وودع لا احد وانطلق
انطلق يبحث عنها
ليكون جنبها في غربتها المريرة، ليجعلها تحس الحب والحنان ، ليخلق فيها حب الانسان ، ليخرجها من العتمة ، للضوء ، للحب ، لكل شيء
ترك امه وحدها وقرر ان يستقل اي شيء كي يذهب ، طائرة كانت ام باخرة تعبر به عباب اكثر من بحر ومحيط كي يصل اليها لو وافته المنية في الطريق لقلنا انه مات شهيد حبها ....
احبها بقلبه ، بجسمه بتفكيره فباع من اجلها البيت والوطن
ترك امه تبكي لكنها سعيدة ، لان قصة حبها تتكرر مرة ثانية ، تتذكر ايام عاشت قصة الحب الجميلة مع ابيه ، والتي اثمرته رجلا ، ها هي تنظر الى ابنها البكر وهو يحمل حقيبته لا في طلب العلم ولا العمل ، انما ليلتحق بحبيبته ، احترمته في قرارة نفسها ، واحترق البكاء في القلب الحزين ، وماتت من الالم
كان في قلبه الف صراخ وصراخ ، اماه ما تركتك وحدك ، لكنني اريد ان اكون معها ، هي الايام فرقتنا ، هي الايام جعلتها بعيدة عني، هي الحياة تبكي وتنتشي،
هي امي التي لم افكر بتركها يوما لكنني اريد ان التحق بحبيبتي لارى وايها امها تنظر الينا من النجوم تقول لنا حفظكما الله لبعض
ان النجوم امهاتنا توفت لتنير لنا طريقنا ، لترسم البسمة على وجوهنا لترسم البسمة على الشفاه ، لتعطينا الحب الذي شوهه الجميع
سيدتي انا قادم مهما صار ومهما حدث ، بحول الله اكون الى جانبك ، اقف بحقيبتي الصغيرة على كتفي ، وشعري الاسود المنسدل على جبهتي وقد بللته قطرات المطر ، وانا ملي التي جمدها البرد تئن وتصرخ ، تبكي بلا انقطاع وبلا توقف ، هي الحياة حبيبتي
انا قادم....


يتبع....

تحية لك سيدتي اوراق الخريف ، فخر للخيمة ان تكوني من ضيوفها

أوراق الخريف 09-12-2004 04:19 AM

بلغت باباً آخر .. وتمنت لو تخونها يدها فلا تمتد لفتحه .. لكنها أم .. وقلبها غائر الجرح يعيش أبداً على ذكرى أحبة ملؤوا حياتها أنساً وسعادة ..

هناك على النافذة تتراءى نبتة الياسمين بورودها البيضاء الشاحبة .. المتعطشة للقطر .. ويحملها بقايا عطر إلى عالم بريء جميل كادت تنسيها إياها نوائب الدهر ورزاياه ..
صوت عذب آسر ينسكب في مسمعها كالشهد فلا تقاومه ..

- أمي .. لماذا أسميتني ( ياسمين ) ؟
وتبتسم لطفلتها .. وأناملها في رقة تداعب خصلات الشعر الحريرية اللامعة :
- لأني أحب الياسمين .. ولأنك يا حبيبتي مثلها .. وفدت إلينا فملأت حياتنا عطراً وندى .. كبياضها أنت نقاءً وصفاءً .. وكعطرها سحراً وبهاءً ..

وتزرع بيديها تلك النبتة .. تتعهدها بالسقيا من معين الحب .. كلما نمت راقبت طفلتها وهي تنمو معها .. ومثلها تزداد جمالاً ورونقاً ...
- سأحتفظ بها في غرفتي يا أمي .. سأظل أسقيها حتى آخر رمق في حياتي !

jawharati 09-12-2004 09:14 AM

هي الدنيا
تبتسم اليوم وتبكي غدا
تورق فتسقط اوراقها
امتعتني سيدتي
الى قصة اخرى
لك الكلمة

أوراق الخريف 12-12-2004 12:16 PM

شكرا جزيلا يا مجهوراتي
ولا استحق كل تقديرك
اسعدت بمرورك معي في هذه القصة
ارجو لك العافية والنجاح لك ولقلمك الراقي
تحية كبيرة طيبة مني لك
تفضل




تكملة






وتمضي السنون .. وهي ترقب بعين الأم الحنون المحبة ياسمينتها العطرة وهي تنمو وتكبر .. حتى جاء ذلك اليوم ..
هاهي ذي صغيرتها ( ياسمين ) تميس في ثوب زفافها في أوج بهائها .. تنافس ورود الكون كله عذوبة العطر .. وروعة معاني الجمال ...!

- وداعاً يا أمي ....
- وهل ستتركيني وحدي للأبد يا ( ياسمين ) ؟؟
- لكن الأمر ليس بيدي .. علي أن أظل معه حيث سار ....
وبابتسامة آسرة تلقي بكلمتها كالبلسم الشافي على الجرح الراعف :
- سأعود يا أمي لأراك .. وبيديَّ سأقطف لك أعطر ورود الياسمين .. وآتيك بها على جناح الشوق إلى أغلى أم ... وسأعود لأسقي ياسمينتي الحبيبة ...

لكن الياسمينة لم تدم طويلا .. وما لبثت أن ذبلت وتساقطت .. لأنها فقدت اليد الحانية التي كانت تسقيها بحبها وعطفها ..

وودعتها الياسمينة .. وما عاد عطرها يضوع في الأرجاء..
أطلقت دموعها الحبيسة .. وجاوبتها نبتة الياسمين رغم ذبولها .. فتأوهت مع الريح القادم من الخارج ..
متناغم الصوت ينسج لحناً حزيناً يقطر دماً …..


***************

وهناك ..
في الحديقة المغطاة بالثلج الناصع ...
كانت نبتة الياسمين ترتجف .. تلقي بأوراقها مودعة هذه الحياة المريرة ...
الريح تعول .. تنوح في شجن ..
ومع آخر لمساتها للنبتة ....
سقطت آخر ورقة ذابلة منها ....
لكنها لم تزل تحمل بين أعطافها بقية من ذلك العطر الساحر ...
عطر الياسمين !....

النهاية


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.